الفصل السابع
فتحتُ بعدها الباب وخرجت وأنا أنظر للذيل خلفي لأخرجه
منه ثم دُرت حول نفسي أنظر له وقلت " سراب ما رأيك
ينقصه فقط عريس بمستواه "
ثم رفعت نظري لها فكانت تعض شفتها مسكته لي ومشيرة للباب
بعينيها فنظرت هناك من فوري وشهقت بقوة حين وقع نظري على
الواقف مستندا عليه ومكتفا يديه لصدره وينظر لي بابتسامة ساخرة
فشعرت وكأن حجرا ضخما سقط عليا من السماء فنظرت لعمي
وقلت بعبوس " زوجتني به يا عمي "
رفع كتفيه وقال " ومن ستجدي أفضل من ابن عمتك وبالنسبة
لي لن أجد أفضل منه وسأطمئن عليك معه "
نظرت له عند الباب نظرة استصغار وشك في كلامه عنه
فتحرك قائلا " هيا خلصينا فالجميع هنا مجبر على الواقع
أم تضنينني أنا الميت عليك "
توجهت معه نحو جدار الموت ذاك وقلت من بين أسناني
" كنت لذت بالصمت وحفظت ماء وجهك ووجهي "
تجاهلني طبعا ولم يجب وشدني من ذراعي لأقف جانبه , لما
لا يعرف الاحترام كزوج دُرر يحدثها همسا فقط حتى إن كان
شتمها فلم يسمعه أحد رغم أني أشك في ذلك من احمرار خديها
خجلا , آه من تعاسة حظي السيئ لما التقيت به سابقا وتشاجرنا
لكان تقبلني الآن ورضيت به على الأقل , كان يفترض بهم أن
أعطوه لسراب وليس لي فهوا يعجبها ولا يعرفها سابقا , سحبني
ووقف بي عند الجدار فاستللت ذراعي من قبضته ونظرت للخلف
ثم قلت " وهذا الجدار هل سيظهر في الصورة هكذا "
قال عمي " لا تقلقي سنضع خلفية مناسبة "
قلت بصوت منخفض " جيد لا أريد جداران يتصوران معي "
وللغرابة لم يعلق بحرف فشعرت بشيء يتحرك على ظهري
ليتحول لألم ساخن فيه فصرخت مبتعدة ونظرت له وقلت
بحدة " آي يا أحمق "
فسمعت ضحكة مكتومة هي لسراب بالتأكيد فهي لا تعرف
كيف تخفي الضحك فنظرت للمصورة فكانت تنظر جهة الباب
تخفي ابتسامتها وخجلها وخرج عمي حينها من فوره , هذا الأحمق
ما هذا الموقف الذي وضعنا فيه , نظرت له وقلت بضيق
" هل أعجبك هذا ما سيفكر فيه خالك الآن يا
وقح , لما قرصت ظهري "
شدني بجانبه مجددا وقال ونظره للمصورة " تعلمين السبب
وأنتي هيا بسرعة لا وقت ورائنا للعب الأطفال "
مغفل ومن كان يلعب الآن غيرك , عدلت آلة التصوير وقالت
" اقتربا من بعضكما واتخذا وضعا يليق بعروسين "
قلت من بين أسناني " لا تقترب مني ولا تلمسني تفهم "
وما أن أنهيت كلامي حتى لف يده حول خصري وشدني
ناحيته حتى صرت أمامه وطوق خصري بذراعين وقال
" هذا الوضع مناسب أم نغيره "
حاولت إبعاد يديه فقالت تلك الحمقاء " رائع لو تهدئ
العروس قليلا فقط "
قال بسخرية وهوا يشد خصري له أكثر " اتركيها ستفسد على
نفسها لأن الصورة ستملئ أهم الصحف غدا "
ضربته بمرفقي واستسلمت للأمر الواقع فيبدوا أنه يتحداني
وكلما اعترضت سيزيد من وقاحته , قالت وهي تحرك
آلتها بحركة دائرية على عينها " أجمعي شعرك للأمام
في جانب واحد بما انه طويل ليخفي قليلا من معالم
الفستان من أجل العروس الثالثة "
تأففت وقلت بتذمر وأنا أدير يدي خلف رأسي لأنقله للأمم
" يا ليلتنا الطويلة التي لن تنتهي "
شد على خصري أكثر فقلت بصوت مخنوق " أرخي
ذراعيك يا متوحش وفك شعري من بيننا "
أرخى ذراعيه حينها وقال هامسا " أرخي أنتي من
لسانك أو لن تري إلا الشد "
جذبت جزئا كبيرا من شعري للأمام بقوة جهة كتفي الأيمن
ولم أتحدث والتقطت لنا الصورة أخيرا مع آخر شخص كنت
أتمناه وأبعد وضعية أريدها معه , تحركت بعدها بين ذراعيه
وقلت بضيق " أتركني انتهى العرض "
شعرت حينها بشيء دافئ لامس عنقي برفق جعل الدم يتجمد
في عروقي ثم تركني فابتعدت عنه وأمسكت المكان في عنقي
ونظرت له وقلت باشمئزاز " ماذا فعلت يا وقح "
فضحك وتوجه جهة الباب وفتحه وخرج وتركني أمسح مكان
قبلته بقوة وغيظ فضحكت سراب من خلفي وصفقت وقالت
بحماس " ما كل هذا قلبي الضعيف لا يحتمل "
نظرت لها بغيظ فضحكت ونظرت للمصورة وقالت
" هل صورتِ القبلة على العنق يا حمقاء أم بقيتِ تشاهدينه فقط "
قالت ببرود " البركة في من تبقى وسألتقطها لك أنتي وزوجك "
دخل حينها عمي يتبعه ابن شقيقته الذي وقف عند الباب متكأ
بإطاره وقال عمي " خذ زوجتك يا إياس بما أنه الليلة ليس
ورديتك في العمل هنا فقد أتعبناك معنا "
شهقت ونظرت له وقلت " ماذا !! يأخذني أنا معه "
قال " نعم "
قلت بصدمة " أين ؟؟ "
قال مبتسما " لمنزله طبعا ألستِ زوجته الآن "
قلت باعتراض " أنت عمي وأنت من يفترض أن
أذهب معه وليس هوا "
تنهد وقال " نعم لكن ليس وأنتي متزوجة وسينتشر خبر
زواجكم بعد ساعات قليلة فماذا ستقول الناس عنكما "
قلت باستياء وتذمر أنفض الفستان بيدي " لا أريد لا أريد , هوا
تزوجني من أجل مشكلة الفضيحة وتصورنا وانتهى "
قال بنفاذ صبر " ترجمان لا وقت لدينا نضيعه معك "
كان ذاك الصخرة واقف هناك دون حراك ولا كلام طبعا
فقلت باستياء " ضننت أني وجدت عمي وظهرا لي يحقق
ما أريد ليس مستغلا لي وللظروف "
نظر حينها جهة ذاك الواقف هناك وقال " أتركها معي ليومين
إذا وتكون فرصة لتخبر والدتك وشقيقاتك وترتب أمورك أولا "
قال مغادرا " وتلك أمنيتي أيضا وأتركها للأبد أفضل "
ثم غادر ذاك الوقح , ومن قال أني أريد البقاء معه أو الذهاب
لا بعد يومين ولا عشرة , نظرت لسراب فكانت تنظر لي
وتكتم ابتسامتها فوضعت يداي وسط جسدي وقلت بضيق
" نعم اضحكي لما تخفينها عنا "
ثم نظرت لعمي وقلت " قل أن من تزوجها ذاك الذي
تعرّف عليها هنا "
ضحك ورفع هاتفه لأذنه وقال " آسر دقيقتان أو ثلاث وتعال "
نظرت لها حينها وأطلقت ضحكة عالية وهي تنظر لي بضيق ثم
قلت " تستحقين هذا لستُ وحدي من تزوجتْ عدوها اللدود "
تم توجهت للغرفة لأنزع الفستان وأخرج لأَحضرها وأشمت
فيها كما فعلت معي
*~~***~~*
أخذني في سيارته وكنت طوال الطريق أفرك يداي بتوتر ونظري
عليهما , يا إلهي ياله من شعور ... رجل غريب أنتي وهوا في
مكان مغلق ولا أحد يحاسبه على شيء ولا حتى نفسك والمصيبة
أنه كان يوثر لي أعصابي وأهابه منذ أول مرة رأيته وآخر ما كنت
أتوقع أن يتزوجني , لم ينطق بحرف طوال الطريق ولا صوت سوا
لتنفسه الهادئ وأنفاسي المضطربة التي أحاول تهدئتها بأخذ شهيق
وزفير كل حين حتى وصلنا لحي بمنازل واضح جدا عليها الرقي
هل يسكن هنا يا ترى ؟ سيكون صاحب ثروة بالتأكيد إن كان يعيش
هنا والمصيبة إن كان جلبني لمنزل زوجته وليس منزلا مستقلا , وقفنا
أمام أحدها وانفتح الباب آليا ودخل بالسيارة حتى وقفنا أمام المنزل
وقال وهوا يفتح الباب وينزل منها " اتبعيني "
كانت أول كلمة يقولها لي منذ خرجنا فتنفست بقوة وفتحت الباب
ونزلت ووقفت خارج السيارة ونظرت حولي , كان نظام توزيع
الأضواء هنا في الخارج رائعا ومنظرها مبهر أعطت لهذه الحديقة
مظهرا مميزا رغم روعتها حتى من دونها , أول مرة أدخل لمنزل
هكذا فلم أعرف حياتي سوا منزل العجوز الذي عشنا فيه ولم يكن
يزرنا أحد وممنوع جلب صديقات والاحتكاك بهن بل لم نرغب
نحن بذلك كي لا يتهمنا أحد بأننا سحرناه بما أن الساحرة الكبرى
نعيش معها , اتجه لباب المنزل وأنا خلفه وفتحه بالمفتاح ودخل
وأنا أتبعه , كان المنزل لا يقل فخامة عن خارجه وأثاثه مبهر
وألوانه غريبة ومميزة , وقف فجأة فوقفت أيضا وقال موليا ظهره
لي " انزعي السترة لا رجال هنا غيري ولأني سأعود لعملي
ولا أريد الصعود لأخذ غيرها "
نزعتها حينها ببطء ودون نقاش ووضعتها على الأريكة بجانبي
ثم تحرك واختفى في أحد الممرات , غريب أليس له أخوة ثم
لما لا يريد أن يصعد لجلب سترة غير هذه !! بعد قليل عاد وتتبعه
سيدة تبدوا في الخمسين أي متوسطة العمر كانت تتثاءب وتحاول
جمع شعرها للخلف ووصلا عندي والتفت لها وقال
" هذه دُرر زوجتي "
نظرت لي بصدمة ثم له وقالت " من قلت !! "
قال ببرود " زوجتي فأوصليها لأي غرفة هنا لأني
سأرجع لعملي "
فركت عيناها جيدا ونظرت لي بتركيز ثم قالت " كيف هكذا
تزوجتها فجأة وفي آخر الليل "
توجه للأريكة ورفع سترته من عليها قائلا " سنتحدث فيما
بعد ورائي عمل كثير هناك "
ثم توجه نحو الباب وهوا يغلق أزرارها فنظرت جهته وقلت
" أواس "
فوقف مكانه ولم يتحرك ولم يلتفت لي وقال بعد قليل
" نعم "
بقيت أنظر لقفاه بصمت ولست أعلم لما يوليني ظهره دائما
ويتجنب النظر لي ؟؟ قلت بهدوء " هل ستتركني هنا وتذهب "
كان غرضي مما قلت سؤاله عن هذا المكان والمرأة الواقفة
بجانبي عنه وعني بعد الآن , تحرك حينها قائلا بلهجة جافة
بل وقاسية " وهل تريدي أن أبقى معك هنا وأترك عملي "
ثم خرج وضرب الباب خلفه بقوة فبلعت غصة شعرت بها
كالحجر في حلقي , كيف يتركني هنا ولم يُعرّفني حتى بهذه
السيدة ولا بنفسه ولا وضعي معه , نظرت لها فكانت تنظر
لي بصمت فنظرت للأرض وقلت " آسفة أعلم أنـ.... "
أمسكت يدي وقالت " لا عليك ومبارك لكما تعالي لآخذك
لغرفة ابنتي هنا بما أنها لا تأتي إلا نادرا "
تحركت معها منصاعة وهل لي أن أعترض على شيء , دخلنا
الغرفة كانت مرتبة وجميلة وراقية , التفتت لي وقالت
" هل تريدين طعاما أو أي شيء "
هززت رأسي بلا فقالت " لن أسألك عن شيء نامي وارتاحي
وحديثي سيكون مع ابن أخي لأفهم سبب هذا الزواج الغريب "
قلت بشبه همس " هل أنتي عمته "
قالت باستغراب " نعم ألم يخبرك !! "
هززت رأسي بلا فتنهدت وقالت " لا أعلم ما يفعل وكيف يفكر "
ثم نظرت لفستاني وقالت " ألم تحضري معك ثيابا ؟؟ أين حقيبتك "
نظرت للأرض ولم أتحدث وأشعر أني أصبحت والسجادة التي عليها
سواء , ما هذا الموقف المحرج ماذا سأقول لها الآن فلا أريد أن
أكذب ولا أحب الكذب والحقيقة لن يجرؤ لساني على قولها
قالت عندما طال صمتي " الخزانة فيها بعض ثياب ابنتي
يمكنك ارتداء شيء تنامين به حتى تحضري ثيابك "
قلت ورأسي لازال أرضا " شكرا لك سيدتي وآسفة حقا
على وجدودي الغريب "
وضعت يدها على كتفي فرفعت نظري لها فقالت بهدوء
" لا عليك ونادني عمتي لا داعي لسيدتي "
ثم قالت مبتسمة وهي تنظر لملامحي " كيف ترك كل هذا
الحُسن وعاد لعمله "
شعرت بكلماتها كسكين انغرس في قلبي أكثر من كونها إطراء
لي فكما قالت كيف تركني وغادر بل لن أستغرب ذلك فلا
واحدة منا سيتزوجها أحد من هناك إلا مكرها
غادرتْ الغرفة بعدها وأغلقت الباب خلفها وتركتني وحدي أيضا
نظرت لكل شيء حولي وتنهدت بأسى ثم توجهت للخزانة فتحتها
فكان معلق فيها مجموعة لا بأس بها من الثياب , أخرجت فستانا
قطنيا قصيرا ووضعته على جسدي فكان المقاس مناسبا لي تماما
فتبدوا ابنتها ليست بدينة , ترى من تكون زوجته إن كانت ليست
ابنتها ! لابد وأنها في الأعلى حيث لا يريد الصعود ونائمة ولا يريد
إزعاجها , هززت رأسي أرمي منه كل هذه الأفكار وأعدت الفستان
مكانه وبحثت عن بيجامة فكانت جميعها ببنطلونات قصيرة للركبة
ولم أجد واحدة طويلة , ما هذا الموقف المحرج كيف سأرتدي إحداها
ويراها ولن أستطيع أخذ شيء آخر لأنها أذنت لي ببيجامة فقط
أخرجت أستر واحدة من بينهم حيث كانت بكمان يصلان لربع الذراع
أو أقصر بقليل , سيئة لكن أفضل من التي بلا أكمام أبدا , أخذتها معي
لحمام الغرفة وكان كل شيء موجود فيه استحممت ولبستها ثم خرجت
جففت شعري بمجفف الشعر هنا ثم نظرت للساعة على الحائط , ما يزال
أمامي أكثر من ساعة على وقت الفجر وأشعر بنعاس شديد لكن إن نمت
فلن يوقظني أحد وهاتفي اختفى منذ دخلنا ذاك المنزل وهجم علينا أولئك
الشبان , شعرت بجسدي ارتجف من ذكرى ما حدث فحضنت نفسي
وقلت بهمس خافت " حمدا لك يا رب أي مصاب إلا أن يضيع شرفنا
وسمعتنا شكرا لك يا الله استجبت لدعائي "
وقفت بعدها وتوجهت للباس الصلاة هنا وأخذته لبسته وصليت
ركعات الليل وركعتين شكرا لله ودعوت لسراب وترجمان فلست
أعلم حتى من تزوجتا وما سيحل بهما
*~~***~~*
دخلت ترجمان الغرفة لتنزع الفستان لألبسه بعدها طبعا وكأننا
متسولات نتبادل فستانا واحدا الله أعلم من تصدق به علينا في
هذا الليل وقد يكون أحدهم متزوجا وجلب فستان زوجته وهنا
الكارثة فمن التي ستنزل ضرة على أخرى قد تقطعها بأسنانها
لأنها أخذت زوجها , دخل حينها ثقيل الدم ذاك فنظرت للبعيد
متجنبة النظر له وخرجت ترجمان من الغرفة قائلة
" تركته لك في الداخل "
تأففت وقلت " لما لا أتصور كدُرر بفستاني هذا "
قال عمها خارجا من خلف مكتبه " به سيكون أفضل , هيا
يا ترجمان عليا إيصالك للمنزل والعودة فورا "
قالت بصدمة " ماذا !! لكني أريد البقاء حتى تذهب سراب "
نظرت لها وقلت بابتسامة شامته " تستحقي هذا
تريدين السخرية مني ها "
قالت بضيق متوجهة جهة باب الغرفة " بل أردت أن
أكون معك لكنك لا تستحقين "
خرج بعدها عمها قائلا " صوريهما وأخرجي الصور سريعا
أعود وأجدها جاهزة "
ثم غادر وأغلق الباب وقالت المصورة " بسرعة سيدة سراب ألبسيه "
دخلت الغرفة أتمتم بغيظ " سيدة !! ما أبشعها من كلمة لأنها بسببه "
لبست الفستان هناك , كنت أراه على ترجمان جميلا لكني أراه
على نفسي الآن أجمل , من أين حصلوا على هذا الفستان الرائع
الفخم المميز , لا وغادروا جميعهم وتركوه أي أنه سيكون لي
قفزت بحماس ثم فتحت باب الغرفة وخرجت وكان عريس الغفلة
يقف حيث الجدار الذي سنأخذ الصورة عنده وينظر لي بتململ
نظرت له من أعلى لأسفل نظرة تقييميه ببنطلونه الجينز وقميصه
الرمادي فهوا الوحيد بينهم لم يكن يرتدي بذلة الشرطة , لا بأس به
شاب ووسيم لأنه يشبهني طبعا , وضابط أي سيكون مستواه
المعيشي فوق الجيد أفضل من عجوز وفقير أو أن يكون شرطيا
بسيطا لا شيء لديه , قال ببرود " تحركي هل ستتأملينني طويلا "
لويت شفتاي وقلت " لا تغتر بنفسك يا أخ "
ثم توجهت نحوه ووقفت بجانبه وقالت المصورة " اقتربي
سيدة سراب يفترض أنك عرفتها من كثرة ما قلتها الليلة "
قال حينها الواقف بجانبي " لا داعي لذلك هذا يكفي "
نظرت له نظرة باردة ثم التصقت به فلنرى مادام هذا سيزعجك
التقطت الصورة سريعا وابتعد من فوره وقال متوجها
جهة باب الغرفة " اتبعيني بسرعة "
نظرت للفستان ولنفسي كيف سأخرج هكذا ؟ سمعت صوته
من الخارج صارخا " بسرعة "
فأخذت عباءتي سريعا ووضعتها على جسدي وخرجت مسرعة
وذيل الفستان يتبعني وكأني خارجة من صالة أفراح وليس قسم
شرطة ويبدوا أن هذا الفستان من نصيبي حقا وهذا أجمل ما حدث
معي الليلة , توجه لسيارة معينة وأنا أتبعه وركبها ففتحت الباب
