الفصل العاشر
قالت بعبرة " أخي آسر يريدون أن يزوجوني "
قلت بصدمة " ماذا !! ومن هذا الذي سيزوجك "
شهقت ببكاء ثم قالت " والداي يقولان ليخف حملنا لأن أحدهم
خطبني , أنا أريد أن أنهي دراستي لا أريد أن أتزوج "
قلت بضيق " ما هذا الجنون وكيف لم يخبراني حين
زرتهما فجرا "
قالت بحزن " يعلمان أنك سترفض , والدي يمدح فيه كثيرا
لكني لا أريده ولا غيره حتى أنهي دراستي "
جلست على السرير من الصدمة وقلت " وإن يكن فسنك
ليس سن زواج , كيف لا يأخذان ولا رأيي فيه "
قالت ببكاء " لا تخبرهم أني أخبرك أخي أرجوك "
تنهدت وقلت " بالطبع لن أخبرهم ولا تفكري في هذا فلن
يتم هذا الزواج وأنا حي ولا تشغلي بالك عن دراستك
وأريدك متفوقة كالعادة "
قالت بعبرة " حسنا شكرا أخي علمت أنك ستقف في صفي "
أنهيت المكالمة معها وأنا أشعر بدمي يغلي , متى سيقتنعان أني
لا أكلف نفسي بمسئوليتي عنهم , كيف يزوجوا بناتهم قاصرات
فقط ليخف الحمل علي , غيرت ثيابي سريعا وخرجت من الغرفة
لأجد سراب واقفة بعباءتها وقالت فورا " أريد أن أذهب معك "
قلت بحدة " أين تريدين الذهاب معي "
قالت بضيق " لحفل شقيقتي طبعا أريد أن أراها "
دفعتها من أمامي وقلت مغادرا وبغضب " لن أذهب للبطيخ
حفل ارتاحي وأمسكي أرضك "
ثم غادرت المنزل وحينا والحي الذي يليه لأجد نفسي أمام باب
منزلهم , طرقت الباب ففتحت لي عبير وقالت مبتسمة
" مرحبا آسر "
دخلت وقالت هي صارخة " أخي آسر جاء "
لتركض إسراء نحوي وحضنت ساقاي فرفعتها وتوجهن باقي
الصغيرات جهتي وقالت نور " هل سنذهب لمدينة الألعاب "
قلت داخلا وهن يتبعنني " قلت نهاية الأسبوع وليس الآن "
وصلت الغرفة التي فيها والدهم وأنزلتها عند الباب وقلت
" ألعبوا هناك ولا يدخل أحد "
ابتعدن جميعهن وعدن لما كن يفعلن ودخلت أنا ملقيا التحية فأجابوا
باسمين فجلست وقلت " داليا خدي شقيقتيك وأخرجا قليلا "
خرجت بهما فورا وقالت والدتهم بقلق " خيرا يا آسر
وجهك لا يبشر بخير "
نظرت لعمي صابر وقلت بضيق " هل حقا ستزوج صبا "
نظرا لبعضهما ثم نظر لي وقال " من أخبرك هل هي فعلتها "
قلت بذات ضيقي " لا وليثها فعلت ذلك منذ البداية فلا
تنسى أنه لا شيء يخفى هنا "
قال بضيق أكبر " بل تكتمنا عن الأمر ولن يخبرك
غيرها لأنها لا تريد "
هدئت نفسي كي لا أنفعل فيهما وقلت " آخر ما كنت
أتوقعه أن تعتبروني رجلا غريبا "
قالت زوجته " لما تقول هذا يا آسر فلطالما اعتبرناك
ابننا ولازلت "
قلت بضيق " أبدا هذا في خيالي فقط , على الأقل أخذتم
رأيي ولو في الشاب الذي خطبها "
قال عمي " الشاب ممتاز ولا ستر للمرأة أكثر من
منزل زوجها "
وقفت وقلت " إذا لا مكان لي بينكم , المال سيصلكم كل
شهر ولن تروني ما حييت "
جلس قليلا وقال مادا يده " استهدي بالله يا بني ما هذا الذي تقوله "
قالت زوجته " اجلس لنتفاهم على ما يرضي الجميع "
قلت بجدية " لن أجلس إلا بما يرضيني أنا "
قال عمي بهدوء " آسر يا بني أعلم فيما تفكر وأعذر انزعاجك
لكن العقل ما سنفعله لأنه من الجنون تكليفك خصوصا
بعدما تزوجت "
لوحت بيدي وقلت بضيق " وهل اشتكيت لكم ؟ هل تروني قصرت
معهن في أمر ؟ وقلت مرارا قضية الأموال ستكون رابحة وسأحصل
ولو على نسبة من أملاكه وستتحسن الأمور كثيرا لكني
كمن يحرث في البحر "
تنهد وقال " حسنا أجلس ولن يحدث إلا ما تريد "
جلست حينها أتنفس بقوة وقلت " إن كان لي مَعزّة عندك فلا
يتكرر هذا الأمر ولا تتزوج أي منهن إلا بعدما تنهي دراستها
الجامعية إلا لو رغبت هي بذلك عن طيب خاطر وليس قبل
أن تبلغ السن القانوني طبعا "
قال بهدوء " الشاب جيد يا آسر ونعرفه منذ كان صغيرا وصبا
أكبر من سنها حتى أعمال المنزل وتربية الأبناء تجيدها لأنها
من رفعت كل شيء مع والدتها فلما الرفض "
قلت بجدية " أنت قلت بنفسك أنها غير موافقة ثم هل الزواج
أعمال منزل وتربية أبناء فقط أم مسئولية تحتاج امرأة بعقل
كبير , هل لديه منزل هل لديه وضيفة جيدة هل سيتركها تنهي
دراستها وتدخل التخصص الذي تحب وحلمت به كل حياتها
هل كل هذا يتوفر فيه لأوافق "
