يسعد صباح الحلوين بكل حب ومودة
قبل الفصل عندي شوية كلام
أولا أوجه شكري للبنات في المنتدى المجاور الذي تنزل فيه الرواية
على كل كلامهم الطيب ودعمهم لي وحبهم لرواياتي , الأخوات هيدايا
zeze , عبيركك , عبق حروفي , امال س , آيفا رمضان , جولي
dreamamira , أريج الزهور , za.zaza , صرخات هادئة
لكم مني جزيل الشكر حبيباتي وطبعا شكر كبير للغالية فيتامين سي
على مجهودها ونقلها كتاباتي لهم
ثاني شي : كل البنات الذين لم يصلهم علم بالرواية أتمنى أن يلحقوا
بركبنا ولا يكون في نفس أي منهم شيء لأني لم أبغلهم على الخاص
بسبب صعوبة الأمر ولن أستطيع إبلاغ مجموعة واستثناء غيرهم
ويستحيل أن أتمكن من مراسلة الجميع فالتمسوا لي العذر
والآن أترككم مع الفصل الجديد
الفصل الثاني
نظرتْ له ترجمان بتركيز وهوا يمص العصير بواسطة الأنبوب
ثم قالت بهمس " متى سيتحدث عجوزك هذا "
وكزتنها بمرفقي وقلت بهمس " أصمتي لا يسمعك تقولين ذلك "
قالت من بين أسنانها " لازلت أقول لك أتركي كل هذا
يا سراب فكلامه لك لا يعجبني "
رفع نظره لها فابتسمت له ابتسامة صفراء وقالت
" زواج عرفي لا تحلم به طبعا "
قال مبتسما " وليس هذا في نيتي فلتوافق العروس فقط "
قلت مبتسمة " وأنا لا مانع لدي فقط أعطني وقتا "
قالت ترجمان " وعلى أي أساس سيكون هذا الزواج "
قال " على ما تشترطون "
قالت بهمس " أقسم أن ورائه سرا "
رن هاتفه حينها فأخرجه ينظر لشاشته بتركيز وصعوبة
مصغرا عيناه ويرمش بهما رمشات متتالية فوكزتني وخرج
صوت ضحكتها قليلا فضربتها بقدمي على قدمها لأني كدت
أضحك في وجهه , أجاب على هاتفه قائلا " أجل يا أحمد "
" لا لا تكترث للأمر لن يستطيع فعل شيء ولا شيء له
عندي ولن يأخذ مليما فليفعل ما يحلوا له وليرفع
مليون قضية "
" حسنا سنتحدث لاحقا وداعا الآن "
نظرنا لبعضنا باستغراب ثم له فوضع هاتفه على الطاولة
وقال " لن تندمي أبدا آنسة سراب وسأعيّشك حياة فوق فوق
السحاب وكما تتمنين وزيادة ولن أخبرك المزيد
وستكتشفينه بنفسك "
شعرت بالنشوة غمرتني وأنا أتخيل الملايين بين يداي ملابس
حلي سفرات منزل راقي , تسوّق وسيارة فاخرة وكل ما
كنت أحلم به , قالت ترجمان " والضمانات "
وكزتها بمرفقي فضربتني بمرفقها , يبدوا أني جلبتها لتدمر كل
شيء وليس لتساعدني , قال " كل ما تريدون مقدم مؤخر أي شيء "
قالت " أعذر تطفلي ولكني أخاف على شقيقتي وأريد أن
أعلم سبب كل هذا فليس من الطبيعي ما تقول وستفعل "
قال مبتسما " معك حق فيما تقولين وسأوضح لكما , أنا رجل
تزوجت في حياتي مرتين ولم أرزق بأبناء ووريث لمالي وأعلم
أنه ما أن أموت هناك من سيسعى حتى يحفى لأخذه وأريد من
يحمله بعدي وأكون على ثقة أنه كفؤ لأن لا يترك ذاك المدعي
يأخذ منه مليما وقد أعجبتني جرأة وقوة شخصية سراب وإن
وافقتِ أنتي فلن أمانع "
شهقت ترجمان بقوة وقالت " أنا !! "
ضحك وقال " نعم تبدين لي أقوى منها وأشجع "
حمحمت وقلت " لم أكن أعلم أنك ستبدلني بسهولة "
قال مبتسما " كنت أمزح فقط أنتي من أضمنك وأعرفك
جيدا بمليون لسان ولا حق يضيع منك "
قلت بابتسامة جانبية " إهانة مقبولة منك "
مسح على خده المجعد وقال " بل هذه شهادة يفترض أن تعتزي
بها فقلائل هم النساء الآتي لا يتركن حقهن يضيع "
قلت بحماس " لا تخف ستتركه في أيدي أمينة وتموت مطمئنا "
نظرت لي ترجمان بصدمة فضحك وقال " وأنا مقتنع أن الموت
قريب مني ولا أريد لذاك الطفل أن يلمس من مالي قرشا حيا
كنت أو ميتا "
قلنا معا " ومن يكون هذا ؟؟ "
فضحك ليخرج سعاله مع ضحكته ككل مرة وقال " توقعت هذا
السؤال منكما ولا تهتما لأمره ومعرفته فالمال مالي ولا دليل لديه
على شيء المنزل والسيارات والمال في المصرف وثلاث مزارع
كبيرة وحقول شعير وقمح ومصنع ألبان وجبن كلها لي
وباسمي ولن يجني من تعبه شيئا "
قلت بحماس " تملك كل هذا ؟؟ "
قال " نعم ويدخل أموالا شهريا عدا المزارع والحقول فدخلها سنوي
ولا أريد أن يباع منها شيئا ولا بعد موتي , استفيدي من عائداتها
وأرباحها المهم عندي أن لا يأخذ منها ابن زوجتي السابقة شيئا "
قالت ترجمان " ابن زوجتك إذا "
قال " نعم توفيت وتركته لي كالشوكة في حلقومي يطالبني بجميع
ما أملك ويقول أنه من حقه وأنا من بنا كل هذا ولا شيء لهما فيه "
هززت رأسي وقلت " لا يهم مدام لا يملك شيئا يثبت ادعاءاته "
قالت ترجمان " إذا أعطنا بعض الوقت لنتصرف في أمورنا "
أخرج شيئا من جيبه ووضعه في فمه وبخ به فيه ثم أعاده
لجيبه ثم قال بصوت مخنوق " إذا لا تتأخرا "
ثم وقف مغادرا ونحن ننظر له وقالت ترجمان
" يبدوا سيموت قريبا من كثرة إصراره "
صفقت بصمت وقلت " نعم وهذا ما أريد وسنصبح ثريات
وسوف آخذكما معي ونعيش معا "
قالت مبتسمة " حقا لن تنكرينا حينها "
ضربت كتفها وقلت " بالتأكيد وهل لي استغناء عنكما
عشنا الفقر معا سنعيش الغنى معا "
قالت بريبة " ألم تخافي من حديثه عن ابن زوجته ذاك "
وقفت وقلت بلامبالاة " لا طبعا إن كان يمكنه أخذ شيء لأخذه
من ذاك العجوز الذي لا يقدر حتى على السعال والتنفس "
وقفت وقالت " ويطاوعك درجة أنه رضي أن تقابليه
هنا في مطعم مجمع للتسوق "
حملت حقيبتي وقلت " هوا من طلب هذا وليس أنا ويبدوا يريد
أن أشعر بالأمان معه في مكان عام "
سرنا معا وهي تقول " ألا تخشي أن يكون يخدعك "
ضحكت وقلت " ولما وكل شيء سيتم قبل أن نتزوج ألم
تسمعي كلامه لا تلاعب فيه أبدا "
قالت وهي تنظر للجانب الآخر " سنرى حلا لتلك العجوز إذا "
ثم وقفت وقالت " انظري انظري , ما يفعل رجال الشرطة هنا "
وقفت ونظرت حيث تنظر وقلت " لابد وأنهم يلقون القبض
على أحدهم ولن يتسوقوا ببذلهم طبعا "
نظرت ترجمان للضابطين الواقفان معا وقلت باشمئزاز
" انظري لذاك المغرور كيف يتصرف ويتكلم
ويكلم الفتاة من رأس أنفه "
سحبتها معي قائلة " وما علاقتك أنتي به لا تدخلينا في
مشاكل مع الشرطة لا وضباط أيضا "
ثم وقفت مجددا وقلت بتركيز " معه حق وسيم ويحق
له أن يغتر بنفسه "
قالت باشمئزاز " ذاك وسيم يع أنظري كيف بشرته كالفتيات
الذي بجانبه يمسك قبعته في يده أجمل بسمرته الخفيفة وملامحه
الحادة المتناسقة أما كثلة الغرور ذاك .... "
دفعتها وقلت " تحركي ولا تضعيه في رأسك لا نريد مشاكل "
قالت من بين أسناها " كم أكره المغرورين الذين
يحتاجون من يعلمهم قيمة أنفسهم "
قلت وأنا اسحبها معي " يكفي المشكلة التي صنعتها
لنا الأسبوع الماضي مع ذاك البائع "
قالت ضاحكة وهي تسير معي مسرعة " بل لقنته درسا يستحقه
ولو أتتني الفرصة لاستغللتها مجددا وها هي جاءتني في غيره "
*~~***~~*
نظرت لساعتي وقلت بتذمر " ألم تأتي الأوامر بالمغادرة بعد
وقوفنا في السوق هكذا بات سيئا وكأننا صعاليك أسواق "
لبس قبعته مجددا وقال " علينا التأكد من البلاغ هل سنغادر فورا "
نظرت لساعتي مجددا وتأففت , عليا أن أكون في المنزل وقت
قدوم رغد فمزاجي ساء منذ أمس بسبب زوجها وعليا أن أكون
هناك وأفهم ما يجري معها , عدلت وقفتي وقلت
" يبدوا أن عمل المداهمات سيلاحقنا أينما كنا و.... "
وما أنهيت جملتي حتى شعرت بشيء سقط على صدري جعل
عمودي الفقري يتصلب وارتعاشه سرت خلاله بأكمله وما كانت
سوا فتاة حضنتني من خصري ووجهها مخفي في صدري وقالت
" فارس هذا أنت عدت "
كنت جامدا مكاني ورافعا يداي جانبا وكأني مجرم رفعوا عليه
السلاح وعجز حتى لساني عن التحرك وتوضيح الخطأ لها
وكأنه أصابني البكم وحال أواس لم يكن أفضل مني حين رفعت
نظري له لينقد الموقف وكان ينظر لها بصدمة , أبعدتْ بعدها
وجهها عن صدري ورفعته لي لتلتقي عينانا كانت بعينان عسليتان
يكادا يكونان باللون الأخضر من لونهما الفاتح ناعستان قليلا من
طرفيهما وباقي ملامحها صغيرة وشعرها أسود تمسكه كذيل حصان
لا أتبين طوله وغرة تتدرج على وجهها , نظرت لي لوقت بصمت
وكأنها تستجمع ملامحي ثم ابتعدت عني عائدة بخطواتها للوراء
قائلة بصدمة " عذرا آسفة لقد أخطأت "
وابتعدت مسرعة وأنا لازلت في صدمتي استنشق رائحة عطرها
من ثيابي حتى الآن ونظري يتبعها ليظهر لي طول تلك الجديلة
والشعر يلامس نهاية ظهرها وأنا لازلت أنظر لها بعدم استيعاب
حتى وقفت بعيدا والتفتت لي وأشارت لي بإبهامها للأسفل علامة
الهزيمة أو أنني تغلبت عليك وأنت الخاسر وتابعت ركضها فأول
فكرة خطرت في بالي جعلت يدي تتحرك بسرعة لجيب بنطالي
الخلفي ثم ركضت حيث ركضت قائلا " اللصة سرقت محفظتي "
وركض أواس خلفي قائلا " إياس انتظر ما بك "
لكني تابعت ركضي لأدركها , كيف سخرت مني هكذا وسرقتني
وأنا ضابط شرطة بشاراتي أمامها , بل كيف أخرجتها من جيبي
وأنا كالميت , وصلت لخارج المجمع فكانت قد ابتعدت ترمي نقودي
في الشارع راكضة هي وفتاة أخرى تركض معها ثم رمت المحفظة
أيضا لحظة وقوفها أمام سيارة أجرى والتفتت لي وفعلت ذات
الحركة بإبهامها وركبت السيارة وغادرتا فورا ووصل
أواس عندي قائلا " إياس لما تـ.... "
ووقف مصدوما يري النقود التي تطير مع الريح وأشخاص
يجمعونها فركلت حجرا أمامي بقدمي وتحرك قائلا بغيظ
" سحقا للحثالة لقد لعبت بي وأقسم لن تنجوا بفعلتها "
تحركت حيث محفظتي وحملتها ثم توجهت للشخص الذي
يرفع بطاقتي من الأرض واستللتها منه قائلا بحدة
" أترك هذه ماذا ستفعل بها "
ثم وضعتها في المحفظة وعدت جهة أواس أتأفف وأزفر
حريقا من صدري من الغيظ
*~~***~~*
دخلت المحل ملقية التحية وتوجهت من فوري للعلاقة الدائرية
وأخذتُ الثياب الخاصة بعملي هنا ودخلت غرفة الملابس وغيرت
ثيابي وخرجت فخرجتْ التي تقف خلف الطاولة قائلة " أجمل ما
فيك يا دُرر أنك تأتين على الموعد ليس كسابقتك أنتظر
ساعتين لتأتي وتستلم مكانها "
ثم قالت وهي تخرج من الباب " أراك بعد ثلاث أيام وداعا "
وغادرت لأستلم عملي اليوم لأربع ساعات فأنا أعمل هنا بوردية
واحدة يوم بعد يومين كي لا تعلم تلك العجوز أنني أعمل فالعمل
كالزواج في قانونها ممنوع على ثلاثتنا ولا تعطينا مالا يكفي شيئا
وأنا سبق ووعدت ترجمان إن توقفت عن السرقة أعطيها المال الذي
تريد لأني أعلم أن ذاك الأشعب السبب في تعلمها السرقة وأنها تسرق
من أجلنا أكثر من نفسها فالشيء الوحيد الذي لم يغرسوه فينا واكتسبناه
بأنفسنا هوا ترابطنا وسعينا لمصلحة بعض وكأننا شقيقات
عملي هنا تغليف الطلبات من الكعك والحلويات وهناك اثنتان على
الطاولة الأخرى واحدة محاسبة والأخرى تأخذ طلبات الزبائن
وتسلمها لي وأغلب الأحيان نشترك في العمل ثلاثتنا خصوصا
وقت الأعياد والمناسبات , جلست على كرسيي وأخرجت كتيب
الأذكار من حقيبتي وأعدتها لمكانها وفتحته أنهي باقي أذكاري
فيبدوا اليوم لا عمل كثير فيه , هذه ثالث وضيفة لي خلال العام
فعليا تغييرها دائما كي لا تلاحظ العجوز أو شقيقها تغيبي عن
المنزل ذات الأوقات , ولم أستلم وضيفة يومية أبدا بل أعمل ليوم
وأتوقف ليومين أو ثلاثة ولا أجد صعوبة كبيرة في العمل كبائعة
لأنه من نقص أفكار التّجار أنهم يولون لشكل البائعة كل الأهمية
لتجلب الزبون وكأنها هي السلعة وليس المبيعات فما أن أسأل
عن وضيفة في محل يقبلونني ولو صرفوا غيري وأكون دائما في
مشاكل مع بعض الصعاليك من الشبّان وعليا أن لا أتحدث لأن
هذا الصعلوك يكون المسمى بالزبون الدائم للمحل وأنا الطُعم طبعا
انفتح الباب ورنت الأجراس دليل دخول أحدهم ولم أرفع رأسي له
لأنه سيتوجه هناك أولا لكني فوجئت بظلة يقف عند طاولتي فرفعت
رأسي له لأرى من يكون وسبب وقوفه هنا ثم أعدته لكتابي في
صمت فوصلني صوته قائلا " صباح الخير آنسة دُرر"
قلت برسمية " صباح النور الطلبات من هناك "
قال بصوت مبتسم " أعلم فليست الزيارة الأولى لي هنا "
لم أتحدث أو أعلق بشيء فقال " حسنا فهمت أنك لا تريدين
التكلم معي في شيء وأنه عليا طلب يدك رسميا أو أبتعد عنك
وأنا موافق فقط أعطني الفرصة لأعلم منك مع من أتحدث "
أمسكت صندوق البطاقات وسحبت منه واحدة وأخذت القلم
وكتبت فيها عنوان المنزل ووضعتها له على الطاولة دون أن
أرفع نظري له فسمعت صوت ضحكته وأخذها وقال
" أكثر ما يعجبني فيك يا دُرر أنه كل شيء عندك
له حدود وخصوصا الرجال "
ثم غادر من فوره ونظري يتبعه حتى خرج وقالت انتصار ضاحكة
" يا رب أعطني مما تعطي عبادك ولو نصف هذا لا أريد مثله "
ضحكت وجدان وقالت " هذا حين تكونين بحسن دُرر "
قلت بهدوء ونظري على كتابي " بعض النعم تكون
نقمة فلا تتمني كل شيء "
أعلم أن تلك العجوز سترفضه ولكن قد يغريها ماله وكونه صاحب
محلات في هذا السوق وأخلاقه جيدة رغم أنها لا تولي لهذا اهتماما
أستغرب لما لا تريد أن تزوجنا ولا أن نعمل فلما تُدرسنا إذا وأعطتنا
اسم عائلتها لنحمله !! قالت أنها جلبتني من الميتم حين كنت في الخامسة
لكني لا أحمل ذكريات منه أبدا , صحيح أن ذكرياتي مشوشة كثيرا لصغر
سني حينها لكني لا أذكر أطفالا كثر كنت معهم كل ما أذكره منزل فيه
حديقة واسعة ومرجيحة وأحد يدفع بي لأطير كثيرا وأنا أضحك والشيء
الآخر هوا الحلم المرتبط بواقع أنا أكيدة منه وهوا الفتى المربوط لجدار
يداه تنزفان من الحبل المشدود عليهما ويئن بوجع وأحدهم يضربه
لا أعلم ما يربطني به ومن يكون وما يكون ذاك المكان من ماضيا
لكن ما أنا متأكدة منه أنها ليست دار أيتام أبدا
*~~***~~*
ركبنا سيارة الأجرة وانطلقنا مسرعا بنا بأوامر من ترجمان
طبعا فقلت وأنا أنظر خلفنا " ولما تسرقيها إن كنتِ
سترمينها في الشارع "
قالت وهي تعدل شعرها على مرآة أخرجتها من حقيبتها
" لكي ألقنه درسا في التواضع ويعلم أنه حشرة يمكن لفتاة
الضحك عليه "
ثم دست المرآة وقالت بسخرية " لا وأسمه في البطاقة إياس
ألم أخبرك أنه فتاة "
نظرت للأمام وقلت " غبية ولا ذوق لديك كل تلك الشخصية
والجسد والوسامة وتقولين عنه فتاة !! ويعجبك الذي كان يقف
بجانبه وهوا لا يختلف عنه في شيء سوا سمرته الخفيفة "
فتحت النافذة ليتطاير شعرها مع الهواء وقالت
" يختلف عنه أنه ليس مغرورا مثله "
قلت بهدوء " قد تتسببين لنفسك بمشكلة معه خصوصا أنه
رآك ترمين نقوده ومحفظته ولا تنسي أنه ضابط في
الشرطة وحقد عليك الآن بالتأكيد "
رفعت غرتها للأعلى ممررة أصابعها فيها لترتفع عن وجهها
وقالت ببرود " ليفعل ما يحلوا له هل سيسجنني بلا تهمة ولا دليل "
ثم أغلقت النافذة ونظرت لساعتها وقالت " دُرر في عملها
الآن بالتأكيد , كنت أريدها في أمر مهم "
نظرت للنافذة وقلت " ترجمان ظلم أن تعمل هي
لتعطيك المال , لما لا تعملي مثلها "
قالت بلامبالاة " هي من طلب هذا وأراده ثم أنا لا آخذ منها
هي من تعطيني ما تريد أن تعطيه لي ولم أطلب منها أبدا "
نظرت جهتها وقلت بحماس " ستفرج قريبا ولن نحتاج
لشيء من أحد "
ضربت كتفي وقالت " نعم فذاك العجوز كنز وسقط
علينا من السماء "
وصلنا المنزل حينها ونزلنا أمامه وقالت " لدي فكرة
وسنطبقها لكني لن أخبرك بها الآن اتفقنا "
هززت رأسي بحسنا وقلت " وأنا من يدك اليمنى لليسرى
وما تريديه سأفعله "
فتحت الباب ودخلنا لتستقبلنا العجوز ويدها وسط جسدها قائلة
" أهلا أين جميعكن ولا أجد واحدة تساعد الخادمة , تعلمن أني
أحتاجها كثيرا ولا تستطيع القيام بكل شيء وحدها "
توجهت ترجمان نحوها وفعلت لها حركتها المعتادة وأمسكت
لها خديها وحركتهما لها قائلة " حاضرين لك ولخادمتك
فقط لا تغضبي يا ألماسة "
ضحكت من فورها فترجمان وحدها من تستطيع تغيير مزاجها
في لحظة من الغضب والضيق للضحك ومن الابتهاج للغضب
فهي تعشق أن تقلب لها مزاجها كيفما كان ولا تفكر في النتائج
غادرت ترجمان ضاحكة وعكاز العجوز يتبعها ثم نظرت لي
وقالت " وأنتي حبيبة خالتك نظفي دورات المياه بسرعة "
أمسكت ظهري وقلت بتألم " ألم نخبرك أين كنا "
رفعت عكازها وقالت " لا وأعلم أين عند طبيب العظام وقال
لا تتحركي لأسبوعين , بسرعة أو ضربتك عليه حتى يشفى "
صرخت وركضت هاربة منها ودخلت الغرفة ووجدت
ترجمان تفتش بين مذكراتها فوضعت يدي وسط جسدي
وقلت " أين سيدة ترجمان وتتركين الأعمال لي وحدي "
قالت وهي منشغلة بهم " محاضرتي ستبدأ بعد أقل
من ساعة وعليا أن أدركها "
قلت بضيق " مخادعة ولم تخبريني عن هذه الخطة لكنت
رسبت مثلك وحملت المواد في كل فصل ولم أنهي دراستي
قبلك وأنتي تكبرينني بعام "
أخذت حقيبتها ووضعتها على كتفها وقالت " من يسمعك
يصدق أنك كنتِ تنجحين دائما وبتفوق , لا تكوني
دُرر ولا أحد يعلم "
ثم نظرت لنفسها في المرآة وقالت وهي تضع مرطب الشفاه
" لا تنسي أنه اليوم التحدي بين سدين وتلك القبيحة ولن
أفوّته لذلك عليا أن أذهب باكرا "
توجهت للخزانة وفتحتها وقلت برود وأنا أخرج بيجامة المنزل
منها " مجنونة ووجدتِ واحدة مثلك فصادقي من هم من
طبقتك وتخصصك ودعي عنك السدين تلك فستخرج هي
من المشاكل بسهولة وتبقي أنتي فيها "
فتحت باب الغرفة وقالت " وما بها هي أفضل من صادقت
أفكارنا متشابهة في كل شيء وأعشق شجاعتها التي
يفتقدها الجميع "
ثم خرجت وسمعت صوت العجوز تناديها وهي قالت مبتعدة
" سراب أقسمت عليا أن تقوم هي بكل شيء "
فهززت رأسي بقلة حيلة , لصة وكاذبة وجالبة للمشاكل ولا
شيء ينقصها سوا وشم على ذراعها لتكون مجرمة
*~~***~~*
ما أن دخلت سور المنزل حتى وجدت سيارة أعرف جيدا من
يكون صاحبها وهو والدي بالتأكيد , هذا من أخبره أني عدت
ليأتي من ثاني يوم بعد وصولي ؟ مؤكد عمتي فعلتها ولا أحد
غيرها ولم تقتنع بعد كل هذه السنوات وما حدث منه أنه لا يصلح
لأن يكون والدا لي ولا شقيقا لها , دخلت للمجلس أولا وببذلة
الشرطة ووجدته يجلس معها يشربان القهوة ووقف ما أن دخلت
وصافحني مبتسما وهذه أول العلامات , صافحته قائلا بجفاف
" مرحبا أبي كيف حالك "
جلس وقال " بخير وما أخبارك أنت "
رميت القبعة على الأريكة وجلست وقلت " بخير "
قال حينها ومن فوره واختصر عليا وعلى نفسه الطريق
ككل مرة " أخويك موقوفان من شهر هل لديك علم بذلك "
نظرت لعمتي لتعلم فقط أنه معي حق ثم نظرت له وقلت
" وصلني خبرهما اليوم "
قال " ظننتك ستخرجهما ما أن تعرف "
اتكأت على ظهر الأريكة ومددت ذراعي عليها ووضعت ساق
على الأخرى وقلت ببرود " للأسف هما يستحقان السجن لكنت
أخرجتهما كي لا نتشرف بهذه الزيارة "
قالت عمتي بضيق " أواس احترم والدك "
قال ببرود " دعيه فقد اعتدت على هذا منه , فقط ليفكر
بأخويه فهما مظلومان "
نظرت للأعلى حيث الثريا الدائرية الكبيرة وقلت وأنا أنظر
لها " سرقة واعتداء على الحارس وحادث في طريق عمومي
راح ضحيته رجل بريء وبسيارة مسروقة أيضا فمن أي
هذه الجرائم بريئان "
تنهد وقال " لفق الأمر بمعرفتك فلن يصعب عليك "
نظرت له وقلت " هذه المرة آسف كي لا يعيداها وهما
مطمئنان أنه هناك من سيخرجهما "
وقف وقال بضيق " أنا وتكرهني منذ صغرك فهمناها
هما ما دخلهما "
وقفت وأخذت قبعتي وقلت " تربية خاطئة فادفع ثمنها "
قبض يده وقال بغضب " أواس لا تنسى أني والدك مثلهم "
قلت بسخرية " لكنك لم تربيني تركتني لذاك الوحش أكل لحمي
لكنتُ خرجت مجرما مثلهما فلا حق لك علي سوا أسم ليثك رميته
معي أيضا , وسأنقل لك ابنيك عندك هناك يكفيني فضائح بسبب
اسمك ولقبك اللذان يجمعاننا "
ثم تركتهما ودخلت المنزل
*~~***~~*
دخل أواس وترك والده لي يشتعل غضبا ليفرغه بي ككل مرة
وقال بحدة " هذا من تقولي أني أظلمه وأنه عانى منا جميعا
هل يعجبك طريقة كلامه وتصرفاته معي "
قلت بهدوء " كم مرة أخرجهما لك أو ساعد في ذلك وأرى
أواس معه حق فيبدوا أنهما اعتمدا عليه ولم يعد
السجن يخيفهما "
قال بضيق " وإن يكن , هذان أخويه وما يزالان مراهقان
وسيعقلان , هل سيضع عقله من عقليهما "
هززت رأسي بقلة حيلة وقلت " مراهقان وهما
تخطيا العشرين "
قال بسخرية " أراك بث تقفين في صفه وتدافعين
عنه كثيرا يا خديجة "
قلت ببرود " تعرف جيدا معزة أواس عندي ومع ذلك
أقف في صفك أمامه دائما لكنك أعلم الناس بما في
نفس أواس ناحيتك "
رمى يده في الهواء وقال بغضب " وما الذي فعلته له يحاسبني
عليه كل هذه السنوات ويحقد علي هكذا , هوا ووالدته من
اختارا أن يذهب معها لمنزل زوجها ثم يشتكي منه "
قلت بضيق " وأنت خير العارفين يا سالم أن زوجها كان
يقسوا عليه بل ويضربه بعد مرضها وهوا اتصل بي بالخفية
مرمرا وكان يبكي بكاء يكسر الحجر ويترجاني لأخبرك
تخرجه من هناك ولم تكترث له , كيف تريد منه مسامحتك
الآن وقت تحتاجه وهوا وقت احتاجك لم يجدك "
قال مغادرا وبغضب " إن لم يخرجهما لا هوا ابني ولا
أعرفه ليوم القيامة وبريء منه فلا يأتي يريدني كحين
ذهب ليخطب زوجته "
ثم خرج ولازال يبلبل بكلام لا أفهمه حتى ركب سيارته وغادر
لا أعلم كيف يريد منه أخراجهما وهما فعلا كل ذلك !! آخ متى
سترتاح في حياتك يا أواس لا طفولة عشتها كغيرك ولا شباب
وحتى المرأة التي ألححت عليه ليتزوجها ويغير من حياته ووحدته
ها هوا حاله معها من رديء لأردأ ولا أعلم السبب الذي يجعله
يضربها هكذا ويسجنها في المنزل فلا هوا طلقها ولا عاش معها في
سلام , دخلت المنزل وأنا أتذكر كيف جلبني له بعدما اشتراه , أواس
الفتى الذي لقي كل ألوان العذاب من زوج والدته وبعد موتها طرده
للشارع ليصبح بلا مأوى , أذكر حين كان يأتيني لمنزلي مرة كل أسبوع
ولا يطلب مني شيئا سوا أن يأكل ورفض حتى أن يبقى معي وكان يقول
( يكفي ضرب زوجك لك لآتي ويضربنا معا ) ولم أكن أعلم أين يقضي
باقي الأسبوع ولا ماذا يأكل أو أنه لا يأكل غير تلك الوجبة , وتوجه
للشرطة ما أن بلغ الثامنة عشرة ووفر ماله الذي ورثه من والدته وعمل
وهوا يدرس في الكلية في فترات الإجازة واشترى منزلا وحسّن من
وضعه المعيشي وأول ما فعله أن جلبني هنا بعدما طلقني زوجي
وذهبت للعيش وابنتي مع شقيقي سالم وزوجته التي لم تطقني لا في
أرض ولا سماء ولم أرتح إلا حين جئت معه هنا , ظننت أنه أصبح
ضابطا ولديه المال وتزوج واستقر وسيكون له أبناء ويسعد في حياته
لكن التعيس يبقى تعيسا على ما يبدوا , تنهدت واستغفرت الله ودخلت
المنزل لأسمع صوت صراخه الغاضب في الأعلى وبكاء زوجته
التي على ما يبدوا عاد لضربها مجددا ثم نزل السلالم وجهه مكفهر
من الغضب وسترته أزرارها مفتوحة جميعها ووصل عندي
وقال بحدة " عمتي كم مرة قلت لا تطلب منك شيئا وتحضريه "
قلت من فوري " كانت تتألم وطلبت مني حبوب رأس وكتبتهم لي
وجلبتهم لها دون أن تخرج , لقد أشفقت على حالها وهي تتألم "
رمى شريط الحبوب وقال بغضب " وطلبت منك جلبه من صيدلية
معينة ألم تفكري لما لم تتركك تحضريه من الصيدلية المجاورة "
هززت رأسي بلا وقلت بريبة " لم أفكر في هذا "
تنفس بقوة محاولا تهدئة نفسه وقال " عمتي لا أريد أن أصرخ
بك ولا يرتفع صوتي عليك فرجاءا لا تحضري لها شيئا ولو
كانت على شفير الموت أرجوك "
أمسكتُ يده وسحبته معي وقلبي يشفق عليه أكثر من كوني غاضبة
منه وأعلم من وجهه أنه وصل لأقصى درجاته وقد يضر نفسه قبل
غيره ولا أريد أن يدخل تلك الغرفة المشئومة التي يذهب لها عندما
يكون بهذه الحالة , توجهت به لغرفتي ولو مُكرها وأدخلته وأغلقت
الباب وسحبته حتى السرير وجلست وأجلسته بجانبي وربتتُ له بيدي
على فخذي لينام عليها فأشاح بوجهه جانبا وقال بضيق
" لم أعد صغيرا يا عمتي متى ستقتنعين بهذا "
أمسكت ذراعه وجعلته يتكأ عليها رغما عنه فأنا أعرف أنه لا
سلاح غير هذا سيهدئه , بدأت بالمسح بيدي على شعره وتمرير
أصابعي فيه وقلت بهدوء " أواس ارحم نفسك بني ليس كل شيء
في حياتنا يجب أن يكون سليما وأنت رجل أعرفك أقوى من هذا "
نام على ظهره ورأسه لازال في حجري وأغمض عينيه
وقال بهمس " لا تتحدث عمتي أرجوك "
فلذت بالصمت وأنا أمسح شعره بحنان وأراقب ملامحه التي بدأت
تلين شيئا فشيئا فهذا ما نقص أواس في حياته ويحتاجه ( الحنان )
ليذيب جليد قلبه , ليثه كان بإمكاني فعل شيء يجعلك ترتاح يا حبيب
عمتك لكن لا الماضي يمكن تغييره ولا الحاضر نستطيع التحكم به
والأمل يبقى في المستقبل , بعد وقت قال بهدوء وعيناه مغمضتان
" سامحيني يا عمتي "
مسحت على شعره وخده ولحيته الخفيفة وقلت " لم أغضب منك
بني لأسامحك فسامح أنت نفسك وماضيك والناس من حولك "
قبض حاجبيه بضيق وفتح عينيه السوداء الواسعة ونظره
للسقف وقال بجمود " أسامح !! أسامح من ومن يا عمتي "
قلت بهدوء وأصابعي لازالت تتخلل شعره " سامح زوج والدتك
فهوا لقي ما يستحق واختُطِفت حفيدته المحببة والوحيدة وترك
القضاء بسبب ذلك وهاجر أيضا , وسامح والدك فقد عاقبه الله
بأبناء عاقين فاشلين , وسامح زوجتك فلا أحد منا لا يخطئ "
جلس حينها وقابلني وقال بحقد " لا لن أسامح منهم أحدا حتى
يذوقوا ما أذاقوني ومني أنا تحديدا ولن أرتاح قبل أن أفعلها "
قلت بصدمة " أواس هل تريد أذية والدك !! حتى الله لا
يرضاها بني وأنت رجل مسلم مصلي والمسجد يشهد لك "
هز رأسه بلا بقوة رافضا لكل كلامي ثم وقف وبدأ يغلق أزار
سترته فقلت ناظرة له للأعلى " ارتح بني نام وارتاح وسأجهز
لك الطعام الذي تحبه لتتناوله على الغداء "
قال وهوا يغلق آخر زر فيهم " هل غادر والدي "
قلت " نعم "
ثم غادر جهة الباب فقلت " أواس "
التفت لي فقلت بهدوء " هل ستخرجهما "
فتح الباب وقال مغادرا " أقسم أنها آخر مرة يا أمي أقسم "
ثم غادر وأدمعت عيناي على كلمة أمي التي تخرج منه لا إراديا
كلما نام في حجري هكذا فيبدوا أن هذه الحركة تعيد له ذكريات
قديمة مع والدته وتُخرج أواس طفل الماضي الذي كان يعيش
سعيدا مع والدته , حتى أنه قرر أخراجهما من السجن والأهم
لن يزور الملحق وغرفة الدماء تلك
*~~***~~*
وصلت باب المنزل ورميت العلبة الحديدية الموجودة أمامه
بقدمي وفتحت الباب ودخلت وقلت وأنا أغلقه " كم مرة
قلت لك لا تقفز من الباب حين لا أكون في المنزل "
رمى علبة العصير من يده في السلة وقال
" وهل أقف انتظرك في الشارع مثلا "
وقفت فوقه واضعا يداي وسط جسدي وقلت " أمين زياراتك
كثرت ولم تعد تعجبني فلما تترك منزلك الفخم
وتأتي لمنزلي المتآكل "
لوح لي بيده ونظره على التلفاز وقال " اذهب غير ملابس
الشرطة وتعال أريدك في أمر مهم "
هززت رأسي بقلة حيلة ودخلت الغرفة بالباب الحديدي , حياة
لا أعرف متى ستتغير وأنا من يفترض أن لا أعيش هنا وهكذا
استحممت وغيرت ملابسي وخرجت وجلست معه وقلت
" لن أحضر لك لا شاي ولا طعام قل ما لديك ورافقتك السلامة "
ضحك وعدل جلسته مقابلا لي وقال " مهلك علينا حضرة الضابط
آسر , الضابط الذي يعيش في حي فقير أمران لا ينسجمان "
قلت ببرود " وهل تريد أن أسرق مثلك "
قال بصدمة " أنا أسرق !! "
قلت بذات برودي " نعم فمن أين لك كل ذلك "
قال بضيق " من والدي وتجارته التي استلمتها بعده بالتأكيد
بقي أن تحقق معي وتسجنني "
تجاهلته ونظرت جهة التلفاز فقال " أعلم أنها مزحة
ثقيلة منك , لدي أخبار ستعجبك "
أشرت برأسي وقلت " شبعنا من هذه الأخبار"
غمز بعينه وقال " هذه المرة مختلفة "
ثم نظر حوله وقال " وما بك لم تتقدم ولا خطوة للأمام
عليك أن توفر راتبك فهوا فوق الممتاز الآن "
اتكأت على الأريكة وقلت " لن أدّخر منه شيئا وأتركهم
هل تراني جننت "
قال بهدوء " آسر أعلم أنك تحمل لهم جميل تربيتهم لك منذ
كنت صغيرا لكن عليك أن تفكر في مستقبلك أيضا "
قلت ببرود " مستقبلي عند الرجل الذي سرق أموال والدتي من
سنين وسأرجعهم وأخرجهم من بين أسنانه , والعائلة التي ربتني
لن أبخل عليها بشيء وأنا حي ارزق ولولا أن لديهم فتيات
كبرن ومنزلهم ضيّق لما خرجت من عندهم "
تنهد وقال " عشرة أبناء كلهم إناث وأنت من تصرف عليهم
والأب طريح الفراش بعد حادث في عمله هذه مأساة ولن
يتركوا عليك قرشا والكارثة أن جميعهن لم يكملن
دراستهن حتى الآن "
قلت ببرود " لا يهم آكل أنا وهم أو نموت جوعا معا "
هز رأسه وقال " وجدت لك محاميا سيستلم القضية هذه المرة "
قلت بصدمة " حقا وجدته "
قلت " نعم ويبدوا لي لا يلعب بنا كالسابقين "
قلت بريبة " وكيف علمت "
قال " من الأوراق التي قدمتها له ووجد فيها ثغرة قانونية
استخرجها بعبقرية وستكون القضية لصالحك "
قلت بحماس " رائع وأخيرا "
قال بهدوء " لكنه نصحني أن لا نشهرها حتى يموت بما أنه
لا وريث له وحالته الصحية في منحدر خطر فالقضية حينها لن
يقف أحد في وجهها كما سيفعل الآن ويوكل محامين ليكسبها "
قلت بريبة " هل ترى ذلك أفضل "
قال بجدية " نعم أنا مقتنع بكلامه فهوا عين الصواب وقال
بأن الدليل أن مصدر الأموال لوالدتك واضح جدا ويستطيع
تأكيده للمحكمة وستكسب القضية بسهولة أكبر بعد موته "
ضربت كف يدي بقبضة يدي الأخرى وقلت مبتسما
" وأخيرا سيرجع المال لأصحابه "
قال " لكن ماذا إن لم يمت سريعا "
اتكأت بظهري على ظهر الأريكة وقلت " بل لن يعيش
أكثر من شهرين أو ثلاثة وبتقارير من أطبائه وهوا
على علم بذلك "
قال بريبة " ألم يفكر في أمواله بعده قد يحرقها حتى الحرق "
قلت بجدية " مستحيل الشركة المصنع والمزارع كلها ما تزال
ملكه ولم يبعها رغم علمه بطبيعة مرضه فلو فكر كما تقول
لباعهم وأخذ ثمنهم أموالا وخبئها ولو تحت التراب "
قال مبتسما " قد يكون يضن أنه سيعيش وأنهم يكذبون "
قلت بابتسامة جانبية " لا يهم فيما يفكر المهم أن يرجع
مالي من ذاك اللص وأنا أتابع أملاكه منذ وقت ولم
يتغير فيها شيئا "
ثم نظرت للأعلى وقلت " أكثر من عشرون عاما من الفقر
وهوا يتمتع بأموالي التي من حقي تركتها والدتي في عهدته
بطيبتها دون أي ضمانات ولا توكيل ولم تتخيل أنه ذئب
في جلد حمل "
*~~***~~*
دخلت المنزل سأشتعل من الغضب بسبب تلك الحشرة التي
سخرت مني أمام الجميع ودون سبب , توجهت حيث الصالون
العائلي وكانت والدتي تجلس هناك ومقابلة لها رغد تعطيني ظهرها
وابنتها تلعب بعيدا فركضت نحوي ما أن رأتني فحلتها وقبلت خدها
وقلت " كيف هي الأميرة الصغيرة "
قالت مبتسمة " بخيل ( بخير ) "
ضحكت رغم عبوسي وقبّلت خدها مجددا وقلت
" حتى متى ستسرقين الحروف وتغيرينها "
وقفت حينها رغد وتوجهت نحوي وسلمت علي تحاول أن
تخفي جانب وجهها عني وقالت " حمدا لله على سلامتك يا إياس "
أنزلت ابنتها وأمسكت ذقنها ورفعت وجهها لي وأدرته جانبا لتظهر
الكدمة الخضراء التي تحاول إخفاءها بشعرها ومساحيق التجميل ثم
نظرت لعينيها فأنزلت نظرها للأسفل لتغلبها الدمعة التي سالت على
خدها فشددتها لحضني بقوة وأشعر أن غضبي ذاك لم يكن غضبا قط
أمام هذا , يضربك يا رغد يضربك يا قطعة من إياس وأنا حي أتنفس
يسخر مني لهذا الحد , انطلقت دموعها وعباراتها التي بدأت بسكبها
على صدري ولم تزدني سوا ألما على ألمي , ضممتها بكلتا ذراعاي
وقلت بهمس " ما عاش من يبكيك يا شقيقتي وأنا موجود "
قالت بعبرة " أنا المخطئة يا إياس فلم أسمع نصحك لي "
ضممتها أكثر وقبلت رأسها وقلت " هذا الكلام لا يجدي في شيء
الآن ولن تخرجي من هنا ولن ترجعي له إلا على جثماني "
ابتعدت عن حضني ومسحت دموعها وقالت
" لا يا إياس أرجوك "
قلت بضيق " كل هذا ولازلت تريدين البقاء معه "
قالت وقد عادت للبكاء مجددا " لا أريده وعفته وعفت
الحياة معه , لكن ابنتي سيأخذها مني أقسم أن أجن إن أخذها "
ضممتها لصدري مجددا وقلت " لن يأخذها توقفي عن البكاء
أعرف كيف أتصرف في الأمر وخروج من هنا لن تخرجي
له وأنا حي مادمتِ لم تعودي تريدينه "
قالت ببكاء " لم أعد أريد رؤيته ولا سماع صوته كرهته
وأكرهني في الحياة "
قلت بضيق " ما كان عليك السكوت عنه كل هذه السنوات
فثلاث سنوات ليست بقليل , لما تركته يهينك ويمد يده عليك "
أبعدتها والدتي وقالت " لا نفع من هذا الآن المهم أن
تتخلص منه نهائيا وتأخذ ابنتها "
هززت رأسي وقلت بشرود " أتركوه لي ذاك الصعلوك
سيرى حسابه مني "
ثم أخذتها للأريكة وجلست وهي بجانبي وقلت " حتى الثياب
وأغراضكم لا نريدها ليشبع بها وسأشتري لكما كل ما تحتاجانه
ندى ابنتي كما هي ابنتك ولن تُهاني مجددا يا رغد وأنا أتنفس "
اتكأت على كتفي تشهق بين الفينة والأخرى بسبب بكائها , سحقا
لك يا مصطفي لا تستحق الاسم الذي تحمله يا حثالة , تضربها !
وصلت لأن تمد يدك عليها , إن لم أجرجرك في المحاكم وأقسام
الشرطة لن أكون إياس ولتعرف من وراء رغد وقد سخرت منه
دخلت حينها سدين عائدة من جامعتها تتحدث في هاتفها وتضحك
قائلة " أخبرتك أني سأعجبك يا ترجمان وبقي دورك "
ضحكت بعدها ورمت مذكراتها على الطاولة أمامنا وجلست
قائلة بحماس " نعم لن يفوتني ذلك بااااي "
ثم أبعدت الهاتف عن أذنها ورمت حجابها لينفك شعرها الأسود
المدرج بالخصلة الخضراء الغريبة التي لم تغير طبعها في تغيير
لونها كإشارة المرور مهما حاولنا ومدت ذراعاها وقالت
" ندووو حبيبة خالتي تعالي "
ركضت ندى نحوها واحتضنتها قائلة " دييييييييمو "
ضحكت سدين وحملتها لتجلس على فخذيها وقالت وهي
تقرص لها خدها " أنتي أروع من يناديني باسمي "
ثم نظرت لنا وقالت " oh sorry , ما جلسة الدموع هذه "
قالت والدتي بضيق " وما الدخول الهمجي الذي دخلته علينا
كم مرة قلت تكلمي كالعرب واتركي عنك هذه العبارات وغيّري
هذه الخصلة كباقي شعرك أو قصصتها لك من منابتها , ثيابك
كـ.... "
قاطعتها بضيق وتذمر " أمي أتركوني أفعل ما أريد , كل شيء
أطاوعكم فيه , مظهري وكلامي لي وحدي أرجوكم "
هزت أمي رأسها بقلة حيلة ووقفت هي حاملة ندى التي تمسك
خصلتها الغريبة تلك وقالت وهي تسير بها " تعالي معي
سأصنع لك واحدة مثلها في شعرك "
قالت ندى مبتعدتان " ااااااااايه أليد أليد ( أريد أريد ) "
نظرت لي أمي حينها وقالت " إياس عليك أن تشدد عليها في
هذه الأمور لاحظ أنك متساهل في هذا الأمر بني "
قلت وأنا أمسح على شعر رغد المتكئة على كتفي
" سدين بالذات لا أستطيع "
قالت بضيق " ولما ؟؟ هل يعجبك مظهرها هكذا "
أخرجت هاتفي وقلت " يعجبني جميع تصرفاتها وأفكارها وقراراتها
وكلمتي التي على رقبتها كالسيف , مظهرها هي أحبته فلا دخل
لأحد به , أعلم كل شيء عنها في جامعتها منذ دخلتها وجميع
الأمور المحظورة لا تفعلها فلا يناقشني أحد في أمرها رجاءا
واتركوها تلون شعرها وثيابها كما تريد "
قالت بضيق " وعلى ما يبدوا لم ترى الفص الذي
وضعته حديثا في أسنانها "
قلت وأنا أضع الهاتف على أذني " بلى رأيته "
ثم أجبت على هاتفي قائلا " مرحبا أمين أعذرني كنت في
عملي ولم أستطع الرد عليك "
*~~***~~*
أنهيت عملي على الساعة الثانية ظهرا , غيرت ثيابي وخرجت برفقة
انتصار وما أن خطونا خارج المحل حتى وجدت ذاك الشاب الذي زار
المحل مرة واحدة فقط , يقف في نهاية الممر يده في جيب بنطاله وينظر
لي تلك النظرة التي ترجف جسدي بأكمله ولا أعلم لما , شعرت بها من
أول مرة رأيته فيها ودخل ولم يأخذ شيئا عندما رآني وركز نظره على
عيناي وكأنه يعرفني أو تعرّف علي والآن يقف هناك ينظر لي من بين
جميع الناس التي تتحرك هنا , أنزلت رأسي وتابعنا سيرنا حتى اجتزناه
وتنفست بعدها الصعداء وقلت بصوت منخفض " انتصار هل رأيت
ذاك الشاب الواقف الذي اجتزناه الآن "
كانت ستلتفت لكني شددت لها كمها وقلت
" لا تنظري للخلف "
قالت بهمس " قادم خلفنا يا دُرر "
شعرت بقلبي سيتوقف وازدادت نبضاته المجنونة وهوا يمر من
جانبي لتزيدني رائحة عطره اضطرابا وخوفا حتى ابتعد عنا ولم
يقل شيئا سوا إخراجه لمفاتيح من جيبه وقبض عليها بيده بقوة
فوقفت حينها أتنفس بصعوبة وكأنه كابوس جثم على صدري
ووقفت انتصار وقالت وهي تنظر حيث اختفى
" هل تعرفيه يا دُرر "
هززت رأسي بلا وقلت " لم أره سوا وردية عملي السابقة
دخل وحين وجدني لم يأخذ شيئا "
قالت بتفكير " بعدك جاء في اليومين اللذان لم تداومي فيهما
ولم يأخذ شيء أيضا , يدخل ثم ينظر جهة طاولتك ثم يخرج وفي
صمت , شخصيته قوية وملامحه حادة رغم وسامته , يبدوا لي
وكأنه رجل جيش "
سحبتها معي قائلة " لا تخيفيني منه فوق خوفي وتحركي
بسرعة فقد يعود "
ضحكت وقالت وهي تجاري خطواتي " وما المخيف فيه هكذا ؟
أراه يناسبك أكثر من ذاك التاجر "
خرجنا حينها من مجمع التسوق وشهقت بصمت حين رأيته يقف
بعيدا متكئ على سيارة وينظر لنا ثم فتح الباب وركب وغادر
فقلت بخوف " انتصار ما به معي , هذا الشاب يخيفني "
ضحكت وقالت وهي تؤشر لسيارة الأجرة " معجب بك بالتأكيد
فوافقي عليه هوا أروع من ذاك الذي خطبك رغم أن ذاك
فرصة لا تعوض لكني أحببت هذا "
ركبت السيارة وقلت بتذمر " يا لا سخافتك يا انتصار ما
معجب ومعجب "
خرجنا بالسيارة ونظري للخلف أرى إن كان يلحقنا لكني لم أرى
سيارته لأنها مميزة بلونها وشكلها وكنت سأعرفها سريعا , ثم
جلست للأمام ووضعت يدي على قلبي الذي لازال ينبض بقوة
وبدأت أقرأ آخر حزب حفظته من المصحف لأهدئ نفسي ولأشغلها
بشيء آخر , إن جاء ورديتي القادمة فسأترك العمل هنا ولن أدخل
هذا المجمع ما حييت فنظرته لم تكن نظرة إعجاب أبدا بل
نظرة غامضة وقوية وغريبة
نهاية الفصل الثاني وأتمنى يكون عند حسن ظنكم
بالنسبة للمفاجئة الأولى فتغيير نظام تنزيل الأجزاء من فصل في
الأسبوع لوقت انتهائي من كتابة الرواية لفصلين حتى نصل لما
انتهيت عنده ثم يتغير لفصل أسبوعيا وآملة أن أنهيها قبل أن
يدركني تنزيل الفصول
أما المفاجئة الثانية فهي
عندما يجتمع الحرب والحب والكبرياء على قلب الرجحل فأيهما
سينتصر على الآخر في قلبه
وعندما تجتمع العاطفة والإنتماء وحب الوطن على قلب امرأة
فأيهما ستختار وبمن ستضحي
~~ ( جنون المطر ) ~~
رواية تجسد الحب في الحرب والحرب في الحب وتفرق الأوطان في
الأرض الواحدة ~ جنون المطر ~ هي بطاقتي القادمة إلى قلوبكم
عبر هذا المنتدى وسترون فيها برد المشاعر بحلة جديدة وتجربة
مختلفة عن سابقاتها كل الاختلاف
~~~ رواية جنون المطر ~~~
" لن أضيع الوقت في تلك الترهات ورجالي في خط
المواجهة ومِن أجل ماذا ؟ مؤتمر سخيف لن نخرج منه بشيء "
" لا تقولي هذه البلاد منذ متى كنا بلادا لوحدنا ؟
لما تريدون تقسيم الدولة وهي لم تقسم بأي حدود دولية "
" لن يفعلها أبدا إلا إن جُن مطر حقا وضرب جميع
المساعي الدولية عرض الحائط وهم يسعون لتهدئة ولو جزئية "
" والآن عليكِ محو فكرة الذهاب إلى هناك من رأسك
لأن الأرض أرضه وإن أمسكك رجاله سيسوقونك له "
" تحولوا لوضع الدفاع , نجحنا يا رجال وهذه أصبحت حدودنا الجديدة "
(( ومن يوقف شلال الدم حين يبدأ بالجريان ؟ حين يرى الشقيق شقيقه
عدوا له وكل واحد له الحق في الدفاع عن نفسه وأرواح قبيلته ويصبح
لا صوت أعلى من صوت الحرب ولا طريق للحياة إلا من خلال الموت ))