البارت: الثاني
سجِّل
أنا عربي
ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ
وأطفالي ثمانيةٌ
وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ!
فهلْ تغضبْ؟
سجِّلْ
أنا عربي
وأعملُ مع رفاقِ الكدحِ في محجرْ
وأطفالي ثمانيةٌ
أسلُّ لهمْ رغيفَ الخبزِ،
والأثوابَ والدفترْ
من الصخرِ
ولا أتوسَّلُ الصدقاتِ من بابِكْ
ولا أصغرْ
أمامَ بلاطِ أعتابكْ
فهل تغضب؟
سجل
أنا عربي
أنا إسمٌ بلا لقبِ
صبورٌ في بلادٍ كلُّ ما فيها
يعيشُ بفورةِ الغضبِ
جذوري
قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ
وقبلَ تفتّحِ الحقبِ
وقبلَ السّروِ والزيتونِ
.. وقبلَ ترعرعِ العشبِ
أبي.. من أسرةِ المحراثِ
لا من سادةٍ نجبِ
وجدّي كانَ فلاحاً
بلا حسبٍ.. ولا نسبِ!
يعلّمني شموخَ الشمسِ قبلَ قراءةِ الكتبِ
وبيتي كوخُ ناطورٍ
منَ الأعوادِ والقصبِ
فهل ترضيكَ منزلتي؟
أنا إسمٌ بلا لقبِ
سجلْ
أنا عربي
ولونُ الشعرِ.. فحميٌّ
ولونُ العينِ.. بنيٌّ
وميزاتي:
على رأسي عقالٌ فوقَ كوفيّه
وكفّي صلبةٌ كالصخرِ
تخمشُ من يلامسَها
وعنواني:
أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ
شوارعُها بلا أسماء
وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ
فهل تغضبْ؟
سجِّل!
أنا عربي
سلبتَ كرومَ أجدادي
وأرضاً كنتُ أفلحُها
أنا وجميعُ أولادي
ولم تتركْ لنا.. ولكلِّ أحفادي
سوى هذي الصخورِ
فهل ستأخذُها
حكومتكمْ.. كما قيلا؟
إذنْ
سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى
أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي
حذارِ.. حذارِ.. من جوعي
ومن غضبي!!
* محمُود درويِششْ :$ , *
،
في السعودية .. الوقت يشارف على ان يكون بمنتصف الليل..
لاذ الجميع بالنوم..عدَاها ..وأخيها مشعل..الذي حضر متأخرًا..وجلس بجوارها..يرى في عينيها شيئا جريحًا , فإذا ما أصابَ سهمًا قلبها أحسّ به بسرعة..
همَس لها بهدُوء : وريف وراك شيء؟؟!
وريف بابتسامة وبعبط: لا ..ماورَانا الا حبكم اللي مسهرنا ليالي..
ضحك مشعل وهمس : هههههه هياط نازل علينا من السماء.. * وبجدية * لا جد جد انا اعرفك لاتضايقتي..وش وراك ؟
وريف رفعت كتفيها وهمست : جدتي..مو راضية اسافر معك..حاولت معها لأكثر من مرة..وامي وابوي مو راضيين يسفروني من غير رضاها..
مشعل : امي وابوي معهم حق..وجدتي معها حق من ناحية ومامعها حق من ناحية ثانية؟؟
وريف بتساؤل : كيف؟؟
مشعل يلتمس خَيط الحديث:جدتي معها حق في انها تخاف عليك من السفر..بس مامعها حق تمنعك دام ان طموحك موجود برا ..وثاني شيء انتي مابتروحين الا مع اخوك..
وريف : مو هذا اللي مجنني..
مشعل ابتسم : لا تحاتي..موضوع تيتة اتركيه علينا ...
وغمز لهَا..
ابتسمت بحب وهمست : مشعل..مو ناوي تخطب قبل تروح..
مشعل يحَك ذقنه ويبتسم بابتسَامة تبين منها انيابه : ان الله كتبها في كتابي فلي لها ليش لا.. بس انتظر اكون حالي اكثر ..
وريف : هذا انت معك الفلوس وكافيتك وخير ربي مو قاصر ..تكون نفسك في وش!!
مشعل : الزواج مو بس تكوين مادي..تكوين وتأهل نفسي..
وريف بموافقة : صح..انا معك..هالايام اشوف البنات اهم شيء عندها تتزوج واسمها يرتبط بإسم رجال غير ابوها..ماتدري ان بعض الرجال ينباعون بكلمة راس..وكرامتها ماهي متحققة الا ببيت ابوها..
مشعل يهز رأسه : انا ماحب احط نفسي في هالمواضيع وهالمواقف..لله ان مثل مافي عندكم بالبنات كذا..حنا الرجال بعد كذا..قسم بالله ان ودي اشيل العقال على راسه واقول له اذا فيك شنب وشرواك شروة الرياجيل..البس عقال وتعال تمايل على خلق الله..
ابتسمت وريف : كفوو يامشعل..والله انك رجال سنع..ماهو بعلى رياجيل وبنات هالايام ..شغلتهم هياط على قلة سنع..!!!
ابتسم مشعل وهو ينظر لساعتَه : كأنه تأخر الوقت ..
وقفت تطلق يديها في الهواء بكسَل وبتثاؤب : كثييير..يلا تصبح على خير..
أطفأ أنوار الصالة .. وتوجه فورًا الى غرفته لينام بعدما رأى وريف تسبقه الى غرفتها فتنام..,
،
في بريطانيا..
الوقت يشارف على ان يكُون صباحًا ..,استيقظ فزعًا من نومه ..كل يوم يظن انه سيقتل..ويباع قلبه هنا ..وأوصاله هنَاك..ويكون شبه سلعة مستغله فقط ليسد جوع اولئك الحمقَى ..
استيقظ وهو يرى منَزُله المغطى بستائر متينة..تمنع الناس من رؤية مابالداخل..فتح الستَار قليلا..,
نهض ..مشوار ليث انتهَى ..والآن مشوار يوسف قد بدأ ..لكن قبل ذلك..سأتوجه لله..سواء كنت ليثًا ام يوسف..!! ,
استقرت عينَاه على ساعته الفضّية .. ,
توجه فورًا الى الحمآم يتوضَأ لصلاة الفجر , انتظر الصلاة .. في هذه المدن لا يُوجد مؤذنين, لا تُوجد مساجد , ولا حتّى أئمة المسَاجد !! , في هذا المكان اشتاق حنينَهُ آالمُترع بسمآع صَوت الأذآن .. ,
فأوهَم نفسه كل ليلة في الفجر ليضع صوت مؤذن في هاتفه يرن كمنبه له, ..
ربما هذا يساعده على تفادي أزممة الحنين .. , بعدما ان انتهَى من الوُضوء..وفِي وسط الظّلام فرش سجّادته.. , حتى تسربت أشعَة الشمس.. , وانعكست على وجهه.. ,
الى ان جآء وقت التسليم.. , سلام اليمين ظلام..وسلآم اليسآر سطع ضوء الشمس في عينيه بقوةّ.. ,
انهى صلاته والتفت ناحية الضوء, ..همس بصعُوبة : يارب..نية المظُلوم عند ربه بريء,
وقف وتوجه ناحية الضّوء ليسدَه..لكنه لمح طفلا يمر في الطريق..لو انني لم أدخل في هذه المعمعة..لكان لدي الآن 3 مثل هذا الطفل..! , * لو * !! ,
،
في صبَاحَاتِ المَملكة.. ,
استيقَظت بكسل ..الصباح في هذهِ الأيام مُمل دون رضَى جدّتِي.. , الأمُّ الكُبرىَ في هذا المنزل..!
توجهت لدورة المياه.. , خرجت لتنزل الى الاسفل.. , توجهت الى حديقة المنزل حيث يجلسون لتنَاول الفطُور,
نظَرت لجدتها بألم,.. تغلبت على الألم حينما ابتسم لها مشعل بتعابيره بأنه سوف يقوم بحل الموضوع .. ,
" شكرا مشعل..ممتنة لإنقاذك لي",
تمتمت بذلك في داخلهآ ,..
توجهت الى والدها قبلت رأسه..ووالدتها ايضًا ..وحينما جلست بجوآر جدتها وكانت ستقبلها اشاحت برأسها بقوة ,
نظرت للأسفل, وعقدت حاجبيها بألم,..رتّبت الكلمات في دوآخلهَا..ثم انطلقت الجُملة : يووومه ...داخله عليك ثم على الله.. ليه ماتبين تكلميني..لأني قلت اني بطلع مع اخوي ؟؟!
الجدّة بقهر : ماهو بس على كذآ يالخبللاء..على عنادتس اللي ماوقف على زعلي.. ,
ابتسمت وريف : يعني ياتيتة انتي مو زعلانة مية بالمية من موضوع السفرة..انتي زعلانة من موضوع اصراري..فديتها حبيبتي تتدلع,
قتلت ابتسامتها لتهمس : ماهو وقت استظرافك..!
وريف قبلت رأسها مرة اخرى : والله اني ابي رضآك حتى اقدر اروح بضمير حي,
نظرت لِمشعل ..بمعنَى جآء دورك لتريحني من هم الضّمير ليهمس : يووومه وريف معها حق.. اذا انتي رافضة روحة وريف عشان خايفة عليها معنآهَا ماعندك ثقة فيني ! ,
الجدّة : مو ماعندي ثقة فيك يايوومه..بالعكس انت عود هالبنت*نظرت الى وريف* بس حنا ماعندنآ بنات يطلعون برآ.. ,
مشعل : يوومة ترا شرع ربي ماحرم الموضوع ..ولا منع البنت انها تشوف مستقبلها بالمكآن اللي هي تبي.. يومه وريف بنت سنعة وكلنا واثقين بأنها تخاف ربها ومستحيل توصل فيهآ للحرآم..والحرآم ان كانت بتوقع فيه بتوقع بالمكآن اللي هي فيه..سوآء هنآ ولا برآ.. , أوعدك يوومه لو رضيتي اني احافظ عليها وماخلي حد يرميهآ بورد..والله لأذبحه وأشرب من دمه.. ,
الجدّة بتفكير لأنهَا لآ تستطيع أن ترد لمشعل طلبًا : اتركني أفكر..وهالخبلاء سنعععهآ علي.. ,
وريف ابتسمت بمرح وهي تنط لتقبيل جدتها ..احتضنتها وهمست : بالله يووومه ما وحشك جناني..؟؟
الجده بابتسامَة وبتمثيلْ عصبيّة محترف : اعقلي لا أغير الراي هالحين..!
وريف بهدوء وانسحآب : هههه ..لا دخيلك مآصدقنآ جانا العفو الملكي..
ابتسم مشعل لوريف وهو يغمز لعينيها بمعنَى أنه قد تم حل الموضوع ..
ابتسمت له بامتنآن واضح من تعآبير عينيها ..
اكَملتْ حديثهآ مع والدها أبو ريآض وام ريآض..
ولكن..
الجميع الآن يستفسر عن مكآن ريآض ؟
ريآض مات في حادث مروري وهو في سن السادسة عشر..
حتى وريف لم تره قط ..! ,
،
في شوآرع بريطانيآ .. ,
خرج من كومة الظلام بعدمآ دسّ نفسه تحت ثيآب تنكرية تخفي هويته.. ,
انتهى من تهشيم ليث.. , فقط ليكون يوسف,
ليعيش مسآفة العذآب,.. في وحدة مقدآرها 10 سنوآت ,
لذلك.. الجميع يستفسر..لمآ ليث لايتزوج الآن !! لما لا يتزوج من فتآة بريطآنية مسلمة..أو عربية مبتعثة.. تخفف عنه عبء الغربة..وعنآء المستقبل المر,
جوآب ليث هو جوآب واحد.. لا يستطيع ان يتزوج وهو مذموم..بمعنى رجل غير حر..أي ملآحق..وهنآ الأفظل ان يقُوم بإيجآد حل لأوضآعه .. الحكُومة البريطانية لا تخاف الله سبحآنه وتعآلى, لذلك من الممكن ان تكُون زوجته ..أو إبنه .. ضحية فقط لإيجآد ليث,
وبالتأكيد هو لا يريد ذلك..
السؤّال الأهم من ذلك..لما ليث لايقُوم بمهآتفة أهله؟
الإجآبة.. ان ليث شخص ملاحق ايضا وغير حر..والخطوط البريطآنية السعودية تحت رقآبة عآمة..وأي شيء يرد عن ليث..سيكون تحت الرقابة.. ,
لذلك فقط الأشخآص الملاحقين هم من يعيشون عنآء التجربة..وهنآك ضحايا عربية مسلمة من الواقع.. ,
تستطيعون الاستفسار عنها خصوصآ عند الصعيد الفلسطيني..
وهنآك امثلة لهذه الضحآيا السعودية.. ,