كاتب الموضوع :
صّبا
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
الجزء الثامن
الجزء الثامن
يحاوطني سرب من النجوم و ضوء القمر و ظلك .. فكـيف تتركني أعيش اليوم في ظـلائم ساحـاتـي ؟!
.
.
.
وصله اتصال من احد الضباط
يخبره فيه
بأن غيداء مفقودة !
تذكر الشخص الذي اخبره بأنه وجد غيداء
و بجنون عاود الاتصال على الهاتف العمومي الذي وصله الاتصال منه قبل ساعة
حطم الهاتف برميه على الجدار و حطم المكان حوله
بدأ يصرخ و يضرب صدره بكل قوة
يشعر بأن أنفاسه تحتضر داخل قفصه الصدري و تأبى الخروج !
خرج بإتجاه المنزل من مجلسه الخارجي
و دلف الى غرفة الجلوس , كان عمر ما يزال على حاله على الأرض
صرخ من قمة رأسه منادياً ابنته غيداء ..
و سقط مغشياً عليه .. !
.
.
.
كان في غرفة العناية المركزة تحرسه اعين بناته الثلاث عائشة و مروة و هناء .. تحرسه عين زوجته سلمى و دعواتها ..
و على بعد غرفتين من غرفته كانت هي الأخرى في العناية المركزة , بجسدها الغض المشوه و دقات قلبها الضعيفة , تحرسها عين عمر
الذي اخذ عهد على نفسه بأن يعتني بهذه الطفلة – زين - , لا يريد ان تتكرر مأساة اخته أسماء مرة أخرى !
"ستخرج غيداء غداً " هكذا صرح له الطبيب و هو يمسك بهوية غيداء الحقيقية و ملفها ..
أما والده الذي سقط بجلطة فسيتركه هنا هو و الحياة السقيمة !
لقد انكسرت فيه اشياء كثيرة بسبب والده .. و لا يمكن اصلاحها !
جذبه نداء والدته من خلفه
: يمه عمر روح شوف الدكتور , متى راح يقوم أبوك ؟!
تنهد بعمق و هو يمسك بكف والدته و يطبع عليه قبلة حنونة
: يا ام عمر خلاص عاد , قالك الدكتور كلها كم يوم بس , هو بس زعلان على غياب غيداء ..
و قبل ان تبكي بعد ذكر اسم غيداء
ربت على ظهرها و احتضنها لفترة طويلة
: يمه انا مسافر بكرة ..
و اردف قبل ان تقاطعه
: ما راح أطول كثير يمه , لا تخافي كلها أسبوع و راجع و ابوي ما عليه الا العافية ان شاء الله !
: نسايبنا ما راح يقصرون لحد ما ارجع ..
.
.
.
كان يجلس على سريره يقلب مذكراته بين يديه
يضع نظارته الطبية و يتفحص الصور في المذكرات
ينظر تاره إلى اخته أسماء و تارة الى غيداء
و يغطي فمه بكفه !
كان يحاول منع نفسه من البكاء
يشعر بأنه رجولته مهتزة ..
لمرتين عجز عن حماية اخواته من خوف والده و من البغيض الوزير !
حتى الآن لم يعد يهتم لأمر والده الذي اتخذ قرار مثل هذا بدون استشارته !
لقد استقال رسمياً من كونه ذراع والده الأيمن !
تنهد بعمق و هو يدفن دفتر ذكرياته مع اخواته اسفل حقيبة السفر
فتح الباب الزجاجي لشرفته و استلقى على سريره
يحب النوم و هو ينظر الى تلك الستائر التي تتمايل مع الريح
اغلق عينيه لبرهة لكنه اعتدل بجلسته فجأة و هو يمسك برأسه بقوة
خطرت على باله ذكرى غريبة عن حسناء , اخت نايف !
في تلك الليلة التي صعدت فيها الى سيارته بفستانها الفاضح و عطرها الذي خدر حواسه ..
تلك الليلة التي طلب فيها الضابط منه ان يذهب ليقلها من دورة المياه العمومية !!
استلقى مرة أخرى على جنبه الأيمن , ظل يتابع الستائر التي تتراقص
كما كانت حسناء تتمايل بخصرها في ذلك اليوم !
تضرب بأرجلها المزينة بخلخال فضي تتدلى منه أجراس و كريستالات على هيئة دموع
منذ ان كشف نايف سر ملاحقتهم و هو يفكر بحسناء تلك
قلق من فكرة اخباره بالحقيقة , ف اخته ليست شريفة كما كان يعتقد !
و المكان الذي تم الاعتداء عليها فيه , ذهبت إليه بكامل قواها العقلية !
تأفف و هو يستدير للجنب الأيسر
اغلق عينيه و كأنه يحاول اجبار نفسه على النوم !
ابتسم فجأة و هو يتذكر ابنة خالته و خطيبته ..
ميس .. اسمها ميس
فتاة خجولة , لم تعرف عن الحياة سوى ابيض الأمور !
لم تتعرف على الشر يوماً و قلبها لا يؤمن به
عاشت حياتها و هي مؤمنة بأنها مهما فعلت فالله مقدر لها كل شيء مسبقاً
ابتسم اكثر و هو يتذكر الفاتحه التي قرأوها في خطبته و النظرة الشرعية
لم يطمح يوماً لملكة جمال .. بل استشار والده في امر الزواج
و انتقت له والدته ميس الفتاة البسيطة
وجد فيها سلامه النفسي , و الرضى بالمقسوم , و الحمد لله في السراء و الضراء
لم تكن ذات جمال
لكنها على خلق عال
كانت ترتدي ثوب طويل في النظرة الشرعية و عليها "بشت " والدها الأسود
تحتضنه بخجل و خوف
انقلب على جهة اليمين مرة أخرى و هو يحاول النوم
تفاجأ بأتصال في منتصف الليل من الطبيب الذي يتابع حالة زين
: ولي امر المريضة غيداء هادف ؟
: لاحظنا شيء غريب في التقرير اللي عملته غيداء قبل ستة اشهر.. ممكن اقابلك بكره اذا ممكن ؟
همس
: طبعاً , تصبح على خير
حادث نفسه " التقرير هذا حصل قبل ستة اشهر معناها يخص اختي غيداء !"
.
.
.
# الساعة الرابعة صباحاً ~
رن منبهه , لم ينم جيداً
فقد قضى طوال الليل و هو يتفحص مذكراته
و يفكر بأخته , و بحسناء , و بين الحين و الآخر بميس خطيبته و يبتسم
استيقظ بشيء من الكسل , اخذ حمام دافئ على عجل ليلحق بصلاة الفجر
اخذ حقيبة سفره معه .. قرر عدم توديع والدته و اخواته فهو يعلم كيف سيقلبون سفرته إلى أنين و دموع
لكن لم يمنع نفسه من إلقاء نظرة سريعة على غرفة والدته التي كانت غافيه على سجادتها و بيدها كتاب الاذكار
دعا في داخله لوالدته و استودعها الله
خرج بهدوء من الباب الخلفي
سار في طريقه للمشفى مسافة ربع ساعة و صلى مع الأطباء في مسجد المشفى
و على عجل طلب ملف " غيداء هادف "
و سار الى غرفة الطبيب المسؤول عن حالة زين التي و للجميع تبدو و كأنها اخته غيداء !
طرق الباب و دخل .. لم يجد الطبيب لذلك فكر بأن يتريث قليلاً
لكن بعد حوالي عشرة دقائق من تفحص المكتب بنظراته
دخل الطبيب سامي المسؤول عن الحالة
مد كفه مصافحاً عمر
: السلام عليكم
اما عمر فقد رد السلام بشيء من التعب
و على عجل سأل الطبيب
: ايش المشكلة بخصوص غيداء ؟
اخفض رأسه بلا حول و لا قوة
ثم اعتدل بجلسته
: بصراحة .. اختك الكبد عندها متضررة ..
: آآآآآآ .. مادري كيف ممكن افيدك
: بس يبدو أنها كانت تأخذ مضادات حيوية فوق الحاجة ؟!
قطب حاجبيه و هو ينظر إلى عيني الطبيب مباشرة
: لا اختي ما تأخذ مضادات حيوية ! تقدر تكشف عليها اللحين..
" خاطب نفسه بأن المستلقية هناك ليست اخته على اية حال ! "
: و ما عندي كلام ثاني لأني مضطر اخذ غيداء معي على لندن اليوم !
لا يعلم لماذا كذب يومها و لم يقل الحقيقة ..
خضعت زين الغائبة عن الوعي إلى فحص سريع
و لم يكتشفوا أي خلل بالكبد !!
قبل ان يرمي الطبيب .. التقرير لأخته غيداء
همس
: ممكن آخذه ؟!
اخذ التقرير و راح يتفحصه .. اختي انا تأخذ مضادات حيوية !
ناوله الطبيب التقرير و قفى راحلاً لتجهيز زين لطيارة العلاج الخاصة
اما عمر فقد اسرع إلى غرفة الانتظار و اتصل بوالدته
و حالما اجابته
: يمه , اختي غيداء كانت تأخذ مضادات حيوية من قبل ؟
بشيء من العتب همست
: ما تبي تسلم علي قبل ما تسافر
بضجر و قلق علا صوته
: يا يمه الله يرضى لي عليك , جاوبيني ! اختي كانت تأخذ مضادات حيوية ؟
: ماعرف يا ولدي , هي كانت مريضة و تشكي من اذنها من وهي صغيرة و كانت تأخذ دوا لحد ما فطمتها و كتب الله لها الشفى بعد ما وسمتها ام عزام !
: اكلمك بعدين يمه ..
اغلق بدون ان ينتظر اجابتها
سار الى غرفة زين حيث الطبيب سامي بشيء من التردد
وقف خلف الزجاج و هو ينظر إلى كل تلك الأجهزة التي اختفت من حول زين بعد ان استقرت حالتها منذ يومين
فاجأه صوت الطبيب من خلفه
: انصحك تنقلها على طبيب تجميل من البداية ! لأن حالتها ممكن تسوء لو شافت نفسها .. المكان اللي راح تقيم فيه احرص على انه يكون بلا مرايا !
ابتلع ريقه و هو يسأل بتردد
: تلف الكبد .. خطير يا دكتور ؟
ابتسم محاولاً التخفيف عنه
: اختك ما فيها إلا العافية .. الحمدلله يعن...
قاطعه بغضب و اصرار
: خطير او لا ؟!
رفع الطبيب حاجبه بشيء من التعجب من تقلبات مزاج عمر
قبل ان يتنهد و يهمس
: شيء بديهي انه خطير , انا امي عانت لسنوات .. و ماتت بعدها !
تنفس بعمق و هو يربت على ظهر عمر
: شد حيلك , اختك محتاجتك ..
اما عمر فقد وقف في مكانه متسمراً
يشعر بأنه يختنق ..
اخته تعاني من تلف في الكبد !
" وينك يا غيداء وينك ! وين ارضك يا اختي "
.
.
.
مر الوقت سريعاً
لم يشعر بكل لحظات الرحلة الطويلة
لم يشعر بطاقم الإسعاف الذي نقل زين إلى الطائرة الخاصة
لم يشعر بنفسه و هو يقضي ساعات يحملق في الغيوم في الخارج
لم يشعر بطاقم المشفى الآخر الذي سيستقبل حالة زين
و بالاسعاف التي استقلها معهم على عجل
دخل على الطبيب بصورة مستعجلة
ايقضه سؤال الطبيب في لندن
بلكنته الإنجليزية ’ و رائحة التبغ التي تنبعث منه
: هل من الممكن ان احصل على صورة لها لـ أحاول إعادة هيكلة تقاسيم وجهها ؟
ظل صامت لفترة غير آبه بنداء الطبيب له
فتح حقيبته و اخرج مذكراته
قلب الصفحات بصورة سريعة قبل ان يتوقف عند احدى الصور لغيداء و هي طفلة
ابتلع ريقه و هو يهمس بأنانية ..
و يلوح بالصورة امام وجه الطبيب
: هكذا تبدو !
.
.
.
* الاجزاء لم يتغير فيها الكثير فقط من ناحية التنظيم و بعض الاضافات البسيطة , سيبدأ التغيير في الأجزاء القادمة بإذن الله ~
دمتم بخير ~
|