كاتب الموضوع :
خد العروس
المنتدى :
الروايات المغلقة
رد: وهل ينتهي الحب ؟! (روايتي الاولى )
*
يضع ذراعه على كتفها ،ويرفع جواله باتجاههما ، تنرسم ابتسامة على ثغريهما ، و يلتقط صورة "سيلفي " تسجل ذكرياتهما معاً ، لم تكن تخاف أن تبقى صورها معه ، فقد كانت تثق به وتصدقه في كل شيء ، فقد وعدها بالزواج وأنها في آخر المطاف ستكون له ، وهي تصدقه بدون تفكير مثل المعمى على بصيرته ، قالت وهي تضحك : وليد ..تعال صورني وأنا قريب من البحر
نظر اليها وهي تقوم من مكانها وتقترب من البحر ، يجلس معها في " شاليه مغلق " خالي الا منهما ، أخذت عيناه تسرح في سحر جمالها ، واذناه غارقتان في صوت ضحكاتها ، كانت فتاة فاتنة جميلة ، ترتدي ثوب ليلكي طويل ، وشعرها الليلي يتطاير بفعل الهواء ، وجهها يبدو وكأنه يشع نوراً سنياً بسبب انعكاس اشعة الشمس الذهبية عليها
ابتسم لها بعد أن التقط لها صورة ، هتف بصوت مرتفع : يلا يا الريم خلينا نرجع
اقتربت منه وهي تمسك بيده : وصلني لمروة اختي ... قلت لأمي انِّي بكون عندها
وليد : طيب يلا البسي عبايتك عشان نطلع
بعد أن أوصلها الي منزله حيث اخته مروة ، كانت تجلس بجانبه في السيارة ، قال بخوف وهي تمنعه من اكمال طريقه : وليد لا تقرب أكثر ... أخاف يشوفني أحد معاك
أجابها بملل : ما احد بشوفنا ، بدخل بالسيارة داخل الكراج وانتِ انزلي ..ابوي مسافر مع زوجته شهر العسل ومافيه غير مروة
الريم : حتى لو !!! افرض ان امي كانت جاية لهنا عشان تاخذني وشافتني معك ... بليز وقف هنا وأنا بنزل
وليد : طيب
الريم : يعني لمتى بظل أكذب على أهلي عشانك ؟؟ لمتى وانا اطلع معك مثل الحرامية ..متى بتتفضل وتجي تخطبني ؟
وليد : يا حبيبتي .. اصبري علي بس شوي ..ابوي يبغاله وقت عشان يقتنع ..انتظري اتخرج وبعدها ابوي اكيد بيقتنع ...ادري تحملتي كثير بس عشاني اصبري بعد شوي
الريم : اصلا ماعندي اللا اصبر .. ونشوف اخرتها معك
نزلت من جانبه وهي تتسلل الى داخل القصر وتلتفت يمنةً ويسرى ، تتأكد من خلو المكان من أحد يعرفها ، وهو بعد أن رآها تتخطى أسوار القصر حرَك سيارته يقودها الى وجهة أخرى ، أخذ يفكر بوعده لها بالزواج ، انه حقاً صادق هذه المرة ، فانه يشعر بأنه منجذب اليها بجميع حواسه ، يريد ان يتزوجها علَه يستقر معها ولا يفكر بغيرها ، عله يبتعد عن طريق الحرام الذي اعتاده منذ مراهقته ، فعندما كان في الثامنة عشر من عمره دلَه صديقه سلطان على امرأة تسمي نفسها بـ "خيال " ، امرأة تعمل في أعمال مشبوهة ، تقوم بتأجير نساء للهو والليالي الحمراء ، وتضمن لهم خلوهم من الأمراض التناسلية وغيرها ، انغمس في ذلك الطريق وضاعت روحه فيه ، وأدمنه حد النخاع ،
أدمنه لدرجة أنه يشك في نفسه ان كان يستطيع أن يتركه حتى بعد زواجه من الريم ، فهو شخص ضائع منغمس في ملذاته .ـ
وقف سيارته أمام احد البيوت ، ثم جاء سلطان ليجلس بجانبه ، قال بصوت مرتفع : هلا والله
وليد ببرود : اهلين
حرَك السيارة وعينيه تنظران بشرود الى الطريق ، تكلم سلطان ليقطع عليه شروده : أنـا خطبت .. وأهل البنت ردوا بالموافقة
نظر اليه وليد بلا مبالاة : كيف وافقوا عليك ؟
سلطان : وش قصدك ؟ وليه مايوافقون علي
وليد وهو يضحك : هههههههه شكلهم ما سألوا عنك زيـن .. واللا مافيه عائلة محترمة تقبل فيـك
سلطان : ترى أنا سمعتي طيبة ومثل المسك .. واللي خبري خبرك ما احد يعرف فيه الا ناس محدودين ..مو غبي انا عشان اخرب سمعتي ..كل شي يصير خلف الستار وحتى اللي يعرفون ما احد يسترجي منهم يتكلم علي ويفضحني
وليد : ياليتهم سألوني أنـا عنك
سلطان : أصلاً قررت أتوب .. بتزوج وبسافر و بوقف عن الصياعة
وليد : كل الناس أصدق انها تتغير الا انت ... انت واحد خربان خلقة .. ماتقدر تتغير للأحسن لو ايش يصير
سلطان وقد لاحظ شرود وليد وصوته المتقطع : انت شارب ؟؟
وليد : أي بس مو مكثر
سلطان : أجل وقف واسفط السيارة على جنب أنا بكمل سواقة عنك لاتودينا في داهية الحين
وليد وهو يضحك : عادي أنا متعود أسوق وأنا بهالوضع ... وأنا راسي ثقيل مايطير بسرعة
سلطان بصراخ : اقـولك وقف !!!!!.ـ
ضغط على المكابح بشكل مفاجئ ، ليرتد جسد سلطان الى الأمام بقوة : الله يلعن شكلك .. أنا كم مررة قايل لك اذا بتشرب لا تجيني
وليد وهو ينظر اليه بشرود : أنا بعد بخطب قريـب
سلطان وهو يلتقط أنفاسه : نفسها هاذي اخت بنت عمك ؟
وليد : ايه هي ماغيرها
سلطان : ليه أبوك وافق ؟؟ مو انت تقول ان بينه وبين ابوها مشاكل
وليد : أيه بس سامي قلبه حنين ومصيره بيرضى وبوافق بس يبغاله شوية وقت وهو اذا شافني جاد ومصر بغير رايه
سلطان : طيب قوم وخليني اسوق بدالك ... خيال مجهزة لنا سهرة محترمة
وليد : مو انت قلت انك بتتوب ؟
سلطان : هههههه قلت بتزوج وبعدها باتوب .. الحين بعدني عزابي
*
كانت الريم تجلس مقابل اختها مروة التي تصرخ عليها بعصبية : طـول هالوقت وانتِ قاعدة معاه لوحدك في الشاليه وش تسوين معه كل هالوقت يا حيوانة؟؟
الريم : لا تخافي أنا اعرف أحافظ على نفسي منه .. وما صار بينا شي
مروة : ههههههههههه يعني كل هالوقت قاعدة معاه وش تسوين ؟ تلعبون زاتا مثلاً ؟؟
الريم : قلت لك أنِّي محافظة على نفسي ..وهو مايقدر يسوي لي شي وأنا مو راضية
مروة : تـراك غبية على فكرة ..غبية أكثر من ماكنت أتصور ..وعرف وليد كيف يضحك عليك بكلمتين ...لعلمك تراه يطلع مع عشر غيرك
