كاتب الموضوع :
رُؤىَ
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: طـيشُ فتَــاة .. ! | رؤى :$
السلام عليكُــم ....
صباح | مسَـاء .. الفرح و السرور !
شكرا بحجمِ السمَـاء لكل شخص أبدى رأيه و نقده قبل مدحه ..
الطيش الأول هو بداية إزالة الغموض و قد كان بين إيديكم ..
و اليوم أضع بين إيديكم الطيش الثاني راجية أن ينال على إعجابكم ..
و أن يكون بالمستوى المطلوب و المحدد :$
ملاحظة : يوم السبت موعد نزول البارتز ، أتمنى يناسبكم الموعد + إذا تَـواجد التفَـاعل المطلُــوب فلَــكـم مني طيش ثاني قبل نهَـاية الأسبوع
" الطيــشُ الثَــــــاني ! "
يتوجَـه نحو خزانتِــه التي تقبَـع بالجدار البعيد من بَـاب الغرفَـة بخطوات متفاوتَـة ..
مشاعر غريبَـة و عديدَة تجتَـاحه ، الفَـرح ، التوتـر ، القَـلق ، الإنتقَـام ، الحزن ، الألَـم و البغض كذلك ..
غريبة بحقٍ هذه المشاعر ، هناك شيء ما يسحبه و يمنعه من الذهَـاب أما طرفه الثَـاني فيحثه بالإنتقَـام و التحرك بسرعه ..
مسَـح على رأسـهِ و هو يبعد الأفكَـار الغبية التي تترصَـد عقله و تحصره وسط دوامَـة لا مخرجَ لهَـا ، يكفي ذلكَ لقَـد قرر مسبقًـا و لم يعُـد هنَـاك مجالٌ للإنسحَـاب أو الترَاجـع ..
أجَـل .. !! بَـعد ساعَـات ليسَـت بالكثيرَة و لا بالقليلَـة كذلكَ سَـوف يصبِـح بنفسِ المكَـان الذيِ تتواجَـدُ بهِ هيَـا ، سينَـفس نفس الهَـواءِ الكريِـه الذيِ تستَـنشقهُ ، سيتَـواجَـد بقصرهَـا القذر الذي يشهَـد جريمَـتهَـا أو جرائمهَـا الوسخَـة و اللإنسَــانية ، سيسعَـى لتنفيذ مطَـالبهَـا الغير منتهيَـة و تحمُـل خباثتهَـا و دنَـاءتهَـا و كذلك تفكيرهَـا ... و سيعمَـل تحتَ أَمرهَـا و يَـخدمهَـا .. حقًـا !! فَـليكن الله بعَـونكَ يَـا ثائِـر .. !
أخَـذ يرمي بمَـلابسه عشوَائيًـا نحـوَ حقيبَــته منهَـا التي تتضع بداخلِ الحقيبَـة و منهَـا التي تهويِ بوسطَ الطريق ! ، ليس ترتيِـب الملابس هو المهم الآن .. الشيء الوحيد الأهَـم هو التوَاجـد بذلكَ القصَـر أو البيت و إنهَـاء كل شيء ببسَـاطة .. !!
إتجَـه نحو الزاويَـة الثانيَـة من الغرفَـة و هو يترصَـد بعينَــاه الصقرية الحَـادة التحركَـات التي يمكِـن أن تصدر بأي لحظة وسط هذَا السكُـون ، لتمتد يداه نحو تلك الطاولَـة الصغيرة فيخرج من أحد أدراجها الشيء الأهَـم و الرئيسي له ألا هُـو ذلك المسدس الذي كُـتب عليهِ أن ينهي حياة تلك الفتَـاة الطَـائشة و ضمهَـا لقَـائمَـة الموتَـى ، أسرع بإخرَاجه من ذلك الدُرجِ و هو يهُـم بدسه بينَ ملابسه المتراكمَـة و القابعَـة وسط الحقيبَـة بإهمَـال ..!
ليتنَـفس الصعداء و هو يغلق حقيبته بهُـدوء و يلُـم حاجياته المهمَـة الذي هُـو بحَـاجة لهَـا ... و بين إنهمَـاكه بالتَـرتيب و اللَـملَـمةِ وقعَـت عينَـاه اللَـوزية الحَـادة على بروَاز يتَـضعُ على المكتَـب الذيِ كَـان سايقًـا يحويِ كتبَـهُ الدراسيَـة و شهادتِـه الثَـانوية المعلقَـة أعلاهُ ، برواز يحمِـل بين إطَـاره المزخـرَف بلونٍ ذهبي جذَابٍ .. صُـورة عائليَـة قد ألتُـقطَـت منذُ سنتينِ ، أقترب من المكتَـب بهدُوء و عينَـاه لم تبرحَـا تلكَ الصُـورة الثمينَـة لتمتَد يديهِ نحو البروازِ بخفَـة و عينيهِ ترسمَـان تفاصيل الصُـورة بذهنِـه و يدَاهُ تُـبعِـدان ذرات الغبَـار المتمردَة على الإطَـار و الصورة كذلك ، ليهمُـس بألَـم و قَـد أخَـذته ذاكرتَـه نحو ذكريَـات مضَـت و أصبحَـت مجرد وهمٍ لا أكثَـر : صُـورة ألتقطَـت بالعطلة الصيفيَـة و قَـد كانت آخِـر صورة جمعَـت أفرادَ العائلَـة كلهَـا " ليبتسم بإنكسار " مُـجرد ذكرايَـات لا غيرَ !
أخَـذ الصورة من البروَاز و هو يثنيهَـا بين يديهِ بدقَـة و يخبأهَـا بجيبِ بنطلُـونه ، لعلهَـا تكُـون آخِـر ذكرَى لَـه وسطَ هذهِ العائلَـة تحيَـى بذَاكرتِـه و ترسمُ في صفَـاء ذهنهِ ، فلا أحَـدُ يعلَـم ربمَـا لن يعُـود مجدَدًا و لَـن يرى والديهِ مرة أخرى ؟!
◘◘◘◘◘◘◘
تعبَــث بالملعَـقة وسطَ الصحن المتضعِ أمَـامهَـا .. و تفكيرهَـا يتمحوَر بالفراغِ لا غيرَ ..
حتمَـا كلام أبيهَـا صحيِـح .. إلى متى ستظـل تسجُـن نفسهَـا بين أربع جدرَان .. !! منعَـزلَـة و الوحدة أنيستهَـا و مرافقتهَـا .. !! إلى متى ستقضي على تجويف الفراغِ الذي يحيط عالمهَـا من كل ناحيَـة .. ؟!
الفتَــاة قد توفيَـت منذُ سنَــة .. !! لقَـد كَـان مُـجرد حادثِ عَـن غيرِ قَـصد .. ! هي لم تَـتعَـمد ذلك و لكِـن .. هي لَـم تحَـاسب على جُـرمهَـا هذَا بقتلِ هذه الرُوح .. ! كيف لَـم تطلب العدَالة بإمتثَـالهَـا أمَـام المحكَـمة ؟ أو على الأقَـل التحقيقَ بمجريَـات الحادثة ؟ لمَــذَا لم يعَــاقبهَــا القانُــون على فعلتهَــا هذه .. !؟
سؤالُ وقعَــت عليه ألف علامةِ إستفهَــام بفكرِ ملاك .. ؟ سؤال تطرحُـه بعدَ مرور إثنَـى عشر شهرًا على الحادثَـة و بنفس الوقـت تبحَـث عن إجَـابتهِ .. ناظَـرت أبيهَـا الذي يقرأ الجريدة بتمـعن و تركيِـز " حتمًـا هو يعرف الجوَاب !! " .. نادته بتَـردد : أبيِ ..
أبعَـد الجريدة من بين يديهِ و هـو ينَـاظرهَـا بإهتمَـام بالغٍ : نعَــم صغيرتي ماذَا تُـريديِـن ؟!
ملاك و هي تُـشتت نظراتهَـا بين الصحُـون المرصوصَـة على الطَـاولة بضيَـاع و تحَـاول تجميع شتَـات من الكلمات المنَـاسبة لعلهَـا تجِـد جوابًـا لهذَا السؤال: أبيِ .. بَـعد الحَـادثَـة ألَـم تُـحقق الشرطَـة بمحضَـر الجريمَـة ؟ ألَـم تطلب العَـدالة إمتثَـالي بالمحكَـمة لإصدَار العقُـوبَـات " لتدنق رأسهَـا نحوَ الأسفَـل و هي تشعر بالأسَـى و التأنيب " فَـأنَــا مُـجرد مجرمَــة أليس كذلك !! و يجبُ عليَ نيلَ العقَـاب !
إبتَـسم الأب بإرتبَــاك .. " لمَـاذا تطرحين هذَا السؤال ؟! " : و هَــل تظنيِــن بأنني سأسمح لإبنتيِ الوحيِـدة أن ترمَـى بين السجنَــاء !! أن يُــدنس إسمهَـا و يُـشرَك مع المجرميِــن !! أن يصبِـح إسمهَـا على لسَـان ذلكَ و ذَاك ؟! طبعًـــــــــــا لا ... !!
إرتسمَـت إبتسَــامة السخريَــة و هي ترفَـع نَــاظريها لأبيها و عينيهَـا تلمَـع من الدمُـوع المحبُـوسَـة : لا يَــا أبيِ رغمَ كُـل ما فعلتَــه سأبقَــى مُـجرد مُــجرمَــة ، قَــاتلة .. ! " لتصرخَ بألَــم " إذ لَــم يعرف النَــاس حقيقَــة ملاك إبنَـة عبد الرحمَـن فَــأنَــا و أنــتَ و الربُ نَــعلم بذلك .. " لتردف بسخريَــة " لا تستَــهن يا أبي لربمَــا إبنتُــك أوسَــخ من السجنَــاء الذي تتَــكلم عليهِــم .. هَـــل رشيتَـهم ببضع أورَاق مالية أنسَــتهم معنَــى الحق و العدَالَــة و جَــعلتهم من شُــهاد الزور يغطُــون على فضيحَــة إبنتـكَ القَــاتلة !! صَــدقني يا أبي بأفعَــالك هذه لَـن تزدنِــي إلا ميُــولاً و إنحرافًــا بدَل التَـوبيخِ و العقَـاب أهديتَــني الدلالَ و التَــرف .. و هذَا ما أعتبــره إلا تشجيعًــا و دعمًــا !! سحقًــا لفتَــاةٍ مثلي لا ينَــاسبهَـا إلا التعَـفن بالسجـنِ .. !!
لتقِــف بإنكسَـار و العبَـرات ما بدأت تنسكِــب على وجنتيهَـا الورديتيـنِ كالسيـلِ الغزير تسردُ قصَـة ألمهَـا و معنَــاتهَـا ، لتدفع كرسبهَـا بقوة و تنسحِــب من المكَــان بسرعَــة مخلفةَ وراءهَــا شخص منصَـدم من الكلام الذي إنفجَــرت به صغيِــرته
◘◘◘◘◘◘◘
هَـل حقًـا عندمَـا تحينُ لحظَـة الودَاعِ تمتلأ الأعيُـن بالدمُـوع ؟ و تنفَـجر براكيِـن الأسَـى و الجمُـود ؟!
نعَـم أنه كذلكَ فمَـا أصعَـب الرحيلَ و الودَاع إنهَـا إلا دمُـوع أمي التي ألمحهَـا من خلفِ نَـافذة السيارَة تنَــاجيني بالعودَة و تستَـحفظُـني بالرجُـوع الحميدِ ، تدعُـو من قلبهَـا الذي لَـم يبخَـل يومًـا بالحنَـان و العطفِ فمَـا يبقَـى من بعدِ الودَاعِ إلاَ نَـار الأشوَاقِ و قلبُ حائِـر و عيون أمي البَـاكية ، تمسَـح بجلال الصلاَة تلكَ الدمُـوع فتحُـل بَـدلهَا سيلُ ينسَـكب من عينيهَـا دون تَـوقف ..
ألتَـفتُ نَـاحية أبي الذي يَـقف بجَـانب أُمي و شبَـح الإبتسَـامة ظهَـر على شفَـاههِ ، أنهُ إلا قنَـاع يرتديهِ ليخفِـي مدَى الإنكسَـار و الأسَـى الذيِ يجْثُ بقلبِـه ، إبتسَـامته دافئَـة بثَـت بأعمَـاقي ضجيجٌ من الألَـم و أيقَـظت ضميريِ السَـاكن و بَـعثَـرت مشَـاعري و كيَـاني لتهيجهَـا بقوَة " ماذَا تفعَـل أيهَـا الغبي ؟! تخُـون ثقَـة أبيكَ و تَـكسِـر عهدَ أُمِـك ؟! تعِدهُمَـا بالرجُـوع حاملاً شهَـادة التَـخرج ، تعبَـثُ بالثقَـة الذي أعطَـاها لكَ أبُـوك ، تنقُـض وعـدَ أمكَ بالدراسَـة !! " ..
و بالفِـعل لقَـد تغلَـب عليهِ ضميِـره و نفسُـه الطيبَـة لتمتَـد يدُه نحوَ البَـاب سينسَـحبُ من هذهِ اللعبَـة اللعينَـة .. لَـن يقعَ رهنَ التفكير بالإنتقَـام و يقُـود نفسه نحو هاويَـة من صُـنع يديهِ .. إذ لَـم يُؤخَـذ بحق أخته بحياة الدنيَـا فحَـق أُختِـه لَـن يضيعَ بالآخِـرة .. لَـن يعذبَ والديهِ بفرَاقِـه ..
أمسَـك بمقبَـض البَـاب لكنَ السيَـارة تحرَكَـت متقدمةً ، مبتعدَة من بَـاب البيتِ فمَـا تركَـت وراءهَـا إلا سحَـابة من الدخَـان و الغبَـار الذي تجمَـع بالسمَـاء الزرقَـاء و أختلَـط معَ النسيمِ الصباحِـي العَـليل ! .. أبعَـد يده بهُـدوء و هُـو يتَـمتمُ بأسَـى : سحقًـا !! " لينَـاظر السَـائق بحقد " لمَـاذَا إنطلقتَ بدون أن أعلمَـك هــاا ؟!
ليتكَـلم السائقُ بغيضٍ يحَـاول كبحَـه بداخلهِ : آسف لكِـن ورائيِ عمَـل أُديرُهـ و تَـوصيلاَت مستَـعجلَـة و أنتَ تشغلنيِ عنهَـا !!
فيُـميل ثائِر شفتيهِ بسخريَـة دُون أن يضيفَ من الكلامِ شيئًـا فقدَ فَـات الآوَان ، أبعَـد ناظرهُ نحوَ النَـافذَة و الشَـوق ما بدأ يعتريِـه للعودَة و الإنسحَـاب ، لكن فجأة تعُـود تلك النفسُ الأمَـارة بالسُـوء و وسوَسَـة الشيطَان تعبُـث بمجَـاديفِ عقلِـه من جَـديد ليهمُـس بحقدٍ أعمَـى : سَـاعتين و نصبَـح بنفسِ المكَـان يا ملاَك " ليضحَـك بخبثٍ " سَــاعتين فقَــط !!