بجانبه وركبت بصعوبة بسبب الفستان وانطلق من قبل حتى أن
أغلق الباب وأجمع الفستان معي في الداخل فقلت صارخة
ونظري للخارج " تمهل ذيل الفستان بقي خارجا "
قال ببرود " لا يهم أغلقي الباب "
نظرت له وقلت بحدة " قلت توقف ستفسده عليا أريده جديدا "
ضحك حينها ضحكة عالية ثم قال ونظره على الطريق أمامنا
" لن يتناسب والمنزل يا عروس "
تجاهلت تفسير كل ما قال ورفعت الذيل بعد جهد لأن السيارة
لم تكن تسرع وأغلقت الباب بقوة وبدأت أبحث عن الإنارة في
السقف فأنزل يدي وقال " لا تتعبي نفسك لا يوجد شيء "
تأففت وقلت " ما هذا سيارة بدون ولا إنارة في سقفها
هذا وأنت ضابط في الشرطة "
لف ودخل لحي واسع وقال " لم تري شيئا بعد "
نظرت له باستغراب فنظر لي ثم عاد بنظره أمام وقال بسخرية
" احمدي الله إن وجدتِ إنارة في سقف غرفتك "
فتحت فمي أنظر له بتجهم فأوقف السيارة في ساحة ليس بها سوا
سيارات متراصة بعشوائية وقال " انزلي نوشك أن نصل "
نظرت حولي وقلت بصدمة " ما قصدك بأن أنزل ونوشك أن نصل "
فتح الباب ثم قال وهوا يفتش عن شيء في الدرج عنده بضوء
هاتفه " أعني أن الحي الذي أسكن فيه ضيق والسيارة لا تدخل
هناك فسنتابع الطريق سيرا , هل وضحت الصورة الآن "
قلت بصدمة " ماذا !! كيف أنزل بهذا الفستان وكم شارع
لنصل لشارعك المنشود "
نزل من السيارة قائلا " شارعين , بسرعة أو ذهبت وتركتك
لأني متعب وأريد أن أنام فوردية عملي اليوم "
تأففت مرارا وتكرارا أنفض يداي وأبكي دون صوت وألعن كل
شيء خطر في بالي خصوصا العجوز تلك فضرب الباب بقوة
وغادر فنظرت له وخطواته تبتعد عني ثم نزلت من فوري
وقلت منادية له " هيه انتظر أين ستذهب وتتركني "
وقف والتفت لي وقال " تحركي بسرعة "
سلمت أمري لله وتبعته أمسك عباءتي لتغطي النصف العلوي من
جسدي لأن ثمة هواء يتحرك وتركت الفستان يسبح خلفي في التراب
وأنا أتبعه محاولة مجارات خطواته السريعة وكأنه يتعمد فعل ذلك
ليتعبني , اجتزنا شارعين وثالث ورابع فوقفت وقلت بتذمر
" هيه نحن نلف من ساعة أين المنزل "
قال حينها " ها هوا هناك "
تحركت قائلة " مررنا من هنا سابقا أليس كذلك "
وقف أمام باب حديدي أحمر طلائه يكاد يختفي وقال
" نعم يبدوا أني لم أنتبه "
ضغطت على أسناني من الغيظ فيبدوا يتعمد كل هذا ليلف بي كل
هذه الشوارع لا وقال متعب ويريد أن ينام , نظرت للفستان خلفي
بحسرة وأنا أرى ذيله الذي تحول من اللون السكري للبني بسبب ما
مر فوقه , بدأ بفتح الباب مصدرا صريرا قويا وكأنه صاروخ يعبر
الجو فقلت بانزعاج " هذا باب أم برميل قمامة "
دفعه للداخل ليصدر صريرا أعلى ودخل قائلا
" توقفي عن التذمر وادخلي "
تبعته قائلة " وما الذي يجعلني لا أتذمر ها "
وقف والتفت لي لأصطدم بصدره فعدت خطوتين للخلف فأشار
لي بإصبعه على الباب في صمت فقلت بسخرية " أَخرج
نعم ولما لا فلا شيء يعجبني فيك "
أشار بإصبعه عليه وقال بحدة " بل أغلقيه بعد دخولك وخروج
من هنا لن تخرجي وجربي أن تعتب قدماك خارجه "
بقيت أنظر له بجمود فقال بغضب " تحركي "
فانتفضت في مكاني ثم عدت ناحيته أتأفف ودفعته بقوة وأغلقته
بصعوبة , هذا بوابة وليس باباً !! التفتُّ بعدها أنفض يداي من
الغبار الذي علقت فيهما منه فكان واقفا مكانه ينتظرني فوضعت
يداي وسط جسدي وقلت بضيق " تمت المهمة ماذا بعد "
أولاني ظهره وتحرك للداخل قائلا بأمر " لا شيء سأنام
ولا تزعجيني مفهوم "
ثم دخل إحدى الغرف وأغلق الباب خلفه من الداخل وتركني وحدي
وسط المنزل المفتوح من الأعلى وأصوات صراصير الليل تملأ المكان
نظرت حولي كان هناك ثلاث أبواب أخرى غير الذي أغلقه خلفه
كل شيء قديم كل شيء متهالك ومتهتك , ما أجمل منزل العجوز الذي
عشت فيه على هذا , نظرت تحتي حيث كانت الأرضية اسمنت فقط
فقوست شفتاي وأشعر بحسرة لم أشعر بها حياتي , أيعقل أن هذا
منزله وسنعيش هنا ! لا يا إلهي هذا فوق طاقتي واحتمالي
توجهت لأحد الأبواب ودفعته فكان مطبخا وحالته ليست بأفضل من
باب المنزل وثمة صحون وأكواب في مغسلته الحديدية لازالت بلا
غسل , تركته وتوجهت للباب الآخر فكان حماما فتوجهت للثالث
والأخير فكان صالونا قديم الطراز وتلفاز صغير فقط , أين سأنام
الآن بل كيف سأنام بهذا الفستان , كله بسببه لم يعطني مجالا ولا
لجلب فستاني الذي كنت ارتدي , توجهت نحو الغرفة التي دخلها
فمؤكد غرفة نوم , طرقت الباب ولم يجب فطرقت بقوة فخرج
صوته صارخا " قسما يا سراب طرقة أخرى وأكسر لك أصابعك "
قلت بتذمر " أخرج وجد لي حلا أين سأنام وكيف "
لم يجب وكأنه لم يسمعني فقلت صارخة " آآآآسر "
ولا حياة لمن تنادي فقلت بقهر " ونعم الزوج حقا "
ثم تركت المكان ودخلت الغرفة الوحيدة المتبقية , نظرت من
حولي لا شيء هنا ولا حتى فراش أو بطانية أنام عليها , توجهت
للأريكة وجلست فوقها وأنا أتمتم بقهر " لن أبكي لا تبكي
يا سراب لا شيء يستحق دموعك "
ونجح الأمر كعادتي دائما حين يجتاحني الضعف والرغبة في
البكاء , أغلقت باب الغرفة بسبب أصوات الكلاب في الخارج
لأنها كانت وكأنها هنا وشعرت حقا بالخوف ثم عدت للأريكة
وجلست قليلا ثم اتكأت عليها منكمشة على نفسي وقليلا وأقع فلمن
ستتسع هذه العته لي أم للفستان الذي كان لا يليق بالمنزل كما
قال وأصبح الآن أسوء منه
*~~***~~*
دخلت المنزل ووجدت والدتي جالسة وسطه وفي يدها مسبحتها
ووقفت ما أن رأتني وقالت بقلق " إياس بني شغلتني عليك أين كنت "
اقتربت منها وقلت " أمي هل أنا طفل ؟ ثم ها أنتي تريني
أمامك ببذلة الشرطة "
قالت بهدوء " لكنه لم يكن يوم عملك ومؤكد مداهماتكم
المعتادة , كنت طمأنتني ولو بالهاتف "
أمسكت رأسها وقبلته وقلت " حسنا لن أعيدها فقط لا تسهري
ثانيتا هكذا وتتعبي نفسك فأخبار السوء تصل في أوانها "
قالت بخوف " بسم الله أبعد الله الشر عنك بني "
أمسكت يدها وقلت متوجها بها جهة غرفتها
" ها قد عدت فنامي الآن "
قالت وهي تسير معي " وقت الفجر أصبح قريبا وسأصلي
أولا أخشى أن يسرقني النوم "
ضممت كتفيها بذراعي وقلت ونحن ندخل غرفتها " إذا ثمة ما
أريد التحدث معك فيه بما أنك لن تنامي ولا داعي لتركه للصباح "
جلست على الأريكة وشدت يدي لأجلس بجانبها قائلة
" خيرا إن شاء الله "
جلست وقلت ببرود " نصف ونصف "
قالت بحيرة " ماذا تقصد بهذا يا إياس "
تنهدت وقلت " أقصد نصفه خير ونصفه شر "
قالت بقلق " إذا هات الخير أولا "
نظرت لكفها بين يداي وقلت " وجدنا ترجمان ابنة خالي أحمد "
شهقت بقوة ثم قالت بفرح " قل قسما وجدتموها وكيف "
نظرت لها وقلت " الأمر أكيد مئة بالمئة أما كيف فهذه حكاية
طويلة والأهم في كل القصة "
قالت باستغراب " قصة ماذا ثم كيف وجدتموها بعد كل
هذه السنوات ونحن ظنناها ميتة "
ثم قالت بسرعة " والنصف السيئ هل يخصها هي ؟ هل
بها مكروه ؟ هل تضررت "
قلت ببرود " لا تخافي عليها سبع ابنة سباع "
نظرت لي بصدمة فقلت بعبوس " تزوجتها منذ أكثر
من ساعتين "
شهقت بقوة أكبر هذه المرة وقالت " تزوجت من !! "
نظرت للأرض وقلت " تزوجتها ترجمان ابنة شقيقك "
قالت بتذمر " اشرح لي لأفهم شيئا يا إياس ولا تجنني معك "
تنهدت بضيق وبدأت أسرد عليها ما حدث حتى اللحظة ثم قلت
" وما قلته أريد أن يكون بيننا ولا حتى شقيقاتي يعلمن به
سنقول وجدناها وتزوجتها وانتهى "
هزت رأسها وقالت بضياع وحيرة " لا أصدق ما أسمع كيف
يختطفوهن كل هذه السنوات لينتقموا لأناس أكل أجسادهم
التراب وقضية طواها الزمن بل وكانوا هم المذنبين "
قلت بهدوء " هكذا حدث ولا أحد للآن يصدقه ولا يستوعبه "
قالت بتوجس " وأين هي الآن لما ليست معك بما أنك تزوجتها "
نظرت بعيدا وقلت بضيق " ذهبت مع خالي رفعت لمنزله "
قالت باستغراب " ولما !! "
وقفت وقلت " لا فرق هنا أو هناك كله واحد "
قالت ناظرة لي للأعلى " أرى هذا أفضل كي تجهز غرفة
لكما أولا ونجهز استقبالا لها بدلا من حفل الزواج "
قلت مغادرا الغرفة " لا داعي يا أمي لا داعي "
ثم خرجت من عندها وصعدت لغرفتي وأشعر حقا بالضيق
والغضب ولا أنكر أن أغلبه بسبب فرض رأيها علي وذهابها
معه دون حتى أن تطلبها مني أنا , تمرد وعصيان من بدايتها
يا ترجمان وخالي بدلا من أن ينبهها لذلك وقف معها , رميت
السترة على السرير بقوة ثم دخلت الحمام لآخذ حماما يريح
عضلاتي المتعبة وأصلي وأنام ولو قليلا
*~~***~~*
مند وضعني عمي هنا غادر ولم أراه ولا حتى الصباح , تجولت
في المنزل حتى حفظته وأستغرب لما هوا وحيد لا زوجة لا أبناء
ولا أحد يعيش معه سوا تلك الخادمة الكسولة ! طبعا أكلت كل ما
اشتهت نفسي وتمنيت أن سراب معي فهي تحب الطعام على أصوله
نمت في غرفة بسرير مريح وأغطية ناعمة وتكييف من دون صوت
ليس كالذي كان لدينا في منزل تلك العجوز صوته تسمعه من آخر
الشارع وبلا مفعول فكم كانت دُرر تقف أمامه شعرها مفتوح لتبرد
من حره , آه يا دُرر ترى أين أنتي وما حل بك أخاف عليك أكثر منا
لأني أعرفك كتومة وتتحملين وتصبري ولا تتكلمي وتعبري عما في
داخلك مثلنا لنا لسان يأخذ بالحق ويزيد , نزلت السلالم الذي صعدت
ونزلت عليه عشرين مرة وأنا أجوب المنزل كل شبر بشبر , ما
فهته من الخادمة أن عمي رفعت يستقبل رجال شرطة كثر هنا
ليثه جلبني للعيش معه دون الزواج من ابن شقيقته ذاك وخلصني
من وجع الرأس , لما حظي هكذا لكنت عشت هنا ملكة لكن لا بأس
هوا لا يطيقني وعند أول مشكلة معه سأترك له منزله وآتي هنا
وأجدها عذرا ويطلقني بما أنه لي أحد غيره , دخلت المطبخ
فنظرت لي الخادمة وقالت ببرود " فطور آخر "
ضحكت وسحبت الكرسي وجلست قائلة
" لا شبعت سأنتظر الغداء "
نظرت لي بصدمة ثم أشارت بأصابعها وقالت
" ثلاثة فطور وتتناول غداء "
قلت ببرود " نعم هل لديك مانع "
أولتني ظهرها ولم تعلق فقلت " كيف تعيشين مع
هذا الملل هنا وحيدة "
قالت وهي منشغلة بما تفعل " أنا لا يمل يطبخ يجلي يغسل
ثياب ينظف كيف يمل إن كان أنت يشعر بالملل تعال ساعدني "
قلت بسخرية " في منامك , ما صدقت أن وجدت خادمة
تخدمني لأعمل "
ثم قلت باهتمام " أليس لعمي رفعت زوجة أو أبناء "
قالت وهي تفتح الثلاجة " اسأل هوا ليس أنا "
لويت شفتاي وتمتمت " هذه حرباء وليس خادمة "
التفتت لي وقالت بضيق " أنت حرباء وزلحية "
ضحكت كثيرا وقلت " سحلية وليس زلحية , هل تعلمي
أني أحببتك "
قالت مبتسمة " وأنا أحببت أنت , هل سيبقى معنا "
قلت بحسرة " يا ليت فكيف سأهرب من تلك
البيضة المسلوقة "
نظرت لي باستغراب ثم قالت " من بيضة ؟؟ "
قلت ببرود " قالوا زوجي لكن الأمر لن يدوم "
هزت رأسها بعدم فهم ثم قالت " كيف أنت متزوج وهنا "
دخل حينها عمي رفعت بلباس عمله وفي يده جريدة , وضع
يده على كتفي وقال مبتسما " كيف وجدتِ المنزل "
نظرت له وقلت مبتسمة " رائع كم أتمنى أن لا أخرج منه "
ضحك وقال " إياس الرجل الوحيد الذي أؤمنه عليك "
قلت بعبوس ونظري له للأعلى " أشك في ذلك , من أين
تجد كل هذه المميزات التي تراها فيه "
ضحك مجددا وسحب الكرسي وجلس بجانبي ووضع الجريدة
على الطاولة أمامه وقال " أخبريني من أين تعرفيه وما
سبب كل هذه العداوة "
ضحكت كثيرا ثم بدأت بسرد لقاءاتي به وما حدث معي وهوا
يضحك دون توقف حتى انتهيت ثم أشار للخادمة وهوا يسعل
فناولته كوب ماء بسرعة وشربه ثم وضع الكوب على الطاولة
وطوق كتفاي بذراعه وضمني لكتفه وقال " ترجمان إياس في
حسبة ابني تحمل كثيرا ورعى شقيقاته وهوا صغير , ورجل
كان يقف لظروفه بقوة فاكسبيه في صفك "
قلت ببرود " سأحاول "
فضحك مجددا ثم رفع الجريدة من على الطاولة ومدها
لي وقال " أنظري للخبر "
ابتعدت عنه وأخذتها منه قائلة " لا تقل صورنا البارحة "
ضحك وقال " نعم لكن الوقت أول ليلة أمس وأدركنا الأمر
سريعا فحتى من طبعوا شيئا سحبوه لأن الخبر لم يعد بفائدة "
ثم وقف وغادر قائلا " سيشي أيقظيني عند الغداء "
ثم ابتعد وصوت خطواته يصعد السلالم ففتحت الجريدة بسرعة
وكانت صورتي وذاك المغرور أول صورة فقلبتها سريعا , ذاك
الوقح هل يعجبه هذا وعمي يراها , كانت الصورة التالية لدُرر
وذاك الوسيم بجانبها يضع يده على كتفها وينظر لها , لا أعلم لما
أشعر أنهما الوحيدان اللذان يليق عليهما كونهما زوجان , لا وغطوا
لهما ثلث الصورة السفلي بالورود فلم يبقى يظهر منها سوا أعلى
كتفيها ولا أستغرب أن يطلبها ذاك صاحب الذوق الرفيع وجيد أنه
لم يطلب منهم أن يغطوا شعرها بالورود أيضا , نظرت للصورة
تحتها وكانت لأشخاص آخرين فقلبت الصفحة وكانت صورة
سراب وزوجها فضحكت فورا وقلت " الوقحة أنظروا
كيف ملتصقة به "
سمعت حينها صوت عمي من الأعلى مناديا " ترجماااان "
فخرجت من فوري من المطبخ فكان في أعلى السلالم يمسك
هاتفه وقال مادا إياه لي " تعالي لتتحدثي مع عمتك فلن
تدعني أنام حتى تكلمك "
لابد وأنها والدة إياس فلم يذكر لي غيرها , صعدت السلالم
ركضا وأخذته منه وقلت مبتسمة " هل تتركني أكلم به شقيقتاي "
قال مبتسما " هواتفكم لازالت في القسم وحين أعطي زوج كل
واحدة منهما هاتفها سأحضر لك هاتفك وتحدثي معهما كما تشائين "
قلت بلهفة " متى "
قال مغادرا " بعد أن أنام وأتناول الغداء "
ركضت خلفه قائلة " عمي انتظر "
وقف والتفت لي فوصلت عنده ووقفت مقابلة له وقلت
" كيف يكونان من تزوجا بهما ؟ أنا حقا قلقة عليهما "
قال بجدية " لا تقلقي رجالي وأعرفهم وإن كان الأمر حدث
مفاجأة ورغما عن بعضكم لكن الرجل يبقى رجلا "
أبعدت الهاتف وقلت بصوت منخفض " كنت
زوجتني بغير ابن شقيقتك الذي يكرهني "
هز رأسه بلا وقال " آسر شاب ظروفه صعبة حاليا وورائه
قضايا ومحاكم ولا أريد لك تلك الحياة رغم أنه شاب لا يقاس
بالمال أما أواس فاختار دُرر بمحض إرادته هل أفرضك عليه "
قلت بحسرة " علمت هذا منذ البداية كم هي محظوظة دُرر "
قال بنظرة ناهرة " لا تقولي هذا أمام زوجك ولعلمك
فأواس متزوج "
شهقت وقلت " ولما اختارها وتزوجها إذا "
هز رأسه بمعنى لا يعينا هذا ثم قال مغادرا
" أجيبي على عمتك ساعة وهي تنتظر "
نظرت للهاتف في يدي ثم وضعته على أذني وقلت
" مرحبا عمتي "
جاء الصوت الحنون في الطرف الآخر قائلة بلهفة
" مرحبا ترجمان يا ابنتي حمدا لله على رجوعك
لنا ومبارك لك ولابني "
قلت مبتسمة " شكرا لك عمتي خشيت حقا أن
يزعجك طريقة زواجنا "
قالت من فورها " حكا لي إياس كل شيء ولن يعلم غيري به
أنتي ظُلمتي ويبدوا قاسيتِ فلن نظلمك أكثر ولن أتمنى أفضل
من ابنة شقيقي له لأني تمنيت حقا لو كان لي فتاة من عائلتي
أزوجه بها "
ابتسمت بحسرة ولم أعلق فقالت " لن أدعه يجلبك قبل أن
ننهي الترتيبات ونجهز حفلا صغيرا لك "
قلت بابتسامة " لا داعي لكل هذا فكل ما أريده أن أراك "
سمعت حينها صوت رجولي يحدثها ثم قالت له
" انتظر لا تغادر أريدك بني "
" لا لن أؤخرك الأمر مهم "
ثم قالت بصوت مبتسم " تعال هناك من قد تريد سماع صوته "
قلت حينها سريعا " عمتي هذا عمي رفعت يناديني لابد
وأنه يريد هاتفه وداعا الآن "
قالت من فورها " وداعا إذا وسأتحدث معك لاحقا "
ثم أنهيت الاتصال وتوجهت جهة غرفة عمي متمتمة
" قال يكلمني قال وأنا من سعدت بفراري منه ولو
ليومين لا أراه ولا أسمع صوته "
طرقت باب غرفته فوصلني صوته من الداخل " أبعديه
عني يا ترجان فلن يدعني أنام وسآخذه منك فيما بعد "
وبالفعل ما أن أنهى كلامه حتى بدأ بالرنين فنظرت للباب
ثم رفعت كتفاي وعدت لغرفتي وأخذته معي وهوا في رنينه
المستمر وتقابلت والخادمة عند الباب فأخذته من يدي فورا
ووضعته على أذنها قائلة " عكيد رفعت ينام الآن "
" لا يستطيع "
" حادر أنا يقول له "
ثم أعادته لي وواصلت طريقها وأنا أنظر لها بصدمة , يبدوا
أنه يترك هاتفه معها حينما ينام وهي تتولى مهمة تصريف
جميع من يتصل به , ابتسمت بمشاكسة وقد أعجبتني الفكرة
فدخلت الغرفة ورن من فوره فأغلقت الباب وأجبت دون حتى
رؤية من يكون وقلت " عذرا الرقم الذي طلبته قد يكون مقفلا
أو خارج التغطية أو لا يوجد لديه هاتف "
الصمت كان جواب الطرف الآخر فقلت " تووووت أترك
رسالة بعد سماع الصفارة "
ليأتيني الصوت الحاد قائلا بغضب " ترجماااان "
شهقت بصمت ثم بلعت ريقي وقلت بهمس " نعم "
قال بحدة " لما تجيبين على هاتفه "
وكان الرد مني طبعا أن أغلقت الخط في وجهه , لما لم
يجلب لي حظي غيره يتصل به الآن !!!
*~~***~~*
كنت في برميل مغلق عليا ولا أستطيع الخروج منه ثم بدأ
أحدهم يطرقه من الخارج بقوة تصدع الرأس والأذنين فقفزت
واقفة أنظر حولي لأكتشف أني لازلت في تلك الغرفة التي نمت
فيها وبنفس الفستان فأمسكت رأسي بتألم , إذا حقيقة كل ما حدث
ذاك المنزل والشرطة والمركز وذاك الزواج الغريب الكارثي
عاد الطرق القوي على الباب مجددا فقلت بصراخ
" خارجة خارجة توقف "
ثم تأففت بقوة وتوجهت للباب وفتحته ولم أجده أمامه , خرجت
من الغرفة فكان خارجا ببذلة الشرطة من غرفته التي نام فيها
وكان يعدل حزامها وقال ناظرا لي " كل هذا نوم لم أتصور
أن الأريكة مريحة لهذا الحد "
تجاهلته ونظرت للجانب الآخر دون أن أجيب فقال
" الفطور سامحتك فيه برضاي الغداء آتي عند الثانية
ونصف أجده جاهزا "
نظرت له باستخفاف من كلامه فقال ببرود وهوا يضع سلاحه
في الحزام وقد حول نظره عليه " وهل لديك أي اعتراض أم
تضني أني تزوجتك لتنامي وأخدمك أنا "
ثم تحرك جهة باب المنزل فقلت " هيه انتظر "
وقف والتفت لي واضعا يداه وسط جسده فقلت " أريد ملابس
كيف أخدمك بهذا الفستان ثم عليك أن توفر كل شيء
أحتاجه لأطهو لك وأريد غرفة وسريرا "
أشار برأسه للمطبخ وقال " كل ما استطيع توفيره تجديه هناك
غيره لا يمكنني جلبه وغرفة بسرير أمامك هناك تنامين فيها أو
جدي لك حلا غيرها وملابس لا يمكنني جلبها حتى وقت
عودتي في الغد "
ثم توجه للباب من فوره فتحه وخرج وأغلقه خلفه بقوة زلزلت
الحي بأكمله لأنه طبعا لا يغلق إلا بهذه الطريقة , ضربت بقدمي
بتذمر عدة مرات ثم جلست على الأرضية الإسمنتية والفستان
حولي وقد كرهت حتى وجوده على جلدي , ما هذه الحياة وما
هذا المنزل والزوج , هذا وهوا ضابط في الشرطة يعيش في هذا
المنزل الذي تعافه الحشرات , نزلت على جفني أول دمعة قهر
وحسرة فمسحتها سريعا , لن أبكي سأتخلص منه وأترك له هذا
المنزل المتعفن وسيمل ويطلقني بالتأكيد لأنه أساسا لا يطيقني
وقفت وتوجهت للمطبخ الضيق الخانق وفتحت النافذة الحديدية
بصعوبة ليدخل له بعض الهواء وكانت تفتح على المساحة
الموجودة داخل المنزل ثم نظرت من حولي , يبدوا أنه غسل
الأواني التي كانت موجودة ليلة البارحة , جيد هذه الحسنة
الوحيدة فيه لا يترك أوساخه بعده , فتحت الثلاجة الصغيرة
في الزاوية فكان بها مجموعة أكياس فتحتها فكانت جميعها
خضراوات بعضها بدأ يفسد ولا شي غيره لا فواكه لا عصائر
لا شيء سوا الخضروات والبيض والماء , أغلقتها بقوة وفتحت
الخزانة أرى ما يملك أيضا هذا المعدوم ثم خرجت من هناك
ونظرت لباب الحمام , كيف سأدخله الآن بهذا الفستان أريد أن
أستحم وأصلي الصبح الذي فآتني , انفتح حينها ذاك البرميل
ودخل منه آسر وفي يده كيسا واقترب قائلا بسخرية
" أمازلت تقفين مكانك "
قلت ببرود " لا أنت الذي لم يخرج بعد "
ضحك ورمى الكيس على الطاولة الصغيرة المصنوعة من
السعف والخيزران الذي غيرت الشمس لونه ثم قال وهوا
يغادر مجددا " هذا فستان فلا تتحججي لكي لا تطبخي "
ثم غادرا وأغلق الباب فأخرجت له لساني ثم أخذت الكيس بقوة
وغيظ وفتحته وأخرجت ما فيه وشهقت بقوة وأنا انظر للوحة
الألوان الفاقعة المدموجة أمامي , ما هذا الذوق السيئ حتى العجائز
يعافونه لا وحجمه ضعف حجمي , ذاك الأحمق يفعلها عمدا فحتى
إن كان ذوقه سيء هكذا فلن يفوته أنه ليس على مقاسي , تأففت
ونفضته في الهواء بغيظ ثم توجهت للحمام بقلة حيلة فلا حل أمامي
غيره , وقفت أمام الباب وحرت كيف سأدخل بهذا الفستان ثم
نظرت للأعلى فلم يكن هناك شيء سوا السماء والسحب البيضاء
فنزعت الفستان عند الباب ودخلت الحمام بسرعة واستحممت ولبست
خارطة الألوان التي أحضرها وخرجت وأنا أحاول رفعه وجمعه بيدي
كان واسعا حتى أن رقبته تنزل من كتفي فربطت ما جمعته منه عند
الخصر ليضيق قليلا ويرتفع عن الأرض لنصف ساقاي لكن رقبته
الواسعة لم أجد لها حلا وكلما رفعتها لتغطي كتفي نزلت لنصف
ذراعي فتركتها كما هي ودخلت المطبخ
*~~***~~*
استيقظت على صوت منبه يرن بقوة ففتحت عيناي بصعوبة ثم
جلست بسرعة أنظر من حولي فكنت في ذات الغرفة التي نمت
فيها البارحة , نظرت لكل مكان هنا أبحث عن مصدر الصوت
كان صوت رنين هاتفي أعرفه جيدا لكنه ليس هنا ثم أنا لم أحضره
معي واختفى في ذاك المنزل , غادرت السرير وأنا أسمع الصوت
من عند باب الغرفة , هل يكون في الخارج يا ترى !! كنت سأتحرك
لولا أن انفتح الباب وكان أواس ببذلة عمله فيبدوا أنه عاد للتو وجلب
هاتفي معه من هناك لأنه كان في يده وتوقف حينها على الرنين , كان
ينظر لعيناي بصمت , طريقة كم يعشق فعلها معي ولعبة كم يُتعب بها
أعصابي , نظر بعدها مباشرة لجسدي فعدت خطوتين للوراء حين
تذكرت ما ألبس فلأول مرة أكون بملابس كهذه أمام رجل بل أمام أي
أحد لأنه حتى النساء لم أكن ألبسها أمامهم , تقدم خطوتين وأدار يده
خلفه وأغلق الباب على صوت رنين هاتفي الذي عاد للاتصال مجددا
المخرج كلمات للمبدعة الغالية تالين
ترجمان ...
أنا امرأة أعشق الحرية أعيش ل نفسي ل حريتي أعيش في مملكتي
مجنونة قوية لا أخاف إن هبت ريح لتعصفني ..أنا أنثى نصفي
كبرياء و نصفي الآخر شموخ أنا أنثى كرامتي لا يعلوها مخلوق
فأنوثتي ملك كرامتي و كرامتي تزيد بريق أنوثتي حذاري يا
ابن حواء فأنت مجنون ان ظننت انك ملكتني ...
درر ...
أنا امرأة لا انحني إلا في صلاتي و اتخذ من الصمت سلاحي
لكن إياك يا سيدي أن تستهين بصمتي إياك و ظلمي فرغم صمتي
الا انني قادرة على جعلك تتوه بكلماتي .. اياك و المس بكرامتي
فصدقني ستكون لدي قدرة هائلة في تدميرك .. حذاري يا ابن آدم
عندما ابدأ بانفعالاتي فلا يهمني شيئ سوى انهاء مأساتي ..
سراب ..
لست كسابق إخوتي فأنا تلك التي أحبت المال و شادت به القصائد ..
أطلق عليي من للقضاء ينتمي جشعة طماعة و للمال سراقة فانتبه
يا من للرجال تنتمي فلا ماض لي تعلمه حتى تطلق الأحكام فحواء
من ضلعك ليست من دماغك لتتعالى عليها خلقت من جانب ضلعك
كي تتساوى بك و من تحت ذراعيك لتحميها و من جانب قلبك لتحبها
فيا سيدي افتح صفحات الماضي ثم سمني ما شئت ...
إياس ..
عذرا سيدتي فليس بقاموسي جنون امرأتي و ليس لفتاتي حرية
بدوني انتشلتك مما أنت فيه لان شرفك مرتبط بشرفي فاستميحك
العذر فمن الآن حريتك ملكي و جنونك لي سأعلمك ما تجهليه
و ن عاندتي فلي وسائلي فان سكنت البحر سأسكن الطمأنينة
والسلام سيدتي لا تعاندي فسيكون ترويضك من نصيبي ...
أواس ...
لست أنا من ينحني لكلمة او جملة لست انا من تحمر وجنتاه و
يخفض بصره الى الارض لست انا يا درتي ان كنت لا تعلمين
فأنا من صبر لظلم جدك من تحمل ضربك في سنون طفولتي ..
أنا إن كنت لا تعلمين من حارب النهار و بارز الليل أنا من خافت
منه الوحوش .. قد تكون من خلقتني امرأة لكنها أخرجتني لتحارب
الألم فأنا الآن أقوى و لن يمنعني شيئ من الانتقام ..
آسر ..
سلب عجوز الحقد ثروتي و جئت لتغشلي مخططي و ما علمت من
أكون و مع من علقت .. أنا من واجه جحيم الحياة بصبره وقلة حيلته
أنا الغني الفقير يعيش براتبه و لديه ثروته استميحك عذرا فالمال ملكي
و لا تملكين منه انشا .. سآخذه و لن تطالي منه برغوتا .. سأمسح من
قاموس دماغك كلمة مال سأجعلك ترينه دون ان تلمسيه فإن كان
المال لك الحياة سأجعله الجحيم فالسموحة سيدتي
موعدي معكم فجر السبت إن شاء الله