لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسعد الله صباحكم وكل أوقاتكم بكل حب وها قد عدت لكم كما وعدت وأتمنى أن أكون عند ظني

موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-11-15, 02:58 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر

 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




أسعد الله صباحكم وكل أوقاتكم بكل حب وها قد عدت لكم

كما وعدت وأتمنى أن أكون عند ظني بكم


بداية أحب أشكر كل من قدم لي يد العون فيها , أختي الغالية

طعون ودفعها التشجيعي لي لأني كدت أوقفها والعزيزة على

قلبي الأخت فيتامين سي لما قدمته من الكثير والكثير لي الآن

وسابقا وجميع من انتظروا الرواية وشجعوني على المضي فيها


الرواية لم تكتمل عندي بعد ومن أجلكم قدمت وقت تنزيلها وآمل

أن تنال استحسانكم وأن نقضي معها وقتا كأوقاتنا الجميلة السابقة



الغلاف هدية الأخت فيتامين سي جزاها الله كل خير هي وكل

من تعب عليه لكي تقدمه لي وكانت أروع هدية لي بعد قصيدتها

السابقة الرائعة عني وعن كتاباتي فلك جزيل الشكر والعرفان








ولنبدأ بعون الله الواحد الأحد




 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  

قديم 22-11-15, 03:15 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد

 





~ رواية حصون من جليد ~




المقدمة







غرفة ذات جدران قاتمة اللون رغم طلائها الفاتح ومكتبة برفوف

ضخمة خشبية مدعمة بالحديد كي لا تتآكل مع مرور الزمن ورجل يليق

بهذا المكان بمعطفه الخريفي الرمادي رغم أننا في فصل الصيف وطاولة

واحدة أمامها كرسيان فقط ليس لضيق المكان لكن لأنه لا يدخله أكثر من

شخصين, أخرج ذاك المجلد الكبير الذي أكله الغبار وإهمال ما فيه مع

مرور السنين ثم رماه على الطاولة ليصدر صوتا ثقيلا غليظا وكأنه

كيس رمل سقط عليها ثم نفخ جوانبه بشفتيه بقوة نثرت غباره عليهما

ليزيد سوء هذا المكان الكئيب الذي يسبب الاختناق بسبب الحرارة

وانعدام ضوء الشمس والهواء النقي فيه

فتحه وورق بضع أوراق حتى وصل للرقم المطلوب ( مجموع

القضايا المدونة والموثقة من القضية 1577 إلى القضية 1597)

تتبعها بإصبعه حتى وقف على الأرقام المطلوبة ثم أغلقه من جديد

وقلبه وفتحه من الجهة الأخرى وورقه حتى وصل لصفحاتهم ثلاث

قضايا متشابهة ومتتالية في نفس اليوم وبأوقات مختلفة وها هوا

يُفتح ملفها المنسي منذ عشرين عاما , نظر لهما ثم قال

" ها هوا المطلوب القضايا والمحاضر وأسماء الشهود

وكل ما يتعلق بها مدون ومثبت بالوقت والتاريخ "

ثم نظر للصفحة مجددا وتابع " 22/ 5 / 1990 الساعة السابعة

صباحا اختفاء الطفلة ( ترجمان أحمد صياد ) العمر 4 سنوات

الظروف غامضة والأسباب غامضة وبعد ثلاث أعوام أغلقت

القضية ودونت ضد مجهول

22 / 5 / 1990 الساعة الثالثة ظهرا اختفاء الطفلة

( سراب حلمي نصران ) العمر3 سنوات الظروف غامضة

والأسباب كذلك مجهولة , بعد عامين أغلقت القضية

ودونت ضد مجهول

22 / 5 / 1990 الساعة الثامنة مساءً الطفلة ( دُرر علي رضوان )

العمر 5 سنوات اختفت تحت ظروف غامضة أيضا لتُغلق القضية

بعد أربعة أعوام ودونت ضد مجهول كسابقتيها "

ثم رفع رأسه لهما وقال " أروني الإذن من المحكمة لفتح

ملف القضية مجددا لو سمحتما "









الفصل الأول







وضعت يدي على كتفه ونحن ننظر للثلاثة القادمين جهتنا ببذلتهم

العسكرية والنجوم التي تزين أكتافهم بأجساد بناها كثرة التدريب

الشاق لسنوات على الأرض وفي الجو وفي البحر في هذه البلاد

وخارجها لنصنع منهم ما نريد جيلا سيحمل رايتنا في المستقبل

فكل بطل عليه أن يورث البطولة لغيره كي لا يحدث شرخ لا

يمكن ترقيعه ويبقى التاريخ يحكي عن أمجاد القدامى ويتحسر

المستقبل عليهم

شددت على كتفه أكثر وقلت بفخر " ها هم عادوا كما نريدهم "

قال بابتسامة جانبية " لا أعلم لما أشعر أن الآمال التي تعلقها

على هؤلاء الضباط تحديدا وتجعلك تميزهم عن غيرهم هي

التي سترمي بك وبنا للهلاك "

ضحكت وقلت " سترى ما سيفعلون وكما تعرفني لا أثق بأحد عبثا "

وصلوا عندنا ليضربوا التحية بوقفتهم المستقيمة الصلبة ونظرتهم

الشامخة وابتسامة الفخر والانتصار على أنفسهم فبدأت بمصافحة

كل واحد فيهم بيد واليد الأخرى تقبض على الذراع الآخر بقوة وكأني

أقول لهم بها نعم هكذا أريدكم أجل أنتم من سيأخذ مكاننا في المستقبل

القريب جدا ومن سيسجل لكم التاريخ بطولات جديدة تضاف له

قلت بعدها بثبات " طبعا حفل التكريم سيكون غدا وأنتم على

رأس القائمة لكني فضلت استقبالكم هنا ما أن تنزل طائرتكم

العسكرية الخاصة لأنكم صنع يداي "

ازدادت ابتسامتهم التي أراها واحدة رغم اختلافها , ابتسامة القوة لدى

( آسر ) وابتسامة الثقة والاعتزاز بالنفس لدى ( إياس ) والابتسامة

الغامضة التي تُفَسر بملايين التفاسير فيها القوة والحدة والتحدي وحتى

الشراسة وهي لـ ( أواس ) فلطالما رأيت أن لكل واحد منهم من اسمه

نصيب , قال العقيد شاهين بجانبي " وطبعا العشاء على

شرف رئيسكم رفعت الليلة "

ضحكت وقلت " بالتأكيد فهناك مهمة مستعجلة في انتظار

فريق المهمات الصعبة فقد اشتاقت المداهمات لكم "

ثم نظرت لإياس وقلت " أما أنت فوالدتك لن ترحمني معك

إن لم تذهب لها أولا لتراك "

ثم نظرت للاثنين المتبقيان وقلت " ولنرى في ظروف البقية "

قال آسر مبتسما " أواس أيضا ستقول أنه متزوج وعمته مشتاقة

له يعني بقيت وحدي في مصيدتك "

ضحكت وقلت " بلى أنت ابني الذي لن تحده الظروف

عن المهمات الصعبة "

ليشع وجهه فخرا فآسر من فقد حنان الوالدين وعزوة الأهل

والأقارب ورغم ذلك لا تراه إلا شامخا عزيز نفس يكره حتى

كلمة يتيم وهوا من احتضنته الشرطة منذ كان ابن الخامسة عشرة

وتحمل ما عجز الرجال عن تحمله في تلك الكلية وفاجئ الجميع

ولا يقِل عن الاثنين الآخرين في شيء , إياس الشخصية الهادئة

لا يتحدث إلا للضرورة وبالمفيد فقط فيحكم عليه من يراه دون أن

يعرفه أنه مغرور , أواس الغامض صاحب ردود الأفعال الغير

متوقعة الشخصية الصلبة التي لا ترفض المهمات ولا تخاف .

نظرت لهم واحدا واحدا وقلت " دعوني أسجلها لثلاثتكم

غدا إذا وسأطلق سراحكم الليلة "

ليضربوا التحية دليل الانصياع للأوامر ومهما كانت الظروف

ثم أعطونا ظهورهم مغادرين وقال العقيد شاهين " أنت منحاز

وغشاش هل لاحظت ذلك "

ضحكت وقلت " أجل لاحظت لكني لم أقصد ما فهمت فأنا خفت

فقط من شقيقتي فهي تهددني إن حدث لابنها شيء بسببي قاطعتني

لآخر العمر واليوم تتوعدني لأتركه لها تراه ما أن يرجع وتنزل

طائرته , أما أن يكون بينهم فرق عندي فمستحيل "





*~~***~~*





فتحت الباب ودخلت المنزل كان الهدوء والسكون يعم المكان

غريب ألا يعلمون بوقت عودتي !!! كنت سأنادي عليهم لولا

أن أوقفتني اليدان التي احتضنت خصري وعرفت صاحبتها من

الخاتم الموجود في أول سبابتها فشددت يدها وسحبتها أمامي

قائلا " كم مرة قلت لا تلبسي الخاتم هنا كبنات الشوارع "

قفزت لحضني وتعلقت بعنقي قائلة " حمدا لله على سلامتك

اشتقت لك وأنت اشتقت فقط لتوبيخي ومراقبة تصرفاتي "

ضممتها برفق وقلت مبتسما " لأني أخشى أن أجدك المرة

القادمة تعلقين مشابه له في أنفك وحاجبك , أين تؤمك ووالدتك "

ابتعدت عني وقالت وهي تفرقع العلكة في فمها " سلسبيل في

غرفتها ووالدتي في المطبخ فلم تترك شيئا لم تعده لك اليوم "

ثم مدت يدها لي وقالت " الهدية "

ضربتها لها وقلت " هل تريني كنت مسافرا للتنزه أين

رغد أليست هنا "

هزت رأسها بلا لحظة قدوم والدتي نحوي تمسح يديها بمنشفة وعلى

وجهها تلك الابتسامة التي تعيد الحياة لهذه الروح المتعبة التي أنهكتها

المسئوليات الملقاة على عاتقها , وصلت عندي وقد غزت الدموع تلك

المقلتين التي لا تعرف غير الحنان والرقة فاحتضنتها وقبلت رأسها وقلت

" لما الدموع يا أمي , هذا وأنتي تريني أمامك بكامل صحتي وعافيتي "

ابتعدت عن حضني وقالت وهي تمسح دموعها " هوا الشوق لك

بني وقد أقسمت على خالك أنها آخر مرة يخرجك فيها دورة

تدريبية يكفي كل حين يرسلك لمكان جديد تغيب عني لأشهر "

أبعدت يدها عن خدها وقبلتها لها وقلت وأنا أمسح بقايا دموعها

من على خديها " لن أسافر مجددا اطمئني يا أمي "

ضمت يدي لصدرها وقالت " بلى مع عروسك وتُفرح قلبي "

ضحكت وقلت " وهل ستفكرين أن تحرميني من ذلك "

ثم نظرت حولي وقلت " سلسبيل أين ورغد لما لم تأتي "

قالت أمي للخادمة التي اقتربت منا " نادي سلسبيل من

غرفتها "

ثم نظرت جهتي وتابعت " كنا نظن أن طائرتك ستنزل بعد ساعتين "

قالت الخادمة " حاضر سيدتي وحمدا لله على السلامة سيد "

قلت " سلمك الله خذي حقيبتي لغرفتي وجهزي لي الحمام بسرعة "

غادرت من فورها وقلت مجددا " أين رغد أم ستأتي بعد ساعتين "

نظرتا لبعض ولاذتا بالصمت فقلت بريبة " ماذا هناك !! "

قالت أمي بتردد " هي .... أعني مشغولة اليوم ولديها ضيوف

وقالت ستأتي فيما بعد "

قلت بضيق " مشغولة أم أن زوجها يمنعها من المجيء "

قالت بسرعة " بل مشغولة كيف تبقى عنك فأنت تعلم كم تحبك "

قلت بجدية " لا أعلم حتى متى ستتسترون عنه أقسم إن اشتكت

لي فقط ولو بحرف واحد أن يرى حسابه مني "

قالت بخوف " إياس بني لا تجعل المشاكل تبدأ بينك وبين

نسيبنا , لا توجد حياة بين زوجين تخلوا من المشاكل البسيطة

وتدخُّل الأهل قد لا يزيدها إلا تعقيدا "

قلت بغضب " ونسكت له ويكبر رأسه أكثر , لي حديث آخر

معها ما أن تأتي وأقسم لولاها ما رضيت به وأنتي أكثر من يعلم

بذلك يا أمي وكان أكبر خطأ ارتكبته في حياتي ولن يتكرر ثانيتا "

اقتربت حينها سلسبيل منا قائلة " ما أكثر صحتك يا أخي

تصرخ وأنت منهك وقد عدت من السفر للتو "

ثم احتضنتني قائلة " حمدا لله على سلامتك حضرة الضابط إياس "

مسحت على ظهرها وقلت بهدوء ممزوج بالضيق

" سلمك الله , نزعت شقيقتك وزوجها راحتي ومزاجي "

ثم غادرتُ من عندهم وللسلالم فورا قاصدا غرفتي





*~~***~~*







غادر إياس مستاء ولوت سلسبيل شفتيها وقالت " لا يكن قصد

ابنك أنه سيضع خطيبي تحت المجهر ويفتشه "

قلت بضيق " شقيقك وكلمته نافذة على الجميع ومعه حق

فقد أطاع رغبتها وها هي النتائج أمامكم "

قالت بضيق أكبر " لا يوجد رجل كما يريده هوا لقد انقرض

ذاك النوع وعليه أن لا يتحكم في خصوصياتنا أيضا "

قالت سدين " يبقى يفكر في مصلحتنا وهذا اسمه خوف وليس تحكم "

نظرت لها وقالت " لا تتبجحي فأنتي لم تقفي موقفنا بعد "

قالت بجدية " أقسم إن رفض شخصا سيرتبط بي لكنت

سأرفضه ولو كنت أعشق التراب الذي يمشي عليه "

ثم قالت مغادرة " لأني أعرف جيدا أنه لن يرفضه كرها لي

بل حبا لي ولمصلحتي واسألي رغد أمامك "

ثم اختفت خلف السلالم حيث مكانها المفضل هناك وقالت

سلسبيل " أقسم يا أمي أني لن أسكت أبدا "

قلت بضيق " يكفيك جنون ثم هوا لم يتحدث عنه بشيء "

قالت باستياء " وما قصده بأنه خطأ لن يتكرر "

قلت بحدة " إن كنتِ متأكدة من أن خطيبك يعيبه الكثير فتلك

مشكلتك ولن أعانده وأقف معك كما حدث مع رغد هذا شقيقكم

الذي رباكم ويخاف عليكم وتحمل مسئوليتكم صغيرا فقدروا

على الأقل تعبه لسنوات من أجلكم "

قالت مغادرة وهي تنفض ثيابها " تحمل وربى وصرف

ووووو , أزعجتمونا بهذه الاسطوانة "

ثم صعدت السلالم غاضبة أيضا وهززت أنا رأسي بقلة حيلة

ثم تبعتها لكن ليس لنفس وجهتها بل لغرفته , طرقت الباب

ودخلت فكان ينزع سترة بذلته العسكرية وقال مبتسما ما أن

رآني " زارتني البركة واشتقت لهذه الزيارات "

اقتربت منه وأخذت السترة من يده وقلت " وما سأقول أنا , إياك

والابتعاد عني مجددا يا إياس وارحمني من الانشغال عليك طوال

الوقت فحتى نومي تنغص منذ أول يوم سافرت فيه "

نزع القميص تحتها وقال " أقسم لن أسافر مجددا لكل هذا

الوقت , انتهى تدريبنا يا أمي "

وضعت السترة على السرير وجلست عليه وقلت " لا أعلم لما

وحدكم من بين رجال الشرطة يتنقلون بكم كالحقائب ؟ أعرف

أخريات أبنائهم درسوا معك ولم يسافروا "

ضحك ورفع السترة مجددا وأخرج منها هاتفه ومفاتيحه ووضعهم

على الطاولة ثم قال وهوا ينزع قميصه الداخلي " ومن يرفض

الترقية والخبرة يا أمي أنظري لمن تتحدثين عنهم

لازالوا برتبهم ذاتها حتى الآن "

قلت ببرود " المهم أن بالهم مرتاح عليهم "

ثم تابعت بضيق " وكم مرة قلت لك لا تنزع كل ثيابك وتبقى هكذا

صدرك عاري أمامي احترمني يا ولد أنا لست زوجتك "

ضحك كثيرا وقال " وما في هذا ألستِ من أنجبني ورباني

بل وحممتني بيديك "

قلت بذات الضيق " ذلك وأنت طفل ليس رجلا هكذا ثم أنا

أخاف عليك حتى من عيني وأنت بهذا الجسد "

حملها مجددا وقال وهوا يلبسها " ها قد لبستها فقط لا تغضبي "

قلت " نعم هكذا وإن كنت لست راضية حتى عنها هي "

ضحك وتوجه نحوي وجلس بجانبي وقال " وكيف تدخلين

غرفتي وتشترطين علي ؟ هل ذهبت لك لغرفتك هكذا "

ضحكت وقلت " معك حق يعني أنا المخطئة "

قبل يدي وقال مبتسما " بل أنا المذنب لكني سأكررها "

ضربته على رأسه وقلت " لن تتغير أبدا عنيد وتتجاهل

مالا تريده منذ كنت طفلا "

قال بعد ضحكة " أمري لله لا أحد غيرك يشهد على طفولتي "

قلت بهدوء " أعلم أنك متعب وتريد أن تستحم وترتاح لكن علينا

أن نتحدث في موضوع رغد أولا فقد تأتي في أي وقت "

غزى الضيق ملامحه وقال " أمي لا تعانديني هذه المرة أيضا "

تنهدت وقلت " بني شقيقتك لديها طفلة منه ماذا إن كثرت

المشاكل بينكما وبينهما وطلقها وأخذها منها "

وقف وتوجه للخزانة وفتحها وقال " وذلك يوم المنى ولا

تخافي فذاك المستهتر لن يتحمل مسئولية ابنة أعرفه جيدا "

قلت بدون يأس " إياس أعلم كما يعلم الجميع أنك تفكر في مصلحة

كل واحدة منهن لكن لا تجعل التهور والحمية يتغلبان عليك "

التفت لي وقال بضيق " متأكدة إذا أن الأمر سيصل بي للتهور "

ثم أغلق بابها بقوة وقال بحدة " هل رأيتم النتائج يا أمي هل أتاكم

كلامي لما لا يفكر أحد بأني أريد مصلحة كل واحدة منهن وأخاف

عليها أكثر من نفسي وأنا من ربيتهم بيداي بعدما مات والدي وترك

رغد أكبرهم ابنة العشر سنين , حرمها ذاك الصعلوك من دراستها

وقلنا لا بأس رأيه وله فيه نظر , يمسكها عن زيارتك بالأسابيع وقلنا

زوجته ولا يريد أن تخرج كثيرا لكن أن يسخر منا ويضن أنه لا

أحد ورائها ويهتم لأمرها فلا يحلم بها وعليكم اطلاعي على كل

شيء أو عرفته بطريقتي "

قلت " ولكن .... "

قال مقاطعا لي " من غير لكن وإن لم تأتي اليوم ذهبت

لها بنفسي في أقرب وقت "

تنهدت باستسلام وقلت " و سلسبيل إن كنت ستقرر رفض خطيبها

فدعنا نمهد لها الأمر أولا ونذكر السبب فهي تصر عليه "

قال بضيق " عشنا ورأينا وهل سنترجاها أيضا لتوافق رأينا

أمين من خيرة ما رأت عيني خطب رغد ورفضَته ابنتك من أجل

ذاك الصعلوك فقال لا بأس أنا لا أريد إلا أن أناسبك فتحدث مع

سلسبيل ورفضناه من أجل من خطبها قبله وبرضاها فقال أخاف

أن أطلب الثالثة وترفضني فخجلت حتى أن أقول له شيئا فهوا

يرى بعينه أنه لا رأي لي في شيء وسترفضه سدين أيضا "

قلت بهدوء " سدين تعرفها جيدا لا ترفض لك طلبا

ولو فيه قطع عنقها "

قال متوجها جهة الحمام " ولما أُجبر أعقلهن فلتختار بنفسها أيضا "

ثم دخل وأغلقه خلفه فوقفت وتنهدت بضيق وقلة حيلة وخرجت

من غرفته ونزلت للأسفل وتوجهت لغرفتي , حملت هاتفي واتصلت

برغد فأجابت سريعا قائلة " مرحبا أمي كيف حال إياس هل وصل "

تنهدت وقلت " نعم ويسأل عنك كثيرا "

قالت ببكاء " كم اشتقت له ولو بيدي لاستقبلته معكم "

جلست وقلت " هوا غاضب وشعر أن ثمة شيء بينك وبين

مصطفى وقال أنه سيذهب لك بنفسه إن لم تأتي "

قالت مباشرة " لا كيف يأتي تصرفي يا أمي وأنا

سآتي له فيما بعد "

قلت بضيق " اسمعي يا رغد أنا أيضا بث مقتنعة بكلامه وعليه

أن يوقف زوجك عند حده ويجد لما بينكما حلا "

قالت ببكاء "وما الحل برأيك وأنا من اخترته وأصررت عليه

كيف سأقول الآن لإياس ما يفعله بي "

قلت بضيق " وإن يكن فشقيقك مستاء منه وليس منك وتبقين

شقيقته وأراه على حق فزوجك يبدوا يرى أنه لا

سند لك يردعه عنك "

قالت بذات بكائها " أخاف أن تكبر بينهما ويأخذ مني ابنتي

تصرفي يا أمي فإن جاء الآن هنا ستكون مصيبة "

قلت " وكيف تريدي أن أمنعه ؟ جربت التحدث معه وما ازداد

إلا غضبا فجِدي حلا لتأتي أنتي وأخفي ما يمكن إخفائه

حتى نرى ما سيفعل شقيقك معه "





*~~***~~*





دخلت الجناح مباشرة لأني لم أخبر أحدا بقدومي ولا بوقته

فتحت الباب ووجدتها جالسة على الكرسي ساق على الأخرى

وتنظر لي بتلك النظرة التي أعرف معناها جيدا , فتحت أزرار

سترتي وأنا أبادلها بنظرة توعد إن كان ما في بالي صحيحا وفعلَتْه

رميتها على السرير وكنت سأنزع القميص ثم غيرت رأيي ورفعت

السترة ولبستها مجددا وخرجت من هناك ونزلت السلالم وأنا أغلق

أزرارها وتوجهت لغرفتها طرقت الباب ودخلت فكانت تجلس على

سجادتها وبملابس الصلاة فنظرت لي مباشرة ووقفت بسرعة

وتوجهت نحوي مبتسمة وحضنتني قائلة " أواس حمدا لله على

سلامتك بني لما لم تخبرنا بقدومك "

قبلت رأسها وقلت " ولما أشغلك ثم أنا أعرفك ستقضين

يومك في المطبخ حينها "

ابتعدت عني وأمسكت يدي وقالت وهي تسحبني منها

" تعال طمئني عليك واحكي لي كل ما حدث معك "

وقفنا حيث الأريكة التي تريد أن نجلس عليها وقلت

" لاحقا يا عمتي أنا الآن متعب وأريد أن أستحم وأنام "

مسحت على ذراعي وقالت بحنان " وهوا كذلك بني لكن عليك

أن تعلم أولا أن والدك يسأل عنك ويريد رؤ .... "

قاطعتها بضيق " كم مرة قلت أنه لا والد لي ولا أعترف

به فهوا لا يعرفني إلا إن أراد شيئا "

قالت بحزن " أواس بني يكفيك من ربط الماضي بالحاضر

فكما الزمن يتغير البشر يتغيرون أيضا "

تأففت وقلت " عمتي هل هذا وقته أريد أن أرتاح أولا "

تنهدت وقالت " كما تريد بني "

قلت بجدية " هل خرجت وجد من المنزل وقت غيابي "

هزت رأسها بلا وقالت " لم تعتب قدمها خارجه وحتى

والدتها زارتها هنا بنفسها كم مرة "

قلت بريبة " ولا أعطيتها هاتفك , تحدثي بالصدق يا

عمتي فأنا أعرفك لا تكذبين "

قالت مغيرة مجرى الحديث " بني سجنها وحرمانها من التواصل

مع العالم هكذا لا يجوز هي بشر في النهاية وزوجتك وإن كانت

أخطأت في شيء رغم أني لا أعلم السبب "

قلت بضيق " أعطيتِها الهاتف أم لا عمتي تكلمي أرجوك "

قالت بعد صمت " قالت تريد أن تتحدث مع والدتها "

قلت بحدة " نبهتك كثيرا يا عمتي , ألم أنبه على هذا "

أمسكت يدي وقالت مباشرة " تحدثت به مع والدتها وأمامي "

قلت بغضب " ثم ابتعدت عنك أليس كذلك "

قالت " والدتها ومؤكد تريد أن تقول لها شيئا خاصا بينهما "

نفضت يدي من يدها وخرجت ركضا للأعلى حتى وصلت الغرفة

وفتحت الباب بقوة وغضب فوقفت من فورها فتوجهت نحوها وأمسك

ذراعها وهززتها وقلت " هكذا إذا يا وجد تعصين أوامري ككل مرة "

قالت ببرود " واضربني أنت ككل مرة فلم يعد يؤثر بي

وطلقني إن كانت لك ذرة رجولة "

صفعتها حتى وقعت أرضا وقلت " لأنه لدي ذرات وليس ذرة

واحدة لن أطلقك لتفعلي ما تخططين له من قبل أن تتزوجيني

وتسرحي وتمرحي كما تريدين وأقسم إن علمت أن هاتفا لامس

أذنك مجددا زرتِ تلك الغرفة في الملحق وأضنك تذكرينها جيدا

وطلاق لن أطلقك وستبقي هكذا حتى تموتي هنا وتتعفني "

قالت بسخرية وهي تمسك خدها ولازالت جالسة على الأرض

" أنت مريض يا أواس هل أخبرك عقلك بذلك وتلك الغرفة

والدماء التي فيها أكبر دليل "

ركلتها بحدائي العسكري على ذراعها حتى وقعت بصرخة متألمة

وقلت بغضب " أنا المريض أم أنتي يا بائعة الشرف يا من لم

تعفي نفسك وتصوني عرض زوجك وتتخيلي بأنك ستتخلصين

مني لتعيشي حياتك كما تريدين , لا ... لا تحلمي بها ثم كم مرة

قلت لا ترتدي هذه الخِلق أمامي ولا تحلمي أن أقترب منك "

عدلت جلستها تمسك ذراعها وتتألم ثم قالت " غرفتي وسجني

وألبس ما أريد أم أنك تخاف على نفسك من الاقتراب

مني وتتحجج "

قلت بسخرية " هه أنتي ..!! أقسم أن تنقطع يدي ولا

أدنسها بجسدك مجددا "

وقفت بصعوبة وتوجهت للسرير وجلست عليه وقالت ونظرها

للأرض " لعلمك فقط أنا لم أتحدث إلا مع والدتي لتعلم

أنه إن أردتُ شيئا فسأفعله ولن يمنعني شيء "

قلت بغيظ " أقسم يا وجد وقسما بمن خلقك وخلقني من لا تعرفيه

وقد بعتِ دينه بالفجور أني سأسجنك هناك إن فكرتِ ثانيتا باستدراج

عمتي بأكاذيبك لتساعدك في شيء مجددا وأرني ما تستطيعين

فعله لأريك ما أستطيع أنا "

ثم تركت الغرفة بعدما أخذت ثيابي ككل مرة ودخلت حمام الجناح

رميت الثياب من على جسدي ودخلت تحت الماء لينساب على رأسي

وعضلاتي وكل خليه في جسدي وهوا ينهمر عليه وكم أتمنى أن

يطفئ النار في داخلي ولو قليلا , أغمضت عيناي بقوة وأنا أتذكر تلك

المشاهد التي وجدتها تخزنها في ذاكرة هاتف خارجية وتخفيها في مكان

لن يخطر على الجن الأزرق أن يجده , لا وبكل فخر تصور نفسها معهم

وتحتفظ بالأفلام , إن كنت تزوجتها عذراء فهذا يعني أمرا واحد وهوا أنها

فعلت كل ذلك وهي زوجتي وتعيش معي هنا وأنا في سبات عميق بل في

عمل يطول ليلا لساعات وأغلب الأحيان لا أرجع إلا فجرا وسفر لدورات

تدريبية بالأشهر, ضربت الجدار أمامي بقبضتي بقوة متمنيا أن أسقطه

عليها لتموت لكن ليس قبل أن تندم وتنطقها بنفسها نادمة على استغفالي

لك وبيع شرفي وديني فأنا أرها لا تزداد إلا صلابة وتتحداني بأنها

ستتغلب علي يوما وما يسكتها أمام عائلتها معرفتها التامة أن سلاح

جرمها في يدي فلتفتح فمها بحرف وأقسم أن يروه جميعهم في جلسة

واحدة مجتمعين وبحضوري





*~~***~~*





شعرت بحرارة نفسها على أذني وهي تقول بهمس

" ترجمان ماذا حدث فيما اتفقنا عليه "

حركت كتفي لتبتعد وقلت بضيق " كم مرة قلت لك لا تحدثيني

بفحيح كالأفعى وما تريديه لن أفعله لك "

ضربتني على كتفي وقالت " وأين وعدك لي يا غادرة "

قلت ببرود " غيرت رأيي وهل كل من يعد ينفذ "

وقفت وقالت " العجوز لن ترحمك إذا "

قلت بسخرية " بل لن ترحمك أنتي إن سمعت كلامك "

جاء صوت دخل على حديثنا من بعيد حيث الجالسة هناك يخفي

وجهها عنا الكتاب الذي في يدها متكئة على الأريكة " بل سمعها

أشعب بالأمس ولك أن تتخيلي يا ترجمان وجه سراب كيف أصبح "

قالت سراب وقد أشارت لها برأسها " وما أنطقك أنتي يا وسادة

الأريكة تسكتين دهرا وتنطقين شيئا أبعد ما يكون عن اسمك

وشكلك ثم لو سمعك أنتي تقولين عنه أشعب لرأيت حسابك منه "

أبعدت دُرر الكتاب عن وجهها وقالت بسخرية " ومن أطلق عليه

هذا اللقب أليس أنتي يا من اسمك له منك نصيب كبير "

نظرت لي وقالت من بين أسنانها " ترجمان جِدي لنا حلا مع تلك

بما أن العجوز لا تفكر في تزويجها وهي أكبرنا سنا قبل أن

يتعفن هذا الجمال الذي لا تستحقه "

ليتحول الأمر لصرخة حين نزل ذاك الكتاب الصلب على

رأسها وخرجت ضحكتي الهستيرية وغادرت دُرر ضاحكة وتركت

ضحيتها خلفها والعصافير تدور حول رأسها ليتحول ضحكها لركض

حين انطلقت سراب خلفها وبدأتا بالدوران حول الصالون الكبير الذي

يتوسط المكان وأمسكتها سراب أخيرا , دُرر شخصيتها هادئة للغاية

درجة أنها تشعرك بالغموض ونادرا ما نراها هكذا تركض وتضحك

أو تتدخل في أحاديثنا وتسميني أنا وسراب بالجاسوستين من كثرة

ما نجلس نخطط ونتحدث في المفيد وغير المفيد وأكثر ما يعجبني

فيها قوة صبرها على أي شيء تتعرض له

أسكتهما صوت الباب الذي انفتح ويعرفان جيدا باب أي غرفة

يكون وسمعنا تلك الصرخة " ترجماااااان "

يا حظك يا ترجمان ما ذنبي أنا وأنا أبعد من يكون عن كل هذه

الأصوات أم أنها اعتادت أني سبب المشكلات دائما , قلت صارخة

" ماتت ماتت وأراحت البشرية منها أقيموا العزاء يا خالة "

قالت بصوتها الرنان " إذا عزاء سبعة أسابيع بلياليها

وبالذبائح أيضا ما رأيك "

قالت سراب ضاحكة " واجلبوا المغنيات أيضا "

خرج ذاك الصوت مجددا وهي تقول " وأنتي يا حبيبة خالتك

متى ستموتين أيضا أغلقي الباب بسرعة وأنتن توقفن هججتن

المرأة التي خرجت هاربة من صراخكم "

ضحكت وقلت " ستعود بعدما تتشاجر مع زوجها مجددا "

أُغلق الباب كما كان وتحركت دُرر قائلة " لا أعلم متى ستشعر

بها الشرطة وشلة سحرتها وتأخذهم "

قالت سراب ويداها وسط جسدها " كيف تتمنين لها هذا وهي

من ربتك وآوتك وانتشلك من الشارع وحمتك أيضا "

عادت لجلستها السابقة وأمسكت كتابها وقالت وهي تفتحه

" الساحر حده القتل لا أعلم حتى متى سنبقى نعمل بالقوانين

الوضعية فبدلا من أن القاتل يقتل والسارق تقطع يده والزاني

يرجم يسجنوهم لسنوات قليلة ويخرجونهم ليعود السارق لسرقته

وأهل المقتول يرون قاتل ابنهم ويتحسرون والزاني طبعا لم يسجن

من أساسه ويتزوج العفيفة والساحر يعتوا في الأرض فسادا كما كان "

قالت سراب ملوحة بيدها بضيق " أف صدعتنا يا مفتية البلاد ما

رأيك لو ترسمين لثورة شعبية وتسقطين نظام الحكم هنا "

تجاهلتها وعادت لكتابها ولصمتها الدائم , دُرر الوحيدة التي ترتدي

الحجاب بيننا ثلاثتنا وتحافظ على الصلاة أكثر منا وتعشق قراءة

الكتب الدينية خصوصا الردود على أولئك الذين لا أعرف اسمهم

عادت سراب جهتي وجلست بجانبي مجددا وقالت بإلحاح

" هيا ترجمان أنتي وعدتني "

هززت رأسي بلا دون كلام فقالت بضيق " ستندمين يوم

تحتاجين لخدماتي وسترين "

ضحكت ولم أعلق فقالت واضعة يدها وسط جسدها

" لا تسخري مني لأنك الأشجع والرأس المدبر دائما "

نظرت للمبرد وبدأت أبرد به أظافري وقلت " ذاك العجوز لا

يصلح لك لا تصدقي أكاذيبه عليك "

قالت بضيق " هذا ليس من شأنك أنتي فقط تصرفي كيف

تجلبي التوكيل وكل شيء سيسير على ما يرام "

نفخت على ظفري وقلت ونظري عليه " لن توافق تعلمي

أنها لم تزوج ولا حتى دُرر أكبرنا لتزوجك أنتي "

تأففت وقالت " ولما ؟؟ هل تجلب العرسان للفتيات الآتي

يزرنها بخزعبلاتها ونحن تمسكنا عندها "

ضربت لها رأسها بطرف المبرد وقلت " من يسمعك لا

يصدق أنك سراب التي لا يعجبها العجب العجاب وفي

الرجال خصوصا "

قالت ببرود " نعم لكن هذا ليس زواج هذا كيس مال متحرك

حتى متى سنعيش في الفقر والبخل سأضعه جانبا وأعيش حياتي

فهذا عجوز لا يمكنه السعال بقوة ليستطيع النوم مع امرأة "

ضحكت بقوة ولم أتوقف إلا على صوت باب آخر فُتح

ودخل منه رجل وقال " ترجمان تعالي أريدك "

قلت ببرود " ما بكم على ترجمان اليوم ؟ أمامك دُرر

هناك أنا ظهري يؤلمني "

وقفت دُرر ورمت كتابها وقالت مغادرة " تصبحون على خير "

دُرر طبعا لا تعترف به وهوا شقيق العجوز التي ربتنا وترفض

أن يكونا معا وحدهما في مكان واحد وإن كان المطبخ أو وسط

المنزل وتراه رجلا محرما عليها , اقترب منا وقال

" أنتما الاثنتين أخرجا معي حالا "

قالت سراب " وكم ستدفع لي أعلم أنك تريد منا أن

ندفع لك سيارتك الخردة "

شهق وقال " مال يا عقربان ثمنا لمساعدتك البسيطة "

قالت ببرود " مقابل فضيحتي في الشارع "

قال " نحن في الليل الآن ولا عذر لك "

ثم أشار لي برأسه وقال " وأنتي .. هناك مهمة أخرى تنتظرك "

قلت وأنا أشير له بالمبرد " سرقة لن اسرق لك شيئا

سبق وقلتها مرارا "

قال بسخرية " ولما "

قلت بجمود " لأني تُبت هل لديك مانع "

قال باستهزاء " لا يكن شيخك دُرر أعطاك درسا من دروسه

في الأخلاق والمحرمات "

تجاهلته ونظرت لسراب وقلت " لم تخبريني أي ساعة تريدين

أن نخرج غدا "

قفزت وصفقت قائلة بحماس " واااااو رائع وأخيرا وافقتِ "

خرج حينها قائلا " أنتظركما في الخارج "

نظرت لي سراب وقالت " ترجمان لما لا تخبريه سبب

أنك لم تعودي تريدي أن تسرقي له "

رميت المبرد ووقفت وقلت مغادرة " لا علاقة له لأقدم له أسبابي

يكفي أنه من علّمها لي ورباني عليها وأنتي أيضا تخلصي من

الخصلة التي غرسوها فيك وهي حبك المبالغ فيه للمال والثراء "

ثم دخلت الغرفة وأغلقتها خلفي , سراب الصغرى فينا طفولتها

في المدرسة وحرمانها من مستحقاتها التي بين يدي الجميع إلا

هي جعلها ترى الحياة بمنظور مختلف حتى أصبح الأمر بالنسبة

لها أن ذلك هوا متعة الحياة أما أنا فأشعب البخيل ذاك علمني

كيف آخذ كل ما أريد بطريقته ولم أعاني ذاك الحرمان لأن ما

لديهم كان يصبح لدي أيضا وبسهولة , نظرتُ لدُرر التي

تنزع حجابها فهي لا تنزع إلا هنا وقلت متوجهة لسريري

" اسمعي لا تتركي النور طويلا أريد أن أنام "

نظرت لي وقالت " والصلاة يا سيدة ترجمان "

قلت وأنا أدخل السرير " ساعتين أو ثلاث واستيقظ لا تخافي "

فتحت الخزانة وقالت ببرود " المهم لعلمك فقط أنها إن

تجاوزت الثانية عشرة فلن تُقبل منك ولا تتعبي

نفسك وأكملي نومك "

انحنيت للأسفل وأخذت علبة الكريمة من تحت السرير وعدت

لجلستي وقلت " عُلم سيدتي ومسبقا ومرارا هل من أوامر أخرى "

هزت رأسها بيأس وأطفأت النور وجلست تقرأ على النور الخفيف

عند المكتب الوحيد هنا فقلت وأنا أدهن يداي " والقراءة في

نور ضعيف تُضعف النظر دُرتي هل لديك علم بهذا "

قالت ببرود " أعلم نامي ولا تضيعي الوقت فسأوقظك

عند الحادية عشرة ونصف لتُصلي "

ارتميت على السرير وقلت وأنا أرمي اللحاف فوقي " شكرا دُرتي

علمت أن قلبك لن يتركك تنامين قبل أن توقظيني "

تنهدت بضيق ولاذت بالصمت فقلت ونظري للسقف " دُرر هل

ستطاوعين العجوز هذه المرة أيضا في رفض من تقدم لك "

قالت باختصار " لا أعلم "

جلست مجددا وقلت " هل تحدث معك "

قالت " مرتين ونبهته أن لا يعيدها مجددا "

قلت بحماس " وما في الأمر أخرجا وتعرفا أكثر لتعرفيه جيدا

فقد تحدث معجزة وتوافق عجوزنا العنيدة "

قالت ببرود " في أحلامه وخيالك فقط , لن اجلس معه في مكان

إلا وهوا زوجي فليتقدم لها ويطلبني رسميا هذا فقط ما أعرفه "

ارتميت على السرير مجددا وقلت " غبية هذا الشاب لا يفوّت

تاجر وكله مميزات "

ورقت الكتاب بسرعة وقالت " وإن يكن "

تنهدت ولذت بالصمت , متأكدة من أنه يعجبها ومقتنعة

به وتعرف أن تلك العجوز الشمطاء لن توافق , قلت بهدوء

" دُرر لما لا تهربي معه هذه ليست والدتك لتتحكم بك

هي ربتك كيتيمة فقط "

تأففت وقالت " ترجمان إن كنتِ أنتي متمردة وتعشقين

التحدي فأنا لست مثلك , ماذا أهرب معه هل هي غابة "

عدلت نومتِ وقلت " أنتي حرة وما عليا فعلته "

قالت بسخرية " أفعليها أنتي أولا لنرى "

قلت لاعبة بيدي في ظلام الغرفة " إن أردت شخصا

معينا سأفعلها دون أدنى تراجع أو تفكير "

قالت ببرود " نامي نامي ضاع عليك الوقت "

غطيت نفسي باللحاف وقلت " نعم معك حق "

انفتح حينها الباب وأشعلت يد الضوء وهي لسراب طبعا فادعيت

النوم مغمضة عيناي وقالت هي بتذمر " آخر مرة تهربان وأدفع

علبته الصدئة تلك وحدي , لا وصدق نفسه الأستاذ جالس

بداخلها يظن نفسه نحيفا ويقول ادفعي بسرعة "

ضحكت حينها رغما عني فقالت بضيق " أهلا وتدّعين النوم أيضا

لا أعلم حتى متى سيعيّشان نفسيهما ونحن معهم في كل هذا الفقر

غرفة واحدة لثلاثتنا وخزانة واحدة حتى المكتب واحد , منزل أكل

عليه الدهر وشرب وهما يجنيان أموالا كثيرة من الخزعبلات

التي يفعلونها "

غطيت وجهي باللحاف وقلت " أطفئي النور واصمتي لن

تغيري من واقعك شيئا بهذا التذمر الغير مجدي "

تأففت وأطفأته وقالت " نامي نام عليك جبل وكسر عظامك

ولا تنسي سأوقظك باكرا لنذهب للمكان الذي اتفقنا عليه "

قلت من تحت اللحاف " إن أخبرت العجوز أننا ذاهبتان هناك

فلن أذهب معك تفهمي , لا أريد أن توصيني على أعشابها

الكريهة لأشتريها لها "





*~~***~~*





دخلت أنفض التراب من على ثيابي وقلت بضيق " تلك العقربان

سراب أوقعتني وتدعي البراءة , سترى حسابها مني "

قالت ببرود وهي تخلط أعشابها في كيس " هذا لأنك لن تتوقف

عن طلب دفع سيارتك البالية وتعرف درجة تمردهن "

قلت مباشرة " معك حق يبدوا عليا شراء سيارة جديدة "

قالت بصدمة " ماذا سيارة جديدة !! إياك وفعلها فلن يدفع لنا

أحد شيئا إن رأوا الخير علينا "

قلت بسخرية " لا تقلقي ولا أنا لدي مال لأشتري جديدة كنت

أقصد واحدة نصف عمر لكن أفضل من هذه "

هزت رأسها بحسنا فجلست وقلت " أريد أن أعرف

سبب سؤالك عن تلك الأمكنة تحديدا "

نظرت لي وقالت " لأن ساعة الصفر باتت تقترب وما

خططت له لسنوات سنفعله قريبا "

قلت باهتمام " تقصدين زج الفتيات في قضية شبهة وشرف

وشوشرة , لما هذا الوقت تحديدا "

حركت الأكياس أمامها تبحث فيهم وقالت " ليس الآن ولكن ليس

بعيدا جدا فقد علمت أن ملف قضيتهم ثمة من فتحه مجددا "

قلت بصدمة " ممن علمتِ ومن فتحه بعد كل هذه السنوات "

قالت " من مصادري الخاصة ولا يهم كيف ولا أعلم من قام

بفتحها المهم علينا التحرك واختيار المكان المناسب

والتنفيذ لن يكون الآن "

قلت باهتمام " وما علاقته بما تسألين عنه "

قالت بابتسامة ماكرة " بيت دعارة هوا المكان الأمثل "

قلت بصدمة " بيت ماذا !! "

قالت ببرود " ما سمعته فأنا أريدها فضيحة مرتبة ثمنا

لما فعله أهلهم بزوجي وأبنائي الثلاثة من عشرين عام "

هززت رأسي وقلت " أخشى أن لا تجني شيئا فدُرر جدها كان

قاضيا وقتها وتقاعد وسافر منذ مدة طويلة , سراب والدها توفي

ترجمان فقط من عمها لازال موجودا حتى الآن بل وترقى كثيرا

في الشرطة أي ستضربين جبهة واحدة فقط "

قالت " في خيالك فسمعة الرجل لا تموت وإن مات ثم سراب

لديها عم ويكفي القاضي والضابط وقتها أما المدعي

العام سبقه اجله فلا بأس "

قلت " الخوف يبقى منهن خصوصا تلك الشرسة ترجمان

وحتى طويلة اللسان سراب لا تختلف عنها "

أغلقت الكيس وقالت " بل دُرر هي من أفكر فيها فسترفض

الذهاب مهما احتلنا عليهن وعلينا أن نحبكها جيدا ونفكر في

خطة من هنا حتى يحين ذاك الوقت "

قلت بهدوء " لكنهن بذلك سيعلمن أنهن لسن يتيمات جلبناهم

من ميتم وسيعرفون عائلاتهم "

قالت بخبث " لا يهم وقتها ستكون الفضيحة شاعت وانتشرت

وتعفنّ في السجن وأنا وأنت خارج البلاد "








وهنا انتهى بي وبكم الفصل وكما قلت سابقا لا تقيموا روايتي من

فصلها الأول فالأحداث لم ترسم مساراتها بعد ولم تتضح معالمها



الفصل القادم سيكون يوم الخميس إن شاء الله أما باقي الفصول سيتم

تنزيلهامرة في الأسبوع حتى تنتهي الرواية ونعود للتنزيل فصلين

أسبوعيا كما اعتدنا ولي بكم لقاء قريب إن شاء الله



 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 26-11-15, 02:54 AM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل اﻷول)

 


يسعد صباح الحلوين بكل حب ومودة

قبل الفصل عندي شوية كلام

أولا أوجه شكري للبنات في المنتدى المجاور الذي تنزل فيه الرواية

على كل كلامهم الطيب ودعمهم لي وحبهم لرواياتي , الأخوات هيدايا

zeze , عبيركك , عبق حروفي , امال س , آيفا رمضان , جولي

dreamamira , أريج الزهور , za.zaza , صرخات هادئة

لكم مني جزيل الشكر حبيباتي وطبعا شكر كبير للغالية فيتامين سي

على مجهودها ونقلها كتاباتي لهم


ثاني شي : كل البنات الذين لم يصلهم علم بالرواية أتمنى أن يلحقوا

بركبنا ولا يكون في نفس أي منهم شيء لأني لم أبغلهم على الخاص

بسبب صعوبة الأمر ولن أستطيع إبلاغ مجموعة واستثناء غيرهم

ويستحيل أن أتمكن من مراسلة الجميع فالتمسوا لي العذر



والآن أترككم مع الفصل الجديد







الفصل الثاني






نظرتْ له ترجمان بتركيز وهوا يمص العصير بواسطة الأنبوب

ثم قالت بهمس " متى سيتحدث عجوزك هذا "

وكزتنها بمرفقي وقلت بهمس " أصمتي لا يسمعك تقولين ذلك "

قالت من بين أسنانها " لازلت أقول لك أتركي كل هذا

يا سراب فكلامه لك لا يعجبني "

رفع نظره لها فابتسمت له ابتسامة صفراء وقالت

" زواج عرفي لا تحلم به طبعا "

قال مبتسما " وليس هذا في نيتي فلتوافق العروس فقط "

قلت مبتسمة " وأنا لا مانع لدي فقط أعطني وقتا "

قالت ترجمان " وعلى أي أساس سيكون هذا الزواج "

قال " على ما تشترطون "

قالت بهمس " أقسم أن ورائه سرا "

رن هاتفه حينها فأخرجه ينظر لشاشته بتركيز وصعوبة

مصغرا عيناه ويرمش بهما رمشات متتالية فوكزتني وخرج

صوت ضحكتها قليلا فضربتها بقدمي على قدمها لأني كدت

أضحك في وجهه , أجاب على هاتفه قائلا " أجل يا أحمد "

" لا لا تكترث للأمر لن يستطيع فعل شيء ولا شيء له

عندي ولن يأخذ مليما فليفعل ما يحلوا له وليرفع

مليون قضية "

" حسنا سنتحدث لاحقا وداعا الآن "

نظرنا لبعضنا باستغراب ثم له فوضع هاتفه على الطاولة

وقال " لن تندمي أبدا آنسة سراب وسأعيّشك حياة فوق فوق

السحاب وكما تتمنين وزيادة ولن أخبرك المزيد

وستكتشفينه بنفسك "

شعرت بالنشوة غمرتني وأنا أتخيل الملايين بين يداي ملابس

حلي سفرات منزل راقي , تسوّق وسيارة فاخرة وكل ما

كنت أحلم به , قالت ترجمان " والضمانات "

وكزتها بمرفقي فضربتني بمرفقها , يبدوا أني جلبتها لتدمر كل

شيء وليس لتساعدني , قال " كل ما تريدون مقدم مؤخر أي شيء "

قالت " أعذر تطفلي ولكني أخاف على شقيقتي وأريد أن

أعلم سبب كل هذا فليس من الطبيعي ما تقول وستفعل "

قال مبتسما " معك حق فيما تقولين وسأوضح لكما , أنا رجل

تزوجت في حياتي مرتين ولم أرزق بأبناء ووريث لمالي وأعلم

أنه ما أن أموت هناك من سيسعى حتى يحفى لأخذه وأريد من

يحمله بعدي وأكون على ثقة أنه كفؤ لأن لا يترك ذاك المدعي

يأخذ منه مليما وقد أعجبتني جرأة وقوة شخصية سراب وإن

وافقتِ أنتي فلن أمانع "

شهقت ترجمان بقوة وقالت " أنا !! "

ضحك وقال " نعم تبدين لي أقوى منها وأشجع "

حمحمت وقلت " لم أكن أعلم أنك ستبدلني بسهولة "

قال مبتسما " كنت أمزح فقط أنتي من أضمنك وأعرفك

جيدا بمليون لسان ولا حق يضيع منك "

قلت بابتسامة جانبية " إهانة مقبولة منك "

مسح على خده المجعد وقال " بل هذه شهادة يفترض أن تعتزي

بها فقلائل هم النساء الآتي لا يتركن حقهن يضيع "

قلت بحماس " لا تخف ستتركه في أيدي أمينة وتموت مطمئنا "

نظرت لي ترجمان بصدمة فضحك وقال " وأنا مقتنع أن الموت

قريب مني ولا أريد لذاك الطفل أن يلمس من مالي قرشا حيا

كنت أو ميتا "

قلنا معا " ومن يكون هذا ؟؟ "

فضحك ليخرج سعاله مع ضحكته ككل مرة وقال " توقعت هذا

السؤال منكما ولا تهتما لأمره ومعرفته فالمال مالي ولا دليل لديه

على شيء المنزل والسيارات والمال في المصرف وثلاث مزارع

كبيرة وحقول شعير وقمح ومصنع ألبان وجبن كلها لي

وباسمي ولن يجني من تعبه شيئا "

قلت بحماس " تملك كل هذا ؟؟ "

قال " نعم ويدخل أموالا شهريا عدا المزارع والحقول فدخلها سنوي

ولا أريد أن يباع منها شيئا ولا بعد موتي , استفيدي من عائداتها

وأرباحها المهم عندي أن لا يأخذ منها ابن زوجتي السابقة شيئا "

قالت ترجمان " ابن زوجتك إذا "

قال " نعم توفيت وتركته لي كالشوكة في حلقومي يطالبني بجميع

ما أملك ويقول أنه من حقه وأنا من بنا كل هذا ولا شيء لهما فيه "

هززت رأسي وقلت " لا يهم مدام لا يملك شيئا يثبت ادعاءاته "

قالت ترجمان " إذا أعطنا بعض الوقت لنتصرف في أمورنا "

أخرج شيئا من جيبه ووضعه في فمه وبخ به فيه ثم أعاده

لجيبه ثم قال بصوت مخنوق " إذا لا تتأخرا "

ثم وقف مغادرا ونحن ننظر له وقالت ترجمان

" يبدوا سيموت قريبا من كثرة إصراره "

صفقت بصمت وقلت " نعم وهذا ما أريد وسنصبح ثريات

وسوف آخذكما معي ونعيش معا "

قالت مبتسمة " حقا لن تنكرينا حينها "

ضربت كتفها وقلت " بالتأكيد وهل لي استغناء عنكما

عشنا الفقر معا سنعيش الغنى معا "

قالت بريبة " ألم تخافي من حديثه عن ابن زوجته ذاك "

وقفت وقلت بلامبالاة " لا طبعا إن كان يمكنه أخذ شيء لأخذه

من ذاك العجوز الذي لا يقدر حتى على السعال والتنفس "

وقفت وقالت " ويطاوعك درجة أنه رضي أن تقابليه

هنا في مطعم مجمع للتسوق "

حملت حقيبتي وقلت " هوا من طلب هذا وليس أنا ويبدوا يريد

أن أشعر بالأمان معه في مكان عام "

سرنا معا وهي تقول " ألا تخشي أن يكون يخدعك "

ضحكت وقلت " ولما وكل شيء سيتم قبل أن نتزوج ألم

تسمعي كلامه لا تلاعب فيه أبدا "

قالت وهي تنظر للجانب الآخر " سنرى حلا لتلك العجوز إذا "

ثم وقفت وقالت " انظري انظري , ما يفعل رجال الشرطة هنا "

وقفت ونظرت حيث تنظر وقلت " لابد وأنهم يلقون القبض

على أحدهم ولن يتسوقوا ببذلهم طبعا "

نظرت ترجمان للضابطين الواقفان معا وقلت باشمئزاز

" انظري لذاك المغرور كيف يتصرف ويتكلم

ويكلم الفتاة من رأس أنفه "

سحبتها معي قائلة " وما علاقتك أنتي به لا تدخلينا في

مشاكل مع الشرطة لا وضباط أيضا "

ثم وقفت مجددا وقلت بتركيز " معه حق وسيم ويحق

له أن يغتر بنفسه "

قالت باشمئزاز " ذاك وسيم يع أنظري كيف بشرته كالفتيات

الذي بجانبه يمسك قبعته في يده أجمل بسمرته الخفيفة وملامحه

الحادة المتناسقة أما كثلة الغرور ذاك .... "

دفعتها وقلت " تحركي ولا تضعيه في رأسك لا نريد مشاكل "

قالت من بين أسناها " كم أكره المغرورين الذين

يحتاجون من يعلمهم قيمة أنفسهم "

قلت وأنا اسحبها معي " يكفي المشكلة التي صنعتها

لنا الأسبوع الماضي مع ذاك البائع "

قالت ضاحكة وهي تسير معي مسرعة " بل لقنته درسا يستحقه

ولو أتتني الفرصة لاستغللتها مجددا وها هي جاءتني في غيره "





*~~***~~*





نظرت لساعتي وقلت بتذمر " ألم تأتي الأوامر بالمغادرة بعد

وقوفنا في السوق هكذا بات سيئا وكأننا صعاليك أسواق "

لبس قبعته مجددا وقال " علينا التأكد من البلاغ هل سنغادر فورا "

نظرت لساعتي مجددا وتأففت , عليا أن أكون في المنزل وقت

قدوم رغد فمزاجي ساء منذ أمس بسبب زوجها وعليا أن أكون

هناك وأفهم ما يجري معها , عدلت وقفتي وقلت

" يبدوا أن عمل المداهمات سيلاحقنا أينما كنا و.... "

وما أنهيت جملتي حتى شعرت بشيء سقط على صدري جعل

عمودي الفقري يتصلب وارتعاشه سرت خلاله بأكمله وما كانت

سوا فتاة حضنتني من خصري ووجهها مخفي في صدري وقالت

" فارس هذا أنت عدت "

كنت جامدا مكاني ورافعا يداي جانبا وكأني مجرم رفعوا عليه

السلاح وعجز حتى لساني عن التحرك وتوضيح الخطأ لها

وكأنه أصابني البكم وحال أواس لم يكن أفضل مني حين رفعت

نظري له لينقد الموقف وكان ينظر لها بصدمة , أبعدتْ بعدها

وجهها عن صدري ورفعته لي لتلتقي عينانا كانت بعينان عسليتان

يكادا يكونان باللون الأخضر من لونهما الفاتح ناعستان قليلا من

طرفيهما وباقي ملامحها صغيرة وشعرها أسود تمسكه كذيل حصان

لا أتبين طوله وغرة تتدرج على وجهها , نظرت لي لوقت بصمت

وكأنها تستجمع ملامحي ثم ابتعدت عني عائدة بخطواتها للوراء

قائلة بصدمة " عذرا آسفة لقد أخطأت "

وابتعدت مسرعة وأنا لازلت في صدمتي استنشق رائحة عطرها

من ثيابي حتى الآن ونظري يتبعها ليظهر لي طول تلك الجديلة

والشعر يلامس نهاية ظهرها وأنا لازلت أنظر لها بعدم استيعاب

حتى وقفت بعيدا والتفتت لي وأشارت لي بإبهامها للأسفل علامة

الهزيمة أو أنني تغلبت عليك وأنت الخاسر وتابعت ركضها فأول

فكرة خطرت في بالي جعلت يدي تتحرك بسرعة لجيب بنطالي

الخلفي ثم ركضت حيث ركضت قائلا " اللصة سرقت محفظتي "

وركض أواس خلفي قائلا " إياس انتظر ما بك "

لكني تابعت ركضي لأدركها , كيف سخرت مني هكذا وسرقتني

وأنا ضابط شرطة بشاراتي أمامها , بل كيف أخرجتها من جيبي

وأنا كالميت , وصلت لخارج المجمع فكانت قد ابتعدت ترمي نقودي

في الشارع راكضة هي وفتاة أخرى تركض معها ثم رمت المحفظة

أيضا لحظة وقوفها أمام سيارة أجرى والتفتت لي وفعلت ذات

الحركة بإبهامها وركبت السيارة وغادرتا فورا ووصل

أواس عندي قائلا " إياس لما تـ.... "

ووقف مصدوما يري النقود التي تطير مع الريح وأشخاص

يجمعونها فركلت حجرا أمامي بقدمي وتحرك قائلا بغيظ

" سحقا للحثالة لقد لعبت بي وأقسم لن تنجوا بفعلتها "

تحركت حيث محفظتي وحملتها ثم توجهت للشخص الذي

يرفع بطاقتي من الأرض واستللتها منه قائلا بحدة

" أترك هذه ماذا ستفعل بها "

ثم وضعتها في المحفظة وعدت جهة أواس أتأفف وأزفر

حريقا من صدري من الغيظ





*~~***~~*






دخلت المحل ملقية التحية وتوجهت من فوري للعلاقة الدائرية

وأخذتُ الثياب الخاصة بعملي هنا ودخلت غرفة الملابس وغيرت

ثيابي وخرجت فخرجتْ التي تقف خلف الطاولة قائلة " أجمل ما

فيك يا دُرر أنك تأتين على الموعد ليس كسابقتك أنتظر

ساعتين لتأتي وتستلم مكانها "

ثم قالت وهي تخرج من الباب " أراك بعد ثلاث أيام وداعا "

وغادرت لأستلم عملي اليوم لأربع ساعات فأنا أعمل هنا بوردية

واحدة يوم بعد يومين كي لا تعلم تلك العجوز أنني أعمل فالعمل

كالزواج في قانونها ممنوع على ثلاثتنا ولا تعطينا مالا يكفي شيئا

وأنا سبق ووعدت ترجمان إن توقفت عن السرقة أعطيها المال الذي

تريد لأني أعلم أن ذاك الأشعب السبب في تعلمها السرقة وأنها تسرق

من أجلنا أكثر من نفسها فالشيء الوحيد الذي لم يغرسوه فينا واكتسبناه

بأنفسنا هوا ترابطنا وسعينا لمصلحة بعض وكأننا شقيقات

عملي هنا تغليف الطلبات من الكعك والحلويات وهناك اثنتان على

الطاولة الأخرى واحدة محاسبة والأخرى تأخذ طلبات الزبائن

وتسلمها لي وأغلب الأحيان نشترك في العمل ثلاثتنا خصوصا

وقت الأعياد والمناسبات , جلست على كرسيي وأخرجت كتيب

الأذكار من حقيبتي وأعدتها لمكانها وفتحته أنهي باقي أذكاري

فيبدوا اليوم لا عمل كثير فيه , هذه ثالث وضيفة لي خلال العام

فعليا تغييرها دائما كي لا تلاحظ العجوز أو شقيقها تغيبي عن

المنزل ذات الأوقات , ولم أستلم وضيفة يومية أبدا بل أعمل ليوم

وأتوقف ليومين أو ثلاثة ولا أجد صعوبة كبيرة في العمل كبائعة

لأنه من نقص أفكار التّجار أنهم يولون لشكل البائعة كل الأهمية

لتجلب الزبون وكأنها هي السلعة وليس المبيعات فما أن أسأل

عن وضيفة في محل يقبلونني ولو صرفوا غيري وأكون دائما في

مشاكل مع بعض الصعاليك من الشبّان وعليا أن لا أتحدث لأن

هذا الصعلوك يكون المسمى بالزبون الدائم للمحل وأنا الطُعم طبعا

انفتح الباب ورنت الأجراس دليل دخول أحدهم ولم أرفع رأسي له

لأنه سيتوجه هناك أولا لكني فوجئت بظلة يقف عند طاولتي فرفعت

رأسي له لأرى من يكون وسبب وقوفه هنا ثم أعدته لكتابي في

صمت فوصلني صوته قائلا " صباح الخير آنسة دُرر"

قلت برسمية " صباح النور الطلبات من هناك "

قال بصوت مبتسم " أعلم فليست الزيارة الأولى لي هنا "

لم أتحدث أو أعلق بشيء فقال " حسنا فهمت أنك لا تريدين

التكلم معي في شيء وأنه عليا طلب يدك رسميا أو أبتعد عنك

وأنا موافق فقط أعطني الفرصة لأعلم منك مع من أتحدث "

أمسكت صندوق البطاقات وسحبت منه واحدة وأخذت القلم

وكتبت فيها عنوان المنزل ووضعتها له على الطاولة دون أن

أرفع نظري له فسمعت صوت ضحكته وأخذها وقال

" أكثر ما يعجبني فيك يا دُرر أنه كل شيء عندك

له حدود وخصوصا الرجال "

ثم غادر من فوره ونظري يتبعه حتى خرج وقالت انتصار ضاحكة

" يا رب أعطني مما تعطي عبادك ولو نصف هذا لا أريد مثله "

ضحكت وجدان وقالت " هذا حين تكونين بحسن دُرر "

قلت بهدوء ونظري على كتابي " بعض النعم تكون

نقمة فلا تتمني كل شيء "

أعلم أن تلك العجوز سترفضه ولكن قد يغريها ماله وكونه صاحب

محلات في هذا السوق وأخلاقه جيدة رغم أنها لا تولي لهذا اهتماما

أستغرب لما لا تريد أن تزوجنا ولا أن نعمل فلما تُدرسنا إذا وأعطتنا

اسم عائلتها لنحمله !! قالت أنها جلبتني من الميتم حين كنت في الخامسة

لكني لا أحمل ذكريات منه أبدا , صحيح أن ذكرياتي مشوشة كثيرا لصغر

سني حينها لكني لا أذكر أطفالا كثر كنت معهم كل ما أذكره منزل فيه

حديقة واسعة ومرجيحة وأحد يدفع بي لأطير كثيرا وأنا أضحك والشيء

الآخر هوا الحلم المرتبط بواقع أنا أكيدة منه وهوا الفتى المربوط لجدار

يداه تنزفان من الحبل المشدود عليهما ويئن بوجع وأحدهم يضربه

لا أعلم ما يربطني به ومن يكون وما يكون ذاك المكان من ماضيا

لكن ما أنا متأكدة منه أنها ليست دار أيتام أبدا





*~~***~~*





ركبنا سيارة الأجرة وانطلقنا مسرعا بنا بأوامر من ترجمان

طبعا فقلت وأنا أنظر خلفنا " ولما تسرقيها إن كنتِ

سترمينها في الشارع "

قالت وهي تعدل شعرها على مرآة أخرجتها من حقيبتها

" لكي ألقنه درسا في التواضع ويعلم أنه حشرة يمكن لفتاة

الضحك عليه "

ثم دست المرآة وقالت بسخرية " لا وأسمه في البطاقة إياس

ألم أخبرك أنه فتاة "

نظرت للأمام وقلت " غبية ولا ذوق لديك كل تلك الشخصية

والجسد والوسامة وتقولين عنه فتاة !! ويعجبك الذي كان يقف

بجانبه وهوا لا يختلف عنه في شيء سوا سمرته الخفيفة "

فتحت النافذة ليتطاير شعرها مع الهواء وقالت

" يختلف عنه أنه ليس مغرورا مثله "

قلت بهدوء " قد تتسببين لنفسك بمشكلة معه خصوصا أنه

رآك ترمين نقوده ومحفظته ولا تنسي أنه ضابط في

الشرطة وحقد عليك الآن بالتأكيد "

رفعت غرتها للأعلى ممررة أصابعها فيها لترتفع عن وجهها

وقالت ببرود " ليفعل ما يحلوا له هل سيسجنني بلا تهمة ولا دليل "

ثم أغلقت النافذة ونظرت لساعتها وقالت " دُرر في عملها

الآن بالتأكيد , كنت أريدها في أمر مهم "

نظرت للنافذة وقلت " ترجمان ظلم أن تعمل هي

لتعطيك المال , لما لا تعملي مثلها "

قالت بلامبالاة " هي من طلب هذا وأراده ثم أنا لا آخذ منها

هي من تعطيني ما تريد أن تعطيه لي ولم أطلب منها أبدا "

نظرت جهتها وقلت بحماس " ستفرج قريبا ولن نحتاج

لشيء من أحد "

ضربت كتفي وقالت " نعم فذاك العجوز كنز وسقط

علينا من السماء "

وصلنا المنزل حينها ونزلنا أمامه وقالت " لدي فكرة

وسنطبقها لكني لن أخبرك بها الآن اتفقنا "

هززت رأسي بحسنا وقلت " وأنا من يدك اليمنى لليسرى

وما تريديه سأفعله "

فتحت الباب ودخلنا لتستقبلنا العجوز ويدها وسط جسدها قائلة

" أهلا أين جميعكن ولا أجد واحدة تساعد الخادمة , تعلمن أني

أحتاجها كثيرا ولا تستطيع القيام بكل شيء وحدها "

توجهت ترجمان نحوها وفعلت لها حركتها المعتادة وأمسكت

لها خديها وحركتهما لها قائلة " حاضرين لك ولخادمتك

فقط لا تغضبي يا ألماسة "

ضحكت من فورها فترجمان وحدها من تستطيع تغيير مزاجها

في لحظة من الغضب والضيق للضحك ومن الابتهاج للغضب

فهي تعشق أن تقلب لها مزاجها كيفما كان ولا تفكر في النتائج

غادرت ترجمان ضاحكة وعكاز العجوز يتبعها ثم نظرت لي

وقالت " وأنتي حبيبة خالتك نظفي دورات المياه بسرعة "

أمسكت ظهري وقلت بتألم " ألم نخبرك أين كنا "

رفعت عكازها وقالت " لا وأعلم أين عند طبيب العظام وقال

لا تتحركي لأسبوعين , بسرعة أو ضربتك عليه حتى يشفى "

صرخت وركضت هاربة منها ودخلت الغرفة ووجدت

ترجمان تفتش بين مذكراتها فوضعت يدي وسط جسدي

وقلت " أين سيدة ترجمان وتتركين الأعمال لي وحدي "

قالت وهي منشغلة بهم " محاضرتي ستبدأ بعد أقل

من ساعة وعليا أن أدركها "

قلت بضيق " مخادعة ولم تخبريني عن هذه الخطة لكنت

رسبت مثلك وحملت المواد في كل فصل ولم أنهي دراستي

قبلك وأنتي تكبرينني بعام "

أخذت حقيبتها ووضعتها على كتفها وقالت " من يسمعك

يصدق أنك كنتِ تنجحين دائما وبتفوق , لا تكوني

دُرر ولا أحد يعلم "

ثم نظرت لنفسها في المرآة وقالت وهي تضع مرطب الشفاه

" لا تنسي أنه اليوم التحدي بين سدين وتلك القبيحة ولن

أفوّته لذلك عليا أن أذهب باكرا "

توجهت للخزانة وفتحتها وقلت برود وأنا أخرج بيجامة المنزل

منها " مجنونة ووجدتِ واحدة مثلك فصادقي من هم من

طبقتك وتخصصك ودعي عنك السدين تلك فستخرج هي

من المشاكل بسهولة وتبقي أنتي فيها "

فتحت باب الغرفة وقالت " وما بها هي أفضل من صادقت

أفكارنا متشابهة في كل شيء وأعشق شجاعتها التي

يفتقدها الجميع "

ثم خرجت وسمعت صوت العجوز تناديها وهي قالت مبتعدة

" سراب أقسمت عليا أن تقوم هي بكل شيء "

فهززت رأسي بقلة حيلة , لصة وكاذبة وجالبة للمشاكل ولا

شيء ينقصها سوا وشم على ذراعها لتكون مجرمة





*~~***~~*





ما أن دخلت سور المنزل حتى وجدت سيارة أعرف جيدا من

يكون صاحبها وهو والدي بالتأكيد , هذا من أخبره أني عدت

ليأتي من ثاني يوم بعد وصولي ؟ مؤكد عمتي فعلتها ولا أحد

غيرها ولم تقتنع بعد كل هذه السنوات وما حدث منه أنه لا يصلح

لأن يكون والدا لي ولا شقيقا لها , دخلت للمجلس أولا وببذلة

الشرطة ووجدته يجلس معها يشربان القهوة ووقف ما أن دخلت

وصافحني مبتسما وهذه أول العلامات , صافحته قائلا بجفاف

" مرحبا أبي كيف حالك "

جلس وقال " بخير وما أخبارك أنت "

رميت القبعة على الأريكة وجلست وقلت " بخير "

قال حينها ومن فوره واختصر عليا وعلى نفسه الطريق

ككل مرة " أخويك موقوفان من شهر هل لديك علم بذلك "

نظرت لعمتي لتعلم فقط أنه معي حق ثم نظرت له وقلت

" وصلني خبرهما اليوم "

قال " ظننتك ستخرجهما ما أن تعرف "

اتكأت على ظهر الأريكة ومددت ذراعي عليها ووضعت ساق

على الأخرى وقلت ببرود " للأسف هما يستحقان السجن لكنت

أخرجتهما كي لا نتشرف بهذه الزيارة "

قالت عمتي بضيق " أواس احترم والدك "

قال ببرود " دعيه فقد اعتدت على هذا منه , فقط ليفكر

بأخويه فهما مظلومان "

نظرت للأعلى حيث الثريا الدائرية الكبيرة وقلت وأنا أنظر

لها " سرقة واعتداء على الحارس وحادث في طريق عمومي

راح ضحيته رجل بريء وبسيارة مسروقة أيضا فمن أي

هذه الجرائم بريئان "

تنهد وقال " لفق الأمر بمعرفتك فلن يصعب عليك "

نظرت له وقلت " هذه المرة آسف كي لا يعيداها وهما

مطمئنان أنه هناك من سيخرجهما "

وقف وقال بضيق " أنا وتكرهني منذ صغرك فهمناها

هما ما دخلهما "

وقفت وأخذت قبعتي وقلت " تربية خاطئة فادفع ثمنها "

قبض يده وقال بغضب " أواس لا تنسى أني والدك مثلهم "

قلت بسخرية " لكنك لم تربيني تركتني لذاك الوحش أكل لحمي

لكنتُ خرجت مجرما مثلهما فلا حق لك علي سوا أسم ليثك رميته

معي أيضا , وسأنقل لك ابنيك عندك هناك يكفيني فضائح بسبب

اسمك ولقبك اللذان يجمعاننا "

ثم تركتهما ودخلت المنزل





*~~***~~*





دخل أواس وترك والده لي يشتعل غضبا ليفرغه بي ككل مرة

وقال بحدة " هذا من تقولي أني أظلمه وأنه عانى منا جميعا

هل يعجبك طريقة كلامه وتصرفاته معي "

قلت بهدوء " كم مرة أخرجهما لك أو ساعد في ذلك وأرى

أواس معه حق فيبدوا أنهما اعتمدا عليه ولم يعد

السجن يخيفهما "

قال بضيق " وإن يكن , هذان أخويه وما يزالان مراهقان

وسيعقلان , هل سيضع عقله من عقليهما "

هززت رأسي بقلة حيلة وقلت " مراهقان وهما

تخطيا العشرين "

قال بسخرية " أراك بث تقفين في صفه وتدافعين

عنه كثيرا يا خديجة "

قلت ببرود " تعرف جيدا معزة أواس عندي ومع ذلك

أقف في صفك أمامه دائما لكنك أعلم الناس بما في

نفس أواس ناحيتك "

رمى يده في الهواء وقال بغضب " وما الذي فعلته له يحاسبني

عليه كل هذه السنوات ويحقد علي هكذا , هوا ووالدته من

اختارا أن يذهب معها لمنزل زوجها ثم يشتكي منه "

قلت بضيق " وأنت خير العارفين يا سالم أن زوجها كان

يقسوا عليه بل ويضربه بعد مرضها وهوا اتصل بي بالخفية

مرمرا وكان يبكي بكاء يكسر الحجر ويترجاني لأخبرك

تخرجه من هناك ولم تكترث له , كيف تريد منه مسامحتك

الآن وقت تحتاجه وهوا وقت احتاجك لم يجدك "

قال مغادرا وبغضب " إن لم يخرجهما لا هوا ابني ولا

أعرفه ليوم القيامة وبريء منه فلا يأتي يريدني كحين

ذهب ليخطب زوجته "

ثم خرج ولازال يبلبل بكلام لا أفهمه حتى ركب سيارته وغادر

لا أعلم كيف يريد منه أخراجهما وهما فعلا كل ذلك !! آخ متى

سترتاح في حياتك يا أواس لا طفولة عشتها كغيرك ولا شباب

وحتى المرأة التي ألححت عليه ليتزوجها ويغير من حياته ووحدته

ها هوا حاله معها من رديء لأردأ ولا أعلم السبب الذي يجعله

يضربها هكذا ويسجنها في المنزل فلا هوا طلقها ولا عاش معها في

سلام , دخلت المنزل وأنا أتذكر كيف جلبني له بعدما اشتراه , أواس

الفتى الذي لقي كل ألوان العذاب من زوج والدته وبعد موتها طرده

للشارع ليصبح بلا مأوى , أذكر حين كان يأتيني لمنزلي مرة كل أسبوع

ولا يطلب مني شيئا سوا أن يأكل ورفض حتى أن يبقى معي وكان يقول

( يكفي ضرب زوجك لك لآتي ويضربنا معا ) ولم أكن أعلم أين يقضي

باقي الأسبوع ولا ماذا يأكل أو أنه لا يأكل غير تلك الوجبة , وتوجه

للشرطة ما أن بلغ الثامنة عشرة ووفر ماله الذي ورثه من والدته وعمل

وهوا يدرس في الكلية في فترات الإجازة واشترى منزلا وحسّن من

وضعه المعيشي وأول ما فعله أن جلبني هنا بعدما طلقني زوجي

وذهبت للعيش وابنتي مع شقيقي سالم وزوجته التي لم تطقني لا في

أرض ولا سماء ولم أرتح إلا حين جئت معه هنا , ظننت أنه أصبح

ضابطا ولديه المال وتزوج واستقر وسيكون له أبناء ويسعد في حياته

لكن التعيس يبقى تعيسا على ما يبدوا , تنهدت واستغفرت الله ودخلت

المنزل لأسمع صوت صراخه الغاضب في الأعلى وبكاء زوجته

التي على ما يبدوا عاد لضربها مجددا ثم نزل السلالم وجهه مكفهر

من الغضب وسترته أزرارها مفتوحة جميعها ووصل عندي

وقال بحدة " عمتي كم مرة قلت لا تطلب منك شيئا وتحضريه "

قلت من فوري " كانت تتألم وطلبت مني حبوب رأس وكتبتهم لي

وجلبتهم لها دون أن تخرج , لقد أشفقت على حالها وهي تتألم "

رمى شريط الحبوب وقال بغضب " وطلبت منك جلبه من صيدلية

معينة ألم تفكري لما لم تتركك تحضريه من الصيدلية المجاورة "

هززت رأسي بلا وقلت بريبة " لم أفكر في هذا "

تنفس بقوة محاولا تهدئة نفسه وقال " عمتي لا أريد أن أصرخ

بك ولا يرتفع صوتي عليك فرجاءا لا تحضري لها شيئا ولو

كانت على شفير الموت أرجوك "

أمسكتُ يده وسحبته معي وقلبي يشفق عليه أكثر من كوني غاضبة

منه وأعلم من وجهه أنه وصل لأقصى درجاته وقد يضر نفسه قبل

غيره ولا أريد أن يدخل تلك الغرفة المشئومة التي يذهب لها عندما

يكون بهذه الحالة , توجهت به لغرفتي ولو مُكرها وأدخلته وأغلقت

الباب وسحبته حتى السرير وجلست وأجلسته بجانبي وربتتُ له بيدي

على فخذي لينام عليها فأشاح بوجهه جانبا وقال بضيق

" لم أعد صغيرا يا عمتي متى ستقتنعين بهذا "

أمسكت ذراعه وجعلته يتكأ عليها رغما عنه فأنا أعرف أنه لا

سلاح غير هذا سيهدئه , بدأت بالمسح بيدي على شعره وتمرير

أصابعي فيه وقلت بهدوء " أواس ارحم نفسك بني ليس كل شيء

في حياتنا يجب أن يكون سليما وأنت رجل أعرفك أقوى من هذا "

نام على ظهره ورأسه لازال في حجري وأغمض عينيه

وقال بهمس " لا تتحدث عمتي أرجوك "

فلذت بالصمت وأنا أمسح شعره بحنان وأراقب ملامحه التي بدأت

تلين شيئا فشيئا فهذا ما نقص أواس في حياته ويحتاجه ( الحنان )

ليذيب جليد قلبه , ليثه كان بإمكاني فعل شيء يجعلك ترتاح يا حبيب

عمتك لكن لا الماضي يمكن تغييره ولا الحاضر نستطيع التحكم به

والأمل يبقى في المستقبل , بعد وقت قال بهدوء وعيناه مغمضتان

" سامحيني يا عمتي "

مسحت على شعره وخده ولحيته الخفيفة وقلت " لم أغضب منك

بني لأسامحك فسامح أنت نفسك وماضيك والناس من حولك "

قبض حاجبيه بضيق وفتح عينيه السوداء الواسعة ونظره

للسقف وقال بجمود " أسامح !! أسامح من ومن يا عمتي "

قلت بهدوء وأصابعي لازالت تتخلل شعره " سامح زوج والدتك

فهوا لقي ما يستحق واختُطِفت حفيدته المحببة والوحيدة وترك

القضاء بسبب ذلك وهاجر أيضا , وسامح والدك فقد عاقبه الله

بأبناء عاقين فاشلين , وسامح زوجتك فلا أحد منا لا يخطئ "

جلس حينها وقابلني وقال بحقد " لا لن أسامح منهم أحدا حتى

يذوقوا ما أذاقوني ومني أنا تحديدا ولن أرتاح قبل أن أفعلها "

قلت بصدمة " أواس هل تريد أذية والدك !! حتى الله لا

يرضاها بني وأنت رجل مسلم مصلي والمسجد يشهد لك "

هز رأسه بلا بقوة رافضا لكل كلامي ثم وقف وبدأ يغلق أزار

سترته فقلت ناظرة له للأعلى " ارتح بني نام وارتاح وسأجهز

لك الطعام الذي تحبه لتتناوله على الغداء "

قال وهوا يغلق آخر زر فيهم " هل غادر والدي "

قلت " نعم "

ثم غادر جهة الباب فقلت " أواس "

التفت لي فقلت بهدوء " هل ستخرجهما "

فتح الباب وقال مغادرا " أقسم أنها آخر مرة يا أمي أقسم "

ثم غادر وأدمعت عيناي على كلمة أمي التي تخرج منه لا إراديا

كلما نام في حجري هكذا فيبدوا أن هذه الحركة تعيد له ذكريات

قديمة مع والدته وتُخرج أواس طفل الماضي الذي كان يعيش

سعيدا مع والدته , حتى أنه قرر أخراجهما من السجن والأهم

لن يزور الملحق وغرفة الدماء تلك





*~~***~~*





وصلت باب المنزل ورميت العلبة الحديدية الموجودة أمامه

بقدمي وفتحت الباب ودخلت وقلت وأنا أغلقه " كم مرة

قلت لك لا تقفز من الباب حين لا أكون في المنزل "

رمى علبة العصير من يده في السلة وقال

" وهل أقف انتظرك في الشارع مثلا "

وقفت فوقه واضعا يداي وسط جسدي وقلت " أمين زياراتك

كثرت ولم تعد تعجبني فلما تترك منزلك الفخم

وتأتي لمنزلي المتآكل "

لوح لي بيده ونظره على التلفاز وقال " اذهب غير ملابس

الشرطة وتعال أريدك في أمر مهم "

هززت رأسي بقلة حيلة ودخلت الغرفة بالباب الحديدي , حياة

لا أعرف متى ستتغير وأنا من يفترض أن لا أعيش هنا وهكذا

استحممت وغيرت ملابسي وخرجت وجلست معه وقلت

" لن أحضر لك لا شاي ولا طعام قل ما لديك ورافقتك السلامة "

ضحك وعدل جلسته مقابلا لي وقال " مهلك علينا حضرة الضابط

آسر , الضابط الذي يعيش في حي فقير أمران لا ينسجمان "

قلت ببرود " وهل تريد أن أسرق مثلك "

قال بصدمة " أنا أسرق !! "

قلت بذات برودي " نعم فمن أين لك كل ذلك "

قال بضيق " من والدي وتجارته التي استلمتها بعده بالتأكيد

بقي أن تحقق معي وتسجنني "

تجاهلته ونظرت جهة التلفاز فقال " أعلم أنها مزحة

ثقيلة منك , لدي أخبار ستعجبك "

أشرت برأسي وقلت " شبعنا من هذه الأخبار"

غمز بعينه وقال " هذه المرة مختلفة "

ثم نظر حوله وقال " وما بك لم تتقدم ولا خطوة للأمام

عليك أن توفر راتبك فهوا فوق الممتاز الآن "

اتكأت على الأريكة وقلت " لن أدّخر منه شيئا وأتركهم

هل تراني جننت "

قال بهدوء " آسر أعلم أنك تحمل لهم جميل تربيتهم لك منذ

كنت صغيرا لكن عليك أن تفكر في مستقبلك أيضا "

قلت ببرود " مستقبلي عند الرجل الذي سرق أموال والدتي من

سنين وسأرجعهم وأخرجهم من بين أسنانه , والعائلة التي ربتني

لن أبخل عليها بشيء وأنا حي ارزق ولولا أن لديهم فتيات

كبرن ومنزلهم ضيّق لما خرجت من عندهم "

تنهد وقال " عشرة أبناء كلهم إناث وأنت من تصرف عليهم

والأب طريح الفراش بعد حادث في عمله هذه مأساة ولن

يتركوا عليك قرشا والكارثة أن جميعهن لم يكملن

دراستهن حتى الآن "

قلت ببرود " لا يهم آكل أنا وهم أو نموت جوعا معا "

هز رأسه وقال " وجدت لك محاميا سيستلم القضية هذه المرة "

قلت بصدمة " حقا وجدته "

قلت " نعم ويبدوا لي لا يلعب بنا كالسابقين "

قلت بريبة " وكيف علمت "

قال " من الأوراق التي قدمتها له ووجد فيها ثغرة قانونية

استخرجها بعبقرية وستكون القضية لصالحك "

قلت بحماس " رائع وأخيرا "

قال بهدوء " لكنه نصحني أن لا نشهرها حتى يموت بما أنه

لا وريث له وحالته الصحية في منحدر خطر فالقضية حينها لن

يقف أحد في وجهها كما سيفعل الآن ويوكل محامين ليكسبها "

قلت بريبة " هل ترى ذلك أفضل "

قال بجدية " نعم أنا مقتنع بكلامه فهوا عين الصواب وقال

بأن الدليل أن مصدر الأموال لوالدتك واضح جدا ويستطيع

تأكيده للمحكمة وستكسب القضية بسهولة أكبر بعد موته "

ضربت كف يدي بقبضة يدي الأخرى وقلت مبتسما

" وأخيرا سيرجع المال لأصحابه "

قال " لكن ماذا إن لم يمت سريعا "

اتكأت بظهري على ظهر الأريكة وقلت " بل لن يعيش

أكثر من شهرين أو ثلاثة وبتقارير من أطبائه وهوا

على علم بذلك "

قال بريبة " ألم يفكر في أمواله بعده قد يحرقها حتى الحرق "

قلت بجدية " مستحيل الشركة المصنع والمزارع كلها ما تزال

ملكه ولم يبعها رغم علمه بطبيعة مرضه فلو فكر كما تقول

لباعهم وأخذ ثمنهم أموالا وخبئها ولو تحت التراب "

قال مبتسما " قد يكون يضن أنه سيعيش وأنهم يكذبون "

قلت بابتسامة جانبية " لا يهم فيما يفكر المهم أن يرجع

مالي من ذاك اللص وأنا أتابع أملاكه منذ وقت ولم

يتغير فيها شيئا "

ثم نظرت للأعلى وقلت " أكثر من عشرون عاما من الفقر

وهوا يتمتع بأموالي التي من حقي تركتها والدتي في عهدته

بطيبتها دون أي ضمانات ولا توكيل ولم تتخيل أنه ذئب

في جلد حمل "






*~~***~~*






دخلت المنزل سأشتعل من الغضب بسبب تلك الحشرة التي

سخرت مني أمام الجميع ودون سبب , توجهت حيث الصالون

العائلي وكانت والدتي تجلس هناك ومقابلة لها رغد تعطيني ظهرها

وابنتها تلعب بعيدا فركضت نحوي ما أن رأتني فحلتها وقبلت خدها

وقلت " كيف هي الأميرة الصغيرة "

قالت مبتسمة " بخيل ( بخير ) "

ضحكت رغم عبوسي وقبّلت خدها مجددا وقلت

" حتى متى ستسرقين الحروف وتغيرينها "

وقفت حينها رغد وتوجهت نحوي وسلمت علي تحاول أن

تخفي جانب وجهها عني وقالت " حمدا لله على سلامتك يا إياس "

أنزلت ابنتها وأمسكت ذقنها ورفعت وجهها لي وأدرته جانبا لتظهر

الكدمة الخضراء التي تحاول إخفاءها بشعرها ومساحيق التجميل ثم

نظرت لعينيها فأنزلت نظرها للأسفل لتغلبها الدمعة التي سالت على

خدها فشددتها لحضني بقوة وأشعر أن غضبي ذاك لم يكن غضبا قط

أمام هذا , يضربك يا رغد يضربك يا قطعة من إياس وأنا حي أتنفس

يسخر مني لهذا الحد , انطلقت دموعها وعباراتها التي بدأت بسكبها

على صدري ولم تزدني سوا ألما على ألمي , ضممتها بكلتا ذراعاي

وقلت بهمس " ما عاش من يبكيك يا شقيقتي وأنا موجود "

قالت بعبرة " أنا المخطئة يا إياس فلم أسمع نصحك لي "

ضممتها أكثر وقبلت رأسها وقلت " هذا الكلام لا يجدي في شيء

الآن ولن تخرجي من هنا ولن ترجعي له إلا على جثماني "

ابتعدت عن حضني ومسحت دموعها وقالت

" لا يا إياس أرجوك "

قلت بضيق " كل هذا ولازلت تريدين البقاء معه "

قالت وقد عادت للبكاء مجددا " لا أريده وعفته وعفت

الحياة معه , لكن ابنتي سيأخذها مني أقسم أن أجن إن أخذها "

ضممتها لصدري مجددا وقلت " لن يأخذها توقفي عن البكاء

أعرف كيف أتصرف في الأمر وخروج من هنا لن تخرجي

له وأنا حي مادمتِ لم تعودي تريدينه "

قالت ببكاء " لم أعد أريد رؤيته ولا سماع صوته كرهته

وأكرهني في الحياة "

قلت بضيق " ما كان عليك السكوت عنه كل هذه السنوات

فثلاث سنوات ليست بقليل , لما تركته يهينك ويمد يده عليك "

أبعدتها والدتي وقالت " لا نفع من هذا الآن المهم أن

تتخلص منه نهائيا وتأخذ ابنتها "

هززت رأسي وقلت بشرود " أتركوه لي ذاك الصعلوك

سيرى حسابه مني "

ثم أخذتها للأريكة وجلست وهي بجانبي وقلت " حتى الثياب

وأغراضكم لا نريدها ليشبع بها وسأشتري لكما كل ما تحتاجانه

ندى ابنتي كما هي ابنتك ولن تُهاني مجددا يا رغد وأنا أتنفس "

اتكأت على كتفي تشهق بين الفينة والأخرى بسبب بكائها , سحقا

لك يا مصطفي لا تستحق الاسم الذي تحمله يا حثالة , تضربها !

وصلت لأن تمد يدك عليها , إن لم أجرجرك في المحاكم وأقسام

الشرطة لن أكون إياس ولتعرف من وراء رغد وقد سخرت منه

دخلت حينها سدين عائدة من جامعتها تتحدث في هاتفها وتضحك

قائلة " أخبرتك أني سأعجبك يا ترجمان وبقي دورك "

ضحكت بعدها ورمت مذكراتها على الطاولة أمامنا وجلست

قائلة بحماس " نعم لن يفوتني ذلك بااااي "

ثم أبعدت الهاتف عن أذنها ورمت حجابها لينفك شعرها الأسود

المدرج بالخصلة الخضراء الغريبة التي لم تغير طبعها في تغيير

لونها كإشارة المرور مهما حاولنا ومدت ذراعاها وقالت

" ندووو حبيبة خالتي تعالي "

ركضت ندى نحوها واحتضنتها قائلة " دييييييييمو "

ضحكت سدين وحملتها لتجلس على فخذيها وقالت وهي

تقرص لها خدها " أنتي أروع من يناديني باسمي "

ثم نظرت لنا وقالت " oh sorry , ما جلسة الدموع هذه "

قالت والدتي بضيق " وما الدخول الهمجي الذي دخلته علينا

كم مرة قلت تكلمي كالعرب واتركي عنك هذه العبارات وغيّري

هذه الخصلة كباقي شعرك أو قصصتها لك من منابتها , ثيابك

كـ.... "

قاطعتها بضيق وتذمر " أمي أتركوني أفعل ما أريد , كل شيء

أطاوعكم فيه , مظهري وكلامي لي وحدي أرجوكم "

هزت أمي رأسها بقلة حيلة ووقفت هي حاملة ندى التي تمسك

خصلتها الغريبة تلك وقالت وهي تسير بها " تعالي معي

سأصنع لك واحدة مثلها في شعرك "

قالت ندى مبتعدتان " ااااااااايه أليد أليد ( أريد أريد ) "

نظرت لي أمي حينها وقالت " إياس عليك أن تشدد عليها في

هذه الأمور لاحظ أنك متساهل في هذا الأمر بني "

قلت وأنا أمسح على شعر رغد المتكئة على كتفي

" سدين بالذات لا أستطيع "

قالت بضيق " ولما ؟؟ هل يعجبك مظهرها هكذا "

أخرجت هاتفي وقلت " يعجبني جميع تصرفاتها وأفكارها وقراراتها

وكلمتي التي على رقبتها كالسيف , مظهرها هي أحبته فلا دخل

لأحد به , أعلم كل شيء عنها في جامعتها منذ دخلتها وجميع

الأمور المحظورة لا تفعلها فلا يناقشني أحد في أمرها رجاءا

واتركوها تلون شعرها وثيابها كما تريد "

قالت بضيق " وعلى ما يبدوا لم ترى الفص الذي

وضعته حديثا في أسنانها "

قلت وأنا أضع الهاتف على أذني " بلى رأيته "

ثم أجبت على هاتفي قائلا " مرحبا أمين أعذرني كنت في

عملي ولم أستطع الرد عليك "





*~~***~~*






أنهيت عملي على الساعة الثانية ظهرا , غيرت ثيابي وخرجت برفقة

انتصار وما أن خطونا خارج المحل حتى وجدت ذاك الشاب الذي زار

المحل مرة واحدة فقط , يقف في نهاية الممر يده في جيب بنطاله وينظر

لي تلك النظرة التي ترجف جسدي بأكمله ولا أعلم لما , شعرت بها من

أول مرة رأيته فيها ودخل ولم يأخذ شيئا عندما رآني وركز نظره على

عيناي وكأنه يعرفني أو تعرّف علي والآن يقف هناك ينظر لي من بين

جميع الناس التي تتحرك هنا , أنزلت رأسي وتابعنا سيرنا حتى اجتزناه

وتنفست بعدها الصعداء وقلت بصوت منخفض " انتصار هل رأيت

ذاك الشاب الواقف الذي اجتزناه الآن "

كانت ستلتفت لكني شددت لها كمها وقلت

" لا تنظري للخلف "

قالت بهمس " قادم خلفنا يا دُرر "

شعرت بقلبي سيتوقف وازدادت نبضاته المجنونة وهوا يمر من

جانبي لتزيدني رائحة عطره اضطرابا وخوفا حتى ابتعد عنا ولم

يقل شيئا سوا إخراجه لمفاتيح من جيبه وقبض عليها بيده بقوة

فوقفت حينها أتنفس بصعوبة وكأنه كابوس جثم على صدري

ووقفت انتصار وقالت وهي تنظر حيث اختفى

" هل تعرفيه يا دُرر "

هززت رأسي بلا وقلت " لم أره سوا وردية عملي السابقة

دخل وحين وجدني لم يأخذ شيئا "

قالت بتفكير " بعدك جاء في اليومين اللذان لم تداومي فيهما

ولم يأخذ شيء أيضا , يدخل ثم ينظر جهة طاولتك ثم يخرج وفي

صمت , شخصيته قوية وملامحه حادة رغم وسامته , يبدوا لي

وكأنه رجل جيش "

سحبتها معي قائلة " لا تخيفيني منه فوق خوفي وتحركي

بسرعة فقد يعود "

ضحكت وقالت وهي تجاري خطواتي " وما المخيف فيه هكذا ؟

أراه يناسبك أكثر من ذاك التاجر "

خرجنا حينها من مجمع التسوق وشهقت بصمت حين رأيته يقف

بعيدا متكئ على سيارة وينظر لنا ثم فتح الباب وركب وغادر

فقلت بخوف " انتصار ما به معي , هذا الشاب يخيفني "

ضحكت وقالت وهي تؤشر لسيارة الأجرة " معجب بك بالتأكيد

فوافقي عليه هوا أروع من ذاك الذي خطبك رغم أن ذاك

فرصة لا تعوض لكني أحببت هذا "

ركبت السيارة وقلت بتذمر " يا لا سخافتك يا انتصار ما

معجب ومعجب "

خرجنا بالسيارة ونظري للخلف أرى إن كان يلحقنا لكني لم أرى

سيارته لأنها مميزة بلونها وشكلها وكنت سأعرفها سريعا , ثم

جلست للأمام ووضعت يدي على قلبي الذي لازال ينبض بقوة

وبدأت أقرأ آخر حزب حفظته من المصحف لأهدئ نفسي ولأشغلها

بشيء آخر , إن جاء ورديتي القادمة فسأترك العمل هنا ولن أدخل

هذا المجمع ما حييت فنظرته لم تكن نظرة إعجاب أبدا بل

نظرة غامضة وقوية وغريبة





نهاية الفصل الثاني وأتمنى يكون عند حسن ظنكم



بالنسبة للمفاجئة الأولى فتغيير نظام تنزيل الأجزاء من فصل في

الأسبوع لوقت انتهائي من كتابة الرواية لفصلين حتى نصل لما

انتهيت عنده ثم يتغير لفصل أسبوعيا وآملة أن أنهيها قبل أن

يدركني تنزيل الفصول


أما المفاجئة الثانية فهي










عندما يجتمع الحرب والحب والكبرياء على قلب الرجحل فأيهما

سينتصر على الآخر في قلبه

وعندما تجتمع العاطفة والإنتماء وحب الوطن على قلب امرأة

فأيهما ستختار وبمن ستضحي


~~ ( جنون المطر ) ~~


رواية تجسد الحب في الحرب والحرب في الحب وتفرق الأوطان في

الأرض الواحدة ~ جنون المطر ~ هي بطاقتي القادمة إلى قلوبكم

عبر هذا المنتدى وسترون فيها برد المشاعر بحلة جديدة وتجربة

مختلفة عن سابقاتها كل الاختلاف



~~~ رواية جنون المطر ~~~




" لن أضيع الوقت في تلك الترهات ورجالي في خط

المواجهة ومِن أجل ماذا ؟ مؤتمر سخيف لن نخرج منه بشيء "




" لا تقولي هذه البلاد منذ متى كنا بلادا لوحدنا ؟

لما تريدون تقسيم الدولة وهي لم تقسم بأي حدود دولية "




" لن يفعلها أبدا إلا إن جُن مطر حقا وضرب جميع

المساعي الدولية عرض الحائط وهم يسعون لتهدئة ولو جزئية "




" والآن عليكِ محو فكرة الذهاب إلى هناك من رأسك

لأن الأرض أرضه وإن أمسكك رجاله سيسوقونك له "




" تحولوا لوضع الدفاع , نجحنا يا رجال وهذه أصبحت حدودنا الجديدة "





(( ومن يوقف شلال الدم حين يبدأ بالجريان ؟ حين يرى الشقيق شقيقه

عدوا له وكل واحد له الحق في الدفاع عن نفسه وأرواح قبيلته ويصبح

لا صوت أعلى من صوت الحرب ولا طريق للحياة إلا من خلال الموت ))

 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 28-11-15, 02:02 AM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثاني)

 




الفصل الثالث







اتكأت على الجدار خلفي أنظر بشرود للسقف المليء بالحشرات

هي لابد وأنها دُرر الطفلة تلك ذاتها , نفس العينين واللون الأخضر

الغريب كلون حبة الفستق والبقعة البنية في بياض العين ذاتها حتى

الملامح لا يبدوا لي تغيرت كثيرا عن تلك السن حين كانت هنا في

الخامسة قبل أن تختفي , أنزلت رأسي ونظرت لتفاصيل الغرفة

أمامي وللحبل المعلق في منتصف الجدار حتى الآن والدماء اليابسة

عليه من أكثر من عشرين عام , كل شبر في هذه الغرفة وكل بقعة

دم منتشرة فيها تحكي في ذاكرتي قصة من العذاب والتعذيب , حتى

والدتي لم يتركني أراها منذ مرضت وأصبحت طريحة الفراش

دُرر الشيء الوحيد الذي كان يعني لي الحياة هنا , كانت تحب

أرجوحتها وتعشق أن أدفعها بها بقوة وتصرخ بضحكة

( أواس ادفعني لأطير أكثر حتى ألمس السحاب )

عدت بنظري للأعلى وابتسمت بألم , كانت تشعر بي وتحبني لكنه

حولها لوحش مثله حين طلب منها جلدي مثلما يفعل , رفضتْ وبكت

كثيرا في البداية لكنها رضخت وفعلتها بل وأصبحت تستمتع بفعل

ذلك بي , كانت ضرباتها خفيفة لصغر سنها ولا تؤذي لكنها كانت

على قلبي وجسدي أوجع من ضربه المبرح القوى , وبعدما اختفت

اتهمني بأني اختطفتها واغتصبتها وحتى بأني قتلتها ودفنتها تحت

الأرض وزاد من عذابي وتعذيبي ولم أهرب منه إلا بأعجوبة

كُوني هي , كوني تلك الفتاة في محل بيع الحلويات وستعطينني

فرصة من ذهب لأرد له الصاع صاعين , كوني حفيدة علي رضوان

القاضي العادل رجل العدالة الذي يعذب فتى في الثالثة عشر بلا سبب

مقنع , كوني هي وسأكون أواس الجديد وسيرى حسابه مني وسيأتي

هنا منصاعا , قسما وأنا أواس أن يفعلها من أجلك ووقتها فقط سأفعل

ما ستبرد به هذه النار المتأججة منه بداخلي من عشرين عام , أنزلت

رأسي للأسفل أحرك السلسلة الحديدية بقدمي , غرفة ليس بها سوا

أدوات التعذيب ورائحة العفن والدماء التي لازالت في أنفي رغم كل

هذه السنين , غرفة تعيش في داخلي أكثر مما أعيش في داخلها

أخرجت سيجارة وأشعلتها واتكأت على الجدار أسحب دخانها , عليا

أن أعرف اسمها إن كان دُرر أم لا رغم أن كل شيء فيها يقول أنها

هي , بشرتها البيضاء شكل العينين ولونهما فمها الصغير وهدوئها

الغريب , بقي لون شعرها البني الذي يؤكده لون حاجبيها الرقيقان

وبما أن العقيد رفعت وافقني على فتح القضية مجددا خصوصا أن

ابنة أخيه ترجمان اختطفت معهم فسيسعى معي لنجدهم قبل أي أحد

رميت عقب السيجارة ووقفت وخرجت من الغرفة ومن الملحق

ودخلت المنزل وتقابلت وعمتي فاستنشقت قليلا ثم قالت بقرف

" أواس ما هذه الرائحة في ثيابك "

تجاهلتها وتابعت سيري فأمسكت ذراعي وقالت " كنت تدخن

يا أواس يعني أنك كنت في تلك الغرفة دمرها الله "

استللت ذراعي منها وقلت بضيق " عمتي كم مرة سأقول

أني لست طفلا تعامليني هكذا "

ثم تركتها وصعدت لغرفة النوم وفتحتها بالمفتاح ووقفت عند

الباب ونظرت للنائمة على الأرض وقلت بسخرية " وتتعاطي نوعا

من المخدرات أيضا يا نجسة هذا ما كان ينقصك "

رفعت رأسها ونظرت لي ثم أعادته أرضا وأغمضت عيناها , مدمنة

يا وجد وهذا شيء جديد يثبت لي أكثر أنها ضحكت علي وكانت تُدخل

ممنوعات وتتعاطاها هنا وأنا غافل , قلت بحقد " أنا من سيشفيك منها

بل وسنقبض على الحثالة الذين يوصلوها لك ولأمثالك "

قالت بصوت ضعيف " أنت مريض يا أواس "

قلت باستخفاف " حقا !! ورأينا الأصحاء أمثالك "

فتحت عيناها تنظر أمامها وقالت بسخرية " أخبرني إذا من

الذين كنت تناديهم وأنت نائم عندما تنام مستاء ... أمي أبي

دُرة عمتي ..... "

توجهت نحوها وركلتها وقلت بغضب " أصمتي يا كيس النجاسة "

ابتسمت بسخرية وتألم وقالت " أنت ضعيف يا أواس رغم ما تدعيه

من قوة , أنت كجدار من ورق سيأتي اليوم الذي سيمزقه أحدهم

وكم أتمنى أن تكون امرأة لتعلمك حجمك الحقيقي "

ركلتها مجددا مرارا وتكرارا حتى بدأت تصرخ من الألم ثم

خرجت وأغلقت باب الغرفة عليها بالمفتاح فلن أفتحه حتى

تخرج تلك السموم من دمها





*~~***~~*







كنت أمسك كتابا ونظري على أسطره لكن عقلي ليس هنا أفكر

في لو أن العجوز رفضت سليمان هل رأي ترجمان صوابا في

أن أذهب معه وأتزوجه ولا أكترث لها وهل أنا أريده حقا زوجا

لي أم أني فقط أخاف أن يمضي عمري دون زواج وأبناء وأنا

بلغت الخامسة والعشرين الآن وكثر طلبوا الارتباط بي وهي

رفضتهم دون سبب واضح , هززت رأسي أرمي منه تلك الأفكار

وعدت لشغل نفسي بما اقرأ لتزاحمني الأفكار مجددا لكن هذه

المرة في ذاك الشاب الغامض صاحب النظرات الغريبة إن كان

يعرفني وما يريد مني ولما يلاحقني هناك , أخشى أن يتسبب لي

بمشكلة أنا في غنى عنها لذلك سأترك المحل إن وجدته هناك

مجددا وسأبحث عن عمل آخر بعيد عن ذاك المكان بأكمله

أخرجني من أفكاري الأصابع التي رفعتْ الكتاب من يداي

وصوت سراب قائلة بضيق " دُرر حتى متى سأناديك "

استللت الكتاب منها وقلت ببرود " نعم ماذا هناك "

أخذته مجددا وقالت " ما بك اليوم لا تعجبينني أبدا

ماذا حدث معك في عملك بالأمس "

نظرت لها ومددت يدي وقلت " لا شيء فهاتي الكتاب "

ابتعدت به وجلست على المكتب وقالت " دُرر إن غادرنا

المنزل أنا وترجمان وسكنّا في غيره هل تذهبي معنا "

نظرتُ لها بتجهم ثم قلت " وما المكان الذي لك

غير هنا إلا الشارع ؟؟ "

قالت بتذمر " هيا دُرر أجيبي فلست أمزح "

رفعت الهاتف من جانبي ونظرت للساعة وقلت ببرود

" جِدي لنا ملجأ غير هذا وأنا أول الخارجين "

صفقت وقالت بحماس " رائع وهذا ما أريده أن لا نفترق أبدا "

أعدت الهاتف مكانه وقلت باستغراب " ما قصدك من

كل هذا يا سراب "

كانت ستتحدث لولا أن انفتح الباب ودخلت منه العجوز قائلة

" أين تلك الحرباء ترجمان "

كتمت ضحكتي وقالت سراب ببرود

" في الجامعة طبعا أين ستكون "

قالت بضيق " الجامعة الجامعة وبلا نتيجة يبدوا عليا

إيقاف دراستها فهي لن تخرج من هناك أبدا "

ثم ضربت الأرض بعكازها وقالت بغضب " كيف تطرد

زبونتي صباحا , لا وكذبت عليها وقالت لها أني مت "

كتمتُ ضحكتي أكثر لأمسكها من الخروج لكن سراب لم تنجح

في ذلك كعادتها منذ صغرها وضحكت بصوت مرتفع وكان

مصيرها طبعا ضربة على كتفها بالعكاز جعلتها تتألم وتتأوه

بدلا من الضحك وغادرت تلك العجوز تتوعد ترجمان بغضب

وقالت سراب وهي تمسد كتفها " جلبت ترجمان نهايتها بيديها "

قلت مبتسمة " لن تكون ترجمان إن نالت منها وستري بعينك "

وصلنا صوتها صارخة " سرااااااب "

وقفت سراب وقالت " يا يومك اليوم يا سراب فأنا من

ستدفع الثمن طبعا "

ثم خرجت تتذمر وتمتم بغيظ , لا أعلم متى سنتخلص من هذا

المنزل بؤرة الشياطين , يا رب عجل بخلاصنا منه فقد كرهَت

نفسي البقاء مع المشعوذين السحرة ولو مُجبرة

تحركت للمكتب أخذت الكتاب من هناك وعدت به للسرير لحظة

دخول ترجمان الغرفة ورمت فردة الحداء من قدمها لتطير خلف

سريرها وأتبعتها الأخرى فقلت ونظري على الكتاب " جهزي

نفسك للعقاب , لا وتفاولين عليها بالموت وهي أكثر

من يخاف منه "

رمت حقيبتها ومذكرتها وتوجهت للخزانة وفتحتها قائلة

" والموت أيضا يبدوا لي يخاف منها وقد تأخر فوق وقته "

ضحكت رغما عني فقالت وهي تُخرج الثياب وترميها كعادتها

" تلك الوقحة تقول لي ( باب النجار مخلوع حقا كيف تزوج بنات

الناس وبناتها جميلات وسيعنسن عندها ) فأردت أن أوفر عليها

مالها في شيء ينفعها أكثر "

قلت باستغراب " وما يكون ذاك ؟؟ "

أخرجت ما تبحث عنه أخيرا وقالت ضاحكة " أخذتهم من

يدها وأعطيتهم لشحاذ سلك الشارع "

هززت رأسي بيأس منها مبتسمة فخلعت قميصها ورمته على

السرير فأبعدت نظري وقلت بضيق " ترجمان كم مرة

قلت لا تنزعي ثيابك أمامي "

رفعت ملابسها وقالت متوجهة جهة الحمام " لا تكوني

رجل ولا أعلم أو تريني أمامك بلا ملابس أبدا "

ثم دخلت الحمام وأغلقته خلفها فتنهدت باستسلام ويأس من

إصلاحها وأمسكت الكتاب مجددا بل عادت الأفكار لتسرقني

من جديد





*~~***~~*






وصلت المنزل ووجدت مصطفى أمام سيارته ويبدوا نزل منها

للتو وأنا جئت في الوقت المناسب , نزلت واجتزته قائلا دون

أن أسلم عليه ولا أقف حتى أمامه " أدخل "

تبعني للمجلس ودخل ووجدني جالسا فجلس أمامي وقال

" ما بك لا سلام ولا كلام "

قلت بسخرية " تعرف ما بي ولا شيء لك هنا فرافقتك

السلامة بلا شوشرة "

قال من فوره " بل لي زوجتي وابنتي هنا من يومين

وجئت لأخذهم "

قلت بجمود ونظري في عينيه " ذلك عندما تكون كفئا ليكون

لك زوجة وابنة "

ثم وقفت وتوجهت نحوه فوقف من فوره فأمسكت قميصه

بقبضتي وقلت من بين أسناني " ليس شقيقتي من تمتد عليها

الأيدي وأقسم لن تراها ولا على جثماني "

قال وهوا يحاول إبعاد يدي " زوجتي وتحبني وابنتي

وسآخذهم معي فلا تجبرها على ما لا تريد "

شددته أكثر حتى اقترب وجهه من وجهي وقلت " قالت بلسانها

لم تعد تريدك وقسما يا مصطفى لولا ابنتك لكنت في السجن

بسبب ضربك لها ولن تخرج وأنا حي , ابنتك تأتي لرؤيتها

متى تريد أما رغد فنجوم السماء أقرب لك منها وستطلقها "

قال بضيق " لن أطلقها أبدا "

هززته وقلت بحدة " أنا لا أخيرك وستفعل ذلك رغما عنك أو ... "

ثم تابعت بسخرية " بضاعة المشروبات الموردة نهاية الشهر الماضي

والدفعة القادمة بعد شهرين قضية تجعلك سجينا أقلها خمس سنين "

نظر لي بصدمة لمعرفتي للأمر فتركته بقوة وقلت " ولا أريد فتح

جميع الدفاتر وقد جلبت لك أقربها فقط , إن كنت تريد أن يختفي

اسمك منها فافعل ما طلبت منك أو استعد للقبض عليك خلال

أربع وعشرين ساعة مع باقي شلتكم "

ودخلت بعدها المنزل وتركته في المجلس فليخرج أو ينم فيه فلم

يعد يستحق ولا حتى الاحترام خصوصا بعدما اكتشفت تجارته

المشبوهة , أول من قابلني كانت ندى التي ركضت نحوي

مسرعة فرفعتها للأعلى وقالت ضاحكة " إياااااذ "

ضحكت وقلت " وكيف نجد حلا لك مع حرف السين

مثلما وجدته سدين "

خرجت حينها والدتي من جهة المطبخ وقالت مبتسمة

" علمتُ أن ضحكها هكذا معناه أنك أتيت "

أنزلتها للأرض وأخرجت لها قطعة الشوكلاته من جيبي

ومددتها لها فأخذتها فورا وانشغلت بفتحها ونظرت أنا

لوالدتي وقلت " أمي أريدك قليلا "

قالت متوجهة نحوي " إياس بني الشوكلاته بكثرة تضرها "

وضعت يدي على كتفها وقلت سائرا بها " لن تطلب مني

شيئا ولا أحضره لها "

دخلنا غرفة الجلوس وجلستُ وجلستْ هي أمامي فقلت مباشرة

" مصطفى كان هنا "

قالت بقلق " وماذا كان رده "

اتكأت على ظهر الأريكة وقلت بابتسامة جانبية " وما سيكون

برأيك قلت لن تذهب معه ولن يراها وسيطلقها وسيحدث "

هزت رأسها وقالت " أخشى أن يجلب لك المشاكل ولشقيقتك "

قلت بجدية " لن يحدث من ذلك شيء إلا إن كان كلام رغد تغير

وسترجع لاسطوانتها القديمة أنها تحبه وواثقة فيه وتضرب

كلامي ورأيي عرض الحائط "

تنهدت وقالت " بل لم يزدها وقوفك معها إلا إصرارا على

رأيها في الانفصال "

اتكأت بمرفقاي على ركبتاي ونظرت جانبا وقلت باستياء

" اكتشفت أن له تجارة مشبوهة "

شهقت بصدمة ويدها على فمها فنظرت لها وقلت مباشرة

" ليست ممنوعات لكنها بضائع مغشوشة ومنتهية الصلاحية

وتهريب , أشياء لها أول وليس لها آخر وقد أخبرته أني سأجد

طريقة لأتغاضى عنه من أجل ابنته فقط لكن إن تكرر

الأمر فسيكون مصيره السجن "

ضربت كفاها ببعض وقالت بحسرة " يا حظك يا

رغد الذي رسمته لنفسك بنفسك "

قلت بجدية " لن يضرها طلاقها في شيء ستكمل دراستها

وإن كان لها نصيب في غيره ستتزوج وتعيش حياتها

الطبيعية فلن يخسر غيره "

قالت بهدوء " إياس لا تخبرها بكل هذا هي تريد الطلاق وكل

واحد منهما سيذهب في حال سبيله واترك هذا بيننا "

هززت رأسي بحسنا وقلت " وهذا رأيي أيضا فيبقى والد

ابنتها وندى والدها ولا يجوز أن تعلم بكل هذا "

قالت مبتسمة " أكملك الله بعقلك بني والآن دعنا نتحدث في المفيد "

نظرت لها باستغراب فتابعت بحماس " كنت تقول سابقا أن دوراتك

التدريبية لم تنتهي وتؤجل فكرة الزواج , الآن أتركني أبحث لك

عن عروس فلا حجة لديكم "

وقفت وقلت " دعيني أرى عملي أين سيكون أولا فلازلنا

بين وبين ثم افعلي كل ما تريه مناسبا "

وقفت وقالت بسعادة " على بركة الله بني وسأبحث من

الآن حتى ترى شؤون وضيفتك "

خرجنا معا وقابلتنا رغد تفتح لوح الشوكلاتة لابنتها وقالت مبتسمة

" منذ الصباح وهي تتحدث عنها , جيد أنك لم تنساها "

قلت مبتسما " وكيف خلت الثلاجة وهي عشق سلسبيل "

أعطتها لها وقالت " تقول أنها ستتبع حمية "

ضحكت وقالت والدتي " سنبدأ في ترشيح الفتيات

لنجد عروسا لشقيقك "

قالت بسعادة " حقا وافقتها أخيرا "

وضعت ذراعي على كتفها وقلت " نعم لأرتاح وترتاح هي "

ثم تابعت ونحن نبتعد عن ابنتها " مصطفي سيطلقك "

ماتت ابتسامتها ولاذت بالصمت فقلت بجدية " رغد إن كنتِ

غير راضية أرجعتك له وهددته ليتوقف عن ضربك "

هزت رأسها بلا وقالت " لو كان آخر رجل في البلاد

لم أعد أريده "

قلت مبتسما " إذا تعالي أريدك في أمر قبل أن تجلب لي

والدتي عروسا تفجعني بها "

ضحكت وقالت " لم تخبرنا أنه هناك فتاة معينة "

قلت ضاحكا " ومن قال ذلك , أنا أعني لا أريد واحدة طويلة لسان

وعنيدة ومجنونة أعرف أمي يعجبها ذاك النوع وتقول دمها كالسكر "

ضحكت كثيرا وقالت ونحن ندخل غرفتها " يعني لن تتزوج

على ذوقها أبدا "

جلست وقلت " بلى الشكل فلتختره هي كما تريد أما الطبع

أخبريني إن كانت من ذاك النوع الرديء "

جلست وهزت رأسها بحسنا مبتسمة فقلت بهدوء

" ما رأيك في العودة لدراستك "

نظرت للأرض وقالت " لم أفكر في ذلك لكني سأفعله أما

الآن أشعر بنفسيتي سيئة ولا رغبة لي في الخروج "

قلت بهدوء مماثل " رغد لا تجعلي هذا الأمر يسيطر على

نفسيتك واثبتي لنفسك قبل الجميع أنك أقوى من مرحلة ما

بعد الطلاق وسترزقين بزوج غيره "

قالت باستنكار " أبدا أنا أتزوج ؟ لا أريد إلا ابنتي وقد

عفت كل ذلك "

تنهدت وقلت بجدية " رغد ما بك انهزامية هكذا تعلّمي من

سدين تقع وتقف "

قالت بحزن " لكنها لم تمر بما مررت به "

قلت " ولا تنسي أنها رسبت رغم تفوقها الدائم واجتازت

الأمر بشجاعة ونحن من ضننا أنها ستفقد عقلها "

تنهدت وقالت " ليس وقت الحديث في هذا الآن وتأكد

أني لن أعصيك مجددا فقد تبت "

ضحكت وقلت " إذا ما أن يسمع عنك خالي رفعت

فسيجلب لك عريسا من شلّته "

ضحكت وقالت " اشتقنا له لم نعد نراه أبدا "

قلت مبتسما " هذه الفترة فتح ملف قضية اختفاء

ابنة شقيقه ومشغول بها "

قالت باستغراب " وما ذكره بها الآن فترجمان مختفية من

عشرين عام وقد تكون ميتة لكانوا وجدوها "

رفعت كتفاي وقلت " هناك من وجد إحدى الثلاث المختطفات

أو شبه وجدها وقد تكون الخيط لإيجاد البقية "

تنهدت وقالت بحسرة " ترجمان لازالت حسرة في قلب خالي

رفعت حتى الآن وهي أمانة خالي أحمد له بعد وفاته "

وقفت وقلت " إما أن يجدها أو يعلم أنها ميتة ويرتاح من

عناء البحث عنها "

نظرت لي للأعلى وقالت " ما بك وقفت بسرعة فأنا

لم أرك منذ أول أمس "

نظرت لساعتي وقلت " مناوبتي الآن وعليا الذهاب لعملي

سأراكم غدا كهذا الوقت "






*~~***~~*






فتحت باب المنزل بمفتاحي ودخلت فأنا لم أعد أزورهم سوا

نهارا في أغلب الأوقات خصوصا أن أكبر الفتيات أصبحت في

الثانوية ولا أريد أن يمس سمعة بنات هذه العائلة أحد هنا فأنا

أدرى الناس بأفكار أهل الأحياء الشعبية المتقاربة ورغم أني

ربِيت معهم وولِدت أكبر بناتهم وعمري خمسة عشرة سنة

وأعدَهم أخواتي الصغيرات إلا أنني أخاف عليهم حتى من كلام

الناس , دخلت أحمل الأكياس في يدي ووصلت للغرفة التي يخرج

منها صوتهم وطرقت الباب وفتحته فكانوا مجتمعين حول والدهم

كعادتهم منذ أصبح طريح الفراش , التي تكتب واجبها والتي تنام

في حجر والدتها والآتي يلعبن ووقفن أصغرهن سنا وركضن نحوي

كعادتهم يمسكون يدي ويسحبوني منها للداخل فدخلت ملقيا التحية

وجلست معهم وقلت " صبا خدي الأغراض للمطبخ "

وقفت من فورها وخرجت بهم وقفزت إسراء في حضني

وقالت " أخي آسر خدني معك في السيارة "

مسحت على شعرها وقلت " إجازة المدرسة القادمة نهاية

الأسبوع آخذكم لمدينة الألعاب جميعكن حسنا "

صرخن بحماس وقفزن نحوي من تعلقت بعنقي ومن حضنت

ظهري وضحكتْ والدتهم وقالت " ابتعدوا عن شقيقكم

سيُحرِّم أخذكم مجددا "

قلت ضاحكا " اتركيهم فمن أجل هذا أفعل كل ما يريدون "

قال والدهم " أنت تكلف نفسك بالمهم وغير المهم كم سيكفي راتبك "

قبلت خد إسراء وضممتها لصدري وقلت " ولما أعمل وآخذ

الراتب إن لم يكن من أجلكم "

قال بحزن " أعلم أننا نكلفك فوق طاقتك ولولا عجزي ما

اضطررتَ لصرف مالك علينا ولكنت تزوجت وفتحت منزلك "

أبعدت الطفلة عن حضني وقلت " ما هذا الكلام الذي تقوله يا

عم فمن رباني وأنا صغير وصرف عليا من ماله حتى درست

وتخرجت غيرك , لحم بدني من خيرك ولن أوفيكما حقكما مهما

فعلت يكفي أنكما اعتبرتماني ابنكما الذي لم يرزقكم الله به وقتها "

قالت زوجته مبتسمة وهي تنوم ابنتها في حجرها " ولم نرزق

بالأبناء إلا بعدما ربيناك ومهما أنجبت فلن أنجب مثلك

وأعتبرك الولد الذي لم يرزقنا الله به "

قلت مبتسما " إذا لا جميل لي عليكم وما أن أستعيد مال والدتي

سوف آخذكم معي من هذا الفقر , وسيكون لدينا منزلا أكبر

من هذا يكفينا جميعنا "

قفزت إسراء قائلة بمرح " حقا سيصبح لدينا منزل كبير "

قلت مبتسما " نعم وغرفة لوحدك أيضا "

حضنتني بقوة لتلحقها بتينة وتحضنني أيضا قائلة " وأنا آسر "

ضممتهما وقلت " وأنتي أيضا سيكون لكم عشر غرف حسنا "

ضحك العم صابر وقال " هذا لن يكون منزل بل نزل داخلي "

ضحكنا معا ثم نظرت جهة صبا وقلت " كيف الثانوية معك "

قالت بابتسامتها الهادئة " جيدة شكرا لك آسر لأنك سجلتني فيها "

قالت والدتها بعتب " ثانوية خاصة يا آسر هذا كثير "

قلت مبتسما " ليس بكثير عليكم أقسم لو بيدي لعيشتكم في

ثراء , فليَصدق ما في بالي فقط وستتغير حياتنا جميعا "

ثم وقفتُ بعدما قضيت معهم بعض الوقت , العائلة التي آوتني من

الشارع بعد وفاة والدتي التي سرق ذاك الجشع كل مالها ليربيني

العم صابر جارنا القديم حيث سكنت هنا ووالدتي بعدما طلقها

ذاك ورمانا في الشارع وعشنا هنا , لم يعاملني سوا ابن له حتى

بعدما رزق ببناته فقد تأخر في الإنجاب , صبا أكبرهم وعمرها

خمسة عشر عاما الآن وإسراء أصغرهم وهي في الرابعة

وصلت الباب ليوقفني الصوت المنخفض من خلفي قائلا

" أخي آسر "

التفت أنظر للواقفة هناك بتركيز ثم قلت " عبير تعالي "

اقتربت مني وقالت ونظرها للأرض " أريد منك شيئا "

وضعت يدي على كتفها وقلت " نعم يا عبير قولي ما تريدين "

نظرت لي وقالت " لدينا رحلة في المدرسة ووالدتي

رفضت أن أخبرك "

أخرجت محفظتي من جيبي وقلت " كم تريدين لتذهبي معهم "

قالت " لكنها ستغضب مني "

أخرجت النقود وقلت " سأتصرف في الأمر قولي

فقط كم تكلف ومتى ستذهبون "

قالت مبتسمة وعيناها تلمعان من الدموع في النور الخفيف

" عشرون جنيها وسنذهب الخميس القادم , شكرا يا آسر كم

تمنيت الذهاب في عمري ولو مرة "

أعطيتها النقود وقلت " ولما لم تخبريني سابقا "

أخذتهم وقالت " كنتَ تدرس أو مسافر في دورة ووالداي

يرفضان أن أكلفك "

مسحت لها دموعها وقلت " لما البكاء الآن أذهبي واستمتعي

وباقي النقود اشتري بها من هناك ما تريدين "

هزت رأسها بحسنا وكانت ستغادر فقلت " وداليا لا رحلة لديهم ؟؟ "

التفتت لي وقالت " رحلتهم كانت الأسبوع الماضي وبكت

كثيرا ولم تذهب "

تنهدت وقلت " أدخلي الآن ولا تخبري أحد حتى أتحدث

مع والداك في الأمر حسنا "

اقتربت مني وقبلت خدي وركضت للغرفة تخبئ النقود في

ثيابها ولمستُ أنا خدي بأصابعي مبتسما , أعاملهم كفتيات كبار

في الإعدادية ليفهموا من أنفسهم أنه عليهم وضع حاجز بيني

وبينهم مهما كان وهم لا يعاملنني سوا كشقيق لا حدود بيننا أبدا

خرجت بعدها مغادرا المنزل وأشعر بالاستياء لأن إحداهن

بكت من شيء يمكن أن أوفره بالمال ولم يخبروني عنه

فلازالوا يراعونني وكأني براتبي المتواضع كما في السابق

وصلت لمنزلي الذي لا يبعد عنهم كثيرا ودخلت لغرفتي

غيرت ثيابي ونمت واستيقظت مبكرا لأزور المحامي قبل

أن أذهب لمناوبتي في قسم الشرطة






*~~***~~*







صفرت لها من بعيد فالتفتت لي فأشرت لها بسبابتاي كعلامة

ضرب وهي تعلم معنى هذه الإشارة جيدا وهي أن عراك محتد

بين أبناء عائلين معروفتين بعداوتهم فركضت نحوي تاركة ملعب

الكرة ووصلت عندي وقالت بحماس " اشتعلت أخيرا يا سدين "

قلت مبتسمة " نعم وهذه فرصتك التي كنتِ تنتظرينها يا ترجمان "

ركضت تسحبني معها قائلة " ما حجم المشكلة "

قلت وأنا أجاري خطواتها الراكضة " أمن الجامعة لم يستطيعوا

فض العراك فأسرعت لك قبل أن تأتي الشرطة "

ركضنا معا حيث الاقتتال المحتد بالعصي والحجارة والأصوات

الرجولية الصارخة لتختفي ترجمان في المعمعة سريعا وبكل شجاعة

تبحث عن فريستها وهوا الشاب الذي تشاجرت معه من إحدى القبيلتين

وستنال منه هذه المرة بالتأكيد , أما أنا فكنت أراقب وأمضغ العلكة مبتسمة

ومتحمسة لرؤية النتائج حتى سمعت صفارات قوية وانتشار لرجال الشرطة

فصفقت بحماس وأنا أراقب الوضع ثم انفتحت عيناي من الصدمة وأنا أرى

إياس معهم فمن غبائي نسيت أن مناوبته أمس واليوم فركضت هاربة

ومبتعدة بعدما حاولت إيجاد ترجمان لأبعدها معي ولم أنجح وتقابلت

وإحدى فتيات شلتنا وقلت لها من فوري " أين ترجمان هل رأيتها "

قالت ضاحكة " نعم تضرب المسمى هشام بيديها

وقدميها وتستغل وقت انشغاله "

ضحكت وقلت " يالها من مجنونة وما في رأسها تفعله

وستمسك بها الشرطة هذه المرة "

سحبتني قائلة " ابتعدي فشقيقك معهم وقد يراك "







*~~***~~*







دخل الرجال بأصوات صفاراتهم والعصي بين الاشتباك وحاولنا

تطويق المجموعة لنمسكهم وأنا وآسر نتحرك بينهم لنسدي الأوامر

وعصينا تضرب من أمامنا لنحد من الفوضى حتى لمحت بين كل

هؤلاء الشبان فتاة فوقفت أنظر بصدمة للشعر الأسود الطويل الذي

يتطاير مع حركتها وهي تقفز وتضرب أحدهم على رأسه مع كل

قفزة فأشرت لآسر عليها ثم بيدي بمعنى هذه ما تفعل معهم فرفع

كتفيه وقال بصوت مرتفع لأسمعه " عالم جديد في النساء "

ضحكت وتوجهت نحوها أبعد من أمامي ضاربا دون اكتراث حتى

اقتربت منها ونظرتْ ناحيتي لأكتشف أنها تلك اللصة التي سرقت

محفظتي وسخرت مني فابتسمتُ بمكر متوجها نحوها وقلت

بهمس " وجدتك وفي المكان المناسب "

فأخرجت لي لسانها تلك الوقحة وهربت تدفع من أمامها وأنا أركض

وأصطدم برجال الشرطة والشبان وأحاول مجاراتها لكن بحكم جسدها

النحيل بل وتتحرك برشاقة وكأنها رياضية وتتسلل بين الاثنين مهما كانا

قريبان من بعضهما كانت النتيجة أن هربت مني تلك الجنية ولم أدركها

لكن لا بأس علمت أنك تدرسين هنا وسنتصافى فأنا ما كنت سآخذها معهم

لأنها فتاة لكن حسابها معي ستدفعه مهما طال الوقت , جمعنا أكبر عدد

منهم وفضضنا العراك أخيرا وأخذناهم لقسم الشرطة واستلمت وآسر كل

منا عائلة لوحدها كي لا نجمعهم معا ويعج القسم بالفوضى , أدخلوا اثنين

منهم فوقفت وسندت يداي على الطاولة وقلت بحدة " هل أنتم أطفال

أم حيوانات وترون الجامعة للدراسة أم لاستعراض العضلات "

قال أحدهم بضيق " هم البادئون "

قلت بحدة " وهذا سيكون كلامهم أيضا , هل لديكم علم بعدد

من أسعفوهم للمستشفى منكم أو منهم "

لوا شفتيه بضيق فقلت باستياء " شبان طولكم كالأبواب تتعاركون

كالثيران في مكان من المفترض أن له احترامه ولم تفكروا في الطلبة

الذين يدرسون , لما لم تذهبوا لتصفوا حساباتكم في الشارع "

نظرا لبعضهما ولم يتحدثا فأشرت لأحدهما وقلت " أنت كنت في

العراك السابق من عامين وأحضرناك هنا والتاريخ يعيد

نفسه لأنك لم تنل عقابك حينها "

قال باستنكار " أبدا أنا لم .... "

قلت بحدة " بلى فأنا لا أنسى الوجوه أبدا , لم أكن

ضابطا هنا لكني أذكرك جيدا "

نظر للأرض ولاذ بالصمت فرننت على الشرطيين في الخرج

فدخلا فقلت من فوري " خذاهم مع البقية ولا يخرج أحد قبل أربعة

أيام وبكفالة أيضا واجمعوهم في زنزانة واحدة "

ثم نظرت لهما وقلت بتهديد " وقسما إن تعاركتم في الزنزانة

مجددا نحن من سيضربكم هذه المرة "

كانوا سيغادرون بهم فقلت بعدما تذكرت أمرا " انتظر "

التفتوا لي جميعهم فقلت " من مِن العائلتين معهم فتاة في المشكلة "

نظرا لبعضهما ثم لي وقال أحدهما " لا نعلم "

نظر له الآخر وقال " أجل تلك الفتاة التي تشاجرت مع هشام

الشهر الماضي رأيتها تضربه بقدميها ومؤكد هي من حلقت

له شعره من الخلف "

قال الآخر بضيق " الوقحة عرفت كيف تأخذ حقها منه "

أمسكت ضحكتي وقلت " خذوهما بسرعة "

فخرجوا بهما وجلست أنا على الكرسي وبدأت بالضحك وأنا

أتخيل أنها حلقت له شعره وهوا منشغل بالعراك , ما هذه الهمجية

لا أستغرب الآن ما فعلته بي في مجمع التسوق , دخل أواس

وأغلق الباب خلفه وقال " ما كل هذا الازدحام

وأسمع صراخ آسر في الممر "

أشرت له بيدي ليجلس وأنا في ضحك مستمر فجلس وقال

" ما يضحكك هكذا "

قلت ضاحكا " عراك في الجامعة وفتاة في المشكلة تخيل

ولم نمسكها "

نظر لي باستغراب وقال " فتاة !! وما دخلها بكل هذا "

قلت بابتسامة جانبية " تذكر فتاة المحفظة تلك ؟؟ "

هز رأسه بنعم وقال مبتسما " قل فتاة الأحضان "

قلت بضيق " وقح "

قال ضاحكا " ما بها "

وقفت ولففت جهته وقلت " كانت وسط العراك تضرب

أحدهم من خلف ظهره "

ثم تابعت بضحك " وحلقت له شعر مؤخرة رأسه "

فهز رأسه مبتسما وقال " مجنونة وتفعلها "

ثم وقف وقال " ولما لم تمسكها ؟ تلك كانت فرصتك "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " ما أن رأتني أخرجت لي

لسانها وهربت مني ولم أدركها "

ضحك ضحكة خفيفة فضربته على كتفه وقلت " أصمت يا أحمق

فما كنت سأجلبها هنا في كل الأحوال فتبقى فتاة وهذا قسم

شرطة وشوشرة لكنها سترى حسابها مني "

دخل حينها آسر وقال بضيق " شلة من الحمقى ومقتنعين

جدا أنهم ليسوا مخطئين "

قلت " ماذا فعلت معهم "

قال بضيق " سجنتهم طبعا لعلهم يتعلمون درسا "

نظر بعدها لساعته وقال " لدي مشوار ضروري سأذهب له "

قلت ببرود " إن جاء أحد رئيسينا فلن أغطي عليك "

نظر لأواس وقال " حمدا لله هناك غيرك "

قال أواس " إن كان في الموضوع فتاة فاعذرني

وأجّل غرامياتك لوقت آخر "

قال بضيق " ما فتاة هذه التي سأترك عملي من

أجلها , لدي موعد مع محامي "

هززت رأسي وقلت بيأس " ألن تيأس من ذاك العجوز أبدا "

قال مغادرا " لا طبعا حتى يعود لي مالي "

ثم خرج وخرج أواس بعده قائلا " وأنا عملي انتهى اليوم

وسأغادر "







*~~***~~*







كان اليوم وقت ورديتي في المحل وكنا منشغلات مع الزبائن فأيام

العطلة تكثر فيها الحركة بكثرة زيارات الأهل والأقارب لبعضهم

وكنت منشغلة بتغليف وتجهيز الطلبات حين انفتح الباب ودخل منه

الشاب صاحب المحلات المدعو سليمان ووقف عند طاولتي مباشرة

وانتظر قليلا حتى خفت الحركة وبقي وحده وقال " بالأمس زرت

العنوان الذي أعطيته لي سابقا ورفضني الرجل التي قابلته

بل وعاملني معاملة جافة وشبه سيئة "

كنت سأتحدث لولا انفتح الباب مجددا ودخل منه ذاك الشاب فشعرت

بمفاصلي تيبست وعاد ذاك الشعور المخيف نفسه خصوصا مع نظرته

لي فور دخوله ونظر لسليمان ثم عاد بنظره لي بنظرة غريبة وكأنه

يقول لي ( أنتي من هذا النوع إذا ) ولا أعلم ما اخبره عقله عن

وقوف سليمان معي فأنزلت نظري للطاولة وقال سليمان

" لم تخبريني برفضهم للأمر جملة وتفصيلا "

رفعت نظري له ولم أعرف ما أقول خصوصا في وجود ذاك الغامض

الذي كان ينظر لمفاتيحه في يده ويبدوا يستمع لحديثنا في صمت

قال سليمان عندما طال صمتي " أعلم أنك لا تريدي الحديث معي

خصيصا في الأمر لكنك لم توضحي لي آنسة دُرر "

فرفع حينها ذاك الشاب نظره ونظر لي بصدمة أو لا أفهم ما تكون

فأنا عاجزة حقا عن قراءة نظراته فهربت بنظري من عينيه وشغلته

بالأوراق الملونة على الطاولة وقلت وأنا أحركها " أخبرتك أن

تذهب وتطلبني منهم وماداموا رفضوا فلا حديث بيننا "

وضع يده على الطاولة وقال بضيق " لكني أريدك حقا وتعلمين

جيدا أني لا أتلاعب فكيف يكون حديثك مغلق هكذا "

لذت بالصمت ولم أتحدث ولا أرفع رأسي ففي حضرة ذاك الغريب

تشل جميع حواسي وقدراتي فأمسكتْ يد سليمان بيدي وقال بضيق

" آنسة دُرر أجيبي ولا ..... "

فسحبتها منه بسرعة وسكت هوا حين أمسكت يد بيده بقوة وضغطت

عليها لتبرز عروقها وعضلاتها وما كانت سوا لذاك الشاب الذي أبعد

يد سليمان بقوة وقال بصوت غليظ جهوري حازم ونظرة نارية

" تسمع ما قالت لك أم أنك أصم "






نهاية الفصل ..... لقائنا فجر الأربعاء إن شار الله ويتغير التنزيل

سبت وأربعاء ودمتم في حفظ الله ورعايته




 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
قديم 02-12-15, 03:09 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
اميرة القلم


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273354
المشاركات: 4,068
الجنس أنثى
معدل التقييم: برد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسيبرد المشاعر عضو ماسي
نقاط التقييم: 4345

االدولة
البلدLibya
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
برد المشاعر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث)

 




يسعد صباحكم جميعا بكل حب




في البداية أحب اشكر الأخوات وينك يا أمل وينك , maysa , renad ,

راجية رضى الله , ايفا رمضان , عبيركك , برستيج أردنية ,

عبق حروفي , hlkdi على كلامهم وتشجيعهم وأشكر أكثر الأختين

فيتامين سي و[COLOR="rgb(160, 82, 45)"]لامارا[/COLOR] على مجهودهم في نقل الرواية



الفصل الرابع







شعرت بخوفي ازداد أضعافا وهوا يرمقه بتلك النظرات حتى سحب

سليمان يده منه وقال " عذرا هل لي أن أعرف ما علاقتك أنت بالأمر "

شقت ابتسامة ساخرة ملامحه القاسية وقال " وما علاقتك أنت "

التفت له سليمان بكامل جسده وقال بضيق " الكلام بيني

وبينها فأخبرني صلتك بها لأرى "

ازداد جنون دقات قلبي حين أمسك له قميصه وقال من بين

أسنانه " تعلّم كيف تتكلم معي باحترام "

قال سليمان وهوا يحاول إبعاد قبضته القوية

" أقسم أن أشتكيك للشرطة "

أخرج له ذاك الشاب بطاقته من جيبه ووضعها أمام وجهه ولم

أكن أتبينها لأن رأس سليمان يخفيها عني فخرج سليمان بعدها

على الفور دافعا باب المحل بقوة ونظر لي ذاك الشاب وهوا يعيد

بطاقته لجيبه الخلفي وقال بجدية وأمر " لا أراك تتحدثين معه

مجددا يا دُرة تفهمي "

ثم خرج دون أن يسمع ردي أو يضيف شيئا وأنا كنت انظر للباب

بصدمة من تصرفه لا بل من كلامه.... دُرة !!لما ناداني بهذا الاسم ؟

نعم هذا من ضمن ذاك الحلم الغريب أو الكابوس الذي يزوروني

بعض الليالي ( لا تفعلي ذلك يا دُرة أرجوك توقفي ليس أنتي )

صوت الفتى ورجاءاته وذات الاسم , أمسكت رأسي بيداي وجلست

على الكرسي ولم أعرف فيما أفكر وأفسر وأحلل ثم وقفت في صمت

وغادرت المحل ودون عودة هذه المرة فما كنت خائفة منه ها قد

حدث وعليا أن أختفي ليختفي من وجودي






*~~***~~*






دخلت المنزل والغرفة فورا أنفض بقايا الغبار من ثيابي , ذاك

النصف الشرطي كاد يمسكني لا أعلم ما جاء به حينها , وجدت

سراب تقف أمام المرآة وتضع كحلا في عينيها وقالت ما أن

دخلت " ما بك وكأنك خارجة من قبر "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " وأنتي أين تريدين

الذهاب متأنقة هكذا "

رمت المكحلة في الدرج وأغلقته وقالت " لدي غداء مع خطيبي "

ضحكت كثيرا ثم قلت " وصدقتِ نفسك وأنه خطيبك "

وضعت يدها وسط جسدها وقالت بضيق " ترجمان لا

تكوني نسيتِ أنك وعدتني بمساعدتي "

جلستُ على سرير دُرر وانحنيت للأسفل وقلت وأنا أفتح

خيوط حدائي الرياضي " لم أنسى فقللي أنتي من الخروج

معه أو انسي كل شيء "

حملت حقيبة يدها وقالت " وما في الأمر دعيني آكل وجبة

تليق بالبشر ليس كطعامنا هنا "

خلعت الحداء ورميته وقلت بأمر " سراب لا تخرجي

معه كثيرا وانتهى "

نفضت حقيبتها في الهواء وقالت بضيق " ولما ؟؟ هل كل

هذا لأنك أكبر مني بعام "

وقفت وقلت وأنا أجمع شعري للأعلى " بل لأنك تعرفين رأيي

جيدا في الخروج مع الرجال فكم من فتيات ضعن بسبب هذا "

قالت مغادرة الغرفة " مجنونة في كل شيء وهذه ترفضينها

يالك من غريبة أطوار يا ترجمان "

هززت رأسي بيأس ثم أخرجت ثيابا ودخلت الحمام ونظفت جسدي

وشعري من كل تلك الأتربة , أخيرا نلت من ذاك المغرور هشام

الوقح سخر مني أمام الجميع لأني رفضت عرضه للجلوس معا في

مقهى الجامعة , هل هوا بالغصب أم ماذا ؟ خرجت من الحمام أجفف

شعري لحظة دخول دُرر التي رمت حقيبتها على السرير ودخلت

الحمام دون حتى أن تلقي السلام كعادتها وأنا أتابعها بنظري وقلت

قبل أن تدخل " هيه كيف تدخلين دون ثياب "

تأففت وعادت جهة الخزانة أخذت بيجامتها ودخلت الحمام وأنا

أراقبها حتى أغلقت الباب فرفعت كتفاي بلامبالاة , مؤكد تشاجرت

وأحدهم في عملها وتركته فهذه عادتها كلما تغزل فيها أحد الشبان

قفزت بعدها على سريري واتصلت بسدين فأجابت سريعا

قائلة " جيد لم تأخذك الشرطة إذا "

ضحكت وقلت " لن أكون ترجمان إن تركتهم فعلوها "

قالت بحماس " أخبريني عن النتائج "

استلقيت على ظهري وقلت بابتسامة انتصار وأنا ألعب بخصلة

من شعري الرطب بين أصابعي " عشرة صفر طبعا , ضربته حتى

تعبت وحلقت له شعره من الخلف وستري شكله الجديد حين يأتي

للجامعة فمؤكد سيحلق شعره الذي يتباهى به "

ضحكت كثيرا وقالت " كيف خطر في بالك حلق شعره هههههه

لا أستطيع التوقف عن الضحك "

ضحكت وقلت " هذه كانت أهم خطوة لدي فستري كيف سيرتدي

القبعة الرياضية في الجامعة واسخر منه كما سخر مني وأنا ألبسها

في الملعب وسأكمل باقي انتقامي حينها "

قالت بهدوء " ترجمان يكفي حتى هنا فقد يضرك في

شيء فأنتي تبقي فتاة "

قلت ببرود " لن يستطيع فعل شيء المهم لا تنسي مباراتنا غدا "

قالت بحماس " وكيف أنسى حدث كهذا .. وداعا وداعا "





*~~***~~*







دخلت أنزع قبعتي الخاصة ببذلة الشرطة لتقابلني سدين تحمل ندى

وقد قسمت لها شعرها لمربعات وكعكات صغيرة وخصلة حمراء

نازلة على جبينها وكانت هي فعلت نفس التسريحة الغريبة لنفسها

لا ويرتديان ملابس متشابهة جينز أزرق وقميص أحمر وتمضغان

العلكة أيضا وتضحكان على ضحكي عليهما فأخرجت هاتفي

وقلت " انتظرا هذا المشهد لا يفوت "

أخذت لهما صورة ومقطع فيديو وهما تمضغان معا فالصور لن

تظهر هذه الحركة , كان شكلهما رهيبا وكأنهما في مونديال كأس

العالم , خرجت أمي حينها من جهة المطبخ فأشرت لها بعيناي

عليها أن نهايتك قد اقتربت فهربت راكضة بها وتوجهت للسلالم

وأنا أضحك على شكلهما متوجها جهة والدتي وقبلت رأسها

وقلت " كيف أنتي اليوم "

قالت بحنان ماسحة على ذراعي " بخير بني كيف كان عملك "

مررت أصابعي في شعري للخلف وقلت " جيد أين سلسبيل هذه

الأيام مختفية "

قالت بعد ضحكة " في غرفتها من رياضة على سير المشي

للنوم ولا تأكل شيئا قالت لن تتوقف حتى يصبح جسدها كجسد سدين "

ضحكت وهززت رأسي وقلت " وما ستفعل بعظامها هل ستبردهم

سبحان من خلقهما وكأنهما ليستا تؤمان "

قالت مبتسمة " جسد سلسبيل متناسق مع طولها لكنها لا

تريد أن تقتنع "

خرجت حينها رغد من جهة المطبخ أيضا ترج رضاعة

في يدها وقالت " مرحبا إياس "

ثم نظرت لوالدتي وقالت " أين سدين وندى لأعطيها الحليب "

قلت مبتسما " عامان ونصف وترضعينها كالأطفال "

قالت باستياء " وما سأفعل لها فهي لا تشرب حليب الأبقار ولا

تأكل الجبن وجميع مشتقاته والطبيب نصحني أن لا أوقف

رضاعتها من أجل الكالسيوم في عظامها "

قلت مبتسما " تشبه خالها لا أعرف ما يعجبكم في الجبن والحليب "

ثم توجهت جهة السلالم قائلا " سأستحم وأنام لا يوقظني أحد ولا للغداء "

صعدت السلالم وما أن وصلت للأعلى حتى قابلتني سدين لازالت

تحمل شبيهتها الصغيرة وقالت " إياس هل لي بطلب أرجوك "

قلت مجتازا لها " فيما بعد منهك وأريد النوم "

ركضت جهتي ووقفت بيني وبين باب غرفتي وقالت

" خذنا للحديقة العامة رجاء "

أمسكت مقبض الباب وقلت " متعب يا سدين انتظري

حتى استيقظ "

قالت بعبوس " أرجوك عد بعدها ونم كيف تشاء "

هززت رأسي بلا فقالت ندي " رذووووك هيا ( أرجوك هيا ) "

فضحكت رغما عني وقبلت خدها بقوة وقلت " أقسم أن هذه

الحرباء الملونة من علمها لك لتقوليها لي "

ثم تابعت وأنا أفتح الباب " انتظرا أستحم أولا ثم آخذكما "

أعلم أن اليوم هوا المخصص في الحديقة للنساء والأطفال فقط ولهذا

كل هذا العناء في تجهيز نفسيهما ولأنهما الاثنتين اللتان لا أستطيع

رد طلب لهما عليا أخذهما ثم أعود لأنام فلم أقتنع حياتي بالسائقين

المخصصين للمنازل حتى سيارات الأجرة لا أحب أن يركبوها

إلا حين أكون مسافرا ولا يمكنني أخذهم بنفسي






*~~***~~*






قلبت يدي يمينا ويسارا ثم وضعتها على الطاولة أنظر للخاتم في

أصابعي وغير مصدقة أني ارتدي في إصبعي خاتم من ذهب وفيه

ألماسة في طرفه , أشعر أنني في حلم رائع وأخشى أن أستيقظ منه

" عجلي بالموضوع يا سراب فأنا أرى شقيقتك لم تفعل شيئا "

أبعدت غرتي عن عيناي وقلت " اطمئن كل شيء سيكون على

ما يرام فكما أخبرتك قريبتي التي ربتنا ترفض تزويجنا الآن

لكننا سنتصرف بما أن المحكمة ولينا القانوني "

قال باستغراب " وكيف ليس شقيقها "

قلت مغيرة مجرى الحديث " أخبرني كيف لا أقارب

لك وأنت بهذا السن "

تنهد ومسح على ذقنه بيده المجعدة بعض الشيء وقال " كان لي

شقيق مدعي عام في محكمة القضاء في العاصمة وله ابنة لكنه

توفي في حادث سيارة وابنته اختطفت قبل ذلك من أمام منزله ظهرا "

قلت باستغراب " غريب ومن هذا الذي اختطفها وكيف لم تجدوها "

نظر للساعة في يده بتركيز وقال " الحكاية عمرها عشرون عاما

ولابد وأنها ميتة من سنوات فيبدوا انتقاما من أحد أصحاب

القضايا فلا تخمين غيره "

نظر بعدها لي وقال " لدي موعد مهم وسأ.... "

قطع جملته اليد التي ضربت على الطاولة فرفعت نظري له

فكان شاب بأنف مستقيم مدبب وعينان عسليتان وشعر بني غامق

ولحية خفيفة ينظر له نظرة باردة دون أي رد فعل ثم قال

" هذا ما كان ينقصك التلاعب بالفتيات في أعمار بناتك "

وقف العجوز وقال " هذا ليس من شأنك أغرب من أمامي هيا "

قال ذاك بحدة " كل الشأن لي وأموالي هذه التي تلعب

بها بعقول الفتيات "

هذا يبدوا ابن زوجته الذي حكا عنه , وقفت حينها وقلت

" لا شأن لك بما بيني وبين خطيبي "







*~~***~~*








نظرت للفتاة بصدمة من كلامها الذي قالته بل صدمت أكثر

من العينان العسليتان الواسعة التي كانت وكأني أنظر لعيناي في

المرآة حتى أنفها يكاد يكون كأنفي كما يقول عنه أمين كالمسطرة

قالت بضيق " ما تنظر له وابتعد عنا "

عدلت وقفتي وقلت بسخرية " عشنا ورأينا نساء

تتدخلن في كلام الرجال "

وضعت يداها وسط جسدها وأمالته وقالت " ولم ترى

نساء يضربن رجال أيضا "

ابتسمت ابتسامة ساخرة وأشرت برأسي وقلت

" العبي بعيدا يا فتاة "

قال حينا ذاك العجوز " أنت العب بعيدا وسراب

خطيبتي وسأتزوجها قريبا "

قلت بغضب " على جثماني يحدث هذا وأنا آسر ابن فارس "

صفقت بيديها وقالت " إذا للمقبرة يا حبيب والدك "

نظرت لها باستحقار , ما هذه ولسانها السليط ؟ عرف بمن

يقرر الزواج بل لم يخطر هذا في بالي

" عذرا يا أفاضل "

التفتت للواقف خلفنا وكان رجلا في الخمسين تقريبا وقال

" لا نريد ضجة وشوشرة ومشاكل هنا "

رمت يدها في وجهه وقالت " من يسمعك يصدق أنه لا

مشاكل تحدث هنا وكل يومين الشرطة تزوركم "

قال بضيق " أنتي والفتاة التي معك تسببتما بمشكلة من أسبوع

وسكتنا , الآن أخرجوا بمشاكلكم خارج المطعم قبل أن أحضر الأمن "

نظرت حينها للعجوز ثم الفتاة وقلت " لا بأس ولي حساب آخر

معكما ولن يحدث ما تخططان له ما دمت حيا "

ثم خرجت وتركت المطعم ونزلت السلالم وغادرت السوق بأكمله

تلعبها بخبث إذا يا لص تتزوج بها لتأخذ مالك ويحق لك حينها

أن تكتبه باسمها كاملا وأصبح في مشاكل لا تنتهي فما سيأتي

بالموت لها بعدك خصوصا أنه يبدوا عليها أنها حرباء وأسوء

منه ولن أخرج منها بشيء , خرجت من هناك وراقبتها أين

ذهبت حتى وصلت منزلها ثم ذهبت للمحامي فورا لدراسة

المستجدات ونصحني بخطة للتخلص منها لكن عليا أن

أرى من يساعدنا فيها والأنسب سيكون أواس بالتأكيد







*~~***~~*







نظرت لساعتي وضغطت على منبه السيارة مرارا ليخرج بسرعة

فانفتح الباب وخرج منه وأغلقه وفتح باب السيارة وركب وأغلقه

قائلا " أزعجت الشارع بأكمله بضجيجك المزعج "

تحركت بالسيارة قائلا " بل أنت من يحتاج لساعة ليخرج

حمدا لله أنك لست متزوج "

قال ببرود " وللأسف أني كذلك "

لففت بالسيارة وقلت " ألا تفكر في إرجاع زوجتك "

قال ببرود " لا "

قلت ونظري على الطريق " فؤاد ماذا ترتد بالتحديد "

فتح النافذة وقال " أعلمها درسا كي لا تبدّي أفكار والدتها علي "

قلت بهدوء " فؤاد هل فكرت أن انتقامك من أهلها فيها أمر يظلمها هي "

قال بسخرية " أنظروا من يتكلم أواس الذي ينتظر بالدقيقة

لينتقم من رجل بفتاة "

قلت بضيق " لا تخلط الأمور ففرق بين ما حدث معي وحدث

معك وتوقف عن ذكر الأمر كلما سنحت لك الفرصة ولا

تجعلني أندم لأني أخبرتك بما أفكر "

قال ببرود " لأني أراه ظلما أن تُظلم فتاة بسبب شيء

لا دخل لها به ثم أنت لم تحكي لي إلا لحاجتك مساعدتي

وإلا لن تكون أواس الذي أعرفه "

أوقفت السيارة أمام المجمع وقلت وأنا افتح بابها " افعل فقط

ما اتفقنا عليه سأنزل وأنت الحق بي ما أن تصلك إشارتي "

نزلت ودخلت المجمع قاصدا ذاك المحل فاليوم ستكون هنا

بالتأكيد واستلمت ورديتها من ساعتين , فؤاد محقق سيجلب

لي كل ما أريد دون أن اظهر في الصورة , دفعت الباب

ودخلت ثم نظرت من فوري لطاولتها وكانت فارغة ولا أحد

بها فنظرت بعدها للفتاتين أمامي فابتسمت إحداهما وقالت

" دُرر ليست هنا طبعا "

نظرت لها عاقدا حاجباي ثم قلت " وأين ذهبت ؟؟ "

رفعت كتفيها وقالت " تركت العمل "

ضغطت فكاي وقبضتي بقوة , سحقا هذا مالم أفكر فيه وكنت

اليوم سأعرف منزلها , تأخرت في ذلك يا غبي كنت فعلتها سابقا

لما تنتظر حتى الآن , قلت بجدية " من معها رقم هاتفها أو عنوانها "

هزتا رأسيهما بلا دون كلام فقلت " وكيف تعمل معكما

ولا تعرفان أم أنها هي طلبت منكما هذا "

قالت إحداهما " بل الحقيقة نقول فهي انطوائية قليلا ولا تحتك

بأحد , حتى الحديث لا تتحدث معنا إلا للضرورة "

كنت سأغادر فالتفتت لهما مجددا وقلت " وذاك الشاب

ما موضعه من كل هذا "

رفعت كتفيها وقالت " لا علم لي وهوا جاء قبلك بوقت

يسأل عنها أي لا يعلم بتركها للعمل "

خرجت وتركتهم وأشعر باستياء كبير فها قد أضعتها بعدما

وجدتها أخيرا , سحقا لحظك يا أواس كيف ستجدها الآن

عدت للسيارة وركبت فقال فراس من فوره " قلتَ ستأتي

الإشارة وليس أنت "

انطلقت قائلا " تركت العمل وضاعت مني الفرصة "

قال من فوره " وكيف لم تراقبها وتعرف منزلها

سابقا , لم أعرفك غبي هكذا "

قلت ببرود " هكذا حدث وانتهى "

ولا أنا أعلم لما لم ألحقها لمنزلها هل خوفا من أن تكذب

ظنوني أم سبب آخر أجهله , سحقا للحظ الذي لديك يا أواس

أوصلته بعدها لمنزله وغادرت لرؤية العقيد رفعت من أجل

القضية خصوصا أني أضعت الخيط الوحيد فقد يتصرف

هوا في الأمر







*~~***~~*








دخلت الجامعة بلباسي العادي ولم أجتز البوابة إلا بصعوبة

لأني لست طالبا فيها واضطررت لإخراج بطاقة الشرطة لهم

ليدخلوني , جبت الأروقة والممرات والحديقتين بحثا عنها ولم

أجدها , قد تكون ليس لديها محاضرة اليوم !! لكن مستحيل في

مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي كانت هنا , توجهت لآخر

محطة لم أزرها وهي الملاعب وما أن دخلت من الباب حتى لفت

نظري الشعر الأسود الحريري الذي يتطاير مع حركة ذلك الجسد

وهي ترمي كرة السلة وأصابت الهدف بسهولة ورشاقة فابتسمت

بمكر وقلت " جاء وقت تصفية الحساب "

كنت سأنزل الدرجات لولا أوقفني رؤية سدين وهي تضرب كفها

بكف تلك الفتاة وتدخل مكانها وتلعب الكرة , أعلم أن كرة السلة

هي عشق سدين لكني لم أتوقع أن تكونا تعرفان بعضهما بل كيف

تصادق مثل هذه , تراجعت للأعلى وبدأت سدين الركض بالكرة

وتلك الفتاة تصفر لها وتشجعها فخرجتُ من هناك فبوجودها

خرب كل المخطط لكن صبرك عليا يا لصة وقليلا فقط

غادرت الجامعة وعدت للمنزل غيرت ثيابي وتوجهت للقسم

دخلت ووجدت أمين هناك فوضعت هاتفي على الطاولة وقلت

متوجها للحمام في الغرفة " ما يحيرني تاجر ومتشبث

بالشرطة والتعب يا رجل "

وصلني صوته وأنا أدخل " هواية ألا تعرف معنى

أن يكون لك هواية تحبها "

قلت وأنا اغسل يداي عند المغسلة " هواية متعبة يا رجل لا

أعلم أنت وأواس ما حدكما عليها وتملكان موردا آخر للمال "

ثم أغلقت الباب ولم أفهم حتى ما قال






*~~***~~*






دخل إياس الحمام تاركا هاتفه على الطاولة فرفعته لأرى

صورهم في التدريب هناك فأنا أعرف إياس يعشق التصوير

وسيدخل هاتفه ولو خفية , فتحت على الصور وأول ما قابلتني

صورة لفتاة وطفلة جعلتاني أضحك على الفور من شكلهما وأعدت

الهاتف مكانه قبل أن يخرج , أقسم أنها سدين شقيقته لا أعلم هذه

الفتاة ما العقل الذي لديها وكيف تفكر , حين تحدثت مع إياس عن

خطبة رغد ومن ثم سلسبيل خشيت أن يقول لي سأرى سدين رغم

أنها أجملهن لكن شكل لباسها وهيئتها وتصرفاها يفسدانها ورحمني

إياس أنه لم يعرضها كفكرة حين رفضتْ شقيقته وخطب الثانية

أحدهم قبلي , صحيح أن إياس المفضل لدي ورغبت حقا في

مصاهرته لكن ليس سدين تلك لأني سأخنقها من أول ليلة

خرج حينها من الحمام ونظر لساعته وقال " بعد ساعة

سأخرج وتأخذ مكاني قليلا "

قلت مبتسما " لا بأس "

ثم أشرت لهاتفه بعيناي وقلت " أردت مشاهدة صور التدريب

فوجدت صورة فجعتني ما هذا الذوق الذي لديك

في نقل الصور يا رجل "

رفع هاتفه وقال " ولما تفتش هاتفي ألا ترى أنها خصوصية "

وضعت ساق على الأخرى وقلت ببرود " ومن هذا

الذي يفتش هاتفي طوال الوقت "

جلس خلف المكتب وقال " والدتي بدأت رحلة البحث عن

عروس لي فلما لا نتزوج معا ذات الليلة "

ضحكت وقلت " وأنا ليس لي والدة تبحث عن واحدة

وأخاف من ذوق شقيقتاي "

قال ضاحكا " لن يكون أسوء من والدتي تعشق المجنونات

وتقول عن الهادئات أنهن مريضات نفسيا "

ضحكت كثيرا وقلت " وقعت إذا "

فتح الملف أمامه وقال " وهل جننت أتركها تحضر واحدة هكذا "

دخل بعدها الشرطي بإشارة منه وقال إياس

" في أي مستشفى استقبلوا الجثة "

قال " مستشفى العاصمة وينتظرون المحضر "

وقفت وقلت " سأذهب أنا إذا "

وبدأ عملنا اليوم الذي سينتهي غدا كهذا الوقت








*~~***~~*








اقتربت منها وهي منسجمة في سقي أزهارها التي تغرسها في

أصص صغيرة وكثيرة وأغمضت لها عيناها بيداي فقالت من

فورها " سراب "

أبعدت يداي وقلت بتذمر " لو أعلم فقط كيف تعرفينني يا دُرر

رغم أني مشيت على رؤوس أصابعي ورششت من عطر ترجمان "

قالت ضاحكة وهي تسكب الماء في الأصيص " لأن كل واحدة

منكما تحاول خداعي بعطر الأخرى طبعا "

قلت ببرود " والآن تقوليها يا مخادعة ونحن نضن أنه

لك عينان في رأسك من الخلف "

وضعت المسقاة جانبا وتوجهت للداخل تنفض يداها من الغبار

فتبعتها قائلة " لم تذهبي لعملك طيلة الأسبوع هل طردوك "

دخلت الغرفة قائلة " بل أنا تركته وسأبحث عن غيره قريبا "

أغلقت الباب خلفي وقلت " غريب لما تركته وأنتي قلتِ

أنه أفضل عمل عملته "

جلست على السرير ولم تتحدث فاقتربت منها وجلست أمامها

وأمسكت يدها وقلت بهدوء ونظري على ملامحها " ما بك يا

دُرر حتى ترجمان قالت لي دُرر هذه الفترة لا تعجبني "

نظرت للأسفل وقالت بهدوء حذر " خائفة يا سراب "

قلت بقلق " مما ومن متى تخافين يا دُرر وأنتي

أصبرنا عند الشدائد والمحن "

استلت يدها من يدي ووضعتها مع الأخرى في حجرها وقالت

ناظرة لهما " هناك شاب كان يتبعني في عملي وأشعر بالخوف

من ظهوره مجددا أو أن يكون يعرف أني أسكن هنا "

قلت بحيرة " من يكون ؟؟ هل هوا ذاك التاجر "

هزت رأسها بلا فقلت " من يكون إذا "

قالت بضياع وتشتت " لا أعرفه وناداني بدُرّة "

قلت باستغراب " دُرّة !! يبدوا لي مشتق من اسمك "

نظرت للبعيد بشرود وقالت " ذات الاسم الذي كنت أسمعه

في منامي بصوت ذاك الفتى الذي يعذبه أحدهم "

هززت رأسي وقلت بحيرة " غريب ترى أيكون هوا "

نظرت لي بخوف وقالت " لا مستحيل ذاك حلم فقط "

قلت " لكنه قال ذات الاسم ولا أحد يناديك به هل

هوا من ماضيك ؟؟ "

ضمت يدها لصدرها وقالت بحيرة " أشعر أنه يراني في كل

مكان وأشعر بخوف غريب منه لا أفهمه ولا أفهم سببه "

أمسكت يدها الأخرى وقلت " لن يستطيع فعل شيء لك فها

أنتي لم تذهبي لعملك من أسبوع ولم تريه أو يأتي "

قالت بقلق " رأيت حلما غريبا يا سراب "

تنهدت وقلت " دائما أحلامك مخيفة ومرعبة وكوابيس

رغم أنك تقرئين أذكارك بانتظام وتنامي والمصحف

في حضنك تحفظين منه "

هزت رأسها وقالت " هذا ليس كابوس رأيت امرأة تلبس البياض

وقالت لي ( خدي حذرك من أمرين يا دُرر العجوز التي

تعيشين معها وماضيك ) وكررتها مرارا "

لوحت بيدي في الهواء وقلت " هذا الشيطان يريد

إشغالك وإخافتك فقط "

هزت رأسها بنعم وقالت " قد يكون كذلك "

قلت " وما فعلتِ مع ذاك التاجر وأنتي تركتِ العمل هناك "

رفعت كتفيها وقالت " كلٌ ذهب في حال سبيله "

ضربت فخذي بيدي وقلت بحسرة " خسارة كان فرصة "

غادرت السرير قائلة " استخرت ولم يسر كل شيء

على ما يرام يعني لا خيرة لي فيه "

نظرت لها وهي تقف عند النافذة وقلت " بل العجوز أفسدت

الأمر أليس كذلك ؟ فهي لا تعرف خير ولا شر "

شهقت شهقة صغيرة وهي تنظر للخارج بصدمة فقلت

" دُرر ما بك !! "

قالت بهمس مصدوم " هوا .... إنه هناك "

قفزت من السرير وركضت نحوها وقلت " أين أين "

أشارت بإصبعها قائلة " هناك في آخر رصيف الشارع المقابل "

نظرت حيث أشارت فكان ثمة رجلي شرطة فقلت

" أيهم هل رجال الشرطة تقصدين "

قالت " نعم ذاك المقابل لنا "

شهقت وقلت " هذا الشاب الذي كان مع الشرطي في مجمع التسوق "

نظرت لي وقالت باستغراب " أي مجمع وأي شاب ؟؟ "

قلت بحماس وأنا أنظر له " صادفناه وآخر هناك ويبدوان ضباط

شرطة , وااااو دُرر رائع وشخصيته رائعة رغم أن الآخر

كان أوسم منه ببياض بشرته "

نظر ناحيتنا فجأة فأعادت الستار القماشي الصغير وأبعدتني قائلة

" فضحتنا بصراخك وكاد يراني "

صفقت وقلت " يبدوا يبحث عنك وقد يكون معجبا بك , يالا حظك

يا دُرر لو تعلم ترجمان فقد أعجبها أكثر من صديقه "

توجهت للسرير وقالت ببرود " مجنونتان وهل تري هذا وقته

وأنا أقول لك يلاحقني ويعرفني وأنتي تفكرين في الإعجاب

وشخصيته وشكله "

قلت بحماس " قد تكون نواياه حسنة ويا محاسن الصدف "

هزت رأسها ورفعت مصحفها قائلة " اللهم عافنا وأعفوا عنا "

قلت بضيق " حمقاء ما قصدك بهذا "

ثم عدت للنافذة ورأيت خلسة وقلت " خسارة لقد غادر "







*~~***~~*









خرجت من الجامعة وأوقفت سيارة أجرى وركبتها عائدة للمنزل

وما أن ابتعدنا قليلا حتى اعترضت سيارة شرطة طريقنا بالعرض

فوقف السائق ثم نزل من تلك السيارة شرطي واقترب منا يلبس

نظارة شمسية كبيرة , هيئتة ليست غريبة عني أبدا وكأني رأيته

سابقا ! وصل عند نافذتي وانحنى متكأ بيده على سقف السيارة

وأزال النظارة ليظهر أنه ذاك الضابط المغرور وطرق

بأصابعه على النافذة وأشار بهم بمعنى انزلي








*~~***~~*








منذ أسبوع وأنا أبحث عنها ولم أجد لها أي أثر حتى أني

أصبحت ابحث في المحلات لعلي أجدها قد غيرت مكان

عملها بآخر والنتيجة واحدة وأخشى بفقدانها أن تغلق القضية

مجددا وأنا لم أصدق أن فتحتها بما أن جدها ليس هنا ولن يعلم

بأمر إيجادها حتى يصله مني , كنت أقف وآسر بالمقربة من

منزل الفتاة التي يريد ذاك العجوز الزواج بها وما أن خرجت

حتى قال " هذه هي وأسمها سراب "

هززت رأسي بحسنا فقال " أدخل لهم وتفاهم معهم وجد أي

سبيل ليوافقوا عليك ويرفضوه وتلاعب بهم كي لا يخبروه

الآن ويبقى على عماه وهي معه "

فتحت باب السيارة ونزلت وتوجهت لباب منزلهم من فوري

وطرقته مرة اثنتين ثلاثة ولا رد , يبدوا أنها تعيش هنا لوحدها

التفت حيث السيارة وأشرت له بمعنى لا أحد فسمعت حينها

الباب يفتح ببطء وصوت فتاة رقيق وهادئ بشكل غريب

قالت من خلفه " من هنا "

قلت بجدية " أريد مقابلة رجل هذا المنزل "

قالت حينها " لا رجل هنا "

قلت " من المسئول عن ساكنيه "

سكتت قليلا ثم قالت " من أنت "

تنهدت بضيق وقلت " أريد من أتحدث معه يا آنسة "

قالت " سأخبر والدتنا "

غابت لوقت ثم عادت وقالت من خلف الباب

" لا تقابل الرجال فأخبرني ما تريد "

قلت بضيق " ومع من يتحدث من يأتي لكم خاطبا "

سكتت قليلا ثم قالت " لا تتعب نفسك ورافقتك السلامة "

بقيت على صمتي وصدمتي لوقت , ما تعني بلا أتعب نفسي

يبدوا أن جميع ساكنيه متزوجين , تنهدت بقلة صبر وقلت

" لن آكلها لتخرج لي حتى في فناء المنزل لنتحدث "

فتحت حينها الباب قليلا وقالت " تفضل هنا حتى ... "

وسكتت من فورها تنظر لي بصدمة ولست بأفضل حال منها

وأنا أرى الواقفة أمامي الفتاة التي ضيعتني لأيام أبحث عنها

طوال الوقت , دفعتِ الباب بقوه لتغلقه لكني سبقتها ودفعته

في الاتجاه المعاكس وقلت " وجدتك أخيرا يا دُرة "




نهاية افصل .....



 
 

 

عرض البوم صور برد المشاعر  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جليد, حسون
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:15 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية