لا تلهيكُم عن العبادات والطاعات
ما شاء الله تبارك الله
للكاتبة
AURORA
..
الفصل الثاني عشر
رمش بأهدابه لبرهه وقال بعد ان انتفض واقفاً : وش تقولين يمّه ؟؟! .
مطت شفتيها وهي تهزّ عصاتها الخشبية : مثل ما سمعت خطبت لك وحطيتك قدام الأمر الواقع , دام انك معند وما لك خاطر بالزواج , انا ابغى افرح فيك واشوف عيالك .
زمّ شفتيه يكتم غيظه وقال بصوتٍ حاول ايداعه كميه وفيره من الصبر وقد نجح في ذلك
: يمّه , ات تعرفين زين أني ما أقدر اتزوج واظلم بنت الناس معي , وتوي كنت امزح مع فهد بهذا الموضوع وبالقوه حاولت امسك نفسي و لا اتأثر قدامه .
ترقرقت دموعها داخل مُقلتيها وهمست بنشيج , اصاب قلبه بسِهام قد تلوثت بدماء قلبه الذي يضُخ الدم لجسده
: ريم !! , على بالك اني نسيتها وهي بنت اختي وروحي , بس يا يمّه الحيّ ابقى من الميت !! , هي ما رح ترضى انك توقف حياتك عندها وتعيش بتعاسه طول عمرك دون ماتدور على السعادة , هي الحين صارت عند ربي الأكرم مني ومنك .
ثم همست بالرحمة على روحها الحلوة التي لم تغادر هذا المكان .
نظر حوله وغشيت عينيه أمامه وصوت ضحكاتها يخترق طبله أذنيه , وكأنها حقيقه ما تزال موجوده تقف امامه وتُناغشه , نعم فهي موجوده !!! , وتزور منامه كل يوم وتختفي وتجلب له السُهاد ويموت به الاحساس .
شد على كفيّه حتى ابيضت سلاميتها , واغمض عينيه بقوه يمنع سيل تلك الذكريات أن ينجرف مُجدداً على عقله ويؤذيه , وهو الذي لم يعد يحتمل هذا الأذى , ويقتله الاشتياق .
حبيبته الصغيرة وحُب طفولته , مُهجته والنَفَس الذي يتنفسه , وقُطعت انفاسه في تلك اللحظة مع انقطاع أنفاسها .
لقد رحلت مُبكراً , مُبكراً جداً لم يشبع من رائحتها , كيف ينسى طعم شفتيها النديْ ؟؟! كيف ينسى دفء أحضانها ؟؟! وحراره روحها .
مُخطئ من يظن ان امرأه أخرى قد تحُل محلها في قلبه , مُخطئ من يظن ان رائحه امرأه أخرى قد تُرضيه أو تنعشه مجدداً وتعيده للحياه , وهو الذي نسي كيف يعيش بدونها !! , ونسيَ معنى هذه الحياه بفقدها , لو يشكو قلبه هموماً باتت فيه تمحوها بسمه من شفتيها تزور مضجعه دوماً .
ابتسم , لم تكن ابتسامه بحجم ما كانت التواء حزنٍ على شفتيه , وهو يتأمل تلك الأريكة المُنفردة التي تقبع بأحد زوايا غرفه الجلوس حتى تأتيه تلك الذكرى .
كانت والدته بالمطبخ تُعد لهما كعكه وتُدللهما , حين فاجأها بجلب حبيبته للمنزل وهُما من عُقد قرآنهما فقط , ولم يكن قد دخل عليها .
*
اقترب منها بمكر الثعلب , أما هي فقد كانت تفهم جميع تحركاته , ونظراته الوقحة , فصرخت ساخطه
: يووووسف لا تقرب , تكفــــــى خالتي بالمطبخ ورح تُطب علينا الحين .
استطاع ان يلتمس ذلك الخجل المُحبب له خلف صوتها الساخط , وقال بخبث
: أجل أنت شايله هم خالتك لا تشوفك بس ؟؟! , ماعليه تعالي معي .
كانا يقفان بقُرب المطبخ , باغتها عندما سحبها بقوه وألقى بها بخفه على تلك الأريكة بغرفه الجلوس , ومال بجذعه إليها , يتمتع بذلك الهلع الممزوج بالعشق داخل بؤرتيها , انقض على شفتيها كما النسر ينهل من عُمق شفتيها , وقد نسي هذا العالم حوله وقبلته تزاد عُمقهاً حتى حشر جسده مع جسدها داخل تلك الأريكة الصغيرة .
مرر كفه على وجنتها يتحسس نعومتها ويشُدُّ عليها ساحباً إياها لصدره بشغف .
واخرجه من غفوته الممتعة هذه صوت نحنحه والدته , وحينها انتفض واقفاً وبالكاد استطاع الخروج من تلك الأريكة الضيقة , واحمرار الحرج يغزو وجهه الأسمر .
*
جرجر ذكرياته الحميمة على صوت والدته وهي تقول بقوه : يوسف وجع ان شاء الله , جالس تتذكر ذاك اليوم انت وسواد وجهك !!! .
ابتسم ببهوت على ذاكره والدته التي لا تنسى ولا تخيب سِهامها , وقال بهدوء دون أن يجرؤ على النظر إليها : كانت زوجتي يمّه , كانت زوجتي .
