الليلة أجلس يا قلبي خلف الأبواب
أتأمل وجهي كالأغراب
يتلون وجهي لا أدري
هل ألمح وجهي أم هذا.. وجه كذاب
مدفأتي تنكر ماضينا
والدفء سراب
تيار النور يحاورني
يهرب من عيني أحيانا
ويعود يدغدغ أعصابي
والخوف عذاب
أشعر ببرودة أيامي
مرآتي تعكس ألوانا
لون يتعثر في ألوان
والليل طويل والأحزان
وقفت تتثاءب في ملل
وتدور وتضحك في وجهي
وتقهقه تعلو ضحكاتها بين الجدران
لـــ فاروق جويدة
الجحيـــم
( 13 )
** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **
الآن الساعة الثالثة والنصف ليلاً , و بهذه اللحظة تذكرت ان خاتمي " الدبلة " تركتُه بمكتب عبدالقوي
إلهي ماذا لو رآه ؟ لو سأل أبي هل بنتك مخطوبة ؟ بماذا سأجيبك يا أبي ؟ كارثة أقسم بأنها كارثة وحلت بي
من المؤكد ان هذا العجوز قد نام حسناً سأدخل بسرعة إلى مكتبه و أجلب الخاتم و أهرب بعيداً .
خرجتُ من غرفتي بهدوء وعلى أطراف اصابع اقدامي , ومنه إلى خارج منزلنا فإلى العشب الذي يكسي الممر و ينتهي بالقصر
أخرجتُ ميدالية المفاتيح من جيب بنطالي فتحتُ باب القصر و دخلت , وبخطواتٍ سريعة مضيتُ حيث مكتبه
دخلتُ , و أنا أتنفس بإرتياح لعدم وجوده هاهنا
تقدمتُ للمكتب
فإذا بصوتٍ من خلفي : تبين هذا ؟
حالما سمعتُ الصوت الرجولي بلا شعورٍ مني رفعتُ الطيلسان على شعري , إستدرتُ للوارء بسرعة كبيرة , و أبتعلتُ ريقي مراراً وتكراراً
و عين " عبدالقوي " تكهن بكل شر و ريب , أعاد سؤاله بصيغة أخرى و بصوتٍ أعلى : تريدين هــذا ؟
حركتُ رأسي إيجاباً لأعلى و أسفل , و نطقتُ بصعوبة : ايـ...ـه
وهو يتحاشى النظر لي تقدم إلى طاولة بمنتصف المكتب , وضع بها الدبلة , و بنبرة هادئة على غير توقعي : خذيه
و تدافعت خطواته بإتجاه الباب
هتفتُ بإسمه , بخوف : عمـ..ي عبدالقوي .
توقف بمكانه دون الإلتفات لي : نعم .
فركتُ يداي ببعضهما , و بكذب يكسوه التوتر : مو حقـ..ي حق عُطرة
دار حول نفسه حتى ثبتت واجهة جسده بإتجاهي , و بوجهه شبح إبتسامة و بشيءٍ من الريب : وش جاب دبلة عُطرة عندك ؟
بإندفاع : كانت تغسل يدها واعطتني خاتمها و انا لبسته و نسيته بإصباعي و فسخته بالمكتب و رجعت آخذه عشان اعطيها ياه .
رفعتُ عيني و رأيتُه و كأنه يكتم ضحكته , وبحزم : خلاص خذيه واعطيها ياه .
و خرج من المكتب
إقتربتُ من الطاولة و تناولتُ الدبلة , حركتُها بيدي لأعلى و أسفل و انا اتمتم : ربي ستر , ما تسلم الجرة مرتين يا مارسة ما تسلم .
و لا تنسي يا مارسة حبل الكذب قصير , يتوجب علي إخفاء الخاتم
ماذا كنتِ ستقولين " هذا الخاتم إبنك من أهدانياه إياي ! "
إبنك الكاذب , المخادع الخائن .
*
*
أستمع إلى صوت شخيرها و أنظر إلى جسدها السمين و بشرتها الهرمة , و الشعر الذي ينتشر بوجهها
إلى شعرها المتناثر المنكوش , و أنظر لتلك البعيدة ذات العينين الحزنتين و الجسد المتناسق
فلا أجد إلا الفروق وجه الشبه بينكما انكما تفتقدان العلم كلاكما جاهلتين
كيف لظانع الوحش ان يأتي بوردة ناعمة مثلها ؟!
كيف لعبدالقوي الصلب أن يفكر بإمرأة ؟ !!
و البديهي المرأة جاهلة و خادمة
كيف للملوك ان يفكروا بالجواري ؟!!
تساقطت قطرات عرق من وجنتها إلى رقبتها فإذا بها تستيقظ فزعة وهي تستغفر و عيناها زائغتين : استغفر الله " بصوت متقطع " كابوس معـ...ن و عطـ..رة كابوس
زفرتُ بضيق وانا اعطيها ظهري و اغطي كامل جسدي من رأسي لأخمص قدمي باللحاف و بملل : هففففف انتِ و أولادك كمن مرة اقلك هم كباااار مابهم شي بس الحكي معك فارغ
طفي النور و غلقي فمك و خليني انام وراي دوام من صباح الله خير .
*
*
ما بالك يا عبد القوي بكل يوم تزداد بغضاً لي
أرى بعينك الغيظ
ما الذي فعلته بربك اني افكر بأبنائنا ما الخطأ الذي اقترفتُه
كلما زادت اموالك ازددت جشعاً و لا مبالاة
في كل يوم أراك عبداً للمال
تُحب المال حباً جماً .
***
خرجتُ من الغرفة التي يفترض ان تكون أختي الكبرى عُطرة نائمة بها و لكني لم أجدها يبدو انها قد ذهبت إلى جناحها إستعداداً للدوام
دخلتُ إلى غرفة النوم , لأجده خرج من دورة المياه و منشفة تلتف حول خصره و شعره رطب بالماء الذي يقطر كالهتان , و التكييف بأعلى برودة
تناولتُ المنشفة البيضاء الصغيرة و انا اقترب منه بسرعة , أمسكتُ بيديه الباردتين و سحبتُه لخارج الحُجرة
أجلستُه على الكنبة و جلستُ بجانبه و أنا أجفف شعره بالمنشفة , و بعتب : ما ينفع يالكاسر تخرج على المكيف كذا قفله بعدين اتروش .
لكنه إلتزم بالصمت او بالأحرى هو لم يستمع لي
وضعتُ يدي بخده و أنا أُدير وجهه بإتجاهي و أنظر إلى عينيه الحادتين الشاردتين , بخوف : كاسري اشبك ؟
بغموض : جحيم بالماضي و الحاضر مخدرات و مبتورين !
شددتُ على يده , و بإستغراب مصحوب بالخوف : الكاسر عن ايش تتكلم حبيبي ؟
*
*
استمع إلى صوتها بلا تركيز مني , تكاد الذكريات تفتك بدماغي هي ذكريات و ليست خيالات
انا متأكد بأن هذا الرجل له ماضي طويلٍ معي و تعود بي الذاكرة للوراء
يوم عاد أبي عبدالقوي من جدة إلى قبيلتنا , كنتُ أقبع بذلك اليوم عند ذلك الرجل المجهول المعالم
كانت بيدي لعبة " طقطيقة " عبارة عن ثقلين مثبتين بخيط متوازنين تشبه حبات الكرز , ألعب بها بمرح
كان ينظر إلي بتفحص ليهتف : الكاسر إقرب
وضعتُ اللعبة بالأرض , و تقدمتُ الخطى نحوه
بينما هو جلس بالأرض ليصبح بطولي , و بجدية : هالحين بعلمك كيف تملي السلاح رصاص طالع زوين يالكاسر
حركتُ رأسي بالموافقة , و بطاعة : طيـب
أخذ المسدس و أدخل به الرصاص بإحتراف , و بذات الجدية : شفت كيف ؟
بحماس و قد إعتدتُ على هكذا امور : ايه دوري هالحين
إبتسم وهو يبعثر شعري , بمدح : رجال يالكاسر " مد المسدس و بعض الرصاصات إلي " هاه دورك
أخذتُ المسدس و أنا أُقلد تصرفاته بقدر الإمكان
أدخلتُ الرصاصات و نجحت
إبتسم وهي يدثر صدري بصدره الحنون
فإذا بيد تجرني عن أحضانه بشدة , يد لم تكن حنونة بقدر حنان هذا الرجل المجهول إنها ليد أبي عبدالقوي
قال وهو يرص على اسنانه , و وجهه مكتظ بلهيب الغضب : كم مرة قلت لك وليدي ما تدخله بمشاكلكم ما ني بناقص بلاوي فوق راسي .
