لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-02-16, 09:01 PM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثلاثون)

 






الفصل الحادي والثلاثون

المدخل : بقلم الغالية alilox


يادرتي احتويني طبطبي وداوي جرحي العميق من غابر السنيني يادرتي حرريني حرري روحي التي مازالت مقيدة مع ذاك الطفل في القبو من ظلم جدك الطاغيةخلصيني الذي استنزف طفولتي استباح برائتي وصنع مني قاسي القلب متمردا فأنت خلاصي وفي ذات الوقت انتقامي فساعديني خذي بيدي من ذاك القبو المظلم البارد الذي استعبد ذاتي وسكن ذكرياتي اخرجيني ولنور الشمس وربيع عمري بقربك خذيني يسعدلي هالمسا

وهذه بقلم الغالية اغاني الوفاء


أقسم بإن الحب الأزلي التي تتحدث عنه الروايات ودوواين الشعراء دوماً ، لم يحضى بقناعتي، فأنا مؤمنة إيماناً كاملاً أن تلك الأحلام الوردية ليس لها مكان في واقعنا ويومنا ، وكم كنت استخف بالفتيات المحلقات في سماء غرامهن وعشقهن...
ولكن أن أقف في يومي هذا مختلة الإتزان ، مضطربة المشاعر ،مشتتة الفكر، بسبب الصوت المدوي لباب قلبي الذي أدخل زائر الحب إلى أعماق أعماق قلبي، كأنه يلغي بذلك كافة قناعاتي ويرميهن عرض الحائط ، لاصطدم بإني أحمل لإحدهم شغف وولع وهيام.. لهوا الجنون نفسه،،، تباً فقد دارت الدنيا وأوقعتني بحصاد سخريتي من أحلام بنات حوى.

سلمت الأيادي


نظرت لي بصدمة لوقت ثم قالت ببحة " والدتي !!! "

هززت رأسي بنعم دون كلام فهزت رأسها غير مستوعبة ثم مسحت

عيناها وأنفها بطرف كمها وأشارت لنفسها وقالت " أمي أنا ؟ والدة

لسراب هذه "

ابتسمت بحزن ومددت يدي لخدها ومسحت بقايا دمعتها وقلت

" نعم والدة سراب "

جمعت خصلات شعرها خلف أذنيها وزحفت ناحيتي قليلا وأمسكت

يدي وقالت " لست تكذب عليا آسر أليس كذلك ؟ "

هززت رأسي بلا مبتسما فقفزت حاضنة لي تبكي حتى كادت

توقعني للخلف وتعلقت بعنقي فمسحت على ظهرها وقلت

" هذه السعادة من أجل والدتك أم من أجل أني لست متزوجا "

لم تجب طبعا بل ازدادت تمسكا بعنقي تدفن وجهها فيه وتبكي

بشدة فأبعدتها عني وحضنت وجهها بكفاي وقلت " يكفي بكاء

ألم تجفي بعد ؟ ستمرضين ولا نقود عندي لعلاجك "

أمسكت يدي مجددا وقالت " أريد أن أراها آسر خذني لها أرجوك "

نظرت حينها للأسفل وقد ماتت ابتسامتي ووصلني صوتها حائرة

" ماذا هناك هل هي مريضة أم مسافرة ؟؟ ألا يمكنني رؤيتها "

رفعت نظري لها ومددت يدي لذراعها وسحبتها لتتكئ على صدري

ونظرت للفراغ وقلت بشرود " لا هذه ولا تلك "

وتنهدتُ بعدها فعليا المتابعة وعليها أن تعلم بذلك وكل ما أخشاه نتائج

ما سأقول , تابعت وأصابعي تمسح على نعومة شعرها " بعد وفاة

والدك تزوجت خالتي من رجل مسئول كبير في الدولة ورفض أن

تبحث عنك وأن تعيدك إن وجدتك وبعد أن شِيع خبر ظهوركن من

جديد قال أنه لا يقبل أن تكون لها أي علاقة بك وقال أنه لا يعلم من

أي نوع أنتي وتعلمين وجهة نظر هؤلاء المسئولين الأثرياء يا

سراب وكيف ينظرون للأقل منهم فأهم ما لديهم مظهرهم

الاجتماعي "

ابتعدت حينها عن حضني ونظرت لعيناي وقالت بصدمة

" لكني لست فاجرة ولا مجرمة لما يخجل مني ! وأكبر دليل

أني متزوجة ومِن ضابط شرطة أيضا "

تنهدت وقلت " لم يقتنع وهي تريد رؤيتك دون علمه "

نزلت دمعتها تسابق الأخرى وقالت بصدمة " رؤيتي في السر !!

هل باعتني به ؟ "

لم أعرف ما أقول وما أجيب فسألت من فورها " هل لدي

أخوة ؟ هل لها أبناء منه "

هززت رأسي بلا فقالت بعبرة " إذا لما تتمسك به أم كل ما

يعنيها مظهرها الاجتماعي أيضا "

كنت سأتحدث لكنها سبقتني قائلة " هل عرضت عليها

العيش معنا هنا ؟ قل الحقيقة آسر "

صُدمت بادئ الأمر لتوقعها ذلك لكني لم أستغرب أن تفكر فيه فأنا

بالفعل أخبرتها أنها إن أرادت ابنتها فمنزلي مفتوح لها ولم أخبرها

بثروتي وثروة ابنتها لكنها رفضت , نظرت للأسفل ولم أتحدث فبدأت

بضرب فخذيها بقبضتيها بقوة وقالت ببكاء " باعتني من أجل المال

باعت ابنتها الوحيدة من أجل ذاك , من أجل كيس النقود

اختارته عليا أنا "

مددت يدي لها قائلا " سراب عليك أن تسمعي منها أن تعلمي

أسبابها فقد يكون كل هذا من أجلك "

رمت يدي عنها وقالت بصراخ باكي " لا أريد سماع صوتها

ولا رؤيتها لا أريدها , ابتعد عني "

وقفت حينها فعليا تركها وحدها ستهدأ وتفكر بروية وما ستقرره سيكون

ولن أجبرها على شيء فخالتي كانت مخطئة منذ وافقت عليه وشرطه

كان من قبل زواجه بها أنه لن يعترف بابنتها في حال ظهورها وأن

تنساها للأبد , ومالا تعلميه يا سراب أن جميع أموال والدك سلمتها

والدتك لذاك المغرور فلو فكرتِ للحظة لاستغربتِ كيف لمدعي عام

في محكمة العاصمة أن يموت ولا يترك شيئا ولا حتى منزل ترثيه

منه , خرجت من الغرفة وتركتها في بكائها المستمر تاركا قلبي معها

لا يمكنني التغيب أكثر عن قسم الشرطة وما كنت أريد إخبارها الليلة

لكنها اضطرتني لذلك كي لا تمضي الليل تبكي من فكرة زواجي وها

هي ستمضيه في دموع أشد وحزن أكبر , عليك أن تكوني قوية يا

سراب عليك أن تتخطي هذه الصدمة ولوحدك ولتعلمي أن حب المال

أمر سيء وقاتل ولهذا لم أكن أريد إخبارك عنها عندما سألتني تلك

الليلة لكنها تصر الآن على رؤيتك وكانت ستأتي من نفسها لذلك

أخبرتها أنه علينا تمهيد الأمر لك أولا



*~~***~~*



بعدما صليت الفجر وأنهيت قراءة أذكاري وقفت أفكر بحيرة أمام

الخزانة المفتوحة لأقرر ما سأرتدي وعيناي على قمصان النوم

لكننا وقت الفجر الآن فما قميص النوم في الصباح !! لكنه يُعتبر ليلا

بالنسبة له وسيأتي لينام , آخ منك يا أواس كنت دائما تأتي هذا الوقت

لا ترى شيئا أمامك بسبب التعب والسهر وتنام فورا فما جد عليك اليوم

أنا الحمقاء هل كان عليا فعل ذلك بالأمس , مررت أصابعي في شعري

ورفعته للأعلى وتأففت , لما لم أستطع تمالك نفسي ؟ ما هذا الذي فعله

بي أم كله من تأثيرا زوجته على أفكاري , أخرجت أحد قمصان النوم

أقطع بذلك جميع هذه الأفكار ولبسته , كان قصيرا لنصف الفخذ وباللون

النيلي , قصير جدا لكنه أفضل من طويل وأعلاه كله دانتيل مخرم أو

شيفون فهذا من الحرير , توجهت بعدها جهة المرآة وكنت سأضع أحمر

شفاه فغيرت رأيي حين تذكرت تلك المرة جعلني أمسحه فما نفعه الآن

تحركت بعدها في الغرفة أفكر أين سأستقر بهذا المظهر أدخل السرير

وأغطي نفسي ؟ حركة سخيفة جدا , أجلس وأغطي ساقاي ؟ أيضا حركة

مزرية وكأني مشلولة أو نائمة في المستشفى فكيف أستقبله هكذا , تأففت

وأمسكت رأسي بيدي أتنهد بأسى لحظة انفتح باب الغرفة ودخل ليجدني

واقفة مكاني لا جالسة ولا نائمة ولا قررت شيئا , نظرت للأرض من

فوري أخفي توتري بدس خصلات شعري خلف أذني فأغلق الباب ووقف

عنده ولم يتحرك وخشيت أن أرفع نظري له فأجده ينظر لي بضيق أو

غضب , غبية ما فعلته ليغضب ها أنتي طبقت أوامره لك وبحذافيرها

رفعت نظري له ببطء فكان مكتفا يداه لصدره وقال ما أن وقع نظري

على عينيه " اليوم لن أدخل دون دعوى , سأعتبر نفسي ضيفا "

شهقت حينها في وجهه بصدمة فرفع يده أمام وجهه وفعل حركة

بسبابته وإبهامه ثم قال " لا تذكرين هذه الحركة بالتأكيد "

أبعدت نظري عنه حينها فإن كنت لا أذكرها فأنا أعرف معناها وهل

قصده بهذا أني كنت أفعلها له في صغري ؟ لا أستغرب ذلك فيبدوا

أني كنت طفلة وقحة تحتاج من يجلدها لتتأدب , قلت بخجل

" أواس توقف عن هذا "

قال حينها بصوت مبتسم " متأكد أنك لن ترضي أن أقضي اليوم

واقفا هنا لأني لن أتحرك من مكاني إلا بدعوة "

تراجعت خطوتين أهز رأسي رفضا وقلت " أواس أترك

عنك هذا الجنون "

هز رأسه بلا مبتسما دون كلام فقلت " ادخل الحمام واستحم

وسأجهز لك ثيابك , تحرك هيا "

بقي مكانه وأعاد الحركة مجددا فرفعت رأسي للأعلى وهززته بلا

وقلت بحياء " هذا جنون , لا مستحيل "

فقال بعدها بلحظة " هيا دُره فلا صبر لدي عليك أكثر "

أخفضت حينها رأسي وغطيته بكفاي وأشعر بإحراج لم أشعر به

حياتي مع لذعة صغيرة لا أعلم سعادة أم رغبة أم تسلي , اتكأ حينها

على الباب خلفه مصدرا ثقله عليه صوتا وقال " متعب يا طفلة أواس

وأكاد أسقط واقفا فارحميني "

أبعدت يداي حينها وتحركت نحوه ورأسي أرضا وكلما اقتربت منه

خطوة شعرت بدمائي تتفجر في وجهي حتى وصلت عنده ومهما طال

الوقت كنت سأصل , وقفت أمامه وقد سوى وقفته ووضع يديه في

جيوب بنطاله فعضضت شفتي بقوة ثم رفعت يداي وطوقت بهما عنقه

ورفعت رأسي قليلا بحيث لا تقع عيناي على عينيه وأغمضتهما من

فوري وقبلته وهذا المجرم لم يبدي أي مساعدة ولا بأن ضمني بيديه

وكأنه يعلم نتيجتها فسرعان ما استسلمت لجنوني وتعلقت به أكثر أرفع

نفسي على رءوس أصابعي وقبلتي تزداد عمقا وضمني بذراعيه حينها

وقبل أن يشاركني الأمر أبعدت شفتاي وخبأت وجهي في صدره وقلت

" آخر مرة تفعل لي تلك الحركة أو أغضبتك "

فخرجت حينها ضحكته الخفيفة وشعرت بها كأنها ذبذبات من ضلوعه

المحتضنة لي وهمس في أذني " لن أفعلها إن تعلمتِ كيف تستقبلين

زوجك كلما دخل الغرفة "

ابتعدت عنه وقلت بصدمة " كلما ماذا !! "

توجه نحوي ورفعني عن الأرض قائلا " لا تناقشي كي

لا أقول كلما رأيتِني "



*~~***~~*




ما أن دخلت المنزل فجرا حتى وجدتها خارجة من غرفتها وملامحها

أسوء مما كانت عليه وتبدوا لم تنم البارحة , توجهتْ للمطبخ دون

أن تنظر لي ووقفت عند الباب تنظر للأرض وقالت

" هل أعد لك إفطارك "

قلت متوجها للغرفة " لا سأخرج لا وقت لدي "

وما أن وضعت يدي على الباب حتى قالت " ماذا هناك ؟؟

هل من مكروه حدث لعائلة العم صابر ؟ "

دفعته ودخلت قائلا " لا ... لا شيء من ذلك "

أخذت ثيابي وخرجت للحمام ولم تكن موجودة , استحممت سريعا

وغادرت المنزل من فوري لأن المحامي ينتظرني من أكثر من

نصف ساعة , وصلت مكتبه وخرج لي فورا وركب السيارة وقال

ما أن انطلقنا " هناك من سيساعدنا , سبحان الله كل الأمور

تتيسر لك يا آسر "

قلت مبتسما " حمدا لله كله من نعمه وفضله "

ثم نظرت له وقلت " كم سيستغرق الأمر من وقت "

قال من فوره " ليس كثيرا فالأملاك محددة ولا شركاء له وحتى

التجار الذين كان يتعامل معهم انتهت عقودهم من قبل وفاته فهوا

كان على علم بمرضه والفترة الماضية تجمدت فيها أملاكه ومراقبة

جميعها من المحكمة وسنلتقي اليوم بالمحامي المسئول عنها ستعرف

ما لك وما عليك وبما أن الإرث سيقسم لنصفين دون بيع شيء منه

سيكون حصره سهلا وتقسيمه كذلك "

هززت رأسي بحسنا مبتسما وقلت " المهم المنزل الآن علينا أن

ننهي أموره أولا وبما أنه كما في الأوراق بطابقين متشابهان فالسفلي

لي أريد أن أجهز غرفا فيه وأنقل عائلة عمي صابر له في

أسرع وقت "

قال مبتسما " وهذه أول إشارة لعدلك أخذت طابقا وتركت

لها واحدا "

ثم تابع بضحكة " وأين أنت من كل هذا وهي زوجتك ؟ "

ضحكت وقلت " معها إن رضيت عني وفي الأسفل إن طردتني "

وضحكنا معا لحظة وصولنا مبنى المحكمة وبدأنا في الإجراءات

الطويلة التي أراها كما قال تتيسر أمامي وكأن الجميع مجهز ليقف

معي ويساعدني وبحكم مهنتي استطعت اختصار الكثير على نفسي


*~~***~~*



ما أن أشرقت شمس صباح الليلة التي لم يغمض لي فيها جفن مهما

حاولت نزلت للأسفل وكانت عمتي وسدين تجلسان في الصالون

الموجود وسط الصالة الواسعة التي يدخلها النور من كل جانب

بسبب النوافذ الضخمة وباب المنزل الواسع المفتوح فهذا أجمل ما

في المزارع الخصوصية التامة لا جيران لا منازل بطوابق مرتفعة

ولا تطفل من أحد , وصلت عندهم وجلست بعدما ألقيت تحية الصباح

فقد يكون أخبرهم أني علمت ولن أعطي الفرصة لأحد يشمت بي وإن

كانت عائلتهم التي لم أرى منها إلا الحب والمعاملة الطيبة , لكنه قهر

مقهورة ولا أعلم لما أشعر بكل هذا وأبحث فقط عمن ألقي باللوم

عليه في هذه اللعبة التي لعبوها من ورائي وجميعهم يعلمون

" ترجمان ما رأيك أنتي في هذا "

نظرت لها وقلت " ماذا ؟؟ أعيدي فلم أكن منتبهة معك "

قالت مبتسمة " ومن يشغل بالك ها اعترفي "

ابتسمت لها ببرود ولم أعلق لأن تعليقي سيجرحها , وقفت

رغد حينها من بعيد ونادت " سدين تعالي "

فوقفت من فورها وغادرت جهتها واختفتا هناك وقالت عمتي

" سلسبيل قادمة بعد يومين مع زوجها ووالدته وكنا نتناقش في الأمر "

ابتسمت وهززت رأسي دون تعليق فخرج لنا صوت سدين من بعيد

" أمي تعالي "

فقالت عمتي بصوت مرتفع " ما سيوقفني الآن قولي ما

لديك من هناك "

قلت حينها بسخرية " اذهبي لها فقد يكون مخططا جديدا لا

تريدونني فيه "

نظرت لي بصدمة وقالت " مخطط ماذا الذي سنخفيه عنك ؟ "

وكانت القشة التي قصمت ظهري فقلت بضيق " أنتي أعلم مني يا

عمتي وما كان عليكم إخفاء الأمر تندسون وتتهامسون من ورائي

في موضوع أنا الجزء الأساسي فيه "

قالت بشبه همس " أخبرك ؟ "

قلت ببرود وإن كان بغضب داخلي مشتعل " نعم وهل كنتم

تخططون لإخفاء الأمر حتى يحضرها "

تلعثمت ولم تعرف ما تقول فوقفت وقلت " على ابنك أن يطلقني

بما أنه وجد بديلا لي فلا داعي لتركي كالمزهرية هنا "

كانت ستتحدث لولا أوقفها الصوت الرجولي الحازم من خلفي قائلا

" ترجماااان "

التفت له وكان يقف خلفي ينظر لي بضيق بمظهره الجديد القميص

المهمل مثني الأكمام لمرفقيه وبنطلون الجينز المتسخ وخصلات

شعره المتناثرة على جبينه وفي يده يحمل حبلا ملفوفا , نظرت

له ببرود وقلت " نعم أي أوامر "

قال بضيق " لو كان لك كلام كنتِ أتحفتني به ليلة أمس دون

هذه المسرحية وأنتي تستفردين بوالدتي "

كتفت ذراعاي لصدري وقلت " لم أقل لها شيئا غير الذي

قلته لك فذكرني بمخالفاتي "

تحولت ملامحه للغضب وكان سيتحدث لولا التي قفزت من خلفي

وتوجهت نحوه مسرعة وأمسكت ذراعيه قائلة " حلفتك بالله أن

تسكت يا إياس لا داعي لكل هذا "

نظر لي حينها وقال " من أجلك فقط يا أمي فلن يهينك أحد

وأسكت له والكلام موجه لابنة شقيقك "

تحركت حينها وغادرت من أمامهم وصعدت للأعلى

وعدت لغرفتي ضاربة بابها خلفي بقوة


*~~***~~*


صعدت هي للأعلى وأبعدت والدتي يداها وقالت بعتب

" إياس لا يجوز بني هي مجروحة وعلينا أن نتحملها "

ابتسمت بسخرية وقلت " لا أعتقد أن ما في خيالك حقيقي "

تنهدت وقالت " لا تنسى وعدك لي يا إياس لن تطلقها مهما قالت

وطلبت ذلك أو لن أرضى بزوجتك الجديدة تلك في منزلي

ما حييت "

قلت بضيق " وما علاقة سهاد بالأمر أنتي ربطتِ رضاك عن

زواجي بأن لا أطلق ترجمان وأنا وافقت فأبعدي سهاد عن

كل هذا "

قالت مغادره على صوت نداء سدين المتكرر لها " لا تنسى تعهدات

خالك رفعت أيضا ولا أضنك ترضى أن يغضب منك وينفذ تهديداته "

ثم اختفت تتحدث مع سدين وتركتني أتأفف غاضبا , خرجت بعدها

وعدت جهة الإسطبلات وبدأت بربط الدعامة مع العامل الذي كان

ينتظرني هناك ممسكا لها وكنت أشد الحبل بقوة وغضب وأنا أتذكر

نظراتها وكلامها حتى أنها البارحة لم تتأثر وأنا أخبرها وكأن الأمر

لا يعنيها أم تفكر أني فعلتها فقط لإغاظتها , ربطته جيدا ثم قفزت من

الأعلى وقلت " أكمل أنت الباقي سأذهب لرؤية ذاك التاجر وأعود لك "

هز رأسه بحسننا وبدأ بتمرير باقي الحبل في الثقوب وغادرت أنا

من هناك للمنزل استحممت وغيرت ثيابي وخرجت من المزرعة

لزيارة تاجر الخيول الأشهر هنا فلو قبل عرضي ومساعدتي سينفعني

كثيرا , وصلت المزرعة واستقبلني مدير أعماله وكما حكوا لي عنهم

بسطاء جدا عكس حالتهم المادية فقد كان يمسك طفلا ينظف له يديه

من الوحل ويبدوا ابنه لأنه يناديه بابا , وقف على طوله ما أن

رآني وقال مبتسما " لابد وأنك السيد إياس تفضل "

صافحته قائلا " نعم وأنت السيد وليد بالتأكيد "

قال مبتسما " نعم ونواس في انتظارك أعذرني يدي متسخة "

ثم التفت وتحدث مع طفلة تقفز بعيدا وقال " تعالي خذيه لوالدته "

نظرت لنا وقالت " عمتي مي نائمة وقالت يبقى معك ولا توقظوني "

ضحكنا معا وقال " تفضل هيا ولا تنفر من الزواج بسببي "

ضحكت وقلت سائرا معه " لدي حصتي وزيادة "

وصلنا الإسطبلات وكنت أتوقع أن يستقبلني في مكتبه لكن يبدوا

أنه كمدير أعماله لا رسميات لديهم , دخلت الإسطبل الذي كان

فيه مع فتى يبدوا في العاشرة وغادر مدير أعماله من فوره

مددت يدي له وقلت " تشرفت بمعرفتك سيد نواس"

صافحني مبتسما وقال " وأنا أيضا سررت بلقائك "

تحدثنا لوقت عن خيولي ومشاكلها وإمكانية مساعدته لي موسم

التزاوج وعرض عليا أفكاره وكان أكثر مما تخيلت سمحا وبشوشا

ومتعاونا جدا وكريما حتى في نصائحه , قال مبتسما " لأنه لا

خبرة لديك فستجد الأمر صعبا بادئ الأمر لكن بالعزيمة ستنجح

وسأساعدك فخالك العقيد رفعت له جميل كبير في عنقي "

هززت رأسي مبتسما ومتفائلا ثم مسحت على رأس الفتى الذي

كان ينظر لي مبتسما وقلت " يبدوا ابنك رغم أنه لا يشبهك "

قال مبتسما " نعم ولي غيره ثلاثة ولا أحد منهم يشبهني "

ضحكنا معا لحظة ما ظهر رأس فتاة صغيرة تبدوا في السادسة نظرت

من باب الإسطبل بعينان سوداء واسعة وشعر حالك السواد مربوط

جديلتين وقالت " أحمد ويلك من ماما هي تبحث عنك وغاضبة لأنك

لا تدرس وغادرت الغرفة "

فركض حينها مسرعا وقال " أذهبي وأخرجي كتابي من المطبخ

وأعطيه لي من الباب الخارجي بسرعة "

فضحكنا كلينا ورفع كتفيه وقال " النساء لا يقتنعن أن ثمة

أبناء لا ينفعون للدراسة "


*~~***~~*



طرقت الباب مجددا وقلت " ترجمان افتحي ولو

من أجل عمتك "

ولا مجيب طبعا فتنهدت والدتي بجانبي وقالت " لنتركها

الآن قد تكون تريد البقاء وحدها "

قلت بضيق " لا ليست ترجمان من تستفرد بنفسها وتحزن

أنا أعرفها قبلكم وأكثر منك , كله بسبب ابنك وجنونه

ما الذي ينقصها يفكر هكذا "

انفتح الباب حينها وخرجت منه على نظراتنا المترقبة وقالت

" ما بكم لم تتركوني في الحمام براحتي ظننت أن

مكروها أصاب أحدكم "
نظرنا لبعضنا ثم لها وقلت " كنتِ في الحمام !! "

نظرت لوالدتي وقالت " آسفة عمتي لم أعني ما قلت "

هزت أمي رأسها وقالت " لا عليك بنيتي أنتي من علينا

أن نعتذر منك "

رفعت كتفيها وقالت " حياته وهوا حر فيها أزعجني فقط أن

أخفيتم الأمر عني وكأني سأفسده عليه "

قالت أمي من فورها " أبدا يا ترجمان ما هذا التفكير نحن فقط

خفنا أن تزداد المشاكل بينكما ولم يكن أحدا راض عن ذلك

وحاولنا جهدنا ولم ننجح "

كانت ستقول شيئا فسبقتها والدتي قائلة " لا يا ترجمان

طلاق لن أطلبه منه ولن أوافق عليه "

قالت بضيق " ولما وهوا مستغن عني وسيجلب أخرى

ما موقعي أنا من كل هذا "

قالت من فورها " أنتي زوجته مثلها فلا تسقطي حقك فيه

فقد تعيديه تحت جناحك مجددا "

حركت يداها في الهواء قائلة بضيق " لا أريده عمتي أفهموها ولا

حياة بيننا , لما لا تحرروني منه لأختار بنفسي كما فعل هوا "

تحولت لهجة أمي للجدية وقالت " لا ابني ولا أعرفه إن طلقك ولا

أنتي ابنة شقيقي ولا أعترف بك وعمك رفعت رأيه من رأيي وسبق

وبلغه به ويوم ستخرجين من هنا سيلحقك هوا ولن تعتب قدماه منزلي "

نظرنا لها كلينا بصدمة فقالت بجدية أكبر " قسما لن يردعني عن

فعلها شيء وقد أخبرته بذلك منذ قرر قراره ذاك وعليه أن يعدل

بينكما إلا فيما أسقطته بنفسك "

ثم غادرت ودخلت ترجمان الغرفة بخطوات غاضبة فلحقتها

وأغلقت الباب خلفي وقلت " هل ستتنازلين لها عليه يا غبية "

التفتت لي وقالت " لا تتحدثي معي , أنتي التي آخر من كنت

أتوقع أن تخفي أمرا كهذا عني "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت " ترجمان لا تنفثي

غضبك واستيائك بي "

تحركت جهتي وفتحت الباب وخرجت قائلة " بسرعة

ننهي باقي أعمالنا بلا كثرة حديث "

فهززت رأسي وتبعتها , وكأنها ليست تلك التي قالت بالأمس لن

تعمل مجددا ومؤكد تريد إفراغ طاقة غضبها هناك فهي هكذا دائما

تفرغ ما تكبته بالمجهود البدني , سارعت الخطى حتى أدركت

خطواتها تنزل السلالم وسرت بجانبها قائلة " ترجمان أقسم أنه

بمقدورك استعادته منها وبسهولة فقط استخدمي عقل الأنثى "

أسرعت أمامي للباب قائلة " مستغنية عنه لتشبع به "

فتنهدت وهززت رأسي بيأس ولحقتها


*~~***~~*


مرت أيام هذا الأسبوع عرفت فيهم أواس جديد كما عرفت فيهم دُرر

جديدة أيضا , صحيح أنه متغيب جل النهار لكن تعامله معي تغير

كثيرا وكأنه ليس ذاك البارد الجليدي الغاضب دائما والمستاء طوال

الوقت وبلا سبب , أما حال صديقتكم دُرر فقد تردى للهاوية وقد بات

حضنه سكينتي ودفء صوته انتعاش روحي التائهة وقبلاته عنواني

للحياة وأصبح باختصار جزئا مني شيء أستحمل تغيبه طوال النهار

لكن لا أستوعب فكرة أن يخلوا يومي منه , أعلم أنه سجاني وجلادي

ومصيري معه مجهول ومبهم وقصير لكن ما يحدث معي فاق طاقتي

ولا تحكم لي به , قد يكون لأنه الرجل الوحيد في حياتي وقد يكون

لأني وجدت فيه الحضن الذي افتقدته كل عمري وقد وقد وكلها واحد

أني تعلقت به حقا وإن كان ذلك بيني وبين نفسي ولم أخبره به فلازال

كل واحد منا متحفظا في نظري , تصرفاته تحكي الكثير لكن لسانه

لازال يقتصر الحروف والكلمات وعيناه لازالت تخفي من الماضي

الكثير , تنهدت بأسى ونظرت له وهوا نائم بجانبي وابتسمت على

شكله المرهق وحاجبيه المعقودان وهوا نائم وفي حركة مجنونة

مددت سبابتي وحركتها بين حاجبيه ففتح عينيه فورا فرغم كل تعبه

نومه خفيف جدا , أمسك يدي وقبلها ثم انقلب وأولاني ظهره

قائلا ببحة " دُره اتركيني أنام ورائي نهار مرهق "

فتركت السرير والغرفة وأغلقت الباب خلفي بهدوء , هوا لا

يرحم نفسه أبدا رغم عودته فجرا من قسم الشرطة ينام لساعات

معدودة ثم يغادر لمعرضه ومحلاته ولا يرجع إلا مساء منهك

حد الانهيار وصحته آخر ما يفكر فيه , نزلت السلالم وتوجهت

لغرفة عمته لأني أعلم أنها لا تنام بعد الفجر , طرقت الباب

فقالت مباشرة " تفضل "

ففتحته ودخلت وقلت مبتسمة " نمت البارحة مبكرا

ولم أستطع النوم الآن "

قالت مبتسمة " تعالي إذا , هذا لأن زوجك ليس هنا ليلة

أمس لما نمتِ باكرا هكذا "

ابتسمت بحياء ودخلت وأغلقت الباب واقتربت منها حتى

جلست أمامها وقلت " في ماذا تمضين الوقت كل يوم "

وضعت مصحفها جانبا وقالت " في الحديقة في إعداد الطعام

أو ترتيب غرفتي , لا أحار فدائما أجد لي عملا أفعله "

ابتسمت لها ولم أعلق فقالت " أرى أواس هذه الفترة شخص

آخر يبدوا أن الأمور تطورت بينكما "

نظرت ليداي في حجري وقلت " أفضل من السابق بكثير "

قالت بهدوء " علمت أن هذا لن يصعب عليك ونصحتك

سابقا بأن تجربي "

رفعت نظري لها وقلت بحيرة " لكن ثمة ما يزال يؤرقه عمتي

يحزنني حاله حقا ولا أفهمه ولا أفهم ماضيه وخائفة عليه منه حقا "

تنهدت وقالت " حل ذلك كله لديك يا دُرر فأنتي مفتاح أواس

الوحيد , أنتي من عليه انتشاله من ذلك الماضي "

هززت رأسي بحيرة وقلت بحزن " كيف وأنا لا أعلمه , جدي والحقد

الذي بينهما والده وأشياء كثيرة لا أفهمها , من كان يعذبه منهما وما

يريدان منه فلا واحد منهما يبدوا يفكر في تركه وشأنه فكيف

سأنقده وأحميه وأنا لا أفهم شيئا "

كانت ستتحدث لولا انفتح الباب وظننتها إحدى الخادمات حتى

قالت الجالسة مقابلا لي بابتسامة " تعال فيبدوا أن الذين فارقهم

النوم كثر اليوم "

التفت حينها فكان أواس ببيجامة النوم شعره مبعثر وعيناه محمرتان

وناعستان , اقترب مني وأمسك يدي وسحبني منها قائلا

" من سمح لك بمغادرة الغرفة تحركي هيا "

وسحبني معه على صوت ضحكة عمته فقلت ضاحكة وأنا أجاري

خطواته السريعة " أواس توقف , ما ستفعل بي وأنت ستنام "

وكان وكأنه لا يسمعني حتى وصلنا غرفتنا وأغلق الباب وأشار

للسرير دون كلام فضحكت ودخلت تحت اللحاف فنام أيضا وشدني

لحظنه قائلا " هل تعي أن النوم فارق عيني ما أن غادرتِ الغرفة "

دسست وجهي في صدره وأحطت خصره بذراعي وقلت مبتسمة

" أمري لله رغم أني قسما لا أشعر بالنعاس "

قال حينها بصوت ثقيل هامس " أشششش "

وسرعان ما عاد للنوم وتركني لتلاطم مشاعري وأنا أتنفس عطره

وأستمع لأنفاسه ونبضات قلبه وكأنه ينوي بهذا تعذيبي أكثر ولم يكفيه

ما وصلت له , فلا ينسيني نظرات زوجته وكلامها الجارح سوا لحظات

وجوده معي , بعد وقت استسلمت للنوم رغما عني كطفل أطفئوا

عليه النور وسجنوه في سريره

وبعد وقت طويل استيقظت ووجدت نفسي وحدي ولم أشعر حتى

بتركه للسرير وكأني أنا التي نمت متعبة وليس هوا , جلست أجمع

شعري وسمعت صوت المياه في الحمام أي أنه يستحم وسيخرج لباقي

أعماله , غادرت السرير وتوجهت لهاتفه وطاقة ما تحركني أسمها

( عليا معرفة ماضيك يا أواس ) أمسكت هاتفه بيدين مرتجفة وعيناي

على باب الحمام وقلبي ينبض بجنون من الخوف لأني أعي معنى ما

سيحدث إن خرج ووجدني أمسكه , فتحت قائمة الأسماء ولحسن حظي

لم يكن يغلقه بالرقم السرير وبحثت عن أسم ( الوحش ) ونظرت للرقم

مطولا وأعدته عدة مرات من توتري لأحفظه ثم وضعت الهاتف مكانه

لحظة ما توقفت المياه في الحمام , أعلم خطورة ما سأقدم عليه وأنه

حذرني من التحدث بهاتفي مع غير سراب وترجمان لكن عليا أن

أفهم وأن أعلم الحقيقة مادام لا يريد هوا إخباري بها


*~~***~~*


حركت المجرفة فطار الحجر ضاربا في خصرها فلم أستطع إمساك

ضحكتي وقالت هي بضيق " نعم أعطبي لي كليتي , أعلم أن

ذاك الأحمق أمين لن يأخذني من هنا إلا نصف إنسانة "

عدت للضحك مجددا فسدين الشخص الوحيد الذي بات مصدر الترفيه

لي هنا ولا أعلم كيف ستصبح هذه المزرعة بعد مغادرتها فلم أتخيل

يوما أنها بلباسها وعاداتها تلك تعمل كل هذه الأعمال , رمت ما

في يدها وقالت " انتهى عملنا لليوم هيا للراحة "

رميت المجرفة أيضا وتوجهنا للمنزل وقالت " الأحمق إياس

تركنا نعمل وحدنا وغادر "

لويت شفتاي وتمتمت " ذلك أفضل "

وطبعا لم يخاطب لساني لسانه منذ ذاك اليوم رغم أننا نتواجد معا

لأكثر من ساعتين هنا وعلى طاولة الطعام , وهوا الآن مشغول

بإعداد جناح له ولعروسه الجديدة ويرميني أنا في غرفة ولم يجعل

لي جناحا ولا وقت زواجنا هناك , لا أعلم أي مظهر سخيف هذا

الذي سيظهر به أمام الناس تزوج ولم يمضي على زواجنا أكثر

من ست أشهر , دخلنا المنزل وقالت عمتي ما أن رأتنا

" للحمام فورا لنتناول الغداء "

قالت سدين " سآكل هكذا ثم أستحم وأنام "

نظرت لها بصدمة ثم ضحكت وقالت " سدين تتكلم يالا العجب "

قالت سدين بضيق " وما تركتم من سدين القديمة غير الذكرى فلم

يعد لدي وقت ولا للاهتمام بنفسي كالسابق وتحولت لفتاة مزرعة

متسخة يدور الذباب حولها طوال النهار "

ضحكنا أنا وعمتي هذه المرة ليعج المنزل بضحكاتنا ومات كل ذاك

الضحك وتحول المكان لكوكب من الصمت وكأنه لا أحد فيه ما أن

دخل إياس من الباب يحمل في يده حقيبة كبيرة وضعها وقال

ناظرا هناك " أدخلي يا سهاد "

لتعلوا ضربات كعب حداء امرأة ودخلت فتاة بقوام ممشوق وطويل

وكأنها عارضة أزياء ببشرة عاجية وعينان زرقاء متوسطة الحجم

وملامح هادئة , بنطلون ضيق ومعطف من الفراء وقبعة وشال

تغطي بهما شعرها وعنقها وكأنها قادمة من الجليد , مدت يدها

لقبعتها فورا ونزعتها لينسدل شعرها البني المموج للخلف ولا

أعلم لأي طول يصل وقالت بابتسامة خجولة " مساء الخير "



*~~***~~*


وقفت بسيارتي أمامه فركب وأغلق الباب بقوة وقال

" تحرك "
فشغلت السيارة وتحركنا وأنا في حيرة من أمره وملامحه وطلبه

رؤيتي الآن وفي السيارة تحديدا !! نظرت له ثم للطريق وقلت

" خالد ما بك يا رجل "

قال بصوت فيه سخرية " اتصل بي إياس وتقابلنا صباحا "

أوقفت السيارة جانبا ونظرت له وقلت بريبة " وماذا يريد

منك يتصل بك وما علاقتي أنا بالأمر "

ضحك ضحكة ساخرة قائلا " هه كل الدخل لك , أنت

صاحب الفكرة من البداية "

نظرت له بتجهم لوقت ثم قلت " كنت أود خطبتها مجددا

وأنتظر انتهاء عدتها فقط فهل اكتشف إياس شيئا من خطتنا "

حرك رأسه ساخرا وقال " أي خطبة وخرافات يا رجل "

ثم نظر لي وقال بجمود " جاء ليخبرني أن شقيقته موافقة علي "

تيبست الدماء في عروقي وجف حلقي وإن كان للعينين قدره

على الخروج لخرجتا من مكانهما من الصدمة , قلت بصوت

أبح " مــ ... كيف وافقت "

حرك يده في الهواء وقال " أمي الحبيبة تطالب بحفيدتها ولأنه

بسبب لعبتنا السخيفة أنا سبق وخطبتها وهي لا تريد خسارة

ابنتها فوافقت وفقط "

قلت صارخا بحدة " هراء وهل أخبرته بالأمر "

قال بحدة مماثلة " لا ... وتضنني جننت أخبره بأمر كهذا ليقطع

عنقي وعنقك معي على هذه الخطة السخيفة والمهزلة واللعب

به وبعرض شقيقته "

قلت من فوري " نحن لم نلعب به ولا بعرضها وموت

شقيقك أفسد ذلك "

أشار لي بيده بمعنى تفضل أنظر لما وصلنا له فقلت

" والحل الآن يا خالد "

فتح حينها باب السيارة وقال ناظرا لي بثبات " تنسى الأمر برمته

ولا تتحدث أمامي مجددا عن غرامك وهيامك بخطيبتي "

ونزل وضرب الباب وسار يديه في جيوبه فشغلت السيارة غير

مستوعب ما سمعت وتحركت بها بجانبه وقلت محدثا إياه من

نافذتها " اركب نتفاهم في هذا الهراء الذي قلته "

وقف مقابلا ونظر لي وقال " والدتي لن تتخلى عن مطالبتها

بابنة مصطفى وأموت ولا ينتزعها أحد من حضن والدتها

وأنت خططت فتحمل النتائج "

أوقفت السيارة حينها ونزلت منها ووقفت أمامه وقلت

" علينا إخبارهم بالحقيقة "

هز رأسه وقال " لن تستفيد شيئا سوا كره إياس لك فحافظ على

ابن عمك , ورغد لولا ابنتها ما فكرت بي من أساسه ولولاها

أيضا ما وافقت فلا يخبرك خيالك أنه ما أن يأخذوا منها

ابنتها ستتزوجك "

أمسكت قميصه بقوة وقلت " يبدوا لي راقت لك اللعبة

وترغب بها لنفسك "

أمسك قبضتي بقوة وأبعد يدي قائلا " احترم ألفاظك يا بسام أنت

صديقي من سنوات ولا أريد أن أخسرك فإن كنت أنت لا تفكر

بمصلحة أحد إلا نفسك فأنا أفكر في مصلحتهما ورغد لم أراها

يوما أكثر من زوجة لشقيقي أحترمها وكأنها شقيقتي وهذه ليست

سوا نتائج لعبتك فلا تنسى أني لم أخطط لها ولم أصر

عليها فلُم نفسك فقط "

ثم غادر راكضا مجتازا الطريق للشارع الآخر وتركني أشتمه

وأشتم نفسي ورغد وإياس معه , ركبت سيارتي وغادرت بسرعة

جنونية وكأني أفرغ بذلك غضبي من كل شيء , سحقا لو كنا نخطط

له هكذا ما نجحنا فكيف سارت الأقدار بهذا المنحى


*~~***~~*

مر الأسبوع الماضي حافلا فقد قضيت أغلبه برفقة المحامي نتم باقي

الإجراءات وأصبح نصف جميع أملاك ذاك العجوز لي والنصف

الآخر لسراب طبعا ولا علم لها حتى الآن وسأخبرها قريبا فحتى

التوكيل ستنتهي مدته نهاية الأسبوع القادم , كانت فرحة بنات عمي

صابر لا توصف وهم يدخلون المنزل فلم أخبرهم حتى أصبحوا

داخله وامتزج ضحكهم وفرحهم بالدموع وكل واحدة تسرد عليا سيلا

من الطلبات التي كانت تحلم بها لأحققها لها الآن وقد أحضرت لهم

سائقا لأخذ الصغيرات لمدارسهم الجديدة وسجلت الآتي في الإعدادية

في حافلات خاصة بالمدارس وجلبت خادمتين أيضا لأعمال المنزل

فهم كل دوافعي لاسترداد هذا المال وجاء الوقت الذي أرد فيه الدين

لهذه العائلة التي مهما فعلت من أجلهم فلن أوفيهم شيئا , وسأبدأ مراحل

علاج عمي صابر قريبا ليتخلص على الأقل من الآلام التي لازالت

تلازمه أغلب الأحيان , دخلت منزلي لأرى التمثال الصامت الذي

أصبحت أشتاق حتى لسماع صوت حدائه يتحرك به في المنزل

مشاعر تصارعني وتغلبني وأكبحها بكل جهدي لتجتاز آخر اختبار

أولا وتنجح فيه ثم سننتقل أيضا هناك وأكمل حياتي معها وفي ظل

جميع من أحب في ذاك المنزل الكبير , حاولت مرة التحدث معها

مجددا في موضوع والدتها ورفضت فتحه بالكلية ولم أخبر خالتي

بشيء بل طلبت منها مزيدا من الوقت متأملا أن تهدأ وتغير رأيها

لكن يبدوا لي أن كل ذلك لن يحدث , دخلت المطبخ فكانت تقف فوق

علبة حديدية تخرج شيئا من فوق الخزانة فوقفت تحتها أنظر لها

وهي لم تنتبه لي فظهر أنها قطعة قماش تنظف بها الغبار فوقها ولم

أنتبه لتسط الماء تحتي وبحركة سريعة كانت سترمي قطعة القماش

فيه وتقفز للأسفل فشهقت بقوة حين وجدتني واقفا وترنحت في وقفتاها

فمددت يداي وأمسكت خصرها سريعا وأنزلتها لتصبح واقفة أمامي

لا يفصل أنفاسنا شيئا ولا يسع مدى نظرنا سوا لأعيننا سامحين لهما

بالتحدث بدلا عنا , مددت أصابعي للخصلة التي تمردت على وجهها

فجفلت وابتعدت عني ترتب ما تبعثر من شعرها المربوط للخلف

وشتت نظرها عن وجهي قائلة " أفزعتني "

قلت مبتسما " آسف , وأنا كدت أن أكون ممسحة لغبار

الخزانة "

ضحكت حينها منزلة رأسها للأسفل تخفي شفتيها خلف ظهر كف

يدها فنظرت للأعلى وتنهدت بقهر , يا صبرك عليها يا آسر لو

تترك نفسك تفترسها بقبلاتك المتعطشة وترتاح , تراجعت للخلف

قبل أن تسيطر عليا تلك الأفكار المجنونة وقلت من خارج المطبخ

" أتركي كل هذا سنذهب لزيارة عمي صابر وعائلته "

خرجت حينها من فورها واتجهت لغرفتها قائلة " جيد وأنا

اشتقت لهم وكنت سأطلب منك ذلك لكنك لا تأتي إلا لتنام "

ثم دخلت ولم تسمع ولا ردي وخرجت بعد قليل بعباءتها تلف

حجابها على رأسها فخرجت في صمت وهي تتبعني وسرنا

بجانب بعضنا في صمت تام حتى قالت " آسر ليست هذه

طريق منزلهم !! هل انتقلوا منه لواحد آخر هنا ؟ "

قلت باختصار " شيء من هذا القبيل "

وما كانت ستتحدث حتى كنا في الساحة التي يوقفون فيها السيارات

وقد وصلت قبلها ووقفت أنتظرها وهي واقفة تنظر لي باستغراب

فأشرت لها بيدي لتسرع فركضت نحوي فقلت قبل أن تتحدث

" بسرعة لنرجع قبل المساء "

قالت من فورها " هل ربحت القضية يا آسر ؟؟ "


المخرج : بقلم الغالية alilox


انا امرأة لي كياني لي كبريائي يصل عنفوانه للعلياء من أنت لتستنقص انوثتي من وتحط من قدري أمام نفسي ماذا تعرف عني لت حكم علي بهذا الهراء أحصل حقي بيدي فلست بحاجة أمثالك ليمن علي بهذا العطاء لست مغرورة ومسترجلة دع من فكرك عني هذه الصورة الهوجاء لي كرامتي وشخصيتي ماجعلاني اصمد ليومي هذا ولن اتخلى عنهما ولو وصل بي العناد لعنان السماء ترجمان انا اترجم اقوالي افعال فلدي مايكفيني لأخر الدهر من عزة نفس وكبرياء تريد كسر عيني وتحطيمي بامرأة أخرى هذا ضرب من الجنون ومنتهى الغباء أتظنني سآتيك باكية خانعة ذليلة ارتمي في أحضانك أقدم لك فروض الطاعة والولاء ،لن اتوسل منك بعض الحب والاهتمام اترك عنك هذه الخيلاء

سلمت الأيادي


نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الثلاثاء إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 09-02-16, 08:59 PM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الحادي والثلاثون)

 




الفصل الثاني والثلاثون


النص بالمرفقات



نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الجمعة إن شاء الله

[/COLOR]

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 8.txt.zip‏ (16.4 كيلوبايت, المشاهدات 36)
عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 12-02-16, 04:50 PM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثاني والثلاثون)

 



الفصل الثالث والثلاثون


المدخل : بقلم الغالية alilox

النص بالمرفقات

سلمت الأيادي

نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الاثنين إن شاء الله

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 7.txt.zip‏ (17.8 كيلوبايت, المشاهدات 26)
عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 15-02-16, 09:10 PM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والثلاثون)

 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الليله فيه فصلين أهداء لأعضاء المنتدى المجاور
على تهنئتهم لي على التثبيت ووسام الرواية المميزه
واستجابه لمطالبتهم ببارتين قراءة ممتعة لكم ....

الفصل الرابع والثلاثون


المدخل : بقلم الغالية alilox

الايقولون اضرب النساء بالنساء،وهذا مافعلت لاسقط هذا الجدار،لاشعل بقلبك البراكين والنار،اعلنيها حربا عليا كما يفعل الثوار،فليبعثرك ويقتلعك من مكانك هذا الاعصار،ثوري اغضبي تمردي عليا هذا مااريد، اعلني حالة العصيان واطلقي لجنونك العنان،فليحترق هذا القلب ويذق طعم المرار ،كفاك سخرية من قلبي وشكلي لما كل هذا الاحتقار،قسما لاكمل مابدات ولوكلفني الامر ان اقلب الليل نهار،لايليق لانثى بجمالك وصفاتك هذا القناع من اللامبالاة والبرود،اشتكي مني تكلمي اصرخي في وجهي فقط خذي قرار،اريني ماتفعل الانثى المجروحة لاتقفي كالصنم الى متى الانتظار ،كرهت صمتك وهروبك وتجاهل مايدور بيني وبينك في الخفاء لاتكذبي على نفسك فكل نساء الارض تغار،فليذب هذا الجبل من الجليد لتروي ارض روحك العطشى لرجل يزرع بها ويجني مايريد،فانت بالاخر انثى بحاجة لرجل يعلمها فنون الحب والعشق والتلذذ بوجع الشوق لست امراة من حديد

سلمت الأيادي
~~~~~~~~~~

نظرت له بضيق وقلت " ماذا تقصد بهذا ؟ "

نظر لكاحلي وقال " أقصد أن الإصابة ليست فيه "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " ما قصدك بما تقول

أمثل عليك ؟؟ "

نظر لي وقال ببرود " عنيت أنه قد يكون ساقك المصاب وليس

كاحلك لكنك قلتها بنفسك "

حركت يدي في الهواء وقلت بحنق " إن كانت تلك تمثل ولا

تصدقها فلا تظن أن الجميع يتصرف مثلها "

قال ببلاهة أجزم أنها مصطنعة " من تلك ؟؟ "

فنفضت اللحاف وغطيت به نفسي مضجعة على السرير وقلت

" أخرج أريد أن أبقى وحدي "

فخرج دون أن يتحدث أو يضيف شيئا ولم يكلف نفسه ولا عناء سؤالي

إن كنت أريد الطبيب , بعدها بقليل غادرت السرير والغرفة وتوجهت

للمطبخ في الطابق العلوي هنا حيث كنا لا نستخدمه , فتحت نافذته

قليلا لأنها مطلة على الأرض تلك فكانت سدين المسكينة تعمل على

الرباط وحدها وإياس لازال يحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه في

الجهة الأخرى والوحل يغطي ثيابه والهواء البارد يحرك خصلات

شعره البنية فوق جبينه وكأنه ليس ذاك البيضة التي تلمع من بعيد من

النظافة والأناقة , وتلك الناموسة واقفة بجانبه تحاول مضايقته وهوا

يدفعها ويرميها بالطين من وقت لآخر ويضحكان , ضربت النافذة بقوة

وأكاد أحطم أسناني من الغيظ والصر عليها وعدت لغرفتي ولسريري

مستمتع جدا ويعيش حياته كما يريد ويتركني هنا أتفرج عليه , سحقا

لك ولها لا بل لها فقط كي لا تحزن عمتي عليك , وبعد وقت طويل

اعتصمت فيه في السرير ولم أغادر إلا للصلاة طرق أحدهم الباب

ودخل وكانت سدين اقتربت مني قائلة " ترجمان هل أنتي مستيقظة "

قلت ببرود " لا نائمة وعيناي مفتوحتان "

قالت ببرود أشد " لا أعلم لما لم يلتوي لسانك بدلا عن كاحلك "

غطيت رأسي باللحاف ولم أتحدث فقالت " أمازال يؤلمك ؟ "

قلت من تحته " نعم وحالته سيئة جدا "

قالت من فورها " هل نأخذك للمستشفى "

قلت ببرود " لا داعي لذلك سأكون بخير "

قالت مغادرة الغرفة " حسنا سأجلب لك حبوبا لتسكن الألم قليلا "

جلست حينها وتوجهت لمرآة التزيين وأخرجت علبة الماكياج ووضعت

كدمة صناعية أسفل ساقي فلن أعطيه وتلك الشاحبة فرصة للسخرية مني

لونت دائرة خضراء وحولها لون بنفسجي وعدت للسرير على دخول سدين

تحمل في يدها كوب ماء وفي الأخرى علبة الحبوب واقتربت مني تنظر

لساقي وقالت " أنظري للكدمة يا ترجمان ! يبدوا أن الحجر سقط

عليها حين وقعتي وليس كاحلك ما آلمك "

تحركت للخلف قليلا واتكأت على ظهر السرير قائلة

" كدمة بسيطة وغدا سأكون بخير "

جلست وناولتني الكوب وحبتين من العلبة وقالت " إياس قال أنه

سينهي العمل هوا والعمال هنا وسيجلب اثنين آخران أي أعفانا منه "

بلعت الحبوب التي لا أحتاجها أساسا ثم أعطيتها الكوب وغطيت ساقي

ولم أعلق فقالت " ألا تحتاجين للذهاب للمستشفى إن كانت تؤلمك

كثيرا ؟ فقد يكون شعبا وعليك الذهاب فإياس طلب مني سؤالك "

نظرت بعيدا وقلت ببرود " لا ويهتم للأمر كثيرا "

قالت بحيرة " ماذا حدث ؟ هل تحدثتما حين جلبك إلى هنا "

قلت بسخرية " قال أني أمثل ذلك ولا شيء في كاحلي "

تنهدت وقالت بهدوء " لو كان الأمر كذلك ما طلب أن أسألك "

قلت بضيق " بالله عليك يا سدين لا تذكري اسمه ولا سيرته

أمامي وتحدثي في أمر آخر أو غادري "

انفتح حينها الباب الشبه مغلق وكان إياس فأشحت بوجهي

بعيدا وقال هوا " سدين اتركينا وحدنا "



*~~***~~*



دخلت المنزل عند أول المساء ووجدت عمي صابر يجلس في

وسطه وحده فتوجهت نحوه ألقيت التحية وجلست قائلا

" وأين البقية لا أحد معك "

قال من فوره " الصغيرات نمن طبعا فهن اليوم يقفزن في الخارج

منذ الصباح ويلعبن بالألعاب , عمتك وصفاء وداليا في

الأعلى عند زوجتك "

هززت رأسي بحسنا ونظرت للأسفل فقال " وماذا قال الطبيب "

قلت بهدوء " قال حمى بسيطة وستستعيد عافيتها بسرعة "

تنهد وقال " وما جعلك تجلبها في هذه الحالة المزرية وأنتما

قررتما البقاء هناك حتى تقرر أنت "

مررت أصابعي في شعري وقلت " ستبقى هي هنا وأنا هناك "

كان سيتحدث فقاطعته قائلا " عمي هذا قراري ولا نقاش فيه "

هز رأسه في صمت وعدم رضا فوقفت حينها وقلت

" سأغادر الآن وإن جد شيء أخبروني "

قال من فوره " بل اصعد وتحدث معها فعمتك قالت أنها ترفض

الطعام وتبكي دون توقف "

نظرت بعيدا وقلت " لن تؤثر رؤيتي لها شيئا وستتخطى

الصدمة وتأكل "

قال من فوره " علمتْ إذا وغاضبة منك ؟؟ "

لم أتحدث ولا أعلق فتحرك بكرسيه الكهربائي قائلا " آسر تصرف

بحكمة بني وحكّم العقل على العواطف "

ثم قال مبتعدا " نادي لي عمتك سعاد ما أن تصعد لتنقلني للسرير "

واختفى في الممر ونظري يراقبه ثم هززت رأسي متأففا وتوجهت للسلالم

صعدت حتى وصلت غرفتها وطرقت الباب وكانت الأحاديث كثيرة ولا

أفهم منها شيئا ولم أسمع صوت سراب بينها , بعد قليل فتحت عمتي

الباب وخرجت وأغلقته خلفها فقلت بهمس " ماذا حدث معكم "

هزت رأسها بيأس وقالت " لا أعلم ما بها وما أصابكم "

تنهدت بضيق وقلت " أمازلت ترفض الطعام "

قالت بأسى " ليته الطعام فقط "

نظرت لها باستغراب فتابعت باستياء " وترفض حتى النوم على

السرير والغطاء وجالسة من وقت على الأرضية الباردة "

نظرت لها بصدمة ولم أعرف ما أقول ولا بما أعبر فقالت " ما الذي

حدث جعلها رافضة المكان لهذا الحد وكل ما نعرفه أن هذا الطابق

ليس لنا فخمّنا اليوم حين جلبتها له أنكما كنتما ستعيشان فيه "

نظرت للأسفل وقلت " سأتصرف أنا في الأمر فانزلي لعمي

صابر فهوا يطلبك لتنقليه لسريره "

أمسكت حينها ذراعي وقالت بهدوء " آسر بني ادخل لها

وراضها إن كنتما متشاجران "

هززت رأسي بحسنا دون كلام فتحركت من أمامي قائلة

" جبر الله كسوركما بني وهدأ سركما "

ثم ابتعدت مغادرة فدفعت الباب ببطء ودخلت على التفات صفاء وداليا

للخلف ناظرتان لي وهما جالستان على طرف السرير أما سراب فكما

قالت جالسة على الأرض تضم ساقيها لحظنها وتخبئ وجهها فيهما

فأشرت برأسي للفتاتين لتخرجا فوقفتا من فورهما وغادرتا في صمت

فأغلقتُ الباب خلفهما واتكأتُ عليه يداي في جيوبي أنظر للجسد النحيل

والساعدان الأبيضان والشعر الأسود المتناثر حول جسدها المختبئ في

إحدى بيجامات صفاء الجديدة التي أستغرب كيف كانت على مقاسها

بل كان عليا أن أتوقع ذلك فهي فقدت الكثير من وزنها بعد زواجها بي

بدأتْ تزيد من ضم نفسها أكثر وبدأ صوت بكائها يخرج ضئيلا تحاول

إخفائه فمؤكد تعلم أني الآن هنا , آخر ما توقعته أن تكون هذه ردة فعلها

أن ترفض مالها !! أن ترفض شيئا حلمت به كل حياتها !! وآخر ما كنت

أتخيل أن أعجز أنا عن فهم وتفسير ما تفكر فيه ؟ هل هذا الرفض بسبب

غضبها مني أم لأن سراب القديمة ماتت بالفعل ؟ أم هوا جرح قلبها الذي

أحبني يوما وقد خذلتها بي ؟ نظرتُ للأعلى وتنفست بقوة واستغفرت

الله بهمس أطرد أفكار الشيطان التي قد تترجم تصرفاتها بشكل سيء

وبقيت أراقبها لوقت ثم قلت " سراب "

ولم تجب طبعا فتابعت " انهضي من الأرض هيا أو رفعتك بنفسي "

والجواب الصمت طبعا فقلت " سراب أنا لا أهدد فقط فتحركي

أو قسما رفعتك ووضعتك فيه وربطتك أيضا "

خرجت حينها من صمتها وقالت بنبرة غاضبة

" اخرج واتركني وحدي "

قلت بحزم " لن أخرج وطالما أنتي هكذا فلن أفارقك

فتخلصي مني وعودي لسريرك "

قالت على الفور " ليس سريري "

قلت بجدية " بل سريرك ومنزلك وكل ما في هذا الطابق

لك وأنتي تعلمين ذلك جيدا "

رفعت حينها رأسها ونظرت لي قائلة بحدة واستياء

" لا ليس منزلي تفهم , ليس لي "

بقيت أنظر بصمت لوجهها المتعب الشاحب وخداها المحمران

وجفناها المشتعلان بسبب البكاء تم تنهدت بضيق وقلت

" لن تضري إلا نفسك يا سراب "

ضحكت ضحكة ساخرة وقالت " صدقت حقا أنك تفكر فيما يضرني "

انفجرت حينها غاضبا " وهل يعجبك ما تفكرين فيه أنتي , أين

كنتِ تريدين الذهاب بحق الله ؟ هل فقدتِ عقلك "

ابتسمت بسخرية وأشاحت بوجهها للجانب الآخر ولم تتحدث

فقلت بذات غضبي " ظننتك أصبحتِ تفكرين بعقل لكني أخطئت حقا "

نظرت لي حينها وقالت بغضب مماثل " ومنذ متى تغيرت نظرتك

للجشعة تربية الشارع , طوال الوقت كنتُ في نظرك بلا عقل ولا قلب "

تنفست بقوة وقلت بجدية " لم أكن أنوي سرقة نصيبك وكنت

سأسلمك كل شيء يخصك "

قالت من فورها " ولما كل هذا إذا ؟ "

قلت بعد صمت " لأسباب شخصية "

وقفت حينها على طولها وقالت " وأي أسباب هذه التي

تبرر لك ما فعلت "

لم أجبها فهزت رأسها وتابعت " لن أصدق أنك كنت تنوي سرقة

مالي فقل لما فعلت ما فعلت "

بقيت أنظر لها بصمت ولم أعلق فقالت بسخرية

" لتختبرني يا آسر أليس كذلك "

نظرت حينها للأسفل ولم أتحدث فقالت بأسى " كل هذا ولا تثق بي

كل ما مررنا به وما فعلته ولازلت تراني كما أنا ؟ معك حق أنا الغبية

التي كنت أنتظر نظرة رضا فقط منك أو ابتسامة صغيرة تشح بهما علي

حتى علّمتَني المعنى الحقيقي للقهر , خبئتَ كل ذلك عني وحرمتني من

أبسط حقوقي حتى أن تخرج بي مرة أرفه عن نفسي أو تعطيني هاتفي

أحدث شقيقتاي ورغم كل هذا غفرت لك وأحببتك وتغيرت من أجلك

لكنك لا تستحق لأنك لا تتغير وسراب لن تتغير في نظرك أبدا "

رفعت نظري لها وقلت بجمود " نعم لا أحد فينا سيتغير والمحامي

سيكون هنا غدا ويدرس معك كل أملاكك والمستجدات فيها

وبحضور عمي صابر "

ثم فتحت الباب وغادرت الغرفة وأغلقته خلفي وخرجت من المنزل

لن يجدي معها شرحي وتبريري وستعاند أكثر لذلك لتبقى على ظنونها

بي وستستعيد توازنها فأنا بث أعرف سراب جيدا وكيف تفكر وتتصرف

فهي من النوع الذي عليك تركه يواجه الصدمات والنكبات وحده لأنك إن

مددت له يدك سينظر لكل شيء بسلبية ويرفضه فهي الآن ستقبل ثورتها

الجديدة بالتأكيد وستفهم يوما ما كنت أنوي ولما فعلت ما فعلت وسترجع

لي.. أنا متأكد فكما تجاوزت لوحدها صدمتها في الحياة معي في ذاك الفقر

وتعلمت درسا مهما وتغيرت وكما تجاوزت صدمتها في والدتها وأخذت

العبرة منها سيحدث ذلك الآن أيضا وستتجاوز كل هذا بنفسها وستعرف

الصحيح من الخطأ فإن حاولت تغيير فكرتها عني فلن أنجح مهما فعلت

ولن تغفر لي أبدا رغم أني أنا من يحتاج الآن لأن يضمها لصدره ويعتذر

منها ويعِدُها بأن كل شيء سيتغير وسيعوضها عن كل ما فات , أحتاج

لأن ينام رأسي المثقل بتعب الحياة على صدرها ويشعر أنه أخيرا وجد

وطنا ينتمي له , عدت لمنزلي الذي أصبح خاليا حتى منها وزاده ظلام

الليل وسكونه وحشة وغربة , وها أنا سأعود للعيش فيه وحيدا كما كنت

فلا نية لي ولا في استئجار غيره أو شراء منزل ولا العيش معهم

هناك لأراها تكرهني كل يوم أكثر وترفضني




*~~***~~*



بعد ساعات طويلة سمعت مفتاحا يدور في قفل الباب ثم دار مقبضه

فجلست من فوري لحظة ما انفتح ودخلت منه عمته ومؤكد هوا من

أعطاها إياه لتفتح لي لأنها لم تكن تملك واحدا , اقتربت مني وأنا

جالسة مكاني وجلست بجانبي ثم أمسكت يدي وقالت " دُرر هل

أنتي بخير ؟ وجهك مصفر ويدك كالجليد "

هززت رأسي وقلت ببحة وهمس " أنا بخير "

فركت كفي بين يديها وقالت " هيا أخرجي معي لغرفتك لتتدفئي

وتأكلي , المكان هنا بارد جدا "

نظرت لعينيها وقلت " هل عاد أواس ؟ هل هوا هنا "

هزت رأسها بنعم وقالت " من قرابة الساعة وقد طلب مني فتح

الباب لك , ماذا حدث يا دُرر ؟ ما قلب حالكما هكذا فجئه ! "

قلت وقد سقطت أولى دمعاتي من جديد " أواس يلعب لوحده مع

أناس أخطر منه عمتي وسيقتلونه , علينا أن نوقفه "

نظرت لي باستغراب وصدمة ثم قالت " ما هذا الذي

تقولينه يا دُرر ؟ "

قلت ببحة " أنتي تعلمي عن جدي وكل ما حدث في

الماضي أليس كذلك "

نظرت للأسفل وقالت بحزن " ليس كثيرا "

سحبت نفسا قويا تدحرجت معه دمعتي الثانية ثم قلت

" سنخسر أواس إن بقي هكذا يعيش في حقده وانتقامه "

هزت رأسها بحيرة وحزن ثم قالت بأسى " وما بيدنا نفعله فهوا

لن يرتاح ويعيش حياته كغيره إلا إن حقق ذلك "

أمسكت يدها بكلتا يداي بقوة وقلت وقد بدأت دموعي بالتقاطر تباعا

" سيقتلونه عمتي , إنهم كثر وخطيرين وإن علموا أنه يسعى

ورائهم فسيضرونه بالتأكيد "

قالت بتوتر " من هم يا دُرر عن ماذا تتحدثين ؟؟ "

نظرت للأسفل وقلت ماسحة دموعي " لا شيء عمتي لا شيء "

وقفت وشدت يدي قائلة " قفي هيا لتصعدي لغرفتك "

وقفت معها وخرجت أتبعها ولازالت يدي في يدها وقلت ونحن

نصعد السلالم " وأين هوا الآن ؟ أين قضى باقي اليوم "

قالت سائرة بي جهة غرفتنا " خرج من المنزل ولم يرجع إلا

من ساعة وهوا في مكتبه الآخر في جناحه السابق منذ وصل "

تبعتها حتى دخلنا الغرفة وأجلستني على السرير وقالت

" هل أحضر لك شيئا تأكليه "

هززت رأسي بلا ثم اضطجعت على السرير وقلت ببحة

" غطيني فقط أشعر بالبرد "

غطتني سريعا وتوجهت للخزانة وأخرجت بطانية وغطتني بها

وزادت من تدفئة الغرفة ثم عادت جهتي وجلست على حافة السرير

وقالت ماسحة على شعري " ماذا حدث يا دُرر فلم أفهم شيئا

مما كنتِ تقولين "

هززت رأسي وقلت بهمس " لا شيء "

تنهدت بحزن وقالت " خفت أن يخرج لتلك الغرفة ويسجن نفسه فيها

وحمدت الله أنه لم يفعلها , لقد تغير على يديك كثيرا يا دُرر "

ابتسمت بحزن وقد عادت دموعي للنزول وعدت لمسحها

وقلت بعبرة " وما الفائدة ولازالت فكرة الانتقام تسيطر عليه "

ضربت كفها بالآخر وقالت بأسى " انتقم الله ممن كان السبب

وحرمه بهجة الحياة كما فعل معه "

شددت طرف البطانية لحظني وبكيت ولم أستطع ولا الدعاء مثلها أو

قول كلمة ( آمين ) فكيف أدعي على جدي كيف ؟ ليثه يتوب ليته

يرجع عن كل هذا , ترى هل يجدي دعائي إن دعيت له ؟؟

مسحت بكفها على كتفي وقالت " يكفي بكاء يا ابنتي فلن يجدي هذا

في شيء وما أن يهدأ سيرجع هنا فتحدثا وتصالحا يا دُرر ولا تتخلي

عنه فأنتي أكثر ما يحتاج أواس في هذا العالم وهذه الحياة "

غطيت رأسي بالبطانية وواصلت بكائي تحتها وسمعت حينها صوت

خطواتها تخرج من الغرفة وأغلقت الباب خلفها فأخرجت رأسي وكان

الظلام يعم المكان فتركت السرير ودخلت الحمام توضأت وخرجت

لأصلي ما فآتني ثم عدت للسرير مجددا فلازال جسمي يرتجف بأكمله

من البرد , حاولت أن أنام ولكن النوم رفض أن يريحني ويرحمني بها

فكرت كثيرا أن أذهب له لكني تراجعت فقد يزيد ذلك الأمور سوءا

بعد وقت طويل انفتح باب الغرفة ودخل منه وتوجه من فوره للخزانة

دون أن يشعل النور , فتش فيها لوقت وأخرج ثيابا ومنشفة وتوجه

للطاولة أخذ عطره وباقي حاجياته وتوجه للباب من جديد وخرج , فها

هوا سيغادر الغرفة ويتركها لي ولا أستبعد أن يهجرها للأبد , غادرت

السرير من فوري وفتحت الباب وخرجت للممر منادية " أواس "

فوقف دون أن يلتفت لي وهذه أولى إشارات عودته كما كان سابقا

قلت من فوري " لا تترك الغرفة يا أواس , لن أتحدث ولن

أضايقك في شيء فابق فيها "

تابع حينها سيره دون أن يعلق ولا يتحدث فتحرك خلفه ليوقفني

وقوفه مجددا وصوته الحازم قائلا بأمر " دُرة عودي لغرفتك "

قلت بجدية " قل غرفتنا كما كنت تسميها ولا تقل غرفتك "

قال بحدة " دُرة عودي هناك وتوقفي عن العناد "

ثم عاد لمتابعة سيره حتى اختفى وتركني لدموعي عائدة أدراجي

بخطى ثقيلة مترنحة حتى وصلت الغرفة وعدت كما كنت منذ قليل



*~~***~~*



وقف ينظر لي ويداه في جيوبه وأنا مشيحة بوجهي عنه حتى

قال " هل أعلم سبب ما قلتيه "

لم أتحدث ولم أحرك رأسي فقال بضيق " أقلت أنك تمثلين

أم أنتي من قالها ؟؟ "

بقيت معتصمة بصمت فصرخ بحدة " تكلمي واحترمي

من أمامك يسألك من ساعة "

نظرت له حينها وقلت بحدة " وما تريد مني أن أقول , ألست من

قال أن كاحلي لا شيء فيه وأني قلتها من نفسي ( ممثله ) "

تأفف ثم تنفس بقوة وكأنه يحاول تهدئة نفسه ثم قال

" تتصرفين كالأطفال تماما هل لديك علم بذلك "

ابتسمت بسخرية أقرب للألم وقلت " شكرا مقبولة منك "

قال بضيق " لا ليست مقبولة مني وعليك أن تغيري من

هذه التصرفات "

كتفت يداي لصدري وقلت ببرود " تصرفاتي تعجبني ولن أغير

شيء أنا مقتنعة به ولديك تلك كما تحب وتريد فلا دخل لك بي "

قال حينها بحدة " تلك لديها أسم فلا تناديها كنكرة مجددا

وتوقفي عن مضايقتها "

قلت بسخرية " يا عيني وكذبت عليك وأخبرتك أني أضايقها

ولهذا أنت هنا وغاضب "

هز رأسه بقوة يتنفس كالإعصار ثم ركز نظره على عيناي وأشار

لي بسبابته وقال " أخرجيها من رأسك يا ترجمان مادامت لا

تضايقك ومادمتِ تنازلتِ عن كل شيء لها سابقا مفهوم "

قلت صارخة بغضب " للجحيم أنت وهي لن تعنيني أنت ولن

أتضايق من تلك لأضايقها , واخرج أريد أن أنام "

قال من بين أسنانه " أقسم لو لم تكوني متعبة لعرفت كيف

أعلمك احترامي وأن تطرديني من منزلي "

قلت بقهر " معك الحق واللوم ليس عليك بل على الذين

تركوني في منزلك عرضة للإهانة طوال الوقت "

نظر لي بصمت بل بشيء يشبه الصدمة من كلامي فاضطجعت

وغطيت رأسي ولم أسمع بعدها سوا صوت غلقه للباب فرميت

اللحاف خارج السرير وأتبعته الوسائد ونمت بلا غطاء ولا وسادة

وحدي فوقه وأشعر بكم لم أشعر به حياتي من الضيق والقهر





*~~***~~*




عند الصباح طرقت عليا والدتهم باب الغرفة ودخلت تحمل هاتفا

في يدها ومدته لي فقلت " من ؟ "

قالت ويدها ما تزل ممدودة " عمك صابر أم سترفضين الحديث

معه أيضا يا سراب "

مددت يدي ببطء وأخذته منها ووضعته على أذني وقلت بهدوء

" صباح الخير عمي "

قال من فوره " صباح النور انزلي هيا أنتظرك لتتناولي

الفطور معي "

بلعت ريقي ولم أعرف ما أقول وبما أتحجج فقال

" إن كان لي شأن وقيمة لديك فانزلي "

قلت من فوري " شأنك فوق رأسي لكني لست جــ... "

قال مقاطعا لي " بل جائعة ولم تأكلي من يومين فانزلي هيا أو

غضبت منك فأعتقد أنه لا يرضيك أن يغضب والدك منك "

ابتسمت بحزن وامتلأت عيناي بالدموع وقلت

" حسنا من أجلك سأنزل "

ثم مددت لها الهاتف ونزلت برفقتها بعدما لبست العباءة التي جئت بها

هنا وحجابي فهم غسلوهم وكووهم وجلبوهم لي هنا , وصلنا حيث طاولة

الطعام وكان يجلس عليها هوا وإسراء وعبير فقط فيبدوا أن باقي الفتيات

في مدارسهن , جلسنا أنا وعمتي معهم وبدأ الجميع بتناول الطعام في

صمت سوا من حديث عبير وإسراء وأجبرت نفسي على أكل القليل

فلا يمكنني رد هذا الرجل أبدا , قال بعد وقت " المحامي جواد

سيكون هنا بعد قليل لنقابله معا يا سراب "

نظرت له وقلت " لكني لا أريد مقابلته ولم أوافق على هذا "

نظر حينها لزوجته وقال " خذي ابنتيك "

فوقفت من فورها وغادرت بهما ونظر لي ما أن غادروا فنظرت

للأسفل على صوته قائلا " هذا مالك ومن حقك وعليك متابعته "

ابتسمت بسخرية وقلت " لم أتابعه من البداية فما نفع ذلك الآن "

تنهد وقال " لا يحق لي التدخل في أمور زوجين وشريكين في

المال لكني لن أتركك حتى تقابليه وتسمعي ما لديه "

رفعت نظري له وقلت " إن كان من أجلك واحتراما لك

أفعلها , غيره لا يعنيني شيء "

قال بجدية " بل من أجل أموالك فهذا نصيبك وورثك من عمك

وعليك أن تكوني على دراية بكل شيء يخصه "

قلت بسخرية " ورث ماذا وهي أموال مسروقة حرم منها

أصحابها ورماهم في الشارع "

قال من فوره " الورث ورث من أين ما كان مصدره وحتى الدِين

لا يحسب على الوارث شيئا ولا حتى الزكاة إن لم يخرجها

صاحب المال "

نظرت ليداي وقلت بحزن " خذوها أنتم حتى هي لأني

لا أريدها أقسم لا أريدها "

قال بشيء من الضيق " ولا تريدين العيش مع زوجك هناك فأين

ستذهبين وبماذا ستعيشين "

أشحت بوجهي جانبا ولم أتحدث فتحرك بكرسيه قائلا " ثمة

مكتب هنا في نهاية الممر الغربي , أكملي طعامك والحقي بي "

ثم غادر مبتعدا وبقيت جالسة مكاني أنظر للطاولة تحتي بشرود وحزن

وقامت خادمة بأخذ أطباق الطعام وأنا جالسة مكاني , كم تمنيت سابقا

هذه الحياة , كم سعيت لها وكنت مستعدة أن أفعل أي شيء من أجلها

إلا بيع شرفي والآن بعدما رأيت عمي وما فعل بآسر ووالدته من أجل

المال وما فعله العم صابر له وكيف يسعى لرد جميله عليه ورأيت والدتي

كيف استبدلتني بزوجها ومركزه أصبحت أكره ما كنت عليه وما كان

يراني عليه الناس, أخرجني من أفكار الصوت القائل بهدوء

" سيدتي السيد يطلبك في المكتب "

وقفت حينها وقلت " هلا أوصلتي له "

هزت رأسها بحسنا وسارت وأنا أتبعها حتى وصلتْ لباب معين طرقته

وفتحته وغادرتْ فدخلتُ لأجد عمي صابر هناك يجلس مقابلا له رجل

وأمامه حقيبة وأوراق , ألقيت التحية بصوت منخفض ودخلت وأغلقت

الباب ثم توجهت نحوهما وجلست مقابلة له حيث كان كرسي العم صابر

بجواري تقريبا وقال ذاك ما أن جلست " سيدة سراب سأطلعك الآن على

كل ما هوا لك وطريقة سيره منذ حكمت به المحكمة ورفعت الحجر

عنه لليوم وكل شيء موثق وقانوني "

قلت بجمود " لم يكن من داع لوجودي من البداية فما تغير الآن "

نظر لي باستغراب ثم لعمي صابر فقلت " أنت المحامي الذي

استلمت كل شيء منذ بداية القضية أسمك ذاته أليس كذلك "

قال بهدوء " نعم "

قلت بذات الجمود " ومن قال أني أوافق على استلامك لكل هذا "

نظرا لي حينها كليهما بصدمة ثم قال " السيد آسر من كلفني

وهوا شريكك كما أعلم "

قلت بسخرية " وشريكك أيضا أليس كذلك "

نظر لي بتجهم ولم يعرف ما يقول فتابعت " أنت من لعب بجميع

الأوراق قانونيا ليتم الأمر من بدايته في غيابي ثم التوكيل وأنا

لا أثق بك "

وقف حينها وقال " سأتفاهم مع زوجك وأترك كل شيء بما

أن أحد الشريكين لا يريدني "

خرج حينها العم صابر من صمته وقال " سراب استهدي

بالله المحامي لا دخل له بشيء "

وقفت حينها وقلت " أخبرتكم منذ البداية أني لا أريد كل هذا

أو تحملوني في حصتي وأفعل ما أريد "

حمل حينها ذاك المحامي حقيبته وأوراقه وغادر في صمت وقال العم

صابر " هذا الموضوع كان يفترض أن تناقشيه أنتي وآسر وليس

ترمي به الرجل في وجهه يا سراب "

نظرت له وقلت بأسى " هل تعلم أنهم استغفلوني وسخروا مني

وقادم الآن ليكمل باقي مسرحيتهم كما يريدوها هم "

قال بجدية " أعلم بكل شيء والمحامي عبد مأمور لا دخل له ولم

يأخذ منك أحد شيء فلم يخطئا في حقك يا ابنتي ولم يأكلاه والنتيجة

واحدة مهما اختلفت الأسباب "

قلت بأسى أكبر وعيناي تمتلئ بالدموع " لكنها خيانة لي أنا ومن آسر

تحديدا , لما لا يفكر بي أحد ؟ لما لا تضعون أنفسكم مكاني ؟ هل

ترضى أنت أن تفعل بك زوجتك التي تحبها هذا ؟ هل تغفر لها "

تنهد وهز رأسه بيأس فقلت بجدية " هذه هي سراب يريدها معه شريكة

يتحملها , لا يريد ... يأخذ هوا كل شيء لأني قلت أني مستغنية عنه

من البداية فأخبره بهذا ما أن تراه "

ثم خرجت وغادرت المكتب وعدت لغرفتي في الأعلى




*~~***~~*



دخلت مكتب خالي رفعت وكان أواس خارجا منه فقلت مبتسما

" مرحبا بالقاطع "

فقال بجفاف " مرحبا "

واجتازني دون أن يضيف شيئا ولا يسلم علي فتبعته بنظري

حتى غادر ثم دخلت قائلا " ما به ؟؟ "

أشار لي للكرسي أمام طاولته وقال " يريد مقابلة وزير الداخلية وأخبرته

أننا لا نراه إلا بطلب منه يجمعنا فيه ولا أستطيع خدمته في هذا حتى

يعقد اجتماعا آخر وأحاول التحدث معه وسيكون عليه حينها أن يدخل

اسمه في دفتر المواعيد الذي قد يرموه منه بسهولة لضيق وقت

الوزير وكثرة سفره "

هززت رأسي بحيرة وجلست أمامه وقلت " وما هذا الموضوع

المهم الذي يريد أن يقابله شخصيا لأجله "

قال وهوا يقلب الأوراق أمامه " لم يخبرني عنه ويصر بشكل

غريب وملح وهذا ليس طبع أواس "

نظرت للفراغ بشرود وقلت " أي أن الموضوع شخصي فهو

لا يُدخل أحدا في خصوصياته وكان من يكون "

ضم ذراعيه فوق الطاولة وقال بجدية " من مدة يحرك وحدة من

رجال الشرطة لمراقبة أشخاص وأماكن وهواتف معينة ويجمع

معلومات وحركته سرية فمؤكد مرتبط هذا الأمر بطلبه

لرؤية الوزير "

قلت باهتمام " يعمل لوحده ولا يعلم رئيسه أليست مصيبة ! "

هز رأسه بلا وقال " ليس إن كان أحد رجالي المهمين المخلصين "

قلت من فوري " وبما أنك واثق منه فمؤكد ورائه أمر مهم

فلما لا تخبر الوزير "

رفع كتفيه وقال " لم يقدم أوراقه وبلاغاته وأدلته هل أطلب مقابلة

الوزير في أمر مبني على التكهنات ومراقبتي لأحد ضباطي

هذه فضيحة قد يفصلني الوزير بسببها "

هززت رأسي بحيرة من أمره فقال " لم تخبرني ما جاء بك من

هناك ولا تقل لي ابنة شقيقك السبب لأني سأطردك من المكتب "

نظرت له بضيق فقال بجمود " هنا مكان عمل تعالى للمنزل

إن كانت زوجتك في الموضوع "

قلت ببرود " ليس هي "

هز رأسه بمعنى تكلم إذا فقلت " يوجد مزرعتين مشبوهتان هناك

الإهمال يلعب دورا في تلك المنطقة ومنذ أمسكت المركز هناك

اكتشفت الكثير من الثغر في عملهم "

قال باستغراب " غريب رغم أننا ننظم دوريات لتمر على

تلك المناطق الزراعية الشبه مقطوعة ! "

رفعت كتفاي وقلت " يبدوا لي الأمر من داخل المركز ذاته

فأحتاج عونا لي فانقل أحدا يساعدني ولو مؤقتا "

هز رأسه وقال " سأرى فيبدوا علينا بالفعل نقل ضابط آخر معك "

ثم قال بمكر " ما رأيك ننقل نسيبك معك هناك ونفرح

قلب شقيقتك قليلا "

ضحكت وقلت " كي لا يرجع هنا إلا بها "

ضحكنا معا ثم قال " وما أخبار رغد "

نظرت له بنصف عين وقلت " أعتقد أن هذا مكان عمل وليس

لمناقشة الشؤون العائلية "

قال ببرود " رغد لا بأس ... ترجمان لا "

كشرت في وجهه ثم وضعت له الملف الذي أحضرته معي على

طاولته وتناقشنا في كل ما فيه ثم غادرت من عنده وتوجهت لقسم

الشرطة ودخلت مكتب آسر فرفع نظره لي ثم وقف وسلم عليا

وجلس وعاد لما كان يفعل فقلت ببرود " ما بكم اليوم كل واحد

وجهه عابس ومزاجه أسوء من الآخر "

رفع رأسه وأشار للباب بقلمه وقال " تصمت أو رافقتك السلامة "

ضحكت وقلت " هذا بدل أن تستقبلوني بالأحضان يا حمقى "

عاد لدفتره وقال بسخرية " من يسمعك يضنك غائب عنا عاما وأنت

كل لحظة والأخرى قادم لزيارتنا وكأنه لا شيء ورائك هناك "

قلت باستياء " أحمق وما يأتي بي غير الضرورة وكأنه ينقصني

تعب لآتي لرؤية تكشيرك وسماع كلامك المسموم "

قال ببرود " حسننا أخبرنا في المرة القادمة لنفرش

لك الأرض ورودا "

قلت بسخرية " قسما أن زوجتك وراء كل هذا فتحدث

هيا ولا تكتمه في نفسك "

هز رأسه بيأس وعاد لكتابته فقلت " تزوج عليها يا رجل

وسيعتدل حالها "

قال بسخرية " هه والدليل عندك فهل تعدل حال زوجتك "

قلت ببرود " أنت على الأقل كادت تجن من ظنها فقط بزواجك

أي تجدي معها هذه الحركات "

قال ببرود أشد " ارفعني وزوجتي من رأسك , ليس علينا ثلاثتنا

أن نتساوى في كل شيء حتى في الزواج باثنتين "

ضحكت وقلت " لم تخطر في بالي هذه "

نظر لي وقال " أرى مزاجك أفضل من زيارتك السابقة فما الجديد "

مررت أصابعي في شعري وقلت " لا جديد أخبرني عنك أنت

فيبدوا لديك الكثير "

وقف وحمل ورقة معه وقال " لا شيء مهم , هل ترافقني لمركز

جنوب العاصمة "

وقفت وقلت " لا فعليا زيارة بعض معارفي هنا وعمي ثم سأغادر "

وخرجنا بعدها معا من المركز ثم افترقنا كل في طريقه ولم أغادر

من هناك إلا وقت المساء



*~~***~~*




غادرت غرفتي ونزلت للأسفل قاصدة غرفة عمته فتقابلت وزوجته

في الأسفل فنظرت لي تلك النظرة الساخرة الكريهة وقالت " ضننت

أنك تجيدين اللعب بقلوب وعقول الرجال لكني أخطأت "

وأطلقت ضحكتها العالية فنظرت لها باحتقار فهذه لا تستحق ولا حتى

الاحترام ولا أعلم كيف لم يقتلها ولازال يتحملها حتى الآن بل ولازال

يطعمها ويلبسها من ماله على أمل أن تتوب وتساعد العدالة , لا أظن

أن مثل هذه النماذج تملك ضميرا ليؤنبها وتتوب عن أفعالها وأواس

يتعب نفسه لا أكثر ولا أقل فلو يخرجها من حياته أفضل له , تجاهلتها

وتابعت طريقي ليوقفني صوتها قائلة بحقد " سأدمره يا دُرر وعينك تنظر "

التفت لها حينها أنظر لها بصدمة فكانت تبتسم ببرود وكأنها لم تقل

شيئا , قلت ببرود " علمت الآن من هوا المريض حقا "

قالت بسخرية " حبيبك أواس طبعا "

قلت حينها بتهديد " أقسم يا وجد إن فكرت في فعلها فأنا من سينهيك "

ضحكت ضحكة ساخرة وقالت " خفت منك هل تتصوري "

قلت بسخرية مماثلة " نعم خافي مني ولا تنسي أني حفيدة علي

رضوان الوحيدة يا عشيقة رجاله "

نظرت حينها لي بصدمة فقلت مغادرة " ويوم أصير لديه سأدمرك "

ثم تابعت سيري حتى وصلت ممر غرفة عمته ووقفت متكئة على

الجدار بيدي أتنفس بقوة وضيق , لم أتخيل يوما أن أهدد شخصا

وأن أقول كل ما قلت لكني ما أن ذكرت اسم أواس وتدميره حتى

فقد عقلي صوابه بل وما أن رأيتها وتذكرت ذاك المشهد تمنيت أن

بصقت في وجهها , مسحت وجهي وكأني بذلك سأزيل تلك

الصورة من ذهني وتمتمت بخفوت " اللهم عافنا اللهم استرنا

بسترك حتى نلقاك "

ثم تابعت سيري بخطى ضعيفة شبه متعثرة حتى وصلت غرفتها

وطرقت الباب ودخلت من قبل حتى أن تأذن لي ووجدتها نائمة لكني

لم أستطع الخروج , كنت أحتاج وجودها أحتاج وجود شخص بجانبي

أحتاج من يطمئنني أن أواس سيكون بخير وأن كل شيء علمته لا وجود

له وأن جدي ليس بتلك الصورة البشعة , توجهت للأريكة ونمت عليها

حاضنة نفسي أبكي بصمت حتى غلبني النعاس هناك




*~~***~~*



وصلت المزرعة والمنزل في وقت متأخر ودخلت وكان يعمه الظلام

والسكون , توجهت للسلالم وصعدت وما أن وصلت للأعلى نظرت جهة

باب غرفتها الذي كان مفتوحا قليلا وأغلق ما أن نظرتُ هناك , نظرت

بعدها لساعتي ثم للباب مجددا , ما يوقظها حتى هذا الوقت المتأخر ؟

لو لم أتصل بوالدتي وأخبرها أني سأتأخر لقلت أنها تنتظر عودتي وقلقة

علي , ابتسمت بسخرية على أفكاري فمؤكد كانت ستنزل للمطبخ وما أن

وجدتني عادت أدراجها كي لا ترى وجهي طبعا , توجهت للممر الآخر

ودخلت جناحي ثم غرفة النوم وشغلت النور وقلت ناظرا للنائمة بعمق

" سهاد "

ولم تجب طبعا فتوجهت للخزانة فتحتها وقلت " سهاد هذا ليس

نوما هذا موت "

قالت حينها بهمس " أممم ماذا "

رميتها بسترتي في يدي وقلت " اجلسي هيا هذا بدل أن أجدك

مستيقظة تنتظرينني وقلقة بشأني "

انقلبت للجانب الآخر وقالت بتأفف " إياس متعبة وأريد أن أنام

فاتركني الليلة وشأني "

أغلقت الخزانة وقلت مبتسما " اجلسي وانظري للفأر تحت السرير "

جلست حينها صارخة على ضحكتي العالية فشتمتني بكلمة روسية

فقلت متوجها للحمام " ستري حسابك مني على هذه الشتيمة

انتظري لأخرج فقط "




*~~***~~*



ما أن وصلت المنزل حتى صعدت للغرفة ودخلت لأخذ ثياب أخرى

ففوجئت بالسرير فارغ والحمام أيضا فخرجت فورا وبحثت عنها في

جناحي والمكتب وصالون الضيوف والمطبخ والحمامات ولا أثر لها

أين اختفت وما فعلت بنفسها ؟ خروج يستحيل أن تخرج مع الحراسة

وباب المنزل الداخلي كان مغلقا أيضا فأين ستكون ؟؟ فتشت باقي الغرف

وحتى غرفة وجد وآخر شيء ذهبت لغرفة عمتي رغم أنها تنام مبكرا

ويستحيل أن تقضيا الوقت تتحدثان حتى الآن , فتحت الباب ببطء وتنفست

بارتياح ما أن وقع نظري على النائمة على الأريكة تحضن وسادتها بقوة

ثم عدت وأغلقت الباب مجددا وغادرت صاعدا للأعلى , ما الذي أنزلها

هناك فلن تكون خافت من النوم وحدها بالتأكيد أم أنهما تحدثا وسهرتا

معا حتى غلبها النعاس هناك ؟؟ أخرجت بيجامة وأغلقت باب الخزانة

وتوجهت للحمام استحممت ولبست ثيابي ثم خرجت للغرفة وارتميت

على السرير وجذبت وسادتها ونمت عليها فلعلي أنام الليلة ولو قليلا



*~~***~~*



ما أن أنهيت عملي في قسم الشرطة وغادرت حتى توجهت لمنزلي

استحممت وغيرت ثيابي وخرجت مجددا فلم أنعم بالراحة من يوم

ربحت القضية واستلمت تجارة ذاك العجوز , بث أشعر الآن بحال

أواس وأمين فكم هما يعانيان ومن أعوام , ما أن أُنظّم كل أمورهم

ويرجع كل شيء لسابق عهده سأجد وقتا أكبر لأرتاح فيه أما الآن

فعليا أن أتحمل حتى يقف كل شيء على قدميه مجددا , توجهت

لمصنع الألبان والجبن وقابلت مديره التنفيذي المؤقت وما أن جلست

عند مكتبه حتى سلّمني ظرفا ورقيا وقال " السيد المحامي جهاد

سلمان بلغني أسلم لك هذا "

أخذته منه مستغربا وفتحته وأخرجت ما فيه وقرأت الاعتذار الخطي

منه للاستمرار في تولي كل شيء معي ثم وقفت وخرجت وحاولت

الاتصال به مرارا ولا يجيب , ما به ما جد جعله يقرر هذا القرار ؟؟

ترى هل لمقابلته لسراب بالأمس أي دخل بالأمر ؟؟؟ ركبت سيارتي

ورميت الظرف على المقعد بجانبي وشغلتها وغادرت من هناك

متوجها للمنزل الآخر فعمي صابر يملك جوابا لكل هذا بالتأكيد
~~~~~~~~~~~

المخرج : بقلم الغالية حالمهه

رسالهه من سراب..
ولتعلم إن سهم حبك قد قتلني..
ولتعلم إني وثقت بكك حد.. الادماآن..
ولتعلم إني كنت طفلهه تحتاج الى ارتواء..
ولتعلم إن قلبي الغبي..عيبه حب دون إستئذان..
ولتعلم انكك بت بيتي الكبير الذي إحتواني..بعدمآ كنت سراب الماضي.. الجشعهه .. محبهه المال.. دون توقف..
ولتعلم إنك غيرت سراب بأكملها.. أفلا تعيرني إنتباهه؟؟

سلمت الأيادي

~~~~~~~~~~

نهاية الفصل
دقائق وينزل الفصل الخامس والثلاثون


 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 15-02-16, 09:24 PM   المشاركة رقم: 35
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والثلاثون)

 



الفصل الخامس والثلاثون


دخلت عليا غرفتي ونظرت لثيابي وقالت " ترجمان يا ابنتي

لما تغادرين السرير وقدمك تؤلمك ؟ "

أغلقت الدرج وقلت " هي بخير اليوم ولن أترك سدين

وحدها يكفي يوم أمس "

قالت وهي تتبعني بنظرها وأنا أتحرك في الغرفة " لكن الأرض

تولوا بها مجموعة من العمال وأنهوها من وقت قليل والقطعة

الأخرى يعمل فيها إياس وسهاد معها "

رفعت شعري للأعلى وأمسكته ذيل حصان وقلت بسخرية

" تلك لا جدوى منها فلا تحسبيها في شيء "

تنهدت وقالت " وحتى متى ستتخلي عن حقك فيه لها فأنتي

زوجته مثلها "

قلت متوجهة جهة الباب " أنا لا أدخل شريكة في شيء يفترض

أن يكون لي وحدي عمتي "

ثم غادرت ونزلت السلالم , لو أرادني ما جلبها , ما وضع ذاك الحد بيننا

من أول ليلة تزوجني فيها والآن يقول أنه مستعد أن يعطيني حقي مثلها

هه يالا السخرية إن كان قبل زواجه بها قد أسقط هذا الحق ولم يطالب به

فلما الآن بعدما أصبح لديه من تعطيه كل ذلك جاء يغدقني بأفضاله ؟ أم

يحسب أني سأوافق فورا وأستقبله بالأحضان , وصلت للخارج وتوجهت

نحو قطعة الأرض التي كنت أعمل وسدين عليها وكان بالفعل هوا وتلك

الشاحبة معهما , نظرت لثيابي لبنطلوني الجينز الأسود والسترة الشتوية

البنية القصيرة تحتها قميص شتوي ضيق وحداء مرتفع لنصف الساق ثم

رفعت نظري لتلك وللباسها المضحك ثم نظرت لإياس الذي يربط اليوم

قطعة قماش على رأسه تغطي شعره ثم يلفها كعصابة حوله وفي كل يوم

يتحول لابن مزرعة أكثر من سابقه , تأففت وأبعدت نظري عنه وعن تلك

الجهة , ما بك يا غبية بقي أن ينظرا هنا ويجداك تنظرين لهما , توجهت

لسدين المنحنية مشغولة بإخراج حجر كبير من التربة ودفعت مؤخرتها

فصرخت جالسة على الأرض فضحكت وقلت " صباح الخير "

وقفت ودفعتني وقالت " حمقاء أفزعتني ظننتك حصانا خرج

من الحظيرة ونطحني "

ضحكت وقلت " أول مرة أعرف أن الأحصنة تنطح "

نظرت لساقي وقالت " ما جاء بك هنا ؟ هل أصبحت بخير "

قفزت وقلت " نعم أنظري "

ثم أخذت الفأس منها وقلت " هذه المرة أول ما سنصنعه

هوا رباط للأرض "

ضحكت وقالت " لا هنا قال إياس أن المساحة مرتفعة

قليلا ولن تحتاج "

قلت وأنا أضرب التربة وأقلبها " حسنا لنتبع سيادة المزارع إن

لم تفسد الأمطار عملنا سريعا "

" ترجمان لما تركتِ سريرك وغرفتك ؟؟ "

عدلت وقفتي والتفت لصاحب الصوت الجاد الواقف يداه وسط جسده

ليقع نظري على ملامحه التي تحتضنها العمامة البيضاء واحمرار

يشوبها من لفح الهواء البارد لبشرته البيضاء ثم هربت بنظري

لحركة الفأس في يدي وقلت ببرود " أشعر أنها أفضل

وسئمت من النوم في السرير "

قال من فوره " إذا لا تفعلي شيء ابقي هنا فقط "

عدت لما أفعل مولية ظهري له وقلت " لا يحتاج أنا بخير "

فقال وصوته يبتعد " صحتك وأنتي المتضررة "

فلويت شفتاي ولم أعلق وبدأنا العمل معا بجد مع بعض الأحاديث

والتعليقات والضحكات من حين لآخر كعادتنا , نظرت للخلف حيث

الواقفة تمسك قبعتها وتنظر للسحاب وتتحدث ثم قلت " أنظري لتلك

النصف عربية لا تفعل شيئا أبدا "

ضحكت وقالت " أحببتها هذه النصف عربية , ما أبرعك في فن

السخرية يا ترجمان "

رفعت نظري لها وقلت " لما لا تناديها تعمل معنا لنتسلى بها قليلا "

ضحكت ثم وقفت على طولها ونادت " سهاااااد "

فقالت تلك من فورها " نعم "

قالت سدين " تعالي ساعديني في رفع الحجارة "

جاءت من فورها طبعا وقالت " ماذا أفعل معكما ؟ "

وقفت ورفعت لها حجرا وقلت " خذي هذا هناك "

فأخذته مني وسارت به فقلت بخبث " لنجعلها ترفع الحجارة كلها "

ضحكت وقالت " حاذري فقد تكون حامل ومن يخلصنا حينها "

لا أعلم لما شعرت بالدماء جمدت في عروقي وقلت بصدمة

" حامل !! "

عادت لما تفعل وقالت " قلت قد تكون , ما بك تفاجئتِ هكذا

تجاهليهما لترتاحي "

نظرت لها في الأسفل وقلت " ما تعني بتجاهليهما لترتاحي "

لم تعلق وعادت تلك ناحيتنا ورفعت حجرا آخر فرفعت واحد

غيره وقلت " انتظري "

وقفت تنظر لي فوضعته لها فوق الذي في يديها وقلت

" لننتهي سريعا "

قالت بصعوبة " ثقيل هكذا "

رفعت ثالث ووضعته لها وقلت " بسرعة بلا دلال "

فصرخت حينها ووقعت الحجارة منها لتنزل إحداها على قدمها فقفزت

صارخة وبدأت تشتم بلغتها تلك فقلت بضيق " أنتي من أوقعها على

نفسك فتوقفي عن شتمي يا حرباء "

قالت بحدة " أنتي الحرباء والسبب أيضا يا متوحشة يا مسترجلة "

شعرت حينها بالدماء فارت في رأسي ولم أكترث ولا لشد سدين لذراعي

ولا لما تقول وهدفي كان شعر تلك الشاحبة فشددته بيداي بقوة وهي

تصرخ بعلو صوتها ولم يخلص أصابعي منها شيء لا محاولات سدين

ولا إياس الذي وصل بعدما سمع صراخها ولم أفلتها إلا حينما أردت أنا

ذلك وعادت للشتم من جديد وإياس يتحدث معها بلغتها بضيق وتبادلا

حديثا كثيرا لم أفهم منه شيء ثم توجهت تلك للمنزل ونظر لي إياس

فقلت قبل أن يتكلم " هي البادئة هي من شتمتني "
صرخ حينها بغضب " وهل هذا سبب لتضربيها يا ترجمان "

قلت بضيق " نعم فأنا من تلقيت كلامها وليس أنت بل أراها

تقول شتائمك لي سابقا "

قال بصدمة " ما قصدك بهذا ؟ "

قلت بذات ضيقي " قصدي أنك أفلحت حقا في تعليمها

كيف تسخر مني يا إياس "

غادر حينها جهة المنزل ليلحق بها طبعا ويردد بصراخ غاضب

" لو أجد فقط طريقة أتفاهم بها معك ؟ أقسم أن أشتريها بالمال "

نظرت له بضيق حتى اختفى وقالت سدين حينها بهدوء " ترجمان

لما وضعتِ لها كل تلك الأحجار ؟ كان كلامي مجرد فرضية فقط "

صرخت حينها فيها " توقفي عن تفسير أفعالي أنا لم آبه لكل ما قلتيه "

ثم غادرت من هناك أيضا ودخلت المنزل فكانت تلك الشاحبة جالسة

تبكي وعمتي تحضنها وتتحدث مع إياس ولا أفهم ما يقولان من بكاء تلك

كالأطفال فأشحت بوجهي عنهم بضيق وقهر وصعدت السلالم بخطوات

غاضبة تكاد تحطمه حتى وصلت لغرفتي ودخلتها ثم أخرجت شعرها من

بين أصابعي ورميته بقرف وارتميت على السرير كعادتي مؤخرا بلا

غطاء ولا وسادة وكأن هذا يذكرني بشعور أني بث وحيدة رغم كل من

حولي عمتي سدين رغد وابنتها وإن كانتا أصبحتا سجينتا الغرفة أغلب

الوقت ولا نراهما








*~~***~~*










تبثُّ الهاتف مكانه تحت السرير ووقفت أعدل وأرتب شعري , لا أعلم

كيف يريدون مني تنفيذ ذلك سريعا ؟ ألا يعرفون هذا المريض وتفكيره

لا ويضعون لي وقتا معينا للتنفيذ , حمقى شلة من الحمقى ولم تترك لي تلك

الدُرر مجالا لأنفذ شيء , ترى ما سبب غضبه منها ذاك اليوم وسجنه لها

فيبدوا الأمر خطيرا وهوا ما جعل خادم جدها هذا يصر على تقديم وقت

المخطط والإصرار عليه ما أن علم بالأمر مني ؟؟ طبعا لم أخبرهم بما

قالت لي عن أنها ستنتقم مني إن أنا آذيت أواس وأنها تعرف أني أعمل

معهم لأن كل هذا قد يوقف ما يخططون له وأنا أريده أن يتم كما يريدوه

وأشهد بنفسي دمار هذا المريض , توجهت للخزانة وأخرت التوب وفككت

خياطته من الداخل وأخرجت اللفافة الصغيرة منه وأدرتها أم عيناي , جرعة

صغيرة لكنها تفي بالغرض مع شخص لم يسبق أن دخل هذا لجسمه سابقا

قبضت عليها في يدي بقوة وابتسمت بسخرية فها قد بدأت اللعبة الحقيقية يا

أواس وستبدأ معاناتك الطويلة قريبا وأنال حريتي من سجنك لي وضربك

وجنونك وسينتهي من الحياة شخص اسمه أواس رغم أنه سيكون

لازال موجودا فيها










*~~***~~*












اتكأت على إطار النافذة أراقب الطفلات يلعبن في الخارج فاليوم إجازة

من المدرسة ومنذ وقت وهن في لعب وركض وصراخ وضحك مستمر

ما أسرع ما تحققت أحلامهم .. منزل كبير غرف كثيرة ألعاب ملابس جديدة

دمى وكل ما تمنوه أراه عندهم ووفره لهم في وقت قياسي , أيعقل أن تكون

نظرته لي أبشع حتى من نظرته لهؤلاء الطفلات اللاتي لا يتوقفن عن التمني

والطلبات ؟ ألا أستحق ربع محبته لهم وتجاهله لكل أخطائهم , ابتسمت بألم

ونظرت للأعلى حيث السماء الملبدة بالغيوم رغم اعتدال الطقس اليوم وخلوه

من الهواء البارد المتحرك , ترى ما يحدث معكما يا ترجمان ودُرر فكم

لعبنا صغارا وحلمنا أحلاما كثيرة ومختلفة لتنسينا واقعنا ذاك وفي النهاية

لم نحقق منها شيئا ومن حققها فقد لذته بها , أخرجت هاتفي الذي وجدته

معي هنا من جيب البيجامة الشتوية التي ألبسها وفتحت إنشاء رسالة وكتبت

فيها ( ترجمان دُرر أنا أصبحت صاحبة ثروة هل تصدقان ذلك ؟ ذاك العجوز

ظهر أنه عمي وكسبت نصف ثروته لكني لست سعيدة يا شقيقتاي لم أشعر

بما تخيلت حياتي كلها أني سأشعر به حين سأكسب المال , لكن المهم أنه لم

نعد بلا مأوى والشارع هوا خيارنا الوحيد فتعاليا لي هنا متى ما قررتما

مغادرة حياتكما البائسة التي أُجبرتما عليها وسأكون سعيدة بذلك حقا

... أحبكما من كل قلبي )

ثم كتبت لهما عنوان المنزل وأرسلتها فدُرر عادت لغلق هاتفها وترجمان

أصبحت أغلب وقتها تعمل في مزرعتهم ولا ترى مكالماتي إلا ليلا وأستغرب

أنها أغلب الأحيان لا تعاود الاتصال بي فما حل بك غيّرك هكذا يا ترجمان ؟؟

انفتح باب الغرفة بعد طرقات خفيفة فقلت ونظري لازال شاردا في السماء

ولازال رأسي يتكئ على إطار النافذة " لا توبيخهم ثانيتا على اتساخ

ثيابهم يا صفاء فمتعة الأطفال في اللعب بلا قيود "

" وماذا عن الكبار "

أبعدت رأسي عن النافذة والتفت من فوري لصاحب الصوت الذي

دخل وأغلق الباب خلفه لازال يتمسك بثيابه القديمة ولم يرفه نفسه

مثلهم فها هي تمثيليته انتهت فلما لا يصعد هوا أيضا لمقامه الجديد

ابتسمت بسخرية وقلت " الكبار لا يعرفون لعبا بلا خداع "

ثم تابعت ببرود" وخذلان "

بقي ينظر لعيناي بصمت وكأني لم أوجه له سيل تجريحي ذاك

فعدت مولية ظهري له للنافذة وقال هوا " ما هذا الذي قلتيه للمحامي "

قلت من فوري " أعتقد أنه وصلك بالتفصيل فلا داعي لأعيد "

قال بحزم " سراااب "

التفت له وقلت بجمود " لا أريده في أملاكي أنا حرة وعلينا أن نبيع

كل واحد للآخر نصفه فتأخذ أنت مصنع الألبان ومزرعة المواشي

والأبقار أو حقول الشعير والقمح ومصنع المخبوزات ويلغى السلالم

الموصول بهذا الطابق ويفتح له سلالم خارجي مستقل "

قال بضيق " هراء هل جننتِ ؟ "
قلت بذات جمودي " نعم وسنفصل كلٌ لوحده أو خذ كل شيء

ولك أن تختار "

قال ببرود " لن آخذ من حقك مليما واحدا يا سراب فلا تحاولي "

قلت بسخرية " لا يهم فلتتصدق به للجمعيات الخيرية ولا أريد سوا

هذه الجدران التي تفصلني عن الشارع وترحمني من العودة لمنزلك

الذي اخترتُه يوما على كل شيء وطردتني منه "

قال من فوره " أنا لم أطردك منه "

ابتسمت بسخرية ورفعت رأسي للأعلى أمنع دمعتي من السقوط

وقلت بألم " بلى فعلتها "

قال بجمود " لا .. وتذكرين ذلك جيدا فأنتي من غادرتِ بملأ إرادتك "

نظرت له حينها وقلت بذات الألم " أتعرف من غبائي ما تمنيت وقتها "

نظر لي بشيء من الاستغراب أو الاستفهام فتابعت بأسى " تمنيت كالحمقاء

أن أجبرتني على البقاء هناك , أن أدخلتني الغرفة وأغلقت بابها وصرخت

بي أني مجنونة وأنك لن تتركني أخرج وأترك المنزل , فزد عليها أنك

كنت تعلم أنه لا مكان لي أذهب له "

قال بشيء من الهدوء " أنتي من أراد لكل ذلك أن يحدث أنتي

يا سراب "

عدت مولية ظهري له وقلت " علينا أن ننفصل في كل شيء يا

آسر كل شيء بما أنه كما قلت سابقا نظرتنا لبعض لن تتغير "

تحولت نبرته للغضب وقال من فوره " لا لن يحدث ذلك لن

أطلقك يا سراب تفهمي "

ابتسمت بألم وقد نزلت الدمعة الأولى ولم أمسحها كي لا يلحظها

وقلت " بلى ستفعلها وقريبا جدا أو لن تسلم من إفسادي

لكل ما ستفعله بثروتي "

فلم أسمع بعدها سوا ضربه لباب الغرفة بقوة فنزلت باقي الدمعات

تلحق سابقاتها لأجعل كفاي منديلا لهما وحضنا لعبراتي








*~~***~~*










دخل الجميع طبعا وتركوني في الأرض وحدي فأنهيت نقل باقي الحجارة

التي أخذت مني وقتا ثم عدت للمنزل أيضا دخلت ووجدت والدتي وإياس

يجلسان وسطه وسهاد متكئة على كتفه وهوا يحضنها بذراعه تنظر بحزن

لأصابعها في حجرها وتحركهم بعشوائية فتوجهت نحوهم وقلت مركزة

نظري على عينا إياس " أين ترجمان ؟؟ "

لم يجب طبعا وقالت والدتي " صعدت لغرفتها ما أن دخلت "

قلت ونظري لازال على عينيه " ولم يذهب أحد لرؤيتها ؟؟ "

فوقفت سهاد حينها وصعدت للأعلى ويبدوا الكلام لم يرق لها وخيرا فعلت

توجهت للسلالم أيضا وصعدت للأعلى وتوجهت لغرفة ترجمان فكانت

تغلقها بالمفتاح طرقت كثيرا وناديتها وبلا فائدة فنزلت مجددا ووجدتهما

يجلسان مكانهما فوقفت واضعة يداي وسط جسدي وقلت " اصعد لها

لم تفتح الباب لي مهما حاولت "

نظر للأرض وقال ببرود " لم تفتح لك ستفتحه لي أنا ؟؟ "

قلت بضيق " ستجد حلا فأنت زوجها وليس مثلي فتحرك

يا إياس وتعامل معها بعدل "

نظر جانبا وقال " هي المخطئة "

قلت بضيق أكبر " لا ليست مخطئة "

نظر لي حينها فقلت بحدة بعدما رميت بأصبعي في الهواء

" كيف لتلك أن تناديها بالمسترجلة المتوحشة "

قال بحزم " سدين توقفي عن الصراخ وترجمان من بدأت

وأوقعت الحجر عليها "

قلت بغضب " وهل سألت نفسك لما تفعل هذا ؟ لا لن تتساءل أبدا , ثم

الحجر وقع من يد سهاد وليس ترجمان لما لا أحد يشعر بها ؟ كم مرة قلت

وشرحت حتى نبت العشب على لساني وأنا أقول غيروا طريقتكم لتفهموا

ترجمان فأنا أكثر من عرفها وقبلكم جميعا لكني وكأني أتحدث مع جدار "

قال بحدة " سدين احترميني ووالدتك, هذه ليست عادتك "

تنفست شهيقا قويا وقلت بعبرة " سحقا لكم أنتم الرجال لا قلوب لكم كما

لا أبصار لكم لكنت رأيت ما ترفض رؤيته يا إياس سحقا لك سحقا سحقا "

ثم ركضت جهة السلالم وصعدت لغرفتي دموعي تجري على خداي أشعر

بقهرها الذي تخفيه كي لا يراه أحد فلما لا يستطيع الجميع رؤيتها كما أراها

أنا ؟ لماذا لا يرون إلا ما يريدون رؤيته ؟ كم أتمنى أن تخسرها للأبد يا إياس

لتعرف قيمتها الحقيقية وتقبلها كما هي لأنها لن تكون أروع مما هي عليه الآن

مهما تغيرت , بعد وقت طرق أحدهم باب غرفتي ودخل فكان إياس فنظرت

جانبا حاضنة ساقاي وجالسة فوق السرير فدخل وأغلق الباب وجلس

أمامي وقال بهدوء " لو كان أي شخص غيرك أنتي لغضبت من

طريقة صراخه بي وإهانتي "

نظرت لركبتاي وقلت بحزن " بل أنا الغاضبة منك يا إياس "

ضحك ضحكة صغيرة وقال " وما يغضب أميرتي الصغيرة سدين "

قلت بحزن " حال ترجمان وطريقة تعاملك معها "

تنهد وقال " ذكريني بطريقة لم أتبعها مع مدللتك ترجمان لأجربها "

نظرت لعينيه وقلت " أن تتقبلها كما هي ولا تنتقدها أبدا "

قال بجمود " ومن قال لك أني لم أجرب هذا أيضا "

قلت بسخرية " جربت باقتناع أم كتجربة فقط "

تنفس بقوة وقال بهدوء " أنتي من شهد كل ما حدث اليوم وتعلمين

الظالم من المظلوم منهما يا سدين "

ابتسمت بألم وقلت " ترجمان مظلومة "

هز رأسه وقال مبتسما " رأيك فيها لا يتغير مهما فعلت "

ابتسمت بألم ولم أعلق , لن أخبرك أنها فعلت ذلك ظنا منها أن سهاد كانت

حامل حقا , لن أخبرك أن حتى نظراتها لك تغيرت كثيرا , لن أخبرك أنها

باتت تنزوي على نفسها في غرفتها أغلب الوقت , لن أخبرك أنها أصبحت

تغضب أسرع من السابق ولا تعبر عن غضبها كعادتها دائما , لن أخبرك

بشيء واضح وجلي أمام عينيك ولا تراه يا إياس فاكتشف بنفسك ما تغمض
عينيك عليه وكم أتمنى أن تكون خسرتها حينها , وقف حينها فقلت

بهدوء حزين " أنا آسفة "

قال مبتسما " وأنا لم أغضب منك يا سدين "

قلت من فوري " ولا من ترجمان "

لم يتحدث فقلت برجاء " لا تتحدث معها في الأمر أكثر

عدني بذلك يا إياس "

هز رأسه بحسنا وقال بهمس " أعدك "

ثم تحرك مغادرا حتى وصل الباب وعاد والتفت لي وقال مبتسما

" هناك خبر سيعجبك "

نظرت له باستغراب فغمز وقال " ثمة ضابط سينتقل هنا قريبا "

نظرت له بصدمة ثم نظرت للأسفل بخجل وقلت

" هوا من طلب ذلك ؟ "

قال من فوره " بل خالك سيرميه لك هنا "

نظرت له وقلت " إذا لا فرق بينهما والجماد سيبقى جمادا "

نظر لي بصدمة ثم انطلقت ضحكته فقلت بضيق " توقف عن

الضحك , بارد مثل صديقك تماما "

سند كفه للباب المغلق وقال " وما يزعجك هكذا من صديقي "

قلت بحنق " وما الذي لا يزعجني فيه , لم يخبره عقله أبدا أن له

زوجة هنا يزور أهلها على الأقل ويسأل عنها , لا مكالمة لا رسالة

لا هدية ولا شيء , لوح وجدار وكأنه مجبر على الزواج بي "

قال بابتسامة " هذه هي شخصية أمين وهذا طبعه ولن

تعرفيه جيدا إلا عندما تعيشين معه "

نظرت جانبا ولويت شفتاي بعدم اقتناع فقال ضاحكا " حسنا

سأوبخه وأضربه على رأسه أيضا "

نظرت له وقلت بتهديد " إياك وفعلها يا إياس فلن أفرض نفسي

على شخص أنا آخر اهتماماته "

فتح حينها باب الغرفة وقال مغادرا منها " إذا لا تشتكي منه مجددا "

ثم أغلقه خلفه فتأففت وقلت " قسما أنكما تؤمين وليس فقط صديقين "







*~~***~~*









ضمت يداها لخصرها تنظر لي بضيق فقلت " أمي بالله عليك

فكري فيما أريده وما يريحني فإن تزوجت بغير رغد فلن

أسعد حياتي مع من كانت ستكون "

قالت بحدة " رفضتك وتزوجت غيرك , لا أعلم ما تريده فيها حتى

الآن ؟ لما يكون أول فألك امرأة أرملة كانت ستكون مطلقة , أم

لم تسمع الكلام الذي تقوله عنها والدة زوجها "

قلت بضيق " نحن نعرف رغد من قبل أن تعرفها تلك العجوز فهل

ستحكم هي عليها أكثر منا ؟ ثم أنا أريدها ومنذ كانت صغيرة وإن

تزوجت عشرة فسأبقى أريدها "

انفتح حينها باب المنزل ودخل منه والدي وقال " ما بكم

صراخكم في الشارع "

قالت أمي بضيق " تعالى وانظر لابنك وجنونه لازال حتى الآن

يريد الزواج بابنة عمه التي رفضته "

اقترب وجلس وقال " وما في الأمر ؟ وما أن تنهي عدتها

سأتحدث بنفسي مع شقيقها "

نظرت له والدتي بصدمة أما أنا فكدت أقفز فرحا لما سمعت فلأول مرة

يتدخل والدي في هذا فحتى خطبتي السابقة لها وخطبة فؤاد لسدين كانت

كلاما بين النساء فقط وقد طلب أخذ رأيهما أولا أما هذه المرة فأراه يشد

العزم دون أن يقول اسألوها , توجهت نحوه وقبلت رأسه وقلت

" بارك الله لنا في عمرك يا أبي "

قال بهدوء " وأنا من سيتحدث معها شخصيا هذه المرة ومن

له كلمة فوق كلمتي فليريني ما في يده "

وكان الكلام موجها لأمي طبعا التي تمتمت بشيء ما وغادرت , لا

أصدق أن تتيسر الأمور هكذا , أهل زوجها سيتركون ابنتها لها وخالد

لن يتزوجها ووالدي سيتدخل في الأمر خصيصا وأعرف رغد جيدا

خجولة وهادئة ستستحي من أن ترفضه , ما أن أخبرني خالد بما جد

معه حتى انزاح ذاك السواد الذي غلف حياتي الأيام الماضية ولم

أعرف الابتسامة لأيام إلا بسببه بعدما زف لي ذاك الخبر السار رغم

أنه توعدني بأني إن ضايقتها سيسعى لطلاقها مني ويتزوجها هوا

يهدي بالتأكيد فهل ستصبح عندي وأفرط فيها









*~~***~~*










قلبتها على ظهرها وبدأت بدغدغتها وهي في ضحك مستمر وهستيري

ثم نظرت لرغد التي تنظر لها مبتسمة وقلت " عمها ذاك قطعة نادرة

يجتاز كل هذه المسافة ليأتي لزيارتها ولم يمنعه البعد عنها أبدا "

ماتت ابتسامتها وقالت بحزن " ستصبح لديه ويرتاح من عنائه "

أجلستها في حجري فضمتني بقوة بيديها وساقيها وقلت ناظرة

لوالدتها " رغد لا أراك مقتنعة ولا موافقة "

نظرت للأسفل وقالت بحزن " مجبرة يا سدين ليس إلا ومن أجل ابنتي أفعل

أي شيء , خالد شاب رائع ومزاياه لا يمكن حصرها لكنه يبقى شقيق زوجي

ولم أراه أكثر من شقيق لي ولم ينظر لي أكثر من كوني شقيقة له ولا أعلم

من أين جاءته تلك الأفكار حين خطبني من إياس وشقيقه لم يطلقني , ولا

تنسي عائلته وحياتي مع شقيقه سابقا فلا أريد لمأساتي مع مصطفى أن تتكرر

ويظن بي خالد الظنون وزيدي عليه عائلته الذين لا يحبونني جميعهم لا

والدته ولا أشقائه ولا زوجاتهم وسأكون مضطرة للاحتكاك بهم مهما

تجنبت ذلك وإن كان في المناسبات والأعياد وعمتي لن تتركني

وشأني وإن جاءت عندنا بنفسها ولن ترتاح حتى يطلقني

وسيأتيك كلامي حينها "

تنهدت أمسح بيدي على ظهر ندى المحتضنة لي وقلت بأسى

" والحل يا رغد مادام زواجك به سيء هكذا من جميع نواحيه ؟؟ "

مسحت دمعة عانقت رموشها وقالت بأسى " الحل أن أرضى وأضحي "

هززت رأسي بحيرة وقلت " وحتى متى ستقدمين التضحيات يا رغد

فسيصبح لديك أطفال غيرها وستربطين نفسك بهم أعرفك جيدا

عاطفية وحساسة "
كانت ستتحدث لولا انفتح الباب خلفي وصرخت ندى التي كانت

متعلقة بعنقي وابتعدت عني لتلتقطها يدا إياس فالتفت لهما وقلت

" طبعا إذا جاء الحبيب نسينا الصديق "

رفعها وقبل خدها وقال مبتسما " موتي من الغيرة "

انظم بعدها لجلستنا وجلس على طرف السرير وقال " رغد

خالد تحدث معي هذه المرة عن أمر زواجكما "

نظرت للأسفل وقالت " لازال على العدة أكثر من أسبوعين

فمن المبكر الحديث فيه "

قال مبتسما " لا ليس موعده أعني "

نظرنا له بحيرة فقال " قال أن والدته قررت التنازل عن

ندى لك شرط أن لا يتزوجك "

صرختُ أنا حينها وكأني أنا من يعنيها الأمر وليس رغد ثم نظرت لها

فكانت تغطي وجهها بكفيها وتبكي فوقف إياس وتوجه نحوها وجلس

بجوارها وضمها لحضنه قائلا " توقفي عن البكاء يا غبية من يسمعك

يضن أنك كنتِ ستموتين وليس تتزوجي "

قالت بعبرة " لا أريد إلا ابنتي فليتركوها لي "

حضنها أكثر وقال " حمدا لله فما كنت مقتنعا بعودتك لتلك العائلة لولا

أنه لا حل غيره ولا أريد أن تعيشي تعيسة تبكي ابنتك ومحرومة منها "

ضممت ندى التي تبكي بجانبي وليست تفهم شيا سوا أن عليها

البكاء مع والدتها وقلت " يكفي يا رغد أنتي تخيفين ابنتك "

ابتعدت عن إياس ومدت ذراعيها لها قائلة بعبرة " تعالي حبيبة ماما "

فتوجهت نحوها من فورها وارتمت في حضنها ونظرت أنا

لإياس وقلت ماسحة لدموعي " أبكيتموني يا مغفلين "

وقف وقال مبتسما " إذا افرحي فزوجك وصل قرار نقله هنا "

عبست في وجهه وقلت بضيق " لا تتحدث عنه أمامي ثانيتا "

فضحك وتحرك حتى مر بجانبي ولعب بشعري فوقفت مبتسمة

وخرجت أنادي أمي لتأتي وتسمع الأخبار فأخيرا ستتحرر رغد

وتحرر ابنتها من سجنها ألا مبرر











*~~***~~*










خرجت سدين فجلست مكانها ونظرت للجالسة أمامي محتضنة

ابنتها تمسح على شعرها ومبتسمة بسعادة فقلت " عليك أن تعلمي

يا رغد أن لخالد شروطا لذلك "

نظرت لي باستغراب وقالت " ولما يضع شروطا ؟ إياس ليس

طبعك أن يتحكم أحد بما يكون فيه القرار لك "

قلت بجدية " بلى لكنه يبقى عم ندى ومن يخاف دائما على

مصلحتها ولا أرى في شروطه ما يعيب "

بقيت تنظر لي باستفهام واستغراب فتابعت " قال بأنه عليك أن تتزوجي

ليضمن أنهم لن يعودوا للمطالبة بها فيما بعد ويريد أن يوافق عليه هوا

أيضا بما أنه من سيربي ابنة شقيقه وأن لا يحرمه من زيارتها ورؤيتها

وأخذها لعائلة والدها أيضا وقال أنه إن طالبوا بها يوما فسيتزوجك

وإن كان متزوجا فأنتي ستتزوجين في كل الأحوال "

نظرت لي بصدمة حتى أنهيت كلامي ثم قالت بضيق

" ولما كل هذا ؟ "

قلت بذات جديتي " لا أرى عيبا فيما يقول يا رغد "

أشاحت بوجهها جانبا وقالت " ومن قال أني أريد أن أتزوج أو

أنه هناك من سيفكر في الزواج بي "

قلت مبتسما " أنتي أخرجي من عدتك فقط وخالك سيتكفل بالمهمة "

نظرت لي وقالت من فورها " لا لا أريد رجال الشرطة أو الجيش "

نظرت لها ببرود وقلت " وما بنا رجال الشرطة ألا نعجبك "

نظرت لرأس ابنتها المتكئة على صدرها وقالت " ليس هذا

أقصد لكنكم واقعيين فوق اللازم وتنظرون للأمور من منظور

ضيق وخاطئ بعض الأحيان "

قلت مبتسما " هذا طبع الرجال جميعهم يا رغد فلا تبني

أحلاما لرجل لا وجود له "

تأففت وقالت " لا هذا لا ينفع مع النساء يا إياس "

ضحكت وقلت " هذا فقط لأنك عاطفية كثيرا يا رغد "

قالت ببرود " وأرى التي ليست عاطفية لم تعجبك "

ماتت ابتسامتي وقلت ببرود مماثل " من تقصدي ؟ "

قالت بضيق " تفهم قصدي جيدا وليس هكذا يكون الجميع بل أنتم الذين

تتدربون على القتل والموت مختلفين والدليل ما فعلته مع ترجمان "

هززت رأسي وقلت " يا ترجمان هذه التي يقف الجميع في صفها "

قالت بذات ضيقها " لأني امرأة مثلها يا إياس "

رفعت يداي جانبا وقلت باستياء " أعطني حلا لم أجربه مع

ابنة خالك فلو كانت كغيرها من النساء ما جلبتُ سهاد التي

يلومني فيها الجميع "

نظرتْ حينها خلفي بصدمة وقد توترت ملامحها فالتفت من فوري

فإذا بترجمان واقفة عند الباب وجامدة كالتمثال تنظر لي ليدفعها

شيء للأمام بقوة ناحيتي حتى كادت تقع لولا تمسكت بكتف قميصي

وشددتُ أنا ذراعا بقوة ودخلت حينها سدين قائلة " هذه أول الواصلين

ما أن أخبرتها حتى جاءت لتهنئك على ضياع العريس منك , أما

والدتي فتبدوا فقدت وعيها في الحمام "

ثم سكتت وأخرجت لسانها جانبا حين رأت مشهدنا فرفعتها قليلا

حتى التقت عينانا وقلت " جاءت سليمة وتداركنا الأمر "

لتفاجئني بأن استلت ذراعها من يدي وغادرت الغرفة مسرعة وسيدين

تتبعها بنظرها على صوت رغد قائلة " هل ارتحت الآن بعدما سمعتك "

فغادرت السرير حينها والغرفة ولم أعلق بشيء فالغريب أنها لم تصرخ

بي وترد كلامي بأسوأ منه كعادتها دائما ! فهل كل هذا غضب بسبب

موقف سقوط سهاد ؟؟ بل نظرتها التي كانت تشع غيظا وغضبا

لم أرها من قبل بهذا الشكل والقدر









*~~***~~*











ما كان النوم أخذ من وقتي القليل حتى سُرق مني فكثرة التفكير في طريقة

أقابل بها الوزير دون أن أكشف أوراقي لأحد بث أراها أمرا مستحيلا يوما

بعد يوم فلما كل هذا التعقيد هل طلبت رؤية رئيس البلاد ؟ أم أن الوزير يواجه

خطرا يجعل دائرة المحتكين به ضيقة جدا ؟؟ عليا أن أجد حلا سريعا لذلك ولو

اضطررت للذهاب لمنزله والمحاولة مع حراسه والمرابطة هناك حتى يدخلوني

له , هذا وأنا ضابط في الشرطة لا أجد طريقة لأراه فكيف إن كنت مواطنا عاديا

لو لم أكن أعرف العقيد رفعت جيدا ومكانتي لديه لقلت أنه قال ما قال متحججا

ليتملص من الأمر , انقلبت على ظهري وغبت بنظري للسقف المظلم بعدما

أصبحت أنام هنا في غرفة من غرف جناحي السابق حيث كانت غرفتي لأشهر

قبل أن أعود لغرفتي السابقة فالأريكة هنا معدة لتصبح سريرا , أغمضت

عيناي مجددا كي لا تسرقني الأفكار وتأخذني لتلك الغرفة والنائمة فيها

وتأخذني قدماي لها والنتيجة عتاب من نوع لن يعجبها ويعجبني أو عقاب

قد أندم عليه لاحقا فذنبها لا يغتفر ولا أريد أن اسمع حججها وإن كنت أعلم

أنها لا تكذب ولن تكذب علي أبدا لكن الخطأ في قاموسي خطأ وعليها أن تعلم

أنه لعواطفي ناحيتها حدا وحاجزا يبنيه الخطأ مهما كان نوعه , غابت عيناي

في السواد مجددا ليعاودني ذات الحلم قارب في بحر هائج أنا وهي الركاب

الوحيدين فيه وبعد رحلة طويلة وصل بنا لليابسة وضعتها هناك وعدت

أدراجي ونظري معلق بها واقفة عند الشاطئ حتى اختفيت في عرض البحر

لكن هذه المرة كان الحلم مختلفا فرائحتها غادرت معي أستنشق عطرها في

زوايا ذاك القارب الصغير وكأنها سكبته فيه قبل أن تنزل مما جعلني أبحث

عنها حولي وأنظر للأفق مجددا لأرى إن بقيت هناك أم قفزت معي , فتحت

عيناي بسرعة لأجد نفسي في الغرفة ذاتها الجدار ذاته لكن رائحتها لازالت

عالقة بي , نظرت بسرعة لمصدر الأنفاس الهادئة بجنبي وأغمضت عيناي

أتنفس بقوة ثم فتحتهما ونظرت للنائمة بجانبي تضع أحد كفيها تحت خدها

والآخر أمام وجهها , كيف دخلت ونامت هنا ولم أشعر بها ! بل كيف تفعلها

وتبحث عني وتنام بجانبي وهي تعلم أني غاضب ولا أريد رؤيتها واقترابها

مددت أناملي لوجهها ببطء وأبعدت بهم خصلات شعرها عن جانب خدها

ثم مررت سبابتي على شفتيها برفق وتنهدت بعجز ثم جلست وغادرت السرير










*~~***~~*











بعد ساعات طويلة من بقائي سجينة غرفتي التي أصبحت سجني الذي

أراه حرية لا أحد يتطفل عليها أو بالأحرى يدخلها سوا سدين وبعدما

تناصف الليل خرجت منها لأنزل وآكل شيئا , فقط لأني وعدت عمتي أن

آكل فيما بعد حين أصرت أن أنزل لتناول العشاء معهم ولم تتحدث عما

حدث أبدا فقلبها الأبيض لا يتغير ولا أعلم ابنها نسخة عن من يكون ومؤكد

والده فهوا الغائب الوحيد عن الصورة ومؤكد يشبه ابنة شقيقه تلك العنقاء

نزلت السلالم وتوجهت للمطبخ فكان باب الثلاجة مفتوحا وخلفه سدين وقد

عرفتها من بنطلون بيجامتها الأحمر وحداء الفراء وكأنها دب , اختبأت

لها بجانب الباب أنتظرها وقد بدأت ساقاي بالتنميل من الوقوف وهذه

الجشعة يبدوا أنها تأكل والثلاجة مفتوحة أو ما الذي تفعله كل هذا الوقت ؟؟

بعد قليل رحمتني أخيرا وأغلقت باب الثلاجة وسمعت خطواتها تقترب من

الباب وما أن وصلت حتى قفزت أمامها صارخة بقوة لأسمع تلك الصرخة

المدوية وصاحبتها تنهار جالسة على الأرض تنظر لي بهلع لأكتشف أنها

تلك الشاحبة فنظرت للأعلى ولويت شفتاي بتململ على صوت بكائها الذي

علا في الأجواء وكاد يحطم جدران المطبخ , هذه كم عمرها بالله عليكم فتبدوا

أكبر مني ومن رغد لكن بكائها كالأطفال , وما هي إلا لحظات ونزلت

السلالم خطوات راكضة فتأففت بضيق فها قد اكتمل المهرجان , اقترب

قائلا بخوف " ما بكم ؟ ماذا هناك ؟ "

ووصل عندنا حينها ينظر للجالسة أرضا تبكي ولي بحيرة فقلت ببرود

" لا شيء ظننتها سدين وأردت إفزاعها فظهر أني أخطأت "

تركني وتوجه نحوها وجلس بجوارها على الأرض وشدها لحضنه

قائلا " توقفي عن البكاء الأمر لا يستحق "

قالت بصراخ باكي " لا هوا يستحق وتوقف عن قول هذه

الجملة لي دائما "

مسح على شعرها وقال " ظنتك سدين وانتهى سهاد هيا

توقفي عن البكاء "

قالت حينها بذات صراخها الباكي " لا ليس صحيحا "

وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق " ما قصدك بليس صحيحا "

مسح على كتفها ونظره لازال عليها وقال " هيا سهاد لا تكوني

طفلة بكائه هكذا "

وبدأت تقول كلاما بلغتها وهوا يحدثها بهدوء بذات اللغة محاولا تهدئتها

وطبعا تجاهلني وكأني لست أقف أمامهم وأتحدث , تحركي يا غبية لما

واقفة تشاهدين رومانسيتهم المشفقة هذه تحركي هيا , كان كلاما يرفض

عقلي تطبيقه وقدماي الانصياع له فحولت نظرتي لهم للبرود الثلجي فقط

وأمسكتْ حينها تلك الشاحبة معدتها وتأوهت بألم وهوا يرفع رأسها

ويحدثها ثم نظر لي وقال " أجلبي لي كوب ماء بسرعة "

نظرت له ببرود أشعر أنه بركان اشتعل بداخلي ثم تجاهلته وتركتهم وغادرت

جهة السلالم , هه خائف على ابنك ؟ قم أنت وارمها أرضا واجلب لها الماء

بنفسك , ما أن وصلت أعلى السلالم حتى ركضت لغرفتي ركضا وأغلقت

بابها خلفي لأجد نفسي لا شعوريا أتوجه للحمام , دخلت وفتحت المياه الساخنة

ونزعت ثيابي ووقفت تحتها وكأني أغسل شيئا في داخلي وماذا لا أعلم










*~~***~~*










استيقظت وجلست من فوري ونظرت جانبا ولم أجده , كيف نمت

دون شعور مني وأنا من كنت سأنتظره حتى يستيقظ ؟ حككت شعري

بتذمر من نفسي وقلت بحنق " غبية وها قد هرب منك مجددا "

لازال هناك بعض الوقت على الفجر ومؤكد ذهب لينام في مكان آخر

وتركني هنا لكني لن أتركك يا أواس فاغضب أو افعل ما تريد , غادرت

السرير وخرجت من الغرفة لحظة خروجه من حمام الجناح ووقف ينظر

لي بصمت فنظرت للأرض وقلت مبتسمة بحياء " ظننتك هربت

مني وكنت سأبحث عنك مجددا "

والنتيجة لم يجب ولم يعلق بشيء ودخل الغرفة مجددا تاركا إياي واقفة

مكاني فتبعته للداخل قائلة " عد لغرفتنا أواس وسأشرح لك سبب ما فعلت "

جلس على السرير ونظر لهاتفه ثم أعاده مكانه واضطجع عليه ولم

يجب فقلت بعبوس " أجب عليا على الأقل وقل شيئا ولو سيئا لا يهم "

والنتيجة وضع ذراعه على عينيه نائما على ظهره وتجاهلني تماما فتنهدت

بيأس , على الأقل لم يطردني أو يزمجر بي غاضبا فلأحاول فقد أنجح

قلت بهدوء " كل ما كنت أريده أن أعلم الحقيقة أن أجد حلولا لكل الألغاز

التي تحيط بي , أن أجد من يجيبني على الأسئلة التي ترفض أنت

أن تجيبني عليها , كنت أود أن أعرف من الـ.... "

قاطعني حينها بحزم " والجواب لديه طبعا وصدّقته بالتأكيد "

هززت رأسي بلا وكأنه يراني وقلت " لم أسأله أقسم لك ولم أقل شيئا "

قال بسخرية " لأني أمسكتك طبعا "

تنهدت وقلت " أواس كان من حقي أن أعلم أن أفهم ما يجري فلا تنكر هذا "

عاد لصمته وتجاهله لي فتنهدت بضيق ثم اقتربت من السرير ليوقفني

صوته قائلا بحزم " عودي لغرفتك دُره "

قلت من فوري " عد معي "

قال بهمس " لا "

قلت بحزم " وأنا لن أخرج إلا وأنت معي "

قال بضيق وحاله كما هوا عليه " دُره تحركي "

قلت بإصرار " ليس قبل أن ترضى عني "

كان سيتحدث لكني سبقته قائلة " قسما أني لم أكن سأطلب منه أن

ينقذني منك , أقسم لك أن غرضي كان سماع الحقيقة ولو من جانبه

ولم أصدق ما قال ونكرانه لما فعل لك , قسما بربي وربك يا أواس "

قال بجمود " صدقتك فغادري "

نظرت له بعبوس ثم غادرت الغرفة وتركته وعدت لغرفتي صفر اليدين

فما لا تعلمه يا أواس أن هذه الغرفة أصبحت بدونك كئيبة وخانقة , ارتميت

على السرير ألعن نفسي , هل كان عليا أن أغادر بسرعة هكذا ؟ لما لم اتكئ

على صدره وأضم خصره بذراعي وأرتجي منه السماح ؟؟ لا لن يسامحني

حينها وقد يجرح كرامتي أكثر , تقلبت كثيرا ألعن تهوري لحظة وأعاتب نفسي

على عودتي بدونه لحظات حتى جلست بسرعة حين انفتح باب الغرفة ودخل

منه وأغلقه خلفه ونظري يتبعه بذهول حتى وصل السرير وجلس في جهته

منه ثم رمى هاتفه على الطاولة واضطجع موليا ظهره لي وقال ببرود

" لا أسمع صوتك ولا كلمة منك أو تركت الغرفة ولن أدخلها مجددا "

ابتسمت بسعادة ونمت أيضا وقلت " حاضر لن أتحدث "

ثم زحفت نحوه مبتسمة وضممته من ظهره كعادتنا مؤخرا , العادة

التي فرضها عليا بادئ الأمر وصرت أعشقها فيما بعد وأفعلها عن

طيب خاطر , أما هوا فلم يتحدث ولم يتحرك وقد نام سريعا فضممته

أكثر واستسلمت مثله للنوم


المخرج : بقلم الغالية alilox

انتهينا من قبل ان نبدا الصواب في عيني في عينك خطأ محترف انت في كسر الامل وصنع الخيبات،مشكور على ماعشناه في خيالي من لحظات انسحبت اعلن انكساري اجر اذيال الخيبة ورائي،رفعت رايات انهزامي ابكي احتضار عشقي واحتضاري،امشي لااحس بالمسافات احساسي بالوقت مات،حتى السماء تشاركني حزني ابكي دمعة تبكي هي الاف الدمعات ،ابكي ياسماء وطهريني من ذنب لن أسامح نفسي عليه فهل انت تسامحيني ،ألوم قلبا غبيا أوقعني بهواك ،ألوم عينا لم ترى أجمل منك سواك ،ألوم قدرا اوصلني اليك ،أحالني دمية عاجزة بين يديك

سلمت الأيادي


نهاية الفصل ..... الفصل القادم مساء الخميس إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جليد, حسون
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 11:36 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية