كاتب الموضوع :
غَيدْ
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .
السلام عليكم ورحَمةُ الله وبركَآتهْ ،
ماتِعرفُوا فرحتِي قدْ ايشْ بتوآجُدكم معِي ودعمُكمْ لِـيْ :$ , اللي انضمّوا لنِا يَ فرحتِي بوجُودكمْ :$ , الله يجازيني وافرحكم مثل مَ فرحتُونِـي ، البَارت يبي له بريكَات ، يعني شوي شويْ وانتم تقرأونْ ، وبالنسّبة اللي يقُول اني صايرَة شريرة هالفترة ، ماعاشْ من يكون شرير عليكم $: ..
بس الاحداث لازم تتماشَى على وتيرَة وضعتها انَا في مخطط الرواية الزمني .. واللي يقُول اني استعَجلتْ بكشف هويّة ليث لـ مشعل .. الرواية مو متوقفة على اكتشاف هويةة ليثْ :$ ، في ألف حدث وحدث راح يصير ومشوارنا بالرواية مطّول.. وراح تكشف لكم الأحداث اليومْ ان مشوآرنا ابتدأ مو انتهَى .. :$ , وقررت اني احط من بعَض التصاميمْ اللي اشتغل عليها فِـي روايتي كمعنَى تعبيري للبَارت :P ..,
البَارت إهدَاء لِـ الجَميعْ ، ولعَزيزَة على قلبِـي ، :$ .
البَارت : الواحِد والعشُرون .
ومضيتُ أبحثُ عن عيونِكِ
خلفَ قضبان الحياهْ
وتعربدُ الأحزان في صدري
ضياعاً لستُ أعرفُ منتهاه
وتذوبُ في ليل العواصفِ مهجتي
ويظل ما عندي
سجيناً في الشفاه
والأرضُ تخنقُ صوتَ أقدامي
فيصرخُ جُرحُها تحت الرمالْ
وجدائل الأحلام تزحف
خلف موج الليل
بحاراً تصارعه الجبال
والشوق لؤلؤةٌ تعانق صمتَ أيامي
ويسقط ضوؤها
خلف الظلالْ
عيناك بحر النورِ
يحملني إلى
زمنٍ نقي القلبِ ..
مجنون الخيال
عيناك إبحارٌ
وعودةُ غائبٍ
عيناك توبةُ عابدٍ
وقفتْ تصارعُ وحدها
شبح الضلال
مازال في قلبي سؤالْ ..
كيف انتهتْ أحلامنا ؟
مازلتُ أبحثُ عن عيونك
علَّني ألقاك فيها بالجواب
مازلتُ رغم اليأسِ
أعرفها وتعرفني
ونحمل في جوانحنا عتابْ
لو خانت الدنيا
وخان الناسُ
وابتعد الصحابْ
عيناك أرضٌ لا تخونْ
عيناك إيمانٌ وشكٌ حائرٌ
عيناك نهر من جنونْ
عيناك أزمانٌ وعمرٌ
ليسَ مثل الناسِ
شيئاً من سرابْ
عيناك آلهةٌ وعشاقٌ
وصبرٌ واغتراب
عيناك بيتي
عندما ضاقت بنا الدنيا
وضاق بنا العذاب
***
لِـ المتألقّ : فارُوق جويدَة .
عينَاي محاجِرٌ خائفَة ، ترتعِدُ مِن الشوقْ والنحِيبْ ، زمنِي خئونْ ، رمـانِي على دهرٍ ثم نسَانِي ، غيّرنِي ، افتَرسنِي ، انتَهكنِي ، صبّ علي جَام غضبُه علِيّ ورحل ، تاركنِي بلا هوية ، بلا حرّية ، بلا اختيَار ، بلا مصِيرْ ، بلا امانٍ وارتِياحْ ، غربنّـي عن الأحبّة ، جعلنِي أسيرَ هواهُ دون رحمَة ، دون عطفٍ على رجل جهنمّي مثلي ، وقوفِـي أمامك يامشعل يقتلنِـي ، ردي مربوط ، معتكف فِي ديارِ هوانـِي ، قتلتَ أحلامِي يا مشعَل ، قتلتَها ، قتلتَنِي دونَ رحمة ، لماذا اكتَشفتنِي ، ليتَك يومًا لم تكُن ، أو ليتنِي لم أكنْ ، او ياليتنَا كنا وما كنّا هُنا ، قلبِي يشيِ بالألمْ ، نبضاتُه طبول قارعَة لم تتوقفْ منذُ فترة عن النّبضْ ، عينَاهُ تهجرانه ، تتفحصانِي دون رحمَة ، يخالنِي الدهر أقوَى من مبالاتِـي وإدراكِـي ، لماذا لم أكمل اهمالي لذاتي ، لماذا ظهر مشعل وظهرت اخته ، وظهر وليد معهُم ، لماذا يموتُ القدَر في اعينُهم وأحيَا أنا في هُجرانِهم ، لماذا أبيتُ الا أن اعترفْ ، قتلتمونِـي ، وزعتمونِـي الى اشلاء ، بعتم جسدي ، وهويتّي العربية ، مسلُوبٌ إبنُكِ يـا أمّيْ ، أينَ عيناكِ يا هزيمَة ، ليتَكِ تشعُرينْ ، تقدّمتُ بغضبْ الى مشععل ، ثورَة عظيمَة عنّفتنِي حتّى تقدمتُ إلِيـهِ ، انتشَلتُ الأوراق مِن يديهِ بغضبْ ، قمت بتقطيعها امام عينَاهِ أربًا اربًا .. تنَاسيتُ شعوره ومن يكون ، دستُ على شوقِـي وثارَ قهرِي وانا اقُول : ليــث انتهى .. ماله تاريخ ينذكر ، وماله تاريخ ينعاد .. ، ليتَك كُنت تعلم يـا مشعل بأني اموت وانا انطق ، بأني انازع وانا اموت في نطق كلماتٍ صعبة تهشمني بقوة ، غريب انا ، لا اعلم لماذا انفجرت فيك ، وانت يرتفع صدرك بقوة ، شهقاتهُ مسموعـه ، مصدوم بقوة اللا مصدقين ، عينَاك ستدمعان ، محمرتّان ، غيرَ واعيتان ، دفعتنـي بغضبك وثورتِك ودموعك الى الجدار وانت تضرب صدري بقوة
وتلومُه غير مهتمًا بـي وتقول : انت لــــــــــــــــييـــــــــث لا تقابلـــني بــــــالنكران ..
أنكُر ؟ ، أوهل بـقي مجاال ان انكر ! لا يا مشعَل .. انا لن انكر .. اطمئن ، لكني ابيت العودَة ، أبيتْ ، أبيتُ أن ارجع ، أتعلَم لِـماذا ؟ ، لأني أخافُ ان أرجع ، فأخسر الليث قبل ان القاه فأجبتُ بهم لَك : ياليته مات قبل ماتنطق بإسمه !!
ضربتني بجنون وقهر على صدري وانت تصرخ علي وتبكي غير مصدق ، نزعت الشارب الاصطناعي وبانت ملامحي ، وكأنك لم تعرفني ، لقد صدمت لأنك رأيت ملامحي ، وزدت في الصراخ ، تارةً تختار حضني لتشمه وتحتضنني ، وساعة تضربـني وتصرخ بقسوة وخشونه ، وانا هناك مجرد بابتسامة جانبية عابثة ، صفراء وساخرَة ، ليتنِي كنت أخبث لأبتسم بخباثة ، لكني كنت أتألم ، وانهيارك يفضحني ، ليت الدموع تنهَار ، ليتنِي اذود الآن ، لازلت تعتب وصوت بكائك المسموع كان يشعل نيراني ، تبكي وتبكي دون ان ترحم وتضربني وتصرخ وانت تقول : ليـــــه ؟؟؟ ليه ماتكلمت وقل انه انت .. وامك ؟؟ واهلك ؟؟ خواتك ؟؟ عمك ابوي اللي تعب وشقى سنينه عشــانك ؟؟ قابل اللي ما يتقابل عشانك ،، بنت عمك ..اختي اللي انطعنت في شرفها بذنب انها بنت عمك .. انا اللي ياما شربت العلقم عشانك وسكت وتصبرت .. عشان ماتبي تقووول انه انت ولا تريحنا *ضربتني وصرخت بآه ، تريد ان تسبني ان تضربني اكثر لكنك كنت تبكي ، بكاء غير المصدقين ، بكاء نهارهُ طال لِـ عشر سنوات ، لست مدينًا لأي منكم عدا امي ، فأنا مدينٌ لها بـ عشر سنواتْ مِن عُمرِي *
كم نبدو ضُعفاء جداً حينما نخشى أن نواجه أنفسنا .. أن نهرُب من كل شيء قد يُرغمنا على البوحِ بأشياء لا نريدُ لأحدٍ أن يسمعها أو يقرأها .. أحياناً ولضعفي الشديد .. أعترف بأني أخشى كثيراً أن أكتُب لأني لا أُريدُني أن أقرأ ما كتبت ..مضت الأيام سريعاً .. أسرع مما ظننت .. وأسرعَ جداً مما ينبغي لها .. مضت هكذا دون أن تسمح لي أن أستوقفها بلحظة .. أكتبها .. أصوّرها .. وأخبّئها في جيبِ ذاكرتي، كل شيءٍ حولي كان يجري سريعاً .. إلا أنا .. كنت كالعاجز تماماً عن اللحاقِ بهم .. شيءٌ ما يقفُ بيني وبينهم .. صوتٌ ما يصرُخ برأسي .. يُعيقُني عن سماعِ أصواتهم التي تُناديني من بعيد .. و عُتمةٌ شديدة تمنعني عن ضوئهم الذي يخترقُ عيني و يُبدّدُ ظلاماً يُحيطُ بي حين وحدتي ..هذا ماكُنت أعانِييه ، هذا ماكان يؤلمنِي ويؤرقنِي ، يقتلنِـي ويبدد انسانيتي ويجعلني وحشًا ، ازدادت قسوة مشعل وثورة غضبه ، تقبلتُ ضربه ،، وبرحابة صدر !! ، لكن في النهاية ، وفي ظرف ثانية ، تبدلت الادوار ، لأجعلهُ مكانِـي ، ليكُونَ مستندًا على الجدار وانا امامه ، واكتفُ يديهِ وانظر لعينِيه وانا اصرخ: مشـعــــــل .. خلاص .. اهدأ ..اسمعني خل اتكلم .. * نظر الي وحاول .. لقد حاول ان يتماسك ، ثم همست * اتكلم ؟
هز رأسه وهو يتنفس بقوة ثم قلت بألم شديد ، كان قلبي يريد ان يطير ، لقد اصبح نِصفُ حرًا ، لكني وضعت يدي على يساري صدري لأطمئنه بأن الباقي سيسعده اكثر ، استعَنتُ بالله وكانت عيناي تلمعَان شوقًا وقلت له : حــاولت اقولك ، حاولت المح لك ، افضح نفسي قدامك واقولك يامشعل انا ليث.. معقوولة ماعرفتني ؟؟ لكني سكتت .. وش بيكون موقفي لما انت تعرفني باسم يوسف وفجأة يوسف هذا يكون ليث ؟؟ بأي وجه انا اقدر اقابلك !؟ ، وثاني شيء كنت محتاج لقوة حتى اوصل لأشياء كثييرة كنت ماوصلت لها الحين .. اعترافي لك راح يسبب انهياري..راح انسى الشيء اللي انا اطمح له وهو هويتي..وراح اكتفي بوجودك جنبي ..وارضى بقضائي وقدري.. وانا فعلا ..تعرضت لـ هالشي..قبل كم يوم جيتك وقلت لك ليث مامن وجوده امل ..تحملت ذل وقهر وغربة وبرد ووحدة .. والالم والقهر اللي بصدري ماطفت نيرانه الا يومني شفتك .. بس بعدما شفتك اشتعلت نيران بقلبي اكثر من قبل .. حاولت اتحمل وانسى اللي صاري ، لكني ماقدرت اتحمل غربة اكثر ، لذلك نسيت ، او تناسيت نفسي ، وتجاهلت ذاتي ، وصار ليث وجوده وغيابه معي مايسوى شيء ، عنبوها من غربة يامشعل..فتت قلبي بكل مافيه .صمت وعيدت ولبست واكلت وشربت لوحدي ، من غير اهل واصحاب ، توي قبل كم شهر شفت فهد ، وشفتك وشفت وليد ، لعنت بليس الف مرة ومرة حتى ما انهار..بس الحين طاح حيلي..وشاب راسي ..
ليتك كنت ترد ، كنت صامتًا وعيناك تلمعَان ، احمرار انفك ينم عن كتمك لدموعك التي كانت تبوح وتثرثر ، يرتجف جسدك بين كل فينَة والأخرى ، غير مصدّق ، حزنك كان يناقض سعادتك ، وتذكرت امي لتقول : ياصبر امك ياصبرها !
ابتسمت بسعادة جريحَة ، كطير بلا أجنحَة ، : امي ياحلو صبرها .. وش مصبرني غير اني داري انها باقية تنتظرني ..
أردفتَ بألم : وانت ..كِـيف صبرت ؟
[لِيث : [ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ،
وبعَد جوابِي لكَ استكَان قلبِك لِـ تقول : والنّعمْ بالله وبقدره .. هزمني صبرك قتلني ..ماتخيلت نفسي في مكانك لاني بموت مذبوح او بيضعف ايماني بربي !
ليث : الغربة قوت ايماني ، ماهي فرصة حتى انسى اللي خلق !
مشعل : كيف كنت تنام ؟؟ تاكل تشرب ؟؟ كيف كنت تصلي ورا جماعة ؟؟ تعيد مع مين ؟؟ تتكلم مع مين ؟
خنقتنِي غصّاتِي ، متراكَمة على حُنجرَتِي تريد ان تعبث وتخرج كـ الدّموع ، كبّتها لـ تخرج الأحرف بقسَاوة مِن فاهِي وتشِي بأسرارِي الدفّينة : مع السماء والطيور
مشعل رفعَ عينَـاه : غريب أمرك يا ليث ؟
ليث بألمَ : لا تقول ليث.. صعب اسمع احد يناديني.. انت اول من يناديني .. من بعدها !
مشعَل بِـ دَهشة : من بــعد ميـن ؟
ليث : من بعد كحيلة عينكم ..
مشعَل بلا تصدِيق وبصدَمة : و .. وريـ..ـف ؟
قمت بهزّ رأسي ونهَض بغضب وهو يتكلم : تسوون اللي تبونه وانا آخر من يعلم ..
توقفّتُ ناحيته وقلت : وش بتسويي لها ؟
مشعَل بلا وعِي بذاته : بذبحَهـا ..
اجلستُه بقوة الى الأريكَة وانا اقول : مانت بطالع من المكان الين ماتعقّل !
مشعل بقهر : كيف كانت كاتمة وماتتكلم .. وكأن ماشيء صاير..كلكم تعرفون وانا اخر من يعلم ..
ليث : اختك كانت بتفضحني .. سكتتها عشان المصلحَة العامة ..
مشعَل بسخرية : مصلحة عامة ؟ على ولد عمك اللي قلب العالم عشانك !
ليث بابتسَامة : ماللنسّاء رب يامشعل.. اختك كانت بتوديني لسهـيل ..
أجبتني بألم : ليتها ودتك لسهيل يمكن لقيتك .. حتى سهيل نبشنـا فيه ومالقيناك
يبلعُ غصّتُه ، مرةّ هِي الغصّاتْ ، يعَجزْ فِيـها ان يبُوحْ ، يعَجزُ فِيها عن الثرثَرةْ ، الكلمات مكتظّة فِي حُنجَرته ، تتحشرجُ حنجرتُه غالبًا بكلمَات حادّة تغوص في عُمق ذاتِه ويجُيب بانكسَار : ماكنت ابي اشوفك..خربت علي يامشعل مشوار عشر سنين من عمري..
مشعَل يجيب بقهَر : لاتحط اللوم علي..قل لن يصيبنا الا ماكتب الله ! ، واللي صابك الله كاتبه لك وعليك.. وصدفتي بك المفروض تكون حافز لك مو ضدك..
ليث بقهَر مضاعفْ : مو لأمثـالي ،كنت متمسك بهويتي ..بشخصي وذاتي اللي ضيعتها من سنين .. يومه شاب راسي جيتني يامشعل ؟؟ ..شوفتك كسرت لـي ظهري..
مشعَل بتوتّر حانقْ وغريبْ : وش الحل ؟ .. كيف نقدر نطلعك من اللي انت فيه..
وقفّ يصدْ ، يقابل مشعَل بظهرهْ ، يعصر اصابعه في قبضه يده ، يعضّ على شفتِيه بقهَر ، ضامن جدًا بأنه لن يعض على ابهامه ندمًا ، لأنه اختار قدره ورضَي به : هذا قدر ان زعلنا وان رضيـنا .. ادفنوني وعلى الله يرجع الحـال
مشعل يتوجّه بلا تصديق الى ذاك الذي يتكّلمْ بالكِبَر المزعُومْ ، وبـ الهمِّ المُختنِقْ ، ليتحدّث بشفافية سودَاء لا تليق بطُهرِ ذاتِه ، لفه لِـ ينظر الى عينَاهُـ ، يغوصُ فِيها ظلامُ ليلٍ حالك~ ، ينَاجِي عينَاهُ كثيرًا ، عيناه اللتان تغوصَان فيه وتفضحانِـه من الداخل الى الخارجْ ، احتَضنُه لِـ آخر مرةّ ويقُول : لو تختار قبرك وتموت..ماتركتك حتى للموت وانت بيدي .. احلم على قدك يالليث.. ماهو انا اللي يتركك .. انساها يابو الصقر ..
انسَحبّ عني ويالَيتُه مَانسحَبْ ،، رحل تارك لِـي بقاياْ ألملمهـا ،سجُون الغربة قيدتنـي ، لم اكن اعلم بانه كان يحتضر مِن الم الشوق امامِـي ، يتزلزلُ كيَانُه دون أدَنى عطفٍ او رحمَة ، كيفَ المصِـير يا إله المَصير ؟ دلّنِـي على مخرجْ مِن مخارجّ النور ، وانت النور . كيف لي ان اغوص في سباتٍ في ظلامِ ليلٍ حالكِ ، اله اللغة والضاد ..ارزقني المخارج ..انصرني على من اقتحم اعشاشي ورماني بياسمينات سامّة جدًا ، افتح علي باب رحمتكِ وعطفك ، يـاليتهم حولي ، لزملوني ، ياليتني ميتًا ، لربما ارتحت ، العذاب المتواصل ، يذكرني بسم الافعى المغلول ، أنا امُوت ، اشتَقتُ لِـ الصّحراء ، موطنِي ، الذي مهمّا بلغَ فيهِ من تمّدُن ، لازال رمال الصحَراء تدَاعبُ قبائِله ، قبيلتِي ، كيفَ تمسِي ، وكيف أمسِي ؟ ، الحَيـاةُ مِنهكَة ، الايام طويلة ، الصباحاتُ ثقيلة ، انا اشتقت ، للطيور المهَاجرة ، يالها من خائنَة ، رحلت حينمّا حل علينَا الشتَاء ، هاجرتْ الى بلادِي الدافئة ، لقد عنّفتها موجت الكبرياء الصحراوية ، احتضنتها بين جلابيبها تدفئها برمالها ، وبأشجارها المصفرة ، خريفنَا لقد رحل ، رحل الى بقعة الوطن ، الى قبلَة اللاجئن من الغربَة ، مشعل ، اقسم بأنك أول طعنة ، غرستها في صدري ، ثم لم تنفك يداك عن اخراجها من ظهري ، نظرت اليك وانت تدخل الى مكانك ، فندقك ..محني الظهر وحزين ، شاحب ومقهور ، لانك لم تنقذني مسبقًا ، لانك قتلتني بنفسك ، وصدّقت كلامِي ، ليتني كنت قد صرخت ، وقلت لك ، مشعــــل ..تعال ، انا امزحَ معك ، انها مجرد مزحة غبية ، مزحة ساخرة ومريضة ، تستهزأ بالعَشرِ سنواتِ الاولى ، لكنك رحلت ، دخلت وسددت الابواب في وجهي ، ولم اتكلم ، عيني توجهت على نافذتها ، لم تكن موجودة ، ماذا سيفعل لكِ اخوك ؟ ، ماذا سيفعل لكِ يا سمائِي ؟ ، اهل سيضربك ؟ ، ثم هل ستمطرين ؟ هل ستغضبين وتشمئزِين ، وببرقك المرعب ترعبين ؟ ، امطري ياسمائي ن امطري واشبعي ارضي القاحلة ، انا العطشان مِن مطرك ، اخبريهم بأنّكِ الأولى ، أخبريهم بأنك القسَمُ الاول والاخير ، أخبريهم عن قلبي ، قلبي المتعلق على شبابيك غرفتك ، اخبريهم عن سرعَة نبضي وعشقي ، اخبريهم عن جنوني ونسياني ، لا ابالي ، انني مرضت ، والحب لا دواء له ، فهل من جرعة تطفأ لهيبهُ ، ام ليس هنالك مايدون في صحيفتِي الا جنوني وهذَيْآنِـي ..؟؟؟
،
وَتمضِي الأيام ، وعَلى قلبِي يستَحيلُ النّسيَانْ ، لكنّ أربعَة أشهُر مِن الحرمَان ، لا تحل شيئًا!! ، قررت أن انهض ، الضعف والهّذيان لن يكُونَ حلا ، أعيشَ مع قاتلِي اخي حيَاة روتِينيَة ، حاولتُ تبرأتَهُم ، فبرأتُهم ، الا هُوَ ، كلمّا لمَحتُ طيفَهُ تذّكرتْ أخِـي ، تشتَعل النيران دون ما ايّة ادراك ، ينتفضُ جسدِي ككلما تذكّرتُ أني وحيدَة ، قلبي يرتَعب وعينَاي تزيغَان ، الدموع تتساقطْ كنهرٍ جارفْ ، يسَتحيل على المّد او الجَزرِ اسكَات جريَانِ أدمُعِـي ، فلذلك قررتُ ان لا أبدو كالضعفاء ، انا قويّة بمَا يكفِي لكي أثبِتْ لهُم أني لستُ بضعِيفة ، وقَفتْ على قدميها وتَسللتْ إلى دولابِـها ، دولاب جديد اشتَراهُ لها عمّها أبو ناصر في الوقت الذي قرر ان تكون لها غرفة كباقي أفراد المنزل ، فتحت الحقيبَة وهـي تضع يدَها على خِصرها المنحُوت ، ويتمَايلُ على أكتفهَا شعرها الرمادِي القصير ، عينَاهَا الرمادِيتّان تريد أن تختار أحد قطع الملابسْ ، التي تكفلت بِشرائها لـها جُمانْ ، رغم كرهها لها في بداية الأمر ، الا انها احبتها بشكل غير معقُول ، اليوم فِـي الفجَر سيكون انطلاقُهم الى المَزرعة ، وسيَباتُون هناك ، انتَبهتْ لوجُود هيفَاء ،، زوجَة ناصر تقف بجوارها وتسَحبْ قطعَة فُستَان كُحلِـي لها وهيَ تقُول : هذا احسه يجننْ عليك .. ، وابتَسمت لِك الحائرة بامتنانْ ، تخرج معه اكسسوار باللون الذهبي ، عقد جميل سيتلائم مع دقة عنقها ، دستهم في الحقيبة وأخرجت باقِي الملابس ،
ثمّ همستْ : جُمـانة ويـن ؟
هيفَاء تبتسم بسخرَية : جالسَـة مع عدّوك !!
رُؤى تظَاهرتْ بعدّم المُبالاة ، لكن التوتر يفضحها خصوصا حينمَا ترتعد عدسة عيناها وَتمُوج يميينًا وشمالًا ، أكملت وضع احتياجَاتُـها من فرشاتها وصابُون استحَمامها ، وبقية ماتحتاجُه ، ربما هذا يجعلها تتشَاغل من هيفَاء ، هيفاء التِي طالمَا رصدَت تصرفات رؤَى وحللتها بنَاءًا على تخصصها ، علِمُ النفّسس ، لازالت هيفَاء تنظر لتلك الهَـاربة ، التي تعبث وتخبي توترها الذي يزداد ، ويظهر على تصرفاتها تدريجيًا ، وتسَارع انفاسها يشتاطُ غضبًا فقط لذكر اسم ذلك الذي تظنُه قاتلاً ، هيفَاء وبكل صراحة : على فكرة ، حنا بنطلع في سيارتين ، سيارة ناصر وسيارة سلطان
رؤَى بابتسَامة مُجاملَة : يشرفني اركب مع ناصر ..
هيفَاء ترفَع اكتافها : ناصر عنده انا وعمي وعمتي ..
رؤَى بقهَر : سلطان ذاك ما يشرفني ،، وان كان هو اللي بيوصلني والله ان ماركب معه..
هيفَاء بقهر : ليه كرهك على سلطان واصل لـ هالحد ،، من تزوجت ناصر ماشفت اطيب من قلب اخوه ،، انسان مرح ماينشك فيه وبطيب اصله ..
رُؤَى : بالعنَة اللي تلعنه .. أنا شكُو فيه ؟ ، مااستظرفه ومستحيل اتقبله .. وماراح اروح ان كان مافيه الا سلطان ..
جُمانَة تدخل على النقاشْ المِحُتَدمْ ، ترَى كلتاهُما تدافع عن طرفْ محايدْ ، تجلس بقهَر امام رؤى على اريكَة مخمليَة وتقول : ما قلّت السواويق ، خلاص انا اروح معك مع سواق وسلطان يمشي لحاله..
هزّت رجلَييها بتوتّر ، لم يعد يهمها شعُور احد ، بقدر مايهمها شعُورها ، بقدر الحريق التي تريد اطفَائها ، هؤلاء قومٌ لا يشعرون ، أشاحت بوجهها كناية عن عدم المُبالاة ، وانشَغلت بحقيبتها ، هيفاء تضرب على فخذها وتقوم وهي تهز رأسها بأسف ، جُمان لازالت تنظر اليها بقوة ، سبحَان الله ، تملك نفَسْ عينيهِ ، وحتى هيأتِه ، مالذي أصابني ؟ ، هي لا تشبهه ، لكنّ حقدي يجسد من كل انسانٌ اراهُ سلطانًا ، عنفّتُ نفسِي كثيرًا وأنا ألومَها ، وعينَاي لا تكادانِ أن ترجِفانْ ، قمت مِن مكانِي وأنا أسحبُ عبائتِي من شمّاعةِ الملابسْ ، جُمانة تقف بقهر وهي تنظر لي من طرفِ عينيها لا تريد أن تكلمني ، ماكَان هذا الاتفاقُ يومًـا ، لقد قهرتها ، وقهرتهُم ، وأنا في اواسطِ منزلهُم ، يجب أن أرحل ، أن أعلمَ نفسِي الرحيل ، أن لا أبالي بهشاشتِي ، ليسَ كل هشًا يمكنْ كسرَه ، فالأوراقُ هشّة ولا تُكسَر ، خرجَت هِيَ من المَكانْ ، وأنَـا خرجتُ خلفها حاملةً معي حقيبتِي ، ارتَديتُ نقابِـي امام مرآة واقفة بجوار باب غرفتي من الخارجْ ، ثم توجهت خلفها ، ولمحتُ وجودُه وانا كارهَة ذلكِ الوجود ، أهديتُه أبشعَ نظراتِ الاحتقَار ، ولم تفتنِي ابتسَامته ، رغم احتقارري له ، لازال يبتسم ، لقد عادَ يضحك بعد انهياره ، ولازلتُ انا الرّهينَـة ، رأيتُ جمَان تركّب السَيارة معي بـالخلف ، وأنا أركبُ معهَـا ثم من غير سابق انذار كان هو يجلس مكان السائّقْ ، احترّقتُ من الداخل واشتعلت .. ماكان ينبغي ان اثق بهم ، عنّفتُ جمان التي تجلس بجواري وقلت بحقد : وبعد كل هالبلاوي تكذبين ..خافي ربك فيني ؟
جُمانة رَفعت رأسها : ليه انا شسويت ؟ ، سواويقنا طالعين اجازة ومضطرة العب عليك حتى تمشي مثل الناس..
رؤَى بغضَب : افتحي الباب ابغى انززل..
جمانَة تخفِي ضحكتها : ترا مو انا اللي اسوق .. اخوي اللي يسوق
رؤَى بغضب تحاول فتح الباب لكنه لا يفتح وتلتفت لجمانة بغضب : قولي لـ الزفت اخوك يفتح الباب ..
جمانة : على هونك على هونك .. وش اللي مأذيك ..اعتبريه مثل السواق عندك ولا تـحرقين قلبك على قلة سنع !
رؤَى : ماتشرف يكون سواقي ..وانا معه بمكان مانجتمع ..
سلطان فهَم الهمسْ ، لأن صوت رؤى يعتلِـي تدريجيًـا ، حتى هو لم يرد ان يكون معها في مكانٍ واحدْ ، لكي لا يؤذِي مشاعرها ، لكنها مضطر في ذلك الوقتْ ، سمع تأففها بين الحِين و الآخر ، تهز برجلها بغضب وهي تلتفت لجمانه بين الحين والآخر ، وجمان تَضحك عليها ، طالَ الطريق الى ساعة ونصفْ ، ثم بعدَ ذلكِ وقفوا امام بناية ضخمة مسورَة بأسوار حديدية ، نزلَ الجمِيع ، وهيَ لازالت تتأملها ، وتبتسم دونَمـا اي شعور ، انتفَض بدنها حينما سمعت صوته يضحك مع اخيه ناصرْ ، كان فضولها يريد ان يعرف مالسبب ، لكن غرورها داس على فضولها ، لتلحق بجمانه وهيفَاء ، وقلبها يشتَعل حقدًا عليهمَـا ،
،
واقفٌ فِي حديقَة القَصرْ ، فِـي يدِه ملفاتْ كثِـيرةْ ، مسجل فيها آخر المُعاملات التي تعامل بها ليثْ ، وآخرْ مكَان وجدَ فيهْ ، وكان هذا قبل 8 سنوَات تقريبًا ، آهٌ لو يعَررفُون بمَا يعرْف لتقَاتلُوا كلّهم عليهِ حتّى ينطُق ، ولكنّ الذِي يعرِفُ هوّ اللهْ ، يعَلم مافِي سريرَةِ نفسهِ ، يعرفْ كل شاردَة وواردِة فيهْ ، ما تنطقِ بهِ شفتِيه وما يخفِيه صدرهُ وعيَنيهِ ، جلَس على الطاولة ولازال ينظر لآخر صور تم التقاطها لليث قبل 8 سنواتْ ايضًا ، موجود فِي الملف صورة الضّحية ، الدكتور الذي ماتْ ، وصورةَ الممرضة التِي مع الطبيب الذي قُتل ، ومكان الحَدثْ ، وشكل الحقنة ، والأدلة المزورة ، وبعض البصمَات ، وتزاحَمت الافكار في رأسه لغلق الملف وهو يصفع به ، ويراها تقف امامه ، تجلس بلا مبالاة وبفضول تسَحب الملف ، لكن اصابعه تلتقط الملف وبغضب : حقوق ملكيّـة !
ضحكت بسخرَية وهي تقُول : يا حقوقك الملكية .. حبينا نشبع فضولنا وبس..
سَخر آدم بقوة ، نظر اليها باحتقار وهو يقُول : طيب انا حاب اشبع فضولي ياست هَاجر .. انتِي ماتستحي تجلسي مع رجال غريب ؟
هَاجرة بإحراج تقف وتبررّ وقوفها مع عدم وجود مبرراتْ كافِيَة لما تفعل ، وترفع كتفيها : تعودّت من قبل !
آدَم بسخريَة : تعودّتي .. عطيني عدد ! ، لمَ تفهم سؤاله اوو استفهامه ، لكنها كانت تغلّي من الداخلْ ، حرارة معتَنقة في ذاتها ، ترتجف وتهتز من الداخل بسبب نظراته واحتقاره ، لكنها لم تعتد الا على الجرأة الممنوحة بصك ضمان من اخيها وابيها ..سؤاله يترددّ في دماغها " عطيني عدد " مالذي قصده ابنه امه ؟
لتجِيبه : عدد ؟؟
آدَم بقهر : ايه عدد .. مو تقولي تعودتي ..كم عددهم اللي جلستي معهم غيري ؟ ، ماعندك خجل ! ، ولا تجردتي من الدين والادب مثل ابوك واخوك ..
هَاجر بقهر وبغضب : احترم لسانك ، لابسَة حجابي ومحتشَمة بـ نفسي وماني قاعدة اهيت على كل من جا وراح .. المفروض ما تتجرأ تنطق بمثل هالكلام .. تعايرني بخوف ربي .. وكيف تقذف بي .. ولاتقذفوا المحصنات الغافلات !
آدم بسخرية عويصَة حرقت مشاعرها ولو لم تكن انسانا لاشتعَلت دخانًا : في فرق كبير بين اني البس حجم واحترم حالي واتخلى من الجرأة واتحلى بلباس الخجل .. وبين اني ادعي لبس الحجاب والحشمة بينما انا مثلي مثل اللي مَ تلبس حجاب ..
هَاجر بعصبيَة مفرطَـة كونها لمْ تعتَد ان يكُونَ موبخَها بهذهِ القَسوة لتجيب : ودام انه مو عاجبك ياسيد ادم ضف وجهك ولا تتفلسف ..
آدم بـاحتقار : اكيد مو عاجبني ولا يشرفني .. لو انك اختي كان القبر اوسع لك من ديار ربي ..
ولفّ ناظريه ليكمَل طريقه لكنه تفاجأ بوجوده وقال : ان كان مو عاجبك انها مو محرمه عليك..حللها عليك واطلبها بالشرع ..
آدم بصدَمة رفع حاجبيه وتلك تشهق وترتجف شفتيها من قرار والدها ، نطق آدم باحتقار : مَايشرفني خلط الانساب !
بو عمّار بغضب : مَ يشرفك خلط الانساب بس ماتبي توقع بالحرام .. وين الاهون تاخذها على سنة الله ورسوله وتجالسها كـ اخت ..او انك تلاقيها قدامك بالحرام ..يامطوعنا !
آدم بقهر : مافيه شيء بالزواج اسمه كـ اخت .. هذا ايلاء والله مايرضى باللي يولون عن نسائهم اكثر من اربع اشهر وما يكفرون عن القسم..ان كنت تبي زواج بالدين ، فهو زواج الشرع وانا راضي به..وعلى قولك..تكون زوجتي..ولا تكون معرضة لأهل الحرام بشوفتهم لها .. مايعجبني تحرر بنتك ..وان كان في شخص ملوم بـ هالشيء فهو انت
انصَرف من المكَان ، لكن تلكِ تنهَار على والدها بقهر ويلتفت ليسمع حديثها مع والدها وهي تبكي : ماابغااااااااااه ..
بو عمار ينظر للملفات وبنظرات غاضبة : انكتمي ..صدق ولد امه يوم قالها ..
هَاجر بغضب :ما ابغااااه .. م يشرفني .. صح كنت مثل ابوي .. ومو بس مثله .. الا ابوووي..لكن لو اخوك عايش فوق تربته مارضى لك تسوي في بنته كذا
بو عمار بعصبية يقف على قدمِيه : وانا ايش سويت .. من يوم وعيتي على الدنيا وانتي بنتي..مدللة ومعززة ومكرمه .. واللي ادرى بمصلحتك تعايرينه ؟ .. انا طول عمري ماشفت فيك بنت اخوي .. شفتك بنتي .. ام عمار اخذتك وهي اللي رضعتك وحليتي على عمار وكنتي اخته..ماقدرت افرق بينكم انتم اخوان وانا ابوكم..بغض النظر عن امك وابوك الشرعيين..بس ماعمري فكرت اخليك تناديني بعمي..كنت ابوك ولين ماموت انا ابوك.. وانا اللي ادرى بمصلحتك..
هَاجر بقهر: انت ابوي طول عمري من وعيت وانت ابوي..انا ابوي اللي مات ما تقدر لي شوفته ..لكن ربي جمعني بأبو ثاني..تكفى لاتكوون ذباحـي ..ماابغى عميلك..
بو عمّار : ماهو بعمـيلي.. هذا مثل ولدي
هاجر باستنَكار ودموعها تفطر من عينيها : مثل ولدك ؟ .. وقسوتك عليه وسياط همك اللي نزلتها فيه .. وفيني انا .. تبي تجمعنا فـي بعض..يووبه تكفى لاتذبحني ما ابغاه
بو عمار : صدق لما قال اني عطيتك وجه بحريتك .. كوني له بس لاتكوني عليه.. فكري واستخيري..ثوب الحزن لاتخليه جلبابك..الله يوفقك..
دَخل تاركًا ايها تنَهار ، نظرت اليه بقهر بعدما رأى انهيارها لازال جامدًا مصدومـا ، اذا هيَ ليست ابنته الشرعية ، بل ابنة اخيه ، وقد كفلها ، كيف لأمثال سعود العزيز ان يكفلُوا ايتامًا ؟ ، كيف يتسنى لهم ذلك !! كيف يوجد هنالك مكان للطيب في قلبه ، ايعقل ان يشعر ؟ ، لمح فيه جانب انساني بعدما كان يظن انه مجرد خبيث يتلاعب على كل الاطراف.. وقفت تحتقره ودموعها الحارقة على وجنتيها ، وحلقها المحشرج لازال يخرج شهقاتها ، دخلت الى الداخل ، وهو لازال ينظر الى مكانيهما ويكأنهما لازال يتحدثان والحديث يرن في اذنه .. مصدومًـا بلا شك !
يحدث أن يذبل فجأة في صدرك شيء تفقده بعد شهيّتك للحديث ، تريدُ أن تبوحْ ، لكنّ شهَوة الحدِيثْ أصبحّتْ مرةْ ، بلا طَعم ، تريد أن تتقيأها لترتَاح ، لكنها لازالت فِي معدَة الروّح ، تحلّ معادَلة الألمْ ، شعَر حينَ ذاك بأنّه الوحيدْ الذي افتقده ، رغم رؤيتهِ لهُ أمامه طوالَ الوقتْ ، الآنَ غدَا ليثًا ، ياويحِـي ، لما لم أجرأ على ان أحتضِنه طويلاً وأقول له أنا مُشتَاق ، ربمّا لأني كُنت غاضَبًا ، ولماذا يأبى المَجيء معِـي لماذا طلَب منّي دفنهُ وارسَال رسالة إلى أهلهِ بأنه ماتَ هُناك ، وهو حيّ يرزقْ ، لماذا تعترِيني طاقّة ولأول مرة فِـي حياتِي أن أضربْ أختي ، هَذا الهم لا يرحَم ، يذّبححَ ! ، يراها تجلس امامهه ، وهو لا يبالِـي لجلوسها ، مكسور من الداخل ، مفضوح من الخارج ، تريد ان تحل معادلة صمته ، ولم تعلم بالمعادلة الصعبة التي داخل رأسه ، جالس محني الظهر ، مذبول القَامة ، ينظر للفراغ ، عينَاه فيهما أثر البكَاء ، من الذي أحرقَ قلبك يامشعل ، دلني عليهِ لأحرقه ؟ ، لم يكن لمشعل ان يتكلم سوى ان التنفس ازداد تدريجيًا كناية عن القهر المستزيد في صدره ، مستفز هو القهر ، مستفز جدًا ولا يرحم صاحبه حتى يجثيه ارضًا ، انظري الى عيني أخيك ، ماذا ترين ؟ أتري الانكسار وقل الحيلة ؟ ، اتعلمين بسبب من ؟ ، بسببك ، بسببَ صمتك ، صمتِك الجاثم ، قاهِر الرجّال ، لمَ لم تتكلمي ، لما كنتِ طوال الوقت تمثلين دوَر التي تهتم لقضية غياب الليث ، بينما انتِ بالحقيقَة تعلمين بوجوده ، انك تلعبين مع الشيطان هذهِ المرة ، كنتِ تكذبين معه ، تقولين بأنه ليس هو وانتِ تعلمين بأنه هو الذي قررنا ان نكون مذبحَة لأجل عودتهِ ، وهو الآن لا يبالِـي ان كنا سنرجع ، او سنعود معَه ، غربَاء دون ان يسأل الدهر عنّا ، وفي كل موسِم من انكسَارنا ، يرسل لنا حمامٌ زاجل ، في قدمِه معقودَة رسالة ، مطوية باتقان ، بداخلها كلمَة " لا تقرأ دهرك ، لأنك ستمُوت " ، الطعنات لا تحتمل ، خصوصًا من فتاة تملك عينينِ كعنينكِ يا أختي ، عينَان لا تنمان عنِ الاحتيَال ، لقد كسرتِ حاجزَ مملكتِي ، اقتحَمتِ كيانِي وهدّمتِي اركانَ أخيكِ ، لم ترحميه بكذبتكِ التِي لا تُغتفَر ، كيفَ لي ان استعيد الليث الآن ؟ ، لو أنّك فقط أخبرتنِي منذُ البدَاية ، لكنت أستعدتُه بسهولة ، اما الآن فلا اقدر ، لقد بكيت كثيرًا امامه واحتضنته ، لم يؤثر ذلك فيه وكأنه قد جرد من المشاعر ، انا لا الومه ، ولا الومك ، بل الوم الدهر الذي وضعني في المنتصف بينَكمَا ، محتالَينْ ، لا ترحَمان ، صمتكما قاهِر ، وكذبكمَا لا يغتفَر ، لا يغتفَر .
قاطعَهُ الصمتْ بِاستفسارها وهيَ تقُول : مشعل .. شفيك ساكت ؟ ، ليه المح تعب في عيونك ؟
مشعَل بغضب وقهر : لا تسألي ، امثالك المفروض يستحون السؤال ..
وقَف متوجهًا الى غرفتهِ تاركًا اياها ، وقفت معه ولحقته بصدَمة بعد أول أسلوب قاهر قهرها في حياتها من اخيها لتقول وهي تلفه : مشعل اش فيك ؟؟ ، وش سويت انا عشان استحي ..
مشعَل بعصَبية : لا يهمك اخباري ولاتهمني اخبارك..أنا معك بس أأدي امانة ابوي..تكوني تحت عيني والله يوفقك.. تهمة احتيالك مالها مبرر .. كنت مثل الجاهل بين يديكم..قهرتوني الله يقهركم..
وريف ودُموع تجّمعت فِـي عينيهَا وهي تقف امامه وتضربه بعَتب على صدره وشهَقاتها تؤلم مسامعه وتقول : انا ايش سويت لك قول ؟؟ ..مالك مبرر تتهمني زور من غير ماتعلمني وش اللي سويته .. حرام الظلم يامشعل..الظلم ظلمات يوم القيامة.
عضّ على شفتيه قهرًا ، لا يريد ان يرى دموعها التي تضعف قلبه ، مشَى وهو يقول : ان كان تبي تعرفي وش فيه..سألي الليث يخبرك !
دَخل غرفته تاركًا اياها ، صافعًا الباب امام وجههَا ، مصدومَة هِـيَ ، لاتعلم مالذي جعلها هكذا هشة وطرية كقطعة صلصال يعجنها الاثنينِ دونَ رحمَة ، لماذا مشعل لم يفهم الموضوع جيدًا وحبكته ، لماذا يتعَامل معِي بكل هذه القسوة ؟ ، لقد اصبحت شفافًا ياليث..أنا وأخِي مشعل نعرفك ، صدقتَ حينما قلت لي بانهيار مشعل ، صدقت حينما علمتني بأن مشعل يجب ان لا يعلم .. ابشرك ايها الغائب الحاضر ، لقد عرف ، وانهارَ فيَّ ، ألمني جفاءُه كثيرًا ، لن اسامحكَما ابدًا ، سأشتكِي لوالدِي حينما أرجع ، سأوجه أصابع اللوم عليكما ، لا احد يعلم بأني انا الضحية وليس مشعل ، لا احد يعلم بأن الصمت كان يقتلني ألف مرةٍ ومرَة ، لكني كنت أصمت لأجلكَ ايها الغائب ، لأجلِ رجوعك ، لقد افترستماني..ابي أمنّكما علي ، انتما لستما اهلاً للأمانة ..لقد ضاعت أمانتُكَ يا أبي ..ضاعت مكسورة بين غائب يزجرها ، وحاضر يمحيها ويفتتها ، ضحية .. وسأظل ضحية ، وساذجَة ايضًا !
،
فِي المَزرعَـة ، كانت جَالسة على أرجوحَة طويلة وبجَوارها جُمان وهيفَاء ، يشربُون الشّاي فيمَا بينهم ويتسَامرون ، بينمَا هي تغط في صمتٍ عميقْ ، تفكر في الموقفِ المُحرقِ قبل قليلْ ، حينما جُمانه قامت باستغلالها بِـ هواها المجنُون ، انتبهَت لها وهِيَ تقول لها : على فكرة مو بس حنا اللي بالمزرعة بنكون..حطي بحسابك انك بتشوفي ناس من قبيلة المالك تبعنا..
رؤَى ابتسمت : كويس.. عندهم بنات مخابيل مثلك ؟ ولا انتي آخر نسخة من الطيبين ؟
جُمانَة بقهر : لا عندهم مثلي واخبل مني بعد..
رؤَى مالتَ بشفتيها لتهمس : وليه عصبتي ..بعد عمري كله ماشفت بمثل خبالك !
جُمانة : اعوذ بالله من لسانك ..ماتخلين مسلم بحاله..
رؤَى بضحكَة ، ثم ضربت جمانة بقهر بشكل مفاجئ : انا ماحاسبتك ياحمـااااااااااارة على اللي سويتيه .. ياربي يوريني فيك يووووم وافرجيك مزبوووط ..
جمانة بضحكَة وهيَ تهرب منها : ههههههههههههههههههههههه عجبتني وافرجيك مزبوووط..
رؤَى تلحقها وتمسك بها من اذنها وتشدها اليها وبقهر : بسرعة اعتذري من اسيادك لا ارميك بجزر المالديف..
جمانة بعشَق : واااااااااو .. مالديف مرة وحدة .. ايام نوت سوري..
رؤَى بتقليد : يور نوت سوري اجل هاااااا * وتشد اذنها بقوة * جعلك الجرب انتي واخوك المعفن تحطيني بسيارته ، ثاني مرة بتبرا منكم وبهرب عنكم..
جُمانة التفتت اليهَا وبملامح جادّة : كيف تهربي ..على اي اساس تهربين ؟؟ .. مجنووونة انتي ..وين بتروحي..
رؤَى تبتلع الألم وهيَ تحتضن ذاتها ، سؤال جُمانة بتر الكثير من احلامها ، كل يومَ تخطط للهرب ، لكنها تخاف من العالم ، تخاف من الخارج ، هل سينهشونها ام لا ؟ ، لتجيب بعَدة تنههيدَة وصمت دام طويلاً : ربي بيحرسني بعينه اللي ماتنام..
جُمانة بغضب : والله العظيم ان هربتي لا اذبحك واشرب من دمك.. قسم بالله احشي راس امي وسلطان وازوجك اياه مرة وحدة..خلينا كذا حلوين لا تندمي
رؤَى بقهر ودُموع جامحَة ظهرت من عينيها : فال الله ولا فالك..قال ايش انا اتزوج من اخوك..اربع شهور ما مليتي من مقابل وجهي ؟؟ .. خلاص ماعاد لي قلب اتحمل وجوده معي بنفس البيت والمكان..تبين تربطيني له.. حتى لو ماكان الهرب براسي بسبب افكارك وتخويفك لي افكر اني اهرب..الله لا يسامح قلبي لو غفرت لك زلتك..
انتبهَوا لِهيفاء تدخل ومعها اثنتِين غريبتين ، لم تراهما من قبل ، أخفت دموعها وجمانة اتقنت اخفاء ملامح القهر من وجههَا ، سلّمت عليهما لتقول هيفاء : رؤى ..هذولا اسماء وشوق.. عيال بو ليث المالك..
رؤى بهدوء : تشرفـنا ..
هيفاء تنظر لأسماء وبخبث : وينها حماتك ماجات ؟
أسمَاء بقهر : عارفة انا ليه تبيها..عشان تستلموني..بتجي راكان بيجيبهم ..انا جاية مع اهلي
شوق بضحكة : وليه الميث..تعالي لي انا واستلمها معك مزبووووط..
هيفاء : ههههههههههههههههه.. ياحياتي الأوادم..
جُمانة بنرفزة : بدأت هيفاء.. انا مستغربة كيف اخوي ماهو منجلط منك..زوجته وجهها ممسوح بمرق..ليت امي طاوعتني وخذينا له ذيك المليحححة
هيفاء بشهقة : وجعععععععع وججعععععععع .. الا ياحظه فيني مرتاح مع زوجته ..*ثم التفتت الى اسماء* وانتي يالخفوق عسى ماحملتي؟
أسماء بخجل : لا مايمدي .. طالبة سنة اجازة اثبات اقامه وبعدين نجيب
هيفاء : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه عجبتني اثبات اقامة ..
جُمانة بتغيير لـ الموضوع : شخبارها خالتي ام ليث؟
شوق بابتسَامة : الحمدلله بخير..
جُمانة : الله يفرح قلبها برجعة احبابها ..
لَمحت هدوء خافت ، انطلى على وجهي شوق واسماء ، ثم قاومتا احزانيهما بابتسامة وهن يهمسن : آمين يارب..
هيفاء : وينها وريف ليه ماجت معاكم والله لها وحششة..مانشوفها لا بأعراس ولا بمناسبات..
شوق : ووي هيووف اشبك ؟..مادريتي انها تدرس برا مع اخوها..
هيفاء بنسيَان : ووويه ياحسرتي ..سلكي وانا اختك ماعاد بي عقل اذكر شيء.. اذا جوالي بيدي ونسيت وين حاطته ماتبين انسى علوم الناس..
جمانة بخبث : انا قايلة اخوي مفجوع من حرمته ..كوندليزا رايز السعودية ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
هيفَاء نظرت لها بغضَبب وخِيمْ ، لمْ ترحَم جُمانة من سيل نظراتها ، وتلك لم ترحمها من تعليقاتها ، رغم جمال العلاقة بينهمَا ، وتلكَ انَسحبت من المكان حينمآ شعرت بضيق مفاجئ.. أصبحت تمشي بالمكان ، بنفس الطريق التي اتين منه . ولم تعلم بأنها ضالّـة عن الطريق !
،
كَانتْ تُجهز وَجبة الغَداء لهمَا ، وهُوَ مِن عادتِه مساعدَتها ، كانُوا يتهامسون فيما بينهم ، اثناء تجهيزهم لـ الغداء ، رتبت الطاولة ووفجأة وصل ححديثهما لموضوع اثار غرابة في نفس فهَد وهي تقُول : للآن ماوصلتم للي ربي يبيكم توصلون له..
فهَد عقد حاجبِيه من سؤالهَا ، لم يفهم سؤالها ربمّا ، رغم وضوَحه ، او انه فهمه ولكن لم يفهَم سبب سؤالَها ، مالذِي ترمي اليهِ لِـيقُول لها : كيف يعني ؟
عبير تجلس على طاولَة المطبخ وتقطع السلطَة : يعني ..مثلاً ..للآن ماقدرتوا تحلوا قضية وصل عمرها لعشر سنوات..صاحبك المفقود بيكمل 11 سنة وحضرة جنابكم ماتحركتوا له.. حرام نومه مايتهنى فيه لان كل يوم يذكر هله..
فهَد بلع غصّته من كلامها الصحيحْ ، جلس امامها وهو ينظر لعينيها الواسعتينِ مباشَرة ليقول : لو بيدي اليوم اطلع اللي المفروض يتطلع..ماقدرت اعرف وين مكانه ..ويمكن لو شفته بعرف منه الدليل ..يمكن يكون معه الدليل بس ماعنده القدرة انه يواجهه.. عشان كذا انا محتاج اشوفه.. انا مع يوسف ومشعل دورنا عليه ..ليل ونهار ننبش في تاريخه..قبل سنين هروبه.. ندور على عنوان الممرضة..نبي نسجل اعترافها بأي طريقة.. بأنها تكون فعلاً سوت هالشيء.. بفعل فاعل.. وان ليث ماله ذنب.. نحتاج نعرف سبب هروبه..لان اكبر شيء ثابت عليه التهمة هو هروبه.. يعني لازم نعرف اشياء كثير.. الشغلة مو سهلة.. اذا على مشكلته صارت مشاكل بين السفارتين ..اكيد راح تواجهني انا كمحامي مشاكل مع قصته..
عبِير تبتسم : والله تمنيت انكم تعجلون وتفرحون قلب امه..سنة ومن تعرفت على يوسف ودرست معه قضية ليث.. مفروض نخلصه يافهد ..
فهد بابتسَامة يردها له ، يلتقط قطعَة من الخيَار بـ شوكته ويمضغها في فمه وهو يقُول : الله بيكون معنا ان كان ليث على الحق.. بس لو اوصل لـ الممرضة كان كل شيء محلول..
عبير : ماحاولت تدور على ليث.. ؟
فهَد لم يفهم سؤالها : كيف يعَني؟؟!
عبير ترفع اكتافها : مو شرط يكون ليث متخبي..يمكن ليث معنا ويشوفنا..من الناس اللي نعرفهم وحولنا..بس حنا مانعرفه.. حط ببالك هالشيء..
عقَد حاجبيه ، والاستفسَارات تتقاذف في رأسه ، القضية أشغلت فتيلة في دماغها ، التقط قطعة خيار بشوكته ومضغها ، وعبير تلومه لانه يشتتها عن اكمال السلطة !
،
نحن لسنا بحاجة لحدوث الأسوأ لندرك أن مانعيشه ليس سيئًا .. كما كنا نعتقد !، كاللذي حدَثْ قبل قلِيل ، لا ينقُصنِي أن يأتِيني أسوأ مِنه ، لقدْ احتججتُ كثيرًا على مشعل ، ضربت بابَه كي يفتَح لي رغم ألمِي منه ومن جفَاءهُ ، طرقت الباب مرارًا ، لم يفتح لِـي جلستُ امام الباب طويلاً ، كنت أحاول رشوتَه ، ان استميله ، لكن اذا فتَح الباب سوف اذبحه ، باحتضاني القاسي له ، وبكائي على صدره ، انه أخي الوحيد ، روحِـي الأخرى ، لا استطيع ان انام ليلاً اذا صدّ عني ، وأصبحَ وجههُ كالمكفهرّينْ ، لا أتحمل هذا العذاب ، سوف أموت ، او تقتلني الافكار التي تحوم حول رأسي ، توجّهت الى غرفتي ، فتحت النافذة واستَندتُ انظر للمكَان وأنا أبكِي ، دموعي كانت غزيرَة ، لم أبكي قط مثل بكائي هذا ، لأني لم أعتد على سوء الظروف التي تشبهه هذهِ الآن ، كان ابي يحميني من كل خبر سيئ ، كان يحافظ على دموعي ، بأن لاتهطل ، لأنه يقدرها ، آه كم اشتقت اليه ، ولأحضانه ، ولرائحَة صدره القابعه فيه ، ولكفهِ الحانية التي ترنو على وجهِي ، ولِـ حضنِ أمي ، وجدّتِي ، وكل من هم حولي هناك ، تمنيتُ الآن وفقط ، اني أطعتُ جدّتِي ، جدّتِي تلك التي منعتني في البداية من السفر ، كانت تخاف علي ..كانت تشعر بأن هنالك خطب ما ، انه ليس خطب فحسب.. هنالك كم هائل مِن " المشاكل " ، تهجم علي ، دموع هاطلة لم تتوقف ، لم اكن مهتمة بالشتاء الذي ينقض على جسدي..كان لباسي خفيفًا ، مجرد قميص ، يسترني ، رغم انتفاض جسدي لم اكن مهتمَّة الا لأخي ، كيف سينام وهو مقهُورٌ مني ، أخاف عليهِ من النوم ، تمنيت ان يكون الليل اقصر ، ويأتي النهار أبكَر ، وأنام وأصحى بسرعة ، وأجدهُ واقفٌ على رأسي ليعتذر مني ويحتضنني ويقول لي ..أنا أعتَذِر ، سمعت تخبيط الباب ، ووجدت ان مشعل خرج من غرفته .. هرعتُ اليه .. ناديته ، ولم يرد ، بكيت وطالت شهقاتي ولم يلتفتت ، كان قاسيًا جدًا ، لم يكُن هو مشعل .. الذي اعرفُه ، ماذنبِي انا حتى اعامل هكذا ؟ ، وحوش انتم حينما تغضبون ..تهلكون النساء من هفواتِكم ، : مشعععل..
مشعل ببرود : انا بطلع هالحين ..قفلي الباب ..
وريف تقف امامه بقهر ودمُوعها سبّية على وجناتها : لا مافيييه.. لاتروووح لا تطلعع.. مابيك تطلع.. ظل معي..ماحبك تزعل كذا ..قلبي يعورني ..ماقدر على زعلك
مشعل رفع حاجبه وتأمل دُموعَ عينيها ، التقط المفتاح وكرر كلامه وكأنها لم تنطق شيئًا : سمعتي شقلت ..؟ انا طالع ..قفلي الباب وراي !!
انسحَب وهي تبكي وتزيد شهقاتها وتجلس بحَسرة على الاريـكَة ، صفع بالباب واهتز جسدَها ، توجهت الى البَـابِ وأقفلته ، ومَوجة بكائها لم تهدأ بعَد !
،
الصدّمة التِي سمعتُ بها اليومْ ، زلزلَت كيانِي ، لم اكن أتوقع أن سعُود العزيز يَحمل قلبًا لِكي يكفل يتيمًا ، كيفَ حملتُه الشفقة الى هذَا الحد ؟ كيفَ ! وهاجَر ، مامصيري بها ، أستكُون زوجَـة ، ماهذهِ الحيَاة المُتخبطّة ، دار في ارجاء ملحَقه ، كان الهم يضيقُ عليه اواصر صدره ، تذكر أمه ، وبدأ يهز رأسهُ بقوةّة ، الصداع الذي يعتريه يعود بين الفينة والأخرى .. كان ينظر الى البروزولام على كومدينته ، حاول هذهِ الفترة جاهدًا ان يقَاومُه ، ينهَار بين الاسابيع ، لعن المشَفى الذي دخل فيه ، حقنوه بكميات هائلة من البروزولام ، والان هو يستخدمه على هيئة عقاقير طبية ولا يستطيع ان يبعد نفسه عنه ، حاول كثيرًا لكنه لم يستطع لم يقدر على ذلك .. فتح ازرار قميصه وهو يقَاوم ، لقد شقى منه ، تنفس بقسوَة وجسدَهُ متعرقٌ جدًا .. لا يعرف ماذا يفعل ، غير انه دار في المكان وحول نفسه ، يشهق بقوة من الالم الداخلي الذي يعانيه بسبب المهدئات التي تساعده على النوم ، لا يعرف عذابها الا ضحاياها ، وهو احد ضحايا المستشفيات التي تريد ان تتخلص من المريض بأي طريقه ، عن طريق السم المهدأ ، البروزولام ، الذي يجعل الانسان مدمنًا عليهِ دُون رحمَة ، يا الهي ، رحَمتك .. مسح جبينه المتعرق ، فتح جميع ازرار قميصه ، ثم توجه الى ثلاجته ، وسكب له الماء في كأس..شربه لمرة .. وسرت برودَته في عروقه ، لكنه لم يطفأ من نيران لهيبه شيء..صب له لمرة ثانية ، وشرب، وثالثة ، وشرب ، ورابعة ، وشرب ، ثم رمى الكأس ليتكسر امامه عينِه ويصرخ بغضب.. من الالم الداخلي الذي يعانيه بسبب الصداع المخيم في رأسه .. سمَع طرق الباب .. توجه بتعب وهو يترنح .. فتحَ الباب وسمعَ همسًا ، ثم سقطْ ..
،
فكّرت مليًا ، حاولت ان ترى الخيار الصحيح ، لكن لاصحيح يوجد بهذا الخيار ، انها ليست له ، لا تريده ، لا تريد ان يكونَ لها او ابًا لأبنائها ، مِن البدَاية لم تحبه ، تعتبره كعميل لأبيها ، رخيص بتصرفه ، من اجل الاموال ، التي سيغنيهِ بها والده نظرت للساعة بتوتر ، كانت تقارب الواحدة والنصفِ ليلاً ، لم تستطع النوم ، كيف يمكنها اقناعها لوالدها بعدم تزويجه لها بـآدَم ، زفرت بهم ، وطالَ بها التفكير ، لم تستطِع الهروب من واقعها ، بأنها تائهَة بين قرارتِ الرجال ، وأخيرًا لمعت في ذهنَها فكرَة ، لمت حجابها عليها ، ارتدَت معطفها ونزلت بسرعَة الى الاسفل ، ان استَطعت ، سأعقد هدنَة ، واتفاقيه مع المجرمين ، حتى احافظ على ذاتي من النهش.. من ان لا يختزلني احد من اجل رغباته ، طرقت البابْ ، ثلاثًا ، لم يفتح ، سمعت صوت حطام الزجَاج ، اعادت طرق الباب اكثر من 10 ، ثم فتح لها الباب.. لم تنظر اليه وبسرعَة تكلمت وهي تقول : آدم .. ابي اعقد معك اتفاق.. ولو تحب الخير لنفسك حبه لاخوك المسلم..لاتفكر بس في حالك.. وانت تعرف وش بيسوي ابوي.. ابيك تقول لابوي انك ماتبيني بمقابل انك ماراح تشوف وجههي امامك ابدًا .. ، رفعت رأسها له برعب وهي تنظر له بخوف ، صُعقت من منظره المرعب ، من شكله ، من جسده المتعرق ، وصدره المكشوف ، وقميصه المبهذل ، وشعره المتموج من التعب ، تراجعت للخلف سقط بقوة مغشيًا عليه .. سقط عليها .. حاولت ان تمسكه .. ومن ثقل جسده.. سقطت هيَ ارضًا معه .. ثم صرخت بألم و بأقوى صوتها : يووووووووووووووبببببببببببببببببببببببه
،
هممتُ لأبتلعَ الغصّةَ فابتلعتُ صوتِي ، الآن أوقن أنها أنتِ ، حبيبتِي وخطيئتَي ، وقسمي الأول وسمائِي ، لكأني فتقتُ جرحي بيدي ، ماعذرُ من كان يجهلُ مالصواب ؟ ، لا ينبغي ان اطالب بالفعل الصحيح دون خوضِ التجربة ، وعيشُ الأشياءِ ولو لجزءٍ من الوقت ، لأعرف حقيقة إن كنتُ أريد ما أريد ، يسُوؤُنِي ندمي ! ، في اللحظة ارفضُ فيها ان لا يدخل الى قلبكِ ندم ، بالأصحّ ، أن أموت فيكِ وأنا حي ، كيف لإغماضةِ عينٍ أن تجر كما هائلاً من الذّكريات ؟ ، لتوقفكِ بين يديّ ، كما لو أنكِ حقيقة ، لتخلق فيّ سعادة موجعَـة ، أنتِ النسمة التي ما شعرتُ بها الا حين غيابِ بسمتها ، ورؤيتي لدموعها ، وأفتح عيناي التي تودُّ أن تستغفل عقلي وتقرأ عيناكِ ، وأتسائل .. كيف لأعضاءِ الجسد الوآحد ان تختلف ؟ وأتسائل أيضًا .. عن دُموعكِ .. لما تبكِين ؟ ، لما تبكين في الشتَاء ؟ ، الا تعلمين بأني من المتعلقِين بكِ ، لما لا تضعين وشاحًا على جسدك ، كنتِ تنتفضين بردًا بين بكائكِ ، وانا احترق الما على تعذيبك لذاتك .. حرام ! ، ماذنب الجسد ، عذبي اي شيء في الدنيا ، لكن لا تكُونِي قاسية على ذاتك ، لما مشعل يتمرد ويؤلمك .. لما هو قاسٍ ، الى درجَة انه لا يرى عيناكِ ، عيناكِ قاهرتي الرجال ، ليتني كنت معك ، أحلّ عليكِ ، أحتضننكِ وأدفنكِ في صدري ، ليتكِ تعلمين ، بأنّي أقسَى من مشعل الافًا في الحب ، فحبيبتِي ضحية ، لا يرحمها الا انا ، ولا يقهرها سوَاي .. امسحي دُموعك ، سوف ينال مشعل ضريبَة ابكائك ، سوف يندم لأنه ابكاك ولم يرحمك..امسحيها ولا تبكي ، تعالي .. اين ترحلين .. هل ستهرعين اليه بعدما آذاك .. هل ستلحقين به حينما يخرج.. تعالي وقفي هنا وابكي هنا .. لا تبكي امامه.. دعيني ارى دموعك.. لن ارحمَ اخاكِ .. سيندم.. أقسم بأنه سَيندَم .. امسحَي الدموعَ فحسبْ .. سَمع صوتُ الجَرس .. التفتت وايقن ان مشعل من وصل.. والغضب يأكل روحَه ، سيذبح مشعل .. سيضربه .. وحينمَا فتح الباب لمشعل.. ضربه بقسوة وتألم مشعل حينهَا .. ليث بغضب : مشاكل الرجال حلها بيننا .. مو تدخل اختك فيها..
مشعل بألم وبغضب وهو يقُول : وانت اش دراك باللي سويت لاختي..؟
ليث بقهر : مو مهم كيف عرفت.. انا ادري وواثق من طلعت من قدامي وانك بتقلبها بلوى .. والله ان لادفنك لو زعلت اختك..كيف قلبك يطاوعك على قهر النساااء..
مشعَل نظر بشك ثم قال : مو لانك ماشفت من سنين النساء ..قلبك صاير عليهن.. تتستاهل اللي جاها وبكرة يجيها الاعظم..
ليث بغضب : والله يامشعل والله ان عرفت انك مسوي لها شيء لادفنك ..
مشعل بقهر وهو يدفع ليث الى الخلف : وليييييييييييه ياحضرتك ماتبيييييييني اسوي لها شيء.. ليه ماتبيني اعتب عليها واقهرها مثل ماقهرتني..
ليث بجنون يلكم مشعل : كيف يطاوعك قلبك وتلمح دموعها من دون رحمة ..
مشعل بعصَبية : انت كيف دريت انها تبكي .. كيف عرفت ؟؟
ليث يوجه انظاره الى البلكونة ويقول : مو اول مرة تزعلها يامشعل.. ياما شفتها واقفة وتبكي وتزعل.. ماغيري يدري عنها.. حتى هي ماتدري باني كل يوم ادري بدموعها..
توجه مشعل بجنونُ الى البلكونة .. ويكتشف بأن وريف في البلكونة المقابلة لبلكونَـة ليثْ ، جنّ كثيرًا ، وتبادل العملاقان الضرباتِ واللكمّاتْ ، بينمَا هي لازالت تبكِـي قهرًا من عتابِ اخيها الثقيل !
،
،
ككنتُ حائَرة في هدوئِي ، وصمتِي ، كنت اظن بأني ادل الطريق..في البداية لم اعره اهتمامًا ، لقد اتينا من ذات الطريق وانا لم اضع بعَد ، سرت افكر ، كيف يحق لهم ان يضحكون وانا ابكي داخليًا ، لازلت في حالة ترقب وجنون ، للحظَـة الهرب ، كنت ارتعد لحظة ان وعيت على نفسي .. واكتشفت ضياعي .. واني ضللت الطريق .. والادهى والامر .. انني لا اعلم كم مضى لي وانا امشي.. لكن اكتشفت اني مشيت طويلاً حينما اكتشفت غروب الشمس.. ازداد خوفي وصرت التفت على نفسي.. نزلت دمُوعي دون سابق انذار .. بكيت طويلاً .. لم احرك ساكنًا خفت ان اتحرك فأضل اكثر.. جلست في مكاني وبكيت خوفًا من ضياعي.. الآن ادركتُ ان ضائعة ؟؟ .. لماذا اخاف .. فأنا ضعت من قبل.. ضعت من اهلي.. كلهم رحلوا وننسوني..ضعت دُونَهم دونَ رحمة.. ضعت بقهر دون عطف او شفقة .. بكيت وشهقاتي تزداد بخوف.. ارتعدت في مكاني وانا اضع رأسي على يدي وابكي بقوة .. سمعت صوت خطى ولم ارفع رأسي.. كل مافيّ اني خفتْ..خفت كثيرًا وارتعدت .. وقلت انني سأودّع هذهِ الدّنيا .. وقف أمامي مباشرة ورأيت ظلّه الطويل.. خفت وانا ابعد نفسي عنه واقوم .. ووقفت على قدماي لأصدم بوجوده وترتجف شفتاي.. ودموعي حائرة على خدي.. وبلا شعور نطقت : انــ..ــت ؟؟
[COLOR="rgb(139, 0, 0)"]_ وخلّصْ البَارت :$ , اتمنَى انه يعَجُبكم ولا حد يقُول القصير ، :p .. حاولت اطول على قد فضاوتِي ..:$ ، .
- امطِرونِي بدَعوة :$ ,
[/COLOR]
|