قالت زوجته " هوا يعمل حرفة يدوية والمال لا يعيب
الرجل بني , المنزل سيعيش مؤقتا مع أهله والدراسة
لا حاجة لها بها مع منزلها وأبنائها "
قلت بضيق " يعني وضيفة ليس لديه حرفة يدوية يعمل يومان
وينام شهرا دون عمل حتى يجد فرصة أخرى , تعيش مع
عائلة في غرفة ودراستها لن تكملها لتجد ما تحمي به نفسها
من عقبات الزمن , أي أنه زواج فاشل بجميع المقاييس "
قال عمي " اهدأ يا آسر ولن يكون إلا ما تريد "
قلت باستياء " لا أعلم حتى متى كنتم تنوون إخفاء الأمر عني
حتى تتزوجه بلا حتى حفل زواج كغيرها , لن تتزوج واحدة منهن
وأنا حي أتنفس إلا ممن أوافق عليه ويكون كفئا لفتح منزل وتتجهز
ويكون لها حفلا وليس في سن أقل من الثامنة عشرة إن كان
رأيي يعنيكما "
قالت زوجته " لكنهن عشرة يا آسر هل تعي معنى هذا فكم
ستزوج وتجهز وتشترط في الأزواج "
قلت بجدية " وإن كن عشرين فهؤلاء أعتبرهن شقيقاتي
إن كنتما لا تعتبروني ابنكم "
قال باستنكار " لا تقل هذا يا آسر ولن يحدث إلا ما تريد
وسنبلغه بأن ينسى الموضوع "
وقفت حينها وقلت " وهذا عشمي فيكم وإن كنت أعز عليكما
لا تتحدثا معها أبدا فليست من نقل لي الخبر لأنكما إن تكتما
أنتما فلن يتكتم هوا وعائلته "
ثم هممت بالخروج فأوقفني صوتها عند الباب " إذا لا تنسى
أن تحضر زوجتك لنتعرف عليها "
قلت وأنا أفتح الباب وأخرج " إن شاء الله "
توجهت بعدها للمطبخ وكما توقعت كانت صبا هناك تبكي وعبير
وداليا يهدئانها فدخلت لهم فابتعدتا عنها فتوجهت نحوها وأبعدت
يداها عن وجهها وقلت " توقفي عن البكاء يا صبا الزواج لن يتم
وأنا حي , والداك أرادا مصلحة الجميع فقط وأنا تفاهمت معهما
وسيلغى الأمر ولن يُفتح مجددا "
ارتمت حينها في حضني تواصل بكائها فتنهدت باستسلام
وضممتها برفق وقلت " يكفي قلت يا صبا فلن تتزوجيه
ولا غيره حتى توافقي أنتي "
ثم أبعدتها عني فمسحت دمعها وقالت بعبرة " شكرا لك أخي
لا أعلم من دونك ماذا كان سيحدث لنا "
قلت ناهرا لها " لا تقولي هذا مجددا فأنا من دون والدك لا
أعلم كيف كانت ستكون حياتي غير مجرم شوارع فوالدك
صاحب الفضل على الجميع بعد الله وما صرت لكم أخا كما
تريدون إلا بمجهوده وتربيته لي فكم كان يحرم نفسه من
اللقمة لأدرس وألبس , والدك أراد فقط أن يطمئن عليك "
هزت رأسها بحسنا تنظر للأرض بحزن فنظرت لثلاثتهن
وقلت " أي شيء يتكرر كهذا تعلموني به حتى تتحسن
الظروف وتنتقلوا من هنا مفهوم "
هزوا رؤوسهن بحسنا فخرجت من هناك وغادرت المنزل على
صوت توديع الطفلات لي وأيديهم الملطخة بالتراب تحييني , كل
ما أفكر فيه هذه العائلة وأسأل الله أن يمد في عمري
حتى أؤمن حياتهم بعدي بكسب القضية
*~~***~~*
مرت الساعات وأنا جالسة والجميع ينظر لي وكأني نجمة سينما
تقف على المسرح فما أسوئه من شعور شعور العروس ولم أتخيله
هكذا , تعرفت على شقيقتاه وابنة شقيقته الصغيرة وزوجة عمه
وعمته والكثيرات لم أعرفهن ومنهن من يقربن له من بعيد فعائلتهم
تبدوا كبيرة , كنت طوال الوقت أنتظر أن تدخل دُرر أو سراب بما
أنهما تزوجتا من رجلين يعملان معه ويبدوا أنهما صديقاه لكن لا أمل
وكلما دخلت واحدة نظرت لها فورا فكانت امرأة أخرى حتى يئست
من قدومهما , وبعد وقت طويل لاحظت نقاشا هامسا بين والدته
وابنتيها ثم اقتربت مني سدين فقلت لها " ماذا هناك أشعر أن
الأجواء مضطربة "
انحنت لي وقالت مبتسمة " أبدا فقط والدتي تريد أن يدخل
إياس ويلبسك العقد وخاتم الزواج وهوا قال أوصلوها
للغرفة وسأدخل فيما بعد "
قلت ببرود " ويكون أفضل لما كل هذا أمام النساء "
ضحكت وقالت " والدتي مستاءة منه ولابد وأن هذا يفرحك
لأنه لا يريد الدخول للفتيات "
ابتسمت ولذت بالصمت , بل لا يريد أن يدخل لي يا غبية , بعد
قليل خف عدد النساء كثيرا فأشرت لها فاقتربت مني فقلت هامسة
" تعبت من الجلوس لحظات وظهري ينكسر وأريد الحمام "
هزت رأسها بحسنا مبتسمة ثم غادرت جهة والدتها وشقيقتها الكبرى
وتحدثت معهما ثم عادت ناحيتي وأوقفتني وقالت مبتسمة
" أنا العريس اليوم هل لاحظت ذلك "
قلت بسخرية ونحن نتجه للسلالم " لو خيروني لاخترتك "
ضحكت وقالت ونحن نصعد السلالم على صوت زغاريد والدتها
" لا يسمعك أحد ويضن أننا شاذتان "
ضحكت رغما عني ووصلنا حينها أعلى السلالم وقد علت الزغاريد
وكثرت ليوقفنا صوت نادى سدين من الأسفل فالتفتتْ لهم ثم همست
لي " يبدوا أن العريس قرر الدخول انتظري هنا والتفتي للخلف "
ثم نزلت مسرعة والتفتُّ أنا كما قالت لننهي هذا اليوم الأعوج الممل
وما أن وقع نظري على الحاضرين في الأسفل رأيته معهم تتركه
واحدة لتحضنه الأخرى من كبيرات السن وبعض الفتيات سلمن عليه
باليد وهوا يبتسم للجميع , بالطبع يحق له عريس وعليه أن يكون سعيدا
أمامهم كي لا ينكسر غروره , أمسكت والدته بيده وتوجهت به نحو السلالم
فأنزلت رأسي أرضا ولم أعد أرى شيئا حتى وصلت خطواتهم لي وأمسكت
يد عمتي بيدي ووضعتها في يده وقالت بحنان " ليسعدكما الله أوصيكما
ببعض خيرا فكلاكما ابناي "
قال حينها بصوته الجهوري " حاضر يا أمي كم مرة
ستقولينها لي اليوم "
قالت بصوت مبتسم " ولن أتوقف عن قولها , هيا خذ
عروسك أنتما متعبان وعليكما أن ترتاحا "
شعرت حينها بذراعه على كتفاي وأمسكت يده ذراعي وسار بي
يسارا وفي صمت من كلينا حتى وصلنا باب غرفة معينة فتحها
وقال " أدخلي "
دخلت أتمتم بهمس " سأدخل أين سأذهب برأيك "
كانت الغرفة جميلة بل رائعة وأروع مما تصورت , مؤكد لن يطردني
منها وهوا من سيخرج من هنا فما فهمته من والدته أنها وبناتها سيتركون
المنزل الليلة وأنا لن أتنازل عن هذه الغرفة فليجد له واحدة غيرها , وقفت
في المنتصف ولم اعرف أين أتحرك ولا أعلم لما أشعر بكل هذا التوتر وهوا
هنا وأنا من كنت أتخيل أن هذا الشعور آخر ما قد يزوروني ولن أتوتر أو
أخاف فأنا لم أعرف هذه المشاعر يوما , خلع سترته ورماها على الكرسي
ثم ألحق لها ربطة العنق وكل هذا وهوا موليا ظهره لي ثم التفت لي لتلتقي
عينانا بل ليرى وجهي لأول مرة الليلة فأبعدت نظري عنه ثم أنزلت رأسي
أنظر لأصابعي وهي تلعب بخيوط العقيق المتدلية من الفستان حتى اقترب
مني بخطواته الثقيلة ووقف أمامي مباشرة فعدت للخلف خطوتين فقلصهما
في خطوة واحدة فرفعت رأسي ونظرت له فكان ينظر لي بابتسامة جانبية
فقلت " أريد أن أستحم أين ثيابي "
مؤكد هي في الخزانة وسؤالي غبي لكني لم أجد غيره ولا أريده أن
يقترب مني لينتقم من كل ما فعلته به سابقا فأنا أعلم جيدا أن هذا ما
يفكر فيه , قال بابتسامة ساخرة ونظره في عيناي
" ستدخلينه حالا لا تستعجلي "
شعرت بالريبة من معنى ما قال فقلت " ما تعني بكلامك "
عاد للوراء بضع خطوات ثم جلس على الكرسي واتكأ بمرفقه على
طرفه وبدأ بتمرير أصابعه في شعره ينظر جهة السرير وقال
" تعلمي كما أعلم ولا يعلم الجميع أن هذا الزواج لأجل
غرض معين وتحقق وهوا مداراة الفضيحة "
قلت ببرود " أعلم وجيد أنك فتحت الموضوع مبكرا "
نظر لي وقال بسخرية " نعم لكن عمك الذي هوا خالي والأهم
والدتي لا يريدان أن يقتنعا بكل هذا "
نظرت للجانب الآخر وقلت " فهمت ما المطلوب وسأنفذه
فالشعور تعلم أنه متبادل "
وضع ساق على الأخرى وقال " إذا هوا زواج سيكون رهن
فترة معينة مهما طالت لكي يقتنع الجميع أنه لن ينجح وكل
واحد منا يرى حياته "
ابتسمت ابتسامة ساخرة وكتفت يداي لصدري وقلت " وأخرج
كما دخلت هل أنت ند لهذا الكلام أم أكون وحدي الخاسرة "
وقف وقال " لا تخافي لا رغبة لي فيك هل تريني طفلا
لا أعرف كيف أتحكم في تصرفاتي "
كان هذا ما أريده منذ البداية لكن كلامه جارح لي كأنثى فما يراه
ينقصني ليقول أنه لا يرغب بي , هه وذلك يوم المنى لقد أزاح
عني حملا ثقيلا , سار في الغرفة يمينا ثم يسارا ونظري يتبعه ثم
قال وهوا ينظر لخطواته " طبعا ستجمعنا هذه الغرفة أوقات
الضرورة لأن الوضع كما تري أمامك ولن أستطيع أن
آخذ غرفة لوحدي "
قلت ببرود " عُلم "
وقف ونظر لي وقال " أمام أهلي كل شيء طبيعي "
اكتفيت بابتسامة ساخرة ولم أعلق فقال بجدية " أضن أني وافقت
على شرطك وعليك أن توافقي على شروطي "
قلت ببرود " لا يهم عندي أفعل ما تريد المهم النتيجة "
جلس مجددا وقال " النتيجة أنه كل واحد منا لا يرى في الآخر
الشريك الذي يريد فسيبحث عنه في غيره "
كتمتها في نفسي أيضا لكني لن أفوتها له كالسابقة فقلت بثقة
" معك حق أنا لا أريد زوجا ينظر لي من رأس أنفه ويرى
كل شيء بي خاطئ رغم أنه صحيح "
قال بسخرية " وأنا لا أريد إلا امرأة تشبهني في كل شيء "
قلت بضيق " فلنتوقف عن التجريح فقد فهم كل
واحد منا مكانه ومكانته "
وقف حينها وقال متوجها للحمام " إذا وضعت النقاط على
الحروف ولا أحد يحاسب الآخر على شيء "
ثم دخل الحمام وأغلقه خلفه , وقح لكنه قال ما أريد
واختصره علينا منذ البداية
*~~***~~*
سجنت نفسي في الغرفة ولم أخرج منها وعند أول المساء طرقت
عليا الخادمة الباب لتخبرني أن غرفتي في الأعلى أصبحت جاهزة
فصعدت أتبعها حتى وصلنا أعلى السلالم ثم سارت بي يمينا
فقلت وأنا أسير خلفها " ما يوجد في اليسار "
قالت " جناح السيد فقط "
غريب أمره جناح فقط في جهة كاملة أم أنه توجد غرف أخرى
لكنه يمنع فتحها !! وصلنا الغرفة وفتحتها وقالت " نظفتها
وجهزتها لك وأي شي تحتاجيه أخبريني "
قلت قبل أن تغادر " هل أحضر أواس ثيابي وأغراضي "
هزت رأسها بلا وقالت " لم أرى شيئا وسمعته يقول للسيدة
خديجة أنه سيخرج خارج المدينة "
هززت رأسي بحسنا ثم دخلت الغرفة وقلت " انتظري "
التفتت لي فأشرت لها على الجدار وقلت " ولما لم تزيلوا
تلك الصورة "
نظرت لها وقالت " تلك ممنوع إزالتها "
نظرت لها بتمعن كان هوا فيها والاثنان اللذان تزوجا من
ترجمان وسراب يلبسون ملابس الشرطة ويحملون أوسمة
في أيديهم وكان أواس الوحيد الذي يمسك قبعته تحت ذراعه
ولا يلبسها , نظرت للخادمة وقلت " هل كانت هذه غرفة أواس "
هزت رأسها بنعم وقالت " ولم يغيرها أبدا والمدة
الماضية كان ينام فيها أغلب الأحيان "
نظرت لها باستغراب وقلت " ولما ولديه جناح هناك "
هزت رأسها وكأنها استفاقت لنفسها ثم قالت " لا أعلم خيل
لي ذلك قد يكون يأخذ أغراضا منها فقط "
ابتسمت ابتسامة صغيرة وقلت " نعم قد يكون كذلك
لكن الآن أين الأغراض التي كانت هنا "
قالت من فورها " أنزلناها للملحق الخارجي بأوامر منه
هل تريدين شيئا آخر سيدتي ورائي عمل كثيرا "
هززت رأسي بلا فغادرت من فورها ودخلت أنا الغرفة ونظري
على تلك الصورة , لما تركها لي هنا كان أخذها مع الأغراض
أو علّقها في جناحه , جلست على السرير وتنهدت بحيرة فكل
شيء في هذا الرجل غريب وحياته أغرب , يبدوا ثمة مشاكل
بينه وبين زوجته ليضربها ويسجنها هكذا بل يبدوا ينام بعيدا
عنها , ترى ما هوا هذا الأمر الذي يجعله هكذا وأين أهلها عن
كل هذا أم أنها يتيمة ولا أهل لها ؟؟ حسنا وإن فرضنا أن والداها
متوفيان أين أقاربها ؟ ثم الخادمة قالت أن شقيقها زارها هنا أم
أنه ليس شقيقها , وقفت وتمتمت " أستغفر الله هل سأصل لرمي
مؤمنة محصنة , أعوذ بالله من الشيطان "
دخلت الحمام استحممت ولبست البيجامة الأخرى فلم أستطع أخذ
شيء غيرهما من ثيابْ صاحبتها غير موجودة , خرجت من الحمام
وجلست أمام المرآة أمشط شعري لأجففه فنزلت بنظري للبيجامة
وتذكرت يوم أمس حين كنت مرتدية لها وقبلاته لخدي فأغمضت
عيناي بقوة أشعر بالدماء تصعد لوجهي وبقلبي يقرع كالطبول وكأن
الأمر يحدث الآن , انفتح حينها الباب فجأة فوقفت مفزوعة بشهقة فلا
غيره يدخل دون طرق لكنها كانت عمته فوضعت يدي على صدري
وتنفست بارتياح فقالت باستغراب " ظننت الغرفة فارغة
ولم تنتقلي لها بعد أنا آسفة "
هززت رأسي بحسنا وقلت بهمس " لا بأس "
كانت تنظر لي بريبة ويبدوا خمنت أني كنت خائفة من دخوله
فقلت مبررة الأمر " كنت شاردة الدهن فانفتح الباب بقوة وأفزعتني "
قالت مبتسمة " وأنا قلت ما سر كل هذه الشهقة والخوف "
ابتسمت لها دون تعليق فأغلقت الباب واقتربت مني وسحبتني
من يدي حتى جلسنا على السرير وقالت بصوت منخفض
" دُرر هل أطلب منك طلبا ولا ترديني "
قلت بجدية " إن كان في استطاعتي فعلته دون تردد "
قالت مبتسمة " بلى في استطاعتك "
بقيت أنظر لها بصمت وترقب فنظرت ليديها وقالت
" وهوا بشأن أواس "
قلت بصدمة " أواس !! "
نظرت لي وقالت " نعم فنقله لك هنا لغرفته السابقة
له ملايين التفاسير "
قلت بحيرة " لم أفهم ثم ما في الأمر إن نقلني هنا "
تنهدت وقالت " أواس حياته وزوجته الأولى لا تسير
على ما يرام ومؤكد لاحظتِ ذلك "
هززت رأسي بنعم فتابعت " كان بإمكانه تركك في غرفة
غدير ابنتي لأنها لا تكون هنا إلا لأشهر معينة وقد لا تأتي
سوا يومين في الأسبوع وكان يمكنه نقلك لغرفة أخرى فأن
ينقلك هنا أمر غريب "
قلت بتوجس " ما قصدك بهذا "
ضحكت وقالت " ما بك ؟؟ لا تخافي "
قلت بريبة " كلامك غريب ولا أفهم ما تصبين إليه "
تنهدت وقالت " حسنا سأختصر الطريق عليك وعلى نفسي "
ثم أمسكت يدي بيديها وقالت ناظرة لعيناي " أريدك أن
تكسبيه وأن تسعديه , حاولي كل جهدك "
بقيت أتنقل بنظري بين عينيها بحيرة فتركت يدي ونظرت
للأرض بشرود وقالت بحزن " أواس عانى في حياته كثيرا
وأريده أن يسعد حقا "
شعرت بقشعريرة سرت في جسدي لأن كلامها ذكرني بكلامه
عن جلدي له فقلت بشبه همس " احكي لي عن طفولته "
نظرت لي باستغراب وقالت " ولما طفولته تحديدا !! "
شعرت أني تصرفت بغباء فما كان عليا سؤالها هكذا مباشرة
لكني تدارك الأمر قائلة " قد يكون لطفولته كل الدخل في هذا "
قالت بعد صمت " قد لا يحق لي قول كل شيء يا دُرر فهذا
يخصه وحده وأنا عشت معه هنا بعدما تخرج من كلية
الشرطة فكل ما أريده منك أن تحاولي فقط "
هززت رأسي بحيرة وقلت " لا أعلم بل لا أستطيع فأنا لا
أفهمه أبدا وأشعر أنه هوا من يصنع حاجزا بيننا ولا
يريد أن أتخطاه "
قالت برجاء " حاولي ولن تخسري شيئا ولا تأخذي على
كل كلامه وتصرفاته "
نظرت للأسفل وتنهدت بحيرة وقلت " لا أعلم "
وقفت وقالت " فكري في كلامي يا دُرر فأملي فيك كبير
ونظرتي في الناس لا تخيب ومتأكدة من أنك صاحبة
عقل كبير وصدر رحب "
ثم غادرت الغرفة وتركتني أنظر لمكان خروجها بحيرة
هل حقا عليا أن أكسبه لكن كيف ذلك فأنا أراه أبعد من المستحيل
أخذت مصحفي وبدأت بمراجعة ما حفظت وسرقني الليل حتى
شعرت بالنعاس فأطفأت النور ولم أترك سوا الإضاءة الخفيفة عند
السرير ودخلت تحت اللحاف وبدأت بقراءة أذكار النوم حتى غلبني
النعاس لأستيقظ بعدها بقليل على صوت باب الغرفة يفتح فتصلبت
جميع أطرافي وأنا أسمع صوت خطواته فيها حتى جلس بجانبي
على الطرف الآخر للسرير ورمى شيئا على الطاولة ثم التفت لي
فأغمضت عيناي بسرعة وقلبي أشعر أنه سيخرج من ضلوعي
شعرت به وهوا يجلس عليه ويتكأ بظهره ممددا ساقيه فوقه وساد
الصمت لوقت ولم يتحرك ففتحت عيناي ونظرت له فكان متكأ
برأسه على الجدار ويضربه به للخلف ضربات خفيفة ثم ضغط
على جبينه بقوة ثم عينيه , ما به يبدوا مستاء أو غاضبا لا أفهم هذا
الرجل أبدا !! عاد لضربه مجددا بالجدار لكن هذه المرة بقوة أكبر
ولازال مغمضا عيناه بأصابعه فضممت يدي لصدري وشعرت
بشيء لا أعلم ما يكون وكأنه حزن على حالته الآن , لو أفهم
فقط لما جاء هنا عندي لو كان رحمني منه , بدأت أشعر بقلبي
يتمزق وهوا يزيد من ضربه له لتخرج منه أنات متألمة كلما
ضربه به بقوة فمددت يدي ببطء وأمسكت يده الأخرى التي كانت
في جهتي فانتفض واقفا ثم توجه لزر الإنارة وشغله فجلست من
فوري ونظر هوا لي باستغراب وقال " ماذا تفعلين هنا "
رفعت شعري خلف أذني وقلت بتوتر " ألست من قال
أن أنتقل لهذه الغرفة "
مرر أصابعه في شعره ونظر جانبا فيبدوا أنه نسي موضوع
انتقالي هنا فقلت بهمس ونظري معلق به " ما بك يا أواس "
نظر لي حينها بسرعة بنظرة مخيفة وقال بحدة " لا شأن لك
وقلت لا تتدخلي فيما لا يعيك "
ثم خرج ضاربا الباب خلفه وتركني أنظر لمكانه بصدمة
*~~***~~*
دخلت المطبخ صباحا وكانت هناك ويبدوا تعد الشاي , أكثر ما
أستغربه فيها أنها لم تتمرد وترفض ما أطلبه منها من أعمال
المنزل , نظرت لي وأنا عند الباب ثم تجاهلتني وعادت بنظرها
لإبريق الشاي على النار فتبدوا مستاءة حد الغضب بسبب تصرفي
معها البارحة لكن الذنب عليها تراني خارج من الغرفة غاضبا
تقول سأذهب معك
اتكأت على إطار الباب وثنيت ساق أمام الأخرى وقلت
" لا تكثري السكر في الشاي كأمس "
ولم تجب طبعا بل وضعت علبة السكر في الصينية أي ضعه
بنفسك كما تريد , عدلت شعري للأعلى بأصابعي وقلت
" والخبز لا تحرقيه كثيرا أحبه شبه محمر "
نظرت لي حينها بغيظ وصرخت " لما لا تتركني
وشأني , أَعجبك كله لم يعجبك اتركه "
قلت مبتسما " نعم هذا ما أريد أن تصرخي بي وهذه بتلك "
تأففت وأولتني ظهرها فقلت مبتسما " داشر يسلم عليك "
كتفت يداها لصدرها ولم تتحدث ولا تلتفت لي فضحكت
بصمت ثم قلت " هل أناديه لك "
نفضت يداها وقالت مستاءة " آسر لما لا ترحمني منك لا
أريد أن أراك ولا أسمع صوتك فغادر رجاءا "
ابتعدت حينها عن الباب قائلا " حسنا أردت فقط تسليتك
وأنتي تطبخي لكنك ناكرة للمعروف "
ثم غادرت من هناك وعدت للغرفة مبتسما فهي لا تعلم أن
إغاظتها تسلية بالنسبة لي لكانت تحولت لقالب ثلج , فتحت
الخزانة وأخرجت باقي راتبي لهذا الشهر وعددتهم ثم وضعتهم
في المحفظة فها نحن نقترب من نهايته وسينزل الراتب الجديد
*~~***~~*
مددت يدي متكاسلة وأرجعتها سريعا حين شعرت أني لمست
جسدا فنظرت هناك فما كان سوا ظهره وهوا نائم بجانبي فأنا
طبعا بعد دخوله الحمام البارحة غيرت ثيابي ونمت قبل أن
يخرج وهوا لم يخرج حتى كنت في سابع نومه وكأنه يتعمد فعل
ذلك بل هوا يتعمده فعلا , لو فقط وجد لنا حلا في هذه الغرفة
المشتركة مثلما وجد حلولا لكل شيء فهذا الوضع لا يعجبني
جلست من فوري وغادرت السرير ودخلت الحمام وأغلقت الباب
استحممت ولبست منشفة الحمام وخرجت جلست على كرسي مرآة
التزيين وبدأت أجفف شعري بالمنشفة حتى خف منه الماء ثم شغلت
مجفف الشعر ولم آبه به فلينام هكذا أو ليخرج , أنهيت تجفيف شعري
وهوا كالجبل لم يتحرك فيبدوا نومه ثقيل , أخرجت فستانا بسيطا وأنيقا
طوله لنصف الساق وكماه قصيران وبه ربطة من الشيفون عند الرقبة
تبدأ من نهايتها ومعقودة في الأمام , مشطت شعري وتركته مفتوحا
ورفعته بقوس شعر ثم خرجت من الغرفة , تأخرت في النوم ومؤكد
عمتي وبناتها عُدن من وقت , نزلت للأسفل وكما توقعت كانت هي
ورغد جالستان هناك , وصلت نهاية السلالم فابتسمت ما أن رأتني
وقالت " ها قد استيقظ العروسان الكسولان "
ابتسمت لها مجاملة ووصلت عندهما فربتت بيدها على الأريكة
بجانبها وقالت " تعالي اجلسي بجانبي "
توجهت نحوها فورا وجلست قائلة " صباح الخير "
قالت رغد مبتسمة " قولي مساء الخير "
قلت بضيق مصطنع " ما بكم علي انتظروا لينزل ابنكم
ووبخوه معي "
ضحكت عمتي وقالت " معك حق متعبان وكان عليكما
أن تناما وترتاحا "
وقفت رغد حين رأت ابنتها راكضة من بعيد وتوجهت نحوها
صارخة " ندى تعالي لا توقعيه , من هذا الذي أعطاه لك "
وأنا أراقبها مبتسمة فشدت عمتي ذراعي وهمست لي
" هل نقول مبروك "
شعرت بشعر جسدي وقف , حقا أن الأمهات لا حواجز لديهن مع
زواج أبنائهم !!! نظرت للأسفل وهززت رأسي بنعم , قولي ألف
مبروك وليس مبروك واحدة, قالت مبتسمة " حمدا لله وأراني
الله أبنائكم بعد أقل من عام "
نظرت لها بصدمة فضحكت وقالت " ولما لا فكم
حدثت مع كثيرات "
قلت ببرود " تلك تتزوج وحشا وليس آدميا "
ضحكت وقالت " لا تحملي أنتي أيضا بسرعة ويظهر
أن ابني وحش "
ضحكت حينها رغما عني وقلت " وإن لم أحمل
فسيكون جرو "
نظرت لي بصدمة فابتسمت لها ابتسامة من وقع في فخ فضحكت
من فورها لحظة نزول إياس من السلالم , ما أسرع ما لحق بي
كان مستيقظا إذا ويدعي النوم ؟ لا والأخ نازل وشعره مبلل يمثل
دوره ببراعة وكأنه ينقصنا إحراج في هذا الصباح , وصل عندنا
ووقفت له والدته وحضنته فورا تعانق بذراعيها عنقه وهوا منحني
لها قليلا وقالت ببكاء " مبارك لك يا إياس يا ابني وأخيرا
قررت عيني بما أريد "
مسح على ظهرها ونظر لي نظرة من فهم ما دار بيني وبينها
فنظرت للجانب الآخر وقال هوا " أمي لما البكاء الآن "
ابتعدت عنه وقالت " من فرحتي يا حبيب أمك "
ليثك تعلمين عن الكذبة التي يعيشك فيها حبيب أمه , سحبته من
يده قائلة " تعال اجلس بجانب عروسك وسنجهز لكما الفطور
حالا , كنت أود أخذه لكما في الأعلى لكن لم نريد إزعاج
نومكما حتى تستيقظا وحدكما "
نظر حوله دون أن يجلس وقال " وأين بناتك غريب لا
صوت لهن "
جلست في الجانب الآخر وقالت " سدين وسلسبيل في جامعتهما
طبعا ورغد تركض خلف ابنتها من الصباح فهي صاروخ
اليوم على غير عادتها "
جلس بجانبي حيث أوصلته ووقفت هي وغادرت جهة المطبخ
فنظرت أنا جانبا أشغل نظري بكل شيء حولي وأخرج هوا هاتفه
وانشغل به منحني ومستند بمرفقيه على ركبتيه , بعد قليل سرقت
نظرة له لأرى ما يفعل به كل هذا الوقت فكان يتصفح صفحة
إخبارية على ما يبدوا وأنا ظننته يفعل شيئا مهما !! ما أسخفك حقا
اقتربت حينها رغد منا ومعها ابنتها التي ما أن رأته حتى ركضت
نحوه ضاحكة وهوا رفع رأسه لها فورا واستقبلها فاتحا ذراعيه لها
فارتمت في حضنه ووقفت بين ساقيه فقال وهوا يقبل خدها
" صباح الخير يا مشاغبة "
جلست رغد وقالت " اليوم وكأن من أعطاها جرعة
منشط لقد أهلكتني "
كان يقبل خدها قبلات متتالية وهي تضحك وتقول أشياء لا
أفهمها فتأففت ووقفت قائلة " أين الحمام "
أشارت لي رغد أين أجده فتوجهت هناك فورا وغسلت وجهي بما
أنني لم أضع عليه أي مساحيق تجميل ثم جففته بالمنشفة ليس لشيء
سوا الهروب من هناك , خرجت بعدها فوجدت الخادمة تنتظرني
في الخارج وأشارت بيدها قائلة " الفطور جاهز سيدتي "
سرت خلفها حتى وصلنا لطاولة الطعام وكانت عمتي هناك ورغد
وابنتها فجلست وقلت " وأنتم أيضا لم تتناولوا فطوركم أم تقلدونا فقط "
ضحكتا معا وقالت رغد " أمي لم ترضى أن تتناوله إلا معكما وحتى
علاج الضغط أخرته عن موعده , وأنا لا أحب أن أفطر وحدي "
دخل حينها إياس فشغلت نفسي بالخبز الذي رفعته وجلس هوا
بجوار والدته وبدأ يعاتبها على تأخير حبوبها من أجلنا وانشغلت
أنا في الأكل ولم أشارك بشيء حتى قالت عمتي " حمدا لله
الذي رزقني بزوجة ابن كما أريد وليست معلولة نفسيا "
نظرت لها بصدمة وضحكت رغد فورا وأنا أتنقل بنظري
بينهما بحيرة فقالت رغد " لا تستغربي يا ترجمان فوالدتي
كانت تتمنى عروسا لإياس لا تكون هادئة وصامتة طوال
الوقت لأنها تعتبرهن مريضات نفسيا "
رميت شعري للخلف وقلت بغرور " معها حق فما
الفرق بينها وبين الجدار "
ليفهم ذاك المغرور أني راضية عن نفسي هكذا ولا يهم أن
أعجبه أو لا , ضحكت عمتي وقالت " سلم لسانك وأخيرا
وجدت من يؤيدني "
قالت رغد " المهم الآن أن تغيري نظرة إياس في الأمر "
نظرتُ لقطعة الخبز في يدي وقلت وأنا أنفضها " إن بقينا
ندقق على أذواق الناس فسنكون في كل يوم بشكل جديد
فالمهم أن يقنع الإنسان نفسه فقط "
وقف حينها لأن هاتفه بدأ بالرنين وغادر والغريب أنه لم يعلق
بشيء فوقفت أيضا فقالت عمتي" ما بك يا ترجمان أنتي
لم تأكلي شيئا ؟؟ "
قلت مغادرة " شبعت عمتي "
توجهت بعدها للسلالم لأصعد لغرفتي لأنه كان خارجا من
المنزل يتحدث بهاتفه
*~~***~~*
فتحت عيناي لأجد نفسي نائما مكاني مستندا على الجدار فسعلت
بقوة من رائحة الغرفة وشددت شعري للخلف أنظر للسقف لتعود
لي تلك الكلمات ( ومنذ متى كان حملا لزوجة واحدة ليتزوج اثنتين
أعانني الله على الابن الناقص ) أغمضت عيناي بقوة لتظهر صورة
ذاك الوحش علي رضوان في لقائه في التلفاز البارحة والمذيعة تسأله
لما تركت القضاء من عشرين عام وهاجرت خارج البلاد ألا تفكر في
العودة فقال بكل قذارة ووقاحة ( وما أفعل ببلاد أصبح جهازها الأمني
بذاك الانحطاط ليصبح من هب وذب ضابطا في الشرطة , مجموعة
صعاليك يجمعونهم من الشارع )
رفست السلسة الحديدية أمام وصرخت " قذر أنت القذر
والصعلوك أنت يا فاشل سترى إن لم تندم على كل هذا "
وقفت بعدها وغادرت الغرفة والملحق ودخلت المنزل
ووقفت وسطه أصرخ " دُره "
فخرجت عمتي من جهة المطبخ راكضة وقالت
" أواس متى عدت وما بك تصرخ غاضبا "
تجاهلتها ونظرت جانبا وصرخت مجددا
" أنتي التي أسمك دُرر "
فنزلت حينها من السلالم مسرعة ووقفت في آخرها تنظر لي
بصمت فتنفست بقوة وقلت بحزم " أتركي الغرفة وعودي
حيث كنتِ "
لم تعلق بشيء تنظر لعيناي فقط , هذا ما قدرت عليه يا أواس
وأنت داخل لها بغضب يدمر العالم !! ماذا تفعل لك بنظرتها
لتجعلك تغير كل قراراتك في لحظة , لا بأس فالقادم أكثر
صرخت بها " مفهوم "
قالت بهدوء " مفهوم "
قلت بحزم " ولا تعتب قدمك الطابق العلوي لأي سبب كان "
قالت " حسنا "
ولم تزد شيئا بل لم تعطيني أي مبرر لأفرغ غضبي فيها ولو
بلساني فخرجت من هناك وركبت سيارتي وغادرت
*~~***~~*
صليت الظهر وخرجت من غرفتي العفنة , لقد تحطم ظهري
من النوم على الأريكة ووجه الفقر ذاك لا يفكر أن يجلب لي
سريرا أو حتى فراش , غرفة لا نافذة فيها يدخل منها الهواء
والباب لم يعد بإمكاني فتحه خوفا من الأستاذ داشر طبعا , لا
أعلم كيف يفكر هذا المنحوس سيحصل على كل ذاك المال
ويقول لا يريده وأنه كرهه بل ما يحيرني أين يذهب براتبه هل
يدخره ليشتري منزلا آخر ! أجل مؤكد سيفعلها فعليا بالصبر
حتى يخرجني من هنا أو يطلقني , فتحت الباب وخرجت
لأفاجئ بكيس موضوعا أمامه فرفعته مباشرة ثم رميته فقد يكون
فيه أحد أبناء قطه ذاك أو أي شيء آخر , ضربته بقدمي ولم
يخرج منه شيء فرفعته مجددا وفتحته وأخرجت ما فيه أنظر
له بصدمة , فستان !! بل بلون جميل من الشيفون بدون أكمام
مخصر وواسع من الأسفل وأطرافه السفلية مقصوصة بشكل
أقواس مستحيل هل أحلم أم أن وجه الفقر عديم الذوق ذاك من
جلبه , عدت به للغرفة ولبسته فشعرت أني عدت مخلوقة بشرية
من جديد , يبدوا اعتذارا غير مباشر عن تصرفه الأحمق معي
البارحة , لو كان أمره يعنيني ما رضيت ولا أخذته منه حتى
يعتذر لكنه آخر ما في حساباتي والفستان أهم عندي منه ولا
يعنيني سبب إحضاره لي , خرجت بعدها من الغرفة مجددا
ولم تكن له أي حركة في المنزل , غريب أين ذهب في هذا
الوقت !! جيد سيتركني أطهوا الغداء بدون إزعاجه لي ياله
من يوم سعيد , أنهيت إعداد الطعام وسمعت صوت باب المنزل
يفتح فخرجت من المطبخ أنشف يداي فدخل ووقف ينظر لي
بصمت , نظر لجسدي نظرة شاملة ثم رفع نظره وقال ببرود
" لا تفسدي الفستان بالتسكع به في المنزل أريدك
أن تقابلي به أناس سنزورهم "
لويت شفتاي وقلت " ظننتك أحسست بالذنب وتريد الاعتذار
عن فعلتك لكني أخطأت "
قال متوجها جهة غرفته " ومن أنتي أصرف المال لأراضيها "
ثم وقف عند الباب والتفت لي وقال " الليلة سنزورهم "
لم أعبر عن فرحتي بالخروج من هذا السجن وتصرفت وكأن
الأمر لا يعنيني وقلت مغيرة مجرى الحديث " الخضار بدأ ينفذ "
فتح باب الغرفة وقال وهوا يدخلها " لا مال لدي كلي الفستان "
ثم دخل وأغلق الباب خلفه , خلصني الله منك يا أبو الفقر ذاته
لو أعلم فقط أين يصرف ماله وكل خوفي أن يكون مدمنا
على شيء ما ويتعاطاه , هززت رأسي بلا بقوة وقلت
" مستحيل لكان يضربني كل وقت "
ثم قلت بتفكير وأنا أحرك طرف سبابتي على شفتاي
" إذا أين يذهب به قد يكون بخيلا ويكنزه "
رفعت نظري فكان يقف في نافذة غرفته المرتفع وينظر لي
ويضحك بصمت على تحدثي مع نفسي , الوقح أبو الفقر ما
الذي رفعه هناك , وضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق
" هل لي أن أعلم لما تتجسس على خلق الله , ليتك
تسقط وتنكسر ساقك "
ضحك حينها بصوت مرتفع ثم قال " سنزور صديقتك
ترجمان الليلة "
ثم أغلق النافذة فقفزت من الفرحة لكن بصمت طبعا كي لا يسمعني
فأنا مشتاقة لهما حقا ولأول مرة تمر أيام لا أراهما فيها
المخرج كلمات للغالية آيفا رمضان
جميلة تلك من تفهم ما بداخلنا
والأجمل من تعرف كيف تصف
شوقنا لحروفها ولكلماتها وكتاباتها
بل رائعة تلك الأنثى التي تدفئنا
بمشاعرها التي وإن كانت باردة فبرود
تلك المشاعر كحصون من جليد الذي
الذي يرقص على نار تجعلك تذوب
وتحتار في تلك المشاعر وكأنها ملامح تختبئ
خلف ظلام أم أنها أشباه ظلال وكأنها
رياح تأتي بعد أن تكون أوجاع ما بعد
العاصفة , حينها ندرك أن برود تلك
المشاعر لن تكون من البشر بل من القمر
عندها نؤمن أنها مكان لي منازل القمر
فشكرا ليك من كل قلبي آيفا على الكلمات
المعبرة الي وصفتي فيها أسماء رواياتي بشكل جميل ومبهر