لا تلهيكُم عن العبادات والطاعات
ما شاء الله تبارك الله
للكاتبة
AURORA
..
الفصل السادس
التعبير الذي ارتسم على وجهه كان مُخيفاً
يُحدق بشر في الياس ، الذي اكتنز جسده بالخوف
وهو يرى اتساع عينيّ ، سعد وسلمان ، و يسمع هسيس فهد ويكاد يفترسه كضحيه ، يُقطعها بأنيابه الحادة
اجل تقول ماعندك احد بالبيت اسمه ميرال ؟؟؟!! . :
ازدرد الياس ريقه ، ولا يعرف ماذا يقول بهذه المصيبه ؟؟؟!
التي حطّت على رأسه .
اطرق برأسه ، حتى يستسلم ويقول بأسى
: ما كنت بدّي هيك يصير ، بس إنتوا من زمان وعندكم القوه والسلطة ، وخفت !! ، خفت كتيير تحرموني
من بنت اختي وما أبئى اشوفها ، لهيك عملت العملته .
عقد سلمان حاجبيه ، ولم يعجبه تبريره ، حتى انه لم يقنع أحداً , فقال بوقار اتشح به صوته
: مو عذر السويته ولا هي من شيم رجال الأصول ، أمي صارلها سنين تتعذب على فراق اخوي ، وبعدها موته اوجعها وماعادت تتحمل ، وانه ماكان عنده ضنى يحمل اسمه وينّسيها ألمها على فراقه .
اكمل سعد بهدوء ، رغم اشتعال الغضب بداخله ، من تأكيد إلياس لهذه الحقيقة , ولكن لابد من المداهنه حتى يخضع لهم
: حنا مو عيال حرام ، عشان نحرمكم منها يا أهلها ، اكيد كنتوا بتشوفنها وبتنام عندكم وتزوركم بما انكم ساكنين هنا ، هي عرضنا وشرفنا ، ومكانها بين أعمامها لانها تحمل دمنا واسمنا , اسم الكاسر !!!! .
قال فهد يهمس ، وبحرص ان لا يصل صوته الى والده وعمه
: صدقني انا مو رحيم وطيّب مثل أبوي وعمي ، وحسابكم يا هالعائله كلها بكون عسير ، ما راح امشي الموضوع بالساهل .
تجاهل الرجل الكبير في السن كلامه ، رغم ضعف شخصيته امام زوجته الى انه لا يخشى الرجال أبداً ، ولا حديث التهديدات الصريحة وأيٍ كان .
ربما هو اخطا عندما استمع الى زوجته , وطلبت منه اخفاء امر ميرال !!! ، ظَنّ في البداية انها تُشْفِق عليها
لصغر سنها ويُتمها ، وأدرك مع الوقت ومن بُخلها انها ارادتها كخادمه مجانيه لهم ، ولن تضطر بعد ذلك لجلب خادمه براتب عالي يقضي على مصروفهم الشهري ,
فهي كانت تعيش بالبذخ حتى ووضعهم المادي غير مُستقر ، ويعتقد الآن انه يستحق العقاب على مافعله منذ سنواتٍ طِوال .
نظر لسلمان وسعد ، بتجاهل واضح لذلك الفهد الذي تهرب انفاسه من بين شفتيه بلا هواده ، يعتقد !! بل مُتأكد ان فهد لاعلاقه له بميرال حتى يتدخل بأمرها , فهي ابنه عمه وحسب .
قال بهدوء
. انتظروا شوي لروح واناديها :
خرج من عندهم لبضع لحظات يُكلم زوجته وكانت ميرال , هناك قريبه , تنزل عتبات الدرج ببطء شديد مُتحامله على الألم بجسدها , وهي تتشبث بسور السِلّم الحديدي , مُلبية لنداء زوجه خالها التي لم ترحمها حتى الآن وتريدها ان تتابع عملها .
فجأه سمعت كلام خالها وما يقوله لزوجته , ليس من طبعها التلصص والتجسس ولكنها سمعت اسمها , موضوع يخصها هي !! , موضوع به حياتها ومستقبلها معهم .
قد جعلها مصدومه للغاية فاغره الشفاه , لم تتوقع ولا في أقل من أحلامها ان خالها أيضاً يكرهها إلى هذا الحد , ويفعل بها كُل هذا السوء
إلياس ببعض الغضب في صوته الرخيم
: لك انت شو بك عم بِتصْرَخِي بميرال , ما بتعرفي مين عنا هون .
كتفّت ذراعيها بلا اهتمام , وهي تُحرك قدمها بقله صبر
: شو عرفني انا مين في عنا ؟؟!! , ناس بلا زوء جاين بهاد الوقت وهنن عارفين إنا راجعين من السفر وتعبانين ومو ئادرين نرفع راسنا .
عقد إلياس حاجبيه وقال
: الجاين عنا هدول أهلا لميرال , وطبعاً ما رح يهمهن انا راجعين من السفر وهنن بيستنونا نرجع من اول , عيله الكاسر أهل ابوها , واحزري شو بدهن منا ؟؟؟!! .
انزلت ذراعيها لجنبيها بتأهب لما ستسمعه اختلط ببعض التوتر , وحواسها كلها مُستعده لتلك الثورة التي تتخيل ان تحصل , فور ان سمعت باسم هذه العائله التي لن تنساها بحياتها !!! , وكم تمنت ان ترتبط بهم في يومٍ ما , ومازالت امنياتها أحلام , ولكن الله لم يقدر لها ذلك الارتباط
: شو بدهن يعني ممكن بيسألوا عنا لأنا قرايبهم ؟؟! , وكان بينا صله دم .
إلياس بهدوء يُفجر قنبلته
: عرفوا انه أخوهن محمد عنده بنت الهي ميرال , وجاين لياخدوها معن , ولا رح يسامحونا على عملتنا وإنا خبينا ميرال عنن , وكزبنا عليهن وقلنا اخوهن ماعنده ولاد , ابصر شو رح يعملوا فينا شكلن مو سهلين أبداً !!! , قلتلهن ماعنا بنت اسما ميرال أنكرت لأني ما بدي اخسرا , وبعدين سمعوا صرختك بإسما وانت تندهي عليّا .
توتر وجه سوسن قليلاً من هذا الكلام لتقول بصدمه
: وهنن كيف عرفوا عن ميرال ؟؟! .
: حكولي بالمختصر الصار , بكانت بالمشفى و خبط ابن عما فيّا وطاحت منّا هويتها وكان عليها اسما الكامل .
سوسون بطرف عينيها
: يعني خلاص الموضوع انكشف , وهم مصرين ياخدوها , ما هيك ؟؟؟! .
أومأ إلياس برأسه , والتفت برأسه حتى يعود إلى أدراجه , واتسعت عينيه وهو يرى صغيرته ,
قد تهدلت شفتيها وتاهتا عن بعضهما بصدمه كبيره ، و يخرج من بينهما الهواء الصاخب المليء بالضجيج
عقلها الصغير لم يستوعب كميه هذه الصدمة !!!!! .
هي ميرال الضعيفة لها عائله ؟؟! , عائله والدها يعني عائلتها هي , إذاً لماذا زوجه خالها قالت أن لا احد لها ومجبوره على العيش معهم ؟؟! وليس لها غيرهم !!! ,
ماذا كانت تُريد منها وهي لا تُحبها ؟؟! , لما لم تعطها لعائلتها منذ البداية ؟؟! .
طرقت برأسها وهي تُدرك السبب , لقد أرداتها خادمه فهي منذ أن بدأت تعمل في المنزل قد رحلت الخادمة للأبد لتصبح هي البديلة , هل زوجه خالها بهذه القسوة حتى تفعل بها ذلك لهذا السبب ؟؟! , أم أنّ هُناك أسباب أخرى لإخفائها بهذه الطريقة المُهينة ؟؟!! .
رباااااه هذا كثير عليّ !! , قلبها لم يعد يحتمل كل هذه الخسارة , و كُل هذا الضرر والشرخ الذي حدث في قلبها .
رفعت رأسها على صوت زوجه خالها التي تقول بكل برود وتنظر لها بحقد , وقالت بخبث
: أكيد سمعتي الحكي الصار وفهمتِ شو صار ؟؟! كل شي واضح وهلأ بعد كل هالسنوات ما عدت أتحمل شوفك بوجهي ليل ونهار , نكدتي علينا حياتنا , وإجا الوئت الأرميك فيه لأهلك , روحي ضبي اغراضك والبسي عبايتك وانزلي فوراً .
دخلت سوسون بخيلاء بعبائتها وحجابها , وفور ان وقعت عيناها على الرجال الثلاثه ، حتى تخّلت عن خيلاءها , و سرت رعشه هلع الى أوداجها , من طولهم الفارع وهيئتهم المخيفة ,
ظنّت ان الرجال حمقى وأجسادهم مليئة بالدهون وبطونهم تمتد أمامهم , مثل زوجهم , ولكن هؤلاء مُختلفين وكأنهم يقفون أعلى قمّه برجٍ من عاج ,
يشعُ منهم الكبرياء والغرور , وذلك الشاب الذي يقف جانباً كان أكثر هيبه وأنفه .
حاولت أن تتمالك نفسها وتلتقط أنفاسها وقالت بخبث يتخلله الكذي ولم يتضح لهم كذبها المُحترف باتقان تُجيده منذ سنواتٍ طِوال
: يعني بالأخير عرفتوا عنها , بصراحه فكرتكن أزكى من هيك ورح تعرفوا فيّا من أول , بس خيبتوا أملي , وهلأ وبعد الصار اليوم ماعاد بدي ياها في بيتي , مشان سمعه عيلتي الرح تشوها بحركاتها .
عقد فهد حاجبيه من كلامها الأحمق ليقول رافعاً ذقنه
: أقول أحنا يا الرجال مالنا حكي مع الحريم , نادي بنت عمي ناخذها ونسري وسلينا !!! .
هزت كتفيها الرقيقين وقالت بل اهتمام , وعينيها تشتعلان بمكر الثعلب
: رح تجي خبرتها تضب اغراضا , بس من حقي احكيلكن ونحنا مسافرين كانت رافضه تسافر معنا وخليناها على راحتا , ولما رجعنا اليوم اكتشفنا انها ماكانت حتى تبات بالبيت , الله اعلم وين كانت تبات ؟؟! وشو كانت تعمل ؟؟! انتوا أدرى فيها بعد اليوم مو نائصني تجبلي مشاكل لبيتي .
ارتفع صدر سلمان بغضب هادر , وهو يفهم ماهيه هذا الكلام الخطير , الذي تنطق به هذه المرأة المجنونة ,
هل يلوم تلك الصغيرة على ما تفعل لو كان كلامها صحيح ؟؟! وهم لم يعرفوا بها ابداً !!! ولم يسمعوا بها وتربت عند عائله غريبه !!! , بالطبع لا يستطيع لومها ولا يستطيع تصديق هذه الكاذبه ,
التي اخفت عنهم ابنه اخيه لسنوات , وقد تكون هذه كذبه من كذباتها , وقال بغلاظه
: أستاذ إلياس , أقضب زوجتك ونادي بنت أخوي , الحين أطلعها من هنا , ومن هالجنون الانتوا فيه !! .
أما فهد فهو ببساطه استطاع أن يُصدق , بعد أن قالت انهم تركوها , إذاً من اصطدم بها ذات حبتيّ الفيروز هي ابنه عمه ,
لقد رأها عندما رفعت أغراضها عن الأرض , كانت تهرول و تتحدث مع شاب في المشفى وقد غادرت خلفه , ولم يكن هذا الشاب إلا عبدالله الذي لم يعرفه فهد !!!! .
كانت تقف عند الباب , تحمل حقيبتها الصغيرة التي بها كُل اغراضها , ترتجف خوفاً وترتعش زمهريراً داخلياً حتى اعمق اعماقها , لم تستطع أن تتحرك أو أن تصدر حركه لوجودها .
كيف يُرِدون منها أن تدخل على رجال غُرباء ؟؟! , على أساس انهم اعمامها , فهي بحايتها لم تسمع ان لديها أعمام .
كم تشعر بخوفٍ رهيب أن يكونوا أسوأ من زوجه خالها , هي لم تعد تتحمل كُل هذا السوء , تريد الموت علها ترتاح , فالموت مهما كان فهو أفضل من هذه الحياة الظالمة بحقها وحق الضُعفاء .
تململت زوجه خالها بالداخل , وصرخت من مكانها دون أي احترام أو اعتبار للرجال الثلاثه أمامها
: ميرااااااال وينك ؟؟؟! , تعي لهون اشوف ادخلي , مافي حدا غريب .
صغّر سليمان عينيه بغضب , يتمنى لو يقترب من هذه الشمطاء حتى يقوم بخنقها والقضاء عليها , همس لابنه بقربه
: قوم يابوك قوم , اطلع بره خل بنت عمك تدخل , هي أكيد خايفه منّا وما تعرفنا للحين .
أومأ فهد باحترام لأبيه , ينتفض واقفاً وعيناه ترمقان سوسن بتهديد صريح , وازدراء اتضح على وجهه , خرج من باب أخر في نفس الغرفة , حتى يستقر بسيارته , يطرق أصابعه على المقود بقله صبر , ليرى رده فعل جدته بحفيده , يأمل فقط أن تُمحى تلك الغمامه الحزينة من عينيها الصغيرتين المختبئتين بين التجاعيد في وجهها .
أما في الداخل , انتفضت ميرال على صُراخ زوجه خالها , وأجبرت نفسها على الحركة وإلا فهي تعرف زوجه خالها عديمه الصبر ستأتي وتسحبها من حجابها كالنعجة المسكينة .
سمّت بالله الرحمن الرحيم , وآثرت الخُطى بهدوء حتى توقفت أمام الباب مطأطأه برأسها تخشى رفعه , الخوف يكتنز جسدها اكتنازاً , لا تستطيع السيطرة عليه .
سمعت همساً حنوناً يقول
: تعالي يا بنتي أقربي , لا تخافين منا , ما رح نأذيك
رباااااه انه صوت والدها !!! , هل هي في حقيقة أم سراب ؟؟؟!! , كيف تستمع إلى صوت الموتى ؟؟!! , اللذين تحت القبور لا تُسمع أصواتهم !!! , هل يوجد للصوت أشباه أربعون ؟؟؟!! , هذا مستحيل !!!! .
وجدت نفسها تنقاد إليه تدريجياً , فقد قال " ابنتي " , إذاً هو والدها وليس عمها كما يدعون , كانت تقترب دون أن ترفع رأسها , لقد خافت !! , خافت أن يخيب أملها ولا يكون أبيها .
حين أصبحت قريبه منه , سمح لنفسة أن يجتذبها لحضنه , رغم أنه شعر من قبل أنها قد ترفض وتنتفض هاربه للبعيد , ولكن حين لبّت ندائه لم يقاوم ذلك , قد يشتمّ فيها رائحه أخيه , الذي مضى به الدهر دون أن يراه , دون أن يتحدث إليه .
انزلق أرضاً كما انزلقت هي أيضاً بين ذراعيه , يشعر بدموعها تُبلل ثوبه فوق كتفه , يُدرك انها لم تفتح عينيها لتراه اقتربت كما طلبت منها الفطرة أن تفعل ذلك , ربما هو رابط الدم بينهم من جعلها تقترب ,
كان يُقطّع قلبه فقدانها لوالدها وأنها ترى والدها به , لقد شمّت به رائحه أخيه , بينما هو قد شمّ بها رائحه أخيه المفقود , يؤلمه أكثر مناجاتها له بــ " بابا " , تمنى أن يكون لها الأب بعد هذا الوقت , فهو لن يتخلى عنها أبداً مهما كان , وسيحرص أن تكون هي ابنته الرابعة .
ارتعشت ميرال في حضنه وقد باتت تُدرك , أن جسد هذا الرجل ليس بجسد والدها الدافئ , كان جسد هذا الرجل به بعض البروده التي لم تعتدها .
ابتعدت عنه بهلع , تهدر انفاسها وسمعت صوت زوجه خالها يقول باستخفاف
: هياتكن شفتوا قدام عينكن , كيف رمت حالا ع أول رجال غريب , يعني متعوده على هالشي .
احمّرت عيناها بألم , لم تفهم ماذا تقول زوجه خالها ؟؟! , هي بذاتها مُحرجة من نفسها على أنها القت نفسها على رجلٍ غريب لم تعرفه من قبل , فور ان سمعت صوته الذي يُشبه صوت والدها كثيراً , نفس بحه صوته , نفس حنانه .
قال سلمان فاقداً آخر ذرات صبره
: أستاذ إلياس , لو سمحت للمرة الثانية أقولك ضفّ " اقلع " مرتك , ما لنا حكي مع الحريم أم لسان طويل .
نظر إلياس برجاء لزوجته أن لا تحرجه أمامهم , وقد فهمت معنى نظراته جيداً , و همس لها
: دخيل الله , ادخلي هلأ رح أجي وخبرك شو صار , أصلا رح ياخدوها و ما رح يصير شي .
نظرت لهم نظرات ازدراء من الأعلى للأسفل , ورفعت رأسها بغرور وهي تستدير حتى تدخل للداخل .
ثم قال سعد بهدوء
: أهلين فيكِ يا ميرال , أنا عمك سعد الوسطاني
ـ اشار بذقنه إلى أخيه , يردف ـ
سلمان أكبر مني , واخوي محمد الله يرحمه أصغر مني .
احمرّت وجنتاها وهي تقول بخفوت
: أسفه , بس ما عرفتكم !! .
ابتسم سلمان بهدوء
: ماعليه يا بنتي , بإذن الله رح تتعرفي علينا واحد واحد , وعشان تطمنين وتصدقينا .
أخرج بطاقه هويته من جيبه , كما أشار لأخيه أن يفعل , وفردها أمامها , قائلاً بحبور
: هاذي هوايتنا وأسماءنا عليها وصورنا لو بتتأكدين أنا مو كذابين .
بُهتت ملامحها وقالت : حاشا أكذبكم , صوتك يا عمي يشبه صوت بابا حتى أنك تشبه .
قال سعد ببعض المرح أورثه لابنه فيصل
: أفا بس وانا مالي من الحظ نصيب .
نظرت له بطرف عينيها والورد في وجنتيها يشتعل احمراراً , وهزت رأسها قليلاً
: يمكن فيك شوي منه .
قال سلمان وهو يرغب في الخروج من هنا , يشعر بالشياطين والجن تحوم بالمكان , وقال بحنان
: يلا تعالي معنا عشان نعرفك بـأمي الهي جدتك , كل همها أنها تشوفك وتضمك لحضنها , وتشمّ فيكِ ريحه أخوي .
قالت بابتسامه لا تسعها الدُنيا من السعادة
: أنا عندي جده ؟؟!!!! , أم ابوي الله يرحمه الحكاني عنها كثير ؟؟؟! .
قال سعد بهدوء
: إيه عندك ورح يطير عقلها لين تشوفك , إحنا قلنالها من قبل لما تأكدنا منك , عشان لا يصير لها شي لا سمح الله من المفاجأة .
ابتسمت من اجمل الابتسامات التي يُمكن ان تبتسمها , حتى تلفت لخالها تودعه , من كل قلبها وتشكره على كل ما فعله من اجلها , وكل مالم يستطع فعله من أجلها , أقل شيء كحمايتها من زوجته القوية , بينما بادلها إلياس العناق بقوه وهو يوصيها على نفسها وعائلتها , يتمنى لها الخير وأن تحظى بحياه أجمل بكثير مما قضته معهم هنا .
دخلت إلى الداخل أيضاً , حتى تتبادل عناقاً قوياً تخلله الدموع مع ابنه خالها نادين , ولم تنسى الصغير , بينما أرادت توديع زوجه خالها وشُكرها على ما قدمته لها كانت الأخيرة قد غادرت لأمرٍ طارئ .
ثم عادت ادراجها حي ينتظرها عميّها الاثنين , غادرت معهما إلى حياةٍ جديده , تأمل أن تكون أفضل وأجمل من حياتها هُنا !!! .
*****
كان يدور حول نفسه كأسد جائع في قفص , أي اتجاه يتجه اليه مُغلق في وجهه , زمجر بغضب وهو يتذكر كلام والده له
*
قال أبو طارق وهو يُحرك خرزات مسبحته بين أصابعه
: طارق تعال هنا .
كان يصعد عتبات الدرج بوجه مُتجهم , لأن والده الآن يُجبره على أن يُتمم زواجه بابنه عمه , بعد أن أجبره على أن يتزوجها ويعقد قِرآنه عليها قبل سنتين , كان يرغب أن يتركها مُعلقة أكثر من ذلك.
اقترب من والده بتحفز , ماذا يُريد منه بعد ؟؟! ألم يحدد موعد الزواج بعد اسبوع , ماذا يُريد أكثر من ذلك ؟؟! , لما لا يجعله يرتاح قليلاً قبل أن يقع , مع ابنه عمه الغبية , كانت دوماً مثل أخته , تباً !!! انها أصغر منه بسنتين فقط , لم يُكِّن لها المشاعر إطلاقاً .
قال باحترام لوالده , فمهما حدث فهو والده
: سمّ يبه " نعم " .
نظر له والده مُصغراً عينيه , وفجأه أرخى بجسده على الأريكة يبتسم بمكر , ويقول
: خلاص ارتاح وتطمن , لا عاد تحضر للزواج ماله داعي , بنت عمك سميرة رفضت تِتمم الزواج , وتبغاك تطلقها .
اتسعت عينيه بصدمه , من هي هذه المُتكبرة حتى ترفضه بهذه الطريقة ؟؟! وتُهينه وتُهين رجولته برفضها له .
قال بذهول , وذراعية ترتعش بجنبيه
: يبه , تدري اني ما رح اتضرر من هالموضوع وهي الــ
رفع والده كفه حتى يوقفه عن الكلام وقال
: سميرة لبوه , ما رح تهتم لحكي الناس , آخر همها وش يحكي الناس فيها , وبعدين مو انت ما تبيها !!! , خلاص جاك الرفض , خلك وأهجد " ارتاح " , لا تسويلنا مشاكل .
زمّ شفتيه بغضب , صحيح انه لا يُردها وظنّ أنه سيُخضعها , حتى يستطيع أن يتزوج عليها متى ما أراد , ويذلها كما يُريد , متى أصبحت تأمر وتُنهي ؟؟! , بل منذ متى وهي تمتلك شخصية ؟؟! , لاطالما عرفها ضعيفة تخاف كثيراً , وتحتمي بالجميع .
قال بقوه , والشرّ يلتمع في عينيه
: معليه " مو مشكله " يبه , ما رح أسوي مشاكل , بس أنا بتفاهم معها , هي زوجتي الحين وأظنّ عادي أقدر أكلمها .
هز والده منكبيه , يُخفي ابتسامته من التراقص على شفتيه , لقد عرف أن ابنه ثار , وغضب لأن ابنه اخيه المُذهلة , رفضته هو ولم تطلب الطلاق منه طوال سنتين لانه تجاهلها , ويعرف أن أنسب شخص لطارق وشخصيتة الجِلفة , هو سميرة بقوتها وجبروتها وفي نفس الآن أنوثتها وأناقتها التي ستسقطه صريعاً , فابنه لن تعجبه الضعيفة الذليلة .
*
جرجر ذهنه من الماضي القريب إلى الحاضر , ولا يُريد التعمق أكثر بذكرياته تلك !!! , تباً .
وجهه قبضته الخشنة للحائط يُفرغ به غضبه , وأنفاسده تهدر من رئتيه بلا هواده .
تلك التافهة ستجبره على أن يذهب إليها , حتى يسترضيها .
هدأت أنفاسه وعادت تتناغم مع ارتفاع وهبوط صدره , والتوت شفتيه بخبث , حسناً !!! فليكن سيسترضيها ليتمّ هذا الزواج , وعندها سيذلها لأنها أجبرته على ذلك برفضها , في الحقيقة هي فاجأته , كان طوال سنتين ينتظر الطلاق منها هي حتى لا يكون الذنب عليه ويلومه الجميع .
حمل أغراضه الشخصية و مفاتيح سيارته , يخرج من منزله وكله اصرار على تلقينها درساً لن تنساه .
*****
كانت تتجول بسأم في القصر , تنفض شعرها الناري للخلف , فهي تحبه حُراً طليقاً يُهفهف على قدّها .
وصلت إلى غرفه الجلوس وليس لها خيار آخر , فحتى الخروج ملّت منه ,
هناك كانت تجلس والدتها و رسيل تتبادلان الأحاديث بوديه والابتسامة تتراقص على شفتيهما , لم تحب يوماً الجلوس معهما فهي ترى أن والدتها ليست بسنها واحاديثها لا تليق لها ولا تروق لها , بينما لا تعرف لماذا رسيل تستمتع كل هذا الاستمتاع معها ؟؟؟؟!! .
دون أن تدرك أن روحاً نقيه وصافيه تربط بين توأمتها ووالدتها , روح الأم وابنتها , تلك الثمرة التي نمت في بطنها حتى كبرت وتفجّرت , شعور لم تجربه بسبب عنهجيتها وغرورها .
جلست بهدوء , وسمعت والدتها تقول بحنان
: ياحيّ الله بنيتي القاطعة , وينك يمه ما تنشافين , ماتملين لحالك وبجناحك .
لوت شفتيها ونظرت لوالدتها وقالت
: إلا يمه أطفش بس مافي شي أسويه , حتى هنا أطفش .
قالت رسيل بمرحها المُعتاد
: ترى فاتك نص عمرك , طلع عندنا بنت عمّ , تخيلي عمي محمد الكنا نسمع فيه بس ما شفناه الله يرحمه طلع عنده بنت .
ارتفع حاجب أسيل باهتمام وقالت
: صدق ؟؟! , وليه تونا نعرف عنها وش صار .
قالت والدتهم بتحفظ
: هالشي ما يعرف فيه إلا الكبار , ماعليكم منه , المهم هالبنت بس تجي رح تعيش هنا , عند جدتكم حلفت أنها تعيش عندها , ياخوفي تطلع رفله " مو كويسه " وتأذّي جدتكم بدل لا تعاونها .
رسيل : لا ان شاء الله انها حبوبه و كيوت , وتصير صديقتي وناسه انها بتعيش هنا .
ردت اسيل بامتعاض : وع وش التجي تعيش هنا ؟؟! فاتحين حظيره إحنا ؟؟!! .
قالت والدتها بقوة : اسيل , احترمي نفسك , هاذي بنت عمك أولاً وبعدين مالها مكان وإحنا أهلها , وين نجدعها " نرميها " بالشارع مثلاً ؟؟؟! , وانت تدرين انه جدتك عايشة هنا مو عند عمك سعد , وما رح تضايقكم بشي والشقة مفصوله كلياً عن القصر .
مطّت أسيل شفتيها , وانتفضت واقفة وقالت بتكّبر
: طيب , يمّه سو التبغون , مالي دخل وبعدين بتشوفين أنها بتاخذ واحد من أخواني لو جت , وترتاحين انها بتكون عندك علطول .
غادرت وتركتهم يُتابعون حديثهم , بعد أن سمعت كلام والدتها وهي ترفع صوتها حتى تسمعها
: هي بتيجي وتعيش عندنا , وبنشوف اخلاقها لو ماعليها غبار , أكيد بشرفني تاخذ واحد من عيالي .
حركّت كفها بعدم اهتمام , فاليفعلوا ما يريدون , لا يهمها الآن غير أن تُفرّق اختها عن زوجها , حتى وان لم تأخذه هي , فالنهاية زياد كان حبيبها .
اشتعلت عيناها بفكرة خطيره , لتلوي شفتيها بابتسامة خبيثة , وهي تنوي البدأ بتفريقهم .
كمية الحقد في قلبها الأسود , لا تسع هذه الدُنيا , مع الأسف فهي لم تُصفي قلبها من ذنوبه وندوبه , لاتثق بنفسها ولا حتى بجمالها , أعمت عينيها عن هذه الحقيقة وملأتها بالغيرة و حقدٌ وكُره كبير.
*****
في هذه الليلة الداكنة , ظلام الديجور يكسو السماء السوداء , حيث المجون عمّ المكان بأشكاله , وانتشرت روائح السيجار والحشيش بانواعها وألوانها ,
في إحدى تلك الغرف البعيدة عن الصخب والضجيج .
يجلس متكئاً سانداً ذراعه إلى ركبته , يمُج من سيجارته وينفخ دخانها , حتى سعل ذلك الشخص أمامه من قوه الدُخان دون أن يأبه به الأخر وهو يُتابع شُرب سيجارته ويقول بهدوء
: وش آخر الأخبار الجمعتها عن فهد الكاسر .
ممر نظراته عليه يُردف مستفسراً باستهزاء
- اسمه فهد الكاسر صح ؟؟؟! .
أوما الآخر برأسه
: ايه يا زعيم فهد الكاسر تأكدنا منه , ووضعه مثل ما هو , بس في شي غريب .
لمعت عينيه باهتمام , ليردف الآخر
: هو حالياً مشغول بموضوع بنت , اعتقد انها قريبته , كان راسل رجاله يدروا عليها .
صفر الزعيم باهتمام كبير , وجرجر كل حواسه إليه
: ايه وش سالفه هالبنت ؟؟! .
قال : مادري للحين ما صار شي , رجالنا مراقبينه ونعرف وش يصير معه , اعتقد تقدر تهجم الحين دام هو مشغول وتاخذه غدر .
أومأ الزعيم برأسه بصبر , لقد صبر لسنه كامله حتى يتغلب على هذا الفهد الشرس , ووقت النصر قريب , لا مانع إن انتظر اكثر من ذلك , سيرُد له الجرح أضعافاً مُضاعفه , مهما كان , قال وهو يُحدق للأمام
: لا , بنصبر شوي , لين نشوف وش سالفه هالبنت , أخواته الحين وحده منهم تحت السيطرة , بس الثانية ثقيله ماعليها من أحد , الثالثة متزوجه و زوجته واضح انه ما يطقها الأعمى يشوف لو ضريناها ما رح يتأثر .
مع الأسف فهم لم يعرفوا طبائع الفهد !!! , حتى وان كان لا يُحب فهو أيضاً لا يكره ويتمنى الأذى , وعائلته من والديه إلى اخواته وزوجته وعائله عمه , خطٌ أحمر عريض لمن يقترب منهم بأذى لا يرحمه .