كاتب الموضوع :
الشجية
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حيزبون الجحيم / بقلمي
فقــدان !
بالقرب جذلان !
بالبعد ترحان !
بالقرب آمان
بالبعد طغيان
بالقرب حنان
بالعبد فقــدان
على كفوف النسيان
ذكريات يطويها الزمان
أباه
أماه
هل يسهل نسياكم ؟!
عصيان .. نكران
حقوقكم ..
احترامكم
" فلا تقل لهما اف "
قلتها مئات المرات
اسحبت ارواحكم قرب الأموات
برضا تام
كان يوماً تابعي
يستحي يأكل ..
يخاف تأتي عيناه لقمة
تشتهيها امه !!
اين نحن و اين هم
هدانا الله ..
قيل لأحد الصالحين، وكان مشهوراً ببر الوالدين: ما بلغ برك بأمك؟ قال: ما مددت يدي إلى الطعام إلا بعد أن تمد يدها، وما نمت إلا بعد أن تنام، وما رقيت سطحاً وهي تحتي خوفاً من أن أعقها بأن أرتفع عليها.
أُحبــــــــك أمــــــي
أُحبــــــــك أبـــــــي
رضاكم عنـــــــــــي
جنـــــــة تحت اقدامك اماه ..
اتسمحيـــــــن اكون لك قدم ؟
الجحيـــم
( 2 )
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
نظرت إلي بإستغراب وكأنني قد وقعت في جريمة ما ثبتُ بمكاني بلا حراك بينما هي أخذت تقترب الخطى نحوي وما زالت عيناها بالصغيرة الماكثة بكفي
وقفت بمحاذاتي وهي تشير إلى الصغيرة بإستفهام : مين ذي ؟
ابتعدتُ بخطواتي عنها حتى جلستُ بالكنب قبالها وضعت الطفلة على الكنبة وأخذت وسادة من خلفها و وضعتها امامها حتى لا تسقط رغم انها لا تستطيع الحراك لصغرها الا اني اخاف ان تسقط
أشرتُ لها ان تجلس بجانبي الأيسر فجلست وهي تركز بجانبي الأيمن حيث مكوث الصغيرة
رفعتُ الشماغ بخطوطه الحمراء عن رأسي و بقيتُ " بالطاقية " : هاذي البنت حصلها واحد من العمال بداخل صندوق وصل لشركتنا و اتصلت على الشركة المصدرة لنا بس ما وصلني الرد بنتظر شوي ثم اتصل حتى يفكوني من هالبلى
أشاحت وجهها عني
و أشحتُ وجهي عنها وأنا انظر للصغيرة التي اخذت تبكي يبدو أنها جائعة
و ضعتها بحجري ملامساً بيدي وجنتيها امسح الدمع عنها
اشدها لصدري
أشتاق للأطفال لأني عقيم
نفضتُ رأسي وأنا أُتمتم " الحمدلله يارب الحمدلله غيري اللقمة ماهو بمحصلها " .
أبعدتُ نظري عن الطفلة وأنا أنظر إلى زوجتي " غزال " واقفة قرابتي مادة يداها بالهواء لإحتضان الطفلة حجرها
وضعتُ الطفلة الباكية بكفيها وانا أسمي بالله و أبارك
أخذت تحتضن الطفلة بشدة
حتى راودني الخوف لربما تخنقها فتقتلها فو الله لم يسبق لي أن رأيت زوجتي بهذا الحال العصيب الصعب
أخرجتُ هاتفي المحمول من " جيبي "
أتصل بالسائق
و أنظر لشغفها بملاعبة الطفلة
تدير جسدها النحيل و بكفيها الطفلة
تضحك فتتطاير خصلات شعرها السوداء المتوسطة النعومة
تظهر غمازة بوجنتيها اخفاها الزمان طويلاً !
تتسع ابتسامتها لتظهر اسنانها كاملة
ستة سنواتٍ منذ أن تزوجتها و هذه الكرة الثانية التي أراها سعيدة إلى هذا الحد
استفقتُ على صوت السائق يناديني بلكنته الهندية : بابا ماهر انتا في اتصل انا
: هاه ايه روح حق الصيدلية اشتري حليب للأطفال و حفايظ و رضاعة كل شي يختص بالاطفال جيبه معك سمعت
: هادر بابا انا في يروه
ضغط " الزر " الأحمر أنهي الإتصال وأنا أنظر لها والإبتسامة تزداد شيئاً فشيئاً بثغري سعيد لسعادتها
حتى أراها تقترب بخطواتها مني وكأن خطوة تدفعها للأمام و خطوة للخلف فتبقى بمكانها بلا حراك
رفعتُ يدي اليمنى لأعلى اطبق اصابعي فأرفعها منادي اياها : اشبك غزال تعالي
اقتربت فقعدت بجانبي وقد بدى التوتر يتلبس ملامحها الأنثوية
وضعت يدها اليسرى بفخذي وهي تمسح بها و التوسل يشع بعينيها وثغرها يحكي قصة بكاء طويلة الأمد
تزم شفتاها فتعضها تارة أخرى فتبتلع غصتها حتى تهبط دموعها مناسبة , متدافقة , غزيرة
وهي ما زالت تهز بفخذي : ماهر بطلبـ ...ك شـ...ي قـ....ول تـ...م
حروف متقاطعة صدرت من ثغرها الصغير كلمات تحكي وجع ست سنين اعلم ما تريد ولا أقوى كسرها فيكفي صبرها رغم عقمي
ابتسمتُ لها بود أمد يدي اليمنى امسح دمعها المنسكب بإصبعي السبابة فالوسطى فأضعهم بلساني اتذوق ملوحة دمعها اشاركها ألمها الذي انا من اسبابها العظمى بل ربما سببها الوحيد
وضعت يدها اليسرى بذراعي اليمنى متشبتة بها مكررة الكلمة : قــ...ل تـ...م
سحبتُ يدها مقبلاً باطنها : تــــــم
ارتطم رأسي بأطراف خشب الكنب بعد استلقاء جسدي بقسوة نتيجة تشبتها احضاني
لممتها لصدري وهي تلم الطفلة لصدرها
وكلاهما يجهشان بكاء ً
احداهما جائعة رضعة ً
و الأخرى جائعة طفلةً
وانا جائع سعادة زوجتي
مسحتُ على شعرها ماراً بظهرها صاعداً لشعرها فظهرها : هي لك يا غزال كلها كم يوم وبسجلها بإسمي تزوير
قبلت رقبتي حيث قابعاً ثغرها ..
رفعتُ رأسها لأراها تبتسم بين دمعها ..
احببتُ دمعك ..
فعشقت ُ ثغرك ..
فأخذني الهيام يناجي مبسمك ..
*************
قُمتُ من على الأرض وانا أصرخ بصوت عالٍ : كاني هالحين جاية
توجهتُ للباب الخشبي الهرم الذي يبعد عني بضع خطوات فتحته لأرى " مزنة " وبيدها الطفلة
فتحتُ لها الباب على وسعه وانا ارحب بها : ياحيا الله مزنة
دخلت فأغلقت الباب خلفلها
رفعت بيدها اليسرى خمارها لتظهر ملامحها خذت تقبلني بوجنتي : كيف هي احوالك عساكِ طيبة سمعت بالخبر مرت بو اصلان توفت يالله وش كثر حزنت عليها
ولا بو اصلان قبلها بكم يوم انفقد وهالبينات صوتهن يرن بهالمرارت الدخشة الحزن سكنهم يومهن صغيرات كان الله بعونهن
كل هذا قالته وهي لازالت تقبلني هي فعلاً ثرثارة ولكن ذات قلب طيب صافي نقي طاهر
فلتت يدي من بين يديها وهي تدخل للصالة الدخشة وتهز بيدها الصغيرة التي تبكي
جلست على الأرض وهي تنظر لي وقد ظهر التوتر على ملامحها : يا صايمة انا جايبتن لك هالبنية توخذيها عندك ماني بمتكلفة فيها انا هاليوم طالعة لمكة كاني بآخذ عمرة مع رجلي
الله الشاهد كان بنيتي عطيها حق عُشبة لكن قبل دقايق مريت حق الدار وسألت عنها هالولادت كانهم يقولوا ماحضرت وانتِ أدرى برجلها ما يردني امرهم ابد بيقلب عيشتها كدر لا مريتهم
وهاك البنية إنتِ من نجاها من الموت بالتربة وانتِ من عليك رعايتها
ما إن مددتُ يدي حتى أأخذ الصغيرة حتى ينفتح الباب يبدو ان " ظانع " قد وصل
قامت " مزنة " من على الأرض وهي تعدل خمارها وعباءتها متنحية بجانب إحدى النخلات
أبتلعتُ ريقي حينما سمعتُ صوته يناديني أدرت ظهري قبالته وقفتُ من على الأرض والطفلة بيدي
نظر إلي بإستفهام : من هالبنية ؟
حاولت ان انظم انفاسي لكن أبت ان تنتظم و ضربات قلبي غزيرة مكتنزة : انـ...ا ..آ آ
وهو يضرب بيده اليمنى ذراعه اليسرى و بصوت عالٍ : تكلـــــــــــــمي يابعله
تراجعت بخطواتي للخلف وأنا اشد بالطفلة لصدري لعلها تكف عن البكاء ومن ثمة رفعتُ عيناي له لأجده و اقفاً بمكانه و اللهب الحارق يتصاعد بعينيه السوداوتين الحادتين كالصقر
ابتلعت ريقي الجاف أخذت نفساً عميقاً وانا احاول تلبيق الكلمات علَّ كذبتي تجدي نفعاً : واحدتن بقبيلة بو فرس ولدت قبل ثلاثة ايام بهالبنية والله ما كتبلها عمر تروي عيونها ببنيتها توفت رحمة الله عليها
وهالبنية يتمية و مالها حد و مُزنة " رفعت عيني حيث كانت واقفة عند احد النخلات لكن لا أرى مكانها سوى سراب وسماع حفيف الريح يهز بسعف النخل اكملت حديثي وانا أحاول اخفاء توتري " وهي خذتها ترعاها
وهالحينا تبي تسافر مع رجلها مكة حق العمرة تاركتن هالبنية معاي لحد ردتها
نظر لي بنظرة مبطنة بداخلها ألف معنى عجزتُ عن تفسير تلك المعاني ليرد بثقة : ومن اي عايلتن هالبينة يمكن لها اهلن منا ولا منا
نظرتُ إلى الطفلة وانا ألوم غبائي الذي أوقعني بهذه الكذبة حبل الكذب قصير وهذه صفة ذميمة قد حذر منها الرسول الكريم ولكن الآن ما العمل مالذي سأقوله : آآ ... هي ..هي
تقطيع اوصال الكلام كان لشدة خوفي ومهابةالموقف لكن كل الخوف تبدد بصدمة كبرى انزاحت بها همومي ومخاوفي بقوله : تكذبين يامره عارفك زين كانك تبين هالبينة تتربى بحجرك وتنال من حنيان جوفك فهي مالها الا حجرك وحنيان جوفك حرصيها زين ومن كل شرن يطري بها
فركتُ عيني اغمضها فأفتحها وانا أنظر لجسده الذي أخذ يمضي بعيداُ عن الصالة حتى اختفى عنها كلياً تاركني بهول صدمتي هل أحلم ام أنني اصبتُ بالجنون يمنعني من الأطفال لشدة الفقر المدقع و بلمح بصر يقبل بتربية الفتاة !
عجب عجاب ان ماحدث لا يمكن ان أصفه بالكلمات هذه معجزة حدثت مرة و لا أظنها تحدث كرات
*****************
سمعتُ صوت الباب يفتح رفعتُ عيناي متربصة , مترصدة , متأهبة لرؤية الداخل رغم أني أعلم بأنه زوجي " عبدالقوي " لأنه وحده من يملك نسخة لمفتاح المنزل إلا ان ما دفعني الى التردد هو سرعته بالمجيء بالأمس بالعصر
توفت زبيدة رحمة الله عليها وليل اليوم هو هنا ! رغم بعد المسافات بين مدينة جدة و قبيلتنا طردتُ هذه الأفكار وانا أراه يجلس قبالتي و هو يلف بأنظاره الأرجاء : كلهم نيامة ؟
وانا احرك بأصباعي حبات خرز السبحة و أناظر ارض الله : ايه نعم الحزن مملي قلوبهم والنوم اقرب لعيونهم
وهو يعدل جلسته و يقرب تلك " المتكاة " ويتوسدها بيده اليمنى وتمتد قدماه بالأرض وبيده اليسرى يرفع ذاك " الشماغ " حتى تتوضح شعيراته السوداء : ايه والله كان الله بعونهم كم زعلت على وخيتي آه راحت وهي من بقى لي من ريحة اميمتي رحمة الله عليهن
وضعتُ السبحة بجانبي الأيسر وأنا أرفع انظاري التي يحتويها الإستغراب له : ماظنيتك بترد بهالسرعة ما شاء الله المسافة حيلن طويلة مابين هالقبيلة وجدة وغير كذيا حوجك لوقتن طويلن حتى يتم اجراءات دفانها
بهدوء : لا سرعتن ولا حاجةٍ يامره صلينا عليها و دفنها وهذاني رديت للقبية مرتن ثانية , إالا وانا بالهطرق قعدت افكر بهالبنيات وحالتهن مصيرهن ببيكبرن و مالهن ديارٍ تلمهن كان الله بعونهن و رسيت بفكرتن تطرد بعض الحزن عن قلوبهن
و أنا اترقب لما يقول : وش هي ؟
ابتعد بيده عن " المتكاة " ليتربع بجلسته وقد ظهر جُل الإهتمام بعينيه : يامره كونهن جالساتن بمقربة من ديار ابوهن هاللي يبعد عن ديارنا كمن خطوة بتزود احزانهن فالأفضل لهن ولمصلحتهن ننتقل لديار ابوهن " بو اصلان "
قاطعته حين تذكري لأخي المفقود فمن شدة حزني وألمي لوفاة زبيدة وحال بناتها نسيتُ أخي العزيز و بعجلة دون تنسيق كلماتي : ايه .. وش صار على وخيي حصلتوه بشي شبرن هنيه ؟
ظهر الأسف بعينه التي ترسم قلبه بشفافية فعرفتُ الإجابة قبل نطقانه لها طأطأتُ رأسي للأرض وانا احمدالله فكل ماهو آتي من ربي هو خير فقد قال الرحمن جل وعلا : " وعسى ان تكرهوا شيئاً وهو خيرلكم " لطالما هذه الآية اغلقت أبواب حزني .
زحف قرابتي حتى اصبح قبالتي يربتُ كتفي وبصوتِ حاني : لا يحوجك ولا يطريك خوفن يا بعلة طال الأمد او قصر بعون الله بيتحصل
هززتُ رأسي اوافقه كلماته : شاللي تريد قوله يا عبدالقوي ؟
و ما زالت يداه تحتضن كتفي بقرب دافىء حميم : يالساجدة انتِ عارفتن انه هالبنيات بيكبرن وبيومن بيصعب شوفتهن لبزراني بلا غطاة و هالبيت صيغرن و بالحيل يلمنا ويلمهن و بيت ابوهن الي هنا بيرد المواجع حق قلوبهن فحرصاً على مداوآة مواجعهن
نكمل ما بداه ابوهن انتِ عند علم يالساجدة بأنه اخوك الغالي بو صلان بدا ببنى بيتن شامخن لهن ولزوجته خيتي زبيدة رحمة الله عليها بربوع جدة و مابقى حتى يكتمل بنى هالديار غير الدهان وانا قبل لا أنزل للقبيلة وصيت بدهان الديار لك قلت آخذ شورك دامك عمتهن و لك الحق عليهن مثل ما انا خالهن ولي الحق عليهن
برآيي يالساجدة ننقل اغراضنا حق هالديار و نطوي هالقبيلة بكل احزانها نطمر الحزن و نحاول نسيان وفاة الغالية و فقدان الغالي و نسعد هالبينات بكل الوسايل
بحسرة وألم : نسسيانهم صعبن حيل آه الحمدلله على كل حالن و رجيتك يا عبدالقوي عطني مهلتن ادور بهالكلام براسي و استخير ربي بما فيه الخير
اتكأ بيده على فحذي حتى يقم من على الأرض و يرتدي حذاءه : ماطلبتي حاجتن ولك ما تريدين انا بتريح لين اذآن الفجر .
*************
هذا وقت راحتي الآن الساعة الخامسة عصراً نزلتُ من السيارة وانا احاول تهدئة نفسي فهذا اليوم حمل من السلبيات ما حمل فالأسهم التي قد دخلتها
ادخلتني بدوامة تفكير لامتناهية خوف , رهبة طردت كل هذه الأفكار فلا أحب الخلط ما بين عملي ومنزلي فتحتُ الباب ليتردد صوتها بمسامعي و هي تنشد للطفلة
مشيت حيثُ الصوت لأجد اقدامي توقفت بالمجلس الذي تجلس به و بيديها الطفلة تهزها ذات اليمين و ذات الشمال تشد بالمهد عليها و البسمة لا تفارق ثغرها
بسمة تهز اعماق قلبي فأهفو كما يهفو الطائر بجناحيه بعيداً مرتفعاً بكاهل السماء نبهتها بوجودي و انا ألقي التحية كاملة : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
حتى ترد علي السلام وقد رفعت عيناها عن الطفلة قليلاً ثم عادت لتنظر للطفلة تارة أخرى : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
جلستُ بالكنبة المجاورة لها : مافي كيف ماهر شخبار الشغل معاك " غمزتُ لها بعد ان ارتفعت عيناها عن الطفلة " ولا هالبنت لحست لك عقلك شوفي ها لو بطلتي تهتمي فيني بعلم عبدالقوي عنها
بدلعها العفوي : مهوووووووري لا اااا ترااني مررررة مرررة حبيتها
قمتُ بلا إرادة مني وكأنها مغناطيس لا يجذب المعادن بل يجذب بشر بقلوب حجر جلستُ بالأرض ثاني ركبتي اليمنى رافع اليسرى مُقبلاً يدها التي تحتضن بها الطفلة لصدرها و الإبتسامة ارتسمت بثغري : الله يسعد هالطفلة الي خلتني احظى بإبتسامتك
ازدادت ابتسامتها ظهرت حُمرة خفيفة بوجنتها اليمنى و غمازتين جذابتين و اسنان متراصة بترتيب بذاك التقويم الأسود الذي يلفها ان كانت ليست بذاك الجمال الباذخ فهي بعيني اجمل ما خُلق لأني متيم بحبها ومن أحب لا يرى الإ جمالاً
سحبتُ يدها بشدة لناحيتي حتى اصطدمت جبهتها بجبهتي شدت الطفلة لحضنها خوفاً عليها من السقوط بينما انا أخذت اجول بأنفاسها الملتهبة اسمع ضربات قلبها وضعت وجنتي بوجنتها احسس بنعومتها الحريرية لربما بالغت بوصف حبيبتي لكن لن يفهم شعوري إلا من خاض تجربة الحب و أبحر بها بجمالها وبعذابها
قبلتُ وجنتها اليمنى ومن ثمة اليسرى و ابتعدت عنها لبكاء الصغيرة بصوت عال جلستُ بمكاني على الأرض وأنا أرى اهتمامها بالصغيرة لطالما حلمتُ بطفل مشترك بيننا لكن الحمدلله على كل حال و قدر الله وما شاء فعل
بهدوء ظهر بصوتي : غزال حبيبتي انتِ الصراحة انا خايف عليكِ من اهتمامك الزايد بالطفلة من امس ماذقتي طعم النوم وهاذي اول ليلة تبات بها عندك فما بالك بالعمر كله لنفسك حق ياقلبي حتى أول مرة ارد من شغلي واشوفك ببجامتك ماهو من عادتك ابد ست سنوات من زواجنا عرفت فيها انك اكثر حرمة منمظمة ومهتمة بكل ما يخص شؤون زوجها
قاطعت حديثي : ماهر والله آسفة بس انا بجد احس بفرح يفوق الخيال آسفة لأني قصرت بحقك هاليوم اصبر علي لين اتعود و اقدر اوفي بحقك وحقها يا ماهر
و ضعتُ يدي بثغرها استوقف حديثها ولومها لنفسها : ما اقصد بالكلام هذا لومك لا و ربي لكن القصد لا تخلين الطفلة اكبر اهتمامتك تراني اخاف عليكِ قبل ما تخافي على نفسك و عشان يرتاح ضميري تراني من الفجر مكلم شغالتنا ياسمين تجيب لنا وحدة ترعى البنت يعني تخفف عليكِ شوية كلمتها لأنها الثقة بشغالاتنا واكيد ما بتجيب لنا غير وحدة بمحل الثقة
بنوع من الزعل ظهر بصوتها : امم يعني قصدك اني مو قدها
وانا أُقبل يدها اليسرى : لا والله بس والله من خوفي عليكِ ياقلبي ها اتمم الموضوع واخليها اليوم تجيب المربية
بإبتسامة : دام هالشي يسعدك جيبها
قمتُ من على الأرض وانا اهمس : الله لا يحرمني منك يارب
*******************
عاد كل من " الكاسر و معن " من مجلس العلم إلى المنزل بينما أنا و أخي " ركاض " نلعب مع اطفال القبيلة الكرة هو بالرابعة من عمره وأنا اكبره أربعة اعوام
وبينما نحن منغمسين بالكرة فإذا بها الكرة ترتفع بعنان السماء لتسقط بأحد المنازل ولكن ليس أي منزل انه منزل غريب الأطوار رجل انطوائي دائم ما نراه غاضب كل اطفال القبيلة وانا منهم نهابه , نخافه
و بما أنني اكبر الأطفال ها هنا فقد أصروا الى ان امضي لمنزله طالباً منه الكرة بعد محاولات عدة قلبت بذلك اقتربت من المنزل بخطى مترددة خطوة تدفعني اماماً وخطوة تعيدني للخلف لأثبت بمكاني بلا حراك و بعد مشادات نفسية بداخلي وصلت للمنزل طارقاً الباب
بضع ثوانٍ فتح لي الباب وقد ظهر بجسده الضخم و هو ينفث ذلك الداء الملفوف بورقة بيضاء المسمى بـ " السيجارة " ذا الرائحة النتنة عيناه حمراوتان بصوته الغاضب : خيـــــــــــر
ابتعلت ريقي وأدرت رأسي للخلف حتى يشجعوني ولكن لم أرى احد حتى أخي " ركاض " تركني رددتُ رأسي ناحيته و بخوف من القادم : آآ .. الكورة تسطحت نبيها
دخل إلى المنزل ومن ثم عاد وبيده الكرة : تريدها
هززتُ رأسي " بنعم "
مد لي الكرة وهو يقول : لكن بشرط عليك لا عطيتهم الكرة رد لهنيه لحالك ولا تقول حقهم انك جايني فاهم
بإستغراب وخوف بآن واحد : اذا في حاجتن تريدها قلها لي من هالحين
ابتسم و لأول مرة آرآه يبتسم : خايف لا تخاف وعد مايصيبك اي ضرر عطهم الكرة و رد لهنيه
هززتُ رأسي بالموافقة فحقاً لماذا الخوف ما الذي سيفعله مثلاً ! يضرب ! ومالغرض من ضربه لربما هي اقوال باطلة عليه
مشيت بضع خطوات لأجدهم واقفين و الخوف يبرز بملامحهم و حال رؤية سالم والكرة بيدي اخذوا يقفزوا فرحاً اعطيتُ أخي " ركاض " الكرة وانا اقول له : اسمع يا ركاض انا بروح حق الدكان دقايق و ارد لك لا ترد الديار وحدك انا بمرك
هز رأسه بالموافقة واخذوا هم يلعبون بينما انا سحبتُ خطواتي حيث منزل غريب الأطوار لأراه واقفاً على باب المنزل بعجلة مني في حديثي لأني اريد ان ألعب معهم : هاه شتبيني فيه ؟
انزاح بجسده عن الباب قليلاً وهو يمد يده : حياك
برفض تام : الله يحيك ليت تقول ما تريد بسرعة اريد ألعب بالكورة
بجدية ظهرت بصوته : حكي مهم صدقني ادخل ما بتخسر حاجتن ولاحقن على اللعب
شيء بداخلي يقول أدخل وشيء آخر يقول اياك والدخول طاوعت الأول فدخلت اغلق خلفي الباب وبذات الإبتسامة التي للمرة الثانية أرآها بثغره : حياك حياك تفضل هالحجرة
مشيتُ خلفه أتتبع خطواته حيث الحجرة المشار إليها دخلتُ للحجرة التي أقل ما يقال عنها بغاية القذراة متسخة إلى حد لا يوصف بالكلمات المجردة رائحة كريهه منتشرة
مكتظة بأكوام اوساخ هاهنا وهناك مشيتُ خلفه
لآراه يرجع ادراجه حيث الباب فيغلقه ثلاثاً وتظهر على ثغره تلك ابتسامة غريبة المعنى
تقدم بخطواته ناحيتي وهو يقول كلمات بغاية الغرابة : تصدق منذ مبطي وانت تطري ببالي
عقدتٌ حاجبي بإستغراب : ما فهمت
اقترب ناحيتي و بغرابة شديدة : هالحين افهمك
بسرعة قصوى سحبني بردائي ناحيته ارتطمت بصدره العريض مقارنة بجسدي الهزيل رجل مقابل طفل و بلمحة عين قبل ان اتفوه بالكلمات أخذ يشق بُرَّدي اتسعت عيناي لغرابة الموقف و خوفي وضع يده بثغري يكتم كلماتي
حاولتُ الحديث او الهرب من حصار جسده العريض فلم استطع لا ادري ما الذي يفكر به هذا انه بحق غريب اطوار مجنون
و بسرعة قصوى اخذ يهم بشق بنطالي وضعت يدي اليسرى فوق يده اليمنى التي يحاول بها شق بنطالي هل جنن هذا الرجل ام ماذا !
ولم استطع فلا حول لي ولاقوة امام عرضه و طوله اغمضتُ عيني بخوف رغم اني لم افهم ما الذي يمكن ان يحدث الا أنني متيقن بأنه شيء سيء
أخذت دموعي حارقة تسري بوجنتي اسقط يده اليسرى عن ثغري التي تكتمني و تقتص كلماتي و ما ان رفعت لساني لأطلق العنان لصوتي منادياً احدهم انقاذي من غرابة الموقف وحدته
انزل بنطاله بسرعة هوجاء يشدني له ويعود لكتم انفاسي و آهاتي
ازداد نحيبي فالذي يحدث الآن امر بغاية الغرابة و القسوة ازدادت ضربات قلبي اكتتمت انفاسي أرى الدنيا سوداء قاتمةً حولي غُشِيَ علي بالأرض ساقطاً .
***************
طويت السجادة و خلعت رداء الصلاة عني بعد ان انتهيت من صلاة المغرب ومن ركعتي السنة فقد اعتدت على صلاتها و كأنها فرض و واجب علي
تحركتُ ناحية الفراش القابع على بعد سنتيمترات مني بزاوية الحُجرة تمددتُ على بطني بالأرض و رأسي يعتلي رأس الرضيع انظر لملامحه و يديه الصغيرتين
ابتسمتُ بأسى لحاله وما سيحدث بعد خمسة اعوام من بتر يديه وخنوع رأسه و طأطأته متوسلاً بضع مال لكن كل شيء بيد الرحمن و بإذن الله لن يحدث شيئاً من هذا
رغم أني أعرف زوجي " حمدان " كل ماينطق لسانه يطبق بأفعاله إلا أن أملي بالله باذخ وما حال أخته ما الذي حدث بها أين رميت بها " يا حمدان " هداك الله و غفر لك خطاياك
دعيتُ للطفلة بكل الخير احببتهما كان الله بعونهما لربما اخطأت حين أخذي لهم لكن لا يقوى قلبي تركهم اهتز جسدي خوفاً بعد وصول صوته لمسامعي لأنه سافر بجدة ولم يصل إلا الآن
وحينما دخل دخل بصوت عال وضعتُ يدي على الأرض لأرتفع بجسدي عنها متوجهة الخطى نحوه و بخوف من ما هو آت : هاه شصار حق البنية ؟
رفع حاجبيه وكأن أسلوبي لم يعجبه او شيئاً من هذا القبيل : كذيا حتى مافيها سلام زينٍ انك رديت سالمن ياحمدان
و قفتُ على اطراف اصابعي لأصبح قريبة من طوله قبلتُ رأسه بإحترام مقدمة الإعتذار له : السموحة ياحمدان من خوفي عليها نسيت
ارتخت اصابعي لأرجع لطولي الطبيعي ابتسامة ارتسمت بثغره بين شعيرات اسفل ثغره واعلاه لكن سرعان ما اخفاها دائماً يحرمني من تلك ابتسامة
نظر إلي بهدوء : هي بخير
امسكتُ بيده اليمنى بشدة و برجاء : وين حطيتها رجيتك احكي قلبي مقبوضن عليها ياحمدان " أشرتُ على صدري " به خوفن هنيه ما به راحة
أشار بيده جانباً يأمرني بالإزياح عن طريقه انزحتُ قليلاً ليمضي قداماً بالحُجرة يجلس قرابة الرضيع وينظر له بعينين يحتويهما الحنان لماذا يا " حمدان " تحاول إخفاء حنانك و لطفك و و فير عطفك ؟ ! لست انت فقط بكل رجال القلبية منذ أن ولدت
لم أرى رجلاً حنون قط لطالما رأيت أبي يعامل أمي بقسوة و بطبع أشد صرامة يمد يداه عليها كأنما جارية وليست بزوجة يتجاهلون آيات الله بإكرام المرأة ويتناسون حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : " خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " .
وما ظهر حنانه إلا حين وفاتها رحمهما الله و اسكنهما فسيح جناته وضع يده بيدي ينبهني بوجوده يبدو انه قد ناداني ولكن افكاري ابعدتني عن ارض واقعنا : يا عُشبة انا تركت البنية عند واحدن رجال الله منعم عليه فاحش الغنى و غير كذيا عنده ذا العقم وكمن مرةٍ سابقة يحاول بهالطب يلاقي شي علاج لمداواته لكن مابه فايدة وانا عند يقين
بعد تركي للرضيعة هو بيوخذها بين عيونه هو اخلاق وسمعةٍ عالية لا تنشدي الخوف قليبك و اصدقيني هي بأفضل حال
بنوع من الراحة : يعني هي بخير
بتأييد : ايه نعم
ررفعتُ يدي لله شاكرة
بينما هو ابتعد بخطواته عن الحُجرة .
*******************
ألقيتُ السلام كاملاً حال دخولي على رجال القبيلة بأعمارهم المختلفة كبيرهم وصغيرهم ليرد الجميع السلام كاملاً بلا استثناء فالرد واجب كما يقول الرحمن جل وعلا في كتابه المُبجل : " و إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها او ردوها " .
جلستُ بذاك مكان انتصف المجلس وحولي الرجال يبادروني بكلمات التعزية فأرد عليهم و الحزن يرتسم بخرائطه الشاسعة ملامحي
حتى سأل ذاك الرجل : و الله كان بنيتي اضرب سفرية حق جدة للصلاة على المرحومة لكن اصرارك على جلستي ردعني
و ضعتُ يدي بيديه : والله مابه لزومن جيتك وانت عارف شكبر المسافة و أنا اريد رحاتك و الصلاة تمت مع بعض الناس منيا ونيا
إلتزم بالصمت وتبادلنا اطراف الحديث المختلفة .
******************
وهي تسحبني على عجلة من اطراف اكمام عباءتي : انت ها تقعدي كده كتير من من غير شغل و لا مشغله
و أنا أحاول سحب يدي : انا صح تعبانة موله بس ده مش يعني انى بقى هشتغل مربية بتاعت اتفال
وهي تضربني بيدي : اي ده الكلام دا يا بت بالضبط دي الشغلانه حلوة و حتعجبك أوي دي الست غزال لتيفة أوي و هحتحبيها
سحبتُ يدي من بين يديها و أنا انظر للقصر الواسع و تارة أنظر لها : انا قلتلك لو ماعقبتنيش الشغلانه دا هون مش حشتغل
نظرت إلى ساعتها بمعصم يدها وبعجلة : ائلعي دلوقتي و ادخلي جوا عرفيها عنك انا هروح للبيت و رايا شغل كتير
وضعت يدي اليسرى بخصري وانا أهز اصابع قدمي اليمنى : مش هتدخلي معايا
ابتعدت بخطواتها عني : لا مافيش وأت دي صحبتي ياسمين هيا هتعلمك كل حاجة اتوكلي على ربنا
مضت بخطواتها مبتعدة عني بينما أنا أخذت نفساً عميقاً واضعة اصابعي بذلك جرس ثوانِ معدودة حتى إنفتح الباب بوسعه
دخلتُ لأراها " ياسمين " صديقة عمتي التي أعتبرها أخت اكثر من عمة ابتسمت لي بود وهي تحتضني : ازيك يا اموره
بادلتها الإبتسامة : الحمدلله بس خايفة أوي لحسن تكون الست أويه و متعبه
سحبتني من يدي ناحية إحدى الغرف : دي تيبة أوي وهتعجبك
مشيتُ معها حيث الغرفة لأجد تلك سيدة تجلس بآخر المجلس الباذخ و تضع بحجرها رضيعة بمهدها وعيناها تشع حناناً آسر لكل قلب
إلا قلبي الذي بات يكره الحنان فما حدث شيء يصعب نسيانه إني اشتاقهم زوجي و طفلي حاولتُ في عمتي بتغيير هذا العمل لأنه سيرد لي مواجعي وحنيني للأطفال
لكن هي أصرت على موقفها و قد قالت " هتعيشي تول عمرك غلبانة لازم تواجهي مشاكلك بألب أأوى مش تتهربي عن واقعك يا جميله "
ألقت " ياسمين " السلام لترد عليها السلام كاملاً وقد رفعت عينيها عن الرضيعة ابتسمت حين رؤيتها جسدي خلف " ياسمين " وظهر صوتها الفرح المرحب : هاذي هي جميلة يا حيا الله جميلة تو ما نور البيت
سحبتني من خلفها و هي تقدمني لها : أه دي هيا جميلة
تركتني فأقتربت من السيدة امد يدي للسلام وضعت الطفلة بجانبها على الكنب وقامت من عليها تصافحني و تبتسم ابتسامة واسعة اظهرت طقم اسنانها بأكمله و تجرني لحضنها : يا هلا بك يا جميلة ما تصدقي شكثر فرحانة فيك دامك من طرف ياسمين الله يسعدها
ابتعدت عنها بعد تركها ليدي لأجلس على الكنبة ملبية لقولها : تفضلي
بادرت هي بالحديث : الا كم عمرك ياجميلة ؟
نظرتُ للباب لأرى" ياسمين " قد اختفت رجعتُ بأنظاري لها : ستة و عشرين
لا زالت على نفس وتيرة ابتسامتها الودودة : العمر كله يارب يعني انا اصغر منك بسنتين عمري اربع وعشرين سنة
سكتُ بينما هي أخذت توصي بالرضيعة : حطيها بعيونك يا جميلة هي غالية علي كثير انا ما بثقل عليكِ بالشغل بعتني فيها أغلب الوقت لكن في أمور ما افقها
منها كيف أروشها وكيف اتعامل معاها بآواخر الليل لما تبكي و ابيك تساعديني فيها
بهدوء : ان شاء الله
ضحكت بصوت رقيق بين طياته دلع رباني : هههههههههه احسك انطوائية شويتين عكس ياسمين ما شاء الله عليها هي خرجتني من دائرة العزلة و جا دوري حتى اخرجك
ابتسمتُ رغماً عني على طريقتها بالحديث
نظرت هي إلى الساعة الضخمة ذات الفخامة ومن ثم اعادت انظارها لي : معليش ما كنت ابيك تشتغلي من أول يوم بس تعالي جنبها شوي هي نايمة وانا خايفة اتركها وحدها و زوجي الحين رد من شغله
هززتُ رأسي بالموافقة دون إصدار أي كلمة جلستُ بجانب تلك الطفلة وأنا أحاول ان اتجاهل النظر لها لكن رغماً عني نظرتُ إلى الجمال الذي خلقه ربي إلى رضيعة محمُرة بمهدها و بلا إرادة مني
مررتُ بيدي على جسدها الصغير و أخذت دموعي تشق طريقها ثغري .
****************
اخذتُ ثوب من عنده اغطي به عورتي ما حدث لي قبل سويعات شيءٌ مرعب بحق إن كل خلية بجسدي تنتفض خوفاً و رهبة
ما الذي حدث لي يا ترى ؟ قلبي ينبض بشدة قصوى كأني اصارع حتفي لألتقط انفاسي و أصر على العيش رغم ان كل عضو
بجسدي يتمنى ان يلاقي حتفه أحسس بأني الآن ضعيف مهزوم مذعور أخذتُ ارفع اطراف الثوب التي تمسح الأرض كما يمسحها الدجال
أحاول الكف ان عن البكاء لكن لا أستطيع كارثة قد حدثت لا أفهمها لكن اخافتني حق الخوف
ها انا قد وصلتُ إلى المنزل رفعتُ أنظاري لبنائه البسيط مقابل بيت عمي رحمة الله عليه " بو اصلان "
إلتقطتُ حصى صغيرة من الأرض بيدي الراجفتين التي ما إن تمسك بالحصى حتى تفلتها فتعيد الكرة مراراً لتستقر الحصى بباطن اليد
طرقت بها الباب منتظراً الرد
انفتح الباب بكل سرعة اتسعت عينا " معن " يا إلهي كنتُ اتمنى ان يفتح الباب " الكاسر " هو أكثر تفهماً من أخي الأكبر " معن "
بادرني بالسؤال الذي به حدة : وينك فيه تأخرت ليه ؟ وش هالشي الي لابسه وين ثوبك و بعدين خيك ركاض صغيرن كيف تخليه يرد البيت وحده وهالحين ليه تبكي
أنا الضعيف الواهن المكسور منكوس الرأس مكسور القلب ذابل العين ميت الجسد ساحق الطفولة هذا بحق ما أشعر به الآن إني احتاجك أخي لأول مرة بحياتي
إرتميتُ بصدره اشد بيدي تلك " ازارير " متراصة تحت بعضها بإنتظام معاكساً عشوائية انفاسي أبكي بحرقة
شد بي لحضنه وهو يهمس : هدي هدي الله يهداك شصاير تضاربت مع هالورعان من هو ضربك حتى أرد بثارك يا خوي
ماذا أقول لك رجل خلع ردائي وفعل بي ما لا قد رأت عيني !
وكيف عساني أن أقول وهو من هدد بمقتل من يقدم على أخذ ثأري منه !
أبعدني عن صدره قليلاً فعدتُ أتمسك به بقسوة احتاجك أخي لا تبعتد إني خائف
وصل إلينا صوت أمي حتى يخرج أخي من الدار و أنا بين احضانه يغلق الباب وهو يقول : هالحين أمي لا شافتك كذيا الخوف بيحوجها هدي وانا أخوك وعلمني منهو فعل بك هالسوات خوفتنا عليك كثيرن والكاسر
هالحين يتلافف بالقبيلة ليحصلك
ابتعدتُ عن حضنه أجلس على صخرة امام منزلنا خافضاً رأسي للأرض فهذا هو مقامي بحق جلس مجانباً لي واضعاً يده بكتفي مميلاً بجسدي إلى كتفه يمسح على شعري الأسود اللون : هاه ما بتقول وش صايبك
إلتزمتُ بالصمت بينما هو أخذ ينظر إلي بتعمق : وش هالثوب يدخل به ابوي وعمي رحمة الله عليه و الكاسر معاهم وش كبره من وين جايبه شحاصلك يا ناجي
تكلمتُ بين دموعي بصوت متقطع مبحوح : ما اريـ....د اتكـ...لـ..م هالحيـ...ن وصدقيني يا معـ...ن لا احتجت حاجة .. بجيـ..ك لا تصـ...ر علــ...ي يا معـ...ن رجيـ...تـ..ك يا و خـ...يي كن واقـ..ف معـ..اي دوم
شد علي بحضنه : شهالكلام يا ناجي ذا الكلام مايطلع من طفل بثمان اعوام اذا كنت خايف من هاللي ضاربك فلا تخاف وبأي حين تبي تتشاكى قول اسمه لي وانا والله والي خلقني ان ماخلي فيه عظمةٍ صاحية
وهاليحن امسح هالدميعات الرجال ما يدمعون خلك قوي
أتعلم أخي لربما منذ سويعات كنتُ افتخر برجولتي كما تفتخر و يفتخرون اما الآن فأنا أحسد بنات عمي حبيسات الديار لم يروا ما رأته عيني ولم يتلاشوا كما تلاشيت لشظايا متناثرة تطلب الآمان وبضع حنان
مسحتُ دموعي وأخذ هو يجرني لداخل المنزل يبشر أمي بقدومي سالماً .
****************
إرتفع جفني عن احتضان عيني لإقتحام اشعة الشمس الذهبية جسدي بقسوة ترغمني على الإستيقاظ للواقع المؤلم واقع الفقد لربما يوجد ذاك دواء يبعد كل استياء
لينزوي الحزن سجيناً بزجاجة حديدة صلبة ! اختلاط المواد معاً لربما يخلق حبة ارتياح بعد انزواء الحزن حبيساً انفث عليه من جوف ثغري بخاراً مع بضع لعاب
ليتطاير الحزن بالسماء على جناحي الهلاك فيموت الحزن ويبقى الناس سعداء لكن هيهات أي سعادة وانا الآن أقف على بعد سينتمترات من حُجرة خالي استرق السمع بوضع أذني
على ذاك الباب الخشبي الهرم المتهالك كتهالك قلبي بعد معانقة ذبذبات اصواتهم أذني
اغلال كبلت اقدامي عن الحراك إنه يبني المستقبل كيفما يشاء برودة سرت بأطراف اقدامي تتصاعد لأعلى شيئاً فشئياً لتنسكب بوجهي تلك برودة حارقة فأتهاوى بركبتي ارضاً متمسكة بالباب
أيعقل ما اسمع نعم يعقل انه خالي انه عدوي اللدود لطالما كرهته و قتذاك كانوا يقولوا " إلتزمي بالأدب ذا خالك " ومن هم من يقول " شهالكلام " و الجميع ينكر احساسي اتجاهه الذي يكبر
كل يوم وفي هذا الحين اصبحت كراهيتي له ملأ السموات بطبقاتها السبع و الأرض بمن عليها من آدم و حواء متناسخين بأجناس وصفات
و قتذاك كُنتُ طفلة الآن انا بالغة بالرابعة عشر من عمري أعي ما حولي و أقكر بجدية لا ولن اسمح لك يا عمي بتدمير حياتنا
بزغ النور من هذا الباب حين فتحه لتظهر عمتي التي ما إن رأتني حتى هبطت بجسدها جانبي تمسك بقدمي التي امسكها وهي تقول بذعر : صايبك شي يابنيتي
بسخرية ألدغ بها عمي التي تصل ذبذبات اصواتنا إليه بأريحية تامة : رجلي ما صابها حاجة الا دماغ خالي حاصله ضرر
انتفض جسده بشدة من آثار لسعتي يدير وجهه نحوي يتقدم الخطى قرابتي ينكر سماعه لما قلت بقوله : هاه يا بنيتي سامعك منادية لي خالي صايب رجلينك ضرر
جلس بالأرض وما إن اقتربت اصابعه من ملامسة قدمي حتى أركله ببطنه بقسوة و بزمجرة : ابـــــــــــعــــــــــد والله ثم والله والي خلق هالكون والجنة والنار وذاك القلم و أرسل الوحي لرسول " اقرأ " وعز الله وجلاله
إن اقتربت مني ومن خواتي واخطيت بحقنا والله لا آكل بدمك حي و عظامك اوزعها على كل ورع بالقبيلة يتمنى موتك ومن تمنى حياتك نسفت بدمه خلفك الا خـــــواتي
إرتعش جسـدة كالطفل حين ارتعاشه حقنة : يا بنيتي الله هداك شتقولين حق خالك هدي وانا عمتك هدي يا عُطرة خالك كله يفكر بمصلحتكم ماله لزومن هالوعيد والكدر
بذات الصوت العال والتهديد : هه ظنك يا عميمة يفكر بمصلحتنا ؟ ! والله ثم والله وذا يقنٍ مني هو يفكر بالورثة كانه أبوي و راه فلوسن دفينة وهو يصحيها بيدينه يريد يزوجنا حق عياله ويبيع بيت ابوي هنيه بحجة
انه يذاكر كل فترة بعقولنا موتة اميمتي وابوي و يريرد يزوجنا عياله بحجة لا كبرنا ما بنقدر على شوفتهم ومنهو لنا غيركم و أكيد عياله القرايب منا هم من يكونوا خيرن لنا من الغريب صدقتيــــــه يا عمة !
يكذب و ربـــي يكذب
وصل إلينا صوت من الخلف صوت " معن " الإبن الأكبر لخالي اللئيم
بصوت عالٍ : بســـــــــــــك عـــــــاد سكتي و إلا والله لمسح فيك الأرض و بيومن وليلة التربة هي من تلمك بأحضانها
أخرجت لساني اديره حول شفتي ارطبها من الجفاف المميت إلتزمت بالصمت و جسدي يهتز رهبة لربما يقول لهم عن " علي " فيقتلوه و يقتلوني وأخواتي يموتون بطغيانه احياء شبه اموات
توقف خالي عن الأرض وهو يصرخ بوجه ابنه الأكبر " معن " : والله يا معن ان تطاول لسانك عليها و لا على حد من خواتها ان ازعل منك ليوم الجمع ومابه رضاورة بقلبي عليك ذي المرة هي الأخيرة " بصرامة " فـــــــاهم
يريد كسب قلبي يقف بجانبي ضد إبنه كأنما البطل المغوار النبيل أيها الكاذب اقسم أنك ستندم عاجلاً غير آجل
تراجعتُ بأنظاري خلفاً لصوت اختي التي تصغرني سنتين " هوازن " ذات القلب الرؤف المرهف الحنون : عُطرة شاللي قلتيه حق خالي عيبن عليك ما قلتي والله هو ما يبحث الا عن شي به راحتن لنا
لا تصدقيه " هوازن " إنه كاذب
لا تصدقيه عمتي انه يكذب
لا تصدقوه
نزل بجسده إلي وقبل ان اتفوه بالكلمات قبل رأسي وهو يقول : انا من بعتذر لها حقك علي يا بنيتي عُطرة لكن الله الشاهد ان كنت بستشيرك قبل اي سواة اساويها انت وخواتك
إبتعدتُ عنهم وأنا أجُّر أذيال الخيبة خلفي لن يصدقوني بتاتاً .
****************
انفه يحتك بأنفي وانفاسه تحرق مابين ثغري وأنفي يهمس برقة و ابتسامة تعلو شفتيه : لك بشارة حلوة
بحماس ظهر بصوتي الذي ارتفع عن نعومته المعتادة الربانية : وش هــــــي ؟
بيده اليسرى أخذ يلعب بخصلات شعري التي بالجانب الأيمن : البنت كلها شهر بالتمام و إثباتها بيوصل ها شتبين تسميها
كنتُ سأبتعد عنه لشدة فرحتي أريد ان اقفز كالبلهاء لكنه تمسك بي حارقاً شفتي بلهيبه مُقبلاً إياها بشغف شاركته ذات شغفه بهذه القُبلة الحميمة التي تحمل أجمل معاني الحب المتوج على مر الزمان
كنا نبتعد ثوانِ معدودة ليسترق كلانا غاز الأكسجين لرئيته و ترتد شفاتنا لإرتشاف ماء الحب بعد اختلاط ذاك الأكسجين بمجموعة غازته بهيدروجين الحب القابع بالشفاه فيرتوي القلب حياً
رنين الهاتف ملأ المكان بصوته المزعج ابتعد عني ليخرج تلك الكُتلة الضئيلة من جيبه و يضعها بمسامعه كان الهدوء يطغى عليه حتى بدت عروق خضراء ترسم طريقها بيديه و غشاوة حمراء تغزو عينيه
فيضع يده بقلبه جاثياً بالأرض ..
**************
انتهى الجحيم
استودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
موعد تنزيل الجحيم سيكون بإذن الله كل أربعاء
و لربما تكون هناك هدايا بين الحين و الآخر فيبصح جحيمين او ثلاث بالأسبوع
ادخلوا كل اربعاء وستجدون الجحيم ان شاء الله
اما الهدايا فسأحاول إرسال الرابط لكم متمنية استمراركم بمتابعتي لكن هناك منتديات تمنعني من الإرسال لقلة مشاركاتي .
|