بإستصغار : عمرك ما بتفهم يا عبدالقوي هاذي ماهي بمشاكلنا كثر ما تكون مشاكل اولاد وطنا
أعادني للخلف و راء ثوبه يدسني عن المجهول , و بذات غضبه : وليدي ماني بمرخص فيه حتى وان ذا لأجل الوطن و ليدي ما بيخطي بطريقكم ما بسمحله
بدخول مراكز الشرطة و هالبلاوي و آخر شي ينتهي المطاف بمقتلي ومقتله .
ضحك هو بسخرية : هههههههههه قلها من الآخر يا عبدالقوي خايف تضيع روحك ما انت بخايف على ولدك , من الحين اقولك من ارخص بوطنه ما مانه خير ابد
بسخرية مشابهه : هه ترى كل انسان مفطور على الخير و الطيب و الحكي حقك ذا من فراغ , و وليدي ما بيدخل ببلاويكم وذا و انا محذر و ملزم على بو اصلان بعد وليدي عنكم .
جلس على حجارةالبئر , و نفض يديه من الغبار الثائر , بإستهزاء : وانت تهقي هو راضي عن سواتك وبعد وليدك الكاسر عن ذا الطريق ما فكرت اقلها ترد بثار ابوك ؟
بقهر : ابوي راح من هالطريق واخذته السما للبعيد انا و وليدي ما بنخطي بهالخطى و لا نريد الثار اذا الله و هو الخالق يسامح عباده فالبديهي بالموضوع ان اسماحهم والله كريم .
ضرب بيديه حجارة البئر , و بعتب : طول عمرك جبـــــــااااااان يا عبدالقوي , انت ما انت بمسامحهم كثر ما انت خايف منهم .
أعادني للإمام بجانبه , و ثبت يدي بين يديه و أخذ يخطو حيث الباب إلى خارج المنزل دون إصدار أي حرف
لكني سحبتُ يدي من بين يديه و ركضتُ بإتجاه ذاك المجهول إرتميتُ بصدره وهو يحضنني بشدة و يهمس بإذني : يالبطل روح مع ابوك
تشبثتُ بفلينته و بطفولة : ما ابي بجلس معك ما ابي ابوي
مسح على شعري الأسود بحنان و بذات همسه : روح يا وليدي لأبوك روح الله يوفقك
هززتُ رأسي بشدة بحضنه و بعناد : ما ابي ما ابي بجلس معك
إنتزعني عن صدره بشدة وهو يمسح دموعي و يبتسم بحب : البطل ما يبكي الرجال مايبكي سامع يالكاسر هالحين روح مع ابوك و نتقابل بالقريب ان شاء الله
كورتُ يدي و وضعتُها بعيني امسحها و بطفولة : يعني بشوفك ثاني ؟
اتسعت ابتسامته : ايه
مضيتُ بعيداً عنه إلى أبي عبدالقوي و حينما إقتربتُ من الباب
إلتفتُ إتجاهه و أنا أحرك يدي بالهواء و أودعه بطفولتي : مع السلامة
و رفع هو يده بالهواء و ودعني بذات كلمتي : مع السلامة
و مضيتُ مع أبي بعيداً عن حضن المجهول الدافىء إلى المسجد لآداء صلاة الظهر .
*
*
المعضلة بالأمر أني قد حاولتُ فتح صفحات الماضي مع أبي لكن كلما إقتربتُ من صفحة اغلقها بكل قوة
وهو يقول " انت تتخيل تتخيل افهم يالكاسر " لكن كيف لهذه الأحداث الجمة التي تملأ رأسي أن تكون مجرد خيال
يستحيل هذا , يبدو ان أبي قد كان يكره هذا الرجل و لربما هذا هو سبب هروبه عن الموضوع
لو كان خالي ابو اصلان متواجد لكنتُ سألته فهو ايضاً له علاقة لا أردي بما أفكر هل بعملي كنقيب ؟ ام هل بالبضاعة الجديدة التي دخلت إلى ارضنا ؟
أم بالمبتورين ؟ أم بأسرتي ؟ أم بالمركز الذي سيفتح بالغد إن شاء الله ؟ .
شعرتُ بحرارة و ثقل بصدري أخفضتُ بصري فإذا بها هوازن تسند رأسها بصدري وبصوتها حنون : الكاسر رد حبيبي ايش فيك لا تخوفني عليك كذا
وضعتُ يدي بشعرها أمسح عليه , بهمس : هششششش لا تخافي مافيني الا كل خير ياعيون كاسرك يلا الحين الساعة سبع باقي ساعة على دوامي قومي افطري معاي .
و انتصبتُ انا من فوق الكنبة كما انتصبت هي من فوقي .
***
ما لبثتُ أن أخطو بالحُجرة , حتى يسحبني بيديه إليه و يدير جسدي بإتجاهه نظر إلي بقهر : كذا تستصغريني قدام امي و تروحين عند اختك !!
نظرتُ إليه بإستهتار من أعلاه لأسفله و ببرود : ومن انت حتى اعملك حساب ؟!
ضغط على معصمي المعصوب بقوة , و بحدة : زوجك يا قليلة الذوق
بسخرية : تكذب على نفسك احنا حالتنا غيــــــر انا وانت اعداء جبرتهم الظروف يعيشوا مع بعض هذا هو قدرنا سواء رضينا او لا
وضع يده بذقني ليرفع رأسي إليه , و بنبرة مستنكرة بها حنان من أقصاه لأقصاه : افهم اني ما اعنيك ؟
فعلتها بي كثيراً يا معن تتقد عيناك لمعة , و يكتنز صوتك حناناً لأضعف تعلم أن نقطة ضعف كل إمرأة رجل و العكس صحيح
لكن انت بريء من العكس انت لست كأي رجل أنت لا تضعف و لو رأيتني كما خُلقت
بقوة مصطنعة و انا أنظر لعينيه : ايه ما تعنيني و لو تطلقني صدقني انه يوم السعد
إبتسم بجمود : طلاق ما اقدر اسعد نفسي على حساب خسارة رضى ابوي لكن عادي اتزوج و ارتاح منك " بإستهزاء " هاه وش رايك ؟
و أنا أحرك يدي الأخرى بالهواء : تريح و ترتاح , بس هه حبيبي لا تظن لحظة اني انا عُطرة اعيش ولي ضرة لا يا قلبي برفع دعوة خلع الموضوع بسيط
بذات جموده : عادي ارفعي و نشوف مين يرضى بوحدة عمرها اربع و ثلاثين سنة و مطلقة كمان ما بيرضى فيك الا واحد ضعف عمرك
ضحكتُ بشدة حتى الغصة , حتى ضحكتي تقتلها الغصات منذ اليوم الذي سميتُ نفسي به بقتيلة الفراش منذ جلدك لي
ضربني بظهري بطريقته المدروسة ومن يرى طريقته الرقيقة يظنه رجل سائر بأعلى درجات الحنان , و لا يعلم بأنه قاتل الإبتسامة , ساحق الأحلام الوردية لا و بل مغتصب الحرية منتهك العرض
برأيي أشد أوجاع الحياة ان تكون مظلوماً و الأدلة تترأس دفاعك عن نفسك و انت لا و لم تقترف ذنباً سوى انك اضعفهم بلا دليل
و أشد الجرائم بحق المرىء هو اغتصاب الحياة من الروح و تركها ضعيفة و اهنة
سحب يدي إلى الكنبة واجلسني , وهو مازال يضربني بظهري بنعومة , و بصوتٍ شديد الحنان : عُطرة بسم الله عليك , اشبك ؟
داهمتني كحة مكيدة تكيد بي بقربك مني آه من ضربات قلبك أقسم اني اسمعها فلترفق بي , صدقني سأعفو عنك
تظل رجل شهم قد ستر على ابنة خاله و اكمل حياته معاها بل و أنجب منها و لم يتزوج أو يلتفت لمرأة غيرها
خفت كحتي بينما هو حرك رأسي لجهته و بخوف : خلاص ؟
هززتُ رأسي بالإيجاب و بسخرية : يلا نكمل عداوتنا
نظر إلي بيأس وعدم رضى و هو يهز رأسه بعدم قبول : تحبين النكد , ما باقي على دواماتنا شي قومي نتجهز الحين الساعة سبعة و ربع .