◘◘◘◘◘◘◘
يا أبي لا تحقرن من الذنوب صغيرًا إن الصغير غدا يعود كبيراَ !! اليَـوم نَـهبتُ حيَـاة فتَـاة بريئَـة لا ذنبَ لهَـا و حَـصدت روحهَـا دُون أن أُعَـاقَـب ، إذَا ما الذِي أبقيهِ ليَـومِ غَـد ..!!
ضَـمت يديهَـا لصدرهَـا و هِـي تَـزم شفتيهَـا كنَـايَـة على إعترَاضهَـا من تغطيَـة أبيهَـا لجرمهَـا ، جريمَـة قَـد مضَـى عليهَـا إثنَـى عشَـر شهر لكنَهَـا مَـا زالَـت تذكُـرهَـا بحذَافيرهَـا و تفَـاصيلهَـا الدقيقَـة ..
طيفُ تلكَ الفتَـاة بملامحهَـا الجذَابَـة ، أشبَـهُ بالملاَكِ بعينينِ لَـوزيَـة ترسُـم البرائَـة و أنفِ صغيرِ مسلُـول و شفاهِ بحبَـة الكَـرزِ ، شَـعرهَـا الأسـود الليليِ الطَـويل مَـا زادهَـا إلا جَـاذبيَـة رغمَ سنهَـا الصغير الذيِ يظهَـر من تصرفَـاتهَـا الطفُـوليَـة يُـلاحقهَـا ..
سمعَـت صوت أنثوي رقيق مِـن وراءِهَـا يكلمُـهَـا بسخريَـة : هَـل تغَـارينَ من جمَــالي ؟!
صنُـمت ملاك بمكَـانهَـا و دقَـات قلبهَـا تتزَايَـدُ لتقرَع مثلَ الطبُـول دُون توَقُـف و عينيهَـا جاحظتَـان تنظرَان باللافرَاغ " هل تكلمني ؟! " ألتَـفتت بأليَــة و جبينهَـا ما بدأ يتعرَق ، لِـتقفُـز ذعرًا و هِـي تراهَـا تَـقفُ بالقُـربِ منهَـا ، تَـبتِـسم لهَـا ببشَـاعة و الدمَـاء تغطيهَـا من جميعِ أنحَـائهَـا و تَـمُـد يديهَـا المُـشوهتينِ لتُـعدلَ شعرهَـا الطويلَ الأسوَد و تَـتركه يتمَـايلُ بالهوَاء : هَــاا أيتهَـا الغيُـورة شعريِ جميل مِـن شعرِك !!
إتسَـع فاهُـهَـا لتَـصرُخ بهَـا : إبتَـعدي يَـا أيتهَـا البلهَـاء ، هَـل تظنينَ نفسَـك جميلَـة ، مُـجردُ مشوهَـة بشعَـة .. نَـاظري شكلكِ المُـقرف !!
لتبتَـعد من أمَـامهَـا بسرعَـة و هي تتصَـنع القُـوة و عَـدم الخَـوف أمَـا بداخِـلهَـا ترقُـص من الرُعـبِ و الرهبَـة و هي تُـرددُ بأعمَـاقهَـا " الحمقَـاء أصبحَـت تلاحقني و تكلمني أيضًـا .. تبًـا لها !! "
أصبَـحت تُـهرولُ بخطواتِـهَـا بدُون أن تُـحددَ الوجهَـة ، تُـريد الهرَب منهَـا فقط .. إذ خُـيِـلَ أنهَـا تتبعهَـا لذلكَ تَـزيد من سرعَـة تقدمهَـا لتركُـض بينَ أسيَـاب القَـصرِ تحتَ أنظَـار الخَـدم الحَـائرة و المتفَـاجَأة لتردُف أحدَاهُـن : آنستي !! هَـل تبحثينَ عن شيء ؟!
لتصرُخ بهَـا ملاك دُون أن تلتَـفت لهَـا : إبتَـعدي لا أريدُ شيئًـا !
تَــوقفَـت بتعَـب و هي تتَـنفس بصعُـوبَـة من الركضِ فلَـم يسبَـق لها أن ركضَـت منذُ سنَـة بهذه السرعَـة ، رفعَـت عينيهَـا لتنصَـدم ..
لقَـد قادتهَـا رجليهَـا نحوَ حديقَـة القصر الوَاسعَـة الذي لم تطأهَـا مُـنذ عَـقد من الزمَـن فلم تَـكُـن مهتمَـة لهَـا يومًـا ، لمعَـت عينيهَـا بإعجَـاب و هيَ تَـرى الحديقة بألـوَان مُـختلفة تبثُ الحياةَ بصاحبهَـا ..
طيُـور تزقزقُ و تُـغردُ بصوتهَـا الرنَـان العذِب ، أزهَـار بمختَـلف الألوان تتمَـايل بهبُـوب النسيم الصباحيِ و كأنها تستَـقبلُ زائرهَـا ، عُـشب أخضَـر موزَع بطريقَـة جميلة و أشجَـار مزينَـة بمختَـلف الزهُـور و الألـوان و بالوسطِ نَـافورَة بتصميمهَـا الراقيِ و البسيِـط يسيل من أعلاَهَـا ميَـاه صافيَـة لتتدَفَـق نحوَ الأسفَـل ..
تحركت لاشعوريًـا نحوَ الحديقة و هي تُـبعد كعبهَـا العَـالي و ترميهِ بعيدًا و عيناهَـا تتفحَـص المكَـان بإنبهَـار و إعجَـاب شديد، ركَـضت بمرَح نحـوَ العُـشب لتلامِـس رطوبَـته و ملمَـسهُ النديُّ المُـغريِ و أطرافهَـا تتلاَعَـبُ بالأزهَـار الطفيليـة الصغيرة ، لتبتسم بفرح : يا للعجـب !! مكَـان بهذا الجمَـال و لَـم يسبُـق لملاَك رؤيَـتهُ ، حقًـا أنهَـا لاَ جنَـة على سطحِ الأرضِ .. مُـفعم بالحيَــاة و مِـلأهُ الألوان الزاهيَـة ..
إرتمَـت على العُـشب بهُـدوء و هي تَـستلقي عليه براحَـة لتداعِـب أنفَـاسها رائحَـة الجُـوري و اليَـاسمين الهَـادئة ، رفعَت نَـاظريهَـا نحوَ السمَـاء الصَـافية الزرقَـاء كزرقَــة البحَـار لتتأملهَـا بسرحَـان و هي تَـستَـمتع بهذَا الجَـوِ البهيِـج فيبَـاغتُـهَـا نَـومٌ هنيء بأحضَـان الطبيعَـة الخلابَـة ...
◘◘◘◘◘◘◘
صَـوتُ خَـافت ينَـاديهِ ، ليعقِـد حاجبيهِ بإنزعَـاج من هذَا الصَـوت المريب.. فتَـح عينيهِ بتكَـاسل ليدركَ أنَـهُ إلا صَـوت السَـائق الذي ينَـاديه بغيضِ و عصبيـة ليوقِـظَـه من نومَـه القصير الذي إستغله لتضييع الوَقـت .. زفَـر بضيقِ و هُـو يمسَـح على وجههِ : كفَـى !! هَـل إبتلَـعت شريطًـا هذَا الصباح إنكَ لا تتوقَـفُ عنِ الكلام !! ألاَ ترى أنني مستيقِـظ أم أنكَ تَـحتاجُ لنظراتِ أيضًـا !! هَـاا مَـاذا تريدُ
ليجيِـب السائِـق بحُـمقٍ : شبَــاب اليَـوم !! .. تكلم معي بطريقـة مؤدبَـة .. أعطيني نقودي و إنصـرف لقد وصلـت لوجهـتك " ليتمتم " عديمُ الأخلاقِ !!
ليضحكَ ثَـائر بسخريَـة و هو يعطيِـه النقُـود : تفضَــل نقُـودك أيهَـا البخيل و إذَا أردت إعطاء المواعِـظ و الدروس فإلتزم مهنَـة تنَـاسبك ، إلى اللقاء يا أخي !!
نزل ثَـائر و هُـو يضحكَ على عصبية السائق الزائدة عن اللُـزوم و هُـو يأخُـذ حقيبَته و يودِعُـه ، ليرفَـع عينيه للقَـصرِ الضَـخمِ الذي يَـظهَـر أمَـامه فتنمَـسح إبتسَـامته ليَحُـل مكَـانهَـا التهجُـم و التهكُـم ، إنـه ليرَى نَـفسه يتَـجه نحوَ سِـجن مُـظلم تَـنعدم به الحيَـاة ..
يتَـحرك بخُـطى بطيئـة متثاقلَـة و بكل خطوة الإنتقَـام يجثُـم بصدره و يَـضيق به المكَـان و الشيَـاطين تتراقَـص بجَـانبهِ و تُـوسوسُ لَـه بأبشَـع الكلام ، كُـل مَــا يراهُ مكَـان مُـظلم ؛ قَـذرُ ؛ عَـفِـن .. حتَـى أنهُ لَـم يستَـطع الإطلاع عليهِ فكيفَ سيبقَـى به ؟!
ضَـغط على كَـف يدهِ و هُـو يُـهمـس : من أجلك فقَـط يا شهَـد .. فقَط لأجلَـك
فأخَـذ يسحَـب رجليهِ مُـجبورٌ غير مرغُـوب النَـفس و بعَـد أن تكَـلم مع الحَـارس و أخبَـره عن سبب توَاجُـده بالقَـصر ، سمِـح له بالدخُـول و هو يقُـول : تفضَـل من هنَـا يا صغيريِ أعبُـر هذه الحديقَـة و ستَـجد البَـاب الرئيسيِ و هنَـاك سيستقـبِـلك الخَـدم
إبتسَـم ثائر رغمَ عنـهُ لهذَا الشخص الطيب : شكرًا يَـا عـم
ليفتَـح له البوابَـة فيدخُـل و هُـو يهمُـس بداخِـله : لقَـد بدأنَـا يا ملاك " ليضحك بخبث " أصبحنَـا بنفس المكَـان !!
جَـذبَـه شكـلُ الحديقَـة المُـنظم و الهَـادىء ، أخـرَج صُـورته التي كَـان يحملها بجيبِ بنطَـلونه و هُـو يتأملهَـا ، يتأمل عائلتُـه ثُـم يرفَـع نظرهُ لواجهَـة القَـصر ليعُـود لتأمُـل الصُـورة : سأخُـذ بحقكم جميعًــا صدقُـوني .. !!
هبَـت ريَـاح قويَـة جعلَـت الصُـورة تَـفِـر من يدِه و تَـبتَـعِـدُ نَـحو العُـشب ، أسرع باللحَـاق بهَـا فهيَ آخِـر ذكرَى لَـه حملهَـا معَـه و آخِـر صورة ألتقطـت معَ أختهِ ، و فجأة تَـعثَـر بحَـاجِـز جعَـله يهويِ على العُـشبِ بقُـوة بجَـانبِ الصُـورة : يا إلهِـي !! مَـا هذَا بحَـق الجحيمِ !! ..
أخَـذ الصُـورة بين يديهِ و هُـو يرجعهَـا بجيبِ بنطلُـونه ، ليهمُـس بصدمَــة : أنتــــــــي !!
◘◘◘◘◘◘◘
نهَــاية الطَـيش الثَــاني :)
أتمَـنى أن يكُـون بالمستَـوى المطلُـوب ^^
أنتَـظر ردودكــم و كذلك توقعَــاتكم :$
لا تنسى أن تُـبديَ نقدَك قبلَ مدحِـك :()
دمتم بحفظِ الرحمَــن
|