سلامٌ ورحمهٌ من الله عليكم
لا تلهيكُم عن العبادات والطاعات
ما شاء الله تبارك الله
للكاتبة
AURORA
..
الفصل العشرون
رُكْنت سيارته امام هذه الفيلا التي يُدرك طريقها من قبل في انتظار زوجته للخروج كما اخبرها ، ويقسم انه لو رأى نظرات الحزن في عينيها ليقلب دنيتهم فوق رؤوسهم اكثر مما فعله بهم من قبل .
خرجت تتهادى على استحياء بحجابها وغطائها الكامل الذي يُغطيها من رأسها لأخمص قدميها ، وصعدت بخجل للسياره ولم تكن معتاده على الجلوس بقربه كثيراً , بينما كان هو يرمقها بهدوء حتى استقرت في مقعدها .
وخرج صوته خشناً قائلاً بهدوء قلق : هااا كيف كانت زيارتك لهم ؟؟!
ابتسمت من أسفل نقابها وهي تهمس : الحمدلله مره حلوه كانت .
لم يفهم بعد ان قاموا بإذائها ام لا فهي تبدو سعيده ومنتعشه وكم يُثير هذا الأمر عجبه ، فبدأ يسألها وهي تُجيبه باختصار خجول إلا ان فُكت عقده لسانها وخجلها أخيراً وانطلقت بالحديث بحماس وهي تُحرك كفيها وذراعيها وكان يُبادلها الحديث باستمتاع يشعر به للمره الاولى في حياته ابتسم ابتسامه لم تظهر كامله على شفتيه لانه يقوم بمثل هذه الحركات عندما يتكلم او يشرح شيئاً , ربما كانت الوراثه في الجينات التي تجري بعروقهم.
كانت المره الأولى التي يشعر فيها أنه متزوج بإمرأه تُحدثه وتُبادله الأحاديث دون أن تطلب شيئاً وتصمت , للمره الأولى يشعر أنه كائن حيّ لا مُجرد حائط يستندون عليه.
فدائماً عندما يكون مع دينا يا إما أنهما يتشاجران طوال الطريق او ان الوقت يمضي بطيئاً جداً و هو يقود السياره وهي تشاهد هاتفها ولا تتركه من كفها أبداً والصمت يسود المكان بينهما , أو انها تطلب منه ان يحضر لها شيئاً وتصمت .
انعدام الحوار بينهما كان سبباً في تشتت حياتهم .
لم يشعر بالوقت وهو يقود دون ان يتجه للمنزل ببساطه هو يخاف ان لا تتكرر هذه الليلة يخاف أنه في حلم وان التي تتحدث ليست هي زوجته فبالغالب لا احد يُحب ان يتحدث معه بسبب أفكاره وقناعته المختلفه عن الجميع , و لانه لا يرغب ان تتوقف هذه الثرثارة عن التغريد بصوتها البُلبُلي .
اكتشف للتوعندما يزول عنها الخجل فهي لا تتوقف عن الثرثرة .
فتوقف عند محلٍ للايسكريم قُرْب البحر وقال : طيب ممكن تسكتين شوي ، بس انزل اجيب اسكريم وارجع وسولفي عليّ .
احمرت وجنتيها من الاحراج وكأنها نسيت كل شيء وارادت ان تبُثه بعضاً من سعادتها وهي تتحدث معه بانطلاق للمره الاولى وسمعته يردُف : اي نوع تحبين تاكلين ؟؟!
ميرال ببعض الخجل : عادي اي شي .
ربااااه كم هي خجولة حتى انها لا تريد اخباره اي نوعٍ تحب ، فقال ببشاشة : اجل بجيب لك على ذوقي .
عاد للسياره ومعه أكواب الايسكريم وَقاد السياره لجهه خفيه عن الناس القِلّه في منتصف الليل و الذين يقفون امام البحر .
ترجلا من السياره وجلسا في احدى الكراسي الخشبية المصقولة ، وقال بهدوء وهو ينظر حوله فلم يجد أحداً ، والبحر يعوي والأمواج تهدُر وترتطم بالصخور الرطبه من أمامهم: شيلي نقابك مافي احد هنا ، عشان تعرفين تاكلين الاسكريم .
خلعته بهدوء ، وهي تعطيه المثلجات خاصته وبدأ يأكل وهو يتأمل البحر من امامه وكم يُحِب هذه الأجواء والسكُون بعيداً عن الصخب والازعاج .
وكانت هي ايضاً تأكل بهدوء وقد أعجبها ذوقه في الاختيار ، أُجفلت على صوته الخشن يقول لها : ها وش رأيك ؟؟ عجبك ذوقي !!
ميرال وهي تأكل امامه بتلذذ : هممم يم يم مره لذييييذ الله يعطيك العافيه .
همس بخفوت وقد تفاجأ من شُكرها له : الله يعافيكِ .
فهذه المره الاولى التي يشكره احد على امرٍ بسيط اشتراه ، فلقد اعتاد دوماً ان يُعطي دون ان يأخذ شيئاً حسياً او معنوياً .
قالت بُغتهً عندما ادركت تأخر الوقت : فهد انت ما عندك دوام اليوم وحتسافر ؟؟؟
نظر لها وشعره يتراقص على جبينه من الهواء : الا عندي دوام كل يوم الظهر أبدأ ماعدا الجمعه والسبت ، بس الشهر الجاي بيتغير الشفت .
شهقت بفزع وهي تقول : طيب يلا ، يلا نرجع البيت عشان يمديك تنام وترتاح ولا تتعب .
فهد : يا معوده اجلسي هذانا مبسوطين ومرتاحين والجو حلو مو شين ، وبعدين متعود انا انام ساعتين او ثلاثه كل يوم .
عقدت حاجبيها وهمست : الله يخليك خلينا نرجع ، مو مرتاحه انا أحس بتأنيب الضمير لأنك صاحي عشاني لازم تنام .
فهد وقد بدأ يشعر بالتسلية : بتنيميني غصب يعني ؟؟!
اومأت برأسها وهي تبتسم وتنهض ساحبه إياه من ذراعه كي ينهض واخيراً ويُرِيح قلبها وضميرها .
عادا للمنزل ودلفت لدوره المياه فوراً حتى تبدل ملابسها لمنامتها القطنيه الطفوليه التي رُسم عليها " باقزبني " .
عقد حاجبيه وهو يحاول ان يتذكر شيئاً فأدرك انها لم ترتدي امامه قميص نوم إطلاقاً ، كل لباسها مُحتشم بإسراف كما الان ، صحيح هو لا يُحِب اقمصه النوم الشفافة والحريريه يشعر ان من ترتديها امامه تكون مُبتذله وهي تحاول إغراءه دون ان تنجح .
لا يعرف لماذا فجأه أراد ان يراها بقميص نوم فهي بالتأكيد لن تكون مُبتذله مثل السابقات اللاتي يرتدينه له منذ اول ليله وكأنه امرٌ مسلمّ به .
جلس على السرير يكتفي بإرتداء بنطاله القُطني ، ينتظرها تُنهي صلاتها لقيام الليل ، ولم يُبالي بمظهره الجريء امامها وهما لم يُكملا ثلاث أسابيع ، ولم يصلا لمرحله تجعل من مظهره اقل وقاحه .
ابتسمت عيناه عندما انتبه لشهقتها المكتومة وقالت : لِسَّه ما نمت ؟؟
رفع ذقنه بتسليه وهزّ منكبيه : ماجاني النوم ، قلت انتظرك اشوف تقدرين تنيميني ولا لا ؟؟
مطت شفتها بطريقه أغوته وهمست : اصلاً انت حتى ما حاولت تنام .
ثم رفعت صوتها قليلاً : انا بروح أطمن على جدتي وارجع اشوف كيف بنخليك تنام .
ذهبت دون ان تنتظر ان يقول شيئاً من خجلها ورؤيته بهذا الشكل الجرئ ، ودخلت لغرفه جدتها ووجدتها تقرأ القرآن .
ابتسمت بانتعاش وقالت بمرح : حبيبتي يا جدتي انا توقعت ادخل الاقيك نايمه !!!
ابتسمت لها الجده وقالت : ما اقدر انام بدون لا اتطمن عليكِ وأنك جيتي ، إلا صدق مين جابك من عند خالك ؟؟! وكيف كانت زيارتك ؟؟!
قالت بهدوء : زيارتي كانت حلوه مره وانبسطت الحمدلله ، والجابني فهد وطلعنا شوي البحر وأكلنا اسكريم .
اومأت الجده وهي تهمهم : هممم اجل فهيدان هو الآخذك !! انتِ للحين زعلانه عليه عشان صارخ عليكِ قدام الماتسوى .
ميرال : لا يا جدتي ما زعلت عليه ابداً ومين حكالك انه صرخّ عليّ هو كذه صوته عالي بطبيعته ماشاء الله بس كان يتكلم ، والغلط يُـعد مني كمان سمحت للرجال يتمادى بحكيه معي بس ماكنت منتبه عشان كده ، حصل خير .
دخل فهد على جملتها وعينيه تحكيان قصه غريبه ، قصه عن براءتها وعن نقاءها فهي لم تكسره امام جدته او تشكوه ورفعت من قدره امامها ولم تُنزِل من قدره قيد أُنمله ، هل حقاً يوجد امرأه تفعل ذلك في هذا الزمن الأغبر ؟؟!
قال بهدوء وهو يقف عند إطار الباب مُستنداً إليه : شلونك يمّه عساكِ بخير ؟؟!
ابتسمت الجده وهي تقول بحب وقد زال غضبها عنه مهب الريح مع قول حفيدتها الغالية : الله يخليك يمّه ويحفظك ويسعدك مع ميرال ، الحمدلله بخير مافيني الا العافيه .
همست ميرال بخفوت مع فهد : اااامين يا رب .
اغلقا الضوء بعد ان جلسا قليلاً وخرجا لغرفتهما وقال فهد : انتِ صدق ما زعلتي مني أمس ؟؟! ولا بس تقولين كذه عند أمي ؟؟
برمت شفتيها بدلال وهي تقول بابتسامه جميله : الا كنت زعلانه ، بس خلاص راح زعلي لما خليتني اروح عند خالي وغيرت جو عندهم وجبت لي اسكريم .
ارتفع حاجبيه بذهول وهو يقول مُتجاهلاً ذكر بيت خالها الذي يجلب غضبه : يعني الاسكريم جاب راسك ؟؟!
احمرت وجنتيها بخجل وهمست : ما حبيت أطول الزعل لانه اول مره أزعل واحد يراضيني حتى لو بطريقه غير مباشره .
بُهتت ملامحه وقد عرف انها ادركت انه كان يرغب في مُراضاتها وان الامر لم يكن مجرد صدفه عابره .
تذكر هذا الفجر وهو يبُثها أشواقه وعاطفته المتفجرة وكيف كانت كالوردة المتفتحة بين ذراعيه ، كانت هذه الذكرى ايضاً نوعاً عن تعبيره لاسفه ، ليس هو من تخرج من شفتيه كلمات الاعتذار ولكنها من بلاهتها لم تعرف ان طريقته هذه كانت للاعتذار واعتبرت المُثلجات هي الاعتذار .
همس وهو يقول : طيب يلا تعالي خلينا ننام .
اقتربت بهدء وهي تتمدد بجانبه , وأجفلها عندما سألها بُغته : ماعندك غير ملابس الورعان " الاطفال " هاذي .
لم يرى اتساع عينيها وحُمره الخجل التي سدَتّ على وجهها الأبيض وقالت ببلاهه وسذاجه : الا فيه لما رحت مع ريما اقضي لجهازي شرت لي كل شي قليل أدب ، بس ما لبستهم ما اقدر ، ما اتخيل نفسي اني ألبسهم ، ممكن البسها بكره او بعد بعد بكره او بعد بعد بعد بكره .
ابتسم ولم ترى ابتسامته العريضة لأنهما كانا يُحدقان بالسقف ، تلك الماكره سترتديها عندما يكون هو عند دينا حتى لا يراها لقد فهمها جيداً ، فاليكن ليس صعباً ان يراها كما يُرِيد في وقتٍ ما .
همس وهو يشعر بالنُعاس يغزو عينيه : سكري النور الجمبك ، ليه فاتحتيه ؟؟ خلاص بنام ماني مسوي شي الحين !!!!!
توتر جسدها وهي تشعر بالخوف من الظلام ، في مكه قضيا أسبوعاً كان بصيص من الضوء في الشوارع والحرم يدخل عبر الستائر ، اما الان فلا يوجد اي بصيص وظلامٌ حالك .
همست ولم تفهم قصده من جملته الاخيره : خليه شوي !! اخاف من الظلام وما اقدر أنام الا على شويّه نور .
ألتفت لها ويده ترتاح اسفل وجنته الحادة كالإزميل : يعني ؟؟! ما رح ننام الليلة .
سحبت شفتها السُفلى تحت اسناها وقالت : بس خمس دقايق أنام بسرعه , وانت طفي الور ونام !!!
تنهد بصبر وهو يقول : طيب يلا انتظرك !!!
اغمضت عينيها ومضت عدع لحظات ولا تعرف لما شعرت أن يُحدق بها ونظراته تخترق جسدها كالشظايا , اغمضت عينيها بقوه وهي تشد عليها من توترها .
أما هو فأراد أن يأخذها بين أحضانه مثل ذلك اليوم في مكه فباحتضانها شعر بشعور لم يشعر به من قبل , ولا يرغب ان يشعر به مجدداً فهو يأخذه لعالم أخر عالم لا يعرف به نفسه .
عده لحظات فقط التي احتاجها لتتغلب رغبه قلبه على رغبه عقله وهو يرى عينيها المُغمضة ترتعش من فرط التوتر والخوف , فأجفلها بحركه سريعه وهو يجتذبها بين أحضانه .
وكتمت شهقتها عندما سمعت صوته الخشن يقول وشعرت به وهويسحبها أكثر بين احضانه يبُثها دفئه ويغرسها في صدره : لاااا على كذه ما رح ننام ابد اليوم !!! لا تخافين وانا معك مافي شي يخوف ، ما تثقين فيني ؟؟
بصراحه لا فهي لم تعرفه الا منذ ثلاث أسابيع فلا تستطيع الثقه به ابداً .
ولكنها همست عكس افكارها باستسلام خافت : الا اثق فيك .
فهمس وهو يشعر بالتوتر من هذا الوضع فهذه المره الأولى التي ينام وامرأه تحتل صدره موطِنناً : طيب طفي النور , خلي هالليلة تعدي .
أطفأت الضوء بذارعٍ تُدرك طريقها ، وأُسبِلت أَجفانُهُما ليحل عليهما بحرٌ اسود من الظُلمة الداكنة .
يا الله ما اجمل هذا الدفء الذي تشعر به بين يديه ، كان جسدها يرتجف خوفاً وكان يشعر بخوفها من الظلام فيغرسها اكثر في صدره حتى هدأت حركه جسدها وارتخت وتغُط في سُباتٍ عميق .
*****
استيقظت مُبكراً وبدأت بتنظيف المنزل كالمعتاد والتجهيز للغداء وبصوتٍ خافت حتى لا تُزعج نوم زوجها وجدتها , فاجأتها رسيل وهي تطرق الباب , ففتحته بهدوء وهي تفغر شفتيها وهي تراها بعبائتها وقالت : خير اللهم اجعله خير , وين طالعه من صباح ربّ العالمين ؟؟
قالت رسيل بعجله : طالعه أفطر مع ريما وأنا أدري أنك تقومين مع الديك تعالي افطري معنا .
مسحت كفيها بالمريلة التي ترتديها : يا ليت أقدر أطلع معكم , لو انك قايلتلي بالليل كان استأذنت من فهد والحين هو نايم ما أقدر اصحيه حرام عنده شغل الظهر .
لوت رسيل شفتيها : خساره , عاد احنا نقرر فجأه اليكون صاحي يطلع ما نجلس نصحي في بعض , خلاص ان شاء الله يوم ثاني يا قلبي الجايات اكثر .
ابتسمت ببشاشه : ان شاء الله حبيبتي .
همّت لإغلاق الباب ففاجأها دخول طفليّ ريما والذي صرخ أكبرهم ويبلغ ثلاث سنوات : أنا ما ابي اروح معكم حرّ .
قالت رسيل بعصيبه : اقول بلا دلع ماصخ تعال بسرعه بنتأخر .
أختبأ خلف ساقيّ ميرال وهو يتشبث بها بشده : ما أبغى ما تفهمين ؟؟
وأخته التي تصغره بسنه كانت تُخرج لها لسانها وتقول : احنا نحب ميلو تعطينا حلاوه وما تضرب زيك يا شريره .
شهقت رسيل بصدمه من لسانهم الطويل , واشتعل وجهها بالغضب وهي تلتفت لأختها التي تنظر لها باستغراب : رسيل وش تسوين هناك كل ذا الوقت ؟؟ يلا تعالي وجيبي ميرال .
قالت رسيل بنفاذ صبر : ميرال ما رح تجي , تعالي شوفي عيالك عيو يجون معي ونشبوا للمسكينه .
ضحكت ميرال بنعومه وقالت : خلاص خلوهم وروحوا وأنا بفطرهم هنا .
أطلت ريما من خلف رسيل وهي تستمع لميرال وقالت : لا لا ياقلبي رح يطفشوكِ , اعرفهم ما رح يجلسوا هادين .
ميرال بإصرار : روحي وغيري جو مع رسيل وارتاحي شوي , ما رح يغلبوني وانا في البيت .
وذهبت ريما وتركت أطفالها مُحرجه من زوجه أخيها وأخيراً بعد شدٍ وجذب وقامت بالاهتمام بالصغيرين على أكمل وجه وأطعمتهما , وهاهي تجلس معها وتُلاعبهما قليلاً بعد أن أنهت أعمالها .
خرج من الغرفة وهو يُخلل أصابعه الخشنه داخل شُعيرات رأسه الناعمة , صفرّ باستغراب وهو يقول بتسلية : أوووه توأم الشمبانزي عندنا !!! منورين بيتنا .
التفتت له ميرال وهي تبتسم وتقول بنعومه : حرام عليك والله انهم عاقلين , وما طلعوا ولا نتفه صوت لأنك نايم انت وجدتي , بس الحين خلاص بطلق سراحهم شوي بما انكم صحيتوا .
جلس بجانبها وقال بمرح : بما انك قلتِ الجملة خليني اخمن انبح صوتك وانتِ تقولين لهم هششش .
ضحكت بخفه وهزت منكبيها برقه توافقه على كلامه . فتح ذراعيه القويين وهو يستقبل أطفال أخته بين أحضانه ويُدغدهم ويفرطون من الضحك وشاركهم الضحك وقد كان وجودهم هذا الصباح مُنعش له .
فغرت شفتيها وهي ترى ضحكته الخشنة وابتساماته لأطفال أخته , إنه يُجيد الضحك !!!!!!!!!!
لقد ظنت بأنه لا يعرف كيف يضحك وكادت أن تقسم بذلك فهي منذ وصلت إلى منزل عائلتها لم تره يضحك أبداً او حتى يبتسم وإن فعل كانت إلتواء سُخرية على شفتيه , شيءٌ واحد أدركته وهي ترا لعبه مع الأطفال وضحكاته الخشنة بأنه سيكون أباً رائعاً في المستقبل وقد كانت متعجبه بأنه لم يكن له اطفال وقد تزوج ثلاث مرات .
التقطها وهي تُحدق به فاختفت ضحكته فجأه وبقيت ابتسامته العريضة وقال : في شي غلط بوجهي عشان تطالعيني كذه ؟؟؟
ابعدت وجهها عن مرآ وجهه وكتمت شهقتها في صدرها وقالت بخجل : لا , لا مافي شي .
ثم سألها باستغراب : إلا وين ريما ما شفتها للحين ؟؟
بللت شفتيها بتوتر وقالت : راحت مع رسيل وبيرجعوا كمان شويّ .
عقد حاجبيه وهمس : وين راحوا يهيتون من صباح الله خير ؟؟
قالت بهدوء وهي تعبث بطرف قميصها : راحوا يفطروا والأولاد أصروا يجلسوا عندي .
فهد : ليه ما رحتي معهم ؟؟
قالت بهدوء : رسيل ما علمتني إلا الصبح وهم طالعين , وانت نايم ما حبيت اصحيك عشان أستأذن .
هذه المره منحها ابتسامه خاصه لم يمنحها لغيرها وكما هي العادة فهي الوحيده التي تشعره بأنه متزوج من امرأه و حريصه على أخذ الإذن منه , ثم قال بهدوء : مو مشكله المره الثانية لو حبيتِ تطلعين أطلعي حتى لو كنت نايم أو مسافر بس خليلي رساله عشان يكون عندي خبر ومطّمن عليكِ .
أومأت برأسها , وهو يُمرر كفه على شعرها المُسترسل بحُريّه على أكتافها وهمس وهو يُقربها إليه قليلاً : تدرين شفتكِ وانت تلعبين عيال ريما وتخيلتك وأنتِ أم , رح تكونين أم حلوه !!
احمرّت وجنتيها وهمست له بأفكارها : وأنا يوم شفتك تلعبهم وتضحك معهم , قلت أولادنا حيكونوا محظوظين فيك رح تكون أب رائع لهم .
تنهد بعُمق وهو يهمس بخفوت وصل إليها خفوته حزيناً يائساً
: ان شاء الله يا رب , الله كريم وبيكرمنا .
لقد كادت أن تسأله لما ليس لديه أطفال حتى الآن فقاطعها طرقُ الباب ونهضت لتفتح .
ودخلت ريما ورسيل وبيدهما بعض الأكياس وقالت رسيل والعرق يتصبب منها : اوووف يا رب وش ذا الجو مره حرّ الواحد ما يقدر يطلع من البيت , لا أنا جدياً أفكر اقنع ابوي نسافر لبلد باااااارد .
همّت بالجلوس قُرب فهد فقال بسرعه : لا تجلسين جمبي روحي خذي دُش وتعالي , ريحتك وصلت لأعضاء جسمي كلها .
قالت باستخفاف : هه هه هه هه ما تضحك !!
ارتفع حاجبيه : ومين قال إني بضحكك انت ووجهك ؟؟
قالت ريما وهي تتنفس بصعوبه من المشي وتهبط على الأريكة : أنا معليييش يا فهود مره تعبت وانكتمت بريح شوي واخذ عيالي واطلع .
عقد حاجبيه ناظراً إليها بريبه وقال : انت تعبانه فيكِ شي , ولا بس ضربه شمس .
قالت بخجل رغماً عنهما وان كان أخيها : لا الله يعافيك شكلك ما تدري , أنا حامل وتعبت من طلعه اليوم ولا المعتاد ما اتعب بسرعه .
هزّ رأسه بانتظام : أها أها , حامل أجل يا الأرنبة , الله يقومك بالسلامه وش أقووول ؟؟؟
أسبلت أهدابها وقالت بيأس : فـــــهد لا تتمسخر عليّ تكفى والله بالغلط حملت .
ارتفع حاجبه المشروخ بأناقه وقال : لا والله شلون بالغلط , فهميني غشيم ما أفهم بهالأمور .
أحمّر وجه ريما بصدمه فهذه المره الأولى التي يرتاح معهم أخيهم بالحديث , أين أختفى جموده وتكشيره وجهه المعتادة , لقد لاحظت للتو أن وجهه مُسترخي وبشوش وليس كما اعتادوا عليه من قبل .
التصقت به ميرال وهي تهمس بصوتٍ خافت جداً لا يصل إلا إليه وقالت بخجل : فهد عيييييب وش قلت ؟؟؟
ابتسم وهو يراها بهذا القرب فهمس لها هو الأخر : ما عليكِ حبيت أحرجها شوي هالأرنبة , تلعب على مين قال بالغلط قال !!!!
لقد مضى هذا الوقت سعيداً عليهم جميعاً وحلف عليهم فهد ألا يُغادروا قبل تناول طعام الغداء وكان قد تفاجأ بأن زوجته هي من حضرت الطعام وككل مره تقوم بمفاجأته بأبسط الأمور , كان قد اعتاد منذ سنوات على تناول طعام العاملات والمطاعم وطعام والدته , ولكن يبدو انه الآن سيبدأ بإدمان طعامها كما بدأ بالإعتياد على قُربها .
غادر فهد إلى عمله كما غادرت رسيل مع ريما لموعدٍ إلى الطبيب وأصرت ميرال على ترك الأطفال عندها لحُبها الشديد لهم وحتى لا تشعر بالملل وحدها .
أجفلها طرقٌ على الباب ولا تعلم لما انتابها الرُعب , ذهبت بخفه الفراشات لتفتحه بهدوء وتفاجأت من وجود دينا " ضِرتُها " هذه المرة الأولى التي تأتي بها لزياراتها ولقد بدت لها دينا مُخيفه كالنمور بعينين تلتمعان , قالت دينا بابتسامه مُغتصبة شريرة : رح تخليني أنتظر كثير على الباب ؟؟؟! ما توقعت انه زوجه زوجي بتكون بقله الاحترام هاذي .
توترت ميرال وهي فعلاً تخاف أن تُدخلها فهي تخاف كثيراً , فسحبت نفساً عميقاً وهدّأت من روع قلبها فلا شيء يدعو للخوف .
وابتعدت قليلاً عن الباب وهمست بنعومه : حاشا , تفضلي البيت بيتك .
دخلت دينا بعِلياء وكم اغتاظت من صوتها الناعم وكلمه " حاشا " التي يستخدمها فهد أيضاً والتي تبدو وراثه في عائلتهم البغيضة , وتخيلت وهي تتحدث بهذا الصوت إلى زوجها سارقه الرجال .
تمالكت أعصابها وضغطت بأصابعها على كفها حتى جرحت باطن كفها , وقد أصرت أن تُكمل ما بدأته وأتت من أجله .
زاد غيظها وهي ترا هذا المنزل يشُع بالنظافة المُفرطة ورائحه المُعطرات والصابون تملأ المكان , بينما تذكرت جناحهما التي تأتيه العاملة مره بالأسبوع لتنظفه ويبقى قذراً باقي الأيام .
قالت وهي تتلفت بالبيت وتلمس قطع الأثاث التي تلمع من شده البريق والنظافة ونظرت لميرال بعينين تشُعّا بريق مُرعب : أكيد البيت بيتي حبيبتي , مو هو بيت زوجي ؟؟؟ يعني بيتي كمان .
ابتسمت ميرال على مضض وهمست : تفضلي , وش تحبي تشربي ؟؟
قالت وهي تُحرك كفها بلا اهتمام : ولا شي , جيت بعطيك هدية بسيطه تقدرين تقولين عربون صداقه أو هدنه بينا .
قالت ميرال : ما يحتاج تكلفي على نفسك .
أخرجت من حقيبتها علبه صغيره تحتوي على خاتمٍ ما وقالت : لا كلفه ولا شي هديه بسيطه مو ذهب ولا فضه اكسسوار شي مو محرز , اتمنى انه يعجبك الخاتم .
نظرت له ميرال بذهول وقد أعجبها هذا الخاتم الجميل كثيراً وكان بريقه يدُل على انه شيء حقيقي , هل بدأوا يتقنون التقليد أيضاً ؟؟؟ ليصبح قريباً من الواقع .
قالت ميرال بهلع : مره حلو ويجنن بس شكله مره غالي ما أقدر أقبله , اعذريني .
همست لنفسها بغِلّ " صدق بنت فقر ما تنعطين وجه " .
اقتربت منها بخفه نمر مُرقط , وهي تلتقط كفها واقشعرت من نعومتها الطبيعية وأدخلت الخاتم عنوه بإصبعها .
وقالت بكذب مُحترف تُخفي غيرتها من جمال خاتم الألماس الذي لاق كثيراً على يدها وزاد من جمالها وتألقها بملابسها العادية القبيحة , بينما لم يلق هذا الخاتم على بشرتها السمراء : يجنن عليكِ الخاتم , شفتي شلون تتهني فيه يا قلبي .
وربتت على وجنتها الطرية بخفه وكم تمنت أن تصفعها بقوه حتى تحّمر وجنتها من صفعتها هذه البغيضة القذرة .
قالت دينا بنعومه مزيفه وهي ترى خاتمها الثمين يلمع في كفّ ميرال : يلا عن إذنك حبيبتي , أنا بمشي الحين عندي مشوار بتجهز لليلة تدرين عاد اليوم ليلتي .
أومأت ميرال بهدوء وهي تُدرك ذلك جيداً عندما وافقت على هذا الزواج بأن هذا الرجل الرائع ليس لها هي تمتلك نصفه فقط , نصف رجل ونصف حياه , وعليها الاعتياد على ذلك ولا تعتاد على غير ذلك .
لا تعرف لما شعرت بشيء من الغيرة وهي تُذكّرها انّ هذه الليلة ليست لها ولن تبقى في حضنه كما اليوم , رباااااااه لا يحق لها ان تغار لا يحق .. هذه الغيرة ليست من حقها وهي من قبلت به إنها ليست انانيه لكنها تُريده لها وحدها .
خرجت آهه متألمة قد اخترقت قلبها وهي تعلم أن ذلك مستحيل , لن تحصل اليوم على دفء أحضانه . وضعت قبضتها عند قلبها وهي تتألم لهذا الشعور بالغيرة الذي اجتاحها اليوم وباغتها بلا إنذار , وجلست بهدوء على الأريكة الوثيرة بعد خروج دينا .
يبدو انها اليوم ستضطر إلى فتح الضوء بجانبها حتى تستطيع النوم , عليها ألا تعتاد على حضنه أو دفئه وكم يؤلمها أن تبدأ بالاعتياد وهو ليس لها وكم يؤلمها أنه لا يُحبها ولا يشعر بها رغم حياتهم الهادئة .
منذ البداية لم يكن لها ولن يكون , وهي القذرة التي أخذته من يد زوجته الطيبة والتي تحاول أن تهديها الهدايا وتكون لطيفه معها رغم أنها ليست مضطرة لفعل ذلك إنها تفعل من طيبتها وحسب , وكم تخجل عندما تخاف منها ومن قوتها التي تشع من عينيها البراقتين .
أقترب منها الطفلين وهما يُحدقان بالخاتم البراق في اصبعها فهمس مؤيد : مره حلوو الخاتم .
ابتسمت وهي تمسح على شعره وتهمس : يا حبيبي انت عيونك الحلوة .
لقد قررت أنّها ستحاول ان تمنع هذه الغيرة من الزحف إليها , فليس من حقها ان تغار عليه , وستبذل جهدها لتكون سعيدة معه وحسب .
*****
ضبابٌ اسود حالك يغشى عينيها ، لا لا !!! فهذا الضباب يغشاها منذ وقتٍ طويل .. طويل جداً والادهى والأمرّ الان انها لا تشعُر بالامان ، انها تشعر بأنها في مكانٍ غريب تملأه رائحه قويه أدركتها خياشيمها رائحه تعرفها جيداً " المستشفى " .
فور ان ثبتت ذاكرتها وعاد شريط ماحدث لها يمُرّ على خيالها حتى انتفضت بهلع وخوف وتهمس بإسمه ، هو الوحيد الذي طرأ اسمه على بالها فقط ، هو من كأن ملجأها وأمانها الوحيد " فيصل " .
كانت تهمس بخفوت وخوفٌ اكتنزها : فيصل ، فيصل .
شعرت بكفٍ خشنه بأصابع نحيله تمسح على شعرها وصوته الرخيم بنبرته الحانيه يهمس : انا هنا يا قلبي ، لا تخافي .
خفُتت انفاسها الخائفة وعادت ادراجها بهدوء وهي تسمع هذه النبره في صوته ككل مره يتحدث فيها .
قال لها وهو يلتقف كفها بين كفيه : انا بروح أطمن من الدكتور عن حالتك واجيك ، لا تخافي ما رح أطول .
خرج وهو يغلق الباب بهدوء ووجد انه يعرف الطبيب المشرف على حالتها فقال يُخفي لهفته عليها امام الطبيب : بشِّر يا ياسر ، كيف صارت حالتها ؟؟! .
بلل الطبيب شفتيه وقال بهدوء ولهجه رسميه : ما اعرف وش اقولك يافيصل ، وضعها غير مطمن حالياً ماتقدر تسوي لها العمليه عشان عيونها والحبل الشوكي تضرر من طيحه الدرج لازم نخليها بالعنايه اربعه وعشرين ساعه عشان نعرف وضعها وايش رح يصير لها ـ همس بأسى ـ ياتصيب يا تخيب .
شحبت ملامحه وهو يفهم المعنى المُبطن لكلامه و لهذا الخبر المرير ، كأن خنجراً غُرِز بقلبه وانتُزع بقسوه ،
ولا يعرف كيف سينقل لها هذا الخبز الذي سيُودي بها ؟!ويرى الحزن يلمع في مُقلتيّها للأبد .
كيف يقتلها ويقتل فرحتها التي زُرعت بذورها ولم تنمو حتى تنبت تلك البذره ؟؟!
كيف يدوس عليها ويُحطم آمالها وأحلامهم ؟؟!
تنهد بعمق وهو يسمع الطبيب يردف بحذر : زائد في شي ثاني مهم وتحتاج تعرفه لانه يبي له عنايه فائقه !!!!! ويعتبر سبب ثاني إنَّا ما نقدر حتى نخدرها ونسوي لها اي عمليه !!!
رفع إليه عينيه بهدوء وهو يستعد لتلقي الضربة الثانية وهمس : قول ، قول وش فيه بعد ؟؟! الله كريم وبيلطف فينا ان شاء الله !!! .
،
حل عليهم هذا الصباح وليس صباحاً كأي صباحٍ عادي ، بل هو صباحٌ مرير من تلك الأحداث التي حدثت وتوالت عليهم ، وماسيحدث قريباً فالمصائب دوماً تأتي متتالية ولا تأتي فُرادى .
هرول على عتبات الدرج وعليه ان يُخبر زوجته بما حدث لها لا يستطيع ان يُخفي عنها ماحدث لها ويكذب عليها ويُمنيها بشيء قد لا يحدث .
قابل والدته التي قالت بقلق مُزيف ، نجحت بجلبه لنبره صوتها : فيصل !! طمني يمّه وش اخبار زوجتك ؟؟! وش صار عليها ؟؟!
ابتسم بخفه ولم تصل ابتسامته لعينيه ، فوالدته بعد التقائها بميس يبدو انها احبتها ولم تعد تشتكي له ، بل كانت تمتدحها دوماً امامه وتُعلي من قدرها وشأنها ، فكان يرتاح كثيراً لان والدته تقبلتها بحُب ولو كان بشكلٍ قليل المهم ان تتقبلها وستعتاد عليها مع الوقت .
فيصل : الحمدلله يمّه الله كريم ، بالليل رح تكمل اربعه وعشرين ساعه ونشوف يا تصير زينه ونقدر نسوي لها العملية عشان عيونها او ـ ثمّ همس بخفوت وغصه علقت في حنجرته ـ او خلاص رح تضل كذه علطول .
همست إيمان بنفسها بخفوت " ياعساها ما ترجع تشوف هالحراميه الداخله على طمع " .
قالت تُمثل الحزن ببراعه : ان شاء الله خير يمّه ، انت بتروح لها الحين ؟؟!
_ إيه يمه بروح لها تلاقيها الحين صاحيه وخايفه ، إلا صدق وش الصار أمس بالضبط وكيف طاحت من الدرج وهي حافظه الطريق زين ؟؟!
قالت بكذب والدموع تلمع بمدامعها : ما ادري يا ولدي انا سمعت صوت عالي عند الدرج وطلعت اشوف وش السالفه مع اختك عبير ، ولقيتها تتكلم مع اخوها على التلفون وبعدها تعثرت بكرتون جمب الدرج وطاحت ولا قدرنا نمسكها .
زفر نفساً خشناً وهو يقول : طيب ، طيب ، ان شاء الله خير يا رب ، يلا انا بروح عشان لا اتأخر عليها .
همست تُحدث نفسها بعد ان خرج : روح ، روح ياخروف لعبت في عقلك لين قالت بس .
أمسكت بهاتفها وضغطت بأناملها الأنيقة على ارقامٍ معينه ، حتى استقر الهاتف على إذنها بأناقة مفرطه بغيضه وقالت بصوتها الصارم بدون اي مقدمات : ولدي فيصل رايح للمستشفى عند زوجته ، وانت عليك تنفذ الاتفقنا عليه بالحرف الواحد ، فاهم خليه يصدق كلامك مقابل كل فلس أعطيتك ياه وأبشر بالنص الثاني لو صار وطلقها بعد ما يسمع كلامك .
*****
ابيضت أنامله على عجله القيادة والملل يكاد يتفجر من احشائه فقرر الاتصال بأخته التي تعيش معه في المنزل وليس لهما غير بعضهما .
انتظر قليلاً حتى تُجيب على الهاتف بصوتها الذي لا يقرب للنعومه بصله : هلا مصعب .. وش تبي ؟؟؟
ارتفع حاجبيه وقال بجمود : جهزي نفسك بجي أخذك ونطلع شوي نتمشى .
قطبت حاجبيها من الطرف الآخر وقالت وهي تتنهد بيأس : يووووه يا مصعب , يعني ما حليت لك الطلعه إلا الحين وأنا ازن عليك من اول نطلع , ما أقدر اطلع معك وصديقتي عندي خليها يوم ثاني تكفى .
لمعت عيناه وهو يسأل بفضول : مين هي صديقتك العندك ؟؟
قالت بطيب نيه : اسيل , وترى بالقوه اقنعتها تجي يوم حلفت لها انه ما في احد بالبيت غيري , لا تجي الحين وتخرب علينا .
ابتسم واتضحت مخالبه خلف فمه القاسي وقال : أسيل أجل ؟؟ هاذي بنت الكاسر ولا انا غلطان ؟؟
قالت بنفاذ صبر : إلا هيا , بس ها لا تجي الحين .
أومأ برأسه وقد عرف كيف يتخلص من ملله هذا اليوم فلقد دخل الأرنب إلى عرين الأسد , فهل يجعله يُفلت بهذه السهولة ؟؟! هذا مستحيل .
بهذه الطريقه سينتقم من الفهد وينتهى انتقامه عند هذا الحد فهذه الضربه ستؤلمه كثيراً ستألمه ولكن ليس أكثر مما تألم هو , لم يتخيل ان انتقامه سيأتي بهذه السرعة وبدون أي تخطيط , وأما بالنسبه لابن عمه " سيف " الجبان ضعيف الشخصية والبنية الذي قرر ان يستدرج الفهد عن طريقه فلم يعد يحتاج اليه وسيترك امره لرجاله حتى ليحلون امره .
أدار عجله القيادة إلى حيث يقبع منزله , وعينيه تشتعل إصراراً على أن يتم ما خطط إليه من قبل وجاءه الآن على طبقٍ من ذهب .
,
في الجهه المُقابلة كانت تضع قدماً على الأخرى بأناقة تهزها بطوله بال , وقد أغلقت الهاتف بأناقه ونظرت لصديقتها التي أنهت الأخرى مكالمتها مع أخيها وقالت بهدوء : أخوك بيجي أطلع ولا شلون ؟؟!
قالت سلوى وهي تحدق بها بريبه مُتجاهله اغلاق أخيها الخط في وجهها : لا ما عليك ما رح يجي , إلا أنت وش كنت تسوين ؟؟ ومين تكلمين ؟؟
ابتسمت بشرّ : كنت أكلم ريما وعرفت بالصدفه أنها تلعب بجوال زياد زوجها يعني .
سلوى بهدوء : إيييه , وليه كل هاذي الابتسامة ؟؟!
هزت كتفيها الأنيقين بلا اهتمام وهي تُرفرف بأهدابها : أبد بس أرسلت لزياد رساله بسيطه .
شهقت سلوى وهي تقول بعدم تصديق : لا مو من جدك أنتِ للحين تلحقين فيه زوج أختك ؟؟؟
نظرت لها بحده وقالت : وأنا متى وقفت ؟؟؟
قالت سلوى بعصبيه وتكاد تجن من هذه الفتاه التي اخرجتها عن طورها : مجنوووووونه انتِ يختي حرام عليكِ أنت الرفضتيه من البدايه وهو عشان يحمي كرامته من رفضك تزوج أختك , وش تبين فيه وانتِ الخليتيه من البداية انسي أنسي كل شي وعيشي حياتك وخليهم بحالهم .
قالت بعِلياء : كان لازم يدور عن كرامته في مكان ثاني مو عند اختي عشان يقهرني , أدري اختي مالها ذنب بس هو يُعتبر انه خدعها كمان لأنه أكيد ما حكى لها عن علاقتنا مع بعض , ولو انفصلوا بكون هالشي لصالحها .
قالت سلوى بانفعال : أكيد بكون بصالحها لأنه الخاين رجع يكلمك وحتى حملها ما خلاه يتراجع , أولاد اختك رح يعانوا كثير وبتكونين أنت وهو السبب , على بالك الموضوع رح يضل مخفي ولا رح تدري , ترى المرأه مهما كان تحس بزوجها لو كان يخونها وتتألم فما بالك لما تدري انه زوجها يخونها مع اختها رح تتحطم كثييير .
قالت بكذب وهي تتحلطم بلا اهتمام : يوووووه يا سلوى عاد انت بس تنصحين وش يوقف لسانك , مادري شلون نتفق أنا وانتِ وكل وحده فينا عقلها غير عن الثانية ؟؟!! يختي تطمني ما رح تدري احنا حذرين والرساله الأرسلتها تو بسيطه ما رح تشك بسببها .
قالت سلوى بقهر من أفعالها وحركتها : الله لا يجعل لأحد خوات لو أنهم بكونون مثلك , أنا مالي أخوات أول مره أحس بهاذي النعمة وانا على بالي انها نقمه .
انفعلت أسيل هذه المرة ونهضت وهي تهدر بغضب : خلاص بس عاد مسويه انك الناصحة والمطوعة وانت من جنبها , غثيتيني الحق عليّ اقولك كل شي , انا بمشي الحين ما ني جالسه وانا اسمع باقي تهزيئاتك .
كتفت سلوى ذراعيها بهدوء دون ان تنبت ببنت شفهّ او تُجاملها كما العادة , فلقد تعبت من المجاملة .. تعبت من نُصحها بلا فائده .. تعبت من حركاتها التي لن تتغير , هذا انسب حلّ طالما انها لم تعد تروقها فاليبتعدا عن بعضهما , ثم همست بخفوت : الله معك حبيبتي , تدلين الباب ما يحتاج اوصلك !!!
التقطت عبائتها بصدمه من حال صديقتها الغريب , ففي العاده كانت تُصرّ عليها بالبقاء أما الآن فلم تهتم , غضبت كثيراً وستندم على ذلك إن حاولت ان تُصالحها فهي ستُخرج عينيها من محجرهما إلى أن تقبل الصُلح بينهما .
هرولت إلى الباب وهي ترتدي عبائتها بانفعال و عجله , بينما كانت سلوى ترمُقها من خلفها بأسى على حالها الذي وصلت إليه وقد دخل الحقد والكره لقلبها الأسود فلم تعد تستطيع أن تثق بها مثل السابق وتُؤِّمنها على حياتها وأسراها , فالتذهب .. فالتذهب وتجد طريقها إن وجدته بحقدها و الغل الذي يملأ قلبها .
توجهت إلى دوره المياه , حتى تُنعش نفسها بماءٍ بارد بعد أن شعرت بلهب شرّ أسيل يحُوطها من كل جانب .
في الطرف الأخر فتحت الباب بعُنف ثم شهقت عندما كادت أن ترتطم برجل , الذي ابتسم وقال بوقاحه : اووه على وين يا الحلو ؟؟
عبست بحاجبيها وقالت وهي تضع خمارها على رأسها بسرعه ويديها ترتعشان بخوف : وخرّ عني يا قليل الأدب .
صفّر بتسليه و أمسك بعضدها عندما تجاوزته وأرادت الهروب فلم يسمح لها , جذبها بقوه حتى ارتطمت بصدره وقال بحقدٍ دفين : على وييين يا الوردة , لسه تونا بنتعرف !!
انتفضت بذعر وهي تضربه على صدره بقبضتها الحُرّه وتشتمه : يا حيوان وخرّ عني وش تبغى فيني وخرّ .
أإلق فمها بسهوله وهو يسحبها للداخل ويُغلق الباب بقدمه , ويُدخلها لغرفه الجلوس في الأسفل و يُغلقها بالمفتاح وبكل بساطه ألقى بالمفتاح من النافذة حتى لا تهرب منه مهما حدث .
شهقت بعُنف وهي ترتجف بخوف من هذا الأمر الذي تشعر به وتشعر بأنها تحلم فلا يُمكن أن يكون حقيقه وذلك الرجل يرغب في تجاوزها والقضاء على حياتها ومستقبلها .
قال بابتسامه شريره : والحين نقدر نبدأ شغلنا على روقان , ليتك بس لا تتعبيني معك خلك عاقله عشان تطلعين بسرعه .
زمجرت بغضب وهي تضمُ ذراعيها لصدرها : تحلم يا حيوان تاخذ التبغاه مني , يا الحقير الله ياخذك وتشوفها في أهلك .
اشتعلت عيناه عند دعائها هذه الدعوه وليس له من الأهل غير أخته , فزمجر هو الأخر دون أن يهتمّ لدعواتها وانفعالها ينهبُ الأرض بينهما بينما كانت هي تتفاداه وتدور حول الطاوله الزُجاجية بالغرفة وتصرخ علّ سلوى تسمعها وتُنقذها من المحتوم , علقت في الزاوية وهاهو النمر يُحاصرها في مكانها وينقضّ عليها ويكتُم صرخاتها وأنينها الذي خفت والإغماء يزور عينيها ويغشاها ضبابٌ كثيف .
*****
وضعت هاتفها برقه بجانبها بعد أن تحدثت مع أختها . لا تعرف لما لا ترتاح نفسُها عندما تتحدث معها ؟؟ تشعر انها عندما تخبرها بإختلاجاتها أو شكوكها بزوجها فهي تزداد تعاسه في كل مره , ولوقتٍ متأخر .. متأخر جداً أدركت أنّ اُختيها الوحيدتين ما تزالان صغيرتين غير ناضجتين او واعيتين ولكن أسيل كانت هي الأخت الأقرب دوماً لأنها لا تثق بأي صديقه فالأخت هي الأفضل بالنهاية لحفظ أسرارها , فأسيل هي التي تتحدث معها وتلحقها مؤخراً وعلاقتها معها جيده .
تأففت بضجر وقد قررت أنها لن تتحدث معها بأمورها الخاصة بعد اليوم علها ترتاح . عادت لتُتابع عملها من هاتف زوجها وقد أتاه تنبيه بقدوم رساله , لم تكن يوماً متطفله على مكالماته ورسائله ولكن في هذه الآونة لا تستيطع إلا أن تشكّ به دون أ توضح له شكوكها .
ارتفع حاجبها الأنيق وهي ترى الرسالة قد وصلت من رقمٍ سُجِّل باسم " حُلمٌ مستحيل " , فتحت الرسالة بهدوء لتقرأ تلك الحروف التي احمّر وجهها بسببها .
ارتعشت كفها بصدمه فالرساله كانت مليئه بالكلمات الحميمة والغزل , من هذه التي تُرسل له هذه الرسائل ؟؟ وكما انّ رقمها مُسجل في هاتف زوجها أي أنّ الرسالة لم تأتي بالخطأ .
مسحت تلك الدمعة اليتيمة التي هبطت من بؤرتها لتشُقّ أخدوداً على وجنتها عندما سمعت صوت نزول زوجها على عتبات الدرج .
اقترب منها وهو يراها تحاول السيطره على ارتعاشتها بينما تقف بشموخ ورأسها مرفوع بعِلياء , وهمس بصوتٍ متعب من العمل : إيش فيكِ حبيبتي ؟؟ تعبانه ودك أخذك المستشفى .
قالت بجمود اتشح به صوتها : لا حبيبي ما له داعي توديني المستشفى , ما فيني شي !!
بللت شفتيها وهي تردف وتمُد له الهاتف : تفضل شوف جتك رساله مهمه يمكن صاحبتها تنتظر الرد .
التقط الهاتف بهدوء وهو يُحدق بكلمات الرسالة الجريئة وتتسع عينيه من وقاحتها , كزّ على اسنانه وكان قدّ حذرها من أن تتحدث معه على الهاتف او ترسل له الرسائل .
وقبل أن يفعل شيئاً صدح هاتفه بالرنين وكان الذي يتصل هو " حُلمٌ مستحيل " , اتسعت عينيه بصدمه من وقاحتها ولم يعرف كيف يتصرف أو يفعل .
أُجفل عندما سحبت ريما الهاتف من كفه بخفه وهي تقول بانفعال تهزّ هاتفه الذي يصرُخ بكفها , والدموع تتساقط من عينيها وجموده ووقوفه كصنمٍ لا يتحرك دون ان يُدافع عن نفسه أكد لها شكوكها : مين هاذي يا زياد الترسلك مثل هالرسائل , لا ومسجل اسمها بعد , مين هي التخوني معها ؟؟؟ مييييييين هي هاذي التغيرت عليّ عشانها وبسببها ؟؟؟؟ طيب .. طيب لا ترد أنا رح أرد وأعرف مين هي هاذي الحيوانه الثانية !!!!
أسبل أهدابه بقوه عندما أستقر الهاتف على إذنها , وقد كُشف أمره ولا مجال للكذب أو مُجاره الموضوع وإخفائه الآن , كان يشعر أن هذا اليوم آتياً لا ماحاله وقد تعب من كل شيء من مُداراتها في حملها وتعبها وتعب من إخفاء الأمر عليها وهي لا تستحق منه ما فعله بها هو وأختها , لقد تحطمت أسرته قبل أن تولد عندما أراد الثأر لكرامته والزواج بأختِ من كان يُحبها نكايه بها !!! , وهنا تنتهي حكايته وحكايه حُلمه المستحيل .
للتواصل معي عن طريق
سناب شات
Auroraa.f
فيس بوك
Auroraa dos