تنهدت بعُمق وهي تهمس : طيب وش قلت عشان موضوع رسيل ؟؟! , انت بس عاملها باحترام وموده والحب بيجي مع الوقت هالبنيه لذيذه وحبيتها , ماشاء الله عليها كلها حيويه ومثل الوردة.
قطب حاجبيه وهو يتذكر أن والدته ذكرت له اسمين وقال شبه مُستسلماً
: طيب يمّه , طيب سوي التبين , انا ما رح اكسر فهد وارفض اخته وبكون هاليومين وصله الخبر أكيد , ان شاء الله يرفضوني رح أبقى على هذا الأمل بس , وإذا وافقوا أمري لله لا أظلم البنت معاي .
فرك صدغية وقال باقتضاب : عن اذنك يا الغالية بروح ارتاح .
غادر و غادرت معه أحلام حبيبته التي لم يتسنى لها أن تُحقق حلمها وترتدي له الأبيض بيوم زفافهم , وقد لفّ الكفن جسدها الغض وابعده عنه وكان لونه ابيضاً ناصعاً , يا السخرية لقد اترتدت له الكفن بدل فستان العُرس .
كزّ على اسنانه حتى اصدرت صوت صرير ارتطامها ببعض , ولَكمَ بقبضته سور السِلمّ وهمس لنفسه , مُغمضاً عينيّه بقوه
" اللهم لا اعتراض , لا اعتراض , لا اعتراض , على قدرك وحُكمك , يا رب الهمني الصبر " .
خرج صوته متحشرجاً وهو يُناجي الله
" يااااااا رب " .
*****
نظرت بعُمق وهي تقترب أكثر وأكثر من تلك المرآه الصغيره التي تُكبر الوجوه بجانب المرآة العملاقة لطاولة الزينة , واتسعت عينيها عندما وجدت أن الهالات السوداء قد عادت تغزوا أسفل عينيها , وتجعلها قمّه في البشاعة .
تأففت بضجر وهي تعلم انّ عليها القيام قريباً بجلسة للليزر .
كم هي مهوسه بجمالها وبشرتها ونقائها , وتُبالغ باهتمامها رغم انها لا تستحق كل هذا التعب فبشرتها قد تحسنت كثيراً في الآونه الأخيرة من اهتمامها المُكثف ولا داعي لهذه المُبالغة , ولكن الخوف يُسيطر عليها عندما تفكر بالتجاعيد وكبر العُمر الذي يمضي .
تأففت , وهي تفتح الدرج في طاوله الزينة وتنظر لحبوب منع الحمل والتقطت حبه لتبتلعها , وكانت قد وضعتها في علبه للفيتامينات , حتى وان رأها زوجها بالخطأ ل يشُك بأمرها وهي تعلم مدى توقه للأطفال , انها إلى الآن ليست مستعده لاي طفلٍ يُفسد عليها حياتها ويُغير عليها روتينها , فور ان تشعر انها مستعده ستتوقف عن تناول هذه الحبوب .
اجفلها دخول فهد إلى جناحهم , ولكنها تصرفت بهدوء تام , ووضعت العلبه في الدرج وهي تغلقه بهدوء , وتلف جسدها الرشيق إليه وتستند إلى طاولة الزينة وتبتسم بإغواء .
لا تنكر فهي قد اشتاقت اليه , وكانوا قد ابتعدوا لشهرين دون أن تقترب منه أو يلمسها , وأما هو فقد كان يُلاحظ عدم رغبتها ولم يُحاول الاقتراب منها , فأكثر ما يكره هو الرفض وان لم توضح له فهو يقرأ رفضها بعينيها .
اقتربت منه كقطه رشيقه وأحاطت عنقه بذراعيها , وابتسمت وهمست بصوت اودعته كل الرقة
: توّ ما نورّ الجناح , اشتقت لك .
كادت أن تُقبل شفتيه , ولكنه مال بوجهه وطبع قبله صغيره على وجنتها , وقد تضايق من رائحه فمها المُزعجة وقد نبهها عليها أكثر من مره , دون ان تكترث له , وقال بهدوء : وش مصحيك للحين ؟؟! .
كانت انفاسها ترتطم بعنقه القاسي وعروقه النافرة واضحه لعينيها وقالت : أبد , تعرف احب اسهر , بس رسيل قالت لي انك مسافر ومو راجع إلا بكره .
ابتسم باستهزاز لم يصل لصوته وهمس : لو تسألين عني ؟؟! , او تعرفين عني أي شي ؟؟! , كنتِ رح تدرين اني باجازه اليوم !! .
تنهدت بعمق وهي تتوعد تلك الرسيل الكاذبة , كانت تتعمد احراجها ومضايقتها , فقالت على مضض
: طيب مو مشكله حبيبي تعال ننام , الوقت تأخر .
قال بهدوء وهو يبعدها عنه : باقي خمس دقايق ويأذن الفجر , بروح اصلي بالمسجد , واجلس شوي مع جدتي اشوف علومها , اذا ودك صلي صلاتك و انتظريني لين أرجع .
زمت شفتيها بضيق , تتفهم ذهابه للصلاة مع الجماعة , ولكن ما الداعي لأن يزور جدته كل يوم , هذه العادة تجلب لها الضيق منذ زمن طويل , وازداد غيظها مع مجئ تلك المُدللة ميرال , قالت بقوه
: طيب خلاص انا بصلي و بنام نعسانه .
هز منكبيه القويين , بدون اهتمام فهو اعتاد على جفائها وبُعدَها .
خرج من الجناح , اما هي فبقيت جامده عده دقائق من جفائه الواضح وكأنه لا يهتم بها ولم يعد يسأل .
فتوجهت بهدوء إلى السرير وخلعت مبذلها الحريري الذي يتهادى على قدِّها والقته باهمال على الأريكة , ودفنت نفسها بالسرير مُتلحفه بالغطاء , مُتجاهله لصوت آذان الفجر الذي يصدح في أرجاء الجناح .
,
عاد إلى القصر منتعشاً بعد صلاته مع جماعه الأخيار في المسجد , فهذه الصلاة مهما كان لا يُفوتها ويؤديها بالمسجد حتى وان كان سينهار من التعب والارهاق , يشعر في هذا الوقت الثمين بأنه يختلي مع الله يشكوه ويبُثه ضيق قلبه ومهجته , ويدعوه بكل ما يجول بخاطره , والله وحده يعرف كم يُعاني في هذه الحياة ويُحارب بالبقاء شامخاً كجبل لا يتصدعّ , وقد طال بحثه على الاستقرار الذي يُريد ولم يعثر عليه , وكبريائه وكرامته هي من تسير أمامه , لا يتنازل عنهما مهما كان وما سيكون !!! .
طرق الباب من الخارج حتى تنتبه ابنه العمّ وتدلُف إلى غرفتها , فقد اصبحت عاده ان تبقى مستيقظه مع جدته في كل صباح وتُعد لها القهوة العربية , بعد أن سئمت جدته من نجاح العاملة .
لا يُنكر انّ هذا الشهر قد وجد فرقاً كبيراً في منزل جدته , فلقد اصبحت رائحته كرائحه الياسمين المُختلط بالبخور ورائحه القهوة النفاذة التي بات يُدمنها ويُدمن رائحتها وكم يخشى من هذا الادمان فهذه القهوة كانت لذيذه جداً ومن افضل ما تذوقّ وراقت له كثيراً ,
والأرائك كانت مرتبه بشكلٍ جميل عكس ترتيب العاملة التي لم تكن ترتب الوسادات وترميها بكل مكان ,
حتى طعام الغداء الذي يتناوله بعض الأحيان مع جدته لوحدهم وابنه عمه تبقى بالغرفة لوحدها , كان لذيذاً وشهياً ولا يرغب عن ان يتوقف عن الأكل , ولم يكن يُطيل البقاء عند جدته احتراماً لابنه عمه وانّ لا تبقى مسجونه بغرفتها بسبب وجوده .
دخل بعد أن تأكد من خلوّ غرفه الجلوس , فطوال هذا الشهر لم يجد عيباً منها , وقد بدأ يُصدق أن خروجها امامها في ذلك الوقت كان خطأً , ولكن لا يعرف ان كان كلام زوجه خالها صحيحاً ام لا ؟؟!! , ولا يهمه ان يعرف .
قال بصوته الخشن الجهوري
: يا الله انك تحيّ الشيخة بنت الشيخة حصة و الشيخ سُلطان .
ابتسمت الجدة بحُب وهي تمُد يدها حتى يتلقفها فهد , ويُقبلها بحنان , ثم يميل على رأسها ويلثمه ويسمع صوتها ترد عليه
: أرحببب , إلّا يا الله انك تحيّ الشيخ فهد بن سلمان ـ واردفت بمرح ـ ودي اقول عن امك الشيخة سوزان بس بتزعل مني وتقول انا ماني عيوز تقولين عني شيخة , وينك عني يمّه اشتحنت لك ؟؟! .
هبط بعنف على الأريكة وهو يُرخي جسده عليها ويقول بابتسامه زينت محياه , ابتسامه حقيقه غير مصطنعه , ابتسامه قد ضلتّ طريقها إلى شفتيه منذ زمنٍ طويل
: وأنا اشتقت لك أكثر , السموحة يا الغالية بس اليوم اجازه من الطيران وقلت اروح اشوف الشباب من زمان عنهم , واندمجت معهم ونسيت نفسي وقدّ تأخر الوقت يوم رجعت .
هزت رأسها وهي تقول : المهم انك غيرت جو , الله يسعدك دوم يا رب .
همس بخفوت : أمين يا رب , وياكِ يمّه وياكِ .
تغضن وجهها بألم وقالت بحزنٍ مرير : وين تجيني السعادة يامك ؟؟؟! وين ؟؟! وبنيتي كل يوم تنخطب وما اقدر اقطع بنصيبها وما أعلمها , و ما قدر اظلمها واخليها عندي بس لأني مشتاقه لريحه وليدي , وهي كل ما علمتها عنهم ترفض وهذا المريح قلبي شوي بس .
قطب حاجبيه مُتجاهلاً لغرورها ورفضها أفضل رجال المجتمع الذين يتقدمون لها , وقال مُقترحاً : طيب وش رايك تزوجيها لعبود ؟؟! عاد هو اعزب وعمره مناسب لها , وانت تعرفينه وتعرفين اخلاقه ولو طلبت منه يعيش معك هنا ما رح يرفض , وبكذه حفيدك وحفيدتك قدام عينك الأثنين .
التمعت عينا الجدة وقالت بصراحة ودون مرواغة : أنا أدري انه عبدالرحمن وسعود اخوانك وسندك في هالدنيا الفانية , وانك ما ترضى عليهم وتحميهم وتدافع عنهم بروحك ودمك .
رفعت اصبعها السبابة واشارت على اظفرها للسبابة الأخرى وأردفت
: بس هاااا !! هالاثنين ما يسون حتى ظفرك , وهالسرابيت ولا يدلون حتى طريق البيت ومن ديره لديره , شي قنص في الحيوانات والطيور المسكينة , و شي طيران وشراع ولا مدري وشوهو القالي عنه اول , ما رح ابلي بنيتي فيهم , وهم الله يرزقهم الزوجة الصالحة التتحملهم .
اردفت بقهر وهي تتدث بسرعه دون أن تعطي فرصه لفهد حتى يتكلم : عبود وهو صاك الثلاثين الحين ما عنده مسؤولية ولا كان تزوج همن كان بعمرك انت يوم تزوجت , تبيني اعطيه لبنيتي الذَهَبة عشان يضيمها بحركاته الماصخة .
قال عاقداً حاجبيه : يمّه احسن شي سواه عبود انه ما تزوج يوم كان بعمري يوم تزوجت ولا بلا نفسه بحرمه , تعرفين حريم هالزمن مايعات وماصخات .
هزت رأسها بأسى وقالت بقوه وهي تنظر لعينيه : عشان كذه أبيك تتزوج بنت عمك !!!!! .
سعل بفنجان القهوة الذي كان يرتشف منه , وقال بهدوء وهو يُحوِّر حديث الجدة بشكلٍ آخر فهي تبدو متردده , ولكنه قال بجدية
: يمّه ابشري بدور لها على عريس مناسب , واهم شي ما يكون سربوت .
ضربت الجده بعصاتها على الأرض , ولم يهتزّ جفنٌ لفهد وهو يُحدق بها بغموض , حتى سمعها تقول بعصبيه
: انا ما خرفت للحين بكامل قواي العقلية ولله لك الحمد على نعمه عليْ , واعرف زين وش قلت لك , واعرف انك تتجاهل كلامي لأنه ما ودك بهالشي .
وضع فهد فنجانه على الطاولة امامه وقد عرف جديه هذا الموضوع الذي غزا عقل جدته , واستدار بجسده إلى جدته وهو يقول بجديه وقد ارخى ذراعيه على فخذيه
: يمّه , ادري انك تعرفي وش تقولي , واكيد تعرفين اني متزوج من دينا الحين وهذا مو زواجي الأول و متزوج قبلها ثنتين ومطلقهم .
اردف بمنطقيه يراها : ترضين بنيتك تنظلم معي , وهي توها بنت بنوت ما تزوجت من قبل , وش تبغى بشايب مثلي ومزواج وادري انها بترفضني ...
مدت الجدة كفها حتى تقطع كلامه وتقول بغصة ملأت حلقها : انت ما لك ذنب يمّه , مالك ذنب انت من زينه الرجال وشيخ الشباب , بس ربي بلاك بحريم اعوذ بالله منهم , وهالأخيره المعك مو احسن من القبلها , وأنا أدري انك تحاول تخلي هالزواج ينجح بس بدون فايده !!! , ذيل الكلب اعوج ما يتعدل , لو انه يتعدل كان خليت الأولى على ذمتك وما طلقتها ثاني يوم من زواجكم , وعدلتها مثل ما تبغى بس تدري انها ما رح تتعدل وبتعبك فقررت تطلع بأقل الخساير من اولها وتخليها .
أطرق برأسه بأسف وهو يذكر نتيجه اول خيبه له وزواجه الأول والتي لم تكتمل فرحته وانتهت بخيبه كبيره قد آذته بشده ولكنه خرج بأقل الأضرار .
كانت امرأة عاديه الجمال ولم يكن يأبه لذلك , طوال فتره خطوبتهم كانت رقيقه وخجوله معه , وكان يُذيبه هذا الخجل ويبتسم لها ببلاهه فقد كانت تجربته الأولى وقد اتم الرابعة والعشرون من عمره , لكنه الآن بات يُفرق بين الخجل الطبيعي والمصطنع مثل هذه التافهة .
و تغير كل شيء عندما سافر معها إلى لندن من أجل شهر العسل ومضت هذه الرحلة بسلام في الطائرة حتى وصلا لمكان إقامتهما بالفندق , وطلب منها ان تستحم وتُجهز نفسها حتى يخرجان لتناول الطعام والتجول ,
تفاجأ بها تخرج أمامه من دوره المياة الخاصة بالفندق بشورت قصير وقد اتضح فخذيها المكتنزين من اسفله , ويعلوه بلوزه ضيقه بلا اكمام ضغطت على صدرها , وكانت تنوي الخروج معه بهذا الشكل !!!! .
هو الشيخ فهد بن سلمان كما تُسميه جدته تأتيه زوجه بهذا الشكل السافر والفاسق وهو المعروف بغيرته الشديدة وبدائيته على عائلته , حاول معها ان تلبس الحجاب بملابس ساتره ملونه , فهو لم يُجبرها من البداية على ان تُغطي وجهها وترتدي الأسود , ولكنها عاندته ورفعت صوتها وفعلت افاعيل افقدته آخر ذرات تعقُل في دماغه .
وهنا انتهى كل شيء طلب منها ان تجمع اغراضها ولم يكن صعباً عليه ككابتن طيّار ان يعثر على رحله عائده للبلاد بأسرع وقت وقد سلمها لأهلها كما هي , رغم انّ أهلها قد حاولوا معه ان يُعيدها وانها ستستمع اليه وتُطيعه ولكنه اراد ان يقتل الأفعى قبل ان تلدغه و تنشر سُمها إليه , وقد اكتفى من هذه المواقف معها بشهر البصل الذي حصل عليه .
أصرت والدته على تزوجيه بسرعه , ولم تنتظر كثيراً ليبرأ جرحه , زواجه الثاني كان لا بأس به مع اهمال زوجته له ولجناحهم وحياتهم , إلى انها اهدته أجمل هدية في حياته وهي طفله الصغير سيف .
رباااه !! كم اشتاق اليه ابنه الغالي , انتهى زواجه بها بمجرد أن أخذت منه هذه الهدية " ابنه " , باهمالها له وقدمته على طبقٍ من ذهب للخادمة التي اهملته وهي تنظر لهاتفها وتقهقه به وغرق بحوض السباحة حتى يلفظ انفاسه بسيارة الاسعاف , كان عمره سنه ولم يستطع الاسعاف أن يُنقذ روحه البريئة ,
طفلٌ صغير لم تستطع الاعتناء به , وتخلص منها ومن اهمالها .
كان عليه أن يتوب وان ينسى أمر الزواج فجُرحيّه لم يبرآ حتى الآن , ولكن والدته غضبت منه وأقسمت عليه أنها لن تكلمه أبداً , لم يلمها فهي أرادت سعادته , وبهذه الطريقة أصبح زوجاً للثالثة والحالية و التي لا يهمها شيء في هذه الحياة غير نفسها وبشرتها وهوسها بالتجميل .
مع هذه الذكريات عادت جروحه تنزف بعد أن تخثرت دون أن تلتأم , فلا يوجد بحياته أي شيء يُلئم جروحه النازفة . ضغط قبضته القاسية داخل كفه , ولم يؤلمه شيء بمقدار فقده لابنه الصغير هو الشيء الجميل الذي كان يوماً بحياته وقد فقده .
قالت جدته باصرار وهي تريد سعادته وحدسها يخبرها أنّ ميرال هي من سيُداوي جروحه , كان وجهها يتغضن ألماً من تقلب ملامحه وقد ادركت نزف جروحه وانها قد آلمته بكلامها وذكرته بابنه الغالي : اسمع يا يمّه , امك هي الاختارت لك كل زوجاتك وانا ما عمري تدخلت ولا بزواج , هالمره اعطيني الثقة وانا متأكده انك بتلاقي التبغاه من زواجك من ميرال هي انسب وحده لك .
تنهد بعمق وهو يُعيد شعره الكثيف للخلف بكفيّه : يمّه انا متزوج الحين , مو مطلق راسي ما يتحمل حنّه حرمه وحده فما بلاك بحرمتين .
قالت الجده بعناد : الشرع حلل أربع , وأنا اعرفك تقدر تعدل بينهم وما رح تظلم وحده منهم .
نظرت له بمكر واردفت : إلا اذا بنيتي أخذت عقلك من مكانه فوقتها غصباً عنك ما رح تقدر تعدل بقلبك .
سحب نفساً عميقاً من الأوكسجين وزفره بخشونه , من قال انه يُريد لعقله ان يطير بامرأه ؟؟! , هو لا يُريد لعقله ان يطير لا لامرأه ولا لغيرها , يريده ان يبقى في مكانه فهذا أفضل بكثير له , المشكله انه يعرف اصرار جدته وعنادها بما انها قد قررت فهي لن تتركه لو مرت السنوات ستلاحقه حتى تجعله يُوافق عنوه , وخاصه ان الأمر يتعلق بحفيدتها المُحببه , فقال مستسلماً وفي باله أمرٌ ما .
: طيب يمّه أنا موافق , بس بشرط , تقولي لبنت عمي اني كنت متزوج من قبل مرتين ومطلق بدون لا تعرف شي عن الأسباب , وتخيرها بالقبول والرفض , وان رفضتني ما تصري عليها وتجبريها .
ابتسمت الجدة بحب وقالت : لا تخاف ما رح أجبرها وبتوافق وين بتلاقي أحسن منك .
هاهو يغادر وفي قلبه امل كما في قلب صديقه يوسف , ان ترفضه ابنه عمه وتنتهي هذه المعمعة , لقد سئم من النساء ومشاكلهم التي لا تنتهي , سئم هذه الحياه وضاقت به ذرعاً !!! .
*****
مساء اليوم التالي
وكأن هذا الزمن يسير بلا توقف لا يوقفه عثره او مَحطه ما , هل يتعمد هذا الزمن ان يؤلمها في كل يوم ؟؟! بحق الله !!! انها مُجرد عمياء لا ترى النور ولا يكفون عن إذائها ظناً منهم انها سوف تؤذيهم , كيف تفعل وهي لا ترى إلا السواد ؟؟! ولا تستطيع الوثوق بأحدٍ هنا غير زوجها , رقّ قلبها له عندما تذكرته الآن .
ألم يوصي الرسول بالنساء ؟؟ في قوله " رفقاً بالقوارير " , فما بالكم بامرأه عمياء تكُف أذاها وشرها عن الجميع , ماذا يُريدون منها ؟؟! ماذا ؟؟؟! .
كان يتكئُ على اطار الباب الخشبي , هذه المرة لم يضع عطراً حتى لا تُمسك به , تلك المُخادعة بات يعرفها كما يعرف اسمه , لقد كانت تكشف وجوده من عطره الذي يفوح في المكان .
ابتسم وهو يتأملها تُسرح شعرها القصير بلون الليل الذي يصل لكتفيها ويتهدل عليهما , كان يُفضله طويلاً جداً فهو من عشاق الشعر الطويل , ولكنه بات يُحب شعرها المُتناسق مع قصة وجهها الصغير , وعينيها الناعسة بلون القهوة الداكنة قصه تعذيبٍ أُخرى تؤرق مضجعه دوماً , عندما يتسلط ضوء المصباح الذي بجانبه على عينيها ووجهها الصغير ويترك الغُرفة ظلاماً دامساً .
عضّ شفتيه وهو يراها تلعقُ شفتيها وقد بدى عليها التوتُر , كانت ترتدي فستاناً رقيقاً كرقتها يضيق من صدرها ويتسع عند خصرها تاركاً لخياله العِنان .
عقد حاجبيه عندما رأها تنهض وهي تتحسس الطريق حولها وقد حفظت طريقها في هذا الجناح خلال شهراً كاملاً , وصلت إلى المطبخ التحضيري وأمسكت بغلاية الماء .
أجفلت من تلك الكفْ الخشنة التي حطّت على كفها , وشهقت بخفه وقد ادركت انه زوجها حتى وان لم يضع عطره المعتاد فهي تعرفه من طيفه الضخم الذي يحوم حولها , وهي تشعر به يُهيمن عليها .
قليل التهذيب , كما انه ينحني عليها بحجه ما !! حتى يسترق منها لمسه بخصرها او همسه لأذنها التي ترفرف بصوته الخافت او حتى قُبله يتيمه على وجنتها , وتشعر به يوماً بعد يوم يزداد جرأه .
انها مذهوله لا تشعر انه رافضه لقربه او بالتقزز منه , بل في كل مره لا تريد منه ان يتوقف , وبالطبع وان كانت تموت امامه فهي لن تطلب منه المزيد وتكتفي بالفُتات الذي يُعطيه لها .
قال بهدوء يزدرد ريقه , وهو يتحسس نعومه كفها
: أنا وش قلت لك ؟؟! مو قلت لا تلمسين أي شي خطير بدون لا تقولي للعاملة رنه وحده بس وتجيك من المطبخ وتسوي لك التبين .
هزت كتفيها بخفه , و قد سلبت لُبه بحركتها : ما حبيت أشغلها , عمتي كانت تبغاها ضروري وراحت , وانا صرت مدمنه قهوه بهذا الوقت راسي يبدأ يصدع فأصير اعرف انه جا وقت القهوة .
قال بسرعه : طيب علميني كيف تسويها ؟؟! عشان أسويها لك واسوي لنفسي , خلني اذوق طعم هالقهوة التسويلك ذا الصداع .
ضحكت بخفه ولم تستطع ان ترى نظراته وعينيه الصقريتين التي تتمهل عليها , وتتفحصها تدريجياً حتى تكاد تأكلها .
أملت عليه ما يجدر به ان يفعله , حتى جهز كوبين لهما , وجلس بغرفه الجلوس بقربها , وقد قرر وضع النقاط وقال بلا مراوغة
: ميس بسألك , الحين انت مرتاحه معي ولا لا ؟؟!
رفرفت بأهدابها وقالت بهدوء : حشا أكون مو مرتاحه , انت ما تقصر معي , سويت لي اشياء حتى ما يسويها الرجال لزوجته , انا ممنونه منك كثير .
ابتسم بهدوء وقال : يعني معتبرتني زوجك ؟؟!
تغنَّى الورد الأحمر بخديها وهي تهمس :أيوه زوجي , بس طريقه زواجنا تخليني احس ... .
لقد وصل إلى مربط الفرس الذي يؤرق تفكيره , ما يمنعه عنها ليس خجلها الذي يُذيب اضلعه , بل هو يرى رغبتها به في عينيها ويُدرك انها لا تعرف انه يعرف فهو ليس بغرّ حتى لا يعرف انها ترغب به كما يرغب بها , فقال بسرعه يقطع كلامها
: انسي طريقه زواجنا , ممكن تكون غريبه شوي بس في النهاية ربي كتب لنا نتزوج كذه , وانت الحين زوجتي ومسؤوله مني وباذن الله بسويلك العملية قريب بس تطلع نتايج تحاليلك وبترجعي تشوفي مثل قبل واحسن , فما في أي مشكله بهذا الموضوع حتى عشان تشيلي همه , بس ابغى اتأكد انك مرتاحه معي عشان نكمل حياتنا كأي زوجين !!! .
تقافز قلبها بداخل صدرها حتى اهتزت اضلاعها , كما احمرت وجنتيها بقوه , عندما قال انها زوجته ويريد الاستمرار معها وكأنه يؤكد هذه الحقيقة , وقد لمست في نبرته بجملته الأخيرة المكر ويأخذ منها الموافقة على الاستمرار , فقالت باقتضاب من خجلها
: أنا الحمدلله , مرتاحه معك .
ابتسم بهدوء وقد أخذ منها الضوء الأخضر , وشعر انه اراح ضميره فلم يكن يُريد ان ينالها بدون رضاها , وقد شعر بأنها قد تكون متأثره من طريقه زواجهم التي تمت به اهانتها من قِبل اخيها القذر .
أجفله أزيزهاتفه الذي صدح بقربه حتى يرى اسم ابن عمه الفهد يُضيء الشاشة المظلمة , اجاب بهدوءه المعتاد والذي يُفسره البعض بروداً منه
: أرحببب بولد العمّ ... لا ما دريت عن شي وش صاير ؟؟! ... همممم طيب بحاول أجي ما اوعدك ... طيب طيب خلاص لا تصجني بجي واشوف ... اوووف منك .
وقف على قدميه , حتى تشعر به ميس وكأنه يهيل عليها من طوله فهي في كل مره تشعر به طويلاً مُهيباً للنظر .
قال لها برقه : السموحة مضطر اطلع شوي , ولد عمي يبيني بموضوع بشوفه وأرجع لك , ولو تبين شي اطلبي العاملة لا تتهوري .
ابتسمت بخجل وهي تتلمس ذلك الذي يقصده بكلامه من عودته وقال بسرعه : ان شاء الله بقولها .
خرج من الجناح , وهو يتركها خلفه تتنفس بلا هواده انفاسها تهرب من رئتيها وقد بدأت تتوتر مما سيحدث بعد ذلك , وبعد ان اعطته موافقتها بطريقه لا مباشره حتى يقترب منها , يا الله !!! كم تشعر بالخجل كشلال يصُب على جسدها صباً , تعرق جسدها من توترها , ودعت الله ان تمُرّ هذه الليلة على خير .
*****
كانت تجلس بهدوء بغرفه الجلوس , تقوم بتطريز قُماش يُحيطه اطار من خشب , هوايتها المُحببة التي تحبها لأن والدتها كانت تحبها .
والدتها يا الله !!! كم اشتاقت لها كثيراً ولقد رحلت هي ووالدها منذ زمن , وتتمنى أن تراهما ولو في منامها انها تقبل بذلك , فالشوق يقتلها لهما .
تنهدت بعمق وأنفاسها الزمهرير تخرج من بين شفتيها , تحكي قصه وذكريات والديها التي تأتيها من فتره إلى فتره حتى تدمع عينيها رغماً عنها , وهي لم تجد عِوضاً عنهما إلا في جدتها الحبيبة ورسيل .
جاءت جدتها تتكئ على عصاتها وتبتسم لها بحُب , حتى تجلس بقربها وهي تنظر لها بحنان وهي تطرز هذه المفارش بطريقه جميله , وتتمنى أن لا تُعاند صغيرتها وتوافق على الزواج من حفيدها الحبيب حتى لا يفترق عنها الاثنان .
قالت بحنان وهي تربت بكفها على كف ميرال , التي التفتت لها باهتمام
: أأمريني يا جده تبغي شي أجيبه لك , او اسويلك شي مشتهيه شي .
ضحكت الجدة بخفه وقالت بمرح : انت ما يهمك غير تزغطي في بطني من هالأكلات والحلويات التسويها , ارحميني يا بنيتي ما عاد اقدر اتحمل اكل كل شي والسكر والضغط لاعبين بحسبتي لعب .
قالت ميرال قاطبه حاجبيها , وقد تركت ما تقوم به جانباً وهي تُعانق جدتها
: لا تقولي كذه الله يخليك لي يا رب ويطول بعمرك , والحمدلله ما فيك إلا الصحة والعافية .
مدت الجدة ذراعها تُحيط كتفها وتسحبها صدرها , وتُداعب شعرها وتقول
: ما أقدر اقول ما بقى بالعمر كثر المضى , المهم ماعلينا خلينا فيك انت يا عروس .
رفعت ميرال رأسها بشرود وهي تنظر لجدتها وهمست : عروس مره ثانيه !!! .
أومأت الجدة بابتسامه وقررت أن تخبرها : ايه بس هالمرة غير ومو أي عريس بعد , هذا العريس بالذات من أقرب الناس لقلبي ومن أَحْبهُم لي , فهد ولد عمك سلمان .
شهقت شقه صامتة , وقد اصابها الذُعر من هذه الفكرة , كم كانت تسمع بشهامته ومن حب الجميع له واعتمادهم التام عليه , ولكن !! اولاً هو متزوج وله حياته الخاصة التي لن تُفسدها أبداً , وثانياً هي تخشاه وتموت رُعباً منه ومن نظراته الخطيرة تجاهها إن حدث ووقعت عينها على عينه صدفه .
في المقابل ان فكره ان تتزوج من ابن عمها جيده للغاية عندها لن تضطر ان تبتعد عن جدتها وعائلتها بعيداً وقد عثرت عليهم قريباً , اليس ابن عمها افضل من رجلٍ غريب لا تعرف ماذا قد يفعل بها ؟؟! قد يكون شخص سادِي غير سويّ , يقوم بتعذيبها كما تفعل زوجه خالها , وقد يمنعها عن عائلتها , عندها لن تجد من يُدافع عنها ويحميها منه .
وفكره ألا تتزوج أبداً هي افضل بكثير من أن تتزوج من ابن عمها المتزوج أو من شخص غريب لا تعرفه , ففكره الزواج بذاتها تُخيفها للغاية وهي ليست مستعده لذلك أبداً , وجروحها لم تُشفى حتى الآن .
فقالت بهدوء : أنا اسفه يا جده بس ما ودي اتزوج , وبعدين ولد عمي متزوج , اكيد ما رح اخرب عليه حياته صعب أدخل بينه وبين زوجته وأفسد سعادتهم وراحتهم .
قالت الجده تلوي شفتيها يميناً ويساراً : امحق سعاده بس , الا قولي هالعقربة مطلعه عيوني ولِيدي من مكانها هي وحركاتها الماصخة , يعني مو مكفيه زواجه الأول والثاني وبعد ما طلقهم عشان يرتاح ياخذ هالعقربه .
ازدردت ميرال ريقها بصعوبه , وأيضاً مِزواج ويهوى الطلاق , لقد فكرت ان قبلت و تزوجته هل سيسأم منها وعندها يُطلقها حتى يتزوج من اخرى , وتعيش هي الباقي من عمرها في قهر .
قالت الجدة تردف بحنان : يا يمّه ما في أحب ما عندي اشوف الغالي فهد يكون لك وانت الغالية عندي , لا وفوقها بخليكم تعيشوا هنا معي تحت عيني .
يا الله كم هو عرضٌ مغري للغاية , انها ستبقى تحت جناح جدتها ولن تبتعد عنها أبداً وعن حنانها وعندها لن يستطيع هو ضربها أو إيذائها وجدتها في غرفه قريبه , ولكنها عرفت ان لعمها ولدين والاثنين أكبر منها لما لم يتقدم أحدهما إليها , ام انهم استكثروا عليها أن تتزوج من اولادهم العُزابّ وفضلوا لها المِزواج , لأنها ببساطه غريبه عنهم ولم يحبوها ليفرطوا بأولادهم الغالين .
ذلك ليس مهماً لن تلومهم على هذا الأمر , إن كانت زوجه خالها التي قامت بتربيتها مذ كانت طفله وأقرب إلى الأم بحياتها , قد كانت تستكثر عليها الكثير فما بالهم بالشباب الذي في ريعان شبابهم !!!! .
يبدو انها سترضى بالأمر الواقع المرير الذي يمُر عن طريق حلقها كالحنظل , وتستسلم له فقط لتبقى بقرب جدتها , وبعدها ان اراد ذاك المزواج تركها فلن يهم الأمر ستبقى في حمايه جدتها .
قالت بغصة ملأت حلقها : طيب , أنا موافقه بما اني رح اعيش هنا عندك وجمبك .
ابتسمت الجده برقه وهي تسحبها إليها تعانقها بقوه وتهمس لها
: ما رح تندمين , صدقيني ما رح تندمين .
انها نادمه منذ الآن فكيف بها إذا تزوجت به , وأفسدت حياته مع زوجته , قد تكون جدتها اخبرتها ان وضعه سيئاً معها ,
ولكن لم يبدو لها ذلك عندما قابلت زوجته , لقد كانت بارعة الجمال بمعالم جسمها التي تضُج بالأنوثة و شعرها الأشقر الذي يتهادى على أكتافها ويُحيط بوجهها البيضاوي و انفها المُستقيم وشفتيها المنفوختين كالتوت بإغواء .
بينما هي متوسطه الطول وصغيرة الحجم , ذو أنفٍ ناتئ ولون البحر في عينيها خافت بلا بريق يشع منه , وشعرها بلون البندق باهت وكثّ يصعب تسريحه , وعظام خديها وذقنها بارزه جداً من النحالة , وحدها اسنانها السليمة كانت مصدر فخرٍ لها , والجميع يطرون ويتغزلون بابتسامتها الجميلة .
هناك فرقٌ بين السماء والأرض بينهما , بالتأكيد عندما يراها ذلك الرجل لن ينظر إليها , سيندم على زواجه بها وتركه لتلك الجميلة وعندها عليها أن تعد الأيام إلى ان يتركها ويبحث عن جميله أخرى أن لم يكن يُريد زوجته فعلاً , هؤلاء الرجال لا يُرضيهم إلا أكلُ التُراب .