لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-09-16, 04:13 AM   المشاركة رقم: 41
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 
دعوه لزيارة موضوعي

البـارت (35):


يَجلس فِـي شقتهُ هادئًـا ، يُراسل الورِيفْ بهدوء بينما يحتسِي قهوته ، ويراقب الاوراق التي اخذها من الكوخ ، تنفس الصعداء حينما لمح اتصال من وليد بتوتر شديدْ ، تفاجئ منهُ انه يتصل علي في وقت مناوبته بالمستشفى ، شعر حقًـا بخطبٍ ما ، وقفْ بجسدٍ مرتجف ، رعشة تسري فيه كاملاً ، ابهامه لايستجيب للاجابة على الهاتفْ ، كان يرتجفْ بقوة على الشاشة ، وبلا شعور اجاب وليد بلهفة وسرعة شديد واندفاع شديد ، ليصعقهُ بالصاعقة التي لم يكن ليتوقعها بأنه وصل للسي دي ، هل هُو فِـي حلم؟ كالحلم الذي كنا نحلَمِ به صغارًا ؟ بأننا نستطيع لمس السَحابْ ، نستطيع القفز عليها ومُداعبة النجومْ تحت ضوء القمر؟ هل هو حلم بقدر زُرقة البحَر وصفاء السماء؟ هل هُو حلم بقدر تلك العشر السنينِ التي عشتها حائرًا بين طرقات هذا العالم؟ إلهـِـي... كل شيء في الآونة الاخيرة بدأ يضغط عليّ ، لم يعدُ بإمكاني الانتظارْ ، لم تعد لي طاقة على الاحتمالْ ، لقد كرهت كربتِي بين ابناء موطني واهلي، لقد كرهت تلك الغربة المقيتة التي سرقت من عمري ورمتني كفتات السجائر على سكك القطارْ ، تنهد بصوت ملتهب ومرهق : وليييييييد؟؟انت متأكد متـ..ـــأكد انها معك؟
اتاه صوت وليد مندفعًـا : وراس امك انها بين ايدي...
التهب صدرهُ ، كان فتيلة تنتظرُ الاشتعال ، كان سحابة تنتظرُ الصاعقة لتمطرْ ، عيناه مفتوحتَان من الدَهشة ، لقد فتش عن سيناريو اكثر صعوبة لعودته ، هل يعقل ان ينال ضريبة العودة بهذهِ السهُولة؟ ...هل يُعقل؟؟؟؟
كان فاغرًا فاهه ، يحاول ان يجمع الاحرف المفقودة من هويتهِ ، عشر سنينْ ، تعادل حياة الجحيم التي لم يستطيع ان يحلم ولو لمرة بسببها ، العودة كانت من المستحيلات ...هل يعقل ان تكون حقيقة؟
وليد يتحدث : راح انسخ السي دي على الفلاش ميموري حقي وراجع السي دي مكانه ، لاني ماقدر اطلع به ...خلال هاليوم راح نشوف الفيديو...
ليث يمسح على وجهه المتعرق من التوتر ، وهو يجلس بانهيار على اريكته وبأحرف مثقلة بالوجع : خيــر ان شاء الله...الله يجعله خيـ..ـر
اغلق وليد الهاتف، عاد الى واقع مكانه ، التفت يراقب شقته التي احتوته طوال السنين ، الى شاربه الصناعي في الطاولة ، الى معطفه الاسود الثقيل الذي يدس جسدهُ المنهك من الغربة فيه ، الى ايشاربه الرمادي الذي كان يخفي ملامح وجهه به ، الى ساعته الرولكس الفضية التي تنتصب الطاولة ، الى قميصه الذي يرتديه ، الى لوحاته التي رسمها لكي يشغل فراغه ، والتي كلها تعبر عن اشتياقه ، وتوقه للخلاص، الى بلكونته ، المذبحة التي جعلته يحدق طويـــــــلاً وطويلاً الى هذا العالم ، الى المذبحة التي جرتهُ الى عينيها الناعستين، الى تلك الفتاة التي يقدس صبرها ووقوفها معه ، رغم كل مايفعلهُ بها ، الا انها لاتزال معه ...الى من علمته بأن التخلي عن الهوية ، هو التخلي عن كل من يحب، !





،





تجلسُ على الطاولة في حديقة القصر ، تخبط قهوتها بملعقة فضية صغيرة ، لاتريد ان تشربها ، يكفيها رائحتها ، اصبحت باردة ، لم تستطع ان تقول لا للخادمة حينما سألتها ان كانت تريد القهوة او لا ، كل مافعلته بأنها اومئت بموافقة دون ان تُعارضْ ، رائحة تلك القهوة جعلتها مجنُونة في التأمل ، اشتمامها اصبح امر روتيني لها ، الادمانْ الثانِي، من بعد النظر الى عيني آدمْ ، آدم؟
ذلك الاسم الذي يبعث ستين الف جرحًـا في صدرها ، ويداويه بواحدْ! ، اختنقت من الوحدة ، من بعدها عنه ، كل الاشياء اصبحت ترهقها ، لملمت معطفها على جسدها ، حاولت النهوض لكن هناك من ربت على كتفيها واجلسها ، سحب كرسي وجلس امامها ، سحب كرسيها ناحيته ، اصبحت قريبة جدًا منه ، لم تستطع رفع عينيها الى عينيه ، احمرت وجنتيها ، بياض بشرتها اصبح مختلفًـا مع ضوء القمرْ ، كانت مثل السمفونية الناعمة ، مقطوعة موسيقية رائعة ، مع اثير هذا الليل الباردْ ، لمحت شبح ابتسامة من آدم ، اغمض عينيها بغير استيعاب حينما اقتربْ ، كانت تظن بانه سيسرق قبلة من شفتيها ، استسلمت سريعة هذهِ المرة كانت هشة ، ضحك آدم وهو يقترب من اذنها هامسـًا : ماراح اسوي لك حاجة...
غضبت ، لعنت ذاتها لانها استسلمت سريعًـا وكأنها تعلن شريعة الاستسلام لآدم ، أصبحت سخيفة وتافهة ، لتجيب بغضب مندفع : من زينك انتظر منك حاجة؟ كل حاجة منك تلوع الكبد...
آدم يرفع حاجبيه مستنكرًا بابتسامة استفزتها تذكرها بموقف استسلامها لتردف بتهرب غاضب : ومايعجبني انك تقربني منك...قربك صار مقرف بالنسبة لي...
آدم يقترب اكثر منها ليربكها اكثر وهي ترمش بعجز عن الاستيعاب مردفة : ومن تكون اصلاً عشان انتظر منك حاجة..
آدم يضحك طويلاً : كل اللي قلته كلمتين...قلت لك ماراح اسوي حاجة...محاضرة التهزيء هذي ليه؟ تراني طيب ونيتي طيبة...انتي اللي تحبين تكبري المواضيع...
غضبت بقهر تحاول الوقف لكن ادم لم يسمح لها : انتي غصب تعصبيني؟
هاجر بصراخ : مابغى اشوفك....من اشوفك يخترب مودي واعصب...
رفع آدم حاجبه : لاتناقضين الحكي بأفعالك...ارحمي بي وارفقي...انا ماني لعبة وماني بزر بين ايدينك...انا زوجك شرعًـا...
هاجر : وانا ماني ملعب عندك...تهددني كل دقيقة والثانية بانك زوجي...تراني زوجتك حتى انا
آدم صمت مبتسمـًا ، للمرة الاولى تعترف وتقر بنفسها بأنها زوجة لآدم ، سابقًـا لم تكن تفعل ذلك ، كانت تعاند وتستنفر من فكرة انها زوجة له ليردف : زوجتي؟ ... واخيرًا قرر سموك يتنازل ويعترف بأنك زوجتي؟
صمتت غير مستوعبة للقنبلة التي رمتها ، ثم قالت بارتباك وهي تشير للخلف : شسمه....بـاروح.....ءأنا.....
أمسك بها جاذبًـا اياها ناحية صدره ناظرًا لعينيها : لاتقاومي...قولي اللي داخلك لاتحبسينه...العناد يولد الشقا...وانتي مو غاوية شقا...
ارتبكت وارتفعت نبضات قلبها غير مستوعبة منطوق آدم لتردف : اعترف بإيش؟ ...ماظن به شيء ينحكى...
آدم ينظر لعينيها : بلى....به الكثير ...اشوف حكي كثير داخل عيونك...طلعيه...خليني اسمعك...
هاجر تهز رأسها بعد ان نظرت لعينيه وبتحدي : ماهو قبل ماتقول اللي داخل عيونك انت....
مشت مبتعدة عنه لتسمعه يردف : طول عمرك تنتظرين غيرك يتنازل....بس سموك مايقدم تنازلات....انا اعرف كيف اجيب راسك يابنت سعوود...
مشت تركض على الدرج بسرعة مبتعدةة عنه وهي تسمع كلامه ، اغلقت الباب ، اقفلته ، استندت عليه وهي تشعر بحريق تشتعل في صدرها ، نبضات قلبها مشتعلة بشكل غير معقول...آدم يشعرها بأنوثتها ، بأنها الانثى الوحيدة في هذا الكوكبْ ، كلما نظر اليها نظرات الاعجاب التي تجعلها تذوب خجلاً ، يرتجف داخلها بقسوة ، والبرود الذي في بدنها يزول في ثوان ليصبح حارقًـا ، مسامتها تلتهب ...العالم يلتهب من حولها ويحترق ، يجعلها تمجد الثوانِي التي كانت فيها وحيدة بعيدًا عن عيناه ، قسوة عيناه تذكرها بأن الماضي لم يعد موجودًا ، وانها له ، حتى وان رفضت اعوام حياتها كلهْ ، كأن الدم يتخثر دفعة واحدة في جسدها ، فقط بمجرد ان يلهبها بنظراتهْ ،
لو كُنت سماءًا على رأسك ، لأمطرتُ وما انتظرتُك ، لصرختُ في وجهِ العالم واشرت لك بأنكَ مُعذبِي ، لصفعتُكَ من بينِ الرجَال ، لكانْ صوتِي المَبحُوح يخترق كل حواجز الصمتْ بينِي وبينك ، فأنا باقية على وعد البعد عن حُبّك ، ومقَاومتِي اياكَ ، لن يجرفنِي أي تيار نحوك ، ستُبعدني كل موجاتِ البحر عنك ، سيبعدنِي المد والجزر عن السبيل نحوكْ، وسأبقى على المرسَـى بسلامْ

،




شعرت بتوتر حينما طلت من البلكُونة لترى ليث ينزل من الفندق بسرعة ليوقف سيارة تاكسي وقد بدا انه متوترًا جدا عن غير كل مرة ، ارتجفت وهي تمسك صدرها بألم ، شعرت بأن هناك مايحترق بداخلها ، ألم فظيع لم تستوعب كميته الا حينما لمحت سيارة التاكسي تعبر المكان بسرعة ، وخمنت ان سرعة السيارة بناءًا على رغبة الراكبْ ، ارتجف صدرها طويلاً ، كانت ستهرع الى الهاتف لتتصل به ، اتاها اتصال آخر ، قاطع كل توقعاتها ، قاطع كل احتمالتها ، لم تكن قادرة على الاحتمال والاستيعاب لتجيب على هذا الرقم ، حبست دموعها وهي غير مستوعبة كيف ستجيبه وهي بهذهِ الحال ، تنهدت طويلاً وهي تجر نفسًـا صعبـًا لتردف وهي تتوجه نحو البلكونة علها تستطيع ان ترى الغائب مرة اخرى لتردف بعد الاجابة على الهاتف : هلا يبــــ..ــه
ابو رياض يجيبها : هلا حبيبتي...ها يبه كيفك وكيف حال اخيك ؟ محتاجة فلوس اجيبها لك..
دمعت عينيها ، لم تكن قادرة على كبت كل هذا الضغط الذي ينهكها ، ضغطت على مقدمة انفها محاولة كبت البكاء محمرة العينين ، عضت شفتيها تبتلع غصة خانقة لتردف محاولة اخفاء كل التوتر الذي يحيطها : لا يبه ...سلامتك ماورانا شر...انت كيفك يبه وكيفها امي وجدتي ...طمني عنكم؟
بو رياض وقد شعر بأن صوت ابنته يرتجف : كلنا بخير يا ابيك...شفيك يابوي ؟ صوتك ماهو عاجبني...طاري عليك شيء يا ابيك؟ ...مشعل ضايقك؟
وريف تهز رأسها وكأنها امام والدها ، حاولت طويلاً ان تحبس الالم من صوتها الا انه بدا واضحًـا : لا يبه مشعل مو مقصر...
بو رياض : اجل وش جايك يا عيون ابوك؟ تعبانة تبي المستشفى ؟ في شيء مضايقك...قسم احجز على اول رحلة هالحين واجيك...مايضرني شيء وانا ابوك...
اردفت بسرعة واندفاع : لا يبه ...والله مافيني شيء...بس اشتقت لكم والغربة اوحشتني...اشتقت لجدتي بشكل مو طبيعي يبه...طاري علي همسها لي وخناقها معي...جعلني فداها بس...
بو رياض بنبرة حنونة : يابعد ابوك...كلها كم شهر وبتجون...اوراقك انتي ومشعل ارسلتها للسفارة خلاص باذن الله راح تنزلون...
هناك قبضة رست على صدرها وكأنها جحيم ينزفها استنزافاً ، قلقت وبنبرة مرتجفة جثت على روحها تسلل سؤال قاطع الحديث :يبـه...
اجابها بو رياض : سمي يابوك؟
وريف وهي تعبث في سور البلكونة بقلق : كيفها خالتي ام ليث؟
علي بتعب يتنهد : وش طرا لك يا ابيك؟ ناوية تذبحيني؟
وريف لوت شفتيها لتنهار في بكاء عميق وتهشق بقوة المتها ، لم تستطع حبس دموعها ، قلق والدها بجنون ليردف : وريف عليك الله صاير شيء؟ جايكم خبر عنه..
لازالت تصارع البكاء ، الا انها لم تستطع ، تحاملت على المها لتردف بارتجاف :يبه...مابه شيء...بس معورني قلبي على حالها...احنا في اراضي ولدها ومانعرف عنه شيء...احس خيبه نرجع لها وماعندنا لها اخبار عنه...خيــــبه!!
علي بحزن : صلّ ع النبي يابوك...والله ماظل حد مانشدته عن هالولد... هذا قطعة من اخوي عبد الرحمن...كيف انام ليلي وانا مادريت عنه؟ كل يوم احتريه واحتري اخباره...بس هذا النصيب يابوك.... لاتحاتي يايبه وهالله هالله بدراستك ...روحي نامي وريحي اعصابك..ولاتنسين قيامك...
أوجعها حنان والدها كثيرًا لتردف : يبه ...سلم لي على امي ...وجدتي...بدق بالليل بكلمهم...لازم اسمع صوتهم...
علي بنبرة حانية : ان شاء الله يابوك...ها متاكدة مافي شيء بخاطرك تبيه...والله لو هي عيوني اجيبها لك..
وريف بحب : فديت راسك جعلك باقي....لو ابي شيء كان زعجتكم عليه...
علي: فمان الله يابوك...
وريف: فمان الله..

اغلقت الخط وهي تراقب الطريق..لعل هناك مايحدثها عنه..لكن الصمت...وشوارع كامبريدج لم تخبرها عن اي شيء ، كل هذهِ الاستطلاعات الغريبة التي تمر عليها في الآونة الاخيرة جعلتها تستثير جنونـًا ...توجهت لاسم ليث تحاول الاتصال به لكنه مغلق....الحريق الذي بداخلها لازال يشتعل...يشتعل دون ان ينطفئ ولو لثانية..



،




: أبغى مهره على سنة الله ورسوله...
بغضب استشاط وهو يقف وعيناه تلتهمان المكان غضبًـا سيفجره في ياسر ليردف بصراخ جهنمي : انت ملاحظ اللي قاعد تقوله؟ ياااااااااااسر لا تخبص في كلامك ولاتبور بالعشرة
ياسر يقف بجدية وهو يحاول تهدئة هيجان ناصر : ناصر انا ماخطيت لما قلت ابا مهره...من حقي اكون مرشح بـ هالفرصة واطالبك...ومهره اليوم ولا بكرة بتتزوج ... ولو ماني كفو وقد اللزوم ماتجرأت وطلبت
ناصر يمسك ياسر بغضب من ياقته : انت مستهين ببنت اختي ولا مفكرها لعبة؟ البنت مريضــة ماهي قد مسؤولية وعيال...كل هذا بذمتك راح يصير...تبيني اسلمها لك بـ هالسهولة؟
ياسر ينظر لعيني ناصر بثقة : انا عارف حالة مهره من الالف الى الياء... وماقلت هالشيء من عبث...ابي اخذ راحتي في التعامل معاها...وانا راضي بكل عيب فيها...
ناصر يبتعد عن ياسر بغضب وهو ينظر لمهاب بصراخ : ابعده عني ولا تراني الليلة ممسي بالسجن بسبته
ياسر يتقدم بثقة اكبر نحو ناصر : ماراح تسوي شيء ياناصر....اترك اللي راح وخلنا نبتدي حياة جديدة مع مهره...واوعدك اني راح احسن من حالة البنت...
ناصر بغضب يلكم ياسر: ولو صحتت بيووووم ونست انك زوجها؟؟؟؟؟؟
اختار ان لا يرد الضربة الى ناصر في موقف حساس مثل هذا : مثل ماتصحى وتذكر انك خالها ومهاب اخوها...راح تذكرني...وخصوصا حالها تحسن اكثر من قبل....واذا نست مافيه مانع...نذكرها
مهاب بعقلانية : ياسر مهره ماهي في وعيها...رايها ماينوخذ في موضوع مثل هذا...ممكن تكون غير واعية...ممكن تقول ايه وبعد كم دقيقة ترفضك...
ياسر ينظر للاثنين بجدية : اللي في مثل حالة مهره حكمها يرجع لحكم الجاهل....لانها في حالة غير وعي...ويجوز لك تزوجها من الرجال الكفو اللي يصونها... وانا كفو لمهره...
ضيق ناصر عينيه وتوجه ينظر لعيني ياسر : لحظة لحظـــة....انت ليــه تبي مهره لـ هالدرجة؟

نظر للاثنين بعد ان طرح ناصر سؤاله ، الجمه الصمت لثوان ، يحاول ان يرد، لكن الصمت لازال يمضغ لسانه، لم يعد هناك اي شيء يستطيع التحدث به ...الا انه تحامل على نفسه ونطق



،



يقف موازيًـا للمرآة الجدارية على طول الجدار ، يضبط بها شماغه ، عبر بجواره جنس لطيف قصير بالنسبة الى قامته ، ابتسم تلقائيًـا وهو ينظر اليها امام الدولاب تقف بخجل وهي ترتدي روب السباحة ، تسحب ملابسها دون ان تنظر لسلطان الذي اقترب من الدولاب اكثر ، ووقف بجوارها ، تضائلت امام بنيته ، لاول مرة يتضح لها بانها قصيرة امامه ، رفعت عينيه بخجل نحوه ، سلطان شعر بأن لاطاقة له على الاحتمال ليردف وهو ينحني ناحية رقبتها ويهمس في اذنها : وش سويتي بسلطان وطواري سلطان؟؟؟
سعلت بحرج وهي تحك جبينها تحاول العبور لكن سلطان يمنعها ، تمنت لو ان هذهِ الارض تنشق لتبتلعها ، لم يكن ليرحمها بنظراته الجهنمية ، ستبكي في ثوان ان لم يكن لها راحمًـا ، نظراته المعجبة بها تربكها كثيرًا وكأنه لايوجد انثى تكفيه سواها ، قبل وجنتها وهو يضاحك عينيها بابتسامة : ماشاء الله وجهك ماينشاف من الحيا...لسانك ابو شبرين كله بلعتيه
رفعت عينيها بصدمة لترى سلطان يضحك بقوة وهو يبتسم : مايدوخني بك الا ردات فعلك...جعلني فدا بس...
رؤى بعد ان استفزها سلطان اردفت بغيض : بعده ابو شبرين موجود...تبي نجرب؟
سلطان يعلم انها لم تقصد ذلك لكنه قال ليبركها ويخجلها : نجرب ليه لا؟
ارتبكت كثيرًا واحمرت ، هربت بسرعة من امامه الى غرفة التبديل لتبدل ملابسها هاربة منهُ ، ومن عيناه...





،





فتح فهد الباب لينظر لصديقيه ، مشعل ويوسف ، كلاهما في حال يرثى لها ، الاثنان يشعران بانهما سيموتان الآن ، ينازعان كل الاحتمالات الخاطئة ، بعثر الالم من صدره وهو يدخلهم الى مجلسه ، الجميع بانتظار وليد ، مشعل وفهد انخرطا في النقاش ، التخطيط ، الا ان ليث بقى صامتًـا يعد الدقائق والثواني ، وكأنه يُساق على موته ، يشعر بأن وراء كل خبر عظيم مصيبة آتية ، وراء كل هواء عليل عاصفة ، وراء كل موج تيار قاتل ، ارتجف صدره حينما سمع الجرس ، كان آدم ... لم يكن مستوعبًـا ماللذي يحدث ليردف بقلق : شصاير؟
مشعل يقف ناحيته : من قالك؟
آدم يجلس بهدوء : دكتور وليد دق علي وخبرني اجي عند فهد...
فهد ينظر لآدم : جانا خبر عن سي دي لليث المالك قبل فترة منك...وفعلا السي دي موجود..
آدم باندفاع : كيف يعني وصلتوا له؟
فهد يهز رأسه : دكتور وليد قدر يوصله ...
آدم : حلو كويس...انا بعد معي ملفات من سعود العزيز ...فيها بعض الوثائق اللي تبين فساد المستشفى تجاه اغلب المرضى... هذا الشيء يخدم قضيتنا اكثر واكثر...
مشعل ينظر لآدم ،الذي كان يحدق بليث ، آدم ومشعل هما الوحيدان اللذان يعلمان ان يوسف هو ليث ، بينما بعض الخيوط مخفية عن فهد...تنهد آدم الذي كان ينظر لليث طويلاً ، شعر بألمه ، بفقده ، بغيابه ، بكل شيء يعبر عن المسافة عن الغياب ...
اتى فهد اتصال فورًا ، وقف فهد وشخصت عيني ليث ناحيته ، توجه فهد ناحية الباب ، ربت مشعل على كتف ليث : تماسك ... تماسك عشان نفسك...
هز رأسه بعد ان سحب نفسًـا عميقًا ... شعر بأنه سيختنق ان لم يتماسك...دخل وليد وبيده جهاز اللابتوب... نظر لهم وهو يحدق فيهم جميعًـا : لو كان اللي بداخل السي دي دليل براءة...خلال هاليومين راح نرفع قضية تظلم.... والكاسب هو ليث المالك...ومو مهم ان كان حي او ميت عندهم...المهم نثبت براءته...ونسال الله الثواب...
وضع اللابتوب على الطاولة ...ادخل الفلاش ميموري...جلس على الاريكة ، ينتظر الفيديو ...
فتح الفيديو...والجميع ينظر...الى ماقبل 10 سنوات من الآن...
في غرفة الفحص الكيميائي... يجلس ليث بملامحه الشابه ، ينظر لنفسه كيف كان ينام على السرير ، كان معدوم الشعر تقريبًـا ، بعينين ذابلتين ، يأن على سرير الفحص ، تمر الممرضة وهي تحاول وضع عقار في المحلول لكن دخلت ممرضة اخرى وخبئت العقار فورًا ، كانت مرتبكة ، خرجت الممرضة الاخرى وبقت تلك الممرضة ، يدخل الطبيب ويتناقش طويلاً مع الممرضة ، لم ينتبهوا لعين ليث التي فُتحت حينما سمعت حديثهم، مرت ساعة حتى عادت الممرضة ، وبيدها الابرة ، كانت تقترب من سرير الفحص ناحية ليث ، تقترب كثيرًا ، لكن ليث وقف ، مبتعدًا عنها ، سقط من السرير متعثرا ، كانت اكثر قوة منه ، ابتعد عنها ، باب الغرفة مقفلا ، كانت تهاجمه ، حاول ان يصرخ ولكن بسبب قسوة الفحوصات لم يستطع ، بدا صوته مبحوحًـا تماما ، صرخ بقوة حينما ازال المغذي من يده بقوة ليستطيع الهرب ، حينما وصل الباب امسكته ، ابعدها عنه لكنها عادت وبالخطأ ، كانت الابرة قد دخلت في الممرضة ، ماهي الا ثوان ...حتى تناقص الاوكسجين في جسدها ، سقطت على الارض....وماتت
دقيقتين ، وليث كان يتنفس ، يقف وينظر للمنظر الذي امامه ، بحكم انه في الطابق السفلي خرج من النافذة ... هذا اخر ماتم التقاطه..انتهى الفيديو!


ذهُول ، صمت ، ارتباك ، قلق ، توجس ، الكل ينظر الى الفيديو ، ليث يشعر بأن هناك مايعتصر قلبه ، هناك مايقلقه ، هناك مايقتله ، هناك مايجعله يغوص في دوامة العالم ، دليل برائته في يده ، لديه شهود ، لديه اوراق ووثائق تخدمه ، يستطيع الآن وفي غضون ساعات ان يكون بريئـا ، مشعل شعر به ، شعر بأنه ينازع روحه ، شعر بأن العذاب الذي عاشه 10 سنين اختصره هذا الفيديو في 7 دقائق،
ارتعشت اطرافه ، شعر بأنه سيموت ، لايمكنه ان يتماسك ، ربت مشعل على كتفه مهدئًـا اياه ، ليردف مشعل لفهد : فهد...انت المحامي فينا...كل الاشياء اللي نحتاجها لاثبات براءة ليث المالك موجودة معنا...يعني ولد عمي بريء...فقط نحتاج الآن نعرضه على اقرب محكمة
فهد يهز رأسه برفض: فكرتك غلط..خصوصا بعد هالاحداث اللي صايرة ببريطانيا...لازم نتفق مع محكمة ولازم كذا جلسة..الامر مايتم كله في يوم واحد خصوصا انهم مايتساهلون ابد في قضية القتل...وبما ان عرب راح يحاولون انها يطولون بالمدة بس مع كل الاثباتات اللي معنا ماعتقد ان لهم عذر...لذلك خلني اتفق الليلة مع محكمة ونجلس معاهم اول جلسة...
التفت الى وليد : طبعًـا دكتور وليد راح تحاسبك المحكمة لانتهاك خصوصية المستشفى عشان الفيديو
وليد يهز رأسه : عارف هالشيء ...
فهد : بس بما انك سويتها لاجل ولد المالك...فقبيلة المالك وكل القبايل بتفزع معك وراح يدفعون لك كفالة خروجك...
وليد يبتسم : يستاهل...
آدم : انا بجيب الوثائق اللي تبع المستشفى في اقرب وقت...واي خدمة انا حاضر..
فهد يبتسم لآدم : كفو
مشعل : انا ويوسف...شنو نقدر نسوي؟
فهد ينظر لمشعل : بلغوا عيال قبيلتكم اللي في السفارة عن حصولكم على دليل براءة ليث...بس كل شيء يتم بسرية اهم شيء...
نظر مشعل صمت ليث ، ثم وقف وهو ينظر لفهد : طيب انا ويوسف بنطلع هالحين عندنا مشوار...
فهد : خذوا راحتكم...
سحب مشعل ليث ، كالاسير ، تائهـًا في هذهِ المدينة التي آوتهُ جريحًـا ، هو بريء..بريء امام العالم ، امام العيان، ساعات تفصله عن حريته ، ساعات تفصله عن الخروج امام العالم بهويته ، هويته التي ينكرها الجميع ، هويته التي يبقضها الكل، هويته التي هي رهن الالسنة ، تلك القبيلة التي تبرأت منه ، ستعيد حسابتها من جديد ، سيعزه الله بعد ان اذله الناس ، من لا احد له ...له الله...خير الكافين...مشعل هو من يركب ليث السيارة ، كان عاجزًا عن الحراك ، عاجزا عن الكلام ، صامتًـا طوال الوقت ، اختنق اكثر وهو يفتح ازرار قميصه وبتعب يهمس لمشعل : يعني هالحين خلاص... انا بريء قدام خلق الله وناسه؟ يعني باقدر اشوف اهلي ؟ بقدر اطلع من غير خوف؟ ...بقدر اقول اني انا ليث عبد الرحمن ال مالك؟
مشعل ينظر لليث : جزاة الصبر عطايا كبيرة...ربك مايضيع حق احد...
ارتجف صدره ليهمس حامدًا الله طوال الطريق، وجهه مصفر ، عيناه مرتبكتان ، لايعلم هل نهاية هذا الصبر خوف ...او راحة ازلية له...



----

انتهى الفصل ...
البارت القادم يوم الخميس...
وبليز بنات اي تغيير في المواعيد اتكلم عنو بسنابي...
لذلك اذا تأخرت شوفوا سنابي ...
وهذا حسابي بالسناب : i_gaid

 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 27-09-16, 04:17 AM   المشاركة رقم: 42
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 
دعوه لزيارة موضوعي



البـــارت (36) :



هدُوء ليلٍ مرّ بي لم يمر بي مثلهُ قط، اجلسُ متمددة بإرهَاق على اريكَتي الصفراء منتظرَة عودة للحَياة التي أذهلتنِي بالغَيابْ ، عشتُ ايامِي هنا مدركة حقيقَة واحدَة ، كلما اقتربتُ منه ، اكتشفت انا غائبٌ عن العالم ، حاضرٌ في عينَايْ ، هويتهُ العذبة في النطقْ ، اسمه الذي انطقهُ بلساني ، اصبحَ غائرًا في القلب كجرحُ حادْ ، كلمَا رميتُ حجارة الألم بعيدًا يجرفها المدُ نحوي ، يحاصرني من كل الاتجاهاتْ ، يخبرني بأن الحياة الملونة التي نحلم بها لا تدُوم طويلاً ، كم اصبحنا نعيش اشياء مريرَة في الآونة الاخيرة ، اتذكر سعادتِي معهُ قبل اشهر ، كيف اصبحت حياتنا مليئة بالخوف والتأهب لكل مصيبة بعد ان كنُا ننظر لنقطة العودَة بأمل ، يكبرُ عمري ويكبرُ معه الأمل ، لكنني لازلت انتظر الخلاص المستحيلْ ، اتمنى ان نعود للوطن الذي كان الوصول اليه مستحيلاً ، دون تضحياتْ، حياتنا باتت هشة في الانتظارْ ، لا شيء يكفينا لنحلم مرتين ، لا شيء...
الأحلام التي بنيناها في الطفولة ، سننال ضريبتها في الصبا ، كم كنتُ واهية حينما ادركت انني استطيع العيش دُونك ، حينما كنت انت في هذهِ الحياة ، كانت بذوري قاحلة واثمرت ، كنتُ صحراء لا يمر بها الغيثْ ، لايمرُ بها غيمٌ تائه ، وبمجرد ان رأيتُ عيناك ، زارني العالم كله ، أنا انتظرك ، لكي اخبر العالم بأن هويتك هي صبرُك ، عطفُ قلبك ، وانتظارك الذي يشيب لسماعه القلبْ ...
هويتك هي ارتباطك بإلهك ، بإيمانك واخلاصك للذكرى السابقة ، للأحبة ، للوطنْ ،

يرنُ الجرسْ ، وتطير روحها كالحمامة ، تقفز من الاريكة رغم الانهاك الجسدي الذي لاتعلم سببه ، سابقت خطواتها المعتادة ، هي على البابْ ، تفتح الباب ، ترى ليث امامها ، لايعجبها تعابيره ، كان ذابلاً وكأنه عائدًا من ساحة حربْ ، لمعت عينيها بالدموع بغير فهم ، نظرت لعيني مشعل ، مشعل هز رأسه بمعنى انه سيخبرها لاحقًـا ، وهو ينسحب الى الخارج قائلاً : انا رايح مشوار ...اذا بغيتي شيء كلميني...
هزت رأسها بهدوء وهي تغلق الباب خلف مشعل ، توجهت نحو ليث الذي جلس على الاريكة وهو يفك ازرار معطفه وقميصه ، ينتزع شاربه وساعته ، يفرك جبينه ، يغوص في الهذيانْ ، قلبها ينبض بغير اطمئنَان ، حريق في جسدها وبطنها يشتعل وهي تجلس بارهاق امامه وتنظر له بصمت ، يحدق فيها بصمت ، الاثنان ينظران بصمت ، هالة من الهدوء تطوف بينهم ، تتمنى بنظراتها ان يتحدث ليث ، ان يبادر باي شيء ..
واخيرًا ....
مدّ ذراعه ناحيتها وهو يهمس بتعبٍ شديد : تعــــالـي....
سكنت في صدره ، لعلها سكنت في اوتار قلبه ، لعلها تجري الآن في عروقه ودمه ، ساكنة كالليل حابسة الدموع ، اشتم رائحة شعرها المميزة بالنسبة لديه ، اغمض عينيه بعشق لتلك الرائحة ، شدد باحتضانها وكأنها الوطنْ ، بادلته الاحتضان وهي ترفع رأسها الى مستوى رأسه وتنظر لعينيه وهي تمسك بيده : شصار معك؟ اقلقتني عليك وخالقي...
ليث يبتسم بحنان وهو يمسح على جبينها بهدوء : باين عليك من وجهك...ماله داعي تتوترين ...الخبر زين ...بس متوتر بزيادة
وريف تهز رأسها بغير فهم : اذا العلوم زينه وراه متوتر؟
ليث يتنهد بـ آه ملكومة بالصبر : مادري...كل ماصار لي شيء زين يجي شيء ويشينه...
وريف تنظر وهي ترفع حاجبيها باعتراض : بس هالمرة ماراح يشينه... راح يكون افضل مما توقعت...خلاص ليث...آمن بأنك راح ترجع وبترجع...
ابتسم ليث : توقعي شنو الشيء ؟
وريف : شنو؟
ليث يضحك : ههههههههههه ماعندك وقت تتوقعي !
وريف تهز راسها بابتسامة : لا ...تفضل قل لي شنو الخبر؟
ليث ينظر لعينيها : وصلت لدليل برائتي...
وضعت يدها على شفتيها ، فتحت عينيها بغير تصديق ، تجمعت الدُموع في عينيها لتغمض عينيها وتبكي ، واخيرًاااااا ، وأخيــــــــــــــرًاااا ، انت حر كالطير الذي يزور منزل والدي في كل صبح ، ينتظر فتات من الحياة ، أنت حر كما رسمتك في قلبي ، انت حر كما تراك عيني، انت حرررر ، انت حرر في قاموسي واحرفي ، انت حرر...انت حرر..
بكت بقوة ، احتضنها ليث ، كانت غير مصدقة ، ملتهبة بالفرح ، والدموع يخالطها ذاك الشعور الجميل الذي لا يمكن وصفه ، عانقته ، عانقته بقوة وهي تقبله في خده ، بكل احرف العشق ، كانت بكامل فرحتها ، هو الآن ..وفي تلك اللحظة استوعب انه حر ، استطاع ان يفرح ويبتسم ، تلقي الخبر من غيرها لم يكن ليسعده ، بل ليقلقه ، وكأنه للتو سمع الخبر من شفتيها ، اصبح اسعد الناس بالكرة ، وكأنه حرٌ طليق ، وكأنه طير يجوب الارض بكل نواحيها ، أسعـد خبر تلقاه الى الآن ، واسعد لحظة لايمكن نسيانها ، وهو يبتسم محتضنًـا صغيرته وهي تهمس : الحمدلله...بترجع ...بترجع ليث والله بترجع...
رفع راسها وقبلها بين حاجبيها : الحمدلله ...
وريف بابتسامة تمسح دموعها : معناها لازم نحتفل بـ هالخبر
ابتسم بهدوء وهو يهمس في اذنها : تعالي معي...
وريف ترفع عينيها نحوه : وين ؟
ابتسم ليث : بشقتي...نحتفل...
ابتسمت وهي تقفز وترتدي معطفها بسرعة : يالله... قسم بالله ماخليها في خاطرك...
ليث يخرج هاتفه : اجل بدق على مشعل يجي ويجيب معه اغراض للشوي...عشان نشوي...شرايك؟
ابتسمت بحب : طيب...
هاتف مشعل ، حتى مشعل لاحظ تغير نبرة صوته ، استبشر مشعل ، السعادة تعم المكان ، دون ان يشم اي احد رائحة للتعاسة !




،


تجلس بخَجل بجوار والدتها التي كانت تهاتف أم مسفرْ ، تجمدت اناملها في ثيابها حينما أجابت ام مسفر على الاتصال ، امها كانت تخبر ام مسفر بموعد الملكة وتأكد لها ان الملكة يوم غد، ارتجفت كثيرًا ، شعرت بأنها في قعر الماء ، بأنها في المحيط وحدها تجابه الغرق وحيدة ، ارتباكها اصبح واضحا ، ترتجف ، فهد يبتسم لوالدته ، بعد ان كان معارضًـا بدا مبتسمًـا ، ام علي وجدتها ام عبد الرحمن كانوا يبتسمون لها ، احتضنت الوسادة ، غرزت اظافرها فيها ، ساقيها ترتجفان ، لم تكن بهذهِ الحالة حينما خطبها زوجها السابق ، بعثرت تنهيداتها للفراغ ، اغلقت امها الخط ونظرت لابنتها بفرحة وهي تجرها لحضنها بابتسامة : الف الف مبروك حبيبتي...ربي يتمم لك على خير...ومسفر رجال ماينوخذ عنه حكي غير الزين...
شوق بخجل : الله يبارك فيك يمة...
ام عبد الرحمن تبتسم بعيون دامعه: تعالي يالغبراء جعلني مابكيك ...
توجهت لحضن جدتها وهي تقبل رأسها ويديها : حبيبتي ام عبد الرحمن..جعلني فدا عيونك...
ام عبد الرحمن بحب : واخيرا بفرح فيك ياجعلني مافقدك....ياربي يتمم لك على خير...ونشوف عيال عيالكم..
فهد باندفاع يضحك : على طول من اولها عيال عيالكم؟ اصبروا عليها شوي شوي...قوله منه المال ومنك العيال...مو عيال عيالكم مرة وحدة...
ام عبد الرحمن تنغزه بعصاتها : انت انطم ولا اسمع حسك يالتيس....وش وراه لاقلناا نشوف عيال عيالكم...لا هو عيب ولا حرام في شرع الله..
فهد يبتسم ويغمز له : شرايك بعد تدعين تشوفين الجيل الرابع من انتاج اميمتي؟
شوق بخجل وغضب: فهيييييد اسكت لا ادبغك هالحين...
فهد : والله انتم يالحريم ماينعرف لكم..
ام رياض تبتسم بحب : ياحلو لسانك يافهد بس... والله لو عندي بنت من عمرك كان ازوجك اياها...
فهد يبتسم وينفخ نفسه برجوله : ماعليك زود يازوجة عمي...بس ماضاعت الفرصة...هاتي الوريــف على سنة الله ورسوله...
ام ليث تضحك : ايا اللي ماتستحي...الوريف امداها جابتك.... *ثم اردفت بغبنة* هذي لو ولدي حولي ماخطبته له الا هي...
ام رياض تبتسم لها وتربت على كتفها : الله يوريك هالحلم بالحقيقة...
ام ليث تتنهد بصبر والم عظيم : الله كريم...
ام رياض تنظر لام ليث: بدق على علي وقولي له الاشياء اللي تبونها للملكة يجيبها ....
ام ليث تبتسم : كويس...مو مشكلة... الا ماقلتي لي يام رياض شخبارها الوريف ومشعل؟
ابتسمت ام رياض : الحمدلله ...كم شهر بس وينزلون...
ام ليث: الحمدلله... عسى ماتعبتها الغربة بس؟
ام رياض تهز رأسها بوجع : الا ضعفانة البنت ومنتهية من التعب...مشعل يقولي نازلة 5 كيلو ...واحتمال نزلت اكثر الحين...
ام ليث : لاحول ولا قوة الا بالله....هي بدون شيء مافيها عمر تبي تذبح عمرها...
ام رياض : انا قلبي معورني عليها..مشعل رجال ويدبر عمره ...هي اللي ماني عارفة ايش مسوية ...
لم تلمها ام ليث، هكذا هي الام تقلق ، تتمنى لو ان تخبرها بأن تحمد الله كثيرًا على نعمة وجودهم في هذهِ الحياة ، لن تشابهها ابدًا وهي تقلق على الغائب ، دون ان تعلم وجوده ، مسحت دمعة الم للغائب، مجدتها للغياب، تحاملت على تلك الدموع كي لا يلحظ الجميع...لكن عين ام عبد الرحمن لم تبتعد عن ام ليث.


،



يدخل بسرعة الى غرفتهم ، امام عيني هاجر التي كانت تجلس على السرير مقابل التلفاز وفي حضنها فشار ، ومندمجَة تماما مع الفلم ، لكنها فوجئت به يفتح الباب ويتوجه الى الدولاب ، كان يفتح الادراج وينشر الاوراق التي امامه ، علمت تماما بانه عمله الذي كان يسهر فيه بعض الايام ، حاولت بكل فضول ان تعلم ماهية هذا العمل، لكنها كانت تراقب بصمت ، كان يفتح عدة ملفات ويخرج الاوراق ويضعها في رزمة واحدة ، يرتبها ورقة تلو الاخرى بعد تدقيقها ، كان مندمجًـا في عمله ، لو تستطيع ان تقرأه كالكتاب ، تفسره كالمنطق ، تحلل افكاره ، ان تصل الى عقله ، ان تفهم ماهية هذا الرجل النرجسي ، ليتها تستطيع ان تقرع الابواب المقفلة في حياته ، ان تعلم ماذا عاش وماذا يعيش ، ان تعرف كل شيء عنه ، صمتها كان منزويًـا على الزاوية التي يجلس بها ادم ، رفع رأسه نحوها ولم تستوعب ، نظر للتلفاز وللفشار الذي كانت تأكله ببطء بينما هي محدقة اليه ، رفع حاجبه ثم اشار على التلفاز : يمدحون الفلم والله!
انتبهت لتشرق ، سعلت بقوة ثم قالت بصوت مبحوح وهي تضرب على صدرها : انفجعت منك يوم دخلت الغرفة...
اعطاها كأس ماء وهو يضرب على ظهرها بهدوء ، شربت الماء ثم تنفست براحة ، كانت بريئة ببيجامتها الاسبورت ، وربطة الشعر ، جميلة وحادة الجاذبية ، لم يستطع ادم احتمال هذا الكم الانثوي الهائل ، ابعد الفشار عن يدها ، اقترب ناحيتها ، الصقها على السرير بينما هو فوقها ، كانت تنظر اليه بصدمة ورعب شديدن ، جسدها يرتجف من الآتي ، لم تستوعب تصرف آدم وهي تنطق باسمه برعب : ء..آدم؟
بهذيان اجابها : يابعد طوايف ادم...
ابتلعت ريقها بقلق وهي تنظر له : ممكن....تبعـ..ـد عني؟
آدم رفع حاجبه : خلك عاقلة... خلك عاقلة يابنت سعود...لاتطلع اخلاقي عليك...
هاجر تغمض عينيها وبطاعة لم يسبق لها ان كانت بها : ان شاء الله...بس ابعد...
آدم باستلعان يبتسم : راح ابعد بس تسوين كل حاجة ابيها...
هاجر بخوف : مو كل شيء بقدر عليه...
آدم يهمس في اذنها : لا تخافي...شيء محد يقدر عليه غيرك...
ارتعشت اطرافها : آدم ابععععد...
ابتعد آدم وهو ينظر اليها : معناها انتي مضطرة تسوي الاشياء اللي ابيها...
انكمشت في مؤخرة السرير وهي تهز رأسها : طيب...
آدم يبعدها عن السرير ويجلس عليه ويركزعلى الاوراق ويرتدي نظارة القراءة ، بدا في غاية الجاذبية ، كانت واقفة تنظر الى مدى جاذبيته كرجل ، قفزت برعب حينما رمقها قائلا : روحي جيبي لي موية .....
كانت ستغادر منفذة طلبه لكنه نطق بخبث حابسًا ابتسامته : ولا اقول بلاش الموية...سوي لي قهوة...
لولا انها كانت مضطرة لطاعته لما فعلت كل هذا ، لكنها نزلت بسرعة تحضر قهوته ، بعد ان انتهت ، صعدت الى الغرفة وهي تراه مندمجًـا ، نظر اليها وهو ينظر لساعته : ماصارت قهوة؟ طابخة لي ذبيحة!!
هاجر بقهر : وتأخرنا ياشيخ وش حصل؟
رفع آدم حاجبه لتضع قهوته بجواره : تفضل قهوتك ياشيخ ...
هز رأسه ليلتقط القهوة ويرتشف منها رشفة ، باستلعان تام رغم ان القهوة جيدة الا انه قطب حاجبيه وهمس : سوسن انا ولاسارة تحطي لي بالقهوة سكر...هاتي قهوة ساادة زي الناس... شيليها... وسوي بدون سكر مرة ثانية...
تحاملت على غضبها وهي تأخذ القهوة وتخرج لتنزل للاسفل ، آدم بالداخل يكتم ضحكته على ملامحها الغاضبة ،يعلم انها ستنفجر خلال ثوان ، نزلت الى الاسفل لتضع له قهوة اخرى بدون سكر ، صعدت مرة اخرى وهي تضع القهوة امامه ، نزع نظارته ليحدق بها ويلتقط القهوة ، كانت واقفة تنتظر منه ان يمدح القهوة ويبدي ثنائه ، لكنه قطب حاجبيه وهو ينظر له : شكلك ماتدلي السناعة؟
بقلق وهي تنظر اليه : ليه وش فيها القهوة؟؟؟
آدم : باردة مثل وجهك....خلاص شيليها ما ابغاها ...جيبي لي عصير...
كانت سترد الا انه نظر اليها : بتنفذين طلباتي وبدون اعتراض...هذا اتفاقنا!!!
تحملت غضبها وهي تزفر ، حملت القهوة ونزلت للاسفل ، اخرجت ليمون ونعناع وثلج وسكر ووضعتهم بالخلاط ، دقائق حتى جهز العصير...صعدت للغرفة ووضعته امامه...
سينفجر ضحكًـا على تعابيرها وهي تنتظر رأيه بحماس ، وحينما يبدي رأيه تجنُ من الغضب ، لكنها مجبرة على تحمله اليوم ، وهو قد حزم أمره بأنه سيجعلها تجن بالفعل ، التقط العصير ، شربه رشفة ، مد لها الكأس : انتي من جدك؟ جايبة لي العصير من دون سكر...
بغضب التقطت الكأس وهي تقول : اقسم بالله ان مـ..........
آدم ينظر لها رافعًـا حاجبه لتسكت تدريجيًـا بطاعة ، امسكت الكأس بقوة وهي تنزل من على الدرج ، هو خلفها يستمع الى *حلطمتها* لكنها لم تشعر به ، دخلت المطبخ وهي تنظر للكأس بغضب : جعله مايحدر ...انت آدم؟ المفروض يسموك حيوان... يسموك تمساح ...يسموك جحش...بس آدم؟؟؟ هين...هين...
لمعت في رأسها فكرة خبث وهي تبصق بالكأس ، كل هذا امام انظار ادم الذي يكتم ضحكته ، ويراقبها ، وضعت السكر وخلطته بانتصار ، وحينما التفتت شهقت بقوة وهي تقول : من متى وانت هنا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
آدم يرفع حاجبه بتفكير : تقريبًـا من لما كنتي تفكرين تغيرين اسمي... الى حيوان او تمساح او جحش....
احمرت جسدها بالكامل ، لم تكن قادرة على ان تفعل شيء ، ابتلعت ريقها وهي تضحك بتصنع تحاول تغيير الموضوع : يعني كنت من البداية هنا ؟
آدم يهز رأسه وهو يلتقط كوب العصير ويشرب منه : ايـه...
هاجر وهي تنظر للعصير تتمنى لو انه لم يشرب منه لتردف : بليز قولي انك ماشفتني وانا ....
آدم يبتسم رافعا حاجبيه : شفتك وانت تعملي عملتك الكايدة بالعصير... بس لاتخافي ست هاجر...انتصرتي ...وهذا انا اشربه امامك.... ياطفلة
اغمضت عينيها ، لقد رأى جانبها المتطفل ، ابتعدت هاربة بغضب بينما هو يضحك، ويدعو الله في قلبه ، ان لايحرمه من نعمة وجودها!



،




فَتحتْ الويب سايت ، الإيميل ، خاليًـا فارغًـا من اسمها ، ارتعشت بقوة وقهر شديدَين ، انتظَارنا للأمل بلا جدوى ، يُعدّ أملاً كاذبًـا ، هي ذاكرة تقفُ في الوجع ومحطات الحنِين ، تعيد الصُور القدِيمة التي جمعها شتاتنا منذُ سنين ، هل ننتصر لو اننا تخطيناهُم ولم نعبث معهُم؟ هل عيبٌ لو تمنيت ان الحياة أتت دُونهم؟ فهم خلفّوا فينا أوجاعًـا بقدر مارحلوا طويلاً ، ولو كنتُ ممن يعبثُون في رسمِ تلك الكلمات ، لم نطقتُ فيها حرفًـا واحدًا ، هل امجد التاريخ الطفولي الذي كنتُ اعيشه؟ حينما كانت الدُمى هوايتِي ، ورسم البيوت بلا ابواب جنُوني؟ حينما كنت اتحجج بطفولة على والداي ولا ادرك العالم بقسوتِه ، صغيرة ، شاردة الذهن ، بعيدة عن كل احتمالات الفراق ... ولكن منطُوقي هو ...
ان يُعيـــدك الله لنا بسلامْ!

ينظر لها اخيها بعد ان عاد من العمل وهو يحدق بها : وراك مانمتي؟ بكرة عقد قران مسفر ال مالك على بنت بوليث في مزرعة القبيلة...
هديل بتعب وعينانِ يائستان من النَّوم : ماجاني نوم... فيه شيء كابت على صدري يامتعب... من اتذكر طواري مهرة وسواليفنا ينغزني هالقلب...
متعب يحدق طويلاً بصمت لاخته ، ثم اردف : ماله داعي تعلقي نفسك في نقطة وحدة من الحياة...انا عارف انها كانت مثل اختك...بس تتوقعي مهره درت عنك هالحين؟
هديل باعتراض : انت ماتدري عن ظروفها يامتعب...
متعب يرفع حاجبه : لاتفتي من راسك...الظروف اللي خلتها تعرفك هي نفسها اللي خلتها تنساك...
هديل بقهر : متعب البنت مريضة..شيء طبيعي انها ممكن تنساني...العتب مو عليها...العتب ع الناس اللي معها ماذكروها..
متعب : لا تحرقين دمك على شيء ماضي واحتمال مايرجع... قومي نامي بكرة ورانا ليلة طويلة...
سرحَ بآخر كلمة نطقها ، زارهُ طيفها كل يوم منذُ ان رآها اول مرة في زواج سلطان آل مالك ، علم انها اخته ، الشبه بينها وبين ناصر كبير ، الا انها تتسم بالانوثة الطاغية ووالجبروت ، ابعدها من تفكيره ، طردها طويلًا ، لكن نظراتها الحُلوة والمصدومة كانت تزوره ، لم يكن ليتخيل امرأة الآن زوجة له ...غيرها ...
وكأن تلك المرأة موسومة باسمه ، غاص في صدرهُ الحلم ، ولم يغادر ، تمنى لو ان يعيش في سبات عميق ، يرتاح عقله من التفكير بها...ولكن ان ترى أمرأة بتلك الانوثة الطاغية...ليس شيئًـا يمكن لرجل بصلابة متعب احتماله...





،




الاثنان ينظرانِ له ، نظرات مملوءة بالانتظار لتلك الاجابة ، اختنق طويلاً وهو يحدق بالاثنين ، تماسك ، وهو ينظر الى ناصر الذي يحترق بنية الحصول على الاجابة ، ليجيب ناصر :انت عارف ان بو مهاب ماوكلني بذا القضية الا وهو عارف اني دارسها بحذافيرها مثلها مثل غيره... مهره بنت ذكية بس اللي بها هو اللي مضيعها ...لاتحرمها من هالفرصة اللي ممكن تغير حياتها للأحسن وتتحسن...صعب انك تغير حياتها بروتين يومي ومعتاد...البنت محتاجة نقلة...وغير كذا...مابه كفو اطلبه القرب غيرك انت ياناصر...والعلم راجع لابيها...
ناصر يحدق بياسر طويلاً ، وينظر لمهاب ، كتم غضبه ليردف : ليه حطيت مهره بالذات في راسك وهي مريضة؟
ياسر يتنهد : قلت لك لو ماني كفو وقد اللزوم كنت استحيت على نفسي وماطلبت كريمتكم..وانا أؤمن بأن الزواج راح يطور من تفكير مهره بنواحي كثيرة...لانها راح تعيش ذكريات جديدة...وتتفاعل معاها

صمت طويلاً منصتًـا لصمت ناصر الذي كان مسندًا رأسه الى كفه ، ومهاب يحدق بين الاثنين ، نطق ياسر : وعشـان بعد اقدر اخذ راحتي اكثر بالتعامل معاها

حدق في ناصر طويلاً ، لم يجبه ، وقف من المكان ، غادرهم ، تاركًـا مهاب وياسر في حيرة ...





،






في البلكونة كانت منقلة الشواء ، مشعَل وليث يقفان ويثرثران بسعَادة ، اصوات الضحك كانت تخترق اذانها بسعَادة وهي تعمل على تجهيز المقبلات لهذهِ الليلة ، خرجت للخارج وهي تحمل الاطباق وتضعها على الطاولة بابتسامة وسعادة لايمكن وصفها ، ربما كان هذا افضل خبر لها في حياتها ، سعادتها غير موصوفه ، لايمكن لاي شخص في هذا العالم وصفها ابدًا ، كعائلة ، كانت اجمل ذكرى لهم ، كـ حُب بينها وبين ليثْ ، أصبح لا يوصف ، وهو يراقبها بين حديثه مع مشعل ، كانت تحاول ان لا تتشتت لنظراته ، لكنها انتبهت له بعد ذلك ، انتهت من تجهيز الطاولة وترتيبها ، وقفت بجوارهم امام المنقلة وهي تشم رائحة الشواء وبجنون : ياربيييييييييه معدتي قامت تصاوي....
مشعل ينظر لاخته بضحك : عاد هذي ياليث تفكر من بطنها اذا جاعت...الله يعينك عليها...
ليث يبتسم للوريف : اقل ورا ماتسرع جعل محد يشبع غيرها...
ابتسمت بخجل وهي تجلس على الطاولة وتراقبهم بهدُوء : يعني يامشعل الله يهديك حرام الواحد لو تحلطم شويتين وجاع؟ تراني بني آدم يعني...
ضحك مشعل: ههههههههههه ياليت على هالجوع والحلطمة تاكلين زي الناس...كلها كم لقمة وشردتي...
وريف تضحك : كل واحد ياكل على قده يامشعل...
ابتسم مشعل باستعلاء مازح : الناس مقامات
ليث يضحك وهو يرفع الملعقة المعدنية التي يقلب بها اللحم : اصفقك بذي على وجهك اعلمك شنو الناس مقامات ...
وريف تضحك : هههههههههههههه مامداه تكلم مسكين اخووي...
ليث ينظر لمشعل : اختك بواره...هذا جزوتي ادافع عنها؟
مشعل يرفع يديه باستسلام : مافي امان للنساء...
وريف تضيق عينيها : قلبوا الموضوع الحين على نساء ورجال...اقول هرررري اب ترا خلاص يعني معدتي ماعاد تتحمل...يكفي الريحة...وش هالتعذيب هذا؟
ليث يتقدم ناحيتها : ماعاش من يعذبك يابنت علي...
ابتسمت بخجل وهي تقف وتلتقط الصحون من يد ليث بعد ان ملئها بالشواء ، جلسوا على الطاولة ، كانت اسعد ليلة قد تُعاش بينهم ، اسعد لحظة من الممكن ان تتذكرها طوال عمرها ، اتسعت شفتيها تلقائيًـا كلما نظر لها ليث وغمز لها بسعادة ، ماذا لو كانت هذهِ التفاصيل بجوار اهلها ، بسعادة تامة ، ؟
العمُر كله انتَ ، والوقتَ يمضي ويمضي ، ويبقَى صوتك وحدُه ، الروح تسكنكُ ، لاتغادر ، تبقى تنازع كل المعطيات ، لتكُون انت الخيارَ الوحيدْ ، انت باقٍ في روحي ، كما الليلُ باقِ ، انت باقٍ كما النجُم باق ، كلما حل الربيع بي مرني صوتك ، زادني بكَ عشقًـا وهذيانًـا ، أشهدُ ان لا رجَل في قلبي الا انت ، وان لا حبّ في صدري الا انت ، ولا وهجُ في عينايَ الا وهج عشقك ، وبما مضى ، انت كنت الاول والاخير ، القصيدة التي لا تعارضها اي احرف اخرى ، تخوض العراك بين المد والعطفِ منصاعة الي تلك القافية ، انت الاحرف التي اذا رسمتها بقت ، لم تمحى ، ولا تمحى ...
انت الهَوية التي ما ان رأتها عيناي حتى ضاحكت الدنيا حولها ، !




،



ترتدِي فستانها السكري ، المزين باللؤلؤ في منطقة الاكمام ، بدا بارع الجمال على جسدها ، كانت في غاية الروعة بالفعل ، نثرت شعرها البندقي الطويل على ظهرها ، بعثرته قليلاً امام المرآة ليكون عفوي اكثر من "الستريت" .. ابتسمت برضا بعد ان استخدمت عطرها جفنشي ورشته على جسدها ، حملت حقيبتها وهاتفها المحمول ، ونزلت للاسفل ، نظرت لسلطان ورؤى بسعادة ، ركضت بسرعة لتحتضن سلطان بهجومها المعتاد وهي تصرخ بسعادة : وسليييييييييييييطييييييين هناااااا
ضحك سلطان وهو يبعدها : ابتعدي عن املاك غيرك لو سمحتي...انتهاك الحقوق ذا مابيه
جمانة تنظر لرؤى وهي تحرك حاجبيها بغيض : ايييييه بعض الناس بتطلع عيونهم...
ام ناصر بغضب مازح : اقول ورا ماتوخرين عن اخوك ومرته...
سلطان بتأييد : ايه ورا ماتنقلعين؟
جمانة ترفع حاجبها : لا اله الا الله...هالحين ماصار لك يومين من تزوجت وانت غاثنا...تالي لاجاك عيال وش بيفكنا من نفسيتك؟
سلطان يغمز لها : لا اعرستي وجاك النصيب بتفهميني...
احمرت خجل وهي تبتعد بهدوء بينما سلطان يضحك بشماته : يعني اما نقط عليك كلام ولا ماتروحين من كيفك...
جمانة بغيض : يازينك وانت ساكت بس... الا ماقلت متى بتهاجر انت والحبيبة وتفكونا من مقفاكم...خلاص عطيناكم وجه بما فيه الكفاية...عيشوا حياة كتاكيت الحب بعيد عننا...
رؤى تكاد ان تصفع جمانة التي كانت تضحك ، سلطان احتضن رؤى مقبلاً رأسها : اذا المدام قالت نسافر الحين...نسافر...
حدق فيها طويلاً ثم اردف : جعلنــي طيارة بس...
رؤى بغيض : انا اخلص من اختك تجيني انت...
سلطان بجنون : يالبى هالصوت وطواريه...
احمرت تماما لتضحك ام ناصر : خف ع البنت يارجال...لاتصير من اولها رخمة...
سلطان بمزح : الحريم مايحبون الا الرخوم....
جمانة تضحك :هههههههههههه معلومة مغلوطة عند رؤى ...بس انا اتفق معك...جعل زوجي رخمة ولد رخمة...
ام ناصر تقرصها في فخذه : اقول اسكتي ...اسكتي ياللي مابوجهك حيا ...
جمانة تضحك : ههههههههههههه ياعمري المعصبين...
ام ناصر بجدية : ماني وضحى اذا زوجتك رجال ينشد علوم الرخوم...حنا مانعطي حريمنا الا لرجال من صلب الرجال...
جمانة تضحك : ههههههههههههههه يمة والله والله امزح...بعدين ماجى..خل يجي وبعدين نتفاهم
سلطان : وينه ناصر ماشوفه؟
ام ناصر : يابعدي ناصر...طبعا اخيك في الشركة...مغطي عنك بما انك عريس...
سلطان بمزح : خله شوي يذوق الويل اللي شفته يوم تزوج..
ام ناصر : حرام عليك...والله مايرجع البيت من طلعته الصباح الا العصر...وينام ولا ياكل...الا بالليل
سلطان يخرج هاتفه : الله يعلي شانه...هذا انا بدق عليه هالحين اتطمن عليه...

دقائق حتى اجابه ناصر الذي بدا من صوته انه مرهق : نعم شبغيت ...
سلطان لم يتماسك نفسه وهو يضحك : هههههههههههههه لا اله الا الله ...هذا اخلاقه في خشمه من جد...
ناصر بارهاق : احمد ربك مغطي عنك ولا انت ماتستاهل...
سلطان يضحك : هههههههههههه كفو يالخوي كفو...بعدين تعال...وراه ماتذوق الضيم اللي ضقته؟
ناصر بمزح : اخلص علينا شتبغى لا اهفك بملف التعهدات الحين...
ضحك سلطان بقوة : هههههههههههههههههههه انا اشهد انك قاضي... واضح انك ماتغديت...تبي اجيب لك غدا الوالدة للشركة؟ولا اطلب لك من هرفي
ناصر : يستحسن تجيب راسك وياهم ...
سلطان : ههههههههههه الله يعلي شانك ماتقصر ياناصر...
ناصر يبتسم : ولو ...قليل في حقك ياسليطين...
سلطان يبتسم : يالله تامرني على شيء...
ناصر : سلامتك...فمان الله
سلطان : فمان الله..
اغلق الخط وامه تنظر نحوه ، ابتسم وهو يردف لامه : ماعليك من ولدك وعيارته هذا هو زين وماوراه شيء...
ام ناصر : بطلعها من عيونك لو صار في وليدي شيء
سلطان : الله واكبر ...ليه رضيتي علي يوم تزوج هو ؟
جمانة : البكر هذا البكر مايتعوض لو صار له شيء
ام ناصر تبتسم بحنان : كلكم ماتتعوضون عندي...جعلني فداكم واحد واحد
سلطان يبتسم : الله يحفظك يالغالية... يالله انا طالع عند سلطان ...تبون شيء؟
ام ناصر : خذ غدا ابوك واخوك من المطبخ قلت للخدامة تجهزه
سلطان : ان شاء الله...يلا فمان الله...
ام ناصر : فمان الكريم..الله يحفظك يايمه...



خرج سلطان ، وعيني جمانة تنظران بخبث لرؤى التي اشارت لها بمعنى " نعم ؟"


،



خرجت من غرفتها الى الحديقة ، كانت الساعة تشير الى 12:00 ليلاً ، كانت تتحاشى طوال اليوم اللقاء بآدم ، بعد اخر موقف محرج بينها وبينه ، حينما خرجت لمحته امامحها ، شهقت برعب ، وهو ابتسم تلقائيًـا كانت ستهرب الا انه امسك بها لتردف : ابعد عني..
آدم يتلاعب بها وهو يحرك خصلات شعرها باستمتاع : ماراح ابعد
هاجر بغيظ : ابعد عني...ولا راح.....
آدم يغمز لها ليغيظها : ولا راح تتفلين بالعصير ؟
احمر وجهها باحراج من تصرفها الطفولي جدًا لتردف : اصلا تستاهل....كنت بالفعل تستاهل ...ولو في شيء اعظم من كذا كنت سويته...
آدم يلصقها فيه وينظر لعينيها ويهمس بصوت منخفض لايسمعه الا هي : بس بالنهاية شربته ...باللي فيه
احمرت اكثر ، كادت ان تجن من قربها لآدم لتردف : يعني ماتفكر ابدا انك تبعد عني؟؟؟
آدم بابتسامة : لا ...
هاجر بغيظ : صاير مستفز بزيادة...صايرة مو قادرة ابلعك...
آدم ببروده الذي يحرق هاجر يبتسم : صايرة طويلة لسان بزيادة..ويبي لك تأديب تدرين...
ابتلعت ريقها الجاف وهي ترتجف: انت بنفسك اللي خليتني اكون كذا...من تصرفاتك معي...
الصقها في الجدار مما جعلها تشهق برعب وريبة ليهمس لها في اذنها : وتعذيبك لي واستغلالك لانوثتك ضدي هذا مو حرام؟

الجمت صمتًـا ....والجمها شيء آخر.....






انتهى البارت..

 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 27-09-16, 04:31 AM   المشاركة رقم: 43
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 
دعوه لزيارة موضوعي










السلام عليكم حبيباتي كيف أحوالكم...

البارت تأخر شويتين ...بس مليء بالحماس والاكشن ...
في بعض التفاصيل اللي راح نغوص فيها الحين وراح تنكشف بعض الامور للمتابعات...
المتابعات اللي يقولون ان نهاية الرواية هي رجوع ليث...خيبتوا ظنّي مليون ...مو معقول ان تقوم احداث الرواية بغياب ليث وتظل على هالوتيرة طول الوقت...الرواية قاعدة توصف معاناته وراح تبين الحياة بحذافيرها...
واكيد لرجوع ليث اشياء ثانية...يعني بظلم شخصية ليث لو خليت النهاية هي رجوعه...بينما في احداث وامور لازم نتعايش معاها ونعطي الرواية حقها...
المتابعات اللي ينطون لي كل يوم سناب شات وينتظروني...والله احبكم مليون...



قراءة ممتعـــة ....











البارت (37) :


أتيتك ...
صحبتي الأوهام .. والأسقام ..
والآلام .. والخور
ورائي من سنين العمر ..
ما ناء به العمر ..
قرون .. كل ثانية
بها التاريخ يختصر
وقدّامي
صحارى الموت .. تنتظر
فيا لؤلؤتي السمراء! كيف يطيب
لي السمر؟
وكيف أقول أشعاراً
عليها يرقص السحر؟
قصيدي خيره الصمت
... فقولي إنه القمر!
لِـ : غازي القصيبي ..




