لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-09-16, 03:45 AM   المشاركة رقم: 36
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم والرحمة ..
هذا البارت وصل ولله الحمد.. البارت الـ 31 راح ينزل ايضا بالليل احتمال الساعة 11 ويوم الجمعة راح ينزل البارت 32 الساعة 11 ايضا..لذلك اتمنى منكم الصبر ..لاني احاول اسعدكم بمواعيد البارتات المتقاربة..
وان تأخرت بعض الوقت فهذا امام من الانترنت او من تنسيق البارت..ولا ثقوا بأن البارت يخلص قبل الموعد..لكن المراجعة واحيانا النت هو ما يأخرني..فلذلك التمسوا لي العذر..

اتمنى الاحداث تعجبكم..
ولكن اعذرونــي في هالبارت..قسيت على ليث..
قسينا على قلب ام ليث ايضــا..
احتملوا كمية المشاعر..
هاجر مغشومة بالوجع من آدم بعد :$ ,
ردة فعل ناصر من هيفاء..
وردة فعل سلطان ايضًا !!

مدري ليه حسيت انه هذا اقسى بارت كتبته..لان الجميع يتوجع فيه..
لكن هم فيه كمية مرح وضحك.. ويارب يعجبكم..

مبروك علينا الـ 100 الف..والله انبسطت..ومبروك علينا ان حنا بعد كم يوم بنكمل سنة..عاد مثل غيري بقول لكم جهزوا هداياكم..حنا كريمين والرواية تستاهل ههههههه
أحبكمْ :$ ..
واحب وجودكم معي..وهالرواية تعتبر اجمل تجربة في حياتي..
يارب يارب نوصل لمرفأ النهاية بخير..وعندي ثقة بأن السنة راح ننهيها ..


استمتعوا بالبارت..ولكن!
مثل ماهو من حقي اني اكتب..من حقكم انكم تتفاعلون ايضًا..مابي ازعل منكم وانا مبسوطة في هاليوم.. رجاءًا اسعودني فقط ولو لهذا اليوم :$

البارت سميته \ بارت السيلفي ..عاد اعرفوا ليش ههههههههه وخبروني وش احلى سيلفي !









البارت الثلاثون (30) ..


**

فلم يَعُد يتركُنا أو يغيبْ

عن دَرْبنا مَرّهْ

يتبعُنا ملءَ الوجودِ الرحيبْ

يا ليتَنا لم نَسقِهِ قَطْرهْ

ذاكَ الصَّباحَ الكئيبْ

مُهْدي ليالينا الأسَى والحُرَقْ

ساقي مآقينا كؤوس الأرَقْ

2

مِن أينَ يأتينا الأَلمْ?

من أَينَ يأتينا?

آخَى رؤانا من قِدَمْ

ورَعى قوافينا

**
# لِـ المتألق \ نازِك الملائكة :$ ,








مسَاءُ الرياض ، قلُوب تائهة ..لاتعرفُ ماذا تفعل وسط هذه الظلمة المنزوية في بقعة العالم.. السواد يغشي المكان..يزيدُه اختفاءًا وسط الهجمات البشرية المرتدة..العيُون..
الكل هنا يقُدسِ لغة العيون ، يحمِيها من الانقراض بين تاريخ اللغات المفقُودة..التراشقُ بالنظرات..وحروب الاعين..كلها مسجلة في قوانينِ الشعر والادب..عيبْ..عيب ان نجعلها تراث قديم لا يستحقُ ان يروىَ .. او يُطبّق.. بالفعل..تلك الفتاة ترفع قميص نوم هادئ بملل، تطويه بخزانة بتعب شديدة..ثم تبكي بحُزن ورأسها مستند على ابوابهِ الخشبية..المصنوعة من اشجار الصنوبر .. تتنفس بهدوء بين كُل دمعة واخرى..تذكرها بانها تُريد..طبعًا لا اعتراض على قضاءِ الله وقدره..
لكن..ان تشعر بالحرمان..وان شخصٌ ما كُنتَ قد خيبت ظنّه..هذا شعُور لعين يتراقصُ في شذى روحها المنزوية وهي ترتل على روحها اقسى الكلمات..ناصر لايستحق..
ناصر رجلٌ بمعنى الكلمة..
ناصر حزين..
ناصر يريدُ طفلاً..
وام هذا الطفل..لاتستطيع..
اختنقت فجأة وهي تعض على شفتيها تحبسُ الشهقة التي جعلت جسدها ينتفضُ فجأة، ناصر دخل للمكان..لم ينتبه لدموعها..نزع شماغه..انتزع ثوبه..ارتدى بيجماته..دون الجزء العلوي..الرجال الشرقيون لايعترفون بالجزء العلوي من البيجامات غالبًا.. من مرآة الدولاب الطولية كانت تراقبه..رجل وسيم..جذاب..كل امرأة تطمح به..لماذا يصبر على امرأة لاتستطيع الانجاب؟ هل يخطط للزواج في قرارة نفسهِ؟ هل الانثى بلا جدوى حينما لا تكون من فئة – الولود؟-!! .
تتشاغل بالدولاب حينما لمحت ناصر ينظر لها بعدما كان واقفا يعبثُ في هاتفه.. تعرف بانه لا يستطيع ان يرى دموعها..وحينما احست بهِ خلفها..اختنقت بقوة..وهي تحاول ان تتشاغل بملابسها داخل الدولاب.. كانت تحبس صوتها الحزين لتقول ببراعة مجروحة: ياربي محتارة وش البس؟
تنهد!..اطلقة تنهيدة البئس..التنهيدة التي يطلقها كل مرة حينما يرى هيفاء تبكي..التنهيدة التي اخبرها عنها سابقًا..وقال " لما اشوف دموعك تلقائيا اتنهد..ماحبك تبكين..رغم انك تكونين اكثر جاذبية بالدموع "
تتذكر انها ابتسمت حينها، ياالله..لماذا لاتستطيع ان تبتسم ، لماذا رجفتها تفضحها..لقد عرف..لقد عرف اني كُنت ابكي..ناصر لقد ربح! .. لفها ناحيتهُ وهو ينظر عينيها..الانشطار الذي يجعلهُ يهوي.. ويهوي..دُون ان يشعر.. الدُموع اللذيذة تؤذيه.. وتجعله يبتسم وهو يمسح دموعها بابهامه..حينما رأت ابتسامتهُ الحانية..انفرطت في بكاء شديد..وكأنها قُنبلة تنتظر مؤشر فقط..لتنفجر!..
حتى هُو دهش من بكائها..ارتمت على صدره بقوة ..لم يستوعب في بادئ الامر..شدد في احتضانها.. لف ذراعيه بقوة حولها..ثم همس في اذنها: هيفاء..وش صاير؟ وش فيك!!!
هزت رأسها كناية عن رفضها للكلام..- لماذا تبكي – سؤال يطرح نفسه ، جملة تعارض النص ، قصيدة تنتظر الاكمال..قافية منزلقة ..جملة عارضة.. امام تساؤلات ناصر ليصر عليها بلكنة تنم عن اصراره : ماهو شغلي ترفضين ؟ قولي اللي عندك وش مضايقك..تعرفين اني ماحب اشوفك متضايقة كذا!!!
هيفاء تحاول تجميع شتاتها وروحها ، تتنفس بهدوء تحاول استجماع انفاسها ثم تمسح دموعها.. وشفتيها تحاول ان ترفعهما عن التقويسة البائسة التي ارتمت عليها: مافيني شيء..مدري بس يمكن ضغط نفسي ..احتجت ابكي و...
ناصر يرفع ذقنها ناحية وجهه ونظرته المباشرة –تعاقبها- : لاتسوقينها علي! ماني بزر..اعرف ان اللي فيك شيء مثقل عليك..ومابيك تحملين هالثقل لوحدك..
هيفاء باصرار:مافيني شيء..
ناصر امسك ذراعيها ونظر لعينيها ، ادارت عينيها عنه وهي تحاول ان تشتت نظرها ثم قال : شفتي انك تكذبين؟ هيفاء تكلمي وش اللي مضايقك..
ارتجفت بين ذراعيه ، وبنبرة اكثر ارتجافا : انا..كنت..
ناصر بقلق وعيناه تستجوبانها:انتِ كنتِ ويش؟
هيفاء تتقوس شفتيها اكثر وبحة الحُزن واضحة وتخنقها : كنت ..افكر في حياتنا..انا وانت..اربع سنين..من غير طفل!! وانت كيف متحمل؟
ناصر يتنهد بابتسامة : بس ؟ هذا اللي مبكيك؟ زوجتي خبلة لـ هالدرجة!! ماتدري اني احبك وحبك مغطي على كل رغبة ممكن افكر فيها؟
بكت بانهيار وهي غير مصدقة لكمية الحزن التي في روحها : لا تمثل علي انك تحبني كل هالحب ياناصر ..ادري انك تبي طفل ومحتاج هالشيء..ادري فيك واحس انك ترغب بالطفل هذا..
ناصر ينظر لانهيارها: ان لله ! يعني انتي من جدك؟ انا قد طالبتك بـ هالشيء ولا ضغطت عليك فيه!!!
هيفاء بقهر باكِ: مايحتاج تقول..انا ادري انك تبي..والله ادري وحاسة بـ هالشيء..انا ماني غشيمة..
ناصر يمكسها بقوة ويثبتها في صدره..وعيناه تكادُ تصطدم بعيناها بسبب مسافة القرب المعدُومة: لا انتي غشيمة ..واكبر غشيمة؟ يعني ماتدرين اني انسان مؤمن بقضاء ربي وقدره؟ ولا تعرفين اني ماقدر الومك على هالشيء لان مالك يد فيه! تأخر الطفل..ماعليه خل يتأخر..قدامنا هالعمر كله..نقدر نجيب..انتي مانتي بعقيم..يعني احمدي ربك..
هيفاء تمسح دمُوعها : انا احمد ربي واشكره..بس اتأذى لما احس بحاجتك لطفل..
ناصر يبتسم وهو يُريد احراجها : لا بعدي ماشبعت منك..ولوحدنا!..مانبي بزر يلق علينا الحين..نتسلى هاليومين وان ربي كتب نجيب ليه لا..لااعتراض على قضاء الله!
هيفاء تحمر خجلا وهي تبعده عنها : وليه جاي متأخر ياسيد ناصر؟
ناصر يبتسم وهو يستلقي وهو يقلد لكنتها الباكية : البابا كان يبيني اشتغل..وكنت اخاف اني يعسسب عليي..وتعرفين يا حياتي..
هيفاء تكشر : يعععع ماهو لايق ..
ناصر يضحك:هههههههههههههههههه اقول لاتكثري وتعالي نامي..- وبولع - عساني اخمك..
هيفاء تلتقط وسادة من الاريكة وترميها عليه : هههههههههههههه ..
يقف ناصر لها لكنها تهرب لدورة المياه ، وتغلق عليها الباب وهي تبتسم بسعادة..رجلُ كناصر..يسمى الامل..يسمى الحياة..يسمى الروح والانعاش.. لو اني لازلت عزباء..وجاؤا رجال العالم كلهم..ومن بينهم ناصر..لكان لحبيبي ناصر كلُ الاختيار .!


،

احتكاكها بِه اصبح قليل جدًا ، لدرَجة انه اصبح لايراها..منذُ ان غادرتهُ قبل يومين وهي تبكِي..لم يستطع اللحاق بها..هُو ينام هذهِ الايام في ملحقه..لانهُ كل مرة له..بعد اول قبله لهما..كانت تُغلق الباب ، وتُقفله..يأتي في الليل لينام ، يجدِهُ مغلق..ويغادر بصمت.. ان تصمتُ كل احاسيسك ياهاجر ، وارى حُزنك ..هذا شيء ثقيل على قلبي..كيف وهو لم يصل لك خبر مرض ابيك؟ كيف ولم تصلكِ الصدمةُ الاولى بمعرفة هذهِ الانباء السيئة ؟ ..لماذا تُصرين على الحُزن وهو لم يحن وقتهُ بعد..لما تسابقين الريح..والطبيعة في كل شيء ؟
ينزل من على الخيل الذي كان يركضُ به في الحلبة..ادخلهُ الاصطبلات ليرى سعُود واقف امامه ..بوجهِ شاحب..بملامح مُتعبة ومثقلة..يريد المشي لكنهُ كان شبه مترنح..توجه اليه ادم بسرعة وهو يسندهُ على ظهره ، يمشي معهُ حتى يصل الى قصرهُ ، وفي الصالة الخارجية يضعهُ على احد الأرائك وهو يجلس بجواره ويطلب من الخدم الماء .. ثم يقول : سعود..قو نفسك لاجل بنتك وولدك..
سعود بتعب وشحُوب يبتسم : مابقى من العمر كثر اللي راح!
آدم يشد على يده : لاتقنط من رحمة الله.. قوي قلبك وصحح ايمانك ورح للدكتور..قم نروح انا وانت والله وضعك مايسر ..
سعود:لا والله ان تهجد..التعب من الشغل ماهو من المرض.
آدم : اول مرة انت تتعب من الشغل؟ لاتظني غشيم يابو عمار سوقها على غيري..والله ان تقوم وهذاني حلفت..وماعلى محلوفك مردود الا الكفارة!
سعود يشرب الماء : انت بتخليني اندم اني قلت لك!
آدم يبتسم وهو يربت على كتفه: انت ماتبي عيالك يشوفونك بذا الحالة!ولاتبيهم يضيعون..
سعود لازالت الابتسامة الشاحبة تخطفُ ملامحه : لا مايضيعون بحق واحد احد.. دام هاجر معك ضامنها..بس عمار باقي ماضمنته وخايف يضيع روحه..
آدم : عمار خله..مصيره يشوف الحق بعيونه..
يسمعُون صوت خطوات تنزل من على السلم الخشبي، خطوات ثابتة..مرتجفة..قلقة..متوجسة..وهي تتقدم بخطوات سريعة بعد صدمة لثوانٍ وهي ترى والدها بهذا المنظر المزري وهي تتوجه نحوهُ بصوتٍ مبحوح وقلق : يبـــه ؟ شفيك ياروحي..وش صاير لك..ليه وجهك لونه مسحوب كذا!!
يراقبها آدم بصمت، يشيح بنظره عنها..لايريد ان يراها بهذا المنظر،وهو يعلم أسوأ خبر ممكن ان تتلقاه في هذه الارض..مرض والدها، ابتسم والدها وهو يحتضنها:مافيني شيء وانا ابوك..انتي اللي وش فيك!
هاجر ولازال قلقها عليه مستمد : مابي شيء يايبه ..انا قلبي واجعني عليك..ليه مارحت المستشفى ..وجهك ماهو طبيعي..
سعود ينظر لآدم –وكأنه يضربهُ في الحديث- وهو يوجه كلامه لهاجر: بلى فيك! .. اشم ضيقتك ولا اعرف وش سببها ؟ ليت عاد الشم زين! بالاول لاحطيت عيني بعينك دريت وش علتك!
قوست شفتيها بحزن وهي تحتضنهُ بقوة : حزني عليك هالحين يايبه..مايسوى تسوي في عمرك كذا..تكفى طاوعني وقم للمستشفى..
بو عمار يبتسم وهو يمسح على رأسها: خلاص ..آدم بيوديني..
تنظُر لآدم بعينينٍ تلمعان بالدُموع، نظرة تذبح ببساطة ، ابتسم بحنان لها يطمئنها،لكنها عرفت ان هناك اعمق من ذلك! ..هناك شيء يجعلها تشعر بأنها ليست بامان في هذا العالم ..بأنها ستبقى وحيدة..
بو عمار ينظر لها: يايبه ياهاجر ماظل من هالعمر شيء..صحتي هاليومين ضعفت..انتي قوي ايمانك لو صابني بالايام مكروه..
هاجر تبكي بجزع : لا والله ان مايصير عليك شيء..يبه لاتفجعني فيك ترا والله الدنيا تخوف..انت بخير ولاتقول هالكلام..بتظل وتبقى وتشوف عيالنا وعيال عيالنا!

ياالله..هي تتحدث عن الاطفال..طفل مني ومنها، مزيج الهي يخرج كطفل..يُشبهها ، يُشبهني..هل هذهِ غاية ؟ ام انها كلمة وقعت دون حُسبان لها..؟ الصمت ثرثرة عميقه في روحه..وهو ينظر لها بشرود..ملامحها الدافئة اصبحت باردة من الدُموع..شفتيها ..انهما مصقلة العالم...تعضها بلا رحمة..عاقبتني انا..!! لاني دللتُ شفتيها ..لاني لم اعاملها بقسوة كما تفعل..لم اكن لاعضها بجنون وبلا رحمة! ..
بو عمار يحتضنها ويبتسم : هالحين وش له كل هالبكي؟ ليه انتي خوافة و وسواسية..قلت لك مابي شيء!
هاجر: بس انا ابي يبه..ابي كثير..بعدني ماشبعت منك..مابيك تروح..ماكفاني دلالي عليك..ابي اتدلل اكثر..
بو عمار يبتسم اكثر ويلوم نفسه:دللتك واجد وعلقتك فيني..المفروض اقسى عليك شوي حتى يصير في قلبك كره لي..وش يصبرك على بعاد ابيك انتي!
هاجر بحزن:يبه ليه صاير تقسى حرام عليك..والله مابي افقدك..وش صاير لك ياروحي ؟ يوجعك شيء ..والله افداك انا بس كون بخير
آدم يضع يده على اكتافها ويبعدها عن صدر ابيه المستلقي على الاريكة: خلاص هاجر وكلي الله ابوك مابه شيء..ابوك يقول هالكلام لانه خايف عليكم..وهو تعبان شوي لكن يحتاج منك تكوني قوية..
هاجر ولاول مرة تتجرأ وتضع يدها على ذراع ادم : تكفى..انت مو مخبي شيء علي ؟
آدم بكذب : افا مايتخبى الا الردي..ماني مخبي عليك طمني بالك..
هاجر بقلق:اجل ليه يقول لي هالكلام؟ اكيد فيه شيء..اكيد ابوي صاير له شيء..
آدم يسحبها معه للخارج:مافي شيء..شفيك يابنت صايرة وسواسية..
هاجر تفرك رسغها بهدوء : مدري بس خايفة عليه..مابي افقده احسني اضيع!
آدم يحتضنها بقوة:والله ان ماتضيعين ..خلاص لاتفاولين..
هاجر تهز رأسها:بتوديه المستشفى؟
آدم يُخرج مفاتيح سيارته من جيبه:ايه.. ولا جى عمار قولي له ان حنا مابنتأخر..يعني مايحتاج يسوي حركات العصف ويجي للمستشفى..طمنيه والوضع مايبي له شيء..
هاجر:طيب..امانة طمني عليه..
فجأة ينحني بعد ثوانٍ من نظرتهِ لها، يقبل خدها.. ويداعب ارنبة انفها بأنفه وهو يهمس: لا تخافي..لاتكوني جبانة..قوي حالك..
هاجر بارتباك تهز رأسها:طيب..
توجه للداخل وهو يسند اباها بعدما قام بتقريب سيارته للمدخل الرئيسي للقصر..ساعدهُ في الركوب..وهاجر تودعهم بصمت ، وقلق..وجهل!..والدها يبتسم لها من السيارة..آدم يرتدي نظارته الشمسية..يلتفتت للخلف وهو ينظر لطريق الخروج.. حتى اختفت السيارة من الانظار.. ولم ترى سوى ضباب كامبريدج!


،

في ظهُر هذا اليوم ، كانت الافكار المجنُونة تتعبدها ، فكرة الانتقام لديها اصبحت جميلة ولذيذة.. ليث..اصبح جزء كبير من المرح ، صحيح ربما هناك مشادات تقع بينهم ، لكنهُم بالنهاية يستمتعون بها كذكرة جميلة.. السعادة ببساطة لاتحتاج الى استحالات كبيرة..أشياء صغيرة قادرة على ان تهزنا في العمق ! ، .. كالتي بينها وبينه.. وهي لازالت مصرة..الغائبون يزيدهُم الغياب جمالا .. وحنانا ..وقسوة.. الحياة اذا لم تكنُ له مشفوعة بالامل..فهي حياة قاسية جدًا عليه.. يُسعدها كثيرا بأن الليث يبتسم لها كل مرة ينظر لها بسعادة..بحنين..يشم رائحة الوطن والام والاهل والقبيلةُ فيها.. ويرتل عليها لعنات الغياب من عينيها.. ذلك هُو الحب المختلف الذي جعلها كبشُ الفداء دائمًا لغيابه.. لاتعلم ماتواجه من خطر..لكنها مستعدة من أجله..من أجل تخفيف عليه عبء السنوات العشر التي ستصُبح احدى عشر سنة ان لم يخلص نفسه من دائرة الاتهامات البشعة! ..حكت رأسها بهدُوء وهي تدُور في مطبخه .. لتطل برأسهَا عليه من الصالة..ابتسم لها وهي تطل ثم قال : شفيك ؟
وريف: بسوي كيك..تبي!
ليث وعرف انها تُخبأ المكين له قال: ليه تسألين؟ سوي..المكان مكانك وتسوي من دون ماتستأذني..
وريف باصرار:بتاكل؟
ليث يضحك:هههههه ايه باكل..بس ياويلك لو فيه شيء!
وريف:وين القاه؟
ليث: بالدروج اللي تحت..
وريف بفضول وهي تنظر له: طيب وش تسوي؟
ليث يبتسم على فضوليتها : شغل حق قضيتي..
وريف هزت رأسها ثم دخلت..وهُناك غاصت في عملها وهي تفتح مزيج الكعك وتخلُطه بهدوء..ثُم ابتسمت بخبث وهي تعض على لسانها ، تخلط مزيج الكعك وحينما طل عليها : انتبهي لا تحطين رمل !
ابتسمت بتمثيلية : لا يا روحي لا رمل ولا طين..
ليث يراقبها بهدُوء ثم يضحك بخفة: ههههههه يعني عدل اثنين يحبوا بعض مايضمنوا بعضهم..
وريف بهدوء تنظر له: بلى اضمنك.. بس مو فكل الحالات..يعني ماتوقعت ثعابين..
ليث يتقدم ناحيتها ويحتضنها من الخلف، كأول حركة جريئة اشعلتها من الداخل والخارج واصبحت كالقنديل بين يديه ، ثم همس وهو يقبل أذنها : لسة زعلانة ؟
وريف وهي تتشاغل بمزج الخليط عن خجلها الواضح: ايه..وكثير بعد..
ليث بابتسامة: خلاص سامحينا..ماعاد نعيدها
وريف تلتفت ناحيته ولازالت انية الكعك في يدها وهي تخلطها جيدا وبتحجج : وي ليث مايعيدها؟ ههههههه العب على هندي..
ضحك على تعبيرها العفوي : ههههههه انتي اللي بديتي!
وريف تشهق:هئئ انا اللي بديت ولا انت اللي جايب لي اكل وبه حشرات..والله مانسيتها!
ليث ينفجر ضاحكًا :ههههههههههههههههههههه صدق اخيك يومه قال انك حقودة..
وريف تكُشر في وجهه ثم تبتعد عنه وهي تبتسم .. تصب الكعك في قوالب الكب كيك .. وسط مراقبتهُ لها وهي تدخلها الفرن ثم تلتفتت وهي تضيق عيناها : اعترف انت جاي تقز تطمن حالك اذا انا حطيت شيء بالاكل او لا ؟؟
ليث يضحك :ههههههههه صراحة شوفي انا جاي عشان شيئين..كنت جاي اتطمن على روحي وصحتي..وبطريقي قلت يالله نقول لها كم كلمة نراضيها ..
وريف تعض شفتيها بغيظ : ماتسوي شيء لوجه الله يعني..
يراها تغادر المطبخ لكنه يمسك : وين.؟ وين بتروحين!
وريف تمدُ جسدها بتعب كبير وحاجة كبيرة للنوم : بخاطري انام!
ليث : حياتك كلها تبيها نوم ؟ انتي تاكلين كمية النوم كلها اللي بالعالم..لو ما اصحيك ولا عادي تظلين نايمة..
وريف –بفشلة- : يعني شأسوي.. امر عادي..
ابتسم لها : لا ليث ولد عبد الرحمن يقول ماهو بعادي..
ابتسمت له ، وغادرت المطبخ..غادر من خلفها ليعود على هاتفهُ وهو ينتظر اهم اتصال له يترقبه .. حتى علت نغمة الآيفون ليتركز على الشاشة – د.وليد الحويان.- ثُم يرفعه ويرد: السلام عليكم!
وليد: هلا والله.حي هالصوت وصاحبه!
ليث يبتسم : حياك ربي..وش حالك عساك طيب؟
وليد:الحمدلله بخير..نسأل عنك..
ليث:الحمدلله..ها بشر..وش صار؟
وليد: المسألة ممكن تتبسط بس يبي لها شهور يعني..نحتاج صبر..
ليث بعجز : وان كان ليث مايقدر على صبر؟
وليد: الله يعين..بس يايوسف حنا مضطرين نصبر هالكم يوم..حتى نوصل للمستشفى..
ليث: ليه نقدر نوصل حنا!
وليد :انا اعرف ناس بالمستشفى تقدر تجيب السـي دي..هذا يمكن يسهل علينا..بس يحتاجون لرشوة ومبلغ مالي ..وماهو هين!
يراقب وريف التي خرجت من غرفته لتدخل للمطبخ مرة اخرى ، ركز على الهاتف : كم يوصل المبلغ!
وليد: احتمال يطلبوه بأعلى عملة..يعني باليوريو مثلاً..
ليث:انا عندي مبلغ مالي..بس يمكن مايغطي على المبلغ كامل!
وليد: لا مايحتاج تدفع انا كلمت الجماعة اللي قلت لك عنهم وبيرتبون الوضع!
ليث: ومن هالجماعة؟
وليد: ناس مضمنونين وماعليهم شر..اضمنهم اكثر من نفسي..
ليث براحة وهو يثق تماما بكلام الدكتور وليد: طيب كم يبي لنا على مانحصل على السي دي..
وليد: اتوقع ناخذ شهرين بالكثير..عملية نقله..ونسخ نسخة جديدة منه..وفوق كذا اللي بيجيب ممكن يقبل وممكن لا..ومحتاج لرشوة مالية..يعني الموضوع صعب كثير..ولازم يتعقد..
ليث يتنهد : المهم خله يتم على خير..وانا بخلي مشعل يتابعك..
وليد: هو دق علي قبل كم يوم..وسألني عن الوضع ..بس ماطمنته لان ماتلقيت خبر من الجماعة الا اليوم..هذا هم ردوا علي وعلى طول اتصلت عليك..
ليث:بارك الله فيك.. خلاص بخلي مشعل يتابع وانا بتابعك بعد..كل شيء يصير خبرنا فيه..فهد معك؟
وليد:ايه فهد يحترق على مايعرف..انا قلت له..وقال ان بمجرد انه يشوف ليث راح يكون هو المحامي عنه بقضيته..
ليث بابتسامة: فهد مامن منبعه الا الخير..
وليد:وانت الصادق..مايقصر..يلا السموحة يايوسف..تامر على شيء؟
ليث:لا الله يسلمك..ماتقصر..فمان الله..
وليد:فمان الله..

أغلق الهاتف لتأتي له الوريف بقطع الكعك المزينة بالكريمة.. وكأي شخص وقعت انظاره على الكعكة التي امامه ..صحبها ومضغ مضغه ثم احس بالغثيان، طعم معطر..كأنه عطر جسم ..في هذهِ الكريمة التي تستعلي الكعك..سحب كلينكس وقذف المضغة من فمه بغثيان ، وهو يرى وريف لاتنفك عن الضحك:هههههههههههههههههههههههههههههههههه
ليث وهو يمسح فمه بشبه ابتسامة ونبرة محذرة:وش حاطة؟
وريف:هههههههههههه انت توقع؟
ليث بتكشيرة:مابي اتوقع..انتي قولي وش حاطة ..كانه عطر!!
وريف تبتسم بضحك:ههههههههههههههه لا..الكريمة ماهي كريمة..لوشن جسم ..اللوشن حقك!
ليث فتح عيناه بصدمة: من جدك ؟ وليه ماحسيت طيب!
وريف:ههههههههههههه ماحسيت بعد شأسوي..ههههههههههههههههههههه بس شكلك وانت لايع كبدك..والله عجيب..
ليث يلتقط الكعكة: هالحين بتاكليها مثل ماجبتيها..
وريف:هههههههههههههه لا ماباكلها..ترا بس هي اللي فيها اللوشن..الباقي عدلين مافيهم شيء..جرب..
ليث وهو يتوجه لها وفي يده قطعة الكعك:ماهو قبل ماتاكليها.!!!
وريف تحاول الهرب:لا..ههههههههههههههههههههه تكفى ...والله ماعيدها ههههههههههههههه ليث لا! ترا بتندم
ليث وهو يكتفها لانها استلقت في الارض تحاول الابتعاد : اندم على ايش يابوي؟ انتي جيتي واكلتيني لوشن ..وش ورا ماتاكليه يابعدهم؟
وريف برجاء وهي تبعد وجهه: لا ليث تكفى..
ليث :يابعد ليث..
لكنه قرب الكعك من فمها..حتى شعرت بالغثيان وكشرت تقريبا نفس تكشيرته ..ربما اعظم ..التقطت الكلينكس ..واخرجته من فمها ..وريف تضربه على رجله الجالسة على الارض بجوارها..وهي تسمع صدى ضحكته على تعابيرها: ماتخلي الواحد يحس بلذة الانتقام والنصر..
ليث يقبلها: تستاهلي ياروحي ولاني بنادم بعد؟ يعني من صجك مأكلتني لوشن؟ بكرة وش بتأكليني!
وريف بمزح:بكرة بشربك مبيد حشرات ..
ليث يفتح عيناه: من جدك ؟ مانتي خايفة على عمرك بكرة ادخل عليك اسد؟
وريف تبتسم وهي تتذكر شكله وتضحك:ههههههههههه يهون عند شكلك وانت مكشر ..ههههههههههههههههههههه
ليث يبتسم : يعني مانتي ناوية تسوين لي شيء زي الناس وتطبخينه لوجه الله..
وريف بابتسامة:بلى..بس بعد ماتاكلها؟
ليث: بذمتك وين حاطة الكام؟
وريف وهي تشير للتلفاز بيدها: هذا هي..
ليث فتح عيونه بدهشة:الله!؟ متى مداك تحطيها..
وريف بابتسامة:يومك كنت بالغرفة!
ليث: صحيح ان كيدكن لعظيم!
وريف بابتسامة: ههههههههه شنسوي بعد..
يبتسم لها وهو يمد يده لها..ليساعدها على الوقوف بعدما وقف..وهي تقوم بتعديل كنزتها التي ارتفعت قليلا..ثم تجلس بهدوء بجواره على الاريكة..وهي تكمل معه لذة الحوار..والممازحات..وهما يعيدان مشهد الموقف الموجود بالكاميرة..ويعيدون المشاهد السابقة.. الحُب بينهما كوكب بأسره..يبدُوا ان الذي يحب كالذي يكتب..يزدادُ هشاشة كلمة تعمق في النص ومعناه.. تلك الهشاشة التي تجعل الحُب عفوي اكثر..خالي من المباغتات.. مشاهد عزيزة على الروح..لايريدون من الذاكرة ان تمحيها.. الحُب مثل الحرب.. يبتلعُ الانفس دون مواربة..الحُب اعمق من كل تفصيل..والذ واشهى حتى من طعِم ذلك الكعك!.



،

يخرجُ من ملحقه..الذي عبارة عن كوخ خشبي صغير.. يقبع خلف منزل ناصر.. وفي يدهِ كوب قهوته الذي قام بصنعه لنفسه..النجُوم جميلة فوق هذهِ الجبال والكتل الثلجية..اضواء مدينة ميونخ تظهرُ من بعيدْ..هدُوء الليل كان اجمل..مُمتن لناصر على هذا المنظر الجميل الذي سيذكُره طوال حياته ، وهو يحتسي القهوة التف بجسده..ليرى بأن السيناريوهات وهي تقف امامه بعدم فهم..لتقول وكأنها نسته: من انت؟
لا ..هي نسته..نستهُ بالاحرى..تنهد..هذا المرض الذي فيها في اقصى درجته..الى متى سيكون مضطرًا لاعادة السيناريو والشرح كل مرة؟ تنفس بهدوء وهو يقول مستعدًا لهجماتها الثلجية: انا ياسر.. ياسر ماتذكريني؟ جيت امس..ورميتي علي الثلج!
مهره تعقد حاجبيها ..بعدم فهم ..بلا تذكر..ثم لازالت تكرر عليهِ سؤاله..وذكرى قذفه بالثلج امس لاتزول من مخه ليبتسم لها ويكور ثلج في يده ويرميه عليها وهو يضحك بهدوء عليها : ماتذكرين كل هذا؟
هزت رأسها بعجز غير قادة على التذكر واصرت ان تعرف:شصار!؟
ياسر يبتسم بعجز وهو يحتسي رشفة من قهوته،ويستند على السياج: ماصار شيء..بس جلست مع ناصر وقعدنا نصيد..
مهره بهدوء: متأكد ان هذا اللي صار كله؟
ياسر يبتسم لها ويهز رأسهُ بالايجاب..مهاب يأتي من خلفها وهو يقول: مابردتي؟
مهره تهز رأسها بالرفض: لا..احس بحرارة داخلي..
مهاب بقلق:شفيك؟ مريضة تحسين بشيء!
مهره:لا..بس..حاسة بشيء غريب..انا ماني غشيمة..اعرف انكم مخبين عني شيء..
ياسر يراقب الوضع..ومهاب يبتسم لها ليطمأنها:لا مو صاير شيء..كل اللي صاير ان احنا استضفنا ياسر عندنا هالكم يوم..
مهره تنظر لياسر ذو الملامح الشرقية البحتة ثم تقول: ليه؟..اعني وش سر هالاستضافة!
مهاب: لانه يشتغل....
ياسر: محامي.. او قاضي..سميها اللي تبي..
مهره بحذر وهي تنظر لمهاب بعدم فهم : كيف؟ ..وليه المحامي!
ياسر يلفت انتباهها: اشتغل على قضية ..خاصة بشغل ناصر!
تتنهد بضياع وهي تستند على السياج بشرود بجوار مهاب الذي يحاول تهدئتها..ياسر يراقبهم من بعيد..عيُون تتيه في هذا القلب المجوف..الذي يريد ان يتذكر ولو ذكرى عابرة.. من الخلف يأتيهم ناصر وهو يبتسم لمهره : كيفك ؟
مهره تبتسم : الحمدلله بخير..
ناصر: جهزي روحك بكرة بنطلع..
مهره بـهرُوب: مابغى اطلع..احس بتعب..
ناصر باصرار: ماعليه..ماراح نمشي بالطلعة واجد..راح نروح حديقة..واحتمال بعد فترة نسافر كم مدينة..
مهره بغضب مفاجئ دُهش الجميع منه: مابغى اطلع..مابغى..
ناصر يمسح على رأسها : خلاص ياقلبي ماتبين تطلعين ماراح تطلعين..هدي ليه معصبة..
مهره بحزن : ناصر تكفى لاتحسسني بالنقص فوق نقصي..انا مقهورة على عمري اني ماتذكر شيء..ابي هالشيء يخلص وارتاح منه..
ناصر يحتضنها: بيخلص ان شاء الله..بيخلص..بس انتي لاتوترين عمرك..
مهره بانسحاب:بروح ارتاح..
ناصر:ماتبين تاكلين؟
مهره تهز رأسها برفض: لا..
تغادرهُم.. ويبقى الرجال يتراشقُون بالنظرات..على هذهِ الحالة العويصة..تحتاجُ الى الادراك..عندما تشتكي..فانها تتشارك مع الناس اوهامها الصغيرة، الحزينة ، والتي تموت وتختنق فيها بعجز..الذاكرة مثل العاصفة او الجنون ..عندما تستيقظ تجرف كل شيء في طريقها..وبلا رحمة!! ناصر لايريد ان تعيش مهره هكذا..على رحمة الذاكرة..مؤلم ان يتحكم بكِ مرضك..يتحكم بروحك واحاسيسك..يجعلك تائه بكل بساطة..
ياسر يتقدم ناحية ناصر: المفروض ماتطاوعها..
ناصر:كسر قلبي رجاها..ماقدر فيها!
ياسر: ماراح تتحسن طول ماانت تطاوعها..حاول تذكرها بنفسها حتى لو قسيت عليها..
ناصر: انا من اسمع شكاويها اضعف..هذي بنتي اللي ماجبتها..ويألمني حزنها..
ياسر: قو قلبك مو عشانك عشانها..لو بتطاوعها عمرها ماراح تتقدم حالتها..اجبرها تطلع وتحتك بالناس..راح تحس وقتها بالامتنان لك لانها حسنت نفسيتها..صعب ينعاد عليها كل يوم نفس السيناريو..
ناصر: وش الحل!
ياسر:باكر جهز عمرك وطلعها..روح البحر..روح الحدائق ..اي مكان..المهم انها تشوف العالم..
ناصر: واذا مارضت ماني قادر اجبرها..
ياسر:اللي خلاك تجبر نفسك تنسيها امها وابيها ..بيخليك تجبرها ..
ناصر يتنهد: الله يشفيها..ويريح قلبها..
تمتم ياسر بـ -امين- في قرارة نفسه..ولازالت عيناه تراقب المنظر البديع.. التقط له صورة بالايفون.. ثم التقط سيلفي مع ناصر ومهاب.. نشرهُ في تويتر وكتب :
في اجمل مكان بالعالم..مع هذين الصديقين..!













،


في مجمع بالرياضْ ، كانت تمشي في هدُوء تام وهي تلحق بجمانة التي تعرض عليها السلع الخاصة بزواجها مع هيفاء،لاتريد ان تبدي رأيًا ..اذا كان الانسان الذي سترتدي كل هذهِ الاشياء من اجله لا يستحق..فهي بالطبع لن تبدي رأيًا..لايهمها ان كان جميلاً او لا..طالما العيون التي تراقبها بها عيُون شامتة..لاتعرفُ حتى –المجُاملة-. سلطان يجلس بأحد المقاهي مع ناصر ورفيق آخر.. لم تعرف من هُو..جل ماتعرفه بأنها تذعنُ ضيقًا في هذهِ اللحظات وتريدها ان تمشي بسرعة..ان يفلت الوقت منها بقسوة..ان لايرحمها..لو كـان الهربُ حلاً ..كانت ستتغير اشياء كثيرة في حياتِـي..ولكن عندما نتحايل على واقع حياتنا ..نعلم تماما بأن الهرب..مُستحيل..وهو حل لايقتلع بأسنا من الجذُور.. نحنُ بحاجة الى بعضِ الامل في وسط هذهِ القذارة..نحن نحتاجُ الى الراحة..وسط كل هذهِ الضغوط من العالم!.
كانت تواسي نفسها بجُملة-نحنُ لانتبع اللحظة..نحنُ نستضيف الآتي ونودع الذاهب-. وسلطان سوف يذهب..سوف تقتلعهُ الرياح من قلبي..سوف ينبتُ من العتمة التي في صدرِي قمر..ونجم..
اعلمُ ان قلبي لا يمتلك قمرًا مكتملاً..يكفيه زُحل لهذهِ الايام..يكفيهِ ان يبقى هكذا بلا راحة..الاشياء التي تعرض امامي..لاتغريني..لاتغريني ياجُمان..والاشياء الجميلة حينما تُلطخها الخيبة حتمًا ستصبح بلا طعم..
ندُوب في قلبي ياسُلطان..سببتها واشعلت فيّ معركة أخرى!!!!

جُمانة بعجز من صمتِ رؤى : وبعدين معك؟ مين العروس فينا احنا ولا انتي!
رؤى بتعب وهي تجلس على احد المقاعد:ماهي فارقة معي..ياعساها خيشة رز..المهم اني اطلع من هالمكان..
جمانة بفجعة : يعني لـ هالدرجة مايهمك تبسطي اخوي فيك!..اذا كنتِ تكرهينه فأنتِ زوجته..وواجب عليك تعطيه كامل حقوقه..لاتبخسي اخوي حقه ولا تحرميه..
رؤى بغضب : وانتِ من وكلك محامي عن اخيك؟ افا ولا ماعنده لسان؟
جمانة بقهر من رؤى : اخوي ومابه بنت بالعالم بترضى الاهانة لاخوها..سبق السيف العذل يارؤى! سبق السيف العذل! ياما حاولت معك تخفين هالقسوة وساعات وقفت بوجه اخوي سلطان عشانك..وبعدين تتكلمين بالـ هالبساطة؟
هيفاء تهدأ الوضع:خلاص صلِ ع النبي رؤى مو قصدها..
رؤى بقهر:بلا قصدي وقصدي..يعني بالله بنت بلا عايلة بلا اهل بلا ناس..وش مستنظرين منها؟ تمشي وتنبسط على ذكرى ناس كانت تعيش معها ..والله مايهون!
جمانة بحسرة:اللي يهونه الصبر..ربك اخذ بس يبي منك الصبر..
رؤى بعجز:يوجعني الصبر كثير..وانا انتظر حكاويهم..والله يوجعني..
جمانة بزعَل: بس سلطان ماهو ضحية..
رؤى وعيونها تلمع بالدموع من تحت النقاب: بس مافكرتي لو لحظة ياجمانة ان ممكن اكون انا ضحية اخوك؟ انتي غشيمة بالوضع..ماتدرين عن تجريحات اخيك..بالله أي مجنونة هذي بترضى تلبس شيء حلو لانسان جرحها..والله مايستاهل!
جمانة بغضب من رؤى: جرحك بايش؟ بانه شهد اخوك الشهادة ولقنه قبل موته؟ بأنه حطه على رجوله وقعد يهدي فيه وهو ينازع..ولما غمضت عيونه حط كفه على وجه يسكر عيونه ويمسحه؟
هُنا تعجز عن البوح،وهي ترى طاقة الكره لديها بلا مبررات..لكن روح اخرى تسكن اعماقها تفجر فيها كل مخالب الكره لتخدش بها روحها الرقيقة: يعني تتوقعين المنظر هين ؟ اوكيه سوى اللي سواه وجزاه الله عني الف خير..بس تهقين هين اخوي يموت على يده؟ هين..ماله ذنب صحيح بس والله ماتحسين بشعوري وكيف الحرقة تاكلني.. واخوك زادها علي بكلامه اللي يجرح..بدل مايهجد نار هو باديها!!
جمانة بسخرية :الله الله! ..حلو والله ..عموما ماراح اتدخل..انا اكلت تبن منك بما فيه الكفاية..بس صدقيني والله سلطان مافي منه ومايستاهل انك تعاملينه كذا..
هيفاء تنهي النقاش: طيب خلاص خلونا ندخل هالمحل ..ماسوت علينا..طيبوا النفوس ..في اشياء هنا حلوة لاتفوتها بنفسياتكم واخلاقكم..
جمانة : انا ماعلى قلبي مرده..اللي في قلبي قلته وماني متنازلة عنه..
رؤى بعناد:وانا بعد..
هيفاء بغضب:يعني مستنظرين اراقع بروسكم؟ "بمعنى اضرب روسكم ببعضها"
جمانة تبتسم:لا تكفين يام راس..كله ولاتخلينا مخفة..حنا يالله ماسكين روحنا..
هيفاء تسحب الفتاتين..وتدخل معهما للداخل..فجأة وسط هذا الظرف تبدلت نفوسهم..حتى نسوا الحديث الذي تشادوا بهِ قبل قليل..وكأنه اصبح رمادا بعد الاحتراق..النفوس تحتاج ان تثرثر..والجميع هنا ثرثر..حتى ولو بصمتِه..


،

جلس امام اخِيه في الكُوفيهِ ، وقهوة الاسبريسو التي يكرها بدأ يحتسيها بلا مبالاة، اخيه يتساءل ..منذُ متى وسلطان يشرب –اسبريسو- ساده..! قهوة مرة كان يكُشر بكل تفصيل في وجهه حينما يشربها، حينها ادرك بأن العضيد له يعاني من مرارة قوية..جعلتهُ يتناسى المرارة المركزة التي تقبع في كوب قهوة..لازال في حالة صمت ذريعة..لهفة في عيونه نائمة بين تلال تلك الجفون.. حرب عظيمة كان ناصر يستطيع ان يسمع صوتها من صدَى روحه.. العالم يا اخي اصغر من ان اراك بهذهِ الحالة بهذا البؤس ..بهذا العجز.. العالم احقر من ان تحزن..ان لاتشعر بمرارة الاشياء حولك.. ليتني ياعضيد..استطيع امتصاص حزنك..وتسربيه في خلاياي..الابتسامة والمرح الذي يغزوك بات ترتيلة قديمة لانستطيع تلحينها..!! الحياة تعلمنا كيف نموت فيها..لذلك لاتعلم نفسك الموت في الحياة..لاتستمر في مزاولة كل شيء قبل موعد ..الامور التي تعطيها القيمة في الحياة تتغير واحدَة تلو الاخرى! . الحُزن هو سم الروح يااخي..فلا تسمح بذلك! ولاتسمم نفسك بيدك..بحزنك الذي يعبث في جمال روحكِ..!

ناصر بعجز عن فهم سلطان : وش فيك!
سلطان يسحب من ماصة الاسبريسو القليل ويشربه ثم يجيب: شفيني..مافيني شيء!
ناصر : انت ملاحظ على نفسك؟ وش قاعد تشرب!
سلطان ينتبه لما يشربه بعد غفلة سرقتهُ من روحه ويبرر: عادي..صرنا نحبها كذا فجأة!
ناصر: الحمدلله جت على كذا ولا انك تدخن!
سلطان بتنهيدة:كنت افكر فيها!
ناصر: شجاك؟ منت بطبيعي وانا اخيك!
سلطان: مادري..مو قادر افهم الوضع اللي انا فيه!
ناصر يبتسم بمواساة: حزنك فاضحك ياسلطان..ماتقدر تخبيه زين..يعني حتى لو ماوضح على وجهك تصرفاتك تحسس اللي حولك انك منزعج من شيء.. وانا عارف انه هذا ممكن يكون من ضغط الزواج..
سلطان يبتسم وهو يهز رأسه : لا ماهو من ضغط الزواج..
ناصر يتلاعب في كوب قهوته بالملعقة الفضية: اجل من ايش؟
سلطان: من الزوجة نفسها! ..الله يصلحها!
ناصر:ليه بعدها معندة على وضع اول؟
سلطان بيأس : ولين ماموت!
ناصر: وراك تفاول ؟ وانت بعد لاتصير دثوي وتيس! واعرف شلون تتعامل..اعرفك لاعصبت ماعاد تميز بين اللي حولك!
سلطان : اعرف اني اضغط عليها بس هي عندها فكرة غلط..تأذيني وتأذي قلبي..كنت متوقع منها رد الجميل..بس قابلتني بالنكران..
ناصر تتسع ابتسامته: وينكم ع المشاكل تراكم ريضين؟ هذي تصبيرة بس..لاتقابلتوا في الشهور الاولى يمكن تكرهوا بعض..انا وهيفاء المشاكل لعبت فينا لعب..بس بالنهاية قربتنا البعض..وحسستنا ان حنا مانقدر نعيش من غير بعض.. انت سايس زوجتك ..لابكت لاتمقل فيها..رح لها هدها..واكره شيء عند البنت لابكت! ياويلك من الله لاقعدت تلوم فيها ولا تحاسبها ..ماتسكت..بس سايسها وروضها وبعدها العب فيها لعب على كيفك! حاسبها وهزئها على غلطها..اما لاعصبت ولابكت احضن الباب اوفر لك!
ضحك سلطان على تعبير اخِيه:ههههههههههه من جدك ؟
ناصر بابتسامة: ايه..البنت وقت ماتبكي تكون اعظم من الرجال لما يعصب.. ياما تحذفت بعطور وعلب كفختني على وجهي من المدام بس سترنا عليها
سلطان يضحك:هههههههههههههههه ايه يعني يومك تجي الشغل ونشوف ذيك الفلعة بوجهك يعني من المدام!
ناصر: مية بالمية بعد ههههههههههههه
سلطان بتلاعب: افأ ياناصر وتعقب مرة تمد يدها عليك ؟ منت بكفو تعسفها ..والله لو انها زوجتي كان تشوفها معلقة بالمروحة!
ناصر: هذا اذا ماتعلقت انت بالمروحة لاتزوجت..
سلطان بجدية : جد يعني يصير عليهم ردات هالافعال ولا بس بالافلام!
ناصر: وانا لي نص ساعة وش اقول! ..يعني مو تروح وتضربها لاضربتك..كبر مخك ياخوي لاتصير غبي كفاية عليك غباء الايام اللي فات!
يضحك سلطان:هههههههههههه روقنا يالذكي! ..وبعدين ماني هيس عشان اضرب زوجتي لاعصبت..والله ان اخسي
ناصر: ايه وتعقب بعد.. روضها اعسفها بس لاتنرفزها..مثل ما انت ماتحب تسمع منها حرف لاعصبت..هي بعد نفس الشيء!
سلطان بتعب: ماظنيت ان هالمسؤولية كبيرة..وش ثقلها على كتفي!
ناصر لازالت ابتسامته المواسية على محياه: ايه يمكن الحين تتشكى على روحك..بس بعدين بتعرف قدرها عندك..عادي تمشكلوا الحين..كسروا روس بعض..بس بعد حبوا بعض..لاتفوتوا عليكم لذة الحب بعد الحرب!
سلطان يضحك:ههههههههههههههههههه ياويلي ويلاه! حب بعد الحرب..يافضحي فضحاه..الشنب اللي قبالي تخرفن منذو مبطي ..
ناصر يبتسم بحب: مافيها شيء..زوجتي ولا ينقص مني شيء..
سلطان يغبطه : الله يرزقنا!

يتُمتم ناصر بآمِين..وأكمل حديثهُ مع سلطان فيما يخص العمل..لكنهُ لازال يلتمس منهُ توتر عظيم في روحه..توتر يخنقُه حد النخاع..يجعلهُ ينسى كل شيء..وسط هذهِ العتمة المنزوية من روحِه !


،

يقفُ في الممر ..في ردهة المستشفى..مستندًا على احدِ الابواب، ينظر للفراغ ، الذي يريدُ منه اجابه..حركة الاطباء الغير متوقعة والغير معقولة جعلتهُ يتوجس في قلق، لو ان موت –سعود- قريب..سيكون موت هاجر أقرب ! ، لاتتحمل..هي في حالة هدُوء مؤقت..تنتظر مؤشر يدلها على الانفجار..في وقتِ الصخب كان هناك صوت لهاجر يرهشُ في عقله ، ويحفر ثقل الدموع التي في وجناتها في قلبهِ .. لو كان الخبر سيئًا..سيشتري لها اكليل الجبل، ويهديها اياه ..دلالة على ان الحُزن تم..والبغي تم..والجهل..والضياع آتٍ! صحيح عانى من سعود ..عانى بشكل غير طبيعي..لكنهُ لا يستطيع ان يكُون قاسيًا..وهو يوبخ نفسه.. لماذا لم استطع ان اقابلكِ بتلك القسوة التِي وهبتها عروقي؟ لماذا حواسي الخمس ترفض الا تكون الا اياك! احنو عليك وكأنك لم تكن يومًا عدواً لِـي؟ لماذا لازلت اتذكر سؤالها لي في المقهى..حينما وجهت سؤالها لي قائلة " اذا كنت هالاشياء تسويها مع عدوك..فكيف مع حبيبك؟ " ..
قطع عليه وصول الدكتُور ناحيته : مساء الخير..
آدم بانجليزيته الطلقه:مساء الخير..ماذا حدث؟ هل هو بخير!
الدكتور: أظن ان المريض بحاجة ماسة للعملية..الاورام تتضخم وقد تسبب انفجارا للاوعية الدماغية في قمة الدماغ..ان لم نتصرف فسيموت سريريا وربما يموت للابد!
آدم بانفعال:اذا افعلها..
الدكتور يهز رأسه:مع الاسف في هذه الحالة لدينا لابد من موافقة المريض.. او الجهة المسؤلة..نحتاج الى تصريح منه خصوصا وهو ليس من هذهِ البلاد..
آدم بغضب: لماذا؟ لماذا هذا التساهل! لماذا تعطلون الامر بدل ان تجعلوه وتنهوه بسرعة!
الدكتور: هذهِ ليست قوانيني الخاصة..كل المستشفيات هنا تحتاج الى تصريح لمثل هذهِ العمليات الخطرة..لان نسبة نجاحها ضئيلة..
آدم بحيرة: والحل؟
الدكتور: يجب اقناعه بأقصى الطرق..المفهوم من كلامه حاليا بأنه لا يريد العملية.. هناك مؤشرات تدل على انه في اقصى مراحل المرض..
آدم : وماهي؟
الدكتور:المريض يتقيأ بالدم..وهذا كناية على ان هناك خطأ عظيم في جسده يحتاج للدواء..
آدم يتنهد بقوة: كم يستغرق الامر؟
الدكتور: العملية تحتاج الى 7 ساعات على الاقل..!
آدم : حسنًا..هل استطيع الالتقاء بالمريض؟
الدكتور:اجل بامكانك..
كان سيدخُل لغرفته بعد فقدان الامل ، لكن نغمة الايفون اوقفته وهو يرى اسمها شامخ في صرح الشاشة..وكأنها علمت للتو بأن والدها يموت..استجمع انفاسه..قوَّى نفسه.. حاول ان يبدو صوته اكثر ارتياحا..حتى لا تستشعر ثورة الصخب التي بداخله..رفع الهاتف لاذنه ويأتيه صوتها: كيفه؟ وش قالوا لك!
آدم يطمئنها: ابوك مافيه شيء..بس ضغطه نازل..عطوه ابر وحطوا عليه مغذي..
هاجر بقلق : متأكد انه هذا اللي فيه ولا تسوقها علي؟
آدم وصوته يكاد ان يهوي للهاوية من نبرتها القلقه : ليه اسوقها؟ لو فيه شيء كان قلته.. راح يتنوم كم يوم عشان الملاحظة..
هاجر بخوف:آدم عليك الله لاتكذب علي..والله ان تصدقني القول!
آدم يستغفر: استغفر الله العظيم يابنت انا لي نص ساعة وش قاعد اقول لك؟ ابيك مافيه شيء..خلاص لاتوتري نفسك..
هاجر:طيب..يصير نزوره؟
آدم بتهرب: لا ..مايصير..بكرة بيطلع وبتشوفيه..الحين خليه يرتاح شوي ويختلي بنفسه!
هاجر ولازال القلق يدمي تفاصيلها:طيب.. لو صار أي شيء قول لي ولا تخبي علي..سلم على ابوي وبوسه عني..جعلني فدا طوله ..
ابتسم تلقائيا وبنبرة حانية: وصل.. يالله طمني نفسك واقري لك من كتاب الله الشيء اليسير..ريحي به اعصابك..وربك مايخيب ظنون عباد!
هزت رأسها بطاعة وكأنهُ يراها،وآدم يكاد يجزم في قنينة ذاته بان هذا مافعلته..لتهمس:طيب..فمان الله..
اغلق الخط بهدوء ، ثم واصل خطواتهِ للداخل، ينظر لسعود الذي يتنفس من انبوب بلاستيكي موضوع على انفسه ..وصوت نبضات القلب يخترقُ المكان ويوتره..يجلس امامه بصمتٍ دام لثوان ، ثم قال : لا ..ماهي عدلة في حقك وحق عيالك!
سعود يبتسم بتعب: والله ان حظي ردي..شكلي بطلع من هالدنيا قبل لايتوب ربي عني..
آدم برفض للفكرة: عليك الله تلغي الفكرة من دماغك..محد داري عن ساعته.. بس لاتقصر في حق نفسك وحق عيالك..رفضك للعملية معناها خضوع للموت..والخضوع للموت او المحاولة له هذا يسمى انتحار!
سعود: وش الفرق يومني ادخل عملية ماضمن نجاتي منها؟ ماهو بانتحار!
آدم صمت لدقائق من سؤاله الصعب..ثم يجيب: يكفي شرف المحاولة! تقدر تواجه ربك وقتها..
سعود: خوفي على هاجر حد يمسها بالشر!
آدم باندفاع: اللي امه حالبتن على خشمه يمس شعره منها...علي الله وامان الله اني واقف في جنازته!
سعود يبتسم بهدوء..ثم يضحك،امام التعب..يستغرب آدم ليقاطعهُ سعود بسؤاله المفاجئ: تحبها؟
آدم صمت..سؤال يصعبُ الاجابة عنه..قلبي لايريد الاجابة..عقلي ايضًا .. حواسي كلها لاتريد.. لااعلم ماذا اقول..،لقد وصلت للمرحلة التي اجهلُ فيها الاجابة ولا اعرفُ كيف اجيب،لقد صار الامتحان صعبًا ياسعود، واخشى انني لن انتهِي بسلام..لقد ادخلتني في زوبعة ..ظني بأني لستُ خارجٌ منِها.. ليقاطعه سعود: ماعندك اجابة؟
آدم بحيرة يحرك وجهه بمعنى – لا امتلك الاجابات-. ليبتسم سعود وسط تعبه: ماظنتي تشوف بنت زينة مثل بنيتي وماتعجبك! الا عاد يومك تكون دثوي ومنت برجال ..
يضحك آدم :هههههههههههه هذي ماعليها شور..بنتكم ماعلى زينها شيء! بس سؤالك يصعب علي اني اجاوبه..
سعود يسعل بقوة الدم الذي ملئ المناديل التي في يده: ماظنتي بلقى سنيد لبنيتي مثلك! والله ان اخسى لو قلت ايه..ربي جابك وحطك بين عيوني..وكانه يبي يامن على بنيتي قبل لا انا اامن عليها!
آدم يبتسم بفخر لنفسه: بنتك في الحفظ والصون..ماعليها مخوفة..دام ابوها بيصير بخير اكيد ماوراها شر..
سعود: واذا ابيها مات ؟
آدم : بعد عمر طويل!..ورا هالحكي ياسعود ماخبري تضعف من الموت؟ واجهه بإيمان وبلا خوف..وراح تلقى حياتك بين يدينك..ربي عطاك اياها لاتضيعها..تكفى لاجل هاجر..خوفي تنفجع وتموت..حتى لو ماكانت بتضيع..انت ابيها وماتتحمل فجيعة على قلب بنيتك..لاتعور قلبها بفقدتك..عشانها ماهو عشانك..
ابتسم بهدوء وهو يهز رأسه: انا بالنهاية بسوي العملية..وعشانها ماهو عشاني!
آدم يربت على كتفه:بارك الله فيك!
سعود: رح لها طمنها اني بخير..صورني سلفي مدري ويلفي ذي اللي مدري وش اسمها!
آدم يضحك وهو يأتي بجواره ويصوره معه :ههههههههههههه سيلفي يابو عمار لاتفشلنا..
يضحك مبتسمًا ، ليلتقط له وهو صورة.. يرسلها لهاجر واتس آب .. ويكتب :
الوالد بخير؟ ولا في احلى منذا الابتسامة!!



،



في شقة ليث.. بينما كانت جالسة تتُابع احد الافلام، وصحن الفُشار يستوطن حضُنها..ولحاف من الفرو الناعم البني..لليث..كانت تلتحف بهِ..وصار الصمت وصوت الفلم بين اصداء الظلام يشقُ السكون..وكانت تعابيرُ وجهها تتفاعلُ مع كل ردة فعل صادرة من الفلم.. صوت المطر الذي يداعب النوافذ واصدامهُ بالارضيات..كان يُسمع..البرق ايضًا كان يسمع..الجو في كامبريدج هذهِ الايام من فصول السنة ممطر..ممطر جدًا وكأنهُ يعشقُ المطر.. يخرجُ ليث من الحمام بعد استحمامه بروب السباحة الرجالي.. ولازال شعرهُ رطبًا..يبتسم على منظرها..السارحُ جدًا..المتفاعل مع اللحظة جدًا.. الجميل جدًا .. والعذب ايضًا.. .
هل تعلمين بأن المرأة بعظمتها انسان يفوق الانسان؟ ومنكِ عظمة عيناكِ..تفوقت على كل تواريخ الانسانية وهي تنضم لهوياتي الاربع..بل تسحقهن..لتكون هي الهوية المثالية لرجل مُشرد مثلي.. رجلُ سرقت منهُ الدنيا نعليه..فصار يمشي بشرودِ بين الشوارع والأرصفة..حافٍ وبلا نعل..يستول كالمجاهيل المنبوذة..بحثًا عن مُجتمع يعترف بهِ من وسط هذهِ القذارة التي يعيشها.. وكُنتِ انتِ الوطن..واحتواءهُ.. والمساحةُ واحتوائها ايضًا.. الملجأ..المرفأ..الوطن..الهوية!!.
ان كانت هوية في العالم مُستنكَرة..وجاء العالم ليعترف بهِا ..فهي عيناكِ..
انحنى برأسه عليها ليتساقط عليها بعض قطرات الماء من شعره.. تحججت بانزعاج وهي تضع الوسادة على رأسها ولازالت مُندمجة مع الفلم..سمعت صوت ضحكته على انزعاجها وعفويتها المطلقة ليجلس بهدوء ..ينظر لما تشاهده.. فلم من الافلام السينمائية الملطقة في عام 2014 ..
يحكي عن مجموعة مشردين من الالمانيين النازيين بعد الحرب العالمية مع هتلر..واتحادهم مع اليهود..كما يربط ايضا مع الاتحاد السوفيتي واحداثه ونشأته.. ويبين معاناة المشردين حول العالم.. ابتسمت وهي تنظر له وبالوقت ذاته تأكل حبة من الفشار بهدوء.. ابتسم : لك مزاج تتابعين افلام ؟
وريف وهي تشد اللحاف عليها: اكيد لي مزاج.. عن نفسي انا احب اتابع افلام واندمج معها..بس مو أي فلم يجذبني..
ليث يبتسم : وش تحبين يعني..نوعك المفضل..رعب.؟؟
وريف تكشر: لا وش رعب! ..افضل الافلام اللي تتكلم عن قصص واقعية..
ليث يصحح لها المعلومة وكلمتها بثقافته : الوثائقية!
وريف تحمر باحراج : ايه ..الوثائقية..هذي أي احبها..افلام الاكشن يعني..نص ونص..يعتمد ع الفلم والمخرج..وافلام المباحث ذي ياغثها غثاااه ماطيقها..
ليث يضحك:هههههههههه لانك ماتحبين تدوشين راسك!
وريف: مو عن كذا..بس تتكلم عن جرائم وجوانب بوليسية وانا ماعتقد ان هالاشياء من تخصصي او انها ممكن تجذبني..
ليث : انا نادر ماتابع! الاكثر شيء اقرأ ..بالانترنت..بالكتب.. احيانا اذا طفشت وولع براسي اتابع!
وريف: تروح السينما ؟
ليث يبتسم : ايه..اروح..رحت كذا مرة مع فهد قبل لاتجون..ومع يوسف الله يرحمه..
وريف: الا وش رايك بس توديني!
ليث يشير لعيناه : من عيوني؟ كم وريف عندي!
ابتسمت لكن قاطع ابتسامته رنة الايفون وهي تنظر له : هذي امي !
ردت عليها صوت فقط.. وهي تسلم عليها..لكن فاجئها صوت فهد ابن شوق : هلا والله اني صادق..وريف بنت علي البريطانية تكلمني..ياويلي ويلاه..
وريف بضحكة:هههههههههههههه حيا الله الفهد..وش حالك عساك طيب بس؟
فهد بصوتِه المرح : الا ابشرك جاي بيت اهلك انا وامي وجدتي القدير.. كود نبي نتقدم لك رسمي!
وريف بـ ابتسامة حب:تتقدمون لايش؟
فهد بممازحة:عشاني اباتس بالحلال ولا اباتس تعنسين قلت خل اجيب واخطبك..والله اني لاونسك..احطلك مناكير واشب لك طراطيع ..واشب لك الحطب واسرق لك واشرد..واسوي شعرك وامسكرك وامنكرك ..آبشري بس!
وريف تنفجر ضاحكا :هههههههههههههههههههههههههههههه حياتي والله.. من يرده فهد ولد امه؟ بس ياحبيبي مو الاحسن تدور لك بنتن قرمـى زي الناس تتزوجها على سنة الله ورسوله! اصغر منك وحلاها يدوخ العالم..مو تزوج بنت مداها جابتك!
فهد يضحك:ههههههههههههه يعني من صجك يالوريف بتزوجك؟ عشان تشيبين وانا حتى شعرة شيب لم تنبت في وجهي! وات اس ذس والله ان اخسا لو سويت ذيس!!
وريف لاتستطيع ان تتوقف عن الضحك حينما تسمع حديثه:ههههههههههههههه يابعدي والله يافهد والله اشتقت لكِ..

امام مرح وريف شعرت بصمتِه..لحظة الصمت المُحرقة التي تزور روحه..وهو يرثـي نفسه..ويندبُ الحظ العاثر..ويجدُ ان كل مسافات الحنين..تخنقُ زمام الامور لديه..وتعثر طريقه..اضطربت انفاسهُ وهو يحترق بسماع هذه –السواليف- المسلية ..السواليف التي كان يفتقدها ولازال..بقي شيء اخر ويحرقهُ على الآخر..صوت امه..صوت امه سيجعلهُ ينفجر..كقنبلة..كحزام ناسف..كمفجرة مؤقته..
ليحدثُ ماكان يتوقعه..صوت امهُ ..عشر سنين؟ صوتكِ يا امي لم يزرني..حتى في المنام! ..وتقسين الآن بصوتِك ..لماذا هُو حزين وهش الى هذهِ الغاية! ماذا فعلوا بكِ؟ سمعتوا بأنهم قاطعوك..اخوانكِ واهلك وقبيلتنا..كلها وقفة ضدك..وهجرتِك..وهجرتنِي حتى في الغياب..لماذا روحي تسعلُ الحزن ..لماذا ينبتُ الثمر البائسُ من روحي؟ الحنِين يا امي يخنقُ..يمزق الاحشاء دون مواربة..
انا لا اتحمل! الاكسجين يحترق داخلي..صدري يتهشم..اضلاعي تتضارب وتصطك في بعضها البعض..اكاد استمع لصوت عظامي وهي تتضارب.. جسدي في معركة..امام صوتكِ الحزين.. لماذا لم المحِك في صوتكِ ياامي..لماذا لم تظهرين لي هذهِ المرة ...؟ هل تغيرت! ام صوتكِ من تغير!..ام ان الهاتف اللعين يُظهر الاصوات بجاذبية اقل..وبحة احزن..وسوداوية اعلى!؟
كان يحك جبينه بتوتر..وقلق..ويبلع غصة يكادُ يجزم بأنها بحجم الارض..ينحني وهو يضع يديه على وجهه ويضغط اعلى انفهُ..الدُموع تقف في المحاجر..لكنها تأبى الهطُول..المطر الذي بالخارج لا يكفي..يريد ان يمطر الارض هُوَ ايضًا..يريد ان تُزرع من دموعِه الزهرَ والثمر.. لقد اشتاق..يريد أن يأكل المساحات والقاارات..ويضعها في جوفه..كي يتمكن من الوصول بسرعة!..
لقد تذكر الجنون الاول..حينما رأى مشعل.. في اسفل الفندق..تلك الحادثة التي اختنق صدرهُ فيها من الاكسجين..واصبح يُصدر صوت كناية عن انحباس التنفس والاكسجين في صدره.. لم يتعرف عليه مشعل..هو الوحيد ومن بين الجميع كان يعرفه..عرفهُ منذ اللمحة الاولى..واللحظة الاولى..الملامح ذاتهُا الملامح..لماذا لم يعرفه! لامه..وبخه في روحه..ثم نطق اسمه بعجز وبئس.."مشعل"..كانت هذهِ هي اللحظة التي تعيد نفسها عليهِ الآن.. وهو يتنفس بشكل سريع .. وكأنهُ يلهث..جسدهُ يتعرق..لم يكفيه الماء الذي استحم بهِ قبل قليل..
وريف تنتبه لهُ ببأس..وتتمنى لو باستطاعتها انهاء المكالمة وصوت والدتهُ يقول: كيف حالك يمه؟ عساك طيبة!
قالت لها – يمه- امام عيني..حتى هذهِ الكلمة تخون يا أمي.. انها عذبة ..عذبة على الروح والجسد.. لو انني ميت..وتحت التراب..ربما يكُون هذا ارحم..كنت سأنفجر واقول انا هنا امي..أنا ليث..هل تستطيعين سماع صوتي؟ هل اقترب اكثر الى السماعة واصرخ! ربما تسمعينه بشكل افضل!..ولكن ماموقفي وانا اقول كل هذا؟ هل لا اخشى عليك بأن تصيبك سكتة قلبية من شدة الصدمة والفرح!..لكن غيابي لم يخشى عليك من شدة الصدمة والبؤس.. اعذريني امي..اعذريني حتّى أرجع!! ولازلت اقولها لك..انا مدينٌ لكِ بعشر سنوات من عمري..
وريف تجيب وهي تبتلع غصة خانقة بعد الصوت المرح الذي قبل قليل من منظر ليث: الحمدلله بخير..انتِ طمنيني عنك!
ام ليث بحب:الحمدلله يابنتي بخير..شحالك تقول شوق انك ضعفانة يومها شافتك بالسكايب..ليه يمه ماتاكلين؟
وريف بخجل: بلى خالتي اكل..بس تعرفين الضغوط ..والحين مأجزين من الدراسة للصيفي..وبعدها بدخل ادرس مرة ثانية ثم بارجع!
ام ليث بتنهيدة : أيـــه ماتنلامين يابنتي..الغربة صعبة.." صمتت لدقائق ثم فاجئت ليث ليرفع نظره" وش حال اللي تغرب عن امه عشر سنين..يظن انها هينة!..قاسي يابنتي علي هالظنا..قاسي ولا هو براحم امه!
وريف تمتلأ عيونها بالدُموع ويبحُ صوتها : لا يمه ماتدرين وش وضعه..يمكن ماهو قادر حل ..يمكن ضايع..بس لاتقولين بقسوته..ماظنتي الظنا يبي يفر عن امه..

قالت بأنّي قاسي؟ ..انا قاسي يادنيا..انا قاسي ياعالم! هل تسمعني!! انا قاسي..امي تقول عني قاسي! هل تستوعب هذا ؟؟
حسنًا ..اظنني لا استوعب..اظنني سأختنق..يجب ان اغادر..يجب ان ارحل..انا اضيق..الظلام لا يرحم..الوحدة موحشة..حبيبتي تدمع..امي تحزن..والملام الوحيد هُو انا..لانني قاسي!..انا لا ارحم امي..لقد نطقتها بسهولة..لم تعلم بأني اكتوي من هذهِ الكلمات المضنية البسيطة..صوتك لاول مرة يزورني..كان يوبخني..يعاقبني..يصفعني..يصرخ في وجهي ويلفحني ..آه..حتى تلك الـ - آه- صعبة!..صعبة على الروح! تختنق فيها الحناجر..تموت في الصدر دون ان تنظر للعالم..وتبوحح!
توجه للداخل بسرعة وهو يرتدي ملابسه..وشعر وجهه الاصطناعي..ثم يعبر للصالة امام عيون الوريف الباكية والمُسترسلة في الكلام..يسحب معطفهُ ويخرج..!!










