لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-03-16, 09:00 PM   المشاركة رقم: 51
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع واﻷربعون)

 






الفصل الحادي والخمسون


النص بالمرفقات



سلمت يداك

نهاية الفصل ..... موعدنا القادم مساء الثلاثاء إن شاء الله
[/COLOR]

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 14.txt.zip‏ (19.3 كيلوبايت, المشاهدات 31)
عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 29-03-16, 09:01 PM   المشاركة رقم: 52
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع واﻷربعون)

 




الفصل الثاني والخمسون

المدخل : بقلم الغالية منى سعد




النص بالمرفقات


سلمت يداك

نهاية الفصل ..... موعدنا القادم مساء الجمعة إن شاء الله

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 15.txt.zip‏ (17.7 كيلوبايت, المشاهدات 31)
عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 01-04-16, 01:00 PM   المشاركة رقم: 53
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل التاسع واﻷربعون)

 






الفصل الثالث والخمسون




المدخل : بقلم الغالية alilox

واقفة للبحر بصمت تثرثرين وانت بداخلك قطعة من روحي تحضنين أأنت مثلي مقتنعة أن البحر من افضل المستمعين كلما كتبت اسمك على رماله اتاني هو وموجه مسرعين عن التي أمتلا قلبي وجوف البحر بجمالها وعن اسمها متسائلين أيشتكي لكي أنه تعب من شكواي له أم أنت له عن هجري لكي تشتكين بعمق الوجع وقدرة الاحتمال والوجع اصبحنا انا والبحر مشتركين تغيب الشمس خلفه والناس لامل جديد منتظرين وأنا حق العيش والامل من المقتولين بقايا رجل محمل بأوجاع الكون ومات املي بالقادم والسنين كجريرة قاحلة غير مسكونة فقط انا والبحر متجاورين

سلمت الأيادي

************

خرجت من باب المنزل وأغلقته بهدوء فكانت سيارته واقفة أمامه وهوا

واقفا خارجها ينظر لإطارها الخلفي ويضربه بقدمه ولم ينتبه لخروجي

فاقتربت منه بضع خطوات وقلت " جيد أفرغ غضبك من انتظاري

به كي لا تركلني أنا "

نظر لي حينها وكان سيقول شيئا لكنه ضل صامتا ينظر لوجهي بتفحص

فحولت نظري لسيارته وقلت " لأني طبعا سأركلك أيضا حينها "

خرجت منه ضحكة خفيفة وشعرت بيده على ظهري ودفعني برفق جهة

الباب وقال وهوا يفتحه " لنغادر إذا قبل أن نضيّع الوقت في تبادل الركلات "

تحركت مبتعدة عن يده بل وفررت من الرجفة الخفيفة التي اعترتني

حينها وكأنه لم يقترب مني من قبل فقال " ما بك تهربين مني ؟ "

قلت ببرود وأنا أركب السيارة " ولما سأهرب منك ؟ يمكنني رؤية

الباب دون أن توصلني له فلست عمياء "

ضحك وأغلق الباب دون أن يعلق ودار حول السيارة وركب في المقعد

المجاور وشغلها وقال ما أن انطلقت بنا " كنت أريد أن أعاملك

معاملة الأميرات يا ناكرة "

نظرت ليداي في حجري ثم سرعان ما قبضتهما حين أدركت أني نسيت

ظفرين من أظافري دون طلاء أحمر كالبقية , يالي من بلهاء سيسخر مني

الآن كعادته , قلت بذات برودي " والأميرة يجبرونها على الخروج معهم ؟ "

حرك رأسه قليلا ثم مال به جهتي وهمس قريبا من أذني " أميرتي أنتي

في كل حالاتك "

ابتعدت جهة الباب ملتصقة به وقلت بضيق " وما الداعي من هذا

الكلام الذي لا ينطبق على ما قلت ؟ "

ضحك وقال ونظره للطريق " شيء ما خطر في بالي "

أدركت حينها حركتي الغبية وكأني خائفة من أن يفعل شيء باقترابه

فعدت مكاني وقلت " وما هوا ؟ "

بدأ بالتصفير وأصابعه تتحرك على المقود مع صفيره ولم يجب

فقلت بضيق " جاوب عن سؤالي بدلا من تقليد الطيور "

ضحك كثيرا ثم قال " وهذا هوا جواب سؤالك أميرتي "

ضغطت على أسناني بقوة فلم أفهم شيئا والسؤال نتيجته السخرية بالتأكيد

كم أحتاج لوجود المترجم سدين معنا لأضربه على رأسه إن شممت رائحة

سخرية منه , بقيت أنظر له وأطير بين تلك الأفكار فنظر لي وقال مبتسما

" يقولون أنه ثمة اختلاف بين الشمس والقمر لكني أراهما لا يختلفان

عن بعض أبدا "

ثم غمز بعينه وقال " أميرتي أنتي في كل حالاتك "

ضربت كتفه بالحقيبة وقلت بحنق " قل شيئا مفهوما وتوقف

عن السخرية مني "

توقفت حينها السيارة أمام مطعم مشهور جدا هنا وقال مبتسما

" ينقطع لساني إن سخرت منك "

ثم مد يده ليدي وأمسكها وسحبها نحوه بقوة وقبل باطنها قبلة قوية

عنيفة ثم تركها مع سحبي لها وقلت " ما هذه الوحشية ؟ وهل هكذا

يقبّلون أيدي الأميرات ؟ "

ضحك وفتح باب سيارته وقال ناظرا لي " الأمر الذي يُنتزع بالقوة

يكون بالقوة وهذه شمس وسأريك القمر فيما بعد لتعرفي الفرق "

ثم نزل فتمتمت بحنق " رجعنا للشمس والقمر "

كنت سأفتح الباب ففوجئت به فُتح لوحده وكان هوا يقف خارجا ومد يده لي

وتجنبا لسخرية أخرى أمسكت بيده فأنزلني وأغلق الباب , عليا مسايرة كل هذا

من أجل شيء تريده تلك الغبية سراب , سرنا للداخل وهوا يمسك ذراعي لافا

لها على ذراعه حتى وصلنا لطاولة أخذني هوا لها واستللت يدي منه حينها

وسحبت الكرسي وجلست قبل أن يسحبه هوا فجلس في الكرسي المجاور

لي وقال مبتسما " متوقعة من شمسي لا بأس "

نظرت له ببرود ثم سافرت بنظري لكل شيء حولنا وعيناي تتجولان في

اللوحة المرسومة على الجدار بجانبنا تشبه شلالا مائيا صغيرا , لم أحلم

يوما بالدخول لهذا المطعم ولا الأكل فيه

" تبدوا زيارتك الأولى له ؟ "

أخرجني صوته الهامس مما كنت فيه فقلت ببرود " لم أتزوج قبلا

ليجلبني زوجي هنا ويلف بي المطاعم والفنادق "

رفع لائحة الأطعمة وقال وهوا ينظر لها " لنعتبر تلك فترة ما

قبل الزواج إذا "

نظرت بعيدا وقلت متمتمة " يالها من بشرى للحياة بعدها "

خرجت منه ضحكة خفيفة ولم يعلق وبقي نظره مشغولا باللائحة ويتمتم بأسماء

بعض الأكلات التي يقرأها فنظرت له وهوا منشغل بها مدققة النظر على ملامحه

بشرته البيضاء ولحيته البنية الخفيفة المحددة بإتقان , عيناه الواسعة وخصلات شعره

البنية التي تمردت نازلة على جبينه لكثافته , ثم نزلت بنظري لملابسه .. بنطلون جينز

أسود وقميص بمربعات متداخلة باللونين الأخضر والرصاصي تحدها خطوط سوداء

وكماه جهة ذراعيه يكادان يتمزقان من بروز عضلاته , عدت بنظري لوجهه وتنفست

بضيق , ما به وسيم هكذا ؟ لما ليس قبيحا لا تهتم به أي واحدة يمر بجانبها ؟؟ تأففت

بصمت من أفكاري تلك فلطالما كان يضايقني شكله لأنه جمال فتيات فلما الآن متضايقة

من كونه ملفت للنظر ؟ لكن ما لم أستطع منع نفسي عنه هوا قطع تأملي له فهمست

من بين أسناني " سحقا لك ما أجملك "

فنظر لي سريعا وقال " هل تحدثت معي حبيبتي ؟ "

أبعدت نظري عنه وقلت ببرود " قلت متى سنتناول ما ستختاره ونغادر

ولا تقل حبيبتي مجددا "








*~~***~~*








وقفنا بسيارة صباح أمام المنزل ونظرت لي وقالت " دُرر أمتأكدة

أنتي مما تفعلينه ؟ هل تري نفسك مستعدة لهذا ؟ "

فتحت الباب وقلت " نعم وعليا فعلها يا صباح "

نزلت ونزلت هي أيضا وتوجهت لباب المنزل وفتحته ودخلنا سيرا على

قدمينا متسلحة بقوة لا أعلم من أين جلبتها وكل ما أحاول فعله أن أكون

قوية أن أصمد ولا أبكي رغم أن هذا أبعد من الخيال , عبرنا يسارا ولم

أدخل المنزل مطلقا ولا قدرة لي على فعلها الآن , وصلنا لقفص العصافير

الذي كان مفتوحا والعصافير لازالت بداخله وطعامها قد ملئ الأرض فيبدوا

أنه ترك لها الطعام والباب مفتوحا لتخرج من نفسها حين ينتهي طعامها ولا

يأتيها أحد , وقفت أمامه ومررت أناملي على قضبانه أنظر لما بداخله بحزن

فيبدوا أنه اختار إطلاق سراحهم قبل رحيله , لكن ألم يفكر أين ستذهب هذه

العصافير التي لا يمكنها الطيران لمسافة كبيرة لأنها عاشت حبيسة الأقفاص

لفترات طويلة !! قبضت على القضبان بقوة أتذكر ما حكاه لي عنهم ونحن

داخله واسم كل طير منها وأين يعيش فقد كان يحب الطيور منذ صغره

وأراني حتى الكتب التي كانت تحوي جميع الأنواع الموجودة بهذا القفص

وكيف سعى لأن يجمعها جميعها ويحقق حلم طفولته الذي رأى أنه من القليل

الناذر مما حقق , اتكأت بجبيني على قبضتي أنظر لهم بحزن وغبت بتفكيري

لكل تلك الأيام ، ليثني لم أعرفك يا أواس وليثني بقيت سجينة ذاك الملحق

تضربني طوال الوقت وما علقتني فيك كل ذاك القدر لترميني بعدها للمجهول

لكن الذنب ليس ذنبك ولا ذنبي فكلانا كنا ضحية لجنون جدي فليهنأ الآن إن

كان هذا سيجعله مرتاح البال وسعيدا بعدما دمرني وأحرق قلبي وأحلامي

بل كان سيجعل مني قاتلة وهوا يحرضني على قتل من لم أكن أعلم وقتها

أنه شقيقي فما سيخلصني من ندمي بعدها وكنت سأخسر حتى والدتي

شعرت بيد صباح على كتفي وقالت بهدوء " دُرر سنتأخر إن

وقفتِ هكذا في أي مكان سنمر به "

أبعدت جبيني عن يدي ثم ابتعدت عن القفص وقلت " هذه الطيور تحتاج

لمن يهتم بها عناية خاصة أو ستموت وأواس ترك طعامها هنا كشيء

مؤقت فقط بالتأكيد "

أمسكت يدي وشدت عليها بقوة وقالت " سلمان سيتكفل بكل هذا فهوا

وعد بأن يساعد في أي شيء تحتاجونه "

هززت رأسي بحسنا وأغلقت الباب عليهم وتحركت من هناك حتى وصلنا شجرة

السنديان ووقفت مكاني أنظر للأرجوحة التي اختفت من هنا ومؤكد هوا من نزعها

فأين ذهب بها ولما ؟ لم أسمح لتلك الذكريات أن تجذبني أكثر من هذا فتحركت لوجهتي

الأساسية وهي الملحق حتى وصلت عنده ووقفت أمام بابه فشدت صباح على يدي

مجددا فنظرت لها وقلت " سأخرج أغراضه ووالدته فقط لا تخافي "

قالت بحزن " أقسمي لي على ذلك "

قلت ببحة ودموعي ملئت عيناي " لا أستطيع أن أقسم وقد أحنت "

قالت بجدية " سنخرج إذا كما أتينا "

هززت رأسي بلا ومسحت عيناي بقوة وقلت " عليا فعلها يا صباح "

تنهدت بأسى وتركت يدي ففتحت الباب ودخلت بخطوات بطيئة وهي خلفي حتى

وصلت باب تلك الغرفة أنظر باستغراب للورقة المعلقة على بابها فاقتربت منها

وقرأت ما فيها فكانت بخط أواس ومكتوب ( دُره لا تدخليها حبيبتي لا تصبحي

مثلي سابقا سجينة لها ، من أجلي أرجوك غادري ولا تفتحي هذا الباب إلا بعدما

تزيلي هذه الورقة , ولا تزيليها إلا بعد أن تنسيني وتتوقفي عن حبي ... أعدّيه

طلبي الأخير منك )

اتكأت عليها بجبيني وتساقطت دموعي بل وخرج نحيبي مالئاً صمت المكان

فضمتني صباح واقفة خلفي وقالت ببكاء " يكفي يا دُرر ولنخرج من هنا

أرجوك من أجل ابنه على الأقل إن كنتِ تحبينه "

قلت بعبرة " دليني على حل يا صباح , أنظري كيف أجدها

مسدودة من كل ناحية "

أبعدتني عن الباب قائلة " هيا نغادر من هنا لندرك وجهتنا الأخرى فلن

يكون من السهل إقناع حراس منزل الوزير وقد نقضي هناك ساعات "

ابتعدت عن الباب وخرجت معها أمسح الدموع التي ترفض التوقف , كنت

قادمة لأخرج أغراضهم وأهدم هذا المكان ليختفي عن وجه الأرض نهائيا

لكن الآن وبعدما قرأت ورقته لا يمكنني إزالتها إلا كما طلب بعدما أنساه

وهذا ما لن يحدث أبدا ما حييت لذلك سيبقى هذا الملحق كما هوا








*~~***~~*









بعدما تناولت شيئا خفيفا غيرت ثيابي وغادرت المنزل وركبت سيارة أجرى

متوجهة لمنزل العم صابر فعليا زيارتهم قبل ذهابي بما أن طائرة والدهم ستصل

بعد يومين كما قالوا , نظرت للنافذة وللشارع بشرود أراقب حركة السيارة الخفيفة

بسبب الازدحام وقد غاب فكري مع ترجمان وزوجها , كم هي محظوظة به ولا

تعرف قيمته , على الأقل هوا يبحث عن طريقة لترضى عنه وإن كانت بشكل غير

مباشر فأنا أراه أصبح يتقبلها ولا ينتقدها بتاتا وباعتراف منها بينما هي لا ترى إلا

أخطائه وما فعل سابقا بينما برر لها بأن كل ما فعله من أجل أن تحبه وأن تشعر به

حتى إن كانت طريقته خاطئة وقد جرحتها , لما لا تحمد الله وتقارنه بصديقه الذي

يستكثر عليا أن يراضيني أن يعتذر عن كل ما فعل بي وأن يعبر عن مشاعره نحوي

وهذا إن كان يوجد منها شيء طبعا , لما هما ليسا متشابهان ؟ أليسا رجلان وفي عمر

متقارب تقريبا ؟ تنهدت بضيق وأسى وأبعدت نظري عن النافذة وتفكيري عنه فيكفي

أني أشتاق له وأن نفسي لازالت ترغمني على التفكير فيه فحتى هذا لا يستحقه لأنه لم

يقابله إلا بالجفاف والبرود يعتبرني شيئا زائدا في حياته حتى قراراته وأموره الخاصة

لا يطلعني عليها حتى أكتشفها فيما بعد وكأنه يتعمد ذلك كي أضن به السوء وأرميه

بالباطل ثم يجدها حجة علي , سنرى يا آسر وأقسم هذه المرة لن أركض نحوك

وأستجدي منك الصفح عني كما فعلت سابقا وتحملت كل إهاناتك وتجريحك لي وفي

النهاية قابلته بالنكران , وصلت أخيرا ودخلت منزلهم بعدما فتحوا لي الباب من

الداخل وما أن وصلت الباب الداخلي حتى كانتا عبير وريحان في استقبالي بينما

إسرار تنظر من عند الباب وصرخت قائلة " هل جاءت معها أم لا ؟ "

فضحكت على صوت عبير قائلة بضحكة " نعم وقادمة نحوك "

وضحكنا معا على صوت ركضها صارخة وتوجهنا لباب المنزل ودخلت وكن

البقية في استقبالي وجلسنا معا نتبادل الأحاديث وغادرن الصغيرات للعب بينما

كانتا داليا وصفاء في المطبخ بعدما لم يعد هناك خادمة في هذا المنزل الكبير الذي

يبدوا أنهم لم يستخدموا طابقه العلوي أبدا , قالت عمتي سعاد " كنا نريد

حقا أن تكوني معنا لاستقبال عمك صابر , ألا يمكنك تأجيل زيارتك لها ؟ "

نظرت ليداي في حجري وقلت " هي تصر على أن أزورها من فترة

وهذا الوقت مواتي لأذهب أنا وترجمان "

قالت سمية التي كانت جالسة معنا " لكن أخي آسر قال أنـ.... "

ولم تكمل ما قالت لأن والدتها أسكتتها قائلة " اذهبي وساعدي شقيقاتك

واتركي عنك الأمور التي لا تعنيك "

فوقفت وغادرت متذمرة وقالت عمتي سعاد " الوقت مواتي يا سراب

أم لا تريدين مقابلة آسر "

ضغطت على يداي بقوة ونظري لازال عليهما وقلت بغصة

" لن تفرق عنده ولا عندي "

قالت بهدوء " لو كان صابر هنا ما سمح لي بالكلام كالعادة لكن

بما أنه بعيد فسأتحدث "

نظرت لها باستغراب فقالت بجدية " أنا من ربيت آسر يا سراب وأفهمه دون أن

يتحدث , لقد عاش معنا لسنوات وآخر بناتي هوا من كان يأخذني للمستشفى وأنا

ألدهن ومن كان يأخذ من تمرض منهن للمستشفى ومن يجلب ما نحتاج , لقد كبر

معنا لحظة بلحظة مثلما كبرن بناتي على ذراعه واحدة بعد الأخرى , آسر لم يحب

يوما أن نشكره على ما يفعل وأن نقدر له ذلك لطالما كان يقول ( لا تحبوني من

أجل أفعالي معكم بل أحبوا آسر دون أسباب كما كنتم ستحبون ابنكم دون

أن يفعل شيئا يستدعي المحبة ) وهذا طبعه منذ كان صغيرا يا ابنتي "

قلت ببحة مجاهدة دموعي " لكن لا يوجد بشر نحبه دون أن نعرفه

ودون أن تجعلنا أفعاله نتعلق به ونكوّن الصورة التي ستعلقنا به "

هزت رأسها بلا وقالت " ثمة من يحبون أناسا يؤذونهم يا سراب كعلاقة الرجل

بوالديه اللذان يحبانه مهما كان واللذان حُرم آسر منهما صغير , وبصفة خاصة

بين الرجل والمرأة .. ألم تسمعي حياتك عن امرأة تحب رجلا رغم معاملته السيئة

لها أو حتى ضربها والعكس بالعكس فثمة رجال يحبون نساء يعاملونهم معاملة

باردة خالية من أي مشاعر فهل سألت نفسك لما يحبونهم وما السبب ؟ "

تنهدت وقلت بأسى " مرآة الحب عمياء طبعا "

قالت من فورها " بل لم يركزوا على مميزاتهم ولا عيوبهم "

نظرت لها وقلت " ولما هوا لا يطبق تلك القاعدة على نفسه ؟ لما قيمني

بأفعالي وأقوالي وما رآه مني أول مرة تقابلنا فيها "

قالت بهدوء " الجواب لن يكون لدي طبعا يا سراب بل لديه هوا "

أبعدت نظري عنها ولم أتحدث فقالت " لقد سمعته بأذني يقول لعمك قبل أن يسافرا

( سراب أصبحت المرأة التي لن أتمنى ولا أريد غيرها بعدما حكّمت عقلها ولم

تنظر لي بأفعالي المبهمة معها ولم تحكم عليا بالسوء بتسرع ) وفي آخر اتصال

له بنا يوم أمس سأل إن كنتِ ستكونين هنا في استقبالهم معنا أم لا "

مسحت دمعة حاولت التمرد من رموشي واعتصمت بصمتي فقالت وداليا وصفاء

تقتربان منا تتحدثان معا " لا أطلب منك أن تسامحيه بسهولة ولا أن تركضي له

لكن لا تجعلي الطلاق نهايتكما , عاقبيه كما تريدي لكن لا تتركيه فهوا يستحق

بعد كل ما رآه في حياته أن يستقر مع امرأة تسعده وتحبه "








*~~***~~*









نظرتُ لأصابعها الرقيقة الطويلة في يدي ثم رفعت يدها لوجهي وقبّلت باطن

كفها قبلات عديدة خفيفة ولم يخفى عني ارتجاف يدها التي سحبتْها مني

قائلة بضيق " توقف عن هذا يا إياس قد يرانا أحد "

ركزت نظري على عينيها التي زادها هذا اللون الأسود وضوحا

وجمالا وقلت مبتسما " وهذا هوا القمر فهل لاحظت الفرق "

نظرت لعيناي لبرهة وكأنها تترجم ما قلت سابقا والآن ثم قالت

" تعني أني أكون أحيانا كقبلتك العنيفة خالية المشاعر لكفي تلك "

هززت رأسي بلا وقلت " أقصد أنك أميرتي في كل حالاتك "

نظرت بعيدا عني وتأففت بضيق فابتسمت ومددت أصابعي لغرتها الناعمة

المدرجة على جبينها وطرف وجهها وقلت وأنا أبعدها لتظهر عينيها من

خلفها " أنتي ما الذي تريدين فعله بي اليوم بكل هذه الأشياء ؟ "

وقفت وجلست في الكرسي المقابل لي لتبتعد عني وقالت " سبق وقلت

لم تعاملني كزوجة وتخرجني لمكان يستحق لترى كل هذا "

قلت بابتسامة ماكرة ونظري لم يفارق ملامحها " تعني أنه

لن أرى هذا إلا بمقابل ؟ "