الريم : هذا كان قـبل بس الحين تغير وما يكلم أو يطلع الا معي أنا ..وهو وعدني بالزواج بس ينتظر حتى يتخرج وأبوه يقتنع
مروة : ههههههههههه انطر يا حمار لين يجيك الربيع ..... انتِ مصدقة أن هالفاشل بيتخرج ؟؟
الريم : وش فيك انتِ على وليد ؟؟ وليد فعلاً تغير مو مثل قبل ..وهو وعدني وأنا مصدقته
كانت رغبة تراود مروة منذ زمن وهي تخريب علاقة وليد بالريم ، تعلم بنية وليد الصادقة وأنه حقاً فاتح والده عن رغبته في خطبة الريم ، ولكن فكرة تخريب علاقتهما تزداد يوماً بعد يوم ، وقد جاءتها الفرصة الآن : وليد اخوي وأعرفه أكثر منك ... وانتِ ماتعرفينه تراه يضحك عليك
الريم : مروة لا تتكلمي معي بالألغاز عندك شي قوليه بصراحة
بدأت مروة بسرد ماضي وليد السيء وعلاقاته المتعددة مع الفتيات المستمرة الى الآن، وأخبرتها أيضاً عن تلك المرأة "خيال " ، وقامت باختلاق بعض القصص المزيفة لتزيد الطين بلَة.ـ
تغيَر وجه الريم وبدت عليه معالم الضيق وبللت الدموع وجنتيها ، وتتشوه صورة وليد في عقلها ، قالت بصوت مقهور : توصـل فيه الحقارة أن يـنام مع بنـات ، انا كنت أدري من قبل ان مغازلجي بس ماتوقعت لذي الدرجة ، هو قال لي ان انا الوحيدة اللي دخلني معه الى الشاليه ، يعني كان يكذب علي ؟؟
مروة : حبيبتي أنا قلت لك من قبل وحذرتك منه .. قلت لك انه واحد حقير ونسونجي وكذاب وفوق هذا مدمن خمر .. بس انتِ الغبية اللي ماشية وراه
الريم وهي ترفع صوتها الباكي : هو قال لي ان تغير عشاني ..طيب انتِ وش دراك ؟؟ مو معقوله يكون قال لك كل هذا ؟؟
مروة : أي هو صحيح ما قال لي .. بس انا مريو ما تخفى علي خافية ..خصوصاً وليدوه ..كل شي أعرفه عنه ..مفضوح حتى لو حاول يخبي
الريم : طيب يمكن تـاب .. هو قال لي ان تغير مروة هو قال لي ان بيتزوجني ..وانه تغير يمكن يكون صادق
مروة : اففف بتظلي طول عمرك غبية مافي فايدة منك ... اتصلي له خلينا نتأكد ..اتصلي له واسأليه وينه فيه ؟؟ نشوف وش بقول لك
أخرجت بجوالها من حقيبتها ، امسكت به و اختارت اسمه المدرج في قائمة " المفضلة " ،وضعت المكالمة في وضعية " سبيكر " انتظرت للحظات ثم أجابها : الو هلا حبيبتي
الريم وهي تحاول أن يبدو صوتها طبيعياً : ولـيد وينك فيه ؟؟
أجابها : أنـا في المكتبة رايح اشتري كتاب للجامعة .. تعرفين ناوي اتخرج هالسنة وما احمل مواد عشانك .. تبغين شي حبيبتي ؟
الريم : لا سلامتك بس كنت بتطمن عليك ... بكرة أشوفك حبيبي .. يلا بسكر الحين لأن امي تتصل باي
بعد أن أغلقت الخط ، نظرت الى مروة باستنكار : وش رايك ؟
مروة : يلعن شكله السيد رومانسي يعرف كيف يكذب .. انا بثبت لك الحين انه كذاب اصبري علي.
أمسكت بجوالها ووضعته " سبيكر " ثم جاءها صوت وليد : مريو وش تبغين ؟؟ قولي بسرعة مب فاضي لوجهك
مروة : عند مين السهرة الليلة ؟ اليسا والا جريتا ؟ واللا يمكن طالع تتعشى مع الحب القديم سلوى ؟
صمت للحظات ثم قال بارتباك واضح : انتِ وش درَاك ؟؟
نظرت مروة الى وجه الريم الحزين ، وملامحها التي تعتصرها بضيق وبدأت الدموع تنهمر من عينيها من جديد .ـ
غيرت وضعية الجوال الى خاص ، وقالت : مو مهم من وين عرفت ، بس انتبه الى الريم لأن احسها شاكة في شي ... بس قلت انبهك لا غير ويلا باي
اقتربت من الريم التي تبكي بهستيرية وتصرخ : حقـيير .. أنـا كيف صدقته ؟؟ نذل وكذاب ..الله يلعنه .. كذاب
امسكتها من يدها تحاول تهدئتها : بس خلاص لا تبكين .. زين انك عرفتيه على حقيقته قبل لا يستغلك أكثر
الريم بصراخ وصوت منتحب : كيف قدر يكذب علي ويستغفلني .. وانا الحيوانة مصدقة انه يحبني و يموت فيني ...وهو كان طول الوقت يكذب علي
مروة : تراه ماضربك على ايدك وجبرك انك تطلعين معه ...كل شي كان بارادتك .. يعني وليد صحيح حقير ونذل بس ترى مافي الا الغبيات أشكالك يمشون وراه ويصدقونه .. وللأمانة هو عمره ما جبر أحد على شي .ـ
الريم : خلاص مروة الي فيني يكفيني لاتزيدين علي ... ادري انك حذرتيني ونصحتيني من قبل خلاص تكفين اسكتي
مروة بملل : طيب امسحي دموعك ووقفي بكا .. والله مايسوى تسوين كل هالدراما عشان وليد
الريم وهي لازالت تبكي وتنتحب : أنا أوريك فيه الحقير ... باشربه من نفس الكاس ..بنتقم منه بنفس طريقته الحقيرة
مروة باستنكار : وش قصدك ؟؟؟؟
الريم : بامثل ان اخونه ... ومع صاحبه بعد .. باخليه ينقهر ويذوق طعم الخيانة
مروة : أقول اهجدي بس ولا تجني ...تراه مجنون ومب صاحي عادي السالفة تنقلب عليك في الأخير
الريم : يعني وش بسوي لي مثلاً ؟؟ ما يقدر يسوي لي شي .. وأنا خلاص عفته ما ابيه
مروة : الريم ياغبية...لا تنسي ان هو رجال وانتِ بنت ... هو لو وش سوى وفعل يظل رجال و شايل عيبه وماراح يأثر عليه كلام الناس ... بس انتِ أي كلام يطلع عليك راح يضرك ويضر أهلك وسمعتك .. و وليد واحد مجنون ماتتوقعين ردة فعله وش راح تكون ... عادي يفضحك أو يطلع عليك كلام او ممكن يسوي شي أعظم ... افتهمي يا بقرة
الريم وقد احمَر وجهها وبهتت عينيها من كثرة البكاء : يعني تبغيني أسكت له ؟؟؟ كل اللي سواه لي وأسكت له وكأن عادي ما صار شي ؟؟
رن جوال الريم ليقطع عليهما حديثهما ، أمسكته الريم لترى أن المتصل هي والدتها ، مدته الى مروة : هاذي أمي ارفعيه انتِ ما اقدر اكلمها وانا بهالحالة
مروة : وش أقول لها ؟
الريم : قولي لها انِّ بنام عندك الليلة .. ما اقدر ارجع البيت وانا كذا أكيد امي بتلاحظ علي
مروة : لا تدخليني بينك وبين أمك .. وعلى اساس امك مررة تحب قعدتك عندي هنا ..اتفاهمي معها انتِ
الريم : ما تشوفين حالتي ؟؟؟ قولي لها انك قاعدة لوحدك في البيت وما بتقول شي تكفين مروة
نفذت كلام الريم وهي تتنهد وصبرها يكاد ينفذ ، وضعت الجوال على اذنها وهي تبرر : هلا يمه .. أنا قاعدة لوحدي في البيت ..ابوي مسافر ومافي احد ف البيت غيري معليش تخلي الريم معي الليلة .... لا حتى وليد مب في البيت .. طيب ..طيب .. مع السلامة
*
في صباح اليوم التالي ، كانت الريم كالمجنونة ترمي بكل شيء تراه أمامها على وليد المذهول من تصرفها ، كان جالساً في ركن الإفطار يتناول فطوره ثم جاءت هي وداهمت وجبته، قامت بتفريغ صحن البيض المقلي على الطاولة ثم رمت به ليتكسر على الأرضية الرخامية ، ثم بدأت تنهل عليه بوابل من الشتائم .
ولم تبقى آنية أو تحفة أو صحن أو ملعقة على طاولة الطعام إلا وقذفته نحوه وهو يحاول تفادي ضرباتها العشوائية ، نطق بصراخ محاولاً فهم المغزى من جنونها المفاجئ : الريم ... اهدي وخلينا نتفاهم .. وش فيك انتِ انهبلتي ؟؟
قاطعته وهي ترمي بالتحفة الفخارية نحوه ، حاول تفاديها ولكنها تهشمت على ساعده ، مسببةً جرحاً غزيراً ، وقفت تنظر الى جرح ساعده الدامي وهي تلتقط أنفاسها ، قالت من بين دموعها بصوت
يشبه فحيح الأفعى من شدة القهر الذي يعتصر قلبها ويجثم على أنفاسها : أنت كنت طـول هالمدة تكذب علي .. وانت تنام كل ليلة في حضن وحدة غير .. وتقول نفس الكلام اللي تقوله لي لغيري
اقترب منها وهو في صدمة من كلامها : مين اللي قالك هالكلام ؟؟ هالكلام مو صحيح ..انتِ الوحيدة في حياتي
صرخت : يكفي كذب ...خلاص يكفي كذب ..أنا عرفت كل شيء ..وعرفت كذباتك الحقيرة كلها
اقترب منها واضعاً يديه على كتفيها ،يحاول تهدئتها برفق ، ابتعدت عنه بتقزز : لا تلمسني ..ولاتقرب مني يا حقير ..وترى مو بس انت اللي تعرف تخون ..أنا بعد أقدر .
قطب حاجبيه باستنكار : وش قصدك ؟؟
ابتعدت عنه وهي تركض مغادرة متجهةَ الي الباب الخارجي ، رفع صوته منادياً لها : لحظـة الريم !!
تجاهلته وهي تصفع بالباب بقوة .ـ
كانت مروة تجلس على طرف الدرج ، تابعت شجارهم بصمت وهي تحاول كتم صوت ضحكاتها ، وكأنها تتابع مسلسل خليجي مكرر ، قامت من مكانها بعد أن خرجت الريم ، اتجهت الى الوليد الجالس على الأريكة ، وجبينه يتكئ على كفه ، محدقاً في الا شيء ، ومعالم الضيق متضحة على وجهه ، جلست بجانبه وهي تحاول اخفاء ابتسامتها اللعوب ، قالت بكل أريحية : وش فيها انجنت ؟
ثبَّت نظراته الغاضبة عليها وقال بتهديد : انتِ وش قايلة لها ؟
رفعت كتفيها بلا مبالاة وهي تقول بهدوء : ما قلت لها شي ..بس هاذي سمر حبيبتك السابقة تذكرها ؟؟ ..اتصلت لها وقالت لها عن كل خياسك القديم والجديد بعـد قالت لها كل شيء وبالأدلة القاطعة
رجع برأسه الى الخلف ، تنهد بعمق ثم قال : هذا اللي ما حسبت حسابه ..،.أردف بنفس النبرة اليائسة : قالت لي " مو بس انت تقدر تخون ..أنا بعد اقدر "
مروة : ماعليك منها ..كذابة بس تبي تقهرك بهالكلام
قال بتساؤل : متى بيرجع أبوك من شهر العسل ؟
مروة بعد تفكير : الاسبوع الجاي على حسب علمي
وليد : لازم يوافق سامي ويقتنع بهالزواج ...والا بخسرها
*
تختلط الأحاسيس الباردة والمشتعلة داخلها ، تريد ان تعاقبه بالمثل ، تريد ان تنتقم لكرامتها وحبها الذي خانه ، أمالت برأسها وهي تتحدث بالجوال وتقول بغنج : أنـا معجبة سرية
جاءها صوته الرجولي الضاحك : طيب قولي لي انتِ مين ؟ وش اسمك ؟
الريم بضحكة : لا تستعجل بتعـرف قريـب
سلطان : بس ما يصير كذا ..انتِ تعرفيني وأنـا ما أعرفك
الريم : قاعدة افكر بمكان عشان نلتقي فيه قريب وتعرفني
سلطان بلهفة : يا بعد عمري .. متى ؟
الريم : اممم ما ادري بتصل لك قريب وبحدد معك مكان
أغلقت المكالمة وهي تضحك : خـروف ..بكلمتين جبت راسه
*
بعد أن عاد من سفره مع زوجته ، قضى شهرين بأكملهما متنقلاً بين دول أوروبا مع عروسه ، في هذين الشهرين عرفها أكثر ، ياسمين فتاة فطنة ويغلب عليها طابع الحزن الذي لا تحاول اخفاءه وتتظاهر بالغرور والكبرياء رغم بساطتها .
تتظاهر بالغرور وتحاول أن تبدو فخورة ومكابرة وتبين له أنها تعرف كل شيء و لكنها لا تستطيع اخفاء نظرات الانبهار التي تهاجم وجهها حينما ترى أشياءً لم ترها الا معه ، فهذه المرة الأولى التي تركب فيها طائرة وتبتعد خارج حدود المملكة ، وترى طبيعية أوروبا الساحرة وحضارتها المعمارية الآسرة ، وكان هو سعيداً برؤية تعابير وجهها الفرحة المتفاجئة ، كان منجذباً اليها انجذاباً شديداً ويشعر أنه عاد الى أيام شبابه معها ، .ـ
لم يمر يوم على عودته من سفره وها هو وليد يفاتحه في نفس الموضوع للمرة المئة ربما ، استمع لكلام ابنه حتى انتهى ، نظر الى ملامحه الجادة بعض الشيء وهو يختم كلامه بقول : يُبه أنا أوَل مرة أكون جاد وصادق لدي الدرجة
أجابه بهدوء وهو يحاول أن يكون كعادته ، فهو لا يحب ان يستخدم نبرة قاسية او غاضبة مع ابناءه : تدري يا وليد انِّ دائماً كنت احاول ما احسسكم انِّ أبوكم .. احاول اتعامل معاكم وكأني صديق
ضحك وليد ضحكة قصيرة تدل على الاستخفاف وقال بشيء من اللوم : في هاذي ضبطت معك كثـير
سامي بنفس نبرته الهادئة : تبي تخطبها روح اخطبها بروحك .. أنا ما احط ايدي في ايد ابوها ..أنا كم مرة فهمتك موقفي اتجاه ابوها ومشاكلي معه ..هذا عادل واحد نصاب ونذل ..تزوج خلود أرملة عمك وأقنعها أن أنـا أكلت حقها وحق مروة ..وما سلمتهم الورث كامـل .. مفهمها أن أنـا حرامي وسرقتهم .. وخلاها ترفع علي قضايا .. بس لأنه كذاب ما كسبهم .. وبعدين بدت المؤامرات والمشاكل .
قام من مكانه وهو ينهي كلامه مع وليد : تبي تخطبها أنـا ما اوقف في طريقك روح اخطبها بس لا تقول لي ان اجي معك
ذهب من أمامه ، ووليد يرمقه بنظرات يائسة ، عديمة الحيلة ، وكأنه قد وصل الى طريق مسدود ، لا يمكنه أن يخطب الريم بدون والده ، ووالده لازال مصِّر على رأيه ، نهض وهو يريد أن يختلي بنفسه ، يريد أن يسقي كبده ويذهب عقله بذلك السم الذي أدمنه ، فانه يجد في ذلك راحته وهروبه من ذلك الطريق المسدود .ـ
قبل أن يخرج ، أمسكت مروة بذراعه وهي تمنعه : وليـد يكفي أدري انك بتروح تشرب ..ارحم نفسك شوي
زفر بضيق : المشكلة أنها مو مصدقة انِّ كلمت ابوك ..تفكرني أكذب عليها وأماطـل
مروة وهي تقف أمامه : تبي الصدق ؟؟
وليد : غردي
مروة : انت مو وجه زواج .. حتى لو تزوجتها كلها كم يوم ويرجع مسلسل الخيانة اللي ما ينتهي
أزاحهـا من طريقه وخرج، غير مكترث بما تقول
*
في عطلة نهاية الأسبوع وفي أحد المجمعات التجارية الواسعة ، الأسواق تصبح من أكثر الأماكن ازدحاماً في العطل ، وكأن الناس لا تجد مكاناً آخر يأويها ، ضجيج وازدحام من كل حدب وصوب
كان وليد يجلس على طاولة في مقهى مفتوح وحيداً ، كان المقهى مقابلاً لمتجر للملابس النسائية ، حيث كان يراقب الريم من مسافة شبه قريبة ، كانت متلثمة بجزء من طرحتها ، ولا يظهر منها إلا عينيها الفاتنتين وحاجبيها المرسومين ولكن هذا لا يمنعه من معرفتها ، سيميزها حتى لو كانت ترتدي درع حديدي كامل
مرَ شهر على خلافه معها ، وهي لازالت ترفض الحديث معه ، ولازال والده مصِّر على رفضه ، ومنذ ذلك الحين وهو يراقب تحركاتها من مكـان لآخر .ـ
كانت تتقلب الملابس المواجهة لها وهي ترمقه بنظرات حادةَ تحذيرية ، ابتسم لها بسخرية ، قام من مكانه بعد أن دفع فاتورة القهوة التي شربها ، دخل الى المتجر و وقف موازياً لها ، لا يفصله عنها إلا طاولة عرض الملابس ، قالت بصوت أشبه للهمس وهي تشيح بوجهها جانباً : في كل مكان أروحه تطلع في وجهي ..وجهك ممسوح ببلاط كم مرة قلت لك ما أبيك؟
أخذ يقلب الملابس الموضوعة على الطاولة ثم قال وكأنه يحدث نفسه لكي لا تنجذب الأنظار نحوهما : لو ما أحبك وأغليك ما شفتيني اطلع لك في كل مكان ، أكمـل وهو يدندن : في كل مكان أطلع لك يمين يسار أطلع لك ..فوق تحت أطلع لك ما تقدر تراه
قالت وهي تتجنب النظر في وجهه بصوتها الهامس ذاته : شفت رجال الهيئة اللي واقفين هناك ؟ اذا ما ذلفت الحين بروح أشكيك لهم ويجون يجرونك قدام الناس مثل التيس
تراجع الى الخلف وهو يضحك ويحاول استفزازها ، ارتطم جسده من الخلف بطفل صغير ، التفت ليجد والدته تصرخ في وجهه : انت ليه ما تمشي مثل الناس ؟؟ استغفر الله العظيـم
همست الريم في داخلها " غبي " ، أخرجت جوالها من حقيبتها الصغيرة ، التفتت لتجري مكالمة مع سلطان ، ستنفذ الخطة الآن وأمام عيني وليد ، وستجعله يتجرع طعم الخيانة من ذات الكأس ، قالت بصوتها الناعم : الو حبيبي وينك ؟
جاءها صوته المتحمس : وأخيراً بلتقي فيك واشوفك.. أنا جالس في المقهى اللي اتفقنا عليه
الريم : طيب جاية لك الحين
عاد وليد لمقعده في المقهى ، ينظر الى ملامح الناس المبهمة حوله ، شكَّ في هوية شاب يجلس أمامه يرتدي قميص أزرق مقلَّم ، كان الشاب يعطيه ظهره لذا لم تتبين له ملامحه ، غاصت تعابير وجهه في صدمة وهو يرى الريم تقترب من ذلك الشاب وتتحدث معه ، قام من كرسيه ليتأكد من شكوكه ، وكان ذلك الشاب هو صديقه سلطان ، مرَت كلمات الريم السابقة في عقله " مو بس انت تقدر تخـون أنا بعد أقدر " ـ، شعر وكأن ماء باردة كالصقيع تُصب على رأسه ، لقد كانت تعني تلك الجملة حقَّاً!!، لم تكن مجرد جملة قالتها بسبب حالة غضب ، بدأت الأفكار تتدفق الى عقله بجنون ، منذ متى وهي معه ؟ ، ومنذ متى يستغفله سلطان بهذه الطريقة الدنيئة ؟؟ ، لقد باح له بسره وهو حبه ورغبته في الزواج من الريم وها هو الآن يخرج معها !!!!!ـ
كانت الريم ترمقه بنظرات جانبية منتصرة ، بينما سلطان ينظر الى الريم ويحادثها غير منتبه لوجوده ، لم يشعر إلا برجليه تأخذانه بعيداً عنهما ، تجاوزهما وهو يشعر بسكـين تنغرس في قلبه وتجرح كبرياءه ، وكمثل انتزاع تلك السكين من قلبه قام بحركته ، وقف أمام رجال الهيئة وهو يتحدث بصوت خالي من المشاعر : السلام عليكم يا شيخ ..أنـا ابي أبلغ عن اثنين طالعين مع بعض في خلوة غير شرعية
استدار له رجل الهيئة الملتحي وقال بوقار : وعليكم السلام ... انت متأكد من كلامك ؟
وليد : متأكد .. أنـا ما اقدر اشوف الغلط وأسكت .. أهم شي عندي أعراض الناس ما تنرمي بالباطل
أشار لهم ناحية المقهى ، حيث تجلس الريم مع سلطان وهما يتبادلان الأحاديث ، اتجهوا رجال الهيئة اليهما وبدأوا في التحقيق معهما ، وارتفعت الأصوات ، كانت الريم في موقف لا تحسد عليه ، كان الرعب يسيطر عليها وكذلك كان سلطان .ـ
أما وليد فخرج من المجمع وهو في حالة من الصدمة ، في حالة من " الا شعور " .ـ
*
" تدري أن الريم قضت هاذيك الليلة كلها في مركز الهيئة ؟؟ انت دمرتها "
يجلس على الكنبة في غرفته يستمع الى حديث مروة الذي لا يخلو من العتاب ،يستمع اليها وملامحه في شرود ويعتليه صمت مريب ، أكملت حديثها : عمي عادل منهار من اللي صار وحتى أمي ، والريم اعترفت لأمي بكل شيء وقالت لها كل شيء كان بينك وبينها وقالت لها بعد أن انت اللي بلغت عنهم الهيئة ، واتصلت لي أمي وما ظلت كلمة وسخة ما قالتها لي ، قلت لك صح ؟ عن ان الريم وسلطان أساساً ما بينهم شي وهو ما يعرفها ، وهي سوت كذا بس عشان تقهرك .ـ
قال بهدوء: و سامي عرف باللي صار ؟
مروة : أكيـد عرف ، أكـيد امي اتصلت له وقالت له عنك .. بس كالعادة كلام أمي ما يهز شعرة من راس ابوي .. فهو مطنش لك ويسوي نفسه ما يدري
قالت بتساؤل : انت ليه ما تفكر قبل لا تتهور ؟
وليد : لمَّا شفتهم مع بعض ، كنت احس وكأن سكين انغرست في ظهري ، كان في بالي بس انِّ انزعها منِّي وارتاح
مروة : وارتحت الحين ؟
زفر بضيق : لا
مروة وهي تبعد عينيها عنه : الريم بتتزوج من خالد
وليد : ميـن خالد ؟
مروة : هذا واحد من أقرباء عادل .. خطب الريم من قبل أكثر من مرة بس هي كانت ترفض .. بس الحين ما تقدر ترفض بعد اللي صار
تمتم بكلمات متقطعة وكأنه يؤنب نفسه : أنـا واحد حقير ..ونذل ..ما اقدر اتغير ..ماهو بيدي ضيعتها وأنا ضعت بعد .... اصلاً انا ضايع من زمان .. وما ادري ويني
قامت من مكانها وهي تهز رأسها بأسف ، قالت بضيق : سكران صح ؟؟ الله يعينك على نفسك
امسك بهاتفه يكاد يعتصره في يده وضغط على ازراره بقوة لم تكن الا ثواني حتى جائه صوتها الانثوي الحزين : انت شتبي أكثثر مو حرام عليك
وليد : رييم انتِ اللي حرام عليك خلينا نحل الموضوع تكفين
الريم بصراخ : لييييييش ؟؟ انت خليت عندي حل ثاااني وليد انت دمرتني دمرتنيييي الله ينتقم مننك الله لا يوفقك
وليد برجاء : رييم انا ماكان ودي توصل الامور لهنا صدقيني خلينا نشوف حل ثاني ريم انا ماقدر استغني عننك
الريم : ههه بعد ايييش ؟؟ الحين عرفت قيمتي بعد ايييش ؟؟ قولي بعد ايششش ؟
وليد : رييم مو بس انا اللي غلطت انتِ بعد غلطتي بحقي وانتِ عارفه هالشي زييين وانا سامحتك انت لازم تعطيني فرصة
الريم : على فكرة انت اوسخ وانذل واحد شفته بحياتي لاعاد تتصل مررة ثانية مابي اسمع صووتك يكفيييي
اغلقت الخط ، تجمع الدم في وجهه واخذ يتنفس بسرعه
القى بالهاتف على الجدار بقوة حتى تساقط قطع متناثرة على الارض
انتهى
|