لسلام عليكم ,, رجعت لكم ببارت قوي ودسم ومهم وملئ بالاحداث , أتمنى وانتم تقرون تركزون كويس كويس # , وأتمنى أكون عند حسن ظنكم , بسم الله نبدأ ...
^لا تلهيكم عن أداء الصلاة والعبادات^
حين تلتحم الخطايا البارت الثامن (8)
طَالَ الغِيابْ
حُزنٌ يَطولُ وغَيبةٌ مُتَعمَّدةْ
وأنا الذي ضَيَّعتُ عُمري في انتِظارِكْ
مازلتُ أشعُرُ في غِيابِكْ
أنَّ الحنينَ إليكِ طاغٍ
فوقَ احتِمالي واحتمالِ الأورِدةْ
اشتقتُ أن أُلقي بنفسي في العُيونِ
الشَّارِدَةْ
*عبدالعزيز جويدة*
قبل سنة ...
يجلس في السيارة بتوتر شديد وهو ينظر للخلف بين الفينة والأخرى
التفت له سائقة بريبة : سيف !
انتفض سيف وهو لا يزال متوترًا : سامحك الله , ارعبتني
عاد السائق للنظر للطريق : ما الذي يحصل يا بُني لم انت خائف هل هناك خطب ما ؟
: لا لا يوجد , فقط قُد بسرعة اكبر
هز السائق رأسه بيأس : اني اقود فوق السرعة المحددة , مالذي يدعوك للاستعجال هكذا ؟
: اخشى ان تفوتني المباراة
شحب وجه السائق : مباراة وفي وسط الأسبوع , ابتسم بمرح : هل انت بخير حقًا ؟
حاول سيف تخفيف توتره بنبرة مرحة : وما الضرر في ذلك , اريد ان اغير روتيني الممل قليلًا
ابتسم السائق : كما تشاء يا صغيري
**
توقفت السيارة امام البوابة الضخمة , نزل سيف وبيده حقيبة بلاستيكية كانت ملابس سيف الرسمية لا تناسب جُو المكان ابدًا , ربطة العُنق والمعطف الرسمي اثار ضحكات الكثير حوله .
نظر في الارجاء ليجد رجلين يقفان بعيدًا وهما ينظران اليه تأكد انهما المنشودان : هاقد بدأت التسلية
مثّل ارتعاده وخوفه منهما وفر هاربًا ليثير انتباههما , واختفى وسط الزحام الكثيف الذي أعاق حركتهما
وقف امام المدرجات وهو يبحث عن مكانه بين هذه الجموع حتى وجد مكانه ابتسم ومشى بخطى ثابته اليه
جلس على الكرسي ونزع معطفه وارتدى سترة رياضية , اخرج بعض الوان الوجه ولطخ وجهه وارتدى باروكة منفوشة , ادخل معطفه في الكيس البلاستيكي وبسكين يحملها دائمًا في جيبه غرسها في بنطاله الطويل ليكشف عن شورت رياضي اسفله , فعل سيف كل هذا ولم يثر أي شبهات حُوله فموقعه يهيء له فعل الكثير دون اثارة الانتباه او حتى الشك .
الآن – 2015 – المانيا
نظر حوله للأشياء التي يحفظ اماكنها , الكُرسي البلاستيكي الذي لم يجلس عليه احدٌ منذ دهر , للطاولة البنية التي بهت لونها واصبحت شقوقها واسعة تكاد تتهشم في أي لحظة , للستائر العتيقة وللنافذة التي لا يستطيع القفز منها والهرب , ان الهرب من كل شيء ليس بهذه البساطة , يصرخون في كُل مكان أن الهروب حُلو , يجعلنا احرارًا , ولكن هروبي هو قيدي , انا كالشاه المربوطة نعم تحررت من اسر الشباك ولكن من يخلصني من اسر السكين الموجهة لقلبي ؟
سحب قلمه من تحت الوسادة ومعها الدفتر الأسود الضخم المليء بقصاصات الورق الصغيرة , ومنشورات عديدة وبعض النقود , نظر اليه طويًلا , الى هربه الوحيد من قضبان هذا المشفى , هروبه الساحر الى عالم لا يسع شخصًا غيره , عالمٍ واسع يهيم فيه كيفما يشاء , يهرب من هربه الأعظم فيه , اعلم في قرارة قلبي اني أخطأت وان عتبهم علي يساوي عُمرًا ودهرا من انتظار ميت ! ولكنني بالنهاية مت ولن يغير حقيقة وقع هذا الحزن على قلب امي شيء حتى رؤيتي على قيد الحياة , اضعت الطريق في غُربتي وما عاد قلبي يكفي لاستيعاب وحدتي...
دخلت الممرضة بابتسامة وقالت : عن من تكتب اليوم ؟
رفع رأسه لها باستهزاء : اكتب عن فتاة المانية ثرثارة كاترينا
اقتربت منه وهي تضحك دفعت الكرسي المتحرك امامها : يبدو انك بحاجة التعرف لبعض الناس لكي تعود للكتابة من جديد
واكملت حديثها وهي توجه نظرة خاطفة للكرسي الفارغ
قال هو بنبرة هادئة وهو ينظر اليها : ما حاجتي للناس وانا لدي كاترينا لا تصمت ابدًا
ضحكت كاترينا وهي تساعده على الجلوس على الكرسي : يبدو انك اقترفت ذنبًا بحق شخصٍ يحبك فعاقبك الاله بِي
**
توقفت في ردهة الدور الثاني وهي تلتقط انفاسها ولكن فجأة شعرت بكفٍ ضخمة على فمها وجسد يسحبها للخلف ، توسعت عينيها بخوف ووضعت يديها على تلك الكف لتبعدها ولكن لم تكن حمقاء لتقع في الفخ نفسه مرتين
، تسارعت نبضات قلبها ولم ترضَ بالذي يحصل ، رفعت قدمها بسرعه واعادتها للخلف وركلته على بطنه ، رمى بجسدها وهو يصيح بألم التفتت اليه ورفعت رأسه لتضربه بالحائط ولكنها سرعان ما تخلت عن الامر وهي ترى وجه سلطان المسكين المتألم بشده
شهقت بخوف : يا حياتي انا
ضربها على معصمها بقوة : صاحية ولا مجنونة انهيتي مستقبلي اخخخ منك بس
نظرت ماريا لمعصمها بألم هي الاخرى: والله اسفه ما قصدت
نظر اليها بشك:أنتي شتسوين تالي الليل ؟
ماريا بكذب متقن : باقي لي كم ورقة اسجلها عالجهاز قلت اخلصها مرة وحدة عشان ارتاح بكرا
سلطان وهو ينظر لعينيها بعدم تصديق : ماشاء الله وهالكم ورقة وش هي ان شاء الله , مكتبك تحت اذا انتي مضيعه يعني
توترت ولكن حاولت ان تخفي ذلك خلف نظراتها المتحلطمة فعلًا : يالله منك مسوي فاهم , اصلًا الأوراق اللي بسجلها هي معاملات اليوم شفيك
ضرب سلطان رأسه ببلاهة : أي صححح , والله ناسي , سوري عالغلط المطبعي , مطوله يعني ؟
هزت ماريا رأسها بالنفي : لاشدعوة بس بنسخهم وارجع البيت
سلطان : خلاص براحتك , وانا بكلم الخدامة تجي مع السواق ما يصير ترجعين لحالك في ذا الليل
راقبت ماريا خطوات سلطان حتى نزل , تنفست الصعداء وهي تكمل طريقها لمكتب سارا
**
اقتربت من المكتب بخطوات عجلى ووجدت الباب كما اعتقدت مقفل ، اخرجت المفتاح الذي اعطاها اياه الشاب
، ابتسمت بنصر وهي تدخل المكتب
فتشت في الادراج ، وبين الملفات ولم تجد شيئًا يثير الشبهة او الاهتمام على حدٍ سواء ، لكن شيء غريب بدأ يتضح لها عندما شغلت مصباحها اليدوي ، نتوء صغير على جانب المكتب
اقتربت منه لتجده كالقفل الصغير جدًا ، فتحت احد الادراج واخرجت علبة البودرة وفتحتها لتجد المفتاح النحيل اسفل الفرشاة ، فتحت القفل بسرعه وسحبت المفتاح لتخرج القطعه المستطيلة الصغيرة التي كشفت عن ملفات كثيرة : تصاميم ، شيكات ، نقود ، والاهم من هذا دليل الإدانة الأكبر ورقة مستطيلة الشكل بيضاء لا تحوي سوى عدة كلمات وشعار الشركة المنافسة
تثبت وبكل بساطة عن عمل هذه الفتاة تحت اسم مهنتها : مساعدة في التصميم
هتفت ماريا بقهر : حسبي الله ونعم الوكيل , مساعدة وهي حتى ما تعرف تمسك قلم
اخذت جميع الاوراق والوثائق وتقدمت لآلة النسخ وبدأت بأخذ نسخه من كل ورقة بعد ان تصورها بهاتفها
احست بضجيج يقترب فأسرعت حتى تخبئ اثرها وتخرج من المكتب وهي تدس الاوراق في حقيبتها ...
خرجت من الشركة وهي تتنفس براحة بعد ان اغلقت كل شيء خلفها واقفلت الباب .
ارتسمت ابتسامة بلهاء على شفتيها ' تمت المهمة بنجاح ساحق ' اقتربت من مرادها الان
**
فتح يُوسف عينيه , ليجد نفسه يطفو على سرير شقيقه , نزل من السرير ليجد مرآه طويلة امامه , نظر لنفسه طويلًا لشحوب ملامحه , لذلك الحزن الذي يفتش في تفاصيله عن خلايا حية ليميتها , ماتت كل فرحة كانت ترتسم على وجهه ,
لوهلة شعر وكأنه انعكاسه مخيف , وكأن شعر عواضه اصبح كثيفًا وقد نبتت بالرغم منه لحية خفيفه , كيف نسي نفسه لهذه الدرجة مالبث حتى ادرك اخيرًا ان هذا الانعكاس ماهو الا توأمه , فحبة الخال الصغيرة اسفل حاجب سيف والتي لا يميزها سوى يوسف ووالدتهم كانت اكبر دليل ان ما امامه هو شقيقه المتوفى
مد يده المرتجفة للمرآه ولكنها تكسرت وأصبحت قطعًا صغيرة , اقترب منها ليلملمها ولكن السكين سبقته وانغرست في ظهره
**
فتح عينيه بفزع ، نفث عن يساره ثلاثا وهو يستعيذ من الشيطان نظر بجانبه ليجد قارورة ماء نصف ممتلئة فتحها وشربها دفعه واحدة
اعاد القارورة الى مكانها ولكن لفت انتباهه فواتير , الكثير جدًا من الفواتير
جمعها كلها وفردها امامه كانت جميعها لنفس المطعم ، كان اسمه عصيًا للفهم ليوسف فأحرفه كانت بالهندية
ابتسم وهو يتذكر ولع سيف بالاكل الهندي وبالهند , كانت تلك احدى الأشياء التي يخبئها عن من حوله , وكان سفره الكاذب بحجة العمل يؤدي به لطريقة ما الى الهند .
قلّب يوسف الفواتير ولكنه لاحظ احرفًا على البعض منها
دقق اكثر فيها فوجد الاحرف موجودة على الفواتير المسجلة بطلب واحد فقط ، بدأ بتصفيتها وعقله يعمل ، اهذه رسالة تدل على مكان سيف ، ام احجية يطلبه ان يحلها ، لم يشعر يوسف بنفسه الا وهو يبحث في انحاء الغرفة ، فوجد واحدة تحت السرير واخرى فوق الطاولة ، كانت بعثره الغرفة لا توحي بشك ولو بسيط بأن هناك لغز مخبأ هُنا ، جمع يوسف اخيرا ست فواتير رتبها حسب التاريخ وكانت صدمته عظيمة عندما رتب الاحرف الانجليزية والرقم الوحيد امامه :
Find it.(1) (اعثر عليه)
نظر لساعة يده فوجد الوقت قد تأخر ,جمع الفواتير كلها ووضعها في جيب بنطاله , وسحب سترته الملقاة على الاريكة وترك المكان مبعثرًا وخرج كما دخل .
**
في المملكة العربية السعودي / الرياض
كانت الظلام لايزال يعطي المكان سكونًا عجيبًا وشعور غامر بالراحة والهدوء ، كان العامل الأكبر هو صوت الاذان الذي يهدّي النفوس ويبعث الامان يصدح في الرياض ...
دق الباب ثلاثا حتى سمع هسيسًا خافتًا يعطيه الاذن بالدخول ، فتح الباب فهاجمته لفحة هواء باردة من الغرفة
اشعل الاضاءة وهو يلقي بصره على المكان المبعثر كان ذلك على خلاف عادة رهف المنظمة جدًا , تغاضى عن تلك الفوضى وهو يعزي ذلك للإجازة والإهمال الذي يصاحبها
اقترب منها بإبتسامة : يلا يا بابا قومي الفجر لا يفوتك
فتحت عينيها ورفعت جسدها النحيل عن السرير ، كانت هذه المرة الاولى التي يدقق فيها فهد بملامح ابنته كان وجهها شديد الشحوب وعيناها محمرتان وجسدها قد زادت نحافته
بونايف وهو يتلمس وجهها : تعبانة يا ابوي ؟ شفيه وجهك متغير
رهف بابتسامة صفراء : مافي شيء تعرف اجازة وسهر
استغرب بونايف فكان حالها خلاف اقاويل والدتها بل كان نومها منظم جدًا
حاول تجاهل ذلك بابتسامته وهو يشجعها للقيام للحاق بالصلاة قبل فوات وقتها ..
**
قد مرّ اسبوعٌ كامل , ماريا تزداد تفائلًا ويوسف غارق في حيرته خائف من نتائج ما سيفعل, وكانت محاولاته لايجاد ذلك المطعم تبوء بالفشل في كل مرة , اما عُمر لا يزال غارقًا في شكه و ووالدة يوسف نسيت نفسها بين ضجيج شقيقتها وبناتها , كان الكُل يعيش اسبوعًا رتيبًا ...
**
كان الصبح يعني لماريا الكثير , عملت لاجل هذا اليوم ايامًا كثيرة , سحبت وشاحًا ابيض ووضعته على كتفها العاري من الاكمام
نظرت لشكلها مرة أخيرة : ترتدي فستانًا ناعمًا كُحلي اللون يصل لفوق الكعب بقليل يضيق حتى خصرها ثم يعلن عن انحلاله واتساعه حتى الكعب , تركت شعرها الناعم بتموجاته الخفيفه حتى منتصف ظهرها ,كان لونه قد عاد ووجهها الأسمر زادها جمالًا نظرت لانعكاسها وهي تبتسم : يا اسمر يا اسمراني هههههههه لو يشوفني بابا يذبحني على هالبرونز
رفعت حقيبتها البيضاء ونزلت بابتسامة , تناولت دوائها بتهذيب على غير العادة , كان المنزل لأول مرة يبدو هادئها وبدون صراخها كل يوم
توجهت للسيارة وهي تحضر للمفاجأة الجميع فاليوم يوم ماريا فهد الفهّاد !
**
توقفت السيارة الفاخرة أمام بوابة الشركة مباشرة هرع السائق التُركي يفتح لها الباب نزلت وهي تبتسم, وقفت لثوان وهي تحادث سائقها
ماريا بهدوء ومرح غريبين على السائق الذي اعتاد شحوب ملامحها وسوء طبعها كل صباح : اتتذكر تلك الكعكة التي احضرتها
اشارت بيديها كطفلة : كانت مليئة بالشوكولا ومزينة باللوز والفراولة وبداخلها مكسرات
ابتسم السائق من شرحها له : نعم اتذكرها انسة ماريا
صفقت بيديها بسعادة : تمام , احضر منها الليلة , اريد العودة للمنزل فقط لاتذوقها اتفقنا
هز السائق رأسه : كما تحبيني يا انسة
**
في جهة أخرى بالقرب من البوابة
قطب حاجبيه باستغراب, فتاة تعمل في الأرشيف مُرتبها اقل من القليل تملك سائق وسيارة بهذه الرفاهية , هذا عدا ملابسها احذيتها وحقائبها بالرغم من بساطتها الا انها لا تدل الا على فتاة ثرية مدللة !
كان عمر يتحدث ولكنه لاحظ انتباه يوسف المتركز في نقطة اخرى , نظر هو الاخر اليها وهي تدخل الشركة : مشاء الله حتى السواق على حساب سلطان مدللها حيل !
التفت يوسف اليه : اكف الناس شر لسانك لا يطيحك ربي بمصيبة
نزل عمر وهو يقهقه : الله عالحكم والنصايح شكل شغلكم كله بالوراثة *يقصد والدة يُوسف *, انزل انزل
لم يرد يوسف عليه , كان هذا وحسب مقدار ما يجب ان يتحدثه في الصباح , فقد اشتاق كثيرًا للاكتفاء بالكلمات القليلة , اشتاق لهدوئه الذي اقتحمته الأسئلة والشكوك حتى اصبح يبحث عن الكلمة كبحثه عن كنز , اصبح حرفٌ واحد مهم وجدًا بالنسبة اليه
**
دخل يوسف الشركة وافترق عن عُمر الذي فضّل الجلوس قليلًا ليتصفح هاتفه
وقف هو الاخر امام المصعد , ما لبث حتى وقفت ماريا بجانبه
نظر اليها وهمس : السلام عليكم
التفتت اليه بارتباك : وعليكم السلام ...
قالت ماريا بشيء من الخجل : ابي اكلمك اليوم في موضوع , يعني اذا كنت فاضي
يُوسف بهدوء : عن ؟
ماريا بتوتر كبير : اقولك بالمكتب
رفع حاجبيه وهز رأسه للأمام: اها
تنفست ماريا بعمق وفكرة سيئة أتت لتهاجم تفكيرها التفتت اليه وعيناها متوسعتان من الدهشة : يعنييي قصدي سالفه طويلة ما يصلح اقولها هِنا كذا , لا تفهم غلط طيب
انزلقت ابتسامة ليُوسف لم يستطع منعها : طيب
عضت ماريا لسانها : حمقاء !
وفُتح باب المصعد , دخل يُوسف وامرأة أخرى , هز رأسه لماريا بالدخول ولكن خجلها الذي ذابت فيه منعها من ذلك اشارت له بيدها مبتعدة عنه وهي تحدث نفسها : يمههه وش هالهيبه فلم رعب وربي
وصعدت الدرج , فمكتبها العتيق يقع في الدور الأول , فلم تمانع صعود الدرجات القليلة المؤدية اليه ...
**
أخرجت المفتاح من حقيبتها وفتحت باب المكتب , وضعت حقيبتها على طاولة صغيرة بجانب , كان وجهها للباب وعينها على هاتفها , لم تكن حتى لاحظت ذلك الجسد المتربع على كُرسيها : عالبركة
شهقت بخفة وسقط هاتفها وهي تميز هذا الصوت جيدًا
التفتت للخلف بخوف : نواف !
ابتسم نواف : الله يسلمك , توني وصلت
عادت والتفتت للباب واغلقته : وش مدخلك هِنا
نواف : بس اتأكد من بعض المعلومات
نظرت له ماريا بريبة : بوخالد يدري ؟
نواف: هو اللي ارسلني عقب الاحداث اللي صارت
انزلت هاتفها ووقفت امامه مباشرة : تتوقع هُم اللي مدبرينه ؟
نواف بنبرة اخافت ماريا : ماريا , بقولك شيء بس لا تنفعلين
ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تحثه ليكمل حديثه : للآن مو متأكدين بس ...
استنزفت ماريا طاقتها وهي تهتف : بس ايييش كمل لا تلعب باعصابي
نواف : نتوقع وجود اطراف ثانية بالموضوع , السالفة مو متعلقة فيك لوحدك , الشركة حولها شكوك كثير والسالفه مو هينة
ماريا وهي تحاول ان تفهم : يعني اللي بتقوله انه ابوي وانا مستهدفين بس عشان ابوي صاحب الشركة ؟
: بالضبط
نظرت ماريا للسقف بتفكير : ان كانت السالفة كذا
اردفت : معناته انه حتى يوسف و سلطان داخل ضمن دائرة التهديد
ضربت كفيها ببعض وهي تهتف : وانا أقول , يعني السالفه كِذا يا أستاذ
نظر لها نواف بتعجب : أي سالفة
لثانية فكرت ماريا بينها وبين نفسها وفضلت الصمت : ولاشيء بس كنت بانية هالفرضية وتأكدت , اييه ويعني بحثت بالموضوع لقيت شيء عنه ؟
وقف نواف : للحين نتحقق منه
ماريا بتفكير : طيب كيف يعني فرع تركيا هو اصغر فرع بالنسبة للاماكن الثانية , ليش يستهدف وايش معنى يوسف ابوي عنده شركاء كثير
نواف : وهذا هو بالضبط اللي اشتغل عليه , تمييز تركيا عن باقي الفروع
اقترب من الباب ثم التفت اليها لمرة أخيرة : بس حطّي في بالك مانبي مغامرات جديدة , انا اللي مسؤول عن مراقبتك
وخرج
**
في الرياض /
نظرت ام جمانة لزوجها وهو يتعطر : طالع ؟
الفتت اليها زوجها : ايه بروح المصنع
ام جمانة : أقول حبيبي
نظر اليها بشك : دام السالفة فيها حبيبي يعني مصيبة
ام جمانة بنبرة ناعمة : جمانة
أبو جمانة :ما خلصت هالسالفة يعني
وقفت زوجته باعتراض : لا ما خلصت يا حبيبي , قلت لك معك او بدونك انا بكلمها
تنهد زوجها : سوي اللي تبين بس انا مالي علاقة باللي يصير حذرتك وانتي حرة
ام جمانة : لازم تكون موجود ولا انا بتطيح السالفة براسي وتعرف جمانة لا عصبت وزعلت وش تسوي
ابتسمت ام جمانة : ابيك مساند لي
**
**
دخلت جمانة غرفة والديها بعد قرع الباب
بابتسامتها المعتادة : ماتوقعت انكم اشتقتوا لوجهي الصبوح لهالدرجة يعني
نظرت لوالدها من بعيد ثم شهقت : يالله وش هالزين يبه وش هالحلا انفداك بس
ركضت لوالدها كطفلة وهي تقبل رأسه : والله واخذتي الزين مني وانا ابوك
نظرت لوالدتها : أقول يبه لا تتغزل وتمدح واجد ترا الام طبينتها بنتها (طبينتها= شريكتها=الزوجة الثانية)
جلست ام جمانة باعتدال : اسمعي يا جمانة في موضوع بنكلمك انا وابوك
تنفست جمانة بعمق : خير اللهم اجعله خير ؟
ام جمانة بهدوء : ولد منيرة الحمداني متقدم لك ....
**
وقفت وهي تنظر لوالديها : طبعًا لا ومو موافقه , أصلا كيف تفاتحوني بالموضوع وتكلمون الناس وعارفين اني رافضه من الأساس ؟
ام جمانة : استهدي بالله واجلسي , ماهي اكبر مصايب الدنيا لا انخطبتي
جمانة : الا اكبر مصايبها انكم فكرتوا بس اني بوافق عليه حتى ! انا في ذمة بدر
أبو جمانة : بدر مات !
جمانة بنبرة باكية : بدر ما مات في قلبي وتراي حرام على رجال الدنيا عقبه
ام جمانة وهي تمسك بكتفي ابنتها وتهزها : اصحي من اوهامك وعيشي حياتك والله لو انه مكانك انه ليتزوج من رابع يوم بعزاك
لم تتمالك جمانة جرحها النازف , فخرجت من غرفة والديها وهي تضع يدها على قلبها
**
لماذا ايقظتم ألمي , سنواتٌ مرت وانا اقص عليه حكاية من قبل النوم , سنواتٌ عجافٌ مرت وانا ابكيه ومن دمعي اصنع وسائد والحفه لاغطيه حتى غفا في زاوية قلبي , انا لم انس يومًا , اوصدت الباب عنك , حاولت ان اتقبل انك متت على الأقل بالنسبة لي ولكن لم يعد لي في نفسي حاجة اخفيها عنهم او عنك , غيابك سلبني كلّي وليتك ابقيت بعضي لي لأعزي نفسي به
امتدت يدها المرتجفة بالحنين لدرجٍ اسفل سريرها سحبته وهي تخرج خاتمًا الماسي , وضعته امامه ونظرت لجزئه الداخلي الذي حُفر في جوفه : J&B
قربت الخاتم لشفتيها وقبلته مرارًا مرة بعد أخرى حتى نسيت نفسها وغزا دمعها وجنتيها ...
**
كانت الساعة تسابق عقاربها في الرياض حتى حان وقت الغداء في بيت بو جمانة
جلست جود على الطاولة,نظرت للكرسي بجانبها واستغربت فراغه منها , نظرت خلفها وحولها باندهاش عجيب , ثم نظرت لوجه والديها : شفيكم ؟ ووين ام بطين غريبة مو اول وحدة عالسفرة ؟؟؟
نظر أبو جمانة لزوجته بعتب : حرمتيها الاكل
نظرت اليه بهجوم : والله ماحلفت عليها ما تاكل
وقف أبو جمانة : ضيقتي صدرها وتقولين ما حلفت يا قوعينك بس
نظرت اليهما جود باستغراب : يبه قل لا اله الا الله , شفيكم وش صاير
وقفت ام جمانة هي الأخرى : ماصار والله , قلنا لها ولد منيرة خاطبك قلبت الدنيا وما قعدتها
وضعت جود يديها على رأسها : ياللله , شلون كلمتوها , يمه ماتعرفين جمانه !
هتفت ام جمانة بصوت عالي : بدر الله يرحمه مات من سنين وعزينا فيه اهله وخلصت السالفه ليش للحين متعلقه بالموضوع , لازم تعيش حياتها وتشوف نفسها
تركتهم جود صاعدة الدرج وهي متوجهة لشقيقتها
وقفت امام الباب المقفل : جمون حبيبتي تعالي الغداء الله يخليك اللقمة كذا تغص ما تمر وانا اختــــ
فُتح الباب فجأة وسقط جسد جمانة على شقيقتها باكيه , كانت شقيقتها الصُغرى الأمان والحب وملجأ دمعها , شجارهما كان لا ينتهي وكذلك حبهما , الأخت نعمة لا يعوض فقدها لا حُبيب ولا صديق .
**
تجلس في غرفتها تضم ساقيها لجسدها , تشعر بان الهواء ينفذ من الغرفة شيئًا فشيئًا , كان ضيق قلبها اعظم من هذا الهواء الذي يأبى ان يدخل رئتيها باعتدال , احست بيدٍ ثقيلة تخنقها , نزلت دموعها غزيره على وجهها لم تتحمل هذا الضيق الذي يحاصرها فهرعت للباب لتخرج
امسكت بالمقبض وهزته ولكن الباب كان مغلقًا انزلت يدها للمفتاح ولكن الباب لم يكن مؤصدًا
صرخت بخوف وهي تضرب الباب بكل ما اوتيت من قوة حتى فتحه والدها باستغراب
نظر اليها فهد : شفيك وش صاير ليش تبكين
اقترب منها وضمها لصدره وهو يسمح على رأسها همست رهف بخوف : خفت الباب يتقفل علي
بعثر شعرها بمرح : بنت فهد تخاف يتقفل عليها الباب وتبكي
ضحكت رهف : يالله يبه لا تمسكها علي الحين
عانق كتفيها وهما ينزلان سويًا : والله يا عندي لك سوالف لليل
نظرت اليه بابتسامة : وانا مستعدة اسمعك لليل
**
تجلس متربعة على مكتب سلطان الذي كان منغمسًا في ملف بين يديه وبين كل حين يتأفف مظهرًا توتره الشديد
نظرت اليه ماريا : هّد ان شاء الله يصير كل شيء مثل ما تبون
رمى الملف جانبًا وفرك رأسه : المبيعات كل يوم تنقص , قاعدين ندفع فلوس على بضاعة ما تنشرى يا ماريا وضعنا في الحضيض !
نزلت من المكتب وتوجهت اليه سحبت كتفيه للخلف : ريح نفسك ولا تنهك عقلك , الجسم اذا تعب , حتى المخ يتعب وياه
اغمض عينيه باسترخاء تام وهو يحاول ان يصفي ذهنه وافكاره ولكن صوت الباب وهو يُفتح قد جعل جسده ينتفض
فتح يُوسف الباب ولكنه صد بصره , ابتعدت ماريا عن سلطان قليلًا وهي ترقب حركات يُوسف التي تظهر وبلا شك كرهه لها على وجه الخصوص
نظرت لسلطان مرة أخيرة : لا تجهد نفسك
وخرجت متعدية يُوسف تحت نظراته الفاحصة لها جيدًا
سلطان وهو يمد يديه للامام : تفضل
تقدم يُوسف وجلس امام سلطان : انا صراحة شايف الوضع ما ينسكت عنه , لازم نلاقي حل للازمة
ابتسم سلطان بتوتر : فرعنا هِنا مشاكله كثيرة , توهقت وانت توك بالبداية
هتف يُوسف : انا أقول نسوي إعادة هيكلة للاقسام
سلطان بتفكير : إعادة الهيكلة تستغرق وقت طويل ونتائجها ماهي مضمونة
رفع رأسه بابتسامة وهو يتذكر ماريا , كان فهد دائمًا ما يعود اليها في الأمور الإدارية وكانت حلولها ذات مفعول سريع ومرضي جِدًا بعكس نايف الذي كانت أفكاره دائم ما تتمحور حول المال والاستثمار
سلطان : اعرف شخص , ممكن يساعدنا بحملة إعلانية قوية وحل ان شاء الله
وقف يُوسف : خلاص كل كلّمه وانا بنظم لنا جلسة برا الشركة ونتفق
وخرج دون ان يمهل سلطان للحظة ان يتلفظ باسم : ماريا , حلهم في الوقت الحالي ...
**
في الممر كانت تقف ماريا وهي تتحدث بهاتفها : لا لا احضر أخرى متوسطة الحجم , سيأتي سلطان ايضًا تعلم انه يحب الكيك كثيرًا
تنهدت : نعم من نفس المحل الذي احبه
في نفس اللحظة كان يُوسف متوجهًا لمكتبه ولكن حديثها استوقفه للحظة , شعر وكأنه اقترب من الحل وكثيرًا ابتسم فجأة وذهب لمكتبه بسرعة وهو يرفع السماعة : ياسمين تعالي المكتب الحين وبسرعة
**
وقفت ماريا امام مكتب يُوسف بحيرة , عدّلت وشاحها واخذت نفسًا عميقًا ودقت الباب ودخلت
كانت في تلك اللحظة ياسمين تخرج من المكتب , كانت لحظة عظيمة بالنسبة لماريا لأول مرة ترى شبح ابتسامة على ملامح يُوسف القاسية , برغم وسامته الذابلة خلف تكشيرته الدائم و ملامحه الهادئة كانت تُشعر بشيء من القسوة والبرود اللذان يغلفانه
رفع يُوسف نظره اليها : أتمنى يكون الوقت التي قطعته لك يستاهل !
جلست على احد المقاعد وشعرت بقوة وثقة غريبة تتسلل اليها : متعلق بمشاكل الشركة وعندي الحل
ضغطت ماريا على الملف الأصفر بين يديها وكأنها تستمد قوتها منه : الشركة صاير فيها تسريب تصاميم وبسبب هالشيء كثرت بضاعة التقليد ونزل مستوى الدخل وارتفع مستوى الإنتاج
وقف يُوسف بعدم مبالاة وهو يرفع هاتفه : احضر لي كوب الشاي المعتاد
نظر اليها ثم اكمل : واخر للانسة
فغرت فاها بتعجب من تصرفه اللامبالي ونظرت اليه بحقد
هز رأسه : وموظفة الأرشيف وش علاقتها بهذا كله
قالت وهي تصر اسنانها : كل ما نزل مستواك كل ما سمعت اكثر , اللي حولك ما يعطي اهتمام انك تسمع او لا لكن دايم اللي تحت يعرف كل شيء
وقف يوسف وهو يدخل كفه في جيبه : واو كلام عميق
أكملت ماريا وكأنه لم يقاطعها : الكل يدري بهذا الكلام بس
أخرجت الملف وفردت الأوراق امام مكتبه : مو الكل يدري من هالشخص
جلس يُوسف بانشداه امام الأوراق وبدأ يقلبها لم يستوعب الصدمة كيف يمكن لمديرة مخلصة كَـ سارا ان تفعل مثل هذه الأمور , كيف فاته هذا , كيف اكتشفت هذه الفتاة هذا العمل بسهولة وهي التي لم تكمل سوى عدة أسابيع منذ بداية توظيفها ؟
حاول ان تتزن نبرته: نسخ ؟ (رمى بالاوراق اليها ) وين ضمانتي بهالموضوع ؟
أخرجت المفتاح 0الصغير من حقيبتها : تقدر تلقى النسخ الاصلية بمكتبها
عاد يُوسف بكرسيه للخلف : وايش ضمانتك انتي
ابتسمت ماريا : توقع لي ورقة أكون مكانها
ضحك يُوسف وهو ينظر لثقتها : وان رفضت عرضك المُغري
لملمت ماريا الأوراق : فيه كرسي غيرك مستعد يكتب كل الشركة باسمي
حك يوسف عوارضه : وليش ما رحتي لهالباب من البداية ؟
همست ماريا : من باب سد الذرائع !
في لحظة كان العامل البسيط قد دخل ومعه كُوبي الشاي وضعهما امام ماريا ويُوسف
يُوسف : طيب بس السالفة مو بهالبساطة
ماريا وهي تسحب كوب الشاي لتشربه : مستعدة لأي شيء
تذوقت بعضه ثم احست بمذاق لاذع في فمها ولكن من باب الاحترام حاولت بلع تلك الرشفة , نظرت للشاي شديد السواد والخالي تمامًا من أي سُكر
ماريا بقرف : استغفر الله وش هذا
اكمل يُوسف شُربه للشاي متجاهلًا مَاريا وهو يفكر بكيفية اقتحام مكتب سارا واخذ الوثائق , كانت فكرة نفيها وطردها خارجًا بعد ان يشهّر بها هي الحل الأمثل بالنسبة اليه, فالخيانة ذنب عظيم اقترفته واكثر ما يمقته يُوسف في هذه الحياة هُم الخونة !
**
تجلس باستقامة وهي توقّع على الأوراق بابتسامة : ماراح تندم مَاسيو يُوسف ان شاء الله
كان فكرة واحدة تؤرق عقل يُوسف فَـ رد عليها باقتضاب : أتمنى !
وقفت وهي ترفع الورقة بفرح بين يديها , وقف يُوسف معها وعينه على ساعة الحائط : تقدرين تتفضلين على مكتبك
خرجت ليخرج يُوسف خلفها وقلبه يسبق خطواته وكفّه تحتضن تلك الورقة التي أتت بها ياسمين , ورقة وتعيده للحياة وربما تعيد شقيقه !
**
دق الباب ثالثة وهو ينظر حوله بحيرة , يبدو ان العنوان خاطـــ
لم يكمل جملته حتى فُتح له الباب وبدا له من خلفه رجل في وسط الاربعينات قد غزى الشعر الأشقر وجهه ورأسه
شهق الرجل بخوف : توووووبه تووووبه
واغلق الباب لكن قدم يُوسف كانت اسرع لتصده عن الاغلاق : دقيقة استمع الي , انا شقيقه , شقيق سيف
خف دفع الباب وبقي الرجل ينظر ليوسف لدقائق حتى اقبل عليه يضمه ويقبل رأسه وكأنه ابنه
ابتسم يُوسف بحب لهذا الرجل الذي دخل قلبه منذ اول ثانية , أشار الرجل بيده : تفضل يابني لا يمكن ان تقف امام الباب هكذا
ابتسمت زوجة الرجل وهي تضع الشاي امام يوسف : لتحط به رحمة الله , كان شقيقك شابًا صالحًا , لم ينقص شيء علينا حتى توفي
هز يوسف رأسه بامتنان له وغادرت
نظر له الرجل : كيف يمكنني مساعدة ابني ؟
اطال يُوسف نظره في كوب الشاي : كيف كانت أيامه الأخيرة ؟
انزل الرجل عينه في كوبه : اهه ابني كان متعبًا جِدا ويخاف من كل شيء , كان يلح علي بان اسامحه وان لا اخبر احد بتحركاته
ابتسم الرجل بألم : بالرغم من كل شيء لم يتخل عنّي
كان يُوسف يغرق في حديث الرجل وهو يتذكر كره سيف لقيادة السيارة ولطالما كان هو الذي يوصله لعمله والجامعة وكل مكان
رفع يُوسف رأسه ولمعت عيناه وهو يهتف : اريد معرفة الأماكن التي كان يزورها شقيقي كثيرًا
ابتسم الرجل : كان سيف لا يزور الكثير من الأماكن , لكن ذلك المطعم الهِندي كان يعشقه
رفع يوسف نظره : مطعم هِندي ؟
ضحك الرجل : هههه غريب اليس كذلك , انه مطعم مميز ولكن لا يعرفه سوى القلة كشقيقك
**
كان يقود السيارة بجنون , كانت المعلومة لا تباع ولو بذهب الكون بالنسبة ليوسف
القى نظره على هاتفه وعقله حقًا من نغمة الآيفون المستفزة وجِدًا , ولكن فرحته الآن وهو متوجه لذلك المطعم لا تساويها فرحة , كان في سره يود لو بامكانه معانقة ماريا , فهي التي أودت به بهذه الفكرة المجنونة , تمى وبشدة ان لا تخيب ظنونه وشكوكه فلو كان هناك امل ولو صغير يبقيه على قيد الحياة لــــ
عاد الهاتف ليرن
سحبه يُوسف وبنبرة غريبة : قل لا اله الا الله حرقت الجووال والله
عُمر المحرج : يُوسف الاجتماع بيفوتك
يُوسف بسعادة : وان فات خله يفوت شفيك
عُمر : اول اجتماع لك وبتسوي كذا , وبعدين وش هالنبرة ؟ من زمان ما سمعتها
يُوسف : بعدين اقولك لك , كل شيء بوقته حُلو
**
داخل قاعة الاجتماعات ، كانت تجلس بجانب سلطان وهي تعبث بالقلم تارة وتتثاوب تارة اخرى ، نظرت للساعه بملل شديد ثم نظرت لسلطان الذي هز رأسه يحثها على الصبر
دخل عمر القاعة بإبتسامة محرجة : ثوانٍ وسوف يكون السيد يُوسف هُنا
دقائق مرت حتى فتح يُوسف الباب بهدوء ، كانت هيبته فرضت عليهم الوقوف دون ان يشعروا حتى ماريا التي تكره حدّة اخلاقه وقفت باحترام
جلس يُوسف واشار لهم بالجلوس : يمكننا ان نبدأ
وقفت ماريا وهي تلوح بيديها بالتركية : ليبدأ الاكشن
نظر جميع الجالسين اليها ، من تكون هذه وكيف تتجرأ ان تتحدث هكذا امام مدرائها ، تقدمت مَاريا من جهاز العرض بخطوات مائلة وناعمة : اقدم نفسي ، ماريا ، بالفتح ماريَا
واقدم نجمة الليلة ، نظرت لِـ سارا ، توجهت جميع الانظار اليها وبدأ التوتر يظهر على الفتاة التي تغيرت تعابير وجهها خوفًا واستفسارًا عما يجري هُنا
في تلك اللحظة بدأ جهاز العرض بعرض صورة جعلت الجميع مندهشًا ، ما الذي يحصل هُنا ؟؟ صرخت ماريا خائفة
وبدا الهلع على الجميع واضحًا عدا يُوسف الذي لم تسعه الصدمة لان يتحدث حتى : يالله ، علقت في حنجرته وأبت الخروج !
**
كانت تجلس خلف باب الحمام *يكرم القارئ* وتضع كفيها على رأسها المجهد , كان الصداع يوشك ان يفجرها , والصرخات تقترب من اذنها اكثر فأكثر , نظرت لهاتفها للخمس المكالمات الفائتة المسجلة باسم : S
ودت للحظة ان تعاود الاتصال به ولكن هجمة الصداع كانت اقوى , اغمضت عينيها بتعب , ثم عادت لتفتحها لتجد ظلًا اسودًا على الجدار امامها , وقبضة ثقيلة على عنقها , انفرجت شفتيها لتصرخ ولكن وكأن اليد داخل حلقها تعيد كل كلمة يمكن ان تتلفظ بها
شعرت بخدرٍ في أطرافها , استسلمت لكل هذه المعاناة حولها فاغمضت عينيها واسترخى جسدها ولكن .....
انتهى ...