كاتب الموضوع :
رُؤىَ
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: طـيشُ فتَــاة .. ! | رؤى :$
" الطيــشُ الأول .. ! "
وسَـط ظلامِ تلكَ الغُـرفَـة الهَـــادئَـة ..
كَــان يشتَـاظُ مِـن الغضَــب و عينَــاه تحدثَـان بريِـق مُـزلزلٌ ..
عينَــاه البنيتَــان تجسدَان معنَـى العصبيَـة فتميِـل لِـ اللونِ الأحمَـر القاتم و ترسُـم الحدَة بهمَـا ...
همَـس بفحِـيح الأَفعَـى وسطَ سكُـون الغرفَـة لينتَـشر صدَى صوتِـه بجنبَـات الغرفَـة ...
صوتُـه المهيِـب ينطُـق بمعَـاني الألَـم و الإنتقَــام و الحدَة : إثنَـى عَـشر شهرًا و أنَــا أنتَـظر .. أعَّــدُ الأيَــام و السَــاعات و قَـد حَــان الوقــتُ المنَــاسب.. دمُــوع أميِ التيِ تنهَــمرُ من مقلتيهَــا بدُون تَــوقُـف ، إنكسَــار و حُـزن أبيِ ... صَــدقينيِ يَـا أختِــي إذ لَــم تأخُــذ العدَالَـــة بحقِــك فَـسوفَ أثــأَرُ لدَمِــك المهدُور .. أمثَــال هذهِ النَــاس لا تستَــحقُ إلاَ القَــتلَ و المَــوت .. المَــوتُ فقَــط ..!!
نعَــم .. !! بعـدَ صراعٍ دَاملأكثَــر من إثنى عشَـر شهرًا إنتَــصر عليهِ الشيطَــان بسهُــولَـة ..
فَــ زينَ فكـرَة الإنتقَــام لهُ و وضعهَــا نصبَ عينيـهِ و جعَــل منهَـا أحد أهدَافِــه الدنيوية و ملاذُ عيشِــه ..
لعَـلهُ يطفِـىءُ النَـار التيِ تشُـب بقلبِـه و تُـدمرهُ بوهـنٍ بطيِــىء ، دمُـوع أمهِ الغيَــر متوقفَـة و إنكسَـار أبيهِ ..
تَـحرقُ قلبُــه و تحثُـه للإنتقَــام اليَـوم قبـلَ الغَـدِ ، تحَـرك مِـن سريِـره النيِــلي و هُـو يرددُ : يجِــبُ أن أنتقِــم منهَــا ، سوفَ أدمِـرهَــا ، سـأجعَــلُ حيَــاتهَـا جحيِــم و ستَــتلقَـى أضعَــاف الألَــم و الحُـزن ، سوفَ أجعَــلك تتذرعيِـــن من كأسِ الشقَـى و تَــطلبيِــن المَــوت بَـدل حيَــاتك البَـــائسَـة " إتسَــعت إبتسَــامته الخبيثَــة لتخُـط ملامِــح وجههِ "
يتجِـه بخُـطى متَّــزنَـة و متسَـاويَـة نحـوَ مبتغَـاه لتَــتسعَ إبتسَــامتهُ بكُــل خطوَة يخطيِــهَـا ..
ألاَ يَــعلَــم بِــأنهُ يَـقُـود نفسَـه نحـوَ هَـاويَـة دُون رجُــوعٍ ، نحــوَ سِـجن دُون مَـفرٍ منــهُ ..
و لَــكن مَـا أدرَاك لَــمَـا ينتَــصِـرُ إثـمُ الشيطَـان عَـلى الإنسَـان ، حتمًـا سيكُـون أحـدَ ضحَـايَـاه ..
إقتَــرب من طَــاولَـة تقبَـع بأحَـد زوايَـا هذِه الغرفَــة لَـم يكُـن لهَـا إستعمَــال من قَــبل مُـجردُ زينَـة توضَـع عليهَـا مزهَـرية من زجَـاج و تُـملأ بعـدَها من ذلكَ الوردِ الجميِــل ...
تَـمتَـد يدُه نحَـو دُرجهَـا الصغِــير ليفتَـحه بهٌـدوء و يُــخرجَ مِــنهُ مسَــدسُ يطغَــى عليهِ اللَــون الأسـوَد ...
إبتَـــسم بخُــبث لتَـتَــسلل ضحكَـة صغيِـرة ما بينَ شفَــاههِ و عينيـهِ تدرسَــان تفاصِـيل المُـسدس بدقَــة لا متنَــاهية ..
نظَــرات صقريَــة خبيثَــة و كَــأن الشيطَـان تجَـسد بهِ و سكَـن فكرَهـُ و عَـقلُـه و أصبَـح جُـزء لا يتَـجزأُ منـهُ ..
بالفَــعل لقَـد أصبَـح هُــو الشيطَــان نفسُــه : مُـسدس يتنَـاسَـب معَـك تمَـامًــا أيتُهَّــا الـطَـائشَـة .. سَــوف أفرغُـه برأسَـك " فَــ يهُـز رأسَـه بأسَـف " هَــل كنتِ تظنُــين أنَـك سوفَ تهرُبيِــن من ثَــائِـر كمَـا هربتِـي مِـن العَــدالَــة و قيَـدتيِــهَـا ببَـضع أورَاق نقديَــة لتَــلزمَ الصَــمت و تغلـقَ محضَــر الجريمَــة هه لالَا سَــوف تدفعِـين ثَـمَـن الرُوح التِــي هدرتهَـا بطيشِــك ، تظنِــين أن الأمـوَال هيَ الحيَــاة لكنَــك مخطئَــة بظنِـك " يُـرجع المُـسدس لمخبَــأه " أيَــام قليلَــة و سَــوف يدرَجُ إسـمُ مَــلاك عبدُ الرحمَــن بقَــائمَـة المَــوتى لاَلاَ بَــل بقَــائمَـة المَــقتُـولين ..
رجَــع بضعَ خطوَات نحوَ سريرِهِ ليرتَــمي عليـهِ بتَــعب و هُــو يرددُ : نومًــا هنيئًــا لكِ يَـا ملاَك فَــاليَـوم هُـو آخِـر أيَــامك الهنيئَــة !
◘◘◘◘◘◘◘
صبَـاح يَــوم جديِـد !!
تَـقفُ أمَـام المرآة وَ قَـد أنهَـك التعَـبُ جسَـدهَــا ..
هَـالاَت سودَاء تظهَـر حوَل عينيهَـا بوضُـوح لِـ ترسُـم ملاَمحَ الذبُـول و الإرهَـاق ..
لَـم تَـعُـد تعرف معنَـى النَـوم بحيَـاتهَـا ، الإبتسَـامَـة ، السعَـادة و الفَــرح كذلـكَ ..
لقَـد إنقَـلبَـت حيَـاتهَـا منذُ ذلـكَ اليُـوم و تلك اللحظة .. و كُـل مَـا تواجِـههُ الآن سوى المتَـاعب و الألَـم و الشَـقى ..
يكفـيِ تلـكَ الكَــوابيِـس التِـي ترافِــقهَـا بنومهَـا و كذلكَ يقظتهَـا ، لاَ دوَاء و لاَ أيُ معَـالج نفسيِ تمَـكن من علاجهَـا أو حتَى محَــاولة التخفيِـف عنهَـا ...
مسحَـت على وجهِـهَـا و هي تتنَــهد بألَــم ، أبعَــدت كفَ يدهَـا عن عينيهَـا لتنـصَـدم ..
عُـروق جسمهَـا توقفَـت عن ضخِ الدمَـاء و عينيهَـا البنيتَــان تتسعَـان بصدمَـة و خَـوف ، أطرافهَـا البَـاردة تَـرتعِـش بقوةِ ..
لتَــصرخ بجَــزع و هي تغَــطي عينيهَــا بيديهَـا بقوةِ ، نفسهَــا تلكَ الفتَــاة المغطَــاة بالدمَــاء و ذَات المنظَـر الرديءِ و البَــشع تَــبتَـسم لهَـا من خَــلف المرآة ليظهَـر ظلهَــا بالمرآة ..
إبتَــعدت من المرأة بخطَــوات مرتعشَــة و غير متزنَــة و هي تَــرميِ علبَـة العطـر على المرآة بقوةٍ و هيَ تُـرددُ : أتــركينِــي .. إبتعِـدي عنيِ !! .. أنَـا لَـم أقصَـد ذلكَ .. أرجُــوك .. ماذَا تُـريديِــن منِـي !! " لتجهِـش بالبُـكَـاء " لقَـد أنتهَـيت و أنتهَــت حيَـاتيِ .. أنَــا مجنُـونَـة .. أجَـل مُـجرد مجنُـونَـة ..!!
سقَـطت على الأرض بقوة و هي تجهِـش بالبكَـاء و شهقَــاتهَا تَـمـلاُ المكَـان ، شعُـور الخَـوف و الألَــم و التعَـب يجتَـاحهَـا ، سَـمعَت صَـوت أبيهَـا يقتَـرب منهَـا و هُـو ينَـاديهَـا بخَـوف : ملَاك يا إبنَـــتي مَــا بكِ !! .. هَـل يؤلمُـك شيء ؟! أم " بصعُـوبة تكلَـم " نَــفسه الكَـابُـوس يتَـكررُ معَـك ؟!
هَـزت رأسهَـا بالإيجَــاب و شهقَــاتها تأبى التوقُـف و بَـصوت أجَـشِ يطغَـى عليه البكَـاء : أنهَــا تلاحقُــني بكُـلِ مكَـان .. أثنَــاء نومِـي و يقظَـتي .. تظهَـر بكل مكَـان " بصراخِ " تبتَــسُم إبتسَــامتها القذرَة و تَـظهَـر بشكلهَـا و مظهَـرهَـا المُـريبِ .. أرجُـوك يا أبيِ أبعدهَــا عنِـي ، لقَــد تعِــبتُ !!
إقتَــرب منهَـا ليضُـمهَـا بحنَـان و مسَــواة لعَـلهُ يبُـث الأمَـان بروحِهَـا المتزَعـزعَـة و أنفَـاسهَـا المضطربَـة : إهــدئي يا مَــلاك .. أحسَـن حَـلِ هُـو النسيَــان لقَــد مضَـى عَـام على الحَـادثة .. لا تعيِـري إهتمَـامًا للأمـر و لا تُـفكريِ بِـه .. إشغَــلي وقـتَ فرَاغِـك بنشطَـات مختلفَـة و لَــن تتعتَـرض طريقَـك مرة أُخـرَى .. أخرجي نفسَـك من هذه القوقعَــة و إِبنـيِ حيَـاتك من جَـديد و إستَــمتعي بهَـا .. !
تَــهزُ رأسهَـا نفيًــا : لالا لاَ أريِــد حيَــاةً بعـدَ الآن .. لقَـد أصبَـح لكُـل شيءٍ طعـمُ مُـر ! لَـن يجديَ نفعًــا ..
ينَــاظرهَــا بإعترَاض و هُـو يسَـاعدهَـا على الوقُـوف من الأرضِ : بَــل ستفعَــلين .. صحيحُ أنَـك أستغنَــيت عن قيادة السيَـارة منذ تلك الحَـادثَـة لكنَـك لَـن تمنَــعين نفسَـك من التَـجول و الخرُوج و كذَلك التَـنزهَـ !! كفَــاك إنعـزَالاً ألَـــم تملِــي من هذهِ الوحدَة القَـاتلة و البقَــاء بينَ جدرَان غرفَــتك تهربًــا .. أنَــا لَــم أعهَــدك ضعيفةً يا ملاَك
لتمسَـح ملاَك سيلَ الدمُـوع المنهَــمر من عينيهَـا : لا يَــا أبي لقَـد رحلَـت ملاَك و لَــن تعُـود !! لقـد أنتهَـت منذ ذلكَ اليَـوم و لَــم تعد نفسهَــا ملك المبتَــسمة و المرحَــة و القويَــة .. مُـجرد فتَـاة ضعيفَــة طائشَــة و بطريقهَــا إلى الجنُــون
إبتَـَـسم لهَـا و هو يحاول التخــفيفَ عنهَـا : لالا ستعُــود ملاَك السَــابقَـة ، و مُــأخرًا قَـد أختَـرت لَـك سائقًـا مرافقًــا لكِ و مسَــاعدًا لَـك و قَـد إلتَـقيــتُ بِــه ، إنَــه مهذَب و مسؤولِــيُ و جديُ بعمَــله و يمكِــنك الإعتمَــاد عليهِ بكل شيء " تَــكلم بسرعَــة قبـلَ إعترَاضهَــا " أنَــا أترجَــاك يا إبنَــتي فلا تَــردينيِ خَــائبًـا ، ضعيِــه تَـحت فترة إختبَــار و إن لَــم ينَــاسبك فسأطردُه و إحضر غَــيرهُ ... " برجَــاء " أرجُـوك لا تَـعترضيِ يا مَـلك !!
لتبتَـسم ملك بإستـسلام و هي تلتَـمس الرجَـاء و الطلَـب من أبيهَـا : حسنًــا موافقَـة على طلبِــك و إن لَــم يعجبنيِ سأطردُه حتمًــا هاا ؟!
ليضحَـك لوحيِـدتــه و مدلَــلته : أجَــل مثل مَــا تشَــائيِـن !! و الآن دعيِــنَـا نَـنزل لنحضَــى بفطُـور صباحيِ معَ فتَـــاتي الجميِــلة !!
فتَــهُـز رأسهَــا بالإيجَــاب و هي تَــتوجَـه مع أبيهَـا نحوَ مؤدبَـة تجمَـع أصنَـاف المَـأكولات و التحضيرَات المتنَـوعة خصيصًــا لهَـا !!
◘◘◘◘◘◘◘
ينَــاظر صحنَـهُ بفَـراغٍ و تَـفكيرهُـ يشمُـل نقطَـة واحدَة ألاَ و هيَ الإنتقَـام ..
إثنَـى عشَـر شهـرًا يدرُس هذهِ الفكرهَـ من كُـل الجوَانِـب و آن وَقـتُ التنفيِـذ ..
سَـوفَ ينتَـقم بطريقَـته الخَـاصة ، رغـمَ طيبَـة قلبِـه الرهِـيف و المسَـامح ..
إلاَ أنهُ لَـن يسَـامحَ أيَ شخصٍ يحَـاول تفكيكَ شُـمل العَـائلَـة و تَـحطيمَ أفردَاهَــا بهذهِ الطريقَـة ..
مَـوت أختِـه كَـانت بمثَـابة صدمَـة لا تنتَـسى و رغمَ مُـرور الزمَن إلاَ أنهُ الجرَاح لَـم تعَـالج بَـل الأحدَاث تزدَاد سوءً ، أصبَـح يشعُـر بالريبَـة فقَـد أصبَـح البيـتُ في سكُـون لَـم يعهَـده أفرَادهُـ مِـن قبلٍ ..
لَـقد توفَـت زهـرَة البيتِ التي تَـمُـده بالحيَـاة ، كَـانت هي مصـدَر الضَـجيجِ الرائِـع و الإزعَـاج الغيرِ متوَقِـف و الأَهَـم من ذلكَ كَـانت آخِـر العُـنقودِ ، لَـقد إفتَـقدناهَـا بقُـوهَـ ، نتذكـرهَـا أنَـاء الصبحِ و المسَـاء و اللَـيلِ كذلـكَ ، بالمُـختَـصر لَـم نستَـوعـبَ خبرَ وفَـاتهَــا أو فقـدَانهَـا و الآن جميعنَـا نعيش بدوامَـة لا مَـخرج منهَـا ..
كل منَــا يريدُ أن يوَاسي نفسَـه قبل أن يواسـيِ غيرهُـ و أن يحَـاول إدرَاج نفسه تحـتَ خطِ الواقِـع المُـر الذي نعيشُـه و نتجَـرعهُ بسكَـات .. واقِـع وفاةِ أختِـــي " شهَــد " ..
قطَـع سبـلُ أفكَـاري الجَـارية و الغيرُ متوقفَـة منَـادَاة أميِ و إهتمَـامهَـا الكبيرُ الذي : ثَــائر يا بني لَـم تأكُـل من فطورك شيء !! ألَـم يعجبكَ !! هَـل تريد أن أعِـد لك شيء آخَـر !!
رفَـع رأسَـه ليلتَــقي بنظرات أمـهِ القلقَـة و المهتمَـة " آآه يا أميِ يا ليتنِـي أمسَـح كل ذرة حُـزن من قلبَـك و أتمَـكن رسم الإبتسامَـة و البهجَـة بمحيَـاك ، صدقينيِ يَـا أمَــاه سوف أثأر لدمِ شهَــد " : لا شكَـرًا يا أميِ الفطُـور لذيِـذ سلمَـت يدَاك !! " بتَـردد " أمي .. أبي أريِـد أن أخبركـم بموضُـوع مهمٍ جدًا و أريِــدُ أخذَ رأيكُــم بهِ
رفَـع الأبُ رأسَـه بصَـمت و هُـو ينَـاظر وحيِـده المتبَـقي ، أشَـر له بالكلاَم و طرح هذَا الموضُــوع الذي حتمًـا سيفَـجر بعـدَه قنبلَـة مَــا .. فنظرات إبنـهِ لَـم تكُـن نذيِـر خيرًا أو مطمئنتًـا ، صحيِـح أنـهُ متسَـامح لدرجَـة لا تحتَـسب و هادىء و مسَــالم كذلكَ لكِــن الريبَــة و الخَـوف يكُـون بتسَـرعِـه الدائِـم بإتخَــاذ القرارات و عصبيتَــه و عنَــاده الذي إذا مَــا بدأ يسَـيطر عليـهِ يقلبُـه لشخصٍ آخَــر ، شخـصٍ ثَــائرًا نسبة لإسمِـه لا يعرفُ حينهَـا الأَب و الأُم حيـثُ تطبقُ عليه المقُــولة " إتق شَر الحليِـم إذَا غضِــب " : تَــكلم يا ثَــائر كلنَــا أذَان صَـاغية لكَ !
إبتَــسم ثَـائر بهُـدوء لأبيِــه ليتَــفت لأمهِ و هُـو يرددُ بداخلِــه " مؤكَـد لن يوافقَــا على الأمرِ !! أرجُـو أن تنطليِ كذبَــتي عليهِـم و إن لَـم تنَـجح فقَـد أكُـون فاشلاً ذريعًـا لتخطيِـطٍ دامَ لأكـثَـر من إثنَـى عَـشر شهرًا ، أنَــا آسف على هذهِ الكذبَــة لكن لا يمكنُــني أن أنَـام ليلاَ بسلاَم دُون أن أستَـرجع حقَ أختيِ الذي نَــهبته العدالة !! " : أمي .. أبيِ كمَـا تعلمَـان أنُـه الدراسَـة ستنطَـلق بعَـد أيَـام معدودَة !! و بالطَـبع سَـوف أحقِـق طمُـوحي و أتَــبِـعت المجَـال الذي مَـا كنت دومًـا أتمنَــاه منذُ الصغَـر " بحزنٍ " حتَـى شهَـد كَـانت تريدُ إتبَــاعه ..إنهُ مجَــال الطبِ .. و إتمَــام السنَـة الأخيرَة و النجَـاح بهَـا بمنطقتنَــا هذهِ شبهُ مستَــحيل لذَلك يجب أن أنتَـقل ..
قاطَــعته أمُــه و الوجُـوم و الإعتــرَاض يشعُ من عينيهَـا ، لتَــتكلم بنفيِ و إعترَاض شديدين : لالاَ بحَــقك يَـا بُـني لا تطلُـب ذلكَ ، مستَــحيل أن أترككَ تَــبيت ليلة خَـارجَ البيـت بعيِـد عن مرىءَ عينَــي ، مستحيِــل أن تَـنتقِـل من هذه المنطقَـة " لتجهشَ بالبكَــاء " لا تفعَــل ذلكَ يَـا ثَـائر !!
إتَــسعت عينَــاه بصدمَـة لم يَـكن يتَـوقع كل هذَا الإنفعَــال من قبلَ إمِـه و الرفُض القَـاطع الذي سرعَـان ما هَـدم معنَــوياتهِ " أرجُــوك يا أمي لا تطلبي مِــني البقاء ، لا تقيدينِــي بهذا الطلَــب ، أرجُـوك لا تذرفيِ دمُـوعك لأنهَـا غاليَـة و بسببهَـا سوفَ أُلغـيِ كل شيء حتَـى فكرة الإنتقَـام .. أنتِ الأسَـاس يا أميِ يَــا من وضعَـت الجنَـة تحـتَ أقدَامهَـا "
ألتَــفت لأبيِـه و هُـو يطلب الإستنجَـاد منـهِ و مسَـاعدته أو علىَ الأقَـل الوقُــوف بجنبِـه ، ليقَـطع ذلك الصَـمت الأب و هُـو ينَـاظر إبنِـه بفَـخر : أنَــا موافِـق يا بُـني و أدعَــمك برأيِــك هذَا ، صَـحيح أنهُ لمِـن الصَـعب أن تغَـادرنَـا أنتَ الآخِـر " بحزن " بعد فقدَان و مغَـادرة أختـك لربِ الخلائِـق لكننِـي لَـن أقِـف بوجهِ مستَـقبلكَ و طمُـوحك الذي تسعَـى إليه أو أمنَـعك منـهُ " لينَـاظر زوجَــته بحنَـان " لا تقـلقيِ يا أم ثَـائر هونيِ عَـلى نفسك إبنـك سوف يذهَــب للدراسَــة ليس لشيء آخَــر لمَـا كل هذَا النوَاح و الإعترَاض
وقفَــت الأم لتَـضم إبنهَـا بقوهَـ و هي تذرفُ سيلَ الدمُـوع بدون قدرة على كبتهَـا : لا أستَـطيع يا أحمد " زوجهَـا " يكفي أني فقَــدت غاليتي شهَـد و لا أريِـد فقدَان وحيِــدي أريده أن يبقَـى دائمًـا أمَـام عينَــاي ، كيف تُـريدُني البقَـاء بعيدة عن فلذَة كبديِ و الإستغنَــاء عنهُ " بصراخ " إذا أصَــابه مكروهُـ ما كيفَ كيفَ إستطَـاع الإستمرَار !! أنـه ما تبقَـى ليِ !!
تَـكلم الأبُ بهدُوء عكـسَ إنفلاَت أعصَـاب زوجَـته : أنه قضَــاء و قَـدر من عند الله عز و جَل لَـما كل هذَا النوَاح و البكَـاء ، إبنَـك لن يغيبَ من الحيَـاة إلاَ بأمرٍ من الله و حضُـور أجلِــه .. سَـوف يذهَـب للدراسَـة و يرجَـع و هو يحمَـل شهَـادة التَـخرج و بتلَـك اللحظَـة مأكدُ سوف تكونِــين فخورة به ، أنَــا لم يخب و لَــن يخيِــب ظنيِ بإبني و تَأكدي أنهُ سيبقَـى على تَـواصـل يومي معَـك .. أليـسَ كذلك يَـا ثائِـر ؟؟
ثَــائر و هُـو يهز رأسَــه بصمت و الذنـبُ يحرق أعمَـاقه " أي دراسَــة تتكلَـم عنهَـا يا أبيِ ؟! إبنـك في مهمَـة قتل !! سوف يعود لك بشهَـادة الدخول إلى السجن !! و لكن على الأقل سوف أريِـح ضميري " : أجَــل يا أمي صدقينيِ سأبقَــى على إتصَــال معك ، أرجُـوك وافقي يا أمي لا يمكنُـني التحرك دون موافقَــك ؟! أتوَسَــل إليك يا أمي !!
نقَـلت الأم نظرهَـا ما بين الإثنَـين و هي تحَـاول إقنَـاع ذَاتها رغمَ عنهَـا و هي ترى عبَـارات التوسَــل و الرجَـاء تنسَـكب من وحيدهَـا و فلذَة كبدهَـا ، و حَـث زوجهَـا لهَـا عبر نظرَاتِــه بالموَافقَــة .. فهَــزت رأسهَـا إستسـلاَمًـا : نعَــم أنَــا موافقَــة يا إبني مستَــقبلَـك أهَـم !!
إتَــسعت إبتسامة ثائر فيضُـم أمَــه بحرارة و هو يقبلُــهَـا بحُـب و فَــرحِ رغمَ أنَـه يعلَـم أنهَـا لم توافِـق من أعمَــاق قلبها لكِـن يكفِـي رضاهَــا على ذهَــابي ... ألتَـفت نـحوَ أبيه ليضُــمه هو الآخَــر و هو يتَـمتمُ بعبرات الشُــكر و الإمتنَــان كذلكَ ..
ليتَـــجه نحـوَ غُـرفَـــته و هُـو يقفِـز فرحًــا و إبتسَــامة الخَــبث تخطُ معَـالم وجهِـه ، ليهمُـس بفحِــيح الأفعَــى و هو يتَــوجه لجمـعِ أغرَاضِــه و مسَـدسهِ طبعًـا .. مانعًـا أمه من دخول الغرفَــة حتَـى .. !! خشيَـة أن تكشِــف أمرَهُــ : أنَــا قَــادمٌ يَــا ملَاك إنتَــظرينيِ !!
◘◘◘◘◘◘◘
نهَــاية الطيش الأول !!
أتمَــنى أن ينَــال على إعجَــابكم و أن يكُـون بالمستَـوى المطلُــوب
و قَــد يكُـون عنصـر الغمُـوض قد تبدَد جزئيًـا بهذا الطيشِ !!
لا تنسَــى أن تبديِ نقدَك قبَــل مَـدحـك :$
و إن شاء الله إذا تَـواجد التفَـاعل المطلُــوب فلَــكُـم مني طيش ثَـاني قبل نهَـاية الأسبُـوع
أستَــسمحكم على التأخَـر
دمتُــم بود .. رؤى :$
|