لقَد أكل الغياب من لحمي ودمِي ، أكل من بدنِي ما أكل ، لفظنِي في كل نقطة مهملة من العالم وكأنني قمامة هذهِ الحياة ، الشمس تتشربُ ملامحي وتخبئني الغيوم وأمطر ، العروق التي في بدني كانت تضجر من غيابي، كانت تضطرب بمجرد تخيل البقاء بعيدًا عن عينيها اللوزيتين ، تلك اللوزتانِ اللتانِ ما إن أراهما حتى انفصل عن العالم ، ثكلى هي حين تبتسم او تضحك بجنون ، وأنا أكثر جنُونًـا بها حينما تبادلنِي الابتسامة ، اتساع شفتيها مثل اتساع كل محيطَات العالم ، تلك الدَوخة العظيمة حينما تضحك عينيها لي وتبتسم شفتيها ، إلهَي ما أعظم قدرتكَ في خلقك ، دعائِـي ياربِّ في كل وقت ... أن لا تحرمني من دنيا تكون فيها ...
تنهد طويلاً وهو يحتسي من قهوتهِ التركية الداكنة ، يراقب نومها على اريكته بينما يده اليمنى تحرك الفرشاة على اللوحة ، كانت عينيها النائمتين قصة تعجز يدي عن ترتيلها على الورق ، اذا ماوصفتُ جمال العالم كله ، لن اصل لوصف تلك اللوزتين ، بعثرت تلك الالوان الرمادية على اللوحة ، كنت اطمح ان اصنع لوحة احادية واضمها لبقية لوحاتي ، لكنني كنت مدرك بأن هذهِ اللوحة ستكوني الأغلى والأحب الى قلبي ،
هل تستطِيع البساتِين وصف عذُوبة تلك العينين؟اللتان تشبهان الغيم حينما يعود بالمطر! ، كم تعاقبت الايام حولي حتى رأيتُ دمعك يوبخني ، كأن الله يعاقبني لأني لم أجفف دمعكِ الحُلوَ بصوتِي ، لم أقبلها حتى تعود أدراجها القديمة ، كأن غيابي يعود كشيطان يطوف حولنا يجعلنا نستنزف حياتنا ، وكثيرًا ، ليت مامضى يعود ، يعود الى قبل تلك المصيبة التي جردتني مني وجعلتني شخصـًا آخر ،
انتهى من اللوحة ، استند على كرسي ليرتاح ظهره ، يحتسي من قهوته ويراقب اللوحة ويعود بنظره نحوها ، كم كانت جميلة ، بريئة ، هادئة ، تتسلل تحت وشاحه الصوفي حتى تشعر بالدفء ، ابتسم للطافتها اثناء النوم ، استيقظت امام عينيه ، لم تكن لتستوعب المكان ، تفرك عينيها النصف مفتوحتين ، الناعستين تماما ، تتمدد في الهواء مع تثاؤب خفيف، تبتسم لليث بعد استيعابها لعينيه اللتانِ تراقبها ، وقفت لتتقدم ناحيته ، لكنها شعرت بدوار تام كادت ان تسقط منه ، التقطها ليث بين ذراعيه ووسدها على كتفه ، اجلسها على كرسيه لتنظر ناحية اللوحة ، وزعت نظراتها بين ليث واللوحة بفرح يشبه فرح الاطفال ، ابتسمت بسعادة وعينيها تكاد ان تدمع لتردف : ماعمري حد رسمني...انت رسمتني...رسمت كل تفاصيلي
ابتسم ليث وهو يقبل جبينها : اجمل شيء ممكن ينرسم على ورق...عيُونك
دمعت عينيها بابتسامة تلوي شفتيها بسعادة : كل مرة تخليني احبك اكثر واكثر
ليث يمسك بيديها ويمسحها بابهامه : الحمدلله على دنيا من بعد التعب...فيها وجُودك
احتضنته بسعادة ، طوقت عنقه بيديها وهي تريح رأسها على كتفه ، اشتم رائحة شعرها الجميلة ، عطر اللافندر الذي لاتستغني عنه في حياتها ، اصبح موشوما بها ، وقفت بهدوء وهي تشعر بانهاك جسدي وتوجهت الى دورة المياه ، خرجت وهي تطل برأسها من المطبخ ناحيته : ما افطرت صح؟
ابتسم ليث : لا...
هزت رأسها تجهز الفطور بسعادة ، مُغرمة بتفاصيل رسمة ليث لها ، لقد حفظ تفاصيلها اكثر منها....وهذا مايجعلها تبتسم بسعادة !



،


تُقيدنِي كسجينَة بينَ يديِك ، ترهقني صلابة عيناك وحدتها ، همستك القوية التي لايسمعها غيري ، انفاسك التي تقاطع كل كلماتِي ، غرورك الذي يهدم اركان انوثتِي ، نرجسِيتك التي لا تشبه سوَى عنهجيتك ، جميع الاحتمالات التي نضعها للحب تتحرر عبثًـا حينما يكون العاشقْ مثلك ، او يشبهك ، آدم لقد كنت ذاك الرجل الذي بمجرد النظر اليه يتبعثر النبض لدِي ، تختنق اوردتي ، تغادرني روحي ، اشعر بأن الموت يتسلل الى جسدي ويمتص طاقتي ، الحب في تاريخَك هو ان نشيخ كلانا على وسادة واحدة ، ان تكون يدي الناعمة مغروسة كزهرة اقحوان في ارضِ صلبة على يدك الخشنة ، ان تعيرنِي من أبجديتك كل الحروف الناقصة وتبقي اسمي على رفات شفتيك ، الصبّرُ جفّ في قلبـي ، والحب بات يغزوني ويمحو كل معركتي بك ، جفاف الصبر بي يجعلني كدودة الارض ...كالسمكة التي لايمر في خياشيمها الماء ، جافة تماما كل ماغزاها المد ...دفنها التراب ...أريد ان اتسلل نحوك ، ان اعيش في غابة حضنك ، اخبرك بأني احبك ، أحبك بقدر كرهي لك ، احبك رغم مكابرتي وعنادي ، رغم انهيار مينائي ، رغم سفنك التي لاترسي علي ، رغم الشواطئ التي لم تجرفني نحوك ، أحبك حتى وان كان عنادي يشبه كل الحروب التي لا تتوقف حتى يموت كل مقاوميها ، يشبه ذاك الجندي الذي لا يتحرك حتى تدخل طلقة موحشة في اواسط صدره ، ويفور دمه في الارض ، ويشربه التراب ، حبي لك لا يشبه الا شيئًـا واحد ....وهو العناد

الجمها الصمت...والجمها صوت ادم الذي حرق اذنها وهو يخبرها بالحقيقة التي تتهرب منها فِـي ذاتها : لو كانت اي بنت غيرك...كان سهل عليها تقول انها معجبة فيني...بس انتي ماتعرفين الا العناد...
رفعت عينيها نحو عينيه بصدمة ، كان يقرأ أفكارها وكأن لايوجد على عقلها اي غطاء خارجي ، وكأن جبينها يكتب بالخط العريض بأنها تميل نحو ، لكنها ابت ان تُفضح امامه وهي تنظر له بحدة :بدري عليك انعجب بك...هذا سابع احلامك
ابتسم بسخرية وقد مال صدغه ، حاصرها اكثر ونظر لها بعينيه بضياع ، لم تستطع الاحتمال لتجد نفسها ايضا تضيع في عينيه ، ناداها بدفء : هـاجر....
كانت ضائعة في وحل الغوص بعينيه ، تائهة وطويلاً حتى تعود الى الواقع : هممم؟
ضحك ادم هذه المرة ، احمر خدها وتمالكت نفسها ، استمجعت ذاتها امامه وهي تحدق فيه بغضب لتسمعه يردف : تكابري تكابري وكثيييير....
هاجر بغيض وهي تنظر ناحيته وبغضب : خير بالله انت ليه شايف نفسك؟ على ويش شايف نفسك؟ يعني منو انت حتى اعجبك فيك؟ زوجي وامنا بالله...بس لاتحلم كثير
آدم يرفع حاجبه مستنكرًا : وانتي مصدقة حالك اني منتظر منك اعجاب؟ بس لو ماتصرفاتك تبين هالشيء ولا ماكان حاكيتك... بيني وبينك الله ...لاتستخدمين انوثتك حتى تلفتي انتباهي...وبعدها تمنعيني...فاهمة كلامي ؟؟؟
ارتعش صدرها وهي تشيح بوجهها الصغير عنه لتردف بصوت منخفض : ثوور...مغرور...عملاق...
ابتسم طويلاً وهو يحدق فيها : بدري عليك يام شبرين ونص توصفيني ...
تغلغل شعور بالقهر في صدرها وهي تشيح تنظر للسماء التي بدت رمادية ، ابتسمت تلقائيًـا وهي تحدق للغيم الذي يوشك على ان يمطر ، اردفت بهدوء وهي تسحب نفسًـا طويلاً بعد ان أغمضت وداهمتها قطرات المطر على عينيها لتبتسم : اللهم صيبــًا نافعا ...
التفت ناحيتَها ، كم بدت مسالمة تحت المطر ، تلمعُ بهدوء وكأنها ليست تلك الانثى التي تحمل الوحشية بداخلها ، مسالمة وكأنها تنصاع لأمر المطر ، وكأن مابداخلها يذوب ، حرارة جسدها بدأت تنخفض تحت برودة هذهِ القطرات التي تنساب كالدموع على جسدها ، مدت كفها البيضاء كالأطفال ، تنتظر الغيث يبلل يدها ..يغسلها كاملاً ...كما يغسل روحها ...حينما فتحت عينيها كان ينظر ناحيتها مبتسمًـا لتردف : كنت بالطفولة احسب انو المطر الجاي هو موية فايضة من الجنة ...ابوي تعب وهو يفهمني ان المطر من عند ربي بس عجزت افهم ...
ابتسم آدم وهو ينظر لقطرات المطر تبلل حذاءه الجلدي ويستمع لحديثها المليء بالذاكر وتفاصيل الطفولة ليردف : معناها عشتي بطفولة غشيمة ...
ابتسمت هاجر بغيض ، وهي تبلل شفتيها بلسانها ، بعثرت شعرها لتردف : بالعكس...عشت طفولتي بحذافيرها...
آدم يضحك بسخرية : صحيح...بدءًا من الخيال المغلوط اللي عندك...
هاجر تبتسم وهي تمد كفها بقوة للمطر الذي بدأ يشتد قليلاً : الخيال دليل على ذكاء الطفل...
آدم يحبس ضحكته وهو يحاول اغاضتها طويلاً : ليت هالذكاء ينفعك هالحين...
أبعدت يدها تلقائيًـا عن المطر وهِيَ تستدِيرْ نحوه ، كلَمته هي ماجعلها تلتفت ناحيتَه ، لتردف : لو ماذكائي كان استغلتني رجولتك!
آدم يرفعَ حاجبِيه ويهمس : مع الأسفْ خانك ذكائك!
اختارتْ ان لا تطيل المسألة بعدَ ان جعلها بالفعل تنطق بتلك الكلمات تحت وهيج المطر ، باتت مبللة ، فستانها الكحلي المشجر التصق تماما بجسدها ، شعرها التصق بوجنتيها وجبينها ، بدت جميلةْ اكثر ، مرهقة للنظر اكثر ، لاطاقة لآدم للاحتمَال ، امرأة بقوة هذا الغيمْ ، بقوة هذا المطرْ ، لايمكن لرجل في هذا العالم احتمالهاْ ، حتى لو كانت قوته تسع البحار والمحيطَاتْ ، سيضعف امام هذهِ الانوثة المطرية القَوية ، كانت رائحة التراب تفوح من بعد قطرات المطرْ ، تنفست بابتسامة اكثرْ وهي تغمض عينيها ، عرف تماما بأنها مُغرمة برائحة المطر ، لذلكَ هي نقيَّة كالمطرْ ، شعرت بقلق حينما احست بيدهِ على كتفها ، يجرها ناحيته وهو يضع عليها معطفه الذي بات طويلاً على جسدها ليردف : ادخلي...ماهو عدلة يشوفك ابيك واخيك بـ هالحال...
شعرت بالخجل وهي تحدق بفستانها كيف التصق بجسدها ، رفعت عينيها بصعوبة ناحيته ، شَـاهدت عذابـًا لم تشاهده قبلاً ، شاهدت في عينيه جحيمًـا لم تكن لتشعر بحرارتِه من قبلْ ، كان يقاومها كي لا يجرحها ، وكانت تعاندهُ كي لا تضعف امامه ، المكابرة هي طريقة عشق هذِين الاثنينْ ، كلاهما لا يتنازل للآخر ، كلاهما يتعذب ، كلاهما يعاني!!



،


كانتْ تقف على البابْ بهدُوء بجوارها زوجها يحمل بعض الاكياسْ عنها ، طرقت البابْ عدة طرقات ، حتى سمعت صوت فهد وهو يعلن عن وصوله لفتحَ الباب ، فُتح الباب ، ودخلت اسماء ، راكان ينتظر من فهد ان يفتح له طريق حتى لا يصادف امه بالخطأ ، دخل راكان ، ليبتسم لفهد الذي كان يقف بسروال وفانيلة محدقًـا براكان الذي يضحك : انت مامداك كبرت ومن هالحين مسنتر لي بسروال وفنيلة؟
فهد يبتسم بقوة لراكان : والله اليد مابها حيلة...انتظر سونا تخلص كوي ثوبي والشماغ...معلوم اليوم اني بزف الوالدة ع العريس
اسماء تنظر له بقوة بينما راكان يضحك : الله يقطع شرك يافهيد ...صدق انك مدري شأقول...انا عارفة انك مطلع عيون امك هالحين...
فهد يبتسم لاسماء : تذكري لما كنت اطلع عيونك...يوم كان رويكن خطيبك؟ ..بالضبط الشريط قاعد يعاد هالحين...
اسماء بغيض : ااااه على ذيك الايام...جننتي من جد...الله يعين امك بس...وينها فيه امك؟
فهد : فوق جاية لها الكوافيرة....جعلني كوافيرة بس
اسماء نظرت له بحدة ثم تلقائيا تبتسم بسعادة : يابعدي والله...
التقطت الاكياس التي بيد راكان وصعدت للاعلى لتصادف والدتها التي خرجت للتو من غرفة شوق ، احتضنت والدتها وابتسمت بسعادة : يالببيييه ام الليث....وش علومك وش ورا طرواك..
احتضنت ابنتها بحب لتردف : الحمدلله بخير انا...جبتي الاغراض اللي طلبتها شوق؟ وجبتي فستانك؟
اسماء تتفحص الاكياس : اي يمه مانسيت شيء...راكان اليوم واقف على راسي عشان مانسى اي حاجة...
ثم حدقت خلف امها للباب وهي تبتسم وتغمز في عيني والدتها : شخبار العروسة؟
ابتسمت والدتها : الله يصبرني على توترها والخوف اللي فيها ... هذا والحين بس شبكتها كيف لو جى يوم عرسها...
ابتسمت اسماء بتفهم : طبيعي يمه ...اول تجربه لها ماكانت طيبة يمه...
ام ليث : طيب روحي روحي لاختك صار لها ساعتين تنتظرك...واذا خلصت انتي خلي الكوافيرة تبدا فيك...
ابتسمت اسماء بطاعة وتوجهت ناحية الغرفة لتدَخل على شوق التي كانت مغمضة عينيها للكوافيرة التي تضع المكياج في عينيها ، وقد انتهت من شعرها الويفي ، ابتسمت وعينيها ممتلئة بالدموع ، شوق لاتزال فتاة صغيرة لكنها جابهت الكثير ، واثبتت امومتها العظيمة دفاعًـا عنها وعن ابنها ، الحمدلله على حسن نصيبها ، فمسفر رجل لايرد ، تمنت ان لاتكون فرحتها ناقصة بليث مثل فرحتها ، لكن الله كتب لهم ذلكْ ، ان لايسمعوا أيّ خبر عن الغائب الحاضر ، الغائب عنهم ، الحاضر في قلُوبهم ، زغردت بسعادة وعينيها تجتاحها الدموع ، لتبتعد الكوافيرة عن شوق التي ابتسمت لاسماء ، اسماء بحب تحتضن شوق : يابعدهم ياجعل عيني ماتبكيك ...ياعروسة يا اجمل عروسة....
شوق بمزح تقرصها : يغربل بليسك خرشتيني ...لاعاد تزغردي مو لايق...
ضحكت اسماء بحب : يالبىى الجماللللللل....يخسى مسفر لو عافك اليوم...يا انه بيتشدق مبسوط لاشافك...
شوق بتوتر تمسك بطنها : اسكتي يرحم والديك لاتذكريني اني بشوفه اليوم...وربي كل ماتذكر هالشيء يمغصني بطني...
اسماء : حياااااتي ... لاتخافين وسمي بسم الله... وينه فستانك طلعوه؟
شوق : امي قالت انها بتجيبه من الدولاب وبتطلع طقم الالماس...موجودين في غرفتها...
اسماء وهي تلتفت لوالدتها التي دخلت فورًا بالفستان وباليد الاخرى البخور تبخر فستان ابنتها شوق ، اسماء تبتسم : شوفي هالقمر على الحلا اللي اهي فيه متوترة من الشوفة...
ام ليث تبتسم بحب وحنان امومي : ماله داعي الخوف يايمه...ولو انه طبيعي لكل بنت بس لاتتوتري...انتي خوافة بزيادة...حتى اختك اسماء ماتخاف مثلك...
ضحكت شوق : هههههههههه والله غصب عني...كذا شعور لا ارادي...
ام ليث : خلي اللا ارادي على جنب...ولاتطفشين الكوافيرة....
ابتسمت الكوافير لام ليث : بالعكس والله بنتكم عسل...ماشاء الله الله يحفظها...
ام ليث تبتسم : الله يعطيك العافية ...
التفتت لاسماء : روحي جيبي من الحلى والقهوة للكوافيرة تروق شوي قبل لاتبتدي فيك...
اسماء تنتزع عبائتها وتطويها وهي تهز رأسها : ان شاء الله...
ثم نزلت بسرعة للاسفل تقطع من الحلى وتجلب لها من القهوة ، ابتسمت لفهد الذي كان يرتدي للتو ثوبه وشماغه ، وراكان يساعده في نسفة الشماغ ، كان فهد *يستهبل * على الخادمة سونا وهي تحمل البخور مما جعلها *تتحلطم* طويلا على فهد الذي ما ان سمعها حتى نطق : عنبوها تتحلطم على الشيخ فهد....هذي ليه مو حاطينها اسفلت لين هالحين؟
ضحكت اسماء :ههههههههههههههههه يقطع شرك وانت بعد جننتها تبي تبخرك مو راضي لها حرام ومدري وش...اللي يسمعك يقول عمرك 20 ...تراك كبر اصغر بزرانها..
فهد : تعقب مافي الا هي تبخرني....انا مايبخرني غيرك انتي وامي وجدتي...وحرمتي اللي بالطريق
راكان : اقطع واخس حرمتك مرة وحدة ؟ ناوي تتزوج من ذا الحين...
اسماء تبتسم : هو لو يحصل له مابيقول لا ...عينه مشفوحة ع الحريم...
فهد يبتسم : لاتخافين ...يوم من الايام بتنفجعين بدخل ووراي بزاريني تراكض
اسماء : الله لايقولها الا بعد 15 سنة ايه....بس هالحين ناقصنا ابوهم يكتمل الجيش بعد؟
ضحك راكان ، استأذنتهم لتصعد للأعلى وتضيف الكوافيرة التي انتهت من شوق....



،


لولَا أن طيفك يزورنِي كل مرة ، لولا ان ذاكرتِي لا تجهضك ، لولا ان عقلي لا يُبعدك عن تفكيري ، والا انتي لن تغادريني ، أنا أعرفُ تماما مضض الهزائم ، لقد اخترت دائمًـا ان اكون منتصرًا ، اخترت ان لاتكون اي كلمة بعد كلمتِي ، لكنك بالفعل جعلتني اعلن شريعة انهزامي امام عينيك ، استغفر الله مراراً وتكرارًا حتى لايزورني طيفك ، ولكن وكأن الله يخبرني بأنكِّ ذلك النصيب الذي كنت اهرب منهُ دائمًـا ، واحترقُ لأجلهِ الآن ، أعيرني أي أشارة حتى أكون لك ، أو آتِـي إليك ، أعيريني الهواء والشمس والنجُوم حتى اقطب حاجبيك واخبرك بأن الاندهاش الذي رأيتُكِ فيه آخر مرة ...كان يؤذي قلبي وحواسي جميعها ، كان يسيرني كرجل لم يتعلم قط ان يبتعد عن امرأة ، او يضعف لاجلها ، لقد كانت مقاييس الرجولة امام عيناك صفرًا ، ومقاييس الانحباس الحراري الذي في جسدِي يتجاوز المليون ، كدت ان انفجر والله يعلم ، ولازال ذلك الحريق يعبث بداخلي دون ان يهدأ ، لماذا هذا الهذيان يحمل تلك النظرات التي تحمل الألم والضنى ؟ لماذا يبعدنا عن النوم ويهدينا الأرق؟ لماذا؟

كان يجلس على سرير جده ويعطيه طعامه بنفسه ، كان سارحًـا غير مدركًـا لجده الذي عرف تماما ان هنالك مايشغل عقله بقوة ، هناك مايجعله ينفصل عن العالم وينحل عنه ، حينما ادرك جده سرحانه نكزه بعصاته وهو يحدق فيه : عنبوك انت وش وراك لك يومين شارد وماكأن معك احد...
انتبه من سرحانه ، اطلق تنهيدة عظيمة وابتسم وهو يعطي جده من صحن الشوربة ، ويردف : مابي شيء ياجدي...الحياة ومشاغلها...
جده يضيق عينيه بعد ان شرب من الشوربة ليردف : الحياة ومشاغلها؟ تسوقها على ورع كبر فخذك ولا على مين؟ تفكرني مالي حس بعلومك وانك متخوبص ومو راضي تحكي...
متعب ويشعر بالفعل انه تمت محاصرته ليردف : لاحول....مابه شيء ياجدي ولو به شيء كان قلت...
نكزه هذه المرة بعصاته بقوة ليردف غاضبـًا : شف يالتيس ياتكلم يا هالعصا تسلخ جلدك هالحين...وش بك متضايق تبا فلوس ولا تبا شيء ؟
متعب يقبل رأس جده بتعب : الله يديمك يايبه الله يديمك...المشكلة مقدر اخبي عنك شيء ومقدر اقوله...الله يجيب اليوم اللي اقدر اقولك به وش وراي...
غادر جده وهو يحمل صينيه طعامه ، متوجهـا بها الى المطبخ لتلتقطها الخادمة من يده ، خلخل اصابعه في شعره معيدًا اياه للخلف ، مطلقًـا تنهيدة عظيمة ، وقف امام المرآة وهو يلتقط شماغه وينسفه ، بدأ وسيمًـا في نسفة شماغه مرهقًـا من عينيه ، ومن داخله ، اصبح مفضوحًـا ، قبل يومين امه تسأله عن حاله ، واليوم جده ، كل تنهيدات العالم خرجت من صدره ، ابحر فيه ما ابحر من الم ، وفي كل مرة يتذكر بها عينيها ، يتصدع به جزء من صدره ..وقلبه...



،



كان يقف امام المطرْ ، عيناه تراقبانه ، تراقبان السد الذي امام واجهَة الفُندق ، قصص غريبة تمر عليهِ بحياته ، ولكن الأغرب من ذلك ، الحياة التي يعيشَها الآن ، يراقب هروب الناس تحت المظلاتْ ، امرأة عجوز تحمل حقيبتها على رأسها لتعبر الشارع ، يراقب انعكاس اضواء السيارات على بقعة المطر الصغيرة في طرف الشارع ، كان الرصيد المظلل مكتظ بالمشاة ، الذين كانوا جبناء في اتخاذ قرار قطع الطريق والمشي بعيدًا عن غزو المطر الذي اجتاحهم فجأة ، هذا الاجتياح العظيم الذي يشبه نشيج الميازيب في مواسم المطر ، انه يشبه تماما حياته ، اوراقه التي يبللها الماء حينما يقرر ان يمرر اصبعه عليها ، باكية من المصير الذي قد يحيطها فجأة ، انهمك في مراقبة العالم ، لعل هذا العالم يريحه من عبء التفكير ولو لثانية ، اختنق صدره ، شعر بالخواء يزوره ، هدوء ، مطر ، والعالم ، موسيقى الطريق ، رائحة عوادم السيارات ، كلها تخترق رئتيه ، تخترق حواسه وعقله ، نزل ماشياًا ، حاملاً مظلته السوداء فوق رأسه ، متوجهًـا الى الرصيف الذي يعبر عليه المشاة ، اتخذ قراره ، قطع الطريق متوجهًـا ناحية المقهى، ظهرت امامه قطة بموائها المتشرد ، تجاوزها ، دخل المقهى ليستمع الى صوت الجرس المعلق في اعلى الباب ، ويصدر صوتًـا نحاسيا بمجرد دخول اي زائر ، طلب طلبه المعتاد ، قهوة اسبيرسو مرة ، مع كورسان الزبدة ، جلس على الكرسي ينتظر طلبه ، وصل ، وبدأت يتناوله ، رفع عينيه نحو الباب حينما اصدر ضجيج الحضور ، ليرى اخر شخص يرغب في رؤيته يقف امام طاولته ،يسحب كرسيـًا ويجلس عليه ، يشيح برأسه الى طاولة الاستقبال دون ان ينظر نحوه وهو يردف : انا موافق على اللي قلت...
ياسر يرفع حاجبه بغير استيعاب وهو يحتسي الايسبريسو : كيف؟؟؟
ناصر يعيد كلمته ولكن هذهِ المرة ينظر الى عيني ياسر : انا موافق على زواجك بمهره...
ياسر يحرك عينيه بدهشة ويهز رأسه : بس ؟؟؟؟
ناصر : لا ابوي بها الف شرط وشرط...
ياسر يبتسم بعد ان رفع كلا حاجبيه : قايل انا انت ماتعطي شيء بالساهل...
ناصر : بنتنا مانساوم بها يا ياسر...انت رجال وانا من اكثر الناس اللي يشهدون بـ هالشيء... ويشهد الله ان لو مااني اعرفك عن حق وحقيق ولا كان سابع احلامك شوفتها
ابتسم ياسر وهو يلتفت نحو طاولة الاستقبال ثم يعيد نظره الى ناصر ويطلق تنهيدة : البنت من بعد حفظ الله ...محفوظة بالعين...
ابتسم ناصر ، ولكن ياسر تنهد محدقًـا ناحية ناصر : ايه ...وش هي شروطكم؟
ناصر يبتسم وهو يعقد يده ليردف : اول حاجة ماتضيمها لو يصير شنو مايصير... شيء ثاني... اوصلها بابيها ...بس اول خلها تتخطى اللي هي فيه...خلها سليمة مثل مهاب....وتالي ردها لابيها...
يهز ياسر رأسه بتفكير ثم يعقد حاجبهْ ، بلل شفتيه ، احتسى رشفة من قهوته ، ثم نطق : بعد ماترجع الموية لمجاريها... بترجع انت؟
ناصر يعقد حاجبيه : ماظن اني برجع...
ياسر وعلامات الاندهاش تغزو ملامحه الرجولية ليشد قبضة يده مردفـًا : انت جزء في حياتهم عاشوه اكثر من ابيهم... تتوقع شيء زين انك تتركهم؟
ناصر : لصالحهم... يرجعوا لابيهم بعد مرضهم....
ياسر برفض : كنت تنتقد بو مهاب في غيابه...وش له تعيد الشيء بك انت؟
رفع ناصر عينيه بغير استيعاب لينطق ياسر : انت ماتختلف عنه...
ناصر بغيظ يشد على كفه ويهز رأسه : ثمن كلامك..
ياسر : قايس كلامي لاتخاف...قايس كلامي...انت انتبه لافعالك ياناصر... لاتطعن عيال اختك بسكاكين انت كنت شايلها من ظهورهم... الطعنة من الظهر توجع وانا اخيك...
وقف ياسر ، ارتدى نظارته الشمسية ، غادر المقهى تاركـًا ناصر جالسًـا على الطاولة في حِـيرة ، يعيش منهمكًـا بآلاف الافكار التي كان يهرب منها ، وياسر واجهه بالحقيقة ، ...







،



في مزرعة آل مالك ...
بينما القبيلة كلها ملتمة بـ فرحة ابنة عبد الرحمن آل مالك ،
كانت تبتسم بخجل لام مسفر وغادة اللتين لم تغادر اعينهم منذُ بداية الحفلة ، ام عبد الرحمن كانت تبتسم بسعادة عظيمة لشوق ، امنيتها هي ان يأتي رجل شهم مثل مسفر ويخرس كل تلك الالسنة البالية التي تقطر قذارتها في كل زاوية وتخدش زجاجات الانفسْ ، ام عبد الرحمن عينيها تجولان بالمكان بحثًـا عن ام ليث التي كانت تبتسم للحضور وعينيها مليئتان بالدموع ، في كل فرحة لبناتها هناك وردة ذابلة تضطر لدفنها حتى يغزوها المطر وتنبت من جديد ، في الآونة الاخير تشعر بأنه لولا الايمان بالله...لفقدت الصبر وانغمست بالجزع ، ولكن ايمانها بخالقها الذي جعلها تتوشح بالصبر ، وتتجاهل كل الهمسات التي تذم في ابنها بالمجلس ، تتجاهلها تماما ولا تحاول ان ترد على اي حرف متزمت ، كل كلماتهم هي مرتزقة تجول بلاد صبرها ، وما ان يأتي هذا الابن ويعود الى حضنها ، حتى يقمعهم جميعًـا ، ابتسمت بحب وهي تراقب ابنتها التي ترتدي فستان باللون الاخضر العشبي ، من دولتشي أند جابانا ، مع حذائها الفضي بكرستالات مزينة ، وشعرها الويفي ، كان مكياجها سموكي خفيف ، زاد جمالها ، كان الجميع يتحدث عن مدى جمالها في تلك اللحظة ...
رغم الالسن التي طالتها عن حياتها السابقة مع ذاك المدعو خالد ، حتى الآن ، توجهت ناحية امها ام عبد الرحمن وجلست بجوارها بعد ضيفتها القهوة ..
ام عبد الرحمن تبتسم لام ليث التي تعدُّ آية من الصبر : استريحي يام ليث استريحي ...من جيتي وانتي واقفة ..خلي البنات يقومون عنك...
ابتسمت ام ناصر : الله يعطيك العافية يام ليث اجلسي صحيح ...وراه تراكضين حول العالم...اناا اخلي جمانة وبنتك اسماء ورؤى يقومون بالواجب...
ابتسمت ام ليث : هذا اقل من حق الجماعة...وبالعكس انا متعودة على هالحوسة...
ام رياض : الله يعطيك القوة والعافية ... خلاص ريحي ..
ام ليث : صحيح ماكلمتك وريف...
ام رياض تبتسم : قالت بتدق عليك بعد شوي وبتبارك لشوق...مسكينة تمنت انها تكون معنا...
ام ليث تبتسم : يالله هانت مابقى لها الا كم شهر وترجع...
ام رياض : الله كريم...بس تدق علي بقولك ...
ابتسمت ام ليث وانتبهت لام عبد الرحمن تمسك باسماء : تعالي يالثولة...
اسماء تنظر لجدتها : حرام عليك يايمة شسويت انا؟
ام عبد الرحمن : قومي انتي والعجيز اللي معك وضيففي الناس بدل امك... قليلة الحياء تخلين امك تحوس ويا الخدم وانتي جالسة لي ومريحة...
اسماء تبتسم بحب لامها : ياجعلني فداها والله قلت لها بالبداية بس مارضت...خلاص الحين اقوم واخلي حشد العجيز على قولتك يقوم معي...
وقفت اسماء وتوجهت نحو البنات ، دقائق حتى وقفت جمانة ورؤى وغادة واسماء وبدؤا بضيافة الناسْ ، بينما اسماء كانت تغمز في وجه شوق في كل دقيقة والثانية ، شوق ..عبارة عن هالة من التوتر والقلق...رغم ان اسماء اصغر من شوق الا انها اكثر شجاعة منها ..
كانت تعتصر يديها ، متوترة وجدًا من اللقاء ، متوترة وكثيرًا من الحياة الجديدة التي ستعيشها ، متوترة من ان تبوء التجربة بالفشل!



،



كانت تقف بهدوء وهي تراقب المطر من بلكونة ليث ، وتراقب الطريق من الاسفل ، كانت تفاصيل الحكاية هي نفسها ، شوارع كامبريدج اليوم باردة ، ريح باردة وعاصفة قادمة مع المطر ، كانت ترتعش ، تشعر بحريق يشتعل داخلها ، رفضت فكرة هذا الحريق الذي لم يبقى منه سوى الدخان وهي تدخل تنظر لليث الذي خرج توًا من دورة المياه وهو يرتدي روب السباحة ، كان ذو جسد رياضي بعضلات موزعة في جسده ، رغم مايعانيه من غربة لم يترك الرياضة ، كان يتوجه دائمًـا نحو النادي في اسفل الفندق ، ابتسمت لليث وهي تشعر بانهاك وتحدق بالصور الموجودة في الالبوم على الطاولة : في صور كثيرة لمخيمات وجبال ومناظر تخبل...
ابتسم ليث : وانتي تفكري ظليت عشر سنوات مقابل الجدران؟؟ كنت اطلع رحلات تخييم مع الناس بس ماحتك فيهم كثير...وغالبا كانت رحلاتي تسلق جبال او تجديف بالبحيرات...
وريف تنظر لعينيه : يعني الله عوضك شويتين بـ هالمناظر اللي تشلع القلب
ابتسم ليث وهو يقبل جبينها : والله انتي اللي تشلعي القلب... *ثم وضع يده على جبينها* ليه جبينك حار؟ تحسي بشيء
ابتسمت تهز رأسها بانهاك وعينين ذابلتين : لا مابي شيء...بس من البرد يمكن...
ليث يمسك بكفيها ويقبلها : هذا من قل الاكل...ملاحظ عليك هالفترة ماتاكلين مثل العالم والناس...بينما اول ماعرفتك كنتي تاكلين الاخضر واليابس...
ضحكت وريف بانهاك : شأسوي..الاكل شهوة وهالايام مالي خلق ..
ليث يتنهد : ها كلمتك *ونقطها بصعوبة* أمـ..ــــي؟
وريف : لأ لسة... بس كلمت شوق قبل ساعتين كذا...مابعد توصل المزرعة...الحين اكيد وصلت
ابتسم بألم يخبأ جروحه في صدره وهو يتنهد ، ينطق بصوت ملتهب وجعًـا وروح ملكومة بالالم : الله يوفق بس...
ثم بعنهجية غاضبة بشكل غير معقول : والله ثم والله لو اشوف خالد اقسم بالله مايمسي صاحي وان مدفنه علي
وريف تمسك بكفيه : تكفى ليث لاتفكر كذا...انت مو ناقص قضايا فوق ما انت بريء هالمرة يطلع الحق معهم...خلاص اختك بذمة واحد(ن) ثاني... قل الله يكتب اللي فيه الخير
ليث بوجع : الله يكتب اللي فيه الخير...بس الذل اللي عيش اختي فيه مايرضى بها اي احد
وريف تبتسم : لاتخاف...ابوي مو مقصر ...عطاه ماعطى الديّان ديّانه...
ليث يتنهد براحة : الله يبقي راسه...
وريف تقف : انا بروح اتـحمم عشـ.............
سقطت مغشية بين ذراعي ليث دون ان تشعر امام عيني ليث المدهوشتين!!



،




توجَهت للمطبخ وهي تشعَر بحرارة تكويهَا ، فتحت باب المَطبخ الخارجي للمزرعة ، لتمشي في وسط المكان بالجو ...تنفست بهدوء وهي تلتقط بهاتفها الآيفون لقطات للمكان البديع بخلائق الرحمن ، الزهور الموزعة ألوانهـا في العشبب المفروش بالارضية الخضراء ، كانت تمشي على البلاط بهدوء ، تلتقط بعض الفيديوهات بأغنية " تنَادِيك رغبات المقادِير " ، بصوت ماجد المهندس ، لم تنتبه حينما شعرت برجلها تلتوي في فتحه غير محكمَة الغطاء ، علق حذاءها والتوى كاحلها ، صرخت بوجع وسقط هاتفها من يدها ، لم تشعر بأي شيء سوى بالوجع الذي يهلكها ، حاولت النهوض لتصل لهاتفها الذي زحف بعيدًا عن المنحدر ، لكن الالم وكعبها العالق في تلك الفتحَة الغير محكمة جعلها أسيرة لهذا الموقف ، صرخت مرارا وتكراراً لكنها لاحظت بوحشَة انها ابتعدت ، ابتعدت كثيرًا عن قصر المزرعة الذي تجتمع فيه القبيلة ، بدا المكان مرعبًـا ، صوت الموسيقى يصلها من بعيد يحمله الاثير في هذهِ الليلة الباردة ، كناية عن ابتعادها امتاراً طويلة عن المكان ، اختنقت كالمجنونة ، وهي تشعر بأنها غير قادرة على التنفس ، تعاني من فوبيا الظلام والبقاء وحيدًا في مثل هذهِ الأماكن ، صرخت بقوة غير مدركة لصوتها الذي اختفى تدريجيًا من شدة الخوف... مواقف في الطفولة جعلتها تعاني من هذهِ الفوبيا العصّية ، انتبهت لكاحلها يتحول لونها للازرق تدريجيًـا ، بكت هذهِ المرة ، لم تبالي بأمر مكياجها، هاتفها اللعين بعيد جدًا عنها ...وهي بعيدة عن كل من في تلك المزرعة ...



مِن جهَة أخرى ، شعَر بخفقان شديد في صدره ، وتترائى امامه تلك الملامح التي تعيش في مُدن التِيه ، حاول ان يتماسك وهو يجلس بجوار جده تماما وبالجانب الاخر يجلس اخيه وابيه ، شعر باختناق من كمية الضغط التي يعيشها والهواجس التي تزورهَ ، ليته لم يراها ، ليتها لم تشغل عقله ، ليتها لم تزره يومًـا ، زرعت فيهِ بذور الارهاقِ وغادرتْ ، مضت وكأنها لم تعثي فيهِ فسادًا ، مضت وكأنها لم تغرق عالمهُ بجحيمَ طيفها ، قدموا له الماء والقهوة ، شرب الماء في دفعة واحدة ، تنفس بصعوبة ، كل هذا امام عيني جدّه الذي ابصم ان هذا الحفيد غير طبيعي في هذهِ الايام ، وان هناك مايصيبه ، نهض مغادرًا المكان ، سيخرج مغادرًا من المجلس ، لم يلتفت للخلف ، لم يبالي بأي شيء سوى بأن ينقذ نفسه قبل ان يصاب بالجنون ، خصوصا وأنه اصبح في الآونة الاخيرة يكره الاماكن المزدحمة ، خرج من المكان ماشيًا على قدميه في الظلام ، كان يقرأ الاذكار لعله يتخلص من شياطين توسوس في عقله ، اخرج هاتفه ، وضع السماعات وبدأ يستمع الى بعض الايات ، وانغمس في مشاهدة المناظر الخلابة في هذهِ المزرعة الواسعة ، لاحظ طيف يرتجف ، يرتجف طويلاً ، لم يميز ملامح الوجه ، ركض بسرعة ناحية الشخص الذي كان ينازع الالم ، فور ان اكتشف انها فتاة رماها بشماغه لتغطي شعرها فورا وكتفيها ، همس وهو مديرًا ظهره عنها : وش اللي بك وش اللي طيحك هنا؟
عضت شفتيها بألم ، ولامست اناملها مكان الالتواء لتشعر بجلدها مشدود ، كتمت صرخة ، وهمست بتحامل على الالم : ماكنت منتبهة للمكان...يرحم والديك بس ارفع الغطا تراه حديد وثقيل وماني قادرة اتحرك منه...رجلي منكسرة...
لايعلم لماذا كتم ضحكته وهو يردف : لاتخافي لو كانت منكسرة ماكنتي راح تتحملي... دايري الله يعافيش عشان اعرف ارفع الغطا
تهز رأسها بألم وهي تكتم دموعها : مو قادرة ...
تحوقل متعب وهو ينزل بمستواها ، راقب مسار سقوطها كاملا ، لم تكن منتبهة للمنحدر ، انتبهة لرجلها الملتوية وكعبها العالق ، شعر بخفقان قريب في قلبه وهو يحاول ان يطرد تلك الفكرة من باله ، الفكرة المستحيلة ، بأن يكون ذاك الملاك الصغير هوو ذاته الذي يجلس امامه الآن ، حاول ان يمحو فضوله ، خانته عيناه ، انها تصطدمان بعينيها الآن ، لم يتعرف عليها في الظلام ، لم يكن منتبها لملامحها ، كل ماينظر اليه سوى عينيها ، كان عالقًـا ، عاجزا تائهـًا عن الحراك ...
تلكَ الحرب العظيمَة التي أشعلتها بداخلِي ، ورجوتِك اياماً طويلة ان تغادري هاجس هذيانِي ، لازلتِي تتعلقين فيه وتتشبثين ، تاركتًا اياي عاجزا عن التعقل ، مسيبًـا انا في طريق المجانينْ ، لم تتركي بي ذرة عقل واحدة ، لا يمكننِي معاقبتكِ على تلك الدوحة العظيمة التي أسرتنِي بها ، جعلتني مقيدًا أسير نحو هوا عينيكِ ، ايامًا لم أكن استطيع النوم وانا المح تلك الدرة من بعيد ، فكيف بها تصطدمان الآن بعيناي ، كيف لرائحتك ان تعلق في هذا الشماغ ، هل يرحمني الله من بعدِ رؤياكِ؟ أم يعاقبنِي الله بكِ لكلِّ مرة قلت فيها لأمي " لا " للعروس التي ترشحها في كل وقت ؟ ، هل أنتِ جزاء الله لي ودعاء أمي عليّ؟ ، أم أنّكِ الجنة التي تدعو بها امي ان تكون لي؟ يشهد بي ارتعاش صدري وهذيان عقلي وحيرَة عيناي؟ ، كيف لرجلٍ مثلِي ان يضعف امام عينيكِ الغجريتين؟ وآهٌ من صدَى عينيكِ ..

ابعد عيناه ، كانت ثوانٍ قصيرة ، يداه ثابتتان ، جسده يرتعش من الداخل ، قلبه كالطبول الافريقية التي تقرع دون ان تتوقفْ ، قلبه الذي كان كثمرة جوزٍ قاسية ، اصبح الآن مرنًـا لكل مرة تزوره عينيها ، رفع الحديدة بسرعة ، تحررت قدميها ، وقفت تحاول الاتزان مستندًة على السياج الذي يحجز الزرع عن الرخام ، لكنها كانت تعرج ، بالكاد تمشي ، فتح هاتفه ، هاتف هديل بسرعة ليأتيه صوتها : هلا متعب..
متعب بصوت مشلول من التعبِ : بسرعة هديل اطلعي لبنت بو ناصر طايحة ورجلها متعورة...تعالي دخليها داخل
دُهشت ، كيف عرف انها بنت بو ناصر ، وقلقت من ان تكون بالفعل هي جمانة ابنة ابو ناصر ، ركضت بسرعة للخارج ، ترى جمانة تعض شفتيها بألم ، وترى ظهر متعب يمشي مغادرًا ، دهشت من غرابة الموقف ، هديل تضرب على صدرها : شفيييييييك انتي مهبولة ماتطالعي قدامك؟
جمانة ببكاء وغير احتمال : والله العظيم اني قاعدة اموت من الالم ...خلي هيفاء تتصل على ناصر ولا سلطان من جد بموووت من الالم ...
هديل سحبت كرسي واجلستها : طيب اهدي اهدي بروح اجيب لك موية واجي..
جمانة بخوف : لا ...لاتروحي عني اخذيني معك...او خلي هيفاء تجيبه...
هديل بخوف وقلق ونبرة غاضبة : وش بلاه متعب اخوي مسوي بك شيء مخوفك ؟؟؟
جمانة تعض شفتيها ببكاء فور ان عرفت اسمه لتردف : لا ... بس مابي ابقى لوحدي...
هديل تتنهد وهي ترفع هاتفها وتتصل على هيفاء لتخرج هيفاء فورًا بكأس الماء وبخوف : بسم الله لا اله الا الله...شبلاك انتي الحين وش صاير معك؟
كانت تبكِي غير قادرة على نطق اي شيء ، عينا ذاك الرجل لازالت تحفر دواخلها وتصل الى صميم اعماقها ، لقد وصل الى قاع بحرها ، ولم يخرج ، لقد اصبح غريقـًا بداخلها ، وابت أمواجها رفعه الى شاطئها ، لتردف هديل : شكلها طايحة ... زين اني شفتها ولاكان راحت فيها...
هيفاء والهاتف بأذنها تنتظر صوت ناصر : زين زين يارب مابها شيء...*اجابها ناصر* ألو هلا ناصر.... تعال بسرعة اختك طايحة وشكل رجلها ملتوية... ايه...توها الظاهر طايحة...طيب...يلا
اغلقت الهاتف ونظرت الى جمانة : يلا انا بروح البس عبايتي وبجيب عباتك...*نظرت لهديل* خليك جنبها ليما اجي....
هزت هديل رأسها وهي تنظر لجمانة بريبة وتفكر بمتعب...تخشى بالفعل ان يكون متعب قد تعرض لها رغم معرفتها تماما بأن متعب لايمكن ان يخطأ بهذهِ الاخطاء التي لا تليق بصلب رجولته، وتدعوا من الله ان تخيب ظنونها






،



كان ينتظر خارج المستشفى بقلق ، يحترق بجحيم لايمكنه وصفه ابدًا ، من الصعب ان يدخل الدوائر الحكومية كالمستشفيات ، كانت خيبة امل له ان تمرض صغيرته ولا يقوم بخدمتها في ابسط حقوقها ، لذلك اضطر بمهاتفه مشعل ليقوم بمهمة نقل الوريف للمستشفى ، كان مسندًا رأسه للمقود والمطر يصطدم بزجاجة سيارته ، بينما منظفات الزجاج تتحرك بصعوبة على الزجاجة مما يدل على حاجتها للتزيت ، كان يتخيل منظر سقوطها بين ذراعيه وفقدانها للوعي تماما ، هروب اللون من وجهها وقد أصبحت صفراء تماما ، باردة ، نبضات قلبها غير منتظمة ، رفع رأسه ليفرك مقدمة رأسه ، ضغط على انفه من الاعلى وهو يدعو الله ان تكون بخير ، فهو لن يجازف خطوة واحدة بفقدانها ، متوترًا يعد الدقائق الوخيمة وكأنها ساعات لا تكف عن البقاء ورفض المضي ، رفع رأسه للاعلى ، خاطب الله ، طويلاً ....





داخل غرفة الفحص ، كانت تجلس على السرير ، استغربت ان الطبيبة ستعرضها على السونار ، بعد ان سحبوا جرعة من الدم ، ارتجفت طويلاً على السرير وهي لا تتخيل نفسها وحيدة او مريضة بورم خبيث في جسدها ، كل الاحتمالات خطرت على عقلها الا احتمال واحد ، كانت عينيها تنظر الى شاشة السونار ، اخر ماتتذكر انها سقطت بين ذراعي ليث لتجد نفسها مستيقظة في المشفى تضع الممرضة ربطة على مقدمة ذراعها لكي يقوموا بسحب الدم ، وهاهي الآن تقوم بفحص مهبطي بالاشعة المغناطيسية او مايسمى " بالسونار " للتحقق من هوية المرض الذي بداخلها ، شعرت بالقلق ، ثم نظرت للطبيبة تبتسم وتحدق في الشاشة وهي تحرك الجهاز على بطن الوريف ، ارتبكت من ابتسامة الطبيبة لتردف بانجليزيتها الطلقة : ماذا حدث؟
ابتسمت الطبيبة : انتِ بالفعل لاتملكي اي فكرة عما بكِ؟
وريف نهضت بخوف وهي تراقب الطبيبة : لا ...هل اصابني مكروه؟
الطبيبة وهي تحدق بالشاشة : هل بامكانك ان تنظري للشاشة؟
ادارت عينيها للشاشة ، لم تكن مستوعبة ماتراه ، شاشة سوداء احادية الالوان ، رحم تستوطنه قطعة صغيرة ، تسبح في قعره ، نفت كل مافي عقلها ، هرعت الدموع الى عينيها ، كانت الطبيبة تمسح بطنها من السائل اللزج الذي وضعته للتصوير ، تلقائيًـا وضعت يدها على بطنها ، كان شعورا مختلفا جعل قلبها ينبض بسرعة لتردف بهمسات متقطعة : هل...أنا...حـ..ـامل؟
ابتسمت الطبيبة : اجل... تهانيّ لك ...
هزت رأسها للطبيبة بغير تصديق وهي تستلم اول صورة لتلك الروح التي تسكن بداخلها لتسمع الطبيبة : تفضلي هذهِ صور التقطتها لجنينك ... انتِ حامل منذُ مايقارب شهر ونصف ...
هزت رأسها بغير استيعاب : كيف...كيف لم اشعر بذلك....
ابتسمت الطبيبة : لان جنينك في بداية تكوينه... جسدك الآن بدأ يعتاد على مرحلة الحمل... لذلك فقدت الوعي..
مسحت دموعها وهي تقف وتلم حجابها ، خرجت بسرعة للخارج لترى مشعل في الرواق ، شعرت بقلق ، شعرت بتوتر وخجل يضطرب بها ، مشعل كان يحدق بها بقلق ليسألها عما بها ، تمالكت نفسها وهي تغمض عينيها مردفة : حـامل... انا حامل مشعل....
فتح عينيه بصدمة يعيد الكلمة وكأنه رافض لسماعها : حـ...ـــامل؟؟؟؟ وريف انتي مستوعبة اللي تقوليه؟
وريف تهز رأسها لمشعل بقلق وصوت ملتهب من الخوف : ايه ...انا حامل من شهر ونص مشعل...
مشعل يمسكها من معصمها ويشدها الى زاوية منعزلة ويهمس بغضب : لاتطلعيني من طوري ....انتي من جدك اللي قاعدة تقولينه ولا تستهبلين؟؟؟؟
وريف بخوف تنظر لمشعل : مشعل شصاير...انا ماسويت شيء غلط...انا حامل
مشعل وعيناه تطيران بالشرر : حامل من شخص ممكن يموت بظرف ساعة ومايلحق على ولده....حامل من شخص مصيره ممكن يضر بحياتك طول عمرها...
وريف امتلأت عينيها بالدموع لتردف بغضب : مشعل انت وش قاعد تقوووول؟؟؟؟؟ انت من جدك الكلام اللي قاعد تقوله؟؟؟!!!
مشعل بغضب : طبعا من جدي اجل استهبل عليك؟؟؟ مازوجتك الا لما وصيت زوجك ان يتأجل موضوع العيال ليما يحل قضيته...
شعرت بصدمة تزورها ، غير مستوعبة لما يقال الآن ، رمشت بغير استيعاب وعبرتها مخبوءة في حنجرتها : مشعل انت مو قاعد تلعب معي؟؟؟ كيف اتفقتوا على شيء ماخذتوا شوري فيه....كيف؟؟؟؟
مشعل بنبرة غامضة : خلاص هالحين صار اللي صار...وانكتب اللي ربي كاتبه.... بس لو صار بك شيء او بولدك شيء والله يازوجك بتنزل عليه الويلات
وريف بقهر : الا مو هذا العشم فيكم....تفصلون الثوب وتبوني البسه؟؟؟ وكيف مالي خبر؟؟؟ عليك حق انت وياه....
مشت متجاوزة مشعل الذي استغرب مغادرتها ليردف : وين بتروحين؟
وريف بغضب وهي تلتفت ناحيته وتمسح دموعها : باروح بتكسي لين الفندق...رح وراه شرواه وفصل اللي تبيه زين...وتالي لا اتفقتوا تعالوا كلموني وصرخوا بوجهي وكأني انا الملام الوحيد...
خرجت مغادرة بينما مشعل يلحق بها ، ركبت التاكسي وغادرت بينما هي تنظر لليث ينزل من سيارته يحاول ان يتوجه لمشعل لكي يفهم سبب مغادرتها بالتاكسي ... ليث يقف امام مشعل : مشعل وش صاير ليه خليت اختك تمشي لوحدها؟؟؟
مشعل بنبرة غاضبة : ماكان لازم اوثق فيك.... الوريف حامل!!!!




،







ككلُ فتَاة ، تجربتها لم تفز بالحظ الجمَيل ، بارتباك وقلقْ ، من رجلٍ قد وصفه الجميع بالشهَامة ، بين هي تخشى ان تقع خشية للماضي القديم ضحية ، ارتبكت وهي تقف وتفرك يديها ، اغمضت عينيها وامالت شفتيها بقلق ، عضت شفتيها حينما شعرت بهِ يتقدم ، سمعت زغاريد عماته وخالاته وامه واخته غاده ، ابنهم الغالي الذي لطالما حلموا بأن يزف عروسًـا على عروس تليق بهِ ، غرزت اسنانهاا العلوية على شفتها السفلى ، التفتت لخلف حينما شعرت بقربه وهي تشعر بالحرارة ، علم تماما انها تموت خوفًـا ، لذلك ابتسم بوسامته الثلاثينية وهو يلفها ناحيته ، لكي يجعلها تبتعد عن الخوف للحظة واحدة ، ولكن بائت محاولاته بالفشل حينما لمحها تبكي بخوف وتمد اصابعها الرشيقة لعينيها تمسح الدموع ، احتضنها بقوة وقبل رأسها ، غرزها كشجرة خريف في متاهات الربيع ، ابتسم اكثر حينما شعر بنبضات قلبها تضطرب ، ابتسم حينما ابتعدت تدريجيًـا ومسح دموعها ثم مال ناحيتها وهو يهمس في اذنها : من بدايتها كذا دموع وحركات دلع؟ مسفر ماعنده صبر
رفعت عينيها ناحيته بخجل ، احمرت تماما حينما قبلها في جبينها وهو يهمس في اذنها : كيف حالك..
لاتعلم هل سمع صوتها حينما قالت " بخير" لكنها تجاهلت ذلك حينما اشغلها بيده التي احتضنت يدها الصغيرة ، والبسها دبلتها الألماسية بيده ، شعرت بدفء تفاصيله لتبتسم امام وجهه ، اتسعت ابتسامته حتى بانت صفة اسنانه البيضاء ، البسته دبلته ، همس مرة اخرى : ياجعل هاليدين ماتمسها النار...
هزت رأسها بخجل وهي تجلس معه على الاريكة ، تتمنى ان تغوص وتغوص داخل الاريكة بعيدًا عن العالم وعن انظار مسفر التي اخجلتها بالفعل ...
تقدمت غادة لتقبل شوق : حبيبتي شوق... ماتعرفي قد ايش مبسوطين كلنا بك... الله يحفظك ويحميك... بس ماله داعي هالخوف والتوتر كله...
شوق بارتباك تهمس لها امام ابتسامة عيني مسفر : شأسوي غصب عني...
مسفر ينكز غادة : انتي وش تبغين بزوجتي...لازم تخربين اللحظات...يلا انقلعي عطيني مقفاك...
ضحكت شوق على تعابير غادة : حرام عليك احمد ربك اني خليتك تسمع صوتها...
مسفر : جعلني ملح لذا الصوت بس....
قبل يديها ، وألبسها طقم الماس ، كانت خجلى من ان تنظر لعينيه ، لكنه نجح هذهِ المرة وجعلها تغوص مبحرة في عينيه ...تخلت لثانية واحدة عن الخوف...



،



كأن هناك مايهزه ، كأن رعد يصعقه ، كأن هناك من يدفنه في التراب ، كأن هناك من يجعله يسقط من بناية مرتفعة الى اخر طابق من الارض ، ماهذا الخبر الذي هزه من العمق ، سعادة عظيمة لم يستطع ان يخفيها امام انظار مشعل ، صغيرته تحمل قطعة منه ، ستكون كما في احلامه ، ام لطفله ، صحيح ان الظروف لا تسمح له بأن يكون أبًـا لأي طفل ، لكن الله سبحانه وتعالى جعل الخيرة في ذلك بأن يكون أب ... أجمل خبر تلقاه في حياته ، سعادة لا يستطيع وصفها للكون ، حمد الله تلقائيًـا حينما سمع بالخبر وكأنه للمرة الاولى يعيش ، واخيرًا وجد سببا عظيمًـا لكي يكافح لأجله ، لعينيها ، ولأجل الروح الصغيرة التي تسبح في رحمها ، لأجل عائلته الصغيرة ، لأجل امه واخوته ، لأجل الوطن الذي تركه ، ابتسم امام غضب مشعل ، ابتسم بشكل غير معقول وهو يهز رأسه : مشعل انت ماتستهبل صح؟
مشعل بقهر : انا وين وانت ويــــن...
ليث يبتسم بفرحة : يعني مايمدي أبارك لك بأنك صرت خال لعيالي؟
مشعل تلقائيًـا ابتسم وهو يتخيل ذلك : لاحووول...انا مو مجنني الا انت ووراعينك... احنا اتفقنا من قبل انك تأجل موضوع الحمل لبعدين...
ليث يربت على كتف مشعل : صار كذا بعد شنسوي ... امر الله...
مشعل بتأنيب ضمير : الظاهر اني ضغطت عليها كثير
ليث رفع عينيها بغضب : ليكون قلت لها ؟؟؟؟؟؟؟
مشعل : شأسوي.... انفلتت اعصابي وصارت هي الضحية ..
ليث بغضب يمسك مشعل من ياقته : يعني انت الا ماتخرب علي فرحتي...
مشعل يبعد يدي ليث عن ياقته : استهدي بالله ... ولاتزيد الطين بله...وضعك مايسمح ان يجيك عيال هالحين...بس شنسوي بك....خربتها على نفسك...
ليث بقهر ينظر لمشعل : انت قهرت اختك هالحين... وش بتقول هالحين يومها عرفت بأن حنا متفقين على تأجيل موضوع العيال ...
مشعل يمسح وجهه : لاحول ولا قوة بالله...كل حاجة تجي ورا الثانية...
ليث بغضب على مشعل : طول عمرك تفكر من خشمك...مدري متى بتشغل المكينة اللي براسك... تعبت وانا افهمك ان هذي انثى وما ينهجم عليها بمثل هالمواضيع....
مشعل شعر بالحرج من نفسه ليردف : خلاص لا تحسرني بعمري...الحين اروح البيت اكلمها ...
ليث برفض : اترك زوجتي الحين...انا بروح لها ... عندي وياها كلمتين راس...
ليث يشغل سيارته ويركبها ، مشعل ينظر لليث بتساؤل : وانا مع مين اروح؟؟
ليث يدير المقود وينظر لمشعل : دبر نفسك....
مشى ليث عن مشعل الذي رفع معطفه الجلدي على رأسه وعبر الشارع محاولا الوصول الى سيارة تاككسي عابرة بعد ان تركه ابن عمه واخته...









انتهـى ...
إلى الملتقى بإذن الله :$




 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 27-09-16, 05:24 AM   المشاركة رقم: 44
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 
دعوه لزيارة موضوعي




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..كيف حالكم حبيباتي؟
الآن قاعدين نعيش نقلة نوعية بالرواية ، فيه مواجهات خطيرة راح تبدأ من بعد البارت الـ 40 تقريبًـا ، راح تستمر الى المدى الطويل وراح تأثر بالرواية ، شيء من الممكن يغير وجهة نظر البعض اللي قالوا ان الرواية واقفة على رجوع ليث ، او واقفة على قصص الحب ، هذي مجرد 38 بارت ولم يعبر عن ماسيحدث بالرواية بعد...يعني اتمنى تكون نظرتكم طويلة للمدى البعيد وتكون نظرتكم اوسع من هالدائرة اللي حصر البعض الرواية فيها..
صدقوني ماراح تندموا من القصة لو قرأتوها...
وللناس اللي تنتظرني بكل اسبوع..اقسم بالله انكم جنّة هذِه الرواية..
وان معرفتكم هي اجمل شيء اهداني اياه رب العالمين..معرفتكم ووجودكم يسوى هالدنيا ومافيها..
سعيدة بتعليقاتكم معي بكل مواقع التواصل الاجتماعي
رسائلكم الايجابية على سناب شات..دعمكم لي ع الاسك..

وللي يسألون عن حسابي بسناب شات وانستقرام ..تفضلوا ..

snap : i_gaid
insta : i_gaid9








البـارت (38) :





كانتْ إذا ما حدَّثتني

أستثيرُ ركابَها

كيما ألاقي دفئها وسحابَها

كانتْ إذا ما عاتبتني

خلتُ أنَّ الأرضَ ضيقةٌ

وما من خيمةٍ عندي

لأطرقَ بابَها

ما أصعبَ الساعاتِ .. أذكرها

وأذكرُ لهفتي الكبرى

لتفتحَ بابَها

وإذا التقينا في ذُرى الآدابِ

لم نكتبْ من الأشعارِ ما يبقى

ولا يوماً كتبنا قصةً تُحكى

إذا أمْلتْ عليَّ كتابَها
كان موعدنا الضحى

وستائرُ الجدرانِ تعرفنا ضحى

والخوفُ ملحمةٌ من الماضي

كسرنا نابَها

كانت إذا ما جاملتني صدفةً

بين الرفاقِ أتيهُ من فرحٍ

وأدركُ أنني

لامستُ خارطةَ الهنا وقبابَها

ولمستُ رائحةَ الندى

وعصرتُ خاصرة الشذى

وسترتُ عورةَ لهفتي

لما دخلتُ حجابَها

كانت إذا ما أغضبتني .. وهي لمْ

تغضب كثيراً

كنتُ أرفعها على هُدُبي

لتتركَ فوقَ خارطةِ الخصامِ سرابَها

كنت أعشقها وتعشقني
وأحرسها وتحفظني

وأكتبها وتُلهمني

فأكتبُ فوق منتجعِ الرخامِ خطابَها

وقصيدتي الأولى لها

كانت نذوراً

يا أعادَ الله كل نذورها

كي أستردَّ شبابها

كانتْ .. وكم كانتْ

ولكني رضيتُ بقسمةِ المنفى لها

لما عذرتُ غيابَها




# لِـ : كريمْ معتُوق .







لازالت السمَاء رمادِية ، موشَحة بدَاء الغُروب ، تتركَ فينَا شعُور الخوف والضَياعِ في أواسطِ التيه ، كانت المَدينة مبللة ، انعكاسات الناس على الشوارع بدت واضحة ، صوت عازف الكمان يزُورنا من بعِييد ، لازال يجاهد المطر والبرد محافظًا على صوت الموسيقى التي بداخله ، ليسمعها الاف المارة اللذين يرمون له البقشيش من بعِيد ، صوت سائق تاكسي من بعيد يتشاجر مع الزحام الذي شلّ حركة الشارع بسبب قطة صغيرة وقعت في بقعة وحل ، اطفال يشدون أيدي امهاتهم رغبةً في حلوى البائع ، مشهد مضنِي كانت تراه بعينينِ دامعتين ، فارغتَان من الفرحَ ، كل تلك السلسلة التي مرت امامها جعلتها تشعر بأنها مخدُوعة وبأنها مجرد طفلة يتعمد الجميع توجيههَا دون الرجُوع اليها ، شعرت بانهاك جسدِي ، لم ترغب في الصعود بالفندق ، دخلت مقهى الحلوى ، اجتاحتها رائحة القهوة ورائحة البسكويت التي طُهيت توًا ، القهوة التي يحمصها البائع امام أعين الزبائن ، كانت طريقة مهمة لجذب انتباه المشترين ، جلست على طاولة تراقب غياب الشمس من بعيد وسط السحب الرمادِية ، وبرق يوبخ رجفة العالم ، كانت غائرة تراقب العالم تخاطبه بصمت ، غير مصدقة للروح التي تستوطن رحمها ، مدت يدها المُرتجفة على رحمها ونزلت دُموعها كالمطر المنزلق على زجاجة المقهى ، تنفست الصعداء لتمسح دموعها حينما اتى لها الجرسون يتقدم لطلب طلبها ، طلبت لها آيس لاتيه ، مع قطعتي كوكيز بشكولاته الهيرشي ، انغمست في صمتها وهي تراقب دبلتها الالماسية التي في يدها ، رفعت عينيها لتجده يجلس على الكرسي ، يرتدِي معطفه الجلدي الاسود ويستند على الكرسي ، اشاحت بوجهها عنه مبتعدَة عن هالة انظاره ، يحدق بعينيها يحاول جذبها الى هالته ، لكنها كانت مشتتة ، بالكاد رفعت عينيها لتسمعه يهمس : اسمعيني...
وريف تبتسم بسخرية : طبعًـا ...انت وياه تتفقون ولما يطيح الراس بالباس تبوني اسمعكم...كلكم ماتختلفون عن بعض...
ليث يبتسم لعنادها ثم يتنهد : معك حق بكلامك اللي تقوليه بس هم كان اتفاق مشعل معي به حق ...
وريف تعقد حاجبيها عقدة غاضبة وتبلل شفتيها : لاتنسى انو اللي اخل بالاتفاق ع قولتك هو انت مو انا...لكن بالنهاية انا اللي اكلت التهزيء من اخوي...
ليث ينظر لعينيها : لان لو ابو الولد حالته طبيعية ماكان خاله سوى اللي سواه بك...
رفعت عينيها بعينين مترعتانِ بالدموع ، وضع القرسون الكوكيز والقهوة ، لم تبالي بالقهوة ، اكلت للمرة الاولى قطعتي الكوكيز بشراهة ، وعينيها تدمعانِ امام انظارهِ المبتسمة والمندهَشة بذات الوقت ، وكأنها لم تكتفي حينما انتهت لتطلب القرسون قطعتين أخرتين ، احضر لها قطعتي الكوكيز لترفع رأسها للقرسون : هل يوجد شوكولاته بالبندق؟
ابتسم القرسون : بالتأكيد...هل احضرها لكِ سيدتي؟
وريف تهز رأسها وهي تحدق لابتسامة ليث : أجل من فضلك...
حينما ذهب القرسون بدأت تأكل الكوكيز وهي تتجاهل دموعها وتنطق بغيظ شديد : دائمًـا انا الضحية بقرارتكم...لما كانت فرحتي ماتضاهيها اي فرحة ...يصدمني قرارك انت ومشعل...
ليث يتنفس بهدوء وهو ينظر لعينيها اللوزيتين مزينتَان بكريستالات الدُموع : كل اللي ابيه اني ما اظلم عيالي وانا ممكن بلحظة اروح فيها...
وقفت اللقمة في حلقها وهي تنظر له بصدمة ، سعلت بقوة ليعطيها الماء ، شربت الماء دفعة واحدة ثم نطقت بغيض شديد : انت ماعندك اي ذرة امل ...كل اللي تتعامل معه مجرد اوهام ممكن تودينا لسهيل انا وياك...
ليث يمسك بيديها وينطق بصدق : بالعكس...انا اتكلم معك بالواقع
وريف تلتقط الشوكولاة وتبدأ بأكلها بجنون : الواقع؟ الواقع الخرا اللي انت ومشعل تتكلمون عنه هذا ممكن يخرب حياتي وحياتك اذا ماكنت متفائل برجوعك... وش الفايدة الكل متفائل برجوعك بينما انت تمشي ورا الواقع؟؟؟
ليث يحاول كتم ضحكته : انتي من جدك اللي قاعدة تسويه؟
لم تفهم كلامه وهي تكمل تناولها للحلوى بجنون : من جدي ايه..انا واضحة معك من البداية!!
ليث يضحك هذهِ المرة ، وهو يهز رأسه على جنون حالها : الظاهر ان الوحام بدا يطلع عليك من اول ماسمعتي الخبر!
انتبهت لنفسها وهي تترك الحلوى من يدها وتحدق في ليث بخجل ، بالفعل لم تشعر بذاتها ، هرمونات الحمل هي ماكانت توجهها بكل بساطة ، تنفست بغيض : الوضع طبيعي لاتخاف!
سحب كفيها ناحيته : طيب ممكن تهدي عشان نتفاهم؟
وريف تقف وهي تسحب معطفها وحقيبتها : مابي اتفاهم معك...ولا مع مشعل...خلوني بحااااااااالي ياخي...استغفر الله بس
رفع حاجبه وهو ينطق بغضب: اجلسي مكانك....لما اتكلم معك ممنوع تقومي...
وريف بغضب : وهذا انا قمت ايش بتسوي؟ ليكون بتجلسيني غصب بعد؟
ليث يحاول كتم غضبه والصبر على جنون غضبها المفاجئ ليردف محاولاً الصبر : وريف اجلسي...
وريف بغيض : تسوي سواتك وتبيني اسمعك بالغصب؟ ...اللي يجي بالطيب مايجي بالغصيبة...
غادرت المقهى ، خرج خلفها ، مجنونة من الممكن ان تفعل اي شيء الآن وهو لايريدها ان تتعرض للأذية ، مشى خلفها وهو يمسكها من معصمها ويلفها بقوة ناحيته وعينيها مليئتان بالغضب : وريف لاتختبرين صبري...
وريف تحمر عينيها بالدموع ، تبتلع غصتها الحارقة ، وهي تحدق طويلاً في عينيه تحاول عدم التكلم لكنها اردفت بصوت مخنوق بالغصة : اتركني يرحم والديك...مافيني طاقة اتكلم واحرق بأعصابي... ماراح ينفعك ولا ينفعني نتكلم هالحين ...
حدق بها طويلاً ، رغم انه لايريدها ان تذهب غاضبة وبدموع غصاتها ، الا انه اختار هذهِ المرة ان يتركها وشئنها كما تشاء ، فعل ذلك لأجلها ، لأجل مشاعرها التي قد هاجت لفجأة !


،





تجلس على سرير المُستشفَى بينما الطبيبة كانت تحرك قدمها ، صرخت بألم وهي تشعر بالفعل انها تموت من هذا الألم العصّي الذي اصابها فجأة ، عضت شفتيها حينما شعرت بارتخاء عضلاتها بعد تدليك خفيف من يدي الممرضة ، قامت بإضافة مرهم للعضلات وقامت بلف قدمها وشدها قليلاً ، جميع مادار بالمكَان لم يكنُ يهمها ، ذكرَى عينيه تبعث لجسدها الرعشَة ، عينانِ بحدةِ الحجر ، تخترقان اواسط روحها وكأنه يعيش فيها مسبقًـا ، وكأنه لم ينظر لعينيها اليومْ قط ، هناك مايجعلها تشعر بالجنون حينما تتذكر بأنها هذهِ المرة الثانية التي يصادف طريقها هذا الرجل المدعو بـ متعب ...
رعشة تشبه الموسيقى التي اوقفها نشاز الآلة ، ترتجف وسط السكون فجأة حينما تتذكر كيف كانت تلمح عينيهِ ، صوت بداخلها يُخبرها بأن هذا الرجل سيسببْ لها وسواَسْ ان لم تستجمع ذاتها ، خصوصَـا بأنها تكاد ان تقسم كونها غير طبيعية ، بالعادة حينما تصاب بأدنى خدش تتعمد النحيب والدلال ، هذهِ المرة كانت صامتة ، تبكِي بصمتْ ، ثم تمسح دموعها وتبتسم دُون وعِي ، أجل ... دُون وعِي ، أسيرة لظلامِ عينيهِ الحالكتِين وسط الظلمة ، رجل بعينينِ كعينينهِ يعلن عدم انهزامه لأيْ فتاة ، يعلن مدَى قسورتَه وقساوةَ قلبه ، يعلن مدَى تجاهله للصوت الذي يصدح في عقله ، يتجاهل عواطفه ارضاءًا لرجُولته ، وضعت فيهِ آلاف العيوب والحجج كي لا تفكر بهِ ، لكنها كانت غبية ، تدُوخ بمجرد تذكر عينيهِ ، تقدمت هيفاء ناحيتها وهي تبتسم : ها مكسورة زي ماقلتي ولالا؟
جمانة تبتسم بألم وهي تعضّ شفتيها : لا سليمة ..بس رضة...
هيفاء : ههههههههههههههههههه انا قايلة انك تحبين الدلع ... يالله خطاك الشر والسوء...وماعليك خلاف ...فيك حيل تمشين ولا اخلي اخوك يشقلك ؟
"يشقلك بمعنى يحملك"
ابتسمت جمانة : هههههههه لا وين...بعرج عليكم كم عرجة بس مو مشكلة ...يلا خلينا نطلع الحين اكيد امي حرقت جوالي من الاتصالات...
ابتسمت لها هيفاء : لاتخافي ناصر توه كلمها وطمنها...
جمانة تستند على هيفاء لتخرج امام عيني ناصر الذي تقدم واسندها على كتفه : ها ست جمانة ... وش طلع معك؟
جمانة تبتسم بمزح : مبروك انا حامل...
فتح عينيه بغضب على مزحتها السخيفة لتبتسم جمانة بخوف : ههههههه والله والله امزح...بس طلع معي كم رضة في رجلي والتواء بالكاحل...
ناصر يبتسم : ماوراك خلاف ان شاء الله... ها تامرين على كم بوكس يفقع وجهك؟
جمانة تبتسم : ابد اتركني سليمة ...امي بتقوصبك لو صابني شيء فوق ماجاني..
ناصر يفتح لها باب سيارته : قلنا لك امشي عدل وطالعي...بس الله يهديك..تطالعين من خشمك..
ضحكت هيفاء : هههههههههههه انت مستلم اختك هاليومين مدري شجايك... اقول يلا بس خل نمشي خالتي الحين ميتة القلق على جميين...
جمانة تبتسم بحب : ياجعلني فداها بس...



،




يُجرِي عدّة اتصالات ، يتحدث مع اكثر من جِهة معينَة ، هاجس من هواجسِه ، الحصُول على محامِية جيدَة للمتهم " ليث آل مالك " ، كانت هناك عدة مرشحات ، تركهنُ مهملات في القائمَة ، رشح له الدكتور وليد احدى المحامياتْ ، *جاكلِين* ، كانت مشهورة في هذهِ الفترة بحل قضايا كثيرة لأبرياء متهمين في حادثة 11 سبتمبر ، لم يكن بوسعه سوى ان انهى اتصال مع مدير اعماله واتفق على الحصول على موعد زيارة الى القصر ، خرج الى الباحة الخارجية ، ينتظر وصول المحامية ، تنهد طويلاً وهو يشعر بتوتر شديد جراء هذهِ الخطوة ، لكنهُ كان مُقدمًـا على الخطوة باصرار ، كان يدرس الموضوع بحذافيره ، خطوةً بخطوة ، نظر اليها تمشي من بعيد ، حينما استدارت تنظر اليه تجاهلها ، وابتسم للمحامية التي تدخل من بوابة القصر ، بحلة رسمية انيقة وشعر اشقر وعينين بلون البحر ، جميلة ، بجمال عروقها والمكان الذي تنتمي اليه ، دخلت وبلكنتها الانجليزية البريطانية كانت تتحدث معه ، حينما لاحظت انسجامهم في الحديث تدخلت سريعًـا وهي تتقدم نحوهما ، بعينينِ شاخصتين تبديان عدم الاعجاب ، حينما تقدمت ابتسم آدم يعرف المحامية جاكلين بـ هاجر التي تنظر للمحامية بنظرات حادة ومغتاضة :أعرفك آنسة جاكلين...زوجتي الآنسة هاجر...
تمد المحامية كفها لهاجر ، هاجر تبتسم بمجاملة دون ان تصافح : مرحبـًا بك ..
ابتسمت المحامية لآدم : هل نباشر بالعمل سيد آدم؟
آدم يهز رأسه ويشير الى الداخل : لطفًـا ... تفضلي من هنا...
دخلت الى الداخل امام انظار عينيها وهي تشتعل ، لم تعجبها نظراتها لآدم ، لم تعجبها فكرة العمل البتة ، اختنقت اكثر وهي تلحق بهما وكأنها مصرة على فعل ذلك ، توجهت الى الطاولة التي يجلسون عليها لتجلس ، شعرت المحامية بالاحراج من تطفل هاجر ومن تصرفها الطفولي ، آدم عقد حاجبيهِ ونظر اليها ببرود : وش له قاطة وجهك معنا؟
هاجر بغيض : ابد حابة اعرف وش يشتغل به زوجي المصون...
آدم بسخرية : اعتقد اني في محيط عمل حاليًـا ...مو ناقص حركات طفولية
هاجر تكتم غيظها الشديد وهي تنظر للمحامية بغير رضا : ومالقيت غير هالقشرة جايبها لي هنا؟
وكأنّ فكرة غيرتها اعجبته ، وكأنه شعر واخيرًا بغليانها ليستغل الموقف لصالحه ، ويبتسم وهو ينظر للمحامية التي غير مستوعبة مايدور حولها ببتسامة ، لتشتاط هاجر غضبًـا ويبين من ملامحها الجنون ليردف آدم بدفاع مصطنع : اولاً هي شقراء مو قشرة ... وشيء ثاني مالقيت محامية كفو وتسد اللزوم مثلها..
جاكلين تتكلم : سيد آدم هل بامكاننا المباشرة بالعمل ... لدي مواعيد اخرى ...
وكانت تحدق بهاجر التي فتحت عينيها بدهشة من تلك المحامية ، آدم يحبس ابتسامته وهو يطرح على المحامية القضية دون ان يذكر اسماء او اية احتمالات ، كان يراجع البنود التي قد تفيد قضية ليث آل مالك حسب المحكمة العامة الدولية للحقوق ، أخبرها بعض التفاصيل واستخدم القضية لصالحه دون ان تعلم المتهمين ، فقط استشارات قانونية منها ، هاجر بغيض تحدق في المحامية التي كانت تنظر لادم باعجاب ، يبدو بأنه شخص مثقف مطلع على معظم البنود الدولية وتلك الاستشارات كانت لرفع الستار عن بعض الثقوب الصغيرة ، لم تفت ابتسامة الاعجاب هاجر التي بالفعل كانت تغلي وتنظر بشكل غير راضي ومتوتر بينما آدم يبتسم بهدوء ويتكلم بأريحية واحترام مع المحامية ، هاجر قاطعت كلامهم فجأة : انت وش قاعد تخربط معها من مساعة ... ولا حلت السوالف؟ هذا شغل ولا جلسة تعارف...
المحامية رفعت حاجبها بغيض وهي تنظر لهاجر وتتكلم بعد صبرها على مقاطعات هاجر لها في الحديث عدة مرات : انا لا احب بأن اشير اليك بأن تصرفاتك طفولية وغير مهذبة ...لكنها بالفعل كذلك...
هاجر تفتح عينيها بغير استيعاب لكمية الغضب التي دخلت فيها ، تقف وهي تتخصر امامها وتنظر لعينيها وبانجليزيتها : انا طفولية وغير مهذبة ؟؟*بالعربي* جعلك الماحي اللي يمحي دماغك قولي آمين...ماناقص انتي يالعبدة تقعدين تنتقديني...حماااارة
آدم يمسكها من الخلف ويعتذر للمحامية : اعتذر مجددًا باسمي آنسة جاكلين...انها تمر بموجات عصبية في هذهِ الفترة...امهليني فقط عشر دقائق كي اتحدث معها..
جاكلين تبتسم وهي تنظر في عيني هاجر وبنبرة مقصودة : لا بأس...اتمنى ان لاتشقى في ذلك...
هاجر تفتح عينيها وهي تحاول ان تتحرر من قبضة يدي ادم الذي كان خلفها يدفعها للداخل، وبمجرد ان ادخلها امسكها بقوة وبغضب : انتي ايش قاعدة تسوين؟ طفلة انتي ولا ايش؟ متى بتكبري عن حركاتك هذي؟
هاجر بغيض ونبرة غضب مختلفة جدًا عن كل مرة : لا والله؟ انا اللي طلعت طفلة الحين... قاعدين تتقاززون كنكم طيور الحب ...
آدم يستغفر الله وبحدة : اعتقد اني انسان متزوج وماله داعي اقز بها وانتي عارفة هالشيء
هاجر بغيض : الحمارة كانت تطالع فيك...
آدم : هاجر انتبهي لالفاظك ولتصرفاتك الطفولية...انا في مجال عمل مو في مجال هبال ...ياتقضبي لسانك او تجلسي محلك فاهمة؟؟
هاجر بقهر شديدِ : يعني عاجبك الوضع الزفت اللي انت فيه؟
آدم يحبس ضحكته على غضبها ليردف : وضع ايش؟
هاجر تعض شفتيها بغيض : سوي حالك ماتفهم سيد آدم...
آدم يضيق عينيه ويصمت لفترة ثم يردف : لحظة؟ .....*اتسعت ابتسامته وغمز لها * ليكون هاجر هانم تغار علي بعد؟
هاجر ترتبك وهي تنظر له ثم تستجمع نفسها : اغار ؟ ليش اغار بالله؟ مابه شيء اغار عليه...بس وضعها زايد وهي تطالع فيك *وبقهر* هالعوجاااء...الطويلة المنتحلة...
آدم يهز رأسه وبأسف : أبد...لو اضرب راسك بألف جدار وجدار ماتتعضين وتقضبين لسانك...*توجه خارجًـا وقبل ان يخرج من الباب* اجلسي محلك لا تفشلينا قدام خلق الله وناسه بحركاتك الطفولية...
كان سيخرج لكنها كالمجنونة لحقته وهي بالفعل تشعر بأنها من المستحيل ان تقبل بجلوس آدم مع المحامية على انفراد لتردف بأسف مصطنع : آسفة والله آسفة اخر مرة...لحظظظظظة آدددددددم....


ابتسم وهو يلتفت لها وينظر لها ، وهو يرفع كتفيه بعجز واستسلام : وخالقك انتي مصيبتي بذا الدنيا وامتحان ربي لي.... الله يصبرني على جنونك...




،




تجلس امام التلفاز تشاهد فلم رومنسيًـا ذو نهاية حزينة ، كانت تبكِي بطريقة مضحكة بينما ملعقتها الصغيرة تغوص في آيسكريم الشوكولاته وتحشرهُ بجنون في فمها ، حتى هي لم تستوعب كيف لمزاجها ان يتاعب تلك الافلام التي لا تميل اليها البتة ، خصوصًـا وهي تبكي وتتفاعل مع الاحداث ، حتمًـا ستجن من الوضع التي هي فيه ، ربما ذكرى ليث واخيها أثرت فيها ، فهي لم ترغب بان ترى مشعل طوال اليوم رغم توسله لها على الهاتف من اجل التحدث اليها ، لكن ومن دون جدوى لم ينفع ذلك ، بحزن لوت شفتيها وهي تحدق تجاه البلكونة ، شعرت بحريق جنينها يشتعل في رحمها ، بمجرد ان تذكر والدهُ يزورها هذا الألم الذي يجعلها بالفعل لا تتخيل بأنها ستعود الى التحدث معه ، حينما سمعت الباب ، وقفت وهي تمسح دموعها ، توجهت لفتح الباب وهي ترى عبير ، عبير تنظر بصدمة لحال الوريف : الوريف؟؟؟شفيك ياقلبي ؟؟؟
الوريف تلوي شفتيها وتحتضنها وتبكي : مدري شفيني...حالي منقلب وماني قادرة استوعب نفسيتي...كرهت نفسي قسم بالله...
عبير تجلسها على الاريكة : بسم الله عليك ايش هالكلام؟ صلِّ ع النبي وماله داعي كل هالانفعالية ...اكيد انها وساوس ..
وريف ترفع كتفيها بعجز : يمكن من الحمل....
عبير تفتح عينيها بفرحة : قولي قسم؟ يوووووووووسف يدري؟؟؟
لم تستوعب بالبداية اسم يوسف على لسان عبير لتردف باستغراب : يوسف؟
انتبهت بأنها تقصد ليث لتهز رأسها بألم : يدري...
ابتسمت له عبير : اجل هذا الحال اللي بك من الحمل؟
وريف بعجز عن الفهم : حتى انا اقول...لان حالي مو طبيعي..صايرة عاطفية بزيادة ومشاعري تظهر بزيادة...يعني ماقدر اتحكم باعصابي...وابكي على اتفه الاشياء..
ضحكت عبير طويلاً : ههههههههههههههههه اكيد انك مطلعة عيون زوجك هالحين؟
وريف تعض شفتيها بحيرة : عبير لا تحسريني بعمري وتخليني اندم اني قلت لك!
عبير تضحك بابتسامة : طيب خلاص ...عموما لاتستغربي من وضعك الحمل بالشهور الاولى تنقلب فيه نفسية البنت...يعني ياحبيبتي لاتخافي...بس هم انتبهي لانفعالاتك لأن اي شيء انتي تحسي به يحس به طفلك...حاولي انك ماتعصبي حالك او تزعلي كثير...
حينما تذكرت ليث بلعت غصتها وهي تشيح بوجهها للبلكونة : هذا يعتمد على اللي حولي...
عبير : طيب ليه جالسة كذا ومتكدرة ؟ يوسف كلم فهد وقاله جب زوجتك عند زوجتي...الرجال ميت قلق عليك وانتي صادته...ولا ليكون تتوحمي منه؟ وماتطيقي ريحته؟
ضحكت وريف وهي تهز رأسه : هههههههههههههه لا ...بس مزاجي متعكر عليه ...ومو بس عليه حتى على اخوي...
عبير : طيب انا مابي اسوي تضامن نسائي معك لانه واضح انهم مزعلينك...بس بسوي المهمة اللي ارسلني زوجك لها... استهدي بالله الحين وريحي بالك ولاترهقي نفسك...بالليل كذا خلي زوجك يجي معك وتفاهمي معه...هالشيء يخصكم انتم الاثنين..
وريف تفرك اناملها وهي تحدق بكفيها : معك حق...
عبير : ولا تتنرفزين بسرعة ...تحكمي بانفعالاتك عشان اللي ببطنك...
وريف تهز رأسها : طيب..*ونظرت لعبير ببراءة * طيب انا مشتهية تشيز كيك من يدك هالحين؟ ممكن؟
عبير تبتسم بسعادة وهي تضحك : هههههههههههههههههه ياربيه عساااه ولد بس... واضحة العلامات...
وريف تبتسم : اللي يجي من الله حياه الله... اهم شيء يكون بصحة وسلامة ...بس ياليت تحسي فيه وتخلينا ناكل شيء نحلي به ونروق انا واللي في بطني..
ابتسمت عبير وهي تقف : من عيووووووني...
توقفت عبير بينما هي جلست تحدق بالبلكونة ويدها على بطنها ، لاتتخيل بأنها ستورث هذا الغائب ابنًـا ، قد يشبه ابيهِ في الغياب ، والعذاب ، وقد يشبهها في التضحية والقُبول ، ارهقها التفكير وهي تتذكر عيني ليث حينما لحق بها خارج المقهى مصرًا على الحديث معها ، كيف تحامل على مشاعره كي لا يؤذي مشاعرها ولم يزد اصراره في التحدث معها ، تركها لأجلها ، لكي تعود الى عقلها ، تنهدت تنهيدة طويلة حينما رأت رسالته تصدح في شاشة هاتفها :
" كل ماحسيت ضيقة بغربـتي ... أتنهد ، واذكر الله ثم اذكرك "

بلعت غصتها ولمعت عينيها بالدموع ، أطفئت شاشة الهاتف ، ونظرت للبلكونة ، هناك مايربطها بذاك الاتجاه ، وكأنها خلقت لتقودها روحه الى تلك البلكونة لتنظر الى الغائب من تلك الاماكن التي تفصلها المسافات القصيرة والبعيدة بذات الوقتْ ، حينما يلامس ملامحهم الغياب ، تصبح المسافات طويلة تشبه ابتعاد القارات عن بعضها البعض ، عليهم ان يعبرُوا محيطات العالم لكي يلتقوا .. اضائت شاشة الهاتف برسالة أخرى منه تعبر عن مدى رجاءه بأن تطمئن قلبه برد وخصوصا بأنه يعلم بأن حتى مشعل اخيها لم يستطع ان يتطمئن عليها :
" انا في عذاب...لاتزيديني عذاب..."

لم تتحمل ان تقرأ أي نص آخر منه ، اطفئت هاتفها بالكامل ، شاركت عبير وساعدتها رغم اعتراض عبير عليها وطلبها له بأن ترتاح ، لكنها لم تفعل ذلك ، كل مافعلته بأنها انغمست تأكل بجنون من تلك الحلوى ، وكأن هذا الطعم الحُلو يواسي حزنها ويبرد اللهيب الذِي بداخلها ، ...



،



كان يجلس متوترًا في المقهى الخارجي اسفل فندقه ، وامامه مشعل ، ينتظر منها ردًا لكنها تتجاهل محاولاته ، ضرب على الطاولة بغضب وهي يتنهد ، كره حاله وكل الاشياء التي يمر بها ،الحالة التي يجعله مضطرًا بأن يعيش بهذهِ الطريقه هو والوريف وطفله ،كانت حياته مرسومة في نظره بطريقة مختلفة تماما ، جنون يصيب عقله يشعره غير قادر على الاحتمال ، قلقٌ عليها ، يعلم انها في حالة نفسية غير جيدة وهذا مايجعله ييعيش قلقًـا غير طبيعي ، لايمكنه المجازفة بتكرها وحيدة ، خصوصا وانها لم تقبل بأن ترى اخيها ، لذلك اضطر لطلب فهد بأن يحضر زوجته ، نهض عاجزًا عن التفكير وهو ينظر لمشعل بألم : اختك بتجنني والله..خذها مني ...كلها سنتين وانا مابي عقل...
مشعل يكتم ضحكته : طيب استهدي بالله واجلس لاتتوتر..
ليث بسخرية : المشكلة اني ميت قلق عليها وهي ابد..ولاذرة احساس...
مشعل بـ ابتسامة : تلاقيها مو قادرة تتحمل وتبي تكلمك بس تبي ترد الموقف لي ولك...مو هين انها ماتدري بقرار مثل هذا...
ليث يتنهد ويشعر بالمنطقية من كلام مشعل : كلامك منطقي..ابي اتفاهم معها واكلمها ماهي جاية تعطيني فرصة...
مشعل ينظر لليث وهو يضحك : الحمدلله اني مو مجرب شعور حرق الاعصاب ومريح راسي...
يبتسم ليث : من عاب ابتلى يامشعل...
مشعل : الله يجيرنا ...المهم انا بمشي الحين مع اثنين من ربعي...انت تقهوى وروق بالك...واذا ماردت عليك لين الساعة 11 بالليل انا اعطيك الضوء الاخضر ...*اخرج بطاقة الشقة التي للفندق* واخذ البطاقة واقتحم...
ابتسم ليث : طيب...
ابتعد مشعل مغادرًا ، استند على الكرسي وهو ينظر لساعته ، الساعة الـ 8 مساءًا... امامه 3 ساعات لصبره ..بعد ذلك...سيضطر بأن يتحدث معها ولو قسرًا


،


فِـي مُختلف الثقافاتِ التي أعرفها ، كانت عينَاكِ هي التي تغزُو الشعِر ، كان صوتها يزلزلُ الأبجدِيّة حرفًـا حرفًـا ، كانت رموشَ عيناكِ تسُبل القصائِد الغزلية على الوَرق ، آهـ ..مُوجعة..لاترحم ، وليتها ترَحمْ ، علّ الجحيم الذِي اشتعل في صدرِي يخمدُ ناره ، عله يُصبح بردًا وسلامًـا بعد أن كان نارًا مُحرقة ، ليتنِي أعود إلى سابق عهدِي دُون هذيَانِي وانهزامي ، ليتنِي لم أعلن لقلبِي ضعفي أمام عيناكِ وانجراف بحارِي نحو شاطئكِ ، ليتنِي لم أرسي على عيناك ، كلما تذكرتِك يرتعش مافِـي صدري ويبدأ بالهذيان ، تُهاجمنِي حتى في نومِي ، تحرمني من الراحة ، تخترق حواجزي وجدرانِي ، كنت قد بنيتُ جدرانًـا سميكة ضد الانهزام لكل امرأة ، جدارًا أقوى لربما من جدار برلين ، لكنكِ اخترقتُهِ في ثانية واحدة ، وجهتِ سهامِك ورشقتها مباشرة هُنا في صدرِي ، زرعتِي بذورك الحارقة ونسيتي أن ترشيها بالماء ، تركتها عطشى تندُب الليل بالنهار وتهذِي بعودتكِ ، أستغفر الله من ذنبِ النظر الى عيناكِ ، أستغفر الله من كل صدفة جمعتنِي بك وجعلت منِي رجلًا هاذيًـا بك ، أنت تلك الذنوب التي ألبستنِي خطايا الهزائم وجعلت مني عيناكِ آثمًـا ، حرقتنِي ألسنة اللهب برجُوعك بعد ان حاولت نسيانك ، أشعلتي النار ولم تخمديها ، متباهية بأن الله خلق لكِ حُسنًـا وأحسن صنعك؟ هل تجحدي النعمة التي أنتِ فيها وتعذبي رجلاً لايملك سلاحًـا سوى رجُولته؟ لقد ضعت في ردهات الطريق ، لم أعلم أيّ وجه سأذهب بها .. باختصار...حينما رأيتُ عيناكِ ..ضاعت كل اتجاهاتِي!

فتح ازارير ثوبهِ بضيق بعد ان عاد من العمل ، استنشق هواء يشعل بأنه حارقًـا ، كان مرهقًـا بالفعل امام انظار الجميع ، فيصل أخيه يجلس بجواره بعد ان دخل خلفه ، ابتسم لأخيهِ الذي كان يجلس بتعب وشرود وحقيبة العمل امامه مفتوحة في الطاولة ليردف فيصل : متعب ياخوك وش بلاك ؟
متعب بارهاق : مابي شيء انا بخير...
بو فيصل ينظر لعينيه وبغير راحة : انت وراك بلى...لك يومين ووجهك متغير وحاس ان وراك علم...قل يابوك ريح قلبك ..
متعب يضغط على مقدمة رأسه بتعب ثم يردف لأبيه : لو بي شيء كان قلت...
جده ينظر لأبو فيصل: وانت بتسمع كلام ولدك؟ لو عليه ترا مانطق بحاجة...بس انا اعرف كيف اجيب علومه
متعب يحدق فيهم بعجز وهو يتحوقل : لاحووول...
فيصل يضحك : متعب ترا ابوي وجدي معهم حق ...حالك مقلوب وهالحين لو شافتك امي بذا الحال بينشغل قلبها زيادة ..صار لها يومين تقولي شف اخيك...
متعب يبتسم بهدوء وهو يتقدم ناحية الطاولة ويخرج الاوراق التي فيها ويراجع بعض قضايا السفارة للمبتعثين والمغتربين من كل انحاء المملكة ليردف لوالده : يبه شفت اخر الاوراق اللي وصلت لنا؟
بو فيصل ينزع شماغه ويضعه على طرف الكنب : لا ماتفحصت بريد السفارة اليوم...اليوم انت وفيصل اشتغلوا عليه...
متعب يبتسم بهدوء لجده الذي يرفع حاجبيه بغضب : تبي تغير الموضوع يالهيس تفكرني مادري بعلومك..بس انا اوريك
متعب يضحك : ههههههههههه حتى لو بي شيء انا روقت هالحين منك ...الله يبقيك يايبه ..لاتشغل بالك ..حبة راس ويطيح اللي براسي
فرز الاوراق ولملم بعضها ، ثم اعطاها والده ليردف : يبه خذ هالاوراق راجعها مع الادارة ...ووقعوا عليها خلصوها ...عشان عندنا دفعة ثانية مع البريد..
بو فيصل يستلم الاوراق : خلاص رح انت واخيك شيكوا ع البريد والباقي انا احله...

غادرهم متوجهًـا الى غرفته ، نزع ثوبه وملابسه ورماها على السرير ، توجه الى دورة المياه ، ليستحم ، بالماء البارد ، لعل الذي في صدرهِ يبرد ، دون ان يهاجمه هاجسُهًـا ..





،
















وَقفتْ المُحامِية ترتب أوراقها وتضعها في رزمة واحدة في حقيبة عملها ، وهي تحدق لآدم بابتسامة ، لسَان هاجر الذي من المفترض ان يسكتْ بعد تهدِيد آدم لها الا انها لم تحتمل عدم مقاطعتها بين الحِين والآخر ، وقف ادم لتقف هاجر تلقائيًـا معه ، مدت المحامية يدها لهاجر لكي تصافحها ، هاجر حدقت فيها بغضب ونظرت لآدم لتمد يدها بغيظ شديد وهي تبتسم بمجاملة واضحة : أتمنى لكِ عمل لايعيدك الى هنا عزيزتي المحامية...
ضحكت المحامية بغيض من هاجر لتردف لها : لاتقلقي عزيزتي هاجرًا ..*ثم حدّقت بآدم* أظن ان عملنا القانوني لن ينتهي بهذهِ السهولة...
هاجر بغيظ لم تحتمل وهي تعض شفتيها : انتهى عمرك جعل مالك عمر...قال قانوني قال...عساهم ينفخوا قانون موتك...
آدم يمسك بهاجر حينما لاحظت جاكلين ان هاجر بدأت تتحدث بالعربية وبالتأكيد انها تتحدث بطريقة غير لائقة خصوصا وان آدم بدا محرجًـا وهو يمسكها ويهمس بأذنها بغضب : وعدك بعدين...
نفضت يدها من آدم وهي تحدق فيه بغضب وقهر شديدِين : وعد ايش؟؟؟ جالس لي مع هالمومياء وتهددني بعد...
شد بقبضته على يدها لتصمت من الالم ، رافقوا المحامية للخارج من حديقة القصر ، حينما اغلق آدم بوابة القصر التفت ناحيتها وعينيه غاضبتين ، ارتجفت هي ، رجعت خطوات للخلف كبداية لهروبها ووسيلة للدفاع ، لكن آدم شدها ناحيته بقوة لدرجت انها ارتطمت بصدره ،تنهد آدم وهو يحدق في عينيها التي اخفضتهما ليردف : عاجبك يعني اللي سويتيه؟
هاجر وهي تتحامل على غضبها : الحمارة شوي وتطلع عيونها وهي تطالع بك...اكيد بستجن...
آدم يمسك بكتفيها ويحدق بعينيها طويلاً : مالك دخل فيها تولي ...هذا راجع للبيئة الزفت اللي عايشة بها...طالعي فيني انا...وشوفيني لو خنت الثقة وطالعت بغيرك يازوجتي المصون... وبعدين وش يعجبني فيها كلها على بعضها كراعين...
ضحكت هاجر بفرحة : ههههههههههههه يعني؟
آدم يسندها بالجدار ويحدق بعينيها : يعني ياست هاجر...بلا من حركات المكابرة واعترفي باللي قلبك مايقوله...
هل تفضحُنِي عيناي؟ هل تتحدث بصوت قلبِي وانتَ له منصتٌ وسامع؟ هل بانت عليّ تفاصيل الغيرة والجنُون؟ هل لمحت تخبطي بين الحديثْ؟ هل اعترف؟ آدم؟ انصت الى صوت عيناي ..سترى بأن تلك الفتاة التي تغادر شبابيكك دائمًـا ما تلتفت خلفها تودّ العودة لكن كبريائها لايكبح جماحه ، هل تعلم أنّك أجمل هدية أرسلها الله لِــي؟ هل تعلم اني ارسمك على سطح الماء وأرى صورتك على قهوتِي الطافية؟ هل تعلم بأني أحتضنُ وسادتك ليلاً وأهذِي باسمك ؟ وأعدّ النجُوم طويلاً لكي لا أنسى بأننا ننظر للسماءِ ذاتها ، هناك صوت في قلبي أخشى ان أسمعك اياه ، هناك كلمات تأبى أن تبوح بما داخلها ، لأنني ومع الأسف لم أحلك بعد ، لازلت أتسائل عن ماضيِك ، وحاضرك ، وماهيّة مشاعرك ناحيتي ، هل تلومني؟ لقد اتيتنِي من المجهول وعذّبت قلبي في سرابيل الهوى ؟ ، هل تلومني الآن ان أصبحت اكثر النساء تناقضًـا في هذهِ الحياة؟ هل أبوح لك بسر؟ أنا منذُ اللحظة الأولى التي رأيتُ فيها عيناك ..سمعتٌ تخبطًـا غريبـًا في قلبي ، شعرت بأشياء غريبة تدخل الى روحي وجسدي ، ورعشة غريبة تزورني في كل ليلة ، دفئك هذا ودفء قربي منك يجعلني اكثر الناس جنونًـا بك ، أعتذر...لأني غير مستعدة للبوحِ الآن...لأني لا اتنازل بمشاعري بينما انا لا اعرف مشاعرك نحوي...

ابتعدت عنهُ قليلاً وهي تتنهد بتنهيدة طويلة وتبلع غصة خانقة لانها تشعر بأنها جارحة : انت مهووس بأني فعلاً أحمل مشاعر ناحيتك بينما هذا شيء مستحيل... انا تزوجتك زواج اللي "خذوه فـ غلوه " ... فلا تتوقع اني ممكن اهوجس بك ..الغيرة بالمرأة فطرة...لاتعلقها بالمشاعر...واعتقد انها شيء من حقي في النهاية..
ضيق عينيه غير مصدق وهو يرسم شبح ابتسامة ساخرة : وهل تعتقدي اني بالفعل متيم بك او مهووس بك ؟ لاتنسي ان الزواج اللي جمعني بك هو ظرف اجباري...يعني انا مُجبر على احتمالك يازوجـــــــتي!
شددّ على الكلمة الأخيرة ، لقد انقلبت الطاولة على رأسها ، بلعت غصة وخيمة ، كانت هي من ستجرح ، لكنه جرحها بكلماته ، الذي في صدرها مجنون الهوى به ، يحتضن تفاصيل رائحته ، يحتضن كل التفاصيل التي عاشتها معه منذُ اللحظة الاولى ، كل ما نفتهُ بجملته هو صحيح ، هي مهووسة بهِ ، وغيرتها سببًـا لجنونها به ، وتعلقها السريع برجولتهِ الشهمة ، لكن ماجعلها مجروحة بضمير هي انها اعتقد للحظة واحدة بأنه يبادلها المشاعر ، شرخ عميق في اصل انوثتها ، اهانة عظيمة وصفعة تعلقت بها ، رغم انها وجهت الاهانة ذاتها على آدم ، لكنها لم تلاحظ انه تأثر بالفعل كما تأثرت هي الآن ، وعدم مبالاتهِ تلك هي دليل على صحّة كلامه بأنه لايفكر حتى بنسبة صفر بالمائة ان يفكر بها ، دمُوع لمعت في عينيها ، حرارة اشتعلت في صدرها ، حريق لم يخمدهُ آدم برماد كلماته الحارق ، استجمعت نفسها وهي تنظر له وبسخرية نطقت : حلو...اذا الاثنين متفقين بأن ولا بنسبة واحد بالمية ممكن يبادل الاخر اهتمامه..
آدم يرفع حاجبيه لهذهِ الانثى التي لاتشعر بأية مشاعر ، يقسم بأنه لايفهمها ، مرة يشعر بأنها مهووسة به ، وهذهِ المرة شعر بأنها مجردة من المشاعر ، ابتسم وهو يدوس على جروحه بقسوة : ولا حتى بنسبة صفر بالمية...
عضت شفتيها تحبسُ دموع رهينة في عينيها ، اختنقت بالعبرة ، غادرته ، قابلته بظهرها ومشت عنه بدموع ، دموع نزلت على سطح وجنتها ، يعاكس المنظر الذي يراه لقفاها ، كان يرى وقفة واثقة وغير مهزوزة للكلام الذي وجهه لها توًا ، حتى وان لم تشعر بشيء ناحيته ، هي لم تبدي أي تأثرًا ، لايعلم بالحريق الذي يجتاح وجهها الآن والشهقات المكتومة في وسط صدرها ، مجرد دموع تخرس صرخة مذبوحة داخلها ، بينما هو شعر بجرحها له ، كيف كانت تنطق بتلك الكلمات بينما هوو آملًا بأن تعترف ، حتى وان كان هذيانًـا فهو قد عاشه ، محتملاً بأن هذهِ الفتاة الرقيقة تحمل قلبًـا رقيقـا ، لكن الذي اكتشفه الآن ، كلاهما يملكان قطعة جليد يصعب ذوبانها في صدرهم ، وضع يده على صدره وهو يتنهد : لاتضعف..لاتعشق...سوي اللي انت جاي عشانه...انت اكبر من انك تضعف لبنت ماتبدي أي اهتمام عشانك...





،



مرتَ تفاصيلُ العقد بكل بساطة ، ياسر عقد على مهره ، مهره التي لا تدرك أي شيء ، يقع عليها حكم الجاهل ، لذلك ناصر هو من كفل امر الموافقة ، اسبوع منذُ ان تم العقد ، ياسر لم يزر ناصر ولم يرى مهره ولا مهاب ، كان يحتمل اي شيء قد يصادفه ، حينما تسمع الخبر الذي من الممكن ان تنساه عشرون الف مرة ان لم تسجله في هاتفها او في دفترة ملاحظاتها او على الجدار كما تفعل ، اعتاد ان يراها تخرج احيانا من غير حجاب غير مدركة للوضع الذي هي فيه ، يتدارك مهاب الوضع باحراج وهو يدخلها للخارج ويلبسها الحجاب ، يغض النظر طويلاً حتى لاينظر لها ، لكي يشعر براحة اكثر اختار ان يكون زوجًـا لها ، وخصوصا بأنه قد بدأ يعتاد على فكرة مرضها ويشعر بأنه يستطيع ان يساهم في حل العقدة التي بها ، ناصر هاتفه قبل عدة ايام يخبره بأنه من المفترض ان لايأتي كي يستطيعوا اخبار مهرة بأمر الزواج وان يجعلوها تتقبل الامر ، طوال الاسبوع ينتظر اتصالا واحدا من مهاب وناصر ، اليوم ومن حسن حظه بينما هو يمشي في الاسواق الشعبية بمدينة كامبريدج ، هاتفه مهاب واخبره بان ياتي لرؤية مهره ، عاد مسرعًـا للفندق ، استحم ، وهاهو الآن في سيارته يركنها امام الكوخ ، نزل بهدوء وهو يرى ناصر ومهاب امامه ، ابتسم لهم : السلام عليكم...
ناصر يصافحه : وعليكم السلام...
جلسوا في الباحة الخارجية للكوخ المزينة بمظلة وطاولة خشبية وكراسي من ذات الخشب المعد ، ناصر يتنهد براحة : خبرنا البنت والحمدلله بالبداية معترضة بس شوي شوي لما مهاب كلمها بدت تتقبل الفكرة ..
ياسر يبتسم : حلو...انا بلغت ابو مهاب عن الزواج...ولو ما قرار منعه من دخول امريكا ولاكان دخل وكان شريك لك بـ هالشيء
ناصر يبتسم : حلو الله يتمم لكم كل خير...
مهاب يشير الى ناصر بعينيه ثم يقف : يالله انا بمشي هالحين مع ناصر متواعدين مع رجال... البنت داخل..
ابتسم ياسر : طيب..

غادرا كلاهما ، بقي هو على الطاولة ، وقف وتوجه ناحية السور يراقب المكان ، لمحها هي من الجهة الاخرى بوشاحها الزهري تلم ذاتها، تفرك كتفها الايسر بكفها اليمنى محاولةً التدفئة ، شعرها يحركهُ الهواء ، غازيـًا كل ذراتها ، بدأت تستجيب للعلاج ، اصبحت افضل ، تأتيها نوبات نسيان عظيمة احيانًـا الا انها تصبح افضل وافضل بعدها ، تنفس الصعداء وهو يمشي على الارض الخشبية في بهو هذا الكوخ ، كان صوت حذاءه يسمع على طرق الخشب ، التفتت تلقائيًـا ليراها ، عينينِ هادئتين تراقبانه ، انهُ هو الذي اخبرها ناصر عنه كل ليلة ، كي لاتخطأ وتخرج دون حجاب ، وهاهي الآن تقف امامه بحكم انها زوجته ، بهدوء وبغرابة كان اللقاء الاول لهم كزوجين ، من اغرب اللقاءات التي حصلت ، وقف امامها تماما ، قصيرة امام بنيته ، تراقبه بهدوء دون اي ردة فعل ، ابتسم يمد يدهُ ليصافحها ، تلقائيًـا صافحته وهي تبتسم لتسمعه يردف : زوجك المستقبلي..
مهره تضحك بهدوء : زوجتك المستقبلية...
صمتت قليلاً وهي تشيح برأسها ثم اردفت : الفاقدة للذاكرة...
ياسر يستند على السور وهو يبتسم : اللي بدأت تتحسن !
مهره تهز رأسها : صح ...ماننكر هالشيء..
ياسر بابتسامة : ايه كيف حالك؟
مهره تضحك من سؤاله : حالي ؟
ياسر يبتسم لضحكتها : ايه حالك؟
مهره تزم شفتيها ثم تردف : بخير...بدون هالمقدمات... وش تبي من هالزواج؟؟؟؟
ياسر رفع حاجبيه من صراحتها القوية ومن قوة منطقها ، دُهش ليردف مبتسمًـا بدهشة : ماتوقعتك تكوني قوية من النقاش الاول لنا...خالفتي توقعاتي..
مهره بابتسامة ثقة : بل تفوقت عليها...كنت تتوقع ان الانسان المريض بالذاكرة هو ضعيف شخصية..
ياسر عيناه تبتسمان وينظر للفتاة التي تقف امامه تراقب المدى البعيد وهي قوية الى تلك الدرجة ، ابتسم : الافضل لك انك تبقين قوية كذا..
مهره ترفع حاجبيها : ممكن انساك الف مرة..بس مش ممكن انسى ثقتي بنفسي..
ياسر بإعجاب من منطقها يرفع حاجبيه : كل مرة تبهريني اكثر واكثر...
مهره تبتسم بصمت دون ان تنظر اليه وعيناها منشغلتان بالمنظر البعيد لتردف بسخرية : مو محتاجة ابهر احد...هالشيء لنفسي..
ياسر يبتسم : بدون خلاف..
مهره تضيق حاجبيها وهي تلتفت نحوه مكتفة يديها واقفة بانتصاب وثقة : صحيح؟ انت ليه اخذت بنت من الممكن انك ماتتحملها؟
ياسر يبتسم : كلامك خطأ...لو ماتحملك مااخذتك..
مهره ترفع كتفيها وبصراحة تبتسم : ظني بك منت بمجبور تتحملني...
ياسر : ظني بنفسي اني انا اخترت اتحملك...وبعدين تعالي؟ انتي ليه تعتقدين انك مشكلة حتى نتحملها؟ *وبممازحة لطيفة* ممكن اكون معك في نعمة
مهره تضحك بسخرية : نعمة نسياني؟
ياسر يبتسم : نعمة وجودك...
رفعت حاجبيها ، قلبها تسارعت نبضاته بشكل غريب ، نسبة الادرنالين كانت سريعة بشكل غير معقول ، ياسر يعالج فتاة تناقض الثقة بـ اللاثقة ، الكثير من المرضى لايتعاملون مع امراضهم بثقة ، مما يزيدهم مرضـًا ، قضية مهره ماسة جدًا الى كل من يفتقد الثقة ، رغم ماتعانيه من نسيان وتيه وضياع الا انها تبدو واثقة من ذاتها وكأنها شخص طبيعي ، حتى ياسر الذي ظن بنفسه بأنه سيبذل المستحيل من اللقاء الاول فاجئته بهذهِ الثقة والثبات وكأنه يتحدث الى اي فتاة طبيعية لايمكن ان تنسى...حتى نسي للحظة ما انه يتحدث مع فتاة قد تدخل الى الداخل وتخرج وهي تنسى كل شيء ، النعمة الموجودة في البعض هي نقمة لدى البعض ، او ان البعض لايستطيع ان يتصرف مع مرضه بالطريقة الصحيحة ، ربما يعاني طويلاً حتى يجابه الشبح الذي يعيش في رأس مهره ، الا انه وثق الآن بأن مهره هي المحارب الاول لما بها ، وانه الشخص الاخر الذي سيساندها مهما كان الثمن غاليًـا ..


،


يفتح هاتفهُ ، الحادِية عشر، دُون اي رد منها ، كم اصبح الجو باردًا في هذا المقهى الخارجي ، تنهد طويلاً وهو يراقب هاتفه ويضع الف سبب لكي يمنعهُ من الذهاب اليها ، لكنهُ لم يجدْ ،خصوصـًا حينما غادرت زوجة فهد قبل نصف ساعة ، مضطر لكي يتحمل المشاق الطويلة ليأمن له ولزوجته ولطفله حياة كريمة ، فلا يقال للحياة التي يعيشها الآن بالحياة الكريمة ، الغربة والتشرد ، والايام التي كان يجُوع فيها دُون ان ينقذه فيها احد ، الايام التي اضطر فيها ان يعمل في المطاعم والمقاهي،ويغير مقر عمله بين الشهر والآخر حتى لايكشف، كانت ايام صعبة طويلة ، لكنها انقذته برصيد عالٍ في البنك ، يتزوج الآن لكي يقضي على وحدته ، يعلم بخطأه حينما تسرع بموضوع الطفل ، لكن الله لم يرسل هذا الطفل في رحم زوجته الا لحكمة لايعلم بها الا هو ، وهو يثق تماما بحكمتِه تعالى ، صحيح ان الحياة التي سيعيشها الطفل مليئة بالخوف ، مليئة بالاكاذيب، لايتخيل بأنه سيضطر بأن يكذب على ابنه بهويته ، سيكذب عليهِ باسمه ، حتى لايخطأ طفله بنطق اسمه امام العامة ، كي لايفشي سر والدهُ ببرائته دون ان يعلم بأن مافعله سيضر ابيه ، هذا اذا لم يحل موضوعه الى الآن ، لذلك هو يرى العلاقة معقدة وكثيرًا بينه وبين الوريف ، ومعها حق ، بينما هي تفرح بأجمل الاخبار التي تلقتها عن طفلها منه ، هو يشعر بالقلق الشديد من هذا الطفل ،وقف بهدوء وهو يرتدي معطفه الجلدي ، قطع الشارع متوجهًـا نحو الفندق المقابل لفندقه ، وهو الفندق الذي تعيش فيه ، عرفه الحارس وسمح له فورًا بالدخول ، توجه نحو الاعلى بسرعة ، يعد الدقائق التي ستنقضي ، وقف امام الباب ، لايعلم لماذا تذكر اول مرة دخل بها الى هذهِ الشقة ، ابتسم للحال الذي وصل اليه..سبحان مقلب الاحوال...من حال الى حال ، كيف كان يدخل الى هذهِ الشقة باسم يوسف ، دون ان يعرف هويته الاصلية مشعل ، لكنه الآن ، اصبح مكشوف الهوية لهذِين الاثنين ، كثر من يعرفون هويته ، لكن بقيت برائته رهينة لخبايا العالم ، رنّ الجرس ، واسند رأسه على الجدار الفاصل بين الباب ، سمع خطواتها تقترب وهي ترى بالعين ، ثم تفتح الباب ، كانت تنظر لعينيهِ بعينينِ والهتين ، عينينِ مليئتان بشوق الافصاح والفرح ، الثرثرة الانثوية اللذيذة التي افتقدها منذُ تلك الليلة حتى الآن ، ابتسم وهو يدخل الى الداخل ويغلق الباب ، قبل جبينها ، كانت هادئة على قُبلته ، توجه معها ناحية البلكونة الخارجية وهو يقف مبتسمًـا ويديها تغوصان في يدِه ليردف : ليه تتعبيني كذا؟ تعرفين قلبي مايقوا بعد...يكفي العذاب اللي انا فيه..
شتت عينيها عن مجال عينيهِ ، ثم اطلقت زفيرًا لتردف : لان صدمتني ردة فعلك..خصوصا واني كنت مبسوطة كثير بالخبر بينما انت ومشعل كنتم على العكس..
ليث يحدق في بطنها ثم يبتسم وهو ينظر لعينيها : شيء طبيعي ياوريف..انا ومشعل مانفكر بعاطفة..قاعدين نفكر بالاشياء اللي راح تتغير في حياتنا ..راح نواجه صعوبة اكثر في حماية الطفل وحماية انفسنا..لو انا وضعي طبيعي مثل اي رجال..صدقيني لايمكن اني اخليك تعيشي هالشيء...بس هذا اللي ربي كاتبه لي..
تقدمت ناحيته وهي تنظر لعينيه بصدق : انا من البداية قلت لك..لو بتروح بجحيم..انا بمشي معك...انا معك ع الحلوة والمرة ياليث... لاتفصلني من هالشيء..لاتبعدني عنك في سبيل حمايتك لي...انت تقهرني وتقهر نفسك.. اللي ابيه انك ترجع...مو انك تحميني...
هز رأسه رافضًـا الفكرة تماما : وكيف تهون علي رجعتي وانتي وولدي ممكن تكونوا في خطر؟ وريف مستحيل اقبل اني ارتاح على حساب تعاستكم...
وريف تهز رأسها ايضًـا بعدم قبول : لاتفصلنا عنك..اي شيء انت تمر فيه احنا نتحمل نمر فيه.. احنا بالنهاية عائلة وحدة..
ليث يربت على كتفيها ، يرفع ذقنها ووجهها لمستوى وجهه ويردف : مستحيل ومن سابع المستحيلات اقبل اني اخليكم تعيشوا في خطر على حساب قضيتي...ماكنت حاسب حساب الطفل...بس ربي رزقني به..هالحين اللي ابيه منك انك تطاوعيني بكل كلمة اقولها لك...
عقدت حاجبيها : ليث شفيك؟؟؟ شصاير؟؟!
ليث يبتسم لها وهو يحتضنها ويمسح على رأسها ، ذعرت وهي بين ذراعيه ، ذعرت وكأنه يهديها لحظات الوداع ليردف وهو ينظر لعينيها : جى الوقت اللي ترجعي به السعودية...






انتهــى ...الى الملتقى بإذن الله :$


 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 27-09-16, 05:37 AM   المشاركة رقم: 45
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 
دعوه لزيارة موضوعي










السلام عليكم حبايبي... البارت واخيرا خلصنا منه ، البارت عبارة عن مدخل بسيط لـِ البارت 40 ، يعني لاحد يستعجل ع الاحداث...صحيح انه فيه احداث كثيرة...بس التطورات كلها من بعد هالبارت..ومثل ماوعدتكم راح تنصدمون من الاحداث...ويمكن تعترضون...ويمكن تأيدون..بس بالنهاية انا مشيت على خط معين بالرواية..وراح اكمل عليه..
شكرًا من القلب لكل من ينتظر... ودي احط رسائلكم الموجودة بسناب كلكم..
بس راح اتركها لبعد هالبارت...
انتظر تعليقاتكم بشغف...


قراءة مـــمتعة..:$







البـــارت (39) :





أحرقـي في غُربتي سفـني

ا لاَ نّـني

أقصيتُ عنْ أهلي وعن وطني

وجَرعتُ كأسَ الذُّلِّ والمِحَـنِ

وتناهبَـتْ قلـبي الشجـونُ

فذُبتُ من شجَـني

ا لا نني

أبحَـرتُ رغـمَ الرّيـحِ

أبحثُ في ديارِ السّحـرِ عن زَمَـني

وأردُّ نارَ القهْـرِ عَـنْ زهـري

وعَـنْ فَـنَني

عطّلتِ أحلامـي

وأحرقتِ اللقـاءَ بموقِـدِ المِنَنِ ؟!

ما ساءني أن أقطَـعَ ا لفلَوَا ت

مَحمولاً على كَفَني

مستوحِشـاً في حومَـةِ الإمـلاقِ والشّجَنِ

ما ساءنـي لثْمُ الرّدى

ويسوؤني

أنْ أشتري شَهْـدَ الحيـاةِ

بعلْقـمِ التّسليمِ للوثنِ

**

ومِنَ البليّـةِ أنْ أجـودَ بما أُحِـسُّ

فلا يُحَسُّ بما أجـودْ

وتظلُّ تـنثا لُ الحُـدودُ على مُنايَ

بِلا حـدودْ

وكأنّني إذْ جئتُ أقطَـعُ عن يَـديَّ

على يديكِ يَـدَ القيـودْ

أوسعْـتُ صلصَلةَ القيـودْ !

ولقَـدْ خَطِبتُ يـدَ الفراقِ

بِمَهْـرِ صَـبْري، كي أعـودْ

ثَمِـلاً بنشوةِ صُبحـيَ الآتـي

فأرخيتِ الأعِنّـةَ : لنْ تعـودْ

فَطَفـا على صـدري النّشيجُ

وذابَ في شَفَتي النّشيـدْ !

**

أطلقتُ أشرِعَـةَ الدّمـوعِ

على بحـارِ السّـرّ والعَلَـنِ :

أنـا لن أعـودَ

فأحرقـي في غُربتي سُفُـني

وارمـي القلـوعَ

وسمِّـري فـوقَ اللّقـاءِ عقاربَ الزّمَـنِ

وخُـذي فـؤادي

إنْ رضيتِ بِقلّـةِ الثّمَـنِ !

لكـنّ لي وَطَناً

تعفّـرَ وجهُـهُ بدمِ الرفاقِ

فضـاعَ في الدُّنيـا

وضيّعني

وفـؤادَ أُمٍّ مُثقلاً بالهـمِّ والحُـزُنِ

كانتْ توَدِّعُـني

وكانَ الدَّمـعُ يخذلُهـا

فيخذلُني .

ويشدُّني

ويشدُّني

ويشدُّني

لكنَّ موتي في البقـاءِ

وما رضيتُ لِقلبِها أن يرتَـدي كَفَني

**

أَنَا يا حبيبـةُ

ريشـةٌ في عاصِفِ المِحَـنِ

أهفـو إلى وَطَـني

وتردُّني عيناكِ .. يا وَطني

فأحـارُ بينكُما

أَأرحَـلُ مِـنْ حِمى عَـدَنٍ إلى عَـدَنِ ؟

كمْ أشتهي ، حينَ الرحيلِ

غـداةَ تحملُني

ريحُ البكـورِ إلى هُناكَ

فأرتَـدي بَـدَني

أنْ تُصبِحـي وطَنـاً لقلبي

داخِـلَ الوَطَـنِ !





#لِـ : احمد مطر...





الرجل الذِي يقفُ أمامها الآن ، هُوَ الرجل الذِي كانت تترقب كل صباح لكي ترى طيفهُ من البلكُونة ، كانت تترقب الساعات الطويلة لكي تلمحهُ ولو من بعِيد ، يقفُ أمامها بشموخ لم يهزهُ الغياب ، بحنينِ لم يقتلهُ الحنين ، بصدَى لم تخنقه اصوات الذكرى ، تدافعت ذكرياتها وسلسلتها الطويلة معه ، وطفت فوق عينيها دُموع تحجب عنها الرؤيا وتهديها غشاوة في النظر ، ابتلعت غصة مخنوقة وهي تعقد حاجبيها تحاول رفض ماتسمعهُ الآن ، وكأنها تعيش في منفى بعيد ، في غربة غير الغربة التي تعيشها ، غربة الرجل الذي عانقتهُ طويلاً واخبرتهُ انها معه مهما كان الثمن غاليـًا ، معه حتى لو كانت سهام العالم المؤلمة تتراشق نحوها ، ليُجدد لها صفعة اخرى لم تضع احتمالًا ولو بسيطًـا لكي تسمعه منهُ ، كم كان سهل النطقُ بالنسبة اليه ذكر تلك الكلمات العقيمة التي اغرقتها في وحل الوجَع ، اختنق صدرها وهي تشعر بأن عجلات السيارات التي تدوس الاسفلت هي ماتدوس على صدرها ، هزت رأسها بغير تصديق ، بخيبة أمل ، بقهرٍ لم تعشهُ حينما كانت مجرد طفلة لأبيها ، تلك الغربة التي سرقت من عمرها رغم انها لم تكمل السنة الى الآن منذُ ان غادرت وطنها الغالي ، كلمتهُ التي اخبرها بها جعلتها تشعر بأنه عجُوز أهرمها الانتظار والامل ، ليهديها صفعة الخيبة على طبق من ذهب ، لم تقبل بذلك وهي تهز رأسها برفض شديد وصوت يكاد يختنق من احباله الصوتيه ببحة ممزوجَة بالدهشة : ليث انت مستوعب اللي قاعد تقوله؟
ليث يُحدق بها ، لايهُون هو عليهِ ان يجرحها بابعادهِ لها ، لكنهُ يعلم في حال ان ذهب الى المحاكم لكي يثبت برائته ، لن تسلم هي ، ستتعرض للمسائلات وربما تتعرض الى امور اخرى هو لايريدها ان تتعرض لها ، حياته المهددة برصاصة طائشة من احدى الشرطة البريطانيين لايريدها ان تخترق صدرها هي ، حينها سيفقد الأمل ، سيجن ، سيختار الموت بدل ان ينتظر املًا آخر ، سرق عبارات الرجاء من عينيها ، لكنه تحامل على كل ذرة الم تزوره وابتسم بألم ، وبحنان وهو يضع وجهها بين كفيهِ الدافئتين ويهمس : انا في غاية استيعابي وريف...متأكد من كل كلمة اقولها...مستحيل اجازف ببقائك هنا مقابل سعادتي...ع الاقل تروحي عند اهلك مأمن عليك ومتطمن وعيني تقدر تنام..بدل لا كل ليلة اسهر وافكر بهاجس ان ممكن اي احد يتعدا عليك...
شهقت بوجع شديد وهي تعض شفتها السفلية بأسنانها العلوية ، ابعدت يديه بقوة عن وجهها وعينيها مليئتان بالدموع والوجع لتصرخ بجنون لم يجابهه ليث قط : انت جبااااااااااااااان...همك تخااااااااف على غيرك بس ماتهمك نفسسك ابدًا...مستحيييييييييييييييل ليث ...انت قاااااااااعد تطلب مني المستحيل...مستحيل اتركك في اهم مرحلة انت بحاجتي فيها...

دُهش من صراعها والفوضى التي بداخلها ، توجه نحوها محاولة تهدئتها ليردف بغصة تخنقهُ هو الآخر : وريف..بغيتك عون لاتقلبين لي فرعون...افهميني...وخالقي مايهون اتركك بس ماني كفو لافي وجه ابوك ولا في وجه نفسي لو جازفت بك...وش بيقوووول علي لو فرطت بك؟؟؟؟
وريف بألم تكاد روحها ان تتفطر منه لتردف : ألف مرة قلت لك لاتلوي ذراعي بأبوي!!
ليث يتقدم ليمسح دموعها وهو يسحب كفها الصغيرة ناحية ايسر صدره : وخالقي هالقلب ماهو قاوي بعادك...بس وريف انتي تسهلي علي حركتي لو رجعتي البلد...
وريف بقهر تضربه على صدره وهي تبتعد عنه ومن عُظم غصاتها المتألمة كانت همساتها تتقطع بوجع : يعني انا اللي موقفة حركتك الين هالحييييييييييين؟؟؟؟ ليث لاتبعدني عنك...انا احتاجك وانت تحتاجني..لاتبعدني عنك في سبيل حمايتي...انا ماراح يصير لي شيء..
سحب نفسًـا طويلاً ، رفع كتفيه بعجز : ممكن يعتقلوك انتي ومشعل وتتعرضوا لمسائلات ...راح تدخلي في مشاكل ماهي قليلة وخصوصا انك زوجتي وريف..ممكن اي احد يتعرض لك..وانا وقتها مستحيل اسامح نفسي لو صار لك شيء
اختنقت وهي تتنهد طويلاً تحاول حبس الالم والدموع التي لاتنتهِي ، لتردف : انا قابلة باللي راح يصير لي ليث...
ليث برفض : انا ماني قابل... اسمعي يابنت الكلام ...قلت كلمتي ومالي بها رجعة..خلال هالاسبوع راح احجز لك تذكرة وترجعي مع مشعل السعودية..
برفض وهي تبتسم بسخرية بين دموعها وتهز رأسها : انا حمارة لو ططاوعتك...
امسك بذراعها وبشدة يصر على حدِيثه : مجبورة تطاوعيني...وان حصل بنفسي اشيلك واركبك الطيارة هم ماعندي مانع...
وريف بغصة وهي تضع يدها على شفتيها تحبس دموع رهينة وعينيها باكيتين : ماااابي اتركك..
شعر بوجع في صدره وصغيرته ترتجي منهُ عدم الافتراق ، لكنهُ مصر منذ ان عقد عليها بانه لن يتحرك في المحكمة الا حينما تذهب هي ومشعل الى السعودية ، عجز ان يكابر بسبب دموعها ، سحبها بقوة الى ذراعيه محتضنًـا اياها بعمق، كلاهما يحدقان الى وجهة واحدة ، الى بلكونته ، الى المنظر القديم التي كانت تستمع بالنظر اليهِ وانتظاره ، الى مأوى افكارهم وآمالهم ، الى مقر مخاطبتهم للسماء ومراقبتهم لسرب الحمام ، والطيور الموسمية ، الى مكان عدهم النجُوم النجمة تلوى النجمة ، الى مراقبتهم الشهب التي تقطع كبد السماء في ثواني ، الى مخاطبتهِم الله والتجائهم اليهِ ، كلاهما ينظران للمكان بصمت ، بعجز ، يختارانِ الاستسلام للواقع ، الصق جبينهُ في جبينها مبتسمًـا رغم الالم الذي بداخله وهو يتنفس عبقها : امهليني ثلاث شهور حتى اخلص من جلسات المحاكم...كلها ثلاث شهور وارجع لك ولامي وللوطن...
لمعت عينيها وهناك شعور بعدم الارتياح في صدرها تحبسهُ بقوة :
اوعدني...اوعدني انك راح ترجع...
ابتسمت عيناهُ بلمعة مختلفة ، وكأنه يتحرر من جميع قيوده ليردف بأملهِ الآخر ، بهمسة طويلة في اذنها من المستحيل ان تنساها ابدًا : أوعــــــدك...



،





تَستيقظ من النوم فزعة ، كأنما أحدٌ يصرخُ عليها فِـي الحلم، بل الكابوس الذي رأتهُ ، هزت رأسها تتحوقل بالله وتتحسب من الوجع الذي ارهق صدرها ، ألم الفراق التي هيَ فيه يسرقُ من عمرها ، طالما كانت تخاف ان يأخذَ الله امانتها قبل ان ترى وجه ابنها ، ابنها الذي غادرها قبل 10 سنين ولم ترى له طيفًـا الى الآن ، نهضت وهي تخرج بلا شعور خارج غرفتها ، تمشي بين ردهاتِ البيت المظلم بظلماتِ الليل الحالك ، توجهت الى ذاك الباب الخشبي ، الذي رسى عليهِ غبار الذاكرة ، فَتحت الباب ، عانقت الباب بشدة ، وهي تشتم رائحة ذاك الصبي الذي تدرك بأنه اصبح رجلاً الآن ، هذا في حال ان كان على قيدِ الحياة كما تعتقد هي ، ابتسمت بين دموعها وهي تتخيل سيناريو رجوعه الى حضنها ، ارهقَـها التفكير الطويل ، كيف ياترى سيكُون اللقاء؟ ، كيف سيعود ذاك الغائب الى حضنها الحنون ، تشعر بأنها ستموت بمجرد ان تراه ، غيابه سرق من عمرها وايامها ، جعلها كمن بلغت السبعين في عمرها ، بينما عمرها لم يتجاوز الأربع والخمسون عامـًا ، رَمت جسدها الذابل على سرير ابنها ، بكت طويلاً راجيةً الله ان يعود صاحب هذهِ الرائحة التي طغت المكان ، عانقت سريره طويلاً كأن صغيرها الذي اصبح كبيرًا في الغربة في صدرهاا ، جنُون انتظاره يفقدها الصواب والادراك ، كانت تتحدث مع طيفه ، تخبره بأنها اشتاقت طويلاً اليه ، اردفت بوجع شديد وصوت مخنوق : ماشفت ولد عاق بامه مثلك..عاق بغيابه وماهو جاي يبر بها عشر سنين...وينك ليه تعلقني بانتظارك يايمه..غزى الشيب شعري وانا كل يوم اقول شـ حالك؟ ..
كانت تنتظر صوته يردّ عليها ، كانت تنتظر يدهُ تعانقها وتحتضنها الى صدره ، لكن لايوجد غير الصمت ، ورائحة الغائبين ، ابتسمت بين دموعها لتردف : يعني ترضاها اموت وانا ماشفتك يامك؟ ...قاسي قلبك ..قاسي على امك غيابك...
نهضت تفتح دولابه ، تخرج اقمصته ، ثيابه ، شماغه ، سبحته ، كتبه ، صوره ، احتضنتها جميعًـا وهي تبتسم لكل ذكرى تزوره مع ثياب العيد ، تتذكر كيف تحمل المسؤولية باكرًا بعد ان مات والدهُ بعمر مبكر ، فكان العاتق الاكبر على كتفه ، صحيح ان عمه لم يقصر قط ، لكن وجود ليث كان يحمل الكفة الارجح لتحمل مسؤولية منزلهم ، لاتنسى كيف كان يبتسم في يوم العيد ، يضاحك اخته اسماء ،كان في عمر العشرين ، شاب ، طموح ، يحلم بالوظيفة ، يؤسس حياة تليق بهِ ، وبأهله ، يجازف بالمستحيل كي لايصيب اي اهله ضرر ، يجن ولا يستطيع ان ينام في حال ان تعرض احد ابناء القبيلة لامه بسوء ، أمه هي عيناه التي يرى العالم بها ، لكن من الواضح ان الغياب جعله اعمى ، فهو لا يستطيع ان يرى بعينيهِ التي هي امه ، حينما يرى والدتهُ مرهقه ، هو بذاته من يأتي الى قدميها ويدلكها لها ، يقبل قدميها ويحاول ان يرضيها رغم انه لا يفعل الا ماتأمره بهِ ، ابتسمت لتلك الذكرى التي بقت معانقة العشر السنوات الماضية ، واطلقت تنهيدة وجع وهي تستلقي على السرير وبجوارها ملابس ابنها واغراضه التي كانت منذُ عشر سنوات..ولازالت تنتظر رجوعه..


،



يتصفح عدة ملفات لمرضاه ، بينمَا هو يجلسُ في حديقة منزله ، أغلق الملفات سريعًـا وتلك القضية اصبحت تشغل عقل الجميع ، رغم ان من يسعون لقضية هذا الرجل لا يتعدوا العشر الاصابع ، الا انهم لا يستطيعوا ان يتحركوا او يثقوا بأشخاص اخرين كي لاتكون العواقب وخيمة ، لا يعلموا ان كان على قيدِ الحياة او لا ، لايعلمون هل هو أسير ، رهينة ، مقتول لا قدر الله ، او حتى انه مسجون في احد السجون البريطانية لكن الحكومة لا تعترف ، رغم تواصل دكتور وليد مع السفارة ومحاولته اخذ معلومات في حال ان كان فعلا مسجون ولكن دون ان يعترف ، لذلك أجرت السفارة بحثـًا قبل اسبوعين في السجون محاولين الوصول الى اسم هذا الغائب الذي كان اختفاءه مريبـًا ، أغلب قضايا المختطفين في البلاد الاجنبية بعد سنين تظهر لهم جثة ، او يعودوا بعد ان يحتجزوا كرهائن ، قلة من لايعرف عنهم اية اخبار ، او ربما لا يعرف لهم اخبار ولكن على الاقل لايكونوا متهمين ظُلمًـا كما في قضية ليث المالك ، لذلك اصبح من الواجب على دكتور وليد ومن معه اثبات براءة هذا الرجل حتى وان كانت المخاطر تحيط بهم ، تنهد تنهيدة طويلة وهو يبتسم لسبأ التي دخلت بهدُوء وهي تضع امامه قالب الحلوى الذي يحبه مع قهوة عربية ، ابتسم يقبل يديها لتردف سبأ : أرهقت نفسك كثير في هذي الفترة ياوليد...ارفق بنفسك شوي..
ابتسم وليد ويديهِ تحتضنان يديها : لاتخافي...هالارهاق والتعب النفسي وراه الخير...ادعي ان ربك يحل هالموضوع بسرعة..
كانت تقطع قالب الحلوى وهي تبتسم له : تقصد قضية ليث ال مالك؟
ابتسم وليد وهو يهز رأسه ليلتقط صحن الحلوى من يدها بهدوء : ايه..يعني الرجال عشر سنين ماحد اصدر اي صوت بقضيته..لما رجع ولد عمه لبريطانيا والتقى بصاحبه يوسف عرف ان ولد عمه ماختفى منن عبث...
سبأ تقدم له فنجال القهوة : صحيح..قصته توجع القلب...انا ماكاسر خاطري الا امه وخواته...كيف انتظروا عشر سنين وبالنهاية ممكن يكون ولدهم ميت...لاسمح الله
وليد باندفاع : حتى لو كان ميت لا قدر الله...الرجال بريء...لاربي ولا رسوله يرضون بالظلم...ع الاقل يرتاح قلب امه واهله ويعرفون بانه انسان بريء...لاتنسين ان اهله ماسلموا من لسان القبايل...اللي تبرا منه وخواله اللي هجروا امه...
سبأ بقهر شديد : طيب وفرضـًا كان الرجال بالفعل قتل ...واجرم...على اي اساس يتركون امه وخواته ؟؟؟ليه؟؟؟
وليد يتنهد وهو يشرب من فنجانه : لان بعض البدو عندهم الحمية اهم من الاهل والمشاعر...عايشين بجهل لاخر يوم بحياتهم...
سبأ تبتسم بدهشة : كلنا اصلنا بدو...بس ماعندنا هالجهل والتعصب الغبي...
ابتسم وليد لكلام سبأ : الله يعين امه...محد كفو وشال اسمها غير اخو زوجها علي آل مالك...ابو مشعل...
ابتسمت سبأ : الله يبقيه يارب ويكثر من امثاله..طيب متى راح تتحركون بقضيته؟
وليد يتنهد : انا انتظر خبر من يوسف... خبرني انه خلال هالاسبوع بيتحرك...
سبأ عقدت حاجبيها بدهشة : غريبة؟ ولد عمه مابيكون موجود!! لان اخته قالت انهم بيمشون هالاسبوع...
وليد يستريح للخلف على الاريكة : حتى انا استغربت ان مشعل راح ينزل...بس احسن له حتى يوصل خبر لامه ويكون مع اهله...اللي اعرفه انهم راح يرجعونن بس عندهم ظروف خلال هالفترة...
سبأ تتنهد : يالله الله يعين...اهم شيء انه خلال هالفترة سعى لقضية ولد عمه...وطلع بنتيجة..يعني جيته ماكانت عبث...
ابتسم وليد : صحيح...
أضائت شاشة هاتفه الآيفون باسم يوسف ، وقف متوجهًـا امام النافورة التي بالحديقة وهو يجيب على الهاتف : السلام عليكم...
يوسف "ليث" : وعليكم السلام... كيف حالك دكتورنا؟
ابتسم دكتور وليد بهدوء : الحمدلله بخير... انت كيف احوالك...؟
تذكر ان حاله ليس بخير ، وانه سيضطر للمرة الثانية ان يودع احبته ولا يعلم ان كان سيرجع لهم بعد اشهر او بعد 10 سنين اخرى ،...اجابه بهدوء : الحمدلله...ها حنا على موعدنا يوم الاربعاء للمحكمة ؟
ابتسم وليد وهو ينظر للمدى البعيد : باذن الله..بلغت فهد ؟ وآدم؟
جائه صوته المختنق : ايه...خلاص الاربعاء موعدنا ... الصباح
دكتور وليد : باذن الله...
يوسف : فمان الله...
وليد : فمان الله...

أغلق هاتفه وهو لايعلم لماذا شعر بنبرة مختنقة في صوت يوسف ، دعى الله ان لا يكون الا الخير ، حتى يتيسر امرهم الى النهاية...



،




يَعُود من عملهِ بإرهاق وهو يجلسُ على الاريكة ، هُناك مايشغل عقله في هذهِ الآونة الاخيرة ، الاشياء والهواجس التي تلاحقهُ تشعرهُ بأن روح أخيه لم ترقد بسلام إلى الآن ، رفع رأسه للسقف المكان وهو ينزع شماغه ويضعه على طرف الاريكَة ، أتت زوجتهُ بعد عدة دقائق بكأس الماء وهي تقدمه له بصمت ، شرب الماء ، لم يتحدث ، فقط ضيق يؤذي قلبه لعدة أيام ولا يعلم سببه ، هناك مايبعثر مشاعره ويفتتها في الهواء ، كان صامتًـا بغير عادته دون ان يحادث زوجته التي كانت تشعر بالفعل بالقلق ، ذكر الله طويلاً حينما يرتعش جسده من تلك الهواجس العقيمة ، ويخشى من كل شيء قادم ، لكنهُ علق أملهُ بالله ، تناسى في تلك الآونة وجعه ، وابتسم لزوجته : كيفك يام رياض؟
ام رياض براحة بعد ان سمعت صوته وبقلق : الحمدلله انا بخير...انت كيف حالك ياعلي...من دخلت وجهك تقلبت الوانه...ابسطها الله يكفيك شر اللي حولك لاتخلي امك تجي وتشوفك بـ هالحال...رجيتك ياعلي...قل لي همك...
ابتسم علي يبعد الالم عن صدره ويقبل رأس زوجته : مابي شيء..بس ساعات قلبي يضيق من انتظار خبر عن ولد اخوي...خايف من اي خبر سيء ممكن يعذب قلب امه...
ابتسمت ام رياض : لاتخاف يابو رياض ان شاء الله مافيه الا الخير... وهذا هم شبابنا مو مقصرين..حتى راكان زوج اسماء ماهو مقصر وكل من راح وكله...
اتسعت ابتسامة بو رياض لذكر فضل راكان مبتسمًـا : راكان ماترك ليث لما كان موجود...تتوقعي يتركه لو كان غايب؟ هذا الرجال شهم وقد اللزوم والعطية..الله يعلي شانه...
ابتسمت ام رياض ليضيء هاتف ابو رياض ، ابتسم لزوجته : هذا مشعل...
ابتسمت اكثر بفضول وهي تسمعه يتحدث مع والده ، بو رياض : هلا مشعل...هلا يبه...
مشعل يحاول ان يبعد كل التوتر عن صوته : هلا فيك يالغالي...كيف حالك وكيف حال امي؟ وجدتي شلونها ...والله وحشتني...
ابتسم بو رياض وهو يهز رأسه لام رياض يطمئنها : الحمدلله يبه كلنا بخير...نسأل عنكم...
مشعل : الحمدلله ماورانا الا الخير يبه...يبه خلني اكلم امي وبعدها بكلمك بموضوع...
بو رياض تغيرت ملامح وجهه بقلق لكن لكي لاتشعر ام رياض حاول كبت ذلك ليردف : عساه خير يابوي؟
مشعل بتوتر يتنهد : ان شاء الله خير يبه...عطني امي اكلمها...
نبض غريب زار قلبه ، شعر بأنه سيضعف في هذهِ اللحظة وهو يمد السماعة لزوجتهِ ، وهو لا يعلم ماهو هم اولاده ، كان ينظر لام رياض وهي تلتقط السماعة وتبتسم بفرحة بينما هو يموت قلقًـا ، ليسمعها تردف لابنها : هلا يمة مشعل..كيف حالك يايمة وكيف حال اختك؟ عساها بخير؟؟؟
مشعل ينظر للوريف التي تغط في نومها الهادئ على الاريكة هاربة من واقعها افتراقها عن الليث ليردف : الحمدلله يمة بخير..انتي كيف حالك ؟عساك طيبة يمه؟
ام رياض وهي تشعر بدموع شوق تزورها وحنين : ماعليك من حال امك يايمه انا مشتاقة لكم ...
مشعل بابتسامة ألم : ان شاء الله قريب نزولنا يمه...
ام رياض : ان شاء الله... وينها الوريف خلني اكلمها؟
بارتباك اخفاه جيدًا ليردف: الوريف نايمة يمه..لاصحت اخليها تكلمك...
ام رياض : طيب يمه...انتبه لها يمه...
شعر بشرخ عظيم في صرح مشاعره ليردف بعد ان بلع غصة خانقة : ان شاء الله يمة...سلمي على جدتي وزوجة عمي...ان شاء الله رجوعنا قريب...
ام رياض : طيب يايمه...ها اعطيك ابوك؟
مشعل بتنهيدة : ايه يمه..
مدت له الهاتف ، ليقف بو رياض ويخرج الى "حوش" المنزل ، كان يمشي وهو يتحدث بالهاتف : الو...هلا ابوي مشعل...شفيك يبه شصاير؟
مشعل يشعر بالضعف ، بالضياع ، بالقلق ،بالارهاق وبكل شيء من الممكن ان يعبر عن حالته الآن ، وقف متوجهًـا ناحية البلكونة الموجودة في الصالة ، ينظر للمارة والطريق المبلل ، سحب نفسًـا عميقا ثم اردف : مابه شيء يايبه...بس حنا راح ننزل هالاسبوع...
بو رياض بقلق : ليه مو قلتوا بتنزلوا بعد شهر؟ شفيه صاير شيء لك ؟ *تعالى قلقه اكثر* وريف بنتي صاير لها شيء؟؟؟؟؟
مشعل يتنهد : لا يبه ...كلنا بخير الحمدلله...بس مضطرين ننزل ...
بو رياض بعدم اقتناع:مضطرين؟ ليه مضطرين يايبه صاير شيء؟
مشعل يتحامل على اوجاعه وتمر عليه احداث عاشها مع الغائب لمدة 11 شهرًا منذُ ان اتى الى كامبريدج ، ثم نطق واخيرًا : يبه بارجع...بس مابي اعدي الوطن الا وانت مسامحني...
بو رياض تجمد بقلق شديد وهو يشعر بغرابة : مشعل يابوك شفيييييييه عشان اسامحك؟ ليكون ضيعت ربك ...ليكون سويت شيء مايرضاه ربي..
مشعل ابتلع غصة عظيمة يحدق بالوريف : يبه سويت شيء اضطريت به بالشرع...لاهو حرام ولا هو عيب..واعتقد انك بتتفهمني اكثر لما ارجع...
بو رياض بقلة صبر وقلق : انت مسوي شيء وماتبي تقوله....متزوج؟
مشعل وهو يبتسم بسخرية في ذاته ويهمس بحيث لايسمعه والده : ياليت كذا...
ثم اردف له بصوتًـا مسموع : يبه بعد بكرة حنا جايين...بس اشوفك بقولك كل حاجة...وانا المسؤول في هالموضوع...
بورياض بغضب :تعال وتكلم مثل الرجال...لما يصير بك شيء قوله...وش له تخبيه؟؟
مشعل يتنهد : يبه صل ع النبي لاتعصب...انت معك الضغط...
بو رياض بغضب:لاتقهرني فيك وفي اخيتك...قل لي وش سويت؟
مشعل يتنهد بألم ووجع شديد وهو يلتفت لاخته التي جلست بهدوء تحدق بصمت وقلق في اخيها ليردف بصعوبة : يبه صل ع النبي مافيه الا الخير...تطمن وهدي حالك...بس ارجع اكلمك يايبه...بكرة الصباح حنا بنروح المطار..ان شاء الله بالليل او الفجر نوصل... سامحني يبه...
بو رياض بفجعة : اسامحك يايبه ليه وش مسوي؟ لاتتعب قلبي ...
مشعل بألم شديد يعتصر قلبه : عليك الله يايبه اجلس وارتاح ولا تحاتي...انتظر رجوعنا وككل العلم بيوصلك... يلا يبه فمان الله...
بو رياض عرف تماما بأن مشعل لن يتكلم : فمان الله...
أغلق السماعة بقلق شديد من ابنِه الذي يتحدث بنبرة غريبة وصوت مرتبك ، شعر بالخوف بالفعل، جلس على الارض العشبية وهو يفتح ازرار ثوبه العلوية ، تنفس بصعوبة ، شعر بوجع يعتريه لايمكنه احتماله ، تحامل على هذا الوجع كعادته ، ليرى زوجته تأتي وقد سحب لون وجهها حينما رأته هكذا بقلق شدديد: علي؟؟؟؟ وشفيك ...وش صاير ؟؟ عيااااالي فيهم شيء؟؟
علي ينظر لعيني زوجته بقلق شديد : مافيه الا كل خير..بس مشعل طالبني السماح..
ام رياض تضرب على صدرها : يمه عياااااالي....علي وش صاير؟؟؟ ليكون فيهم شيء ومايبي يتكلم...
علي يربت على كتفها : استهدي بالله يامرة...لو فيهم شيء كان ماحجزوا عشان يجوون... هم خلهم يرجعون سالمين...تالي انا اعرف وش بلاهم...
ام رياض تمسكه وتسنده عليها : طيب قم ياعلي لاتجلس هنا...ادخل داخل ارتاح على سريرك ليما يجهز الغدا...
وقف مطيعًـا زوجته وهو بالفعل يضع الاف الاحتمالات امام عينيهِ، وكل الاحتمالات لم تكن جيّدة ، كل الاحتمالات لم تكن في مكانها ، كلها باتت خائبه ، دعى الله طويلاً ، ناجاه بأن يحفظ له هذين الابنين ، وعد نفسه بأنه حينما يصل ابنيه الى هنا بالسلامة ، لن يسمح برجوعهما مرة اخرى ، فقد ابنه رياض مرة ، ولن يفقد هذين الاثنين مرة اخرى ، لن يفرط بهما ، اسند رأسه على السرير ، لم يكن لديه سوى القلق ، يتمنى من الله ان تمر هذهِ الايام بسرعة ، وتنطوي الساعات حتى يجد ابناءه امامه...



من جهة اخرى ، أغلق الهاتف ، كاد ان يعتصره بيده ويحطمه بتلك القبضة التي كانت تعتصر الهاتف ، لمعت عينيه بالدموع المتحجرة ، لكنهُ ابتلع غصته ونظر لاخته التي تراقبه بألم ، من أين الى اين ؟ ، تلك الغربة التي كانت للدراسة والنجاح ، الآن هي مجرد صراع أزلي يلاحقهم الى الوطن ، وقفت متوجهة نحو مشعل لتحتضنه بهدوء تحاول فيه عدم البكاء لتردف : كلمت ابوي؟
مشعل هز رأسه بوجع واطلق تنهيدة : ايه... ها جهزتي شنطتك واغراضك؟
وريف بللت شفتيها واحتضنت ذاتها : ايه... خلاص خلصت تجهيز الشنطة من الصباح ..
مشعل صمت وهو يرفع شعره الى الخلف باصابعه ثم سمعها تردف : يسامحك عشان الوضع اللي احنا فيه؟
مشعل هز رأسه وربت على كتفيها : احنا ماسوينا شيء غلط وريف ، صدقيني لو مكلم ابوي وقلت له راح ازوج ليث بالوريف بيقول زوجها...بس خبينا الموضوع عنهم للضرورة ...ابوي راح يتفهم ...بالبداية بيعصب ..ممكن يتفاجئ اكثر انك حامل...بس خلاص هذا هو الوضع وهذا الامر الواقع..
وريف تبتلع غصة ودموعها بدأت لامعة وواضحة : انا خايفة على ابوي مشعل يصيبه شيء..
مشعل قبل رأسها وابتسم لها ماسحًـا دموعها : لاتخافي ولاهم يحزنون...ماراح يصير في ابوي شيء لان احنا ماسوينا غلط...حركتنا كانت اضطرارية...ولو ماني عارف قرار ابوي ولاكان مازوجتك...وهالشيء من صالحك ومن صالح ليث...خلاص لاتفكري...اتركي الموضوع علي ..انا المسؤول...
وريف تهز رأسها برفض : ليث ماسمح لي اكون معه واوقف معه...رجاءا لاتسوي لي هالشيء وانا اختك...خلني معك نتلقى الضربة احنا الاثنين..
مشعل يتنهد : بس انتي حامل وخايف يصير لك شيء ..ساعتها الله يعينني على زوجك..
وريف تهز رأسها باصرار : ماراح يصير فيني شيء لاتخاف... الاشياء اللي شفتها هنا خلتني اقوى...
مشعل ابتسم مقبلاً رأسها : طيب... بكرة الصباح بنمشي المطار...
بلعت غصة اخرى ، غصة الودَاع ، هاربة الى الآن من اتصالات ليث ومن حالات الوداع ، لاتريد ان تودعه ، تشعر بأنها تفقد عقلها في تلك اللحظة ، يكفي تلك السنين الماضية من الغياب ، هل تودعه الآن ويغيب عنها وبكل بساطة ؟ لاتستطيع نسيان مواقفهم الجميلة ..حياتهم التي كانت في السابق ، لاتستطيع نسيان كيف كانت اكثر الناس سعادة حينما كانت معه ، قصتها الطويلة خلال الـ 11 شهرًا انقضت الآن ، كيف ستعود وتتركه؟ هل سيعود كما وعدها؟ لقد قطع له وعدًا كافيه بعودته؟ هل يعود ويوفي بذاك العهد؟ توجهت ناحية البلكونة ومافعلت ذاكرتها الا انها خانتها الذكرى لتعود امام عينيها وكأنها اليوم ..لأول مرة تكون فيهِ حلالًا له ، ولأجمل لقاء لهمُ ، لأجمل ذكرى خلدتها في عقلها ولم تنساها ابدًا



بعد خُروج سبأ وعبير ، لم يتبقى في هذه المساحة المحدودة من هذه الشقة الا هي .. وسيأتي الغائب عن دياره ليقف امامها وقفةُ حلال ، يالله .. كَمْ هذه الدُّنيَا شحيحَة ، تبخَلُ علينا حتى ان تُهدينا السعَادة كاملَة ، ماذا لو وقفنَا وكانت أمُه تنظر اليه ولِي ، وأبي يحتضنني ويوصيه علي ، كيف سيصاغ الكلام ؟ حينما أراه سأرتبك ، سينظر للمرة الأولى لامرأةٍ حلال ، تكون له بعد انقطاعٍ كاد أنْ يقتُله ، ارتباك مخيف يصيب جسدها ، وبرودة خفيفة تسري من كتفها العاري ، تمرر يدها بهدوء لتحافظ على دفئها وهدوئها ، كان الجَو غائمًا والسماء تكاد تبتلعُ القمر ، حتى القمر اختبأ .. فهل ستختبأ السعادة معه ، هل تبتسم ؟ ام تبكي ؟ ام تضحك ؟ سؤال تردد في نفسها ، وصار يحرقها من الداخل ..
سمعت صوت الباب يُفتح ، والمقبض يدار ، وقفت دون ايما ادراك ، وهي تنظر فقط للأسفل ، للأرض التي تتمنى ان تبتلعها كبذرة منسية من الغيث ، تحاول ان تشعر باقترابه لكن الخوف اعمى قلبها وصار قلبها ينبض بشكل مريب ، شعرت بالحرارة تشتعل في حنجرتها وعينيها ، رأسها ينبض كمن يطرق فيه دئبًا .. شعرت بيد تقدمها قليلا الى الامام ، هيَ يد مشعل ، لكن لماذا يقدمها للأمام .. سمعت مشعل يتمتم له ، لكنها لم تميز التمتمة ، جل ماتميزه هو لون حذاءه الاسود اللامع الذي ينتصب على الارضية الخشبية العاتمة ، الصمت فقط هو ما يجبلها على صياغة الاحرف ، .
لقد غُلق الباب ، رفعت رأسها بخوف فجأة وهي ترى مشعل يغادر ، ثم دارت بعينيها ناحيته ، ينظر اليها بحَسرة ، وبسعادة ايضًا ، هي تنظر للذي غاب عشر سنين ؟ هي تنظر للذي تبكيه امه كل ليلة ، هي تنظر لمن بكته جدتها وامها وخواته ايضًا .. فهل يستحيل عليها ان تفرح وتبتسم ؟ ، تقدم بخطواته اليها ، الصمت هو مايميز المكان ، لكن صوت خطواته شق السكون ، وقف امامها زفر براحة ، ثم رفع رأسها الى حيث يستطيع ان ينظر .. وكل مانظر اليه .. هو عينيها ، هويته !
أأضيفها الى هوياتِي الأربع ؟ أم أكتفِي بها هوية ؟ هل حينما يقال من هو الليثُ أشير الى عيناك ؟ هل استقطبت يومًا عذاب عشر السنين ، ولملمته في ليلة مغيمة وجمعته في عيناك ، هل سمعتِي عن شقائي ؟ اني أرى فيهما لهيبي وعذابي ، وسعادتي وشقائي ، لا اظنك تدركين ما ادركه ،
وتمر الدقائق وهو ينظر الى عينيها فقط ، وهي ترتجف اكثر واكثر ، وكل مافعله .. انحنى الى مابين عينيها وقبله ، استنشق انفاسها ثم وضع كفه على جبينها قائلاً :
اللهم إني أسألك من خيرها ومن خير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلت عليه ..
ثم همس بآمين خاتمًا اياها ، التفتت الى النوافذ التي تهتز بالمطر لقد نزل الغيث ، وبلل قلبه وقال لها هامسًا : حتى المطر مابخل علينا .. بارك لنا بطريقته ..
ابتسمت بارتباك من تعبيره واحمر وجهها ثم قال : محفوظة بالعين ..لا تخافي مني وحقك تخافين..طيف انسان اختفى عشر سنين وتكونين حلاله .. يامصعبها ..بس تحمليها..
رفعت عينيها اليه ودموع قفزت الى محاجرها وقالت : ماهي صعبة .. بس احس بحسرة ..
ابتسم ومسح اول دمعتين نزلتها منها وقبلهما ثم قال : لا تبكين ..مابي شيء يخرب ليلتنا ..ممنوع البكا سامعة ؟
وريف تهز رأسها بطاعة ، يجلس معها ثم يقول : ماخبري بك كبرتي..وحلويتي هالقد !
احمرت ، وحكت جبينها باحراج وهي تقول : مبروك علينا !
ليث رفع حاجبه : كمليها ..
عقدت حاجبيها بدون فهم ! ، ابتسم وقال : كلمتك مبتورة .. قولي مبروك علينا بعضنا ..
ابتسمت بخجل ، قبل يدها وهو يشمها بعمق ويحتار اهي رائحة الوطن ام رائحة امه التصقت فيها فهيجت حنينه ، قال وكأن الدموع من عينيه تعلن انهزامه ، لكنه لم يكن لسمح بها ، فقط لمعانها هو ما نبأها بأن الليث يتوجع ، سحبت كفها بقلق وقالت : لا تشمها ..اذا هي بتهيج احزانك..
هز رأسه : حقك تطلبين..بس محروم ..وريحتها تذكرني بريحة امي..
هُنا هي لم تتحمل كلامه فانفرطت في بكاء شديد وهي لا تنسى شريط المعاناة ، بعد كل هذه السنين ، يريد امه بقوة ، وامه تريده .. ما اكثر العقُوبة ، واكثر الحُرمان .. ، حينما احتضنها ابتسم وهو يقول لها : ليه تبكين ؟
وريف تمسح دموعها ، لم تكن لتخشى على المكياج ، عبير تعرف بأن وريف ستبكي لذا وضعت عليه مثبت ، كرر سؤاله وقال : علميني .. ليه تبكين ؟
وريف تنظر لعينيه بأسى : كل ماذكرت امك ينكسر قلبي عليك وعليها ..
ليث يبتسم : مابقى شيء..
احمرت بخجل من نظراته ، ثم قال لها : مابيك تبكين ..
وريف تبرر موقفها بابتسامة خجولة : غصبًا عني
ليث يمسك يدها ويضعها على صدره وهو يقول : قد قرارك ؟
وريف تبتسم له بحياء وتهز رأسها ،
ليث يتجرأ ويضع يده على شعرها المموج ويغلغل اصابعه بين خصلاته الناعمة : تدرين اني قبل كنت اقول لامك اني ابيك ؟
وريف تعقد حاجبها : ماكنت ادري الا بأن امك وابوي يبونا لبعض..
ليث يبتسم : كنت احرك شعرك بذات الطريقة واقول لامك..لاكبرت لاتقصين شعرها..ابي شعرها يطول..
وريف بخجل تبتسم : عرفت الحجة اللي كل ما اقول لامي بقص شعري تمنعني
ليث تتسع ابتسامته : زين سوت فيك
يفرك يديها بين كفيه ويقول لها : لو في يوم شفتيني بارد وجامد.. وماكنت اعرف اعبر عن مشاعري ..فاعذريني..سنين وسنين ماتعاملت مع انثى بهذي الطريقة ..وكل شيء حولي كان اقسى من اني اكون لين..
وريف تهز رأسها : مقدرة وضعك..
يحتضنها فجأة ليكون رأسها على صدره ويقول : لا تتحركين.. داخلي جحيم..قربك يطفيها
وريف بقلق تضع يدها على صدره : يارب ينور لك صدرك..عسى ان تطفى نيرانك
ابتسم ، وهذا مافعله، صوت البرق وتطاير الستائر هو اجمل منظر كان يتستمعان برؤيته ، سهروا طويلاً بين احاديث كثيرة لم تكن لتنقطع .. احاديث محبوسة في اقفاص العشر سنين .. كان قد سمح لمشعل ان يأخذ شقته ريثما ينتهي من هذا اللقاء ..
بعد انقضاء ساعات طويلة وكان الليل قد انتصف ، قبل رأسها وقال : يلا ..ريحي راسك وبعدين اشوفك..لازم امشي الحين..مشعل بشقتي وعيب في حقه اخليه طول الليل لوحده..
ابتسمت وهزت رأسها ، قبلها في عينيها وقال : الله يحفظ هالعينين يشهد الله انهن يسرون الصدر..
ابتعدت بخجل انثوي ثم وصته على نفسه قائلة : انتبه لنفسك..
ليث يودعها بنظراته بعدما هز رأسه بطاعة ، وانسحَب عن المكان ..
هي ايضًا دخلت حجرتها بانهاك ، لكن السعادة هي ماتميز شعورها..فتحت دولابها لتخرج لها بيجامة قطنية وترتديها بعدما ان مسحت المكياج ، شعرت بمشعل يدخل ، خجلت من مقابلته ، قررت ترك المقابلة للصباح ، من الواضح انها منهكة جدًا .. هل هي من السعادة المفرطة ؟ او من صدمة اللقاء !

نَامتْ ، وَحسبْ !




لمعت عينيها بالدموع على هذهِ الذكرى القديمة ، كيف كانوا سعداء محملين بالآمال ، مستعدِين للتضحية بكل شيء حتى يعودوا بسعادة اكبر واكبر ، أسفها على الوقت التي هي فيه الآن ، رهينة للألم الذي جعلها تعود مجبرة لأجله ، رغم عدم اقتناعها بالرجوع الا ان اصراره عليها كسر بها كثيرًا ، منذُ اللحظة الاولى التي عرفت فيها ليث ،علمت انها ستعاني وهي مستعدة لذلك ، لكنها لم تتوقع انه يبعدها عن المعاناة ليتلقى كل شيء هو بنفسه ، جعلها بهذهِ الطريقة تعاني اكثر من المعاناة بذاتها ، اختنقت بحزن شديد وهي تعض على شفتيها ، تتمنى من الله ان تكون الليلة القادمة نسيمًـا على صدرها وصدره ، لاجحيمًـا تتعذب منه ، لانها تعلم ...انها لا تستطيع ان تتواصل معه بعد الآن ...ستولي امره لله ، عائدة الى الوطن ، تحمل قطعة منه ...




،



فَتحت عينيها لخُيوط الشمس التِـي تسللت في مكانها ، تزورها وكأنها تُذكرها بوضعها الذِي يتسلل اليها كابوسًـا كالحلم ، ابتلعت غصة خانقة وهي تشيح نحو النافذة ، كيف تذكرت عيني آدم ، تحولت الى عيني اقسى انسان فرعوني على وجه الارض ، كان قاسيًـا مثل حدة السكِين ، يجرح بقوة رغم انه لم يدخل الى العمق ، ليتها لم تتذكر كل كلمة قالها وطعنها بها ، حرامٌ عليك يا آدم كل تلك الايام التي قضيتها وهجًـا بعينيكِ ، وجعلتك من الظلمة دليلًا لي ، أنرتُ بكَ كل محيطي ، وداخلي المظلم أصبح مشعًـا في كل مرة تبتسم فيها لي ابتسامتك الرجُولية التي تضحك فيها عيناك لِـي ، كم كان مؤسفًـا علي أن اعطيك تلك القيمة التي لم اعطيها أي رجلٌ آخر ، موحشة هي ليلة البارحة ، كيف كنت استلقي بالسرير باكية احدق في ستائرة النافذة ، تحركها الريح وتتقاذفها بين الفينة والاخرى ، كما تفعل انت بجروحي ، تقلبها على مزاجك ، كنت انتظر قدومًـا منهزما منك ، تأتي لتعتذر لتخبرني بمشاعر كنت اصدقها في عيناك ، أسفي على تلك اللحظات التي صدقت بأن لديك قلب ، لكن ومع الاسف ، انت لا تحمل في صدرك سوى حجر قاسي لايمكننا هدم حصونه التي بنيتها اسوارا حول قلعة مشاعرك ، ليتني لم اكن هشة ولينة الى تلك الدّرجَة ، فقد كان تشكيلي في يديك سهلاً ، ولم تبالي لهشاشتي ، اشعر بالخواء يزور بدني ، ألم عظيم يزور قلبي ويودعه الى العالم ، حتى ان التنهيدةة اصبحت ثقيلة ، لاتطرد الوجع ، بل تبقيه وتمجده بين اضلعي ، لقد اعتدت على تجريحاتك آدم ، لكن هذهِ المرة ...انا بالفعل لا اشعر بأنني بخير...

نهضت بسرعة ودخلت الى دورة المياه ، ارتدت فستانا هادئًـا ، لمحت وجهها وملامحها امام المرآة الطويلة ، كانت شاحبة ، بياض بشرتها لم يخفي كل هذا الشحوب ، بللت شفتيها وهي ترفع كتفيها بعجز وباعتراف خطير امام المرآة : مايستحق... وخالقي مايستحق انه يشوفك بهذي الطريقة...
قررت انها تبتسم ، حتى وان كانت الابتسامة صعبة ، حتى وان كانت تخفي مشاعرها وتدوسها ، فالحقيقة غالبا ماتكون مرة ، ولكن لايجب ان يرى الآخرون ضعفنا فيستغلوه لصالحهم ، ...
خرجت الى الاسفل الى غرفة الطعام ، للفطور ، كان الجميع متواجدين ، الاب والاخ ، وآدَم...
حينما رأته يبتسم وكأنه لم يُجرح ، جرحت اكثر واكثر ، وكأنه لم يتأثر ولم يواجهه شيء ، نام ليلته ككل ليلة بينما هي سهرت طويلاً باكية ، منكمشة تحت ثوب تجريحاته ، هاهي الآن تبتلع غصتها واقفة امام الباب سارحة دون ان تخطو خطوة واحدة ، عينيها تلمعان بالدموع وكأنها ستبكي ، لكنها لم تفعل ذلك ، تحاملت على جروحها وابتسمت بصعوبة لم تواجهها من قبل وهي تتقدم بهدوء لتجلس مقابله ، همست بهدوء : صباح الخير...
يبتسم سعود لابنته وهو يحدق بها : صباح النور ...كيف حالك يبه ؟
هاجر تهز رأسها وهي تضع من الفطور في طبقها وتبتسم رغم الجروح العميقة التي بها لتردف : الحمدلله يبه...*نظرت الى عيني آدم مباشرة وبقهر شديد * حالي في أحسن مايكون...

توقف آدم لوهلة ، كيف لهذهِ الانثى ان لاتكون بلا شعور؟ بينما هو لم يستطيع النوم ليلة البارحة؟ كيف كانت بارعة وهي تبتسم جميلة وكانها لم تجرح منه؟ هل يعقل ان يوجد انثى سادية المشاعر مثلها في هذا الكون؟ اين الكم الهائل من العاطفة الذي كان بانتظاره؟ كيف تنظر لعينيه مباشرة وتقول بأنها في احسن مايكون؟ بينما هو يتعذب بسبب كلماتها الغير مبالية؟ ، تحامل على كل مابه من غيظ شديد ليبتسم وهو يحدق بعينيها وبنبرة مقصودة : الله يديم سعادتك...
توقفت لثوانٍ قليلة عن المضغ ، ثم عادت لتبتسم بعينينِ ساخرتين : اللهم آمين...
سعود يحدق في هاجر : هاجر يبه كلموني الجامعة انه راح تبدأ دراستك في شهر أبريل الجاي...
هاجر بنبرة غير مبالية لادم : ايه انا نسقت جدولي... قبل اسبوع...مع بداية الدراسة اكون انا بديت معهم..
سعود يمسح فمه بالمنديل : حلو ..الله يوفقك يايبه...يالله انا ماشي مع اخيك عندي شغل...تبين حاجة؟
هاجر تهز راسها لتكمل فطورها وبابتسامة : سلامتكم...
خرج الاثنان ، وبقيَ الاثنان ، هي وآدم ، آدم كان صامتًـا منشغلا بحديثه ، بينما هي كادت ان تجن من صمته ، حاولت ان لاتفتح اي حديث معه ، لكن لسانها يخونها في كل مرة لتردف : ماسألتني وش ادرس...
صعقها بالاجابة وهو يرفع كتفيه بصراحة قاسية : مش مهم بالنسبة لي...ولكن مع ذلك ابوك قالي انك تدرسين علاقات عامة...
دُهشت من مدى تجرده من المشاعر ، لقد اصبح اقسى واقسى من السابق ، كأنها نفثت عليه رمادًا لصيبح دخانًـا ، تقسم بأنها لم ترى حجرًا مثله ، لايشعر ، لايملك قلبـًا ، لايمتلك الشعور ، ابتلعت غصة اخرى فوق غصاتها التي تبحر في ذهنها ، ليصدمها بينما يغرز شوكته في المارتديلا ويقطعها بسكينه ويلوي شفتيه بغير اهتمام : رغم اعتقادي بأنك آخر شخص في هالعالم ممكن ينجح بـ هالتخصص
صفعت بشوكتها بقوة على الطبق وهي تغمض عينيها بغضب ثم تفتحها وتحدق فيه بقوة : خير سيد آدم؟ وليه مش ممكن اني انجح؟
آدم ضيق عينيه وحدق فيها بصمت ، جمالها الغاضب يأسره في كل لحظة ، لايستطيع اخفاء اعجابه بهِا وخصوصا حينما تغضب ، لكنه تحامل على مشاعره ليردف بسخرية : لانك افشل انسانة ببناء العلاقات...والدليل *اشار اليها واليه باصبعه* حنـــا!
اطلقت ضحكة سخرية قصيرة رغم قهرها وغصتها المؤلمة : المفروض تكون ممنون من هالوضع سيد آدم لان السبب في هالشيء هو انت مش انا...
آدم يمضغ طعامه وهو يحدق بها ساخرًا : مابي اتناقش معك في هالموضوع...*ووقف وهو يمسح فمه بالمنديل وبنبرة مختلفة* لاني اعتقد ومن وجهة نظري ان حنا نهيناه امس وحطينا له حدود...
هاجر بغيض تبتلع غصتها وهي تقف : ابدًا حنا مانهيناه سيد آدم...بل بالعكس حنا بديناه...
آدم يبتسم وبنظرة قوية هزتها : ماعليك زود ..سويتي اللي عليك وزيادة
هاجر شتت نظراتها كي لاتبين ضعفها وتبكي أمامه : وانت ماقصرت ...كفيت ووفيت...
ابتسم آدم وهو يمسح يديه بالمنشفة وصمت للحظة وهو يحدق فيها لدرجَة انها شعرت بالارتباك الشديد ، خاف ان يضعف امامها وتبين ملامحه التي تبين مدى هذيانهِ بها ، هز رأسه يطرد الافكار العقيمة من رأسه ثم توجه لكي يخرج متجاهلا تلك الفتاة التي تحدق فيها بأمل ، لكنه صُعق حينما سمع نبرتها المهزوزة للحظة مردفة : كيف كانت نومتك ليلة البارح؟
ضيق عيناه مبتسمًـا ثم التفت ناحيتها بسخرية : يهمك؟
هاجر بضحكة ساخرة اردفتها : ههههه طبعا مايهمني... بس سألت لان اول مرة يدور بيننا حديث بـ هالقساوة...
آدم مبتسمًـا ابتسامته الرجولية الوسيمة وكأنه يحللها ، وكأنه وصل الى انها مجرد انثى مهزوزة من الداخل لكنها تكابر جدًا ، لم يتأكد من هذا الموضوع بعد ، الا انه شعر بهِ وكثيرًا من سؤالها ، اردف : بما ان مايهمك؟ وشو له تسألين؟
صمتت هاجر بارتباك وهي تحاول ان تبرر : لانو...كنت...
آدم تقدم ناحيتها بطريقة اربكتها جدًا ، ازالت حصونها الماكرة امامه ، فتحت ابوابها الحبيسة وتحررت عينيها وهي تظهر الارتباك رغمًـا عنها ، خصوصا حينما اقترب كثيرًا وشعرت بهِ يغمض عينيه ويشتم من انفاسها ثم يقترب من اذنها مردفًـا : لانك مانمتي...
رفعت عينيه لمستوى عينيه سارحة ، تائهة ، شاردة ، الا انها انتبهت لتردف بقوة : بل بالعكس...كانت نومة مريحة لي..
آدم بسخرية يبتسم ببرود : والله برافو ياهاجر... انا ايضًـا نمت نومة مريحة...لاني قلت الكلام اللي من المفترض انه ينقال..
هاجر لوت شفتيها تحاول كبت الغيض وهي تبتعد عنه كي لاتضعف اكثر واكثر : اذا على كذا...اعتقد انه مافي احد منا مضطر انه يعيش حياته مع الثاني يا آدم...
آدم يصمت لدقائق ثم يردف : بالضبط...وخصوصا اني مو قادر على احتمالك...
صمتت وهي تشعر بالجرح العميق يصيب النخاع ، هُزمت بصمتها حينما غادر المكان ، أتت الخادمة التي شهدت نهاية الحديث ومن الواضح توتر الجو ، ارتبكت وهي توضب طاولة الفطور بينما هاجر لازالت واقفة في مكانها تحدق لطيفهِ الذي رحل ، تتمنى لو انها تخبره بما تشعر ، لكنه في كل مرة يجرحها ويستهين بها وكأنها خردة ، بينما هي تموت وجعًـا كل ماتذكرت تجريحاتِه الاخيرة ، هل يعقل ان يكون الانسان الى تلك الدرجة منن دون قلب؟ ، قوست شفتيها تحاول كبت دموعها ، لكنها فشلت وهي تضع كفها الصغيرة على شفتيها وتشهق لتستمر في نوبة بكاء مؤلمة ، ركضت الى غرفتها بألم شديد وهي تراقبه من نافذتها ، متوجهـًا الى حلبة الخيل ، يمتطيه ، ويجعل من نفسه فارسًـا ، كما يفعل دائمـًا لمهرته....











،


صَحت الساعة الخامسة صباحًـا ، لاتعلم لماذا شعرت برغبة في النهوض ، رغم تعبها الشديد ، تنفست طويلاً وهي ترجع شعرها الاسود الى الخلف ، نهضت وهي ترتب فراشها ثم نزلت الى الاسفل ، مرت في ردهات المنزل لتجد ابنها فهد قد تغيرت ملامح وجهه ، تلقائيًـا هي سحب اللون من وجهها ، نظرت الى باب غرفة اخيها الغائب مفتوح ، توجهت بخوف شديد ناحية والدتها التي كانت تبكي بصمت ، عينيها امتلأت بالدموع وهي تحتضن والدتها بخوف وتبكي : يمه...يمه صلِّ ع النبي لاينخفض السكري معك...خلاص يمه وكلي الامر لله...لاتتعبي قلبك يايمه...تكفين..لو مكتوب له يرجع بيرجع...
ام ليث بألم شديد وهي تمسح دموعها : عذبني اخوك ياشوق...حتى خبر منه ماوصلني...وحتى كلام اللي حولي مارحمني...ابيه خبر عنه حتى لو كان مفقود او مسجون...المهم اسمع ولو خبر صغير عنه وارتاح ياشوق...
شوق بألم تمسح دموع والدتها وتقبل رأسها : تكفين يمه خلاص...ادعي ربي واتركي الامر عليه... وصدقيني الله بيكتب له ولنا الخير...
ام ليث بابتسامة وهي تمسح دموعها : ياحلو طوله ياشوق...ياحلو طوله لا اقبل علي...
شوق بوجع تصمت وهي تحدق في صوره ، شاب في العشرين بذقن خفيف يرتدي ثوبه وشماغه ونظارته الشمسية مبتسمًـا في الصورة يقبل رأس جدته، سعيدًا وسعادته لاتشبه اي شيء ، كان هذا قبل ان يداهمه المرض ويصل الى روحه بعدة ايام ، تتذكر انها التقطت تلك الصورة في يوم العيدِ ، بآخر عيد لهم حينما كانت هي بعمر الثامنة عشر واسماء لازالت صغيرة بعمر الثالثة عشر ، ابتسمت تلقائيًـا وكأن الموقف يزورها اليوم..كانوا يجلسون في الصالة وبجوارهم جدتهم ، حتى انه في الصورة كان يقبل رأس جدته ، ضحكت كثيرًا بين دموعها وهي تتذكر كيف كان يوبخها لانها لم تلتقط الصورة سريعا
ليث بتملل : وبعدين معك انتِ؟ ماتنعطين وجه...يالله اخلصي علينا ابي اروح اصلي الصلاة مع الجماعة ...
شوق وهي تضبط اعدادات الكاميرة بحماس : طيب والله اخر مرة بس الصور مظلمة ....يالله عاد انتظر بس شوي..
التفت الى جدته وهو يبتسم : جدتي تفاهمي وياها...انا عطيتها وجه بما فيه الكفاية...
ام عبد الرحمن بغضب : انتي بتخلصي على اخوك لا اكسر هالعين على راسك...
شوق بضحكة : ههههههههههههه وش عينه يايمة ...هذي كاميرة ...
ليث يقبل رأس جدته بحب : ياعساني مانحرم من هاللسان يايمه...
ام عبد الرحمن بدموع : فديت طولك يايمة...
تأتي ام ليث بحذاء ليث بعد ان قامت بتلميعه بنفسها ، وقف ليث ناحيتها وبعدم رضى مسك الحذاء يحدق بأمه : الله يسامحك يايمه يعني كان له داعي انتي تسوين هالشيء؟ كان قلتي لي وانا سويته...
ابتسمت ام ليث بحب لابنها : ياجعلني المع لك جزمة عرسك يايمه...وشفيها يايمه انت ولدي وخلني اسوي لك كل حاجة ...بعد ماعندي ليث غيرك...
ابتسم مقبلاً رأس والدته : جعلني مانحرم منك بس...
شوق بمقاطعة وبحماس: ضببببببطتتتت ضطبتتتتتتتتت....
ليث يلتفت وهو يبتسم ضاحكًـا على حماسها المفاجئ : انزين طيب خلاص العالم كلها عرفت ان كاميرتك ضبطت...خلصينا انا ابي امشي هالحين...
نظر لساعته وهو يجلس بجوار جدته ، نطت اسماء في حضنه لتردف جدته : وهذي هالنسرة من تشوف احد بيتصور قطت وجهها...
اسماء تحتضن ليث : جدتي انا بصور مع اخوي...شفيها حرام؟
جدتها تبتسم : ياجعلني مانحرم من هالاخوة بس
شوق تنظر لهم بابتسامة : ها جاهزين...
ليث يبتسم وهو يحاول ان "يجننها " : لا اصبري بعدل شماغي...
وقف امام المرآة يضبط شماغه امام عيني امه التي ابتسمت له : ياجعلني ازفك معرس...
اتسعت ابتسامته : اللهم آمين...
جلس على الاريكة بجوار جدته يقبل رأسها مبتسمًـا لتلتقط تلك الصورة واخيرًا بعد عناء ، مُمجدَة تلك اللحظة التي من المستحيل ان تُمحى من خيالها ، بكل حذذافيرها كانت تلك اللحظات دافئة لا تشبه اي شيء آخر ، داعبتها الغصة الأليمة لتمسح دموعها وهي تمسك بامها تساعدها على الخروج ، اجلستها على الاريكة وهي تنظر لفهد الذي ينظر لهم وقد تغير وجهه ، سمع والدته تردف : فهد يمه قوم جيب لجدتك موية..
توجه راكضـًا الى المطبخ وجلب الماء لها ، اعطاها امه ثم مدته لأم ليث التي شربت منه بعد ان بلعت دوائها ، هدأت قليلاً ثم ابتسمت لشوق : اجلسي خلاص مافيني شيء..
شوق تضع كأس الماء على الطاولة وتحتضن والدتها : يمه انا مابيك تشغلي عقلك وتفكري ..خلاص احنا سوينا كل اللي بيدنا...ماظل احد ماوكلناه يدور له...لو كان موجود بيجي خبر عنه...
ام ليث بغضب تحدق بها : استغفري ربك ...تفاولي على اخيك...ماتدري انه ممكن يكون عايش مثل ماقلبي يقول...
شوق تهز رأسها : فال الله ولا فالي يايمة...انا ماقصد انه ممكن يصير له شيء لاقدر الله...بس انا اقول خلاص اتركي الامر لله...انتي تتعبي اكثر لو فكرتي به...
ام ليث تنظر لابنتها بلوم : تلوميني يعني؟ لو فهد ولدك بسم الله عليه اخذه ابوه يوم وانتي ماتدري تعرفي ايش ممكن يصير فيك؟
شوق بخوف وقبضة على قلبها همست معتذرة لامها بعد ان شعرت بشعور ارهبها : معك حق يمه...اعذريني والله...بس انا خايفة عليك...
ام ليث تهز رأسها : لاتخافي علي ياشوق...انا ربي باذن الله كاتب لي العمر لين اخوك يرجع..
شوق تحاول التماسك وعدم البكاء:عسى عمرك طويل يايمه ...تشوفينه وتشوفين احفاد احفاده...
ام ليث تبتسم لابنتها وهي تحتضنها : يابعدي يايمه...خلاص قومي نامي...
شوق تهز رأسها بابتسامة : مو جايني نوم يمه..انتي يمه قومي ريحي شوي وانا بجهز الفطور الحين مع الخدامة ...
ام ليث تبتسم : طيب...وقومي اكوي ثوب ولدك عشان يداوم...
شوق بابتسامة : ان شاء الله...
توجهت الى فهد الذي بالفعل كان لون وجهه مسحوب ، رافقته الى الاعلى لتسمعه يردف : يمه الحين يوم كنت موجود بـ هالدنيا...لحقت على خالي؟
ابتسمت شوق لسؤاله وهي تكوي ثوبه : اكيد حبيبي...كان عمرك سنة ...بس ماشافك كثير لانه كان ببريطانيا...كان يشوفك بالزيارات...
فهد بعدم فهم : طيب ليه غايب طول هالوقت وش صاير؟
شوق استغربت من سؤاله كثيرًا لتلفت ناحيته : ليه تسأل هالسؤال؟
فهد بدهشة وهو يرمي القنبلة : يمة انا من حقي اعرف عشان احدد موقفي ناحية خالي
شوق عقدت حاجبيها بغير فهم وهي تلتفت ناحيتيه : تحدد موقفك ناحية خالك؟ وش اللي تحدده بالضبط!!
فهد بارتباك وهو يحدق في والدته : ابوي....*حينما لمح عينيها تفتحان بصدمة غضب اردف متلاشيًـا* أعني الناس....يقولوا ان خالي قاتل
صُعقت مما يقوله ، وهي تحدق فيه وتهز رأسها برفض مما سمعته : انت طاوع ابوك وبتوديني وياك في داهية...
فهد يهز رأسه : يمه انا اعرف ان ابوي ينتظر الزلة عشان بس يسوي مشكلة...بس المشكلة حتى الناس يتكلموا...وانا مثل الاهبل ماعرف ولا حاجة...خلاص يمة ماعادني طفل اقدر افهم وتقدري تقولي...
ابتسمت له وهي تحدق في عينيه : يمه فهد انا ماقدر اقولك شيء لاني حتى انا ماعرف حاجة ...وشنو صار...بس الحكومة البريطانية متهمين اخوي ليث بقضية قتل واعتبروه مجرم هارب ومن ذيك السنة والدنيا مقلوبة عليه هنا وهناك....اللي نعرفه انا وامي وعمي علي شيء واحد بس...ان ليث مستحيل يسوي هالشيء بدون سبب...وواثقين بانه انسان بريء...وانه بيجي يوم من الايام وربك يكشف الحقائق...انت سكر اذنك يايمة عن كلام الناس وامشي على كلامي ...خلك واثق اني انا اعرف اخوي كثير وفاهمة انه ما اقدم على هالخطوة الا وهو عارف الصح من الخطأ ...وكلنا نعتقد انه كان مضطر...بس لو ترك لنا اثر او دليل عنه يمكن هالشيء يسكت افواه الناس...
ابتسم فهد : ثقي بالله وثقي تماما بأني مستحيل امشي ورا الناس..انا محتاج شيء يثبتني ولا انا واثق ان ربات ام ليث ماتبور...
ابتسمت بفخر وهي تقبله : حبيبي الله يعتز بجدته...ياجعل عيني ماتبكيك...
فهد : طيب يمة تتوقعي في مجال ان احد يلقاه؟
شوق لوت شفتيها ولازالت تكوي ثوبه وبحيرة : امممم...شوف..عمي علي يقول انه في احتمال كبير ان ليث يكون متخبي عشان يلقى حل لقضيته...وهالشيء حتى الشرطة البريطانية والسفارة السعودية متوقعته..عشان كذا الكل متحرك في قضيته...بس اللي مو معقول كيف انه عاش هالعشر سنين متخبي وكيف مدبر امره...
فهد بتفكير : عدل كلامك يمه...بس في احتمال ثاني...
شوق بألم : هذا اللي انا خايفة منه...لا ان شاء الله يكون باقي عايش ويرجع لنا...
فهد : يعني هذا السبب اللي خلى جدتي تنتظر طول هالسنين..
شوق تهز رأسها : ايه...وبدون شيء امي بتظل تنتظر لين اخر يوم في عمرها...جعلني ماشوف فيها يوم..
ابتسم فهد : ان شاء الله يارب يرجع...وتزوجوه وتزوجوني في نفس اليوم مرة وحدة...
شوق تضحك وهي تنفض ثوبه بعد ان كوته : بس هذا اللي انت فالح فيه ههههههههههه...
فهد يغمز لامه : افا عليك...
شوق تبتسم : طيب يالله انزل عشان تفطر ويمرك عمي يوصلك المدرسة ...لاتتأخر عليه لانه بيروح العمل...
فهد : ليه السواق شفيه؟
شوق وهي تنزل : السواق مريض حتى انا اشغالي أجلتها على حسابه...يالله انزل بسرعة لاتتأخر يمه..
فهد : ان شاء الله...
ابتسم وهو يتخيل خاله المنشود رجوعه...خاله ليث ، تخيل لو انه بالفعل يعيش متخبئـًا في ظل تلك الملاحقات ، كم سيكون بطلاً عظيمًـا في صبره وانتظاره في نظره ، تمنى من الله ان يعجل تلك اللحظة ، لكي ترى جدته او تسمع اي خبر عنه.



،




يَجلسُ في سيارته اسفل الفندق التي تقطن فيه الوريف، السيارة التي كانت واقفة وتشتغل الماسحات لمسح رذاذ المطر ، أصبح موسم المطر أطول في هذهِ السنة ، حتى هو شعر بما في الدنيا ورفَق!، لكن هناك قلوب من حولنا لازالت قاسية ولا ترحم ، ابتسم تلقائيًـا بحزن وهو يتذكر سلسلة اللحظات التي قضاها هنا ، كيف قضى لحظاته معها ، كل زاوية حول هذا المكان تذكرهُ بتفاصيل الحياة معها ، اولها شقته ، البلكونة ، الحديقة الخارجية ، سيارته ، لاينسى ردة فعلها اول مرة حينما عرفت بأنه ليث ابتسم تلقائيًـا واصدر ضحكة قصيرة وهو يتحدث فيها مع نفسه : كنتي تدعين علي بمال الطرم! وين كنا ووين صرنا يابنت ابيك؟
ابتسم وهو يلتفت الى المقعد الذي بجواره تذكر تماما كيف كانت منكمشة في زاوية الباب تنظر اليه بنظرات خائفة ، كانت في بداية الغربة لذلك كانت بالفعل جبانة وتخاف من اقل الاشياء ، يتذكر انها كانت لاتمشي الا خلف مشعل كظل له ، تحتمي به ، يتذكرها ويتذكر تلك التفاصيل كيف كتمت سره وحفظته في صدرها ولم تطلعه حتى لاخيها ، حتى انه اضطر ان يتشاجر معه اكثر من مرة ، تلك الفترة التي كثر فيها العراك مع مشعل ، لانه تمرد قليلاً مع الوريف لذلك لم يرضى بهذا الامر واضطر ان يحاسب مشعل على تمرده ، تنهد طويلاً ليبتسم وتلك الذاكره لم تخنه الى الان ...الاصوات نفسها...وردات الفعل تنطوي امامه كشريط يعاد تشغيله


تخرج لتقفل الباب..تلتهي في ترتيب البالطُو الذي ترتديه وتلمح سيارة مشعل وهي تقرر فِي دواخلها بأنها ستُخبِرهُ مهمَا كان السّببْ..تجلس باهمال وتوتر ..تفتح النافذة لتشّم الهواء وهي تهمس وتفرك جبينها بتردد : مشعل..من زمان خاطري أقولك بشيء..بس خايفة اكون غلطانة او ظالمة الانسان..بس مافي شيء يوقف بصفه الا اغلاطه..واتوقع انه يستغلك وماهو واقف معك..هذا الانسان يوقف ضد ليث ماهو معه ..ويبي يستغلنا لان حنا هل قبيلته ووينكب بنا وبولد عمنا..انا هذا اللي جى في باله..صاحبك يوسف يامشعل شفته مرة وانا بسكر الباب يطيح منه شعر مركبه في وجهه..هذا اكيد يستغلنا..وحرام اني اسكت واشوفك واثق فيه وكأنه اخوك بينما انت توك قبل كم يوم شايفه..اسمع مني وانا اختك هذا انسان ماينوثق فيه..الا انت الحين ليه ماتمشي..

مِن المفترض ان يرد مشعل ولكن الصوت الذي جائها أرعب كيانها : نمشي عشان خاطرك بس لي كلمتين علي الحلال ان مانزلك الا وناا قايلهم ولا انتي فاضحتني..

مشى يحرك سيارته ويقفل الابواب مضطرًا حتى لا يخرب مشروع هويته الصغير فتَاة بعدَ كل هذهِ الايام تأتي فتاة لتكون كعطل غير ارادي يتحرك في مسيرته ..
وريف بخوف : عليك الله ان تنزلني وش تبا انت ..علييييييك اللعنة نززززلي يامال الطرررررررم..
لم يرد على تساؤلاتها لانه كان صامتًا ويمشي بينما هي ترد عليه : لله ان تتركني وش بتسوي فيني..تبي تخطفني..؟؟؟ ترا والله ماهو من صالحك من يوووومي دارية وعارفة انك تبي تستغل اخوي مشعل
بكت بدموع اسيرة وهي تردد : ياحسرتي..ياويل حالي على نفسي بعد عمري هذا كله يخطفني انسان مثلك نزززززززززززلني الله لايوفقك نززززززلني..ليه ماترد...رد علي يامال الطرم ..

لم تلقى ردا سوى انه وقف خلف بناية الفندق لانه فقط استدَار وله حكَمة من استدارته : انكتمي..ماني مسوي لك شيء..قايل لك كلمتين ونزلي..عنبوك 10 سنوات من عمري ساتر على نفسي وبالنهاية بنت تفضحني..

ارتعدت بخوف وهي تقرأ آيات الله ثم تردف : وش بتقول ..
لم يرد عليها لكنها حذفته بعلبة صغيرة على وجهه ليرد ..اصابت وجهه ..من خوفها لاتعلم ماهي التصرفات التي تصدر منها..جلّ ماتفكر به بأنها ستموت بعد هذا العمر كله على يد هذا االانسان الذي من البداية كان يخطط لخطفها..

تنفس ليث بغضب : شوفي يابنت ان ماانكتمتي لله ان لذبحك لله !!
وريف تمسح دُموعها بخوف وهي تحتضن حقيبتها : طيب يابونا غلطنا يوم ركبنا سيارتك ومن السماح كنت افكرها سيارة اخوي ..افتح السيارة ياخوي حرام اختلي فيك بمكان واحد..

ابتسم ليث بسخرية : بدري ..ماظلت دعوة مادعيتيها علي..تبين اتكلم معاك وانتي تدعين علي بمال الطرم..

شعرت بأنها شيء صغير حقير من تصرفها لانها لم تكن في عقلها وهي تنتقد هذه التصرفات فكيف ترضى بأن تكون هذه التصرفات صادرة من فتاة ذات ترببية واخلاق..سمعته يكمل كلامه وهو ينظرر للخلف لكي يقوم بتعديل موقف السيارة : وريف..اسمك وريف !!

التفتت بعينين خائفتِين ودَامعتِينْ ترتجف شفتيها وهو يقرأ أفكارها ويضحك : مابسوي لك شيء وربي ..بس بقول لك شيء وابي اضمن انك ماتذيعينه لان لي حكمة..وانتي بنت ناس وانا اعرف من ربوك !

ابتلع غصته وهو يذكر عمه ابو رياض ثم اردف ويصرف عيناه الى النافذة فعيناها تشتتان كلماته : هم كلمتين..مثل ماكنتي تفكرين اني استغل اخوك وسمعتك..الحين ابيك تسمعيني وتفهميني..

لازالت الى الان لاتضع له مبرر لتصرفه فمهما حدث لا يحق له أن ينتشلها من بين طريقها ويأخذها بهذهِ الطريقة الصبيانية..ماذا يريد ان يقول..لامبرر لأقواله ولا حتى لافعاله..لكنه لمحته ينزل الشنب..وشعر بعدما تأكدت بأن السيارة مظللة تمامًا ..
وقبل ان تتعرف على من يكون ولم تنظر الا للجانب الايمن لوجهه ..بمعنى أحرى انها لم تتعرف عليهِ جيدًا ..رأته يبتلع غصّات واضحه ويتحدث بنبرة غريبة : انتي حكمتي علي من غير ماتعرفي اسبابي..واطلبك طلب امام الله ان تستري ع اللي بقول لك..لان مهما حدث فعلا مالي مبرر اني اخذك بهذي الطريقة واتكلم معك بس انا مضطر لاني ماقدرت اوصلك بأي طريقة وانبهك..وانتي جيتي وجابك الله لمكانك ..انتي يوم شفتيني هذاك اليوم وناظرتك كان قلبي مقهور انه بعد عشر سنوات من عمري ممكن تكون بنت هي اللي توديني بداهية والسجن وماعاد ارجع لهلي..

وريف بشك وبدموع ماطِرَة وكأنها عَرفتْ او لمَست خيطَ الحدِيث وهي تدعو الله ان تكُون الشكُوكَ بمحّلها لتهمس وهي تضَع شدها على شفتيها وبشهَقة مكتُومة : ميـ...ـن انت ؟؟؟

ليثَ بغصّة : ولأول مرة من ضاعت من عمري عشر سنين..انطق باسمي لاحد واعرف بنفسي..انا ليث !! ولد عمك..




أغمض عينيه ، حينما تذكر كيف بكت ، بغير تصديق ، حينما عرفت بأنه بالفعل ليث وكيف لامت نفسها بأنها لم تلاحظ ، كادت ان توشي به او تفضحه ، لكن ومن حسن الحظ انه صارحها ، الجمها الصمت حينما علمت بأنه صاحب الهوية المفقودة ، بأنه الغائب عن دار اهله ، اسند رأسه على المقعد ، فتح هاتفه المحمول ، ولم يكن بوسعه ان يكتب اي حرف ، كلما كتب رسالة اعاد مسحها ، لايعلم كيف يخبرها بانه يريد توديعها ، هو اكثر الاشخاص على هذهِ الكرة الارضية كرهًـا للوداع ، لان الوداع لايولد الا الغياب ، والغياب لانعلم حتى متى ينقضي ، خانته غصة في حنجرته لم يستطع ابتلاعها ، تنهد طويلاً لماذا يكره تلك اللحظات رغم انه من الواجب عليه ان يعيشها ، تلك الظروف التي تفرض عليه الافتراق عن احبته ، حتى لا يكشف وتخان بهِ عودته ، حتى لا يتأذى من حوله ، حتى لايعانوا ، يعلم تماما بأنه سيرسلها الى الوطن ، ولكن سيكون الوطن عليها كالجحيم ، لن تسلم من كل لسان ، الا حينما يأتي هو ويثبت بالفعل انهم لم يخطئوا ، وان زواجهُ بها كان اضطراريـًا ، ولابد من اخفاءه عن العيان حتى لايكشف امره ، انتبه لهاتفه وكتب لها رسالة :
" مساء الخير... ادري بك تعبانة وزعلانة..بس تتوقعي قلبي يقوا اخليك تروحي وانا ما ودعتك؟ ...تعالي لاهنتي...لاتحرميني من ريحتك..."





،




فِي شُرفة الفندق كانت جالسة على الكرسي المتأرجح ، تراقب صمت هاتفها ، منذُ البارحة كانت تحترق تنتظر رسالة منه ، وجع وداعه يرتمي في صدرها وكأنه جحيم ستزاوله طيلة الايام الباقية ، تحركت يدها الناعمة على القطعة التي تركها بداخلها ، ابتسمت بين دموعها وهي تضع يدها على رحمها ، تخاطب هذا الغائب وكأنه يسمعها ، فتلك الروح التي هي منه اصبحت فيها ، الوداع يصبح اصعب حينما يترك احدهم فينا اثرًا ، فكيف بهذا الغائب؟ كيف ترك لي قلبًـا كسيرا وطفلاً في رحمي؟ ، كيف جعلني رهينة الى هذهِ اللحظات الموجعه؟ بكت بعمق وهي تنظر الى بلكونته الفارغة ، كيف كانت تلك الايام التي تقضيها بانتظاره ؟ كيف مضت تلك الايام وكأنها اليوم .. أصبح هذا الزمان سريعًـا اسرع حتى من خطف البصر ،
ليتنِي استطيع انتشالك مني ليث، ليتني استطيع اغتيال كل جروحي وارسالها بعيدًا ، لقد وضعتني في اكثر المواقف صعوبة ، كيف سأكذب على الجميع وانا انظر في اعينهم؟ ، هل من المعقول ان اكذب وانا انظر في عيني امك ووالدي واخبرهم بأننا لم نراك؟ ، صعب ، بعد كل تلك الايام الحلوة التي عشناها في الشتاء ومواسم المطر ان نغادر ، انا لا انسى اخر ايامنا ، ولحظاتنا ، انت عشق لا يشبه الا الوداع ، وحب لا يشبه الا الغياب ، وكأن غيابك كل تلك السنين لم يكفيك،لتغيب اكثر وتودع اكثر وتكون اقسى في الغياب والوداع ، تلك الانفاس التي اتنفسها تصبح ثقيلة اكثر كلما اتذكر بأنني لن اراك الى اجل غير مسمى ، لا اعلم فيها متى موعد عودتك ، وعدتني بثلاثة اشهر ، مجرد ثلاثة اشهر ستمضي بعيدًا عني ، تلك الافكار تقتلني ليث،
عضت شفتيها وحزنت عينيها وهي تكتم بكاءًا وغصة جريحة ، تبكي كالاطفال وهي تحاول حبس تلك الغصات الخانقة ، ولكن التماع الدموع واحمرار عينيها وانفها اصبح واضحًـا ، كانت ستنهض الى الداخل لكن هاتفها اضاء برسالته الجارحة :
" مساء الخير... ادري بك تعبانة وزعلانة..بس تتوقعي قلبي يقوا اخليك تروحي وانا ما ودعتك؟ ...تعالي لاهنتي...لاتحرميني من ريحتك..."

حاولت ان تكتب اي شيء لكنها بكت اكثر واكثر حينما شعرت بانها دخلت بهذا الواقع التي تعيشه الان، بكت بحزن لانها ستتحرر عنه بعيدًا وقسرًا ، تلك الظروف هي ماتحركهم ، رفعت عينيها الباكيتين للسماء وهي تخاطب الله : يااااااااربي ليه هالعذااااااب ....متى يخلص ويرجع معي...متى اطلع للعالم كله وتكوني ايدي بإيده من غير كل هالخووووف....
بكت امام عيني اخيها الذي كان مارًا ووقف امام زجاج البلكونة يراقبها ، ابتلع غصة اخرى وهو يرى اخته في هذا الموقف الذي لم يكن يتوقع ان الحال يصبح الى هذهِ الحالة ، يقال ان الشباب غالبـًا مايخطئوا في البداية في قراراتهم ، ثم يكتشفون بعد ذلك ان كل شيء مضى له حكمة وانه يجري في محله الصحيح ، كما هو مكتوب عند الله تعالى ... حاول ان يدخل ويحتضنها ، لكنه رآها وقفت تمسح دموعها ، غادر قبل ان تراه الى غرفته ، دخلت الى الداخل ووجهها مليء بآثار البكاء ، سحبت حجابها ومعطفها الاسود وارتدت حذائها البوت الاسود ، التقطت حقيبتها ووضعتها على كتفها ، وهي تبتلع غصتها تراقب المكان ، كم مرة سحبها الى تلك الاريكة واحتضنها ، تحدث معها عن امور كثيرة ، كم مرة كانوا هنا وعاشوا تحت هذا الضوء المنكفئ بالغياب ، ابتسمت تمسح دموعها على ذكرياتها السعيدة ، خرجت الى الاسفل وهي تنزل ، هناك شعور بداخلها يذوب ، تريد تقصير المسافات لتراه الآن امامها ، وكانت كما رأته الآن يقف بمظلته السوداء تحت المطر ، يرتدي معطفه الاسود ، يبتسم وسط عينين مليئتان بالالم ، ظلت صامته تراقبه بوجع ، واضح جدًا على ملامحها اثر البكاء ، التماع الدموع في عينيها سبب لها غشاوة ، مسحتها بسرعة ، لازالت تنظر في صلب عينيه ، عله يعدل عن قراره ، حينما رأته يبتسم بحسرة ، تقدمت ناحيته ، احتضنته بقوة ، بقــــــوة عظيمة ....تعبر عن مدى حبها ، اشتمته طويلاً ، تلك الاشهر التي مرت كافيه لجعلها عاشقة لهذا الرجل كما هو يعشقها بالفعل، عانقته طويلاً ، رفع يديه بصعوبة لانه لايريد الافتراق عنها ، اغمض عينيه محاولا حبس دموعه التي لم تخنه ولم تنزل ، شتت عينيه وابتلع حسرته ، لم تنزل تلك الدموع ، تحامل على وجعه ليشد في احتضانها طويلاً ، اشتم رائحتها ، يعلم بأن حضنه القاسي قد يوجعها ، لكنها كانت سارحة عن اي وجع سوى وجع الابتعاد عنه ، وللمرة الاولى ، بينما كانت عينيه مغمضتان ، سمعها تنطق بتلك الكلمة التي لم يسمعها الى هذهِ اللحظة لتردف في اذنه بعد ان تأكدت من مشاعرها كاملة : أحــــبك...
فتح عينيه وهو لازال يحتضنها ، ابعدها عن حضنه قليلاً يتأمل عينيها وسط هذا الليل ، كانت تلمعان وكأنها الضوء في حياته ، لقد جعلت من عينيك لي هوية ، لقد زرعتها وسط صدري ونمت لتضيء لي عمري وحياتي، تلك الكلمة التي خرجت من شفتاك تسوى هذهِ الدنيا بمن فيها ، هل تحبين رجلاً عاشقًـا لك ؟ مدمنًـا على اسمك والنظر الى عيناك؟ الهي كيف سأتحمل الايام التالية التي لن أرى فيها عيناك؟ الهي ارحمني برحمتك الواسعة! ، فقد اصبحت الالام كثير ، ومن الصعب احتمالها ، لقد ضعفت امام تلك الكلمة التي جعلتني مهووسـًا بترك تلك اللحظة والعودة الى الماضي ، هز رأسه وشدها مرة اخرى وبقوة اكبر الى حضنه ، كان دفئها بين ذراعيه يغزوه ، ورائحتها الحلوة تداعب انفاسه ، ليهمس وهو يقبل جبينها : وحق اللي خلق هالروح اللي ببطنك...اني احبك الى يوم يبعثون...
غزت عينيها الدموع وهي تبتسم بين دموعها وترى السيارة : ايه؟...وين بتاخذني؟
ابتسم بضحكته وبنبرة مختلفة رغم ان الحزن يحيطهم يجيب بهدوء : لازلتي ولآخر يوم لنا ماتتركين طبعك...فضولية..مثل ما احبك...
ابتسمت تبتلع الغصة ، تذكرت كل مرحلة فضولية صادفتها معه وكيف كان يضحك على فضولها المجنون ، فتح لها باب الراكب ، لتبتسم وهي تركب مراقبة اياه وهو يتوجه نحو مقعده ، ينظر الى عينيها وهو يشغل السيارة ، اطلق تنهيدة عظيمة وهو يبتسم ، اعاد نظره الى النافذة الامامية وهو يحرك المقود الى وجهة الوداع...












انتهـــــى ..الى الملقتى باذن الله :$








 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بقلمِي, سأشير, سُئلت, عيناك, هويتي, ولَئن
facebook




جديد مواضيع قسم ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 09:45 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية