كاتب الموضوع :
عَزف
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: حين تلتحم الخطايا/بقلمي
بسم الله الرحمن الرحيم نبدأ ...
-لا تلهيكم عن الصلاة والعبادة-
حين تلتحم الخطايا ( البارت الرابع )
ليس من شوق إلى حضن فقدته
ليس من ذكرى لتمثال كسرته
ليس من حزن على طفل دفنته
أنا أبكي !
أنا أدري أن دمع العين خذلان ... و ملح
أنا أدري ،
و بكاء اللحن ما زال يلح
لا ترشّي من مناديلك عطرا
لست أصحو... لست أصحو
ودعي قلبي... يبكي !
محمود درويش
**
قبل سنه /
تحاول ان تصرخ بلا جدوى وآلامها تشتد عليها من كل جهة ولازالت تشعر باشتعال النار في رقبتها ، برغم السطح البارد الذي تستلقي عليه ، كأن حرارة الكون وضعت جسدها المرتجف حاولت ان تضبط انفعالها وتهدأ نبضها وتتنفس ببطء
عضت على شفتها وعقلها يعيد ذكرياتها واحبابها كلهم .
هذا دمي وهذا حزني اين ابي وامي عنّي ؟ دمعها الذي حبسته طوال سنين ابى ان يخرج في تلك اللحظة ، دعت بقلبها كثيرًا ان تموت بسلام بلا الم او حزن وبلا ذاكرة وبلا كل المآسي التي مرت بها ،اغمضت عينها بوهن : يارب مابي اموت زي الـ
تعثرت الكلمة، لم تخرج علقت وسدّت مجرى تنفسها 'منبوذه' ان تموت كالمنبوذة في العراء ، سقطت على قلبها كصخرة ...
**
تستلقي على الثلج الناعم ودمها القاني يعانق بياض الارض ، كانت كالجثه الملقاه على قارعه الطريق ، وكأنها خطيئة لوثت طهارة الصفحات البيضاء وصفائها ...
على الطريق الخالي كانت تنظر حولها بقلق وخوف من ان تكون قد تاهت في الطرقات المتفرعه ، خففت من سرعتها وهي تقرأ اللوحات ببطء حتى وقعت عينها على "ماريا " .. ملقاه في الثلج تسبح في بركة من الدماء المتجمدة ، وجسدها الذي بهت لونه ومال للازرق كان واضحًا لها وان كانت بعيدة ، اوقفت السيارة وركضت باتجاهها بخوف شديد وهي تحاول جس نبضها
**
الآن 2015 / اسطنبول ...
عمر وهو يحدث المرأة: حسنًا ، وكم تملـ
فجأة صدر صوت تحطمٍ عالِ فالتفتت المرأه بخوف خلفها : يا الله ما هذا الصوت
ذعر عمر من الصوت وقال بهمس: يا مصيبه
المرأه بتوتر : اعذرني لارى ما الذي حصل
ناداها عمر : لا لا ارجوك لم يبقَ الا القليل
المرأه وهي تصعد الدرج : لن اتأخر
اخرج عمر هاتفه بسرعه واتصل بيوسف الذي رد عليه فورًا : اطلللع يا غبي جات جااات
يوسف بعزم : خلاص الحين القاه بس دقـ
سمع يوسف صوت خطوات يقترب من الغرفة ، تجاهلها وهو يبحث بين الملفات الكثيرة
خطوة ، اثنتان وتقترب اكثر
، ويوسف تحت هذا التوتر ، يحاول تجنبه لكن سيكشف امره لا محالة
يوسف بهمس مرتجف وهو يسمع يد الباب تدار : يارب لا يارب ابعدها عني يارب
وقفت المرأة امام الباب لتفتحه
من خلفها : امي
التفتت اليه ليردف : ما الذي تفعلينه امام مكتب والدي ، ان علم بانك دخلتيه حتمًا سيفجر البيت بصراخه
نظرت اليه : لقد سمعت صوت تكسر شيء ما من هُنا
ابتسم الشاب : امي اسف لقد اسقطت الطاولة فحسب
نظر للخلف ليرى عمر واقف بتوتر : من هذا الرجل ؟
التفتت وهي تنظر لعمر : اهه انه طالب يجمع احصائية ، شهقت بخفه :يالله لقد تركت الصبي المسكين خارجًا
قال الشاب: الم ينتهي عمله
قالت الام : لا اعلم يا صغيري ، عندما سمعت الارتطام تركته هكذا امام الباب ، لاذهب اليه
**
تنفس يوسف الصعداء وهو يسمع خطاها مبتعدة عن الباب ، ثم نظر امامه ورفع الملف عاليًا وابتسامة جميلة قد ارتسمت على شفتيه
**
وقف امام السيارة بحزن وهو ينظر لاضواء غرفتها المغلقه تنهد وهو يكره نفسه حين يسافر ولا يودعها ولكن صوتها اوقفه
ماريا وهي تعدو بإتجاهه : باابا ...
التفت اليها ، اقتربت منه وضمته بقوة : انا اسفه والله والله تكفى سامحنا
التعدت عنه وقبلت كفه وجبينه بحب : ترجع بالسلامة
ابتسم لها وقبل رأسها : انتبهي لنفسك
**
في السيارة يحادث الطبيبة
فهد بنبرة جافة : لا تحسبي حسابك ماتوقع راح تزورك ماريا بالايام الجايه
الطبيبة بتفهم: ماريا بنت طيبه كتير وعانت كتير بليز ما تضغط عليّا ، بعرف انها بتعزبك
فهد وهو ينظر للطرق المزدحمه: تعذبني كثير
الطبيبة : اتخيل انك عايش حالتها بتشوف موتك كل يوم وما بتموت ، ارق وتعب وكوابيس غير هاد كلو ما عندا اخوات لحتى تطلع حزنها
فهد وهو غير مستوعب حتى الان حال طفلته: بس انا اشوفها متقلبه مادري ، تضحك وتنكت وفجأة تقلب وتعصب
الطبيبة : ماريا هي من هالنوع ما بتحب حدا يشفق عليّا ويهتم فيها على هالاساس ، بس صدئني لما تختلط مع ناس غير وتشغل نفسها راح تتناسى
ابتسمت الطبيبة: وعفكرة اعجبت بافكار ماسيو سلطان كتير ، علاجها بدون ما تحس وعقابك الها فكرة حلوة
ابتسم فهد بدهاء وهو يتذكر ان كل ما حصل كان خطة منه هو وسلطان عدى جزء ارسال الرسالة : يعطيك العافيه على قد تعبك واغلق الخط ...
**
تحتضن الوسادة بقوة وكأنها تفترسها ، تنتقم للنوم الذي يأبى ان يجيئها بعصر الوسادة بين اناملها ، تقاوم كل رغبة تحثها على ضرب رأسها بالحائط ، الصداع يفتك بخلايا عقلها وهي لا تستطيع مقاومته
تنظر للساعة بعينٍ نصف مغمضه 3:15
الظلام الدامس يدفعها على هاوية الجنون اكثر ، الصداع يدهسها اكثر ويفرد جناحيه على بساط رأسها
عقارب الساعة من جهة اخرى تستفزها ، تك تك تك
نظرت للساعة من جديد 3:20
صرخت بألم وهي تضرب رأسها : خلااااص
من جهة اخرى تدق الباب بفزع : انسة ماريا هل انتي بخير ؟
صرخت : دعيني وشأني فاطمة
فاطمة وهي لا تزال تطرق: اريد ان اطمئن عليك فحسب
ماريا وهي لا تحتمل الالم صرخت : انا بخير
رمت برأسها على الوسادة وهي تتنفس بسرعة : يالله تعبت تعبببت ابي انام
واغمضت عينها لتجبر نفسها على النوم ...
**
الساعه الثامنه
فتحت عينها بخوف وهي تشعر بشيء يزحف ماحتها ، واذ بافعى ضخمه صفراء اللون تقترب ناحيتها
انفرطت شفتيها لتصرخ ولكنها لم تستطع واطرافها ثقيلة وكأنه تدبست بالفراش ، نزلت دموعها بضعف وهي تحاول فعل اي شيء يردعها عن الاقتراب
التفت الافعى حول جسدها الغض وبدأت باعتصارها حتى شعرت ماريا باضلعها تتكسر
اغمضت عينيها بألم ثم فتحتها لتجد ذلك الوجه المألوف ولكن ذلك الوشم موسوم على جبينه كخطيئة لا تمحى ، ككلمة مذنب التي لا تدينه بذنبه حتى ، يضع يديه حول رقبتها ليخنقها ...
**
استيقظت بفزع والعرق قد بلل جسدها تمامًا وضعت يدها خلف رقبتها وهي تتلمس النتوء بالم
حاولت ضبط تنفسها السريع ولكن يدها امتدت لهاتفها لتتصل بسلطان
ماريا وهي تنظر للوحة علقتها امام سريرها : ايه تعال بسيارتك وخذني ، مالي حيل اسوق حتى
واغلقت الخط وهي ترمق اللوحة التي يطغى عليها اللون الاصفر بحنق ...
**
توقفت سيارة سلطان امام المبنى الضخم وهو عبارة عن شكل هدنسي يوحي من بعيد بحرف f ، اما عن هيكله الزجاجي كان يعكس جميع ما حوله
نظر لماريا : اليوم يمكن اتأخر دقي على السواق يرجعك
نزلت ماريا وهي تهز رأسها ايجابًا ...
تقدم للداخل بخطوات يحفظها وهو ينظر للصالة الواسعة المزينة بالباركيه البني وقطع السجاد الفخم ، باستقابله طاولة خشبية تجلس خلفها موظفة الاستقبال
اما من الجهة اليسرى كانت توجد قطع من الارائك المفرّقه بلون السكّر الاشقر وفي اليمين كانت توجد طاولة طويلة بنية من خشب السنديان وقد رصت اكواب القهوة عليها بترتيب وبجانبها الة صنع القهوة ، فقد كان الدور الاول عبارة عن صالة استقبال فخمه ذات طابع عصري
اما في الدور الثاني الذي يقع به مكتب سلطان كان امام المصعد لوحة ضخمه لاول ساعة صنعتها الشركة ووكانت نتشتر على اليمين لوحات اخرى ، صورة لمعطف واخرى لنظارة والعديد من منتجات الشركة التي اكتسحت الاسواق حتى وصل انتشارها لمطعم في كاليفورنيا واخر بالرياض وسلسلة فنادق فعائلة الفهاد تملك الكثير من المبدعين ...
اما في اليسار مدخل واسع يضم العديد من المكاتب المفتوحة ذات طابع بسيط ولكن متعدد الالوان وجدران زجاجيه بالكامل فعلى عكس الطابق السفلي الرسمي كان طوابق الموظفين مليئة بالابداع والافكار والشغف ، لانه تنص احدى بنود الخدمة العمل في بيئة تساعد على الانتاج فعلى مدار كل سنتين يقوم الموظفين باعادة تصميم وهيكلة طوابقهم ومكاتبهم كما يرغبون ...
دخل سلطان للقسم بابتسامته المعتادة وصبّح على الموجودين وانسل لمكتبه المغلق بهدوء
**
وقفت ماريا امام المقهى الصغير في الاستقبال ، اخذت كوب قهوتها وشكرت البائع بينما تقدم عمر ناحيتها وقال : السلام عليكم
ابتسمت وردت بلهجتها : وعليكم السلام هلا
توسعت عينا عُمر وهو ينظر اليها : عربية ؟
بهدوء قالت: وسعودية بعد
نظر عمر لعينيها القرمزية الواسعه وشعرها المصبوغ بالاسود ولكن قد بدا شعرها الفاتح واضحًا عند الجذور هيئتها التي لا توحي ابدًا بمظهر فتاة عربية ...
عمر بانذهال: مشاء الله مو باين بالذات عيونك تبارك الرحمن
ماريا وقد انزلت نظرها للاسفل: طلعت بعيوني على امي
رفعت نظرها مجددًا وقالت بمرح: وماقلت انك بتجولني بالشركة ولا غيرت رايك؟
اشار عمر لها بيده لتتقدم: هو انا اقدر اصلًا ؟
**
عمر بإبتسامة وهو يسير بجانب ماريا : منو بقيت ما عرفتك عليه ؟
ماريا بضحكة : هو انت بقيت احد الله يصلحك
اشار عمر باصبعه لمكتب والدها الذي يقع امامهما مباشرة في الطابق
: هذا عاد مكتب صاحب الشركة فهد الفهاد
هزت رأسها بينما اشار لباب : وهنا مكتب شريكه
رفعت ماريا اصبعها بتخمين وهي تضرب الارض بقدمها كالطفلة : دقيقه دقيقه امم العناد لا لا العيّاد صح
ضحك عمر وهو ينظر لها ولحركاتها البريئة: ههههه العوّاد ، يوسف العوّاد
قطبت حاجبيها وهي لا تتذكر جيدًا سوى اسم سيف ، يبدو ان ذاكرتها بتدأت تصدأ على الاحرى
ماريا وهي ترفع اصبعها كطالبة : الحين ممكن اسألك شيء ؟
عمر بابتسامة : سئلي براحتك
ماريا : انت كويتي صح ؟
همهم عمر بالايجاب لتكمل : ليش لهجتك كذا مثلنا
عمر وهو يشير بسبابتيه لها : نقطة حلوة ، برافو عليك والله
اكمل بهدوء: انا قضيت عمري كله مع سعوديين فأثروا علي كثير فصرت احجي مثلهم تقريبا
ماريا وهي تهز رأسها : تمام , انا رايحة مكتبي
ابتسمت : وشكرًا على الجولة السياحية
**
في مكتب يوسف..
يجلس امام المكتب بتملل شديد ، فهو يكره الجلوس وكما يعتقد ان الجلوس يولّد الكسل ويبطئ نشاط العقل
وقف وبدأ بالمشي جيئه وذهاب في المكتب وعيناه تتلصصان على كل شيء اللوحات الجدارية المتقنة ذات الالوان الهادئة والمريحة للعين ورف الكتب الذي لا يتخلى عنه شقيقه في اي مكان والرائحة التي تزيد شوقه اليه ذاك الذي ترك بصمته في كل زاوية من هذا المكتب وفي ذاكرته
فتح عُمر الباب واطل برأسه : يصير ندخل حضرة المهندس
ابتسم يوسف بشفقه على حاله : يا حلم ما اكتمل !
دخل عمر واغلق الباب خلفه : يا معود وش لك بالكرف والتعب ، اقعد بمكتبك معزز مكرم
يوسف وهو لا يزال يمشي : ياخي مليت وش هذا بس جالس ابي اتحرك ابي احس اني على قيد الحياة
عمر بنبرة غريبة: نبضات قلبك هي اللي تحدد حياتك او موتك
استغرب يوسف قليلًا من نبرته ولكنه لم يعره اهتمام ، جلس على المقعد امامه : اسمع الحين احنا في الخطوة الثانية من البحث ، لازم اخلي بونايف يثق فيني وهو مغمض عينه
عمر وهو يهز كتفيه بعدم ارتياح : انا اقولك نبطّل
نظر اليه يوسف بتعجب ، اردف عمر بنبرة عالية : اييه ايه نبطّل ، فهد ماله بالمشاكل وماله علاقة باللي صار ، غير كذا وقت الحادث كان بامريكا
يوسف : اسمع بونايف كان اقرب لسيف بعدك ، وغير كذا هو الخيط الوحيد
فكّر يوسف لثوان قليلة ثم قال : لازم نعرف سبب سفرته هناك
عمر :اكيد كان رايح يشوف شغله
يوسف : اي شغل ؟
عمر وهو يضرب جبينه : نسيت اقولك ، هو له مطعم بكاليفورنيا
يوسف باعصاب تالفه : وليش ماقلت لي من اول
عمر: طافت عن بالي
وقف يوسف وهو ينظر للمباني من نافذته الشفافه : خلاص اليوم بنبدأ نجمع معلومات عنه ونشوف كيف ندخل مزاجه
**
صباح اخر في العاصمة / الرياض
والشمس ترسل اشعتها الحارة في ارجاءها ، فلا صيب السماء قد نزل ولا نسيم عليل قد مرّ من هُنا
في فلّه ضخمه تسقط في بقعة بعيدة عن مركز المدينة ، كانت اسوارها العالية المزخرفة بالنقوش قد ميزتها عن الفلل الباقيه ، وبالداخل كان المنزل عبارة عن قطعة زجاجية فخمه قد شكلت على هيئة منزلٍ يذهل البصر منذ النظرة الاولى ، ولكن الستائر الطويلة كانت حائًلا دون رؤية ما بداخل المنزل ..
نزلت فتاة السابعة عشر بخطواتٍ واسعة على الدرج الرخامي بالرغم من وجود مصعد ، وهي تحاول جمع شعرها القصير بلا جدوى فتركته بنعومته حرًا يغطي جزءًا من رقبتها الطويلة
تثاوبت فاغمضت عينيها وهي نضع كفها على فمها
حتى شعرت بشيءٍ غريب لين عالق في خفّها وبعد ثانية شعرت بحرارة تلسع طرف ابهام قدمها نظرت للاسفل ثم رأت شمعة بل المئات من الشموع موزعه على الدرج بترتيب ورائحة الفانيلا العبقة غطت المكان
صرخت وهي تعرف الفاعله جيدًا ، هي بالتأكيد شقيقتها الوحيدة والطائشة : جماااانه وجع !
نزلت الدرج بخطى واسعه لتجد شقيقتها التي تكبرها بـ ثمانية اعوام ، تجلس في وسط الصالة الفخمه تضع سجادة ذات زخارف غريبة وحولها الكثير من الشموع على شكل مربع مع فتحه لتستطيع الخروج من مربع الشمع ، مغلقة لجميع الستائر وعلى الطاولة امامها وضعت المبخرة ، وفوق رأسها قماش ذو الوان صارخه تعمي البصر من بشاعتها
جود وهي تقف بغضب: ردّي لا والله انادي امي عليك مريضه وش هذا
جمانه التي كانت تجلس على الارض بوضعية " اليوغا " لم تفتح عينيها حتى: وش الشيء اللي اهم من جلسة استرخائي ؟
جود : هييه حنا ببيت مو منتجع الحمد الله البيت كله شموع صاحية انتي ؟ وبعدين وش ذا الخياس اللي على راسك اللهم عافنا بس
فتحت عينيها ببطء والتفت اليها : شوفي يا جود والله لاقوم اتوطى ببطنك ، كيفي يختي بيت ابوي حرة احط فيه اللي ابي
جود وهي تصرخ : يمممه الحقي المجنونة شوفي وش مسوية بالبيت
نزلت والدتهم من الدرج بسرعه ودفعت احدى الشموع فانكسرت
ثم صرخت جمانة بعصبية : يمهه سمّي باللله
والدتهم : بسم الله الرحمن الرحيم ، انكسر الشر
دخلت ام جمانه الصالة ثم شهقت وهي ترى الشمع وحالة جمانة التي لم تكن غريبة اطلاقًا : صاحية انتي وش مهببه قومي ضفي عفشك يالله صباح الخير
وقفت جمانه وهي تنظر لجود بحقد : والله الواحد لا يسترخي ولايرتاح شدعوة كلها شمعتين
دفعتها جود بخفه من كتفها : توكلي ستر الله عليك يا جده
هذه هي حياة العائلة الصغيرة ، ما بين جنون جمانه واتزان جود تقف والدتهم لتمنع اشتباك الاختين اللتان لا يفرق بينهما سوى الطبع ، فقد ورثتا كل شيء عن والدتهما التي لازالت تحتفظ ببعض جمالها المخبئ بين طيات العمر الذي سرق منها الكثير من شبابها ...
**
ادار مفتاح الباب بهدوء وهو يطل برأسه داخل الشقة نظر ليجد الصالة امامه مطفأة الاضواء
دخل واغلق الباب خلفه واقفله ثلاثًا وهو يتوجه للداخل ، لغرفة والدته ليجدها مستلقيه على سريرها وعينيها معلقة بالسقف
اقترب منها وهو يتنحنح لتعرف بوجوده رفعت رأسها وابتسمت
قبل رأسها ونظر لكفها ليقبله ولكنه وجدها تغلق يدها بشدة فخمن انها تحمل صورته او بالاحرى صورة شقيقه المتوفى
يوسف : كيفك اليوم ؟
هزت رأسها : نحمد الله
نظر للساعة ثم اليها : وليش حبيبة ولدها مانامت للحين
ابتسمت من دلاله لها وقالت بمرح : نتنظر ولدها ينومها ويقولها قصة
قفز يوسف الى السرير : ما طلبتي شيء عيوني لك كم نورة انا عندي
نظرت اليه وهي تضحك: وش بتسوي يالاخ ؟ هههههه
اشار لصدره : بنومك وش بسوي
ابتسمت بعذوبة وقلبها يدعي ان يطيل الله في عمره واستلقت بهدوء على صدره وصورة الاخر لا تفارق مخيلتها ، سيف حبيبها وابنها وتؤام يوسف ، اغمضت عينيها وعقلها يعود للخلف قبل سنين عديدة عندما عزم ابنها الرحيل لتركيا ....
**
في الرياض ..
يجلس سيف بتوتر وشقيقه بجانبه صامت كعادته التي تغيرت عندما مات سيف
تقف والدته وهي تلوح بيدها : يعني ليش هناك ليش برا ليش مو عندي
سيف وهو ينفض شعره بقسوة: يمه حبيبتي الرجال يبي اوقع عقد شراكة فاهمتني ش ر ا كه قالها ببطء شديد لتستوعب والدته
قالت نورة بحدة : وليش ما يوقعها هِنا ان شاء الله
سيف : يمه هنا هو عنده مسثمرين وشركاء واجد وقال يبي احد ثقة بتركيا وانا المرشح الاول افهميني ، بيئمن لي مسكن في احسن وارقى حي وسيارة وكل اللي احتاجه
نطق يوسف اخيرًا : بس بالنهاية انت اللي بتخاطر بمبلغ كبير عشان تشتري حصه كويسة من عنده
سيف وهو ينظر حوله : الوضع بتركيا متدني وببيع ٣٠٪ بسعر ولا اكبر منافسيه يحلم فيه ، انا بطور خط الانتاج وبشتغل على كل شيء
يوسف وهو يلفظ ببرود : وان ما نجحت ؟
وقف سيف ونظر لشقيقه : يوسف انا مو زيك احسب حتى طول المسامير عشان لا تنهدم البناية انا تاجر والتاجر لازم يخاطر انا حسبت كل شيء ومتأكد من خطوتي هاذي باذن الله
نظرت اليه والدته وهي تتنهد بصوت عالي : انت وش دخلك بهذا كله وماهو من مجالك ، اشتغل بشهادتك وبتعين خير
**
توقفت ذاكرتها هُنا بعد خروج سيف غاضبًا وهو يردد : انا راح اخاطر
وها قد خاطرت باغلى ما تملك يا صغيري حياتك ! واملي الوحيد فيك ، كنت فخورة بك ولازال حتى بعد مماتك ، اعلم بانك لم ترمي بنفسك للهلاك بل اقتاتوا روحك للموت اوانا بعيدة عنك ، يومها اتصلت كثيرًا ولم اجب لانك لم تزرني ارسلت الكثير من الرسائل (ادعي لي ، نسيتي نبرتي وانا اقولك حلوة اللبن؟، سامحيني يمه وحلليني )
طفرت دمعتها على قميصه وكفها يقبض على الصورة اكثر بلوعة الام التي فقدت طفلها
رحمة الله عليك يا سيف .
**
فتحت هاتفها وضغطت على الرقم المعتاد فسمعت الرسالة المعتادة : اترك رسالتك بعد سماع الصافرة ... بدأت بالحديث بالتركية
همست بشجن ملأ الكلمة : امي !
اشتقت اليك كثيرًا .. كثيرًا جدًا
اتصلت لاخبرك بأني اشتقت اليك ، اشتقت لصوتك امي
صمتت قليلًا تستجمع حزنها : كل يومٍ اصلي ادعو كثيرًا لئلا تنسيني ارجوك لا تقولي بانك كذلك .
امي كل يومٍ ارى كابوسًا ، ارى الموت يا امي
ابكي كثيرًا ليس لانني اعتقد بأني سأموت بل لأني خائفة ان اموت قبل ان اراك واقبل رأسك . امي انا لا اعلم مالذي يحصل انا خائفه خبئيني عندك وردّي علي ارجوكِ
نشجت بقهر ومسحت دمعها وهي لا تزال لم تقفل الخط ، نظرت للهاتف وقالت بصوتٍ كسير : احبك مهما يحصل امي احبك ابنتك ماريا
واغلفت الخط بحزنها هذه ربما كانت الرسالة الخمسين التي تتركها لوالدتها هذا الشهر فهي لاترد ومساعدتها لا ترد وماريا لا تستطيع الذهاب اليها لتطمئن حتى
وضعت رأسها على المكتب وغرقت في حزنها وبلحنها الممتلئ بالدمع : كيف أمحوك من أوراق ذاكرتي و أنت في القلب مثل النقش في الحجر أنا أحبك يا من تسكنين دمي إن كنت في الصين، أو كنت في القمر
**
نزل من الطائرة التي لا تضم سوى ١٠ اشخاص كان يتقدمها فهد بمشيته وسطوته التي تأسر القلب فعلى الرغم من سنواته التي جازوت الاربعين بكثير فلا يزال يتمتع بلياقه قد لا تجدها في ابناء العشرين ، نظرة ساحرة وعينان تأسران القلب بلونهما الفاتح ، ووجهه الصافي الذي لم تظهر سوى خطوط خفيفه تؤكد كبر عمره بالاضافه للشيب الخفيف الذي لم يضعفه بل زاده وقارًا
خلفه يمشي رجلان من رجاله احدهما يحمل حقيبته السوداء الجلدية الفخمه من ماركة الشركة نفسها
**
تقدم السائق السعودي وهو يفتح باب الروزرايس له : نورت الرياض يابو نايف
ركب بونايف السيارة وهو يلفظ بثقل : الله يسلمك
رفع الهاتف الايفون ذي الشريحة السعودية الجديدة وضغط عدة ارقام يحفظها
بونايف: اسمع بكرا الصبح شوف شغلك
....: لا تخاف بنحافظ على الامانة
بونايف: ايه مابي ولا غلطة ، تدري شكثر متأمل فيك
.....: كل شيء راح يكون تحت السيطرة
واغلق الخط ...
انتهى ....
|