الفصل الخامس:
"كم انت جميلة !" ثم انحنى وقبل عنقها وكأنه يتحسس نعومة ونذارة جلدها , واحاط كتفيها بيديه وكأنه يقول لها
"انت لي "
واستمر بمداعبتها وهي تنظر في عيونها ليتابع تعابير الحب فيها واصبحت حركات يده اكثر جرأة فأرادت ان توقفه , وان تقول له بانه حبها الاول . ولكن في نفس اللحظة ادرك مخاوفها فاطبق فمه عللا
شفتيها بقبلة حنونة .
فوضعت يدها على شعره واخذت تداعبه فضحك جاي سعيداً
"لا تخشي شيئاً , يا صغيرتي ! فانا لا انوي ان اتركك ! ليس بهذه السرعة !ناديا ... يا ملكة النساء . لم اكن أعتقدك بمثل هذه البراءة والعفة وهذا ما يجعلني اصاب بالجنون هل هذه احدى وسائلك في
الاغراء؟".
يجب ان تفعل , فعندما يستسلم المرء للحب . يصبح الحب هو دليله وفهمت فانيسا بان جسدها يتكلم بلغة خاصة . وكان جاي قد تمدد على ظهرة وكأنه يعيش حلماً . وكانت عيونه الذهبية تتأمل وجه الفتاة
, وتلمع ببريق الحب وهو يرتعش تحت تأثير يديها
وفكرت الفتاة وقالت لنفسها لا تتركيه ابداً وحاولي ان تعيشي الى الابد الحب معه وجانبه ..." وكأن قلبها يصلي كي لا تنتهي هذه اللحظات.
"عندما التقينا لأول مرة كنت متأكداً بان نجمة الحظ تسهر علي "قال لها جاي
"لماذا ؟ فانا لست اول امرأة ترغب بها .."
"لا , لست الاولى ".
مانت فانيسا تعرف جوابه ومع ذلك شعرت بالأسى .ان فكرته انه يشارك هذه المشاعر مع امرأة غيرها تجعل قلبها يعتصر من الالك.
لماذا القلق؟ لماذا العذاب الذي لا يفيد؟ فهي تعرف بأن قصتهما لا مستقبل لها ... ولكنها وقعت في الفخ . وكل ذرة في كيانها ترفض الابتعاد عنه.
" لا , لست الاولى . ولكني ادرك ان نجمة الحظ تشرف على لقاءنا . بامكانك ان تكوني رومنطيقيه لا تملك التجربة الكافية , والتي تجهل كل اصول اللعبة ... ولحسن الحظ ان تعرفينها جيدا ً".
"تعني انه... لا ارتباط اذن؟" سألته بدون وعي.
"نعم . فانت لست من النوع الذي يطلب خاتم خطوبة ووعود مشتعلة , وحلف قسم يمين لا يستطيع اي رجل ان يتمسك به . اذا كان الجميع يتبنون آراءنا , فلن يكون هناك اطفال يتشردون بسبب
خلافات والديهم , ولا يعود هناك حاجة لدار الايتام , فلنسعد بلقاءاتنا ناديا .. ولنفترق بدون دموع "
وتمنت ان يطمئنها ويقول لها بانه يحبها , لقد سبق ووصفها بالرومنطيقية العديمة الخبرة , ولكن اخذت تتساءل لماذا تتهم نفسها ؟ وهي منذ البداية كانت تعرف بانها لن تكون قادرة على المغامرة
ولكن قبلاته ولمساته ازالت أفكارها القاتمة وعادت اليها مشاعر الحب وفجأة رفع جاي رأسه وكانه سمع شيئاَ , نعم انه رنين الهاتف , فنهض جاي بسرعة وشعرت فانيسا بان الفراق القصير يمزق
قلبها . وبسرعه عاد جاي الى غرفة النوم وارتدى ملابسه بسرعة , وتحولت نظراته المليئة بالخب الى نظرات قاسية .
"جاي, ماذا هناك ؟"
"ان جماعة من المشاغبين احرقوا القصر , ولقد وصل رجال الاطفاء ورجال الشرطة . ولكني افضل ان اذهب انا ايضاً"
"سأرافقك ".
ارتدت ملابسها وهي تفكر بان سهرتها الجميلة انقطعت ولن يمكنها الانتظار لحين عودته وهي تفكر بكلماته الاخيرة التي حطمت احلامها نظرت الى ساعتها .لقد انتصف الليل ولقد مرت الساعات
بقربه بسرعه , وعندما وصلا الى البيت لاحظا ان الانوار مضاءة ويسمع من بعيد في القصر ضجيج مع ان الحريق خمد . استقبلها غافن , وعلى السلم وجهه مليء بالشحبار , وتنبعث من ملابسه
رائحة حريق
"هل الخسائر كبيرة ؟" سأله جاي .
"ليس كثيراً تم القبض على الفاعلين , كانوا اربعة اشقياء وقد كسروا الباب وحطموا بعض النوافذ... ثم اشعلوا النار في وسط المطبخ ولحسن الحظ ادركتهم احدى دوريات الحراسة الليلية "ثم التفت
غافن نحو اخته
"يجب ان تحضري لنا ركوة قهوة , فنحن بحاجة لها , ولا يزال رجال الاطفاء يخشون ان تشتعل النار مرة اخرى من تلقاء نفسها .ولا تزال امامنا ليلة طويلة من السهر تنتظرنا !"
"عظيم , هيا بنا " قال جاي وقد عاد صوته الى الحزم, وعاد لسلطة رجل الاعمال فأدركت فانيسا بمرارة انه نسيها تماماً
متهو دور المرأة في حياته ؟ طباخة , ام انها للترفيه عنه فقط؟ الا يعتقد ان للمرأة قلبا تحس به , انه يبحث فقط عن اللذة. لماذا يخشى الارتباط الدائم ؟ فبرغم الام طفولته المشردة الا انه قد حان الوقت
لهذه الجروح ان تندمل .
وقد يكون علاجه الحب الحقيقي ثم هزت كتفيها تسخر من نفسها , يا لهذه السذاجة انه لا يضع الحب في مخططاته ابدا ً
وقفت باقي الوقت وكأنها في ضباب كثيف وكان رجال الاطفاء قد تأكدوا من ان النار انطفئت نهائياً , وعندما احضرت لهم القهوة الى القصر وكان الليل قد اقترب من نهايته
"الداخل لم تصله النار " طمأنها غافن "بينما المطبخ اصبح كله اسوداً من الدخان ويجب ان يعاد ترميمه . وباقي الغرف لا تزال سليمة وجاي يتوقع بان العمل لن يبدأ باكراً! لا تنظري الي هكذا انه يريد
ان يحافظ على طابع القصر "
"بالطبع " قال جاي من الخلف" فانا لست بربرياً كما كنت تعتقدين "
وكان وجه جاي قد اصبح كوجه غافن مليئا بأثار الدخان الاسود . مما اظهر ثنايا وجهه التي لم تلاحظا فانيسا من قبل , وعندما رأته هكذا تخيلت كيف سيكون عندما يكبر في السن فخفق قلبها بالحب ,
وتمنت ان تضمه اليها وتواسيه وتمسح اثار الدخان ببيديها عن جبينه وعن زوايا عينيه .
"اقد دعوت جاي لينام عندنا بضعة ساعات , هل انت موافقة ؟"
"بكل تأكيد " اجابته فانيسا بصوت هادئ , واخذت تهنأ نفسها .
"سأعود وارتب غرفة الضيوف ".
"نعم. واملأي البانيو ايضا , سنلحق بعد قليل ".
دخل غافن وهو يبتسم ورمى جاكيته على الارض فتطاير منها الغبار الاسود "اوه غافن !"صرخت فانيسا .
ثم رفعت بسرعة وخرجت من الطبخ ونفضتها في الخارج فتفاجأت بنظرات جاي وحيرته .
"يا لك من ربة بيت ممتازة !" قال لها ساخراً فضحك غافن
"اه نعم, فا..." ثم ادرك خطأه وتابع .
"ناديا ربة بيت عظيمة , وسيكون زوجها اسعد الرجال , كما انها تجيد الطهي "
واما دهشة واحتقار جاي تساءلت فانيسا هل فهم غافن نتيجة زله لسانه؟ انها يتكلم عن الزواج كثيراً ! بعد ان رافقت جاي الى الغرفة لم تترك له مجالا ليقبلها وعادت بسرعة الى المطبخ ووقفت امام
اخيها .
"بإمكانك ان تفخر بيومك هذا ! هل كنت بحاجة لتقدمتي وكأنني سيدة اصلح للزواج؟"
" انا اسف وقد كنت على وشك ان اناديك باسمك الحقيقي , فاضطررت لان اقول اي شيء لأخفي ارتباكي على كل حال انا كتأكد انه لم يلاحظ شيئاً"
وللحظة وشكت فانيسا ان تخبره حقيقة علاقتها مع جاي ولكنها تخلت عن هذه الفكرة بسرعة فهذا سيزيد الامور تعقيدا ً وبرغم تعبها لك تستطع النوم . خاصة وان جاي ينام بعد خطوات فقط منها , وهي
لن تجرؤ ابداً على الاقتراب منه , مع ان كل جسدها يناديه وينتظر لمساته الرائعة , وعندما نامت واخذت تحلم بعيونه الذهبية وبانها تعيش معه حباً ابدياً
عندما استيقظن كانت الشمس مرتفعة في السماء الخالية من الغيوم, انه نهار جميل , ولكن لماذا تشعر بهذا القلق ؟ قلبها ينبؤها بان شيئا مخيفا سيحصل فاتجهن الى عرفة الضيوف ووجدت بابها مفتوحاً
والسرير خالياً اين هو اذن ؟ ثم دخلت الحمام واخذت دوشاً سريعا , وارتدت ملابسها , ولاحظت اثار قبلات جاي تظهر بوضوح على عنقها فأحمر وجهه من الخجل ... مع انها تشعر بالسعادة لأنها
قضت معه عدة ساعات رائعة ولكت شعوراً بالذنب يجتاحها
دخلت الى المطبخ فوجدت على الطاولة صحناً فارغاً وقطعة خبز وكان مرتبان المربى لا يزال مفتوحاً ... لا بد ان غافن وجاي تناولا الفطور وتوجها الى القصر خاصة وان سيارة جاي ليست موجودة
في الخارج , فشعرت بخيبة امل , الم يكن بإمكانه ان يتنظر ليقول لها صباح الخير ؟ ثم هوت كتفيها , لا بد ان هذه اللطافة بعيداً جدا . وبهذه اللحظة ظهر غافن يتثاءب ولا يزال يلبس البيجامة
"كم الساعة الان؟"
"الحادية عشر والنصف "
"سأشرب القهوة , ولكن اين جاي؟"
"لست ادري , لقد استيقظت منذ قليل وكنت اعتقد انكما خرجتما معاَ"
"فانيسا , هل سمعت طرقات على الباب هذا الصباح؟"
"لا قد يكون بائع الحليب"
"هذا ممكن , لقد ظهرت صور الامس , اتريدين رؤيتها ؟"
حضرت فانيسا القهوة , وعندما عاد غافن الى المطبخ , كان فخورا بنفسه , نشر الصور على الطاولة , وكأنه يوزع اوراق اللعب . فاقتربت منه فانيسا ببطء وكانت تكره دائما ان ترى نفسها في
الصور , لأنها تشبه ناديا كثيراً مع ان الجميع يعتبرون ناديا افضل منها
"هيا , اطمئني ليست صور رديئة "قال لها مبتسما .
فنظرت بغضب ثم ما لبثت ان ارتسمت الدهشة في عينيها .
"ارأيت ما اعنيه ؟" سألها غافن بلهجة الانتصار
"لقد كنت ضحية لأوهام غير حقيقية يا اختي الصغيرة , انا موافق ان ناديا فوتو جانبك لكنها لا تستحق ذلك , انها تحب الاستعراض. ولكنك انت ... شيء مختلف . وانظري الى هذه الرشاقة وهذه
العيون !"
فتأملت فانيسا صورها وهي محتارة بين مظهرها المألوف
والغريب بنفس الوقت . بالكاد عرفت هذه الامرأة الفاتنة , ان شيئا مميزاً في حركاتها وفي وجهها يخلب الانظار
"كم من الوقت اضعنا ! لو انك تركتني اتصرف ! انك كنت دائما تعتبرين نفسك اقل من ناديا , هذا هو البرهان امامك .ان لديك مميزات اضافية لا تملكها ناديا نفسها , ان قريبتنا تحب ان تلتهم الرجال
لأنها لا تعرف سوى ان تستغلهم ثم ترميهم من جديد , وانت صورة معاكسة لها تماماً ان فمك هذا , وهذه النظرة المشوقة , تناسبان جيدا مع تناسق جسدك ...".
فاحمر وجهها وهي تسمع مديحه لأول مرة في حياتها .
"سيكون جاي مسرورا بهذه الصور اليس هذا هدير سيارته" اضاف غافن.
وضعت فانيسا يدها على قلبها وهي تشعر بخوف يمتزج مع الفرح . وكأنها كمراهقه في اول موعد غرام لها ! ولكن في اعماق نفسها لم تكن سوى مراهقة حقيقة
اسرع غافن نحو الباب . وفجأة سمعت تغبير دهشته الكبيرة فرفعت رأسها نحوه ,فوجدته مذهولا ً
"فان! اوه, يا الهي لا!".