في أحد الأسواق العامة .
كعب عالي يطرق الارض بكل خطوه مُغوية تخطوها تلفت الأنظار , عباءه سوداء مختلطه بالكثير من الألوان اشبه بريش الطاووس المُتعالي , ورائحه العطر الفواح يتغلغل بين الشُعيرات الهواية للرئتين ويخطف الأنفاس من رائحته النفاذة ,
الشعر الأشقر مُسترسل بحريه على ظهرها والخمار وُضع باهمال عليه ولم يُغطي منه إلا القليل
وبصوت عالي تقهقه مع صديقتها التي تعتبر أقل منها بالزينة
: هههههههههه شفتي المسكين وش صارله كسفته بطناشي مايدري وين يودي وجهه .
ضحكت بمجامله لها دون أن تنتبه الأخرى
: ه ه ه ه ايه شفت بس ليه تسوي كذه اسألك بالله ما تخافين يدري زوجك عنك وعن حركاتك .
لوت شفتيها بامتعاض من ذكره وقالت باستهزاء
: أول شي وش دراه زوجي كل يوم والثاني مسافر مهملني ومو سائل فيني , ثاني شي بما انه مهملني يحقلي اعيش حياتي مثل ما هو عايش حياته والله اعلم وش مسوي بسفراته الكل يوم والثاني ويالا يجلس بالشرقية .
لم يعجبها رجها فقالت بضيق
: يختي انتي المو سائله فيه مدري وش مصبره عليكِ المسكين كان زمانه تزوج عليك .
قالت بلا اهتمام
: المصبره علاقات ابوي وابوه بالشغل ولا انا فهود ما اطيقه من يومنا صغار بس تدرين اكشخ فيه قدام البنات يعني هو واجهه اجتماعيه لي ولو بغى يتزوج كان تزوج من زمان بس احنا الاثنين راضيين بحياتنا .
قالت صديقتها بصدمه
: ماتحبينه يعني .
قالت بتأكيد , تهز رأسها
: لا طبعا ولافكرت فيه , قاسي و جلف ما يعرف يقول كلام حلو ولا هو رومنسي , بس شخصيته تعجبني انه ثقيل وهيبه وكله شموخ والرجال يفزّوا بس يدخل عليهم يحترمونه كثير , بس المفروض يكون معي غير انا زوجته موب اخته , يعاملني مثل ما يعامل الكل , وبعدين صار اهم شي عندي يعطيني فلوس ويصرف علي وهو ساكت ,
يلا تعالي عازمتك على الغدا في هالمطعم لذيييذ اكلهم
قالت بغرابه وبهوت
: يلا .
سارتا معاً نحو المطعم , ولم تزُل صدمتها عن وجهها , ظنت ان هذا النوع من النساء اللذين يبحثون عن المصلحة بزواجهم قد انقرض , وان أي فتاه الآن تبحث عن الحب و السعادة مع زوجها , ولكن الأكيد انه مع حاله صديقتها فهذا الوضع لم ينقرض بعد .
******
: ميرو خلااااص طفشت سولفي معي شوي .
هكذا قالت سارة بملل ووجهها عابس بشده , ردت عليها ميرال وهي تنظر لبعض المجلات الخاصة بالأزياء والموضة والمشاهير
: طيب يلا سولفي اسمعك , وش عندك .
قالت ساره عاقده حاجبيها بتوتر من الإجابة
: ايش صار على تسجيل الجامعه ؟؟! سجلتي فيه ؟؟!! .
تنهدت ميرال برقه وقالت
: مادري والله كلمت مرت خالي ماتبغاني اكمل طبعاً , بس اعرف انها تحب الفلوس وقلتلها اذا درست وتخرجت رح اشتغل ويصير عندي راتب شهري غير مشروعنا , وهيا عيونها حِوْلَتْ وقالت انها بتفكر
ـ هزت كتفيها الرقيقيه ـ
يعني زي ما تقولي أغريتها .
قالت سارة بوداعه
: زين ما قلتِ , يلا ياقلبي خير ان شاء الله , دام انها قالت بتفكر يعني موافقة مبدئياً .
قالت ميرال مُتسعه العينين بذهول وقد ابتسمت بحب لذكرى والدها : سوس تعالي , تعالي بسرعة شوفي هذا الرجال بالمجلة يشبه لابوي مررره مره .
اقتربت سارة منها بفضول تطُل برأسها على المجله بيد ميرال
: أي واحد فيهم كلهم رجال بالصورة ؟؟؟! .
اشارت ميرال باصبعها اللين عليه : هذا !!! .
فغرت ساره شفتيها قليلاً
: اذكر مره راويتيني صوره ابوك !! , صدق يشبه سبحان الله ويخلق من الشبه اربعين , شوفي هذول شكلهم عياله حواليه واخوه وعيال اخوه مثل ما مكتوب بالخبر , يختي يجننوا كلهم وكأنهم توارثوا هاله الهيبة , ماعدا هذا شكله بعمرنا وقصير ودب .
ميرال : سبحان الله , ههههههههه اهم شي قصير ودب , بس شكله لذيذ وكيوت .
ضحكت ساره بمرح
: ليه بتاكلينه انت ؟؟! ههههههههه هبله صدق قال لذيذ وكيوت !!! .
سرحت ميرال بذكرياتها مع والديها ودمعت عينيها الفيروزيتين
فقالت ساره بندم
: افا ميرو ياقلبي وش فيكي , ترا امزح معك .
مسحت دموعها بأطراف أناملها وابتسمت ابتسماتها الحلوه
: لا يا قلبي ما زعلت من حكيك , بس تذكرت امي وابوي الله يرحمهم يارب , اشتقت لهم مرره .
ساره بألم تنهض من مكانها تتقدم إليها وتعانقها بحنان أخوي
: الله يرحمهم ويجعل مثواهم الجنه , حبيبتي .
همست ميرال بنعومه : أمين يا رب .
*****
نتغلغل أكثر داخل أعماق قصر الكاسر , في هذا الوقت كانت رسيل تمشي وتهبط عتبات الدرج بدلال , بسروال من الجينز وكنزه باللون الفسفوري لنصف الكُم , قبلت رأس والديها بحنان .
رغم انها توأم اسيل الحمراء , كما يسميها الجميع لأنها تصبغ شعرها دوماً بهذا اللون ,
الا ان اسيل اجمل بكثييير من رسيل , ومايحبب الناس برسيل ويعجل توأمها تغار منها , هو مرحها وجاذبيتها وأخلاقها , فالجمال دوماً جمال الأخلاق والروح لا المظاهر الخادعة .
قال ابو فهد بحنا أبوي عميق لابنته الصُغرى المُحببه إليه
: اشوف البسمه شاقه الوجه اكيد فهيدان جاي اليوم , ولا ماشفنا ذا الثغر مبتسم إلا للغالي .
ام فهد بمحبه
: سلمان حرام عليك وش فيه ولدي تقوله فهيدان كأنه مو عاجبك .
ابوفهد : حاشى , هو وش قلت اللهم يا حافظ , تدرين بفهد احب عيالي لقلبي هو بكري وفرحتي , بس لا تعلمين اخوانه الحين ينشبون بحلقي .
دخل فهد وسمع دفاع والدته عنه , ومحبه والده الخالصة له , وابتسم بحنان لا يخصه إلا لهما , ولثم جبينهما بشفتيه القاسية
: فديت امي الصافه معي , وابوي حلالك وفداك والله تقولي فهيدان والتبيه , تربيه ايدك أفا عليك
صرخت رسيل بفرحه عارمه
: فهووووودي وحشتني يا دُب .
فهد يلتقطها بين ذراعيه بخشونه
: هلا بدلوعه اخوها , وش علومك ؟؟! .
رسيل : عال العال بشوفه وجهك , كيفك انت وايش مسوي ؟؟! .
رد ببشاشة
: ابد على حطت ايدك مثل ما انا , الا وين اخواتك الماينشافون ؟؟! .
رسيل : ريما ببيتها طبعاً , واسيل بجناحها أكيد .
ابوفهد وهو يشعر بالسعادة لقدوم ابنه , بات يفتقده كثيراً هذه الفترة بسبب كثره سفراته للخارج , هناك ما يقض مضجع ابنه الكتوم الذي لا يتكلم , ولهاذا السبب يسافر كثيراً كي لا يُفكر بهمومه , دعا له من كل قلبه أن يفرج عنه كربه وهمومه .
وقال بحنان
: هلا والله بالغالي , ها يابوك للحين مصمم ماتنقل شغلك للمطار وتوقف ما طاح البراسك , بدل الكل يوم بطياره وسفر وتعب عليك , هاذي صحتك ونفسك انت مسوؤل منها قدام ربك , ترا نشتحن حنا لك واجد .
همس فهد لنفسه
" اااه يابوي مرره تعبان من هالشغل , كيف انقله وانا مو مرتاح بحياتي هنا وكلها نكد وهم , وكل الأسويه أهرب من الواقع "
ثم قال بلطف , بعكس أفكاره
: ان شاء الله يبا ان شاء الله , بس ربي يقدر انقل نقلت , عن اذنكم بروح اريح شوي بجناحي .
رد عليه والديه وهما يشاهدان ظهره العريض يعتلي السِلّم
: بحفظ الله ربي يرضى عليك .
*****
وصل إلى جناحه أخيراً , وتعب وارهاق العالم مُجتمعان به ,
معطفه مُعلق بإهمال على كتفه , ويده الاخرى تحمل حقيبه السفر الصغيرة المعتادة التي يأخذها لكل سفراته .
رمى المعطف بكسل على السرير وبدأ يخلع أزرار كميّ القميص الأبيض .
و خرجت من غرفه تبديل الملابس , امرآة شقراء بطريقه مُزيفة , مالت بجسدها الغضّ على اطار غرفه التبديل تتأمل زوجها الوسيم ,
يلتف على جسدها فستان سهره , وكانت متأنقه ومتزينه وكأنها مستعده للخروج , أم أنه يتخيل ذلك ؟؟!
ليست جميله ولكن ملامحها أنثويه حاده , وتهتم بنفسها كثيرا وتدفع مبالغ طائله على تحسين شكلها ممها كان .
قالت بكذب وكأنها تنتبه إليه الآن رغم أنها رأت دخوله للقصر من شرفه الجناح الضخمة قبل نصف ساعه
: اه فهد انت جيت ماعرفت؟؟! , ولا علمتني !!! .
فهد ينظر لها ببرود وكأنه لا يهتم بسؤالها عنه
: ليه فيه شي ودك فيه ؟؟! ما أدري أنك مهتمه برجعتي .
دينا بدون أي ذوق واهتمام قالت بصراحه
: ابد بس يعني اسمه عايشين مع بعض المفروض تقولي عشان يكون عندي خبر وما اكون مشغوله .
فهد وهو يرغب في ان يرتاح ولا وقت لديه للجدال
: مافرقت دايما مشغوله اصلا اطلعي ماحد ماسكك .
دينا بدلال مصطنع , جعله بتقزز منه
: باي .
تجاهلها ولم يرد عليها فهو لم يحببها أبداً , كانت دوماً متباعده بروحها وجسدها و لها حياه بعيده صاخبه عن حياته الهادئة , لم تتأقلم مع عادات عائلته وعانى كثيراً في محاوله تغيرها للأفضل , تتحسن لعده أيام ثم تعود أسوأ من قبلها ,
ببساطه هي لم تؤمن له الأسباب ليحبها ويعشقها وكانت دائما مهمله بحقوقه الزوجة كما مهمله بحق عشهما الزوجي ويعلم انها لم تحبه يوماً فنظراتها وحركاتها بارده كهذا الجناح .
نظر حوله نظره باهته وككل مره يدخل إلى هذا المكان يشعر بالبروده تتخلل إلى جسده بخبث , وكأن الصقيع حل على البلاد ,
ولا رائحه , أو احساس لدفئ أنثى تعيش فيه كدفئ امه ,
يشعر بالضجر كلما دخل إلى هنا , انتابته القشعريره من التفكير .
والحنين لأطفال طال انتظارهم , ولكنه لن يظلم نفسه ويظلم زوجه ثانيه معه لأنه يعلم جيداً انه فقد ثقته بباقي النساء , وأن هذا الزمن مختلف تماماً عن زمن والدته الحنونه , ولم تعد هناك فتاه تهتم لأمر الزواج او الأطفال وكل ما يهمها هو متاع الدُنيا .
خلع ثيابه واتضحت عضلات عضده ومعدته المفتولة , التقط منشفته ودلف لدوره المياة واستحم بماء بارد يسير على عضلات جسده المُتناسقه .
يُفكر بعمق , الا متى سيبقى على هذا الحال ؟؟! وهل سيصبر أكثر كما صبر من قبل ؟؟! , وهل يكتب له القدر حياه سعيده بجانب زوجه تحبه ويحبها وأطفال يملئون حياتهم ؟؟!!
انهى استحمامه , وغطى جسده بقميص خفيف أبرز عضلات جسده , كما سرّح شعره الذي يتقاطر منه الماء للخلف ,
واستّل هاتفه واغراضه الشخصيه ,
وخرج من الجناح والقصر لشقه كبيره جدا خارج القصر , مبنيه في الحديقه .
يحب ذلك المكان لا يجد راحه باله وقلبه الا به , حيث تعيش فيه امه الثانيه " جدته الغالية " .
,
كانت تحرك جذعها المُنحني من كِبر السن , للأمام والخلف بحركات مُتناغمه , مُسبلة أهدابها , على أرائك بسيطه موضوعه على الأرض الصلبة , تُسبح وتستغفر بمسبحتها الملازمه لها دوماً وتدعو لأولادها ولأحفادها روحها وقلبها وتعيش باقي عمرها لأجلهم فقط .
دخل عليها جسد رجولي , شعرت برائحته النفاذة تخترق جيوبها الأنفية ثم فتحت عينيها الضعيفة قليلاً و ابتسمت بوهن , كيف لا تعرفه وهو فرحتها الأولى ؟؟! وضوء عينيها الذي ترا به .
قالت بشجن
: حيّ الله بو سلمان , يا الله أنك تحيّ هالزول وتسعده سعادتين دنيا و آخره قول أمين .
ابتسم فهد وهو يقترب منها يلثم جبينها , ثم ينتقل لكفيها يلثمهما معاً , وقال بحنان
: الله يحيك يا الغالية
ـ ثم أردف بقلق وهو يتتبع بعينيه ملامحها المُجعدة ويمسح على كفيّها بكفيّه ـ
يمه انت بخير صوتك ووجهك مو مثل العاده تشكي شي اوديك المستشفى .
ضحكت بخفوت واختفت عينيها تحت جفنيها الصغيرين
: الله يصلحك يمه مافيني شي بس تعرف الكبر ماعاد باقي بالعمر كثر الراح , وبعدين تعرف ما احب الدختور وخرابيطهم .
قطب فهد حاجبيه وقال بحنان
: يمه تكفين لاتقولين كذه , دايماً تحبين تزعليني منك , ربي يطول بعمرك
ـ ثم اردف بخفوت حزين دون أن يتضح بصوته الخشن ـ
وتشوفي عيالي واحفادي بعد .
الجده بحلم بعيد المنال
: امييين يارب يخليني اشوف عيالك يراكضوا حولي قبل لا الله ياخذ امانته , الا ماقلتلي حرمتك القشرا وشوله ماحملت للحين صارلكم 4 سنين متزوجين , لا سمح الله لو فيها شي خذها تتعالج .
ابتسم فهد بخفوت وهمس
: الأمر بايد الله يمه , الله كريم .
الجده : ونعم بالله , يا وليدي ونعم بالله .
*****
بين ناطحات السحاب , شركه ضخمه للإتصلات , بداخل إحدى الأقسام النسائية .
تقف عند مكتبها , انثى عاديه الملامح , محجبه وعباءه ساتره تغطي جسدها المُغري , توضب اغراضها لتعود لمنزلها وأخيراً حتى ترتاح .
قالت بنعومه
: يلا حبيبتي منى انا طالعه وانتي لا تتأخري هنا خلصي هالشغله وروحي بسرعه , وطمنيني عنك بس توصلين البيت .
ردت منى بوداعه
: طيب ياقلبي ولايهمك لاتخافي الساعه 9 لسه , ان شاء الله موصاير شي .
سميره وهي ترفع حقيبتها مُعلقه إياها على كتفها
: حتى ولو يختي اخاف عليكِ من هالموظفين , الله يحفظك حبيبتي , مع السلامه
منى بحب لصديقتها , التي تشعر أنها قد سُلبت حياتها منها وكبرت فجأه وأصبحت أماً مسوؤله عن عائلتها بعد وفاه والدها وعدم وجود أخ ذكر يجعل كل المسوؤلية على رأسها
: مع السلامه حبيبتي بحفظ الله .
خرجت سميره حزينه ومتألمه لحالها , لاتعرف كم من الوقت سوف تبقى هكذا ؟؟! , لقد تغيرت كثيرا واصبحت شرسه في التعامل مع الجميع !! وكأنها !! , كأنها لم تعتد تحتمل هذه المسوؤلية , لقد كبرت فجأة واصبحت أم لوالدتها وأخواتها ,
صديقتها منى هيا وحدها من تشعر بها وبألمها , منذ سنتين وهيا تتألم وماتزال .
دخلت إلى منزلها وألقت السلام , وسمعت ردهم عليها بالمُقابل
وصعدت لغرفتها بأسرع ما يمكنها من طاقه لا ترغب ان تتحدث إلى أي احد , حتى لا تنفجر بوجهه .
التفتت مروج إلى والدتها , وقالت بلهجة مُدافعه عنها
: يمه شفتي حالها كيف مكسوره والله اني زعلانه على اليصير لها .
قالت والدتها بيأس
: وش نقدر نسوي يابنتي ؟؟! مو بإيدنا نسوي شي !! .
مروج ببعض الحده المُختلط بالحزم
: الا نقدر نكلم عمي وخلي ولده يطلقها مو معقول جالسه كذه سنتين مملك عليها لا التمم الزواج واخذها ولا التركها وطلقها ولا قال يبغاها ولا لا .
قالت والدتها بذعر من هذه الفكره
: ياولي على بنيتي تبغيها تتطلق بعد سنتين ملكه وش بتقول الناس علينا , بتاكل وجهنا .
مروج تحاول إقناعها بكل ما أوتيت من قوه
: ايش الحل يعني مافي غير كذه طارق واضح انو مايبغها كل شوي يأجل بالزواج .
أسبلت والدتها أهدابها بحزن , وهمست بخفوت
: الله يرحمك يا محمد رحت وخليت برقبتي 3 بنات بدون سند وعزوه وش أسوي معهم ؟؟! .
ثم التفتت لابنتها تردف
: خلاص انا بكلم عمك بكره واحط حد للموضوع يا يتم ياخلاص وأمرنا لله .
مروج ولم يعجبها حديث والدتها
: حتى لو تم على بالك طروق يبغاها اكيد عمي بيجبره انا اقول خليه يطلقها على البر احسن ماتروح له وبعدها يطلقها ونتبهذل .
قالت والدتها بحزم حتى تنهي الموضوع
: قلتلك بتفاهم مع عمك فكينا سيره , خلاص .
*****
ظهر اليوم التالي , قالت سوسن لميرال بهدوء
: زي ماحكيتلك بتعدي هون وانا وخالك وولادنا حنسافر بكره شي اسبوعين بتعرفي اجازه , بدك تروحي عند اهلا لساره او بالبيت انتي حره , المهم بعد اسبوعين تنكتي الفله ارجع والقى البيت نضيف ويبرق برق .
قالت ميرال بنعومه
: ان شاء الله خالتي , تروحوا وترجعوا بالسلامه
ـ سكتت قليلاً ثم قالت بتردد ـ
هممم خالتي ايش صار على الجامعه .
اشارت سوسون بكفها لا مُبالية
: ماصار شي , خلاص موافقه تكملي دراستك انتي حلي باقي امورك والتسجيل مالي علاقه في شي .
بداخل إحدى غرف الفيلا , قال إلياس شبه متوسل
: ليه ماناخدا معنا ؟؟! خطيّ تعد لحالا بالبيت , كيف رح نروح ونخليها بركي يدخل شي حرامي , ما بتعرفي شو بصير .
ردت سوسون بحده
: شو رايك ناخد معنا الجيران كمان , خطيّ ماعم يروحوا ويجوا وأنا بكفي عندي اولادي اتحملن مشان اتحمل بنتا لأختك .
قال الياس بيأس وقد فقد السيطرة منذ زمنٍ طويل فهو لا يعرف كيف يتصرف امام هذه المرآة الجبارة
: لا حول ولا قوه الا بالله على الاقل اعطيها شويه مصاري بلك يبدها تشتري شي عشان تطبخ او محتاجه شي .
لوت سوسون شفتيها بضيق عندما ذكر أمر النقود , ولكن فاليكن المهم أن لا يذكر مره أخرى أمر أخذها معهم
: ماشي حعطيا وأمري ل الله .
*****
بين اروقه المستشفى , طُرق الباب بخفه وقال بصوتٍ جهوري , عكس طبيعته المرحة خارج عمله
: ادخل .
دخلت الممرضه بعجله لتراكم العمل عليها , وقالت تلهث
: دكتور فيصل المريضه ميس موجوده بالانتظار .
أومأ لها فيصل برأسه , وقال باحترام
: خليها تدخل .
أطرق برأسه لملف مريضته , بنظره سريعه ورفع رأسه وفغر شفتيه بصدمه , من صوتها الأنثوي الرقيق ولم يسمع من قبل برقته , تقول
: السلام عليكم .
اغلق شفتيه مُتوتراً , ثم تذكر انها لن تراه فتنهد بعُمق من هذا الموقف السخيف و قال يُخّشن صوته حتى لا يتضح توتره
: وعليكم السلام تفضلي أنسه ميس , تفضلي .
دخلت بخطوات خجوله وحذره , تتحسس طريقها أمامها وكانت كالبلهاء وهي تتلمس كل شيء أمامها ,
اول مره تأتي بدون امها دائما ما تكون امها برفقتها , تُمسك يدها وتدلها الطريق , والآن معها الممرضة التي تتجاهلها ولم تهتم لها , كانت خائفه جدا ان تتقدم اكثر ان تسقط او تتعرقل , تشعر برهبه المكان لاتعرف الطبيب الذي امامها اهو جيد ام خبيث .
نظر فيصل اليها وأشفق عليها وأن لا أحد حولها يُساعدها .
مابال هؤلاء البشر لا رحمه في قلبوهم ؟؟! , هل ماتت الأنسانية ؟؟؟! .
نهض بسرعه والتف حول مكتبه , يتقدم إليها بثقه وقال بهدوء ونبره حانيه حتى لا تخاف منه
: لا تخافي ما رح أأذيك , اعطيني ايدك اساعدك تجلسين على الكرسي تراه قريب مره , عشان بفحص عيونك .
توترت حدقتيها , كانت تلتفت إلى اليمين واليسار دون أن ترى إلا السواد حولها , رفعت قبضتها اليُمنى إلى صدرها حتى تشعر بالأمان , ثم صمت صوته الرجولي الخشن المُختلط ببعض الحنان وحزم .
هل يوجد صوت خشن يختلط بالرقه ام انها تتخيل ؟؟! كما اصبحت تتخيل بعد أن فقدت بصرها .
: لا تخافي , والله مو مسويلك شي بعتبرك أختي , بس بجلسك على الكرسي .
اطمئنت لنبره صوته , ومدت كفها بخجل شديد , التقط كفها بين كفه القاسي , وصُقع من نعومتها كالزُبده , وبالمُقابل صُعقت هي من خشونه كفه على نعومه كفها .
شعرت برعشه تجتاح يدها , وشعرت بظله الضخم يلفها من كل جانب ,
من لمسه يده يتضح انه قوي وصلب الجسد
أجلسها بهدوء على الكرسي كما قال لها , ثم بدأ يفحص عينيها وأمسك برأسها بخفه حتى لا يؤذيها بقوه ذراعيه , ووجه نحو الجهاز .
وبهذه اللحظه داهم الغرفه اعصار مدويّ
عقد فيصل حاجبيه بانزعاج من قله التهذيب للشخص الذي دخل عليهم فجأه , وارتعشت ميس وذُعرت وهي تشتم هذه الرائحة النفاذة وتعرف صاحبها جيداً , أكثر مما ينبغي .