تجاهلتني وسحبت صحن الكعك جهتها وعادت للأكل منه فقلت " ما أعلمه

أن الزوجة تسعى طوال وقتها لتظهر بأحسن مظهر أمام زوجها "

نظرت جانبا وقالت وهي تشير بالشوكة في يدها " لاحظت أن

العاملات هنا كلهن نساء "

ابتسمت واتكأت على ظهر الكرسي وكتفت يداي لصدري وقلت ناظرا لها

" ويبدوا أن الأمر ينجح بأن تستغل الزوجة هذا لصالحها "

قالت ونظرها لازال هناك " هل في الليل أيضا جميع الأطقم نسائية "

قلت بذات ابتسامتي " هل تصدقي الآن حين قلت أنك أميرتي

في كل حالاتك "

نظرت لي وقالت " أنت لما لا تكون صريحا ؟ "

رفعت كتفاي وقلت مبتسما " وأنا لم أكن صريحا كالآن "

قالت ببعض الضيق " ماذا تريد مني يا إياس بعد كل ما فعلته بي ؟

هل تضن أنك بهذا ستجعلني أنسى كل ما كان وفعلت ؟ "

هززت رأسي بلا فقالت بحنق " وما فائدة ما تفعل إذاً وأنت تعلم

أنه دون جدوى "

حركت كتفي وقلت بذات ابتسامتي " أن أراك , ألا يكفي هذا ؟ "

تمتمت بشيء لم أفهمه وعادت للأكل ونظرها على صحنها قد غطت

رموشها الكثيفة المنسدلة أي انفعال قد ألمحه في عينيها فقلت " هل

أخبرك شيئا تصدقيه يا ترجمان ؟ "

هزت رأسها بلا دون أن ترفع نظرها بي فخرجت مني ضحكة

صغيرة وقلت " سأقوله في كل الأحوال "

لم تعلق طبعا فقلت بهدوء " أعترف أني أخطئت وأخطئت كثيرا حين فكرت

في أن أغيّرك أن أجعلك المرأة التي في خيالي لأني كنت أريدها أنتي بالتحديد

لا سواها وأن تكون كما أريد أنا ولم أكن أعلم طيلة الفترة قبل أن ننتقل للمزرعة

أن ترجمان بشخصيتها التي لا أريدها تغلغلت في أعماقي بشكل ما كنت أتصوره

حتى جلبت سهاد وأصبحت برفقتي طوال الوقت وحتى في جناحي كنت مضطرا

لأن أكون معها كي لا تبقى وحيدة "

وضعتِ الشوكة ونظرها لازال على الطبق أمامها لم ترفعه بي ولم أفهم حركتها

تلك فتابعت قائلا " حين كنا نعمل على الأرض هناك كان عقلي وقلبي في الجهة

الموجودتان أنتي وسدين فيها أسمع ضحكاتكما ومزاحكما بينما حيث أنا وسهاد

الهدوء والصمت والكلام للضرورة فقط , أي كما كنت أريد أن تكون زوجتي

فشعرت كم الوضع كان مملا وأنا أنجدب للأجواء الصاخبة ناحيتكما , وحين أكون

وهي معا في جناحنا أضع تصورات في عقلي إن كانت هي زوجتي الآن وصوت

حدائها على الأرضية يُسمع أكثر من صوت حديثها معي فتقفز فورا في ذهني تلك

الأيام التي قضيناها معا في غرفة واحدة لا تتوقفين عن التحدث عن أي شيء وعن

الشجار معي عن أتفه الأمور , ضحكاتك التي كانت تملأ الغرفة وحتى الشيء الذي

في يدي إن رفضت إعطائه لك تقفزين عليا قفزا تحاولين انتزاعه بالقوة فعلمت حينها

الفرق بين العالمين وتلك الحياة وسابقتها واكتشفت أني أحتاج حقا لشيء يغير من

نمط حياتي الهادئة تلك فدار في تفكيري إن كانت زوجة أخرى بطباعك أنتي

فرفض عقلي ذلك تماما واكتشفت الحقيقة المفجعة أن كل ما كنت أسعى

لتغييره بك كان أكثر ما يشدني لك "

رفعت حينها نظرها بي بنظرة قرأت فيها اللوم بوضوح وقالت بهدوء

غريب " ولما استمررت في تلك اللعبة إذا وفي رفضي ؟ "

تنهدت وقلت مركزا نظري على عينيها " لأني أردت قلبك أردت أن تحبيني

يا ترجمان لا أن أعيش أحبك فقط وأرى في عينيك أن كل شيء بي لا يعجبك "

قالت باستياء " فتنتزع ذلك انتزاعا يا إياس ؟ هل تضن أني بما فعلت وكل

تلك التمثلية السخيفة أحببتك "

نظرتُ لطبقي الذي لم أقرب منه شيئا وقلت بهدوء " ضننت ذلك بادئ الأمر

لكن كلامك في المستشفى غيّر كل فكرتي تلك "

ثم رفعت نظري بها وقت " لكني لم ألحظه لم أراه فيك يا ترجمان فمـ.... "

وتوقفت الكلمات حين رأيتها تمسح بظاهر يدها أسفل رموشها بالقوة ثم وقفت

كي تغادر فوقفت من فوري وأمسكت يدها موقفا لها وقلت " اجلسي

يا ترجمان لن نتحدث في الأمر أقسم لك "

قالت وهي تحاول سحب يدها والمغادرة " لا أريد أن أسمع شيئا فاتركني "

قلت ولم أتحرك من مكاني ولم أترك يدها " إذا دعيني أوصلك كما أحضرتك "

فتوقفت حينها عن محاولة سحب يدها من يدي ولازالت تشيح بوجهها بعيدا عني

وأعلم كم يعني هذا لها وكم يضايقها أن أرى ولو شبح دمعتها فلففت ذراعي حول

كتفيها وضممتها لي وقلت سائرا بها " سأوصلك وأعدك لن نتحدث في هذا

حتى نصل حسنا "

لم تعلق بشيء ولم تحاول الابتعاد عني أيضا , فكم أعشقك يا ترجمان لو تعلمين

ومستعد لأن أصبر على العيوب التي لا تعجبني بك حتى تغيريها عن اقتناع منك

ولم أعد ألومك على كل ما تتمسكين به من سلوكيات لا أحبها فهي تراكمات لأعوام

كثيرة من حياة عشتِ فيها تفتقرين حتى للنصيحة الصغيرة , فالغريب أن ثلاثتكن لم

تنحرفن أخلاقيا وهذا في حد ذاته معجزة وميزة غفلنا عنها جميعنا , وصلنا السيارة

وفتحت لها الباب فركبت وأغلقته خلفها وركبت أيضا وانطلقنا وهي منشغلة بشيء

ما في حقيبتها أو تدعي ذلك عمدا فقلت ونظري على الطريق " لما لا تقضي

الأيام في غياب صديقتك في منزل عمتك , وإن كانت رؤية وجهي ستمنعك

فلن تريني أبدا أعدك "

قالت ببرود ولازالت منشغلة بما تبحث عنه " شكرا لكني لا أريد "

تنهدت وقلت " ترجمان توقفي عن لومهم يكفيك لومك وغضبك مني أنا "

لم تجب طبعا وقد أغلقت حقبتها ونظرت للنافذة ووصلنا حينها وقبل أن

تنزل أمسكت لها يدها وقبلتها وقلت ناظرا لملامحها " شكرا أميرتي

كان موعدا جميلا "

لوت شفتيها بعدم رضا فضحكت وقبلت يدها مجددا وقلت

" أعلم أن النساء يعشقن هذه الأمور "

تغيرت ملامحها للضيق وهذا المتوقع مما فهمَتْه من كلامي فقبلت يدها مجددا

وقلت " ولهذا فعلها غير ممتع للرجال فرفضهن لها سيجعل الأمر أكثر متعة "

سحبت حينها يدها من يدي وقالت " متى ستتوقف عن التمثيليات يا إياس "

هززت رأسي بلا وقلت " ليس تمثيلا يا ترجمان ولا شيء كان سيجبرني

على فعل هذا "

قالت ناظرة لي بتوجس " كنت طوال الوقت تمثل لأجل مآربك الشخصية

فما تغير الآن وكيف سأثق بصدق كلامك "

قلت بجدية " قسما أني صادق حبيبتي , أقسم لك "

لم تعلق بل همت بالنزول فأمسكت يدها مجددا مانعا لها من ذلك فنظرت

لي وكانت ستتحدث فقلت قبلها " هناك شيء أريد التحدث عنه قبل نزولك "

كانت ستعترض فوضعت سبابتي على شفتيها مسكتا لها ثم أبعدته وقبلته

وقلت " بشأن ذهابك مع شقيقتك , إن كان يعنيك رأيي في الأمر يا ترجمان

فلا أريد أن تقضي هناك أياما في منزل رجل مهما كان هوا غريب عنك وقد

يضايقه وجودك فيمكنك البقاء في منزل عمك ويمكنني أخذك مع شقيقتك

وأرجع بك نهاية اليوم لكن أن تبقي لأيام فلا أريد حبيبتي "

سحبت يدها من يدي مجددا وقالت " إذا عمي لن يسافر ؟ "

هززت رأسي بلا وقلت " كانت مزحة صغيرة ويمكنك الذهاب معها يا

ترجمان وذلك كان رأيي ووجهة نظري فقط "

فتحت حينها الباب ونزلت وأغلقته خلفها ودخلت المنزل دون أن تعلق على

شيء مما قلت فغادرت من هناك فورا , إن كنت أفهمك جيد يا ترجمان فلن

تذهبي , وأعلم أنها قد تعصيني وعليا التحمل وأخطاء الماضي لن تتكرر








*~~***~~*



غادرنا العاصمة متوجهتان للمدينة التي يسكنها الوزير ولم تكن تبعد إلا نصف

ساعة عنها فقط أي تعد من ضواحيها حيث المناطق الزراعية وكنت خلال المدة

الماضية أخرج وصباح في أيام من الأسبوع نبحث في عناوين العاملين سابقا لدى

أواس عمن يعلم شيئا وكانت جميع تحركاتنا بما منها مشوار اليوم بعلم من زوجها

وموافقته وعلم والدتي فقط فحتى قصي لا يعلم لأنه لن يوافق وهذه ستكون خطوتي

الأخيرة فإن نجحت في مقابلته سيساعدني بالتأكيد وإن رفض هوا مساعدتي فلن

يساعدني أحد غيره بعد الله , لذلك قررنا المجيء هنا ولو يوميا حتى يرضى الحراس

بإدخالي أو أنتظره خارجا فإما أن يقف لي أو يدهسني بسيارته ويقتلني وفي النهاية

الحل واحد ولديه هوا , وصلنا بعد سؤال لأكثر من شخص عن مكان قصره لأن

صباح لم تكن تخرج بسيارتها من العاصمة إلا فيما ندر فهي لا تعرف الأماكن هنا

وحين وصلنا طلبت منها البقاء بعيدا بسيارتها لأنزل وحدي كي لا يشكّوا بنا أو بنوايانا

فالحرس أمام الباب كانوا بعدد لا بأس به ووقوفنا بالسيارة لن يعجبهم بالتأكيد , نزلت

ومشيت سيرا حتى وصلت هناك ولست أعلم إن كان سيكون موجودا بالداخل أم لا

لكني سأحاول في كل الحالات , وقف رجل طويل مخيف بنظاراته الشمسية

أمامي فور اقترابي من البوابة وقال " إلى أين يا سيدة ؟ "

قلت ونظري في الأرض متجنبة النظر له " أريد مقابلة الوزير "

ضحك أحدهم خلفه وقال هوا بصوت فيه ضحكة وسخرية " رافقتك السلامة

يا سيدة الوزير ليس هنا ولا يمكننا إدخالك في كل الحالات "

قلت ونظري لازال في الأرض لم أرفعه به " أخبره عن اسمي قد يوافق

على دخولي "

قال من فوره " إن كان يعرفك كما تزعمين فسيتصل بنا ويطلب إدخالك

غير ذلك لا تحلمي بها وغادري فلا يمكننا مخالفة الأوامر "

رفعت نظري به وقلت بحرقة " ألا يستقبل الوزير الحالات الإنسانية وطلبات

من لا يمكنهم الوصول له ؟ لا أعتقد أن رجلا مثله وما عُرف عنه أن يكون

بذاك الغرور الذي يمنعه من أن يتنازل لرؤية وسماع من هم أقل منه "

تقدم واحد ممن خلفه وقال بهدوء " ليس طبع الوزير الترفع على أحد لكنه

مشغول دائما وقصره لا يدخله أي شخص فلو فُتح هذا الباب للناس فلن

يفرغ قصره أبدا وأضنك تفهمين هذا "

قلت باستياء " والمفهوم من كلامكم ؟ "

قال الواقف أمامه " لا يمكننا إدخالك الأمر ليس بيدنا نحن "

قلت بإصرار " لعلمكم فقط أنا لن أغادر من هنا قبل أن يدخل

أو يخرج وسآتي كل يوم "

هز رأسه بيأس وقال " حتى إن حدث ذلك فتكون سيارته محاطة بسيارات

حرسه وتخرج أو تدخل مسرعة واقترابك منها قد يخسرك حياتك "

قلت بحرقة وعيناي امتلأت بالدموع " يكون أفضل ولن أغادر من هنا "

هز رأسه بعدم اكتراث وعادا منضمان للبقية وبقيت وحدي واقفة في ذاك الشارع

على مبعدة قليلا منهم تحت الشمس مستندة بعمود نور ليساعدني على الوقوف

الطويل وكل تفكيري في صباح التي تنتظرني هناك , بعد ساعة أخرجت هاتفي

واتصلت بها وقلت ما أن فتحت الخط " اذهبي يا صباح وعودي لي فيما بعد

فأنا قد أنتظر طويلا "

لم تجب بل أغلقت الخط في وجهي وما هي إلا لحظات ورأيتها قادمة من

بعيد على قدميها ووصلت عندي واجتازتني بخطوات غاضبة جهة

الحراس فتحركتُ خلفها قائلة " صباح توقفي ما تنوين فعله ؟ "

لكنها لم تجب ولم تتوقف حتى وصلت عندهم وقالت بغضب " أنتم ألا قلوب

لكم تروها حامل ووحيدة تقف تحت الشمس ولا ترأفون بحالها يا متحجرين "

أوقف ذاك الطويل الضخم من خلفه بإشارة من يده ويبدوا رئيسهم وقال

" أخبرناها منذ البداية أن تغادر وأن طلبها مستحيل لكنها تصر

على البقاء فالذنب ليس ذنبنا "

قالت صارخة فيه " وذنب من إذا وأنتم من يفصلها عن ذاك القصر أم

تخشى أن يغضب منك سيدك لعمل إنساني ورحمة امرأة

متعبة من الوقوف هنا "

قال بحدة مشير بيده التي يمسك بها هاتفا لا سلكيا " غادري من هنا

وخذيها معك بسرعة قبل أن أفقد صبري وأعصابي فلن تفهم أي

منكما عقوبة فعل شيء من دون أوامر "
أمسكتُ بذراعها وقلت ساحبة لها لتبتعد " توقفي يا صباح لن

يجدي ما تفعليه نفعا "

لكنها لم تكترث لي وصرخت به مجددا " أحمق , سحقا لك حتى الله لا

يمنع أحدا من عباده ويستمع لهم وهوا الملك لا أحد فوقه "

أشار بيده مجددا وقال بذات حدته " إذا غادرا واطلباها منه فليست

صعبة عليه "

قالت ولازلت أسحبها دون جدوى مع غضبها وقلة جهدي وحيلتي

" لولا أملنا فيه ما جئنا فالله إن أراد دخولها دخلت رغما عنك "

كان سيتحدث فأوقفته البوابة التي انفتحت وخرجت منها سيارة مظلمة تتبعها

أخرى وما أن تخطت الباب حتى توقفت ونزل زجاجها الخلفي لتظهر من

خلفه امرأة تبدوا في منتصف الثلاثين من العمر وثمة طفل مد رأسه معها

وقالت ناظرة للحراس " ماذا هناك ؟ ما كل هذا الصراخ هنا وما

تريدان المرأتان "

كان سيتحدث فهرعت صباح جهتها قائلة " أنتي من عائلة

الوزير أليس كذلك ؟ "

كان الحارس سيمسك بها ويوقفها فأوقفته الجالسة في السيارة

بكلمات حازمة " توقف ودعها تتحدث "

فابتعد من فوره وتقدمت هي منها وسرت خلفها حتى اقتربنا

وقالت صباح " هل أنتي من عائلة الوزير "

قالت من فورها " أنا زوجته فما تريدان ؟ "

شعرت أن منانا تحقق وما كنت لأتخيل أن أصادف أحدا منهم من أول

مرة لا وزوجته وليس أي شخص آخر , أمسكت صباح بذراعي وسحبتني

ناحيتها قائلة " هذه المرأة تقف هنا تحت الشمس وحامل وكل ما تريده

رؤية الوزير في أمر مهم وحرّاسكم منعوها وترفض المغادرة

فساعديها لتراه أرجوك "

نظرت لي ولم تكن نظرة متعالية ولا متقززة كما حال نساء ممن هم

حتى أقل من مكانتها وتبدوا كما قالوا عنها كانت من عامة الناس قبل

أن يتزوجها , قالت بهدوء ناظرة لي " إن لم يكن ما تريديه من أجله

أمرا مهما فلن يرضى مقابلتك فهل هوا يستحق يا سيدة "

نزلت دمعتي من فورها فمسحتها سريعا وقلت " زوجي كان الضابط في

قضية علي رضوان الأخيرة والقبض عليه ومن تحدثت عنه وكالة الأنباء

وقد قابلت الوزير أيضا هناك وهوا يعرفني جيدا فقد ساعدت في القضية

ولديّ مشكلة حلها لديه بعد الله "

أشارت للحارس بيدها في الفور قائلة " أدخلوها "

ثم قالت للجالس في الأمام في سيارتها " عد للداخل فورا "

وتراجعت سيارتهم على الفور على صوت الصغير قائلا بتذمر

" لا ماما ألن نذهب الآن ؟ "

واختفت سيارتهم في الداخل ونظرت لي صباح وربتت على كتفي

قائلة بابتسامة " هيا أدخلي يا دُرر فهذه الفرصة قد لا تأتيك مرة أخرى "

أمسكت يدها وقلت " ألن تدخلي معي ؟ "

هزت رأسها بلا وقالت " سأنتظرك في السيارة ولا أعتقد أن هؤلاء

الحراس سيسمحون لي "

تركتها وتوجهت للباب حتى وصلت ووقفت والتفت لها فكانت مغادرة تقطع

الشارع فعدت بنظري للبوابة الواسعة المفتوحة وتنفست بقوة ثم تقدمت منها

ودخلت لتغلق خلفي مباشرة وسرت مسافة نظري يتجول في الحديقة الواسعة

والأضواء المركبة بشكل حلزوني مضاءة حتى في النهار , وصلت باب القصر

المفتوح وكانت السيارة أمامه نزلت منها زوجة الوزير وأنزلت الطفل الذي

يبدوا في الرابعة أو الخامسة ولحقت بهم فتى يبدوا في السابعة

وقال وهو ينزل " ماما أنتي وعدتنا أن نذهب اليوم ؟ "

وضعت يد الصغير في يده وقالت " رويد قلت الوعد وعد وسنذهب فخذ

شقيقك ولغرفتكم فورا وأخبر ترف لا تتركه ينزل مفهوم "

دخل به دون بكاء واعتراض وصراخ كعادة من في سنهم خاصة الصغير

ثم نظرتْ لي هي وقالت مبتسمة " تريدين أن نجلس هنا أم ندخل ؟ "

نظرت لها باستغراب هل هذه فعلا زوجة الوزير !! ركزت نظري على ملامحها

أكثر تبدوا جميلة شكلها ذكرني كثيرا بترجمان لها ذات العينان السوداء الواسعة

والابتسامة المميزة مؤكد زوجته ولن يتزوج واحدة تقل جمالا عن هذه رغم أنه

أوسم منها , نظرتُ حولنا فكان ثمة حرس يتحركون مارين من وقت لآخر

فنظرت لها وقلت " الداخل أفضل إلا إن كان ذلك يزعجك "

قالت بذات ابتسامتها الجميلة " أبدا هيا تفضلي "

ودخلت فتبعتها مستغربة حتى الآن من رحابتها فالبعض حتى إن كانوا

عاميين ووجدوا أنفسهم فجئه أصحاب مركز ترَفعوا على الناس بل وأكثر

حتى ممن ولدوا فيه , قابلتنا امرأة تبدوا خادمة وقالت من فورها

ناظرة لها " عدتم سريعا ؟؟ "

ضحكت الواقفة أمامي وقالت " بل لم نذهب وتجدي ديسم ورويد

في الأعلى سيصيبان ترف بالجنون فاصعدي لهما يا سيلا "

هزت رأسها بحسنا وكانت ستغادر فأوقفتها قائلة " وأخبري إحدى

الخادمات تحضر ماءا وطعاما لضيفتي , سنكون في المجلس العائلي "

هزت رأسها مجددا وغادرت من فورها والتفتت هي لي وقالت

مشيرة بيدها " تفضلي يا ... "

ثم قالت سائرة حيث أشارت " لم تخبريني عن اسمك "

تبعتها قائلة " دُرر علي رضوان سيدتي "

التفتت لي من فورها وقالت بصدمة " ابنة علي رضوان !! "

وقفت ونظرت للأسفل وقلت بهمس حزين " بل حفيدته "

قالت باستغراب " وزوجك قلتِ أنه من أمسك به في القضية التي

استلمها جابر ؟ "

هززت رأسي بنعم ولازال نظري في الأرض فتنهدت وقالت

" كم هذا مؤسف أن تكوني بين اثنين هما جزء منك "

قلت بهمس حزين " أذنب وأخذ جزائه "

فتحت الباب أمامها وقالت داخلة " أستغرب أن ذكرتِ لي اسمك

كاملا وأنا سألتك عن الأول فقط "

دخلت خلفها قائلة " وأنا أستغرب كل شيء فيك "

أشارت لي بيدها لأجلس وجلست وقالت بضحكة " وما الخطأ

بي استغربته هكذا يا دُرر ؟ "

جلست وقلت بخجل " لم أعني ما فهمته أنا فقط لم أتوقع أن

تستقبليني هكذا و ... "

قالت قبل أن أنهي كلامي " توقعتِ أن أطردك أو أن أتكبر

عليك أليس كذلك ؟ "

لم أعلق فقالت بابتسامتها الجميلة " أحيّي فيك تمسك باسمك فأنا سبق

ومررت بشيء مشابه حين كان والدي فارا من البلاد ومطلوبا سياسيا

ومتهم بالخيانة هنا وبتجارة المخدرات هناك ظلما ولم تتوقف الناس عن

تذكيري بذلك ومعايرتي به حتى تزوجني جابر وكان حينها رئيسا للشرطة

الجنائية فكانت تلك كالحجر في حلقوم الجميع فمن التي يكون والدها بذاك

الماضي الأسود ويتزوجها رجل يتحكم في الشرطة في البلاد جميعها "

قلت بشبه همس " الناس ليس لها إلا الظاهر ولا أحد يحمل ذنب أحد "

دخلت حينها الخادمة بطعام وماء ووضعتهم أمامي وغادرت فورا ورغم

إصراري ورفضي لكنها أصرت أن آكل وأني حامل ووقفت كثيرا فتناولت

القليل وشربت الكثير من الماء لأن ما أنهكني كان العطش , وتبادلنا خلالها

بعض الأحاديث سألتني عن عائلتي ودراستي ولم نتطرق للموضوع الذي

جئت من أجله وهي لم تسألني , مسحتُ فمي وحمدت الله هامسة فقالت

من فورها " هل هذا أكلك وأنتي حامل ونحيلة هكذا ؟ "

قلت بصوت منخفض " شبعت شكرا لك "

قالت مبتسمة " يبدوا خجلتِ مني وأنا من فظاظتي بقيت أراقبك "

قلت بحياء " لا أبدا أقسم أني شبعت وهذا هوا أكلي دائما "

قالت من فورها " إذا أعدّي أنك في منزلك وأني شقيقتك حتى نحظى

بفرصة للقبض على الوزير فهذا وقت عودته عادةً "

نظرت ليداي في حجري وقلت " شكرا لذوقك سيدتي , لقد سمعت

سابقا أن زوجة الوزير كانت فتاة بسيطة من عامة الناس لكنك

فقتِ توقعاتي "

أزالت حجابها وانسدل شعرها الطويل الناعم على كتفها مستقرا في

حجرها وقالت مبتسمة " نادني أرجوان إذا بدلا عن سيدتي , ثم

كيف سأتكبر على الناس وأنا وجدت الوزير ذاته متواضع جدا "

هززت رأسي بنعم وقلت بهمس " يبدوا ذلك واضحا "

قالت بذات ابتسامتها " إذاً تقابلتِ معه ؟ "

قلت بهدوء " نعم لمرة واحدة فقط في أسبانيا أعطى أوامره

لرجاله وغادر"

ثم قلت بتوجس " ظننت للحظة أنه قد يضربني تبدوا شخصيته

مرعبة بغرابة لا أعرف كيف أصفها "

أبعدت شعرها خلف أذنها وقالت بعد ضحكة صغيرة " تعني تبعث

فيك الرهبة ولهذا هوا يكره الشخصيات الضعيفة ولن تعلمي كم

تشاجرت معه قبل أن يتزوجني "

قلت مبتسمة فهذه المرأة تبعت في النفس الطمأنينة " قد تعتبريها

وقاحة مني لكني ما أن رأيته دعوت لك بالرحمة منه "

ضحكت كثيرا وقالت " هكذا يحكم على جابر كل من لا يعرفه

لكنه حقا مختلف "

هززت رأسي قليلا مبتسمة في إشارة لعدم الاقتناع ثم قلت

" موقفه معي كان نبيلا ولم أتوقعه لكنه حقا جِدي بشكل مخيف "

قالت مبتسمة " لقد ارتحت لك حقا يا دُرر لذلك سأحكي لك هذه , منذ

عامين أفسدت له نظاما كاملا في حاسوبه الشخصي فتصوري خطورة

الأمر خاصة أنه ممنوع عن أحد أن يقترب منه لكنه لم يوبخني ولا

مجرد التوبيخ ولا بكلمة واحدة "

نظرت لها بصدمة وقلت " أفسدتِ نظاما في حاسوب وزير مهم

مثله ولم يكلمك !! "

رفعت كتفيها وقالت " يبدوا عَذر فضول المرأة بداخلي , ثم هوا

كان السبب من البداية "

قلت من فوري " لا تقولي أنك شككتِ به وتفتشين خلفه ؟ "

ضحكت وهزت رأسها بلا وقالت " بل بسبب ملف من حوالي الثماني

سنوات وأنا أموت فضولا لمعرفة ما فيه وحين وجدت الطريقة وفتحته

ضربت له نظام حاسوبه بأكمله "

قلت مستغربة " ورأيتِ ما فيه ؟ "

قالت مبتسمة " ظهر أنها صور لي ولأبنائه تصوري , وكم ذبحني

بالفضول لسنوات يرفض أن يفتحه لي وعنْونَه بـ (حدودي عند هنا )

والمضحك أن أغلب الصور كانت لي وأنا نائمة ولا أعلم "

قلت مبتسمة " إذا هوا حقا مختلف عما يبدوا عليه "

ثم نظرت للأسفل وقلت بحزن " ولا أستغرب ذلك فزوجي في أول مرة

رأيته فيها حكمت عليه أحكام سيئة وكنت أخاف وأرتعب من مجرد

اقترابه مني وما أن عشت معه وعرفته جيدا وجدت أنه مختلف جدا "

قالت بهدوء " لقد رأيت ما عرض على التلفاز بشأن القضية وذكروا اسم

من ألقى القبض على علي رضوان وأعتقد أواس وهوا زوجك أليس كذلك "

هززت رأسي بنعم وقلت هامسة بحزن " نعم هوا "

قالت من فورها " أخبريني ما قصتك يا دُرر وما تريدين أن يخدمك فيه

الوزير , طبعا إن لم يكن الأمر سريا ولا تريدي أن أعرفه "

هززت رأسي بلا وقلت " أبدا لن يكون سريا عليك أنتي تحديدا "

وكنت سأتحدث فأوقفني الباب الشبه مغلق الذي انفتح ودخلت منه فتاة تبدوا

فيما يقارب العشرين بقليل بملابس أنيقة مرتبة وحجاب أبيض وكانت جميلة

بدرجة مبهرة خاصة عيناها الزرقاء الواسعة , دخلت ملقية التحية مبتسمة

واقتربت من الجالسة أمامي توليها ظهرها وملتفتة برأسها لها فضمتها من

الخلف وقبلت خدها وقالت " كيف هي ماما الجميلة "

قالت بضحكة " أين تريدين الذهاب ؟ وبدون مقدمات "

ضحكت وضمتها أكثر وقالت " سأذهب لعمتي زهور أم نسيتِ , ثم

أنا لم أراك اليوم أبدا واشتقت لك , لما تضنين بي السوء "

ضحكت وقالت " حسنا يا أميرة بيسان وخدي أخويك معك وارحمي ترف

منهما يكفيها مرام وحاذري من أن يتعبا عمتك مع ابنيها المجنونان "

وقفت على طولها وقالت واضعة يديها وسط جسدها " لما يجب أن

تنكدوا عليا خروجي ككل مرة ؟ ونسيتِ أن ابنك قادم من الكلية غدا

وسيستلمني بكلمة لا تخرجي "

نظرتْ لها فوقها وقالت مبتسمة " تخلصي منه إذا "

تأففت بتذمر ثم مالت لأذنها وهمست لها شيئا ثم وقفت مجددا فقالت

ضاحكة " لا تقلقي سأتحدث مع والدك ولا تنسي أنه ليس أول من ترفضيه

وأعارض أنا ولن أنقدك في كل مرة يا محتالة فوالدك أذكى من أن لا

يفهم أنك أنتي الرافضة وليس أنا "

حركت كتفها وقالت مبتسمة " لا يهم المهم النتيجة "

قالت الجالسة أمامي ناظرة لها للأعلى وبابتسامة ماكرة " لا ترتجي

كثيرا في روبن هود ذاك متسلق الجدران فوالدك لن يوافق عليه "

قالت مغادرة " العمر أمامنا طويل ولن أيئس "

كنت أنظر لهما باستغراب فهذه العائلة مختلفة حقا وكأنه ليس ثمة امرأة

غريبة معهم وتبدوا تلك الفتاة الفاتنة ستحذو حذو أبيها وتتزوج من العامة

أو هكذا تريد , ما أن وصلت الباب وخرجت منه تحدثت مع أحدهم فالتفتت

لها الجالسة أمامي وقالت بصوت مرتفع قليلا " بيسان إن كان هذا

والدك فأخبريه يأتي هنا قبل أن يصعد "











*~~***~~*










هززت رأسي بلا فقالت بتذمر " هذا لا يجوز رِفعت يكفي بالأمس

اعتذرت وتحججت بسبب رفضك "

قلت بحزم " قلت لا يعني لا ولن تتخطى قدمك باب المنزل وحاذري

من أن لا تتبعي النظام الغذائي المحدد في الورقة وأقسم أن أغضب

منك لآخر يوم في عمري "

قالت باستياء " لا أحد يموت قبل يومه ولا يولد والله لم يكتب

له فهل ستسجنني ثمانية أشهر "

رفعت إصبعي وقلت " بل سبعة ونصف لا تصدميني , ثم لا تنسي أنك

من أسبوع كدتِ تجهضين بسبب إهمالك وما حدث لن يتكرر فارحميني

واتركيني أرى ابني سريعا "

تنهدت باستسلام ولم تتحدث فقلت " أدعيهم للغداء هنا معنا متى

ما أردتِ , غيره ممنوع "

قالت ببرود " كيف تدعوك شقيقتك وترد لها الدعوة بمثلها هذا لا يعقل "

وقفت وقلت " أنا من سيخبرها بكل هذا بنفسي فلا تشغلي بالك إلا بصحتك "

ثم توجهت للباب الذي رن جرسه وفتحته فكانت ترجمان وقالت بعبوس

" مرحبا بعمي الذي لا أعرف حتى متى سيستمر في إغضابي "

ضحكت وأمسكت أنفها وقلت " وما فعلت هذه المرة ؟ "

أبعدت يدي وقالت " علّقت مسألة ذهابي مع سراب بموافقة ابن شقيقتك

طبعا , ولعلمك أنا سأبقى معك هنا حتى ترجع هي وأنكد عليك "

قلت مستغربا " متى قلت لك ذلك ؟ بل متى أنتي استأذنتِني ؟ "

نظرت لي بصدمة وقالت ما أن استفاقت منها " من أجاب على

رسالتي إذا إن كنت أنت لم تراها ! "

هززت رأسي بمعنى لا أعلم فقالت مضيقة عينيها

" إياس كان معك اليوم ؟ "

قلت بعد تفكير لحظة " نعم صباحا في مجلسي مع بعض

من رجال الشرطة "

قالت من بين أسنانها " وهاتفك في يده ؟ "

قلت من فوري " تقريبا , لا أذكر جيدا "

قالت بحنق " هوا فعلها إذا وسيرا "

ثم غادرت فخرجت خلفها قائلا " أين ذاهبة وأنتي جئتِ للتو ؟ "

قالت متوجهة لسيارتها " لألحق بسراب وأذهب معها لمنزل

والدتها طبعا وسيرى ابن شقيقتك الأحمق ذاك "

ثم ركبت سيارتها وغادرت فهززت رأسي بيأس منهما ولن أعارض

وأتدخل في شيء فقد أخد هوا فرصته وهذه فرصتها هي ثم سيكون لي

بعدها رأي وقرار على كليهما









*~~***~~*









خرجتُ من هناك ولم أترك كلمة لم أشتمه بها ذاك المحتال , وأنا من

غبائي صدقته ولم أتصل بعمي وأستفسر منه , رفعت هاتفي واتصلت

بسراب وقلت ما أن فتحت الخط " أنا ذاهبة معك انتظريني "

قالت من فورها " خرجت من أكثر من ربع ساعة مع السائق "

تأففت ثم رميت الهاتف جانبا وأدرت المقود وأخذت طريقا فرعيا يخرجني من

العاصمة في وقت أقصر , وفي لحظات كنت خارجها متّبعة ذات ذاك الطريق

المتطرف بأشجاره الطويلة المتراصة حيث كانت حركة السيارات فيه قليلة فعليا

أن أدرك سراب لأني لا أعرف عنوان المنزل ولا رقم والدتها , ما أن اجتزت

الطريق بمسافة حتى لاحظت السيارتان اللتان بدأتا بمحاصرة سيارتي تتعمدان

إيقافها فزدت من سرعتي دون تفكير فيمن يكنوا هؤلاء فكل ما أفكر فيه وأريده

الآن الخلاص من مطاردتهما لي التي لا أفهم سببها , زادوا من سرعتهم أيضا

فمددت يدي لهاتفي ونظري على الطريق فعليا الاتصال بأحدهم , حاولت التركيز

على القيادة المسرعة والتملص من مطاردي وجذب هاتفي الذي لم تصله يدي ولم

أجده فنظرت بسرعة للكرسي ولم أجده ويبدوا وقع في الأسفل فعدت بنظري

للطريق لأفاجئ بالمنحدر الجبلي الذي ظهر أمامي والسيارة تتجه نحوه

بسرعة جنونية ولا مجال للهرب منه

********

المخرج : بقلم الغالية أغاني الوفاء

أعتقيني سيدتي .. فقد هام قلبي في حبك .. واحترقت عيناي شوقاً لقربك..
آهٍ كم هو لذيذٌ تمردك ،،وعنفوانك ،، وحدةُ نظراتك...
تزيدني عشقاً وغراماً .. في عينيكِ ذوباناً...
بتُ مؤمنٌ أنَّ نظراتك سِهامٌ تجتاحُ صدري...نارٌ تضيء دربي...
فلاتتعجلِ في القدوم لحضني وسكني .. لطالما ستدفعين آنفاً ثمن كل ثانيةٍ غبتِ فيها عني..خذِ راحتك،، ودعيني أنضجُ من الحرمان.. فرغماً عنكِ ستدفعين لي الحساب...

محبك: إياس وليس اليائس من التصريح بحبك♬♬

سلمت الأيادي

نهاية الفصل .... موعدنا القادم مساء الإثنين إن شاء الله



 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 04-04-16, 08:58 PM   المشاركة رقم: 54
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والخمسون)

 






الفصل الرابع والخمسون


اندفع الباب ببطء فوقفت من فوري وعيناي معلقتان به وشعرت بتوتر

كبير ما أن دخل صاحب ذاك الطول والشخصية والحضور الطاغي

نظر لي للحظة باستغراب بادئ الأمر قبل أن يقول بشبه همس

" دُرر علي رضوان ! "

وقفتْ حينها زوجته والتفتت له وقالت " وجدتها في الشارع تنتظرك

تحت الشمس , عليك أن تجد حلاً لمقابلة الناس "

نظر لها وتقدم ناحيتها ووقف بجنبها ثم نظر لي وقال " لو زُرتني

في مبنى الوزارة لكنت تركتهم أدخلوك "

نظرت للأسفل وقلت " من كان سيدخلني ؟ إن كانوا حرس منزلك

رفضوا ذلك فكيف هناك "

قال من فوره " هناك ستصلين لسكرتيري وهوا وحده من سيعترض

طريقك وما أن يحوّل أسمك لي أدخلك أو تحصلي على موعد

أما الحرس هنا فالأوامر مشددة عليهم "

رفعتُ نظري له وقلت " آسفة حقا على إزعاجكم لكن الأمر ضروري

ولا أحد بعد الله غيرك سيخدمني فيه "

أشار لي بيده لأجلس ثم قال ناظرا لساعته " عليا الخروج سريعا فهل

الأمر لا يحتاج وقتا طويلا أم نرى وقت آخر "

جلست وقلت " لن آخذ من وقتك الكثير "

جلس حينها مقابلا لي بعدما فتح زر سترته واستند بمرفقيه على ركبتيه

ناظرا لي ليزيد من توتري من وجوده وجلسته التي تشبه جلسة محققين

أكثر من كونها جلسة وزير وقال " بما أخدمك يا دُرر ولا تقولي بأنك

تريدي رؤية جدك فذلك ممنوع منعا باتا "

هززت رأسي بلا وجلستْ زوجته بجانبه فنظر إليها وقال بابتسامة

جانبية " هل عليك حضور الاجتماع معنا ؟ "

نظرت له بصدمة ثم وضعت يديها وسط جسدها وتحولت نظرتها للضيق

دون أن تتحدث ليصدمني بضحكته الخفيفة وقال وقد ركز نظره على

عينيها " قد تكوني جاسوسة "

تنفست بقوة وقالت ناظرة له " إحدى عشر عاما ولم تعرف حتى

الآن إن كنت جاسوسة أم لا "

قال مبتسما ولازال نظره على عينيها " هيا رافقتك السلامة "

وكزته بمرفقها وهمست له شيئا في أذنه فضحك ثم نظر لي وقال

" سيدة دُرر هل تسمحي بوجودها "

نظرت له باستغراب ثم لها وقلت مبتسمة " بالتأكيد فهي سبب دخولي

وكم كانت رائعة معي وكأني أعرفها من أعوام "

هز رأسه في أشارة لأتحدث فتنفست بقوة أمنع دموعي من النزول وقد

تذكرت حديث زوجته عن كرهه للضّعاف من الناس وقلت " بعد

القبض على جدي وحين استفقت في منزل عائلتي .... "

وسردت عليه القصة بأبسط ما أقدر عليه وهوا يستمع لي دون مقاطعة

وبملامحه الجادة ذاتها التي يبدوا أنها لا تتغير إلا مع زوجته وأنه لها

مكانة كبيرة جدا لديه , بعدما انتهيت مسحتُ عيناي بقوة مانعة دمعتي

من التسرب من رموشي وتنفس الجالس أمامي بقوة وقال

" طلب الاستقالة لم يصل مكتبي ! "

نظرت له بصدمة فهل هذا كل ما عناه في كل الأمر ! وهل أوقعتُ عم

ترجمان في مشكلة إن كان هوا من لم يوصل الطلب له ؟ كنت سأتحدث

فسبقني قائلا من بين أسنانه " علي رضوان !! ما أنذل ذاك الرجل

وأقبح أفعاله "

نظرت للأسفل وقلت بحزن " لن يشعر أحد بفظاعة ما مروا به من ظلمهم

مثلي لأني جربت مثلهم , ولم يقاسي منه أحد كأواس والله أعلم ما

سيلقى أكثر وهوا حي شبه ميت "

قال بذات جموده " والمطلوب مني الآن يا دُرر ؟ "

نظرت لزوجته التي لازالت تنظر لي بصدمة مما سمعت ثم له وقلت

" زوجي يا سيادة الوزير , لا أريد شيئا غيره فلقد بحثت عنه

كثيرا ولم أصل له "

ثم ملئت دموعي عيناي ولا مجال لإمساكها أكثر وتابعت بعبرة مكتومة

" فليمت أمامي ولا احرم من وجوده ما بقي له من عمر ولا يُحرم

هوا من رؤية ابنه "

تنهد بقوة ونظر للأرض لوقت ثم رفع نظره بي وأنا أمسح دمعتي

بظهر كفي وقال بجدية " هل لديك علم بالقانون الذي اصدر من

خمسة أعوام بشأن مصابي الإيدز ؟ "

نظرت له بصدمة ولم يترك لي مجالا للرد على سؤاله وقد تابع قائلا " هل

تعي معنى أن تأتي لوزير وتحكي له ما أخفاه زوجك عن الجميع كي لا

يُطبّق عليه القانون ويُحتجز في مركز مكافحة وعلاج ذاك المرض "

نزلت دمعتي من فورها وقلت بذات صدمتي " هل تعني أنك ستقبض

عليه وتسلمه للمركز ؟! "

نظرتْ له زوجته بصدمة لا تقل عن صدمتي وقالت " جااابر !! "

نظر لها وقال بحزم " أرجوان اجلسي في صمت فالأمر لا علاقة لك به "

قلت ودموعي بدأت تتساقط تباعا " أرجوك سيدي لا تفعلها به ويكون

ذلك بسببي أنا "

وقفت زوجته وتوجهت نحوي وجلست بجواري وحضنت كتفاي وأمسكت

يدي بقوة وقالت " توقفي عن البكاء من أجل وضعك وصحتك , وجابر

لن يفعلها بالتأكيد اطمئني "

قال حينها الجالس أمامي وبذات جديته " لن أفعلها شرط أن تنسي فكرة

البحث عنه فهل توافقي ؟ "

توالت عليا الصدمات ولم أعد أعرف ما أقول وبما أجاري هذا الرجل الذي

لا تعرف ما يدور بدماغه ولا فيما يفكر ولا يمكنك التكهن بردوده أبدا مهما

حاولت , قال عندما طال صمتي وصدمتي " لو كنتُ مكانه ما فعلت

غير الذي فعله , فهل وضعتِ نفسك مكانه لمرة واحدة ؟ "

زادت صدمتي التي لم تتوقف برهة وقالت الجالسة بجانبي تحضن

كتفاي " جابر ما هذا الذي تقوله ! لا قدّر الله ذلك , ولن أسمح

لك مثلما تفعل هي الآن "

نظر لها وقال بجمود " أرجوان التزمي الصمت قلت لك ولاحظي

فقط أنك امرأة وفكرتِ مثلها وأنا رجل وسأفكر مثله بالتأكيد "

ثم حوّل نظره لي وقال " هل يرضيك أن تريه أمامك لا يستطيع أن

يقترب منك ولا من ابنه ؟ هل سيعجبك أن تري الحسرة والانكسار في

عينيه وهوا يخشى عليكم منه ؟ أي حياة هذه التي سيعيشها معكم ؟

وأي حياة التي ستحضين أنتي بها ؟ "

فتحتُ فمي مبعدة شفتاي ببطء وقد ضاعت الحروف مني ولم أعرف ما

أقول ولا كيف سأتخيل الوضع أساسا فتابع قائلا " حياته الآن بمصاعبها

أهون عليه وعليك مئة مرة من وجوده معك فلا تضيقي الأمر وتنظري

له من جانب واحد مهملة باقي جوانبه "

هززت رأسي وقلت ببكاء " ضع نفسك مكاني وليس مكانه وستعذرني "

قال من فوره " لو الجالسة بجانبك الآن مكان زوجك لأبعدتها رغما عني

وعنها فمعاناتها بعيدا عنا أهون مئة مرة من معاناتها وأبنائها أمامها "

قلت بصدمة " تتخلى عنها !! "

قال من فوره " لا ... يمكنني احتوائها والبقاء بجانبها لكن كل شيء سيتغير

يا دُرر فسأجد نفسي بحاجة لامرأة تملأ الثغر في حياة أبنائي وسألجأ لغيرها

حتى في وجودها ولن أفعل لها شيئا سوا البقاء بجانبها حتى تموت "

مسحتُ خداي بقوة وقلت " لن تتركها مهما كان , ها أنت قلتها بنفسك "

قال مباشرة " نعم لكن إن ابتعدت من نفسها لمكان لا تريد أن يلحقها فيه أحد

كما فعل زوجك فلن أسعى خلفها أبدا فما قررتْ ذاك القرار إلا وهي أعلم

الناس بنفسها وأنه لا يمكنها البقاء بقربي , وعليك أن تفهمي أن

الرجال ليسوا كالنساء يا دُرر "

وقفتُ حينها بصعوبة وقلت ببحة " آسفة على أخذي من وقتك

وشكرا لرحابتكما "

ثم تحركت جهة الباب أستند بكل ما أمر به حتى خرجت وشعرت حينها

بيدين أمسكتاني وكانت زوجته تساعدني على السير وقالت متوجهة بي

لباب القصر " سأتحدث معه يا دُرر وأعدك أن أقنعه ليبحث لك عنه

فأنا أشعر بك حقا , وهوا قال ما قاله لمصلحته ومصلحتك فقط "

قلت بحزن ونحن خارجان للحديقة " لا يمكنني قول غير أنه معه حق في

كل ما قال , فليلهمني الله الصبر في مصابي "









*~~***~~*








ما أن اقتربت السيارة من الحاجز الحديدي المطوق لذاك المنحدر الجبلي علمت

أنها النهاية ولن يمسك ذاك السياج السيارة عن السقوط ومن ثم الانفجار , مددت

يدي في حركة سريعة لحقيبتي وأمسكتها بقوة لحظة انحرافي بالسيارة محاولة تجاوز

الذي لا يمكن تجاوزه , وما أن اصطدمت السيارة بالحاجز فتحت بابها وقفزت منه

ومن سرعة السيارة قفزت هي قفزا بينما ارتميت أنا مرتطمة بأرض الجبل بقوة

وتدحرجت بعدها عدة لفات صارخة من شدة الألم وصوت انفجار السيارة قد دوى

مرتفعا يردد صداه الجبال المحيطة , وكل ما كنت أفكر فيه أن أمسك الحقيبة بكل

قوتي فقد رأيت السيارتان وقفتا في الأعلى ومؤكد رأوني , زحفت بعدها مبتعدة

عندما انفتحت أبواب السيارتين وتوجهتُ لأقرب شجرة واستندت بها ووقفت بصعوبة

وسرت بخطوات متعثرة من الآلام في ساقاي أمسك يدي التي يبدوا أنها كُسرت لأني

استندت بها ما أن سقطت على الأرض كي لا يكون الكسر في ضلوعي أو عمودي

الفقري , مسحتُ الدماء التي سالت من طرف جبيني ويبدوا وجهي قد أصيب بعدة

خدوش وتابعت خطواتي مبتعدة بين الأشجار ووقفت عند إحداها وفتحت الحقيبة

بيد واحدة ورميتها أرضاً وأخرجت منها المشرط الموجود فيها ورميتها بعيدا عكس

طريقي كي لا يسلكوا هذه الطريق ما أن يصلوا , سرت قليلا ثم وقفت وجلست على

إحدى الصخور الكبيرة ونظرت لساقي لأكتشف الجرح الذي فيها والدماء التي نزلت

محدثة أثارا خلفي فقلت من بين أسناني " سحقا سوف يجدوني بسهولة "

لم يكن أمامي من حل غير أن أمزق البنطلون بالمشرط بسرعة وبدأت أحاول لف

الجرح لكن الأمر كان صعبا بيد واحدة والأخرى لا يمكنني تحريكها أبدا , حاولت

مدها لقدمي فصرخت بألم وسمعت لحظتها خطوات راكضة تقترب من هنا فها قد

عرفوا مكاني بسهولة من تتبع أثار الدماء , وقفت سريعا محاولة الركض بخطوات

متعثرة بسبب ألم ساقي , أركض ممسكة يدي اليسرى واجتزت مجموعة من الأشجار

ووقفت مكاني حين وقف أمامي شاب بابتسامة خبيثة وشامتة فتراجعت للخلف

عدة خطوات قائلة " ماذا تريد مني ؟ "

تقدم نحوي ببطء قائلا بذات ابتسامته " تعلمين جيدا ماذا أريد يا ابنة صيّاد "

التفتُّ لأهرب منه ووقفت مكاني مصدومة ليس من الشاب الآخر الذي ظهر

أمامي وهما من قالا سابقا أنهما ابنا خالي وخالتي بل من هشام الواقف معه

يديه في جيوبه ينظر لي مبتسما بسخرية فقلت من بين أسناني

" هكذا هم الأوغاد يجتمعون دائما "

قال بسخرية " والدليل اجتماعنا بك الآن أليس كذلك "

حاولت التحرك رغم أن هروبي منهم مستحيلا وهم ثلاثة وأنا مصابة لكني

حاولت الفرار يمينا فأسرع من كان خلفي وأمسك بيدي المكسورة وشدها نحوه

بقوة فصرخت بتألم ونزلت للأرض فلواها خلف ظهري لتخرج صرختي أعلى

وقد شعرت بألم فيها لم أشعر به حياتي ونزلت دمعتي رغما عني فأنزلت رأسي

للأرض الجالسة عليها وقلت بصعوبة " أترك يدي فهي مكسورة "

ضغط عليها بقوة أكبر فدسست وجهي بين ركبتاي أخفي صراخي المتألم

وسمعت هشام قائلا " كوني عاقلة أو كسرنا الأخرى "

رفعت وجهي له وقلت بحقد " لو لم تكن جبانا لواجهتني وحدك "

ضحك وصفق بيديه وقال " اسمعوا ما تقول ؟ تضن نفسها رجلا

لتواجهني وهي أضعف من نملة حقيرة "

قلت من بين أسناني " اقسم لو كنت وحدك لعرفت كيف أقطّعك

إربا يا جبان "

ركلني بحدائه على وجهي ركلة لفت رأسي جانبا وشعرت بوجهي

تحطم بسببها وقال " أوقفها "

أوقفني الممسك بي في الخلف رافعا إياي من يدي المكسرة وقد أمسك الأخرى

معها وما كان أمامي سوا الوقوف كي أخفف الألم المنتشر خلال ذراعي كاملا

أمسك ذقني بأصابعه ورفع وجهي له وقال بابتسامته الخبيثة " وقعتِ أخيرا
يا لصة فكم انتظرت خروجك وحيدة ومبتعدة عن العاصمة "

حركت وجهي بقوة ليبتعد عن قبضته لكنه شد على ذقني بقوة أكبر

وقال من بين أسنانه " جاء وقت تصفية الحساب يا حشرة "

نظرت له بكره وبصقت في وجهه فأبعد يده بسرعة ومسح وجهه بظاهر كفها

متقززا ثم صفعني بقوة صفعة شعرت أنها حطمت فكي الذي لازال ينزف بسبب

خدوشه فرفعت رأسي بقوة ليبتعد شعري عن وجهي ونظرت لهما وقلت بغيظ

" اللوم ليس عليك يا نجس بل على من يفترض أني من لحمهما ودمهما

ويشاركانك في هذا ... التبّع الأنذال "

شد الواقف خلفي على يدي المكسورة فأمسكت نفسي بصعوبة عن

الصراخ المتألم وهمس في أذني " هذا حين نعترف بك أساسا "

ثم قال الواقف خلف هشام " لا تنتسب لدمنا واحدة من عائلة سارقة

وستُرجعين أرض خالتي وجدتي وخالي رغما عنك "

نظرت له وقلت صارخة بحدة " لم آخذها لأرجعها والقانون

أمامك وإن كان لك حق فطالب به "

اقترب مني وشدني من شعري رافعا وجهي له وقال بغيظ " رغما عنك

ستوقعين لنا كما سلبها والدك الطيب الحنون منهم واستولى عليها

هوا ووالدتك "

نظرت له بثبات أخفي به أي توتر أو خوف وقلت " إن كان ثمة غش

أو تزوير لما اتبعت هذه الطرق الخسيسة لاسترجاعها "

ابتسم بسخرية وقال " ما رأيك بليلة جميلة وأمسية لن تنسيها

أبدا مع ثلاثتنا "

نظرت له بصدمة وشعرت بجسدي ارتجف بأكمله وقلت بغير

تصديق " أنا عرضكم يا أندال "

ضحك رافعا رأسه للأعلى وترك شعري وقال هشام " لا تخلّوا

بالاتفاق بعدما تأخذون توقيعها وتتركوا انتقامي منها "

نظرت لهما بصدمة , النذلان يتقاسمانني بينهم بكل جرأة ووقاحة , قلت

ناظرة لهما " عمي لن يرحمكم أقسم أن تروا منه ما لم تتوقعوه "

دفع هشام وجهي جانبا بإصبعه وقال بسخرية " هذا إن وجدك وعلم بأمرنا

فكما توقعت لازلتِ مغتره بنفسك ولم تخبري أحدا عما بينك وبيننا

ثلاثتنا وهذا خطئك الفادح يا جميلة "

نظرت له بكره وحقد وقلت " ثمة من يعلم عنكم وسيخبرهم "

ضحك الواقف خلفي ممسكا لي وقال " لا تقولي أنها الفتاة الحمقاء

الأخرى التي تعيش معك "

صُدمت لمعرفتهم بالأمر وقال الواقف أمامي " تلك في طريقها لمدينة

والدتها وستختفي قبل أن تفتقدك لأننا سنلحق بها ومصيرها سيكون

ذات مصيرك "

صرخت حينها محاولة الإفلات منه " أنذال ... أقسم إن مسستم

سراب بسوء أن تندموا "

ضحك هشام وقال " ومن سيعاقبنا يا قذرة ؟ زوجك الذي يبدوا طردك

من منزله تعيشين مع فتاة لا تقرب لك أم عمك الذي يبدوا قد حذا حذوه "

حاولت تحرير يدي السليمة من قبضته فشد على يدي المكسورة بقوة وأنزلني

أرضا وشعرت حقا أن نهايتي اقتربت وعلى يديهم لكنهم لم يعرفوا ترجمان بعد

ولن أستسلم لهم ولو قتلت نفسي , لكن كل خوفي الآن على سراب لذلك أمامي

خطة واحدة قد تفشل فشلا ذريعا لكن لا حل غيره , صرخت بتألم من

عصره لذراعي بقوة وقلت " توقف سأوقّع لكم ما تريدون "








*~~***~~*








غادرنا قصر الوزير عائدتان للعاصمة ولم أتحدث أبدا ولم تسألني صباح

عن شيء , أنظر ليداي في حجري وكل كلمة قالها تدور في ذهني منذ ركبت

السيارة وغادرنا , وكأن جميع حواسي ماتت وحتى دموعي تجمدت تماما

ورفضت النزول , ما أن دخلنا العاصمة وسلكنا شوارعها حتى

قالت صباح " يبدوا لقائك به لم يثمر عن شيء يا دُرر "

نزلت حينها الدمعة التي لا أعلم أين كانت طوال الطريق وقلت بأسى

" أثمر يا صباح لكن ثماره كالعلقم ومليئة بالأشواك "

تنهدت بحزن وقالت " لا تحكي شيئا ولا تتكلمي الآن فعليك أن

تنامي قليلا وترتاحي وسنلتقي فيما بعد "

هززت رأسي بحسنا دون كلام بل بدون وعي مني لشيء حولي فما أقساه من

يوم هذا اليوم من أوله , يا رب اكتب لي الأجر وسامح بكائي وحزني , يا رب

أنت وحدك تعلم ما بي ففرج كربتي يا مفرج الكروب , وصلنا المنزل ونزلت

بعدما شكرتها واعتذرت منها لتعبها في انتظاري كل ذاك الوقت ثم دخلت المنزل

فكان غيّاث يقف وسطه مستندا بكتفه على باب غرفته وقال ما أن رآني " أرى

قدمك قد طالت في غياب شقيقك ونسيتِ أنه ثمة رجل آخر تأخذين الإذن

منه وتخرجي معه بدلا من التسكع مع جارتكم "

قلت بضيق " أعتقد أنه لا علاقة لك بي , وأنا وصباح لم نكن نتسكع

ووالدتي على علم بخروجي "

قال بسخرية " قوليها لشقيقك حين يرجع وليس لي "

تركته كي لا أكثر الكلام معه وتوجهت لممر غرفتي وسمعته يقول

بصوت مرتفع " أمي تُجهزي نفسك , يومين وستسافرين معي فلستِ

بحاجة لأناس لا تريدنا "

تجاهلت كل ما قال وسمعت وتابعت طريقي لغرفتي , أي مصيبة حلّت علينا

أنت يا غياث ؟ والكارثة أن يكون سيسافر بخالتي حقا , فتحت باب غرفتي

ودخلت فوجدت والدتي ترتب ثيابي المغسولة في خزانتي فتوجهت للسرير من

فوري واضطجعت عليه برفق من قبل حتى أن أنزع عباءتي فالتفتت والدتي لي

وقالت " استحمي وغيري ثيابك أولا , لا تنامي بهذه العباءة فستضايقك "

أغمضت عيناي وقلت بهدوء حزين " أعلم أمي وسأصلي أيضا , كنت

أريد أن أرتاح قليلا فقط فلم يعد يمكنني الوقوف "

بعد قليل شعرت بها تجلس على السرير وقالت ماسحة على شعري

برفق " ماذا حدث معك يا دُرر ؟ هل قابلته أم سترجعان غدا "

قلت وعيناي ما تزلان مغمضتان " انسي الأمر برمته أمي "

ثم فتحت عيناي وجذبت حقيبتي التي رميتها على السرير وأخرجت هاتفي منها

وجلست مستندة بيدي واتصلت بقصي فأجاب من فوره وقال من قبل أن أتحدث

" لا شيء حتى الآن يا دُرر وسأستمر في البحث باقي الأسبوع فثمة كوخ يسكنه

رجل مسيحي سأذهب له غدا فقد أخبروني أنه يعرف كل من يأتي ويستقر هنا "

مسحت دمعة تمردت على رموشي وقلت ببحة " ارجع اليوم يا قصي

وأوقف بحثك عنه "

قال بصوت مصدوم " لما !! ماذا حدث يا دُرر ؟ "

قلت بعبرة مكتومة " أخشى أن أضرّه يا قصي وقد كدت أفعلها اليوم

فارجع وانس كل هذا الأمر يا أخي "

ثم أنهيت المكالمة مودعة له دون أن أعطيه أي مجال للرد فيكفيه ما رآه

بسببي فمنذ وجدني وهوا مُسخر لي كالعامل لدي لا هم عنده سوا راحتي

وتلبية رغباتي وفعل كل ما أقوله , ومن أنانيتي لم أفكر بأحد إلا نفسي حتى

أواس نفسه كدت أسلمه لهم بنفسي لولا تغاضى الوزير عن الأمر , وضعت

يدي على عيناي وبكيت بحسرة وألم فحضنتني الجالسة بجانبي وقالت بحزن

" يكفي يا دُرر ارحمي نفسك وارحميني معك يا ابنتي "

قلت ببكاء " لن أبكي مجددا يا أمي فاتركيني أبكيه للمرة الأخيرة فإن

بكيته كل عمري لن أوفي مكانته في قلبي وحسرتي عليه "








*~~***~~*










أخرج أحدهما ورقة وقلما وقال " وقعي هذه بسرعة "

حركت كتفاي وقلت " أترك يدي بما سأوقع لكم ... بلساني ؟ "

ضحك الواقف خلفي وقال وهوا يترك يدي السليمة فقط

" فكرة جيدة .. بصمة لسان "

قلت من بين أسناني " نكتة سخيفة "

سحبني جهة صخرة متوسطة الحجم قائلا " تحركي وخلصينا "

كتمت كل ألمي قائلة بصعوبة " بالرفق فيدي مكسورة كم مرة سأقولها "

دفعني قائلا " تحركي من نفسك إذا إن كانت تؤلمك "

وصلنا للحجر وهما خلفنا ووضع الورقة عليها ومد لي بالقلم وقال

" وقعي بسرعة "

أخذته منه وكل تفكيري في من يمسكني في الخلف فلن ينجح شيء وهوا

خلفي ممسكا بي هكذا وفي يده نقطة ضعفي وهي اليد المكسورة التي أشعر

أنها تمزقني من الألم , أمسكت القلم وقلت بتألم " اترك يدي فهي تؤلمني

كيف سأوقع هكذا ؟ ولا تخافوا فلن أهرب منكم ويدي مكسورة

وساقي مجروحة وأنتم ثلاث رجال "

تركها حينها وقال " خلصينا لنرى "

رغم تركه لها إلا أنها لازالت تؤلمني بشدة ولا أستطيع الضغط على قدمي

بسبب الجرح وهم ثلاثة , التخلص من اثنين سيكون سهلا لوقت قصير أهرب

فيه لكن الثالث سيلحقني بالتأكيد , شعرت بخيبة أمل كبيرة وجُل خوفي على

سراب أما أنا فإن لم أستطع النجاة منهم فسأخلصهم مني , قبضت على يدي

بقوة وأشعر بفظاعة هذه الورطة التي أنا فيها ولا يمكنني التكهن بخداعهما له فلن

يسمحا له بمس شرفي وهما يقربان لي مهما كانا يكرهانني وقد يكون غرضهما

خداعه ليوصلهما لي فقط أو ليخرج لهم بتوقيعي لكن ذلك يبقى فرضيات والأنذال

أنذال ويفعلون أي شيء ولن يعبئوا بي ولن يفتقدني أحد الآن ولا باقي اليوم حتى

أكون فيما الله وحده يعلمه , وإن خرجت من تحت أيديهم حية سيكون لوم الجميع

علي وأولهم إياس وعمي , فالأول ذهبت رغم رفضه وحرصه والآخر سيُحمّلني

المسئولية لأني لم أخبره سابقا , ادّعيت أني أوقعت القلم ونزلت لرفعه وحركت

يدي قليلا حتى أخرجت المشرط مخفية له في راحة يدي ونظرت للورقة

وقلت " ثمة أخرى , هذه وحدها لن تجدي "

رفعها وقال ناظرا لها " عماد هل تركت الأخرى في السيارة ؟ "

قال الآخر من فوره " نعم ضننت أنه لا حاجة لها "

قال من بين أسنانه " مغفل ألم ترى طلب التوقيع أسفلها "

ثم رمى بالورقة على الصخرة أمامي وقال " أليس غريبا أن تخبرينا

ولا تستغلي الأمر لصالحك ! "

قلت من فوري " كي لا ترجعوا لمطاردتي مجددا ولأرتاح من رؤيتكم "

ضحك هشام وقال " ما تزال تتخيل أنها ستعيش ؟ مسكينة "

صررت على أسناني ولم أعلق لأن الواقف بجانبه قال " اذهب

وأحضر الورقة بسرعة يا عماد "

وكانت هذه فرصتي فسيصبحان اثنان الآن وسأنفذ مخططي إن نجح أو

فشل , أمسك هشام بشعري ورفعني للأعلى وهمس في أذني " نهايتك

على يدي يا جميلة وسأجعلك تندمين على اليوم الذي ولدتِ فيه "

رفعت رأسي للأعلى مع حركة شده لشعري ودُرت قليلا حتى كان الآخر مقابلا

لي وحرّكتُ المشرط في يدي مخرجة لرأسه من قبضتي وأشعر بالدماء تسيل من

كفي بسبب جرح نصله الحاد له , لا وقت أمامي وسيرجع الوغد الثالث سريعا

لففت يدي للخلف في حركة سريعة وقوية وغرست المشرط في فخذه بقوة خرجت

معها صرخته وفي حركة سريعة حركته جانبا وهوا مغروس في لحمه وأشعر بقلبي

سيخرج من مكانه فلم أتخيل يوما أن فعل هذا الأمر أفظع من تخيله , أفلت شعري

بسرعة وقبل أن يفيق الواقف أمامي من صدمته ركلته بين ساقيه بكل ما في قدمي

السليمة من قوة ضربة جعلته ينحني أرضا يصرخ من الألم وتحركت حينها بأسرع

ما لدي متجاهلة أي ألم في ساقي وقدمي وركضت ركضا لم أتخيل أن أركضه مع

كل ذاك الألم فيهما , كنت أركض دون هدى ولا هدف وأسمع الصراخ خلفي ومؤكد

لن يتشاجرا بل يصرخا للحاق بي ومؤكد يصرخان على الثالث ليأتي سريعا , وبما

أن ذاك القذر هشام فخذه مصابة فهوا في مثل حالتي إنما الآخر فكل الخوف منه

تحاملت على ألمي محاولة الإسراع أكثر لكني بدأت أفقد الشعور بساقي والتحكم

بها ووقعت أكثر من مرة ومؤكد سيلحقون بي سريعا وهذه المرة لا فرصة للنجاة

منهم أبدا , استمررت في السير المتعثر بأقوى ما لدي ودموعي بدأت بالنزول دون

توقف فما أصعب أن تجد نفسك على شفير الهلاك وفرصك للنجاة قليلة , وما أشد

أن تجد العدو من خلفك والبحر من أمامك بل هما عدوان فالبحر يمكنك دخوله

وإيجاد أي حل به ولو الموت فيه غرقا , بدأتْ أصواتهم تقترب مني وأدركت أنها

نهايتي هذه المرة فلففت حول أول شجرة وصلت لها لأصطدم بشيء بقوة أدركت

بعد لحظة صدمة أنه صدر رجل وما أن فكرت في التراجع للخلف حتى طوقتني

ذراعاه بقوة شهقتُ منها شهقة فزع وخوف وبكاء قوية فها هوا ما خفت منه قد

حدث , شدني لصدره بقوة أكبر وخرج صوته قائلا بحزم " أريدهم الثلاثة

ولا واحد منهم يفلت منكم , بسرعة تحركوا "

لأدرك حينها صاحب هذا الصوت بل الصدر العريض الذي لا يملكه أي منهم

ثلاثتهم ومن فزعي وخوفي لم أنتبه للفرق , رفعت يدي السليمة وتمسكت به بقوة

أدس وجهي في صدره أكثر وقلت ببكاء " أمــ .. أمسكوا بي ... يــ .. يريدون

اغتصابي وقتلي , إيــ ... ــاس أين كنت "

شدني لصدره أكثر وقال " أنا هنا لا تخافي لن يمسك أحد بأذى "

بقدر ما شعرت بالأمان في وجوده بل لم أصدق أنه ظهر في مثل هذا الوقت

العصيب بقدر ما زدت في بكائي ونحيبي وتعلقي به وكأنه سيهرب مني بينما

اكتفى هوا بضمي لصدره وطمأنتي بكلمات لم أفهم أغلبها من شدة بكائي حتى

أغرقت قميصه بدموعي , وبعد وقت اقتربت منا خطوات كثيرة حتى توقفت

أمامنا وقال أحدهم " هؤلاء هم ثلاثتهم سيدي وأحدهم مصاب "

قال حينها بغيظ " حسابكم معي يا حثالة , هل تظنوا أني غافل

عنها يا مجرمين ؟ "

ثم قال بأمر " خذوهم من وجهي أريدهم في المركز وليتكفل أمين

باحتجازهم حتى أستلم عملي يوم غد "

وتحركت الخطوات مجددا مبتعدة فأبعدني عنه ممسكا لذراعي فصرخت

بألم جعله يتركها بسرعة وقال " ما بها ؟ هل أنتي بخير "

أمسكتها بقوة وقلت ناظرة للأسفل " لقد كُسرت وساقي مصابة أيضا , هذا

غير الرضوض الكثيرة التي أشعر بسببها أن جسدي تهشم "

أمسكها برفق ورفعها على صوت أنيني المتوجع وانحنى واضعا لها على كتفه

خلف عنقه ثم حملني عن الأرض فتمسكت بعنقه بيدي السليمة ودسست وجهي

فيه ولا أعلم ما به بكائي لا يتوقف أبدا وكأني لازلت هاربة ومطاردة منهم ولم

يأتي لإنقاذي , سار بي كثيرا لا أرى شيئا ولم يتحدث ولم أسمع سوا صوت تكسر

الأغصان تحت وطأة حذائه وخطواته فقلت بعد وقت ولازال أخفي وجهي في

عنقه " لا تلمني يا إياس , أعلم أني مخطئة وأنه لو لم تأتي لا تعلم

ما سيحدث لي , كل ذلك أعرفه "

لاذ بالصمت لوقت ثم قال " انتهى كل شيء يا ترجمان "

صدُمت من كلماته ولم أعرف ما يعني بها ولم أستطع أن أبعد وجهي

وأنظر له فقال بذات هدوئه " انتهى كل ذلك والمهم أنك بخير "

تمسكت به أكثر ودفنت وجهي فيه أكثر ولم أشعر بأنه أماناً لي كاليوم

والآن وبأني أحتاجه فعلا في مثل تلك اللحظات









*~~***~~*








بعد السير مسافة ثلاث ساعات ونصف بالسيارة وصلتُ أخيرا لمنزل والدتي

فلِما حكم قدري وقدرها أن تكون بعيدة عني هكذا ؟ لما عليا أن أكسر ظهري

من الجلوس في السيارة لأصل لها ؟ تنفست بقوة وهمست مستغفرة الله ونظرت

للمنزل الكبير أمامي فهذه المرة الأولى التي أزورها فيها وكل ما أخشاه مقابلة

وتقبّل زوجها لي , نظرت لهاتفي مستغربة من ترجمان التي أغلقت هاتفها على

غير عادتها ولم تتصل بي حتى الآن ولم أفهم هل ستلحق بي أم ستبقى ؟ ولِما

اتصلت وسألتني إن ذهبت أم لا ! جالت فكرة في رأسي أن أتصل بعمها وما

كنت قررت ذلك حتى انفتح باب المنزل وكانت والدتي أمامه بابتسامتها الحنونة

فرميت كل تلك الأفكار وتوجهت نحوها مسرعة وارتميت في حضنها متمسكة

بها بقوة أجاهد دموعي كي لا تنزل ولم تترك هي عبارة ترحيب لم تستقبلني

بها والسعادة والشوق ظاهران في صوتها , ضممتها أكثر وقلت بحزن

" اشتقت لك أمي اشتقت حقا "

قالت بعبرة ماسحة على رأسي " وأنا أكثر منك مشتاقة لك يا ابنتي "

فانهرت حينها باكية وضاعت كل محاولاتي تلك لإمساك دموعي ولم

يوقفني سوا الصوت الرجولي الغليظ الفخم الذي جاء من خلفها قائلا

" مرحبا بك في منزلي يا سراب "

فابتعدت عنها سريعا ومسحت دموعي ناظرة للرجل الذي كان يتقدم نحونا

كان في الخمسين من عمره تقريبا ولا يبدوا كبيرا أبدا وكان ثمة عرج أو

إعاقة في إحدى ساقيه ويتحرك بمساعدة عصى برأس مذهب وكانت ثيابه

فاخرة مرتبة ومشيته ونظرته تدل على هيبته ومركزه , وصل عندنا

فمددت يدي له وصافحته قائلة " سررت بمعرفتك عمي "

صافحني مبتسما واكتفى فقط بقول " وأنا كذلك "

رغم ما سبق وقاله عني وعن شكه بما صرت عليه إلا أني لم أفكر إلا في نسيانه

فهذا الرجل سيبقى حلقة مرتبطة معي ووالدتي وعليا تقبله كي لا احرم منها أو

أحرمه هوا من بقائها بجانبه فأي خلاف بيني وبينه سيكون له معنا واحدا إما أن

تذهب والدتي معي وتتركه أو أخرج أنا من حياتهما وأنسى حتى أن أزورها من

وقت لآخر , دخلنا وجلسنا في صالون الاستقبال وجلس زوجها معنا وهذا مؤشر

جيد فقد توقعت أن يغادر ويتركنا , قال ما أن جلس " كيف حالك وحال

زوجك ؟ مؤكد تتحدثين معه "

قلت متجنبة النظر لعينيه " بخير وسيصلون بعد يومين "

قال من فوره " يعني لن يطول بقائك هنا ؟ سيكون متعبا لك أن ترجعي

مجددا من أجل استقباله , ووالدتك تعشمت في أسبوع كامل تقضيه معها "

شعرت بالدماء جفت في عروقي ونظرت لوالدتي على الفور فمؤكد زوجها لا

يعلم بالخلاف بيني وبين آسر وأني أعيش في منزل لوحدي ولو علم ما استقبلني

فهوا لم يرضى بي إلا بعدما تحدث معه آسر وأخبره أني زوجته وشهد لي أمامه

فأن يعلم الآن بما بيننا ستكون كارثة , وقف وقال " خذي راحتك يا سراب

وأعدّي المنزل منزلك "

ثم غادر من فوره حيث لا أعلم ولم أهتم وقالت والدتي هامسة " سأجد

عذرا أخبره به فلا تفكري في المغادرة يا سراب "

نظرت لها وهززت رأسي بلا وقلت بحزن " لا حجة لي ولن يصدقك أبدا

لا بأس سأقضي معك هذان اليومان فقط ثم أرجع لمنزلي فليس في

صالحنا أن يعلم ما بيني وبين آسر "

قالت بجدية " سبق وقلتها له وأكررها يا سراب لن أتركك وسأغادر معك لو

رفضك يوما أو أذاك بكلمة وعمك ليس سيء طباع ستعرفينه بنفسك وتصدقي

كلامي , ولولا إصرار آسر لأخبرته أنك تعيشين وحدك وجلبتك معي هنا أو

ذهبت للعيش معك هناك خير من قلقي عليك طوال الوقت وكل ليلة يزورني

ألف هاجس أن يصبك مكروه ولن ينفعني الندم حينها "

نظرت ليداي في حجري وقلت " سأزورك في وقت آخر فالأيام

أمامنا طويلة "

أمسكت يدي وقالت " سراب أنتي اخترت هذا الوقت كي لا تكوني

هناك وقت عودته أليس كذلك ؟ فلا تذهبي "

لذت بالصمت ولم أرفع رأسي ولم أنظر لها فقبضت على يدي بقوة

وقالت " جربي أن تتحدثا إذاً ووضحا وجهات نظركما لبعض فأسلوب

الصمت والهروب لن يجدي "

قلت بغصة " لا يريد يا أمي , هذا الشيء هوا من فرضه لا أنا , يريد

الصمت وإخفاء كل شيء عني ولازال حتى الآن يخضعني لاختباراته

الغبية ولم يتعلم مما حدث أبدا ولا يرى نفسه مخطئا "

تنهدت وقالت " قد لا يكون يراه اختبارا يا سراب ومنظور الرجال

للأمور يختلف عنا نحن النساء "

رفعت رأسي ونظرت لها وقلت بعينان دامعة " وبما أفسره وما سيكون

غير ذلك ؟ توقفي عن الدفاع عنه يا أمي وضَعي نفسك مكاني "

ضمتني لحضنها وقالت بحنان " أشعر بك يا سراب أقسم أني أشعر بك

وأوبخه كلما اتصل بي ويتهرب دائما من إبداء رأيه فيما أقول وحين

هددّته بأن أجلبك هنا ولن يراك أبدا غضب مني "

قلت ببكاء " ليس من حقه أن يغضب وهوا من تركني , كم أشعر أني

وحيدة وحزينة يا أمي , ليتك فقط لم تتزوجي ووجدتك في انتظاري

وبقيتِ معي للأبد "

ضمتني بقوة أكبر وقالت بعبرة مكتومة " هذا قدرنا يا سراب , لقد حرموني منك

طفلة عمرها عامين فقط كبرتِ بعيدا عن عيني أتحسر عليك كل يوم وليلة وأتمنى

فقط أن يخبروني إن كنتِ حية أو ميتة لأرتاح , وحين عدتِ حُرمت منك

مجددا ولم أعد أعرف كيف أقسِم نفسي بينكما لنصفين "

بقيت على بكائي الصامت في حضنها لوقت حتى أبعدتني عنها ومسحت دموعي

وأوقفتني تريني منزلها الفخم الكبير الذي لا يسكنه أحد غيرهما والخادمات وعاهدنا

نفسينا أن نقضي هذان اليومان معا بلا حزن ولا دموع ونستغل كل دقيقة , وبالفعل

قضيت معها يومين لم تترك مكانا لم تخرجني له ولم نتناول وجبة في المنزل وكنا

نخرج للمطاعم والمنتزهات وقد خرج معنا زوجها مرة واحدة فقط بسبب أشغاله

وكان رحبا معي رغم يقيني أن كل ما يفعله من أجل والدتي لا من أجلي









*~~***~~*








نظرتُ ليدي المجبّرة ثم للواقف مستندا بباب غرفتي في المستشفى مكتفا يديه

لصدره ينظر لي بصمت فمددت شفتاي بعبوس وحوّلت نظري منه للواقف

بيننا يداه وسط جسده ينظر لي بغضب عاقدا حاجبيه أنتظر انفجاره الذي جاء

سريعا وقال بحدة " هل أعلم موقعي من كل هذا أم تروني طفلا أمامكما "

كنت سأتحدث فأشر لي إياس بإصبعه على شفتيه لأسكت فتنهدت بأسى ولذت

بالصمت فقال عمي بذات حدته " اللوم ليس عليك ولا عليه بل عليا أنا "

ثم نظر لإياس الذي حوّل نظره لي وقال بابتسامة " جيد اكتشفنا قدراتها

المخفية فقد أصابت واحدا منهم وهربت منهم وهي مصابة "

عضضت شفتي أمسك ضحكتي وقال عمي بغضب " لا يا سيادة الضابط

أسعدتني حقا ؟ قل الآن كيف تعلم عنهم ولا تخبرني "

قال بهدوء " كم مرة قلتها لك يا خالي , كنت فقط أراقب منزلهما من وقت

لآخر ووضعت جهاز تعقب في السيارة وحين اختفت إشارتها علمنا أن شيئا

ما حدث لها وكل هذه احتياطات غفلت أنت عنها حين عارضتُك في عيشهما

وحدهما وأنت رفضت .. أم نسيت ؟ "

قال له بضيق " ظننتها عاقلة وكبيرة وظننتك بعقل كبير ستعرف كيف

ترجعها وتأخذها معك "

ثم نظر لي وقال بذات ضيقه " وأنتي حتى متى كنتِ تنوين إخفاء الأمر

عنا ؟ حتى يقتلوك واستلمك جثة "

لعبت بطرف اللحاف بين أصابع يدي السليمة الملفوفة بشاش بسبب جرح

كفها وقلت بهدوء " قلت ألف مرة أني آسفة وأني كنت مخطئة يا عمي "

قال بغضب " وما سنفعل بأسفك إن حدث لك شي ؟ تكلمي "

تمتمت بعبوس " خرج إياس في الوقت المناسب وانتهى الأمر "

قال بذات غضبه " لا لم ينتهي وستخرجين من هنا معي لمنزلي

وصديقتك معك أيضا "

كان إياس سيتحدث فقاطعه قائلا بحزم " ولا كلمة أخرى , ظننتكم رجالي الذين

أعتمد عليهم في كل شيء وسلمتكم الضعيفات اليتيمات وخذلتموني , فإن لم يجدن

فيكم الأزواج فسيجدن فيا الوالد ولن تخرج واحدة منهما من منزلي ولن تريا

ظفريهما , ودُرر يوم سأسمع فقط أن عائلتها أزعجتها سأجلبها معهما ولن

أتضايق منهن عمري كله ولن أعتمد عليكم وعلى أمثالكم مجددا "

ثم نظر لي وقال بحزم " قفي هيا لنغادر "

نظرت لإياس الذي أشار لي بإصبعه أن أرفض فابتسمت بمكر وحركت

كتفي رافضة فنظر لي بتوعد تجاهلته وغادرت السرير قائلة " حاضر يا

عمي فقط لا تغضب مني "

فخرج مغادرا وأنا اتبعه أجر قدمي ببعض الصعوبة بسبب جرح ساقي حتى

مررت بإياس الذي أمسك بيدي موقفا لي وقال هامسا " ظننتك تعشقين

التحدي ورفض الأوامر فما تغير الآن "

نظرت له بابتسامة مشاكسة وقلت هامسة مثله " ما حدث منذ

يومين غيرني هل تصدق ؟ "

ضغط على يدي ونظر لي بمكر وقال " تتغيرين من ناحية عمك

فقط يا محتالة "

ضحكت بصمت وفي حركة خاطفة قبلت خده وقلت مغادرة من الباب

" أمري لم يعد في يدي فتفاهم مع خالك "

وخرجت للذي ينتظرني خارجا ولازال ينظر لي بضيق ثم قال مخاطبا

الذي خرج خلفي " عد لعملك بسرعة يكفيك استهتار "

ضحكتُ ضحكة صغيرة ولم أشعر حينها سوا بأني طرت للأعلى ووجدت

نفسي بين ذراعيه وقال ضاحكا " حاضر سيدي وسأوصلها في طريقي

ترى بنفسك لا يمكنها المشي "

فسار أمامنا قائلا ببرود " لازلت بكامل صحتي ولن أعجز عن حملها

لكن لا بأس بما أنه آخر لقاء لك بها "

سار بي خلفه قائلا " خالي وحد الله ما هذا الذي تقوله ؟ "

تجاهله تماما فتمسكت بياقة سترة بذلته وهمست مبتسمة

" تستحقها رغم أنه تأخر كثيرا "

نظر لي بضيق وقال " تصمتي أو أوقعتك على الأرض "

ضحكت وتمسكت به أكثر ودفنت وجهي في عنقه قائلة " أتحداك أن تفعلها

وسترى عمي ما سيفعل لك بما أني مصابة ويدي مجبّرة وجسدي كله

ضمادات وليس بإمكاني أخذ حقي منك "

توقفت حينها خطواته وسمعت عمي قائلا بأمر " أنزلها انتهت مهمتك "

أنزلني حينها قائلا بحنق " كان يمكنني تجاهلك وأخذها لسيارتي , فقط لتعلم

أني أحترمك ولا أريد عصيانك "

أشار لي بإصبعه على باب السيارة قائلا بحزم " بسرعة لأوصلك

وأجلب شقيقتك التي ستصل لمنزلها بعد قليل "

فتحركت من فوري وركبت في الكرسي المجاور للسائق وتوجه هوا لبابه

ليفتحه فنظرتُ لإياس الواقف مكانه وهوا يؤشر لي بيده على أذنه بمعنى

هاتف فهززت رأسي بلا مبتسمة وركب حينها عمي وأغلق الباب

ونظر لي وقال " بما كان يخبرك ؟ "

نظرت له بصدمة وقلت " لا شيء "

فتحرك بالسيارة مسرعا ومجتازا له قائلا بحزم " لن يروكم حتى يعرفوا

قيمتكم وأنّ ثمة من ورائكم فالرجل إن لم يجد شخصا سندا للمرأة يخاف

منه يتحول لحمار متوحش "

كتمت ضحكتي بيدي فقال بضيق " ما يضحكك ؟ "

قلت بضحكة " وهل هذا حالك مع زوجتك التي لا أحد لها ؟؟ "

نظر لي بغضب فقلت من فوري " آسفة نسيت أنه لها شقيق "

قال بحدة " بل أنا من لست كالبقية ولن أستغل ذلك أبدا يا سليطة

اللسان فاحترميني "

وكزته بمرفقي وقلت مبتسمة " مرحبا بك عمي في عالم الواقع , كنتَ

فعلتها سابقا ووضعت أصبعك في أعينهم "

نظر للطريق وقال بجدية " لأكون عادلا فها قد أعطيتهم الفرصة أولا

واستخفوا بي وبكما وسيريان الآن "

نظرت له باستغراب وقلت " أعطيتهم الفرصة قبلنا ! "

قال بحزم " نعم وهل تظني صمتي عنهم نائم عما يجري ؟ لا يا ابنة شقيقي

وسيعلمان الآن ما أضاعا من وقت "

رفعت كلتا يداي حتى المجبّرة وقلت بحماس " مرحى لعمي أرنا فيهما قدراتك "

قال ببرود " اجلسي مكانك فأنا لم أسامحك بعد ومصيرك مثلهما "

نظرت له بعبوس ولم أتحدث لأن أي كلمة ستفجره من جديد وسيلقي باللوم

علي مجددا وما سيخلصني منه حينها , نظرت للمرآة الجانبية حيث كانت

سيارة شرطة تتبعنا وهي لإياس بالتأكيد وما هي إلا لحظات وتحدث عمي

في هاتفه قائلا " للمركز فورا ولا أرى سيارتك مجددا أو كان حسابك معي "

نظرت له مبتسمة على صوت ضحكة إياس في الهاتف وقال شيئا لم أفهمه

فقال عمي بضيق " مخصوم من راتبك تحت بند العقوبات ولأول مرة في

تاريخك ولن تكون الأخيرة "

ثم أنهى الاتصال معه فنظرت للمرآة وللسيارة التي أطلقت صفارات الإنذار

واجتازتنا مسرعة وابتسمت حين تذكرت كيف منعه خالي اليومين الماضيين

من الدخول لي في غرفتي في المستشفى , لا أنكر أن نظرتي له تغيرت جذريا

بعدما احتجته ووجدته وكما قالت دُرر علمت أن له أهمية في حياتي وأحتاجه

مثلما اعتبر هوا أن لي قيمة عنده وقلق عليا وتعقب تحركاتي دون أن يكبلني

ويقيدني بأوامره وأفكاره المتعصبة , لكن عليه أن ينال عقابه من خاله كي

يعلم أنه لن يسكت له في القادم فلا يهزأ بي مجددا









*~~***~~*








نظرتُ لباب المركز الطبي أمامي وتنفست بقوة وشددت العزم للدخول وفي يدي

الورقة التي تحمل اسم الفتاة التي أرسلني لها خالها الذي يكون رئيس زوج دُرر في

عمله وزوج عمته وقال أن الأمر ليس بتلك السهولة وقد يضره شخصيا ووحدها

من ستخدمني في هذا الأمر فعليا أن أتأكد من سلامة دُرر وابنها دون أن يعلم أحد

فلن أرتاح والظنون تلعب بي هكذا , نظرتُ للورقة مجددا وغاب ذهني لحديثها

معي بعد عودتي وهي تطلب مني إيقاف البحث عن زوجها وإلغاء حتى المكافئة

المالية التي وَضعتْ فيها كل ما ترك لها مقدرا نقدا ولا أعلم ما حدث بعدي جعلها

تقرر ذاك القرار !! ركزت نظري على الاسم في الورقة ( سدين أشرف خياط )

ولا أعلم لما غاب تفكيري لتلك الفتاة في المستشفى التي حين خرجتُ من الطبيبة

مغادرا وجدتها مع الطبيب الذي يبدوا مشرفا عليها وكان يوبخها وكل ما قالته

له ووقع في أذني ( لا أحتاج لشهادة الكفاءة التي تجعلني أتغاضى عمن يحتاج

مساعدتي , فكيف إن كانت عجوز عاجزة عن الحركة تترجى أن يساعدها أحد )

تلك الفتاة جلبت لنفسها المشاكل لتساعد غيرها وكان ضميرها أهم عندها من

غرضها من عملها هناك , ولا أنكر أني ثاني يوم حين عدت لإخراج دُرر شيء

ما في نفسي تمنى أن أقابلها مجددا بالمصادفة فتلك الفتاة تبعث فيك الفضول من


تمسّكها بمظهرها الذي تعلم جيدا أنه عكسُ دواخلها وأنه سبب جُل مشاكلها على

ما يبدوا , طويت الورقة ودسستها في جيبي فبما أن الفتاة ليس لديها علم بقدومي

فعليها أن لا ألفت الأنظار بأني جئت من أجلها وهنا ستكون المهمة الصعبة فعليا

إيجادها وكل أملي في أنّ مركز كبير ومعتمد كهذا يكونوا يعلقون أسماء موظفيه

في ثيابهم كتعريف , لست أعلم ما غرضه حين لم يخبرها بقدومي ولا يريد أن

أخبرها أنه من أرسلني وكأنه يختبرها بي ولولا ثقة دُرر به لشككت في أمره

وما فهمته من كلامه أنه لن يظهر في الصورة أبدا وإن تعقدت الأمور سيخرجها

من المشكلة بمعرفته لكن الغريب كيف وثق من أنها ستساعدني بدون أن يطلب

هوا منها ذلك ؟؟ يبدوا يخشى أن يُكشف أمرها ويضغطون عليها فتشي به ورجل

شرطة مثله لن يكون سهلا أن تُكتب كهذه المخالفة في سجله , هززت رأسي راميا

منه كل تلك الأفكار ودخلت فالمهم عندي الآن أن أتأكد من سلامة دُرر ولا يعنيني

بأي طريقة سيكون , وسيكون عليا إقناع الفتاة فخالها قال بلسانه ( إن لم تخدمك هي

في هذه فلن يخدمك أحد وإن رفضت فالمشكلة بك وليس بها ) ولست أعلم ما يعني

ولا أفهمه فذاك الرجل يبدوا لي كثلة من الغموض والغرابة فهل خشي على نفسه

ولم يخشى على ابنة شقيقه ؟! دخلت وتوجهت لوجهتي متتبعا اللافتات وسلكت ممرا

طويلا حتى وصلت للجزء المخصص بأقسام التحليلات والمختبرات فهذا المركز كبير

يحوي حتى على أقسام للمرضى واللجنات طبية ومعروف جدا خاصة بعد القانون

الأخير الذي أصبحت به جميع المراكز المتخصصة في الإيدز تابعة للدولة , وكُثر

انتقدوا هذا القرار في البداية وظنوا أنه سيمنع أي شخص شك في نفسه من اللجوء

لهم مخافة احتجازه لكنهم اكتشفوا إيجابياته فيما بعد لأن من شك بإصابته سيلجأ

للتحليل والكشف ليرتاح وترتاح نفسيته حتى إن كان المقابل الاحتجاز إن كان

مصابا فلا أحد يختار العيش في دوامة الشكوك خاصة مع مرض كهذا , وصلت

صالة الاستقبال وتقديم نتائج التحاليل وكان ثمة فتاة منشغلة بكتابة شيء ما وكما

توقعت كان أسمها معلقا على جيب معطفها الطبي لكنه لم يكن الاسم

المقصود, رفعت نظرها بي وقالت " نفضل يا سيد بما أخدمك ؟ "

نظرت حولي وقلت " أنا في انتظار صديق لي سيصل أولاً فهل يمكنني

انتظاره هنا قليلا "

أشارت بيدها وقالت مبتسمة " بالتأكيد تفضل اجلس هناك "

ثم عادت لما تفعل وتوجهتُ أنا للصالون الجلدي الأسود الذي يأخذ مساحة

كبيرة من المكان وجلست هناك في انتظار الفتاة التي لا أعلم أين ستكون في

هذا الجزء الواسع من المركز ولا كيف سأجدها وما علمته منه أنها تعمل في

المختبرات أي أن فرص خروجها قد تكون شبه معدومة فلمْ يصنع بي خالها

خيرا أبدا بأن سدّها عليا من جميع الطرق ولم يخبرها لتنتظرني , مر الوقت

والدقيقة تلحقها الأخرى جالس مكاني أنظر لساعتي بتململ والجميع يتحرك

حولي إلا أنا وكلما خرجت فتاة ترتدي معطفهم الخاصة بهم حيث لكل قسم هنا

لون ياقة مخصص في المعاطف نظرت لاسمها بتمعن وبلا فائدة , هوا طلب أن

أكلمها اليوم ولا يمكنني المغادرة دون رؤيتها ولست أعلم حتى متى سأنتظرها

جلستْ قريبا مني امرأتان واحدة كبيرة في السن والأخرى أصغر منها ولاحت

في بالي فكرة أن أطلب من إحداهما أن تسأل عنها وبذلك لن يشك أحد بي أو

بها , وما أن فتحت فمي لأتحدث حتى نادت التي خلف الطاولة قائلة

" سدين لحظة من فضلك "

فنظرت خلفي على الفور وكل ما في تفكيري التأكد من أسمها الكامل لكن عيناي

علقت على ملامحها ونظرتُ لها بصدمة حين وجدتُ أنها تلك الفتاة لا غيرها

فوقفت على طولي وركزتُ نظري على اسمها وهي تقترب من الطاولة النصف

دائرية وكان بالفعل ( سدين أشرف خياط ) فخرجت مني ضحكة صغيرة منخفضة

فمن الذي رتب لهذه المصادفة ! لم يكن في بالي أن تكون الفتاة ذاتها , ذات المظهر

والفصوص والوشم لم تتغير أبدا ولم يؤثر بها شيء مما سمعته في ذاك المستشفى

فما أغربها من فتاة متمسكة بقناعاتها مهما كانت العواقب ؟ وفوق كل ذلك خالها

عقيد في الشرطة وشقيقها ضابط مع زوج دُرر !! ومما لا شك فيه أنها واجهت

هنا أصعب مما واجهته في ذاك المستشفى , اقتربتُ منهما قليلا وتلك تتحدث

معها قائلة " المرأة هناك تسأل عنك "

وأشارت بالقلم في يدها حيث المرأتان اللتان جلستا جواري فالتفتتْ لهما

وتوجهت نحوهما دون أن تنظر جهتي فادعيت أني أنظر لساعتي وعدت

بخطواتي خلفها ثم جلست على الكرسي على مسافة منها ما أن وقفت

وقالت لهما " بما أخدمك يا أمي ؟ "

قالت المرأة الكبيرة في السن وهي تدقق بها " أنتي التي طلبناها ؟ "

قالت برحابة " أجل يا جدة وأنا في الخدمة تفضلا "

وكزت العجوز المرأة التي بجانبها وقالت من فورها " تحركي يا عائشة نرى

مركزا آخر , هذه لا يبدوا تفهم شيئا من شيء ومكانها السينما وليس هنا "

نظرتُ لقفاها أمامي بشيء من الفضول والترقب وكما توقعت ضحكت وقالت

بذات نبرتها الهادئة الرقيقة ورحابتها " جربيني يا جدة لا تحكمي عليا بتسرع "

قالت المرأة " ابني من الأطفال اللذين تلقوا اللقاحات في مستشفى جنوب العاصمة

ووصلنا كلام عن أنه يجب إخضاع جميع الأطفال للفحص والتحليل لشكوك

حول الحقن ونريد التأكد "

قالت من فورها " ابنك في أي يوم تحديدا ذهب لتلقي الجرعة "

أجابتها المرأة قائلة " اليوم السابع من الشهر الماضي "

قالت من فورها " هل ظهرت عليه أعراض زكام خلال الأسبوع الأول

أو طفح جلدي بسيط واختفت فيما بعد "

وطرحت عليها مجموعة من الأسئلة ثم قالت " ورد حديث عن هذا اليوم

لكنها شائعات أكثر من كونها صحيحة ولا أحد يريد التصديق "

قالت المرأة من فورها " وما يؤكد لنا أنها شائعات ؟ "

ضحكت وقالت " أخبرتك أنه لم يصدقنا أحد "

ثم أخرجت دفترا صغيرا من جيب معطفها وقلما وقالت وهي تكتب فيه

" أعطني أسمه وعمره وأحضريه لي في الغد واطلبيني بالاسم حسنا يا أمي "

أعطتها اسمه وعمره من فورها ثم قالت المرأة " باركك الله يا ابنتي فهذا ثالث

مركز ندخله ويرفضون طلبنا ويقولون أنها شائعات فقط لكن ما الذي يريح قلب

الأم , وقد دلتني عليك جارة لي أحضرت ابنها لكم "

أعادت الدفتر لجيبها وقالت " طلبك على رأسي يا أمي وإن حدث لي

شيء منعني من المداومة غدا فعودي في وقت آخر وأنا في الخدمة "

هزت رأسها بحسنا وقالت العجوز مركزة على وجهها " أنتي لما تفسدين

جمالك هكذا ؟ اغسلي وجهك ولدي ابن سأزوجك به لطيبة أصلك وحسنك "

ضحكت الفتاة من فورها وأمسكت أنا ضحكتي بصعوبة فشدتها المرأة معها قائلة

" أمي يكفي فنحن ما صدقنا أن وجدنا من يلبي لنا مرادنا فاتركي الفتاة وشأنها "

وغادرتا معا وتبعتهم هي عائدة من حيث أتت فوقفت وتبعتها وما أن مرت

بالقرب من الطاولة حتى قالت الجالسة خلفها مبتسمة " لم أرى من يزيد على

نفسه الأعمال مثلك ؟ كل يوم نصف ساعة زيادة عن وقت مغادرتك "

أشارت لها بيدا ضاحكة وتابعت طريقها ولازلت أسير خلفها حتى كنا في

ممر خالي تماما فاقتربت منها أكثر وقلت بهمس " يا آنسة "



نهاية الفصل ....
دقائق ونزل الفصل الخامس والخمسون


 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي  
قديم 04-04-16, 09:06 PM   المشاركة رقم: 55
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : برد المشاعر المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي رد: حصون من جليد / بقلمي برد المشاعر (الفصل الثالث والخمسون)

 






الفصل الخامس والخمسون



وقفتْ من فورها والتفت وقالت بهدوء " تفضل بما أخدمك ؟ "

نظرتُ للذي مر بجوارنا وتركته حتى ابتعد ثم نظرت لها وقلت " أريدك

في أمر شخصي بعيدا عن الأنظار ولن آخذ من وقتك كثيرا "

نظرتْ لي باستغراب فقلت مبتسما " لا تتسرعي بالحكم علي أو

تفهمي كلامي بشكل خاطئ "

فاجأتني بضحكتها الرقيقة المنخفضة وقالت " لو كانت غيري لفرحت

ضنا منها أنه عرض زواج "

نظرت لها بصدمة بادئ الأمر ثم ضحكت وقلت " لا أنتي متأكد من

أنك لن تفهميها هكذا "

نظرت لي باستغراب وكانت ستسأل عن شيء ومؤكد ( هل تعرفني سابقا )

لكن قاطعها الذي مر بنا قائلا ويديه في جيوب معطفه " الدكتور عوني

يطلبك بعد نصف ساعة آنسة سدين "

وتابع طريقه فتمتمت بعبوس " يا يوم التوبيخ هذا "

ابتسمت مركزا على ملامحها ووضعت يداي في جيوبي وقلت " هناك

معلومة تقول أن أكثر الناس اجتذابا للمشاكل لأنفسهم هم أعقلهم في هذا

الزمن المعكوس في كل شيء "

نظرت لي وقالت بتوجس " ما سر كل هذا المديح ؟ ماذا تريد مني ؟ "

ابتسمت ابتسامة صغيرة فهذه الفتاة يبدوا أنها لم تعد تثق بأن ثمة من ينظر

لها بعيدا عن ظاهرها , قلت بذات ابتسامتي " لا تتسرعي في الحكم علي "

أبعدت نظرها وعيناها الواسعة عن وجهي في حركة تذيب الحجر فكيف برجل

وقالت ببرود " أعتقد من حقي أن أتسرع , ولا تكون تقصد بالحديث بعيدا عن

الأنظار أن نخرج من هنا معا لأني لست من النوع الذي يصوره لك عقلك "

قلت من فوري " أخبرتك أني لا أراك كما يصور لك أنتي عقلك "

فتحت باب الغرفة بجانبها وقالت داخلة لها " أتمنى أن أصدقك "

فدخلت خلفها وهززت رأسي مبتسما فهذه الفتاة حقا فقدت الثقة في الناس رغم

أنها لم تفقد ثقتها في نفسها , كانت الغرفة بطاولة من الخشب وكرسيين عدا

الكرسي الجلدي خلفها وتبدوا مكتبا صغيرا , قالت ما أن وصلت عند الطاولة

" طبعا لن نغلق الباب واهمس همسا أو اكتب لي في ورقة لا دخل لي "

حركت الكرسي بضحكة صغيرة وجلست عليه وقلت " كما تشائين

وأنا لدي شقيقة ولن أرضى لك وما لا أرضاه لها يا آنسة "

دارت خلف الطاولة وجلست على الكرسي الجلدي وقالت ناظرة لي

" بما يمكنني خدمتك يا سيد "

نظرت للطاولة وتنفست بقوة ثم رفعت نظري لها مجددا وقلت " لدي

شقيقة حامل زوجها من أشهر اكتشف إصابته بالإيدز وما عدت أعلم إن

كانت هي مصابة أم لا ولا أريد أن يحتجزوها وابنها حال تبثث إصابتها

ومستعد أن أطير بها للقمر ولا تؤذي أحدا المهم أن تكون أمام ناظري "

نظرتْ لي بصمت وكأنها تنتظر أن أكمل حديثي ثم قالت عندما طال

صمتي " وكيف لم يخضعوها للفحص عند احتجاز زوجها فهذا

ضروري وقانون تابت ؟؟ "

نظرت ليدي على الطاولة وقلت " لم يُسلم نفسه "

قالت بهمس مصدوم " وكيف علم إذا ! "

تنهدت بضيق ورفعت نظري بها مجددا وقلت " ليس ما في ذهنك

حدث ولم تكن له علاقات بنساء لكن الأمر حدث وهوا متأكد منه "

جالت بنظرها بتفكير لبرهة ثم نظرت لي مجددا وقالت " هل تعي معنى

خرق قانون كهذا ؟ وأنه إن أصيب شخص آخر بسبب شقيقتك أو ابنها

أني سأكون المذنبة قبلك أنت "

قلت بجدية " أقسم لن يحدث وحياتي دون ذلك فقط تبقى شقيقتي

معي يكفيني حُرمتُ منها كل سنين حياتي "

هزت رأسها بحيرة وقالت بحزن " تلك مأساة , فكم من رجال جلبوا المرض

لزوجاتهم وأبنائهم بسبب استهتارهم وتدني أخلاقهم لتدفع زوجته الثمن معه

لكن أن يكون الزوج ليس من أصحاب تلك الطرق الآ أخلاقية فالمصيبة

أعظم بكثير "

ثم نظرت لي وقالت " ومن أخبرك أني سأخدمك في هذا فأنا لم يسبق وفعلتها

صحيح أني أعمل فوق ساعات عملي وأقبل إجراء اختبارات لعينات ليست

مدرجة في لائحة المركز وأتحمل مسئوليتها لكن أن أخترق القانون فهذه

من أخبرك عنها وكذب علي "

قلت ونظري لم يعد يمكنني إبعاده عن عينيها أحببت أم كرهت ذلك فهذه الفتاة

كالبحر كلما تحدثتْ أكثر وغصتَ في طريقة تفكيرها وعقلها انجذبت لها أكثر

" لم يخبرني أحد واخترتك لأني ما أن رأيتك أول مرة علمت أنك ممن يفصلون

بين التفكير بمنطق وعاطفة , بين الواجب والإنسانية وبين ما نفعل لأنه

مفروض علينا فعله وما نفعله لأننا نريده ومقتنعون به "

نظرت لي لبرهة دون أي ردة فعل ثم اتكأت بخدها على راحة يدها المسندة

مرفقها على الطاولة ونظرت لي وقالت بتنهيدة " من قال أن المريخ لا سكان

به ؟ لقد صدقتْ رغد الغبية "

نظرتُ لها باستغراب ولم أفهم شيئا مما قالت فأبعدت يدها وقالت " لن أشرح

لك ما قلت طبعا , وقبل أن أخدمك بأي شيء أخبرني من أين تعرفني

وكيف حكمتَ عليا هكذا فأنت حالة شاذة في تاريخ حياتي "

خرجت ضحكتي رغما عني وقلت " بل أنتي الحالة الشاذة فلم أرى من

تتمسك بمبادئها مثلك لتثبت لنفسها قبل غيرها أنها ستكون كما تريد إن

دارت الأرض أو توقفت "

ضربت بيدها على مجموعة الأوراق أمامها ورفعت منها واحدة ووضعتها

بين وجهي ووجهها وقالت " أنت أيها المريخي قل من أين تعرفني لتحكم

عليا هكذا "

ضحكت ناظرا للورقة البيضاء التي حرمتني بها من رؤية وجهها وقلت

" التقيت بك سابقا في المستشفى الذي كنتِ تعملين فيه ويبدوا أنك لا

تذكرينني من كثرة ما كنتِ تساعدين من يحتاجك , لكني أذكرك جيدا "

رفعت ورقة أخرى ووضعتها مع التي في يدها وقالت " يبدوا أن

واحدة لم تفي بالغرض "

ضحكت في صمت وقالت هي بجدية " اسمع سأقبل فعل ما طلبت ليس

بسبب كلامك عني طبعا , ولا تأتي فيما بعد تطلب أن أفعلها لشخص

آخر أو تدل غيرك علي مفهوم "

قلت مبتسما ونظري على أصابعها البيضاء الرقيقة التي تمسك الورقتين

" أعدك لن أفعلها ثقي بي كما أثق بك , وأزيلي هذه الأوراق فأنتي

تشعرينني بأنك خائفة مني "

قالت من فورها " وتتوقف عن النظر لعيناي وعن كلامك ذاك "

قلت بضحكة صغيرة " حاضر رغم أنها الحقيقة ولم أكذب أو أجامل فيها "

وضعت الأوراق ووقفت قائلة " سأدخِل عينة شقيقتك بدلا عن عينة

أخرى لكن الأمر لن يكون الآن فأعطني شهرا , هل ستنتظر ؟ "

وقفتُ وأخرجت لها الأنبوب الذي يحوي دم دُرر ووضعته أمامها

وقلت " موافق المهم أن يطمئن بالي "

رفعتها وقالت ناظرة لها " جيد عليا سحب المصل الآن وحفظه

فالمدة طويلة "

ثم نظرت لي وقالت " لا يكون الدم لك أنت وتريد خداعي "

نظرت لها بصدمة فقالت قبل أن أتحدثت " أعذرني لكن عليك إعطائنا

عينة من دمك لأفحصها قبل هذه وأتأكد أنها ليست لك "

قلت من فوري " لك ذلك "

أخرجت دفترها ذاك من جيبها وقلما وقالت وهي تكتب فيه " وفي هذه

الفترة لتكن شقيقتك حذرة وإن حدث معها نزيف خدها لهذه العيادة , هناك

طبيبة أسمها رجاء عمران أخبرها أنكم من طرفي وسأتحدث معها "

ثم مزقت الورقة ووضعتها أمامي على الطاولة وتحركتْ من خلفها فرفعتُ

الورقة وتبعتها بنظري ثم غادرت خلفها وهي متوجهة جهة الباب خارجة

منه وقلت " ألن تأخذي مني العينة ؟ "

قالت مغادرة يسارا " لا حاجة لذلك مادمت وافقت فلن يكون الدم لك بالتأكيد "

وغادرت مبتعدة دون أن تعطيني حتى فرصة لشكرها , كم هي فتاة غريبة

حقا , سرت يمينا من حيث جئت وتمتمت هامسا بابتسامة " ورائعة أيضا "

وها قد علمت الآن لما قال خالها إن لم تخدمك فيها لن يخدمك أحد ولما كان

واثقا من موافقتها فهذه الفتاة ستكون نهاية عملها بسبب طبعها الخدوم , نظرت

للورقة في يدي مغادر من هناك ولخطها الرقيق المرتب وابتسمت ووضعتها

في جيبي هامسا " شهر كامل وهذه الورقة برفقتي ؟ هذا كثير عليا يا سدين "








*~~***~~*










مدت لي الكوب فأخذته منها وقلت مبتسمة " لم أكن أعلم أن كسر

اليد أمر رائع هكذا "

ضحكت وقالت " ما أغربك يا ترجمان ! مع كل ما مررت به تري

أن كسر يدك أمر رائع ؟ "

تنفست بضيق وقلت " أنا أهوّن الأمر على نفسي فلا تنكدي

عليا يا ابنة زوجة عمي "

ضحكت وقالت " حسنا يا ابنة شقيق زوج والدتي خُدي علاجك قبل

أن توبخني زوجة عمك "

بلعت الحبتين وشربت الماء وأعطيتها الكوب لحظة ما طرق أحدهم باب

الغرفة ودخل فكانت سراب التي نظرت لي بصدمة وقالت وهي تقترب مني

" كنت أريد توبيخك على سيارتي التي تركها ذاك الأحمق لتضيعيها أنتي

ولم أتصور أن حالتك هكذا !! "

ثم حضنتني بقوة قائلة " حمدا لله على سلامتك يا ترجمان كدنا أن

نفقدك حقا , وحمدا لله أني لم أكن معك في الحادث "

ضحكت غدير وقلت أنا بتألم " آلمتني يا غبية ابتعدي فعظامي جمعها تؤلمني "

ابتعدت عني وقالت وهي تلمس خدي بأطراف أصابعها " ما كل هذه

الكدمة ؟ هذا كله من جنونك في القيادة فكم حذرتك "

أبعدت يدها وقلت " هذه ليست من الحادث بل من قدم ذاك القذر "

نظرت لي باستغراب فقلت " اجلسي وسأحكي لك ما حدث فلا تصدعي

رأسي بأسئلتك عن كل شيء كيف حدث لي "

جلست معي على السرير ومقابلة لي وقد خرجت غدير وأغلقت الباب وكانت

عيناها تتسعان شيئا فشيئا كلما تقدمت في سرد الأحداث حتى انتهيت ففاجأتني

بأن انفجرت ضاحكة فنظرت لها بضيق وقالت هي من بين ضحكاتها

" هذا كي لا تتمني مكان غيرك مرة أخرى ومؤكد تذكرين أنك حسدتِ

دُرر على ما مرت به من تشويق "

قلت ببرود " فرق كبير بين ما مرت به وما مررت به أنا فهي لم

يختطفها أحد ولم تكن على وشك الموت "

تنهدت وقالت بحزن " بل هي مرت وتمر بما لم يمر به أحد "

ثم نظرت لي وقالت " كم حذرتك من التهاون في أمرهم يا ترجمان "

لوحت بيدي وقلت بضيق " يكفيني توبيخ لا ينقصني لومك الآن "

قالت من فورها " معه حق يدق عنقك أيضا فماذا إن لم يذهب لإنقاذك "

نظرت بعيدا وقلت ببرود " هوا لم يوبخني بل عمي من كاد يأكلني حية

ثلاث أيام أسمع منه كل ما لد وطاب "

قالت باستغراب " تقصدي أن زوجك لم يلمك ولا مجرد اللوم ! "

هززت رأسي بلا دون كلام فقالت " لا هذا الرجل ليس طبيعيا , أقسم إن

كان آسر مكانه لجلدني في الشارع أمام الناس وجعلني عبرة لمن لا يعتبر "

رفعت غرتي خلف أذني بأطراف أصابعي وقلت " بل كان يريد أخذي

للمنزل لولا رفض عمي "

نظرت لي بنصف عين وقالت " وتعلمنا الدرس يا ترجمان أم ليس بعد "

رفعت كلتا يداي وقلت باستسلام " تعلمته جيدا وتبت عن قيادة السيارة "

أمسكت وسطها بيديها وقالت " ليس القيادة أعني بل المسكين الذي

يفترض أن يكون خلف المقود "

قلت ببرود " وسامحي أنتي زوجك لنرى "

قالت بضيق " لا تقارني يا ترجمان ولا تستمري في غبائك "

عدلت يدي المجبّرة وغطيتها باللحاف وقلت " حسنا يبدوا أني

غيرت رأيي به قليلا "


ضحكت وقالت " قوليها لغيري فعيناك تقولان أكثر من ذلك بكثير "

قلت مبتسمة بمكر " وعمي هذه المرة سيشفي غليلي منه بما أني لن أقدر عليها "

قالت باستغراب " وأنا جلبني من باب المنزل وقال أنه سيرجعني لأخذ باقي

ثيابي وأغراضي ولم أفهم شيئا ولم أجد وقتا لأسأله لأنه أكمل الطريق

يتحدث بهاتفه "

حركت كتفي وقلت " قال أنه لن يتركنا لهما ولا لأحد من الآن وصاعدا

ولن يريا ظفرينا فقد شملك في إعصار غضبه مما حدث معي "

نظرت لي باستغراب وقالت " ونبقى هنا !! "

تنهدت وقلت " لن يرضى ببقائك في المنزل لوحدك يا سراب وقال من الآن

وصاعدا أنه المسئول عن ثلاثتنا حتى دُرر إن ضايقها أحد من عائلتها "

قالت بضيق " وأين كان سابقا وأنا تحت رحمة أحد رجاله ؟ هل الآن

بعدما استقللت في منزل ملكي تذكرني ؟ "

قلت بهدوء " لا تنسي أنه لم يخبره أحد بما يحدث معك لَما وقف متفرجا "

قالت بذات ضيقها " يكفيه أن يرى المنزل ليعلم بحالي , ثم من سيوافق

أن أعيش في منزل رجل غريب عني "

قلت ببرود " لا تهولي الأمر فمنزله به ثلاث نساء الآن أم تري العيش

وحدك أفضل "

كانت ستتحدث فقلت قبلها " هوا قرر فاتركي الأمر له فأنتي لا دخل

لك ولن يلومك أحد , ولعله يُعلّم ذاك الأحمق زوجك درسا "

تنهدت باستسلام وقالت " أنا وحدي بين ثلاثتنا من بقيت ضائعة , حتى

والدتي كالغريبة عني أزورها لوقت محدد فقط "

قلت بحزن " يكفيك وجودها فوحدي التي ظهر أنها بلا أُم فليتهم يتركوني

أزورها ولو مرة في العام , فاحمدي الله أنها على قيد الحياة "

مسحت دمعة تمردت على رموشها وقالت بحزن " كم أتمنى أن نسعد

ونخرج من بؤسنا فحتى دُرر التي وجدت عائلتها تعيش في حزن لا

يعلمه إلا الله "

قلت بتذمر " سراب من يزور مريضا عليه أن يخفف عنه ويسليه لا

أن ينكد عليه بالمآسي والأحزان "

قالت بابتسامة حزينة " يكفي أننا على قيد الحياة حتى الآن ونرى

بعضنا , أليس هذا رائعا ؟ "

انفتح باب الغرفة حينها ودخلت منه زوجة عمي وقالت مبتسمة " سراب

الغداء جاهز هيا انزلي وغرفتك ستكون جاهزة في وقت قصير "

كنت سأغادر السرير فقالت " أنتي ابقي مكانك ستحضر لك الخادمة

طعامك هنا , وعمتك اتصلت وقالت أنها قادمة هي وابنتيها بعد الغداء "

قلت بتذمر " يمكنني النزول , لما أتناول الطعام وحدي ؟ "

قالت بضحكة " أوامر عمك طبعا فها قد وجدتُ أخيرا سجينة معي في

هذا المنزل الواسع لتسليني "

قلت ببرود " الله أكبر كلٌ يفكر في مصلحته "

ضحكتا معا وغادرتا وتركوني وحدي هنا فلا شيء أصعب على واحدة مثلي

من أن تكون سجينة غرفة , رن هاتفي بجانبي فنظرت له فكان أسم إياس يضيء

شاشته فابتسمت ولم أجب عليه طبعا وما هي إلا لحظات ووصلت منه رسالة

ففتحتها وكان فيها ( لا تقنعيني أن عمك يمسك عنك هاتفك ) فقرأتها ولم أجب

عليه فأرسل بعد قليل ( لست غاضبا منك ولتعلمي فقط أنك أميرتي

في كل حالاتك )

فضحكت وأبعدت الهاتف عني كي لا أضعف وأفعلها وأجيب عليه , دخلت

الخادمة حينها بصينية الطعام قائلة بابتسامة " يضحك وحدك لماذا ؟ "

أشرت لها بيدي وقلت " هاتي ما في يدك , أشعر بالجوع لذلك أضحك

من فرحتي بقدوم خطواتك "







*~~***~~*









فتحتُ باب المنزل ودخلت ووضعت الأكياس في المطبخ ثم توجهت لغرفة

النوم وما أن دخلت وجدت ندى واقفة عند باب الحمام وتبكي بصمت

فتوجهت نحوها من فوري ونزلت عندها وقلت ماسحا دموعها

" ما بها حبيبة بابا ما يبكي ابنتي ؟ هل ضربتك والدتك ؟ "

نامت في حضني وقالت باكية " ماما مريدة "

نظرت لباب الحمام باستغراب ثم وقفت على طولي وطرقت الباب

على صوت تقيئها القوي وقلت " رغد افتحي الباب ما بك ؟ "

بعد قليل انفتح الباب وخرجت منه تنشف وجهها بمنشفة في يدها وتوجهت

للسرير من فورها فلحقت بها قائلا بقلق وخوف " ما بك ؟ هل يؤلمك شيء ؟ "

جلست على السرير ورمت المنشفة جانبا وقالت بصوت متعب

" لا شيء بسام لا تقلق "

ثم مدت ذراعيها لندى التي صعدت لها للسرير فورا ونامت في حضنها

فجلستُ بجانبها ومسحت على طرف وجهها مبعدا الخصلات التي علقت

في وجهها بسبب الماء وقلت ناظرا لوجهها " لن تقنعيني بكلمة لا شيء فأنا

لاحظت اصفرار وجهك من أيام فقفي لآخذك للمستشفى "

هزت رأسها بلا وقالت " لا داعي لذلك يا بسام سأكون بخير "

قلت بضيق " صدَق خالك حين قال ما أفلحكن النساء في رفضكن

الذهاب للمستشفى "

نظرت جهتي تمسح على شعر ندى وقالت بابتسامة متعبة " على أساس

أنتم الرجال تذهبون له ؟ أقسم أنكم تصيبوننا بالجنون حين تمرضون

ونترجاكم ترجي أن تزوروا الطبيب ورؤوسكم كالجدار "

قلت من فوري " ليس وقته الآن فهيا غيري ملابسك لآخذك للمستشفى "

قالت مبتسمة " سأخبرك شيئا واتركنا من فكرة المستشفى هذه "

نظرت لها باستغراب فمالت متكئة برأسها على كتفي وهمست في أذني

" ألم تلحظ شيئا هذا الشهر "

فكرت قليلا ثم قلت مبتسما " أعوذ بالله رحمتني منها تسرق أسبوعا

في كل مرة "

ضحكت ضحكة صغيرة وقالت " ألم تسأل نفسك عن السبب "

نظرتُ لها بصدمة وهي تبتعد عن كتفي ثم قلت بهمس مصدوم

" حامل !! "

هزت رأسها بنعم مبتسمة فانفجرت ضاحكا فوكزت بمرفقها وقالت بضيق

" ما يضحكك فيما علمت ؟ هذا بدل أن تفرح "

قلت بضحكة " قلنا نؤجلهم لا أن تحملي بعد زواج عزام بشهر ونصف "

قالت مبتسمة " والله أراد هذا هل سنعترض ؟ ثم الخطأ عليك وليس عليا أنا "

أمسكتُ يدها وقبلتها ونظرت لندى وأشرت لها بعيناي فقالت بهمس

مبتسمة " نامت من كثرة ما بكت المسكينة "

ضحكت ومررت أطابعي في شعرها وقبلتها بعمق وقلت هامسا

" مبارك لنا حبيبتي , ما أسعدني بهذا "

دفنت وجهها في كتفي وقالت مبتسمة " فسد مخططنا كله "

ضحكت وقلت ماسحا على شعرها " لم نفسد شيئا فقد أخبرني عزام

اليوم أن زوجته حامل "

ابتعدت عني وقالت وهي تبعد ندى عنها " وفسد أيضا ذهابي مع سدين

ووالدتي لمنزل خالي من أجل ترجمان "

وقفت وأخذتها منها وقلت وأنا أحملها " اتركيها عنك ولا تحمليها مجددا مفهوم "

أخذتها لغرفتها وهي تتبعني ووضعتها في سريرها وغطيتها وقبلت خدها

فقالت رغد مبتسمة " مند علِمَت بأن سلسبيل سيكون لديها طفل قريبا وهي

تقول ( لما ليس لدينا نحن أيضا ) وها هوا سمع ندائها "

وقفت وقلت ضاحكا " يبدوا أنه كان خلف الباب ويسترق السمع "

ضحكت وحضنت خصري واتكأت برأسها على صدري وقالت بهمس

" أحبك بسام وحياتي من دونك لا تساوي شيئا "

ضممتها بقوة وقلت " يا قلب بسام الذي يعيش به , أنا من حياتي من

دونكما لا تساوي شيئا "

ثم نظرت لندى التي كانت عيناها مفتوحتان وتنظر لنا وقلت مبتسما

" اجلسي يا ندى لتسمعي الخبر الجميل "

ابتعدت عني رغد حينها بسرعة ووكزتني بمرفقها فضحكت وقلت ناظرا

لها وهي تجلس وتنظر لي باستغراب " سيكون لدينا طفلا صغيرا جميلا "

مسحت عينها بيدها الصغيرة وقالت " مثل خالثي سبيل "

ضحكت وقلت " نعم بل وأجمل منه "

اتسعت ابتسامتها وقالت بحماس " نليده الآن قبلها "

انفجرنا ضاحكين لنتجمد كلينا من الصدمة حين قالت باستغراب

" من أين تحدرونهم ؟ "

أمسكتُ ضحكتي ووكزتني رغد وقالت هامسة " خلص نفسك الآن

يا صاحب الأخبار السارة "

ضحكت وقلت " عمك خالد قادم بعد قليل ألن تذهبي معه ؟ "

زحفت من فورها مغادرة السرير وقالت " نعم أليد خلّووود "









*~~***~~*










سندت يدي بالنافذة المفتوحة أنظر بتركيز للدفتر أمامه وهوا يقول ناظرا له

" ها هي في اليوم الخامس عشر من الشهر الماضي خرجت الدورية

مساءً الساعة العاشرة بقيادتك يا إياس "

قلت من فوري " جيد يعني خرجتُ منها أنا وابحثوا عن المذنب الأساسي "

أغلق الدفتر ونظر لي فوقه وقال " سمعت أن آسر قادم اليوم ألن

نذهب لاستقباله "

نظرتُ لساعتي وقلت " لا يبدوا يمكننا ذلك فالعمل فوق رأسينا اليوم

يا أمين وورائنا أكثر من مشوار نقوم به "

ثم قلت مبعدا يدي عن النافذة " ولا تنسى أنك يوم غد ستكون مشغولا جدا

فعلينا إنهاء كل شيء قبل الليل لتغادر الليلة وتنام "

وقف ونظر لعيناي وقال ببعض التردد " إياس هل تحدثت

معها كما طلبت منك "

تنهدت وقلت " لا يا أمين وأخبرتك أن حديثي معها لن يجدي في

شيء ولا أحد يعرف سدين مثلي "

بدا الضيق على ملامحه وقد أبعد نظره عن عيناي فقلت " الأمر مر

عليه فوق الثلاثة أشهر وأنت خطبت وعقد قرانك سيكون غدا فما

مناسبة طلبك الغريب هذا ؟ "

نظر للأسفل وقال " ظننتها وقت غيظ منها ويمكننا إرجاع كل شيء كما

كان ما أن تهدأ , وخطبتي يمكن أن ألغيها لست أول من فعلها لكن

شقيقتك يبدوا لم يعنيها الأمر من أساسه "

تنفست بقوة وقلت " هل ستلقي باللوم عليها الآن يا أمين ؟ ثم بعيدا

عن كل هذا أنت كنت مجبرا ورضيت من أجلي فيفترض أنك سعيد

بتخلصك منها "

قال بضيق " ما بك يا إياس لا تفتأ تذكرني بأني كنت غير راض وأني

أجبرت نفسي , وألف مرة قلت وأعدت أن اعتراضي لم يكن على

طباعها وطريقة تفكيرها بل مظهرها "

رفعت قبعتي وقلت وأنا ألبسها " حُكمك هذا عليها تغير بعدما تشاجرتما

لكنك في البداية لم تحكم عليها إلا بمظهرها وهذا ما تكرهه سدين "

ثم ضربت على كتفه وقلت " ولا يكن في بالك أني أقولها تذكيرا لك بل

لأذكّر نفسي بخطئي أنا الذي وحدي الملام فيه , ولن يكون أحد الشهود

غدا غيري فاطوي صفحة لتبدأ الأخرى بلا شوائب من الماضي "

رفع قبعته وسار أمامي قائلا " لو كنت خسرتك بسبب ما حدث يا إياس

ما توقفت عن لوم نفسي وأقسم أني لازلت خجلا منك حتى الآن "

ابتسمت وقلت وأنا أسير بجانبه " وأنا أعد أن شيئا لم يكن يا أمين

وأخبرتك أن الخطأ خطئي فلننسى ما حدث "

لم يعلق وتابعنا سيرنا خارجان من المركز , ما يهون الأمر عليا أن سدين لم

تتأثر بطلاقها وتبدوا لي تحسنت نفسيتها أكثر , وهذه هي شقيقتي التي أعرف

وأحب لن يثنيها أمر كهذا مهما كان تأثيره عليها فسدين جوهرة لا يقدر قيمتها

وثمنها إلا صائغ ذكي يفهم في الجواهر من النساء ولابد أن يأتي اليوم الذي

تجد فيه من تستحقه ويستحقها








*~~***~~*










نظرت للجالس أمامي يلعب بورقة صغيرة مطوية بين أصابعه وينظر

للأسفل وقلت بهدوء " ما رأيك يا قصي لا أراك علقت بشيء ؟ "

رفع نظره بي وقال بهدوء مماثل " لا يا دُرر أنا لن أوافق على هذا أبدا "

تنهدت وقلت باستياء " وهل يرضيك أن يأخذ خالتي من هنا ويسافر بها حيث

الله وحده يعلم ما سيحدث لها ؟ وإن كان يستطيع تحمل مسئوليتها والتكفل

بها أم سيشحذان في الطرقات أو تعمل هي وتصرف عليه "

قال بحزم " ولن يكون الحل ما تفكرين فيه يا دُرر, لن أسمح بذلك "

تنهدت بيأس فقال بجدية " تلك الأملاك والأموال تركها زوجك لك وستكون

لابنك معك ولا يحق لنا التصرف فيها ولا إعطاء أحد منها شيئا "

قلت بهدوء " لكن ذلك سيسكته ويخرجه من هنا فوجوده مقيد لي , وحتى

إن أراد أن تعيش خالتي معه لا بأس سيكونون قريبين منا والمنزل باسمها

والمحل باسمه ويخرج من رأسي ويرحمني "

هز رأسه بلا بإصرار كبير فقلت بعبوس " قصي لا تعقدها يا أخي أرجوك

فهذا الرجل أصبح وجوده هنا كابوس جاثم على صدري "

قال من فوره " سأخبره يغادر ولن يأخذ مليما من مالك وعقاراتك

ولا يحلم بها ولا مجرد الحلم "

تنهدت بضيق وقلت " ستغضب خالتي وتحزن وهوا سيجدها فرصة

فكل ما يفعله للضغط علينا ليس إلا "

قال من فوره " لهذا هوا لن يأخذها فكله مخطط منه ويعلم جيدا أنه ليس

حمل مسئوليتها لَما كان تركها كل تلك السنوات معنا فغياث ليس بإمكانه

تحمل مسئولية نفسه ليتحمل مسئوليتها معه "

قلت بتوجس " ولا تنسى أنه علم بمرض أواس ولا تستبعد

أن ينشره بين الناس لأي سبب "

قال من فوره " لا تقلقي من هذه الناحية فتهديدي له من البداية كان

وضحا ولن يجرؤ على فعلها لكان لجأ لها "

قلت بحيرة " والحل الآن ؟ لا أريد أن تغضب خالتي منا قصي أرجوك "

هز رأسه بحيرة وقال " سيكون هناك حل بالتأكيد يا دُرر لكن ليس

الجنون الذي تفكرين فيه "

تنهدت باستسلام ونظرت للورقة التي يحركها على فخذه وقلت

" وأين كنت اليوم بعد عملك وشغلت بال والدتي عليك ؟ وما

سر هذه الورقة التي لم تتركها من يدك ؟ "

نظر لها ثم وضعها على فخذه وضرب عليها بكفه ونظر لي وقال مبتسما

" هذه التي تبحث عنها والدتي وصدّعتني بها طويلا "

نظرت له باستغراب فضحك وقال " مؤكد حكت لك مسيرتها الطويلة معي "

قلت مبتسمة " لا تقل أنك وجدت التي ليست معقدة أخيرا "

ضحك وقال " كنت أعلم أنها ستفعلها وتخبرك بالأمر كما فهمَتْه هي "

قلت مبتسمة " وأَفهمها لي أنت من وجهة نظرك "

وضع الورقة في جيب قميصه وقال مبتسما " والدتي لم يكن يعنيها شيء فيمن

تبحث عنهن سوا ما تراه من ظاهرهن وهذا ما لم أكن أريده , كنت أريد فتاة

أرى داخلها أولا , فتاة أعرف كيف تفكر من أول حديثي معها , فتاة تفهمني

قبل حتى أن أفهم أفكارها , وهذا ما لم تستطع والدتي البحث عنه "

هززت رأسي وقلت بحيرة وابتسامة " كيف تريدها أن ترى دواخلهن يا

قصي ؟ هذا أمر وحدك تستطيع الخروج به "

قال مبتسما " وهذا ما لم أخرج به من أي واحدة منهن كنت أقابلها بعد إصرار

والدتك ولا تظهر أمامي بطبيعتها أبدا , كانت دقائق مهما امتدت لن أرى فيها

حقيقة شخصيتها , وكنت أول ما أشعر به حيال أي واحدة منهن أنها

معقدة وأني لم أستطع فهمها "

هززت رأسي بحسنا وقلت " الآن فهمت "

ثم أشرت بعيناي على جيب قميصه وقلت " وصاحبة هذه الورقة هي

من فهمتَ دواخلها وقلّبتها كالكتاب أمامك ؟ "

ضحك وقال " بل هي من تُقلب نفسها أما الجميع ككتاب

مسترسل ومفهوم ورائع أيضا "

ضحكت ضحكة صغيرة وقلت " ما كل هذا ؟ يبدوا أنها أصابتك

في مقتل يا شقيقي "

ضحك ولم يعلق فقلت " ومتى تفكر في أن نخطبها لك "

نظر للأسفل وقال بهدوء " ليس الآن فعليا ترتيب أموري وشراء منزل

أولا وجمع ما أرفع به رؤوسنا أمامهم "

قلت من فوري " كيف تقول هذا يا قصي ؟ هل سيشترون رجلا أم ماله ؟

ثم كيف تفكر في المال وأواس ترك ما لا يمكن حصره في يوم "

نظر لي وكان سيتحدث فقلت بحزم " ولا كلمة يا قصي , هل تظن أني

سأكنز كل هذا وأتفرج عليه "

قال بجدية " وأنا أريد أن ابني حياتي بمجهودي يا دُرر لا بمال زوجك "

قلت من فوري " ومن قال أنك لن تبنيه بمجهودك "

نظر لي باستغراب فقلت " كنت سأحدثك في هذا وها قد جاء أوان الحديث في

الأمر , أريدك أن تمسك كل ما تركه أواس , أن تَرجع البضائع والسيارات من

المستودعات وتُفتح المحلات والمعرض كالسابق وسأعطيك مفتاح المنزل لتدخل

مكتبه وتجلب كل ما سيساعدك من أوراق , والرجال الذين كانوا يعملون معه

جميعهم ينتظرون فقط أن تدار الأملاك مجددا ومستعدين للعودة كما كانوا "

نظر لي بحيرة وقال " دُرر تغير كلامك وكل شيء فيك عن السابق !!

حتى ابتسامتك أصبحنا نراها من وقت لآخر فما الذي حدث ؟ "

تنهدت بحزن وغبت بنظري للأرض وقلت " لا أريد أن يكبر ابني ويلومني يا

قصي على ماله الذي سيضيع لو بقيتِ البضائع مركونة مكانها , ولا تتحدث

عن تغيري فالله وحده يعلم الليل الذي تنامه الناس كم أعاني فيه , لكن الواقع

واقع ولا مفر لي منه يا شقيقي ويكفي حتى هنا ما عانيتم جميعكم بسببي "

وقف وجلس بجواري وضمني لحضنه وقال بحنان " ليعوض الله صبرك خيرا

يا دُرر , أقسم لو بيدي شيء ثمنه عمري ما توانيت في دفعه , ولو أن الصحة

تُعطى لأعطيت صحتي له ورأيت فرحتك وسعادتك ولو يوما في عمري "

ضممته بقوة وقلت ببكاء " لا حرمني الله منك يا قصي فأنت نعم الشقيق حقا "

أبعدني عنه ومسح دموعي قائلا " هيا جهزي نفسك لآخذك لشقيقتك أم

نسيتِ أنك ستذهبين لها "

مسحت عيناي وهززت رأسي بحسنا وقلت بابتسامة حزينة " أخبرني أولا

من سعيدة الحظ هذه التي اخترتها "

ضحك وقال " سأخبركم في وقتها فالموضوع لازال بيني وبين نفسي

وقد تتزوج قبل حتى أن أخطبها "



أمسكت يده وقلت " اخطبها إذا وتزوجا متى ما ناسبك ولا تتركها

بعدما وجدتها كما تريد وتتمنى "

كان سيقول شيئا لولا أوقفه صوت جرس الباب فوقف قائلا " جهزي

نفسك لآخذك في طريقي "

نظرت له فوقي وقلت " فكر فيما قلت يا قصي ولا تدع الفتاة تذهب منك "

ضحك وشد أنفي قائلا " دعينا نرى ابنك المنتظر أولا , لا نريد منافسين له "

وقفت وقالت مبتسمة " ما أن تتزوج وتنجب يكون هوا أخذ حصته منك وزيادة "

انفتح باب الغرفة حينها وكانت والدتي وقالت بشيء من التوجس

" دُرر ثمة رجل على الباب يريد مقابلتك "

نظرت لها باستغراب وقلت " يريد مقابلتي أنا ؟ "

هزت رأسها بنعم وقالت " قال أنتي وجميع من في المنزل وسأل عن

قصي إن كان موجودا "

تبادلت وقصي نظرات الاستغراب ثم خرج في صمت فقلت

" ألم يخبرك من يكون ؟ "

قالت من فورها " قال رِفعت صياد "

قلت مستغربة " هذا عم ترجمان العقيد رِفعت ما أحضره يا ترى !

ولما يريدنا جميعا ؟؟ "

قالت مغادرة " غطي شعرك واخرجي له وسأنادي البقية "

ثم غادرت الغرفة وتركتني واقفة مكاني في حيرة من أمره ثم غطيت شعري

وخرجت فكان جالسا وسط المنزل مع قصي وغياث وجدتي وكانتا والدتي

وخالتي يقفان بعيدا عنهم قليلا فقال مبتسما ما أن رآني " تعالي يا دُرر اجلسي "

اقتربت منهم وجلست مبتعدة فنظر لكل من حوله ثم قال بجدية " أنا هنا من

أجل ابنتي دُرر كما أخبرتكم , وها أنا أقولها أمامها وأمام جميعا "

ثم نظر لي وقال مشيرا لقصي وغياث " هذان الرجلان من عائلتك إن ضايقك

أحدهما بربع كلمة فقط اتصلي بي وفي ظرف ثانية يكون في السجن وإن تعفن

فيه فلن أُخرجه منه أما النساء إن ضايقتك إحداهن فأعلميني فقط ومنزلي

مفتوح لك ولن يروك ولو زحفوا أمام بابه "

كانت نظرات الصدمة موجهة له من الجميع وتابع هوا متجاهلا كل ذلك

" وأعتذر منك يا دُرر إن غفلت عنك سابقا لكن هذا لن يحدث مستقبلا

فتذكري دائما أن لك والدا أسمه رِفعت ولن أتوانى عن الوقوف

معك ساعة ما تطلبينني "

نظرت من فوري لغياث فنظر للأرض هاربا من عيناي فقلت ونظري

لازال عليه " حاضر يا عمي وأنا لن أسكت إن ضايقني أحد "

وقف حينها وقال " إذاً أراك على خير , وأعتذر منكم جميعا على

هذه الزيارة المفاجئة "

ثم غادر على صمت الجميع وقد أوصله قصي للباب ووقف غياث ودخل

لغرفته من فوره , لقد جئت في وقتك لتسد حلق هذا الرجل ومؤكد لن يبقى

هنا بعد اليوم , عاد قصي وقالت جدتي " ما به هذا الرجل يهددنا في

وجوهنا ؟ هل سيشعر هوا بابنتنا أكثر منا ؟ "

قال قصي ضاحكا " كنتِ قلتيها له هوا قبل أن يخرج "

قالت بضيق " وهل تضنني وقحة أقول هذا لضيفنا "

قالت أمي " بارك الله فيه من رجل , فما جلبه إلا تفكيره في مصلحة

دُرر فقط أما نحن فلا يعلم عن أطباعنا يا أمي ليتهمنا "

قلت بهدوء " هذا الرجل وقف معنا من أول ما وجدونا وبفضله بعد

الله تداركنا الفضيحة التي خططت لها العجوز التي اختطفتنا لذلك

يعد نفسه مسئولا عنا "

قالت جدتي ببرود " وإن يكن يحترم العجوز التي في عمر ابنته "

ضحكنا عليها جميعنا وقال قصي " هيا يا دُرر ستعطلينني على هذا الحال

ومنزل عم شقيقتك بعيد قليلا عن منزلنا "

وقفت من فوري وقالت والدتي " سلمي لنا عليها وأخبريها أننا سنزورها لاحقا "

هززت رأسي بحسنا وتوجهت لغرفتي لبست عباءتي الواسعة وحجابي

وخرجت وكان قصي في انتظاري في سيارته فركبت وقلت ما أن

تحركنا " جاء في وقته "

ضحك وقال " وكأنه كان يسمع حديثنا "

قلت بهدوء " بل يسمعه من لا يخفى عليه شيء وهوا من أرسله لنا "

قال ونظره على الطريق " غدا سيجمع حقائبه ويسافر وقولي قصي قالها "

قلت بحزن " ما يحزنني هي خالتي فستحزن على فراقه "

قال وهوا يدس تلك الورقة في صندوق سيارته " خالتي معتادة على غيابه

أنا عشت معها وأعرفها "

نظرت له وقلت مبتسمة " هل ستأخذ هذه الورقة حيثما ذهبت ؟ "

ضحك وقال ناظرا للطريق " لا تجعلني أندم على أني أخبرتك عنها "

قلت بذات ابتسامتي " حسنا سأسكت إذاً "









*~~***~~*









نظرت لها وهي ترتب أغراضها في خزانتي وقد قررت طبعا أن نكون

معا في نفس الغرفة وقلت بهدوء " كيف كانت زيارتك لوالدتك ؟ أراك

لم تبقي ما خططتما له ، لا يكون زوجها نكد عليك ؟ "

قالت منشغلة بما تفعل " لا هوا كان راقيا معي ومحترما لكن بقائي

هناك وهوا يعلم أن طائرة آسر اليوم ستكون حركة غبية وسيعلم

فورا أننا متشاجران "

قلت بتوجس " ألن تذهبي لهم ؟ أليست هذه أيضا حركة سخيفة أن لا

تكوني في استقبال والدهم معهم ولا يجدك مع عائلته وقت قدومه

وبلسانك قلتِ أنه فعل الكثير من أجلك "

لم تعلق وكأنها لم تسمعني فقلت " هيه سراب أنا أكلمك "

قالت ببرود وما تزال مولية ظهرها لي " وأنا سمعتك "

قلت من فوري " أجيبي على سؤالي إذا "

قالت بصوت منخفض ونبرة حزينة " لا أستطيع ولا أريد "

تنهدت بضيق وقلت " لا تكوني ضعيفة واذهبي وتجاهليه وكأن

الله لم يخلقه "


توقفت عن ترتيب ملابسها وقالت بأسى " الكلام سهل لكن التطبيق

لن يكون كذلك يا ترجمان "

كنت سأتحدث لكنها التفتت لي وقالت بحرقة " هل تتخيلي معنى أن يغيب

لشهرين كاملين لا أراه ولا أسمع صوته ؟ وفوق جرحي منه وألم قلبي

أكون مشتاقة له وأراه أمامي ، هذا فوق طاقتي ولن أقدر عليه "

نظرت بحيرة لملامحها التي تخفي أغلبها خصلات شعرها المصبوغ بالبني

والمخصل بخصلات بلاتينية وقلت " سراب عليك أن تجدي حلاً قبل

أن ينفجر قلبك في صدرك وتموتي "

ولتني ظهرها وقالت وهي تمسح عينيها " لا حل عندي فلينفجر وكرامتي

لن انزلها له أبدا ولن أنسى ما فعل بي "

تنهدت بيأس وقلت " وحين لن تذهبي ستُظهرين له ضعفك وانهزامك "

عادت لترتيب حاجياتها قائلة " أمي طلبت أن آخذ مال والدي تصوري ؟ "

الحمقاء تغير الموضوع لكن لا بأس فهوا أهم من آسرها ذاك , قلت

بجدية " وذاك من حقك وهي ليست بحاجة له "

أغلقت باب الخزانة والتفتت لي واستندت عليه ويداها خلفها وقالت

" لكني رفضت "

نظرت لها بصدمة فنظرت للأرض وقد نزل شعرها مغطيا وجهها وقالت بأسى

" لا تسألي لما ولا تلوميني , أقسم يا ترجمان أني كرهت المال , فمنذ عرفته وأنا

أخسر من حولي ولا أريد أن أخسرك أنتي ودُرر أيضا بسببه فوحدكما بقيتما لي "

تنهدت بأسى وقلت " غيّرك كثيرا ذاك المجرم المحترف يا سراب "

مسحت عيناها ورفعت شعرها عن وجهها ممسكة له للأعلى بأصابعها ورأسها

لازال للأسفل وقالت " غيرني ولم يتغير هوا , ينجح دائما وأفشل أنا يا ترجمان

حتى المشاعر فجرها بداخلي وهوا كقالب جليد لم يحرك ساكنا "

قلت بحزم " أضربي قالبه إذا وحطميه لفتات ثلوج , أقسم أن يكون باطنه

نار تغلي وخارجه قشرة هشة , أنتي فقط أشعليه ولا تعامليه بجليد كجليده "

تنهدتْ بحيرة ولم تتحدث ثم نظرت للباب الذي طرقه أحدهم ثم فتحه ودخل

وكانت سدين وخلفها عمتي خلفهما زوجة عمي وتوجهت نحوي قائلة بابتسامة

" سمعت في محطات الأخبار أن ثمة فتاة طارت من سيارتها وسببت

شقا في القشرة الأرضية ولم أتصور أنها أنتي "

ضحكت وقلت " لا تحضنيني عظامي متكسرة جميعها ... تفهمي "

اقتربت مني وقفزت على السرير وحضتني قائلة " رغما عنك

سأحضنك يكفي رجوعك لنا من الموت "

قلت بتألم " عمتي ابعدي ابنتك عني "

ضحكت واقتربت منها وأبعدتها قائلة " ألم تقل لك أن جسدها

يؤلمها , ابتعدي هيا "

ثم قبلت خدي قائلة " حمدا لله على سلامتك يا ترجمان , لا تخفينا

عليك هكذا مجددا "

ثم سلمت على سراب وجلست على طرف السرير وقالت بتوجس

" لا تكوني لازلتِ غاضبة مني يا ابنتي "

قلت بعبوس " ها أنا أحاول أن أسامحكم لكنكم أجرمتم في حقي فعلا "

قالت بهدوء " كان رغما عنا , لقد اعترضت بادئ الأمر كثيرا وغلبنا بعناده

لذلك أقسمت عليه إن طلقك يخرج بعدك لأني أعلم أنك لن ترضي

بذلك وستصرين على الطلاق "

قالت سدين واضعة يداها وسط جسدها وناظرة لها " كم تكلمت وعاندت

وبكيت وبلا نتيجة معكم وأحضرتموها تلك الجنية "

ضحكت عمتي وقالت " سدين تكره سهاد ومن صغرها وزاد

عليها أن خطط إياس لذاك الأمر "

كانت زوجة عمي تنظر لنا بحيرة ولم تفهم شيئا فقلت " ها قد فضحتمونا

مع زوجة عمي , هل تريدوا أن يأتي ابنها يشبه تلك الشاحبة من كثرة

ما ستفكر فيمن تكون وأكرهه هوا أيضا "

ضحكت وقالت " وفيما سأفكر وأنا لم أفهم شيئا سوا شاحبة وجنية

والجميع يكرهها "

نظرتْ لها سدين بنصف عين وقالت " وقولي أن عمي لم يحكي لك

عن قصص العائلة جميعها "

هزت رأسها بلا وقالت مبتسمة " لم يسبق أن تحدث أمامي عن

أحد وليس ذاك طبعه أبدا "

دخلت بعدها غدير وانضمت لنا وتشعبت الأحاديث والضحك









*~~***~~*










دخلت دُرر لمنزلي ونظرها للأرض فنظرت لشقيقها وقلت

" لو علمت أنكما قادمان لأحضرتكما معي "

ضحك وقال " ومن سيرجعني أنا حينها ؟ "

قلت ضاحكا " أنا طبعا "

ثم قلت بجدية " ماذا حدث معك بشأن التحليل ؟ "

هز رأسه وقال مبتسما " كل شيء سار كما توقعت "

ابتسمت مركزا على ملامحه وقلت " جيد لم تتعبك ابنة شقيقتي إذاً "

قال بضحكة " كم واحد قبلي أرسلتهم لها ؟ "

ضحكت كثيرا فهذا الشاب وقع في المصيدة كما أردت ولن تجد سدين أفضل

منه ونظرتي في الرجال لا تخيب فقد أبهر الجميع في مبنى الاستخبارات بذكائه

وفطنته وإن لم يفهم رجل مثله سدين ويراها كما نراها نحن فلن تجد رجلا يفهمها

أبدا ويكفي ما فعل ويفعل من أجل شقيقته وتحمّله لمسئولية جدته ووالدته وخالته

لأعوام , قلت مبتسما " أنت أول شخص أرسله لها طبعا والأخير وهل تضن أن

العينة إن كانت لك أنت ستوافق ؟ أنا أعرف ابنة شقيقتي جيدا ما وافقت

إلا من أجل شقيقتك وابنها "

نظر ليده التي يسندها على سقف سيارته وقال " ألن تضرها بهذا ؟

أخشى أن تسجن بسببنا "

قلت ناظرا له ومبتسما بانتصار " لا تقلق إن حدث ما تخشى فلا

تنسى أنه يمكنني تخليصها بسهولة "

نظر للشارع ثم للطريق ويبدوا مترددا في أمر ما أو سؤال يريد طرحه

ويخشى أن أفهمه بشكل خاطئ , نظر بعدها للأسفل وقال بتردد واضح

" تبدوا ليست مرتبطة "

اتسعت ابتسامتي وقلت " لا لا تخشى من زوجها أن يغضب

منا , هي مطلقة "

نظر لي بسرعة ومفاجأة فقلت مبتسما " لم يكن زواجا فعليا كان

عقد قران فقط ولم يُكتب لهما نصيب "

قال من فوره " هوا السبب فيه بالتأكيد "

قلت بابتسامة جانبية " أراك مهتما للأمر "

أبعد نظره عني وقال " آسف لتدخلي في أمور لا تعنيني , أنا فقط فكرت

أنه حكم عليها بمظهرها كما يفعل الكثيرين قبل أن يعرفوها جيدا "

قلت مبتسما " بل هي من أصرت على ذلك , ورجال يحكمون على المظاهر

فقط لا نريدهم , وسدين تحديدا لن تخرج من تحت يدنا لأي كان وقد رفضتُ

وشقيقها اثنين بعد طلاقها لو علمت عنهم قد تغضب منا لأننا لم نأخذ رأيها "

قال بتوجس " وما مواصفات هذا الذي ستوافقون عليه ؟ "

ضربت على كتفه وقلت مغادرا " رجل يرى داخلها كما قلتَ أنت "

ثم غادرت من هناك راكبا سيارتي وخرجت سيارته خلفي , يبدوا نجح هذا

الشاب في الاختبار فما كان صعبا عليا أن أخبره أني طلبت منها أن تأخذ عينة

شقيقته ولكنت أخبرتها أني أنا من أرسله لكني أردت أن يرى بنفسه كيف تكون

وكنت أراهن على أنه لن يُخيّب ظني وسيكون كما توقعت , ولن أترك إياس

يوافق على أحد يخطبها حتى يفتح قصي الموضوع معي ومتأكد أنه لن يتأخر

ولن تكون إلا له , ما يحيرني كيف وقع سريعا من أول لقاء لهما !! هل تعرف

عليها من قبل يا ترى ؟ أخرجني من أفكاري رنين هاتفي فأجبت عليه قائلا

" أجّل الأمر قليلا يا حاتم أنا في طريقي للمطار "









*~~***~~*











خرجنا من باب المسافرين وأنهينا باقي الإجراءات وهوا يسير بجانبي بمساعدة

العكاز الطبي الذي أكد لنا الأطباء أنه سيستغني عنه سريعا ولن يعاني سوا من

عرج في مشيته وسيستعين بعكاز عادي لفترة , وهذا أكثر ما أستطاع الطب عليه

وإن كان هناك أكثر منه لبعت نفسي من أجل فعله , نظرت له وقلت " هل احضر

كرسيا ؟ أنت ترهق نفسك كثيرا هكذا وقد تتعبك ساقك ليلا "

قال مبتسما " اتركني يا بني فقد تعبت من الكرسي ومن الجلوس , ثمان

سنوات وأنا أتمنى هذه اللحظة التي أقف فيها ويائس من قدومها "

قبضت على يده وقلت مبتسما " حمدا لله الذي أراني هذا اليوم أيضا "

ربت على كتفي وقال " رحمته طالت كل شيء "

وسرنا بعدها خارجان أجر عربة حقائبنا وقلت مبتسما " لا أحد في استقبالنا

اليوم فأصدقائي في عملهم واعتذروا عن المجيء , يبدوا لا أحد سعيد بعودتنا "

ضحك وقال " ستجد الحفل أمامك في المنزل وإحدى عشر شخصا

سعيدا فلا تستعجل "

ضحكت دون أن أعلق ووصلنا الباب حينها لنفاجئ بالعقيد رِفعت أمامنا مسرعا

ووقف من فوره وقال مبتسما " تأخرت كثيرا كنت أود أن أكون في انتظاركما "

ابتسمت له بحب فسلم على عمي وحمّد له السلامة ثم تعانقنا وقال مطبطبا

على ظهري " بارك الله فيك من ابن بار يا آسر "

قلت مبتسما " وهل يمدحون الابن على ما يفعل لوالده ؟ "

قال هامسا " لكنك خذلتني في ابنتي ولن أنساها لك "

ثم ابتعد عني على نظراتي المستغربة وقال مخاطبا عمي صابر

" ما رأيكما في العشاء عندي ؟ "

قال مبتسما " شكرا لكرمك , لن يسمحن بناتي وزوجتي بذلك "

سرنا حينها وقال " إذا في يوم آخر وأريدها عزيمة لجميع رفاق

آسر وأن تكون معنا اتفقنا "

وتحدثا معا عن رحلتنا والعلاج حتى وصلنا السيارة وأنا لم أشارك بشيء ودهني

لازال مغيبا مع كلماته التي همس لي بها , فما الذي عناه بذلك ؟ هل حكت له

سراب شيئا ؟ مستحيل هي لم تفعلها سابقا لتفعلها الآن , إذا هي ابنة شقيقه فعلتها

وأستغرب كيف سكتت حتى الآن ولم تُحرّضه علي , تنهدت بضيق فأكثر ما أكرهه

أن يتدخل الغير في شئوني , ألا ترى نفسك تستحق ولم تفعل بها خيرا أبدا ؟ لا لم

أخطئ أنا أردتها أن تراني بعين المرأة التي تحبني فقط وأن لا تتسرع في أحكامها

علي وأن لا تحبني بأفعالي , تنهدت بأسى وهززت رأسي طاردا تلك الأفكار منه

وصعدنا معه في سيارته وأوصلنا للمنزل وغادر بعد قليل ودخلنا كلينا لتستقبلنا

الزينة التي ملئوا بها وسط المنزل الواسع وصراخ الطفلات المرح مستقبلات لنا

يتبعنهن شقيقاتهن وكل واحدة تسلم علينا محتضنة لنا لتتركنا واحدة وتمسكنا الأخرى

واختلط الفرح بالدموع لرؤيتهن لوالدهم يمشي على قدميه مجددا , فحمدا لله الذي منَّ

عليا أن حققت له ولهن هذا ومهما فعلت فلن أوفيه وزوجته حقهما علي , جال نظري

بينهم من أول ما دخلنا ولم أجد من توقعت أن تأتي ولو من أجل العم صابر وتعطيني

الفرصة لأطفئ الشوق ولو برؤيتها من بعيد لكن يبدوا أنها لم تفعلها هربا من رؤيتي

فهل أصبحتِ لا تطيقين وجودي لهذا الحد يا سراب ؟ اقتربت عمتي سعاد بعدما انتهين

بناتها من حفل الاستقبال واستقبلها عمي صابر فاتحا لها ذراعه فنامت على صدره

ونزلت دموعها التي لم أراها سابقا إلا يوم أصيب ويوم تخرجي من كلية الشرطة

ضمها بذراعه بقوة وقبّل رأسها وقال " شكرا لكل ما فعلتيه لأجلي يا سعاد

كنتِ نِعم الزوجة والعشيرة "

دفنت وجهها في صدره وقالت باكية " حمدا لله الذي رد لك عافيتك ومن أجلك

فقط أما أنا فما كنت لأتضايق ولو بقيتَ مقعدا كل حياتك "

ثم ابتعدت عنه وعانقتني قائلة " رزقك الله أبناء يبروك يا آسر كما أدخلت

السعادة على حياتنا اليوم , ولن ننسى ما فعلت أبد الدهر "

قبلت رأسها وقلت " تعْلَمي أني أكره هذا الكلام , كان يكفيني دعوتك ببر أبنائي "

توجهنا بعدها لصالون الاستقبال وجلسنا جميعنا وإسراء طبعا جلست في حضن

والدها ولم تتوقف عن سرد ما فاته ولم يَحضره معهم وكلهن منشغلات معهما

بالضحك والتعليق , نظرتُ لعمتي سعاد الجالسة بجانبي فنظرت لي مبتسمة

فبادلتها الابتسامة ثم نظرت للأرض وقلت " كيف حالكن جميعا ؟ "

قالت بصوت مبتسم " بخير كما ترى والحمد لله , لا ينقصنا غيركما "

قلت بعد تردد ونظري لازال للأسفل " وكيف هي سراب ؟ "

قالت بعد صمت لحظة " جيدة , اتصلت بنا اليوم أكثر من مرة وقبل

دخولكما بقليل أيضا "

لذت بالصمت ولم أرفع نظري بها فأمسكت يدي وقبضت عليها بقوة

وقالت بهمس " لا تلمها يا آسر مؤكد لم ترفض المجيء كرها لك

ولها أسبابها التي لا يفهمها غيرها "

هززت رأسي بحسنا ولم أعلق ثم رفعته سريعا على صرخة ريحان

قائلة " سرااااب "

وركضت هي وعبير نحو الداخلة من الباب تنظر لهما مبتسمة


نهاية الفصل .... موعدنا القادم الخميس إن شاء الله

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
جليد, حسون
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:53 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية