قال محمود الورَّاق
اصبرْ على الظُّلمِ ولا تنتصرْ***فالظُّلمُ مردودٌ على الظَّالمِ
وكِلْ إلى اللهِ ظلومًا فما *** ربِّي عن الظَّالمِ بالنَّائمِ
الجحيـــم
( 33 )
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
روايتي كل بطل فيها يتكلم عن نفسه هذا يعني انه اي بطل يغلط في الدين فهو الي غلط مو أنا
انا مستحيل و من سابع المستحيلات اكتب لكم شي خطأ بالدين
الدليل او المعلومة الدينية قبل احطها اتأكد منها من مواقع اسلامية موثوقة و اذا اضطريت سألت اهل العلم فيها
الأحداث القادمة بتحمل اشياء تشيب الراس لهولها و اعيد و اكرر مهما كان فيها اغلاط دينية من قبل الابطال فأنا مالي دخل
و الغلط اكيد بوضح في يومٍ ما انه غلط , النهايات الي بعضكم يتوقعها للأبطال وتكون نهايات سلبية مو شرط تصير و لا شرط الايجابي يصير , الرواية ماشية بوتيرة اذا استشعرت الخطأ وتبت لله فالله غفور رحيم , اذا ما استشعرت ولا تبت و بقيت بدرب الخطأ فالله شديد العقاب و من كلامي هذا تأكدوا انه بإذن الله النهاية مرضية
طرقتُ الباب حتى أذن لي و دخلت
و حينما وقعت عيناه علي , إرتسمت على ملامحه علامات التعجب و اللاتصديق
فأنا لا أدخل حجرتُه و لا مكتبه مهما كان الأمر لأني و بمختصر العبارة لا أطيق خالي واعلم بكل نواياه السوداء
ألقيتُ التحية فردها كاملة و أردف : حياك يابنيتي عُطرة جلسي
جلستُ على الكرسي المقابل له , و بمقدمة لحديثي : جايتك بشي مهم
بإهتمام : سامعن لك
بثبات : ابغى ولدك معن يطلقني او ارفع دعوة خلع لأنه مو راضي يطلقني و لا ينطق بالخلع و ارد له مهره و ارتاح منه .
عقد حاجباه و كأن كلامي لم يعجبه : وش له هالكلام يا بنيتي ؟ عشرة عمر بينكم و بزارين لو لا قدر الله حصل بينكم الفرقا هالبزارين مصيرهم الشتات
الله يهدي بينكم يا بنيتي فكري و تشاوري انت و زوجك و بتحصلوا شيٍ افضل من هالطلاق
بتأفف و ضجر : هففففف تشاورنا و قرفنا ما في اي حل ممكن يصلح بيننا الموضوع يا عمي اكبر مما تتصور لا أنا اقدر اعيش مع ولدك ولا و لدك يقدر يعيش معاي
سعادتنا بالفراق و ولدك معن ماهو براده عن الطلاق الا عدم رضاوتك عليه بطلاقي منه , ولا انت رضيت هو بيطلقني او حتى يرضى ينطق بالخلع
انا تعبت منه و لا عاد لي طاقة تصبرني على العيشة معاه .
بهتت ملامحه و بتساؤل حفرتهما زوج عيناه و نطق بهِ لسانه : هو قال لك انه رضاوتي بقربه منك ؟
رفعت عيناي للسقف بملل : ايه هو , " أردفتُ بإستهزاء " ما كنت تبيه يقول لي كذا عشان احسبه متمسك فيني , هاذي الحركات ترى ما تمشي علي
سنين الله هاذي كلها ما عرفتني فيها ما عرفت من تكون بنت اصل ! , لكن انا اعرفك اكثر منهم كلهم و صدقني بيجي اليوم الي يعرفوك فيه على حقيقتك
مدري عاد ساعتها اسامحهم على ظلمهم لي و مناداتهم لي بالمجنونة و لا بيكون قلبي رافض مناطق السموحة , لانه للامانة قلبي مو رهيف مثل هوازن و عُزوف
نكس رأسه للمكتب و كأنه البريء من كل ذنبٍ ألقيتُهُ عليهِ و نعتُهُ بهِ و كأني أظلمه بكل ما اقول : حرامن عليك يا بنيتي وش هالكراهة الي يحملها قليبك علي و
قاطعته بصوتٍ عالي : هشششششششش اسكت يا خي اسكت متى بتخلع هالقناع عنك متى بتوريهم حقيقتك متى بيعرفون انك سرقتنا ما امنت علينا مثل ما تدعي
متى بيعرفون انك احقر و انذل خال بالدنيا متى يجروك بالكلبشات بالسجن متى تدمع عيني من فرحتها متى هاليوم الله يجيبه بالقريب العاجل
حرك رأسه بغير قبول : استغفر الله يا بنيتي احسني الظن , انتوا بنيات وخيتي زبيدة الغالية رحمة الله عليها كيف لي اكسر إبها و هي متلحفة بالثرى
والله ان معزتكم بالقلب كبيرة بمعزتها يا بينتي , و على نياتكم ترزقون .
أبعدتُ وجهي عنه للطرف الآخر : ياليل شكلنا ما بنخلص هاليوم من الآخر بتكلم ولدك و نروح للمحكمة و نرتاح ولا رافض هالفـ
توقفت حروفي على صوتِ صياحِ عُزوف !
قمتُ من على الكرسي متوجهة للباب و قدأحكمتُ تغطية وجهي بالخمار
و من خلفي خالي عبدالقوي يتمتم بخوف : يلا بالستر ,, يلا ان تجيب العواقب سليمة
فإذا بباب القصر مفتوحٌ على وسعه و ناجي يقف امام رجلٍ يبدو لي انه من رجال الأمن هذا ما يظهره رداءه
اما عُزوف بكامل حجابها تجلس على الأرض و تبكي , ما بهم يا ترى ! , ما الأمر !
إحتدت نبرةُ صوتي عن المعتاد و انا لا زلتُ على بعدٍ طويلٍ عن الباب : وقفي بكى و خليني اسمع من زوجك وش سبب هالنياح , يا ولد خالي
وش جاي رجال الأمن يقول ؟
قال و عيناه بتقسيمات البلاط : طالبين هوازن بالأمن بتهمة مخدرات
بإمتعاض و نِقمة : انت فاهم وش جالس تهذي به ! , ذي هوازن ذي جوهرة البيت والله العظيم انكم لا قلتوا لي انا المذنبة و كان معاكم الدليل والله ان اشك بنفسي
و لا اشك بهوازن آخر وحدة ممكن ترتكب اثم بهالكبر هي هوازن , هوازن وخيتي حافظة كتاب الله وحافظة لسانها عن كل منكر حافظة قلبها بدين ربي
حافظة زوجها و بيتها ولها من الخير ما لايعد و لا يحصى و جاي تقول هوازن مذنبة
حرك يديه بالهواء و قد استفحل صوته : ذا الكلام ما ينفع يا عُطرة اختك حصلوا بمركزها كمية مخدرات و كل العاملات اتفقوا ان هالأكياس ما قرب منها الا هوازن
و ذالحين الأكياس بتنفحص بصماتها ان حملت بصمة هوازن مافي دليل بيثبت براءتها .
بقوةٍ و تأكيد : ومن ذالحين اقول من المُحال تحمل بصمتها
تدخل عمي عبدالقوي قائلاً بثبات و لأول مرة أشعرُ انه يُدافع عنا بصدقٍ بعيدٍ عن زيف جشعه : هوازن تربية الغالي و تربيتي ومُحال تقترف هالشي
و تكسر بظهر وليدي الي افنى عمره و هو يقبض على هالمهربين و كانك تبي تتأكد تقدم لجناحها و دور به , وهذاني من ذالحين اقولك هالبصمات ماهي لهوازن
و يوم النتيجة تطلع تعال لهنيه و تعذر منا على هالكلام و اللبس .
قلتُ بموافقة ولأول مرة اتفق مع خالي بشيء : ايه كلام خالي عين العقل
تحدث ناجي مع رجلِ الأمن الذي ابتعد عن الباب
فإنخفض ناجي إلى الأرض بجانب عُزوف يحتضنها و هو يهدأُ منها قائلاً : الحين بيفتشون غرفتها و ما بيلاقون شي هدي معزوفتي ان شاء الله خير
تشبثت بقميصه و بنحيب : بس يمـ...كـن ذا شي مدبر يعني , يعني احد من اعداء الكاسر حط المخدرات بمركزها و بغرفتها
توقفت يدا ناجي عن المسح بظهر عُزوف
و بهتت ملامح خالي عبدالقوي
و تجلطت دمائي و انقطعت نياط قلبي , ماذا لو أن حديثها هذا اصاب منتصف الهدف
قال خالي عبدالقوي بتلعثم : لا ان شاء الله ما به شي مثل كذيا , بنيتي عُطرة طلعي لحد حجرة وخيتك نبهيها بقدوم الامن حتى لا يدخلون عليها بحين غفلة
نفضتُ رأسي وانا أحاول طرد فكرةٍ منطقية رماها لسانُ عُزوف ومشيتُ بخطواتي حيثُ حجرة هوازن
دخلتُ لأجد الحُجرة في بردٍ قارس أغلقتُ التكييف و سحبتُ خطواتي حيثُ سريرها من الغريب انها نائمة لهذا الوقت !
غيرتُ وجهتي إلى النوافذ و فتحتها حتى يدخل ضوء شمس العصر الذي قارب على الغروب
سحبتُ شيفون الستارة و ثبتُه جانبًا بينما الآخر مسدل
و توجهتُ للسرير و بصوتٍ عالي : قومي يا هوازن ما تعودت عليكِ كسولة
وضعتُ يدي على ذراعها لأجدها باردة ككتلةِ ثلج
إبتعلتُ ريقي و نفضتُ رأسي لأطرد صدى صوت عُزوفٍ عن ذاكرتي لا شيء مما قالته عُزوفٌ سيتحقق لا شيء من هذا
حركتُ يدي على كتفها بقوة لتستيقظ بسرعة قبل مجيء الأمن للبحث بحجرتها : هوازن يلا يالكسولة قوومي يلا قرب المغرب وانتِ نايمة
تحركت بإنزعاج و تمتمت قائلة : الكاسر شوي بس شوي
حوطتُ بيدي ذراعيها و انا أحاول سحبها عن الوسادة ولكنها ثقيلة ليس بإمكاني إبعادها
و من حسن الحظ انها استيقظت و فركت عيناها و هي تنظر لي بغرابة غير مصدقة وجودي بحجرتها
لأننا نُحب بعضنا عن بعدٍ فقط و من النادر ان نجتمع لا أدري ما السبب ؟ , حتى حال إجتماعنا كلاً منا يشرد بذهنه بعيدًا عن المحيط الذي يقبع بهِ
أعادت خصلات شعرها المنهدلة خلف اذنها و بصوتٍ مبحوح اثر النوم : الساعة كم ؟
إبتسمتُ لها و انا ابتعدُ عن سريرها : خمسة و نص يالكسولة يلا قومي بدلي بسرعة في رجال من مركز الكاسر لهم غرض هنا و جايين ياخذونه
مال فمها جانبًا و بإستنكار : لهم غرض بغرفة النوم ! اذا يبغون شي يقولون اعطيهم ياه و اصلاً الكاسر ما يدخل اشياء شغله لغرفة النوم
ابعدتُ بؤبؤتا عيناي عنها و بتبرير : عاد مدري عن شغلهم آخرتهم الأمن و ما نقدر نقول لهم شي يلا عجلي ألبسي عبايتك وخلينا ننزل ونترك لهم الغرفة
هزت رأسها بالموافقة و خرجتُ من حجرتها لأتركها ترتدي أرديتها
جلستُ على كنب الصالة , سامحيني هوازن لم استطع قول الحقيقةِ لكِ
فالحقيقة لا تليقُ بمن هو بأخلاقكِ يا اختي .
*
خرجوا من الجناح على صعودنا لهُ فإذا بأحد رجالِ الأمن يقول : لازم تتفتش قبل الغرفة
تشبثت هوازن بذراع اختها عُطرة و يبدو انها تقول لها شيئًا ما ومابين شد و جدبٍ بينهما
بزغ صوتُ عُطرة قويًا لا يقلُ عن قوةِ الماضي : اختـــي محد بيفتشها غيري
قال احدُ رجال الأمن معارضًا : لا ممنوع هالشي يا احنا نفتشها يا نرسلها للأمن و يتكفل قسم النساء بتفتيشها
بصوتٍ حاد : ما هي رايحة الأمن ولا احد بيفتشها غيري و كلامي هذا ما اثنيه
حرك أحدُ رجال الأمن رأسه موافقة فقال احدُ الأربعة معارضًا : لكن
رفع يده بمعنى توقف عن الحديث
و بعدها حرك يده يحث عُطرة على البدأ
نظرتُ إلى أبي فوجدتُه يحك ذقنه المشيب بشدة
اما عُزوف ففي الأسفل تكمل مسيرة بكاءها
بدأت عُطرة بالبحث بها و رجال الأمن ينظرون بترقب
فإذا برجل الأمن يصرخ بشدة : طلعي الي بيدك
تجمدت يدا عُطرة وجسدها عن الحراك
و يبدو انها خبأت شيئًا ما خرج من هوزان بيديها فعلم المحققُ بذلك
تصبلت عُطرة بلا حراك فأعاد المحقق بصوتٍ جهوري : طلعي الي بيدك
تعلقت عينا عُطرة بأختها المغطاة بحجابها سوداءٌ لا يظهرُ منها شيء
ومن ثم فتحت يدها وقد كان بها عُلبةُ دواء
وضعت العلبة على الأرض فتقدم أحد رجالِ الأمن و اخذها ويداه يغلفهما غطاءٌ بلاستيكي
تقدما رجال الأمن للحجرة و انزاحت كلا الأختان عن الباب
بكت هوازن فإحتضنتها عُطرة , أخفضتُ بصري بالأرض فقد أطلتُ النظر بهما خوفًا عليهما و لا شيء غير ذلك
اقتربتُ من أبي قائلاً له : انتبه لهم يا ابوي انا بنزل لعند عُزوف اهديها
حرك أبي رأسه موافقة و نزلتُ انا حيث قارورتي تنتثر شظاياها بالأرض
نظرتُ إليها بحزن و كيف لا أحزن وهي سعادتي و حُزنها حزني
كُتب لعينيكِ الشجن يا قارورة الحِسان ما ان يجيء وقت سعادتك حتى يزحزح الترح ظلال فرحك
هنا بعينيكِ جُم الكون يبكي , جلستُ بجانبها بالأرض أدسها بصدري بقوة
ما أكبر مصيبتك يا اخي سيُزج بزوجتك بالسجن بجريمة مخدرات
وانت تُسافر عن مدينتك بحثًا عنهم وهم اقربُ الأقربون لك !
تجمهرت الأدلة ضد زوجتك هوازن بدءًا بالمركز نهايةً بالدواء
اني بثقةٍ تامة انها لم تقترف أي ذنب فهي تربية أبي و أمي
و هي حافظة القرآن كما قد أسلفت عُطرة فكيف لها ان تُقدم على ما اقدمت
هنالك لُعبةٌ خبيثة من عدوٍ لدود وكيف لا يكون لك اعداءٌ يا اخي وانت الذي قد وصل إلى مرتبةِ النقيب بعد كدٍ و عناء
كل القضايا قد نجحت بها إلا واحدة لم تنتهي إلى هذا اليوم
كيف لا يكون لإنسانٍ ناجحٍ مثلك حقدةٌ حسدة
ولكن ما الدليل على ما اقول ؟!
*
دون أدلة لا يبقى من طعم الحياةِ إلا علقمها نعم هذا ما قد تعلمته , دون دليلٍ يثبت براءتي عشتُ أحد عشر سنة تحت وطأة معن و كبريائه كرجلٍ شرقي لا يرضى ب***** زوجةً له
و دون دليلٍ يُثبت براءتك يا هوازن سيُزجُ بكِ بالسجون
آمل ان يكون هذا دواءٌ ليس إلا , و اتمنى ان يكون ما بالمركز ادويةً لا غير ذلك
بصوتٍ خافت : هوازن وش ذا الدوا الي بجيبك ؟
أجابت بنحيب : والله انه دوا للصداع والله
بروية : مصدقتك والله بس ليش طلعتيه معاكِ لبره كذا منجد شككتيهم انه في شي مخبيته عنهم
أبعدت الخمار الملتصق بوجنتيها عنها دون ان تنزله او ترفعه , و اجابت : انا متعودة اول ما اصحى اشربه و قبل ما انام و خفت يطولون بالتفتيش فقلت اشيله معاي و اشربه
*
مسح على وجهه و بشيءٍ من الغضب : هذا الكلام ما ينفع يا اختي , وش يعني متعودة اشربه قبل ما انام و يوم اصحى , انا ابغى اساعدك انت زوجة رفيق دربي
الكاسر و انا متأكد انه مستحيل تطلع منك العيبة لكن كلامك ما يساعدنا
إلتقطتُ انفاسي بشدة , و بنحيب : والله مـ...دري عن شـ...ي انا , انا مرة كنت مصدعة و وحدة بالمركز اسمها رغد اعطتني هالحبوب وقالت لي بتخفف الصداع عنك جربتها وفادتني
و طلبتها من الكاسر وجابها لـ
قاطعني بتفاؤل : ايوا هذا الكلام الزين و بعدين يوم الكاسر جاب الدوا كان له نفس المفعول ؟
بإستذكار : ايوا نفس المفعول و حتى سألني وقتها كيف الدوا قلت له ممتاز
ضرب يده على الطاولة بقوة أرعبتني و بغضبٍ جامح : وش هالكلام انتِ عارفة وش جالسة تخبصين كذا حتى زوجك مدخلته بالتهمة و هالشي بيتطلب اننا نستدعيه حاولي تذكري
زين , الدوا هذا نفس النوعية موجودة منه بالمركز و تم تحليلها بالمختبر طلعت مخدرات و أول ما أرسلنا الي طلع معاكِ للمختبر عرفوا النوعية بدون اختبارها لأنها نفس الجرعة الي بالمركز
و بكلامك هذا انتِ توقفين ضد نفسك و زوجك و تثبتين انه الكاسر هو سبب في تعاطيك ِ
أدخلتُ يدي من تحت خماري وانا امسح مخاطي بعشوائية , و أشعرُ بأني سأموتُ من هلعي بأيةِ لحظة , إستجمعتُ قواي التي تلاشت منذ استهلال المعركة : اتذكرت , اتذكرت شي يمكن يفيدك
لما جاب لي الكاسر الدوا اتصلت على رغد اقولها , هي قالت لي لا جابه لك اتصلي علي عشان اذا ما قدر يجيبه انا بجيبه لك لين بيتك وانا ساعتها قلت لها عادي ارسل السواق قالت لي
لا اوعديني يالكاسر يجيبه يا انا و قلت لها وعد و نفذت وعدي لها
طقطق بأصابعه على الطاولة , و هو ينظر بالأرجاء الفارغة ما عدا أنا : انتِ تعرفي انك بدل ما تكحليها عميتيها كذا اثبتي انه بين رغد و الكاسر اتفاق ضدك انتِ , لكن ليش اصرت عليكِ يا الكاسر يناولك الدوا يا هـ
قاطع حديثه طرقًا على الباب فقال : اتفضل
دخل رجلٌ وناول الضابط احمد مجموعةً من الأوراق قائلاً : بعد التفتيش بأسماء العاملات بالمركز طلع مافي اي وحدة من العاملات اسمها رغد
نظر لي بحدة , و قال متوعدًا : كل كذبة تكذبيها هي ضدك ماهي لصالحك
بوهن : والله اني ما اكذب ولو كذبت الاكيد بوقف مع زوجي مو ضده
وجه حديثه لرجل الأمن , بأمر : سوي استدعاء لكل طاقم المركز لازم نحقق معاهم وحدة وحدة
خرج رجل والأمن
فقال بتساؤل : عندك صورة لها ؟
ضيقتُ عيني من تحت خماري أحاول التذكر : ما اظن
زفر بضيق و بضجر : ظنك ما ينفع ابغى كلام اكيد
بمحاولة للثبات : اكيد ما عندي صورة
نشب اصابعه ببعضها : والأكيد انك تقدرين توصفيها راح نطلب رسام و بتوصفين ملامحها بدقة اذا كنتِ صادقة اكيد هي بتشرد بعد عملتها واحنا لازم نحاصرها
حركتُ رأسي بالموافقة , وانا أشعرُ ان الدوار قد أصابني احتاج للجرعة لا أستطيعُ صبرًا
: عندك كلام تبغي تضيفيه
بنفي : لا
وقف وهو يتوجه للباب قائلاً : لازم تتنقلين لمستشفى الأمل
ولكن لم يكن بإستطاعتي استيعابُ ما يقول فأنا بحق غيرُ قادرة على التماسك
وقفتُ من على الكرسي وانا اضرب الجدران الصماء من حولي : احتـ...اج الجـرعة احتـ..اجها راسي بينفجر ياربي
*
لطالما حرص الكاسر على التقليل من اعداد المرتادين لمستشفى الأمل
و بهذا اليوم يا رفيق دربي ستدخل المصحة زوجتك وأول المتهمين انت ! .
***
اسندتُ ظهري على خلفية المقعد بأريحية , و بهدوء : بتقول كل شي
بإعتراض : ما عندي شي اقوله لك
قربتُ و جهي إليه وهو مُكبلٌ بالكرسي الذي يقابلني تمامًا : لا عندك اشياء مو شي , تعرف يا سمحي
انا اول مرة بحياتي أخالف القانون , المفروض اني اقول للطاقم عنك عشان تنتقل لسلك العسكري لكن انا عارف
انك ما راح تتكلم بالطرق القانونية و آخرتك بتخرج مثل الشعرة من العجين وانا مستحيل اسمح بهالشي يصير
لين اوصل لكرسي كبيركم .
ضحك بسخرية : وكيف بتخليني اتكلم اذا القانون بنفسه ما يقدر علي
أخرجتُ المسدس من قطعة الجلد , و وضعته بجبينه و بفحيح : يا طخ , و تموت ولا احد يدري عنك وانا بيديني بدفنك ولا من شاف ولا من درى
او تقولي كل شي " بإبتسامة إستهزاء " شفت انا كيف اقدر لكن القانون ما يقدر
تصبب العرق على جبينه و بمحاولة للتماسك و إدعاء القوة : ما تقدر
تراجعتُ إلى خلفية الكرسي و نشبتُ يداي بالقرب من صدري رفعتُ احد حاجباي ولازالت شفتاي تحتفظ بمعاني السخرية : وليه ما اقدر ؟!
إبتلع ريقه بتوتر : بقول لك كل شي , و ببدأ من السيارة
*
*
حالما كان الطاقم العسكري يبحثون بالشاحنة و سيارة العائلة التي تتقدمهم
خاف سمحي ان يستوقف الكاسر سيارته فما كان منه إلا ان يتقدم إلى الخطةِ البديلة
ضغط على زرٍ بساعته فوصل الصوت المنشود إلى حيثُ يختبىء الرجل الآخر
الذي كان يجلس بجانب المقاعد من الأسفل
و بلمح البصر إنقلب سمحي للوراء وصعد ذلك الرجل بمحل السائق
وحالما كان رجال الشرطة منقسمين إلى حزبين مابين شاحنة الدواجن و سيارة العائلة التي تتقدمهم
فتح سمحي باب السيارة الخلفي ليخرج بغمضةِ عين و يصير بداخل حقيبةِ السيارة .
*
*
: وبس جا الكلب وشم ريحة خوفي و انت عرفت اني بالشنطة و سكت وكأنك ما عرفت عشان تجيبني لهنا
عقدتُ حاجبي وبتساؤل : وليش الرجال يضحي بعمره ويجلس بمكانك , و الغريب بالموضوع الكلب ما نبح عنده ولا الجهاز اصدر شي ضده
بعكس الحُرمة الي الكلب نبح عندها .
بهدوء : بكل بساطة هو مجرم كبير وله سوابق كثيرة و ما دخل بعملية الا ونجح فيها يعني ثقة و مثل ما انا كنت واثق فيه هو كان واثق في نفسه وما هو خايف من اي واحد فيكم
لأنه و بالمختصر ينحط بهالموقف كثير , وبتسأل الحُرمة مين هي وكيف جبناها هاذي الحُرمة فقيرة وحالتها حالة امها بين الحياة والموت و ابوها متوفي
كانت متزوجة واحد عذبها و قرفها بعيشتها وبعدين مات بعد ما جابت منه الطفل الي انت شفته واحنا كنا محتاجين وحدة بحالتها
فكلمتها و قبلت بعرضي بمقابل مالي كبير بالنسبة لها , كان المفروض نكون اسرة ام و اب وطفل عشان السيارة ما تتفتش
لكن الشي الي راح عن بالي او ماكنت اعرفه انه هالكلاب متدربة على شم الخوف و غير كذا قلت للحرمة كذا مرة تحفظ الولد وش ملزوم عليه يقول
لكن الولد فشل بالإختبار و هذاني ذلحين قدامك .
بإستنتاج : وانت جلست بشنطة السيارة عشان السيارة بتحتاج لشاحنة تنقلها للفحص و الشركة التابعة لها وانت بهاللحظات بتخرج من السيارة بدون محد يشوفك
لكن الكلب خرب عليك , السؤال المهم انت تشتغل لحساب مين ؟
بصدق : لحساب اوين ناتان رجال من كندا , ترى انا ما عرفتهم الا من مدة بسيطة جدًا فما اعرف الا رئيسهم وهو اوين بقية اتباعه مدري عنهم
بتساؤل : عندك صورة له ؟
حاول تحريك يديه المكبلة بالأصفاد التي قد بدى لي انها تؤلمه : لا ما عندي اي صورة له لكن اذا تبيني اوصفه لك ما عندي مانع
قمتُ من على الكرسي وانا أُخرج كتيبًا صغيرًا من سيارتي المصفوفة بركن الكراج بينما نحن نحتل منتصف الكراج
جلستُ امامه و بإهتمام : إبدأ
بدأ بوصفِ الرجل وانا اكتب المواصفات بكل دقة لأنقله لرسامٍ ما حتى يرسمها
أردفتُ بإختبارٍ له : مرة كان عندي قضية فالمجرم حاول يلعب بذيله وهو يوصف للرسام واعطانا مواصفات ما تمت للواقع بصلة
زاد عليه العقاب عشان كذبه و لعبه بالقانون , لا لعبت بذيلك ممكن اقتلك .
رفع زوجا عيناه و قد كانت صادقة ولا خوف بهما
طبيعةُ عملي علمتني إكتشاف الصادق من الكاذب و الظالم من المظلوم و الخائفُ من الواثق
اصبحتُ أفهم نفسية أغلب المجرمين ولكن عينا سمحي لم تحتوي على اي شيءٍ ضده
بهدوء : لكني صادق معاك
عندما اكتملت المواصفات خبأتُ الكتيب بجيبِ بناطلي
و بذات هدوئه : انا عندي معارف كبار بكندا مجرد اعطيهم صورة اوين بيجيبونه لي , بس انا ما ابغى الموضوع ينتهي بأوين بس
انا ابغى كل اتباعه واحد واحد بمسكهم بجرمهم , لازم تكمل معاي يا سمحي و تكمل معاي بالسر بعيد عن القانون
وانا بدوري بوعدك اني ببعدك عن الأمن بس لازم تكون امين والله ان فكرت تلعب معاي والله عقابك عسير يا سمحي .
بإعجاب : والله و تفكير سليم انت تبغى الاتباع بكبيرهم عشان تقفل القضية مرة وحدة لانه احتمال كبير ان مسكت الكبير الاتباع
يكونوا مكانه .
قمتُ من على الكرسي أدور من حوله : بالضبط هذا الي ابيه
رفع احد حاجباه قائلاً : والمطلوب ؟
وضعت يداي على كتفاه : المطلوب انك تجيب اتباعه لي كلهم و وعد انك ما بتتعاقب على ولا جريمة و اعيد واقول لا تفكر تلعب معاي عقابك عسير يا سمحي ان لعبت
رفع رأسه لأعلى ينظر لي و إبتسامةُ سخرية تحاوط شفتيه : اساعدك بالكلبشات !
تركتُ الكرسي و توجهتُ حيثُ سيارتي أدخلتُ الكُتيب بداخلها و أغلقتُ هاتفي الذي لم يتوقف عن الإتصال , لا اظن ان هنالك شيءٌ اهم من هذه القضية
نظرتُ إليه و بإبتسامة باردة : طبعًا لا , بتصير حُر و بسفرك لكندا وبتدخل بيت اوين ولا كأنك قد قابلتني و تعرف كل صغيرة و كبيرة عنهم يعني تشتغل جاسوس عندهم
إتسعت عيناه بإعجاب وقال بذات سخريته التي ما ان تغيب عنه للحظة حتى تعود للحظات : والله وطلعوا المطاوعة يرضون بشغل التنصت
بلامبالاة : والله ان كان فيها مصلحة خير ما فيها شي , تبي و لا اقتلك او ابلغ عليك و يقيموا عليك الحد بإعتبارك مهرب
حدق بي مطولاً ثم قال بثبات : موافق .
و خرجتُ من الكراج إلى حيثُ المسجد لآداء صلاة المغرب .
***
الفراغ , و الفراغ , و الفراغ لا شيء غيرُ التحديق بالفراغ
مقيدة بسلاسلٍ من جحيم , و كوبرا بسمومها تحيطيني
تُريد قتلي وأي قتلٍ قد تقترفه بي وانا قد قُتلتُ بحقيقةٍ لاذعةِ الطعم
قبل يومين تم كل شيءٍ كما أراد هو , و أراد شيطاني
تزوجتُه زواج سِر " عُرفًا " بإختلال احد شروط النكاح ألا وهو وجود ولي الأمر
تم كل شيء بسرعةٍ هائلة لا يستطيع لساني حكايتها و لا يستطيع الحبر صياغتها
لأجدني بمنزله بل بحجرته و الأصحُ من هذا بحجره ِ
أُلامس خصلات شعره كما قد تمنيتُ سابقًا
و هو ينثرُ قبلاتُه حيثُ شاء و كيفما شاء
و صار كل ما شئتُ و تمنيتُ أن يصير
أصبح هو ملكي , معنٌ لأنهار و أنهار مُلك معن
لا أستطيع و صف و فير وفيض سعادتي آنذاك
و بهذا الحين لا استطيع التعبير عما قد حصل
لا أجيدُ ترتيب ما حدث فكل ما حدث كان سريعًا كومضةِ برق
لكنه كان حارقًا كجمرٍ ملتهب , كان موجعًا حد الموت
بعدما انطفأت نارُ الشهوة قام هو من على السرير
يجرُ خطواته إلى ردائه الموضوع بالأرض بإهمال
أخرج من داخله قداحة و سيجارة
و جلس على السرير من خلفي
إستدرتُ بإتجاهه و بدلع : حبيبي
لكنه وضع يديه بوجنتي و ثبت وجهي بإتجاه الأمام
بتساؤل : هممم معوني ابي اطالع فيك لسى ما شبعت منك
قال بصوتٍ بدى غريبًا , به بحة وشيئًا لا أعلمه : بتشبعين بس خليكِ كذا ثواني
إلتزمتُ بالصمت بإنتظار ما سيفعله بكلِ شوق , شوقٌ وشغف كان بمحله الخاطىء
تصاعد دخان سيجارته بالأرجاء , أزاح شعري عن ظهري و وضعه للأمام
أمسك بي بيده اليسرى و ما شعرتُ إلا بحرارةٍ تنهش بلحمي
يُخمد لهيب سيجارته بظهري , حاولتُ التملص و الإنفلات و لم أستطيع
بكيتُ ولم يستمع أحدٌ لبكائي
صرختُ " معن " ولم يكن بمعن كان وحشًا
كنتُ أنظر إليه وهو يغرس السيجارة بفمه ومن ثم يخمدها برقبتي وظهري
لتبقى علاماتها شهيدةٌ ليومٍ خُنتُ بهِ ثقة أمي
كان يتمتم بكلماتٍ مجنونة غير مفهومة : كذابين , كلهم كذابين
و يُحرك رقبته بحركةٍ بطيئة لليمين فاليسار و يُردد : ما يستحقون يعيشون
و لم يكتفي إلا حينما نثر بقع الحريق بكل بقعةٍ من جسدي
و تركني بعدما اكتفى من تعذيبي , تركني ضريحة الفراش في يومٍ ظننتُ به ان العروس بلا فستان أبيض
عروسٌ يكفيها الفارس دون الفستان و لكن علمتُ ان فارسي ما هو إلا نزقٌ قاتل فلا فارسٌ و لا فستان
مالذي فعلتُه لك يا معن لتفعل ما فعلت بي !
أعجزُ عن تفسير الموقف ! , ولا يوجد بالكون اجمع ما يجعلني أُبرر موقفك
مافعلته يناقض حديثك معي تدليلك لي وكل وعودك التي لا تنتهي
ما فعلته لم اتوقع ولو بأعمق أحلامي ان يحدث في يومٍ ما
حتى عندما كنتُ أُبغضك بقدر ما أُبغض ذاتي الواهنة بهذا اليوم
يا ترى هل تخبأ لي الأيام القادمة جحيمًا آخر غير ذا الجحيم
لا أظنُ ذلك فلا جحيمٌ بعد هذا .
***
أصدر الباب صوت صريره ليُظهر لي ما بجوفهِ
ولم يكن بجوفهِ إلا جماداتٌ لا حياة بها
إبتلعتُ ريقي وتقدمتُ بخطواتي للداخل و بإبتسامة بدأتُ أُغني كما كان بسالف الأزمان :
حادى يا بادى ياظهر النادى فكرك ايه؟
عمك شنطح جالك ينطح تديلة ايه؟
اديله قطفة ..
تديله قطفة قطفة ايه؟
قطفة ماقطفة
فكرة وخاطفة
جلستُ على كومةِ القش بضعف أنثرها بكلُ مكانٍ : مامـ..ا كملي ده مئطعك انتي كنت بتغنيهالي وانا صُغننة
مامـ..ا بعرف انك بتهزري معايا انتِ بتحبيني انتِ بتفاجئيني دلوئتي هتغني واحد اتنين تلات
ماما غني ارجوكي مـ..امـ..ا
وما كان يردُ ندائي إلا صدى ندائي
و نمتُ ليلتي تلك فوق قومة القش بين العتمة
نمتها و آخر صورة استذكرتها مخيلتي هي أمي
و على صياح الديك فتحتُ عيناي
نظرتُ فيما حولي و استقرت عيناي على الغبار المتناثر الذي يدخل من النافذة الصغيرة بالأعلى
هذا الغبارُ التي اعتادت عيناي على رؤيته بالصغر ولكن هنالك شيءٌ ما مفقود
و هو أغلى من كل النقود هو صوت أمي
قمتُ من على الأرض أشدُ الرِحال إلى حيث لا أعلم
أين أذهب ؟ , من بقي لي بهذه الحياة ؟ من ؟ من ؟
و حركةٌ إعتدت فعلها بأيامٍ معدودة و هي إحاطةُ بطني حالما أشعرُ بالوحدة
احيطها فأتذكر ان الله قد و هبني روحًا جديدة فحمدًا لله ِ على نعمه
أوقفتُ سيارة تاكسي و رحتُ حيث العمارة تارةً أخرى
سألتُ الحارس مأمون عن امي واخواتي وكيف اني لم اجدهن بالحظيرة
فقال لي وقد اكتساه الأسى : معرفش يابنتي هما فين راحوا بس انا كنت رايح للحظيرة علشان اطمن عليهم وشفتهم بيركبو عربية باين عليها الغلا
و راحوا و حاولت ألحئهم و اعرف لوين راحوا بس العربية دعست ع البنزين ومشيت بسرعة .
شعرتُ بأن روحي سُلبت مني , إنطفأ كل أمل حاولتُ ان ازرعه بواقعي المؤلم , و ذبلت جسور الفرح , و بخوفٍ مُزج بالغضب فكان خليطًا من لهب : ايه الكلام ده يا عمو
كيف بتخليهم يروحوا كده و مع ناس منعرفهمش انا كيف دلوئتي هحصلهم ؟ !
ظهر بزوج عينيه الأسف : حئك عليا يا بتي يا شكران انا حاولت بس مئدرتش بس انا عرفت رئم لوحة العربية .
واخذتُ منه الرقم و ذهبتُ عن عينيه
إلى حيثُ خاطفي أخواتي
ديانا و ربيع !
***
قد عاد إلى مصر تارةً أخرى منذُ الأمس ولم أعلم إلا بهذا الحين عن طريقِ أخي جهاد
دخلتُ إلى الشقة و فتحتُ إضاءتها المغلقة جررتُ خطواتي حيثُ حُجرة نومه يبدو انه نائم
و بالفعل وجدتُه نائمٌ بسريره , إقتربتُ منه بخطواتٍ بطيئة إلى ان وجدتُ نفسي أمامه تمامًا
جلستُ بجانبه على السرير و مددتُ يدي إلى خصلاتِ شعره
و لم أجد نفسي إلى أطبقُ على شفتيه بنهمٍ بجوعٍ و بكل شغف
إشتقتُ لك , لا أدري لما لا أستطيعُ ان أكرهك ان ابغضك
إشتقتُ لصوتك , ضحِكاتك , تدخينك بل و حتى نظارتك المملؤةِ بالخبث
وفتح عيناه , فنبض قلبي بشدة وكأني لأول مرةٍ أراه
مدة غيابك يا ركاض كانت أصعبُ ما واجهتُه بحياتي
إعتدت أن أراك بكل يوم ولو عن بعد دون حديثٍ معك
إعتدتُ أن ابكي كل يومٍ منك و لك
أتعلم ما حدث بغيابك بكيت عليك لا منك
سامحيني ركاض على ما فعلته و سأفعله
ولكن هذا هو ما تستحقه
أبعدني عنه بهدوء ومن ثم أسند رأسه على خلفية السرير و عيناه مشتتةٌ بعيدةٌ عني
هنالك شيءٌ لا طبيعي بالأمر , فهو ما ان تقترب منه اي إمرأة كانت لا يتركها إلا وقد أشبع رغبته
تحمحمت و بهدوء : ليه ما خبرتيني انك جيت من السعودية ؟
قال وهو ينظر إلى أصابع يديه المعانقة لبعضها البعض : لأنك آخر وحدة كنت ابغى اشوفها
قبضتُ على يدي و رطبتُ شفتاي وانا احاول التمساك , لا تبكي يا مي لا تبكي : كدا بتزعلني منك
إبتسم و لازالت عيناه بيديه : تعرفي يا مي انك غريبة لأنك الوحيدة الي تعرف وجهي على حقيقته و تعرفي كل شي بقلبي
ومع هذا انتِ متمسكة فيني , تعرفين اني من اول ما رجعت لمصر أسأل نفسي يا ترى وش الي حبيتيه فيني
اذا وسامة ففي الي اوسم اذا اخلاق فالأخلاق عدم و اذا ديانة فأنا دين وانتِ دين و حتى الجنسية انا سعودي وانتِ مصرية
ما يربطنا إلا العروبة و الملامح البدوية الي ربي وهبكِ ياها .
إبتسمتُ من بين ركام وجعي : كل حاجة انتا شايفها مش حلوة بيك انا بعنيا هيا احلى حاجة انا بحب كل حاجة فيك يا ركاض
بتساؤل وضعني بحيرة : و اذا ركاض تغير بتظلي تحبيه يا مي ؟
عانقتُ يديه بيدي وقد نطقتُ بما نطقت من غائر قلبي و عميقه : ولآخر عمري
لكنه سحب يديه من بين يدي دون ان يرفع عيناه ففهمتُ أنه لا يريدني لآخر عمره
كم انت قاسٍ يا ركاض , كم أنت جاحدٌ لكل السنين الراحلة
قال بهمس و همسه كان أكثر محتواه نبرةٌ تدل على قمم الفرح : انا رجعت لديني يا مي , رجعت ركاض الي ضيعته من زمان , انا الحين اقدر اقول اني مسلم بكل شموخ
لاني مسلم في هويتي مسلم في قولي و فعلي , و عشاني مسلم فأنا ما اقدر اجتمع معاكِ ولا اجلس معاكِ و لا اسمع لك و لا اختلي فيكِ واذا كنتِ تحبيني لآخر عمرك بتلتزمي
بهذا كله وبتكوني بعيدة عني .
بغصة : انتا رجعتلها ؟ هتتجوزها ؟
إبتسم بسخرية : لا , تعرفي ليش لانها طلعت ما تستحق حبي , اتزوجت ابوي يا مي صارت محرمة علي للأبد عشانها شكت بحبي لها وانا الي كنت ببيع الدنيا باللي فيها عشانها
و لا أدري هل أفرح ام احزن لحزنه ! , و كيف احزن لحزنه و انا سأكون اول من يصنع حزنه الحقيقي
زُجت زوجةُ أخيك بالسجن بسببي و كل العائلة ستلحقها المصائبُ عن قريب وانت أولهم يا ركاض
كيف لي أن احبك و اقتلك ! , كيف يجتمع الحُب و الإنتقام ؟ , فقط حينما يكون الفاصل بينهما الغيرةُ و الكيد
توقف العالم أجمع بكل مافيه من حياةٍ و جمادات حينما قال : اذا اسلمتِ , بتكوني اول انسانة اتمناها زوجة لي
فتحتُ فمي وليتني لم أفتحه لأني لم أنطق إلا بطلاسم حتى ذاتي تعجز عن فتح شفراتها وفهمها
قال وبصوته نبرةٌ ضحوكة : ممكن تستغربين هالكلام بس تعرفي لما رجعت للسعودية و شفت مارسة وش سوت فيني عرفت ساعتها انا وش اسوي فيكِ
و آمنت ان الإنسان لازم يحب الي حبه مو يجري ورى الي عمره ماحبه و غير كذا يا مي انتِ بالنسبة لي شي عزيز على قلبي من قبل ما تخون مارسة حبي لها
كنت أعتبرك اختي و كنت آغار عليكِ من كل كائن يقرب منك عشان كذا كنت احاسبك على جلوسك مع مين واعصب لاشفتك مع غيري لكني الحين عرفت اني مستحيل اكون حبيتك كأخت
وانتِ اول قلتي لي هالكلام ولكني اصريت انك اخت مو اكثر لكن عمره الاخ ما يطالع بأخته بالنظرات الي انا اطالع فيها لك
انا ما اقدر اتزوجك بديانتك حتى لو كان هالشي يصير , ابغاكِ تدخلين بالإسلام لمصلحتك ثم لمصلحتي , وعلى الرغم من انه عدد كبير من الرجال قربوا منك
بس انا بمحيهم كلهم من زوج عيوني لا صرتِ مسملة و بنسى و انتِ بتنسي .
و اذا بهِ يفتح درج الكوميدينة ليُخرج من داخله كتابان مدها لي
فأخذتهما و قد كانا دعوة ً لدخول الإسلام
وقمتُ من سريره دون اي صوت و خرجتُ من حجرته لا كما دخلت
خرجتُ أبكي حظي المنكود , لن تسامحني يا ركاض على كل ما فعلته
أشعرُ بأني خائنة , أشعر بأني متوحشة
أتمنى لو أني لم أفعل ما فعلت
لن تسامحني حينما تعلم
ولا استطيع ان أبني زواجنا على كذبةٍ قد يدفنها القانون بدل ان يكشف الستار عنها .
***
بخوف : قول طلعت براءة
زم شفتيه بقوة , يكبح ألمه على ما جرى لرفيق دربه : للأسف لا , راح نضطر ننقلها لمستشفى الأمل
فإذا بعطرة تتقدم بخطواتها لنا وهي تمسك بعباءتها من الأسفل خشية ان تحركها الانسام العليلة بهذا اليوم , و بصوتها الجهوري القوي
وثقتها العالية بنفسها : وينها فيه اختي ؟
بقيتُ صامتًا , بينما قال الضابطُ أحمد : بننقلها لمستشفى الأمل لإعترافها انها كانت تتعاطى من عبوة المخدرات الي انوجدت بالمركز الخيري و البيت .
رفعت يدها لأعلى وهي تتحدثُ بإنفعال : ايوا حتى ولو كانت تتعاطى من العبوة هي بالآخر الاكيد انها ما اتعاطت برضاها و هي اكيد ما كانت عارفة وش نوع هالحبوب
يعني هي براءة .
فإذا بصوتِ أبي عبدالقوي من خلفنا وقد خرج من السيارة و من وراءه تختبأُ معزوفتي باكية , و أُمي تحتضنها : القانون كذيا يا بنيتي خيتك بعيونك بريئة و كلنا متأكدين من هالشي
لكن ان كان القانون ما حصل دليل للبراءة فهي تستحق العقوبة
فإذا بها تستدير له و بصوتٍ عالٍ للغاية : لا تتكلم عن اختي كذا فاهم
بينما قال الضابط خَجِلاً و عيناه بالأرض : الكلام الي اسلفه العم عبدالقوي صحيح , اذا كان الدليل غير موجود فهي بتضل بالمستشفى لين تتعالج وبعدها تقضي سنتين بالحبس عقوبة لها على تعاطيها
هاذي البنود العسكرية للدولة و ما نقدر نتخطاها الا بوجود دليل لبراءة اختك .
حكت حذاءها بالأرض بقوة مما اصدر صوتًا , و اخذت تحرك يدها اليمنى بالهواء : وش هالقانون العادل الي يحبس المظلوم و يخلي الظالم يسرح و يمرح , واختي الضعيفة المسيكينة اكيد انها
ما قدرت تدافع عن نفسها و ش قالت لكم بالتحقيق ؟
بهدوء : امور التحقيق في غاية الحفظ و ما نقدر نتكلم عنها قدام اي كائن كان , ولو الحين احد شافني اكلمكم احتمال كبير يكون لي عقاب على تصرفي الغير قانوني
لولا الله ثم مقربتكم لأخوي الكاسر ما كان لي هالوقفة هنا .
بسطت يدها بالهواء و حركتها يمنةً فيسرة و ظهر صوتها ساخِرًا : لا والله سويت خير ما شـ
فقاطعها أبي بحدة و لأول مرة يعلو صوته عليها : سكتي طال لسانك كثير , " أردف وعيناه بإتجاه احمد الخجول من تصرفات عطرة " : مشكور يا ابوك ما قصرت معنا والكاسر ارجوك لا تخبره حنا بنتكفل بهالأمر
حرك أحمد رأسه موافقة و هو يعطينا ظهره مبتعدًا لداخل المركز
بينما عُطرة استدارت بإتجاه أبي لتُكمل مسيرة الصراخ
فإذا بأبي يوقفها قائلاً : والله ان انرفع صوتك هنيه و الله ان ما يصير لك طيب
و من العجب انها إلتزمت بالصمت !
مشيتُ من وراءهم و لكنني تقدمتهم بالخطوات لأسحب معزوفتي من جانبِ أمي للوارء
فتحاذيني بخطواتي إحتضنتُها من جانبها وانا احثها للمشي إلى السيارة
و امي كانت تتحدث مع ابي بشأن هوازن و الكاسر
اما عُطرة فقد كانت تمشي وحيدة بخطواتٍ بطيئةٍ للغاية
لأعتقدُ ان حديث أبي قد أثر بها ولكن أظنُ انها تفكر بحلٍ ما لمعضلةِ هوازن .
***
خرجتُ من المسجد بعد انتهائي من آداء صلاةِ العشاء
أخرجت هاتفي الخاصُ بالعمل من جيبِ بنطالي فلم يكن هنالك أي اتصال او رسالة
و من ثم أدخلتُه لأُخرج هاتفي العام
فإذا بي أجدُ أربعة إتصالاتٍ من ناجي !
عقدتُ حاجبي بغرابة
و أتصلتُ عليه
ثوانٍ حتى سمعتُ صوت انفاسه ِ من الجهة المقابلة , بهدوءٍ بعث لقلبي الريبة ان هنالك امرٌ ما يدسه عني
و سيخبرني به ِ الآن : السلام عليكم
رددتُ السلام كاملاً
فإذا بهِ يُطبق توقعي بشأنه بكل حذافيرهِ قائلاً : في شي مهم لازم تعرفه يالكاسر
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $
هذا الجحيم الي المفروض يكون نزل يوم السبت
والله اني كتبته كامل بذاك اليوم ما عدا القفلة و المراجعة
لكني مرة كنت مرهقة وما قدرت انزله لكم
و بعدها كان علي اختبار فيزيا و يا دوب ذاكرت
و بكرة انقلش بس الحمدلله مداني اذاكر و اكتبلكم بس بقيت لي الواجبات الله يعين
قراءة مممتعة