كاتب الموضوع :
رجاء تونس
المنتدى :
الارشيف
رد: 522 - عاصفة الحب - صوفي ستون - قلوب عبير (دار النحاس)
و بالمقارنة مع الرجل الطويل كلنت نبرة صوته اكثر لطفا.
"هاري...اي السيد لاين ذهب في رحلة نهرية صباح امس لاجل واجبه التعليمي."
بان القلق اكثر على وجه هايتر فالتفت الى الرجل الطويل القامة و قال
"انها يقوم بمثل هذه الرحلات ثلاث او اربع مرات في السنة ثم يستقل مركبه الى اماكن اخرى ليقدم للناس كتبا.وكان من عادته ان يبقى دائما في ريو فردي...
هل تعلم ايها الصبي الى اين توجه!"
كانت ميريندا تعلم جيدا الى اين كان والدها يتوجه.الى حيث الاماكن
النائية عن هذا المكان و كان قد انزعج عندما اضطرته الظروف لان يتاخر بعض الوقت لانه كان يحلم دائما بان يقوم بمثل هذه الرحلة الخطرة.
اجابته ميريندا بعد ذلك "الى مكان ايمه امارال و من هناك سيتوجه
الى قرية هندية."
دهش هايتر و قال "امارال!"
قال الرجل الطويل بلهجة قاسية "متى ذهب!"
خافت ميريندا من لهجته و اخذت ترتجف قائلة "صباح امس."
"بمفرده!"
نفت باشارة من راسها ثم قالت "برفقة روبم مونتيرو و شقيقه
اللذين كانا يقودان المركب كما انه سيمر على لوتي ماير ليصحبها
معهم."
فقال هايتر عندما راى علامات الاستفسار الغاضبة على ملامح الرجل الطويل
"انها من المدرسة الالمانية و طبيبة ماهرة يا بول."
فهمت ميريندا من نبرة صوت هايتر بانه كان يحاول ان يسترضي بول
الذي اخذ كرهها له يزداد اكثر و اكثر.
قال بول عند ذلك بنبرة صارمة "هل هناك جهاز لاسلكي في امارال"
اجابه هايتر "لا اعرف لكنني اشك في ذلك."
التفت بول نحو ميريندا و نظر اليها نظرة اشبه بالطعنة الحادة قائلا
"متى سمعت عن اخباره اخر مرة!"
اجابته ببساطة "لم اسمع عنه شيئا فهو لا يتصل عادة و كما انه
لا يهتم ابدا بسلامته."
و كادت ان تقول له و لا حتى يسلامتي لكنها تراجعت عن قول ذلك.
فقال بول "على اية حال لا ارى انها من الحكمة ان نرسل وراءه احدا للبحث
عنه فالعاصفة اسوا مما هي عليه الان قبل ان تهدا نهائيا.كان من الافضل
له ان يري قاربه و يبحث عن ملجا يحمي به نفسه من العاصفة."
تساءلت ميريندا كيف ان بول الذي لم تلتق به من قبل او حتى لم
تسمع والدها يتكلم عنه كان يعرف عنه كل هذه المعرفة.
ثم نظر في عينيها قائلا "اين الاخرون اعني الاولاد!"
"لقد اسلناهم جميعا الى منازلهم قبيل هبوب العاصفة." قالت ميريندا
ذلك و قد تذكرت كيف غضب والدها و عاند في البداية ارسال الاولاد
الى منازلهم الا انها اصرت على موقفها الى ان اقتنع و الدها بكلامها.
قال بول "حسنا و ماذا عن الاخرين!"
"ذهبوا البارحة عدا جاو مونتس الذي اصريت على ان يذهب
منذ ثلاث ساعات مضت."
تكلم عند ذلك هايتر "نعم لقد رايته في المدرسة و هو في امان الان."
تنهدت ميريندا بارتياح عندما سمعت كلام هايتر بان جاو اصبح بامان الان.
"اذا لم يعد هناك سواك.فماذا افعل بك يا ترى!" قال بول ذلك
و هو ينظر الى ميريندا يتاملها.انه لم يعرف بعد بانها فتاة ةو قررت
هي ان تبقي ذلك في الكتمان.
قالت و هي تامل ان يرشدها الى المكان الاكثر امانا "فكرت ان اصعد
الى مستوى اعلى من هذه الارض."
ضاقت عيناه و هو يقول "الى اين بالضبط!"
اجابته بغباء "لا اعرف الحقيقة فكرت فقط ان اشق طريقي صعودا
فانا املك خريطة و بوصلة."
بدت قسمات وجه بول خالية من اي تعبير فادركت ميريندا انها يتمتع
بوجه وسيم قسماته دقيقة و معبرة و عيناه داكنتان مع اهداب طويلة.
قطع عليها حبل افكارها قائلا بلطف " هل فعلا لديك خريطة!"
اجابته بصوت منخفض و مرتجف "كان قد تركها احد العلماء.انما
هاري قال ان هذه من اعمال رجل شرير.لقد وجدتها بين اوراق مدرسية
قديمة."
"من اعمال رجل شرير!يجب ان ارى هذه الخريطة."
تدخل هايتر محذرا "بول..."
اسكته بول بوضع يده على كتفه و تابع يقول لميريندا بلطف
"يجب ان اراها."
احتارت ميريندا في الطلب و لكنها رات بعد ذلك انه ليس من سبب
يدعوها لرفض طلبه.فتحت حقيبتها و اخرجتها منها.
اخذ ينظر الى الخريطة دون ان يبدو على وجهه اي تعبير يذكر
ثم اعادها اليها و قال بنبرة باردة "احتفظ بها فلا يوجد العديد
من هذه الخرائط للغابة."
عاد هايتر يتدخل مرة اخرى قائلا "بول..."
فالتفت اليه بول و ابتسم ابتسامة مشعة قائلا "الاجدر بنا ان تحرك
فالعاصفة ستزداد سوءا.سناخذ هذا الصبي معنا و عندما تهدا العاصفة
سنجد لاين."
لسبب او لاخر شعرت ميريندا من كلام بول الاخير انها نوع من التهديد.
فقال هايتر "الى اين ناخذه"
"الى فازندا برانكو."
"ولكن..."
قاطعهبول بلطف "هايتر."
هز عند ذلك هايتر كتفيه دون مبالاة ثم قال "على صهوة
جوادك ام جوادي"
قالت ميريندا عند ذلك "لكنني لا اجيد ركوب الخيل."
قال بول "اننا سنقطع اكثر المسافة سيرا على الاقدام.و عندما
يظطرنا الامر لركوبها ساجعله يمتطي الفرس ليمانجا لانها قوية
و يمكنها ان تحمل اثنين.كما ان هذا الصبي خفيف الوزن."
كان بول يتكلم و كانها غير موجودة بينهما فقالت ميريندا بحذر
"انني اخاف ركوب الخيل."
كادت ان تضحك من نظراتهما اليها فقد بدا هايتر مندهشا
اما بول فقد اخذ ينظر اليها صامتا كانما على راسه الطير.ثم
قال بلطف "لا يمكنني ان افعل شيئا حيال ذلك ايها الرجل الصغير
.فما عليكسوى ان تتحمل الامر...اطفئ هذه الشمعة و هيا بنا."
اطلقت ميريندا لا شعوريا صيحة صغيرة دلت على عدم رضاها
وكان هايتر قد ابتعد في تلك الاثناء فالتفت بول اليها و قد رفع
احد حواجبه و هو يقول "يجب ان تفهم ايها الصبي بانني لست صديقا
لهؤلاء الاساتذة.كما انه هناك حسابا بيني و بين هاري يجب ان اصفيه.
يمكنك ان تاتي معنا و تنفذ ما نطلبه منك او نتركك تحل مشاكلك بنفسك
فماذا تفضل!"
شعرت ميريندا برهبة من نظرات عينيه القاسيتين و قالت في نفسها تشجعها
انني لا اخشاه كما انني لا اخشى اي رجل في العالم.انه لا يملك مسدسا
او سكينة حادة و لا يهمني ما قد يفكره بي.انا الناس لا يتعرضون للخطر الا
عندما يعطون اهمية لاشخاص امثاله و انا لا يهمني امره مطلقا.
عصفت الرياح بقوة شديدة في ذلك الوقت مصحوبة بامطار غزيرة لا تتوقف.
وشعرت عند طلك باذعان و استسلام لنظرات عينيه التي سلطها عليها فقالت
وقد اخفضت نظراتها "ساقوم بما تطلبانه مني."
"تعال اذا." و دفعها من كتفها بقوة.
كان هايتر قد امتطى صهوة جواده الان و بدا ساكنا و هادئا بالنسبة لميريندا
بينما كانت فرس بول تختلف تماما بضخامتها و ارتفاعها و لا تعرف الهدوء
بل دائمة الحركة.
حولت ميريندا ان تمتطي الفرس على الطريقة التي تشاهدها في الافلام
و قلبها يرتجف خوفا منها.لكنها لم تنجح في طريقتها فقد تراجعت الفرس
غاضبة و هي تصهل صهيلا مزعجا ترفض ان تقبل ميريندا.
تكلمت ميريندا مع الفرس بحنق "اهداي ايتها المتوحشة السافلة."
قال بول و قد ادهشته اللهجة التي تتكلم بها ميريندا "يا لها من لهجة
يحكيها مدرس من تلك المدرسة."
التفتت نحوه بسرعة و كادت ان تفقد توازنها و هي تتسائل في نفسها
كيف امكنه ان يسمع همساتها الغاضبة في مثل هذا الطقس العاصف!
ثم تابع بلهجة ساخرة بينما كانت ميريندا تنظر اليه و هي لا تدري ما تقوله
" من المؤكد ان الاساتذة لا يسمح لهم باستعمال الفاظ كهذه و لا
يفكرون بالذي تفكر به الان...هيا فليس امامنا متسع من الوقت."
تشبثت ميريندا بسرج الفرس و قد هالها ذلك العلو المرتفع عن سطح
الارض ثم حولت نظرها الى بول و راته ينظر اليها بعينين ضيقتين
و قد بللب الامطار الغزيرة شعره الداكن.فتراءى لها للوهلة الاولى
ان في عينيه غضب و حنق ثم هز براسه و اخذ يضحك.
ثم سال بلهجة ساخرة "ما الذي تعلمتموه ايها الفتى قبل
مجيئكم الى هنا!الاسعافات الاولية!لا تخف من الفرس ليمانجا
انها تعرف ما تقوم به حتى و لو انك لا تعرف انت."
كادت ميريندا ان تقول شيئا لطيفا لكنها توقفت عن الكلام عندما
شعرت بحركة خفيفة تمس خصرها.انها الهرة الصغيرة التي كانت
نسيت وجودها تماما و رفعت سترتها قليلا لتسمح في ان
يدخل الهواء اكثر اليها.انها متاكدة من ان بول ليس من صنف
الرجال الذين يرحبون بمثل هذه الاشياء فبلعت ريقها
و قالت بلهجة هادئة " لقد سبق و ركبت بغلا و لكنني لم اجرب
ان اركب اي فرس قبل مجيئي الى هنا."
لمعت عيناه و هو يقول " عليك ان تخبرني في ما بعد كيف توصلت
لتكون في هذه الغابة الموحشة و كيف رضي هاري لا ين
بتركك بمفردك."
ثم قفز فوق صهوة الفرس ليجلس خلفها فتصلبت و خافت
ان يكتشف و جود تلك الهرة الصغيرة.لكنه من المؤكد انه لا
يعيرها اي اهتمام الان لانه حث الفرس لتقترب اكثر من هايتر ثم
قال و هو يشير الى الاشجار جنوبا
"لنصعد في هذا الاتجاه و سامشي في المقدمة."
طاطا هايتر براسه مذعنا و قد بدت التعاسة على ما قاله بول
و يبدو انه لم يصادف احدا يعترضه في حياته على ما يطلبه و يريده.
و جدت ميريندا نفسها تفكر بياس في طريقة ما تواجه بها غطرسته
و تحديه لكن كيف يمكنها ان تفكر في ذلك الان خصوصا انه و هايتر
انقذاها من اجتياز تلك الغابة الموحشة التي تقشعر لها الابدان.
انها تكرهه و تكره الظروف التي شاءت ان تكون نجاتها على يديه كما
انها لن تدع اية فرصة تفوتها لتظهر مدى ازدراءها و كرهها له تمام
كما هو شعوره نحوها الان.
|