نظرتُ إليه من أعلاه لأسفله و سحبتُ عيني بعيداً عنه بإزدراء و بما نسميه بالعامية " التشميق "
بينما هو لم يكترث و دخل إلى المطبخ للإفطار .
*
*
تخيل يا معن لو انها بالفعل رفعت قضية خلع
فلترفع لا يعنيني هذا شيئا ً
لكن تخيل لو أن رجلاً قد تقدم لها ؟
أقسم بالله لن أدعها سأجعل كل الطرق وعرة
إن لم تكن لي فهي ليست لغيري
هل تظن انها ستعيش بالجنة بعيداً عني بعدما جعلتني أعيش بجحيمها
لن أسمح لها بهذا لن أسمح .
***
الآن الساعة السابعة و النصف , أغلقتُ أزارير قميصي الأبيض السادة , ونظرتُ إلى تنورتي الجنز بشزر
سمعتُ طرق الباب و بصوت واضح : ادخل
دخل وهو يبتسم لي و بيده كوبين
جلس على الكرسي و وضع الكوبين بالطاولة نظر إلى انعكاس صورتي بالمرآة وإلى ظهري بالواقع و بهدوء : صباح الياسمين تعالي اشربي نسكافيه قبل الدوام
يمكن تنامين هناك نمنا امس متأخرين .
إلتفتُ إتجاهه و أنا أضع يدي بخصري و بتذمر : ناااجي والله اللبس معفن مو عاجبني ابداً
بضحكة مغلفة بالجمود : مو مهم يعجبك المهم انه عاجبني
جلستُ على الكرسي أمام التسرحية و تركتُ شعري حراً بعدما كان مقيد بالمطاط القطني , و بحيرة و تساؤل : طيب وش اسوي بشعري ؟
وضع إصبعه بثغره للحظة ثم رفع يده بالهواء : استني انا بسويلك ياه
قفزتُ من على الكرسي بسرعة و انا أحرك يدي بالهواء بإعتراض : لا والي يسلمك انت لا , خلاص انا سحبت سؤالي
لم يهتم , أخذ الكوبين و وضعها على التسريحة من أمامي
سحب كرسي من الطاولة و أقترب ليجلس خلفي ويمسك بشعري الأسود وهو يعقد حاجبه حركتُه عندما يفكر
قاطعتُ تفكيره بتهرب : ناجي سيب شعري انا بلمه بنفسي خلاص مو باقي شي على دوامك
برفض : هشششششش اسكتي خليني اتخيل
رفع شعري لأعلى و أخذ يلفه لفة و لفتان فثلاث , فتح علبة " البنس " و تناول عدة بنس ليغرسها بشعري فيثبته
جاء من الأمام جلس على ركبته و أدخل المشط بخصلات شعري لتتحرر خصلة وضعها بالجنب وثبتها بالبنس ثم تناول " اسبريه "
وقف خلفي و رش من الإسبريه , و انا أنظر إلى نفسي بالمرآة لم تكن تسريحته جميلة او غريبة لكن رجل كناجي لم يمس إمرأة قط و يفعل ما فعل فهذا إنجاز
لم أشعر إلا بثغره يلتصق بشعري , أنظر إلى عينيه و ثغره الثابتين بشعري من خلال المرآة و قلبي يتراقص فرحاً
عندما أشعر بقبلاته , أُحسس بأن أنوثتي تصرخ حياءً
بهمس : الله يحفظك و ييسر لك شغلك يا قارورتي
إبتسمتُ بسعادة و تناولتُ " روج فوشي "
أخذتُ ادهن الروج بشفاهي , و ذقنه مستند على شعري ينظر إلي بتفحص
لم أعتده قريباً مني إلى هذا الحد
منذ الأمس وهو غريب جداً
كان فمه مفتوح و هو ينظر إلي
أدرتُ رأسي إتجاهه و أنا أضحك على مظهره الغريب
فإذا بقُبلة فجائية تطبع بغير موضعها وتبتر كلماتي
شهقنا سوية
و أبتعد هو للوراء أميالاً و أميال و كأننا قد وقعنا بمحظورٍ ما !
تناول البالطو و يداه تنتفضان , و بإنفاس مظطربة متقطعة : بسـرعـ..ة اتأخرنـ..ا
خرج هو من الحُجرة
و وضعتُ انا يدي بشفتي و أنا انظر لذاتي بالمرآة و وجنتي تتورد فتحمر
و قلبي خفقاته أجراس تنذر باللاخير
مالذي حدث يا إلهي يبدو أنه قد كان سيلثم شعري ليتني لم أستدر
أشعر بأن روحي ستنتصل عن جسدي لشدة خجلي
كيف لي ان أراه بعد اليوم ؟
كيف لي أن أحدثه ؟
اوه ليت الدقائق تعود للوراء قليلاً
لا أطلب الا القليل
*
*
أتذكر ذاك الوحش وهو يلتهم اجزاء جسدي بشفتيه
ما الذي فعلته يا عُزوف ألا تعلمين بأن قلبي الآن
يخفق ألماً , أتذكره وكأنه بالأمس قد حدث
أشعر و كأن تياراً كهربائياً يسري بجسدي
فيصيبه بإنتفاضة تسلب كل قوة
ليكون طفلاً صغيراً يحتاج إلى حماية من ذئاب تحوم بالشوارع
إنتُهكت طفولتي بكل قسوة , وانتِ يا معزوفة دققتي نواقيس الخطر بكل بساطة
ذكرى كم تمنيتُ أن تمحى لكن يصعب هذا علي
فأنا أتذكر ادق التفاصيل و اصغرها
اغتصاب البراءة بكل بشاعة
جروحاً و ندوباً بنفسي وجسدي من نزاقته
حتى جسدي قد غرس بها وحشيته لتبقى ذكرى قاتلة لكل حياة
سألتيني يوماً يا قارورة عن هذه الجروح
*
*
كنا بأول ايام زواجنا حينما كنتُ ألعب بالكرة مع أبناء الحي الفاخر الذين لا يجيدون اللعب كما في القبيلة
بالرغم من تعرضي للإغتصاب , الحادثة التي بدأت من كرة إلا أن الكرة هي الشيء الوحيد الذي لم اخافه بهذه الحادثة
حالما انتهيتُ من اللعب و قد كنتُ بالسادسة عشر من عمري و انتِ بالثامنة عشر من عمرك وقد كنا على مشارف الدخول بالعمر القادم
صعدتُ إلى الجناح و أنا أرمي بالجزء العلوي من الرداء الرياضي بالأرض وذاك العرق يتصبب من جسدي
حينها سمعتُ صوت شهقتك الفزعة
فلتفتُ إتجاهك بإستغراب : شايفة جني ؟!!
أشرتِ بإصبعك و انتِ تقتربين مني شيئاً فشيئاً وانا أتراجع بخطواتي للخلف
أتعلمين يا معزوفة ظننتُ بذاك الحين انك ستغتصبيني
كنتُ أخافكِ بالرغم من أنكِ إمرأة
قلتِ بخوف ويدك بفمك : ناجي ايش الجروح الي بظهرك ؟
إبتلعتُ ريقي وبتلعثم : هاذي .. هاذي مضاربة صارت بيني وبين الأولاد من زمااان
حركتِ رأسك لأعلى وأسفل بتفهم , و بتحذير : ناجي انتبه على نفسك لا عاد تلعب مع اولاد متوحشين زي ذول .
*
ألا تعلمين يا معزوفة أنكِ اليوم كنتِ إمرأة متوحشة للغاية
أعدتي لي الذكرى بكل قسوة
أعلم بأنكِ الآن تضعين يدك بثغرك و تتحدثين إلى نفسك
و تلومين القدر بما ليس له يد به
أعرفكِ يا قارورتي أكثر مما تعرفين نفسك و تعرفيني اقل مما أعرف
وهذه هي المعضلة لو كنتِ تجيدين فهمي
يمكن بأن معضلة أحد عشر سنة قد حلت
لكن قد قلتُ لكِ يوماً " بأنكِ غبية بأمور تجلب لك السعادة , وذكية بأمور تجلب لكِ الغم "
الحل لن يكون بيدي
بل بين يديكِ ولكنكِ لا تفهمين
ويعجز لساني عن البوح لكِ أو لغيرك .
***
الآن بمصر و بالتحديد العاصمة القاهرة , الساعة تشير إلى السادسة و النصف صباحاً , بأجلس على سجادي , أبكي بحرقة وندم على سنين قد مضت قضيتُها ما بين مرقص وآخر , برداء خليع خصري يهتز يمنة و يسرة
و أنظار المتواجدين تخلع الرداء عن جسدي لقوتها و أموال تهطل فوقي كالمطر و سُكارى يتحركون هاهنا وهناك بقتربون
فأبتسم لهم إبتسامةً مغصوبة تدربتُ عليها شهوراً و أعتدتُ عليها سنيناً , فقط لأجـل المال
لأجل أمي و أخواتي الصغيرات بعتُ نفسي بأرخص ثمن لأجل أموالٍ واقعة تحت مدعس الحرام
وضاعت سنوناً تلوها سنون , وزادت أموالي و أزدادت شهرتي فلا يوجد مرقص بكل مدن مصر إلا و يعرف الراقصة المصرية الشهرية " شكران "
إلى ان أتى اليوم المشؤوم الذي قد ضعتُ به
*
*
كعادتي أهتز على ساحة المسرح فأغطي على كل الراقصات و ألفت الأنظار لي لتكون تحت اقدامي الأموال المحرمة تهطل من فوقي بغزارة كهطول العُباب
بجسدي الذي يناسب كل الأذواق فلا هو بالنحيل و لا هو بالسمين
احد الجالسين والذي يبدو من مظهره انه ثري وليس بمصري الجنسية و إنما رجل خليجي ببشرته السمراء الصحراوية
أشار إلى النادل , وحدثه
فإذا بالنادل يقترب مني و يعطيني كأس خمر و بالرغم من رخص ثمني آنذاك إلا أني لم أكن أجرأ على تجرع هذه السموم
إلا أنه قد أصر علي و شرب من الكأس لأتأكد بأنه لا يضر و أن به لذة لا تضاهيها اي لذة
فشربتُ من الكأس جغمة تلحقها جغمة فالكأس كامل إلى نهايته
و بدأتُ أترنح بوقفتي و اضحك ببلاهة و أصوات غزيرة أسمعها تتعالى بالأموال فدخلتُ بالمزاد دون دراية مني مزاد ضياع عرضي
فإذا بالأسمر راهن بأعلى مبلغ ليجرني النادل إليه
أخذني من يدي بعيداً عن الكباريه و أدخلني إلى أحد الفنادق أخذ ما اخذه و أضاع شرفي
هه والذي يزيد القلب حرقة سخريته مني بالصباح الباكر حالما إستيقظتُ و أنا متجردة من رداء الرقص الفاضح .
*
*
بصباح اليوم الجديد , دثرتُ نفسي باللحاف بشدة و أسناني تحتك ببعضها لتفاقم خوفي و قلبي يقاسي الوهن , برهبة : انتا ايه عملتو بيا ؟
إبتسم بسخرية وهو يدير الكرسي ذات اليمين و الشمال : اظن شكلك هذا يعبر عن وضع امس .
تراجعتُ بجسدي إلى خليفة السرير , و انا أهز رأسي بالنفي و بجزعٍ وصوتٍ عال : لااااااا ما سويتها بيا لا والنبي ماسويتها بيا انا شريفة
انا بنت انا مامسينيش راجل ابداً .
و لم أعلم بتلك اللحظة ان قد وقعتي بالشرك الأصغر فقد حلفتُ بغير الله , حلفتُ بالنبي آنذاك هنالك بعض الإختلافات بأقوال الأئمة من ناحية الحلف بالنبي إلى انه من الواجب علينا الحرص على الإبتعاد عن المشبوه
ببرود : تصدقين عاد اتعجبت يوم طلعتِ بنت ! يعني ليه ما كملتِ طريقك للنهاية ولا من الناس الي لهم وجهين واحد نبيل و الثاني خبيث ؟ !
غطيتُ نفسي باللحاف بإستحفال و أنا أقفز من على السرير , و بصراخ : هتندم هتدفع التمن غالي انتا هتتجوزني سامع هتتجوزني
أشار بسبابته إلي و بإستهزاء : اتزوجك ههههههههههههه اتزوجك صاحية بعقلك انتِ اتزوج وحدة محصلها متخلعة بمرقص لا وبعد احسن رقاصة بكل كباريهات مصر
و أتزوجك ! إصحي على نفسك يا ماما و فلوسك فوق البانيو بالحمام خوذيلك دش و شيلي الفلوس و على بيتك .
إقتربتُ من الحمام " اكرم الله الجميع " نظرتُ إليه قبل دخولي بإحتقار وتهديد مغلفين بالموت : هتندم صدئني هتندم اتجوزني وبعديها امشي بطريئك و انا بطريئي اما كده لا مش هسمحلك .
لم يعرني أي إهتمام وهو يأخذ الريموت ويقلب بالتلفاز دخلتُ إلى دورة المياه و اغلقتها تناولتُ الأموال من البانيو و أنا أعدها أموال طائلة تغطي على كل ديون ابي المرحوم و تزداد
لكن مقابل أغلى ما تملك المرأة إرتديتُ الرداء المعلق خلف الباب على عجل و أمسكتُ بالأموال و خرجت
ضحك وهو ينظر إلي وإلى الأموال بيدي
خرجتُ من الشقة بلا أي إكتراث ومنها إلى خارج العمارة
حيث يجلس رجل عاجز عند الباب ويبدو انه الحارس
إقتربتُ منه , و بهدوء : يا حج
رفع رأسه إلي : نعم عاوزة ايه حضرتك
بتساؤل : شئة رئم تسعة بتاع مين ؟
بتذكر : ده بتاع الراجل السعودي هزاع .
أشرتُ إلى السيارتين المصطفتان تحت الظل : اي وحدة عربيتو .
قدم رأسه للأمام ليشير إلى السيارة الزرقاء : الزرئة .
تقدمتُ من السيارة الزرقاء بعجل و أنا أنظر إلى لوحتها حاولتُ حفظها
و مضيتُ أبحث عن سيارة أجرة .
و لم تنتهي الذكرى الأليمة بعد .
***
أخذتُ قلادتي الصليب و ثبتًها برقبتي , إشتقتُ إلى الركاض سأذهب لرؤيته قبل ذهابه إلى الجامعة
نزلتُ الدرج بسرعة و ما أن خطوتُ بالصالة حتى أرى اخي جهاد والذي يبلغ من عمره تسعة و عشرين عاماً
و أنا بالتاسعة عشر من عمري
رأيته يقعد على الكنبة السوداء المخمل و عيناه تقدحان شراراً و غيض بقهر
وهو يعيد الشريط للمرة الألف
إقتربتُ منه و جلستُ بجانبه و أنا أحرك رأسي بيأس : انتا ما زهئتش بس تعيد الشريت خلاص بئى انسى
ضرب كفيه ببعضهما و بغل : النجس هوا حتا ماتلعش فيها كويس عندو حتة مز تركية وما يتلعش فيها ده مجنون , و مجنون اوي
بواقعية : ومش هيطالع يا جهاد لا تتعب نفسك انا لما بكلم ركاض عن اهلو يئولي انو الكاسر ما عندوش دي الحركات ابداً و بيحب جوزتو اوي
ضرب يده بالطاولة الزجاجية بقوة و بصوتِ عال : لا هيطالع هيطالع النجس هرد بسار بابا و جدو هرد بسارهم
الثأر و الثأر لقد مللتً هذا الحديث
مللتُ أحجية الإنتقام
إلى متى ؟ إني لا أشعر بالقهر لمقتل أبي بالرغم من أني عشتُ يتيمة لكن لا أشعر بالحقد و النار التي تشتعل بأخي
قد يكون هذا لسبب حبي لركاض موضع انتقامنا
فإذا بإصابعه تخربش أعلى يدي , و من بين اسنانه : لازم نخرب حياتهم لازم ندمرهم
أبعدتُ أظافره عن يدي
و صلبتُ قامتي بعيداً عن الكنبة إلى الخارج
و جدتُ عمي ربيع الذي هو بعقده الخامس من عمره على مشارف الستين يجلس على كرسي
إقتربتُ منه لثمتُه بخده و أشرت بيدي بالهواء : بااااااي
ومضيتُ إلى سيارتي حيث منزل ركاض الذي اسكن به معه وبعضاً من الأحيان آتي إلى هنا , فالآن الساعة اسابعة و النصف من المؤكد انه يستعد للجامعة .
***
في معهد " وول ستريت " من اكبر المعاهد بجدة لتعليم اللغة الإنجليزية منه اربعة فروع , ثلاثة فروع للرجال و فرع واحد للنساء
يبدأ الدوام بالمعهد بتمام الساعة التاسعة صباحاً لكن الآن الساعة الثامنة و النصف , جئتُ مبكرة لإجراءات التسجيل
الحمدلله إكتملت اجراءات التسجيل و قُبلت بالمعهد
خرجتُ من المكتب , ذهبتُ إلى رقم الشعبة التي انتمي لها
دخلتُ و ألقيتُ التحية , رد البعض والبعض الآخر إلتزم بالصمت
جلستُ على أحد الكراسي بجانب امرأتان
وضعتُ حقيبتي بحضني
بادرت المرأة التي بالجانب الأيمن بالحديث بينما الأخرى منشغلة بهاتفها المحمول
بإبتسامة : عادي نتعرف ؟
بادلتُها الإبتسامة : اكيد عادي و انا ببدأ انا عُزوف اصل الحكمي .
إتسعت ابتسامتها , بدهشة : ما شاء الله انتِ عمك عبدالقوي صاحب اكبر الشركات ؟
حركتُ رأسي بالإيجاب
بينما هي أردفت : إتشرفنا والله اخت عُزوف , انا نسرين الراشد .
و أنا ألعب بالخاتم بإصبعي : سعيدة بمعرفتك يا نسرين , المهم ترى عجبتني فكرة التعارف تذكرت ايامي بالثانوي
يلا بكمل عمري ثلاثين سنة , حلمي ادخل طب , و انتِ ؟
بذات الإبتسامة : عمري اثنين و عشرين , ان شاء الله تخصص انقلش
شعرتُ بالحرج يعتريني كم تمنيتُ و جود ناجي هاهنا للدفاع عني
أكبرها بالعمر ثمان سنوات , أشعر بأن مكاني خاطىء
من هم بعمري و لم يكملوا دراستهم عليهم القعود بمنازلهم
و لا يزاحموا ابناء اليوم , لكن ناجي قد قال لي العمر لا دخل له بالعلم
لكزتني بمرفقها و بإبتسامة : وين رحتي يا عُزوف ؟!
بإرتباك : هاه هنا معاكِ
فإذا بصوت نغمة جوالها الهادئة
أخرجت هاتفها من حقيبتها , و أبتسمت بسعادة وهي تتحدث مع الشخص الآخر و الذي يدعى مازن
لم أشأ التنصنت عليها لكني اقعد بجانبها و ماتتحدث به يصلني بسهولة دون إنصاتٍ مني
أغلقت الهاتف , و بأسف : معليش قطعت كلامنا هذا زوجي مازن يقولي سويتي الغدا لي
بتعجب : غدا الحين !!!
إبتسمت , و بتوضيح : ايوة حبيبتي احنا ما عندنا شغالة ومايصير زوجي طول السنة يآكل أكل الشوارع
فأنا اجهز له الغدا قبل اروح واحطه بالثلاجة هو يسخنه و يآكله , فهمتي ؟
بتفهم : ايه ما شاء الله عليكِ , انا ما اطبخ الصراحة الا لو جاني نفس بالطبخ امنع الشغالة واقوم اطبخ وما اعرف كثير بالطبخ يعني تلقيني معتمدة على النت بالواصفات
أدخلت هاتفها بحقيبتها البيضاء و بود : فاهمة عليكِ ولو انا منك خير شر ما اطبخ حاجة بس كمان ما يصير كل الحمل على زوجي لازم اخفف عليه كفاية انه متحمل عيالي
أتدرون ماذا ؟ رغم طيبتها و أخلاقها العالية , إلا أن نار الحقد تتفاقم بصدري
أصغر مني ولها اطفال ؟!
لماذا انا الوحيدة المحرومة ؟! مالذنب الذي اقترفت ؟
لها أطفال , تطهو , تهتم بزوجها , تكمل دراستها بكل افعالها موفقة
لكن أنا لا أطفال , لا طهي , اهتممتُ بناجي إلى حد الملل و لم يجدي نفعاً , و أخيراً لا دراسة
لا تكوني هكذا يا عُزوف لست بحقودة انتِ أعلى من هذه التصرفات الدنيئة
لا تضحكي بوجهها و تتكلمي بنفسكِ عنها بالسوء , بل و تتمني الشر لها على حساب الخير لكِ
بمحاولة لإبعاد الحقد عن صدري , و بتساؤل : كم طفل عندك ؟
رفعت اصبع لأعلى : واحد , أصلاً قريب تزوجت مالي الا سنتين بس قلت عيال بلا قصد
إلهي سنتين و طفل ! أحد عشر سنة بلا أي طفل !
ما الفارق بيني وبينها ؟!
إنها ليست بالجميلة إلى حد جمال أختي عُطرة , بل تضاهي جمالي تماماً
ليست بقبيحة ولا بجميلة
هل يمكن ان الحقد قد اعماني عن جمالها ؟ , لكن اذا كان الأمر هكذا كان يفترض الا اعترف بجمال أختي عُطرة
لكن يا عُزوف هذه أختك يحال ان تتمني الشر لها , قد يسوس الشيطان بكِ لحظة ولكن ليست بكل اللحظات لأنها أختي مهما حدث
أردفت هي : و انتِ متزوجة ؟ و كم طفل عندك اذا متزوجة ؟
بحرج : ايه متزوجة , " مسحت وجهي و أردفت " و لا طفل
تغير لون وجهها و قد أحست بالحرج هي ايضاً و قالت بأمل : ان شاء الله ربي يرزقك بالعاجل القريب ما قد فكرتِ تروحي المستشفى تكشفي ترى في منشطات
و أشياء كثير تساعدكِ على الحمل .
هه أي حمل و أنا لا زلتُ عذراء !
أي طفل قد يأتي دون رجل !
بماذا أرد الآن , لقد و ضعتيني يا نسرين بموقف لا أحسد عليه البتة
بكذب : ايه رحت لكن قدر الله و ما شاء فعل وانا راضية بالمكتوب .
بتفكير و محاولة لإيجاد حل : طيب اسمعي ما تدرين يمكن عين صابتك عين ما صلت على النبي والله ترى في ناس اعوذ بالله من عيونهم
ايش رايك أعطيكِ اسماء شيوخ تتصلين عليهم و تقوليلهم عن حالتك ؟ يمكن عندهم الحل ما تدرين الواحد ما ييأس لازم يحاول
لو تعلمين بأن عيني عليكِ الآن و انا لم أصلي على النبي , كيف ستكون ردة فعلك ؟
بلا اهتمام : طيب بآخذ الأرقام منك بآخر الدوام ان شاء الله , و يا رب يكون عندهم حل لمشكلتي .
بود : ان شاء الله .
***
يتلوى نهري في مجراه يريده و يخافه لذلك هو سلسبيل معكر الصفو
يتشبث بالمجهول و يهابه بذات الوقت
إذاً ماذا عليه فعله ؟ ماذا يا انهار فلتجيبي ؟
تعبتُ التفكير به
لماذا لا يتصل ؟
لماذا لا يرسل ؟
و الأهم ما سبب اختفائه المفاجىء ؟
جاءت نوال وبيدها كوبين ورقيين من القهوة
وضعتها على الطاولة وجلست بالكرسي المقابل لي لكافتيريا الجامعة
حركت يدها امام عيني , و بإستنكار : يا هوووو , انتِ حالك مو عاجبني , اشبك بكل لحظة مسرحة ؟
إرتشفستُ من القهوة و بإنكار : مافيني شي
بإصرار و هي تحدق بي : لا في شي و متأكدة كمان
بتبرير كاذب : صدقيني ما في شي مهم , بس مجرد خوف من البحث الي بنقدمه الاسبوع الجاي الظاهر اننا ما بنحصل الملزوم بسرعة
الموضوع المطلوب صعب شويتين .
بإبتسامة واسعة : يختي فليها و ربك يحلها , مثل ما سوينا البحث الأول بنسوي الثاني لا تشيلين هم , و ترى الحين الساعة عشرة مو باقي على المحاضرة شي اشربي بسرعة .
أومأت برأسي بالموافقة
نحن البشر نعلم بأن الكذب حرام بالرغم من هذا نلجأ إليه بكل أمور حياتنا ابسطها و اعقدها
نعرف معنى الكذب وهو الإخبار بالشيء بخلاف ما هو عليه بعلمٍ و عمد , و الأدهى من هذا نعلم انه كبيرة
تجر صاحبها إلى النار، فقد قال صلى الله عليه و سلم : " إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً ."
غير هذا الكذب خصلة من خصال المنافقين و العياذ بالله .
آه يا مجهول لما لم تتصل بعد ؟! , مللتُ الإنتظار على قارعة الطريق .
***
دخل ذاك الضخم سمحي بجسده العريض و هو يقيد " هزيم " بيديه عن الحراك
وذاك هزيم يهتز بقوة و يصرخ بعنفوان و أمر : يالحقيـر ياللعين اتركني كفاية امس كنت بتقتلني .
لم يبالي ,و رماه بالأرض بكل قسوة مستفحلة
بينما " هزيم " تماسك وهو يحارب ألمه و يثبتُ يديه بالأرض حتى يقف بطوله , و بسخرية : صح انك جبان و ما غير جسمك يدافع عنك , صدقني بتندم ان ما بلغت على وساختك
والله ما اكون هزيم , و اذكرك اذكرك بيجيك يوم وبتندم .
بضجر مصحوب بلدغات إستهوان : تشتكي !! هه اقول اسكت و بسك حكي , انت ان نزلت من هنيه من قدك .
توجه بخطواته إلى الباب الحديدي و هو يغلقه بالقفل
تقدمتُ من هزيم و جلستُ بجانبه و إلتف حولنا بقية المبتورين , نحن كلنا نحتمي بهزيم بعد الله فهزيم هو أعرضنا بنية
حتى أنه له عوارض خفيفة , و شخصيته قيادية متسلط يثبت وجوده أينما كان
بينما نحن نمتلك أجساداً هزيلة دون وجود العوارض و نفتقر الى قوته الظاهرة فإن كان بي قوة فهي قوة ايمانٍ و صبر على البلاء
نظر إلينا بتفحص , و بتساؤل : ضروكم بشي ؟
هززنا رؤوسنا بالنفي
فقال بإطمئنان : الحمدلله , " أردف " اسمعوا احنا ايش جابنا لهنا سمعتوا حاجة ؟
بإيجاب : ايه انا سمعتهم
قاطعني , بإهتمام : ايه , وش سمعت يا اغيد ؟
بتذكر : اول حاجة هذا الرجال اسمه سمحي و ثاني حاجة ترى الكاسر طلع نقيب وهما تجار مخدرات
و بعدين شافوا سمحي كيف قدر يشغل الضباط عنهم فعشان كذا قالوا له انضم لنا انت تلهي الضباط عنا واحنا نعطيك المقابل فلوس تخليك ملك
ضرب بيده الأرض وهو يصك على أسنانه : الحقيـر النذل لا سامحه الله , " أردف , بتساؤل ممزوج بالإستغراب " وما خاف منك يومه يخليك تسمع
بحيرة : والله مدري يا هزيم لكنه بعدين حبسني هنا و كمل كلامه معاهم
بإستغراب : غريــب غريــب يتكلم قدامك !! , " بتفكير " ما تلاحظوا انه للحين ما نزلنا للشارع نتسول مع انه صلاة الظهر خلصت قبل شوي بالمساجد
حككتُ شعري , و بموافقة : ايه حتى انا ملاحظ و مستغرب منهم
بإستدراك و بصوتٍ عالي : ليـــــــــكون
بث صوته إلى قلبي الخوف : ليكون وش ؟
و قف بصعوبة و هو يدير جسده بكل الإتجاهات ويشد شعره : ليكون يفكر يحبسنا هنا طول العمر حتى ما نشتكي عليهم , " بسخط " لا ياربي لاااا كيف بنشتكي عليهم مو معقول طول عمرنا بنجلس تحت وطأة رجولهم .
بإعتراض : لا ما اعتقد يا هزيم , سمحي يتعامل مع واحد ثاني ما نعرفه طيب مو معقول قضية مخدرات و بيقولون للثاني اكيد يخافون يفشون بسرهم لكل الناس مستحيل يفضحون نفسهم اكثر من كذا
بحيرة : صح كلامك لكن ليه للحين ما بدينا شغل ؟!!! مو معقولة بيعطينا اجازة وهو بعمره ما عطانا
بصبر : ننتظر لين بكرة لو بكرة كمان يا هزيم ما شغولنا معناته بالفعل بلغوا المجهول و شكلهم بيحبسونا حتى ما نشتكي عليهم و بيقلبون شغلهم تجارة مخدرات .
أطبق جفنيه على حدقتيه , و بصوت خافت : نصبر و نشوف .
***
الآن بتمام الساعة الحادية عشر , أتمرغ على جمر الغضى أشتعل حباً على الدوام و يشتعلون الإنتقام من حبي , ما الذنب الذي اقترفتُه حالما أحببتُك يا ركاض ؟
او بالأحرى ما الذنب الذي اقترفته انت ؟ هم قتلوا , حتى تشردنا عن بلادنا و عدنا بهوية مزورة و كان مقابل قتلهم لنا قصاصهم
فلا يحق للعسكري إطلاق الرصاص و إن فعل فجزاءه الإعدام بحسب ماهو منصوص عليه بالقوانين العسكرية و بنوده
هل أقف بصفك يا عمي و أخي ؟ ولكن ما ذنب ركاض في هذا ؟
أوه أكاد أجن , لا أعلم ما علي فعله
أحبه إلى حد أن مشاعري المتأججة لا تستكين إن لم أبل شوقي منه , أنعم برؤيته و أُشبع رغبتي
كم أعشق تفاصيلك , حتى تصرفاتك الشنيعة أعشقها إلى حد الهيام
أغار عليك منهن و لذا أُقدم نفسي إليك على طبق من ذهب
أملتُ رأسي على كتفه , بهمس : بتفكر بـ ايه ؟
و عيناه مصوبة ناحية الجدار , و بشوق : فيــها
إنتفضتُ كالمقروصة لأرفع رأسي عن كتفه و بغيرة يبطنها التساؤل : من هيا دي سعيدة الحظ ؟
ببرود : بوطني
بإستغراب و لا تصديق : وطنك! انت لو بالفعل بتتكلم عن وطنك كان أُلت فيه هو مزكر مش مأنت
بذات بروده : غلطت بالنطق ما فيها شي
بقهر : لا فيها انت بتحب صح يا ركاض لا تكدب عليا انا متأكدة انك بتحب
شبك أصابعه ببعض واسند يديه على خلفية الكنبة , و بسخرية : ايه احد قلك لا , انا أحبك انتِ
أشرتُ إلى ذاتي و بإستنكار : انـــا ! لا انتا عمرك ما حبتنيش يا ركاض انتا بتحب مارسة صحبة اللبس الأصفر بنت بلدك
أدار رأسه إتجاهي , و رفع حاجبه الأيمن دون الأيسر كم أعشق حركته هذه , بتعجب وتساؤل : كيف عرفتِ ؟!
لعقتُ شفتي , و بحرقة : ولا حاقة انتا بس لما تيقي تنام معايا وتحلم بتناديها حتى لما تأرب مني و ساعات تناديها وانتا صاحي اما اللبس الأصفر من خاترتك الي أبل خمس سنين .
بإعتراف و انفاسه تتعالى و كأنه بصراع ما و بصوتٍ موسيقي : ايه احبــها و احبــها و احبــها و عارف انها الحين تحسبني ناسيها ولآهي بمصر عنها صحيح انا لآهي و ضايع و صايع و طالح بعد
لكن لهاليوم و انا احبها .
أتدرون ما أصعب الأمور أن يكون الحب من طرف دون شعور الآخر
و الأكثر صعوبة ان يتحدث معشوقك عن معشوقته امامك
عندها تشعر أنك قُتلت بكل إجرام
بأقوى الأسلحة
بالسوط و السكين و الرصاص بل وحتى المتفجرات .
*
*
مارسة انتظريني تبقت هذه السنة و سأعود
لأضعك بصدري بالحلال
لتعلمي أن قصدي شريف , سأُحارب الجميع لأجلك
و إن كلف الأمر طردي من أسوار المنزل
أنتِ لي وحدي .
***
أخذتُ أنظم الطالبات لخروجهن من المدرسة مع منآداة الحارس لإسمائهن , روائح العرق تتصاعد
و شمس الظهيرة تحرقنا و إزدحام عند الباب , لا أدري لما هذه التصرفات الهمجية فالفتاة تخرج
قبل ان ينادى بإسمها و تقف بالشارع تنتظر و الرجال ينظرون لها و بل يفترسونها و تضحك بصخب
و كأنها تحاول لفت انظارهم لها ! , عجباً بناتُ هذا الجيل يفتقرون إلى الحياء , ما يزيد الحسرة
انهن حال خروجهن من باب المدرسة يرمين بالوشاح على وجههن وما أن يخرجن حتى يقشعنه ! , هذا يعني
أنهن لا يلبسنه إلا لتجنب صراخنا عليهن و لا يلبسنه لله سبحانه , يصطففن عند الباب و كلاً منهن تشير إلى أحد الشباب
بأنه الأوسم و الشاب يبادلهن النظرات ! , عجباً ليوم كانت فيه الفتاة زهرة مغلفة باللون الأسود لا يظهر منها شيء
عجباً ليوم كانت فيه الفتاة تستحي ان يعلو صوتها بحشد الرجال , بل و عجباً ليوم كانت تدهس فيه المرأة
و عندما كرمها الإسلام فتكت بحرمات دينها و اصبحت من شرور الأرض .
قعدتُ على الكرسي بتعب و انا انظر إلى الساعة بالجوال والتي تشير إلى الواحدة و النصف
اليوم " النُوبة " علي و لذلك سأجلس بالمدرسة حتى ينصرفن جميع الطالبات .
سمعتُ بين ضجيج الطالبات صوت خافت لكرسي يحتك بالأرض
رفعتُ عيني و وجدتُ تلك المسترجلة
تجهم و جهي , بضيق ولكن حاولتُ إبعاد الضيق و مجارتها, سأقترب منها حتى تهتدي , إغتصبتُ إبتسامتي , و بترحيب : يا هلا يا ..
إبتسمت بحبور و جلست على الكرسي : يا حمود
كتمتُ ضحكتي على سذاجتها , و بجدية : وش اسمك الحقيقي كبنت ؟
بإستهجان : حمــود وبس غير كذا مافي .
عددتُ إلى العشرة بنفسي , و بمجاراة : طيب يا حمود انا بناديكِ حمدة او حمودة
بإعتراض تام : لااااا تبين تفشيلني يا ابلة عند صحباتي
بإستنكار لإعتراضها : لكن انتِ بنت
بذات الإعتراض و بحدة و هي تشد الحروف : انــــــا ولــــــد و لــــــــد
بسخرية فقد إستفزتني للغاية و أخرجتني عن حدود الصبر : و الولد يلبس عباية لما يخرج ؟
بإبتسامة : العباية حق البنات انا ألبس عباية البويات
عقدتُ حاجبي , و بتعجب : عباية بويات !!
تصلبت و اقفة و أبتعدت قليلاً عادت وهي تمسك بيدها عباءة , أخذت تهدلها على وسعها
كانت العباءة سوداء قصيرة كالسترة تغطي النصف الأعلى من جسدها و تبدو من جزءها العلوي كالثوب بتفصيله !
جلست على الكرسي و هي تحتضن العباءة لصدرها المشدود الذي لا يظهر البتة و كأنها بالفعل رجل !
و بإبتسامة : شفتي عباية زي الثوب يعني انا ولد
بإستفزاز : آخرتها عباية لو كنتِ بالفعل ولد كان خرجتِ بلبسك ولا انا غلطانة
بإمتعاض و تهكم : انا لو كنت عايشة بالخارج والله اني ما ألبس هالقرف لكن ايش اسوي عاد حكم القوي على الضعيف
بذات الإستفزاز : بس انتِ عايشة هنا بجدة بالسعودية يعني انتِ بنت دامك تلبسين العباية
بضيق : اففففف يا ابلة لا تطفشيني انا جيت اسولف معاكِ ما جيت حتى نتضارب
بمسايرة : طيب بإيش تبين تسولفين يا حمدة
عبس وجهها و لكنها تجاهلت منادتي لها بحمدة و كأنها تتجاهل واقعها و فطرتها التي فُطرت عليها , بإبتسامة و هي تدير كامل جسدها بإتجاهي : ليـش ما تصتلي طول الليل وانا انتظرك ؟
صلبتُ طولي و انا أرفع من صوتي لتنظيم الطالبات متجاهلة حديثها هذا .
***
بتساؤل : تذكرت السؤال الي كنت اول بسألك ياه , هذيك الي بخت المنوم بوجهك هيا نفسها التركية الي شفتها بمركزك ؟
رفعتُ عيني عن الملف و بتجاوب : ايه
بإستغراب : ما كأنه امرها مشكوك فيه أول شي و صولها لمركزك و محاولتها بأنك تنتهك عرضها و بعدين التهديد " اذهب إلى الجحيم " بعد كذا هي من بخت عليك المنوم !
بذات استغرابه : حتى انا شاكك فيها وراها حاجة مو معقول و جودها بمكان المبتورين بذيك اللحظة مجرد صدفة , هاذي اكيد وراها بلى الله يستر منها
بتفكير , و هو يحرك يديه بلحيته : تهقي يالكاسر هي لها علاقة بالمبتورين ؟
بلا موافقة وانا أغلق الملف الأخضر الذي بيدي : لا ما اظن لها علاقة , الظاهر لها علاقة بالسيارة ذيك , " و بتساؤل " : صح ذيك السيارة الفخمة الي عدت من جنبي ايش صار فيها و ش سالفتهم ؟ ما شفت لاني بديت افقد وعيي بذيك اللحظة
بقهر : ولا شي هما الي ركبوا المبتور معاهم و ما شفنا الا غبارهم
بتجاوب : يعني مثل ما توقعت , طيب السيارة هاذي جداً فخمة و بسعر غالي وش يخلي سمحي يسير بدرب المبتورين دام عنده كل هالأموال ؟!
بموافقة : صح عليك , لكن بنفس اللحظة مستحيل يكون تواجد هالحرمة و السيارة لإنقاذ سمحي مجرد صدفة اكيد لهم علاقة مسبقة ببعض
بريب : المشكلة يا احمد انا ياكثر مالفيت بهالحارة و لا مرة شفت هالسيارة يعني كلامك صح مستحيل تكون صدفة و لو كانت صدفة وش غرضهم ينقذون سمحي ؟
عض شفته السفلية و بتفكير : طيب يمكن سمحي ماله دخل بالمبتورين ويمكن هزيم صديق اغيد هو من بدأ المضاربة و ذاك عصب وكان بيقتله ولما اقتربنا رفع السلاح
وطبعاً تعرف عقوبة من يمسك السلاح بلا ترخيص سجن 18 شهر بالإضافة لغرامة قدرها ستة آلاف ريال يعني لا المدة قليلة و لا حتى الغرامة .
بلا إقتناع : طيب لو بالفعل هو ماله علاقة المفروض يوم احنا و قفنا بنمسكه يوقف وما يخاف و يقول هزيم اعترض له وهو دافع عن نفسه و مجرد الغضب خلاه يتصرف بهالتصرف الطايش
ترى يا احمد مهما كان في اسلوب للتفاهم لكن هوا كان خايف انت شفت جسمه كيف ينتفض , انا متأكد انه له يد ببتر ايديهم لكن الحيرة بوجود هذول الاغنياء لو هو بالفعل بصحبتهم ليش
يضيع نفسه مع المبتورين و هو ماهو محتاج للفلوس .
بإستدراك و نبرة صوته قد تعالت و كأنه قد وجد الإجابة : البنت كانت موجودة بمركزك واتواجدت هنا معناتها تراقبك يالكاسر يعني وجودهم بهالمكان ما كان صدفة
لكن وش غرضها تساعد سمحي فالله اعلم .
بإستغراب : تراقبني !! ليش طيب ؟
وقف من على الكرسي و بجدية : الإجابة عندك يالكاسر فكر بماضيك يمكن في رابط , يلا انا بروح اتوضى ما باقي على آذان العصر شي .
أومأت رأسي بالموافقة
و أفكاري تدور بجملته " الإجابة عندك يالكاسر فكر بماضيك يمكن في رابط "
رابـــط
رابـــط
رابـــط
هل يعقل ان الإجابة عند المجهول الذي اتذكره
و أبي عبدالقوي لا يريد الإفصاح عن هويته ؟ !
***
رفع يده للأعلى وهو يهتف : ظانع إقرب .
مشيتُ على مضض بإتجاهه , الجو اليوم حار ومكتم
مسحتُ العرق عن رقبتي و وصلتُ إليه
جلستُ على الكرسي مقابله و بهدوء : سم يالشيخ عبدالقوي
وضع السجلات التي بيده جانباً : سم الله عدوك " أخذ ظرف من فوق السجلات ومده إلي و بجدية " تفضل هذا راتب بنيتك و بيوصلها راتب غيره مع بقية الخدم .
أخفيتُ سعادتي , و بدهشة : ليه يالشيخ وش فرقت فيه بنيتي عنهن ؟
بتبرير كاذب : لا بس هي بنية الغالي ظانع اكيد بتكون غيرهن
تمتمتُ بيني وبين نفسي " و وينك من زمان ما قلت ظانع غالي والله وطحت يا عبدالقوي و لا حد سمى عليك "
بإمتنان و شكر مصطنع : تسلم تسلم يالشيخ , صح انك ما تنسى حد من خيرك الله يزيدك .
أومأ برأسه , و وضع النظارة بعينيه , أمسك بالقلم و فتح السجلات و أخذ يخط بها .
مضيتُ إلى المنزل , فتحتُ الباب و لم أخطو بالصالة
بل فتحت الظرف وانا أخرج المال
شهقتُ بقوة , و أرتسمت إبتسامة نصر بثغري
وضع بالظرف ثلاثون ألف ريال
حقاً كيدهن عظيم لقد كادت بك
و سقطّ بهواها بلا دراية منك
إذا كانت هذه البداية فما النهاية يا ترى ؟
كم أنا بلهفةٍ لهذه النهاية
النهاية التي سيسطع بها إسمي بالأرجاء
فأصبح سيد و تصبح خادم
سمعتُ صوتاً قادم بإتجاهي
أخرجتُ خمسة و عشرون ألفاً من الظرف و وضعتها بجيبي
و تركتُ لها خمسة الآف بالظرف
أخاف ان يسألها ان كانت تسلمت المال
فحينها سأكون بموقف محرج معه
لن أضع نفسي بهكذا مواقف انا اذكى من هذا
تقدمتُ بالخطى فإذا بإبنتي مارسة ستخرج
أوقفتُها بيدي , فرفعت عيناها لي و بإحترام : تبي شي يا ابوي ؟
مددتُ الظرف إليها وبإبتسامة : ايه يا بنيتي ذي أموال من عبدالقوي لك , عطاك الحين راتب و بيعطيك مع الخدم غيره
" و أبتسمتُ بسعادة " طاح بحبك يا بنية و بنحصل ما نريد من مال و كله بإسمك بإذن الله .
ولم نكن نعلم بأن هنالك من يقف خلف الباب ويسمعنا .
***
إنتهى الجحيم
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
كونوا بخير $