كاتب الموضوع :
صّبا
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
تابع للجزء الثاني ~
تآبع ~
الجزء الثاني
لولا الكذبات التي يبصقها لساني .. لما دمت على قيد الحياة !
.
.
.
كانت تحتضن صديقة طفولتها و تبكي بحرقة
: صارله فترة هاملني و يطلع الفجر ما يرجع الا آخر الليل !
جففت انفها بمنديلها الزهري
: ما قصرت معه بشيء يا غدير
: كل ماله يتغير اكثر .. ما يكفي اني خسرت بنتي بسببه ..
حالما تذكرت ابنتها ..
اليوم الذي توفيت فيه , الطريقة التي عذبت بها قبل موتها
كل تلك الدماء التي لم تتوقف لتكسو بياض كفنها
الكدمات الزرقاء على جسدها و القبلة الأخيرة على جبينها ..
انهارت باكيه و تعالت شهقاتها اكثر
أما غدير فقد كانت تستمع اليها بصمت
تنظر إلى الحال الذي وصلت إليه رفيقتها سلمى !
كانت تحسدها في الماضي على زوجها المحب
و على عائلتها المتماسكة ..
على جمالها المميز و اخلاقها الرفيعة , ابتسامتها الدائمة
لم تعلم بأن تلك الحياة البهية .. كانت قناع فقط !
تخفي به آلالامها .. تسكت به الافواه التي تحاول عبثاً ان تثير الاشاعات
.
.
.
أما في منزل هادف *
كانت الخادمة في اوج قلقها .. خوفها من هادف و حبها لغيداء التي أشرفت على تربيتها كان يدفعها لتلفيق الكثير من الكذبات !
ها قد مضت ستة ساعات على فقدان غيداء الوعي ~
اقتربت منها بتردد
ترغب في الاطمئنان عليها للحظة فـ تأنيب الضمير بسبب اهمالها لها يجعل قلبها ينكمش و يؤلمها بشدة !
اخبرها الطبيب بأنها ستستيقظ قريباً
و ان حرارتها ستنخفض بالتدريج
إلا ان الوقت مضى و ما زال جسدها ملتهب
حتى المناديل امتلئت بقطرات العرق المنسابة على جبينها و رقبتها
ابتل الفراش و فاحت رائحتها
تخشى اخبارهم بحالة غيداء حالياً .. فقد يضيع مستقبلها بالكامل
خصوصاً و انها اخبرت هادف قبل قليل بأن غيداء التقت بمعلم اللغة الإنجليزية و ان مستواها تحسن جداً !
ربتت على بشرتها الناعمة برقة بمنديل مشبع بالمياه الباردة
و همست بالقرب من اذنها بلغة مكسرة
: غيييدا قوم بليز !
: غييييدا !
نظرت الى ساعة الحائط بقلق
فبعد قليل سيأتي معلم اللغة الفرنسية !
و بالتأكيد لن تجد العذر لتصرفه كما فعلت مع معلم الإنجليزية في الأمس !
لن تجعله يغض البصر ببعض الثمن المدفوع! لن تسلم جسدها مجدداً مقابل ان يكذب على هادف و يخبره بأن غيداء حضرت فعلاً و ابلت جيداً !
اليوم لن تسلم نفسها لرجل آخر .. ما الذي ستقوله لوالدها هادف !
انها كانت تحادث خطيبها إلى منتصف الليل و لم تنتبه إلى ابنته ! لم تقم بوظيفتها ..
انها قضت يوم في أحضان معلم اللغة الإنجليزية العجوز !
مرت ساعة أخرى
و رن الهاتف الثابت بجانبها
شعرت بالهلع !
ماذا لو كان هادف , و يرغب في الحديث مع غيداء !
وقفت بسرعة و سحبت سلك الهاتف
و قررت اخيراً بأن تهدأ من روعها و تتصل بـ عمر
لعلها تجد عذراً فيما بعد يشفع لها عند هادف !
إلا ان عمر لم يجب ..
كان يقوم بأكبر خطأ فادح في حياته !
.
.
.
.
أما عمر ~
لم يكن في الخدمة العسكرية كما كذب على والدته !
بل كان في خدمة اجبارية وصلته من الضابط المسؤول عنه !
الضابط حسام الذي ارسله هادف لـ يجبر عمر على تنفيذ أوامره بطريقة غير مباشرة
حسناء بدر مقابل ابنته زينب !
يتذكر نبرة الضابط حسام على الهاتف قبل ساعة من ذهابه اليها .. حسناء بدر – اخت نايف الذي لا يعلم عنه أي شيء !
: تاخذها من الحمام العمومي ع استراحة الباشا !-يقصد الوزير –
: ما تنسى تروح بسيارة ايجار مو بسيارتك !
لم يقم سوى بتوصيلها , بدون ان يعلم بأنها حسناء التي طلب منه والده ان يجلبها بالقوة إلى استراحة الوزير قبل ايام , و بدون ان يعلم خالف مبادئه التي عاش عليها طوال حياته ! بدون ان يعلم بأنه يرسل حسناء إلى قاتل اخته أسماء قبل ثمان سنوات !
حسناء الفتاة التي تعمل كـ راقصة لسداد ما يمكن سداده من متطلبات الحياة و مسؤوليتها
لـ ترضي غرورها و جشعها بقليل من المال
لتتباهى امام باقي رفيقاتها
هكذا كانت هي في النهار بشخصية فتاة جامعية و في الليل بائعة هوى !
كان الرقص خيار سيء و مكسب حرام
إلا انها اختارته
بدون ان تجبر عليه
بالسر
و بدون علم اخوها الاكبر .. نايف !
حسناء التي ذهبت لتسلية الوزير و ابنه !
هي حتى لم تخبره بأنها في مأزق يومها حتى سمع عن حادثة الاعتداء في اليوم الذي يليه !
يتذكر جيداً بأنه كان يتحدث معها بالفرنسية و يرتدي بدلة رسمية كنوع من التنكر !
اجاد في ذلك اليوم بان يوهمها بأنه مجرد سائق !
بذلك التنكر خدع حسناء !
لم يعلم بأنه مخدوع كذلك !
انخدع هو من قبل الضابط الذي غطى على جريمة الاعتداء التي حدثت هناك بعدها !
يتذكر بأنه استيقظ في الثالثة فجراً من نفس اليوم لينقلها للمشفى !
و يلقي بكامل التهم على احد الحراس الذين تم اقالتهم و دفع مبالغ لا بأس بها لهم و لعوائلهم !
يتذكرها حينما كانت تتمايل بخصرها في ذلك اليوم من خلف نوافذ الاستراحة !
تضرب بأرجلها المزينة بخلخال- فضي تتدلى منه أجراس و كريستالات على هيئة دموع – الأرض و تتلوى بخصرها
.
.
.
تنهد بعمق و هو يخلع سترته السوداء و يرتدي الزي الرسمي للعمل ..
و راح يحمدالله في داخله على ان هذا الاسبوع المريع مضى على خير و المهمة قد تم انجازها !
شاهد الخادمة تركض بإتجاهه و على وجهها ملامح لم يستطع تفسيرها إلا انها نبأته بأن هنالك مصيبة قادمة !
و على صرخات الخادمة دلف إلى غرفة الجلوس و رقى درجات السلم خلف الخادمة , و حالما توقفت امام غرفة غيداء
دفعها جانباً و دلف اولا للغرفة ..
انفجع من منظر اخته التي لا حياة في وجهها !
ألقى بكل مافي يديه و تقدم ناحيتها
طبطب بكفه على وجهها , و بنبرة مليئة بالحزن همس في اذنها
: غيداء .. غيداء حبيبتي ؟ غيداء !
امتلئت عينيه بالدموع و لا يعلم لماذا ! ربما لأنه تذكر اسماء ! او ربما لأنه شعر بأنه سيفقدها !
لم تبدي غيداء اي حركة , شعر بأنه سيقتل الخادمة في التو و اللحظة , ألقى عليها نظرة نارية و صرخ
: من متى هي كذا ؟
: ليش ما اتصلتي ؟
لم يترك لها مجال للتفسير و دفعها للأمام يحثها على السير
: امشي قدامي اشوف
: افتحي الباب و طلعي المفتاح من جيب القميص
كانت الخادمة تنفذ ما يقوله بخوف شديد , فتشت في جيوب قميصه الملقي على الارض برجفه
و عينها عليه و هو يلف غيداء بغطاء السرير و يحملها بين يديه
.
.
.
قبل اربعة ايام *
كان يجلس في استراحة قسم الطوارئ و في يده كوب قهوة دافئة
حالياً لا توجد حالات كثيرة في المشفى ..
لذلك قرر اخذ استراحة بسيطة مع نفسه , يرغب في ترتيب افكاره
و قد بقيت له ساعة و نصف فقط قبل ان يأخذ اجازة لمدة يومين
من الصباح و هو يحاول ان ينهي عمله و يعود للمنزل ليطمئن على اخته حسناء التي لم يرها منذ يومين
سيعود للأطمئنان على حسناء و تصفيت بعض الحسابات مع ابن الوزير المدلل !
اندفع بعض الممرضين بإتجاه الباب الخلفي يدفعون احد الاسرة , لإستقبال سيارة الإسعاف
صرخ الطبيب فهد من بعيد و لوح لنايف بالملف في يده
: هالحالة لك !
لم يفهم نايف وقتها كلام الطبيب فهد كما يجب !
فهم بأنها مجرد حالة سيشرف على علاجها !
لم يعلم بأنها .. اثمن شخص فيه حياته !
صرخ في الممرضين و الطبيبة المساعدة
: الملف !
اندفع خلفهم لمكان خالي في نهاية قسم الطوارئ
: في جروح سطحية
: و كسر في الرقبة و ممكن الظهر !
كان يردد خلفهم و يملي البيانات
: جروح سطحية , كسور في الرقبة و الظهر ..
انهى جملته و رمى ما بيديه بكل بؤس
فهو يعلم بأن حالة مثل هذه نهايتها الشلل او الموت إن لم يتم اسعافها جيداً !
همس و هو ينظر إلى الفستان الممزق على المريضة
: و نزيف داخلي !
همس الدكتور فهد من خلفه
: بسبب الاعتداء اللي صار , و النزيف , غير الكسر بالرقبة و الحوض .. ممكن تبقى مشلولة للأبد
: و مع الاسف اسعفوها خطأ .. و نزفت كثير !
: نهايتها ممكن تكون ...
اكمل جملة الطبيب فهد
: الموت !
اقترب منها بعد ان مسحت الممرضة بمنشفة مبلولة على وجهها
بعد ان ازالت مساحيق الزينة و الدماء الجافة و الاتربة
كانت الكدمات الزرقاء و البنفسجية تأخذ مساحة كبيرة من وجهها بالإظافة الى انتفاخ شفتيها و عينيها
بدأ يمعن النظر في وجه تلك المرأة ..
بعد ان ظهر له وجهها القمري خلف الوان الزينة و الغبار و الدماء , خلف الكدمات الزرقاء التي تملئ جسدها و وجهها .. كانت صدمة عمره !
عاد للخلف بفزع شديد و كأنه قد رأى شبحاً للتو !
لم يستطع استيعاب الامر
فهذه المرأة التي تشبه الجثة الهامدة اكثر .. هي اغلى ما يملك في هذه الحياة !
بأمل ألقى نظرة على قدمها فإن كان الخلخال الذي اهداها اياه موجود فإنها حتماً ستكون هي !
لكن خاب امله ! فخلخالها اكد له بأنه هي ..
و ليست شخص آخر كما كان يحاول تكذيب واقعه
اخته الحبيبة .. حسناء !
لم ينطق بحرف
شعر بأن الرؤيا بدأت تصبح ضبابية
إلى ان اظلمت الصورة امامه
و فقد الوعي
.
.
.
|