انتهَـى البارت حبايبِـي :$ .
اذكروني بين دعائكم..
هالمرة ماراح اكتب اقتباسات..ابيكم انتم تتوقعوا مجرى الاحداث..
اللي راح تكتب توقع صحيح ويكون موجود بالبارت 31 راح اهديها البارت ..باسمها..$:

وانتظر تفاعلكُم ..



 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 27-09-16, 03:52 AM   المشاركة رقم: 37
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 
دعوه لزيارة موضوعي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
صباحكم رمـضان ..
تأخرنا بـ هالبارت بسبب حوسة رمضان بأول الشهر وانتم تعرفون طبعًا :$ ,
بس رتبت وضعي وضبطت كل شيء..عمُومًـا..
اللي سألت عن سنابي أعيد واحطه عشانك : i_gaid
ترا سناب مهم بالنسبة للرواية..لاني اتكلم بأشياء كثير عنها..فاللي يبي يستفيد يقدر يدخل ويشوف:$ ,
هذا البارت.. مهم..مهم..مهم..مهم جدًا!!!وخصوصا اول مشهد..اقرأوه..ماعليه بتتعبوا من الوصف فيه بس اقرئوه..لان كل حرف انكتب مهم وله جانب مهم من جوانب الرواية..لاتتجاهلوا هالشيء :$
لان احداثه راح تعتمد عليها البارتات الجاية..وحتى في اخر بارتات من الرواية راح يكون البارت 31 مرجع مهم لنا..يعني اللي ماتركز على هالبارت..احتمال تضيع! ..
مابي اطول عليكم..ولكني مبسوطة بعودة متابعة اخرى عزيزة لي..هي اول من حجز سلطان .. وهي مُسنة..
متابعة عزيزة على قلبي ايضًا..البارت موجع..لكن اهدي البارت لكِ..


قراءة ممتعة لكم :$







البارت (31 )


كان عليَّ بأن أبلُغَ البحرَ قبلَ دنوِّ الغروبْ ...
كانَ عليَّ بأن أجْعَلَ القلبَ يختطُّ نحوكَ كلَّ الدروبْ
وكانَ عليكَ انتظاري ..!
كنتَ شمعةَ داري
ولوْعةَ بوحي ... ولونَ احتضاري
لمْ يعَدْ كافياً أن أحبَّكَ أكثرْ
كان عليَّ بأن أصْقُلَ الصمتَ فوقَ حطامِ المرايا
كان علي بأن أمنعَ الشمس تفتضُّ غصباً ليالي الخطايا
أصبحتُ كالقبرِ لولا شَواهدهُ لخطا الناسُ من فوقهِ سادرينْ
لم يكنْ ملجأً أن أحبَّكَ أكثرْ..
كان لابدَّ أن أمْزُجَ الصبْر بالياسمينْ
وحين تسرّب سرِّي ..
تمنَّعتُ ..أسرَفتُ... أطلقتُ للجرحِ صوتاً شحيحاً..
وحينَ دنا الجمعُ من سرِّه حائرينْ
تعثَّرتُ ..
فوقَ ركامٍ من الوصْلِ أدَّى ..
إلى مسمعٍ من صدى العابرينْ
فمَا عادَ سِراً بأني سَأهواكَ أكثرْ
إذْ كانَ لا بدَّ أنْ أَْسْكُبَ الحبَّ في أعينِ العاشقينْ .
لمْ يعَدْ قاتلاً أن أحبَّكَ أكثرْ
فنحن انْكَسَرْنا قُبَيْلَ مماتِ القوافي
نحن امتدادٌ لتَمْتَمةِ الملحِ مرفأْ
نحن اقترابٌ ومنفى ..
ونحن الشغافْ
سينتفض الأمس تحت ( كمانِ ) الجِراحْ
أسامرها الآن .. أعْزِفُ دمعيْ على عودِ أضلاعيَ
الحائرات
أدوِّن : سوفَ تدومُ ككلِّ القصائدِ
تحنو على كل حرفٍ ...وحرفٍ ..
وتفتحُ أذْرُعُها للرياحْ



# لِـ المتألقة : هيلدا اسماعيل :$ ,




في شوارع كامبريدج..يمشي في هذهِ المدينة الضبابية ، يعزّي نفسه بهذهِ الغرُبة المميتة..صراخ النوارِس والحمام في شرفات الصباح..الشمُس بخيلة! لا تنوي ان تغمرنا بأشعتها..التي تشعرنا بأننا على قيد الحياة..الشمس التي تجعلنا ندُرك كم اننا سُذّج حينما نظن بأن الدُنيا ليست بخير..وانّ الله ليس معنا.. لو ان الاله ليس معنا..لكّدنا نصاب بالجنُون..الجو الرطب والغيوم التي تعتلي السماء منذُ مدة لم تغادر كامبريدج..فبعد فصل الشتاء والثلوج..يأتيهم فصل آخر ومختلف..اسمه فصل – المطر.- .. فصل الامل..الذي اعتادهُ ليث طوال عشر سنوات كان ينتظرهُ بفارغ الصبر..لانهُ في مثل هذا الفصل..هو هرب من الموت ..من المشَفى..وفي مثل هذا الفصل كان يقضي كل شيءٍ وحيدًا..عاد ذهنِهُ الى ذكرى قديمة في بداية شبابه..حينما كان صغيرًا على مواجهَة تلك الظروف..حينما كان عشرينيًا..ساذجًا يمشي بضياع في كامبريدج مختبأ بمعطف ثقيل تحت المطر يخبأ وجهه تحت ايشارب من الصُوف..كان يطل على الشارع العام من الردُهَة..لايعرفُ طريق العبور..يخاف ان يَعبر فَيفتضح ، لا يعلم بأن احدهُم كان خلفهُ وينظر له.. يخشى العُبور الى الشارع العام ..ثم تراهُ الشرطة او عوام الناس فيشتكُون عليهِ..عيناه في وسط هذا الظلام كانت تلمعان عند مرور السيارات..وكان يسعُل من عوادمها التي تدِمي صدره.. كلما خطى للامام رجع للخلف بُمجرد سماعِه لصوتِ "بوري" سيارة آتٍ من بعيد.. يريد ان يعبر طريق المشاة..لكنهُ ليس مصنفًا من ضمن القائمة.. ظل حوالِي ربع ساعة..انها الليلة الاولى له التي يقضيها في العدم بعد هروبه من المستشفى ليلةِ امس..استجمع انفاسه..يريد ان يعبر كي يذهب لملجأ ما..لمكانٍ ما.. المهم ان يحصل على مكان يستريح فيهِ..فور ما ان استجمع انفاسه وعدّ من الواحدِ الى الثلاثة..حتى ركض بأقصى سرعة لدِيه.. وكأنهُ في سرعته التي يركضها لا يعلم عن عشر سنين سيمل من الركض فيها لنفسهِ .. صرخ بسعادة حينما شعر بأنهُ هرب من حدود المكان ..حتى شعر بأحدهُم خلفه.. كان ظلهُ على الارض مع ظله.. وايقن انهُ الخلاص..ثبت في مكانه..وهو يحاول ان يتذكر جميع الحركات الدفاعية..ويتذكر ان يصيح بهذهِ العبارة – انا بريء-. لم يتحرك..ولم يُحركِ ساكنًا..حتى اتسعت عيناهُ وهو يشعر باليد التِي على كتفهِ تربت عليه.. ثم يقول : تعال معِـي..
شهق بقوة وهو يلتفت برعب..ثم قال له الرجل الذي امامهُ بابتسامة: اكيد انتَ جوعان؟..صار لك فترة ما اكلت صح ولالا!
كيف عرفَ انِي عربي؟ وكيف عرف انِي جائع ، فرد برفض : لا..شكرًا لكِ..
سحبه من يده يخبأه حينما مرت دورية..ثبت في الجدار الجانبي وهو مستند ولا يتحرك بينما الدورية تعبر..ارتفع صدرهُ وانخفض برجفة..وهو يسمعُ اصوات المطر..من اول فصل – مطر- حضرهُ في كامبريدج.. الى ان اختفت الدورية..ادخلهُ الى منزلهِ وهو يمدهُ بالملابِس..وبعدما لبس وجد الطعام.. انهال عليهِ الجُوع ..لم يأكل ..منذُ مدة.. منذُ فترة تجاوزت 48 ساعة ..
ابتسم له الرجل:تفضل..اجلس اكل..اكيد لك كم يوم ماكلت!
ليجلس على الطاولة ويتناول بشراهة..لم يكنُ هو ليستوعبها..استوعب بعد دقيقتين من التهامه لصحنه بالكامل..هو في حياتِه كلها لم يأكل بهذهِ الطريقة الغير مهذبة..حتى يتناول طعامًا لم يشبع منهُ وفي دقيقتِين..
ابتسم اكثر الرجل الذي امامه، وهو يمد صحنهُ له ويقول: تقدر تاخذ صحني..انا ماني جوعان..
اكل وهو يراقبهُ يقف ويسحب جريدة من امامه وفيها صورته: انت ليث..ليث المالك..هذي صورتك الي تتناولها الصحف البريطانية..
وقف بحركة دفاعية وهو يرفع شوكة من الطاولة وكأنهُ يهدده بها، لقد استفزتهُ ابتسامة الرجل اللامبالية لخوفه ، مسح فمه من الطعام بكم قميصه ، وارتجف صوته وهو يقول: لا تظن..ان..انك راح..تأثر فينـ..ـي ..انا عرفت اهرب من المستشفى..مثـ..ـلها بهرب منك الحين!!
تقدم ناحيته الرجل ولكنهُ ابتعد للوراء ولازالت الشوكة في يدهِ ليبتسم الرجل وهو يمد له سكينًا : طيب هدد بشيء عدل ماهو شوكة..خذ سكين هددني فيه!
ليث لم ينتبه للفكرة الغبية وهو يأخذ – الشوكة- ، بسرعة رماها واستبدلها بسكين وهو لازال بحركته الدفاعية ، ليرى الرجل يلجلس على اريكة جلدية وهو يُشعل سيجارته : انا يوسف.. واتوقع اني بقدر اساعدك..انا بغيتك بمعروف..وابيك تنفذه!
ابتلع ليث ريقه الجاف بغير فهم ليستكمل حديثه: راح اساعدك في قضيتك..وراح ايسر لك طريق للعيش حتى تخلص نفسك..راح اطلع لك هوية باسم عزام حاليًا.. احتاج منك انك تتقبل فكرة انك مطلوب..لان لو ماتقبلتها راح تسلم نفسك ببساطة!
ليث يضع السكين جانبًا : وعلى أي اساس تساعدني؟
يوسف: انا محتاج حد يساعدني..يتمم معروفه معي..لاني ممنوع من دخول ديرتي لبعد سنة.. انا حالي يشبه حالك!
ليث يتوجه ناحيته وبسخرية مُندهشة : كيف تطلب هالشيء من انسان مطلوب..ممكن يموت قبل لا يحصل نجاته !
يوسف ينحني للامام ويشبك يديه في بعضهما : لاني واثق بالله..ان رسالتي راح توصل..ولاني اقدر احل لك جزء من المشكلة..
ليث: ووش الرسالة اللي تبيني اوصلها؟
يوسف بابتسامة : ابيك تروح قطر..عند هلي.. وتبلغهم اني قدرت اتكلم ..واني بريء من كل اتهام
ليث بعدم فهم : وش المشكلة؟ انت الحين تتكلم!
يوسف: انا قبل كنت ابكم..لكن فوق كل هذا اتهمتني بنت عمتي اني سويت الفاحشة معها.. وانا رجل محصن وفوق كذا كنت ابكم..طبقوا علي الحد وغربوني ..ومن تغربت صار لي 3 شهور
ليث : ووش يضرك لو كلمت اهلك بنفسك !!
يوسف يبتلع غصة جارية فِي حُنجرته : حاولت..ولكن ابوي اختار انه ينفيني هنا ..ومو بس سنة..لكن للابد!
ليث بارتجاف وهو يتخيل ان –الابد- لبقاء يوسف،ستكون نفس مصيره ليهمس بعجز : وكيف يقدر ابوك يمنعك من دخول ديرتك ويمنعك من انك تدافع عن نفسك ؟؟
يوسف: ببساطة لاني ولده الغير شرعي!
ليث انتفض وهو يستغفرُ الله: وكيف هذي؟
يوسف: امي قبل لاتتزوج ابوي كنت انا معها.. تزوجته وربيت تحت ظله..تزوجت من بنت خالتي نجلاء.. وهالحين طالبت بالطلاق وماطلقتها..لان في ذمتي وذمتها ولد..وماهي بالساهل اترك ولدي يضيع بيني وبينها..كلهم صدقوا العيب فيني وكأنه بشربة مويه..بنت عمتي مادري كيف سوتها وزورت علي كل شيء.. حاولت ادافع عن نفسي بس كنت ناقص ومعيوب..ابكم وماعنده مبرر..غير صمته ..حتى الحلف مستكثر عليه!..دافع عني خالي قايد..بس مافي فايده!! طبقوا علي الحد وكاني تغربت..وبعدها بشهر وصلتني كل اغراضي واوراقي الثبوتيه..ورسالة من ابوي بصك براءة مني..!!
يشُعر بأن القدر سيصنعُ منهُ يوسفًا آخر ، وهذا بالفعل ماحدث له.. ليتنفس في تلك اللحظة بغير تصديق لهذا البؤس الذي يعيش فيه:ليه ماحاولت تتصل وتبلغهم..ترسل لهم رسائل صوتيه .. او رسائل بالبريد..تبين فيها انك بريء!
يوسف يقوم بتطفية سيجارته في علبة السجائر الزجاجية ثم يبتسم : عاد هذي لا توصيني عليها لاني سويتها وخلصت ..ابوي مايبي يصدق لانه ببساطة عاجبه وضعي كذا..انسان بعيد مايهدد عياله بالورث..وغيره وغيره!
ليث يبتسم –بسذاجة- : ليه ظل حد لـ هالايام كذا؟ خبري ان المسلسلات ماخلصت!
يوسف يبادلهُ الابتسامة الجادّة : لا لسة.. مشاورينا طويلة..
ليث : وش المعنى؟ كيف بتضمن اني بوصل الرسالة! يمكن اموت..يمكن انسجن..يمكن انسى..
يوسف: جل من لا يسهو..لكن ماعتقد انك بذا البساطة بتنسى معروفي لك.. بأني احتويتك بايامك العسيرة.. هلك بلغوا السفارة..والحين صعب تروح للسفارة..لان حتى لو حاولت حمايتك..انت بالنهاية مطلوب امنيا وممنوع من تخطي الحدود البريطانية..
تنهد بتعب:كيف اقدر اشوف هلي؟
يوسف بسؤال:متى آخر مرة شفت هلك!
ليث يعصُر ذاكرته بأجمل ذكرياتِ لاخر زيارة لهم،اذ كانوا يتوقعون موتِه بمرض السرطان،لكن حماية الله كانت اكبر من كلُ توقعاتهم : قبل اسبوع بالضبط..
يوسف ابتسم لهُ بشفقة ويدهُ تربت على كتفه: احتفظ بآخر ذكرى لهم ياليث..ظنوتي مشوارك طويل..وفراق هلك هذي اكبر احزانك..واحسن الله عزاك في رثى نفسك..
ليث يندهش من حقيقة لايريد سماعها:كيف يعني؟
يوسف: انت مضطر في مثل هالحالة تتخبى..تحل مشاكلك بنفسك لين ماتثبت للعالم كله ببرائتك..
لان لو اعتمدت ع الحكومة البريطانية..فهمي ماعليها الا انها تسجنك..او تتسبب بموتك بأي طريقة..
ارتجف ليث وبرفض: مستحيل..مستحيل ابقى متخبي طول عمري..مصيري بارجع..لو انه باخر يوم بحياتي..بارجع وباشوف هلي!
يوسف: ان شاء الله بتشوفهم..بس لازم تصبر..حتى لو طال مشوارك..
ليث برفض وانهيار:مستحيل اتقبل فكرة فراق هلي..امي وخواتي مالهم حد غيري وغير عمي..يعتمدون علي..في كل شيء..كيف باتركهم؟
يوسف يربت على كتفه ويحاول تهدأة هيجان الشاب الذي امامه: ليث..هد نفسك واذكر الله ..ليث..
ليث يحاول الوقوف والهرب والصدمة ملئُ عيناه ، وكأنهُ للتو استوعب حجم المشكلة التي سببتها –برائته- في الهرب والدفاع عن نفسه، دفعه يوسف على الاريكة ليجلس لكنه وقف والزأير الوهمي يكافحُ اللهفة التي في صدره ..بسماعه خبر فراقه لاهله..بسماعه لحجم المشكلة التي توًا استوعب ماهيتها..صرخ في يوسف وهو يضربه بانهيار..يريد الخروج الآن..امام تسليم نفسه للأمن..او الوصول الى اهله..مستحيل ان يتحمل ايام حياته بحثًا عن برائته.. يجب ان يحصل عليها الآن..وفي هذِه اللحظة..وفي هذِه الثانية.. لكنه لم يستوعب الا حينما صرخ بهِ يوسف وزمجر فيه حتى جلس بانهيار يبتلع غصة المحروم لأول مرة : انت مو فاهم الوضع اللي انت فيه..انت شخص مطلوب..شخص عربي..مريض..كان راح يُتاجر بأعضاءه..لكن للآن مانكشفت كل هالاوراق..انت ماراح تطلع من هنا ليما انا اجيب لك اوراق هوية عزام..لشخصية وهمية..راح تعيش بها وتعتمد على نفسك في اثبات برائتك..القضية ماتحتاج كل هالانهيار..القضية تحتاج منك التوكل على الله سبحانه وتعالى
ليث رفع وجههُ بسخرية: وانت تساعدني فقط لانك تبيني اوصل هالكم كلمة لـ هلك!
يوسف يبتلع غصة خنقتهُ وهو يقول بصدق : اللي سويته لوجه الله..ماحتاج لاجزاءًا ولا شكورا.. ومن ضمن اهدافي في هالشيء انك تسدي لي معروف..وترد جميلك!
ليث يصمت لمدة ثلاث دقائق: وهلي؟
يوسف يجلس بجواره: ورجعنا على موال هلي؟ ..صح مالومك فقدة الاهل صعبة..بس في مثل هالحال ماتوقع ان هلك بينفعوك..يمكن تسبب اضرار لاهلك..وانت ماتبي هالشيء يصير..لذلك انسى هالموضوع فقط لـ هالفترة..اسعى لتخليص نفسك..عشان ترجع لاهلك..
ليث: كيف يقدرون يحكمون ويطلقون احكام على عرب ومسلمين بهذي البساطة..وليه الاعلام الغربي يغطي على مشاكلهم بينما يسعى لفضح مشاكل لنا واحتمال 50 % هي مو صحيحة اصلاً!
يتنهد : هذا يرجع لقضاتهم ومحاميهم اللي يستفيدون من قضايا ضد عوام المسلمين!
ليث بلكنة وعيد : ياويل قاضي الارض من قاضي السما..لاصار ميزانه عن الحق مايل!!
يوسف: تقول هالكلام لناس ماتؤمن بوجود قاضي السما؟
ليث بيأس: ماراح اتحمل اكثر من عشرة ايام بذا الحال!
يوسف ونبرته في هذه الجملة لازالت محفورة في ذاكرة الليث الى يومِه هذا: ماتتحمل عشرة ايام وكيف لو انكتب لك عشر سنين مهجور او عشرين سنة او ثلاثين؟


منذُ تلك اللحظة..عرف الليث ان مشوارهُ سيكون طويل..طويل بضعف العشر الايام التي كان يستخسرها على نفسهِ بالصبر، وكأن الله عاقبهُ لأنهُ لم يكن انسانًا صبور في طيش شبابه..ولهفته للحصُول على الحرية بأي ثمن..ربما لو مشى على ترهاتِ شبابه لآذى اهله فقط ليكون حرًا، ولن يسامح نفسهِ على ذلك.. هو الآن يمشي في احد شوارع كامبريدج..في الردهة ذاتها التي كان يختبأ بها قبل عشر سنوات..وكان يخشى العبور كي لا يكشفهُ احد..المنظر يعيد نفسه..الامطار هي ذاتها..تعيد الذكرى واللعنة ذاتها.. المختلف هنا انهُ لم يشعر بظل يوسف يرافق ظله..كان وحيدًا وهو يحتفظ برسالة صاحبهُ الميت..في شذى روحه..تلك الرسالة التي قال يومًا –ربما انساها-..لكنهُ الآن لازال يعيد ترتيلها في كل وهلة .. المكان لم يتغير..امام واجهة الردهة..سوى مقهى جديد تم افتتاحه في آخر السنوات الثلاث.. يتذكر ..رائحة العوادم التي تمر امام انفاسه..وتجعلهُ يسعل بقوة..في اول ليلة ضياع له من بعد هروبه من المشفى.. الطريق نفسه..الجدران في الردهة من الطوب..القطط نفسها التي تنط من فوق السلالم..لكن هذهِ المرة..مشى بلا خوف..وهو يمتن ليوسف في نفسه..لولا الله..ثم وجود يوسف..لما استطاع ان يعبر الآن.. مشى باختناق ..من ذكرى كلمة امه قبل قليل التي ترددت على مسامعه.. –هالظنا قاسي-.. انا عاق بكِ يا امي الى هذا الحد؟ حتى تعترفي بقسوتِي.. ليتني سرقتُ السماعة عن العالم..وعزلتها عن كوكب الارض..ثم تكلمت..وقلت لكِ كلمة واحدة..حتى لو كانت اخر كلمة بحياتِي..نحنُ نصنع لنا الذكريات اللطيفة هنا يا امي..نحاول ان نعيش حياتنا كالآدميين ..لكن لكنتِك الحزينة ..جعلتني اعيش اول يوم هروب لي قبل ماضِي دام لعشر سنوات..جعلتني اعبر ردهات كامبريدج كي اعود لاول ردهة عرفتُ فيها مصيري وقدري.. جعلتني اعود الى ليث القديم..الذي كنت ابحث عنه..ووجدتهُ لازال ملتصقًا بتلك الردهة..لايريد مغادرتها..اراه وأنظر لعينه..وكأنُه لم يكن يومًا انا..وكأني أنا لم أكنهُ يومًا ..وهو حائر..جبان وخائف من المرور امام العالم..كي لا يكتشف..هذه المرة لم يكن ظل يوسف موجود مع ظل ليث القديم..هذهِ المرة كان ظلّي انا..مع ظل ليث القديم ..الشاب..الساذج! الذي لايعرف كيف يعيش!!!!

عاد الى فُندقه..بعدما شعر باختناق يأسر كل جزء من عظامه..


،



يعود من المُستشفى..بعدَ نهار طويل، وتوصيات طويلة من –سعُود-. كيف لا يوصيه ..وهو الآن وافق على عملية ربما تودِي بحياتِه.. لقد أخبرهُ بأنه حان الوقت لكي يعلم ابناءه بما فِيه..يجب ان يرافقُوه ويدعوا له ..يجب ان تصاحبهُ أرواحهم .. يجب ان يعود كل شيء الى موضعه ..يجب ان تُوضع النقاط فوق الحروف..وتكتمل الجُمل بصياغتها.. يجب ان ينتهِي كل هذا..
ولكِن...
هاجر ،!! .. قبضة قوية..تأسُره بقسوة..وهو يتخيل نهاية العالم..على ملامح بكائها ، الملامح الغجرية..يجب ان لا تُجرح..ولا تخدش..يجب ان تبقى ثابتة بنعومتها..ان لا تستهلكها الدُموع والاحزان..كيف استطِيعُ اخباركِ ايتها البقعة المضيئة في موطِن الظلام الحالك؟ كيف استطيع جرحُكِ بهذهِ البساطة!..لقد اخبرتنِي بأنني قاسٍ جدًا..لم اصدق الجُملة بالكامل مُسبقًا..ولكن الآن اشعر بأنها صحيحة..وقد خُلقت هذهِ الكلمة لتكونَ لي..لقد صنعنِي والدكِ لهذهِ اللحظة..وهذا الموقف.. لقد جعل مني – بداية سيئة لكلِّ شيء-. ولكنني مُمتن بالنهاية..ممتن في حال انهُ اهدانِي إياك.. على طبقٍ من ذهب..وأخبرني بهذهِ العبارة " أخبرها بأن والدها يُحبها..وانني بخير..واذا متُّ فأنا ادعوا لها .. "
شُكرًا سعود على هذهِ الهدية.. الهدية المصدوعة بتجريحات صاحبها..
تقدم الى الداخل..هي كانت تمسح شاشة هاتفها بإبهامها بنعومة..تريد ان تخترق حاجز الصوت..والضوء..والصمت..كي تصل اليهِ وتصلها الاخبار بسرعة..واقفة امام ظلال اشجار نوفمبر المتشابكة ..والسقيفة من اعلاها تحجبها عن قطرات المطر.. هو قد تبلل..معطفهُ الاسود اصبح مصيدة للماء.. ولدموعها المتيقن بأنها ستبكي عليه باحتضانُه لها..
نظرت اليه..كانت تتمرجحُ كالجميلات على كرسي معلقُ بحبال في السقف..شعرها المجعد بجمالهُ ..يتموج بحرية على اكتافها..لمعة الحُزن في عيونها قتلته..وهو يتقدم اكثر..نحو خطى المستحيل..ليجلس بجوارها بصمت.. ويضع يدهُ على كتفها وهو ينظر للبقعة التي تنظر لها..-اللاشيء-..
همس بنبرة مُختلفة عن أي نبرة سمعتها مِنه : احنا اكثر المخلوقات في هالعالم نحتاج للصبر.. في مثل مواقف صعبة.. يمكن مانقدر نتحملها..لكن نقدر نواجهها على الاقل لو كنا متفقين على ان الصبر هو مفتاح الفرج لكل شيء..
لازال صمتهُا موازيًا للفراغ الذي تنظُر له..وكأنه لا تعرف مامناسبة الكلام..لكن خفقان غريب وغاضب من قلبها..يشعر به آدم..يشعر بحروق نحرها تفور وتضخ الدم لابعد مساحات..ومنها ينتفضُ جسدها ليكمل : انا علمتك اشياء كثيرة..علمتك الاحتشام..علمتك انك ماتكلمين رجل ثاني من دون أي سبب واي حاجة..وانتِي سويتي كل شيء علمتك اياه.. لكن ابوك علمك اسمى حاجة واهمها..وهي الصبر..والنفس الطيبة ..
لاتعرف ان كان سيهجرها..سيتزوج عليها..او يمهد لخبر سيء عن والدها..المهم ان لكنتهُ مختلفة وطريقة كلامه لا تشبه آدم لتقول بعجز : وش مناسبة كلامك؟
آدم : أبي منك تصبرين على كل كلمة بقولها..وتذكرين الله فيها..
هاجر بقلق: وش فيه؟..ابوي صار له شيء..
آدم يهدأ من روعها وهو يلف وجهها ناحيته وينظر لعينيها: هاجر..ابوك بكرة راح يدخل العمليات..
هاجر بعدم فهم : عمليات ليه؟ توه يقول انه تعبان من الشغل..وان تعبه عادي..وش فيه ادم ؟
آدم يمسد ذراعهُ على كتفها : ابوك عند ورم خبيث بدماغه..
صمتت ..وآدم لم يكن ينتظر صمتها المفاجئ.. كان يريد ردة فعل مختلفة..الصدمة احكمت لسانها..الاندهاش صيّر منها فتاة مُختلفة وشفتيها تذبلان ..تمشي الى الخارج..دون ان تنتبه بأن المطر يبللها تماما..ويلصق شعرها الناعم في وجهها ووجناتها..ودموعها تحت المطر..وارتجافها بقميص قطني مُبلل..واحتضانها لذاتها..يجعلها شهية اكثر..جريحة اعمق.. هذا الرجل استطاع ان ينظر الى روحها..يفتش في اسرارها بنظرة واحدة فقط..ليتقدم ناحيتها ..وكيف لا وهو لا يتحمل هذهِ الدمُوع الجميلة من عينيها؟
اقترب..وهي انتفضت بغضب وبانهيار باكٍ : ليه ماخبرتنــــــي؟؟..انا حلفتك بالله ماتكذب علي...ليه كذبت..ليــــــــه..تتوقع لما تخبي الموضوع عني راح تسهله علي؟؟؟؟ انت صعبته علي يا آدم اكثر!! خليتي يجرحني اكثر..
آدم يضع يديها على ذراعها فتنتفض بكره وهي تبعدهُ عنها ودموع اغزر من المطر كانت على عينيها،شهقات مخنوقة وغصات متتالية : طول هالايام وانا مو حـاسة؟ وابوي يتألم ويعوفر من الوجع! لما أسأله يبه شفيك..يقول لي صداع خفيف..وهو ساكت وحابسها بنفسه..وانتم تدروا؟؟ ليه خبيتوا عني..ليــه..والله ما استاهل تسون فيني كذا..هذا ابوي تعرف وش يعني ابوي؟؟؟
آدم يمسك بذراعيها وينظر لعينيها، وصارت أعينهُم جذابة اكثر تحت المطر، شعره المبلل وشعرها..زادهُم البلل جمالا..وهم يرتجفون تحت الماء المنتاثر..وشفاههم ترتجف..وعيونهم جوعى لان تحشي بعضها البعض ويقول محاولا تهدئة نيرانها : هاجر..اهدي..ماحد يدري غيري..اخوك عمار مايدري..بس انا وابوك..والحين انتي عرفتي!
هاجر تفلت ذراعيها من قبضة يده وتضربهُ بكره كامل في صدره، ودموعها تأنب آدم : ليه خليتني مثل الغبية وانت تسحبني اليوم من حضن ابوي؟ وتقول لي ابوي مافيك شيء؟؟ ليه لما سألتك ألف مرة ومرة انكرت.. ليه ماخليتني اعرف.. هذا مو حرام ولا غلط..
آدم بعجز : كنتِ راح تنهارين مثل الحين!
هاجر بألم وعبرة مخنُوقة : انهياري مو من مرض ابوي بس..انهيـاري لاني شفت ابوي يتألم ومادريت وش علته!! يمكن لو عرفت كنت داريته..ورفقت عليه..كنت اهتميت فيه اكثر ..كنت حطيت راسه بحضني وقريت عليه.. ليه حرمتني من كل هذا؟؟
آدم وشفقة قلبهِ على حُزنها تدِميه، يعرف هذا الشعور تمامًا .. لكنة الحُزن هذهِ في طريقة كلامها..جعلتهُ يشعر..ويتذكر تلك اللحظة..التي كان بها على سرير المرض..مكتئبًا بعد فراق امه.. ينتحب بحزن لانهُ فقدها ببساطة ومنعوه من زيارتها في اخر ايام حياتها.. اخفوا خبر موتها عنه وكان هو آخر الاشخاص..وآخر من يعلم.. اعادها الى حضنه : ابوك مابغاني اقولك..خايف افجعك..ابوك خايف عليك..
هاجر بألم : وانت ببساطة ليه تطاوعه؟ هذا شي ثقيل عليه وعلينا..احنا بالنهاية بنعرف..ليه هالموضوع يتخبأ علينا! وليه خبرك انت بالذات..ليه ماخبر عمار او خبرني انا!
آدم يمسح على رأسها وكأنهُ يريد حماية شعرها الرقيق والمموج من المطر : لان ببساطة مايبيكم تنفجعون..
هاجر بقهر باكٍ تنتحب اكثر وجبينها ملتصق في صدره:مالك عذر والله العظيم مالك عذر..احنا بالنهاية بننفجع..ليه تطاوعه..ليـــه؟؟؟
آدم يرفع رأسها : لاتبكين كذا ياقلبي والله ان ماتحمل !
هاجر بلوم : انت تسببت في حرماني من هالشيء..على الاقل لو كانت هذي آخر لحظات ابوي الاخيرة..وكنت عارفة بها..كنت تصرفت بشكل ثانِي..بس الله يسامحك كسرت قلبي..
آدم بألم من نفسه وابهاميه تزيحان الدموع عن خدها الرقيق : ماعاش من يكسر قلبك..
هاجر بحسَرة: مع الاسف عشت انت..وكسرت قلبي..بكثير أشياء..وهالحين كسرت ظهري بمرض ابوي يومك خبيته عني..احنا اولى الناس في هالشيء..احنا اللي المفروض نعرف..هذا جزء من حياتنا..لو توجع وش الفايدة لو ماحسينا فيه؟؟؟ بس كلّ مني انا..انا الغبية اللي وثقت بكلامك..المفروض عرفت وسألت ابوي..المفروض رحت المستشفى معك..
آدم وبنبرة حانية : لاتلومين نفسك..انتي محتاجة لصبر..
هاجر: وش الصبر اللي تتكلم عنه؟ انت ماخليت لي تفكير اصبر ولالا.. انت سرقت مني كل قدرتي على الصبر..
آدم : وش ذنبي لو ابوك طلب مني هالشي..وهذي اخر قرارته..؟؟؟
هاجر بعبرة خانقة وعيناها تلمع بالدُموع..وهي ترى قميصهُ من اسفل معطفه..قد التصق بِجسمه العضلي..وبدى مثيرًا تحت المطر، ولكن اللحظة جعلتهَا تكرههُ لتقول بهمٍ : ذنبك انك طاوعته..
آدم : امشي داخل..لوميني مثل ماتبي..بس تكفين لاتبقين تحت المطر..خوفي انك تمرضين!
هاجر بألم : انت مرضتني وخلصت..
آدم باندفاع: ومستعد اداويك..بس تكفين امشي معي داخل!
هاجر: تجرح الجرح وتداويه؟ ياكبرها عند الله.. لاتداوي جروحك..ياشينها ماتترقع!
آدم صمت لانكسارها، مُحترمًا كل الاهانات التي ممكن ان يستمع لها في هذهِ اللحظة .. لكنهُ يكره ان تمرض ووالدها يحتاجُ منها القوة.. يحتاجُ منهَا الصبر والاحتمال..اختنقت لصمتِه..لتسبقهُ الى الداخل..يلحق بها..ويرى خطواتها تبلل الارضية الخشبية والسلالم الخشبية التي عبرتها..كان خطواتهُ قريبة من خطواتها المهزوزة..
وامام باب الغرفة دخل ليدُخلَ خلفها..لكنها استطاعت ان تتمرد بغضبها..وتصفع الباب امام وجهه..وهو بالخارج..يتلمس الباب..يريد ان ينتزع طيفها ويزرعهُ كثمرة وسط صدره.. سمع انهيارها وبكائها وكأنها لم تبكِي قبل قليل..
تنهدَ..
هذهِ الجميلة لا تملُ البكاء.. تتعمد جرحي من الداخل الى الخارج..تعرفُ بأني اخر الاشخاص قدرة على تحمل دموع عينيها.. فكيف بسماعها تبكِي هكذا خلف الباب دُون حراك؟ لقد صنعت منكِ وعاءًا مشروخًـا..لم اكتفي بزجاجة روحي المشروخة..فأعطيتُ روحكِ هذا الخدش..لنتساوى..وكأن الاقدار المتألمة تحتاجُ الى الخدُوش فقط لتطابق بعضها البعض..لتنطبق عليها مقول – وافق شنٌ طبقه – بكل بساطة!


و غادرت ..لعلّي بذلك أكُونْ رحيمــًا ! .
،


ترتجف تحت الظلام ، عقلها اللاواعي يلتقط ذكريات قديمة يجعلها مشتتة، تريد ان تصرخ لوليد الجالس بالصالة ، ليأتي لها بالغرفة ، لكن صرخة مدوية في روحها تجعلها تخرس.. لسانها لا يتحرك..صهيل معاتبة في روحها..توسلات قديمة كانت تتوسلها لوالدها..هي تسمعها الآن..تسمعها وكأنها تتوسلهُ اليوم ليتركها وشأنها..حتى لو قالت لوليد بأنها بخير..الظلام مُخيف..العتمة في روحها مرعبة..الصمت في الفراغ مدهش..تشعر بأنها تغوص الى اعماق المحيط..ثم تخرج بالية..بدون قلب..انهارت على الارض وهي تلهث بعجز..تريد ان تبعد هذا من دماغها..تريد ان تجري عملية سريعة تنتزع فيها فص الدماغ المسؤول عن الذاكرة والقائهُ بعيدًا..سيجعلها ترتاح اكثر..
صرخت بقوة..وهي تلتوي على الارض وتبكي وتنتحب..وبمجرد سماعها لصوت وليد انقطعت افكار سوداوية من مخيلتها..لكنها بكت بتعب وهي تسمعهُ يقول: سبأ..بسم الله وش فيك؟
لم يرى سوى ارتجافها وبكائها..وضع يدهُ على جبينها..حرارتها طبيعية..قاس نبضها كونهُ دكتور..ويعلم ان في مثل حالات الخوف والاضطراب..يتحول نبضها الى اقل من المعدل الطبيعي او اعلى من المعدل الطبيعي..فوجد ان النبض متفاوت بس الانخفاض..كل ثلاث ثوانٍ..ثم نبض سريع مفاجئ..عرف بأن الحالة القديمة تزورها الآن..
لم يكن يصدق فرحته قبل فترة حينما تجاوبت مع كل حياتها السابقة..














واصبحت تواجهها بأريحية..لماذا هي تبكي الآن..وهو متيقن من ذلك.. حملها على السرير.. قرأ عليها كتاب الله ثم نظر لعينيها وهي شبه هادئة : شفيك ياقلبي..وش صار لك..والله خوفتيني عليك!
سبأ بنبرة مرتجفة..تنظر لهُ بعجز : مدري.. فجأة كذا وانا طالعة من دورة المياه..راسي صار يوجعني بشكل غير طبيعي..كنت اسمع اصوات ماميزها..
ابتسم لها ثم قال : هذا طبيعي ..ان الحالة القديمة تجي لك من فترة لثانية..بس انتِ كوني اقوى ..تحمليها..مو كل مرة تنهارين..لما تواجهين الشيء راح تتخلصين منه..علاج الهم اقتحامه!
ابتسمت بتعب: آسفة..ارعبتك!
وليد بابتسامة : عاد هذي يبي لها قبايل! وليد ولد ابيه من يروعه!
ابتسمت ضاحكة وعيناهُ تضاحكانها ايضًا : ماكان قصدي..
وليد : عادي تصير باحسن العائلات
سبأ : اقدر ازور وريف..! من تزوجت ماشفتها..خاطري ازورها..
وليد بابتسامة : انا مامنعتك كل مرة اقولك تقولين استحي وعروس ومدري ايش..بالعكس كونها عروس المفروض ماتتركونها..
ابتسمت سبأ : خلاص اكلم عبير ونرتب لنا زيارة..
وليد بممازحة : من متى ترتبون زيارة انتم؟ خبري بكم مداهمات واقتحامات..
ضربتهُ بتحجج : لا والله؟ وهذا اللي يقول لي روحي لها المفروض ماتتركينها..من يومي اصيلة واعرف الاصول..وماعمري رحت الا بمواعيد مسبقة..
ضحك على ملامحها المُتحججة وعقدة حاجبها ، ليقبلها في تلك العقدة ويبتسم : عارف انك بنت اصل..ومامن منبعك شيء يبور..
تراهُ ينهض الى جهازه اللابتوب ويضع فلاش استلمهُ اليوم في ظرف بريدي لتقول : وش فيه؟
وليد ابتسم وهو يضع الفلاش ويعمل الفيديو : طلبت من موظف بمستشفى اللي به ولد المالك يصورونه من الخارج ويصورن اهم المداخل والمخارج فيه! وكم عدد الحراس!
سبأ بعدم فهم : وبايش راح يفيدك هذا؟
وليد : هذا راح يسهل علينا عملية نسخ الســي دي اللي به كل براءة ليث.. لان راح نستعمل شخص لـ هالمهمة..
سبأ : وليه ماتاخذونه بكل بساطة..او تطالبون به!
وليد يبتسم لها : اذا انتِ مستغنية عني وعن رقبتي ماعليه ولا يهمك!
سبأ بقلق مُرتجس : لـهدرجة صعبة؟
وليد : ياما حاولوا ناس من قبيلته يسعفوه ويثبتون انه بريء بمثل هالطرق بس مافلحوا..في تحليل بصمات يتم كل فترة على السيديهات بكل مستشفيات بريطانيا..حتى يتأكدون ان ماحد يتعدى على خصوصيات المريض..
سبأ : طيب معقولة اللي بالمستشفى مااخذوا الســي دي وشافوه.. وعرفوا منه ان ليث بريء!
وليد : وكيف بيشوفونه وسط الاف السيديهات؟ وثاني شيء الســي دي عند استشاري كان مسؤول عن محاولة قتل ليث يومه يستخدم الدكتور اللي مات والممرضة اللي انضربت..
سبأ : يعني مخبي السي ديه معه؟
وليد : مية بالمية..واتوقع انه بمكتبه..بالمستشفى! ..
سبأ بحيرة : هالمشكلة متعلقة لها 10 سنوات على سي دي!
وليد : دليل البراءة ممكن يكون شعره! يحللون الـ DNA ويعرفون ان المشتبه به بريء..فكيف لما يكون سي دي..؟؟
سبأ بتنهيدة : الله يصلح حاله ونعرف وين ارضه..بس خوفي يكون الله ماخذ امانته..
وليد باندفاع : الناس كلها خايفة من هالشيء!! طيب حتى لو الله اخذ امانته..حتى الميت يستحق ان حنا نثبت برائته لو كان بريء.. الموضوع يستحق المجازفة..
سبأ : وش اللي يخليكم تعتقدون انه بريء!
وليد : في شواهد سابقين اكدوا لي براءة ليث.. الناس اللي اشتغل معهم..وشيء ثاني حتى لو كان مو بريء..عادي ان حنا بنفسنا نبحث بالموضوع ونتأكد..لان الاتهام من غير دليل والرضى بظلم الشخص ماهي من شيمنا..وانا واثق مثل شوفي لك هالحين..بان ولد المالك بريء..
سبأ : والله حالته تكسر ..
وليد: عارف..يكفينا من كل هذا ان حنا نعطي امل لامه ..بان في ناس تشتغل على قضيته..حتى لو مر عليها عشر سنين..
سبأ : الله يوفقكم ان شاء الله..
اكمل الفيديو وهو يتفحص الاماكن كلها..في تلك اللحظة..سحب الفلاش ميموري من اللابتوب..ووقف يرتدي معطفه بعجل ويقول: طيب..انا لازم اروح الحين..اوريه الشباب والجماعة..اتوقع انه راح يفيدهم كثير..
سبأ : الله يحفظك..
وليد يقبلها وهي مستلقية على الفراش: انتبهي لنفسك..
يُقرب الهاتف الى جوارها : ولما تحسي بأي شيء دقي علي..بكون موجود على طول.. ونــامي..لاتفكري ..! طيب!!
تهز راسها وعيناها تُودعانه..تبتسم له حينما استدار لها يبتسم لها..ثم رحل..سمعت صوت اقفال الباب..نامت براحة ومن دون ان تفكر!

،


تنهدت بعمق وهي تستيقظ، راكان لازالت حمّى الصمت موجودة فيه.. تحاول ان تجلس معه ان تمرح ، ان تبتسم له وتضحك ، لكنهُ يصمت ..عادة ماتلمح غصة في حُنجرته ، لكنهُ يخفيها بسرعة كي لاتشعر.. ومن أنا كي لا اشعر ياراكانُ بكَ وبجرُوحْ قلبِك ! انها سهلة جدًا معرفةُ ما بكِ..سهلة الى حدّ النخاع ولربما اكثر.
نظرت لهُ يدخل وفي يده هاتفهِ المحمول يركز عليه ثم يجلس ويقول : تدرين ان في جماعة تشتغل على قضية ليث حاليًا..ناس ينوثق فيها وهذا هي هامة بموضوعه..
على ذكرى ليث حزَنت ملامحها اكثر وشحبت ، رمقتهُ بهدوء ثم سرحت شعرها الاسود ..هُجران راكان لها ..يذكرها بمائة عام من العُزلة..هناك ماينخر عظامها ويجعلها تصل الى حالة الوهن..كل الامور التي قالت لها امها بان تقوم بها لم تُجدي نفعًا..كان نفعها مؤقتًا ..ثم يتلاشى كل شيء ليعود الى الصمت.. لا شيء يوازي صمت راكان ولا حل لذلك..تنهدت بتملل من الحالة..
لتجلس بعجز بجواره على السرير ، وهو لازال يتشاغل بجهازه الذي تُرسل له رسائل من الواتس اب.. عن اخيها.. بدأت تغارُ من اخيها الذي يخطفُ ذهن راكان اكثرُ منها.. صحيح ان غياب اخيها يجعلها اكثر الناس حُزنًا لفراقه..ولكن اهتمام زوجها للاشياء التي غيرها..يجعلها تصاب بحالة غيره..
كانت تنتظر منهُ كلمة اخرى.. ولكن دون جدوى ، لتقول وسط الحيرة والدهشة التي هي بها ، وهي تخاطب نفسها بصوت مسموع : توقعت ان لمشكلتنا حل سريع.. حل بسيط..مثل أي بنت ممكن انها تتماشى مع مشاكل زوجها.. كنت اظن ان موضوعنا بسيط لدرجة اني ماني شايلة هم قوي عليه..مع الايام اكتشفت انه يكبر..لحتى صار اكبر مشكلة عندي بالعالم..مافيه بنت تحسد اخوها..ولا بعد تحسد اخو غايب عنها عشر سنين ولا تدري عنه شيء..والسبب شيء تافه ..ان زوجها حط اهتمامه باخوها اكثر منها..واختار ان يتجاهلها في سبيل حل قضية مشكلة اخوها..
تفاجئ والجوال معلق في يده ، وهي تتكلم بهذهِ الصورة المتألمة والمجروحة..لكن بلا دموع ..فقط غصة خانقة وسط حنجرتها ، وكأنها مصل حلاقة تجرحها من جانب لِـ تُكمل : راكان انا ماقدر اجبرك علي.. قبل فترة كنت ادري ان زوجتك وولدك عزيزين عليك وذكرى موتهم ماهي هينة..كنت عاذرتك ولازلت اعذرك..لكن مو بهذي الطريقة تهملني وكأني شيء مايستحق الاهتمام..
يهز رأسه غير مصدقًا لما تنطقهُ ، لكنها اكملت وواصلت عليه تضييق الخناق وصوتها الحُلو يرتجف : ان كنت تبي بنت ثانية.. أو ..تفكر انك تبتعد عني..وتختار الطلاق..صدقني ماعندي مانع..صحيح بنجرح بتألم منك ببكي وبصيح كثير..لكن ارحم من اني اعيش بحالة جهل عن مصيري وعن قدري..واني اشوف زوجي كل يوم يبتعد مني اكثر..
راكان نطق واخيرًا وهو يلقي هاتفه بعيدًا ويتوجه ناحية عينيها : ومن قال لك اني افكر بالطلاق؟ ليه هالفكرة السوداوية..وحتى زواج من بنت ثانية مابي..انا مابي غيرك..
اسماء: سهلة عليك تواسيني بالكلام .. بس افعالك شيء ثاني!
راكان: ومن قال اني اواسيك؟ ..انا ماكنت متوقع ردة فعلك هذي..
اسماء بتعب: تعبت من وضعنا راكان..تعبت كثير..واظني احتاج الوقت اللي اشوف فيه نفسي..والقاها فيني..بعد ماضيعتها كل هالايام وهي تدور فيك ومالقتك..وصعب كثير تخمد نار انت باديها!
راكان بعدم فهم : وش مقصدك من كلامك هذا كله!
اسماء: ابي اروح بيت اهلي كم يوم..مو عن شيء..لكني ابي ارتاح..ليما انت تحس فعلاً بانك محتاج ومشتاق لوجودي معك..وقتها انا برجع!
راكان بعجز: من قال اني ماشتاق لك وماحتاجك!
اسماء:افعالك تعاكس كلامك كثير..
راكان بهدوء : واذا رفضت روحتك لبيت هلك!
اسماء: على أي اساس ترفض؟ انت ماخليت لي الخيار باني ارفض وضعك هذا..خل لي خيار باني ارتاح.. ارتاح كم يوم من غير مانتظر دخولك وكلامك وسواليفك..ارتاح من غير ماقوم والبس واعدل في روحي بكل سذاجة بينما انت مايهمك ..
راكان : الحالة اللي فيني طبيعية..يمر فيها أي رجال..حتى لو مو بعد الزواج مباشرة مصيرة يمر فيها حتى لو بعد عشر سنين من عمره..
اسماء تبتسم بسخرية : طيب ياطبيعية واللي يرحم والديك اعتقني هالكم يوم..صدقني كرهت حالي ونفسي بسبب اهمالك..
راكان بلوم : ليه موج اية تفهمي ان هذا شيء طبيعي!
اسماء:ليه مو جــاي تفهم انه مو عيب تعترف باغلاطك.. حتى لو كان طبيعي كنت مستكثر تقول هالكلمة انه وضع عادي ومايحتاج اخاف وانه طبيعي وبعد كم يوم بنرجع !..ليه فهمني؟!
صمت راكان كان مُقابل اصرارها .. على البوح! ، لتقف بهدوء: انا بروح بيت هلي..ولاتستكثر علي هالكم يوم.. انا خليتك براحتك طول هالايام وماضغطت عليك..رجاي منك لاتضغط علي.. انا جهزت اغراضي..وابي امشي الحين..
تنهد بقوة ، اشياء صحيحة وحقائق تكلمت عنها توًا..هي موجودة فيه ولا يستطيع انكارها.. حرمانها من الراحة ومنعها من الذهاب..يعني استعبادها..وفرض سيطرتهُ وهيمنتهُ عليها..وهو لا يريد ان تفهم ذلك منه..او تجد فيهِ طبعًا غير لائق في ذلك.. وافقها وهو يهز رأسه .. ثم يقف ليرتدي ثوبه.. وشماغه.. وفي غضُون دقائق كانت ترتدي عبائتها لتخرج معه.. الى منزل والدها.. حتى ترتــــــاح!!..


،


جالسة على العُشب في ارضِ الحديقة ، تحتضن ذاتها في جو المساء الهادئ.. الهدوء يخيفها..يخيفها من ان يجعلها اكثر الناسِ ذبُولاً وتحطمًا.. تنفست بهدوء ، نظرت الى ثقب روحها..انهُ شبيه بالثقب الاسود الذي يمتصُ العالم في الفضاء..يمتصُ كل شيء حولِه..بهدوء ووببطئ شديد ..وكأنهُ بهذهِ العملية يزيدُ من تعذيب نفسِه..
تعبت بشدة من روحها..لاتتخيل..المُستقبل مع رجل كسلطان..كل الوسائل لـ المُحاولة في تقبله..اصبحت مجرد وهم ، وهم بسيط لايمكنها تقبله.. ان يكون لها طفل منهُ اصعب.. ان يكون لها عائلة هذا شيء مختلف.. هي لاتستطيع ان تتحملهُ لدقيقة واحدَة ..فكيف بِعُمر؟
وقفت بهدوء على قدميها لتتمشى بالحديقة الواسعة.. والتي تنتشر فيها زهور عباد الشمس بطريقة بديعية..ورائعة..اعطت رونقًا آخر وسط هذا المساء..وهي تحيد عن زُرقة السماء البنفسجية الغامقة..بصفراويتها التي تنعش الهواء.. والنفس..
لمحت ظل في الارض..يتماشى مع ظلها..يُشبه ظل سلطان..بل انهُ ظل سلطان..لتلتفت له ..ينظر لها بصمتٍ ..بنظرة تخدش روحها..انهُ يفتش في اعماقها..نظرتهُ مختلفة عن كل شخصٍ قابلتهُ على هذا الكوكب..تلك النظرة من عينيه كفيلة لفضح اسرارها المدفونة في اعماق روحها.. ليتأهب هُو وينكش في روحها ببساطة..من اعطاك حق النبش؟ من سمح لك بذلك!..من وهبك تلك الثقة التي تزلزل الرجال..لتستخدمها مع انثى مثلِي؟
وصوتهُ كان قاطعًا وحدًا فاصلا: كيف حالك؟
صمتت ..لاتعرف ماذا تقول .. ارتجفت بهدوء ثم قالت: بخير..
وعادت للصمت.. شتت عيناه للسماء وابتسم، تنفست براحة ، ثم اعاد انظارهُ اليها مرة اخرى لتحبس انفاسها.. علاقة طردية محتملة بين نظرات سُلطان وانفاسها ، ليقوب بابتسامتِه التي تغوِي كل انثَى : ماكنت انتظر منك تقولين وانت اخبارك! لاني اعرف ان هذي ممحية من قاموسك..
أروى بابتسامة ايضًا في محاولة لاغاضته : مش ممحية..بل مو موجودة..
سلطان يفهم طبيعة محاولتها لتتسع ابتسامته : محاولة جيدة لاغاضتي..ولكن مافلحتي.. بس شرايك بسؤال جمانة اختي اول امس! يستحق ان حنا نتناقش عليك ..خصوصا بعد تفاصيل وجهك اللي تغيرت
احمرت.. بل اشتعلت..بل احرقت كل ماحولها..لتقول بكذب : أي سؤال..حاول تذكرني فيه..لاني نسيته..واحتمال اذكر بعد واحتمال لا!
ضحك سلطان ضحكة قصيرة اشعلتها اكثر ، ربما لو طالت لوهن العظمُ منها : سلطان يحبك ولالا!؟
ازدادت احمرارا..واشتعالا ..واحتراقًا : مايهمني!
سلطان بنبرة جادة ينحني ناحيتها : يهمك ليه مايهمك؟ ولا وش يفسر تغير لون وجهك للاحمر!
أروى بتبرير مُرتبك ومرفوض لدى سلطان : بسـ..ـبب..الغضب!..
*اعجبها المبرر لتكمل بثبات كاذب* ايه ..الغضب اللي انت تحاول كل مرة به استفزازي!
سلطان يُقربها ناحيتهُ اكثر ويقبلها في خدها ..لتشتعل ايضًا وتحمر اكثر ويهمس : وتتوقعين هذا بسبب الغضب؟
ارتبكت..لاتعرف ماذا تنطق ، وهي بين ذراعيه ..عيناها تحير في عيناهُ وتضيع..صمت طويل انطوى على شفتيه..الهي لماذا شفتِيه يغزوها الجمال؟ لماذا وجب علي ان اتحمل كل هذا..نقيضًا لمشاعري..
ليقول مفاجئًا اياها : ماتين تعرفين وش الاجابة ؟ مني انا !
هي باختصار تخافُ من الاجابة..تخاف ان تعرفها..ان تقتلها من الداخل والخارجُ ..صمتت وهي تنظر اليه لتجيبه : احتفظ فيها لنفسك..لانها ماراح تغير شيء..
سلطان بابتسامة يهزمها باجابته : ليه انتي عندك امل لـ هالدرجة اني بقولك اني احبك!؟ تتوقعين هينة!
حُرجت من تفكيرها الذي كشفه لتجيب بتبرير واضح اضحك سلطان : بغض النظر عن اجابتك..قلت لك ماتهمني..
سلطان : اجابتي هي بأن مشاعري تعتمد عليك..اذا كنتِ تحترميني..انا احترمكِ.. وهذا بالنسبة لي كافي.. صحيح حنا راح نتزوج بعد كم يوم..ومثل ماوصلني لازلتِي تكرهيني..اكرهيني ولاتغيري من مشاعرك شيء..لكن خلي بيننا احترام.. الزواج ممكن انه ماينبني على حب.. لكنه ينبني على احترام..
أروى بسخرية : ماشاء الله مؤمن بمسألة الاحترام من دون الحب.. بينما انا اكره زواج باحترام مزيف بعيد عن الحب..
سلطان : وهل انا احترم أي شخص بالعالم بدافع اني احبه؟
صمتت ..في كل مرة هُوَ يهزمها.. : انا احترمك..ولازلت احترمك.. وراح احترمك طالما انك راح تحترمين هالشيء فيني..
أروى : صدقني يعز علي اكون بنت غير مهذبة امامك..ولكن تصرفاتك بآخر فترة خلتني اكون بلا ضمير..
سلطان يقبلها مرة أخرى : اكيد هالحين صحى ضميرك..بعد ثنتين بيوم واحد ومايصحى!
أروى بغضب: ايه وماراح يصحى !
سلطان ينظر لشفتيها ويعض شفتيه ببتسامة : اجل نغير مكانها..عشان تصحين عدل!
دفعتهُ عنها بقوة وبثورة خجل غاضب..لتهرب من امامه على صدى ضحكاته.. يودع طيفها ويبتسم لروحه..يبدوا ان نصائح ناصر فعالة..الانثى تحتاج الى عاطفة اكبر من عاطفتها.. كي ينتصر هو عليها..


،


تجلسُ على احد الارائك وهي تفكر بصمتِ..بعد المكالمةَ التي كانتْ مع وريف..قبل قليل..وهي تشعرُ بريبة ما..بصوتٍ صامت آخر ..ربما كان شبح ليث تطاردها..وهي تتخيل بأنهُ معهم..يعيشُ ويأكل ويشرب..ويحارب لكي يأتي..هذهِ امنية من امانيها البسيطة! هل ستتحقق! ؟
امنيات قديمة رتبتها على رفِ ليث..ولازالت تتذكر كل شيء.. غرفتهُ تلك التي غطاها الغبار..وكلما مسحت الغبار عن غرفتِه ورتبتها وكأنهُ سيعود اليوم..تشعر بأن ليث قريب جدًا الى روحها..وهذا القُرب يؤذيها..ربما كانت قاسية في كلمتها الاخيرة – هالظنا قاسي-..لكن حرقة الغربة والفراق مُؤلمة..الغُربَة صعبة مثل ما يقولون.. ليست بِـ هذهِ البساطة كي تستطيع نسيان الذكريات.. في كل زاوية كان صوتهُ مسجلاً يعيد نفسه بمجرد مرورها امام تلك الزاوية..وكأنهُ لايتعب..وهو يذكرها بأن لها ابنًا غائبْ.. ارتجفت على سماع صوتِ الهاتف لترفعه بهدوء وهي ترد : السلام عليكم..
ترد عليها ام مسفر: وعليكم السلام والرحمة..كيف حالك يام ليث؟
على هذا الاسم انحنى غصُن آخر من قلبها لترد : الحمدلله..من معي!
ام مسفر بُحبّ : انا ام مسفر ..عساك ثبتي زين؟
ابتسمت ام ليث: ياحيا الله ام مسفر..ياحلوها من ليلة اللي ينسمع فيها صوتك..كيفك بس وكيف العيال؟
ام مسفر:الحمدلله كلنا بخير..واولنا مسفر..
تبتسم اكثر : الحمدلله عسى ربي يطمنه.. مايرد ولدك الا اللي بايع روحه..وولدك ينشرا بدم القلب يام مسفر..
ام مسفر بفرحة: وبنتك ماتنبار بعد يام ليث..الحمدلله ربي يسر موضوعهم ..وانا اللي كنت خايفة ان مالهم نصيب ببعض..
ام ليث:الحمدلله يارب.. مابه الا الخير.. آمري تدللي وش توصي عليه..ان شاء الله مانقصر!؟
ام سفر: لاوالله ان ماتقصرون.. بس حبيت ابلغك ان مسفر يبي يملك بعد اسبوع..يعني جهزي بنيتك اذا الموعد زين وكنا على وفاق طبعًا ؟
ام ليث بابتسامة : لا ابد انتي فصلي وحنا اللي نلبس.. خلاص ان شاء الله بيوصل لها..
ام مسفر: ان شاء الله يوم الخميس حنا عندكم..
ام ليث: حياك الله والله هذي الساعة المباركة..راح اخبر بنتي شوق وان شاء الله كل شيء يتم..
اغلقت السماعة بعد مُهلة ، وتمنت لو كان الليثُ بجوارها ..لتخبرهُ بأن يعتز بأخته ..يكونَ مسندًا لها ، لايهرب ولا يغيب بهذهِ الصورة المُوجَعة..هي مجرد امنيات عابثة لدى قلبِ كلّ ام..لماذا لم يستطع ان يحققها هذا الابن.. عشر سنين..وابنها مختفي..والقبيلة تقاطعها..واخوانها لايزورونها.. وزوجها ميت.. وهي وحيدة بدُونِ ابنها.. وحيدة بلا شك وحزينة اكثر!..


،


يحمل بعض اغراض التخييم مع ناصر ومهاب الى سيارة ناصر ، الكبيرة.. ينظر لها في المقعد الخلفي غاضبة وغير مُعجبة بالوضع وتشعر بتوتر، نظرت اليه بحقد كبير وتشعر بأنهُ الملام.. لازال يتذكر صباح اليوم حينما لم تتعرف عليه ايضًا .. فمسك ورقة وعلقها على صدره كاتبًا فيها – انا ياسر.. ضيف يبات معكم هذهِ الفترة..لاتنسيني..- . ثم ازالها من على صدره ووضعهَا بجورها.. اخذت الورقة وقرأتها..طوتها في يدها بهدوء..ثم ادخلتها في جيبها.. انتهوا من كل شيء ومهاب يبتسم لياسر: تعرف ان اختي ممكن تحقد عليك ؟ خصوصا انك عطيتها دليل يذكرك بها كل يوم..هالورقة!
ابتسم ياسر: على ايش تحقد؟ في محاولة لانقاذها من النسيان؟
مهاب : مهره عنيدة..غير مدركة للوضع اللي هي فيه..يمكن تستوعب خطورة هالشيء احيانا..لكنها تتجاهله غالب الوقت..
ياسر بتساؤل: وكيف راح تذكرك انت وناصر بكرة..؟
مهاب يبتسم : بما ان حنا عايشين معها على طول..احتمالية نسيانها لنا ضئيلة..يعني لو سافرنا عنها شهر ممكن تنسانا..هي تجلس ماتذكر شيء..بس لما تشوفني انا وتشوف ناصر..تذكر كل شيء..وثاني شيء معها جهاز تسجيل..عشان تذكر بعض الاشياء..
ياسر يهز رأسه بعجز : كيف ممكن يعيش انسان بذا الحالة؟؟ صعب كثير احس!!
مهاب: مثل ما انا تخطيت هالحالة ..هي راح تتخطاها..لكن يبي لها صبر..
ناصر وهو يحمل علبة كبيرة جدًا : يالمناوشات العليا..شرايكم باسعاف بسيط لي..لان احتمال يطيح ويخترب كل شيء..
يبتسم مهاب وياسر وهما يحملانه الصندُوق عنه الى داخل السيارة.. ينفض ياسر يده ، ثم يركب في الامام بجوار ناصر..ومهاب بجوار مهره.. والطريق طويل لِـ الوصول الى مكان التخييم..حيثُ يخيم سكان ميونخ في هذا الموسم من هذا العام ..في احد الغابات الموجودة فيها.. وبما انهم من سكانها حاليًا قرروا مشاركتهم ايضًا هذا العام..

،


عَـاد سريعًا للمنزل ، وكان بأكملِـه مبلل.. تركها وحيدَة تُجري المكالمة ، وخرج بضيق امامها بعد سماع اكثر كلمة مؤثرة اثرت فيه ..في حياتِه بأكملها.. الضيقُ الذي احتساهُ اليوم..كسر كل شيء..وربما زادهُ همًا فوق همه.. يشعر بأنهُ كبر خمسون عامًا على عمره..بسبب كلمة والدتهُ –هالظنا قاسي-.. صداها بعيد في مجدُ روحه..وجارحه جدًا الى ابعد حد.. استعمرت خلاياه وقادتهُ الى المصير..والله هو اله المصير..
ادار مقبض الباب ، بعد فتحه بالمفتاح.. ليجدها جالسة وحيدَة ..تنتظر قدومه بقلق وحُزن.. والغائب حينما يكُون حزينًا..لايعي ماذا يفعل..حينما تمر عليه صور الايام المُحزنة التي قضاها في العشر سنين من عمره..يشعر بأنها تُهدده.. فإذا حزن الرجل..ربما يُخمدِ انسانيته.. ربما يبتعد عن كل قوانين العشق التي اقسمها على مسامعها وأُذنها.. ربما يؤذيها دُون ان يدرك.. أغلق الباب.. وحينما قررت ان تقف اليه..هُوَ بادر واقترب..تفاجئت حينما ضرب بجسدها بقسوة على الجدار..وصار يلهث امام نحرها..لهيث الجائع للحرية..لان يُخرج كل غضبه وغيظه الآن وفي هذهِ اللحظة.. لقد كان يخطط لأن يقطف الثمرة بكل حنان ورومانسية مشبعة..لكن الحُزن أجبرهُ أن يقطفها بقساوة..
كل هذا من كلمة أمه.. الظنا قاسي.. وهي في كلا الحالتين..كبشُ الفداء..
لاتعلم ماذا تفعل.. حريق انفاس ليث وهو يتحسسها ارعبها..ليث لا يشُبه نفسه..ماذا فعل.. هل ترك نفسهُ حيث الوجهة التي قصدها ثم عاد؟ لماذا اضاعها..لماذا جسدها يرتجف..
انها تعرفُ تماما مايفكر به..ان يقطف الثمرة بقسوة.. بطريقة يُفرغ فيها حُزنه..
لم تستوعب كل شيء.. عدستيها تجحظان بهلع..تتوسعان بخوف.. وشفتيها ترتجفان..للحظة ما..وجدت انها انسلخت من ثيابها عارية!




وانتَــهى البارت...
ادري راح تجيني هجُومات بسبب هالبارت..
ولكني اتقبل كل هالجومات برحابة صدر.. واقول ان الثقة في الكاتب وبتوجهاته..هي اهم حاجة عند القارءئ الصح :$
وانا اعتقد ان غالبية قارئــاتي تفكيرهم صح ، وتوجهم يشبه توجهـي حتى وان اختلفنا على النقاط البسيطة..
عموما هناك بشخصيات البشر - سلبيات وايجابيات- ..ومن الصعب ان يكُون الانسان ايجابي في كل اوقات حياته :$ ..


توقعاتكم..






 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 27-09-16, 03:56 AM   المشاركة رقم: 38
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 
دعوه لزيارة موضوعي

صَـباح الخِير..وهذا البارت 32 نزل مثل ماوعدتُكم ..
والحمدلله بذات الموعد اللي خبرتُكم به..
وموجود بمواقع التواصل معي من سناب الى اسك وغيره،
البارت محمل بالمشاعر.. وفي اشياء يمكن ماتعجبكم..ولكنها متناسقة جدًا مع سياق الرواية..
واللي اطلبه منكُم فقط الثقة !
وشيء ثانِـي.. :

الاحترام ايضًـا!

الرسائل التي تمسني..وتتهمني بالكذب والخداع..والتكاسل!
هذي انا ماقبلها ولا ارضى بها ابدًا ابدًا..ويشهد الله نيتي اكمال الرواية..
لكنني اخبرتكم الظروف تواجهنا جميعًـا..وانا ماتأخرت الا كم يوم عشان ارتب وضعي..
عمومـًا ..انتبهوا للبارت ..في ذكرى قديمه يمكن من البارت السادس ..او الخامس..
راح تحرك شوي في مشاعرنا :$
عن نفسي اجد ان الذكريات القديمة ..هي اللي تحرك مشاعرنا في الرواية..وترجعنا لأثير الماضي

استمتعوا بالبارت..وموعدنا يوم الجمعة المقبل ..ثم بعد الجمعة المقبلة راح ننتظم..وينزل البارت جمعة واثنين مثل قبل :$ .. واحتمال ازيد يوم بعد عشانكم وعشان نتماشى مع الاحداث ومانطول لان نحتاج ننزلها بفترات متقآربـَة :$


وشكرًا لثقتكم فيني





البارت (32)




حين جئنا هذه الأرضَ

وقلنا : "سوف نبني عالماً أجملَ".

كان الكونُ أجملْ ...

أوَلم يسمحْ لنا بالأسئلةْ

وبمنأى الحلمِ ؟

أمّا الآن

والطيرُ الذي ينُْبئنا طارَ

فقد حلَّ زمانُ القتلةْ .

# لِـ المُتألقّ : سعدِي يُوسفْ :$ ,






لم أستوعب أنهُ قد تم قذفي في اليقظة..شعُوري الآن مثل خروجي من رحَم امي..مرتبكة وخائفة ، لا امتلك الثقة في الآخرين..لان وجوههم مزيفة ، لم اكن اتوقع بأن هذه الشظايا الزجاجية قد تخرجُ من رجل يحترم الحُرية ويكرهُ كبحها..يعطي الآخرين مُتنفس كي يعبروا عن ذواتهم بكل أريحية.. لماذا الآن يمنعنِي منها..ويجعلنِـي بلا معنى في سريره..أريد أن افتح عيناي..لكنني مُحطمة بالكامل..لاجدوى في البقاء بالظلام..طالما حياتي كلها تزينت بالجوانب المُظلمة.. فتحتُ عيناي..واعتدُلت جالسة.. عبستُ وانا اقوس شفتاي بحُزن.. نظرت لهُ بنظرة مُتألمة ومجروحة.. لا اعلم بماذا كان يشعر حينها.. لكن هناك ندم في عينيه..ندم واضح وكأنها صحَى توًا من غيبوبة الحُزن..
تبًا..لقد رتبتُ لهذه الليلة..لقد تمنيتها ان تكون اكثر ألفةً..لقد وضعت موعدًا مميزا.. ووقتًا مميزا في ذهني.. كل هذا لم يأتي بالحُسبان.. اشعر بثقل عظيم في روحي يخترقني..من كل الجوانب المُحيطة بي..يُحطمني الى اشلاء موزعة..لقد حلمت ان تكُون ليلة شتائية اكثر رومانسية..أزينها بالشموع والورود.. أرتدي قميص نوم جميل يرضيه..ويرضيني.. أكُون أمامه بكامل زينتي وجمالي..كي نكُون معًا بطريقة افضل..بمُستقبل افضل..
ثم لماذا علي كل مرة أن اعذرُه..وأقول ..لابأس..الغائبون يحتاجُون إلى التنفيس عن غيابهم وغضبهم فينا.. المحرمون يحتاجُون إلى مايرضيهم..لماذا ينبغي علي أن أبرر لهُ في كل مرةٍ يجرحنِي ؟ لم يكنُ وجهه الأكثر ألفة الا زيفًـا..لقد أستغلني بحزنه وغيابه..استغلني كثيرًا ..وكان علي أن أسامحه كثيرًا..لكن الآن..لاجدَوى من المسامحة.. فلقد سئمت حياة البُؤس تلك.. لم يحترم تضحيتي في بقائي معه..واختياري لهُ كزوج..مع علمي بكل المخاطر التي سنواجههَا معًا..الا انني اخترتُه..وكُنت مصرة على ذلك.. لماذا لم يقدر كل هذا؟ ..لماذا لم يقدر اني عانيتُ كثيرًا..وتحملتُ غضب اخي حينما كشف هويته للمرة الاولى ..وصمتت..لأجله.. وكتمتُ السر في نفسي وكأنهُ لم يكن يومًا !..
يُراقبنِي كإبليس أبَى واستكبر..جعلهُ الغياب اكثر هيمنة وقسوة.. كان رحيمًا..حسنًا..لقد كنت أعتقد ذلك ! لكن لم يأتي في ذهني مالذي يجعل رجل غائب لعشر سنوات..ان يستغل من كان معهم يومًا! ..لماذا صدقناه وربما كان يضع لنا الكمين... لماذا فقدتُ الثقة ..لماذا؟

تنفست بهدوء باكٍ ، وتفاصيل الليلة الماضية تمر عليها..حينما صرخت بقوة تحاول دفعه وايقاظ ضميرهُ النائم تحت وحل الحُزن..لكن دون جدوى كان يستمع لغوغاء عقله.. دون ان ينتبه لقلبه.. لقد جعلها خُردَة في ثوانٍ..حينما جعلها كأي أنثى مستعملة بقسوة.. لقد قطفها ..قطفها بقسوة ..والغائبُ يفترض ان يقطف الوردة بهدُوء.. بحكمة!
لم يكنُ هينًا عليهِ هكذا رؤيتها باكية..كان جالسًا امامها على الاريكة..يشبك كفيه في بعضهما البعض..وكانهُ احتسى شرابًا وسكر..ثم عاد الآن لوعيه.. جالسٌ بلا قميص..جسدهُ العضلي وعرض منكبيه كان مؤلوفًا.. يرتدي شورت قصير.. وحملقة ندم ينظر بها للوريف والكلمات..تتخبص في ذهنه..
وقفت بيأس حينما شعرت بأنهُ استغلها لـ حُزنه.. حينما كان سيتكلم صفعت باب دورة المياه في وجهه.. لتنهار باكية وحزينة..وكأن ليلة كاملة من البكاء يوم امس لاتكفيها ..لتعيد النحيب الآن.. من يصدق؟ ليث سيفعل بها هكذا.. سيكرس حزنه في الانتقام بها.. وكأنها هي من سلبت منهُ هويته.. هي من تسرقها منهُ كل مرة.. حينما يرى عينيها..يشعر بأن كل شيء يتلاشى..اسمه ..وجنسه..وموطنه..وروحه تتلاشى.. كل شيء!
امام صفعتها للباب في وجهه..عرف بأنهُ افتقد ثقتها.. للأبد!!
يفكر الآن في استعادتها..لقد جعلها حُطام..فكيف سيستعيد هذا بعد كل ماخلفهُ من الفوضى؟
خرجت من دورة المياه ، وهي ترتدي قميص من الصوف، وبنطال جينزي..وجه شاحب لأول مرة..عيون ذابلة حزينة..شفاه مقوسة.. ارتعادة جسد ..كناية عن عدم الثقة.. ليهمس بشجن وهو يتقدم ناحيتها يمد كفه ليضعها على خدها : وريف..
ابعدت وجهها قبل ان تلامس يدهُ خدها.. عيناهُ ..هما تتكلمان كثيرًا..لكن لسانهُ لا يتحرك..الصمت من يجيب..لتقول بألم : ليه سويت فيني كذا؟ وش اللي استفدته من هذا كله؟ ماكنا حليوين وماورانا شيء..حتى لما صارت بيننا مشاكل ماوصلت لـ هالدرجة..ليه سويت كذا؟ وش مبررك!
ليث يضع كفيه على انفه ، يضغط عليه بقوة ثم يقول بنبرة تُشير الى ندمه : ماكنت ابي اسوي فيك اللي سويته.. كنت مخنوق ومو عارف شأسوي.. تضايقت كثير لما سمعت كلمة امي..
وريف تهز رأسها بعدم اقتناع ولمعة الدُموع في عينيها قاسية على قلبه : للحين ماعرفت وش مبررك..للحين مو لاقية في كلامك أي عذر..
ليث يتقدم ناحيتها..ترجع للوراء..تريد ان تضع مسافة امنة بينها وبين ليث..يلتصق ظهرها بالجدار، ليث يحاصرها وهو يقول بعجز ولازال شعرهُ رطبًا بعد سباحته: اتركيني اعوضك عن اللي سويته.. صحيح مالي وجه ومالي عذر..لكن بامكاني اعوضك..فقط احتاج منك فرصة ثانية..توثقي فيني!
هزت رأسها بحُزن ودمعتها تسقط من كلمِته الاخيرة –توثقي فيني.- ، الكلمة صعبة وهي كانت سهلة يوم امس..انت من صعبتها علي..ليس أنا لتنطق : ابي ارجع بالفندق مع اخوي مشعل.. احتاج راحة منك ومن التفكير فيك.. ابي تمر هالايام كلها من غير ماشوفك.. ليتك رجعت لهلك قبل لاشوفك هنا..ليتني مالتقيت فيك وماعرفتك..ليتني ماشفتك يوم يطيح شعرك على باب الشقة..
عيناهُ تترجى ان يكُون كلامها كذبًا ليقول وهو يضع يديه على كتفيها: كيف ترجعين ؟ تبين اخليك تروحي وتبكي لوحدك؟ من غير ماكون معك..
امالت رأسها لتنظر ليديه التي على كتفها، شعر برفضها ليبعد يديه لتقول : انت اللي سويت هالشيء.. تحمل نتايجه..ماتوقع ان حنا يصلح نكمل مع بعض..من اول ماعرفتك والمشاكل ملاحقتني..
لم يهمها مشاعره كم كانت متألمة لأجلها او للغياب لتقول : انت الظاهر تستحق ان تكون منفي عن العالم..عن الناس ..حتى ما تأذيها.. لانك ماستبخلت اذاك علي!!كثر الله خيرك..
صدمتهُ بكلماتها التي شقتهُ من الداخل للخارج، ابتلع غصة رجالية مقهورة بانت من تفاحة ادم التي في عنقه، ومن عيناه اللتان تلمعان بوميض الغياب، ليراها تغادر مجرة صدره ومحاصرته..لتنتقل لمجرة اخرى..واسمها " الصدّ" ..
كانت تجمع اغراضها بجنُون في حقيبتها البيضاء الصغيرة ..تحمل أغراضها الانثوية بكره من دولابهم المُشترك في اتفه التفاصيل..ليكون خاليًا له لوحده..لملابسه الخاوية في ردُهة العالم.. لم تترك لها لمسة او اثر..كل شيء اخذتهُ معها وكأنها تتعمد معاقبتهُ .. ليقول ليث وهو يجلس على السرير مقابلًا لها : ماعندك خيار؟
وريف تهز رأسها بعجز حزين : انت ماخليت لي خيار..
ليث بنبرة حانية : ماكنت ابي اسويها..قلبي وتعرفينه..مايقوا عليك..
التفتت اليه ، دموعها في وجنتها..ابتسامة ساخرة بين الدموع لتقول: كيف مايقوا علي وكل هذا صار؟ ..وش بيضرك لو تركتني هالكم يوم ارتاح منك ومن وجودك ؟ خلاص ليث بعدين نتفاهم..!!
" ارتاح منك ومن وجودك " يالله.. كان يحلم بكابوس كهذا..لماذا جاء هذا اليوم الذي يتحقق فيه هذا الكابوس ، لايريد ان يضغط عليها ربما الهدوء والبعد يسعفها على مسامحتهُ واتخاذ القرار..ان يكون كل شيء بهذهِ الطريقة الفذة صعب..ان يجبرها على البقاء ..هذا يعني منعها من الحرية.. حينما ارتدت حجابها ومعطفها وهو ارتدى كذلك معطفه وشعره كي يقوم بتوصيلها للفندق ، حمل حقيبتها لكنها رفضت لتلتقطها ، نزلت معه للاسفل،وكان المطر لم ينتهي..لكنهُ قل..وقطراتهُ تشبه قطرات الندى..
امام باب الفندق استدارت بتردد حزين، لمحة الشحوب يكرهها ليث كثيرا..لقد تبدلت الاحوال بسرعة..بين ليلةٍ وضحاها ، لتقول بنبرة كره لم يستطع تصديقها : انت ماكفاك عشر سنين مضيع عمرك.. تبي تضيع اللي حولك معك..تبي تضيعني فيك ياليث..تبي تستغلني بحزنك وبغيابك..وانا بنت عمك اللي اختارتك على كل رجل بالدنيا ذي كلها..حتى توقف معك وتساندك..ولكن انت ..شف شسويت!
عيونهم اكثر لمعان وجاذبية تحت المطر،البرد كثيف،الضباب الدخاني يخرج من افواههم بمجرد الحديث او التنفس..احمرار جميل في انوفهم وشفاههم المُرتجفة من البرد ، ابتلع ايضًا غصة اخرى..هُو يستحق..يستحق هذا الكلام..يستحق هذا التجريح..لانهُ لم يمهد الامر لعروس جميلة كابنة عمه..فوق كل هذه الطريقة الفذة في الزواج..لم يحترم كل هذا ليهديها الليلة الاولى لهم جبرًا وقسوة..بأبشع صورة.. لتنسحب وتتواصل في تجريحه ، لكنهُ يثق تماما..بأن الجروح التي تغرسها في صدره..ماهي الا خدوش بسيطة امام الجرح العميق النازف من صدرها.. قال بنبرة مُختلفة : عارف انك تبين تجرحيني بأي طريقة الحين..تبي تردي جرحي لك بأي ثمن..ولكن مابيك تأذين نفسك..اعرف ان حتى تجريحك لي يأذيك.. لكن أبسألك..وش بتسوين هالحين؟
وريف تنظر لهُ بعجز ، بحزن، بشحوب: بسافر مع اخوي..بروح ميونخ..منهاتن..باريس..بأي مكان..بقضي هالاجازة بعيد عنك..وبرجع اكمل هالسمستر وبرجع السعودية.. وعمرك كله ابقــى هنا..تستاهل..
وضع يدهُ على فمها يمنعها من الكلام: ترا مثل هالكلام مايأذيني.. لاني تعودت اقوله لنفسي وتقبلته برحابة صدر..هالكلام اللي تقولينه يأذيك انتي.. وانا ماتحمل تصبرين ع الاذية اكثر من اللي تأذيتيه! .. شوفي نفسك..طمني بالك..اهدي بس ارجعي..مصيرك معي..ومصيري معك..لاتظنين الانسحاب بغيرنا..
قبلها على جبينها.. وانسحب من امامها..رجلٌ كأنت يحجبهُ المطر..ثم يختفي بين شوارع كامبريدج.. التي عاد منها امس بلا ضمير.. ثم فجأة استيقظ ضميره مرة أخرى.. القبلة التي تركتها على جبيني تشبهُ قبلة الوداع..كرهتها..كرهتها من قلبي..وبكيت تحت المطر.. وانا المحك تبتعد..ثم تلتفت من بعيد لي وتبتسم بحزن.. بحسرَة على مافعلتهُ معي.. صحيح..كلامي لك يجرحني انا ..يؤلمني انا..يذبحني ببساطة..لكن كنت اتوق لأن اجرحك فجرحك لي امس يوازي عشر سنين من عمرك ضاعت بحثًا عن الهوية.. لكنني وجدت بأني مخطئة..ففي كل الحالات..انا من يدفع الثمن!..انا من يجُرحَ!
دخلتُ الى داخل الفندق، فتحتُ الباب ببطاقتي.. امام انظار مشعل المندهشة ..الذي كان يأكل البيتزا.. ويشاهد المباراة..متحمس في التشجيع ..وقف بدهشة حينما دخلت بلا كلمة..ناداني ..لكنني اغلقت الباب بقوة..كناية عن عدم رغبتي بخوض الحديث..
كاد يجن ..وهو يضرب الباب لعلي اجيبه..لكنني بالحقيقة منهارة.. كان يتوعدهُ امامه ..كان سيردد..-بذبحه ان كان مآذيك-.. لكني صمت..وهو ارتدى معطفه ، ونزل ..بحثًا عن ليث.. وكنت متيقنة،بأن ليث سيفرغ غضبه في شجار مع مشعل، ومشعل لن يقصر في ذلك،فطبعهمُ الشجار دائمًا..


،
تستيقظُ من النومِ فزعة ، في هذا الليلِ الحالكْ ، على ذكرَى الاحبة ..اليوم اختنق صدرها..فبكت محسورةَ على حلمها وهي إلى الآن مُصدقَة بأنهُ حقيقة ..لم تستوعب اساسا بأنهُ " كابوسًا " .. بكائها ارعب قلب ابنها وزوجته..حينما توجهوا نحوها بسرعة الى غرفتها باكية.. حزينة وكأنها تلقت خبر وفاة احد ما.. لقد تذكروا هذا الموقف نفسه..حينما توفي ابنهم رياض..قبل 16 عامًا .. والذي مات في حادث مروري.. وحينما بكت عليه كان بكائـها يشبهُ هذا البكاء المفجوع..حلم اسود ..حلمٌ من جهَنم..توجه نحوها ابنها واحتضنها الى صدره وهو يقرأ الاذكار عليها..وام رياض تمسح على يديها بِحُزن شديد.. محاولة لتهدأتها.. ابنها يقبل رأسها ويتلُوا كتاب الله..يمسح على شعرها المُتموج بالشيب..دموعها بللت ثوبه ، ثم نطق : بسم الله عليك يمه..وش حال بك؟ بليس يمه جايك غدر بالحلم..ولا ترا مــاهو بحقيقة..
الجدة بفجعَة : الا حقيقة..اصدقني القول ياعلي..مشعل ووريـف وراهم شيء.؟؟لحقهم شر!
بو رياض يبتسم يطمأنها: والله ان مابهم شيء.. توي كلمتهم امس يوم جت ام ليث وبناتها
ام رياض تجاري ابو رياض ليحل السلام على قلبها: ايه يمه..كلمنا وريف وياحلاتها وزين صوتها مابها شيء..ومشعل بعد دقينا عليه.. كلهم بخير وسلامة..
الجدة بحزن : بس حلمي يقول العكس..حلمي يقول ان الاثنين ماهم بخير..
بو رياض يمسح على وجهها:يايمه تراها اضغاث احلام..والله ان ماتسوى عليك تشغلي بالك..وكلي الله وماورا هالحلم شيء..
الجدة بقلق: قلبي قابضني.. كان احد بالحلم يقول لي..عيال بو رياض بيغيبون مثل ليث.. وماراح تلقون لهم اثر..وش ماتسوون..
انقبض قلب ام رياض من هذهِ الكلمة..قلقت وعيونها القلقة فضحت امام عيني بو رياض..الذي اخبرها بعينيه ان تتماسك لأجل امه.. ابتسم بو رياض من خلفِ الخيفة التي في قلبه: ماله داعي يايمه تصدقين كل حلم يمر عليك..يمكن حلم عابر..او انك تعبانة وشفتي هالحلم..
ام رياض تنظر لابو رياض: طلع صدقة ياعلي..الصدقة تدفع البلاء..
الجدة بهدوء حزين: ماقدر اتحمل فقدهم..خلوهم يجون ارجعهم لحضني..ابي اشم ريحتهم..كافيني فقد ليث..مابي افقد بـاقي احفادي..
بو رياض:لاتخافين يمه..بيرجعون والليث ان ربي كتب لقاته بيرجع معهم ان شاء الله..
الجدة بألم : يابو رياض..لو شفت من الليث طيف بس! هاته معك..رجعه لحضني وحضن الجوهرة "ام ليث" والله مايسوا على قليبها..
بو رياض بابتسامة حنونَة يرفع الغطاء على جسد امه..ويقبل جبينها ثم يقف:نامي واذكري ربك لاتشغلي بالك..اليوم بس تجلسين نكلمهم
هزت رأسها واغمضت عينيها بتعب.. نظر اليها بحِزنُ لحزنها..عائلتهُ تشكي الفقد ولايستطيع فعل شيء لحل الحزن في قلوبهم.. سرطانُ فقد ليث انتشر في جسدهم..لايستطيع انتشاله..اخر خبر سمعه عن ليث..حينما تشافى من السرطان .. وبعدها لم يجد لليث أي خبر.. خرج من المكان وام رياض معه..التي عقدت ملامحها بحزن وتوتر واضح..ولم يسمع علي الا صوت بكائها..ليلتفت لها باكية وحزينة ..قلق والدتهُ أرهقها..ذكرى ابنها رياض الذي توفي زارها..وتخشى ان يصيب هذا النصيب ابنائها..بكت بحزن غير طبيعي وبو رياض يتقدم ناحيتها ويربت على كتفها..يجلسها على الاريكة ثم يقول: وراك يا مزون..وش بك تبكين ؟
ام رياض بحزن: مدري بس مر علي طيف رياض بدموع امك..حرقتي على فقده ماباها تزيد مع فقدة اخوانه..
بو رياض: لاحول ..يعني نخلص من امي تبدين انتي؟ تسمكوا بالله وتوكلوا عليه..مايصيبهم شيء..وبعدين لاهم اول مبتعثين بالدنيا ولا اخرهم..
ام رياض تحاول طمأنة نفسها: حتى لو تطمنت عليهم باقي وضعهم مايعجبني وهم بعاد عن عيني..مشعل ولدي متغربل..واخته ضاعفة وفاقدة وزنها ووجهها مصفر.. ماياكلون زين..
بو رياض يبتسم: عادي..عوضي عليهم بابيهم..ولا مايستاهل!
ابتسمت بين دموعها: من جدك يابو رياض..
بو رياض يهز رأسه: ايه من جدي ومن عمي بعد..لاتخافين على عيالك..شيء طبيعي مغتربين..ولازم يعتمدون على احوالهم..خليهم يعيشون الحياة ويكتشفونها..مابيهم يظنون ان الحياة بسيطة..الحياة فيها اشياء كبيرة ويمكن مانتحملها الا لما نواجهها..ومابي احرم عيالي من ذا الشيء..
صمتت بهدوء وهي تنظر له ، ومن وسط حُزنها همست : وليث؟ .. والله متقطع قلبي عليه..على الاقل نسمع عنه خبر..ماهو زين لنا مانسمع عنه بـ شيء..
بو رياض بحزن : ليت اخوي عبد الرحمن شاف اللي انا شفته في ولده.. شاب راسي بس وانا ادور عليه..وكل ماراح شخص لمكانه قلت له كانك لقيت الليث معك هاته..بس كل يروح وظنه باللقا خايب!
ام رياض: ياليته يرجع..بعدي والله اذكر ايامه..ولا اخر اسبوع بالمستشفى لما زرناه.. كيف جلس وابتسم لخواته..كان تعبان ويودع..بعدها اختفى وماسمعنا عنه الا انه تشافى..
بو رياض: الله يرده لنا بسلامة..ناس من السفارة مكلميني انا وراكان..وقاعدين يشتغلون شغل جاد عليه..اللي محيرني انه ماله أي تحركات فعلية..ولا له اوراق رسمية مسجلة باسمه..وحسابه البنكي على ماهو من عشر سنين ماتحرك منه ولا ريال..
ام رياض: بس هذا مايبرر ضياعه..يعني اكيد الرجال بما ان ماصدرت له شهادة وفاة ولا لقوا له جثة بسم الله على روحه..يعني انه عايش وبمكان مأمن على روحه..
بو رياض بتعب: طيب لو عايش ومأمن على روحه ليه ماحاول يتواصل معنا على الاقل..
ام رياض ترفع كتفيها بعجز:هذا السؤال اللي محيرنا كلنا..يالله ان تلطف في حاله..
صمت بُو رياض في دهَشة الفراغ ، يريدُ ان يُخبَر العالم ان هناك من غابَ ولمْ يعد ..أو حتى فكر بالرجُوع والاتيان..لقد ضاعت عشر سنين من عُمر ليث..وهذهِ السنين ضاعتْ من عمهِ..وأمه..لقاء رجُوعه..لازال صوتهُ الحلو يدهش مسامعهُم وصت الحيرة المُسبرة التي ترتلت في عقُولهم..لازالت رسائلُ الماضي تأتي بصورٍ جميلة وبراقة تلمعُ في وسط السكون الهادئ.. السقفُ نفسه والارضيةُ نفسه ..لكنها لا تحملُ الاشخاص الذين غابوا ولا تترأسُ رؤسهم.. لقد رحلوا ..ربما بلا عودة..ولكننا ننتظر شخصًا واحدًا يخبرنا بأنهُ سيعود..أو لن يعُود..!

،







المسافة ضيقة بيني وبينكَ يا آدَم..ضيقة الى حدِ الاختناقْ، كيف أجرؤ الآن واباعدها لأضع بيننَا مسافاتْ وقارات لم تكُن بالحُسبان..تتنهدُ النجمَاتِ في الافلاكْ..من عيبِ حبيبٍ لم يضُره سرًا يبوح بهِ..تتنهدُ الافلاكُ في المجرات..مُتسائلة..هل تخطَأُ الملائكَة..هل تشتهِي التُفاحَة الحمراءَ أنْ تكُونَ تحت ظلِّ السُنبلة؟ اني ظننتُ يقينًا انك لن تَحرمـني من تلك النعمة..تلك النعمة البسيطة التي كان عليَّ ان اداويها بطبيعتي الانثوية..ان أصلح كل عاهَة في رأسِ أبي كانتْ تُوجعَـه..ماذا لو رحل؟ هل تتوقع منِّي مسامحتُكِ.؟ هل تتوقع مني الرضا وبسَـرعة؟ لا تتوقع مني ذلك.. القلبُ الذي في داخلي هو حجرة ضيقة جدًا..لاتتسع لفرصتين من التأديب والمُسامحة..
بهتُ لون وجههًا إلى الشحُوب..تعض شفتيها بضياع من قرار آدَم الذي قتلها ..قرار ان يصمتُ ويكتم كل شيءٍ..سمعت يوم أمس صراخ عمار على آدم ودوي شجار..ثم صوت تنهيدة حزينة باكية مبحوحة خرجت من عمار بعدما صفعهُ آدم ليستوعب ان الأمر ليس بيده..بل بيدِ الخالق..ولكن تسائلنا كان عن اخفاء الحقيقةُ عنَّا ..هل هيَ ايضًـا بيد الخالق؟ أم ان الله اعطاكُم الاسباب لتستطيعوا ان تخبروها لنا؟ اذَا لماذا صار الصمتُ هو الاسم الاول والاخير لمشروع تجارة الانفسُ تلك؟
أني الومكَ يا آدم..لومَ السنون الخئونة..ولا اجُردّك من تلك الصفعة..تلك السنين التي كنت اعيشها حُلوة..تحت بسمة والدِي..والدي الذي لم ينجبني يومًا..ولكنّهُ أنجب لي روحي كل يوم..جديدة..ببسمته..
تنفست بهدوء وهي تنزل.. للأسفل وتضع وشاح حول كتفيها ، وبتردد واجهت حيرة ادم الذي ينتظرها، التفتت بهدوء ودارت عينيها في المكان، تبحث عن شخصٍ آخر بدلاً عنه..لتسمع صوت همسته تشقّ السكُون : عمـار راح لابيك..بعد حالته قلت له يروح..
هرعت دموعها بسرعة حينما ذكر والدها، تقدم ناحيتها ويديهِ في جيوب معطفه : اذا تبي اوديك له مستعد..
نظرت لهُ عدة دقائق وهي تضع ذاك الوشاح على رأسها وتلم معطفها البيج حول جسدها: ماظن ان الروحة بها نقاش..
ابتسم على اثير صوتها المهزُوز: طيب بتروحين لابوك زعلانة؟ وبتشتكين عليه وبتتحلطمين علي قدامه؟ بتقول لي زوجي القدير خلاني اطنقر بسبب انك مرضت؟
هاجر بقهر : ماهو وقت استظرافك..
آدم يبتسم بعناد: اذا ابتسمي..صعب اوديك لابوك مكشرة..وهو محتاج شيء يونسه..
هاجر بتحَجج واضح: ببتسم عنده..ماحتاج نصايحك استاذة سلوى المطيري!
ضحك من قمّـة رأسه:هههههههههههههههه..طيب ع الاقل ناظري عدل مو شوي وتذبحيني..
هاجر بغضب : انا في حالة عمري وانت تقول لي ابتسمي ومدري وشو..صاحي انت؟
آدم ينحني عليها ليسندها الى الجدار الذي خلفها وينظر لعينيها: عشان ابوك مايرضيه تكونين زعلانة..عشان الله يبيك تكونين مؤمنة وراضية بقضاءه وقدره..وعشاني صحيح احب تعابيرك المعصبة..ولكن الحين احتاجك مبتسمة ومتفائلة..
هاجر بلوم : لو خبرتني من لحظتها كنت رضيت وقبلت ..لكن انت عاكست كلامك اللي تقوله هالحين..
آدم ينظر لها بهدوء بابتسامة عذبة لم يكُن الآن وقتها بالنسبة لِـ هاجر : حقك علي..يلا اشوف ابتسمي..
هاجر بعناد : مـا أبغـى..
آدم يحاول اقناعها : لازم اشوف ابتسامتك..يمكن مايصدقها ابوك..لازم تكون حقيقية..
هاجر بشبه اقتناع : عادي بحاول بعدين..
آدم بخبث : لالا..ابوك انا ماقنعه بابتسامتي..تبي انتي يالمكشرة تقنعيه..يلا اشوف..ابتسمي..
هاجَر تعضُ شفتيها بغيظِ امامه..وهُوَ الذي لا يتحملُ منهَا شيئًا كهذا..اتسعت شفتيها تدريجيًا بابتسامة مزيفة..ضحك آدم منها وهو يشير لها :ههههههههههه تبي تفضحينا بابيك؟ في احد يبتسم كذا؟ حتى عماد حمدي ماضحك مثل ضحكتك..
هاجر بقهر: وش تبيني اسوي كذا؟ " وتبتسم بهدوء "
قبلها فِـي وجنتها : ابتسمي لابوك ..عشان تحسسيه ان بقى له شيء مهم بالدنيا ولازم يتماسك عشانه..
نظرت له فجأة بصمتٍ حزيِـن ، أتخبرني بأن أودع أبي بهذه الابتسامة؟ تحاول ان تكون لطيفًا في تمهيد الوداع..ولكن من السهولة عليّ اكتشاف ذلك..حتى في هذهِ الحقيقة ربما تبخل علي.. ربما تكُون أكثرَ الناس شُحًـا ..في قول الحقيقَـة !!
مشت معهُ مجاورةً اياه..الى سيارته.. الى والدِها..وربما الى لحظةِ الوداعِ الاخيرَة!


،

لقدْ حيرها منظُر الفستانِ الأبيض أمامهُـا ، كانت تُخطط أن تكُون أميرةً في هذا اليومْ..لا أسيرةً لأهواءِ القدرْ ، لقد احترقت انفاسهاُ ولم تعد تشعر بشيء سوى بأن رئتيها ممتلئة بالكربون كما تمتلأ المحركات الحرارية بالزيتِ المُحترقْ ، انها تتخاصُم مع نفسها الآن..تخاصُم نفسها على طيفِ الشفاه المشدوُه الذي قبلتها قبل اربعةِ أيام بُجرأة مفرطة..في خدها الايمن والايسر..ولولا هُروبها لصارت شفتيها ضحية لتلك الشفاة..ولكانت اسيرة مقيدة ..تتبع اوامِرهُ دون ان تنبُس بشفة..طالما هُو يسقيها من الخمرِ الحلالْ..
تلكِ الشفاهُ يا سُلطان..تُحرق ثغرِي.. اذا مااحترق جسدِي بأكمله..اذا ماضغطني وهجُكَ الأسمر بذراعِيه..اذا ما أكلتنِي عيُونكَ على مائدَة الهوَى..وصرنا نتقارعُ كؤوس النبيذ بعشقِ العاشقينْ..نعيشُ الليلة وننسى الامسُ..ونمضي ونمضي..كالسكارى..ومانحنُ بسكارى! ..
لقد نسيتُ شعوري ..في الكُره..صرت أحاول كرهك..واجاهدُ أن أكون كارهة..لايجب ان يعشقُك هذا القلب..لقد علمتهُ كل قواعد الكره..لك..ونسيت ان اعلمهُ كيف يعشق..لكنهُ عنيد..وعاق..وعاصِي.. لقد عصى جميعُ أوامري..لقد احبك..وصار ينتفضُ برعشَة الزهُور في ليلةٍ باردة .. كلما يراك..ويوقدُ فيّ شُعلة ناهضَة..كأنما شعوبًا وقبائل تنهضُ فيَّ وتعيش مالم تعشهُ بالامس..لقد تذكرتُ صرختِي بكَ حينما رأيتُ اخي عزام يجاهدُ على ذراعيك..لماذا كرهتُكَ وانت من لقنتهُ الشهَـآدة ؟ لماذا فعلت! وكان عليّ ان لا افعل..لما انت اكرمُ مني رغم كرهي ونبذي لك؟
ان تصطادُ النجوم من السماء..وانا اصطادُ الشهب منها..انت تبتسم من البُرودَة اللذيذة..وانا احترق بالشهاب الخطِير!..
ذاك الفستان لا اتخيلهُ عليّ..ولكن لا اريد ان اتخيلهُ على امرأة اخرى غيري..لا اريدها ان تلبسهُ لأجلك.. ولا حتى غيره..اريدُ ان اكون فيه..ولكَ ..وإليّك!
ابتسمت بهدوء ، وتذكرت..بأنهَا هي التي تكره..أحبتهُ..وهو الذي يسألها " سلطان يحبك ولالا؟ " لم يقع في شبابيكِ حُبها..ولم يهدها الياسمينَة الحُلوةَ..
تفتح الباب هيفاء وهي تنظر لها بابتسامة : وش فيك تخابصتي؟ هذا ماحطينا الفستان قدامك الا كم دقيقة وتخابلتي..كيف لو لبستيه..بتسوين لنا فلم اللعنة..وبيهج سلطان..ههههههههههههههه
رؤى تبتسم :هههههههه مو عن شيء بس موديله عاجبني..
هيفاء تبتسم وهي تتفحص الفستان وتنفضهُ بهدوء : وانتِ بتحليه أكثر..ويازينه لو غطاه بشت سلطان..
احمرت بقسوةَ ..بجمال مُرهق ولذة..وهي لا تتخيل ان تلتقط تلك الصورة مع سلطان..حينما يغطيها ببشتهِ أو تتنوع الوضعيات بذلك..لتهمس : مابغى مصورة..خلي جمانة تصورنا من بعيد بعفوية..لابسوي لا حركات ولا جهنم الحمراء..
هيفاء "بتريقة" : هـاها! خفـي علينا!..وحنا وش نقول من الصبح...خلاص يا أمي حجزنا المصورة وبتصورين غصب عنك انتي وبراطمك..
رؤى برفض خاجل : والله ما اتخيلني جنب سلطان اتصور كذا..بالله وش وضعي!
هيفاء تغمز لها : على كم صورة قالت وش وضعي..بعدين تعرفين الاوضاع عدل..
رؤى بغضب وهي ترميها بعلبة "كلينكس" : وجع ان شاء..انتي صاحية ولا لا؟ ناصر بعقله شيء يومه خذاك!! كود انك جننتي الرجال وخبلتي به بخبالك..
هيفاء بضحكة قوية :هههههههههههههههههههه الا ياحظه فيني وياجعلني فداه..
جمانة تطل برأسها : اقول ياجعلك البط انتي وياها..شرايكم تقوموا تخلونا نطلع ..ضاقت علي نفسي هالحين..
هيفاء تنظر لها : وين نروح ؟
جمانة : أي داهية أي قلعة وادرين..المهم نطلع..واي صح..خالتي ام ليث عزمتنا على ملكة شوق بنتها..يوم الخميس
رؤى وهي تغوص ذاكرتها لايام المزرعة حينما التقت بشوق وكانت مكسورة من بأس والد ابنها ..وطليقها السابق..وعلى هذهِ الذكرى مرت عليها تلك الذكرى التي ضاعت فيها بالمزرعَة ..وكان سلطان من رآها ..تتذكر عنادها وضبطه لاعصابه على "لعانتها" ، وحينما لم تنتبه بأنهَا في وضعٍ لا يجوز ان يُنظر اليه..رماها بالشماغ وطلب منها ان تتبعه..واستمر في تخويفها وتذكريها بأن الكلاب والجنّ تغزُو المكان! ..لم تنتبه الا لعلبة الكلينكس تعود لوجهها مرة اخرى وهيفاء تضحك عليها وجمانة تلوح لها : خير ابوي..وين وصلتي؟
رؤى تنتبه من سرحانها وتمسح انفها الذي ضُرب : وجعع ان شاء الله..طيرتي خشمي وانا مابقى على زواجي الا كم يوم..ايــه ادري انك محترة يالعانس وتبين تبلشين الناس فيني..
جمانة "تكش" في وجهها وهي مكشرة بمزح وتقول : مالت الا مالت..يقولون حظ القبايح في السما لايح..وحظ الملايح في الارض طايح.. عساك ان تجي يابو كشخة والله ان لاضبطك بس تعال خل نحر العواذل..
رؤى بممازحة : ماعاش من يحرني وانا معي سلطان!
جُمانة وهيفاء يتبادلان النظرات..ترتبك رؤى وتحاول " ترقيع " ما افسدتهُ من بريستيج الكُره لتقول بارتباك سريع : اقصد وانا بتزوج ولد ام سلطان..
هيفاء بضحكة :هههههههههههههه ياروحي ماتترقع..كيف انتي بتتزوجين ولد ام ناصر..ماهو ولد ام سلطان..بس يلا مـاعليه ..
جمانة ايضًا تضحك على منظَر رؤى:هههههههههههههههههههههه ياحياتي..والله الكياتة ذي كلها بننقل اخبارها لسلطان..
رؤى بغضب : اذا انتي دلخة وبايعة نفسك روحي قولي له..
جمانة بشماتَه : هههههههه افأ عليك انا اعلم الدلاخة..ولا يهمك كل شيء راح يوصل له بالتفصيل الممل..حتى التعابير الجسدية..والتمقل في الفستان..
رؤى بقهر: الله يوريني فيك يوم واتشمت عليك..لازم تقهريني وتنرفزيني..
جمانة تضحك :ههههههههههههههههه شأسوي بعد احب انرفزك ..

واستمُروا فِـي نوبة المُمازحَة تلِك ، ورؤى ..لم يسلَم قلبُها من النبضِ بعدْ ،

،


غاضب جدًا ، متوهِج جدًا ..ربما متسرع جدًا ايضـا ، منظرها وهي تعبُر أمامه باكية..عائدة بخيبة امل..وبانكسار..جعلت شياطِينهُ تلتم حولهْ ، يكرهُ ان يكون مصيرها مثل مصير ابنة عمها شوق..مُطلقة..او منبوذَة..أو مكسورة من بأسِ الرجالْ ، شوارع كامبريدج الممطرة لم تكن تهمه..حتى المباراة التي كانت كل حواسة مشدوهة ناحيتها..لقد اخترقها صوت بكائها العذب وصفعها للباب بحسرة قوية..لقد تبلل بالكامل، البرقُ والرعد ..وكل شيءٍ لم يعد يهمه..ربما ليس للغياب سبيلاً..الا ان يبقى الغائبون غائـبون..ربما رجوعهم الى مصيرنا يدمر حياتنا..وذاك المصير..ربما لايستحقون الفرص..ربما تغيرهم الغربة وتصيرهم اشباح من خلف المقنعة..واخشى ان تكُون كذلكِ يا ليث.. لم تكفيك عشر سنين من عُمرك..تريد تدميرنا جميعًـا بلحظة من انفلاتاتِـك..واكرهُ ان يصيب اذاك..تلك الاخت..
وأينَك عنها حينما كُنت اقاطعها قبلاً..وتقول..لاتضربها..فلك من الضرب نصيب..فهل فعلت انت ذلك الآن؟
جالس في المقاعد الخارجية للمقهى..على العكس من الناس الذين دخلوا الى الداخل..يبلله المطر..عيناهُ تغوصان في الوحدة، والهزيمة.. الرجُل حينما يُهزم يصبح كل شيء امامه صعبَ الاختراق..وسهل الحصول عليه.. بمجرد ان رآه لكمهُ بقوة على وجهه..ليقف ليث بغضب : شقاعد تسوي؟
مشعل بغضب : انت اللي شقاعد تسوي؟ وش اللي سويته باختي؟
ليث ينفجرُ : وانت ماعندك اسلوب الا الخنايق..والضرب..كل ماصارت مشكلة بيننا بتجي وبتضربني؟ هذا العشم فيك ياولد عمي!
مشعل بقهر:اقول من الآخر..قسما عظما لو دريت انك مسيتها بضيق والله ان ماتوصل لامك الا محمل..
هذه الكلمة اغضبت ليث..ليرد لمشعل ضربتِه بأضعافٍ مُضاعفة..لكمهُ بقوة.. هو اساسا لم يتضرر من ضربة مشعل له..بالقدر الذي شوهَ فيه وجه مشعل الآن من شدة ضربه وانهياره..يلوم نفسه..كثيرا لما فعل..ولكن كيف يجرؤ وينطق هذهِ الكلمات؟ كيف يجرؤ على ان تكون الكلمات بين شفتيه سهلة..لماذا يريد الجميع حرماني من الوصول لأمي بسلام..وانت يامشعل..لم اكن اتوقعها منك..
هُنا استوعب بعد تجمهُر الناس.. مشعل الذي وقف بتعب يمسح الدم من شفتيه ويقول : جزاك الله عني الف خير..هذا بدل ماترد جميل وقفتي لك..شف شنو تسوي بي انا واختي..ماعاد اقول الا ان الغربة تخرب البشر وتخفي عقولهم..واكبر نموذج بك انت! خاطري اقول لامك بان ماتحط رجواها في رجوعك..لان حتى لو رجعت..مارجعت!
ليث يتنفس بقوة..وهو يوزع انظاره للناس..هل هُوَ بالفعل قد تغير؟ ماذا جرى ياكامبريــدج..يقولون اني تغيرت..يقولون ان الغربة جعلت مني وحشًـا..وان الجميلة مذبوحَـة في القصر..وان اخوها ضحية.. لماذا قيدتنِي بك..لماذا كنت ساذجًـا ورضيت بهذا الزواج الذي جعلنا نضر بعضنا البعض اكثر..بدل ان احميك من كل مايجري لي..انتِ فعلاً كُنتِ صادقة حينما قلتِي "..ماتوقع ان حنا يصلح نكمل مع بعض..من اول ماعرفتك والمشاكل ملاحقتني.. "
ربما يجبُ ان أمهل نفسي ..وأُمهلك..لأعطيك القرار ، لقد آذيتُكِ بالفعل..ولم تكُونِـي لتأذيني.. لقد سُعدت جدًا جدًا بلقائِك يابنة العم..وبتلك المواقف الجميلة التي عُشناها معًـا..من اول وهلة حينما خرجتِ من الفندق لتذهبِي للجامعة ولكنِك أخطأتي وركبتي سيارتي بغير عمد..وبدأتي بشتمي والدعاءِ علي..عرفتُ بأنكّ تنتمِين لي..للغريب عن الوطن.. وللغربة ذاتها.. ولكن..تنتمين للحرب وسط هذه المعمعة ايضًـا..ربما صنعكِ والدك لتكوني ضحية..ولأكون انا من يستغل موقفك في التضحية!
رحل مشعل من امامه..وفي يده معطفه..والمطر يبلل قميصه..وذراعه تسد شفتيه الداميتين.. لقد انهار وتذكر كل المساوئ في تلك اللحظة ليفرغها على جسدِ مشعل..بضربه..مثلما افرغها على اختهِ..بقتلها حيّة..
ابتسم بُحزن..للناس المتجمهرة..والتي سمعها تنطق " حمــقَى..!" وكانوا يقصدونه هو ومشعل.. نحن بالفعل حمقى..حمقى جدًا لا نعرف كيف نفسر امور حياتنا.. لدرجة اننا نتقبل اتفه الاشياء ونرفض اكبرها ! واهمُها..
توجه الى فندقه..ولكن قبل ذلك..رآها واقفة كأيامهم السابقَة..على البلكُونة..لكنها شاردة وحزينة ومُختلفة ..شاحبة ايضًا ولمعة دموع تقف في عينيها لتمسحها بسرعة.. لايلومها..لقد تخيلت من ليث هذا رجل أحلام مختلف.. !!
صعد الى شقته ، وتوجه الى بلكُونته لينظر لها..ويبتسم بحنين على ذكريات قديمة كان ينظر لها من تلكَ البلكونة..تحب التأمل..في كل لحظة تهرع الى الحياة متأملة..
فتح جواله..وكتب لها :
" سكري باب الهوى
لاتطلعين..
برد برا
والأماني عاتية !
إدخلي لأجل السهر لا تنطرين..
الهوى ماله كفوفٍ
دافية !
"

دقائق فقط، وهي تحمل هاتفها.. تراها بألم ، وهي تقوس شفتيها فجأة وتحاول حبس دمعها وهي تنظر لهُ بألم..ثم تدخل وتُغلق باب البلكونة بغضب من امامه..بغضب من قلبِ باكِي ومكسور.. من قلب بهَت بسبب التجريح ببساطة!!



،

يرنُ الجرس ، ويفتَح فهد الباب..ينظر للمنظر الصامت..تجاوزتهُ بدون سلام ..تجاوزت الجميع ، ليس بالعادة ان تدخل دون ان تلقي السلام..فقد شدت نقابها من وجهها لتنفلت خيوطه ويزال من على وجهها ، ثم تصعد امام مرأى عيون والدتها وشوق..ويُسمع صوت صفع باب غرفتها..تنفست شوق بقلق على علاقة اسماء براكان ..خوفًـا من ان يضيع كل شيء..ان ينفلت منها هذا الزواج الرائع بفضل طيشها او طيشه.. المهم ان الاثنان لا يتعاملان مع الموضوع بصورة صحيحة.. تنهدت والدتها وكان مسمع تنهيدتها واضحًا وهي تقول مبتسمة : شفيك قلبتي وجهك..ترا ماخلصنا من موضوع مسفر!
شوق ولازال القلق يرسو على ملامحها السمراء: بس خايفة على اسماء..يمه بنتك تحب الدلع واجد..راكان ماتوقع ان يتحمل دلعها..
ام ليث بابتسامة: والله بنات هاليومين على كل مشكلة جت بيت اهلها..وماعليك من راكان يعرف يرجعها ويعقلها ويروضها..بس تارك لها فرصة تتصالح مع نفسها..
شوق بقهر : ولا انكر راكان مزفت معاها بعد..
ام ليث: الاثنين غلطانين..انا سمعت المشكلة من اسماء ومن راكان..وشفت بالاثنين موضع غلطهم..واذا ماحلوا المشكلة بطريقة سلمية..يقدروا يحلوها بالغصب..لان الاثنين يحبون بعض ومايستغنون عن بعض..
شوق بضحكة خفيفة : ههههه يعني شقولك عليها؟ بتخليها كذا!
ام ليث تبتسم : انا نصحتها وانا امك..قلت لها مو على أي مشكلة تطقينها لبيت اهلك..زوجك ولازم تتحمليه..واتوقع راكان بعد مزودها وهي ماتحمل! طلبت يجيبها وتريح بالها لانها لو ظلت معه بتتخانق معه وبتزود الوضع! وانا اشوف اصلح لها تجي هنا تجلس مع حالها..
شوق : صحيح..انا يومي صبرت وصبرت وطاح همي بقلبي ولا تكلمت انوكل حقي ..بس خلها..خلها من البداية ترفع راسها على رويكن ان ما أدبته ولا انا اللي بجلده جلد!
ام ليث بضحكة:ههههههههههههه الله يصلحكم يابنات هالايام..لا لاترفع راسها بس لاتدنقه! يعني تاخذ حقها بس بالطيب..وبهدوء..
شوق: يالله الله يصلحهم بس..
ام ليث: ترا طبيعي كل بنت تتزوج اول فترة زواج لها تكتشف اشياء تضايقها من زوجها وتصير مشاكل وزعل وبعدين بيضحكون عليها..
شوق بخجل : صحيح..
ام ليث: المهم خبري اختك بعد تتجهز يوم الخميس.. لان ماخبرتها..
شوق بقلق: والله يايمه ماني عارفة ايش البس!!؟؟
ام ليث : عادي..روحي السوق مع السواق وخذي معك فهد ولدك وتسوقي زي ماتبي..
شوق: لا بدق على عمي..
ام ليث: ايه دقي علي عمك مابيقصر..
شوق: صحيح..الله يحفظه بس.. كلمتي خالتي ام رياض؟
ام ليث: ايه كلمتها وجدتك تعبانة مودينها المستشفى امس نازل عندها السكر..
شوق بتوتر: بسم الله على قلبها ام عبد الرحمن! ..عسى عاينوها وشافوا علتها؟
ام ليث: صايرة ماتشتهي تاكل..
شوق: لا لازم تجي وتتونس..والله ان ينحط بخاطري..خلوها تجي واخدمها بعيوني..
ام ليث: ولا عمك وزوجته ماهم مقصرين بحقها..بس جدتك تعبها من رفضها للاكل..بو رياض يترجاها بس عشان تاكل ساعات ..مدري وش اللي تحاتيه..
شوق: خلها تجي تنبسط يمكن ترتاح نفسيتها..
ام ليث: ام رياض قالت لها ولا بهقوتي ان جدتك بتتركك بيوم ملكتك..
شوق بحب: ياعساني فداها بس .. الله يحفظها لي..
ام ليث: آمين..


وفرحةٌ بالاسفل..تضادها حزنٌ سرمدي بالاعلى..هذا نقيضُ هذا.. وهي تعيش بين نكبات نفسية لا اشدُ وطأة من كل نكأة أخرى.. تشعر بأن روحها تنهار مثل انيهار جدار برلين.. مثل سقوط الاتحاد السوفيتي..مثل هروب النازيين.. مثل حروب هتلر..الحرب كلها اشتعلت بداخلها..الصراخات والانفجارات والطلقات النارية..والخيول الصاهلة..كلها كانت في روحها تضج بازدحام الاصوات..كل هذا من شعلة فتيلة صغيرة اشعلها لها راكان..الذي اهملها ..ولا تعلم مالسبب!!.




،


تجلس على السرير تحتضنُ ذاتها ، ليث صادق بطريقة جارحَة ..حينما قال لها بأن الكلام الذي " قالتهُ " له ..كان يأذيها هي أكثر مما يؤذي ليث..هي لم تؤذيه..ولم تكن لتبادر بذلك..لولا مبادرته الاولى في شق ثيابها والتهام جسدها..اخرج عليه حرقَـة العشر السنين السابقة..متناسيًا ان هذهِ الطريقة قد ترعب الفتاة من الرجل..قد تجعلها غير واثقة ومرتبكة من الانقضاض المفاجئ..اساسا هذه الفكرة لم تكن في خيالها..لقد وثقت بليث ثقة معمية ..لدرجَة انها تجاهلة احتمالية فعله لهذا الامر، لماذا يجب عليها ان تضحي دائمًـا لاجله..وهو لا يقدر ذلك؟ لماذا تحاول ان تعيدَ لهُ الأمل وتخبرهُ بأن الهوية لا تضيع..بينما هو ينسى موضوع هويته ..ويتجه الى طريق اخر يسمى بثقافة " الجسد" ..!
ثقافة ؟ هو لا يعرف معنى للثقافة بهذا التصرف الجاهلي..الذي جعلني كالموأودة على سريره..وانا اشعر بجسده الضخم يضغطني كلا شيء..بنيته العريضة تدوسني وتهمش تفاصيل..احترق من النيران المشتعلة داخلي..واظن بأن عشر سنين لا تعوضني عما فعله لي..
البعض ربما يستصغره..ولكنهُ بالنسبة لي امر عظيم جدًا ولا اتغاضى عنه..هذا الموضوع مقدس ..اذا كان باحترام..برضى..
وكنتُ اتجهز لتلك اللحظة..ولكنهُ قطف تلك الجاهزية..ليحولها الى ليلة مُمَوسقة لموسيقى النشاز..!!
تذكرت ضياعنا في السابق..هم والدِي..انكساره امام القبائل لاجله..هم امه..وامي واخي وانا وجدتي..واخوتهُ..وكلنا..ثم بالنهاية اشعر بأنه لا يستحق ان يمنح فرصة العودة..اذا كان سيدمر الماضي والحاضر!!
زارتنِي تلك الذكرى في ايام الرياض..

عاد والدها ومشعل من المسجد.. ذهبت لتقبل كتف والدها وتستقبله هامسة : تقبل الله ..

ابتسم والدها : منا ومنك صالح الأعمآل .. وينها امي !!

وريف بابتسامة : تيتة مع امي بالمطبخ ..

بو رياض : روحي ساعديهم وجيبي القهوة والتمر والماي عشان افطر.. ولاتنسين تجيبين دوآ السكر.. ,

ابتسَمت بطاعة وانصرفت من المَكآن .. ,
مشعل يجلس بجوآر والده .. وحينما اتت وريف بما طلبه والده جلست امامهم بحب .. وهي تقدم لوالدها التمر والدوآء بينمآ مشعل يقوم بصب القهّوة له.. ,

ارتشف القهوة بعدمَا دعى دعآء الإفطآر ..لكن قلبه وفجأة اعتصر من الدّاخل وترك فنجَال القهوة وأنزل رأسه وهو يهز رأسه بأسف ... ,

وريف بخوف تقدمت لوالدته : بسم الله عليكك يووووبه..شفيك ياروووحي وش بك ياضي عيووني ؟؟!

بو رياض بألم يكتم قهره : مــآفيني شيء يابنتي .. ,

مشعل بريب : بلى يووبه في عيونك قهر ..قل لي بس من قآهرك.. قل لي بس من سممك بالكلام لا افنيه .. ,

بو رياض بألم يهز رأسه بأسف : القبآيل..فشلتنا بولدنا.. ليث.. ومستصعب كل مرة افطر وولد اخوي الحين ماينعرف حي ولا ميت.. كاسر ظهري ولد عمك يامشعل كاسر ظهري.. ,

وريف بدموع تكره أن يكُون والدها بمثل هذَا الحال همست : وكّل الله يايوووبه.. ولد عمنا بحفظ الباري بحق هالشهر الفضيل.. ,

مشعل بقهر : وعلوووم القبايل تتسممك انت..يووبه رد عليهم وقل لهم اتركوا الناس بحالها..

بو ريآض بقهر : عاجز ألقى ولد اخوي.. من عشر سنين ما برد قلب امه ولا امي.. , ولا حتى قلبي..

وريف تمسح على كتفه : محد برد قلبه يووبه .. بس تكفى فديت طولك يووبه صل ع النبي .. ولاتسمع كلام الناس اللي ما يودي ولا يجيب.. الطعون اللي يقفوك اياها من ظهرك ..طلعها من صدرك وتعداهم.. ,

ابتسم يمحو الألم من كلمآت ابنته التي كالبلسم نزَلت فجأة على قلبه وهو يصلي على النبّي هامسًا : عليه الصلاة والسلام ..

وريف بحب وابتسامة : ايييه يايووبه ..كذا .. فديت ابتسامتك انا جعلها ماتغيب عنا ..



إلهِـي كيف كُنت اواسي والدِي لأجله؟ أواسيه وانا استمعُ بانكساره..لماذا شعرت بأن جهُودي ضاعت هباءًا..لماذا الدُموع تسابق المطر..لماذا الخريف والصيف رحل عن كامبريدج..وزارنا الشتاء ..ليعيد قصص الماضي..في اول ليلة قضيتها في كامبريدج! حينما زارني شعور بأنه موجود..وحي..وقريب.. ومعنا ايضًـا..الى ان اكتشفتُ ماهيته..
ان تكذب علي في تفاصيل الغزل..وَتُهديني غمرةُ الدلال تلك.. تجعلني اكفر بكل تاريخ الحب..ماضيًا او حاضرًا.. تجعلني انبذ نفسي ونفسك وكلينا.. انبذ الجميع ايضًا..
مجروحة منكَ ياليث..ليتني استطيع مسامحتك..ليتني والله ..كنت سأفعل..كنت سأنسى..سأنام مبتسمة معك..ولكن!







إنتهَـــى ؛

الشيء الآخر الذي أنُوهِ لها..
وهو شيء اريدُ منكم استنتاجه جميعًـا
راح يتقدم لِـ " جُمانة" خطيب.. وظهر بالاجزاء الماضية..ابي منكم تتوقعون من هُو ..
واللي تقول اول وحدَة.. لها جائزة تسعدها ان شاء الله




 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 27-09-16, 04:04 AM   المشاركة رقم: 39
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 
دعوه لزيارة موضوعي






السلامُ عليكمْ ورحَمة الله وبركاته...
شكرًا من القلب لكل شخصْ سأل عني وصبر لأجلي...
عظيمة هي صفة الصبر لديكم وصفة " التفهم " ...

أستثني من ذلك أصحاب الألسن الممتلئة بالنقد والترجيمْ على الكاتبْ
كلامكم لم يعدُ مهمًـا ، ان لم تكن الرواية محضْ محطة تستحق الانتظار ، فلا تنتظروا قد يحل محلكم أحدٌ آخر...
انا مكتفية تماما بكل شخص يتابعني هنا وفي كل مواقع التواصل الاجتماعي...
ويرسل لي مدى امتنانه ومدحه وتفهمه ...
بالنهاية انا سعيدة جدًا جدًا بما بلغت من نجاح...
ومن يتابعني في برنامج سناب شات يعلم تماما بأنني لم اكن متفرغة الى في هذهِ الآونة...
وكل عـــام وانتمْ بخــير أحبّتِـي ...




لمتـابعتي على برنامج سناب شات :
i_gaid





البارت (33) :






كانت سماء كامبريدج رمَادية ، الغيُوم تلتهم المطر ، المطر يلتهم العالم ، الصباح يشُبه موسيقى جاز مرعبة فلتت من بين اصابع عازف ، الرعد يشعلنا ، والمطر الغزير يجعلنا نغوص في التربة الرطبة ، انها أيام مختلفة لاتشبه سابقتها ، لم أعد أعرف لندن كما كُنت كل شيء أصبح وهميًا ، بلا طعم ، شهر كامل لايزورني ليث ، ولايسمح له مشعل بمصادفتي ، هروبنا الواضح كان سببًـا لابعادنا عن بعضنا البعض وعدم ملامسة جروحنا النازفة التي اصبحت مفضوحة امام كل عابر ، ربما ابتعادنا اجمل ، ولكن الألم يتفاقم بصورة سريعة كسرطان يعبث في خلايا الحب ويقتلها عمدًا ، ليتني استطيع تجاهل ماحدث في الآونة الاخيرة ، ليتني استطيع نسيان مامضى ، الذكريات الحلوة ، التي لاتشبه أي شيء آخر ، حتى نسائم كامبريدج كانت معُدية، معدية بالألم والتجريح ، لم تعد البلكونة مرفأ للتأمل ، لقد اصبحت مذبحة نزورها لنتلو الفاتحة على الارواح التي ذبحناها قسرًا في الماضي ، حتى الكاميرة التي في درجي مكدسة لم اعد ازورها لأرى ذكرياتي مع ذلك الغائب ، عيني التي تلمع في المرآة كنت اتجاهلها حتى لا اشفق على نفسي واتوجه نحو ليث ، منذُ آخر مشاجرة بينه وبين مشعل من اجلي ، لم يعد الولوج الى مملكة ليث مسموحًـا ، رغم ان مشعل لم يجبرني على اتخاذ هذا القرار ولكنني فعلت ألمًـا من الطعنِ القاسي الذي اوثب إيلاما في مخصرتي ، أتنــــــهد ، وأرعـــد كالسماء ، أُمطر ، ولكن وعلى الرغم من ذلك اتجاهل جرحي ليكبر ، ويــــكبر ،، ويــــــكبر ، وينزف دُون أن يخرج صرخة تُريحه

طَويتُ ملابسي مع ملابس مشعل بهُدوء ، ليتوجه مشعل ناحيتي وهو يربت على كتفي بهُدوء وينظر لعيني بنظرة هادئة : وريف ...جهزي حالك بعد شهرين راح نرجع السعودية...ومابيك ترجعين مغبونة ويتأثر ابوي
كانت بارعة وهي تخفي حُزنها السرمدي : لاتخاف مشعل....ماهو عايقني اخفي همي عن ابوي... الله يكتب لنا الخير بس
ابتسم مشعل بحنان وهو يحتضنها ويقبل راسها:صدقيني لو اقدر اسوي اي حاجة اريحك فيها باسويها وماني متردد يكفي كلمة وحدة منك ...
وريف بهدوء وبحب : أدري فيك ماتبور بالعشرة ...ياجعلني فدا طولك... شرايك بس وانا اختك نطلع نفرفر ...قسم بالله ضاقت بي الوسيعة..
مشعل يبتسم : أفا والله ان ماتضيق عليك وانا اخيك...قومي ومايردك الا الردي....
ابتسمت وريف وهي تلتقط حقيبتها وحجابها لكن الباب يطرق ، توجه مشعل نحو الباب يرى بالعين ، ادرك انه آخر شخص يرغبون برؤيته ، وريف اشاحت برأسها وهي ترمي حجابها وحقيبتها على الاريكة وتتوجه نحو الباب ليفتح مشعل الباب ...لم يكن ينظر ناحية مشعل وهو يتقدم قليلاً ليرد مشعل بقسوة : نعم نعـم؟ حد سامح لك تدخل!
ليث بهدوء : مشعل اقصر الشر يرحم والدينا ووالديك... هات الوريف ابي اتكلم معها بكلمة راس...
وريف تصمت امام العملاقين تراقب الاحداث لترى مشعل يشد قبضة يده ويردف : ماظن به شيء ينحكى يالليث...
ليث يضع يده على كتف مشعل : أظن الحكي مع اخيتك ماهو معك...توكل خلني اشوف زوجتي....
مشعل بغضب يبعد يد ليث عنه لتتوجه الوريف بسرعة بينهما وهي تقول بغضب: ولاكأنكم عيال عمومة...فضحتونا عند الناس كل ماتلاقيتوا تخانقتوا...
سحبت انفاسا طويلة بتردد وهي تستدير ناحية الليث دون ان تنظر لعينيه مردفة : خلاص مشعل.... خلني اتكلم معه...ماهي عدلة لافي حقه ولا في حقي التجاهل... مصيرنا بنتكلم سواء اليوم ولا بعد سنة...فليه نماطل على مصير محتووم؟
مشعل ينصاع بصعوبة لرغبة اخته ويتوجه ليلتقط معطفه من الاريكة ثم ينظر لعيني ليث بغضب والليث عيناه لاتغادران مجرة الوريف ليستمع الى همس مشعل الغاضبب : والله وهذا انا حلفت...لو اشوف من عينها دمعـة...لاتحلم ان تشوفها ....وانا ولد ابيي...
ليث يبتسم ابتسامة باردة وباهتة لمشعل : كثر الله خيرك وامثالك... والنعم بك من اخو ومسند ظهر....
تجاهل مشعل كل كلمة قالها ليث وهو ينظر للوريف : اذا تبين شيء دقي علي...
هزت الوريف رأسها بهدُوء لكنها سمعت ليث يتحدث الى مشعل بنبرة مقصودة : اظن لو تبا شيء بتقوله لي...
مشعل كان سيرد لكنها نظرت اليه بنظرة رجاء لكي يتوقف ولاتحدث مشكلة ، لمحته وهي ترى مشعل يغادر ، توجهت تقفل الباب خلفه ، كتفت يديها وبُدلت ملامحها الى ملامح جامده وهي تحدق لليث من طرف عينيها بعدم رضا : نعم؟
ليث يرفع حاجبه بدهشة : نعــــم؟؟؟ من بدايتها نعم؟
وريف تبعد عينيها عن عينيه وهي تحدق بأظافر اناملها الناعمة : ليـه وش ينقال؟
ليث يجلس على الاريكة بارتياح وهو ينتزع شاربه ومعطفه ويحدق بها : تعال اجلسي وطالعي في عيني وتعرفي وش ينقال ...
رفعت حاجبيها بغيظ وهي تجلس امامه بغرور لم يلمحه ليث من قبل ، تنهدت بضيق حينما كان يراقبها بنظرة مجنونة ومشتاقة ، نظرات لا تشبه الا عشقه وكيانه ....
نظرات تنسيها من هي وماذا يحدث ، وماذا يفعل بها رجل مثله ، انتبهت لذاتها بعد ثوان وهي تبعد عينيها عن عينيه الآسرتين وتعيد ترنيمة الغرور القديمة ليردف ليث: يحق لك ....
رفعت عينيها نحوه بغير فهم : نــعم؟؟؟!!
ليث يبتسم : يحق لك ترفعين خشمك على الف رجال.... دامك انتي ريم المكاحيل...
احمرت ، خجلاً وغيضًـا ، ذاتها لم تعد تميزها بين احمرار وجنتيها وظهور ملامح الخجل فيها لتردف بغضب وتوتر : وش تبغى جاي؟
ليث يرفع حاجبيه مستنكرًا : زوجتي ولي حق اجي اشوفك باي وقت...
وريف تحاول ان تتماسك ولا تنفجر : زوجتك؟ انت راعيت الله فيها عشان تقول زوجــــــتك
شددت على كلمتها الاخيرة ليتألم ليث من مافعله بها مردفـًا : لك الحق تزعلين وماترضين...لك الحق بأي تصرف تسوينه ... بس ياليت ماتضيعين حق الله فيني وتصيرين احسن مني.....
وريف تقف بغضب وهي تحدق فيه ليقف تلقائيًـا معها لتصرخ في وجهه : اضيع حق الله فيك؟؟؟؟!!.... انت مستوعب ايش قاعد تقول؟ يالييييييييييث ياولد عممممممممممي....
تقدم ناحيتها مقتربًـا ليمسك بمعصميها محاولا تهدئتها لكنها صرخت : لاتلمسسني...ماابيك تفكر مجرد تفكييييير انك تلمسني...ماعاد ابيها منك.... اللي جى بالغصب مايجي بالطيب....
عرف تماما ماكانت تقصد ...لقد كان وقت الانفجار بعد شهر كامل من الصمت ، وقت الانفجار بعد هدوء ماقبل العاصفة ، ليرتعد كيانها امام ليث وتصبح عارية المشاعر مردفة بألم : انت مو مستوعب الموقف اللي انحطيت فيه ليث.... كنت بقمة انانيتك وكأنك انت الوحييييييد اللي بالعالم يحق لك تقتص من جروحك باللي تحبهم؟ ... ماعهدتك على اللي يقولون ...احسني ماعدت اعرفك من بعد اللي صار....
ليث يقترب منها ويضع وجهها الباكي بفتنة بين كفيه : وريف...اهدي...وحق رب العباد عليك تهدين هالحين....خليني اتفاهم معك....
حاولت ان تسيطر على اعصابها دقيقة وهي تحك جبينها ودموعها الباكية تفر وهي تراه يقف امامها يراقبها ، لم تستطع ان تكبت غيضها وقهرها منه لتضربه بقوة على صدره ، امسك يدها التي ضربته رغم انه لم يشعر بتاثير ضربتها ليقبل كفها وعيناه معلقتان بعينيها : تضربيني ماتوجعيني...توجعين نفسك...
مسحت دموعها باكمام قميصها البيج وهي تقول بألم : تعبتني ليث...والله العظيم تعبتني....احس هالغربة خذت من عمري الكثير....

صَغيرة أنتِ ، لاتتحملِين هذهِ الغربة التي لم تتجاوز الأشهر العَشرْ ، وعلى الرغم من ذَلك ، لازلتِ لا تستطِيعين حَمل عبءِ هذهِ الغربة المقيتة؟ مؤلمَة هي أليسَ كذلك؟ ، ماذَا لو كانت عشَر سنينِ...لاعشرة اشهر؟ ...هل برأيك تتحملينْ؟ ... بالطبع لا... الحَمدللهُ الذي جعل نصيب العذاب الاكبر لي....ولَم يجعلهُ لك...فأنا لن اجازف ابدًا في فقدانِك يومًـا ...

احتضنها الى صدره ، الى حاوية الآلام العظيمة والصبر الطويل الامد ، احتضنها باكية مرتجفة تشهق مرة برفض لكنه لايمنحها فرصة الهروب من صومعة الالم التي هي فيها محتضنًـا اياها بأقوى مالديه ، وكأنه يخبرها بأنه المصير المحتُوم وان هربت سنينًـا طِوال...تلك البعثر والثرثرة التي تجرري الآن ، ذلك الشعور الذيذ الذي يجعلنا نود ان نخنق من نحب وفي ذات الوقت نحتضنهم حد الاختناق ، كان من نصيبهما ، ابتعدت عنهُ قليلاً ، ينظر لعينيها بهدُوء ، مانحًـا اياها وقتًا قصير للهدوء ، وهو يجلسها قريبا من حضنه ، بعيدًا عن كل شيءٍ عداه ، ليردف ممسكًـا بيدها وعيناه لاتغادران مجرة عينيها اللوزيتين : وريف... بالفترة الاخيرة ضيعت نفسي وكل شيء حولي...ماعدت اعرفني...يمكن انا كبرت وجار علي الزمن وماعاد عندي طاقة تحمل.... انا في الثلاثين وريف....انا بـ هالعمر وبعيد عن امي...لاولد عندي ولا شيء.....يومي سمعت صوتها كل طاقة تحمل عندي انفلتت ... مالي عذر واعترف...بس هم الالم اللي انا فيه مو شوي... اللي صار لنا اختبار بسيط حتى نعرف بعض ونتحمل بعض....انا بالنهاية ولد عمك ومايهون اللي سويته لك...بس هم انتي مايهون عليك تتركيني بطريق تونا بديناه؟
وريف وعيناها المحمرتين تراقب عيناه : وانت مايهون عليك تجرحني كل مرة بحجة الهم اللي فيك... انا ماني ملعب جروح...
قبل رأسها لتخجل بسرعة ويردف : محشومة.... انتي زوجتي...وعن قريب ام عيالي ....تتوقعين اني مابتعلم من جروحك؟ زعلك بس يكفي...يغربل الرجال
كتمت ضحكتها لتردف : ايوا...عشان تعرف ان زعلي شين...
ابتسم لها وهو يقبل كفها : لبى الزعل واصحابه.... بس لاعاد تبطينها شهر وانا احارق في روحي....كل مابغيت اكلمك عييتي انتي واخيك الشين
وريف باندفاع : الشين انت وعمايلك...ليه ماتجيب اخيي لي الا مفقع ؟؟؟ ليييييييه؟؟؟
كتم ضحكته وهو ينظر لها : هذا ضريبة زعلك....يعني لو كان زعلك المرة الجاية اقوى ...احتمال يجيك مشعل محمل...واحتمال ماتشوفينه
وريف تضيق عينيها : بسم الله علييييييييه....اعووووذ بالله منك... لا تخلي مشعل ضحية لعلاقتنا ...
ليث يبتسم بتنهيدة وهو يستند على الاريكة : مو ذنبي اذا طلع اخيك في وجهي بوقت مو مناسب....المفروض يفهم ...اني اوردي بكوفنه...
وريف تكبت كل شيء وتنظر لعينيه ، ابتلعت غصة ممزوجة بشعُور مختلف لتردف بعصوبة : لـيث....أنت تعرف....اني بعد شهرين برجع السعودية...وماراح ارجع كامبريدج الا السمستر الجاي....

لمَحت التماع عيناه ، شوقه الى ذلك الوطن اصبح واضحًـا مفضوحـًا على العيَان ، الجميع يستطيع لمح مايحدث ، الاجابة ذاتها ، ليث يستشيط ألمًـا وغيضًـا من الهم الذي بداخله ، وذكرى الوطن والاحبة تخنقه ، تجعله يضيع في الالاف المتاهات ، كتم انفعالاته بوضوح وابتسم بصعوبة ابتسامة تذبح مشاعره من الداخل وهو ينظر لعينيها ويقبل رأسها وبنبرة مملوءة بالقَهرِ على ذاتهِ ، مغبُونةً من ألمِ طال ولم يزل : انتِ روحي وريف... وبما انك روحي لاتقصرين لاشفتي الوالده ، احضنيها وكأني انا اللي في حضنها ، شميها يالوريف ولا تقصرين...

بلعت غصة مكتُومة وهي تمسك يديه وتحتضنهما الى صدره وعينيها ممتلئتان بالدُموع مخنوقة : لاتقول هالكلام....ادعي الله ان انت اللي تحضنها ...
ليث يبعد عيناه عنها حتى لا يُفضح العذاب الذي بداخله وهو يختنق بألاف الكلمات المبعثرة بداخله :ماظنتي يالوريف...الظاهر اني بكمل 11 سنة بعيد عن ارضي وارض امي
تهز رأسها باعتراض وبإيمَان لم يلمح مثله قط وهي تزيدهُ من القوة وتبث اليه روَح الحياة : الا...بترجع ...والله بترجع... توكل على رب العباد وبترجع قبل....انت قلت لي انكم وصلتوا للحل
تنهد يحبس دُموعه المتحجرة التي لاتبين للعيان ، ولكن المذبحة والالم الذي بداخله اصبح صومعة من الآهات تتضح بقساوة على روحه : كل ماشيدت شيء لرجعتي انهدم...وكأن الزمن عيا ارجع لهلي....
تنهدت الوريف بتنهيدة عميقة لاتشبه تنهيداتها الاخرى : اكيد في خيط انتم ماوصلتوا له الين هالحين ....واذا انتم تشوفون الحل من طريق...فرب العباد يشوفه من الف طريق...توكل عليه وبتشوف ان الموضوع سهل...
بحَسرة يجر الآه المخنوقة وهو ينظر لعينيها وعيناهُ ممتلئتان بالعذاب ليبتسم ابتسامة محسورة : ياحلاتها بس لو رجعت معك....
اسكتت بكائها حتى لا تؤلم الليث اكثر ، لتراه ينهض بهدُوء وهو يقبل جبينها ويلصق جبينهُ بجبينها ، ليتنفس من عبقها ، العبق الذي يجعله لا ينسى الوطن والحياة ، مرت دقيقة وهو لا يبعد نفسه عنها وكأنه روح تبتعد عن جسد بصعوبة ليردف : اطلعي مع اخيك...بس بالليل بمرك...
وريف فتحت عينيها باندفاع : وين تمرني؟
ابتسم ليث غامزًا لعينيها : بنسوي لك رضاااوووة ياست الحسن والدلال...ولا تفكريني ماعرف سلومك؟ بعد كم يوم بتزعلين...
ضحكت وريف بخجل : رضااااوة ايشش؟؟؟
ليث يضحك : رضااااوة تبيني افضحها من الآن مايصير؟
وريف بجنُون : دامها رضاوة ليه تقول؟ تعرف اني فضولية واتقطع من الفضول....
ليث يضحك بقوة ، ضحكة رجُولية لاتليق الا بملامحِه الوسيمة : هههههههههههههه قصدك ملقووووفة

ابتسمت له وهي ترفع قدميها الى مستوى طوله ، وتودعهُ وداعًـا يليقُ بهِ ، كما كانت ابتسامته عريضة وهو يضع ذقنه على كتفها الرقيق ويحتضنها بقوة لم تشابهها قوة قط ، وكان الاحتضان يعاتبها عن شوقه لها ، كان حضنهُ مختلف ، في كل مرة ، لايشبه سابقتها ، وداعًـا جميلاً انتهى لصغيرته وهو يخرج ، وينظر الى المطر الذي لم ينتهي الى الآن من هذهِ المدينة المتبحرة بآلاف الأوجاع ، إلى المشنقة التي تزحف روحه شيئًـا فشيئًــا ...



،




أمَـام المرآة ، تخاطبها بصمتٍ يليق بجمالها الوردي المفضُوح في هذهِ الليلة بفستانها الابيض الناصع ، تزينهُ التطاريز الأورغنزية ، كم بدت في غاية الروعة والهدُوء ، جمالها ثابت وحاد على الاحتمال ، رؤى ... تلك الفتاة التي تلمع امام المرآة وهي غير مصدقة بأنها ستزف الى سلطان ، هناك صوت من بعيد يصرخ في اعماقها بأنها بخير ، وصوت آخر يخبرها بأنها تكره سلطان بلا سببْ! ، مستحيل....هل يعقل ان امزجَ بين الحُبِ والكرهُ فِي آنٍ واحد؟ سلطان....سلطان هو الاسم الذي يفقدني اتزاني ومشاعري وحقيقة اختياري ، سلطان رجلٌ بعثر في مابعثر من تخبصات لازلت عاجزة عن نسيانها مع الاسف ، أشعر بأنه لم يبقى لدي سوى القُبول من المصير، الا ان مشاعري تفاجئني في كل مرة لأتخذ قرارات تزعجني وتزعج سلطان في ذاتٍ واحد؟
لكن الليلة؟ هي حُلم يمضي بين ألفِ فتاة وفتاة ، وقد مضى اليوم لدي ، سايرت حُلمها بجمالها الهادئ وهي تقف برضا امام المرآة مبتسمة ابتسامة مدوية بالجمال ، يدُوخ منها الناظر ، كم اصبحت انثى عظيمة وفاتنة ، بدءًا من نحرها الذي تزين بعقد من الالماس المشغول اشتراه سلطان لها خصيصًـا لترتديه من اجله ، ولم تحاجج بل بالعكس لم تخفي اعجابها بهذا العقد الذي هو من الواضح بأنه باهظ الثمن بالفعل ، كانت في غرفة العروس بوسط قصر الافراح ترش لها من عطرها الهادئ والفخم ، والذي ينبأ عن حضُور شخص مختلف ، اطلقت تنهيدة في الهواء وهي ترى جمُانه تدخل عليها بفستانها الليلكي الاسود وبستايل الثمانينات بدت رائعة جدًا بجمالها النوري وهي تتقدم ناحية رؤى وتزغرد بفرحة واضحة ، لكن رؤى تمسكها باندفاع : شفييييييييك جمينااا استخفيتي؟؟؟؟
ضحكت جمانة بفرحة وهي تحتضنها وتحدق فيها بعُيون اوشكت على الإدماع : ياحظظك ياسلطان يابختك بـ هالقمر ....لا اله الله لازم نشببك ...تحصنتي يابعدهم؟
رؤى تضحك بخجل : لاتبالغي واجلسي جنبي قسم ضاقت بي الوسيعة وانا كأني أبجورة هنا....
دخلت ام ناصر وهي تنظر لرؤى وتسبح الله لتسمع جمانة تردف : تعالي يمممه شوفي زوجة ولدك....ماخطينا يوم خذيناها والله يابتضيييييييع علوم سليطين اليوم...
قرصت رؤى جمانة بخجل وهي محمرة لتتقدم ام ناصر وهي تقبلها بفرحة : حبيبتي يارؤى ....بسم الله حولك وحواليك من كل عين .... تحصنتي يامك؟
رؤى تهز رأسها بخجل : ايه خالتي لاتحاتين شيء...
ام ناصر تنظر لجمانة بنص عين : انا والله ماحاتي الا ذا الخبلة كل مامسكتها مرة وسألت عنها قالت لها خالتي لاتتعبين نفسك انا مخطوبة ...
جمانة تفتح عينيها وتمثل البراءة : أناااا؟؟؟؟ حرام عليك يمه مايطلع مني
ام ناصر تنظر لها بقوة : الا يطلع....وعاد لاتفشليني بعرس اخيك اسكتي اذا احد سألك قولي له رح للوالده ...
جمانة تقبل رأس والدتها وهي تحتضنها بطفولة : حياااااااااتي اللي تبي تفتك مني وترتاحح من حنة راسها ........بس قاعدة على قلبك انا وعياليييييي
ضحكت ام ناصر بعيون دامعة : يارب....يبلغني باليوم اللي اشوفك به عروس...
رؤى بنبرة مقصودة لجمانة : ياااااااااااااااااااااااااااااارب
ضحكت جمانة من قلبها : ههههههههههههههه لاتخافي ماراح تستلميني....زوجي مايرضى حد يدوس لأملاكه على طرف....
ام ناصر تقرصها بخفة : عنبوك ماتستحين هذا وانتِي مانخطبتي؟ شلون لاعرستي.... الله يعقلك يابنت بس.... وينها هيفاء؟؟؟؟
جمانة تغمز لأمها : أكيييييييييد عند الحبيب حرق تلفووووني اتصالات لما ماردت هيفاء عليه الا يبي يشوفها....
ام ناصر تعترف بحقيقة حلوة : يحق له....شايف هالزين كله ولاينحرق عليه؟؟؟ ...يالله عقبال ماينحرق سلطان...
لاتستطيع ان تستشعر كمية الحرارة التي اكتست بدنها الآن وهي تسمع هذهِ الدعوات والكلمات التي تسمعها كل عروس في ليلة زفافها ، واحمرت اكثر من ذكر سلطان وتخيلها له في ليلة زفافه ؟ كيف سيصبح هذا الرجل الوسيم الطاغي الرجولة اثناء زفافه ياترى؟


،



للمرة الأُولى ، أشعُر باختناق كبِيرْ ، لا أعلم مالسببْ ولكن في وسط كل هذهِ الكمية من الفرحة والسعَادة ، تشربتنِي شائبَةُ الضيقْ وكي لا أزعجَ الناظرِين من ضيقِ عملي ، توَجهتُ ناحية الباحة الخارجية من القصر التابعة للنساء ،

برَونق أنُوثي تقف وهي تحني رقبتها قليلاً وتميلها للسَماء ، تراقب النُجوم تلمع بهُدوء وسط هذهِ الليلة المكتظة بالسعادة ، شربت من الماء الذي في يدها ثم تنفست ، سحبَت نفسًا طويلاً الا ان ارتباك فكها كاد يجعلها مضطربة تماما ، شعرت بشيء غريب عابر ، ثم توقف هذا العابر ولم يعد هناك أي شيءٍ آخر .... سوى انها التفت لتشهق بغير استيعاب فاغرةً فاههَا ...

لا يُوجَد صوتْ ، الا لذلكِ البعيد الذي لم يستوَعب ماجرى ، ليرى انها ايضًـا لم تستوعب ماحدثْ ، الاثنانْ يختتمَان هذهِ الليلة بِـ " مصيبة " لا يعلم بها الا الله ، تراشق النظرات توقف واصبح صدمة يسبرها الاندهاش...
علامات التعجب كانت غارقة في ووسط المكان ، كانت مجرد ثوانٍ قصيرة تشبهُ الدهر الطويل... ارتعدت راكضة حينما اكتشفت بانها لا تحل للرجل الذي امامها ، للرجل الذي لا تعلم من هو ،
لازال الرجل يتبع طيفها وحين استيعابه امسك قلبه بقوة وهو مضطرب يحاول اخماد النيران التي نشبت في نبضات قلبه ليلتفتت مغمضًـا عيناه هامسًـا بصوت مكتوم : ياوجـــه الله!!.....هذي منين طلعت؟؟؟؟؟

: ميــــن اللي طلعت ؟؟؟
سعل بحرج وهو يلتفت لاخته هديل بفستان قصير باللون الفيروزي المدهش والمتناغم على ربيع جسدها ، لتطلق تنهيدة عظيمة :ها جبت الموبايل؟؟؟
مد لها الهاتف بهدُوء : وردي على موبايلك مو تسبهي....ولاعاد اشوفك تنسينه بسيارتي....
لم يكن يشغلها كلام متعب المعتاد ، لكن وجهه لم يكن معتادًا كالسابق ، لقد بدا مختلفًـا هذهِ المرة
كان اللون من وجههِ مسحُوبًـا وكأنه للتو رأى شيئًا لم يستطع رؤيته من قبلْ ، رأى صدَمة لم يستطع ابتلاعها ، اعتقدت ان هناك مايؤذيه ، لذلك لجئت بسرعة في لوحة هاتفها تراقب الاسماء وتنقر بأناملها الرقيقة على احرف اخيها الاكبر والبِكر ، فَيصل ، ليأتيها صوتُه من سمّـاعة الهاتف: آلو؟
هديل تطلع تنهيدة وهي تراقب ظهر متعب الذي اختفى خارجًـا : هلا فيصل...بسألك عن شيء ياخوي ضروووري...أمانة طمن قلبي
فيصل شعر بالقلق ليبتعد عن جماعة الرجال ويأخذ زاوية معزولة ليستمع الى صوت اختهُ المهزوز : شفيك هديل خرعتيني ؟ امي صاير لها شيء؟؟؟
هديل تهز رأسها باندفاع لتجيب: لا مو صاير شيء لها ...انا ابي أسألك صاير شيء وانتم مخبين علينا؟
فيصل بقلق: شبلاك ياهديل اقلقتينا ؟ وش ذا الشكوك اللي طلعت من مخك فجاة؟
هديل بارتباك : وجه متعب مو عاجبني...وصل ولونه مسحوب...وخوفي انه صاير شيء كايد وانتم كالعادة مخبين علينا....
فيصل يطلق تنهيدة يحبس فيها قلقه : مو صاير شيء ولا تحاتين...انا الحين اكلم متعب واتفاهم معه
شعرت بالراحة تتسرب جسدها شيئًا فشيئا : طيب يلا فمان الله....
اغلق فيصل الهاتف وهو يرى اخيه يدخل من بوابة القصر الرئيسية، كان تماما مثل ماوصفتهُ اخته ، مسحُوب اللون ، وجهه بدا فارغًـا من أي تعبير سوى لا شيء .... فيصل قلق جدًا ومن زاوية بعيدة كان والدهُ ابو فيصل " غانم آل مالك " يتحدث مع ابن عمومته ابو ناصر واب العريس...لكن عيناه شخصت ناحية ابنه حينما لمحه يقف في زاوية غير مستوعبًـا الحدث ، الاثنان يتقدمان ، فيصل ، والاب، وحينما لمح الاب ابنه البكر يتقدم ناحية اخيه ، اختار ان ينسحب ، أراد ان يمنحُ الاخوة شيئًـا آخر...
فيصل يتوجه ناحية اخيه وهو يعطيه من القهوة التي يوزعها (المقهوجي) الموجود مخصوصًا لضيافة الضيوف ، ويمد لاخيه فنجال ، كانت القهوة مرة ، شرربها جرعة واحدة ، وانقضى الفنجال ، مده لأخيه فيصل الذي ابتسم مندهشًـا : اقرا لك الفنجال يعني؟
متعب يرفع حاجبه الايسر : لك الحشيمة بس مالي مزاج وخوفي هالفنجال يصك عينك هالحين...فاستهدي بالله وخلني لوحدي...
فيصل ينظر له بنص عين حابسـا ضحكته : اعترف بالله وش اللي خاطف وجهك...اكيد هديل قالقتك؟
متعب يطلق تنهيدة ويهز رأسه ، كان سيتكلم لكنه صمت فجأة حينما لمح ناصر يعبر مبتسمًـا بين الحضور بدقلته العربية الجميلة المطرزة ، كانت ملامحه تميل الى ملامح تلك الانثى الباذخة في الجمال ، التي ما ان محاها من دماغه حتى اتى هذا الرجل الذي يشبهها في وجهه ، استغفر الله في نفسه ، ثم سعل فجأة ، فيصل بالفعل شعر بالقلق وهوو يوجه عيناه ناحية ناصر : شفيك؟ صاير بينكم كلام؟ كلمك عن سالفة ليث المالك؟
متعب يحاول ان يهدأ نبضات قلبه التي ترتعد دون ادراك ثم اردف : مابه شيء لاتقلق راسي بس حسيت بضيقه وطلعت...
وزاد ناصر الطين بلة حينما تقدم ليسلم عليهما ، ليت الموقف يمر بسلام ، لكن ناصر ابتسم وبدأ يتحدث مع فيصل ثم وجه الكلام لكلاهما ، فيصل ، ومتعب اخيه
نـاصر بابتسامة واسعة : الله يعلي شان من يوجب ياعيال العمومة ولايبري لنا ذمة لو في يوم ماوجبناكم بلا ضرورة ...
ابتسم فيصل وهو يربت على كتفه : الله يعلي شانك ...الا شلونه سليطين طاير من الفرحة
ناصر يضحك : هههههههههه عريس ماينلام ...انا في يوم عرسي صاير كاني بغل ، اضحك واشقص ع العالم ...وقمت اخورها واقط كم نكته في وجه نسيبي بس ابوي قبصني ولا كان هجت المرة
مالت ملامح متعب للابتسامة مُجبرًا وهو يرى خفة دم هذهِ العائلة ، وخصوصا هذا البيت ، ليردف ناصر : سمعت ان علي آل مالك وكلكم بقضية ليث؟
تنهد فيصل : الله يذكر ايامه بالخير...له فقدة بذا المجالس والله...ياليت نسمع عنه خبر ونرتاح
متعب بهدوء : بديت اشيك على اخر اخباره وسألت عنه ربعي اللي بالسفارة ...بـ هالفترة ناس واجد قاعدة تتابع قضيته...
ناصر يهز رأسه : الله يقويك ياخوك....رغم ان اغلب قبيلتنا مو راضيين ننبش وراه ومتفقين على انه قاتل بس بما انكم معنا والله مايردنا عن جيبته شيء
فيصل بابتسامة : اللهم آمين....

لكن العروق التي في جسد متعب بدت واضحة ، بارزة حتى العرق الذي في جبينه اصبح بارزًا ، هذا هو عرق التوتر ، والغضب ،، لدى هذهِ القبيلة...



،









،








تَدخُل إلى الداخل بهَالة واضَحة من التوترْ ، تقوقعَت على نفسها وكأنها صَدفة جرفَها التيارْ إلى إتجَاهٍ خاطئ وهي تنزَوي في الزاوية مرتبكةَ تمرر أناملها الباردَة على كتفها المرتعَشْ محاولة لاشعَال فتيلة الدفء في جسدها المرتَطم بالبُرودة الخارجية والحرارَة الداخليةْ ، كانتْ أجمل واكثر بهاءًا في تلك الحالةْ ، مُرتبكة كورَقة دحرجتها الرياحَ على الرصيفْ ، كانَ الخريف والشتَاء يعصفان داخلها ، أطلقت تنهيدَة أكثر ارتباكًـا حينما لمحتها هيفاء بقلق التي كَانت تمشي مع هديل ، وتوجهتا كلتاهمَا نحوها ، حينما لمحَت هديلْ ، تذكرت ملامحَ ذاك الشابْ كيف كانت عيناهُ تميل إلى عينيها ، هناك شبهُ عظيم الا انها انثى واكثر نعُومة ، شعرت بتوتر اكثر وهي تعيد الموقفْ في ذاتها ، حاولت النسيان وهي تنهض محاولة اخفاء الارتباك ، لتمسكها هيفاء امام هديل : شفيك وجهك لونه ماهو بعاجبني؟
جمانة تهتز شفتيها المخمليتين بارتباك : مابه شيء ...جاني هبوط بس...
هديل تعطيها قطعة من الحلوة الموجودة في الضيافة الخارجية مع علبة ماء : طيب اكلي ....هذا لانك مو ماكلة وتتحركين....اجلسي دقايق وريحي ...
هزت رأسها وهي تشعر بقطعة الحلوة تذوب في حلقها كالجمر ، شربت الماء عدة دفعات ثم اطلقت تنهيدة راحة بعد ان عاد لون وجهها لتنظر لها هيفاء بقلق: شتحسين احسن؟....ادق على ناصر يوديك المستشفى؟؟؟
جمانة بجنون تقف : لالا ...مجنونة انتي؟ شوية هبوط بس وخلاص...الحين بتلاقيني ارقل عندك كأني حصان...
ضحكت هديل : ههههههههههههه الله يقطع لسانك ياجمانة على ماعهدتك ماتغيرتي تقطين بدليات حتى وانتي مالك خلق
جمانة تبتسم : عفوية عفوية..
هيفاء تقرص خد جُمانة : مو حلاتها كذا لأنها عفوية...
جمانة وهي تنظر لامها من بعيد : انزين يلا خل ندخل لاتذبحني امي

مَشنْ إلى الدَاخلْ ، لكن عقلها لازَال لا يستوَعب الإشَارات الكَونية التي بعثها هذا الرجلُ الى جسَدها ، مزيد من الرجفة والرجفة اللامنتهَية بمجرد تذكر ملامحْ وجههْ ، لاتعلم لماذا اصبح النظر الى وجه هدَيل شيئًا ستعتادهُ الليلة، هناكَ مايخطفها تجاه هذا الرجل الذي اودَع فيها فتيلة لاتعلم لماذا لم يشعلها ....




،



يَنزل من الفُندق ويرى مشعل يقف مقابلاً اياه بظهره امام بوابة الفندقْ الواسعَة وامام شوارع كامبريدج المبللة بالمطر وسيارات التاكسي التي تبعث عوادمها في الهواء ، وصوتُ سرب من الحمام يمرُ عابرًا على الارصَفة ويخنقُ الذاكرة ، كم كان تمجيدُ اللحظة شهيًا عند كلاهما وهما يرون روعة المنظر وموت الذاكرة ، تنهد ليث ليتقدم في صف مشعل وينظر لذات النقطة التي ينظر اليها ، بلكونته ، بلكونة شقته التي تعد مقابل غرفة وريف ، ليستمع الى صوت مشعل : شصار؟
ليث يكتم غصته : صار اللي توقعته....اختك تسامح اكثر من اللازم...
مشعل يرفع كلا حاجبيه وبقهر شديد ينظر بحدة لعيني ليث: مع الاسف!
ليث : تعلقت فيني وانا مو ضامن رجعتي لها.... اخاف اعلقها في سراب...
مشعل : ماباك تضايقها ...اتركها على اللي في قلبها....مصيرها بتنوجع من غيابك لو مارجعت....
ليث باندفاع : وتهقى اني برجع؟
مشعل ينظر لعيني ليث بصمت، ثم يطلق زفيرًا في الهواء الطلق وينظر للسماء : دامك على ربك متوككل....فاعرف انك يقينًـا راح ترجع....
يبتسم ليث للسماء بعينين مودوعتانِ بالأمل : والنعم بالله...
مشعل : كلمني متعب آل مالك....
ارتعشت ملامح ليث على ذكر رفيق دراسته السابق ، الرجل الذي كان يأتي دومًـا الى الديوانية ويسهر معه ومع اخيه فيصل، ذكريات قديمة مع ذكر هذا الاسم المنزوي تحت سقف الماضي ، إلهــــي ما أوجع الذكريات الجميلة....
ليث : وش يبي؟
مشعل: يبي يتوصل لك...
ليث برفض : حاول انه مايوصل لي...
مشعل يرفع حاجبيه مستنكرًا : دامك موجود ليه ماتبي يعرف عنك شيء....
ليث : انا مامنعته يبحث بقضيتي...ولكن مابيه يعرف بوجودي قبل مايعرف برائتي... ماعدت اثق في احد...
مشعل : بس انا عرفتك؟
ليث بسخررية : بالغلط...ولا تراني مو ناوي اعلمك!
اشتعل فتيل الغضب لدى مشعل ليردف : بس انك علمتها !!!
ليث ويعرف تماما بأن المقصودة من هذا الكلام الوريف: هي شيء ثــاني!
مشعل ويشعر بأنه سيلكم ليث الا ان ليث قاطعه بالحقيقة : تراها زوجتي للمعلومية!
مشعل : ماقدرت توصل للسيديات تبع المستشفى؟
ليث:دكتور وليد بلغني ان السيديات موجودة في مستودع بالمستشفى....وان هالمستودع في حراسة مشددة من قبل الجنايات...
مشعل: يقدر وليد يوفره؟
ليث : لاتحط املك على شيء احتمال مايكون موجود
مشعل : بس وليد هو الوحيد اللي فينا يقدر يدخل المستشفى بكل بساطة...
ليث : انا مابي الرجال يتورط بسببي
مشعل يتحدث بصدق امام عيني ليث الموشوحة بالبهُت والالم: مشكلتك تفكر باللي حولك بس ماتفكر بنفسك...رغم ان لو فكرت بنفسك ماراح تقع في احتمال الانانية....هذا شيء راجع لخلاصك...وشيء ثاني دكتور وليد ماراح يقدم على خطوة الا وهو متأكد من كل حاجة...فليه تبخل عليه بـ هالفرصة؟
ليث يصمت طويلاً ، هل يستحق الغائبْ ان يفكر في نفسه ولو لثانية؟ هل يستحق العذاب الطويل ان يُمحى في ظروف ثوانٍ ، انه اختبارٌ الهي طويلُ الامدْ ، محمل بالعذابْ ، الا ان الايمان الذي بداخلي لم يجعلني من قائمة المجانين والحمقَى
أردف بعد ثوانٍ : كلمه...
يرتاح قلب مشعُل ، وهو يطلق تنهيدة راحة ، يفتح هاتفه ويتصلل على وليد ، ويبتعد قليلاً عن مشعل الى شقته ، ويستلقي على الاريكة التي تطل على البلكونة ...مراقبًـا سرب الطيور في السمـاء .... راجيًـا ان تخدمه الحياة ولو للحظة!





،



تَمشيْ بدَلالْ في سمفُونية الموسيقى العظيمة التي جعلتها مُبهرة امام انظار الجَميعْ ، تلاحظْ دُموع فرح في عيني ام ناصر وهيفاء وابتسامة حماسية من جُمانة ، ابتسامة اخوة مشجعة لها لكي تتخطى حاجز الارتباك وتَندمْج مع هذهِ اللحظات القريبة لكل عروسْ من الذاكرة ، كم بدت ناصعة كالثلج بفستانها الابيض المزين بدانتيل اوربي عالي الفخامة والبساطة ، نعومة الفستان تستطيع لمحها بمجرد النظرْ ، وبدا العقد اللازوردي براقًا على هذا العنق الناعم المتناغم مع هذا الفستانْ ، انها رحلة مُختلفة وشعور لذيذ لا يمكن وصفهْ ، الارتباك الحلُو لُمح من وجهها وهي تشعر بأن الدقائق محضُ دقائق قليلة ويكُون سلطان عريسًا لها واقفًا ببشته بكل وسامة امامها ، إلهَي ما أصعب الشعُور والحَدسْ بهِ ، ما أقوى تلك الذاكرَة التي ارتمت في وسط هذا المشهد المؤثر وانا اتخيل كل المعاكساتْ التي قمت بها مع سلطان ، كل مشاهد الشد والجذب التي كانتْ بيننا ، كل الأسئلة التي لم نجبها لبعضنا البعضْ بقت عالقة الى هذا المشهدْ المهيبْ ، ارتباك عجيب في صدرها ، يدها المزودة بالدبلة وخاتم ألماس آخر وساعة من ألدو في يدها بدت مرتجفة وثقيلة امام كل هذهِ المجهورات التي تزين معصمها ، المجوهرات الجميلة من كارتييه بدت أجمل حينما انتقاها سلطان بنفسه ، ترى هل سينتقي اجابات اسألتها ايضًـا؟ هل سيجيبْ عما كان عالقًـا بنهاية مفتوحة ولم يجب بعد؟
ابتسمت لام ناصر التي تقدمت لها بأمومة واحتضنتها بحب : يافرحتي فيك ياجعل عيني ماتبكيك ....ابتسمي يابعدهم ولا ترتبكين ...ماهو زين لك بليلة عرسك تعبسين ...
ابتسمت بارتباك وصوتها مرتجف : والله من خوفي وارتباكي ولا مو قصدي اعبس خالتي..
ابتسمت لها هيفاء وهي تمسح على رأسها بهدوء : بسم الله عليك حبيبتي ماله داعي الخوف ....الخوف خليه عند مقابل سلطان
ام ناصر تنقز هيفاء: اقول لاتخربين بنيتي على ولدي...خليهم سنعين وامورهم زينه...*تخاطب رؤى* ماعليك منها وانا امك سلطان مابه خوف جنبه
رؤى تبتسم بهدُوء لترى جُمانة تدخل بحب وهي تقبل رؤى بهدوء: مدري اهز سامري ولا ادبك لك الحين؟ قسم بالله احسني فاقدة اعصابي من فرحتي....هههههههههههههه والله جد خليتي الكل يتكلم ....قالوها الناس...سلطان حلو ولقى من يلوق له..
احمرت بخجل وهي تبتسم لها محاولة تغيير الموضوع: وين المصورة؟
جمانة تبتسم وهي تغمز : المصورة لاحقة عليها مع سلطان....دقايق وسليطين ناقع عندك...

بدأ الحضور من الاهل يبارك لها حتى سمعت من جُمانة بأنها اللحظة التي ستلتقي بها مع سلطانْ ..

عن أيةِ حرارةَ اصابت جسدها ستتكلم؟ تشعر بأنها تجاوزت الخمسون... رجفة ورعشة مهيبة تتداخل مع تصلبات مفاصلها ، ساعدتها هيفاء التي ارتدت عبائتها الكتف ونقابها بالوقوف والاستعداد لسلطان التي كانت تسمع زغاريد من بعيد تحفو البوابة منبأة عن دخُول هذا العريس الشرقي ، كانت رجفتها غير معقولة حينما غطتها هيفاء بالطرحة وهمست في اذنها : استعدي ...سلطان جاي...

هزت راسها بخوف وهي تنظر لهيفاء ، لكنها مشت غير قادرة للنظر الى كتلة السواد التي كانت تمشي ببشت اسود على المسرح التقاءًا بها ، لم تكن قادرة على رفع عينيها ، جل مااشعرها بوجوده هي رائحة العُود التي جعلتها فجأة ترفع عينيها بلا شعُور وتصطدم عينيها بكتلة الرجُولة المختلفة امامها ....سلطــــــــانْ!!!!


أي عينْ تلكَ التي ارتطَمت عيني بها؟ كم بدوتُ مختلفة وتائهَة فيِكْ، وكأني مينَاءُ بحرْ جهلَ أينْ يركنُ سفينتهْ ، هل سيجرفنُي الموجْ كل مرة الى شاطئِك؟ هل سأشعرُ بعذُوبةَ مائك في كل ماتبقَى لدي من عُمر؟ لماذَا يسكننِي الارتبَاك في كل مرة ارفعَ فيها عينايَ نحوْك ، إلهَي لمَاذا اصبحت وسامتكُ مصيبة؟ لماذا ترتجف شفتاي ويجفُ حلقي كل ما نظرتُ إلى ذقنك وعارضك المرسُوم بحرفية ،

تقَدم ، تلاشتْ المسافة ، نبضاتُ قلبي عبارة عن قنبلة توشكْ على الانفجارْ وسلطان لازال تائهًا ينظر لي ، رفع الطرحة عن وجهِي ، شعرت بصدمة اعجاب تعتلي ملامحه...


سلطان يبتسم بوسامته : سبحانك لا اله الا انت....ماشاء الله تبارك الله في خلقه...
انزلت عيناي فورًا ، الأدرنالين ارتفع في جسديْ الى حدٍ غير معقُول ، بتّ كأكثر الاشخاص ارتباك على الارضْ
سلطان يرفع ذقني بأصبعه ويحدق في عيناي : لاتنزلين راسك..ماهو بـ اليوم... اللي من امثالك يرفعون الراس ....مايدنقونه...
طبع قبله ساخنة في جبيني ، تسللت يدهُ في يدي ، بدأ يدلها قلقًـا علي من ارتجافي ، جلس معي على الكُوشة هامسًا في اذني : ورب البيت ماراح اكلك... تراني ادمي مثلي مثلك...
ابتسمت قليلاً وانا انظر اليه ، لم اكن لألاحظ يومًـا غير اليوم بأن سلطان بهذهِ الوسامة ، انفه الحاد والدقيق ، شفتيه الصارمتين بدتا رائعتان بابتسامتهِ الوسيمة ، كل تلك التفاصيل الحُلوة توًا كنت قد لاحظتها ...
تقدمت جُمانة نحوي واحمرّ وجهي فور رؤيتها لتردف وهي تغمز لسلطان : ها ياواااااد....اعجبك الوضع ولا كيف؟
سلطان يغمز لها ايضًـا : مية مية ...
جمانة تنظر نحَوي : سبحانك ي ربي...انا اليوم خاقة معك كيف سلطان مايروح فيها؟
رؤى وهي تحاول ان تهمس لجمانة بغيض: اسكتي لا اخليك اسفلت الحين...
سلطان *يخورها* امام اخته : والله انا اللي بصير اسفلت الحين....عساني اسفلت بس...
احمرت رؤى بشكل تام بخجل لم تستطع ان تخفي خجلها امام هذهِ الكتلة من الغزلْ....وهي تدعو بأن تمر هذهِ الليلة بسلام






،



وصلتها رسالة بينما كانت ترتب ملابسها في الخزانة ، توجَهت فورًا نحو هاتفها الآيفُون وهي تفتح الرسالة وكان محتواها كـ الآتي
* انزلي تحت ...انا عند الباب*
تَذكرت موعدها مع ليثْ فورًا ، ارتدَت معطفها الأسود مع حذائها وخرجت وحجابها ، ونزلت بالمصعد بعد ان بلغت مشعلل بأنها ستذهب مع ليثْ، انتظرت وقوف المصعد عند g1...
واخيرًا هي بالطابق الارضي، فُتح باب مصعد لترى ليث امامها تماما ممسكًـا بيدها ومبتسما لعينيها لتردف : وين بتوديني؟
ابتسم رافعًـا حاجبه الايسر : يعني ماراح تصبرين؟
هزت رأسها برفض : لا ...
ليث يقبل خدها ثم ينظر لعينيها : ولا حتى عشاني؟
احمرت بخجل ثم اردفت بعناد : الله يعلي شانك...بس مابغى اصبر
ليث *بوهقة* : لاحوول؟ انتي وجه مفاجئات؟؟؟؟
وريف بضحكة : هههههههه اعترف اني ماني بوجه مفاجئات وان عرق اللقافة عندي طاق سبعين.... لازم اعرف
ليث يفتح لها باب السيارة : اعرف انك بتاكلين كبدي بالطريق....بس معصي اعلمك هالحين يالملقوفة...
وريف باحتجاج وهي تراه يركب في مرتبة السائق : طيب...حصبر واشوف نهايتها معك ياسيد ليث...
ابتسم لها ليث : لاتستعجلي.... الحياة مو كلها لصالحك...لذلك تريثي دائمًـا
شعرت بارتباك من قولهِ هذا الكلام لتردف: ليه قلت هالكلام؟
ليث يمسك بيدها ويقبلها : قاعد انصحك من واقع تجربه.... خلك صبورة لان ممكن انك ماتصبرين على اقدار ربك اذا فقدتي الصبر
شعرت بالدموع تهرع الى عينيها : لحظة....لحظــة....وش صاير ليث؟ راح يصير لك شيء؟
هز ليث رأسه لتردف باندفاع : اهلي؟؟؟؟؟ابوي ؟؟؟صاير لهم شيء؟؟؟؟
لم تكن مستوعبة بأنها تجرح ليث بهذا السؤال وهو اخر شخص من المفترض ان تسأله هذا السؤال ، لكنه تحامل على جرحه ليردف مبتسمًـا لها : وانتي محد ينصحك يام دميعة؟ ...لاتخافين مو صاير شيء بس اعطيك شيء من واقع الحياة اللي عشتها
سكنت بهدوء ويدها في يده تنظر للطريق ، بيئة الثلج اصبحت واضحة لها وهي تنظر للمكان ...كوخ من بعيد منعزل عن العالم ...لايوجد بالمنطقة سوى هذا الكوخ وعدة مزارع غطاها الثلج واثقلها الشتاء ، نزلت بشرود محدقة للكوخ ، لكن شرود ليث كان في الوريف ...كان يحدق لكل تفاصيل وجهها وهي ترى المكان بهدوء وتحدق فيه : ايش هذا المكان؟
ابتسم ليث يتقدم ناحيتها ويسوقها ناحية الكوخ : هذا اول مكان بتت فيه بعد خروجي من المستشفى... المكان اللي تعرفت فيه على يوسف...الله يرحمــه
وريف بصوت خافت وهي تحدق بالمكان : الله يرحمه ويسكنه فسيح جناته...
ثم حدقت في ليث بغير فهم : يعني انت من عشر سنوات مازرت هالمكان؟
حدق في الكوخ طويلاً ثم اردف : لا مو من عشر سنوات...عشت مع يوسف سنتين ...يعني احسبي لك شيء يمكن 7 سنوات مادخلت هالمكان
وريف تقف امامه وتقابله ، تحدق في عينيه وتردف : ليه ؟
ليث يبتسم بألم : ماقدرت ادخله ...لو بدخله بذكر يوسف ...بشوف كل تفاصيل ذكرياتنا فيه... المعاناة والسهر اللي كنت اعيشها في هالمكان
وريف بارتباك ترتجف شفتيها وصوتها : طب ليه بتدخله الحين؟ ومعــي؟؟!!
ليث يميل برأسه ناحية رأسها ويرفع رأسها بكفيه ، ليلصق جبينهُ بجبينها ويبلل شفتيه ثم يردف : لانك دافع لكل شيء كنت اهرب منه.... تكفيني نظرة من عينك...تخليني اسوي كل شيء ماقدرت اسويه...
قبلت انفه ثم سحبت كفه باندفاع وهي تمشي معه : طب يلا افتح هالكوخ ابي اشوفه...ي خي حسيت اني بأفلام رعب وهالحين بيطلع لنا المستذئب
ضحك ليث ضحكته الرجولية : ههههههههههههههه لاتخافين ...لو في مستذئب في هالمكان فهو انتي...
نظرت له بحدة وهي تعض كتفه : المستذئب انت وامثالك يالشرير....
فتح ليث الباب وهو يبسمل : بسم الله...
بمجرد أن أدار مزلاج الباب...وقف ليث عن الحراك...انقض على رئتيه غبار السنينِ الماضية ، لازال هذا المكان يحتفظ بصدى اصواتهم وضحكاتهم وسهرهم ، حتى الغائبين لازال يمجد ذكراهم ، كان موقفًـا غريبًـا ، بين الضحك مع وريف فاجئه الصمت حينما فتح الباب واودع عنه الكلام ، وريف مجرد فتاة تضيع عينيها بين النظر اليه والنظر الى هذا المكان المغطى اثاثه بشراشف بيضاء ، وهذهِ الشراشف مغطاة بالغبار ، سعلت من الغبار عدة مرات ، لايوجد كهرباء بهذا المكان ، فتح الفلاش من هاتفه وعيناه تضيعان في الذكريات ، طاولة الكمبيوتر ، التي تحمل كمبيوتر من النوع القديم منتصب على الطاولة ، الكمبيوتر الذي كان يسهر هو ويوسف عليه محاولين تتبع طريقة للخلاص من قضيته ، ججلس على الكرسي امام الكمبيوتر ، وعيناه تدور حول المكان مراقبة الوريف التي كانت تتفحص المكان وتقلب كل قطعة اثاث صغيرة امامها ...
ليث بتعب : ماتغير شيء...وكأن يوسف جالس على الاريكة ويشب السيجارة ويدخن...
توجهت عابثة على طاولة الكمبيوتر ، لترى صورة لشاب يرتدي نظارة قراءة وبجواره ليث بملامح اكثر شبابًـا ، الاثنان يبتسم للكامبيرة ، واحد منهم يمسك بـ *الشيشة* ...وهو يــــــــــوسف....
ابتسمت تلقائيًـا وهي تنظر لليث : هذا يوسف؟
هز رأسه مبتسما ينظر للصورة : ايه... كان يحاول فيني اشيش معه بالبداية بس كنت اختنق مااقدر.... بعدين قمت انا اللي اشيش
سحبت هواءًا طويلا وهي تنفض يديها عن الغبار لتلمح ظرف كبير مسكته بيدها ثم نظرت لليث : تعرف وش محتواه؟
عقد حاجبيه ، عصرر ذاكرته وعجز عن التذكر ، لم يجد لهذا الظرف اي مكان لذاكرته ، اردف بعد عجز عن التذكر : لا...
مدت له الظرف ليفتح ويخرج منهُ عدة اوراق ، صدم من محتواها ، اوراق لم يكن يتوقع ان يراها ، لينظر لعين الوريف : تعرفي ايش هذا؟
هزت رأسها باستنكار ليردف : هذي جلسة قضائية بالمحكمة العليا كان راح يسويها عام 1992 عشاني.... بس صار اللي صار وتوفى....
وريف بتفكير وهي تلتقط بعض الاوراق وتقرأها قراءة سريعة : ليث هالاوراق ممكن تفيدك بمجرد ان تلقى دليل برائتك...ماراح تحتاج محامي يسوي اوراقك...اوراقك اوردي جاهزة... يوسف سواها لك...
ليث : ممكن تكون الاوراق باطل عقدها اذا كان توقيع المحامي مو موجود
وريف تقلب الاوراق : بس توقيع المحامي موجود ...من عام 1992 ... لا لازم تاخذ هالاوراق معك...بمجرد ان تلقى دليل برائتك وكل المحامي وسلمه اوراقك...بكذا تكسب وقت بدل مايسويها هو لك ويحقق معك من جد وجديد
ليث يقف وينحني ناحيتها : وانتي وش معرفك بـ هالمعلومات آنستنا؟
ابتسمت وهي تضم الاوراق بحركة عفوية : يقال اني مهتمة سابقًـا بالقانون
ليث يسحبها ناحيته ويبعد الاوراق عنها ليحتضنها : جعلني هالاوراق...
ضحكت وريف وهي تلم الاوراق التي بعثرها ليث وترتبها ثم تضعها في الظرف : موضوع ماينمزح فيه...
حاصرها في الجدار بينما الظرف في حضنها ، كانت يديه مستندتان على الجدار بين الوريف بين يديه ، سرق قبلة عاطفية من شفتيها ، اربكتها حد النخاع ، تلك القبلة التي كانت تكويها بمجرد الشعور بلذتها ، اطلقت تنهيدة عالية وصدرها يرتفع وينخفض بذات الشدة ، لتضع الظرف جانبًـا ، سحبها نحو طاولة طعام ليجلسها مسح الغبار امامها ، ثم نظرت اليه : ليه مجلسني؟
ليث يغمز لعينيها : مستحيل ماشم خشمك ريحة اكل بالسيارة...
وريف بضحكة : الله يطعني لو قلت لا....ايه شميت ههههههههههه
توجه ناحية مرتبة جلس عليها وارتدى حذائه : دقايق ادخل الاكل واجيك....روحي شوفي في صحون داخل المطبخ...
هزت راسها بطاعة وتوجهت ناحية المطبخ ، نافذة المطبخ تطل على الباحة الخارجية ، مكان وقوف سيارة ليث ، سحبت طبقين جثا عليهما غبار الزمن ، غسلتهم بسرعة وهي لازالت تحدق بليثالذي غمز بعينه اليها مبتسما وهو يدخل للداخل.... استفاقت بارتباك وتوجهت نحو الطاولة تضع الطبقيين مع كأسيين زجاجيين وملعقة وشوكة لكل طبق ...
جلس ليث معها ...كانت تستمع لكل كلمة يقولها عن هذا المكان...وكأنها الوحيدة التي اطلعها على تفاصيل تاريخه ، والاولى دائمـًا في كل شيء....
كانت هي دائمـًا ....خيارهُ الاول!!!







،

انتهَـى الفصل الثالث والثلاثيــن ...
أتمنى ان يعُجبكم قارئاتي ... ربما قد نسي البعض الاحداث
لذلك ليتابعها من البارتات السابقة ...
اتمنى ان يكون البارت مقرب الى قلوبكم كما هو مقرب الى قلبي...


 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
قديم 27-09-16, 04:10 AM   المشاركة رقم: 40
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري


البيانات
التسجيل: Aug 2014
العضوية: 273510
المشاركات: 1,332
الجنس أنثى
معدل التقييم: طُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييمطُعُوْن عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2492

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
طُعُوْن غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 
دعوه لزيارة موضوعي






البـارت (34) :



بعد ان وصلوا من المطار وتوجهوا لمدينة كامبريدج في بريطانيا من اجل فحوصات لمهره ....
وتحديدًا بالمستشفى في غرفة الكشف
تتسع عينيها امام الضوء المسلط عليها من الطبيب الذي يشخصها من اجل الفحص الدوري وهي جالسة على كرسي مقابلة الطبيب ، تغمض عينيها بتعب من الضوء وهي ترى ملامح الطبيب المتخبطة ، زفرت وهي تنظر لخالها الذي كان يحاول السَيطرة على عنادها مسبقًـا ، اعطى الطبيب التقرير الطبي لناصر بعد التصوير المغناطيسي والكشف الضوئي اليدوي الذي قام بهِ قبل قليل ، وعدة فحوصات ، قرأها ناصر سريعًـا ثم خرج مع مهرة التي كانت تحاول الامساك بـ التقرير بعجز لتنظر الى مهاب : يأست من ناصر ياست يعطيني اشوف حالتي...
مهاب ينظر الى ياسر بتوتر الذي كان مشغولاً بقراءة ردة فعل مهرة ليتقدم مهاب الى اخته ويبتسم لها ويضع يديهِ على كتفيها محدقًـا : مهره... لاتخافي...لو حاصل لك شيء سلبي في الفحص كان ناصر تكلم ...بس اما ان التقرير معتاد...او انه حصل تطور ايجابي
مهره تطلق تنهيدة مغتاضة : تعبت مهاب وانا اسجل كل حدث يومي عشان ما انساه... تدري بي مستحيل اتخلى عن جوالي وانا اسمع كل يوم نفس الحاجات عشان اتذكرها...
ياسر يرد : بس صار لك تطور بأكثر من شهرين وانتي ماتنسين بعض الاشياء...ملاحظ عليك بدأتي تحفظي بعض الاماكن
مهره بسخرية وهي تنظر لياسر : لاتحاول ان ترفع معنوياتي بـ هالدوافع الناقصة...انا اعرف شنو فيني ...رغم اني باكر ابنساه....
ناصر يبتسم لمهره بحنان ويحتضنها : ماله داعي يامهره تقولين هالكلام...اللي ملاحظة الطبيب عليك انك بدأتي تتحسنين...وان التطورات الايجابية اللي صارت مع مهاب سابقًـا بدأت تظهر عليك...وان كان في شخص يستحق الشكر في مثل هالموضوع فهو يـاسر
مهره بغيض تنظر لياسر بعدم رضا ثم تهمس لناصر باشمئزاز : انا هالآدمي ما اطيقه ....
ضحك ياسر بخفة محاولًا قدر الامكان كتم ضحكته ، وأُحرجَ ناصر على صراحة هذهِ الفتاة التي كانت تحاول الهمس بها لكنها اصبحت مفضوحة للعيان ، ناصر يحاول كبت ضحكته الحرجة : الله يفشلك خفضي صوتك ...
شعرت مهره بالاحراج حينما سمعت ناصر يتحدث لياسر : ماعليك ملامة يابو فهد بس لاتلومنا بزر وماينشره عليهم...
ياسر ابتسم وعيناه تحدقان بتحدي الى عيني مهرة التي كانت بالفعل في غاية غضبها ، لتخرج غاضبة كالعادة من المستشفى ويلحق بها مهاب تلافيًـا لما قد يحدث من نسيانها او ضياعها في التيه ، بينما ياسر لازال يمشي مرافقًـا ناصر في رواق المستشفى ويقرأن التقرير ليردف ياسر : اعتقد من حق ابيهم يعرف كل هالاشياء ويتطمن على عياله...
ناصر : ماني مجازف يابو فهد بفقدان عيال اختي مثل مافقدت توأمتي..
ياسر يرفع حاجبه بتحدي: اللي صار على بو مهاب ماهو بيده...
ناصر بغيظ يبتلغ غصة عظيمة : بس كان يقدر يمنعه...
ياسر عجز عن توصيل اي معلومة الى ناصر طوال هذهِ الفترة ليجيب بعجز : بتكون اعظم من ابو مهاب لو ماطمنت ابيهم على عياله... واختك مابترتاح في قبرها بسواتك...اللي صار قضاء وقدر...

غادر الرواق تاركًـا ناصر في حيرة ،


،





تنهَض من الاريكَـة الجلدية بتثاقل قوي جدًا وهي غير مستوعبة المَكان ، كل شيء بدا مختلفًـا بدأً من هذهِ الاريكة الجلدية التي تتصف برائحة الجلد القوية ، ارضية الباركيه الخشبيه ، الجدران الخشبية ، جهاز كمبيوتر قديم ليث يحاول ان يعاود تشغيله ، ولكن من المحتمل ان كمية الغُبار التي جثت عليهِ جعلتهُ مُجردْ حطامْ ، رائحة اخرى تشابه رائحة الغياب.... ورَائحة قهوة ... أجل كوب قهوة دافئ تتطاير منهُ الابخرة كناية عن انه صنُع للتو ، ليث يحتسي منهُ وهو يحاول تفكيك الجهاز على الارض علّ ذلك يجعلهُ يعود للحيَـاة ...
مايحاول ليث تفكيكه ، هو مجردْ جهاز حاسب، لكن القصة تشابه قصته ، ليث يحاول تفكيك القضية ، واعادة هيكلتها من جدِيد ، لكي يعود كما كان سابقًـا ، ويثبت للعالم بأنهُ بريء...
شعرت بشعرها البندقي يتناثر على كتفيها ، ليث ابعد الحجاب عن رأسها اثناء النوم لكي تشعر بالراحة ، انتبهت الى الاريكة المقابلة ، والى الشراشف الموضوعه عليها ، لقد نام على الاريكة المقابلة كي لا يضايقها ، شعرت بالضيق لانها لاتعلم كيف داهمها النعاس...لاتعلم كيف نامت؟
حاولت انزال قدميها الناعمتين على ارضية الباركيه البارده ، لكنها لمحت خفيين باللون الاسود ، انهما لليث،
رسالة واضحة من ليث بعدم رغبتهِ ان تمشِي على هذهِ الارضية الباردة " حافية " القدمين ...

ادخلت قدميها في الخفيين ، تمددت في الهواء مطلقة صوت تثاؤب متثاقل ، لمحت ليث يترك مابيده وينظر لها مُبتسمـًا مردفًـا لها : صباح الخير...
اطلقت ضحكة خجل خفيفة لتردف وهي تفرك عينيها :صباح النور.... من متى وانا نايمة ...وكيف نمت؟
نهض ليث متقدم نحوها يقبل رأسها : بعد ما اكلنا طلبتي نمشي، مشيت معك برى وماشفتك الا نعستي... اضطريت اني اشيلك وانتي ماصدقتي على الله شخيرك وصل روما
فتحت عينيها بغيض : انا شاخرت؟ معاذ الله والله انك كاذب
ضحك بأقصى طاقته : ههههههههههههه ... للأمانه ماشاخرتي ولكن هلوستك في النوم خلتني اشك بك...
وريف بخجل وهي تفرك كفيها بتوتر : وش قلت...
ليث بخبث : ماقلتي شيء...اللهم انك خرتيها...
تفقد اعصابها وبجنُون تتقدم ناحيته : امنتك الله بكل عزيز وغالي ...وش قلت...
ليث جلس على الاريكة ، تبدلت ملامحه الى جدية واطلق تنهِيدة ممجدة للتعب : كنتِ تهذين باسم ابوك...قطعتي قلبــي
شعرت بغصة تخنقها ، دائمًـا ماتجرحهُ بغير قصد ، ودائمًـا مايتعمد ابتلاع تلك الغصات المؤلمة عنها ، تركتهُ متوجهة لدورة المياه ، تغسل وجهها بالماء البارد ، رغم بروُدة المكان...كان وجهها ينطقُ بالحرَارة ، خرجت وهي تجلس بجواره ، مدّ لها كوب قهوته ، لتشرب رشفة منه وتنظر لعيناه : وش توصلت له مع الجهاز؟
نظر الى الكمبيوتر المكتبِي الممتلئ بالعاهات ليردف : من يوم ماجابه يوسف وهو فيه الفين عاهة...تتوقعين بعد 10 سنين بيظل صاحي... استفقت على امل مجنون...
وريف باعادة تفكير : نقدر ناخذ كل المعلومات اللي تبيها منه... مشعل اخوي يفهم بالبرمجة...
ليث : حتى فهد .....
شعر بوقع غريب من ذكر اسم فهد...ذاك الصديق الوفي...الذي من المحتمل بأن له شهر لم يزره ، لم يتصل حتى عليه...انشغاله في الوريف...انساه حتى اهم قضية في حياته..
لتردف وريف بعتب : لاتقطع الرجال...زوجته خبرتني انه عتبان عليك ومتضايق...
ليث : يشهد الله اني مو ناوي على القطيعة....مير اللي حصل بالاخير ضيع علومي... لاتخافي اليوم بس نرجع بروح له مع مشعل...
شهقت بقوة وهي تقف... ليث يندهش من شهقتها القوية لتقول بتوتر : نسيييييييت....نسيييييييييييييت
ليث بغير استيعاب: وش نسيتي؟
وريف : مشعل بيذبحني....ماقلت له اني بتأخر
ليث يسَحبها من يدها الى حُضنه وهو ينظر لعينيها : وصلنا له العلوم... بس ترا في شرع الله مشعل ماله اذن عندك... كل الاذن تاخذينه مني
وريف تحمر خجلاً وهي تبتعد قليلاً عن حضنه : لاتنسى اني عايشة حاليًـا مع مشعل...معناها اخيي واجب عليه يعرف وين انا وليه تأخرت...
هز رأسهِ بابتسامة وهو يقف ويلتقط مجمُوعة من الاورَاق ، يرتبها ويضعها في ظرف واحد ، يسَحب قطعة الذاكرة من هذا الكَمبيوتر المكتبِي المّيت ، ويسحب ايشاربه ، يرتب هويتهِ امام المرآة ، ثم ينظر لعينيها : يالله...البسي حجابك خلينا نمشي...
هزت رأسها بسرعة وهي تلم حجابها ، تمشي معه ، فتَح لها الباب وتوجهت وهي تفرك جسدها من البرودة ، ضَحك ليث على احتمالية جلدها الرقيق الذي لم يعتد بعد على موجات البرد المتقلبه ، طَوال طريقْ العَودة كان الاثنان يبحثان عن طريقة ...كي تعود المياه الى مجاريهَـا ...وتعود النقاط فوق الحروف...




،



بَعد عودتها من عرس سلطان ناصر آل مالك ، نزعت عبائتها وشعرت بنعاس ثقيل يحرق عينيها ، ولكن رغم ذلك كان عقلها يرفضُ النومْ ، هناك مايفسد روتينها في النومم... لم تستطع ان تغير ملابسها ، كانت طاقتها شبه نافذة ، شوق تطل عليها وهي غير راضية بما تراه ، تنهدت اسماء بتعب وهي تفتح احدَى عينيها الجَميلتين : عندك شيء ياشوق قوليـه ...اما انك تطالعيني بصمت وتشغلين تفكيرك قدامي هذا انسيه...
شوق تتقدم ناحيتها بعد ان استبدلت ملابسها وارتدت بيجامة نوم مريحة وهي تنظر الى اسماء بغير رضى : كم صار لك من جيتي من بيك راكان؟
اسماء بغيض وفي حالة معمية تنطق بكلماتها الغير مؤهولة : يعني هالحين انا مضيقة عليكم؟
شوق بغيض من تفكيرها وهي تكاد ان ترمي الوسادة : قسم بالله انتي يبي لك جزمة ماهو بذا المخدة عشان تفهمين...معاذ الله احنا نتضايق منك؟ طول عمرك عايشة معنا وش المعنى نتضايق من وجودك هالحين؟ بيت راكان اذا ماهو واسعك فانتي في بيتك معززة مكرمة...بس كل اللي قاعد يصير في حياتك الزوجية غلط...صار لك اسبوع لاتكلمينه ولاتشوفينه ولاتصادفينه...
اسماء تصمت وهي تحدق في سقف الغرفة مانعة عينيها من البكاء لتكمل شوق : اسماء يابنت ام ليث....لاتخلين اسمنا علكة في فم اللي يسوى واللي مايسوى...حنا بلا اي حاجة سيرة ليث دنستها السنتهم...لاتخلين الناس يستغلون وضعك بحاجة نقدر نصلحها ببساطة...
كان وقع اسم ليث على مسمعَ اسماء له تأثيرًا جامحًـا لتردف محاولة عدم البكاء ، الا ان صوتها خانقتهُ العبرة : لو كان ليث المالك موجود...تتوقعين راح يرضى باللي انا اعيشه؟
شوق ترفع حاجبيها : ليه راكان ضربك؟
هزت رأسها بـ لا ..
شوق : اهان اسمك وعيلتك؟
تهز رأسها ايضًـا بـ لا..
أردفت شوق : مس شرفك بحاجة؟ ولا شرف اهلك؟
للمرة المليون تهز رأسها بـ لا ... لتردف شوق : اذا ليث ماراح يتعامل مع الموضوع كذا...لان هذي حياة زوجية وطبيعي تمر بمشاكل... طبيعي انتي تغلطين وراكان يغلط... راح يحاول ان يحل الموضوع مايزيده شر وانتم تندمون...
كانت ستتكلم الا ان هاتف شوق الذي في يدها رن فتحت الهاتف لتسمع الطرف المقابل : حلفتك بالله يام فهد اذا انتي عند اسماء قومي واطلعي ولا تحسسينها اني جاي...
خرجت شوق واسماء لم تعرها اي انتباه بل كانت في امس الحاجة لتغمض عينيها وتتناسى الموضوع ، اغلقت الباب على اسماء واردفت باستماع : حياك الله راكان ...انا طلعت من عند اسماء هالحين ...
راكان بارتياح : سووا لي طريق بس هالحين فهد بيفتح لي الباب
دخلت شوق غرفتها : تم...حياك الله
راكان بامتنان : الله يحيك يام فهد ... ماتقصرين..فمان الله
شوق: فمان الله..


دخل مطلقًـا كل تنهيدة تدخل الى صدره ، محاولاً التمسك بأسمى آياتِ الصبرْ ، صعد الى غرفة اسماء ، فتح الباب ، اغلقه ، صدمهُ حسنَها البريءْ وهي بفستانْ بلون البحر ، قصير ، وشعرها الطويل يتناثر بنعومة على الوسادة.. عينيها مغمضتين...تحاول جاهدة ان تنَـام ...لكنها فور ان احست بدخول احد اجابت وهي مغمضة العينين : شوق رجاءا مالي خلق اتكلم...
جلس على السرير ، يمرر اصابعه على ساقه الناعم بدفء ، حينما شعرت بغرابة اليدْ نبضات قلبها اصبحت اسرع ، وجهها يصخب بالحرَارة ، اعتدلت بخوف وهي تستند على السرير ، وحينما استوعبت انه راكان لمت الغطاء على جسدها ونظرت اليه بتوتر لتردف : راكان...
راكان يبتسم لها وهو يمسح على رأسها بشوق : ايه راكان... يابعد راكان وهله..
حاولت كبت الدموع التِي في عينيها لتردف باعتراض : وش له جاي هالحين؟ ماقلت لك اني ابي ابقى كم يوم بيت هلي؟
راكان هز رأسه : قلتي...وعطيتك اسبوع... لكن خلاص...هالحين لازم نتفاهم
اسماء بتعب وهي تمسح على رأسها وتمدد رجليها وتحاول تغطية راسها لتنام : انتم شكلكم مابترحموني اليوم ....اخلص من واحد يجيني الثاني...
ابتسم راكان اكثر وهو ينحني ويبعد الغطاء عن وجهها ، ليصبح وجهه مقابلاً وجهها : قومي خلينا نتفاهم...
شعرت بتوتر كبير من قرب المسافة ، عيني راكان كانتا تتفحصان جمالهَـا ، جميلة في كل حالتها ، لكنها بدتت اجمل الآن، وهي في قمة عنادها ودلالها ، استيقظت بغضب وهي تنظر له : نتفاهم على ايش راكان؟ على حالاتك المزاجية اللي مضطرة انا الحيوانة اتحملها؟
راكان : معك حق ...لكن هم انا رجل وهذا جزء من طبعي اذا ماتحملتيني منو يتحمل؟
اسماء بصدق تنظر لعينيه : انا مستعدة اتحملك لين اخر يوم بحياتك بس لو عرفت سبب تغيرك المفاجئ؟
راكان يضحك : ههههههههههه انتي تهذين ؟ انا ماتغيرت اسماء... هذي حالة تصادف كل المتزوجين...
اسماء بغير استيعاب : الحياة تفاهم...مو تجاهل...وطول الفترة الماضية كنت متجاهلني...
راكان يتنهد وهو يقابلها ويقبل كفيها بحب : حبيبتي اسماء ركزي معي...انا رجل ارمل...ابسط حقوقي اني اتضايق كم يوم لما اتزوج على زوجتي الله يرحمها... يعني شيء طبيعي لو صار اللي صار....بس مو طبيعي لو استمر هالوضع... لذلك تعالي معي خلينا نجرب ...وان ماتغيرت فمعك حق...والله يلوم اللي يلومك
هزت رأسها بهدوء : صح ...صح كلامك اللي قلته..بس لاتخلي زواجنا ضحية للماضي...الميت يحتاج الدعاء...وبس!
قبل رأسها مبتسمًـا غامزًا بعينيه لها : هالحين لو نمت معك...في حد يلومني؟
اسماء بخجل وهي تهز رأسها برفض : لا ...مستحييييل راكان...بكرة ارجع معك...
ضحك راكان على اندفاعها وهو يقف ، سارقًـا قبلة من شفتيها استمرت لـ 5 ثوانْ ... ودعها راكان وهو يبتسم : خلاص...بكرة بالعصر امرك..خليك جاهزة يامدام
تضع يديها بخجل على وجهها ، يغادرها راكان ...وهي تشعر بان مايحصل في الفترة الاخيرة مجموعة من الضغوط الحياتية تحيط بها...لاتستطيع ان تتوقف من التفكير بها...





،

تدخلُ بهالة من التوتَر إلى غرفة الفُندقْ ، ارتجاف عميقْ يسري في بدنها ، هي ووحدَها مع سلطانْ ، شَحبت ملامحهَا كثيرًا ، شعرت أن هناك ماسيجعلها تشيخْ في ثوانٍ ، وهي وقوفها امام سلطانْ بلا اي حاجزْ ، نزعت عبائتها ، كانت ترتدِي فستانًـا باللون الابيضْ خفيف غير فستان الزفاف الذي لم تخرج بهِ من قصر الافراح ، وقامت بالتبديل لتسلمه جمانة ، اختارت بيجامة خفيفة ، وهي ترى سلطان يقابلها بظهره ناحية الدولاب ، يفكك كبكات ثوابهِ ، وازراره العلوية ، ينزغ الشماغ والطاقية ويضعهُ على الكومدينة بهدوء ، دخلت دورة المياه تستبدل ثيابها ، شعرها المرفون بتسريحة بسيطة قامت بتفكيكه في ثوان ، حرارة النبض تسري في جسدها بأكمله ، تستطيع سماع جسدها كله ينبض ، تشعر بأن قلبها قد تواجد الآن في حنجرتها ، لاتستطيع ابتلاع ريقها الجاف ، حرارة وتوتر فضيعين ، تغلبا عليها ببؤُس، تجاهلت كل هذا وهي تستبدل ملابسها ، استجمعت شجاعتها المهزوزة لتفتح الباب ، وترى سلطان جالسًا امامها مباشرة ينظر ناحيتها ، تمنت لو ان الارض تبتلعها في ثانية...
لم تستطع ان تحرك ساكنًـا ، توقفت عن الرمش بمجرد ان تقدم سلطان ناحيتهاا ، ارتجفت بطريقة غير معقولة الا ان سلطان ربت على كتفيها ، رافعًـا وجهها ناحية وجهه ناظرًا الى عينيها العاجزتين عن الرمش :
ماله داعي كل هالخوف... الشيء االلي يخوفك مني انسيه... لاتحرمي نفسك من اروع ليلة في حياتك...تحاملي على خوفك ...انتي اشجع من كذا

خالط الخوف شعور آخر ، وهو الاطمئنَان ، حينما كان يتحدث معها شعرت بالهدُوء يتسرب الى مسام جسدها ، شعرت بالدفء يحيطها ، شعرت بان سلطان يسحبها الى اهم دوامة في حياتها ... الى ارفع موجة بحر تستطيع منها ان ترى اليابسة بوضوح ، وتستقر على شاطئِ !

وَ بقي تلك الليلة...لها...ولِـ سلطان




،

في قصر ابو عمار...
كانَ جالسـًا على كرسي قريبْ من سرير ابو عمار في غرفتهْ ، هاجر كانت في حضنه تقبل وهي تبتسم بفرحة محاولةً كبت عينيها الدامعتين ، بينما والدها مبتسمًـا يوزع نظراته بينهَا وبينْ آدَم ...آدَم الرجل الذي ائتمنهُ دائمًـا على ابنتهْ ، وكان الرجل الصحيح لتحمل هذهِ المسؤولية ، بغض النظر عما عاناه الطرفين من الآخرْ ، والخلاف الذي حدث في البداية ولكنهُ ممتن كل الامتنان لآدم الذي سيحفظ له ابنته الغالية حتى بعد موتِه ، ابو عمار يبتسم لآدم بهدُوء :اكيد ماسلمت من لسانها ؟
آدم ينظر لهاجر وهو يحدق فيها يراها خجلة ، يبتسم وتتسع ابتسامته : شيبت راســـي...
سعود يقبل ابنته ويحتضنها : تراني مارحت بقيق وانا ابيك...هذاني جنبك...كوني مؤمنة بالله وكل حاجة متيسرة...
هاجر بألم : بس يبه انا مو عاجبني تصرفكم الين هالحين...يعني يصير كل شيء وانا مالي خبر به؟ والله ظلم...
سعود بغير رضا : الظلم يوم تبكين بجزع ومن دون ايمان...تكوني ظلمتي نفسك وما اكرمتيها بالصبر...
هاجر تستمع لابيها بخجل من تصرفها التي شعرت بأنه بلغ الطفولية ليردف وهو يحدق لهاجر : لاتخاف عليها يابو عمار...عرفنا كيف نعسفها...
هاجر بغيض وهي تنظر له : بعد ماحرقت قلبي..
آدم يرفع يديه باستسلام : هذا اوامر من الجهات العليا...ابيك هو الامر والناهي...
هاجر بغضب : بس انت اللي نفذت كل حاجة ...
آدم يحدق في عينيها عميقًـا : ماعصيته من زمان؟ تبيني اعصيه في كربته...حشى والله ...ماهي من شيمتي...
هاجر تقف باحتجاج وغيظ شديدين : خلي شيمك على جنب مرة ثانية واي حاجة تصير في أهلي لاتخبيها علي...ولا ترا ليلك رمادي...
غادرتهم بسرعة وهي تسمع آدم يتكلم بصوت عالي لسعود : والله وطلعت رباتك مو هينة ياسعود وتهدد...

انتهى مسمعها بضحكة عالية من ابيها ، رغم غيظها وغضببها الشدِيد من آدم الا انها ابتسمت بحب وتقدير لابيها الذي ناضل الموت ، وعاشَ الحياة ، بمسيرة جديدة ، تشعر بأن شائبة التعاسة تغادرهم والسعادة تتسلسل اليهم شيئًـا فشيئـًا ...



،





يفتح الباب ، ليرى صديقه يحدق فيه ، نظر اليه بعتب، بغضب ، بألم شديد وكأن هناك مايعتصر قلبه وهو يراه يقف هكذا امامه ، لم يطرده ، لم يوبخه ، فتح له الباب وتقدم دون ان يتكلم معه ، مشى صديقه معه في الرواق حتى دخلوا في غرفة ، جلسوا على الاريكة ، الاثنان يغوصان بصمتْ ، لكن ليث، اختار واخيـــرًا ان ينطق :كيف حالك يابو راجــح؟؟؟
فهد دون ان ينظر لليث : اسعد بشوفتك يا يوســف...
ليث ينظر لفهد طويلاً محدقًـا له : وانا اسعد ... طمني عن احوالك بس؟؟!عسى مابه شر؟؟؟
فهد بغيظ : بخير...
ليث يحدق ، يحاول ان يكتم ضحكته ، لكنه ضحك ، فهد ينظر الى ليث بغضب واعصابه تكاد ان تفلت ليردف ليث : عذرًا يافهد....بس قسم بالله حتى حرمتي لما زعلت مني ماتغلت مني كثر تغليك...هههههههههه
فهد بعتب شديد : هذا من قطعة وصالك لي...حتى ماعدت تحشم كل شيء بيني وبينك...
ليث بصدق ينظر لفهد : افا والله ماني ببوار بالعشير وبالعشرة يابو راجح...بس تعرف الشهر اللي فات كانت معي ضغوطات...وصارت قطيعتي... ومو بس منك من الجميع...
فهد يتنهد : انا مالي حول ولا قوة اشيل في قلبي عليك...بس توصلت لاشياء كثيرة ....ممكن تفيدنا بقضية ولد المالك...
ليث ينظر الى فهد ينتظر منه استكمال الكلام : يوسف ...ترا ناس واجد من السفارة كلموني على قضية ليث المالك...ناس يقربون له ومن طرفه... وتواصلوا معي بأشياء كثير واخذوا معلومات تفيدهم ...
ليث يتنهد : خبرني مشعل انه في ناس كلمووه حتى هو ...
فهد : انا انتظر من دكتور وليد بس خبر...قال لي انه خلال هالليلةبيروح المستشفى...وبيشوف اذا يقدر يدخل على مستودع المستشفى...

شعر بقبضَة تسري في قلبه ، هل يعُقل ان يعُود بهذهِ السرعة الى الوطَن؟ هل كل شيء اصبَح سهلاً ، هل سهل الله لهُ هذهِ المعاناة بعَد كل هذهِ الصعوبات؟ ، هل أرسل الله لهُ هؤلاء البشر ليخلصُوه؟ ، بل ارسل الله لي عيناَك لتكون لِـي هوية ووطن ، ارتجفَ صدرهْ ، شعر بشعور لذيذ وهو يتخيل وجه والدته امام عينيه ، يتخيل كيف سيخرج هذهِ الدموع المكبوتة منذ الماضي الى الآن...سيخرج كل مايخفيه في صدره الى امه...سيكون صغيرها الذي تركتهُ في بريطانيا ،
سعل حينما شعر بأن فهد يناديه ولم ينتبه ليردف فهد : يوسف...كل اللي نبيه هالسيديه ...لو وصل لايادينا كل حاجة بتصير أفضل وافضل...
ليث بلا شعور يردف ويشعر بأن لسانه ثقل : ايه... صح...معك حق...
فهد يعقد حاجبيه : يوسف انت بخير؟ حاس انك منت بخير...
ليث ويشعر بأن الدنيا تدور فجأة ، حاول التماسك وهو يهز رأسه بتعب : ايه بخير...أنــ...ـــا بخـ..ـــير...
اعطاه فهد كأس ماء ليشربه دفعة واحدة دون شعور وهو يحدق بفهد : يالله فهد تبي شيء؟
فهد يقف : لاوالله ان ماتطلع وانت بذا الحال...حالك ماهو عاجبني...تعال انا اوديك الفندق بنفسي...
ليث بتعب : يعطيك العافية...انا بخير لاتخاف...لو حصل اي شيء بدق عليك...
فهد ينظر لليث الذي يخرج معطيه ظهره ، التفت ليث فجأة وهو ينظر لفهد : لاتنسى تطمني على وليد اذا وصل للسيديه...ضرووووري

غادر ليث المكان تاركًـا فهدْ يحاكي الدهشة ، حال يوسف "ليث" لا يطمئن...بدا مرتبكًـا ، مريبًـا ...هناك مابعثر هذا الرجل فجأة ، واصبحت انا ضحية لهذهِ التساؤلات....اللهم اجعله خير..




،



يَدخلُ للمستشفى بعد ان ارتدى السكراب وبالطو الدكتور ، فتح لمكتب الاستقبال بطاقة الآي دي ليتحققوا من هويته ومهنته ، وبعد فحص بصمة العين استطاع عبور المستشفى ، دخل بهدوء الى الممر الرئيسي ، تقدمت ممرضته المعتادة وهي تهرول بلكنتها البريطانية : دكتور وليد...لقد استطعنا السيطرة على حالة مريضك يوم امس...تلزمنا فقط قسطرة من اجل ان يكون بسلام...
وليد ينظر الى ورقة تشخيص المريض التي في يد الممرضة ليردف وهو يحدق لها : متى تكون عمليته؟
الممرضة : غدًا ...الساعة التاسعة مساءًا...
وليد يهز رأسه ويعطي الممرضة الورقة : حسنًـا ...وافيني في مكتبي بعد ساعة...
هزت الممرضة رأسها وتوجه وليد ناحية رواق المستشفى... كان هدفهُ واحد...عيناه شاخصتان نحو نيابة الحراس على غرفة المستودع ، وهو يعرف تماما بأن دائما ماتكون ثغرة في حراسة هاذين الحارسين، تنفس الصعداء وهو يحدق رواق المستودع ، تفحص الكاميرات جيدًا ، اذا مر في الرواق بشكل مستقيم دون ان ينحرف تجاه المستودع ..سيبدو وكأنه ذاهبًـا الى غرفة العمليات....اذا انحرف ربما يخضع للمسائلة...
الا في حال...ان دخل المستودع من الباب الخلفي...دون ان يخضع للانظار...
توجه ناحية الرواق وسار بشكل مستقيم ، ثم انعطف للمر لكي يمر من البوابة الخلفية للمستودع....
لم يكن هناك اي احد...لايوجد شيء يثبت بأنه دخل...انها الفرصة...
دخل بسرعة...توجه الى صناديق تعود سنينها 10 سنوات...
بحث عن جميع المرضى على حسب الاحرف الابجدية...
في القائمة كان دائرة حمراء تحيط باسم "ليث المالك"
التقط السي دي....نظر الى الرواق وكان فارغًـا ...فتح الهاتف ليتصل فورًا بيوسف"ليث".....اتاه الرد ليهمس بتوتر : يوسف....حصلت على السي دي...حصلت عليــــــه!!!






،











انتهى البارت..

 
 

 

عرض البوم صور طُعُوْن   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بقلمِي, سأشير, سُئلت, عيناك, هويتي, ولَئن
facebook




جديد مواضيع قسم ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:15 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية