لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-06-14, 07:51 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بما إني بكرة بكون مشغولة فاليوم بإذن الله بنزل الجحيم باقي مقطع بكتبه وعلى طول بنزلكم الجحيم

كونوا بالقرب أحبتي ^^

 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 10-06-14, 08:42 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

طفولتي !

الرجل اصبح انثى ناعمة
والأنثى اصبحت رجل قاسياً
انقلاب فطرتي بات قاتلاً
طفولتي سلبت فهل من ناجياً ؟
لاعبتُ اطفالاً بتلك حواريا
ترفرف البسمة ربوع ثغريا
لتنقلب فطرتي
جياشة قسوتي
كالأنثى اشتكي
ألا تخافون الرب بلواطكم ؟ !
ألا تخافون الرب بسحاقكم ؟ !
ألا تخافون قول نبيكم : " (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به) " ؟
ألا تخافون قوله : " ( السحاق بين النساء زناً بينهن ) " ؟




الجحيـــم

( 3 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **







انفه يحتك بأنفي وانفاسه تحرق مابين ثغري وأنفي يهمس برقة و ابتسامة تعلو شفتيه : لك بشارة حلوة
بحماس ظهر بصوتي الذي ارتفع عن نعومته المعتادة الربانية : وش هــــــي ؟
بيده اليسرى أخذ يلعب بخصلات شعري التي بالجانب الأيمن : البنت كلها شهر بالتمام و إثباتها بيوصل ها شتبين تسميها
كنتُ سأبتعد عنه لشدة فرحتي أريد ان اقفز كالبلهاء لكنه تمسك بي حارقاً شفتي بلهيبه مُقبلاً إياها بشغف شاركته ذات شغفه بهذه القُبلة الحميمة التي تحمل أجمل معاني الحب المتوج على مر الزمان
كنا نبتعد ثوانِ معدودة ليسترق كلانا غاز الأكسجين لرئيته و ترتد شفاتنا لإرتشاف ماء الحب بعد اختلاط ذاك الأكسجين بمجموعة غازته بهيدروجين الحب القابع بالشفاه فيرتوي القلب حياً
رنين الهاتف ملأ المكان بصوته المزعج ابتعد عني ليخرج تلك الكُتلة الضئيلة من جيبه و يضعها بمسامعه كان الهدوء يطغى عليه حتى بدت عروق خضراء ترسم طريقها بيديه و غشاوة حمراء تغزو عينيه
فيضع يده بقلبه جاثياً بالأرض ..
لشدة صدمتي وخوفي وجزعي وذعري لم أحرك ساكناً حتى هدبي بات واقفاً ما الذي يمكنني فعله حين المصائب ؟
أأصرخ ؟
أأبكي ؟
أم هل اتهاوى بالأرض قرابته ؟
أم ماذا ؟
حاولتُ سحب اقدامي من قيودها الحديدية لتناسب بسيولة جارية نحوه أهزه وانا أصرخ وقلبي يضرب و انفاسي تسلب : مـ.............ااااااااهـ...ر
حاولتُ قلبه ناحيتي أراه يعتصر قلبه بشدة و كأن قلبي يعتصر وضعتُ يدي موضع خده منادية : مـ...اهر انت تسمعنـ..ي مـ..اهر قـ..وم عشانـ..ي
وبدل ان يستيقظ سقطت يده بالأرض وظلت عيناه بيضاء للأعلى ..
تهاوى قلبي حيث حجري
امسكتُ بيديه ارفعها أهزها بقسوة واصرخ بصوت عال : مـ........اهـ....ر شـ...ف يـ..دك تتحـ...رك مـ...اهر انت صاحـ..ي
مددتُ يدي انعش قلبه عله يعيش
فلتعش يا ماهر
لأحسس بتلك يد تسحبني بعيداً عنه اصرخ بها : يااااااااااااااااسمــــــــــ.........ين ماهـ..ر عايـ......ش
اخذت تحتضنني مكبلة اعضائي عن الحراك : بس عشان خاتري بس يا ست هانم اتلبي الرحمة من ربنا
ضربتها بصدرها بقسوة أركلها لتبتعد فتقترب اكثر اصرخ بها : كذااااااااااابـ........ة مـ.......اهـ..ر و ربـ....ي عايـ..ش شـو
انقطعتُ عن تكملة الكلمة وتلك جميلة تضع يدها بأعلى منابت شعره و تجرها لأسفل لتحتضن الأهداب عينه وتغطيه بذلك شرشرف و سيع ابيض وترحل عن المكان كما دخلت
جررتُ شعر ياسمين بقسوة فبتعدت عني
أخذتُ ألحق بتلك الشمطاء جميلة
رأيتها ترتقي الدرج فأخذتُ أراشقها بتلك الشتائم البذيئة التي لم أنطقها بتاتاً في حياتي : خيــــــــ..............ر انتِ و قفــــي يالوقحة وقفي
توقفت عن الصعود و ظهرها يعاكس اتجاهي لأكمل بصوتي الذي انبح صوتي الناعم الذي خرج عن سعته المعتادة : لفي ظهــــــــرك لـــــــي
إلتفت نحوي أرى دمعها جاري بوجنتيها جلست على عتبة الدرج تنتحب بصوت عال تبكي بحرقة وكأن بها تعرف ماهر منذ أعوام !
إصفر لوني و أزرق وأخضر لماذا تبكيه بهذه الحرقة ؟!
لقد جارت حرقتها قهري !
أليس هو زوجي ألستُ الأحق بالبكاء عليه ؟
تقدمتُ الخطى نحوها حتى اصبحتُ بمحاذاتها أحاول تحركيها فلا تتحرك فجسدي النحيل امام جسدها لا يفي بالغرض صرختُ بها : جمـــــــــــيلة ارفعي عينـــك
رفعت عيناها لي وهي ترمقني بتلك نظرات وتصرخ بي : احمـــــدي ربنا يا ست غزال دا جوزك بس مات انا جوزي وضانايا أُنبلة فجرتهم و ماكنش بإيديا حاجة ده كان نهار اسود آآآآآآآآآه يااااارب ارحمهم
لم أستوعب كلامها حتى أرى ياسمين وبضع خادمات يشدون ماهر حيث الباب وهم يحادثون الحرس لحمله خارجاً
وقفتُ متوجهه الخطى نحوهم أناديهم بصوتي الذي بات مختفياً : لااااا
وقفوا عن الحراك و تركوه ارضاً اسرعتُ الخطى نحوه وضعتُ رأسي بحجره أُقبل جبينه و رأسه بين منابت شعره استنشق عبيراً ميتاً هذه قبلاتٌ ودائعية جائزة شرعاً
أحتضن كامل رأسه لصدري أدخله بجوفي أدفنه بأحشائي بعيداً عن وحشة القبر بعيداً عن عذابه و نعيمه بعيداً عن ظلمته : ماهر تدري شكثر أحبك .. و أحبك و أحبك و أحبك يعني خلاص ما عاد احضنك يعني ما اكلمك ما اشوفك يعني كذا خلااااااااااااص
ليــــــــش تخليني وحدي طيب انا " أخذتُ أشير إلى نفسي " انا ايش ساويت لك ليـــــش تعاقبني بهالقسوة ياماهر اصحى عشاني مو انت تحبني
أحسستُ بيد تبعدني عنه فإذا بها ياسمين تقول : إنا لله وإنا إليه لراجعون استهدي بالله ياست غزال ده الي انتِ بتعمليه اعتراض على قضاء ربنا ماتهدي بئى و تدعيلو هوا محتاج دعاؤك ياست هانم
إزداد بكائي رفعتُ يدي لأعلى ألطم بها خدي و أصرخ بعنفوان الفقدان ليس اي فقدان بل فقدان العشيق
سحبت يدي بقوة عن وجنتي وهي تقول : ( ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) أهدي ياست غزال اهدي ياحببتي
اقتربن الخادمات من الباب و هم يشدوه حتى اصبح بالخارج وحملوه الحراس عن المكان و تهاوت قدماي أرضاً .



*********************


مضينا حيث مجلس العلم انا و الكاسر و ناجي و ركاض من المعتاد ان ركاض و ناجي يكونوا بالأمام يتسابقان حيث المجلس و انا والكاسر خلفهم نتبادل اطراف الحديث لحين وصولنا
لكن ما حدث اليوم أمر قد يكون غريباً فناجي منكمش على نفسه يمشي مجانباً لنا يلتف برأسه يمنة وتارة يسرة أقسم بأن ما يجري الآن هو بسبب الأمس بس ببكائه الحارق ما الذي قد جرى يا ترى ؟
يبدو بأنه قد ضرب ضرباً مبرحاً لكن لما يخفي حقيقة من قد ضربه ؟! لم هو خائف هكذا ؟! لم يسبق لي أن رأيته بهذه الحال الكسيرة
تشبت بي بقسوة أنزلتُ عيني له لأرى بؤبؤة عينيه جامدة شاخصة بمكان ما رفعتُ عيني مكان ما ينظر لأرى ظهر غريب اطوار القبيلة وهو يتوجه لمنزله عقدتُ حاجبي بإستغراب أيعقل بأن هذا الرجل له
دخل بإنكسار أخي ام ماذا ؟ و الثوب الذي كان يرتديه أخي انه والله بحجم هذا الرجل الضخم ما الذي قد حدث يا ترى ولم أخي خائف هكذا ؟ يتوجب علي سؤاله حين عودتنا من المجلس فلن اتركه بهذه الحال النازفة مطلقاً
و صلنا حيث المجلس وأنا أرمي نظرات احتقارِ و تصغير لذاك " علي " حبيب عُطرة إبنة خالي أمسكتُ بيدي كاسر تحت مرأى عيني " علي " و أخذتُ أرفع من درجات صوتي و سعاته : شرايك يالكاسر بكلام أُبوي حيال الزيجة و ظنك الكبير للكبير ومن هو اصغر للأصغر على هالكلام
نصيبي واقعن على عُطرة
نظر إلي أخي " الكاسر " بنظرات حارقة موبخة مشتعلة غضباً معناها المبطن " أصمت " فهو لا يحب الحديث عن أمور المنزل بهذه الإنطلاقة فحديثه بالخارج بعيداً عن المنزل كلياً
إلتزمتُ بالصمت وكأنه أخي الأكبر وانا الذي أصغره لطالما كنتُ بالمعاملة الأصغر صغير العقل الطائش والكاسر هو ذاك الرجل المعتمد عليه بشتى جوانب الحياة
اعدتُ أنظاري لـ " علي " لأرى اللآمبالآة تظهر بزوج عينيه وهو يحادث اصدقائه من رواد مجلس العلم .




*****************



وضعتُ أختي الصغرى عُزوف على فخذي و ظهرها بحجري و أختي الوسطى هوازن قابعة بجانبي نظرتُ إليهن بأسى ومن ثم حاولتُ أن أبدد هذه النظرات بالقوة
كان الصمتُ سيد الموقف فأنا لا زلتُ أصيغ كلماتي
رفعت عزوف رأسها لي وهي تنظر لي بنظراتً طفولية برئية ببريقها اللآمع الذي يضوي ويتأهب للبكاء هذا حالها منذ وفاة أمي بعينيها ذاك خط انكسار يرسمُ الواقع بألمه
إنها تنتظر مني كلمة تعزيز او ما شابه كلمة تعيد الأمل بداخلها لترنو سعيدة فرحة تراقص ألحان الفرج تتمايل يمنة و يسرة بمرحها المعتاد لكن أي أمل سأبدده بداخلكن إني حتماً سأزيد من جرعات جراحكن
يبدو أن ألم الفقدان لن يندمل مطلقاً و كيف يندمل و يعود الغشاء للونه بعدما فقد مكونه الأساسي الأم الحنون العطوف ذات القلب الرحيم صدرها ساحات حنان بروائح الأزهار و رأسها منبع إحترام بأعالي الجبال
و قدمها جنة عرضها عرض السموات والأرض
شددتُ بعزوف ادسها بحجري و أُحدق بنظراتي بهوزان بهدوء : انتن راضياتن على خالكن ولا مابه رضاورة بقلوبكن ؟
إقتربت مني هوزان تضع رأسها بكتفي : والله يا وخيتي عُطرة هذا خالي وهو من لنا والله اني احس به يسعي لمصلحتنا ويتمنى الخير إلنا ما ظنتي كلامك من ساعة صحيح
حاولتُ أن ألتزم بالهدوء و ألا تعلو نبرتي لما تخللها من الحسرة و القهر : هوازن والي يسلمك يا وخيتي فكري بها زين هو من هالحين جالسن يفكر يريد مصلحتنا ! كانه يريد مصلحتنا وينه ما يسعى للقاة ابوي هو لو حصله حنا بنكون بأفضل حال
رفعت رأسها عن كتفي : بس هو فعل ما عليه وما قصر وبحث عن ابوي وما به مكانٍ ما لفه و العجز عن لقاته يأساه و تركه يفكر بشي طريقتن افضل وانتِ يا عُطرة المتعلمة وعارفتن انه " بعض الظن إثم " هدي و أنا أختك وتركي الشر ذا الشيطان يسوس بك
أبعدتُ عُزوف عن حجري وانا أنظر لآخر أمل ممكن أن يصدقني : وانتِ يا عُزوف شرايك ؟
نظرت إلي ثم إلي هوازن و كأنها بدوامة حيرة تلوج بزوبعتها : انا واقفتن مع خيتي هوزان و راي من رايها
أبعدتها عن فخذي بتلك قسوة حتى سقطت على الأرض و ارتطمت وجنتها بها زحفت هوزان إليها تحتضنها و تمسح خدها لئلا تدخل بمشورع بكاء آخر
بينما أنا خرجتُ من الحُجرة ضاربة الباب خلفي
امشي على الأرض بأقدامي الحافية تحرقني شمس الظهيرة المتوهجة لكن الحرقة الجسدية لا تضاهي الحرقة النفسية التي تقبع بالقلب يبدو انك يا عمي ستحصل على ما تريد .


*************





وقفتُ من بعيد أنظر إليه وكل خليه بجسدي ترجف خوفاً لما يحدث وكأنني أرآه للمرة الأولى وانا في الحقيقة أرآه للمرة الألف و يشكي قلبي للرب
أمسك ذاك الطفل في السابعة من عمره قد أتى به من أبها يبتره هنا بالقبيلة ويرمي به متوسلاً في مدينة جدة أخذ تلك ربطة سوداء اللون يلفها حول عينيه
والطفل في حيرة من أمره ومن ثم ناداني كالعادة لأشاركه جريمة قتل الطفولة جررتُ اقدامي المجبورة و مشاعري التي عليها الإنصياغ
أصبح الأمر معتاداً رفعتُ الطفل لأعلى وهو يربط يديه كأنما آلة مشنقة قيده عن الحراك والطفل بدأ بالصراخ أخذتُ اللاصقة من الأرض اضعها بثغره
بينما هو إبتسم إبتسامة كريهه تحمل معاني القسوة والطغيان و اللآمبالاة رفع الآلة الحادة بأسنانها وشفراتها لأعلى فتلتمع و تنعكس اشعة الشمس عنها لتسقط
بكل قسوة بعضد الصغير فتهبط اليد بعضدها و بأصابعها وبدمها أرضاً فيبدأ الصغير بالبكاء فعلو صوته وانينه قد هزم تلك اللآصقة إقتربتُ منه و أنا معتادة على الأمر بيدي حبة مهدئة وكأس ماء فتحتُ اللآصقة بخفة وأمسكت بفكه بشدة أوقفه عن الحراك لئلا تسقط الحبة
بعد وضعها بثغره وسكب الماء بها ليبتلعها بحلقه ويبتلع جراعات الألم
إبتعدتُ عنه بينما هو فتح القيد عن الصغير اجلسه بالأرض و رأس الصغير يترنح يمنة ويسرة على سكرات النوم أغرق قطعة القماش بالزيت الساخن المغلي و وضعها بيد الطفل يوقف نزيف الدم
الطريقة الملائمة لذلك المطهرات وماشابه مما يوجد بالمدن ولكن شحه يمنعه أن يأتي بهذه المواد وها هو الصغير ينام بعيداً عن واقع مؤلم سيعشه قريباً
بكاء الصغير الرضيع بالحُجرة جعلني أقوم من أرض " الحوش " أو بالأحرى أرض كسر معاني الطفولة دخلتُ إلى الحُجرة أنظر إلى الصغير و كأني أنظر إلى مستقبله المميت
بينما هو عاد يناديني : يا عُشبة
تنهدتُ وأنا اهمس : وش تريد يا حمدان الله يهداك



************

انتهى مجلس العلم كالعادة الساعة الخامسة عصراً توجهتُ للمجلس وأنا أقف على بعد أمتار أنظر إلى الزقاق الذي كان يقف به " علي " و " عُطرة " فلم اجدهم هناك
ثبتُ بمكاني انتظر خروجه من المجلس وما إن خرج وخرج أبناء " عبدالقوي " جميعهم حتى أصرخ منادياً إياه ليتوجه بخطواته ناحيتي خطى مهمزوزة مترددة
عقدتُ حاجبي و كتفتُ يدي ناحية صدري نظرتُ إليه بتعمق : شفيك ما تحادث عُطرة ؟ هذا هو اتفاقنا يا علي ؟
وضع يده برقبته يحكها : والله ياعمي ظانع هي ما حضرت
و ضعتُ يدي بكتفه و بنوع من الغضب : وإنت وش هي شغلتك ماهو بمواساتها هي المفترض من زود حبها لك تحضر ماهو تتغيب
أخذ يشبك اصابعه ببعضها و كأن به سيقول حديثاً غير مرضي : عمي ظانع هالبنية عُطرة لقطنا ولد عبدالقوي معن وانا احادثها كانه يبقسني و يهب بها
أمسكته من ياقة ثوبه مكتظ بالغضب مكتنز بالقهر مخلد بجحيم الهزيمة : ايا الرخمة ذي سواتك يا علي وانا معلق بك الأمل من ثلاثة اشهر هالحينا كله ضاع
بخوف : مير بها ان تقرب قبيل ثلاثة اشهر كانها تخاف و تتقايل الخوف من الله ياعلي وهالمعن اقسم بالله يا عمي ما كنت بجاهزته ولا اني بداري بقرابته هنيه و حولنا ظني من جابها الكاسر
ضربت جسمه بالجدار بقسوة و بصقت بوجهه : هه تظن بعطيك حقك من المال فأنت غلطان يا علي زينِ اني اخذت البنية ولا كانه طاش الفلس لبعيد .
بقهر اتضح بصوته : تريد تلعبها بـ عبد القوي ياعمي ظانع
مشيتُ مبتعداً عنه : ما يخصك





****************


أخذتُ أهُز الأرجوحة الطفولية الوردية حتى تهدأ الطفلة أحببتها كثيراً رغم اني قبل مكوثي هاهنا كنتُ
أستصعب الأمر فلم أتوقع لوهلة بأني سأنجرف ناحية الأطفال و سيعود الحنان لمنزله بالقلب فما حدث لي قبل سنتين أمر قاسي للغاية
زوجي و طفلي بذات اليوم لم تسعهم الأرض إلا قبراً ما أن لُف طفلي بمهده حتى احتضن بكفنه أصبحتُ اكره و ألوم الزمان بتاريخه بيومه بساعته ودقيقته و ثوانيه و اجزاء من ثوانيه
استمع إلى أنين " غزال " وهي تتقلب ذات اليمين وذات الشمال بفراشها و تقطب ملامحها تشد فراشها يرتعش جسدها كأنما ماء قد سكب فوقها فأفجعها لم أرى هذه المرأة الا يائسة بؤسة
وكأنها تحكي معاناتي قبل سنتين في بداية الأمر كنتُ لا أطيقها لفقدانها الأمل فهي ولله الحمد احسن مني حالاً فزوجها مات مرأى عينيها احتضنته و قبلته و ترك لها ما ترك من أملاك وطفلتها لا تزال على قيد الحياة
اما الآن فقد احببتها رغماً عني لما تتسم به من الطيبة و الصفاء رقيقة في تعاملها و بطبعي اعامل الناس بالمثل اربعة اشهر قد مضت منذ رحيل زوجها وتبقى عشرةُ أيام وستنتهي عدتها عدة الأرملة
أخذ رأس الطفلة يترنح فقد بدأت تغفو مددتُ يدي افتح الحزام الأسود الصغير عنها وأحملها لأضعها بسريرها أمسح على شعرها الأسود وأنا أقر آيات الله الكريمة لتحصينها وحفظها من الوسواس
أدرتُ رأسي بخوف بعدما صرخت " غزال " في نومها استيقظت مفجوعة تضع يدها بقلبها يرتفع صدرها لأعلى هابطاً لأسفل بين عمليتي زفيرٍ و شهيق ترفع الطرف الأعلى من هندامها لرقبتها تسمح العرق عنها تشيح برأسها يمنة وتارة يسرى
تنادي بصوت قد بدى مختنقاً " مـ..اهـ...ر " نظرتُ إلى الطفلة فإذا بها نائمة كالوردة في جمالها توجهتُ إلى " الكوميدينه " أخذتُ عبوة الماء اسكب قليلاً منه بالكأس
جلستُ مجانبة لها بمضجعها أناولها كأس الماء أخذت الكأس لترتشف منه و من ثم تزحف ناحية " الكوميدينه " وتضعه بها نظرت إلي و بإتمنان قد ظهر بصوتها الخافت : شكراً
إبتسمتُ لها بود : عفواً
كنتُ سأقوم إلا انها نادتني : جميلة
إلتفت لها بعيني : نعم يا ست غزال
أنزلت يدها من حجرها ضربت به مضجعها بخفة مناديةً إياي : تعالي هنا أبغاكِ تحكيني قصة زوجك و ولدك ابغاكِ تفتحين قلبك ليا
قد وعدتها ان أحكيها القصة ولا فرار منها الآن لا أدري إن كانت قصتي ستزيد من أملها بالله أم ستزيد من جرعات الألم بخلجاتها
قعدتُ مجانبة لها حيث أشارت إلي أخذ شعاع الماضي المنعكس بعيني يسقط على مرآة الواقع بمصر الحبيبة مصر الهمة مصر الشامخة
بين أزقتها المزدحمة بحيوية الناس و نشاطهم منذ بزوغ الشمس وتوهج أشعتها وشق الندى طريقه ببتلات الزهرة كنتُ بعملي معملة ابتدائية
و زوجي بالمنزل يعتني بطفلي حتى حين عودتي فأتعني أنا بالطفل و يلازم هو عمله " مباحث بالسر "


*
*

فتح الباب له وهو يبستم : اهلاً وسهلاً ده البيت منور النهارده
رد له الإبتسامة : صباحك فل بس مفيش وأت خد ده السيد اتلع عليه و بعدينا لينا نقاش تاني
مد يده متناول " السيدي " : اوك ده بتاعت التجار
وهو يعطيه ظهره و يبتعد عنه : آه ده هوت
اغلق الباب موجهاً خطواته حيث التلفاز يدخل " السيدي " بالجهاز و يتناول ذاك " الريموت " ليجلس على الأريكة ممدداً قدمه على الطاولة
عاقداً حاجباه متوجساً ينظر لما يحتويه السيدي ويسترجع الذكرى

*


جلس على الكرسي واضعاً يده بالمنضدة : هالبضاعة بعد اسبوع بالضبط بتنزل للسعودية ظنك بنلحق نمسكهم
وضع يده بذقنه يسمح عليها بتفكير : ان شاء الله بس دول مجرمين أوي
وهو يهز ررأسه بإستياء : وهذا هو الي مخوفني منذ مبطي عمي توفى على يدينهم تهقي ترد المواجع
رشف من كأس العصير الزجاجية ثم وضعها بالمنضدة : عاوزك تنسى الي فات ده هوت أتلوا جدكم بس كمان جدكم أتل جدهم متل ما ألونالك اتبع نفس المعلومات
روح للمكان الي اعتناك ياه و استنى بئى هناك وانتا معاك المسدس وكمان بيجوا معاك ضباط من مصر يساعدوك انتا امسكهم من السعودية و نحنا بنعتلقهم بمصر انتا بكرة لازم ترجع للسعودية تجهز نفسك
إبتسم له : ان شاء الله خير
اعاد له الإبتسامة وهو يغمز : اشطة
وضع يده ذات السمرة الشرقية فوق يده البيضاء و بذات اللكنة المصرية و ذات الغمزة : اشطة


*

امسك بالريموت ينتظر المقطع الآخر فإذا به صوت الصغير يبكي توجه لمضجعه وهو ينظر له اخذ يحك شعره متجهم وجهه " مش وأتك "
حمل الطفل معه وعاد للحُجرة توجه للمطبخ يضع الماء بقياسه 2 مل و ملعقتان حليب ليغطي الزجاجة و يخضها حتى يمتزج الماء بالحليب
جلس على الأريكة وهو يمسك رضعة الصغير فتح على المقطع الجديد


*


أخذ يمشي بسيارته خلفهم وهم من خلفه يحرسونه والله سبحانه وتعالى هو الحارس الأكبر يقول للشيء كن فيكون حاول بقدر الإمكان أن لا يلفت نظرهم له
و لكن يبدو بأن اللعبة قد بدأت حقاً يبدو انهم رأوه تمايلوا بالمركبة يمنة ومن ثم يسرة بسرعة هوجاء بين أزقة الحارة ضاع الحراس من خلفه وبقي الله اقواهم بقي الجبروت المنان القوي العزيز
ذو التسعة والتسعون اسماً حسناً في علم البيان و غيرها بعلم غيبه سبحانه لم يضع عنهم إنما أثبت لهم ضياعه بتلك لفة مكث بها وكأنه لم يراهم اينما ذهبوا بينما حفظ مكان ولوجهم بتلك مرآة عاكسة
لما بالخلف ترجل من المركبة يمشي حيثما توقفوا هم
توقف عن الحراك وهو يرى ظهورهم ويستمع لحديثهم

*


وهو يعدل " الكرفتة السوداء " : جبت الفلوس
نظر إليه بعينيه التي يتحويها الإستحقار وتلك ابتسامة ساخرة تعلو شفيته : لا جيت امزح معاك ما تجيب الشنتة بئى
رفع حاجبه بتشكيك : وانتا ماا تجيب الفلوس بئى
إلتفت للخلف حيث سيارته توجه نحوها ليخرج حقيبة سوداء
ابتسم وهو يرى مقبلاً اتجاهه
مد له الحقيبة : خد
اخذ الحقيبة منه ونظر إلى إبنه في الخامسة عشر من عمره ليأتي بحقيبته
اقترب منهم وهو يحمل الحقيبة مدها لأباه ليأخذها منه ويمدها لذلك الرجل
الذي تناول منه الحقيبة باليد اليسرى
ابتعد عنه ناحية مركبته بينما هو إلتفت للخلف رفع ذلك جهاز المخابرات لأعلى


*

رأى الجهاز فهبت نسائم الراحة تدخل قلبه تقدم منه وهو يقول : الحراس كلهم ضاعوا
اكفهر وجهه و بعجلة : دول بيمشوا
إبتسم ببرود : لا تخاف وانت تكلمهم انا بنشرت سيارتهم

*

نظر إلى ولده : دي السيارة عطلانة مش وئتها
نزل من السيارة وهو ينظر إلى الكفر رفع عينه ليرى ذاك الرجل لازال واقفاً بل الآن معه رجل آخر


*

اقتربوا منهم رفعوا السلاح بنفس الوقت احدهما وجهه للرجل والآخر وجهه لإبنه
الرجل الذي قد وجه السلاح للرجل قال : ارفع يدك و الا هالمسدس بقلبك ومنها لقبرك
ابتلع ريقه بخوف وهو ينظر إلى إبنه الذي يرجف لشدة خوفه اعاد النظر إليهم : مين حدرتكم ؟!
ابتسم بفخر وبسخرية بذات الوقت : المباحث
ابتلع ريقه تقدم الخطى نحوه بينما زجره احدهما : وقف حدك والا والله وحدة بقلبك والثانية براسك
أعاد النظر لإبنه : الأنبلة متى حتنفجر " وغمز إليه "
حتى احدهما ينظر يمنة ويسرة وبجزع : انت شتقول
بينما أخذ الولد بالتحرك بعيداً حيث المركبة ليأتي بالسلاح
وهو الذي قد شك بكلامه و لم يهتم وجهه تلك رصاصة بصدر الأب
يجُر خطواته حيث المركبة ليرمي الإبن بتلك رصاصة
فتنتشر الدماء أرضاً حمراء اللون مع تربة وحجارة
يسقط و هو يكابد الألم و تسيل الدماء من ثغره يلتفت للخلف يرى ابنه طريح الأرض واضعاً يده ببطنه يلتف حول نفسه
هزماء ساحة النزال على ردى الموت ينادي ليتني لم اكن اباك ابني فما ذنبك انت ؟!
رصاصة أخرى إنطلقت بالهواء هوت بجسده فجثى بالأرض مقتولاً
اما ابنه فلم يتسطع مكافحة الألم وأخذه الموت برصاصة امتدت يداه بالأرض وشخصت عيناه للأعلى و تصاعدت ارواحهم حيث رب السماء عالم الغيب وبقي الجسد وحده


*
*

مسح على وجهه و هو يفكر بتلك طريقة لإعتقال البقية الهاربين منهم ينظر إلى طفله و الحيرة تقتله فهذا الماضي لن ينتهي مطلقاً لا زالت تلك المخدرات القاتلة
تصل إلى مصر من دولة اجنبية ومنها ما يهرب إلى السعودية إذاً ما الحل معهم
وبين تفكيره و إنشغاله استمع إلى ضوضاء و ضجة تعم محيط العمارة التي يمكث بها توجه بخطواته حيث النافذة يلقي نظرة وبيديه طفله
وما إن توقف على النافذة حتى بزغت موجة صوتية عالية متولدة من انفجار محتدم قاتل نار تأججت للأعالي تأكل ما بطريقها جمادات و احياء
شخصت عيناه و اقشعر بدنه احتضن طفله بشدة يجُر خطواته حيث الباب يفتحه لتنهش تلك النار ما برطيقها تراجع بخطواته للخلف وهو يشد الطفل بحضنه
و بالخلف نار ابتلع ريقه الذي قد جف لا يعلم اين يذهب ولا مجال للتفكير فالنار تأكل بلا رحمة و الموت ينادي هلموا إلى القبر و المعاصي ترفرف سأهلكك
نطق الشهادة : اشهـ...د ان لا إلـ...ـه الإ الله
بعدما بدأ تنفسه يضيق تدريجياً بدأ بالسعال أفلت رضيعه بالأرض واضعاً يده بقلبه و روحه تصعد للرب والنار تنهش بجسده و نار الآخرة اشد
يوم تقول هل من مزيد ؟



*


أخذتُ ابكي بهسترية و صورة الماضي الضبابية تختفي تدريجياً بعد ان زرعت الألم بداخلي و غرست دنفاً باحثة عن أجلي لآحقة به أقاربي زوجي وطفلي
إحتضنتِ لصدرها بشدة وهي تمسح عن عيني الدموع و تارة تشاركني البكاء وهو تقول : هـ..دي يا جميـ..له طلـ..بي لهم الرحمـ..ـة هم محتاجيـ..ن دعائـ..ك
كلماتها المتقطعة لطالما سمعتها منذ رحيلهم قبل سنتين حتى هذا اليوم من المحال ان يندمل الجرح النسيان ادهى و سيلة و ترك الماضي بعثراته و دهسه والتعالي عليه
ولكن هذا أمر صعب للغاية تنهدتُ بضيق امسح دموعي وأحاول التخفيف عن نفسي حتى أخفف عن غزال الرقيقة التي تتأثر بما حولها سريعاً تبكي لبكاء غيرها وتضحك لضحكهم ونادراً ما أجد امثالها



***********


عدتُ إلى المنزل بعد انتهائي من صلاة العصر بالمسجد دخلتُ لأرى زوجتي متربعة بالأرض و على فخذها الطفلة ترفع فخذها قليلاً لأعلى ومن ثم تنزله لأسفل بطريقة اهتزازية تعمل على إسكات الطفلة وتهدئتها
اقتربتُ من الصنبور لأملىء الدلو وما إن امتلىء حتى اغلقته وتوجهتُ إلى الشجيرات أسقيها : يامره عندك العلم ان بهاليوم بنطلع حق جدة مع عبدالقوي كانهم سؤلك عن البنية وش تردين به ؟
بهدوء وهي ترفع بصرها لي وانا اعطيها ظهري وألازم السقي : انا اخاف انهم يعلمون بي كاذبة قولي لهم انك انت من جيت بها وانت تصرف معاهم ها وش شورك يا ظانع
اهتز رأسي برضى وانا أترك الدلو واتوجه ناحيتها : شوري من شورك يا صايمة



************

مضت أربعة اشهر منذ وفاة أمي وفقدان أبي كانت في غاية الثقل شهور مفتورة تتوق شوقاً للقاء
تترنح على حواف أرصفةٍ شائكة هذا حالي أنا واخواتي في شتات بحثاً عن ملجأ للحنان رغم أن عمتي لم تقصر بحقنا مطلقاً بل إنها كانت تعاملنا
أفضل من أبنائها غير أن مذاق الحنان اللذيذ لا يكمن الا بصدر الأم
قعدتُ بالأرض وأنا أرتب الأردية بداخل الحقيبة بإنتظام كما علمتني أمي رحمة الله عليها قطع علي إنسجامي صوت الكاسر يطرق الباب الشبه مغلق : اقدر أدخل
لأرفع ذلك الوشاح الأزرق اللون على شعري الأسود : ايه تفضل

دخلتُ إلى الحجرة على استحياء فأني والله لأستحي أن انظر لهن بلا حجاب وما إن رفعتُ عيني حتى اصدم بها محجبة داعبت الإبتسامة ثغري إقتربتً بخطواتي نحوها
جميلة حقاً حتى بحجابها غير أن الحجاب قد أضاف إليها جمالاً فقد بدت فيه إنثى ناضجة غير تلك الطفلة
إقتربتُ أكثر لتقف هي من على الأرض وعينها تنظر للأسفل و اصابعها اشتبكت ببعضها وتلك حُمرة تغطي وجنتيها أأصبحتي تخجلين يا حبيتي ؟ كبرتي حقاً أربعة أشهر زادتك جمالاً ظهرت بكِ معالم انوثية رائعة
توقفتُ مكاني أحترم خجلها مددتُ يدي لها بتلك القلادة : هاك قلادة عميمتي قبل وفاتها رحمة الله عليها ابوي كان بعطيها حق عُطرة وانا عزمت انها لك وهو ما ردعني تبيها ولا عطيها حق خيتك
مضى وقتٌ ليس بقصير حتى نطقت : اتركها بالأرض يالكاسر وانا بوخذها
إبتسمت على حياءها على خجلها احترامها وكل تصرفاتها وأخلاقيتها التي أعشقها حد الإدمان بها
تركتُ القلادة بالأرض و توجهت لخارج الحُجرة


ما إن خرج حتى إقتربت من القلادة نزلت بجسدي بهيئة ركوع أتناول القلادة مسحتُ على القلادة التي تحمل رموزاً محفورة كما يحملها خاتم أبي رموزاً أمي تهوى حفرها بكل مكان
حتى انها قد نقشتها بأغطية أختي التي قد تم دفنها حين أخذها أخالي ذلك اليوم لتلد اعطته عُطرة عدة اغطية ليغطي بها أختي لكنه لم يأتي بالأغطية ولا بأختي فقد احتضنتها حبات الرمال
تلوم أُختي عُطرة خالي على دفنه أختنا ولكن أبي قد كان يقول إذا جاءته فتاة فإنه سيدفنها وغير هذا لطالما خالي عبدالقوي دفن بناته قبل أن يشاهدن الحياة ويخوضوا بمتاعبها
وضعتُ القلادة على رقبتي ومن ثم اغلقتها من الخلف رفعتُ القلادة لأعلى قبلتُ تلك الرموز جلستُ بالأرض بجانب الحقيبة اغلقتها ومن ثم وضعتها بكتفي و قمتُ من الأرض ناحية الباب



كنتُ سأخطو خارج الغرفة حتى دفعتني أختي عُطرة للخلف وبعينيها الدموع وهي تصرخ : تريــــــــــــد تبيع بيت ابوي هنا الله لا يسامحك
اقترب منها خالي و الأسف يرتسم بمحياه : بنيتي عُطرة ماني بايعه و غلاة ابوك وامك مسحي هالدموع يابنيتي تحز بنفسي دموعك انتِ من ريحة الغالية ويختي وانتوا من بقى لي منها رجيتك يابنيتي مسحيها
و انا والله ماني ببايعه كنت اشاورك ظنك ماتبيه كانه يرد مواجعكم وكانك تبيه ماني ببايعه
وهي تبسط كفاها وتضعهما امام وجهها وتهزها لليمين وللشمال و تصرخ : لا تقرررررب و لا تكـذب انا فاهمتك عـدل
ليأتي صوت " معن " الغاضب : انا كمن مرة اقولك لسانك ذا ليطول على ابوي فاهمتن علي يا قليلة الأصل
إلتف بغضب إلى ابنه يقترب الخطى نحوه رافعاً يده للأعلى حتى تهبط بخد إبنه : إنـــــــــــــت قد كلامك وش هو قليلة أصـل قسمن بالله يا معن ان ما عدلت لسانك والله ثم والله ما رضيت عنك ابد
وهو يمسح على خده : تضربني يبه من شانها قسمن بالله رخيصة ما تستاهل هالحنيان " بصق بإتجاهها يرد بعضاً من كرامته أمامنا " ومضى مبتعداً عنهم متجاهلاً نداء أباه : معــــــــــــــن
خرج من المنزل وكل الغضب بقلبه


مسحتُ دموعي و أغلقت الباب معلنة عدم تقبلي لدخول خالي وحديثه اليوم سننتقل كما يريد لجدة إنني خائفة فماذا ينتظرنا بهذه المدينة بلا أب و لا أم و مع خال طامع وعمة ليس بيدها حيلة سوى هزة رأس
لم يسبق لنا أنا واخواتي ان رأينا مدينة ما فقد تربينا بهذه القرية وعشقناها يوماً بيوم عشقنا عادتنا سوى ذاك الظلم و الجور وضعف النساء فقد كنا نستمع إلى تسلط النساء وقوتهن بالمدن
لكن أعتقد ان الحياة هنا أفضل بألوانها المتواضعة





*************

أخذتُ أُطعم الطفلة أصبح عمرها أربعة أشهر إزدادت جمالاً و إزداد حبي لها رغم أنها قد أتت بوقت عصيب
رفعتُ عيني إلى زجاج النافذة أنظر لذلك الرجل الذي يسقي الزرع وأتذكر الأيام بعد وفاة زوجي بيومين


وضعت يدها بكتفي : يا ست غزال واحد من شغالين استاز ماهر الله يرحمو ألي حاجة لازم أأولهولك
نظرتُ إليها والحزن يملأ عيني : ما ابي اسمع حاجة هالحين يا ياسمين
جلست بجانبي على الكنبة و بإصرار : دي حاجة مهمة أوي
تأففتُ بضيق : اففففففف يختي قلتلك ما ابي اسمع حاجة هالحين
بذات الإصرار قالت : انتي هتسمعين بالغصب ياستِ غزال ده واحد كان الأستاز ماهر حابسو بالكراج بتاعت السيارات ومن أمس شغالة الأستاز لئوا
و دول أصروا عليه يتكلم هوا لي جالس هناك بس هوا أل مش حيتكلم بحاجة
نظرتُ إليها نظرة باردة لا مبالية : خليه يشتغل منسق بالحديقة


غريب أمر هذا الرجل بحق نظراته تائهه تحكي الكثير إني كل يوم أجلس ها هنا أنظر إليه وهو لا يرآني والله يرآني .

*************



أمسكت بيدها اليسرى و هي تحاول أن تخفي خوفها وتوترها لئلا تزرع بقلبها الخوف : عاوزة أأولك حاجة ياجميلة
بلامبالاة وهي ترتشف عصير برتقال : ماتوئلي يا ياسمين
مسحت وجهها بيدها اليسرى بتوتر وهي تشتت نظراتها بالأرجاء : اختك
غصت ليخرج بضعاً من العصير من انفها وآخر من ثغرها وضعت يدها موضع ثغرها و هي تحمحم ليعتدل صوتها : لا تكون عيانة ده المرض زاد بيها
شدت من مسكتها لها تحاول بث الطمأنينة لها والتدرج في نقل الخبر : انتي بتعرفي انو
قطعت حديثها و هي تضغط على اسنانها بشدة لتصبير نفسها : ماتوئلي بئى بسرعة
أغمضت عيناها بخوف مما سيحدث رفعت لسانها لأعلى لتخرج تلك الكلمات الثقيلة :






************


إنتهى الجحيم

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه .

 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 17-06-14, 08:15 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن شاء الله غداً سينزل الجحيم 4

كونوا بالقرب أحبتي .

 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 18-06-14, 09:52 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي



يناديك فهو قريب
و أنت بعيد
يقول لك توبة
فتقول له ملذة
يقول لك لا تتبع شهوة
فتقول له الدنيا باقية
فيقول لك لا والرب انها لا زائلة
فتقول له اما تحب التسلية
فيقول لك انتبه فالموت غفلة

قال تعالى : ( وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ) .


حسنـاً

أتدرك المصير ؟
نعم أدرك
هل تؤمن بذلك ؟
نعم أؤمن
إذاً لم تبكِ ؟
لا بد أن أبكي
أما تعلم بأنه عذاب له ؟
نعم أعلم
أما تعلم بقوله عزوجل : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) .
عليك ان تعيها بحرفها الموت حق
كلنا نذوق الموت
الا الرب
الحي القيوم




الجحيـــم


( 4 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **





أمسكت بيدها اليسرى و هي تحاول أن تخفي خوفها وتوترها لئلا تزرع بقلبها الخوف : عاوزة أأولك حاجة ياجميلة
بلامبالاة وهي ترتشف عصير برتقال : ماتوئلي يا ياسمين
مسحت وجهها بيدها اليسرى بتوتر وهي تشتت نظراتها بالأرجاء : اختك
غصت ليخرج بضعاً من العصير من انفها وآخر من ثغرها وضعت يدها موضع ثغرها و هي تحمحم ليعتدل صوتها : لا تكون عيانة ده المرض زاد بيها
شدت من مسكتها لها تحاول بث الطمأنينة لها والتدرج في نقل الخبر : انتي بتعرفي انو
قطعت حديثها و هي تضغط على اسنانها بشدة لتصبير نفسها : ماتوئلي بئى بسرعة
أغمضت عيناها بخوف مما سيحدث رفعت لسانها لأعلى لتخرج تلك الكلمات الثقيلة : عندها سرطان بالـ...دم
و كأن الزمان قد توقف لا ترى شيئاً ولا تعي شيئاً زوجها و طفلها والآن اختها
أتلوم الدهر وهي تعلم بأنه لا يملك من أمره شيئاً
أتلوم القدر وهي تعلم بأن ملامته بالمحن والمصائب جائزة وبذات الوقت تدرك بأنه ايضاً لا يملك من أمره شيئاً
أم هل تجزع وتبكي ؟
او لنسيان النصيب الأكبر لا والرب ليس هذا او ذاك بل إنه سبحانه إذا احب عبداً إبتلاه
وهل جزاء الحب بلاء ! نعم انه اختبار من الرب
أحست بها فحتضنتها وهي تقول بحكمة : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له )
ضحكت بين حزنها وهي تقول : الحمدلله يارب جت على كده لازم ألحىء اشوفها
إبتسمت لها بحب صادق .



************



أيخيل لي ما رأى بين هذه العتمة تلك إنارة ذاك سطوع قصر عرضه عرض قبيلتنا شامخ يغطي كاهل السماء
هل هذه هي الجنان ؟! أزهار بأسوارها يمنة نخيل يتدلى منه البلح يسرة أشجار عالية هل هذه حقيقة ؟
هل كان لك يا أبي هذا الكم الهائل من المال ؟! لم أتخيل لوهلة اني سأقطن بهذا مكان ؟
نظرتُ إلى اخواتي و أبناء خالي فإذا بالكاسر ساجداً للرب شكراً
و أختي هوزان يدها بالأعلى شكراً
و عمتي ساجدة يدها داخل خمارها كأن بها تمسح دمعاً
و أختي الصغرى عزوف رسمت بثغرها مبسماً
و معن عدوي ضاحكاً
و ركاض وناجي يتلاعبان امام القصر سروراً
وانا بالحبور اناظرهم
الحمدلله يارب كله بفضلك يا رحمن
نظرتُ إلى خالي أشد اعدائي إذا به لآمبالي
بالبطع ليست أول مرة يرى بها جمالاً باهراً كهذا
هل تفكر بأخذه يا خالي لا لن أدعك


هه أخذت ما أخذت مضت تسعة عشر سنة منذ أن رأينا جمال قصر أبينا ونعيمه الذي تركه خلفه قبل أن يهنأ به مضت تسعة عشر سنة منذ وفاتك أماه
منذ فقدانك أباه و حتى الآن لم نجدك هذا إذا ما كان جسدك قد تمرغ بالتراب الآن انا بالثالث والثلاثون من عمري أتحسر على ما فات
لم يكن بوسعي فعل شيء أمام جبروت خالي لقد دافعتُ كثيراً صرختُ حتى لم يعد للصراخ صوتاً بكيتُ حتى جف دمعي بطرف هدبي حاولتُ إقناعهن أخواتي ولم يقتنعن
وصفوني بسيئة الظن نعتوني بالجنون تركوني جريحة بلا يدٍ تساندها و تشد من إزرها
كنتُ بذاك اليوم سأوقفه عن أفكاره كنتُ على وشكِ اقناعهم بالحقيقة المُرة كنتُ طموحة فقتلني الطموح
في الثانية والعشرين من عمري بعد ثمان سنوات من إستقرارنا بمدينة جدة أقنعتُ أختي عُزرف الصغرى التي كانت آنذاك بالثامنة عشر من عمرها بأن خالي ماهو إلا إنسان كاذب
إنسان مخادع يرتدي قناع يصعب زواله و إثبات حقيقته الشنيعة إقتنعت لن أكذب عليكم و أقول لدي وسيلة خارقة بإقناعها لكن سأقول بأنها كانت تطمح بالجامعة و الدراسات العليا
و زوجها سيكون محط متاعب فهي لا ترى من نفسها إنسانة قادرة على تحمل المسؤولية و إصرار خالي آنذاك على زواجنا من أبنائه قد زرع بقلبها الشك و الريب
فوقفت بصفي بينما أختي هوازن لم تصدقنا البتة صحيح هي إنسانة شفافة للغاية واضحة جداً لكن بذات الوقت هي متيمة بحب الكاسر إبن خالي والذي سيكون من نصيبها فهو بترتيبها الثاني من ابناء خالي وهي الثانية من بيننا
سررتُ كثيراً بأختي عُزوف ولكن اضمحل الحبور بلحظة
أتذكر عدوي معن الذي قد بنى , دمر و هدم



بين ضوضاء وضجة المرور خمسة انفاس و أربعةاصوات متفاوتة صوت ضاحك و صوت غير راضي وصوت يتمرغ خجلاً وآخر يتغزل



قالت وهي تنظر إلى كتابها وتضحك بذات الوقت : ههههههههه كل ما أذكر اشكالنا قبل ثمنية سنين أحس فيني كمية ضحك عجيبة
شاركتها الضحك : ههههههههههه لا وانتِ حاجة ثانية يا عُزوف دوم منكشة ولاجينا نمشطلك بكيتي وهجيتي
ضربت على صدرها من فوق العباءة : الثقة يا حبيبتي الثقة
وأنا أقلب عيني من تحت نقابي وكأنها تراني : يا شينك بس لا إستغبيتي
تكلمت بعد أن رفعت عينها عن الكتاب : سيد معن ايش رايك بأشكالنا قبل ثمنية سنين ومين أكثر فتنة مع إني عارفة الإجابة اني انا لكن ما علينا نسأل
إبتسم وهو ينظر لي من المرآة :ههههههه للأمانة اممم اذكركم كلكم شينات ومنكوشات ومبهذلات إلا " إزدادت نظراته دقة وكأنه بذلك يخترق نقابي ليراني " عُطرة أذكرها أحلى بنات القبيلة
بسطت يداها و رفعتها بعلامة " كش " و هي تتحدث باللهجة الكويتية : شنو وعوووووه عليك ذوق
أدار رأسه بإتجاهنا متجاهلاً كلامها : بنات انا بشتري من باسكن من تبغى معاي ؟
بحماس : انا أبغى بالتوفي ها لا تنسى
وجه نظراته حيث هوازن : وانتِ يا هوازن
إلتزمت هوازن بالصمت
إحترم صمتها و نظر إلى عُزوف : ايش تحب أختك
إقتربت من هوازن و وضعت أذنها بثغرها : ها يا مطوعة ياللي تستحي صوتها يطلع للرجال ايش تبغين يا ستي ؟
قالت لها بصوت غير مسموع شيئاً
إبتعدت عنها لتقول بصوت عال لمعن : هوازن تقول ما تبغى شي
إبتسم حتى اتسع شدقيه وبصوت هامس : وانتِ عطرة ايش تبغين
ما أن رفعتُ لساني حتى اتكلم
إذا به يقطع كلماتي و لازالت تلك ابتسامة تهز قلب أي أنثى بثغره لتظهر غمازة بخده الأيمن دون الأيسر : امم عطورة تحب ايس كريم شوكلت " غمز لي " مثلي
رفع اصابعه الخمس طوى الإبهام فقال : الوجبة المفضلة البيك " طوى السبابة " الشراب المفضل سفن " طوى الوسطى " الهواية قراءة الروايات وخصوصاً الرومانسية " طوى البنصر " اللون المفضل الأحمر
قطعت عليه عُزوف بضجر : ياااااخي فكنا قوم اشتري تراني منكدة من الكتاب ماني ناقصتك
ضحك حتى ظهرت جميع أسنانه بينما قلبي أخذ يضرب بشدة قصوى أخفض صوته : والبيت المفضل " لا تعجَبي من صباحٍ فيه فُرقتُنا بل اعجبي من مساءٍ فيه نتّحدُ "
غطستُ بالمقعد وقد أخفضت رأسي لأعلى و قلبي يكاد يخرج أغمضتُ عيني بشدة أُحاول إبعاد صوته احادث نفسي ما الذي تريده مني " يامعن "
خرج من المركبة و اضعاً النظارة الشمسية بعينيه يجُر خطواته حيث المحـل وأنا أنظر له حتى اختفى تماماً


مضى ذلك اليوم ولم يكن كأي يوم بل عشتُ بجلبة عارمة حاولتُ مكافتحها و بالفعل استطعت أبعدته عن تفكيري كلياً وكأن شيئاً لم يكن
أنا كنتُ أظن انه مضى وهو في الحقيقة لم يمضي بل زادت ضجته و تكابلت حولي الساعة الثانية عشر بمنتصف الليل كنتُ قابعة على الكرسي بالمطبخ
وأمامي عُزوف أختي تذاكر وتسامرني بذات الوقت دائماً أنا وهي نتسامر هاهنا بالمطبخ في حين أختي هوازن وبقية المنزل غارقين في النوم

أغلقت كتابها ونظرت إلي وانا أضحك لمواقفها المدرسية قالت : المهم بقولك سالفة ثانية مب تخليك تضحكين الا تفقصين من زود الضحك
وضعتُ يدي بقلبي و أنا أقول : آآآآآه ياربي عزوووووووف هههههههههههههههههههههههه انتِ هههههههههههه بموت
نظرت إلي بطرف عينها وهي تكتف يدها ناحية صدرها : هه سكنهم مساكنهم يارب صبرك يارحيم المهم اسمعي أنا كنت جالسة مع شلتي بآخر الفصل وطبعاً محششين ضحك
بذيك اللحظة طالعت فيني ليان صحبتي وهي تقولي عزوف يلا نضحك عاد تعرفين انا من زود نكد الدراسة طول وقتي اضحك وطبعاً لنا وقت مخصص مثل ماقلتلك نضحك فيه فأول ما قالتلي وشفت عيونها كذا " أخذت تحول عينها "
جاتني ذيك الضحكة و قعدت أضحك واضحك دخلت أبلة الرياضيات الفصل على كلمتي وانا أقول لياااااااااااانوووووه و وجع بيجيني الطلق في ذمتك اذا مات البيبي
و الأبلة تعطيني ذيك النظرة الي كذا " أخذت ترسم نظرة استهزائية بعينيها " والبنات يضحكون
لم أستطع التحمل كالعادة وأخذت أضحك حاولتُ أن أمسك نفسي واكفها ولم استطع وتلك حلوى " الكولا " تقف بحلقي تأبى النزول او الطلوع أحمر وجهي وأنا أضرب الطاولة لتتصرف عُزوف
إتسعت عينا عُزوف وهي جامدة بمكانها
أحسستُ أني أختنق شيئاً فشيئاً
ضعفتُ ضرابتي على الطاولة
بينما هي إستوعبت و وقفت متجهه نحوي والخوف ملأ عينيها ضربتني بظهري بقوة ضرباتٍ متتالياتٍ متلاحقات
صرخت : عُطـــــــــرة
صوت ملأ المكان بهيبته بحضوره : بعــــدي يا عُزوف كذا بتخنقينها
إبتعدت عني و أنا أُحسس بأن أجلي قد إقترب
ضربني بظهري بطريقة مدروسة يتوقف قليلاً فيعيد الضربة تارة أخرى حتى بدأتُ أتنفس بإنتظام
قال لعُزوف : جيبي كاسة موية بسرعة
تحركت عُزوف إلى الثلاجة بالمبطخ الواسع بينما هو وضع ثغره بأذني هامساً : قلبها نبضي وزفرتها شهيقي وروحها فيني وروحي في جسدها
إختفى عن المكان بخطوات خفيفة وانا وجهي أخذ يحترق تدريجياً وضعتُ يدي بوجنتي أتحسس حرارتها ومن ثم وضعتها بقلبي أغمضتُ عيني وأخذتُ نفساً عميقاً
لكزتني عُزوف بكتفي وهي تقول : هيه انتِ خذي الكاسة يلا فيني نوم و وراي مدرسة
أخذتُ الكأس وأنا بأعلى طبقات الخجل والحيرة
حينذاك شعرتُ أني انثى بذاك اليوم شعرتُ أن هناك من يفتتن بي منذ أن رحلنا من قبيلتنا وأنا جُم مشاغلي سعادة اخواتي ليس إلا
و قتذاك جعلني أشعر أني ذات قيمة ان هناك من يهتم بي جعلني أشعر بالحنان الذي فقدته منذ رحيل أمي وفقدان أبي جعل قلبي يضرب و أنفاسي تضطرب محاكية استجابتي لوتيرة الغزل
التي تلقيتها بذاك اليوم فتح أول أقفال قلبي إنجلى شيءٌ من حقدي
كنت آنذاك واثقاً من نفسك كثيراً يا معن حطمت ثقتك حصون بنيتها منذ طفولتي خيوط العناكب بخلجاتي زرعت أنت بداخلها سلسبيلاً أنت وحدك من تستطيع عبوره
حقاً أنا حمقاء بلهاء رخيصة المعدن كما كنت تقول ولا زلت تقول إلى هذا الحين
إلى هذا اليوم الذي أصبحتُ به أنعت الحب كنت أتساءل ما الذي فعلته بي ؟ أهو سحـر يا معن ؟ أم هل هو الحب بعينه
أتذكر كثيراً وأحاول مرواغة الماضي لكن ما أن أرى محياك حتى تنجلي مراوغاتي ولا أجدني إلا خاضعة للبكاء لستُ ذليلة إلى حد الخنوع لقدميك
لكن أيضاً لستُ قوية إلى حد النسيان


و للذكرياتي بقية



************


كل جمعة من الساعة الرابعة عصراً حتى غروب الشمس نجلس معاً بأحد المجالس الفاخرة نجلس قبال بعض
نعتبر هذه الجلسة جماعية بي أنا و أخواتي لكن لم تكن كما يجب أن تكون لا نتبادل أطراف الحديث , لا نتابع التلفاز , لا نأكل
فقط نجلس وكلٌ منا يذهب بخياله بعيداً حيث يشاء و كأننا لا نجد الوقت الكافي للتذكر إلا مساء يوم الجمعة قبل إحدى عشر سنة
عندما كنتُ في الثامنة عشر من عمري آخر سنة لي بالمدرسة التي كانت من أهم أولوياتي التي كنتُ أراها أشد مصاعبي كنتُ طموحة للغاية
أتمرد دائماً لأحصل على ما أريد وجُم ما أريد ولا أهتم لما يريدون كنتً أنانية و أيضاً أمتاز بمرح يسلب القلوب لأحصل على مطالبي
وبكل ما أوتيتُ من قوة اقناعية فشلت ! نعم فذلك هو خالي عبدالقوي لم يرق قلبه لي ولم يأبه لما أقول بل و جعلني أتقلب على أسياخ الجفاء
أتذوق شراب اللوعة لوعة الشوق و أتوغل بين تراتيل الحب السرمدي وأمتطي جواداً يبغضني يبعدني فيقتل كل قوة بداخلي

أتذكر يوماً كان قبل زواجنا بيومين أتذكره وكأنه حدث اليوم وكيف أتذكره وهو مغروس بالذاكرة كنتُ بحق كارهة الزواج كنتُ أعلم أن مستقبلي سيهدم أعلم بأنه ليس بمقدرتي
النجاح بمحطتي الزواج و الدراسة و لم يخيب ظني

جلستُ على الأرجوحة أعيدها للخلف فتُنكص أدراجها للأمام أضحك و قلبي يبكي تتطاير خصلات شعري السوداء بنسائم الهواء العليلة التي هبت بها و تنتفخ رئتي مابين شهيقٍ و زفير مثلج بالبرود
توقفت الأرجوحة عن الحراك بفعل فاعل كنتُ أعلم أنه آنذاك لم يكن أحد بالمنزل لذا قد نزلتُ إلى الحديقة دون حجاب كنتُ سأرجع أنظاري للخلف لأرى ماهية الشخص لكن كيف أرى وأنا قد عرفتُ ماهيته برائحة عطره الفتاكة كيف لا أعرفها وهي من تفتر قوتي
تكتم آهاتي و تلاعب جزيئات الغازات بصدري تحرقها فتدفئها , تشعلها فتنريها , تنريها لتقتلها لتكسرها لتعيش هي وتموت جزيئاتي
وصلني صوته الذي كنتُ أمقته فهو قاتل آحلامي آنذاك وحتى هذا الحين : ايش مجلسك هنا لحالك ما تخافين ؟ و كمان بالليل !
أدرت نظراتي إليه و غشاء سميك من الآمبالاة يغطيها : مالك دخل فيني لما تجمعنا غرفة وحدة ساعتها تفلسف عليا
نعم هذه أنا المتردة الذي أفتقدتها الآن هذه أنا التي بأمس الحاجة إليها تخليتُ عنكِ يا أنا
إبتسم ببهوت وهو يقول : شي واحد بس بفهمه ايش التكبرالي فيكِ هذا
قمتُ من الأرجوحة اعطيه ظهري و أرمي بشعري بعيداً عن عيني و أقول بذاك دلع آسر : يحق لــــيا
كنتُ أعلم بأن دلعي لا يقاوم مطلقاً كنتُ أريد قتله قبل أن يقتل أحلامي كانت لي مخططاتي التي رسمتها كثيراً إلى حين حفل الزفاف
قال ببرود لم أتوقعه مطلقاً فسقطتُ في القاع : ما فيكِ أي ملمح أنثوي لآفت يا عـــــزوف
مشى من جانبي ليتركني أتلمس ملامحي عيني أنفي و ثغري و أيضاً جسدي
أوهمتُ نفسي حينها بأنه كاذب وأن الإختلاق من ضريه واعتيادته بجميع أموره نعم هذا ما قلته و آمنتُ به بتلك اللحظة أنا أنثى كاملة واثقة من نفسي لن تكسرني يا " ناجي "


*
*


إنتهى هذا اليوم وتفكيري وشيئاً من القهر والحيرة لن ينتهي كان هذا اليوم لعمل النقش باليد و لبس رداء تراثي
نظرتُ إلى يدي المغلقة بذاك كيس شفاف أنتظر لحين تحمر " الحنا " تكلمتُ مع هوازن : الوحيدة الي راضية بالزواجة هوازن ما شاء الله
إبتسمت لي على استيحاء : حبيباتي الله يوفقكم يارب وبعدينا ترى انتوا مكبرين الموضوع والله وصدقوني حتتأقلمون على الوضع الزواج سنة الحياة و خالي والله ما يبغى غير مصلحتنا
نظرت إلينا عُطرة وهي تهف على يديها : اممم تبون الصراحة انا الحين راضية على الزواجة واحس بسعادة ماهي طبيعية
رمقتها بعيني و بنبرة سخرية : الله يرحم مين الي كان يصرخ وما يبغى أولاد خالي
لم ترد علي وكأنها لم تسمع
قمتُ من على الأرض والفكرة تزاولني ذهبتُ إلى المغاسل أفرك يدي حتى أغسل " الحنا " وما إن انتهيت حتى قلبت يدي أنظر لنقشها المرتب والذي يذكرني كثيراً بقبيلتنا
كيف سيكون حفل زفافي بحضورك أمي ! ألن نحظى بهذه التجربة ألن نرى سعادتك و أي سعادة هي وأنا مجبرة على الزيجة خالفت يا خالي قول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن. قالوا يا رسول الله وكيف إذنها ؟ قال: أن تسكت ) .
تسكت وليس تصرخ بأعلى صوتها أنا غير موافقة ستحاسب يا خالي عاجلاً غير آجل فالله يمهل ولا يهمل
نفضتُ رأسي بشدة لأأبعد هذه الأفكار السلبية أنا فتاة اليوم اليوم وفقط مشيتُ بإتجاه المصاعد لأستقر بأحدهم إرتفع المصعد حيث الدور الثالث الدور المقصود والذي قد تم بناءه هو والثاني بعد أن سكنا بالقصر
بخطوات سريعة توجهتُ لغرفتي أغلقتُ الباب و أنا أدندن فتحتُ دولابي المترع بالملابس و بخاصة الشعبية مسكتُ آخر رداء شعبي قد إشتريته كان أسود اللون ضيق و عند الأكمام واسع تقصدتُ أن أختار هذا دون غيره لغرضٍ ما لربما يكون تافهه لكن وقعه مكسب لي
بعدما إنتهيتُ من لبسي وقفتُ عند المرأة فتحتُ تلك " شباصة " عن شعري ليناسب بنعومته على أكتافي أخذتُ أحمر الشفاة من التسريحة دهنته بشفتي ومن ثم أغلقته طبقتُ شفتي ببعضهما لتتشتت الحُمرة بإغراء
أخذتُ أوسع حجم عيني بالكحل العربي الأسود نظرتُ وأبتسمت برضى تام عن نفسي وأنا أهمس " وراك وراك والله لا أخليك تعترف والله "
خرجتُ من الغرفة بعد إرتداء حجابي الذي اعتدته صعدتُ إلى الدور الثالث و لا شيء يردني لم أكن أهاب أو أخاف شيئاً جرءتي تجاوزت الحدود
عندما وصلتُ إلى غرفته دخلتُ بلا إستيحاء ودون أن أطرق الباب
تقدمتُ بالحُجرة فلم أجده إلتفتُ يمنة ويسرة و لم أجده كنتُ أريده نعم كنتُ أريده ولكن سعدتُ بعدم وجوده أخذتُ نفساً عميقاً ومن ثم حبسته حبستُ عطره برئتي تقدمتُ بخطواتي إلى سريره أمد يدي إلى " الكوميدينه " أخذته كتابه المدرسي
للصف الأول الثانوي زوجي ناجي أصغر مني بسنتين قلبتُ بكتابه أنظر إلى خطه المتداخل ببعضه وضعتُ يدي بثغري وأنا أضحك بصوت شبه عالٍ وبشكل هستري رغم أن الأمر لا يستحق كل هذا الضحك إلا أنني آنذاك لم أستطع مسك نفسي وكفها عن الضحك
قلبتُ بالصفحات لأجد بأحدها قلم الأستاذ الأحمر شاطب بكتابه بعلامة خطأ ضحكتُ بشدة وأنا أنظر لأخطاءه التي كانت بغاية البساطة لستُ أعلم سبب ضحكي لفتني بأحد الصفحات ورقة صفراء ملصقة وكان طرف الورقة من الأسفل مطوي و مكتوب بقلم أسود بخط صغير " طفولتي سلبت "
لم أحسس إلا بالكتاب يسحب من بين يدي بقوة رفعتُ عيني حتى أجده " ناجي " يحتضن الكتاب لصدره و يحادثني بعتب و عيناه تتوقدان, تشتعلان بالنار وصوته الذي بمراحل رجولته احتد : ايـش تسـوين بغرفتي وبكتابي ؟
وقفتُ من على السرير وأنا أتلبس دور البرود : كيفـــي غرفة زوجـي ومن بكرة زفافنا وهالغرفة بتجمعنا سنين صح ولا أنا غلطانة ؟
مشى مبتعداً عني حيث دولابه رمى الكتاب بداخله وتوجهه نحوي بخطوات بطيئة عكس نبضات قلبي التي أخذت تزداد بلا إرادةٍ مني لازلتُ على نفس الدور البارد المثلج رفعتُ أصابعي ألعب بشعري الكثيف وعيني بعيداً عنه كل البعد
وصل إلي و وقف أمامي تماماً لا يفصلنا إلا أرديتنا وفقط أغمض عينيه مدة طويلة ويديه مقبوضة بقوة وحُمرة طاغية ملامحه جُلتُ بملامحه التي لم يسبق لي وأن فكرتُ بها أو ماهيتها ذقن خفيف , ثغره , أنفه الشامخ , فتح عيناه لأبلع ريقي و أنظر لهما وكأنه لم يفزعني بفتحهما عينان سوداوتان ناعستان
وصلني صوته الهادىء : عُزوف تبغين شي ؟
كدتُ بذلك الحين أقول " أريدك " بتلك اللحظة أحسستُ بشعور التملك لي يا ناجي أنت ملكي أنا وحدي
رفعتُ يدي لشعري وأنا أبعد ما قد سقط على عيني أمسكني بها فرفعتُ عيني له بإستغراب أراه ينظر إلى يدي وإبتسامة حبور بثغره بيده اليسرى مرر اصابعه على النقش يعيد رسمه من جديد بتركيز كامل يكويها بحرارة يده وما إن يرفعها ليعيد الرسم تارة أخرى حتى تسري بي برودة قاسية
بصوت آسر إنحبس بطبلة أذني إلى هذا الحين صوت بزغ به الحنان العطف معاني غزيرة : حــلو
كانت كلمة فقط كلمة لا غير اهتز لها عرش قلبي وكانت غايتي من لبس رداء ذا أكمام واسعة لترى نقشي وتبدي إعجابك به
أغمضتُ عيني بشدة و كأن الموقف ينعاد بالعكس هاهو ينظر لي أحسس بنظراته تخترقني كنتُ سأفتح عيني لئلا أضيع جمال اللحظة التي قد لا تعاد البتة لكن لم أفتحها بل زدتُ من التشديد بها بعد قُبلته التي طبعها بوجنتي وهو يهمس : مدري والله الحنا الي زينتك ولا جمال يدك هيا الي اعطتها هالجمال
عضضتُ على شفتي بشدة حتى ضحك بصوت عالي وقد أحسستُ بلهيب انفاسه يبتعد عني : هههههههههههههههههههه عُزوف خلاص ترى شكلك ناوية تصيري عجوزة من بدري شوفي كيف ملامحك من كثر ما شديتيها صارت مترهلة شكلك تحفة
فتحتُ عيني و بسرعة هوجاء ركضتُ حتى الباب لأنتصل بعيدةً عنه خرجتُ وأغلقتُ الباب واضعة يدي بوجنتي أتحسس حرارتها
مالذي فعلته يا ناجي آنذاك حطمتني بحق الواحد الأحد إنتهى اليوم وأنا أتقلب بفراشي و صوتك يرن بطبلتي .



***


نظرتُ إليهن غائبات عن عالم الواقع إلى اللاواقع بعد ثمانية أعوام من إستقرارنا بالقصر كنتُ في العشرين من عمري اما الآن فأنا في الواحد و الثلاثون من عمري
سنين مضت و حملت من الأفراح والأحزان ما حملت انا ولله الحمد حياتي لم تحمل كتلة ثقيلة من الهموم بل وعلى العكس أنا سعيدة بحياتي ودائماً ما أشكر الله ذو الفضل العظيم
أرى في عيني أخواتي حزناً دفيناً عينا أحداهما تترقرق بالدموع وسرعان ما تمسحها و الأخرى تأخذ أنفاساً عميقة تسحب بها القدر الكافي من الهواء فتنتخ رئتيها
أكنتُ مخطئة عندما لم أصدقك يا عُطرة قلتِ خالي لا يريد لكِ خيراً فقلتُ لكِ أنتِ سيئة ظن كنتُ تصرخين و تبكين و تتوعدين لم تكوني راضية البتة
أنا إلى الآن لازلتُ أرى خالي طيباً ولكن تكدس الحزن بكن يجعلني أُعاود التفكير
أتذكرك يا عٌطرة قبل الزواج بستة أشهر حينها لم يتم شيئاً فقط كانت تلميحات من خالي ليس إلا



وقفت أمامه وهي ترفع سبابتها بوجهه : قسم بالله يا خالي ما تلوم الا نفسك ان انا ما قدرت عليك بالدنيا ترى ربي يقدر عليك بالآخرة
نظر إليها ومن ثم أخفض بصره للأرض : يا بنيتي يا عُطرة ليش لهالحين وانتِ شايلتن بقلبي عليك
رفعت سبابتها و وقفت بإعتدال و صرخت بغضب مكسور : الشركة واخذتها و البيت واخذته حتى احنا بتاخذنا لأولادك اتقي الله يا خالي
تقدم بجسده للأمام ليسحب يدها و يُقبِلُها : والله يا بيتي انا مافعلت كذيا الا من خوفي عليكن
سحبت يدها بقوة و هي ترميه بنظرات تحمل كل معاني الكراهية : انتا الحافظ للقرآن انتا من مدرسين القبيلة من زمان انتا الي تخاف ربك انتا الداعي الكبير بعد أبويا ما تعرف انو الرسول نهى عن تزويج الُحرمة اجباري بغير رضاها
رفع يده إلى رقبته يحكها وشيئاً من التوتر بزغ بملامحه تداركه بسرعة و هو يقول : بنيتي انتِ أدرى بأنه هالزيجة لمصلحتكن خيرن من إنكن تتزوجن من هالمدن انتِ يابنيتي أدرى بسواتهم تناظرينهم بهالأسواق شايفتن أشكالهن رجالي هم من يستحقنكن انتن جوهرات والجواهر للجواهر يا بنيتي
لكن هيهات هذه الكلمات لم تؤثر بأختي عٌطرة بتاتا : هه إنت حاصر المجتمع كله بكم شاب بالسوق ولا بالبحر بعقلك انت ياخي انا ماني غبية لهالدرجة انت عارف زيما انا اعرف انك طماع
هز رأسه بخفيف يمنة ويسرة و اليأس و القنوط منها بعينيه قام من على الكنبة خارجاً من الحُجرة
بينما هي صرخت : على القبر يارب
لنصرخ جميعنا : استغفـــــــــــر الله
قالت عمتي ساجدة : والله يا بنيتي عُطرة ما كنت أبي اقول هالكلام لكن إنت بجد صايبك جنون هذا خالك وأدرى بمصلحتك تدعين عليه
خرجت من الحُجرة وهي تقول : عمتي والي يسلمك اسكتي ما ابغى اطول لساني عليكِ
إستنكرتُ بذلك اليوم فعل أختي الكبرى عُطرة ومنذ ذلك اليوم أصبحتُ بلا دراية أناديها " بالمجنونة " مع أن هذه الألفاظ ليست من طباعي مطلقاً و لكن هي من جعلتني أنساق لشتمها و تراشقها بالألفاظ البذيئة


*


*



ليلة ما قبل حفل الزفاف سمعتُ طرقاً على الباب وضعتُ مصحفي على " الكوميدينة " وقمتُ من على السرير لبستُ النعال
وتوجهتُ للباب وأنا أقول : طيب جاية
وقفتُ خلف الباب : ميـن ؟
كنتُ أخافُ أن يكون أحد ابناء خالي
وصلني صوته الذي ما إن أسمعه حتى تقرع طبول قلبي
فتحتٌ الباب وعيناي للأعلى حيث يفترض أن يكون فلم يكون لم أجده عقدتُ حاجبي بإستغراب من فعلته
وصلني صوته عالٍ من حيث لا أراه فقط أسمعه : بالأرض
ازداد إستغرابي يصاحبه حيرة أخفضتُ عيني بالأرض لأجد وردة حمراء وحيدة
أمسكتها بيدي وكأني أُمسك بكنز لا يفنى رفعتها لأنفي أشتمها وأشتم رائحة عطره الرجالية بها
وصلني صوته للمرة الثالثة : في الشعـــــــر
إبتمستُ و أنا أشتت نظراتي باحثةً عنه لاح بجسده أمامي وهو يضع يده بشعره ويرمقني بعينه آمراً لي ضعيها بشعرك
هززتُ رأسي : طيب بس أدخل لجوى وافك حجابي واحطه
إبتسم و كان سيتحدث إلا أن صوت صراخ يتردد صداه بأرجاء الدورين الثاني والثالث الواسع و ليس أي صراخ هذا صوت أختي الكبرى عُطرة !
إلهي ما سبب هذا الصراخ المصحوب بالوعيل تقدمني الكاسر يركض بأعلى الدرج حيث الدور الثالث دور مكوثه هو و اخوانه ما إن استوعبتُ وقفتي حتى لحقته
و أنا أتأكد من تحيكم الحجاب دخلتُ إلى أحد المصاعد
و صلتُ لأرى زوجي الكاسر يقف على بعد خطوات عن حُجرة أخيه الكبير " معن " وصوت بكاء عُطرة آتي من حجرته
نظر إلي وهو يقول بتوتر : مدري اشبهم خلينا ننزل وان شاء الله خير وانا متأكد اخويا ما بيضرها بشي
قلتُ بخوف : بس
وضع يديه بثغري يقص خوفي : اششششششش قلت لك ان شاء الله خير لا تكبريها وهي صغيرة يا هوازن وانتِ أدرى أختك ما تبغى هالزواجة
إلتزمتُ بالصمت و نزلتُ للأسفل معاه
أوصلني حيث حُجرتي ومضى حيث حُجرته
ما الذي حدث لك بذلك اليوم يا عُطرة لما ذلك الوعيل
وانتِ بالفترة الأخيرة قد كنتِ على رضى بـ " معن " زوجاً لكِ !



****


يجلسون ككل جمعة بأحد مجالس القصر يتبادلون أطراف الحديث و أنا إحدى خدمهم أقبع بالمطبخ بين القدور ,الصحون ,الملاعق و الأشواك وخادمات لا يجدن العربية غيري أنا
حياتي قاتلة إلى حد أعجز عن وصفه أختنق كل يوم كأن ذراع تلتف حول عنقي بقسوة تخنقها وتخنقها تمنعها جزئيات الهواء لتبقى بالضريح كنتُ قبل ستة سنين
أسعد الفتيات أرضاً منتشية لعالمه هو وحده , ملكه , ترعرع في عرش قلبي حتى اهديته له طلبتُ قلبه فقال لكِ كلي
قول زور ليس إلا قولاً قد عشتُ على بصيص أمله كثيراً أحببتك بغزارة وكرهتني بغزارة جعلتك تقبلني , تحتضنني , ترتل علي كلمات حبك الزائفة , تقول من كلمات الغزل الحسي الجشع
لأخجل و أحمر وأصرخ بك كفى وبذات الوقت قلبي يتراقص فرحاً فقد الأمـل بريقه بعد أن اسدلت عليه قصائد الفراق اضمحلت ابتسامتي بغيابك ألم تشعر بعذاب الفراق ولذة القرب
إذا لم تشعر به فأنا اضمن لك بأنك لم تحببني يوماً كاذب يا " ركاض " إنك لكاذب منذ الفراق وأنا لا أعيش إلا للذكرى أعيش للماضي وفقط لا أنظر للأمام لا أنظر للمستقبل بتاتاً و أي مستقبل أنظر إليه مستقبل " الجهل " !
لطالما يا ركاض هتفت بي يا جاهلة فكنتُ أضحك و مشاعري فاترة تحتاج لمدآوة منك أنت وحدك ولم تخيب ظني في هذا بل كنت تداويها بهواك أنت
بقُبلة و اقعة تحت الحرام بأحضان و لمسات دافئة في جسدي تمردت كثيراً ياركاض كنتُ أظنها مدآوة وعدتني بأنك ستتزوجني لا محالة لأنك تحبني سألتك ذات يوم سؤال كان يراودني كثيراً ولا توجد الإجابة الا عندك


كنت مستلقي على السرير على جانبك الأيسر و تُقبل يدي بينما كنتُ أتأمل ملامحك وأتلذذ بها قلتُ لك بحيرة ممزوجة بالغيرة : ركاض تحبني
اجبت وانت تخلخل أصابعك بشعري ولا تنظر إلي : أكيد ما يبيلها سؤال تشكين بحبي لك ؟!
قلتُ بأسف : لا ما اقصد بس عندي سؤال ؟
قلت ببرود : ها يالجاهلة ايش سؤالك
طعنتي غرست سكينك بقلبي الذي قد اهديتك إياه على بساط من ذهب لكن لم أصارحك بهذا و أقنعتُ نفسي بأنها من طقوسك المعتادة كلمات إعتدتها ولا تستطيع تركها
قلت وأنت تمرر يدك ببطني : ايش سؤالك ؟
أبعدتُ يدك عن بطني و أنزلتُ هندامي وأنا أنظر إليك بخجل : ركاااااااااااااااض استحي لما نتزوج واصير حلالك سوي الي تبغاه
قلت لي حينها : ما اقدر اصبر الحب لازم يسحبك للمعصية تحملت كثير بس عشاني احبك وانتِ تدرين ما اقدر أتزوجك الحين ابغى اكمل دراستي انتِ جاهلة واذا جبنا عيال ما تقدري تدرسيهم
ابغى اضمن مستقبلهم و غير كذا يبغالي وقت حتى اقنع ابويا إني انا ركاض أبغى شغالة ماتعرف غير التنظيف و الطبخ
فرت دمعة من عيني وسرعان ما مسحتها وكأنها لم تفر أصلاً تجاهلتُ طعنتك و سألت : طيب الي يحب ما يحب مرتين يعني انتا تحب بنات كثير غيري انا كيف كذا ؟
إبتسم إبتسامة لم تكن بمحلها : شوفي ذولي مجرد تسلية لين نتزوج اما انتِ زوجتي وام عيالي
بدلع كنتُ أظن أن قلبك يهواه كما تظهر تعابير وجهك : بس أنا أغاااار عليك
حينها بترت كلامي بقبُلاتك المحرمة
كنتُ حمقاء إلى حد أني ألوم نفسي بخطأك أنت دائماً اخطاءك صائبة و صوابي خاطىء كنتُ أفهم الأمور كيفما أشاء
لم أفسر يوماً بأن علاقتك المحرمة تلك خيانة لحبنا ! لم أقول يوماً لنفسي هل الحبيب يرى عيوب حبيبه كنتُ تنادي بالجاهلة
كنتُ نرداً بملعبك ترمي بي وقت تشاء وتأتي بي وقت تشاء قبل سنواتٍ طوال عندما كنتُ بالسادسة من عمري وأنت كنتُ بالعاشرة



أخذتُ أرسم بأحد كتب " ناجي " الذي كان بالرابع عشر من عمره حتى طمست الكلمات بالحبر الأسود
دخل إلى الغرفة حينها و بتوجس : ايش تسوي ؟
إبتسمتُ بمرح طفولي وأنا أرفع الكتاب لأعلى و اضع اصابعي على رسوماتي الطفولية : شوف ايش رسمت
تقدم بخطواته نحوي بسرعة وهو يصرخ : مجنووووووونة انتِ شوفي ايش سويتي
سحب مني الكتاب وهو ينظر إليه
قلتُ له وانا أبكي : آسفــــ......ـة
ابعدني عن طريقه بقسوة حتى ارتطمتُ بالأريكة ومشى بعيداً عني
بينما أنا إزداد نحيبي توجهتُ لخارج الحُجرة على دخول " ركاض "
مسح على شعري برفق وعيناه تشعان بفيض حنان : اشبك مارسة ؟
قلتُ له وأنا امسح عيني بقسوة : ناجي صرخ فيني
إحتضنني بشدة يدسني بصدره الهزيل آنذاك وهو يقول بدفىء آسر : خلاااص حبيبتي لا تبكين انا ما بسويلو شي الحين بس اذا ضربك مرة ثانية يا ويلو مني
منذ طفولتي وأنا مغرمة بك , ضحية مبيدك القاتل , خذلتني كثيراً لا سامحك الله .


قلتُ بصوت عالٍ : طيب أمـــــــــي الحين جاية
قمتُ من على الكرسي و خرجتُ من المطبخ لأجدها أمامي بالصالة تمسح احد الطاولات الزجاجية : مارسة بنيتي ابوكِ ظانع يريدك
هززتُ رأسي بطاعة وانا أتوجه لخارج القصر حيث نقبع قرابتهم بداخل أسوار قصرهم .


*********

سمعتُ صوت طرقاتِ على الباب رددتُ دون أن ألتفت : تفضل
أخذتُ أرفع شعري بصبغة ذات لون بني كستنائي لأعلى ذيل حصان
وقف خلفي يمسك بشعري وهو يقول بحنانه الأبوي الذي إعتدته ولا أستطيع الإستغناء عنه : انهاري خليني أسويلك ياه
تركتُ له شعري حراً وهو يرفعه كيف يشاء
إلتفتُ ناحيته : عمي تعال نجلس و سويلي
إبتسم لي بذات الحنان ومشى ناحية السرير
جلس وجلستُ أمامه ليسرح شعري
على دخول أمي غزال التي إبتسمت ما إن رأتنا : ها ما تبون تتغدون
رددنا لها الإبتسامة وقال عمي جلال : الا الحين ببنزل بس ثواني أخلص تظفير لها
جلست أمي على كرسي قبال التسريحة وهي تنظر لنا و قالت : كيف يا بنتي الجامعة معاكِ ؟
إبتسمت لها بحب حتى ظهرت جميع اسناني : مرررة كوويسة و هاذي آخر سنة ما بغيت اخلص اففف
لفني عمي إتجاهه و كالعادة ابتسم وهو يقول : قمر
وضع ثغره بجبيني يطبع قُبلة قاسية حارقة دائماً ما يحرقني بها رغم فيض حنانه
وقف وهو يمسك بيدي لأقف وقفتُ معه
تقدمتنا أمي بخطواتها ناحية غرفة الطعام
بينما عمي وضع يده بكتفي يلمني له بنصف إحتضان وهو يبتسم بذات حنانه : الله يوفقك يا بنتي وتنجحي وتتهني بشغلتك
إبتسمتُ له : آميـــن
لفني قباله وهو يقول : اسمعي انهاري بقولك إنتِ و أمك حاجة شويا صعبة وانتِ يا بنتي ابغاكِ تتماسكي و تهدين أمك
عقدت حاجبها و بإستغراب : ايش هوا ؟
تقدمني بالخطوات ناحية غرفة الطعام ملبياً لهتاف أمي : جلااااال أنهااار يلا تعالوا الأكل بيبرد
مشيتُ خلفه وأنا غير مهتمة كثيراً بالأمر لأنه ليس لدينا شيءٌ نفقده سوى المال واظن أن مشكلة قد حدثت بالعمل ليس إلا
دخلتُ لأاجده يجلس على الكرسي قبال أمي و الخادمة تسكب من الطعام له و لأمي ولمكاني الشاغر
تقدمتُ لأجلس على الكرسي
قال عمي لأمي : غزال في شي بقولك ياه
قالت بإبتسامة أظهرت طقم أسنانها : قول حبيبي
مد يده ليمسك يد أمي و بهدوء : أسمعي حبيبتي لؤي الي كان زوجك السابق ماهر رحمة الله عليه معتمد عليه بالشغل واحنا اعتمدنا عليه احدى عشر سنة
طلع يلعب بحساباتنا وحصلت مشكلة ما بين شركتنا والشركات الي نتعامل معاهم بسبب السرقة الي هوا كان مسببها فأنا اشوف انو المفترض نخرجو من الشغلة لانو مو كفو
ولا هوا بمنزل الثقة
قالت بإبتسامة متشفية : حبيبي احنا لو طردناه مين بيحل مكانه انتا ما تفهم بأمور التجارة وهالاشياء وطرده بيكون خسارة كبيرة لنا
مسح على يدها بحنانه المعتاد : حبيبتي احنا نسكر الشركة ونفتح بدالها سوبر ماركرات كبيرة و بأكثر الأحياء يعني بحجم هايبر بنده فاهمة عليا
سحبت يدها من بين يديه وهو تسمك بالشوكة وتقول : خليني أفكــر يا جــلال هذا شغل و مستقبل مو لعب عيال
مد لي الملعقة وهو ينظر لها ويقول : فكــري زيما تبغين يا قلبي


************


هتفتُ : ريتاج , ريناد , لجين , بلقيس يلا غداااااا
قالت وهي تضحك : هههههههه هوازن يا اختي ترى حلقك بينجرح وانتِ تنادينهم عمهم ناجي جا ولا جا عمهم ما يشوفوا احد قدامهم
إبتسمتُ لها بود : شوفي انتِ زوجك ناجي هذا اذا جا وقت الغدا لا تخليه يقرب من العيال
قالت أختي عٌطرة تشاركنا الحديث : المشكلة كلهم يحبونه بنتي بلقيس و و لدي وائل و بنتك لجين و ريناد و ريتاج و ولدك رائد و مؤيد
ضربت صدرها وهي تضحك : هههههههه عشانه زوزي أنا احم
لكزتها أختي عطرة بمرفقها وهي تقوم من على الكنبة متوجهه لغرفة الطعام الملاصقة للمجلس الذي نقبع فيه : روحي انتِ وزوزك
مشينا خلفها ناحية الغرفة حتى نسمع خطوات مسرعة متجهة نحونا
نظرتُ للخلف لأجدهم ريناد و ريتاج يتسابقان إلى غرفة الطعام وكلاً منهما تدفع الأخرى حتى وصلا لنا بعد أن دفعت ريناد ريتاج و تقدمتها الخطى : ماما انا وصلت قبلها صح ؟
أخذت إبنتي ريتاج تسحب شعر ريناد : لا يا ماما انتِ شفتيها الغشاشة دفتني
جاءت بلقيس إبنة أختي عُطرة وهي تعلك وتقول : وييييعة على القرود
قالت ريناد وهي تخرج لسانها : ما القردة غيرك و إلا في أحد يعلك كذا " أخذت تقلدها وهي تعلك فاتحة ثغرها مع ظهور صوت أثناء المضغ و فرقعة اثناء النفخ "
قالت ريتاج توافق ريناد : زي الأولاد
كانت ستتحدث بلقيس إلا أن عُزوف قد قطعتها : بلقيس حبيبتي تعلك زيي
ضحكتُ بصخب : والله عادني كنت حقول انها زي خالتها طالعة
مشينا أنا وأختي عُزوف للحُجرة و بناتي ريناد و ريتاج وإبنة عُطرة بلقيس يتدافعون


*


*



جلبةٌ مصدرُها أصواتُ متفاوتة الأعمار سمعتها كالعادة وأنا بطريقي إلى مجلس الرجال دخلتُ ليقوم كل من وائل إبن أخي معن و مؤيد و رائد ابناء أخي الكاسر
بالسلام علي بمرحهم المعتاد
قال وائل : هه غريبة البنات تركوك بسرعة
قال رائد وعيناه بجهاز " الآيباد " : تلاقيه خسر باللعبة وهما سابوه خاينات البنات أنا أدرى فيهم
لكزه مؤيد وهو يغمر بغباء : ليه يا اخويا عشت قصة حب من ورايا و خانتك الحبيبة ؟!
رفع عينه دون رفع رأسه وهو يقول بإستخفاف : هه هه هه ما تضحك تافه يا خي
مشيتُ من أمامهم بعدما سحبتُ " الآيباد " من رائد
قال وائل : عمو عيب تاخذه كذا من رائد بلا حقوق الإستئذان
وضع رائد يده على كتف وائل ليقول : نعم لم تحافظ على حقوق الطباعة والنشر
قال مؤيد وهو يشاركهم دور الغباء : عمي إنك رجل لا إنساني لا تستحق لقب دكتور
قلتُ لهم وأنا منغمس باللعبة : الرد على السفهاء مذلة
فتح وائل فمه بصدمة : ماذا ياعمي وهل نحن سفهاء ؟
قال أبي عبد القوي قاطعاً حديثنا : متى يا ولدي تملي عيوني وعيون ميمتك وهالبيت بالبزارين
إلتزمتُ بالصمت و كأنني أصم لا أسمع






***************


وضع المسدس برأسي في هذا الحين لم يكن بعيني غير زوجتي هوازن و ابنائي
أغمضتُ عيني ويدي وقدماي مكبلتان ..
قال بحدة : بقتلك واشرب بدمك


************

إنتهى الجحيم

استودعكم الله الذي لاتضيع ودائعه .

 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 24-06-14, 01:18 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي

أوليس النسيان


أواه ياقلباً جثى للماضي تحسراً
أواه يا عقلاً على أسياخ الحاضر متقلباً
أواه يا عيناً إمتدت للمستقبل طالباً
ندمان أنا حقاً
و أسعى للنسيان

النسيان وفقط

خمسة حروف تكللت بها معانٍ عدة
بالنسيان نطمر الماضي بألمه
نعيش لليوم اليوم وفقط

كن أبن ثوانيك دقاقئك و ساعاتك
وعش لليوم


إهـــــــــــــــــداء لكم جميعاً ومن بخلف الكواليس ومن هم يتعاملون بالصامت

الجحيـــم
( 5 )


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **






وضع المسدس برأسي في هذا الحين لم يكن بعيني غير زوجتي هوازن و ابنائي
أغمضتُ عيني ويدي وقدماي مكبلتان ..
قال بحدة : بقتلك واشرب بدمك
فإذابه نور بين ظلام دامس
حاولتً أن أركض اتجاه النور ليضمحل الوهج شيئاً فشيئاً
و تزداد النيران بي أرضاً و ذاك بمسدسه إبتعد يضحك بسخريةٍ
تلاشت صورة زوجتي و ابنائي و أخذت النيران تحرقني لتتركني خلفها رماداً


قام بفزع وعيناه جاحظتان بتوجس كأنما روحه انتصلت عن جسده بقسوة كميتة الكافر
وضع يده بقلبه يلتف برأسه يمنةً ويسرة ليستقر رأسه على الجانب الأيسر فيبصق ثلاثاً ويستعذ بالله من الشيطان
و يتحول على جانبه الآخر و قد وضع يده بجبينه يمسح العرق عنه
اقتربتُ من السرير بخوف عليه جلستُ و أنا أضع كفي فوق مرفقه وهو على الجانب الآخر لا ينظر لي
خلخلت اصابعي بين شعيراته القصيرة و وضعتُ أذني بثغره : كابوس هدي حبيبي
إلتف نحوي فجأة سحبني ليسقط رأسي بشدة بصدرِه العريض قال و إبتسامة باهتة بثغره : كنت بموت يا هوازن
رفعتُ نفسي قليلاً عن صدره أضع يدي بوجنتيه و بخوف : بسم الله عليك هدي مجرد كابوس
دس رأسي بصدره وهو يضحك بإستحفال و كالمتجوع للواقع السعيد الممتلىء من كوابيس لا تكهن بخير .
ما سر كوابيسك يا " كاسري "
فهي ليست بأول مرة
أسأل الله أن يكون خيراً



********


صعدتُ إلى جناحنا بعدما إنتهيتُ من الغداء سأرتاح قليلاً ومن ثم أعود لهم أشاركهم جلستهم التي تكون بعيدةً كل البعد عن الحميمية و الدفىء و شعور الأخوة
فتحتُ الباب لأدخل وأنا أرمي بحجابي ونقابي أرضاً مشيتُ حيث غرفة النوم لأراه قابعاً على السرير وبيده أوراق عمل ينظر إليها بتمعن
لم أعره اهتماماً فهو لا يستحق أي أهتمام
قال لي بـ غل : السلام لله
قذفتُ بنعالي بعيداً وما إن خطوتُ للمرآة حتى يقول بحنق : لما اكلمك تردين وحشى ولد ترمي بحذيانك كذا
و صلتُ للمرآة أسدلت شعري الأسود القصير للغاية
بثوانٍ معدودة رأيتُه خلفي يلف يده اليمنى بخصري و يشدني لصدره ويده اليسرى يدخلها بشعري و يضع ثغره بأذني يمررها لأعلى و لأسفل ليعضها بقوة : بأيش تفكرين يا رخيصة ايش هالقصة باقي شويا ويصير شعرك بطول شعري
لا تكوني بعد بتقلبي مسترجلة ما كفاك الخيانة
إلتزمتُ بالصمت بلا مبالآة وأنا أنظر للأرض
لم شعري القصير بيديه ليسحبه جذرياً و رغم شدة الألم لم أصرخ و لم أبكي أتخذتُ قراراً و لن أتراجع عنه و إن كان بغاية الصعوبة فأنا قد مللتُ إلى حد
أني أفكــر بالإنتحار وترك كل مصائب الدنيا ومحنها فما خلفه الماضي لم ينسى إلا بشدة و ما خلفه الحاضر لا يمكنني نسيانه
رص على أسنانه بقوة وقد ظهر منها صوت إحتكاك دوي : انتي ما تحسين !
تركني وهو يضرب التسريحة امامه و يصرخ بصوت عالي يتردد صداه بالغرفة : والله والله والله مو مصبرني عليكِ الا ابويا الي يبغانا نلمكم عن ذياب الشوارع وما يدري انك منهم
اسطوانة تعاد كل يوم و إذا ماكان كل يوم فهو بعد يوم عندما كنتُ عُطرة المتسلطة التي حلفها و نذرها يطبق بحذافيره كسر أول حلفانها خالي و لحقته أنت يامعن
إن كان هناك ذئاب بشرية تقشع اللحم عن عظمه و تبتلعه و ترمي بعظامها للجن فتأكد أنه أنت و أباك
حلفانك يطبق رغم خطأه و حلفاني يدهس رغم صحته و على الرغم والرغم من هذا كنتُ طموحة لإثبات صحة حلفاني
اما الآن فقد فقدتُ هذا الطموح رميته بجحيم خبر وفاة أمي منذ وفاتك يا إزري و سندي يا جنتي أصبحتُ جثة حيةً ميتةً هامدة تأكل لتعيش و لا تقوى على العيش
إستدار نحوي وأنا لم أتحرك خطوة واحدة
إقترب مني يمسكً بياقة ردائي يجُره بقوة وعروق خضراء إتسعت تشعباتها بيديه : ندمااان كثيير إني ما فضحتك ومسحت بشعرك الأرض
شد شعري بقسوة ليرفع رأسي قرابة رأسه و بغيض : اتكلمي قولي شي
قاومتُ الألم بكل ما أوتيتُ من قوة
ماذا عساي أن أقول لك
حلفتُ بأني طاهرة
و أقسمت بأني فاجرة





************




أمسكتُ بيدها اليمنى بينما هي تمسك " بالآيبود " بيدها اليسرى أشتاق إليكم كثيراً أشتاق لطفل يترعرع بمرأى عيني
يقطن بصدري ليلاً , ادفئه من برد قارس ليعطيني من حيويته ونشاطه نشاطاً ومن إبتسامته فرحاً
علاقة تكافلية تنشأ بيننا بل أكثر إنها لعلاقة أمومة جاذبية ما بين معدن و قطب معدن كان بأحشاء القطب و انفصل ليلتقي به مجدداً
فلا إستغناء لأحدهما عن الآخر يتلاعب أمامي يطول شيئاً فشيئاً ويأخذ عقله بالإتساع والتعارف لأرض الله حروفاً فأرقاماً فكلمات فطفل ناضج فمراهق إلى رجل و أحفاد
هل إتسعت احلامي كثيراً رغم صغر حجمها !
أتمنى شيئاً يجده الأغلب
و يتمنون شيئاً أجده أنا
بنون
و
مال
أجد المال ويجدون البنون و كلانا على غير رضى
نريد زينتي الحياة الدنيا ما يجلب الحسرة بالأمر انه سهل بصعب
وصلتُ إلى الحُجرة أخيراً فتحتُ الباب و أنا أسحب الصغيرة الشاردة بجهازها معي
دخلتُ لأجده قابع على الكنب و نظارته متكأة بأنفه وعينيه من فوقها هابطة على الورق بتركيز
ركضت الصغيرة " لجين " في العاشرة من عمرها ناحية عمها وهي تصرخ بفرح : عمووووووو ناجي
رفع عينيه التي تتقدان كالجواهر في بريقها و أبتسم بوسع ليشتد شدقيه وظهرت غمازة بوجنتيه اعشقها حينما تظهر
غمازة يرنو بها قلبي حبوراً غمازة تزهر للجميع و تتلاشى أمامي
وقفتُ مكاني أنظر له يلاعب الصغيرة و يضاحكها
إذاً لم القسوة يا " ناجي " إلهذه الدرجة أنا قبيحة لا يرف لك هدب لي
نظر إلي بنصف عينيه وهو يقول : روحي حبيبتي عند خالة انا الحين عندي شغل اول ما اخلص ألعب معاكِ
قالت بصوت باكي ممزوج بدلع طفولي : لاااااااااااااا عمووووووووو ابى اجلس هنا
ضحك وهو يقول : ياعمو يا حبيبتي انا عندي شغل بس خلاص لا تبكي
رفعها ليجلسها على فخذه و يتابع أشغاله وهي تلعب بجهازها
قلتُ له وأنا أبتعد لدورة المياه " اكرمكم الله " : ترى اذن المغرب
و صلني صوته وهو يقول : طيب


***********


طويتُ سجادتي بعدما إنتهيتُ من صلاة المغرب تليها السنةُ ركعتين و إستغفار لمئة مرة أمحو بها خطايا اليوم فربي غفور واسع الرحمة
مشيتُ حيث " التسريحة " نظرتُ إلى الهالات السوداء تحت عيني إلى جسدي النحيف الذي إزداد نقصاناً
ميتةٌ أنا دونك يا " ركاض " سقطتُ صريعة حبُك المزيف إلى هذا الحين أحاول الوقوف وحدي فلا أحد بجانبي أهل اقول لأمي أني أعطيتُك قلبي هدية لتبكي أم هل أقول لأبي ليغضب ؟
بالطبع سيبقى سري مدفوناً إلى حين موت جسدي فروحي قد ماتت منذ أمد بعيد منذ أمد طوابير المشاعر الجياشة و أرصفة العبرات المعسولة
لعوب كاذب , مخادع و قاتل تعامل من هم أقل منك مادياً كالنملة تدهسها و تقتل قريات النمل بينما أنا لم أستطع قتلك فهل يفوز الحصان على فارسه ؟!
لا بل إن هذا لا يحدث إلا بلعبة الشطرنج الذي كنت أنت من هواتها هذه اللعبة المحرمة يفوز حصانها على فارسها أما بالواقع هذا من المستحيل
أعيش على كؤوس الذكريات المسمومة و لا أقوى أن أعيش متناسية
أتذكر قبل ست سنوات من رحيلك إلى مصــر لإكمال دراستك العليا


أخذتُ رشاش الماء و قطعة قماشية " منشفة " و رحتُ أركض بسعادة لحجرتك وكأنني سأنظفها من عفنها بينما في الحقيقة كنتُ أغرق بعفن المعصية لك يالله
فتحتُ الباب دون إستئذان لشدة فرط سعادتي لتُغتال إبتسامتي , لتموت الألوان و يحيى الأسود وفقط
رأيتُك حينها تحتضن الخادمة وأنت تتلمس جسدها بشكل مقزز , منطس لبلوغه أوج الدنس
قاسيتُ صرخةً من أعماق قلبي , كابدتُ دمعةً لئلا تسقط
فرت رغماً عني تليها الأخرى والأخرى دون انتهاء
حينها أبعدتها عن صدرك بسرعة لتقول وذاك عرق يسري بجبينك : آآ .. الباب مفتوح " وكأنك أحسست على نفسك حينها لتقول بقوة صارمة " : انتِ غبية صح نسيت انك جاهلة ما تعلمتِ ادآب الإستئذان
نعم لقد بررت خطأك بأنني أنا المخطئة أنا المذنبة أخفضت رأسي وأنا أشهق بشدة و تلك الخادمة تهرب من جانبي كالريح بسرعتها وهي تشد رداءها لصدرها
بقيتُ مكاني أريد الحراك وشيءٌ ما كالثعبان إلتف حول ساقي يلدغني بسمه لأشعر بضعف بخلايا جسدي واعضائي سقطُ بالأرض منحنية الركبتين
لتمشي أنت من خلفي وتغلق الباب ثلاثاً بالمفتاح وتجلس خلفي تماماً و حرارة أنفاسك الملتهبة تتأجج نيرانها بعنقي
أملت رأسك جانباً لتلامس وجنتك وجنتي قلت و رائحة أنفاسك الممزوجة برائحة الدخان القاتل تدريجياً قلت بصوت آسر : هشششششششش حبيبتي انتِ لا تبكي
كالماضي تماماً لا تبكي
كنتُ في طفولتك تقتل دموعي
اما الآن فأنت وحدك من يجلعها تعيش بوجنتي بعد ملامستها اهدابي ليتذوق ملوحتهاالأجاجية لساني و تتأوه نفسي ألماً
بقيتُ كما أنا أشهق بقوة
بينما أنت قمت إلى حيث سريرك أخرجت من تحت وسادتك علبة حمراء صغيرة بقماش مخملي
وقفت أمامي منحنياً على هيئة ركوع قدمت العلبة لي وأنت تقول وعيناك تلمعان بين الغيام كالشمس المتوهجة : خذي وافتحيه
نظرتُ إليك حينها و الدمع بعيني و هززتُ رأسي برفض معاندةً لك كأيام الطفولة : ما ابغـ...ى
أمسكت رأسي حينها وأنت تمنعه عن الهبوط بالأرض : ما عاش من يبكيك حتى لو كنت أنا
جلست أمامي تماماً و أنت تفتح العلبة وتمدها لي
لأرى ما قدر رأيته يلمع بأصابع بنات خالك خاتم ألماس يبرق و بجانبه " دبلة "
انزلت الخاتم و رفعت يدي اليمنى قبلتها و قبلت كل إصبع بها و تركت السبابة للأخير ثم قبلتها قبلة دافئة و أنت تثبتُ الخاتم بأصبعي : كنت بعطيك ياه بالليل بس تعجلك خلاني اعطيك ياه الحين
و ضعت يدي اليسرى فوق اليمنى أبعد يدك لأسحب الخاتم بعيداً معلنة رفضي الكلي لما تفعله من تبريرات باطلة
أمسكت بيدي اليسرى بيدك تبعدها عن يدي اليمنى : ايش تسوين ؟ ترى هالشغالة هيا الي فرضت نفسها عليا وانتي تعرفين الشيطان شاطر والغرفة مختلية فينا ترى انا أحبـــك و الله أحبـــك و الدبلة الي شوفتيها
بعد دراستي بتنغرس بأصابعك غصب عن الكل يكفي اني راضي فيكي
حينها نبض قلبي الغبي ككل مرة قلبي الذي يهيم بك ويعيش الآن جوى الشوق المميت
علمني كيف انساك
وصدقني لن أتردد مطلقاً يا " ركاض "
لن أتردد في نسيانك


توجهتُ لخارج الحُجرة إقتربتُ من أمي الجالسة بالأرض و المنشغلة بمسح احد الطاولات
قبلتُ رأسها وجلستُ بجانبها أخذتُ منها قطعة القماش بصمت و أنا امسح الطاولة أزيل ترسباتها ولا أستطيع إزالة ترسبات قلبي
نظرت إلي بـريبٍ وخوف : بنيتي بك حاجة ؟ تشعرين بضرر ؟
رميتُ " المنشفة " بالأرض و إرتميتُ بصدرها بقوة انتحب بشدة و ينزف قلبي ندماً سائلاً شفاف من عيني يكتنف بصدر أمي و " آه " متوجعة تموت بصدرك أمي
أماه نبضي , أماه قلبي أواه لو علمتي أواه لو عرفتي تعثرات ابنتك بوحل الدنيا الزائلة
أموت أماه بيومي ألف مرة وانتم بلا دراية
يسحبني لجنازتي ويظل حياً أذاقك الله ضير الوجع
تشبتُ بحضنها وهي تمسح على شعري وتقبله تارةً أخرى وهي تقول بخوف يصاحبه حنان يضمد جراحي : بنيتي وش حاصلك يا يمه ؟
آه وليتني أعود طفلة لا تعي من أمرها شيء
تتعشعش بصدرك , تستمع إلى نبض قلبك و تشتاق لحنانك
طفلة تحتاجك أظن أني لا زلتُ طفلة فأنا بأمس الحاجة لكِ أماه
من لا يستطيع تحمل المسؤولية ولا بد من وجود أركان و أعمدة ليتوقف عليها هو طفل ليس إلا
و أنا طفلتك أمي .




************




منذ إشراقة شمس الصباح الا حلول الظلام و أنا قابع هاهنا بالأرض امد يدي بالأعلى و رأسي منكوس بالأرض وبعيني حزن , قهر , حسرة ومرارة
لم أعش طفولة , لم أعش مراهقة فكل حياتي كهولة تجاعيد العجز قد رسمت خرائطها منذ أمد بعيد و الشيب بسط فراشه و لفني بوشاحه و غياهيب الليل أنيسي
لا أم , لا أب و لا حتى هوية !
مشرد أنا
واهن أنا
أوليس من حقي أن أبتسم
ألست بشر من تراب !
عشتُ تحت وطأة رجل مجهول لا يعرف للرحمة طريق
سنة تنتهي لتدخل سنة أخرى دون دراية مني
لست أدري كم عمري ؟
شيءٌ واحد أعرفه أن عملي هو الشحاذ , المتوسل , السنان
أتعلمون منذ متى لم ألبس رداءً جديداً منذ خمسة أعوام
خمسة أعوام مضت وأنا بنفس الرداء
مبتور اليد أنا
رفعتُ عيني لذلك رجل قد خرج من المحل الذي أجلس بجانبه أنبهه بوجودي : لو سمحت
نظر إلي نظرةُ ضجر و ما إن رأى يدي المبتورة حتى يرسو الألم بعينيه ليدخل يده بجيبه و يرمي بي بخمسة ريالات و يرحل بعيداً
هذا هو يومي يعاد ويعاد بلا أي جديد
رفعتُ يدي اليسرى اللامبتورة للأعلى و أنا أُنادي : هزيم
ليبتسم هو بين لمعان حزنه : هاه
إبتسمتُ له بمثل حزنه : كـــم ؟
أخذ ينظر حوله بين السكك و الأرصفة يلف رأسه بكل إتجاهه لئلا يسمعه أحد : 630 ريال و إنت
نظرتُ إليه وأنا أرفع المال بيدي السليمة بلامبالآة بمن قد يأتي ها هنا : 780 ريال
قال وهو يهُم بالوقوف : ياخي كثيرة عليه 630 بآخذ منها الثلاثين واخلي له الست مية و انت خذ الثمانين وخلي السبع مية
أطلقتُ يدي بالهواء أهزها رافضاً لما يقول : لا ما بآخذ شي وين الأمانة
ضحك هو بسخرية وهو يتحرك إلى عربية لبيع البطاطس المقلية والبليلة قائلاً بصوت متوسط العلو وهو يعطيني ظهره : خلي امانتك تنفعك يا أغيد
أدرتُ رأسي عنه وتلك رائحة بطاطس تدخل إلى أنفي فتتضور بطني جوعاً تنهدتُ بأسى على حالي
و أنا أهز قدماي الممدودتان بالأرض يمنةً و يسرة و أنظر إليهما بلا هدف فأي هدف قد يكون لي و مستقبلي مثقل بالغيوم منذ أن رأيت نور الحياة



***




الساعة الثانية عشر بمنتصف الليل كنتُ قابعة بأحد المجالس مع خالي و عمتي و بنات اخواتي عُطرة و هوازن
فإذا به صوت ناجي الرجولي يقول : يــــــاولد
ليبتسم خالي عبد القوي بسعادة وهو يهتف : ادخل مابه غير مرتك
أبعدتُ أنظاري عن الباب مباشرة وانا أنظر إلى الفتيات وهن يلعبن
قال السلام كامل ليردون وأرد عليه دون النظر إليه
ما إن اقترب من والده و والدته ليُسلم عليهم ويسألهم عن أحوالهم وهو يعطيني ظهره حتى أنظر إليه بتمعن
لف بجسده عنهم بعدما إنتهى من سلامه إقترب نحوي
وجلس بجانبي تماماً وضع يده خلف ظهري ليقول من بين أسنانه : كشفتك كنتِ تناظريني
تجاهلتُه وانا أقول للجين : لا لجوووونة ايش سويتي خربتي شعرك تعالي امشط لك
إبتسمت هي بطفولة لتقوم من على الأرض وتصرخ بصوت عالي : عموووووو
لتلف ريتاج رأسها لنا وهي تقول بعدما رمت يد البلاستيشن : عمــــي جيـــت
حتى يلتفتن جميع الفتيات صارخاتٍ : عمووووووووو
قمن جميعهن متجمهراتٍ حوله وهو يبتسم لهم وبعينيه لمعة خاصة بها فرح وحزن بذات الوقت
قالت خالتي ساجدة وهي تضحك : ههههههههه بسم الله عليهن هالبلاستيشن ماخذن عقلهن ما درو عن عمهن الا من صوت لجونة
شاركتها الضحك مجبورة
حدقتُ النظر بهِ
أستغربك يا ناجي
أستغربك كثيراً
و لا أجيد فهمك
قام خالي لتلحقه عمتي وهي تقول : يلا يا بنيااات عمكم تعبان توه راجع من هالمشفى و غير كذيا انتن وراكن مدرسة
لم يسمعوها لضجتهن
قال ناجي بصوتٍ شبه عال و هو يحاول إمساك ضحكته : اصصصص خلاص كلكم اوقفوا طابور والحين انا برمي عليكم فلوس نشوف من يجمع اكثر كل يوم برمي واشوف آخر الأسبوع من جمعت اكثر
زيما سويت مع الأولاد
قالت ريناد وهي أكبرهن بحماس : ومين فاز ؟
قال هو يجاري حماسها : اخوكِ رائد ها عليكِ بالقوة زي اخوكِ
قالت بلقيس وهي تضيق عينيها : عمووووو لا تشجعها كذا هيا عندها اخوات اما انا لا شجعني انا
إبتسم وهو ينظر إليهن : كلكم غاليات يلا استعدوا
وقفن الفتيات على شكل نصف دائرة حوله
اما هو أدخل يده بجيبه ليخرج حزمة من المال
فتح ذاك الحبل المطاطي عن المال لتتحر الورقات عد وهو يرفع يده اليمنى يقبض جميع أصابعه إلا السبابة وقال : واحد " ليبسط " الوسطى قائلاً : اثنين " ومن ثم بسط البنصر " ثلاثة
ليقف ويرمي بالمال أرضاً و يتراكضن الفتيات بجنون يدفعن بعضهن
وهو يصرخ بحماس تارةً يشجع ريناد وتارةً ريتاج و أخرى لجين و تتبعها بلقيس
لممتُ نفسي وانا أنظر إليهم
قبل ان تسعد الغير اسعدني يا ناجي
إني والله متعبة
ألن تكف عن ساديتك تجاهي ؟


*


*



إستلقى بالسرير بينما أنا جلستُ بجانب قدماه أكبس عليهما ليرتخي و يرتاح قلتُ له : عبد القوي
ليجبيني وهو يهمهم : هاه
قلتُ بإستفسار : والله ان احس وليدي ناجي ماهو براحة مع عزوف و هالعزوف بعد عايشتن بضيقة معاه
قال بلا إهتمام وهو يهذي بالنوم : مابهم الا كل خير
قلتُ و أنا على إصرار أن تسمعني : لكن
أبعدت ذاك اللحاف عن نفسك لتجلس وانت تنظر لي : يا ساجدة هم لا بهم ضيقة بيحكون إبها
بتساؤل : وظنك ليه لحد هالحين ما حاجتنا الفرحة لشوفة بزارينهم ؟
قلت وانت ترفع حاجبك بحيرة : الله اعلم والله كمن مرة اشاور ناجي و يتهرب من السالفة كانه ما يريد يحكي معي
قلتُ بتردد : إن كان به غلط بعزوف ما ريدها حق وليدي انا أبي أملي عيوني بشوفة بزارينه
قلت بنوع من الغضب : صاحية يا مره باللي تحكيه من لهالبنات المسيكينات غيرنا وش صايبك
قلتُ بخوف : خله يتزوج غيرها ويتركها بالذمة الشرع محلله أربع
قلت وانت تستلقي تارةً أخرى وتغطي نفسك باللحاف و تتجاهلني : استغفر الله .. استغفر الله
تنهدتُ بضيق فأنا بحق أريد لإبني كل خير فكل أم تحب الخير لبنيها وغير هذا تريد رؤية أحفادها أليس من حقي أن أرى أحفاده
قبل أن يأخذني الموت ؟

***
خرج زوجي معن من دورة المياه " اكرمكم الله " و بيده اليسرى هاتفه المحمول و اليمنى بها " منشفة " يجفف بها شعره
تقدم إلى " الكوميدينة " وضع " الجوال " عليها ومن ثم إلى الدولاب ليخرج ثوبه المعلق والمكوي و شماغه و عقاله أخذتُ أنظر إلى انعاكسه بالمرآة وهو يلبس الثوب فوق " فلينته و سرواله "
حينما وقعت عيني على عينيه الحادة أبعدتُ نظراتي عنه
اهتز هاتفه المحمول ينبأ بمكالمة واردة
توجه إلى هاتفه و إبتسامة حبور تعلو شفتيه
تلاشت إبتسامته ما إن رأى المتصل
وضع الهاتف مكانه وتقدم حيث " التسريحة " و بالضبط حيث أنا واقفة
و قف خلفي تماماً تاركاً مساحة طويلة بالجانب مد يده للأمام ليلتقف العود العربي
يضع منه برقبته الطويلة و أنا أراقبه عبر المرآة وخفقات قلبي تزداد بتحركاته
آه يا قلب ألن تتب من هذيانك و سكراتك ؟ !
أحسستُ بشي بارد يدهن على عنقي رقبتي و كتفي
إبتعلتُ ريقي بشدة وهو يدهن من عوده جسدي
أين إختفت جزيئات الهواء ؟ لما العالم حولي ساكن ؟
أمال رأسه جانباً ليضع ثغره بعنقي وأنفاسه تذيب قوتي وتسلبها
والشوق له يميتني ألن أحظى مطلقاً بليلة زوجية مقدسة ؟
قال بصوت ساخر مستفز قاتل لكل أمل ساحقٍ لكل شوق : ريحتك شينة فقلت أعطرك بعودي
مشى عني وكأنه لم يكن
سحقاً لك سحقاً و ألف سحق " يامعن "
تباً لك يا قلبي
كفى خضوعاً
كفى خنوعاً
كفى ذلاً
تباً لغبائك يا عُطرة لما إنسقتي لحبه الزائف ؟ !
وضعتُ يدي بطرف التسريحة اضغط عليها بكل قوتي و حرارة الغضب تسري بي
تنفستُ بقوة شهيق و زفير
قطع علي غضبي صوت إبني وائل الذي هو بالخامسة عشر من عمره وإبنتي بلقيس التي هي بالرابعة عشر من عمرها
قالا بذات الوقت : ماما يلا مدرسة تأخرنا
إبتسمتُ لهما إبتسامة مغصوبة
توجهتُ للعلاقة أخذتُ عباءتي المزخرفة التي يكرهها " معن " لبستها بلا مبالآة فأنا سأذهب للسائق وغير هذا هو بكل الأمور لا يعاملني كزوجة
فلما يتوقف عند العباءة ويظهر به الإهتمام ؟ !
حملتُ حقيبتي و وائل وبلقيس بجانبي قالت بلقيس وهي تغلق ازارير عباءتها : ماما مرررة متحمسة لا خلصت الحين ثاني متوسط وطلعت لثالث و نجحت ان شاء الله بدرس بنفس المدرسة الي تدرسين فيها والله حماس اتخيلك كيف تدرسيني وكيف بيكون شكلي في الثانوي
قال وائل بسخرية يشبه بها أباه : أول شي انجحي بعدين تخيلي و ثاني شي شكلك بيكون بنت من الجن
قالت معاندة : بنجح و مالجني غيرك
قال بإستفزاز : اشك
لم تعره إهتماماً وهي تأبطني قرابتها بينما وائل يسبقنا بخطواته وأنا شاردة الذهن لا أدري كيف اليوم سأشرح للطالبات و أمارس عملي و أزاوله أنا بحاجة لقسط من الراحة



******


صرخ وجوال العمل بيديه و وجهه قد إحمر بشدة : يعني كيــــــف ؟ .. ايوة .. هاه .. امسكوووه .. ايوة .. مشكور اخوي في أمان الله .
قال هذا وهو يغلق الهاتف و يفرك جبينه يلُم جزيئات الغاز لصدره ليطرد همه المثقل
نظر إلي وهو يضع هاتفه بـ " الكوميدينة " بأسف : معليش حبيبتي هوازن هالأيام ضغط بالشغل ازعجتك بصوتي أرجعي كملي نومتك
إبتسمتُ له بحب وأنا أبعد اللحاف عن جسدي و ألم شعري المتناثر لجنبي الأيمن : عادي حبيبي اصلاً دوبني كنت أجهز العيال لمدرستهم
إقترب مني وهو يتكأ بيده على مرتبة السرير حتى أصبح مقابلي تماماً
وضع يده اليمنى خلف رأسي يجرني إليه ومن ثم وضع ثغره بجبيني يطبع قُبلته التي بها معانٍ معدودة لا تقتصر على الحب وفقط بل بها الكم الهائل من الإحترام
وهل يتخلى الحب عن الإحترام ؟ !
قام من على السرير بلا أي كلمة و أنا أطالعه حتى إضمحل إلى دورة المياه " اكرمكم الله " .
رفعتُ اللحاف لجسدي و أنقلبتُ إلى جانبي الأيمن أحاول الخلود إلى النوم وما أن أغمضتُ عيني حتى يصلني صوته من جديد بعدما خرج من دورة المياه " اكرمكم الله "
قال لي : هوازن
إنقلبتُ لجهته وأنا أقول بحب : قلبها
إبتسم دون إظهار أسنانه وهو يرفع قلم فضي للأعلى ويقول بصوتٍ شبه عالٍ : هذا قلم رجالي ايش جابه هنا
رفعتُ كتفي وقوستُ ثغري وأنا أقول بإستغراب : ما ادري والله يمكن الشغالة لخبطت بينك وبين اخوانك وحطته هنا
مشى بإتجاه التسريحة وضع القلم وهو يقول بلا مبالاة : يمكن




*********


نظرتُ إليهم جميعاً يخرجون من غرفهم يتراكضون إلى مدارسهم أختي عُطرة لديها مراهقان لا تهتم لشأنهما و أختي هوازن لديها
ثلاث فتيات و ولدان توأم إحدى الفتيات في السادسة عشر من عمرها وهي ريناد و الثانية بالثانية عشر من عمرها وهي ريتاج و لجين بالعاشرة من عمرها
اما التوأم رائد و مؤيد فهما في الخامسة عشر من عمرهم
إلا أنا ليس لدي إلا نفسي و فقط
شعرتُ به يقف خلفي يتمسك بخصري برفق وصوت رقيق هادىء يحادثني به وهو ينظر إلى ما أنظر إليه :عُزوف ليش تطالعيهم
قلتُ وقد بدى صوتي مجروحاً : اشتـــ ....اقـ...هم يا ناجي اشتاقهم حيل
وضع ثغره بين خصلات شعري و قبلني بشدة وهو يقول : ما نقدر
سحبتُ نفسي من قبضته الرقيقة بقوة و أنا أنظر له بعينين حادتين مقابل عينيه الناعستين : ليــــــــــش ايـــش ناقصنا حرام عليك " صرخت بصوت عالٍ " حراااااااام
حراااااااام ابغى اكون ام ايش ناقصني عنهم
تقدم إلي وهو يغلق الباب من خلفي لوى ذراعي بشدة يجذبني إليه وبصوت هامس : اششششششش هدي هدي
ثُرت , هجتُ واستطار غضبي وصل إلى الذروة القصوى صرختُ و أنا أضربه بصدره العريض : يكفي يكفي ما اقدررر اعيـــش كذا طلقني طلقني
أخذتُ أضرب أماكن عديدة من جسده وكأنني لا أضربه ثابتٌ بلا حراك و ملامحه جامدة
إستمررتُ بالصراخ وأنا أبعد عنه و أشد شعري بجنون : إيـــش ناقصني تكللللم قوووووول ليش مو عاجبتك حرام عليك والله حرام
إقتربتُ من الدولاب أفتحه و أرمي بالملابس أرضاً بلا وعي : كرهتني بنفسي الله يكرهك بنفسك الله ينتقم منك لي الله يقهرك احد عشر سنة احد عشر وواحنا زواجنا وررررررق
ظل جامداً لا يعنيه ما يعنيني صحتُ بقهر : ما تحس احــر ما عندي أبــــــرد ما عندك
أخذتُ أُشير إلى نفسي وبعيني حزن , شجن و آهات مكبوتة : قلي ايش فيني مو حلو ليش مو عاجبتك
جلستُ بالأرض بوهن و أنا أضرب وجنتي : الله ينتقم منـ.......ك آآآآآآه طلقنــــــ........ي بتـــ.....زوج واحد يحترمني ويعطيني حقوقي طلقني
انجلى الجمود و الآمبالاة بما هو أقوى بما هو يشطر قلبي لشظايا و فُتات
إبتسامةُ سخرية واسعة إرتسمت بثغره بإحتراف وهو يقول : ما تجذبين صدقيني ولا رجال بيطالع فيكِ كأنثى ولا رجال
إقترب بخطواته مني وأنا أنفاسي تتعالى بغيض أقبض على يدي بقسوة و عيناي إحمرت كأنما أحدٌ من الجان
قال و إبتسامة السخرية لم تضمحل و عيناه اكتسها الإحتقار : فوووق انك اكبر مني وتبين تتخلين عني مين بهالأيام يتحمل يتزوج وحدة أكبر منه تراني قرفان منك قرفان
مع كل خطوة يخطوها نحوي أتضاءل أصغر و أصغر و مع كل كلمة
يموت جزءاً من قوتي و مع كل إبتسامة تذبل أنوثتي
أشعر أني قبيحة للغاية
وحش من كوكب اللاواقع يخطو بالواقع
انا اللاشيء وأنت كل شيء
أحبك وتبغضني
أراك ملاكاً و تراني شيطاناً
أراك نوراً و تراني ناراً
أراك جمالاً وتراني عفناً

أتستحق صبري يا ناجي ؟

خطى خارج الغرفة بعد أن تركني رماداً خلفته نيران متأججة صار سراباً بعدما تجانس بجزيئات الهواء


***



نظرتُ إلى الساعة بجوالي وقد كانت بالتاسعة صباحاً تنهدتُ بضيق تنهيدة ذات مذاق مُر إلى متى سأعيش هكذا ؟
احدى عشر سنة مضت من عمري لا تحمل إلا هماً , غماً وألماً أحببتك يا " معن " فخذلتني سأتحرر منك يا مهيمن يا مسيطر من
قيودك الفتاكة أعدك بهذا يا " معن " أعدك وإن كان كل حلفاني مسبقاً باطلاً فأنا على يقين أن وعدي هذا سينتشي بي بالفرح و السرور
لن أنسى نزاقة فعلك بي و علامات انطوت مطولاً بظهري فجفت لقَدَمِها
أتذكر جلدك لي بذاك اليوم أتذكره وأتأوه ألماً وكأنك الآن تشرع بجلدي لتحفر آثار وحشيتك أعوام تلوها أعوام وتثبت وجودك حتى بجسدي



دخلت بخطوات طويلة سريعة تجرها نحوي عيناك علي وفقط
شرار ملتهب , غضب جامح , وحش لا يرى شيئاً غير فريسته

إبتعلتُ ريقي بخوف وأي ريق ابتلعه وقد أعياه الجفاف تخشبت اقدامي و انتفض جسدي جراء صياحك : خااااااااااااااااينـــــــة
تراجعتُ بخطواتي خطوة تتلوها خطوة وعيناي الخائفة المفزوعة بعينيك المتوعدة باللاخير
ما إن أصبحت امامي حتى سحبتني بكل قوة لتدفعني بقوة أكبر بقبضة يدك النوويتين التي تفتك بكل بشري طاقة ذرية مترعةٌ بالغضب لا توجد إلا بك
سلاح نووي قاتل يا " معن " تزفني إلى ضريحي في شهر عسلي بفستان أبيض مصرع باللالىء إلى كفن أبيض خالي من أي زينة
حيةً يا معن وكأني ميتة أسألك بالله أي قلبٍ تملك ؟ من حديد ؟ فولاذ ؟ أو مادة لم يكتشفها العلماء بعد ؟
خلعت ذاك حزام يحيط خصرك لتخرجه بطوله وعرضه
تقترب مني
بينما أنا صعدتُ على السرير وانا بعقلي اللاواعي أقفز كالمجنونة حتى صرخاتي قد اختنقت قبل خروجها من حلقي
إقتربت أكثر تصعد على السرير بخطوة واحدة كالصقر
لألتم حول نفسي كالعصفور وأنت سجانه
رميت بي بنوويك القاتل بظهري
تأوهت ألماً فلم ترحم بل ازدادت طاقتك الذرية وضحكات جنونية تضحكها
لم تكن " معن " حبيبي بل كنت " معن " عدوي
هبِط بجانبي تشق ردائي لئلا يكون هناك عازل ما يحميني من نوويك
و أي عازل أقطعة قماش عازل بربك !
لم ترحمني اطلاقاً رميت بي بالحزام تارةً أخرى و أخرى تتبعها أخرى
تتبعها دموع منهمرة
أشققت ردائي لتنظر إلى جراحي فتضحك
لتنظر إلى نجاح علمك الكاذب
بعد تركي قتيلة الفراش أخذت تلمس جراحي التي تأجج نيرانها بقربك
سائل أحمر انطبع بأصابعك مددت يدك امام وجهي لتقول بفحيحك العنفواني : شايفة هالدم ما برد شي بداخلي الله يحرقك انتِ عار انتِ زبالة انتِ رخيصة
كنتُ اجهش ببكائي الصامت وأنت تتلمس جراحي
أحسستُ بشي بارد زاد من حرارة جراحي انه لثغرك يقبلني
أتُقبل عمل يديك أكنت تقصد المداوآة ؟
ام تقصد زيادة الحرق ببرودة على الجرح كأنها ماء تُثير الحرارة لتطفئها حرب صارمة بين ماءك ونارك ؟
انا بحق رخيصة ليس لأني خائنة فأنا لستُ بخائنة حتى لو العلم أثبت هذا أنا متأكدة أني طاهرة
رخيصة انا لأني أحببتك إلى الثمالة فكرهتني إلى الثمالة
و حب مقابل كره يعني خسارة و ربح

لكزتني أحد المعلمات بمرفقها
لأنظر لها وأنا أعقد حاجبي بإنزعاج فقد أخرجتني من زوبعة الذكريات الأليمة
أشارت بعينها للأمام لأنظر إلى ما قد أشارت إليه فإذا بها فتاة ذات شعر قصير محلوق من الأسفل ترتدي قميصاً رياضي فوق ردائها المدرسي
و جروح , خدوش و لصقات تنتشر بوجهها بصوتٍ ثخين قالت : معليش يا ابلة ابغاكِ شوية برى
إنها من الطالبات اللاتي يكرهنها المعلمات لما فيها من غرابة انها من المسترجلات الملعونات لم يسبق لي أن درستُها ولا أدري ما الذي تريده
هززتُ رأسي بالموافقة
خرجت هيا من المكتب تنتظرني أخرج لها
بينما المعلمة التي بجانبي قالت بنوع من التقزز و التقرف : ما هي متربية ذي البنت لا تتكلمي معاها كثير
هززتُ رأسي بالموافقة و قمتُ من على الكرسي توجهتُ للخارج حيث الفتاة
كانت تعطيني ظهرها فهتفت : يا بنت
إلتفتت إلي و إبتسامة بشفتيها مدت يدها اليمنى تصافحني
مددتُ يدي لها
لتجرني إليها بقوة حتى أُقبلها بوجنتيها
قبلتني بذاك شغف كأنها تعصر وجنتي
دفعتها بعيداً عني وأنا أُقوس ثغري بإستنكار لفعلها المشين
بينما هي مدت لي بباقة ورد متناسقة الألوان وبنفس ابتسامتها : تفضلي يا ابلة وعلى فكرة " غمزت وكأنها ترقمني كالشباب الماجن هذه الأيام " انا معجبة فيك
إبتسمت بسخرية وأنا أنظر لها بإستحقار وإستصغار : شكراً خليها لك حبيبتي
إبتسمت حتى اتضحت أسنانها الصفراء و كأنها تستخدم الإنتحار البطيء كـ " معن " السيجارة القاتلة : يا حلوها حبيبتي من لسانك
أردفت بضحكةٍ عالية : ههههههههههههه مردك لي يا حلوة

مشت مبتعدة عني بينما انا لم أعرها اي اهتمام ما الغباء الذي تعيشه
مستنقع قذر للغاية
دخلتُ إلى مكتب المعلمات وقد تناسيتُ الأمر وكأنه لم يكن .



***


دخلتُ إلى حجرتي بتعب وانا امسح عرقي الجو شديد الحرارة لم أستطع إكمال محاضرتي أشعر بالأرق
تقدمتُ للسرير بعباءتي فليست بي قوى لأن أخلعها
ما إن تقدمتُ حتى أرى و رقة بيضاء مطوية قد رُميت بالسرير كُتب بخارجها بخط عريض " إلى أنهار "
لم أهتم و تمددتُ بالعرض بالسرير ومن ثم مددتُ يدي إلى الورقة البيضاء لأفتحها بوسعها
كُتب بها بخط راقي محترف : ســــــلامتك من الأرق
وخُط بالأسفل بخط صغيرٍ للغاية : يوم 1 : النقاء - اللون الأبيض
عقدتُ حاجبي بإستغراب فمن ذا الذي يعلم بأرقي ؟ !
هل من الممكن أن يكون ذاك المعتوه !
فتحتُ حقيبتي السوداء التي قد رميتُها بجانبي لأخرج هاتفي لكن توقفت يدي عند ورقة حمراء مطوية بنفس ذاك الطي
وكأن آلة ما قد طوتها بهكذا ترتيب
أمسكتُ بالورقة لأفتحها



********



إنتهى الجحيم

استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه


 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجحيم, انتقام, اكشن, بوليسي, بقلمي, غموض, عجوز
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195054.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 24-04-16 12:17 PM
Untitled document This thread Refback 09-04-15 05:57 AM


الساعة الآن 08:59 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية