كاتب الموضوع :
غَيدْ
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .
- السلامُ عليكم ورحمة الله وبركَآتهْ ، لا أخفِي عليكم حجَمْ سعَآدتِي بحُضورِكم * المتألقْ * ! .. التعَليقاتْ والتجَارب ناحيَة قراءة روايتِي ، والأمنيَات في ان يزَدآد عداد شهُرتها كانتْ محضُ تعليقات أسعدتني بحَقْ ، بالنسبة لي أعانِي من ضيقْ الوقت..والله يشهدُ أنني أحاول ان أنجز كل مالدِي لأكتبْ لكم هذه السطُور المنهكَة من فرطِ الغُربة والبعْدْ .. الليثْ أنهكني بحقْ حتى انا لا استطِيع النومْ ـ، وأنا أتخيلُ لقاءه بأمه ؟ ، فكيفْ بكم أنتِم أحبتّي :$ .؟ أقرأوني بقلُوبكم..فالأعين لاتغنِي عن الحرف شيئًا .. , قرآءة ممُتعة !
البَارت : الخامس والعشُرون .
نلوبُ بزعانفنا في طياتِ الماء
الهواءُ يختنقُ بنا
والجالسون أمامَ زجاجِ حوضِنا الأنيقِ
ينظرون بلذةٍ لشهقاتِنا الملونةِ وهي تخبطُ السديمَ
بحثاً عن بقايا الهواء
نحن الأسماك المحاصرة في حوضِ الوطن
# لِـ المتألق / عدنْآن الصائِغْ !
في معمعة الغيَاب ، كان طيفُ إمرأة هُو ما يفجر رعونتَي ، وأرَى عقلي يهرشُ بعنفُ ، بصيحَاتٍ طويلة ، صداها يُحمل على السحب ويختبأ خلف الشمس المُستديرة ، لقد غفى الحلُم الجميل ، ولم أستيقظ انا من السبات ، انتهت كل تصوراتي التي تقول بأن الحُب لا يعاش مرتين ، وانا اقول ..الحب مرة بالعمر..والعمرُ مرةً بالعُمر ..هناك في رصيف ذاكرتي يقبع بيتُ ريفي وسط الافِ الزهور الملونة ، اخالها الخُزامى من شدة محيادتها للاخضرار..واقول لكِ كل يوم بأنكِ الخُزامى الوحيدة المدللة التي اعشقها ..تعشقين الغزل وتغادرين خجلة..لاتنظرين لوجنتيك ، فأحتار انا من ان اهيم فيهما ، فهما كالزهرتان الناعمتان..او وطنٌ تغمدتهُ الحمرة اثناء استعمار الغزل ، او حربٌ ضروس تفاقمت مع كلماتنا اثناء الحديث! ، لقد كبرتُ على ان اظل هكذا ،غريبًا وحيدًا ، لقد اخترت ان اعبر الطريق الذي اردته ، الطريق الوحيد الذي كنت اريد العبُور فيها وبشدة..الطريقُ هو انت ..فهل سيتسنى لي يومًا عبُورِك ؟ ام انك لا تستقبلين المُشاة الحفاة ؟ امثالي مثلا ؟ حفاةً بلا هوية ..لقد استقمتُ فيك ..بعدما كدت ان اطغى واكون من الخاسرين..لا اريد ان اكون شاذًا عن قاعدة الرجال..فكم تمنيتُك في الصغر..وزاد جنوني بكِ الآن ، من الجَميل ان ارتبط اسمِي باسمك اليوم ، حينمَا أتيتُ مع الشيخ لكي نربط الاسمينَ ونتوجهما بعقدِ الحُب ، بل اتوجك انا وتكوني اميرة..لمملكة ستعيشين في اقفاصها..واخالك لا تندمين على المجازفات الخطيرة..كنت اطيل السرحان في نافذتك لعلي المحك او المح طيفك ، عيناك الان اصبحت لاتشبعانني..اريد كل شيء.. المزيد ..المزيد ايضًا لا يكفيني.. هل استطيع ان اقبع المكبوت في داخلي؟ لا .. انه حلم آخر.. ان اقبعه.. اتفقنا على ان يكون لقائنا الليلة.. الليلة تحت ضوءِ القمر..نتسامر مع النجُوم ونلمح المذنبات التي تقطع السماء كمارد الامنيات ، ثم يعود الى فضاء الكونِ دون ان نشعر به ، ما اجملك ، حتى قبل ان اراك، استطيع وصفك بالجمال ، لأنني رأيتُكِ هكذا ، كاملة..كما احب , .
وبينَما انا تائهٌ في تفاصيلي رن هاتفي باتصال يقاطع افكاري ، رقم غريب ! ، لأرد : السلام عليكم .
لِـ يجيب : ماهقيت انك ماترد الجميل؟ عطيتك العنوان بيدي تبادلني بالنكران وماتروح ؟
ليث بسخرية : أصيل من يومك..وكيف تبيني اوثق فيك؟ وانا مااعرفك! وبعدين وش يضمني انك مانت من اهل الغدر ويومي اروح للعنوان اطيح طيحة مالها قومة !
أجابه بصوت حاد : وليه ماسألت نفسك الشخص اللي يعرف منهو انت مــاهو قادر بظرف دقيقة انه يبلغ عنك ؟ ..بس ليه مابلغ!,
ليث بسخرية اكبر : الله اعلم .. ابي اعرف منهو انت ..ووش عرفك فيني..
كان صوتُه مختنقًا لدقائق ثم انقض صوته الى مسامع ليث ليقول : شيء مالك مصلحة فيه!
ليث بصراحة جازمة : انت تشتغل لصالح من؟
بانكسار يجيبهُ الطرف المقابل : لصــالح نفسي..
ليث : اذا مانت من اهل الثقة..
ألح عليهِ وبرجاء : رح ولا تخرب مشوار قطعته عشانك..انت ماتدري وش اللي عانيته على ماجيتك ولقيتك..
ليث: عطني اسمك وعنوان اقدر اشوفك فيه بالاول ونتفاهم..
فأجاب : ماقدر..
ليث : اذا لا تنتظر مني رد الجميل.. احتفظ بعنوانك..
كَان سيغلق الخط لكنه الطرف الآخر رد بسرعة : لله ان تروح العنوان اوعدك ان مايلحقك ضر ..بس لا تروح عليك شقى 10 سنين تقدر تحله اليوم قبل بكرة..
ليث : ومن قال اني ناوي اروح شقى العشر السنين ؟ بس انا من حقي اعرف من انت ومن تكون ..ومن طرف من جآي؟,,
صمَت طويلاً ولم يرد ، وقال : هذي ماهي بغية ليث..الله يعين قلب امك على غيابك..
اغلق ليث الخط بغضب ، لا يعلم لماذا القدر يكدر طريقَ سعادتـه ، دائمًا مايتعمد وضع الثغورِ بين السعادة ، هو لا يتحمل ان يتكلم احد عن امـه ، لانه كل مرة يعيد سيناريو تخيل اللقاء من جديد ، وينفطر قلبه على امه ، الذي يعلم انها كل يوم لا تنام الا وفي عينيها دمعة تهديها وتمجدها للغياب ، لو استطاعت الرياح ان تحمل رائحة من نحب ، نشتمهم في حنينا ، ربما تهدأ العواصف التي في صدورنا ، ربما تهدأ !! ..
يلتفت الى بدلته ، وينظر الى الساعة ، لم يتبقى الا القليل ، القليل فحسب للقاء ، دخل الى دورة المياه ليستحم ، متناسيًا كل الحزن ،بادئًا باسم الله..صفحة جديدة اخرى ..
،
تهز رجلها بتوتر غريب جدًا وهي تنظر لعبير وسبأ يتفقان على شكلها كيف سيكون وماذا يناسبها ، وهي لازالت متوترة وفي حالة هستيرية من التوتر ، تأتي اليها عبير بلوم : شفيك تهزين رجلك كذا؟ على ايش؟ ..لاتقولي متوترة..
وريف لازالت على وضعها وتزفر بضيق : أيـه متوترة قد شعر راسي متوترة.. ولاتلوموني..
سبأ : وليه مانلومك ..ياحبيبتي العروس المفروض تصير ريلاكس..مايلزمها هالشكليات تخرب عليها احلى ايامها..
وريف باصرار : انتم مو فـاهميني ولا بتفهموني..
سبأ : بتزعليني منك..ياخوفي يوسف يشرد من يشوفك بذا الوجه العفوسي..
وريف : ان لله..وش عفوسي مع براطمك..قومي قومي وريني الفستان ..
سبأ تشير الى عبير وعبير تريها اياه ووريف تضع يدها على شفتيها بشهقة : هئ... انا البس كذا يالماصلات يالناشفات يالمعجزات؟؟؟؟ لا بالله رحنا فيها..
عبير بضحكة : هههههههههههه ياغبية وين بتلبسينه؟ بتلبسيه لزوجك ياحظي..
وريف بخجل شديد وهي لا تتخيل ان تلبسه : عنبوك شوفي ماظل شيء مابيطلع منه من جسمي..
عبير : عادي وش حليل جسمك وترتيبه ..ان كان ذاك مايتخرفن عليك..
وريف ترمي الوسادة على وجهها : صدق حريم مابوجهها سحا.. انقلعوا فارقوا انا برتب روحي..
سبأ : والله ماترتبين روحي..تبين تصيرين مهلقا؟؟..لا حبيبتي لازمك الحين خبرة ..ايادي متمرنة ومتمرسة *وتَغمز لها*
وريف : الا ايادي متفسخة من الحيا ماتعرف الذوق
عبير تمسك وريف وتجعلها تقف معها وهي تقيس الفستان : كويس..يلا روحي البسي عشان نفك شعرك ونحط لك الميك اب..
وريف تسحب الفستَان بغضب وتدخل الى غرفة التبديل لتلبسه ..بعدَ دقائق قليلة تخرج وهي مُحرجة من الفستان الذي يفضح صدرها قليلاً ويفضح ايضًا جزء من ساقها حينما تتحرك ، كان فستانها باللون البنفسجي المائل للأسود ، قطعة مخملية تنساب من جسدها باحترافية تتلائمَ مع طولها ورشاقتها ، اعطاها طابعًا بالانوثة الجارحـة ، انوثة صاخبة جدًا ، ربما لانها لم تعتد ان تلبس هكـذا .. تتقدم لها سبأ وهي تقبلها وهي تقول : ياستايلك كيف اني.. يلا تعالي خل نسوي لك ميك آب ونعدل شعرك وتصيرين بيرفكت..
وريف بإحراج : الفستان حلو بس فاضح ..ياخوك لو شافني بيقول ذي ماصدقت على الله تتفسخ قدامي..مابيه..والله مو مريحني..
عبير تبتسم : ماعليه حبيبتي كل المتزوجات يمرون بذا الوضع..بس ياحلوة هذا زوجك البسي له اللي تبين..والله اني لبست الاعظم حق فهد وصار متشقق..
وريف تضربها : وجع ماعندك بريكات..
سبأ تمسك فرشاة المكياج وتحركها بالبودرة : يلا ياعروس..كلوس يور آيس بيكوس ام قونا تو بوت ميك اب ان يور فيس.. * بحط لك مكياج بوجهك*
وريف : يطعني العنقليزي..حطي وانتي صامته يااخت العرب العصلا..
تبتسم سبأ وهي تحرك فرشاتها على وجه وريف ، ثم تبدأ معها عبير بوضع المكياج البسيط جدًا والانيق مع براعة فستانها وجمال شعرها البندقي..
،
كَانت الشَمسُ هي مَن تسللتْ إلى وجهكِ للمرة الأولَى ، تخشَى على ملامحُك الرقيقة فترسل أشعة دقيقَة جدًا لتتلامس مع وجنتيكِ الضاريتين ، كنتُ أنا اتأملك أيضًا كالشمس ..للمرة الأولى ، وللمرة الأولَى أراك هادئة كالقمر بين النجُوم ، نظرتُ لكِ كـ نظرةٌ رجل حينما ينُظر لـ إمرأة لأول مرة ويشعر بأنها له ، ابتسَمتُ في وجهك حينما كنت تعبسين وانتِ نائمة ، حتى وانتِ نائمة تعبسين ، متمردة وتضمحلين في حضَرة وجودي ، سامحتكِ هذه المرة ، لن أقبلك ، رقم اشتهائي لأن اسرق قبلة حارقة لشفتيك ، لكنني سامحتُك ، هي هواجس اتت لي ، ما ان افعلها حتى تضجين ولربما تبكين ، وانا اكرهُ دموعَ النساء ، فلماذا افعلها بكِ ؟ ، لكني اذهبي..لقد عفيتُ عنكِ ، فلماذا لا استطيع ان ابعد عيني عن شفتيك ؟ ، كل مرة اراكِ فيها اشعر بأنك انثى مختلفة ، لكن اليوم ، رأيتُ جانب مختفي جدًا من انوثتك ، وهي تلك الانثى التي لدى كل انثى اخرى .. أكان والدك يستقصد تجريحي حينما ربطنِي بحمامة بيضاء مثلك؟ هل السماء تُشبهك ؟ ام كنغمة بيانو فرطت من شدة دقة النوتة ؟ وحادت عن ديانة الجسدِ والانوثة ؟ هل اقبلك ؟ ..لقد ترددتُ ان اسامحك الآن .. ! سأخسر كل هيبتي واهديك قبلة وانتِ نائمة ، سأذنب واخيرًا وانا انحني عليك الآن لأطبعها على شفتيك .. الشفة العُليا البارزة ، لكنني ابتعدت بسرعة حينما شعرت بأنك ستستيقظين ، وأدرت جسدي عنك ثم انتصبت جالسًا على السرير مديرًا ظهري لك ، لأني لا أريد ان اراك ، فلما استيقظتي جلستي بكسل وانتي تقولين : الســاعة كم؟؟
قلتها بصعوبة بعدما ان هدأتُ ذاتي : 7 الصباح ..
لم تراعي استمراري بمقاومتكِ ، قاومتك فعاندتني دون ان تدركين وانتِي تقفين امامي ، تبحثين عن شيء تلبسينه ، بينما انا كُنت أراقب أنثى .. جاهزة .. أمامي .. غير ما يثيريني .. أن الحلال هو ما يوطد العلاقة بيننا .. فكيفَ أقاوم ؟ وهل هناك مبرر لأقاوم ؟ أشحت بوجهِي عنكِ وانا اتشاغل عنك ، وتعاندين وتسألين مرة أخرى : فطرت ؟
صمتت ثم همست : لا ..
هاجَر : ببدل ملابسي وانزل تحت اجهز لكم فطور مع ماريانا *خادمة في قصر ابو عمار *..
ذهبت أمامه كغيمة متلاشية ، إلى دورةِ المياه ، تاركةً وحل الرجولة ينقرض مع ذاته في انين داخلي مشبع بالتوهج والحرارة ، أطرق رأسه وهمس لذاته ، صبرًا خيرًا من أن أؤذيها .. ! ، خرج ونزل إلى الاسفل ، رأى سعود العزيز – ابو عمار – يقرأ بعض الاستبيانات .. ، سلم بهدوء وجلس على الكرسي ونظر مباشرة الى ما في يدي سعود ، ثم ادار وجهه ، سعود حينما رأى نظرة آدم أعطاه الاستبيان ورماه ناحيته وهو يقول : شوفه ..
آدم عقد حاجبيه : ماني حاب اشوفه .. *بسخرية* في صباحية زواجي !
ابتسم سعود لدقائق ثم اقترب ونظر بحدة الى عيني آدم : شيء يبشر !
آدم بحذر : وش اهمية بالنسبة لي ؟
سعود رفع حاجبيه وابتسم ابتسامة عريضة : وتبيني اشرح وش اهميته ؟ ماهو انت اللي المفروض تفزع وتشوف وتقدر اهميته على حسب اللي تشوفه عيونك ..
آدم يتراجع : ماني حاب اشوف شيء..
سعود يُفجر القنبلة : قدرنا نكتشف مكان ليث قبل سنتين .. ممكن هالمكان يدلنا على مكانه الحالي ..
آدم بقهر : وش مستفيده ؟
سعود : خير لـ الليث ماهو شر له !
آدم يتفاجئ من رد سعود المثير للشك ثم يقول : ماوراك شر تراني مافهم بالالغاز ..ان كان عندك شيء تقوله قوله ولا تفر براسي يمين وشمال ..
سعود ينظر لآدم لمدة لا تتجاوز الثواني ، يقاطع حديثهما وجود عمار الذي سلم على الاثنين وابتسم : السلام عليكم..
ردوا السلام ، وجه نظراته لآدم خصيصًا ونَطق : وكيف معرسنآ ؟
آدم : بخير ..والفال لك
عمار يرفع حاجبيه : تتمسخر ؟
آدم بدهشة : من يقوله ؟
عمار : شيء بداخلي ..
آدم : دخيلك لا تخلي الشيء اللي داخلك يبربر عليك .. وليه ماتزوج ؟
عمار : ربك يقول الطيبون للطيبات .. وانا مو من ذا الفئة !
آدم يبتسم بدهشة اكبر : وتعترف ؟
عمار : الاعتراف بالحق فضيلة ..
آدم : بس ربي كمل الآية وقال والخبيثون للخبيثات .. خذ لك وحدة من نفس المعدن ! تنفع !
صمت عمار في توجس من رد آدم الذي اخترق معدنَه ، فهزه .. وهز بدنه ، ظل صامتًا ينظر بسرحان الى الشيء الموجود امامه ، ملف ازرق ، وأوراق ، وبعض الاستبيانات ، لماذا لم يطلعه والده عليها ؟ أليس هذا مايفعله دائمًا ، مدّ يدهُ إليه وقال : وش ذا ؟
سعود يسحب الملف من يدي عمّار وينظر له بنظرة حادَة ومباشرة : حاجة في نفس يعقوب !
عقد حاجبيه وكتف يديه واسند ظهره الى كرسيه ، وبكل وقاحة رفع رجليه على الطاولة وقال بغضب ساخر : حلو والله .. ومن متى سعود العزيز يخبي على ولده ؟
سعود يرفع كتفيه : مابه شيء يتخبى .. بس هالشيء خاص وماله دخل بشغلنا ..
عمار بعدم اقتناع يبتسم بخباثة : غريب .. كنت اظنك تحارب على هالكم مليون اللي بتطلع لك .. طلعت طماع ودخلت في قطاع خاص ثاني..
سعود : انا وانت مانشتغل بالجانب الامني نهائيًا ، احنا نشتغل بقطاعات خاصة مع السفارة البريطانية ..
آدم يرفع حاجبه : وبالله كم تعطيكم ؟
سعود ينظر لآدم ، يصمتُ قليلاً .. ثم ينطق : فوق ماتتوقع ..
آدم بعدم اهتمام يرفع كتفيه : مابي اتوقع .. لان مايهمني ..
عمار بغضب ينحني لجهة ادم ويصفع الطاولة ناحيته ويقول : اذا ليه مانت جاي توصل لمكانه ؟ مو المفروض انك تسهل الامر بدل ماتعقده .. !
آدم بقهر شديد : قلنا لك .. ان صعب علي اوصل له بالسهولة .. لازم لي اقل شيء 6 شهور حتى ما اقدر اوصل خبر عنه .. ليث مختفي من الانظار حوالي 10 سنوات ..تتوقع بيوم وليلة اني القاه ؟
عمار بقهر يرفع سبابته بتهديد : مو شغلي.. خلال 4 شهور تعطيني عنوانه .. هذا عقد متفق عليه من السابق ..
آدم بغضب : انتم ماعطيتوني مهلة معينة .. انتم عطيتوني المجال مفتوح .. وانا باشتغل بطريقتي الخاصة ..
تأتي هاجر تقاطع حديثهم وهي تضع صينية الفطور وتنظر لكلاهما وتبعد عمار عن آدم وتقول : اتركوا سوالف شغلكم وسمو بالله خير واكلوا .. مايصير كل ما اغيب وارجع اشوفكم على ذا الوضع ..
صمت آدم الذي تشتت نظره وهو يراها ترتدي فستان زهري ناعم تتألق فيه بكامل انوثتها ، تنحني لتصب الشاي في الأكواب ، ويبدؤن بالأكل بينما هي تعقد حاجبيها بصمت متوجس ، انتبه لصمتها آدم ، رفع حاجبه واشار الى الاكل آمرًا اياها ان تأكل ، أكلت بطاعة ، ثم انسحبت ، انسحب ايضًا هو من خارج القصر ، يشعر بأنه حتمًا سيختنق ..
،
بعد خُروج سبأ وعبير ، لم يتبقى في هذه المساحة المحدودة من هذه الشقة الا هي .. وسيأتي الغائب عن دياره ليقف امامها وقفةُ حلال ، يالله .. كَمْ هذه الدُّنيَا شحيحَة ، تبخَلُ علينا حتى ان تُهدينا السعَادة كاملَة ، ماذا لو وقفنَا وكانت أمُه تنظر اليه ولِي ، وأبي يحتضنني ويوصيه علي ، كيف سيصاغ الكلام ؟ حينما أراه سأرتبك ، سينظر للمرة الأولى لامرأةٍ حلال ، تكون له بعد انقطاعٍ كاد أنْ يقتُله ، ارتباك مخيف يصيب جسدها ، وبرودة خفيفة تسري من كتفها العاري ، تمرر يدها بهدوء لتحافظ على دفئها وهدوئها ، كان الجَو غائمًا والسماء تكاد تبتلعُ القمر ، حتى القمر اختبأ .. فهل ستختبأ السعادة معه ، هل تبتسم ؟ ام تبكي ؟ ام تضحك ؟ سؤال تردد في نفسها ، وصار يحرقها من الداخل ..
سمعت صوت الباب يُفتح ، والمقبض يدار ، وقفت دون ايما ادراك ، وهي تنظر فقط للأسفل ، للأرض التي تتمنى ان تبتلعها كبذرة منسية من الغيث ، تحاول ان تشعر باقترابه لكن الخوف اعمى قلبها وصار قلبها ينبض بشكل مريب ، شعرت بالحرارة تشتعل في حنجرتها وعينيها ، رأسها ينبض كمن يطرق فيه دئبًا .. شعرت بيد تقدمها قليلا الى الامام ، هيَ يد مشعل ، لكن لماذا يقدمها للأمام .. سمعت مشعل يتمتم له ، لكنها لم تميز التمتمة ، جل ماتميزه هو لون حذاءه الاسود اللامع الذي ينتصب على الارضية الخشبية العاتمة ، الصمت فقط هو ما يجبلها على صياغة الاحرف ، .
لقد غُلق الباب ، رفعت رأسها بخوف فجأة وهي ترى مشعل يغادر ، ثم دارت بعينيها ناحيته ، ينظر اليها بحَسرة ، وبسعادة ايضًا ، هي تنظر للذي غاب عشر سنين ؟ هي تنظر للذي تبكيه امه كل ليلة ، هي تنظر لمن بكته جدتها وامها وخواته ايضًا .. فهل يستحيل عليها ان تفرح وتبتسم ؟ ، تقدم بخطواته اليها ، الصمت هو مايميز المكان ، لكن صوت خطواته شق السكون ، وقف امامها زفر براحة ، ثم رفع رأسها الى حيث يستطيع ان ينظر .. وكل مانظر اليه .. هو عينيها ، هويته !
أأضيفها الى هوياتِي الأربع ؟ أم أكتفِي بها هوية ؟ هل حينما يقال من هو الليثُ أشير الى عيناك ؟ هل استقطبت يومًا عذاب عشر السنين ، ولملمته في ليلة مغيمة وجمعته في عيناك ، هل سمعتِي عن شقائي ؟ اني أرى فيهما لهيبي وعذابي ، وسعادتي وشقائي ، لا اظنك تدركين ما ادركه ،
وتمر الدقائق وهو ينظر الى عينيها فقط ، وهي ترتجف اكثر واكثر ، وكل مافعله .. انحنى الى مابين عينيها وقبله ، استنشق انفاسها ثم وضع كفه على جبينها قائلاً :
اللهم إني أسألك من خيرها ومن خير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلت عليه ..
ثم همس بآمين خاتمًا اياها ، التفتت الى النوافذ التي تهتز بالمطر لقد نزل الغيث ، وبلل قلبه وقال لها هامسًا : حتى المطر مابخل علينا .. بارك لنا بطريقته ..
ابتسمت بارتباك من تعبيره واحمر وجهها ثم قال : محفوظة بالعين ..لا تخافي مني وحقك تخافين..طيف انسان اختفى عشر سنين وتكونين حلاله .. يامصعبها ..بس تحمليها..
رفعت عينيها اليه ودموع قفزت الى محاجرها وقالت : ماهي صعبة .. بس احس بحسرة ..
ابتسم ومسح اول دمعتين نزلتها منها وقبلهما ثم قال : لا تبكين ..مابي شيء يخرب ليلتنا ..ممنوع البكا سامعة ؟
وريف تهز رأسها بطاعة ، يجلس معها ثم يقول : ماخبري بك كبرتي..وحلويتي هالقد !
احمرت ، وحكت جبينها باحراج وهي تقول : مبروك علينا !
ليث رفع حاجبه : كمليها ..
عقدت حاجبيها بدون فهم ! ، ابتسم وقال : كلمتك مبتورة .. قولي مبروك علينا بعضنا ..
ابتسمت بخجل ، قبل يدها وهو يشمها بعمق ويحتار اهي رائحة الوطن ام رائحة امه التصقت فيها فهيجت حنينه ، قال وكأن الدموع من عينيه تعلن انهزامه ، لكنه لم يكن لسمح بها ، فقط لمعانها هو ما نبأها بأن الليث يتوجع ، سحبت كفها بقلق وقالت : لا تشمها ..اذا هي بتهيج احزانك..
هز رأسه : حقك تطلبين..بس محروم ..وريحتها تذكرني بريحة امي..
هُنا هي لم تتحمل كلامه فانفرطت في بكاء شديد وهي لا تنسى شريط المعاناة ، بعد كل هذه السنين ، يريد امه بقوة ، وامه تريده .. ما اكثر العقُوبة ، واكثر الحُرمان .. ، حينما احتضنها ابتسم وهو يقول لها : ليه تبكين ؟
وريف تمسح دموعها ، لم تكن لتخشى على المكياج ، عبير تعرف بأن وريف ستبكي لذا وضعت عليه مثبت ، كرر سؤاله وقال : علميني .. ليه تبكين ؟
وريف تنظر لعينيه بأسى : كل ماذكرت امك ينكسر قلبي عليك وعليها ..
ليث يبتسم : مابقى شيء..
احمرت بخجل من نظراته ، ثم قال لها : مابيك تبكين ..
وريف تبرر موقفها بابتسامة خجولة : غصبًا عني
ليث يمسك يدها ويضعها على صدره وهو يقول : قد قرارك ؟
وريف تبتسم له بحياء وتهز رأسها ،
ليث يتجرأ ويضع يده على شعرها المموج ويغلغل اصابعه بين خصلاته الناعمة : تدرين اني قبل كنت اقول لامك اني ابيك ؟
وريف تعقد حاجبها : ماكنت ادري الا بأن امك وابوي يبونا لبعض..
ليث يبتسم : كنت احرك شعرك بذات الطريقة واقول لامك..لاكبرت لاتقصين شعرها..ابي شعرها يطول..
وريف بخجل تبتسم : عرفت الحجة اللي كل ما اقول لامي بقص شعري تمنعني
ليث تتسع ابتسامته : زين سوت فيك
يفرك يديها بين كفيه ويقول لها : لو في يوم شفتيني بارد وجامد.. وماكنت اعرف اعبر عن مشاعري ..فاعذريني..سنين وسنين ماتعاملت مع انثى بهذي الطريقة ..وكل شيء حولي كان اقسى من اني اكون لين..
وريف تهز رأسها : مقدرة وضعك..
يحتضنها فجأة ليكون رأسها على صدره ويقول : لا تتحركين.. داخلي جحيم..قربك يطفيها
وريف بقلق تضع يدها على صدره : يارب ينور لك صدرك..عسى ان تطفى نيرانك
ابتسم ، وهذا مافعله، صوت البرق وتطاير الستائر هو اجمل منظر كان يتستمعان برؤيته ، سهروا طويلاً بين احاديث كثيرة لم تكن لتنقطع .. احاديث محبوسة في اقفاص العشر سنين .. كان قد سمح لمشعل ان يأخذ شقته ريثما ينتهي من هذا اللقاء ..
بعد انقضاء ساعات طويلة وكان الليل قد انتصف ، قبل رأسها وقال : يلا ..ريحي راسك وبعدين اشوفك..لازم امشي الحين..مشعل بشقتي وعيب في حقه اخليه طول الليل لوحده..
ابتسمت وهزت رأسها ، قبلها في عينيها وقال : الله يحفظ هالعينين يشهد الله انهن يسرون الصدر..
ابتعدت بخجل انثوي ثم وصته على نفسه قائلة : انتبه لنفسك..
ليث يودعها بنظراته بعدما هز رأسه بطاعة ، وانسحَب عن المكان ..
هي ايضًا دخلت حجرتها بانهاك ، لكن السعادة هي ماتميز شعورها..فتحت دولابها لتخرج لها بيجامة قطنية وترتديها بعدما ان مسحت المكياج ، شعرت بمشعل يدخل ، خجلت من مقابلته ، قررت ترك المقابلة للصباح ، من الواضح انها منهكة جدًا .. هل هي من السعادة المفرطة ؟ او من صدمة اللقاء !
نَامتْ ، وَحسبْ !
،
لماذا الليل يُنهكها طويلاً ؟ ودَمعُ الأم لا يهطل قليلا .. كلما تذكرت طفولته ..مراهقته ، وشبابِهْ ، ثم مرضه ، سقوط شعر رأسه بسبب العلاج الكيماوي ، ثم انتقالهم الى مستشفيات بريطانيا لعلاجه هناك ، موت والده ، وحسرته على والده ، وضياعها هي بين أحزانها وخوف فقدان عزيزها الثاني ، تذكر ايام وليالي طويلة كانت تأتي في المستشفى وتجلس بجوار رأسه ، يكون في حالة بنج كاملة بسبب الالم الذي يعانيه ، واحياانا يشعر بشلل في بعض اجزاء جسمه ، تهدأ من روعه وتتلُو على رأسه حُلو الكلامِ وأعذبه ، لترى طيف دموعهِ المنهمرة على تل خده ، تمسك يده وهي تطمأنه بأنها ستبقى معه مهما كان الدهر طويلاً ، وأن أمل شفائه ليس منقطعًا ، بعد ذلك يأتي موعد رجوعها الى الوطن لكي توفق مابين ابنها المريض وبيتها المتهالك من اغصان الابوة .. في كل ليلة تتصل تستمع الى انفاسه حتى لو لم يصدر صوتًا ، حتى قبل ان يختفي بخل الدهر عليها بصوته ، ثم رحل .. رحل ..هذا ماقد جائها ، أن ابنها اختفى ، قاتلا دكتور عام ، معتديًا على ممرضة ، والفحوص الطبية الأخير تظهر برائته ، صدمة عنيفة قد استنشقتها بزفير هذا الهواء المترب ، ماقصم ظهرها هو صك البراءة الذي اتى من كبار ابناء قبيلتها حينما اعترفوا به امام امير المنطقة ، الا عمه ، هو الوحيد الذي اعترف به وقرر ان يبحث عنه ولو بشق الانفس..فها هو يرسل رجالا بين الفينة والأخرى ..ولم يبخل بذلك مع ابنه..ليرى ابن عمه .. اليوم وحسب ..تشعر بأن ابنها يتنفس ، بـأنه حقيقة ، ليس حلمًا ولا طيف ، تشعر بالامل الكبير الذي يشدها الى لقاءه ..
خرجت الى صالة المنزل بانهاك ، صدرها ينبض ، وروحانية تسري في عروقها وهي تسمع صوت القرآن ينطلق من القارئ في احد القنوات التلفزيونية ، تبتسم بدموع ، علها تجد ذاك الظنى يبتسم جوارها مقبلا اياها ..وحيدة دون زوجها ودون الليث الذي خلفتهُ منه.. اليوم وحسب يكمل 36 عامًا .. لقد كبر ابنها وضاع شبابه ، هذا ماتتخيله ..لكنها لازالت تحلمُ بالأمل الذي يفتقدهُ من حولها ، وتبثه فيهم وكأنها هي من تصنعهُ دائمًا ..
شوق تضع وشاح صوفي وتبتسم لوالدتها لتجلس بجوارها وتضع يدها على كتفي والدتها وتقبل رأسها : مساك الله بالخير ياحلوتنا..ليه مانمتي؟
ام ليث : قلبي قابضني على اخيك..احسه موجود اكثر من اول..
شوق تبتسم : يصدق احساسك يايمه..عساه بشرة خير..
ام ليث : الله يطمن قلبي برجوعه..ليتني انام مرتاحة
شوق تعقد حاجبيها : يمه ماحبك تبكين..ليث بيرجع وبتشوفين..بس اذكري الله
ام ليث : لا اله الا الله..
شوق بابتسامة : ايه..عساني فداك بس..جدتي بتجي بكرة ويا عمي بو رياض وعمتي..
ام ليث: بيروحون العمرة صح ؟
شوق : الله يبلغنا ويبلغهم..عمي للحين مابعد يرتب لها..يبي ياخذنا وياه.
ام ليث: كلمتي بنت عمك وريف؟
شوق : كلمتها اول امس..باين عليها مرتاحة ومبسوطة الله يكمل سعادتها..وتسلم عليك
ام ليث:الله يسلمك ويسلمها ..ومشعل شخباره ؟
شوق :الحمدلله..تقول وريف انه موج اي يتأقلم مع اكلهم..مايرتاح الا على الكبسة والمندي والمفطح..
ام ليث تضحك : ههههههه من يومه اصيل ولد ابيه..
شوق تبتسم : يالله انا بروح اشوف ورعي اذا نام ولالا ..بعد قلبي امس يتوعك من بطنه..
ام ليث تعقد حاجبه بقلق: كان عطيتيه مرّة تطيب بطنه..
شوق : ماهو راضي يتنرفز من طعمها..
ام ليث : خلاص كلمي عمك الصبح يوديه المستشفى..خوفي عنده نزلة معوية زي ولد الميث
شوق : بسم الله عليه..ان شاء الله مافيه الا الخير ..خلاص باكر الصبح اكلم عمي يودينا..وماله داعي يداوم بالمدرسة..
ام ليث : انتبهي له..الحين روحي سوي له مرة خليه يشربها غصب عنه..اذا مافاد كلمي عمك..
شوق تقف باتجاه المطبخ : حاضر..
تنسحَب شوق الى المطبخ ، ولازالت ام ليث ..في مسيرة الحُلم باللقيا ، كيعقوب ، اذ كان يشم ريحَ يُوسف ، فلقاه بعدَ همٍ ووزرٍ ..
،
فِي الصباح ، تستيقظ بكل هُدوء ، تبتسم بسعَادة ، ثم تمشي الى دُولابها وتسحب منهُ ملابس لها ، تستحم ، ثم تخرج ، وتتجه الى صالة المنزل ، تجلس بجوار مشعل بهدوء وخجل اتضح من معالم وجهها حينما رأت ابتسامته ، قبل رأسها اخيها وهمس : مبروك..
وريف بهدوء : يبارك فيك..
مشعل : كيف لقيتي الليث؟
رفعت رأسها لتعبر بتأثر : الله يطمن قلبه بشوفة امه..
مشعل : آمين .. بس سألتك عنه ماسألتك عن حاله !
وريف بخجل : الحمدلله..وضعه يسر الخاطر
مشعل : الله يوفقك ويوفقه..
وريف : بتطلع اليوم ؟
مشعل : ايه عندي شغل مع ليث.. مابطول..
وريف تهز رأسها بطاعة ثم قال مشعل : جهزي العشاء لانه بيتعشى معنا ..
وريف تبتسم بخجل ثم تنصرف .. هذه المرة وقفت على البلكونة بثقة ، دون خوفٍ أو حرج ، وهي تنظر للمارة بهدوء ، ثم تراه يخرج الى بلكونته حاملا كوب قهوته ، ابتسامته كانت عريضة جدًا .. أربكتها قليلا لكنها ابتسمت بخجل ، ثم انزلت رأسها لترى الاطفال يمرون بهدوء الصباح يلعبون في الاسفل .. هو ينظر لها طويلاً ، ثم ينظر الى ذات النقطة التي تنظر لها .. ويبتسم اطول مما نظر .. تذكر بأن سيغادر الى مدينة مجاورة لكي يذهب الى عنوان الممرضة .. اتفق ان يبقى في السيارة على بعد كيلومترين عن عنوان الممرضة ، ويراقب مشعل من بعيد ..حتى لا يكون في المصيدة .. وحينما يكون الوضع آمنًا .. سيحل كل شيء.. وذات الرقم الغريب يتصل : الو
ليث : وعليكم السلام !
: ماصرت اوثق باللي حولي..اكتشفوا لك تحركات قبل كم سنة..لازم تختفي او انك تروح لعنوان الممرضة تلاقي برهانك واثباتك ..
ليث بحيرة : وش اللي جابرك تعطي العون من دون ماتقول من انت ؟ ماتبي ينرد لك جميل بيوم؟
: مابي الا عطية رب العالمين..
ليث : من تكون ؟
: صعب اقول
ليث : وش الصعب فيه ؟
: ممكن اروح فيها لو قلت
ليث : طيب تعال نتقابل ..
: بتروح للممرضة ؟
ليث : ان ربي يسر !
يصمت الطرف المقابل ، ثم يبادر له ويقول : عطني موعد.. أنا بتكفل اني أأمن لك حماية..
ليث : من تكون ؟
: عبد ربي..
ليث : كلنا عبيد الله.. خايف توقع بي !
: انا اعرف عنوانك اللي ساكن فيه..وش اللي يضرني ماابلغ عنك الحين؟ غير اني ابي اساعد وبس..
ليث بقلق : انت من طرف يوسف الهزاع؟
: الله يرحمه..لكني ماني من طرفه
ليث : متى اقدر اقابلك..
: ليث..انسب وقت تروحه بعد صلاة المغرب ..لان دوام الممرضة آخر ليل
ليث : فمان الله..
اغلق الخط ، وقرر الذهاب ، هل في المجهول يبقى ؟ ام ان يتقدم خطوة عن المجهُول ؟ سلم قلبهُ الى ربه ، وتوجه الى الاسفل ، وهو يرى مشعل يخرجُ توا من فندقه ، مشعل يلوح لليث الذي توجه له وبادره السلام ..
مشعل : شفيك ؟ مانت على بعضك !
لا املك الكلام ، لَقدْ فرطت مِني الأحرُف النَكراءْ ، لقد عُشت وهم الليثِ وكنتُ سأفقدُ الأملْ ، لولَا ان السماء امَطرت وأخبرتْني بأن هُنالكِ خالقٌ لا ينَسىْ ، لكُنتْ جننتْ ..والله جُننتِ ..بعثرت الاحرف المُتزَاحمة على حلقِيَ الجافْ وهمَستُ في "توجسْ " ، بأن الذي في صدرِي هو مكبَح خيرْ ، تذكرت بأن لي حبيبة أعُود اليها ، وهذا أمل ، تذكرت بأنّ لي والدة تفتقدنِي وهذا املٌ " ثانٍ " ، تذكرت بأن لي أخوة وعم ، وعِزوة ، وقبيلة " وهذا املْ ثالث "! ، تذكرت بأن لي الله وهذا كل ما املكُه من *الأمل* . سؤالْ مشعل يتراود في نفس طويلاً على سيوف الامل تقطعه ريبته ، أردفت بحيرة : لازال يتصل ويقول انه يبي يساعد..كلامه منطقي ومو منطقي..
مشعل : خلنا على خطتنا..مابيك تعرض نفسك لاي خطر..باذن الله ماوراه الا الخير..
قطع كل افكاره سؤاله المفاجئ : وريف شـ حالها ؟
ابتسم مشعل : الحمدلله..بأفضل مايكون..تأمرنا عليها شوي
ليث بابتسامة : مانسمح!
مشعل : لله ؟
ليث يرفعَ حاجبه : املاكنا بعد شتبي ؟
مشعل يضحك :هههههههههه ، قلنا لها تسوي لنا عشا ..الوكاد انك بتجي ولا ننسحب ؟
ليث : الوكاد اني بروح وبقلعك..
مشعل يبتسم : لله ان تقول الصدق لله ؟
ليث : شبلاك يارجال ابلشتنا..خلاص بتجي هالحين ولا اتيسر؟
مشعل يضحك على اضطراب ليث : هههههههههه لا جيتك..
دخل الى سيارته ، وليث معه ، وتوجها الى العنوان كما هُوَ مكتوب في الورقة ، لم ينسيا اخذ جهاز التسجيل لديهم ..حيلة سيضطرون لفعلها ..من اجل نجاتهم ..
انصرفُوا الى حيثِ الوجهة ، ونبضات ليث ، تتصاعد بمعدل غير طبيعي !
،
على بعد 40 كيلو متر عن مدينة كامبريدجْ .
تَصل سيارتَه السودَاء ، وتقف تحت الاشجار على بعد كيلُو مترين عن عنوانِ المُمرضَة ، خلفيهمَا سيارة باللون الأبيضْ لم ينتبها لها ، ولمْ يُعيرانها اهتمامًا ، كانتْ المَدينة اكثر مما يُقال عنها بأنها هادئَة ، فقط صوت نسيم الريحْ هو ما يداعب كور القش ويدحرجها على قارعَة الطريقْ ، كانَ صامتًا لا يعرفُ مايقُول ، قلبهْ يهتز بمُجرد صيحة تطلقها نسمة الهواء الباردة ، يخاف ان تطُول رحلة العشر سنينٍ إلى أضعافها ، فهل تكفهر عنُه سبل النجاة ويكُون من البائسين ؟ ليثْ " ليث " .. "ليث" .. صوتُ اسمه يريد أن يسمعُه من شفتي والدتهِ ، وعلى خده ترنُو ترنيمة كفها لتمسح ما يحبسهُ من دمع .. فهل سيبكِي عندَ لُقياها ؟ أم سيبقى من الصامدِين ؟ بُعدًا لذلك ، فهل يصمُد المجنُون عن حضنُ امه ؟ يشعر بأن جبينه المتعرق سيذُوب من حرارة رأسه ، عيونه المباشرة قررت ان ترتجف لحظة ما ، كل شيءٍ هنا يذكرهُ بالأمل ، وبالخوف ايضًا ، هل المجَهُول ينفع ؟ ..من تذكر في هذهِ اللحظة ؟ * يُوسفْ * هو من يتذكره .. يتذكرهُ ويتمنَى ان يكُون معه في هذا الموقفْ الصعب جدًا .. التفت اليه مشعل بعد لحظات وقال : سم بالله ومالنا إلا الخير.. انزل ولا ابقى يابو السيف؟
ابتسم ليث بألم ، ثم همس بصوتٍ بالكادِ يُسمع : انزل .. بس تركد
مشعل يهز رأسه وكان سيفتح الباب لولا يدْ ليث التي امتدت اليه ثم قال : انتبه حولك وبمجرد ان تحس بأي حركة ارجع .. وان كان الوضع امان فأنا بنتظر تلفونك !
مشعل يهز رأسه ويغادر ، يلتفت يمنة وشمالًا ، يراقب الوضع من حوله ، وكل ما حوله هادئ جدًا ولا يوحي بالخطرْ .. في الورقة التي بيده ينظر اليها ثم يعيد النظر الى رقم العنوان ، ويتأكد مرارًا بأنهُ هو العنوانُ المنشُود .. يطرقُ البابَ مرارًا!! ، هل سيفتح؟ ، ويُحلّ الموضوع برمّته ؟!! ، دقائق معدودَة ، تخرجُ فتاة شقراء بملامح آسيوية ، يتوقع أنها لأب امريكي وام صينية ، تعقد حاجبه بغير معرفة قائلة : من انت ؟ هل استطيع خدمتك ؟
مشعل بتمثيل يحك رأسه : أجل سيدتي ، لقد تعطلت سيارتي للتو ..وهاتفي المحمول قد انتهت بطاريته ..هل استطيع الاتصال بصديقي ؟
الفتاة تبتسم : بالتأكيد سيدي تفضل..
يدخل مشعل الى الداخل وهو ينظر للمكان المُرتب بتماثيل للمسيح وصور لأبناء عائلتها ، ركز في احدى الصور التي لفتت انتباهه كثيرًا .. صورة ادهشته بالفعل ولم يعلم مامناسبتها ، يُريد ان يصرخ فيها لكنُه لا يستطيع ان يُهدم ماقد تم تشييدهُ ، الممرضة انتبهت لسرحانه وقالت له عن مناسبة الصورة : هذه الصورة مع مريض عربي مصاب بالسرطان ..كانت مناسبته نجاح عمليته..
تقدم مشعل بجراءة الى حيثُ تقبع الصورة ونظر اليها طويلاً ثم قال : ومن هذا الطبيب ؟
الممرضة بحزن : انه الطبيب العام الذي اعمل معه..لقد مات بسبب مريضه الذي انقذه..أرأيت كيف يرد العرب الجميل ؟
لو كان بركانًا لانفجر ، يالوقاحَتهم ..كيفَ يستطيعُون تظليل الناس بهذه التهم الواهية والغير صحيحة ، طلبت منهُ الجلوس لتحضر الهاتف له..جلس بغضب مشمئزًا من المكان مقهورًا منه..هل هذه الممرضة حقًا تعمل في تهريب الاعضاء البشرية ؟ هل لازالت تعمل في هذا المجال المقرف ؟ لا جواب يأتيه ، سوى انها طلت بالهاتف تمده له..
يتصل بليث وبلكَنة عربية : تعال هالحين..ولاتنسى جهاز التسجيل..
أغلق الهاتف وابتسم ابتسامة مصطنعة : من حسن الحظ انه قريب من المنطقة ..سيأتي قريبًا..
ابتسمت له ثم قالت : هل تشرب الشاي سيدي ؟
مشعل يهز رأسه : لا .. شكرًا لك ..
دقائق طويلة ..لأكثر من عشر دقائق..وهو لازال ينتظر قدُوم الليث ! فهل سيصل ؟
،
شعر بتوتر شديدْ ، وفقًا للتمثيلية ، لابد ان يبقى لمدة لاتتجاوز العشر دقائق ، ثم نزل من سيارتِه متقدمًا بجهاز التسجيل .. ، واضعًا اياهُ في جيبه ..وهو يتقدَم الى مصيره وكل ماتقدم خطوة زادت نبضاتُ قلبه ، رفع رأسهُ الى السماء ، اطلقت شفتيه دعوة قصيرة : اللهم فرج عن عبدك همه..!
تقدم الى الباب وطرقَهُ عدّة مرات ، لتفتَح لهُ الممرضة التي عرفها بمجرد ان نظر اليها، لكنها لم تعرفه!!!
وعلَى بعد 8 متر ، وصل حاملاً سلاحه ، لاحقًا بالليثْ ، لأنه متوقعًا ماسيحل من احداث، فقرر الانتظار ، قليلاً .. حتى يدخلُ الى المكَان ومن هذه النُقطة يستطيع حماية ظُهورهِم دُونَ ان يعلموا به .!
داخل المنِزل .
ليث الذي يكاد ان يخنقها بألم وقهر ، تجَاوزْ كل ما يملكه من شعُورٍ يقتلهُ ، ثم قالْ : مرحبًا سيدتي.. السيد ميشيل بالداخل ؟
ابتسمت : اجل ..تفضل..
تقدم للداخل ونظر لمشعل نظرة متفحصة ، أومأ مشعل بعينيه ، ثم جلس على الاريكة ..والى مانظر مشعل نَظر ، وجَدْ صُورته ، مع الممرضة والطبيب الذي كاد ان يقتلهُ ، وشعر بحرقة كبيرة تملأ روحه من هذا المكان .. حتى لما قدّمت له الماء شعر به يغلي في روحه ، ليشرق به بمرار ويسعل.. ثم بعد ذلك يعود لوضعه الطبيعي..
مشعل يهمس بتلاعب : ماهو عملك سيدتي ؟
الممرضة : تمريض!
مشعل : هل تعملين عملًا جزئي آخر ؟!*بنبرة مقصودة* أعني..هل يمكن ان تجمعين كل هذه الثروة من مبلغ التمريض ؟
الممُرضة بتوتر : ماذا تعني ايها الرجل؟
ليث بذكاء : انهُ يسئل ان كنتي تشغلين مجالين من العمل ..
*انحَنى ووضع يده على ركبتيه وشبكهما مع بعضيهما البعض وقال * : تستطيعين اخبارنا عن ذلك..
الممرضة بقلق : مالذي تقولانه ..هل انتم من الاستخبارات المركزية ؟
ليث يبتسم لمشعل : بالطبع لا .. لقد ابلغنا السيد وينستر عن عملكما الجزئي *المستشار الذي يعمل في تهريب الاعضاء* .
الممرضة : اللعنة..هل فعلها حقًا ؟
ليث يبتسم براحة وخصوصا ان جهاز التسجيل يعمل دون علم الممرضة : هل تعملين حقًا في تهريب الاعضاء البشرية وتزوير الوصية ؟
الممرضة بارتباك واضح على ملامحها : لماذا تسئلان مالذي تريدانه ؟
ليث بوضوح : نحن نعلم طبيعة عملك ..لذلك نريد معرفة كل شيء ..
الممرضة بكذب: انا لا اعلم مالذي تقولانه ..انه مجرد ترهات
ليث ينظر لمشعل : يشهد الله ان كلامها مانزل الله به من سلطان.. *ثم يعود الى اللغة الانجليزية ويتحدث بطلاقته * بالتأكيد تعلمين ذلك..لقد رأينا مقاطع كثيرة لك مع السيد وينستر..في معمل التشريح تهربان بعض الاعضاء للاستفادة من المبلغ..
الممرضة تضيق عينيها : ولماذا تسئلان عن ذلك..مالذي تستفيدانه..
مشعل يبتسم بسخرية : نريد ان نعرف بداياتك..*أشار الى الصورة التي تقبع على مكتبه*وخصوصا مع هذا المريض..
الممرضة تقف بارتباك وبغضب : ان لم تخرجا سأطلب الشرطة..
مشعل : سنضطر اذا الى استخدام السلاح معك..وهذه ليست من طرق تعاملنا مع امرأة !
الممرضة بغضب : مالذي تقصدانه من حديثكما ؟ هل انتما من العرب؟
ليث يشعر بأنه يموت تدريجيا ، مع كل كلمة تنطقها ومع الحديث المحتدم ثم همس بغضب : امامك دقيقتان فقط..والا ستكبلين الى السجن..لدينا تهمة ضدك وهي تهمة تهريب الاعضاء..نريد اعترافا كاملا عن الذي فعلته مع المريض..
رُبط لسانها ولم تعرف ماتفعله..الذي فعلته بأنها سحبت المزهريات وبدأت ترميها على مشعل وليث بشكل جنوني تثير منها الفوضى ..بعض المزهريات كسرت النافذة الزجاجية التي تطل على حديقة المنزل.. مما اقلق الرجل الذي يحمله سلاحه بالخارج..
يدخل بصدمة فجأة وهو يوجه ناحيته السلاح الذي بالحقيقة هو سلاح فارغ لكنه يستخدمه كحيلة للايقاع بهذه الممرضة العنيدة ..حينما رأت السلاح موجه لها صمتت بخوف شديد وهي تجلس برعب.. ، مشعل ..ليث..هما طرفان مصدومان بالفعل..من الرجل الذي يقف امامهما يحمل سلاحًا ..يتقدم رافعًا حاجبيه ويقول : جاسيكا ويسبر..ممرضة في احد المستشفيات البريطانية..تعمل في مجال التشريح وتهريب الاعضاء البشرية..للحصول على مليارات تافهة..استخدمت احد حيلها الخبيثة للايقاع بأحد المريضين العرب في الازمة البريطانية..للحصول على بعض البليارات..وكان المريض ليث المالك هو احد الضحايا..اليس كذلك ؟
ترتجف بصمت ، ليث ينظر للرجل الذي يلتفت اليه ولازال السلاح موجهًا على تلك المرأة ثم همس : صدمتك..بس ماني من اللي يغلوك بطعون خلف ظهرك..
ليث بفخر : عز الله انك من زين الرجال..
آدم بابتسامة : الله يقويك..
ليث يتوجه اليها ويكمل كلامه : مالذي فعلته ؟
الممرضة بحزن : لقد قام السيد وينستر برشوتي حينها للعمل مع الطبيب العام في تخدير بعض المرضى ..منهم العرب والسود اثناء العنصرية ..ووقع الاختيار على هذا المريض العربي..فوجئنا حينما تشافى من السرطان..قررنا باليوم الذي بعده حقنه ببعض المواد الكيميائية السامة ينتج عنها شلل في عضلة القلب ومنها يصاب بحالة الوفاة..لكننا فوجئنا به قد سمع مادار بيننا انا والطبيب العام وقام بالدفاع عن نفسه.. وبدل ان يحقن الطبيب العام ليث..قام بحقن نفسه عن طريق الخطأ وهو يحاول الامساك بليث..
هل الألم هُو مايختزله ؟ هل وصل .. هل انتهَى ماعانى منه ..والذي حصل قد حصَل ؟ انه مُجرد حلم ، ستنقضي هذه السويعات وسيستيقظ ، هذا كثير يا الله ..هل تُعطِي عبدك ما أرادُه ، ؟ هل ترزقنِي باللذي كنت انشدك فيه.. *الحُرية * ؟
والجوَاب كان ...
- انتهَى البارتْ , أذكرونِي بينَ دُعائكمْ * .
|