لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29-11-16, 09:12 PM   المشاركة رقم: 496
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي











الجحيـــم


(88) و الأخيــــر


** لا تلهيـكم الروايـــة عن الصـــلاة **














تفآجأتُ من اختفاءِ صوت أصلان و من ثم من تواجدهِ في القبو الذي كنا نسمعُ منه أصواتًا حينما سكنا بالقصر
فكان خالي يتعذر بأن المنزل قد يكونُ مسكونًا لأنه جديد و يضعُ مسجل يرددُ آيات الله بالأسفل بأعلى صوت , بصوتٍ يُخفي الصوت الخفيف الذي كنا نسمعه
حتى اندثر الصوت و ما عدنا نسمعُ شيء فتيقنا أن المنزل قد كان بالفعلِ مسكونًا , و منذُ أن سكنا بالمنزل لهذا اليوم لم يُفتح ذلك البابُ قط
فلماذا فتحهُ أصلان ؟
ولكن إجابة التساؤل كان بصوتهِ المنادي : خالة
هنالك امرأة , هنالك امرأة !!
بكلِ جنون خرجتُ من المطبخ و أنا أجري و أخواتي يركضن من خلفي و هن يهتفن باسمي لكني لم ألتفت وصلتُ إلى المكان المقصود
و نزلتُ الدرجات درجتين درجتين و أخواتي خلفي
حتى وقعت عيني على ظهرِ أصلان
فتقدمتُ حتى صرتُ بجوراه و أخواتي من خلفي
و حينما وقعت عيني على الحيزبون أدركتُ من تكون
و كيف لأ أدركها و هيَ من أنجبتني : يمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـه


و ها هيَ الحيزبون تخرجُ من جحيمها
و من هيَ الحيزبونُ غير أمي
أمــــــــي بقيت في ذات المنزل
في ذات المنزل حبيسة
أمي صارت حيزبونًا في ذات المنزل الذي نمكثُ بهِ
تنامُ و تستيقظُ تحتنا و لا أحدَ منا أطلقَ سراحها
ننامُ و نستيقظُ محرومين منها و هي أسفلنا
أمي كانت معنا طيلةَ السنين
وضعت عُزوف يدها على رأسها و وجهها كالمجنونة هاجت عينيها بالدموع الغزيرة
أما هوازن فخارت قواها ولآمست ركبها الأرض و هي تبكي و تهزُ رأسها بالرفض و تضعُ يدها على قلادةِ أمي التي تلفُ رقبتها منذُ أن ودعنا أمي لتذهب للضريح
و ما كان ضريحًا , كان جحيمًا بقت فيه حتى صارت حيزبونًا , كان جحيمًا و ما أدركنا يا أمي , ما أدركنا يا أمي , و إلا والله لو أدركنا ما كنتِ ها هنا
تقدمتُ حتى جلستُ أمامها و ما أن وضعتُ يدي على فخذها حتى بكت بشدة بأنينٍ , آلمٌ للقلوب , قارصٌ للأجساد , و عنيفٌ أشدَ العنفِ على الروح
أمي تبكي تخافُ أن نقترب منها , أمي عاشت سنين حياتها حبيسة تحت الأرض لم ترَ أو تسمع أو تتحدث مع أحد
لم تتواصل مع العالم الخارجي ففقدت حاسةَ السمعِ و الكلام و ضعفُ بصرها ضُعفًا شديدًا و صارت تخافُ من الجميع بلا استثناء
لا سامحك الله يا أيها الزنديق , لا سامحك الله يا عبدالقوي فالله القوي لا أنت , الله القوي لا أنت
بصوتٍ مبحوحٍ باكي يلامسُ الجماد قبل البشر , بكاءً لم أبكيهِ بحياتي قط و لن أبكيه فأيُ شيءٍ قد يستحقُ البكاء
غير رؤيةِ أمي بهذهِ الحالة المزرية برداءٍ ممزق , برائحة كريهة و يبدو أنها تقضي حاجتها في مكانها
بتجاعيدٍ تملؤها حتى تفاصيلها الجميلة اختفت تمامًا , العينُ مملؤة بدموعِ الخوفِ من ابناءها الصوتُ لا وجودَ لهُ و السمعُ قد فارقها منذُ زمن
الشعرُ أبيضٌ بالكامل خفيفٌ أشعث و العينُ جاحظة الجسدُ نحيل كمرضٍ سلب كل قواها , مرض عاش بيننا سرق أمالكنا زوجنا أبناؤه
مرض لو لم يُولد بالحياة لو لم يكن خالي ما كان جمالكِ يا أماهُ فارقَ الحياة , ما كان حنانكِ اندثر بأرضٍ هيَ تحتنا لقد كنا نمشي فوقكِ يا أماه و لا ندري أن أقدامنا تدهسُ على طهرِ الأرض
أين انتِ يا أمي أين ؟! , والله لم أعرفكِ إلا من الشامة السوداء التي في عنقكِ لم أعرفكِ إلا منها و من لهيبِ أنفاسكِ الدافئة
نعم يا أماه أنفاسكِ من المحال أن تكونَ في غيركِ أنفاسكِ الحنونة : يمه الله يخليك أنا عُطرة بنتك الكبيرة , يمه يالغالية لا تخافي مني يمه لا تخافي الله يخليكِ .
لكنها لا تستجيب لا تستجيب , أماهُ لا تظني بنا سوءًا والله لو علمنا ما مسكِ ضرٌ قط , والله لو ندري لوضعنا الزنديق ها هنا وجعلناكِ بيننا , أماهُ أنظري إلينا يا أماه
أمي أرجوكِ يا أمي انظري أنا فتاتكِ الكبرى و تلكَ الجاثية على الأرضِ هوازن ابنتكِ المطيعة , و الأخرى صغيرتكِ الحبيبة انظري كيف نبكيكِ كيف نخافُ عليكِ
انظري إلينا يا أماه والله ما انسلخنا عن حُبنا لكِ قط , لم يُغير بنا الزنديق مقدار شعرة , لازلتِ بالقلبِ يا أمي .




*




إنها أمي , أمي التي ولدت بي و رحلت إلى باريها , لم ترحل إنها على قيدِ الحياة كالميتة لا تتذكرهم و لا تتحدث ولا تسمع و حتى رؤيتها ضعيفة
هذهِ أمي زبيدة التي إن حكى عنها أبي ابتسم و كأنهُ يراها أمامه , إن حكى عنها ضحكت في وجهه الدنيا فضحكتُ و أنا لا أعرفها ولكن يكفيني أنها أمي و أنها وحدها و حدها من تستطيعُ إخراج أبي أصل
من دنياهُ للجنة , ذكراها قادرة على فعلِ كل شيء فكيف برؤيتها , نعم كيف برؤيتها ؟ بالرغمِ من مظهرها المخيف , إلا أنها دخلت إلى قلبي منذُ الوهلةِ الأولى
أمكَ على قيدِ الحياة يا أصلان أمك على قيدِ الحياة ها هوَ الله القادر على كلِ شيء جمعك بكاملِ عائلتك بعد طولِ سنين
مشيتُ لخارج القبو أصعدُ الدرجات أتشبثُ بالجدار لأُثبتَ أقدامي حتى لا أسقط و دموعي تنهمرُ بغزارة بكثافةِ المشاعر بداخلي
أمي على قيدِ الحياة بمظهرٍ تحنُ لهُ القلوب القاسية فكيفَ بقلوبِ أبنائها
أمي على قيدِ الحياة كالميتة تفتقرُ لكلِ شيء ولكنها تمتلكُ لقبَ أمي
لكنها من أنجبتني , لكنها الأمنية التي تمنيتُ رؤيتها
تخليتُها كثيرًا و أبي يحكي عنها فرأيتُ أن حنانها لا يضاهيهِ حنانه
و رأيتُ أن لا شبيه لها , رأيتُ أنها نورَ الأرضِ و جنة الدنيا .




*



سلمتُ من قيامِ الليل , و أخذتُ أدعو الله في هذا الشهرِ الفضيل و بينما أنا في روحانيةِ الإيمان دخل أصلان الحجرة و الدموعُ تملىءُ عينيه
وقفتُ من على السجادة و اقتربتُ منهُ و بتوجسٍ و خوف : أصلان وش فيك يبه ؟
قال بصوتٍ متقطع , نطقَ ما لا يخطرُ على الخيالِ قط , نطقَ حروفًا استودعتها الله في الجنة نطقَ حروفًا لو اجتمعت نبضَ كامل الجسد : أمي زبيــــــ.....دة تحـ...ت
بقيَ جسدي متجمدٌ بمكانه فهذا حالي حينما أسمعُ حروفَ اسمها , فكيف بما ينطقُ به , كيف وهو يقولُ أنها بالأسفل !
مدَ يدهُ و التقفَ يدي و هو يُمسكها بقوة و يقولُ بتأكيدٍ بصوتٍ قتلهُ البكاء : والله يبـ...ـه يمـ..ـه عايشة تحـ...ت
سحبني و مشيتُ معهُ , مشيتُ معهُ كالطفل الذي لا يدركُ أيُ سبيلٍ قد يذهبُ إليه
سحبني و ما كان مني إلا أن أستجيب دون أن أشعر فكلَ ما بداخلي ينبضُ لها
لعينيها النجلاء الكحلية , لصوتها الدافىء الذي يُلامسُ برودة الشتاء
لصدرها الذي تمنيتُ أن أموتَ بهِ , لكلِ تفاصيها التي أشتاقها
أن تتجسدَ لنا الخيالات كحقيقة , و أن نولدَ للحياة تارةً أخرى
أن تبتسم لنا الدنيا بعد سنين الشوقِ و الاشتياق
أن تهدينا الحبيب الراحل منذُ زمنٍ بعيد
أن نرى الدنيا مزدانة بالألوان يعني أن الحبيب قد حضر
يعني أن زبيدة ها هنا , أستنشقُ هواءً هيَ تخرجهُ من رئتَيها
هواءً كان في رئتيها صار فيَ , كم أن تخيل هذا وحدهُ يجعلني كالطيرِ في أعالي السماء
فكيفَ بكونها حقيقة ؟!
كانت أصوات فتياتي الباكية تملىءُ المكان و ما كان لعقلي أن يستوعب أي شيء حتى سحبني أصلان إليها وصارت أمامي
نعم حبيبتي غاليتي أجمل ما في دنياي , جلستُ على الأرضِ أمامها و أنا لا أستطيعُ استيعاب أن جميلتي كانت حبيسةٌ ها هنا كل هذهِ السنين
حبيسة في مكانٍ لا يليقُ بها , أميرتي في هذا المكان الموحش وحدها
أميرتي برداءٍ لا يليقُ بها , أميرتي تبكي و تصرخ حتى غاب صوتها ولا مجيبَ لها
أميرتي تصرخ فيعودُ صوتها إليها فتُجرح و تبكي حتى تفقد سمعها
أجمل أقداري وحيدة قد نادتني و لم أجيب
أنا بطلُها دائمًا لم أجيب , مددتُ يدي إلى كتفها فبكت و انزاحت لأقصى الركن تضمُ نفسها و يغيبُ وجهها الحبيب عني بين فخذيها
أخرجتُ الخاتم الذي يحتوي حروفًا لا يفهمها سوانا من بين أصابعي , و سحبتُ يدها و غرستُ الخاتم في أصابعها النحيلة
بعدما شعرت ببرودة الخاتم على إصبعها نظرت للخاتم نظرة طويلة حتى رأته , فزادت دموعها و ارتعشت شفاهها و من ثم بزغت من بينهما ابتسامة أقسمُ أني أدفعُ حياتي للجحيم حتى أراها
احتضنتُ يدها بيدي اليُمنى و باليسرى أمسحُ دموعها , و تبكي عيناي لبكاءها , جبيني يُلامسُ جبينها
وشفتاي تهمسُ لها بكلماتٍ نحفظها بكلماتٍ حُفرت في القلوب قبل الخاتم و القلادة
أسحبها رويدًا رويدًا إليَ واستجابت لي , أحتضنتُها كحلمٍ قد تحقق , احتضنتُها كسرابٍ صار حقيقة
احتضنتُها عاشقًا , احتضنتُها مشتاقًا , احتضنتُها أميرة في مملكةِ أصل
تبكي و أبكيها , تضحكُ و تضحكُ لي دنيايَ فأضحك
يالله يا أجمل أقداري إنكِ ها هنا في صدري إنكِ بين يدي
رفعتها بخفة صدرها يُلامسُ صدري أمشي بها لخارج القبو و بناتي و ابني خلفي
هذا الصدر مشتاقٌ إليكِ أميرتي و لن يخجل أن يدفنكِ بهِ أمام الجميع
و لن يتوانى عن دفنكِ بهِ , فقد كان مملكة بلا أميرة تُنير دنياه
فكيف لهُ أن يخطو خطوة دون أميرتهُ المدللة ؟!
دفنتُ وجهي في شعرها أستنشقُ رائحتهُ التي لم تتغير , رغم أن الزنديق قد حاول أن ينشرَ رائحتهُ الكريهة بكِ وقد فعل لكن لازالت رائحتكِ على قيدِ الحياة يا أميرتي
ستغتسلي من قذارةِ الزنديق و ستبقى رائحتكُ عبيرًا يملأُ رئتي .



*

و نحنُ نخرج لاحظتُ ظانع و هو يخرجُ من الملحق الذي يسكنُ بهِ سريعًا و يتوجه حيثُ باب القصر
ركضتُ بأقصى سرعة , لخارج القصر و أنا أصرخُ بأعلى صوتي : أمسكوه أمسكوه
و الحراس من خلفي يركضون , دخلتُ من أحدِ الجوانب حتى آتيهِ من الوارء و الحُراس من الأمام و أضمن محاصرتهُ
و هذا ما حدث , ينظرُ إليَّ فإلى الحراس و من ثمَ إليَ و يقولُ مترجيًا : خلني أروح يا أصلان , أنا ما لي دخل كل الخطأ على خالك أنا أشتغل عنده بس
تقدمتُ نحوه و رفعتُ ياقةَ ثوبهِ و بعينين حادة : لك عين بعد تترجى بعد سوياك , تظن بتفلت لا والله , بتآخذ جزاتك ياللي ما تخاف الله
سحبتهُ للقصر و الحراس من ورائي و هو يترجى دون كرامة
هم هكذا يتجبرون و يطغون في الأرض فسادًا و هم أضعفُ خلق اللهِ و أقلهم شجاعةً و شهامة
كل مافعلتماهُ بأمي سيعودُ عليكم
لن تفلتوا من العقاب .




***




صباح يومٍ جديد على أرضِ المحكمة , قد جاء اليوم المنتظر يا عبدالقوي
جاء اليوم الذي سأأخذُ بهِ حقَ أميرتي منك بالكامل , جاءَ اليوم الذي ستعيشُ من بعدهِ حياةً جحيمية حتى الممات
جلستُ بالمكان المخصص و ذلك الزنديق يجلسُ في كرسي بعيدٍ عني مقابلاً لي و بجوراهِ المحامي
و أمامنا يجلسُ القاضي
بدأ القاضي الدعوة القضائية : المشتكي , أصل الحكمي .
و قفتُ من على الكرسي و بصوتٍ جهوري و عينيَ ترسلُ وعيدًا لمن لا يخافُ الله حتى في أختهُ : نعم
جلستُ فتم نداء الزنديق و أجابَ بنعم واقفًا و عادَ للجلوس
طلب مني القاضي تقديم الشكوى , فوقفتُ بثبات و عيناي لازالت على ذلك الذي لم يهتم إلا لذاته ولم يهمهُ في الدنيا سوى المال
لم يخاف الله في نفسه , لم يقل كيف سأُقابل الله بعد الذي فعلته : أشتكي على عبدالقوي الحكمي , في محاولته لقتلي مرتين و معي شاهد للمرة الأولى و الثانية و هو هزاع
و أشتكي عليه بمضرته لزوجتي و إلي تصير أخته بحبسها تحت البيت عشرين سنة متواصلة و إبعادها عن بناتها , وهذا كله عشان يسرق أملاكي , أطالب بأملاكي و أطالب بمعاقبته
خروجه خطر علينا .
قال القاضي : الشاهد
فخرج الضابط يُنادي في الخارج : هزاع , زبيدة و أصلان الحكمي , ظانع .
و غابت عيني عن الزنديق إلى هزاع الذي دخل و بجانبهِ سجانان و وراؤهُ أميرتي على كرسي متحرك يدفعها أصلان و ثالثهم الذي لايختلفُ عن عبدالقوي السافل ظانع و بجانبهِ سجانين
وقف هزاع في مكان الشاهد و قال بثباتٍ و صوتٍ جهوري : أقسم بإن كل إلي بقوله صحيح , و أشهد إن عبدالقوي الحكمي حاول قتل أصل الحكمي مرتين , مثل ما هوَ مبين عندكم في الملف , المرة الأولى كانت قبل عشرين سنة
شفته وهو يخرب سيارة أصل لكن أصل عاش فاقد للذاكرة بعد ما انفقد بالبحر , المرة الثانية أرسلني خصيصًا عشان أقتله لكني فضلت الحيلة و وقفت في صف أصل الحكمي لبراءته .
ابتعد عن مكان الشاهد و وقف جانبًا و بجانبيهِ السجانين
بينما وقف ظانع و الذي كان صباحًا قيدَ التحقيق و قد اقتنع أن الاعتراف قد يكونُ سبيلاً في تخفيفِ عقوبته و وافق أن يكون شاهدًا ضد عبدالقوي
قال بصوتٍ يظهرُ بهِ التردد و الخوف : أشهد إن عبدالقوي الحكمي , قبل عشرين سنة أمرني بحمل تابوت فيه أخته و أخته كانت داخل التابوت على قيدِ الحياة و نقلناها لجدة حبسناها تحت الأرض عشرين سنة
حتى فقدت حواسها و فقدت قدرتها على الحركة و هاذي هي قدامكم .


*


إنها أختي أميرةُ أصل و محبوبتهُ , جميلةُ الفتيات تجلسُ على كرسي مُقعدة لا تستطيعُ الحركة , صماءُ لا تسمع , بكماءُ لا تستطيعُ الدفاع عن ذاتها
لكن عينيها مصوبة اتجاهي كسهمٍ يخترقُ أقسى القلوب
أختي التي ما كلفتُ نفسي يومًا على رؤيتها و الإطمئنان عليها , فمنذُ ذلك اليوم الذي حُبِست فيه بالقبو لم أرها بتاتًا
بنيتُ لي حياةً جديدة و بنيتُ لها موتًا في الحياة
سلبتُ من زوجها الأموال و سلبتُ منها الحواس و من بناتها الثلاث حق اختيارِ الزوج
فقط لأعيش كما أريد كما كتبتُ قدري على الورق
و نسيتُ أن الله القادر على كلِ شيء
لم أحسب حساب اليوم الذي سأقفُ بهِ على أرضِ المحكمة أمام أختي و زوجها
ظننتُ أني حينما أكسبُ المال لن يُضاهني أحدٌ في القوة
و نسيتُ أن الله هو القوي الجبار المتكبر
ظننتُ أني سأردعُ كل من يحاول مجابهتي سأردعهُ بمالي
و ها هو المال يجعلني أقفُ ها هنا , ها هيَ الدنيا تقفُ ضدي بعدما كنتُ من المحبين و المخلصين لها
هل هيَ الفانية تبتعدُ عني و تخذلني
كما خذلتُ أميرةَ أصل و خذلته هوَ
بدأ المحامي الذي وكلهُ لي ذراعي الأيمن ماجد
و قد كنتُ أعلم قبل أن يبدأ بالحديث أن كفَ نجاحي غير وارد فكل الأدلة ضدي
و انتهى المحامي
فأصدر القاضي حكمهُ " حكمت المحكمة على الجاني عبدالقوي الحكمي و المجني عليهِ أصل الحكمي لمحاولتهِ في القتل و نظرًا لكون الجناية خائبة حُكم عليه بالسجن خمسةَ عشر عامًا وفقًا للمادة الثلاثون
و بالسجن خمسة أعوام , لحبسهِ شيقيقتهُ المجني عليها عشرين سنة , رُفعت الجلسة "




*



دفعتُ أمي بالكرسي إلى حيثُ الزنديق الذي حكم القاضي عليهِ بحكمٍ هو أقلُ كثيرًا أمام ما فعل
حكم عليه بعشرين عامًا مسجونًا , و والدتي بقيت مسجونة عشرين عامًا , و أبي فقدَ ذاكرتهُ عشرين عامًا
و أنا بُترت يدي , و أختي تربت مسيحية
وقف السجانُ أمامهُ يغلقُ الأغلال حولَ يديه
كانت أمي تنظرُ إليهِ بتركيز فقد عرفته , و كيف لا تعرفهُ و هوَ أكبرُ خذلانٍ في الحياة
أخوها رمى بها في الجحيمِ دون أدنى شعور
كيف فعل هذا بكِ يا أماه ؟! أيُ قلبٍ ذا الذي يتربعُ صدره ؟!
حتى مسمى قلب لا يليقُ بهِ , أختهُ أختهُ !!
و الله إني أرى أخواتي والجنة سواء
أرى منهن سعادةً أبدية , و آخرةً باقية
اقترب بخطواتهِ منا و انخفض بجسدهِ إليها
و أول ما انخفض ارتفعت يدُ والدتي الطاهرة و طُبعت على خدهِ بصفعة عبرت عن النار التي تأججُ في صدرها
عن الكلمات التي تودُ قولها ولا تستطيع
صفعة جعلتهُ كالجمادِ بلا حركة , كالتائهِ بلا هدى
صفعة حركت فيهِ جزءًا ميتًا , فنزلت من عينيهِ دمعة وحيدة
لا تساوي دمعة واحدة ذرفتها أمي الغالية في جحيمها وحيدة
منذُ الشباب حتى صارت حيزبونَ الجحيم
دفعتُ الكرسي بعيدًا عنهُ و رحلنا خارج أرضِ المحكمة أبي أمي و أنا .



*


صفعتني صفعة جعلت قلبي يحيا بعد الممات , جعلت دمعتي تذرف بعد الجفاف
جعلتني أُدرك أني عبدٌ ضعيف لا حولَ لهُ و لا قوة
أيُ حياة و أي دمعة و أيُ إدراكٍ بعدَ فواتِ الأوآن
بعد رؤيتي لابنائي معن و الكاسر ناجي فركاض يقفون بجانبِ باب المحكمة
يقتلوني بنظراتِ اللومِ و العتاب
و من ثُم يعطوني ظهورهم و يرحلون وراء شقيقتي و زوجها
و يُختم المطاف بزوجتي ساجدة تقفُ أمامي تمامًا و تقولُ بصوتٍ حادٍ صلبٍ قاسٍ لم أعتدهُ منها ولم أعتقد لوهلة أن صوتها قد يخرجُ بهذهِ الخشونة : الله لا يسامحك لا دنيا و لآخرة حسبي الله ونعم الوكيل فيك
أُختك وضريتها و أخوي و حاولت قتله فلوس ونهبتها , البنات و زوجتهم من عيالك غصب , أصلان و مي شتتهم في التراب واحد مبتور والثانية مسيحية , والله مو عارفة أودي عيني وين , مو عارفة أطالع في اخوي أستحي منه
لأنه زوجي انسان سافل , كرهتك كره والله ما كرهته لانسان برفع دعوة خلع و وافق , حياة بيننا مستحيل تكون موجودة .
و قبل حتى أن أستوعب كان الكاسر يقفُ خلف ساجدة ويقولُ لها دون النظرِ إلي : يمه يالله مشينا
ناديتهُ برجاء : وليدي الكاسر
فنظرَ لي نظرة لا تنتمي لقلبِ الكاسر : للأسف إنك أبوي
ابتعدوا و صاروا سرابًا فشعرتُ بألمٍ شديدٍ في قلبي و تشنجٍ في عضلاتي وضعتُ يدي على قلبي و ما استطعتُ تحريك أقدامي
تعالت أصوات السجانَين : نادوا الإسعـــــــــــاف


كذلك اليوم الذي صدحَ فيهِ صوته : ازهب يا ظااااااااانع التابوت خيتي رحلت رحلت زبيدة رحلت الغالية من ريحة اميمتي
ها هيَ الأصوات تصدح بهذا اليوم نجدةً لإسعافه
في ذلك اليوم في القبيلة التي تمقتُ النساء في الزمنِ القديم في جهل الجاهلية
في بغضهم للنساء في وجهِ عبدالقوي الذي ظلَ مسودًا و هو كظيم
أبلغَ أُخته كذبًا أن أبو أصلانَ قد فارق الحياة , لتنزف روحها و تسقطَ أرضًا فيأتي بولآدةٍ قد اتفق معها من ذي قبل
تلدُ زبيدة على خير بتوأم , فتاةٌ تُضَمُ بجانبِ أميراتها الثلاث لتصبحن أربعة و فتى سيكون سندًا لهن
و هذا الذي لم يتوقعه , قد ظنَ ككلِ القبيلة الجاهلة أن زُبيدة لا تُنجبُ سوى البنات و تفاجىء بالفتى فما كان منهُ إلا أن يُصرح بإنجابها بالفتاة و يُخفي حقيقةَ الفتى
و يطلبُ من الحُر دفنهما , يُبررُ دفنهُ بالفتاة بأن أصل قد وعد رجال القبيلة لو أن زوجتهُ أنجبت فتاة سيدفنها و هوَ قد كان كاذبًا في وعده
فهو لن يكسر جناح أميرتهُ و يمنعها عن الطيران , هوَ لن يرضى أن يدفن ابنتهُ تحتَ التراب
أما الولادة فقد قامت بإعطاءِ زبيدة مخدرًا جعلها تنامُ نومةً طويلة
نومة حملتها على التابوت , نومة جعلتهُ ينشرُ خبر موتها في الحياة
وضعها في التابوت و نادى ظانع و الحُر و حمدان في مساعدتهِ لحملِ التابوت الثقيل
و المعروف أن الميت يكونُ خفيفًا في الحمل
و هوَ خاف أن يكشفهُ من في القبيلة حينما يحملون التابوت معه
لذلك استعان بمن يعرفهم
و راح بها للجحيم إلى منزلٍ في جدة وضعها بهِ حتى اكتمل بناء القصر
كانت قد بكت في ذلك المنزل حتى خفَ صوتها عن ذي قبل , حتى يئِست روحها من الخروج
و من ثمَ نقلها للجحيمِ الأبدي في القصر حتى صارت حيزبونُ الجحيم
نادت كثيرًا فوضعَ صوتَ قرآنٍ عالي يُغالبُ صوتها
صرخت يومًا فيومين ربطوا فمها حتى يئست لكنها كانت تُعيدُ المحاولة ما أن يُفتح فمها لتناولِ الطعام
لكن بلا جدوى فصوتُ آياتِ الله تغلبها في العلو
حاولت و حاولت حتى أصابها اليأس
و دعها الجميع و بقت وحيدة
فقدت صوتها فليس هنالك من تتحدث إليه
فقدت سمعها فليس هنالك من تستمعُ إليه
فقدت جزءًا من رؤيتها فليس هنالك ما تراه
فقدت حركتها لكنها لم تفقد ذاتها
لم تفقد ابناءها
لم تفقد بطلها أصلُ الحبيب .





***



و انتهى الشهرُ الفضيل بما فيهِ من أحداث , و حلَ علينا العيد بحلتهِ البهية
كان عيدًا سعيدًا لأولِ مرة منذُ عشرين عامًا قد مضت , أخي يجلسُ على كنبةٍ مفردة و حولهُ أبنائي و أبناءُ هوازن ينتظرون العيدية منه
و هوَ يخرجُ محفظتهُ من جيبه و يقومُ بتقسيمها عليهم يُضاحكهم و يضحكون لخالهم بسرور
خالهم الذي يحبهم و يقدرهم أخي و خالهم أصلان
ليس كالذي يستلقي على السريرعلى بعدٍ منا تحتَ النافذة , دموعهُ تجري بخديهِ و هوَ ينظرُ لنا
جزءٌ منهُ يتحرك و آخر دون حركة أصابهُ الشلل النصفي
فتمَ تخييرنا ببقائه معنا أو في السجن , وقد اختار أبي أن يبقى معنا
و هذا هوَ الاختيار الأفضل ليس محبةً بهِ ولكن ليرى اللوم و العتبَ في عيونِ الجميع
ليرى أختهُ التي تقعدُ على بعدٍ منهُ بجوارِ حبيبها و أبي أصل
تجلسُ على الكنبة بعدما كانت مقعدة تسمعُ لنا ولكن ينقصها النطقَ فقط
أما هوَ فقد الحركة , فقدَ القدرة على الكلام
و تبقى لهُ السمع ليسمع أصواتنا و نحنُ نضحك و هوَ وحيد لا أحدَ بجواره
بقيَ السمعُ إذلالاً لهُ , ها هوَ يا خالي ما قد فعلتهُ عادَ عليك
ماذا كنتَ ستخسر لو حببتنا بك كما أخي أصلان يُحببُ أبناءنا بهِ و يُحبنا كل الحب
هل كنت تظنُ أن المال كل الدنيا ؟! انظر ماذا فعل الطمعُ بك


*


أجلسُ بجوارِ أميرتي مدللتي جميلتي و أجملَ أقداري
مددتُ يدي إلى العقد الموضوع بجانبي على الكنبة العقد الذي طوقَ رقبةَ هوازن حتى عادت أميرتي و حان الوقت ليعودَ إليها
ليعانق شموخَ رقبتها بهاء عنقها , اقتربتُ منها حتى التصق جبيني بجبينها أنفاسي تخالطُ أنفاسها الدافئة
يالله أجمل أعيادي أنتِ , إنني أتنفسكِ إنني أستنشقُ عبير رائحتكِ إنكِ بالجوار
شهرٌ قد مضى و أنتِ في صدرِ أصل كحلمٍ صعبَ المنال
في كلِ يومٍ أخافُ أن أستيقظَ فلا أجدك , و لكن أجدُ رأسكِ يغمرُ صدري سعادةً فتبتسمُ ليَ دنياي
عانقت برودة القلادة بياض عنقها الناصع في عناقٍ لن يزول بإذن الله حتى الرحيل للباري جلَ جلاله
وضعت يديها الدافئتين بأطرافها الباردة على رقبتي و همست و أنفي يُلامسُ أنفها همست لأولِ مرة منذُ شهر , همست بالحروف الذي لا يحظفها سوانا و لا يقرأها سوانا أبياتُ ابن سهل الأندلسي
التي كُتبت لها و لأجلها فهيَ لا تليقُ بسواها ولن تليق : لما رآني في هواه متيما .. عرف الحبيب مقامه فتدللا , فلك الدلال وأنت بدرٌ كامل .. ويحق للمحبوب أن يتدللا.
قالتها بصوتها الحبيب , قالتها مدللتي حبيبتي و بدري الكامل
ليتني أستطيعُ معانقةَ هاتين الشفتين بقُبلة أشتاقها كثيرًا بعد سماعي لصوتكِ المترفُ بالفتنة
و لكن فتياتكِ و ابنكِ يجلسون على صدري قبل المكان
و زادَ الطينُ بلة اقترابُ عُطرة منا و جلسوها بجواركِ , إلا و يأخذوكِ مني يا أميرتي


*


كنتُ سأبعدُ عيني عن أبي و أمي حتى لا يشعر أبي بالضيق أو تشعرَ أمي بالحرج
ولكني رأيتُها تحركُ شفتيها , فأحببتُ أن أتأكد مما رأيت هل من المعقول أنها تكلمت
يالله ما أكبرها من سعاة تزنُ الأرضَ بما فيها
قعدتُ بجوراها و سألتُها بمصداقية و كلي شوقٌ لإجابة تزيدُ عيدنا فرحة : يمه شفتك تحركي شفايفك , اتكلمتي يمه ؟
ابتسمت لي بحنو , ابتسامة من أجملِ ما رأيت ابتسامةُ أمي و ابتسامةُ أبي ابتسامتين لا جمال يضاهيهما : عُطرة
رفعتُ يدي خلفَ ظهرها و عانقتُها بشدة و انا أضحكُ بسرور : جنتي يمه جنتي إنتِ
فتقدما كلاً من أصلان و هوازن نحونا متسائلين عن سبب ضحكي
فنطقت أمي اسميهما فطنقت الدنيا سعادةً دائمة
تحتضنُ لصدرها كليهما بسعادةٍ غامرة
تحكي لنا كلماتٍ بخلجاتها : هوازن بنتي المطيعة , عُطرة بنتي المتمردة , أصلان ولدي إلي تمنيته سنين .
فقال أبي و هوَ يرفعُ أحدَ حاجبيه : و أصل ؟
ضحكت أمي و ضحكنا جميعنا : أصل يعرف قدره و مكانته بقلب زبيدة .
رنَ هاتفُ أخي أصلان , فأخرجهُ من جيبه و تحدث قليلاً و من ثم قال : يلا هما في الطريق بسرعة استعدوا .




*




أن نتمنى أمنية و ندعو الله أن تتحقق سنينًا طويلة
فيُصيبنا اليأس و لكن نعودُ للدعاء مرةً فمرتين حتى تتحقق
و أن يُحقق الله امنيةَ عبدٍ من عبادهِ بين أمنياتٍ كثيرة شيئًا من المُحال أن يُوصف , شعورٌ فوقَ كلِ شعور
خرجنا من السيارة فذهبَ ناجي إلى " بيتِ الشعر " الذي يجتمعُ بهِ جميعُ إخوتُه ركاض و الكاسر و معن
بينما أنا صعدتُ الدرجات بسرعة و سعادةً غامرة و أنا أضغطُ على الجرس
فتحت الباب ريتاج الصغرى ابنةُ هوازن , قرصتُ خدها برفق , فقالت بصوتٍ طفولي يعشقهُ قلبي و هيَ تمدُ يدها : أبغى عيدية
ضحكتُ بصخب و أنا أُشير إلى عيني : من عيني ذي قبل ذي .
أخرجتُ محفظتي بنيةَ اللون من الحقيبة و وضعتُ بيدها خمسمائة ريال
تقدمت للداخل فدخلتُ من وراءها و أغلقتُ الباب و ما أن التفت حتى صرخ الجميع من الدورِ العلوي : مبــــــــــروك عليـــــــــكِ البيبي
ضحكتُ بسعادة و أنا أضعُ يدي على فمي
و صغار عُطرة و هوازن يرمون البالونات الوردية و الزرقاء من الأعلى فجنسُ المولود غيُر معروف
صرختُ بفزع و أنا أشعر برذاذٍ بارد يُنفثُ علي
فالتفت للوراء فإذا بهِ أخي أصلان يقول : مبروووك يا خوافة
احتضنتهُ بشدة : وجع مرة ثانية لا عاد تتخبى زي كذا
في الوقت الذي نزلوا بهِ من الأعلى , تقدم أبي نحوي و احتضنني إليهِ مُقبلاً رأسي : مبروك يا غالية مولود السعادة .
ابتسمتُ لهُ و أنا أُقَبِلُ يديهِ و رأسه : الله يبارك فيه يبه .
و من ورائهِ أمي سلمتُ على يديها و رأسها بسعادة و أنا احتضنها و أحكي لها عن سعادتي حتى و إن كانت لا تسطيعُ الردَ علي : يمه بصير أم يمه , مرة فرحانة يمه .
فتفآجأتُ بها و هيَ تقول : عساه يكون بار فيك مثل برك لي يالغالية .
شعرتُ أني سألحقُ لفرطِ سعادتي قبلتُ جبينها بقوة و بلا تصديق : تتكلمي يمه , صرتِ تتكلمي الحمدلله الحمدلله
ثم هوازن و أختي عُطرة , فأبناءهم الصغار
و من ثم سحبني أخي أصلان إلى طاولة مستديرة عليها كعكة بيضاوية الشكل نصفها وردي و الآخر أزرق رُسم عليها امرأة حامل و كُتب تحتها " خالو ينتظرك "
قهقهتُ ضاحكة و أنا أهزُ رأسي بالرفض : مو من جدك .
فقالت هوازن و هيَ تتقدم نحونا : شسوي فيه بالله من أول أقوله نحط دعاء و لا عبارة تهنئة حلوة يقول لا خالو ينتظرك .
فقال أصلان ضاحكًا : فرحان فيه أو فيها وش دخلكم إنتم و بعدين الكيكة على حسابي أكتب فيها إلي أبيه و يلا تعالي يالحامل قطعي الكيكة .
أمسكتُ بالسكين و قطعتُ الكعكة و الجميعُ يصفقُ بسعادةٍ و سرور .




***



أجلسُ على الكرسي أمامها قريبًا منها , أوزعُ الجل على بطنها و أحركُ الآداة فوق بطنها و هي تنظرُ إلى ما يعرض بابتسامةٍ مشرقة
مع أن لا شيء واضح فهيَ في بدايةِ شهرها الثاني , لكنها أصرت على إجراء السونار و بما أن لا ضرر من إجرائه وافقتُ على ذلك , مسحتُ الجل عن بطنها
فقالت بدلعٍ عفوي يليقُ بها : نااااااااجي متى يبان جنسه
احتضنتُ يدها بين يدي و بابتسامة واسعة : بيبان على الشهر الرابع إن شاء الله ونجي نشوفه سوا .
جلست بعد استلقاءها و عقدت حاجبيها بتساؤل : إنت وش تبي ولد ولا بنت ؟
شددتُ على يدها , و بمصداقية : إلي يجي من ربي حياه الله , لكن حقيقة أبيها بنت في جمالك أبيها شبيهتك أبي أحبك مرة ثانية و أبي غيرها ثلاث عشان أحبك خمس مرات
قبلتُ بطنها بعمق , فوضعت يدها على شعري وقالت بخجلٍ كبير : ناجي احنا بالمستشفى .
اسندتُ ذقني على بطنها و أنا انظرُ لعينيها الآسرة : عارف إني بتهور عشان كذا خرجت الممرضة من أول .
قالت وهي تقلبُ عينيها : بس ترى زعلتني
ابتعدتُ عن بطنها و مددتُ يدي إلى شعرها : أفا , معزوفتي قارورتي مهجة روحي وبهجتها زعلانة مني ؟! وش مسوي لقارورتي أنا ؟
أزاحت عينيها عني للبعيد و قالت و هيَ تلوي شفتيها بطريقة أغرتني حتى الجنون : تبي تحب مني أربع نسخ ؟ , أنا أبي حب الأربعة كلهم يكون لي وحدي .
أغلقت فمي المفتوح و هي تضحكُ بصخب و تغطي بطنها و تقوم : يالله يا ناجي فهمت إنك ميت على نفسك .
نظرتُ لها بحنق : إنتِ بطلي حركات فمك المغرية و ريحي ناجيك , حتى في الشغل ما رحمتيه .


*


قال الكاسر لي : أضربه على كتفه يا ركاض يمكن يحس .
ضربتهُ على كتفه فانتفض و عدلَ من جلوسه فقال معن ضاحكًا : وين مسافر يا أخ ناجي ؟ هذا كله فرحة بالطفل الله يخليه لكم
و قبل أن يرد كانت أمي ساجدة تدخلُ " بيت الشعر " فقمنا نسلمُ على يديها و رأسها فقالت : سويتلكم درب أدخلوا شوفوا أبوكم
فخرجنا متوجهين لداخلِ القصر , حيثُ يستلقي أبي على سريرٍ في الصالة


*


بينما أبنائي يتقدمون حيثُ يستلقي والدهم , انسحبتُ عن المكان كعادتي ولكني سمعتُ صوتًا يناديني بهدوء و قد عرفته و كيف لا أعرفه وهو الصوت الذي أحاول تحاشيه شهرًا كاملاً
خجلاً منهُ على ما فعلهُ زوجي بهِ و بزوجتهِ , أجبتهُ دون أن أستدير و أراه : نعم
فأمسك يدي بين يديهِ الحانية حتى استدرت وصرتُ أُقابلهُ و بالرغم من هذا لم أستطع وضع عيني بعينيه , فقال بحنانٍ أخوي : ساجدة يالغالية من رمضان و إنتِ تهربي مني , لكن كنت مشغول بزبيدة و أمور أصلان
من الهوية للمدرسة للمستشفى , إلي سواه زوجك يالغالية زوجك إلي سواه إنتِ مالك دخل , لو بنحاسب الناس على أخطاء غيرهم بنظلم كثير .
فتح ذراعه و هوَ يقول : تعالي يالغالية , تعالي لحضن أخوك
رميتُ بجسدي عليهِ فعانقني بشدة , عناقًا طويلاً حكى لي أنهُ أخي مهما حدث .


*


أبي بجبروتهِ وقوتهِ صار لا يقدرُ على الحراك مستلقٍ على الفراش طيلةَ الوقت نتناوبُ على إطعامه و إدخالهِ دورة المياه
حتى أمي جزاها الله خيرًا تُساعدنا في ذلك بالرغم من قسوتهِ عليها فيما سبق
هي سامحتهُ على ما فات و بانسانية قامت بأمورهِ لا محبةً لهُ فلازالت تكرهه و تخجلُ من أفعالهِ الشنعاء
كلهُ لأجلِ المال و ها هوَ المالُ كله قد عادَ لصاحبهِ و هوَ خالي أصل
و نحنُ كلٌ منا يعملُ بعرقِ جبينه العمل الذي كان عليه سابقًا , أنا ضابط و أخي ناجي طبيب و معن لازال يعملُ في الشركة
فبرغمِ أفعال أبي , خالي أصل لم يتخذ موقفًا ضدنا بل كل حنقهِ و كراهيتُه لأبي
أبي سقطت أجفانه و جفت عينيه و فاضت بالدموع , الدموع التي مقتها طيلةَ حياته ما صارت تتوقفُ عن الانهمار
سقطت زاويةُ فمه و لعابهِ يسيلُ بلا إرادةٍ منه حتى إحساسهُ بالطعم فُقِد
لأنهُ سامحهُ الله لم يدرك أن طعم الحياة هوَ العمل للآخرة , بل كان يعيشُ الحياةَ الدنيا لهوًا ولعبًا
قبلتُ رأسهُ وقد كان يبكي لاصوت ولا ردة فعل فقط يتنفس و يدرك هذا هوَ أبي في الحياة
و إدراكهُ هذا هلاكٌ لهُ , هلاكٌ لهُ حينما يرى من حولهُ ينظرون لهُ بنظرةِ اللومِ و العتب
لكن ماذا كنتَ تنتظرُ يا أبي ؟! هذهِ هيَ الدنيا تعودُ عليكَ ذاتَ يومٍ في غفلةٍ منك إن لم تتدارك نفسك
جلسنا حولهُ نحاولُ إدخال الفرحِ لقلبهِ بشتى الطرق
فمهما كان ومهما فعل يظلُ أبي .




***




أن يقعا في الفاحشة فتقعُ الطامة الكبرى على رأسيهما بابنِ الحرام
فيكونا مخيرين إما بإجهاضه و إما بولادتهِ و الزواج قبل مولدهِ هذا خيالُ المسلسلاتِ فقط
ففوق الكبيرة التي ارتكباها معًا , الإجهاضُ محرمٌ و لا يصح , فابنُ الحرام ليس عذرًا للإجهاض
و هذا من حكمتهِ عزوجل حتى لا يستسهل بنو البشر الزنا
و أما الزواج قبل وضعِ الحمل فعلى خلاف منهم من قال تتزوج بهِ و منهم من قال لا يجوز حتى تضع حملها
و لكن بكلتا الحالتين لا يصحُ انتساب الطفل لوالدهِ إنما يُنسبُ لأمه و يكون ربيب الزوج
قد يضعُ بعض الكتاب لحالتي نهايةً سعيدة لكنها لا تمت للواقعِ بصلة
فيجعلان الزاني و الزانية يتزوجان و ينسبان الطفل لأبيه
و هذا لا يصح , يكفي أني نُسبت لعائلة لستُ منهم و هذا تبني و التبني لا يصح
لكن قد تكونُ نهايتي السعيدة هيَ توقيعي على الورق التوقيع الذي سيُغيرُ حياتي مع انسانٍ آخر
انسانٍ يتيم نُسبَ لاسمٍ عام رضيَ بيَ و غيرَ من لقبي لأنسبَ لأمي كما الدينُ أراد
فهو يتيم و اليتيم دائمًا ما يُخيلُ لهُ أنهُ ابنُ حرام , وقد عاش تفاصيل ألمي كما عشتُها تمامًا و رضيَ بحالي
لأنهُ الوحيد الذي يعلمُ عن حالي
أمي شكران سعيدة توزعُ " الشربات " على خالاتي
و خالتي جيلان " تزغرطُ " بسرور
ولدتُ في مصر ونسبتُ لأمي و تزوجتُ من مصري
فموطني هوَ مصر , أما أبي هزاع فسامحتهُ على ما فعل لكن من الصعب أن أعيشَ حياتي معه
و من المحال أن تتزوجَ أمي منه , و من الأساس لا فائدة من هذهِ الزيجة لأني لن أنسبَ لهُ فالدينُ يرفضُ ذلك
لذلك أُسامحهُ على كلِ ما فعل و أبدأُ حياتي بالحلال مع انسانٍ يفهمني و يُقدرني كفتاةٍ لا ذنبَ لها بما حدث في الماضي الراحل .


*


و ها هيَ صغيرتي تتزوجُ بالحلال زواجًا صحيحًا
و ستذهبُ مع من يستحقها و تستحقهُ يُقدرها و تقدرهُ
قد سامحتُ هزاع و قد سامحت هيَ أباها
و قد بدأنا الحياة من نقطةٍ جديدة
أساسها عدم المبالاة بأقوالِ الناس
فهيَ نُسبت لي كما أراد الدين , و لا دخل لأحدٍ في ذلك
و يكفيها أنها تعيشُ مع انسان سيشدُ من ازرها و يُذكرها دائمًا بأن اللهَ معها
فهوَ حافظٌ لكتابِ الله متمسكٌ بدينه .


***


يُتبـــــع الرجــاء عدم الرد


 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 29-11-16, 10:07 PM   المشاركة رقم: 497
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي








زيارة في يومٍ العيد , زيارة بعد طولِ غياب يا ترى ممن ؟
فأُختي مزنة قد غضبت عليَ أشدَ الغضب بذلك اليوم
وفتاتي مي ما كانت راضية عني
و صديقي أصل زارني بالأمس لأن اليوم عيد وسينشغلُ بزوجتهِ و أبنائه
ما أن دخلت حتى رأيتُها بعباءتها الساترة تقفُ بجانبِ الكراسي دون الجلوس
ابتسمتُ براحةٍ و طمأنينة و كمٍ كبيرٍ من السعادة و السجانُ يفتحُ الأغلال عن يدي
تقدمتُ نحوها و انا أفتحُ ذارعي و كلِ أمل أن تغمر رأسها في صدري
و هذا الذي صار , هذا الذي صار
و الحمدلله أن هذا الذي صار , قالت بصوتٍ محب : وحشتني يا خوي و حشتني حيل , تدري طول غيبتي عنك و أنا عايشة بجحيم
إنت جنتي بهالدينا يا هزاع سامحتك يا الغالي على كل شي و بنيتك مسامحتك .
جذبتُ رأسها لصدري أكثر فأكثر حتى ارتويتُ منها مع أن السجان حتى في يومِ العيد لم يرحمنا و هوَ يُردد ممنوع الاحتضان
ابتعدنا عن بعضنا البعض فسحبتُها من يدها و جلسنا متقابلين أمام بعض
بحرجٍ منها بعدما عرفت من يكونُ هزاع في الماضي : أنا آسف يا مزنـ
قاطعتني و هيَ تمدُ يدها و تعانقُ يدي برفق : أنا مسامحتك يا هزاع و الماضي راح المهم هزاع الجديد إلي يخاف ربه هذا إلي يهمني , إلي راح راح ما بنقدر نرد شي ولا نعدل شي , وعندي لك شي .
بحثت قليلاً في حقيبتها السوداء و من ثمَ أخرجت مسجلاً و فتحت التسجيل الصوتي و السجانُ فوق رؤوسنا

" أنا سامحتك على كل حاجة مش كويسة , و أنا دلوقتي هتجوز انسان يتيم يفهمني و هيعيش حياتي معاه هعيش في مصر أنا اتولدت بيها و انتسبت لماماتي وماماتي مصرية , و أنا آسفة على الكلام
الوحش إلي ئلتهولك المرة إلي راحت , كنت تعبانة و ما ئدرتش أفكر في حاجة , سامحني على إلي ئلتهولك و أنا مسامحتك على كل حاجة , و هدعي ربنا إنك تخرج من السجن و تعيش حياة سعيدة
بحاجة ترضي الله سبحانو و تعالى , وحتى ماما مسامحتك على كل حاجة بس طبعًا مستحيل هيا هتئدر تبدأ معاك حياة جديدة أو أنا ائدر أبدأ حياة جديدة , و معلش أنا هغير رئمي و لا كأني شفتك و لا كأنك شفتني "

تنفستُ الصعداء , و نظرتُ للسقف و أنا أحمدُ الله
فالحمدلله أنها اختارت الطريق الصحيح بالزواجِ ممن يصونها ويحفظها و يتفهمُ وضعها
الحمدلله أن والدتها قد ربتها تربيةً حسنة و ستحرصُ دائمًا عليها
و الحمدلله أنها نظرت لذاتها نظرةً ايجابية
و الحمدلله لأنها سامحتني على ما اقترفت
و الحمدلله أنها قد قطعت طريقَ الوصولِ إليها
فابنةُ الزنا , اختلف أهل العلمِ في مسألتها فمنهم من قال
حرمة ماء الزنا كحرمةِ ماء النكاح و لا يجوز للزاني أن يتزوج ابنتهُ من الزنا
و منهم من قال لا حرمةَ لماءِ الزنا و يجوزُ للزاني أن يتزوجَ من ابنتهِ بالزنا
و على هذا قد لا يجوزُ لي رؤيتها دون حجاب إلا في حالِ زواجي من والدتها شكران فتصبحُ مي ربيبتي حينها يجوزُ لي رؤيتها دون حجاب
و أنا متأكدٌ من أن شكران لن تقبل أن تتزوج بي فما فعلتهُ في الماضي من الصعبِ أن يُنسى
فيكفيني أن أعلم أن " مي " بخير
وفقها الله في حياتها الزوجية و رزقها الذرية الصالحة
لكن شيئًا واحد قد ظنتُه شكران فيما سبق و قد أخطأت الظن
حينما كنتُ ديوثيًا و جعلتُها مع رجلٍ غيري ظنت أنا الرجل هو عبدالقوي
لأني كنتُ حينها أتحدثُ مع عبدالقوي على الهاتف
لكن الرجل كان خليجيًا أعرفهُ و ليس بعبدالقوي
جامعها و لكن" مي " مني و ليست منه
من مائي التي لا يقين بها إن كانت فيها حُرمة أم لا
و لكن ما يهم أنها بدأت حياةً جديدة أساسها سليم .



***



الجميعُ بلا استثناء يعتقدون بل يتيقنون أن ما وراء القضبان الحديدية حياةً سوداوية ظلامٌ دامس , كآبةً وضيقًا غيرَ زائلين
و لكن في حقيقةِ الأمر حياةُ البعض قد تكونُ وراء القضبانِ أفضلُ من خارجها مثلي تمامًا فحياتي وراء القضبان و أنا مسلمة و أنتمي لعائلة تُحبني لأنني ابنتهم
أفضلُ كثيرًا من خارجها و أنا مسيحية كافرة و أنتمي لعائلة ليست بعائلتي و لا تحبني فقط تريدُ مصلحةً مني
أمشي بجانبِ السجانتين عن يمني واحدة و عن شمالي أخرى
بأولِ أيامِ العيد , عيد المسلمين , عيدَ الفطرِ السعيد
أول يومٍ عيدٍ لي , عائلتي بجواري حتى بالسجنِ تُرافقني
أبي بجانبهِ أمي و بجانبها خالتي ساجدة
عن اليمين أختي عُطرة و بجانبها هوازن
و عن الشمال أخي أصلان و بجانبهِ عُزوف
تقدمتُ نحوَ أمي أُقبلُ رأسها ويديها باحترامٍ و محبة لا توصفُ بالحروف
فتفآجأتُ منها , و هيَ تقولُ لي بصوتها الذي تمنيتُ كثيرًا أن أسمعه و دعوتُ الله أن يردَ لها نعمةَ الكلام
سمعتُ صوتها الحنون الدافىء صوتها الذي أول ما أرسل ذبذباتُه لأُذني دعا لي : الله يسعدك يا بنتي و يفرجها و ويصبرك يارب , و تخرجي عاجلاً غير آجل , كل يوم بكون عندك كل يوم بزوك
كل يوم بكون جنبك ما بتركك حتى في خيالك .
احتضنتُها بشدة و غاب رأسي في صدرها الذي يتسعُ لكل المشاعر ما بين الشجنِ و الفرح , نطقتُ و صوتي يخرجُ مكتومًا لغيابهِ في صدرها : و هيا دي الحئيئة إنتِ يا ماما واللهي ما تروحي عن بالي أبدًا
و أبئى دايمًا أفكر فيكي .
مسحت على شعري بنعومة و رفق و أصلانُ ينادي بصوتهِ الحبيب : يعني اليوم ما بسلم على توأمي .
ابتعدت أمي عني , فاقترب هوَ إليَ و احتضنتهُ بسعادة أخي العزيز و الأقربُ لأنفاسي
تليها هوازن و عزوفٌ فعُطرة , حتى أبي الذي قال لي مبتسمًا ابتسامةً واسعة مشرقة و يديهِ فوقَ كتفي : كل عام و إنتِ بخير يا حبيبة أبوك .
رددتُ لهُ ابتسامتهُ بابتسامة صادقة لم أعرف معاناها إلا عندما خالطتُهم وأصبحتُ جزءًا لا ينفكُ عنهم
توزعنا على الكراسي , فمدَ أبي يدهُ إليَ و احتضنَ يدي بين يديه و بدأَ حديثهُ بمقدمة كنتُ أعرفُ نهايتها فخاتم الخطوبة الذي يعانقُ يدي اليُمنى
سينتقلُ اليوم لليسرى بإذن الله تعالى
و بعد المقدمة قال أبي بجدية و هو ينظرُ لزوجِ عيني , فخجلتُ و أطرقتُ رأسي أرضًا : يا بنتي الزواج سنة الحياة و الزواج حياة جديدة بتستمر معاكِ لآخر لحظة في عمرك عشان كذا لازم تكوني متأكدة من اختيارك
الشيخ برا ينتظر , متأكدة من إنك تبين ركاض ولد عمتك زوج لك ؟
ركاض الأمنية الحبيبة التي كانت تُلازمني أينما ذهبت
كان يصفُ شمسهُ الصفراء التي تبينَ فيما بعد أنها أختهُ
فكنتُ أموتُ في الثانية ألفَ مرة لشدةِ غيرتي
قالوا لي انتقمي لأبيكِ منه ولم أستطع
كان قلبي يخذلني في كلِ مرة
و على كثرةِ من خالطتُ من رجال لم يكن أيهم رجلاً بعينيَ سواه
ليتضح أنكَ ابن عمتي , ليتضحَ أنكَ تحملُ ذات لقبي
ليتضحَ أني بذاتِ جنسيتك , و لأُصبح مسلمة و زوجةً لك على سنةِ الله ورسوله
بالحلال , بما يرضاهُ الله
ضحكَ أخي أصلان و هوَ يقولُ بإحراجٍ لي : واضح الرد من الابتسامة والخدود الطماطم .
فقالت أمي تنهرهُ و تنهيهِ عن إحراجي : سيبها تفكر لا تحرجها كذا .
فحركتُ رأسي سريعًا بالموافقة وما لاحظَ ذلك سوى أخي الذي ضحكَ بصخب فضحكَ الجميع
و خرجوا و ما تبقى سوى أبي الذي عانق يدي و قال بصوتٍ عطوف : الله يوفقك في حياتك يارب .
تمتمتُ بـ " آمين " و رحتُ مع السجانة وراء القضبان تمت إجراءات الزواج على خير
ركاض و الشيخ و الشهادين أبي و أخي
و أتى أبي بالدفتر لأُوقعَ عليه و أبصمَ ببداية جديدة مختلفة عن ذي قبل
بداية بقربِ عائلتي في ذاتِ المنزل , مع من أهواهُ أكثرَ من كلِ شيء , بالحلال
قبلني أبي في رأسي ودعا لي بالتوفيق و الذرية الصالحة و خرج راحلاً فقد انتهت الزيارة
بينما أنا أخرجتُ الخاتم من بنصرَ يُمناي و نقلتهُ لبنصر اليُسرى
بتاريخهِ الذي يشهدُ عن حبٍ تُوِجَ بالحلال و الحمدلله على ذلك .


*



بعدما دخلت الاسلام و تعرفت عليه من المؤكد أنها واجهت صعوبة في تقبلِ حقيقتها بين أسرتها في أنها فقدت عذريتها و كان لها ماضٍ سيء
و لأن تأنيب الضمير لا يبتعدُ عني و لأني كنتُ مثلها تمامًا و لا أفترقُ عنها في شيء
و لأني أول من اقترب منها , و لأنها ابنةُ خالي و عمتي و الأهمُ من كل ذلك حبيبتي التي ما اكتشفتُ أني أُحبها إلا بعدَ زواجِ مارسة من أبي
عزمتُ أمري على مفاتحةِ خالي أصل بالزواجِ منها و قد بدا على خالي الحرج و التردد و كنتُ فطينًا في فهم السبب و أكدتُ لهُ أني أريدُها بما فيها و أن الله غفورٌ رحيم
و قد حذرني من مضايقتها و أعطاني وعيدًا لو أني عايرتُها بالماضي أو آذيتُها في شيء فلن يغفرَ لي ذلك
ففتاتهُ تاجٌ على رأسهِ ولن يسمحَ لأحدٍ ما أن يُسيءَ لتاجهِ الثمين
و ماذا لو عرفَ أني أحدُ الدنيئين الذين اقتربوا منها , بل أني أول من اقترب منها وضاجعها بالحرام ؟!
كان سيغضبُ كثيرًا وقد لا يُؤمنُ ابنته مع زوجٍ كمثلي
و لكني أقسمتُ أمام الله أني سأحفظُ نفسي و أحفظها و أصونُ العرض
و أن ركاض القديم و مي القديمة ماضٍ لا عودة له
و قد سارعتُ في طلبها , لأني لا أريدها أن تعيشَ تأنيب الضمير على ما فات بعد دخولها للإسلام و أن تشعر بأنها أقلُ أخواتها أخلاقًا
فلا لومَ عليها فقد تربت في عائلة تقصدت أن تجعلها بهذهِ الشناعة و هيَ صغيرة في العمر لا تدركُ الصحيح من الخاطىء
و غيرَ ذلك لأحفظَ نفسي بالحلال و أتذكرُ دائمًا أن لي زوجة في السجن أول ما تخرج ستكونُ في أحضانِ من يعشقها أشدَ العشق
و لأن خالي قدمَ الكثير للضبطِ العسكري و السعودية دولة إسلامية تحرصُ على الدعوة للإسلام و مي مسيحية
كان ذلك سبيلاً في تيسير الأمور حيثُ أنهُ من الممنوع أن يتم الاحتضان , فكيف بالزواج ؟!
ولكن ترغيبًا لها في الإسلام حتى تتمسكَ بهِ و لا تتراجع
و لأن الضبطَ العسكري على ثقة بخالي أصل .



***



بعدما خرجنا من عندِ أختي مي , انتظرتني عائلتي في السيارة بينما طلبتُ زيارة لرؤيةِ حميدة
و بينما أقعدُ على الكرسي في انتظارها خرجت و بجانبها سجانتين
بشعرٍ يصلُ إلى ما فوقَ أردافها بمسافةٍ بسيطة و ابتسامة صافية بثغرها تبعثُ الطمأنينة في النفوس
اقتربت مني فسلمتُ عليها بحرارة
جلسنا مقابل بعض , فبادرتُ بالسؤالِ عن أحوالها و عما يُضايقها
فأجابت بصراحة و هيَ تُزيحُ شعرها الذي أبرزَ ملامحها بطريقة أنوثية جميلة و أخفى " حمود " من " حميدة "
جعلها بفطرتها السوية التي خلقها اللهُ عليها : الحمدلله أنا بخير وأخوي الصغير كل فترة يزورني و ما يتركني وحدي , صحيح الكبير على حاله الله يهديه و ورى زوجته قالت يمين قال يمين قالت شمال قال شمال
بدون ما يفكر إذا كلامها صح أو لا , لكن هالشي ما يهمني إلي يهمني أولاً إني اتصالحت مع نفسي و صرت أعامل نفسي بما خلقني ربي عليه و رضاه ليَ , أعامل نفسي على إني بنت و أرضى بخلقتي
و أشكر الله إن ملامح أمي مطبوعة في وجهي , عرفت إني غلطانة في حق أمي و عرفت إن أمي طيبة القلب و الطِيبة عمرها ما كانت غباء , و مثل ما قلت من قبل يمكن السجن هو الخير لي
لأني اتعرفت هنا على ناس خلوني فعلاً أعرف وش هو الدين و أحافظ على صلاتي في أوقاتها , حميدة القديمة اتغيرت كثير عن قبل , كنت أشوف كل الحياة سلبية لكن الحين صرت أشوف الحياة من جوانبها الإيجابية
و الحمدلله عدت شهور من يوم انسجنت و بيمر الباقي و أخرج و أصير قريبة من أخوي الصغير , وطبعًا ما بنسى إن لي أم ثانية لازم أزورها و أسلم عليها كل فترة , زيما هيَ ما نسيتني أبدًا بالرغم من مشاغل الحياة .
ابتسمتُ بسعادة لسعادتها و بارتياح ٍ لحالها
فسبحان الله قد كانت خارج القضبان حُرة ولم تعرف الطريق إلى ربها إلى حينما صارت وراء القضبان
فالحمدلله الذي أنارَ بصيرتك للحق .



***



مثلما جرحني أصلان جرحًا غائرًا أهلكني و ما انمحى هلاكهُ و أفل إلا بعدَ معرفتهِ للحقيقة
من المؤكد أن حمدان كذلك , فلن تندثر جروحه و تفنى إلا بعدَ اعتذاري له
فأنا مدينة له باعتذار , و وجبَ عليَ الاعتذارُ على مهاجمتي لهُ في ذلكَ اليوم
و بينما أنتظر خرج حمدان أخيرًا و تقدمَ نحوي بابتسامةٍ مترددة فهوَ لا يعرف بما سأُقابلهُ و هل أتقبلُ ابتسامتهُ أم أواجهها بالرفض
رددتُ لهُ الابتسامة تحت الخمار


*


كنتُ على ترددٍ و حيرة من قدومها و ابتسمتُ لها بذاتِ ترددي و حيرتي فأنا لا أدري ما ستكونُ ردةَ فعلها و ما سبب مجيئها ففي آخر مرة غضبت عليَ أشدَ الغضب
لكنها ابتسمت لي وقد أدركتُ ذلك مع أن الخمار يُغطيها , أدركتُ ذلك من عينيها التي انكمشت لابتسامتها
ابتسمت لي بالرغمِ من كلِ ما قدمتهُ لها من ضرر , ما أطهر قلبكِ و أصفاهُ يا عُشبة
تقدمتُ نحوها فمدت يدها لأُسلمُ عليها و لكني سحبتها و احتضنتُها لي معبرًا لها عن شعوري الذي أخفيتهُ طيلةَ السنين الماضية
مُعبرًا لها عما يُخفيهِ حمدان في قلبهِ و يدسهُ عنها : عُشبة يشهد الله علي , إنك غالية على قلبي و غلاك ما يوصله شخص , سامحيني على ما فات و لا
قاطعتني بصوتٍ متأثر : مسامحتك يا حمدان , و جاية بعد أشكرك على توضيحك الحقيقة لأصلان , و الحمدلله أصلان ما عاده شايل بخاطره علي .
ابتعدتُ عنها على صوت السجان الذي يزمجرُ بغضب يُحذرنا من التلامس
و تقابلنا في الكراسي , فقلتُ بكلِ شفافية و مصداقية : تستاهلي كل خير يا عُشبة معدنك طيب و أكيد أصلان ما بيشيل بخاطره عليك .
فابتسمت لي سعادةً بإطرائي
قد مضت الحياة في شحِ المشاعر
بعضُ الرجال يعتقدون أن الاعتراف بالمشاعر ضعف
و البعض الآخر لا يُعبر إلا بأفعاله
أنا من النوع الأول لذلك بقيت عُشبة دائمًا في قلب حمدان و إن عذبها لشدةِ حبهِ للمال
لكنها كانت دائمًا الأغلى من كلِ شيء
و الحمدلله أنها سامحتني , و الحمدلله أن أصلان صدق ما قلته
و مادامهُ صدق سأرتاحُ على زوجتي و هيَ تمكثُ عندهم إلى أجلٍ سيقتربُ بإذن الله .



***



بعدَ صلاةِ المغرب , توجهنا إلى منزلِ الخالة مزنة
ضغطَ ركاض على الجرس , فجاءهُ الصوت من وراءِ الباب : مين ؟
فأجاب برسمية وصوتٍ جهوريٍ ثابت : ركاض ولد عبدالقوي
و قليلاً من الوقت حتى فتح الباب رجلٌ مسن
و الرجلُ هوَ زوجُ مزنة , رحبَ بنا و ضيفنا بكرمٍ و بذخ
و بعد تبادل أطراف الحديث
تقدم أخي الكاسر بالكلام : و الله يا عم جايين نشوف أختنا مارسة و نسلم عليها , بعد إذنك .
حركَ رأسهُ بتفهم وقام يُناديها
أنا من اقترحتُ عليهم زيارتها , و قد لقيتُ التشجيع من أخي الكاسر بينما ناجي و معن لم يبدو عليهم أي ملمحٍ للرفضِ أو القبول
لكنهما ما أحبا ردي خائبًا فجاءا معي
مارسة قد أكونُ الوحيد من بين أخواني الذي أعرفكِ حقَ المعرفة
و أعلمُ تمامًا مقدار الوجع الذي تعيشينه , الضغط النفسي الذي مررتِ بهِ
فإن كنتِ على خجلٍ من رؤيةِ أبي و المكوث معنا بذاتِ المنزل نحنُ سنجيئكِ حيثُ تكوني , و كما علينا أن نوفرَ لكِ احتياجاتكِ
غير التأنيب الذي أهلكني و التفكير المطولُ بكِ , شعوري بأني السبب في كلِ ما حدث
بخذلاني لكِ و اندفاعكِ بالزواجِ من أبي بعدما خُذِلَت الفتاة المراهقة التي بكِ
و لكني أعودُ و أستغفرُ الله فهذا قضاؤه و قدره سبحانهُ و تعالى , فإن كنتُ وفيتُ بوعدي و تزوجتك ستكوني أختي أي أن الأبواب موصدة من جميع الاتجاهات
فهذا ما أرادهُ الله و الحمدلله على كلِ حال .




*



ما مررتُ بهِ تعجزُ الحروف بأكملها عن وصفه , شعورُ الاشمئزاز الذي يسكُنني كراهيتي لجسدي و أنفاسي التي جانسته
ألآفُ و مئاتِ المشاعر المتضاربة , تلطمُ قلبي بحجارةٍ من سجيل
و وجودَ أمي قد خفف عليَ وقعَ الألم , وجودَ أمي كان كالهبةِ منهُ سبحانهُ وتعالى
ففي الوقت الذي كنتُ أستلقي بهِ على السرير و تذهبُ أفكاري إلى يومٍ ضاجعتهُ به
صرتُ أنشغلُ بأمورِ أمي و احتياجتها و ما أن أوفرَ لها ما تحتاج حتى أجلسُ معها تُضحاكني و أُضاحكها أعيشُ تفاصيلها التي حُرِمتُ منها طفلة
أعيشُ بها طفولتي الراحلة , مراهقتي و سأعيشُ معها حتى النضجَ إن شاء الله
و بينما أنا أقعدُ على الأرض بجوارِ الكرسي الذي تجلسُ عليه و أتبادلُ الأحاديثَ معها و مع خالتي مزنة وابنتها
نادى زوجَ خالتي مزنة عليها , فذهبت إليه تُلبي النداء
و من ثمَ دخلت و ألقت بالفاجعة التي جعلت جسدي يقشعرُ من رأسي إلتقاءً بأخمص أقدامي
الفاجعة التي ما اعتقدتُ حتى في أعمقِ أحلامي و غائرِ خيالاتي أن تكونَ حقيقة
مجيئهُ في العيد ألقى بالهمِ على قلبي و رماني في ذلكَ اليوم المقيت
بقميصي الأصفر يوم الشمسِ يوم الشروق , الذي ما كان إلا قميصًا أسودًا قاتم في يومِ الغروب
و أباهُ الذي خنعَ لثوبي أحمر و راحَ يتقدمُ لي في يومِ القبول و الدخولِ إلى حياةٍ معتمة نهايتها جنتي أماه
فهل عدت يا ركاض من ذلك الغروب إلى شروقي مع أماه لتسرقني حيثُ غروبكَ المقيت ؟!
ما الذي تريدهُ مني ؟! قد كنتُ في راحةٍ و طمأنينة بعيدةً عنكم
لا أريدكم و لا أريدُ قصوركم ولا أموالكم أتركوني مع جنتي و ارحلوا عني
طال تفكيري وطال حتى شجعتني أمي و هيَ تمسحُ على يديَ بيديها الحانية وكأنها تقولُ لي اذهبي إليهم
تُشجعيني يا أماه على رؤيتهم ؟! , هل تريدي مني أن أعودَ إليهم ؟!
أن أعودَ لمارسة الدميمة قبل أي شيء
فأكدت لي الخادمة التي تفهمُ لغة الإشارة أن أمي تريدُ مني لقاءهم
نظرتُ إلى أمي نظرةً أخيرة النظرة التي ستحسمُ الأمر وقد هزت رأسها بالموافقة
فصلبتُ طولي و قبلتُ رأسها باحترام و من ثم خرجت متوجهة للحجرة بعدما خرج زوجَ مزنة و انتقل لحجرةٍ أخرى
دخلتُ للحجرة و شعرتُ بتيارٍ بارد يُلامسني شعرتُ بالخجل و ما استطعتُ رفع عيناي إليهم
لي أربعةُ أخوة , لم أرى منهم سوى ركاض و ما تحدثتُ معه في الزمانِ الماضي إلا بما لا يرضاهُ الله و ثلاثة كنتُ أستترُ منهم و ما رأيتهم إلا بعد زواجي بأبي !
حينما دخلت أدركتُ أني أقدمتُ على خطوة جريئة لا أدري كيف أُكملها و لا أعرفُ طريق التراجع عنها
سحبتُ قدمي اليُمنى خطوةً للوراء و لحقتها باليُسرى سريعًا
إلا أنَ ظلاً طويلاً غطاني و يدًا طوقت كتفي بشدة لينتفضَ كامل جسدي و يرتفعَ رأسي حتى تستقرَ عيني بعينيَ أخي الكاسر
حاولتُ سحبَ نفسي من قبضةِ أصابعه على كتفي لكنهُ لم يتزحزح قيدَ أُنملة بل قال بصوتٍ عميقٍ عطوف : لا تخافي أنا اخوك , لا تخافي
انهمرت دموعي رغمًا عن أنفي و غابت عيني عنه واستقرت على من خشيتُ رؤيته إلى ركاض
ركاض الذي كان يجلسُ بتأهبٍ للوقوف و ينظرُ إلينا بتوجسٍ و ترقب
هنا بكيتُ و انتحبتُ بكلِ صوتي و تلكَ الذكريات المقيتة تعودُ لي و تهلكني , تُدمي قلبي ما بين ركاض و أبي إلى غانم
و غطت غشاوة الدموع عيني لأرى لوحةً ضبابية لا يظهرُ من خلالها سوى سراب السعادة المتلاشية
و ما شعرتُ إلا بصدري و هو يرتطمُ بصدرِ الكاسر في عناقٍ كرهتهُ فأحببتهُ !
عزمتُ على افتراقهِ , فغمرتُ رأسي بهِ !
نهرتُ نفسي عنه فنهرتني نفسي عن الرحيل !
قهقهَ الجميعُ ضاحكين فسحبتُ نفسي من أسرِ جسدهِ الحنون , بحرجٍ وخجلٍ شديد
فعاتبهم الكاسر و زجرهم بينما أنا سحبتُ خطواتي سريعًا لخارج الحُجرة إلا أن يد الكاسر قبضت على معصمي نظرتُ له باستعطاف ليتركني أرحل بعد وفير الخجل الذي تلبسني بالكامل
لكنهُ هزَ رأسهُ بالرفض التام , فحاولتُ استعطافهُ للمرةِ الثانية مع المحاولة لسحبِ يدي من قبضتهِ عنوة
و لكني لم أجد نفسي إلا في ذلك الصدر الذي خفتُ أن أتوسده بعد نسيانه
خفتُ أن يعودَ ذلك الشعور اللعينُ لي , شعورٌ لا يتلاءم مع كونهِ أخي
خفتُ كثيرًا و ارتحتُ أكثر
خفتُ أن أضيع في ركاض الحبيب لكني وجدتهُ الأخ الأقربُ لي عمرًا
خفتُ كثيرًا أن تعودَ لي مارسة الشنيعة لكني وجدتُ مارسة الخلوقة تتغلبُ على تلك الغائبة بلا عودة بإذنهِ تعالى
كان يضحك و يأخذُ الموقف بمرح حتى أتقبلهُ ولكني لم أتقبلهُ لضحكه أو المرح بل لأن الفطرة جعلتني أتقبلهُ كأخ
و من يُفكر بإختهِ بطريقة خاطئة أو تُفكر بهِ بطريقة خاطئة هم من سلكوا درب الحرام بالأفلامِ الإباحية و العادة السرية و ما إلى ذلك من أمور جرتهم للنظر إلى ما تنهاهم فطرتهم السوية
و عقلهم الراشد عن قبوله ولكن غريزتهم الحيوانية دفعتهم لذلك
يليهِ ناجي فمعن
و من ثم قعدنا على الكنب بجانبي الأيمن ناجي و الأيسر معن و بالمقابل ركاض و الكاسر
قال ناجي بابتسامة بشوشة و لطالما سمعتُ أن ناجي أكثرهم مرحًا : و اجتمع الاخوة الخمسة بعد طولِ غياب
أمال ركاض شفتيهِ للجانب و بسخرية : بااايخ كالعادة
تعدل معن في جلوسهِ وصوبَ عينيهِ نحوي و نطقَ بجدية : مارسة ما يصلح وجودك في بيت رجال غريب حتى لو كان كبير بالعمر , البيت صغير و يلا يوسع و إنتِ و أمك و الخدامة ما شاء الله
هم استضافوكم أسبوع أسبوعين شهر شهرين سنة ما بيقدورا أكثر من كذا , هم أسرة و أكيد راحتهم بالاستقلال مع بعض , فأنا و أخواني اتشاورنا بالموضوع وشفنا الحل الأمثل لك إنك تجي معانا للقصر
و نكمل حياتنا مع بعض و تشوفي أبوي , أبوي مريض وماعاده أبوي الأولي يشوفنا و ما يقدر يتكلم طول وقته يبكي و متضايق ما يتحرك حتى صلاته يصليها بالنية و هو نايم على جنبه و أُمك و الخدامة معك
البيت يوسع و يشيل ما شاء الله نعطيكم جناح كامل إذا حسيتي إنك مو حابة تقعدي معنا أجلسي بالجناح و أكلك و شربك يجيك لما عندك , أو إذا شايفة فكرة الرجوع للقصر صعبة بنعطيكِ فلة صغيرة
على قدكم و قريبة من القصر إذا لا قدر الله حصل شي و احتجتونا و أساسًا بما إن ركاض ينتظر انتهاء مي من عقوبتها بيسكن معاكم لذاك الوقت و وقت تخرج و يصير حفل الزفاف , بنشوف حل ثاني لحظتها
فإيش تبغين ؟ احنا ما نبي نغصبك على شي نبيك تختاري برضاكِ , والله يسعدك شيلي فكرة السكن هنا من بالك مهما كان هم مو أهلنا , صحيح اتحملونا و يمكن كانوا لنا أكثر من أهل لكن لكل شي احترامه
لازم نخليهم يرتاحوا في بيتهم مو نضيق عليهم .
نظرتُ إليهم واحدًا تلو الآخر حتى عادت عيناي إليه , و بصدق : حتى أنا ما حبيت قعدتي بالبيت لهالوقت بس ما كان لي مكان , القصر صعب أرجعله صعب أدخل من ذاك الباب مرة ثانية صعب أقابل كل الوجيه إلي هناك
صعب جدًا في كل ركن في البيت لي ذكرى توجع لي قلبي ما بقدر أعيش مرتاحة , أشوف فكرة الفلة أفضل شي بالنسبة لي .
وافق الجميع على ما أردت دون أي اعتراض أو محاولة في تغيير وجهة نظري بل تفهموا موقفي جيدًا , و وعدوني بالقدومِ غدًا لأخذي
ودعتهم عند الباب و خرجوا وكان ركاض آخرهم
قبل خروجه التفت لي متسائلاً بابتسامة مريحة : مارسة محتاجة شي ؟ , خاطرك بشي ؟ في شي ناقصك ؟
نظرتُ إلى أقدامي بترددٍ و حيرةٍ من أمري لكني و لأجلِ أمي نطقتُ بما يدورُ في ذهني طيلةَ الشهرِ الفضيل : سمعت عن سماعات للأصم , بس ما عندي فلوس عشـ
قاطعني بشيءٍ من العتب : لا عاد أسمعك تقولي ما عندي فلوس , فلوسنا هي فلوسك بكلم ناجي و أشوف إذا يعرف دكاترة في هالمجال و أقرب موعد بإذن الله بنآخذ أمك له .
ابتسمتُ بسعادة و راحة كبيرة
ما أجمل أن يكون للانسان سندٌ بدنياه
شخصٌ يقفُ بجوراهِ في السراء و الضراء
الحمدلله على نعمةِ الإخوة .




***



ظهرَ يومٍ جديد , في مركز النيرة لتقويم العظام و الأطراف الصناعية و التأهيل بجدة
أبي و والدُ أغيد يجسلان بجوارِ بعضهما البعض
و أنا و أغيد نجلسُ على مسافةٍ من بعض و أمام كلِ واحد متخصص بتركيب الأطراف الصناعية
كان أغيد يبتسمُ بسعادة بينما لم أكن أشعر بشيء فأنا عشتُ منذُ الطفولة مبتورَ اليد و اعتدتُ على ذلك
و لا أشعرُ أن اليد الصناعية ستحدثُ شيئًا في حياتي و لكني استجابة لأمنيةَ أمي و ما يريدهُ أبي وافقتُ لأجلهم
أما أغيد فيبدو سعيدًا بذلك و قد انتظرني حتى لقائي بأهلي ليخضع لتركيب الأطراف الصناعية على أيدي المختصين بذلك
و لم أود أن أُثبطَ من عزيمتُه و أقولُ لهُ ما يدورُ بجعبتي بأننا عشنا طيلة السنين مبتورين فما الذي سيفرق معنا إن كانت موجودة ؟!
بدأَ الأخصائي بالشرح من باب بعث الطمأنينة لنا و إعطائنا فكرة عما يفعل : لازم أول شي بهاذي المجسات أحصل نقاط الأعصاب في يدك عشان تقدر تتحكم باليد الصناعية بالشكل الصحيح .
و من ثمَ أردف بتنبيه حتى أهتمَ و أشددُ الملاحظة عليه : و الحين لازم تسمعني عشان الكلام إلي بقوله الحين هو طريقة تحريكك لليد و كل ضغطة زر وش وظيفتها , هاليد مزودة بعضلات و أصابع لها محرك
كهربائي يسمحلك بحركة الأصابع بهذا الزر إلي ورا و هالأصابع ممكن تحركها فردية , و اليد لها مقاومة قوية , و يمديك تستخدمها زي اليد الطبيعية تمسك فيها أشياء ترسم فيها , تلعب بالكمبيوتر الجوال
أيًا كان , هاليد أكثر يد متطورة نزلت و قدر الإمكان حاولنا تكون أقرب لليد الطبيعية .
بدأَ بملازمةِ عمله فوقفَ أبي من ورائي كتشجيعٍ لي و و الدُ أغيد من ورائه
و أخذَ وقتًا و هوَ يبحثُ عن نقاط الأعصاب لتتناسب مع المجسات
و أخيرًا انتهى المطاف بأنها التصقت كجزءٍ زائدٍ لا داعٍ له في جسدي
كان أبي يبتسمُ بسعادة و عينيهِ تذهبُ لأغيد الذي تشوق كثيرًا لليد و أخذ يحركها و يتعاملُ معها , فاجتمع الجميعُ حوله سعداء لسعادته
ما فائدة هذهِ القطعة الزائدة ؟! ألا تكفي يدي الأخرى التي هيَ صنعُ الله و ليس فوقَ صنع الله شيء
حركتها لأولِ مرة من بابِ الفضول و معرفة شعور أغيدٍ بها


*


استرقتُ النظر لأصلان و الذي كنتُ على علمٍ تام بما يُفكرُ بهُ فهو يرى أنه قد عاش بيدٍ واحدة ويستطيعُ ملازمةَ حياتهِ بها دون غيرها
و لكن هوَ لم يُجرب الحياة بيدين حتى يعلم مدى الفرق
و حينما وقعت عيني عليهِ ابتسمتُ بسعادة وكتفتُ يدي إلى صدري كان يبتسمُ بسرور و يُسبحُ الله كثيرًا و هوَ يُمسكُ بأقلامٍ على الطاولة و يُخربشُ بها على الورق
و من ثم يتناول زجاجة ماءٍ موضوعة على الأرض , و بعدها يستخدم كلتا يديه بحملِ صندوقٍ كرتوني يبدو ثقيلاً لأن بهِ بعضًا من الأطراف الصناعية
لم أشأ إزاعجه لذلك بقيتُ أنظرُ لهُ عن بعد , يكفيني أن أرى السعادة بعينيه
لم يخلق الله عزوجل شيئًا في الانسان عبثًا بل لكلِ شيء وظيفة هامة إن افتقدنا الشيء افتقدنا نعمة عظيمة
و صحيحٌ أن صنع الإنسان لا يُوزاي و لا يُضاهي و لا يقتربُ حتى من صنع الله عزوجل
لكن هي صناعاتٌ تُساعد الانسان على عيشِ جزءٍ بسيط من حياةَ الانسان الذي منَ اللهُ عليهِ بكلِ النعم
و هذا ما يشعرُ بهِ أصلان , يشعرُ اليوم أنهُ انسانٌ كامل
أدركَ قيمة اليدين و علمَ أن الله ما أوجدَ كلتاهما إلا لحكمة .



***


يُتبـــــع الرجــاء عدم الرد


 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 29-11-16, 11:08 PM   المشاركة رقم: 498
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي







صعدتُ مباشرة إلى حجرتي و خلعتُ عباءتي و علقتها على الشماعة
جلستُ على الكنب و أخرجتُ " صك الطلاق " من حقيبتي البنية
قرأتُ سطورها بتمعن , سطورَ صك طلاقي
بملأَ إرادتي , قد خيرني بالبقاء في عصمتهِ أو الفراق
فكرتُ كثيرًا بالأمر فهذهِ حياة بطولها و عرضها و عليَ الاختيار بشكلٍ صائب رغمَ أنهُ لا وجهَ لي للبقاء و تخييرهُ لي من كريمهِ و عطفه
فأنا قد حرمتهُ من عائلتهِ طيلة السنين الماضية , جعلتهُ كالخادم لي لا وظيفة له سوى الاهتمام بأنهار رحمها الله و بشؤون الشركة عن بعدٍ دون أن يقربها
و مع معرفتهِ للحقيقة بقيَ شهمًا مغوارًا و أعطاني أحقيةَ الاختيار
بعدَ زوجي ماهر رحمهُ الله لم يدخل قلبي أحدٌ قط , فمن ناحيةِ الحب لا أحملُ أي حب اتجاه أصل و بذاتِ الوقت لا أكرهه هوَ كأي رجل لا يهمُ عدمهُ من الوجود
و أنا وحيدة و لا أحدَ لي سوى خالتي , فقد تكونُ عودتي لأصل خيرًا لي فليس لي أي سندٍ في الدنيا
و من جهةٍ أخرى أنا أعلمُ بقرارةِ نفسي أن روحي مُعَلْقة بماهر حتى و هوَ في قبرهِ يغطيهِ التراب
و أن المحبة و المودة و الرحمة من المُحال أن تكون في حياتي أنا و أصل , و هوَ قد تغير عن ذي قبل فقد أكدَ لي أنهُ سيعودُ أصل الحكمي و أن جلال الفاني راح للفناء
و أنا عشتُ عشرين عامًا معه أأمرهُ و لا أستمعُ لأمره فكيف لي أن أتحمل أمرهُ و فوقَ هذا أنا أحبُ زوجي الراحل و قلبي معلقٌ به ؟!
فكرتُ كثيرًا بالأمر و وجدتُ أن الفراق هوَ الحل الوحيد لنا و لا سيما أن هنالك عائلة في انتظاره
و قد ارتحتُ كثيرًا منذُ مكوثي مع خالتي فالعودة إلى أجواءِ جدة قد تعيدَ لي ذكرى الراحليَن زوجي ماهر الحبيب رحمهُ الله و صغيرتي المدللة أنهار رحمها الله
و على هذا بلغتُ أصل عن طريقِ الهاتف برغبتي في الطلاق و قد ذهبَ إلى المحكمة
و اليوم ذهبتُ لاستلام ورقةِ الطلاق فليس لي وليٌ يستلمها
و إن شاء الله في قراري كل الخير .



***



بعد صلاةِ العصر , دخل خالي أصل إلى " بيت الشعر " الذي أقعدُ بهِ وحيدًا فقمتُ من على الأرض وسلمتُ على رأسهِ و يديه
جلسَ وجلستُ مقابلاً لهُ بيننا دلةَ القهوة و التمر و صحنَ بقلاوة و معمول
سكبتُ القهوة بفلجانِ وقدمتهُ لهُ و فتحتُ لهُ الصحون
فتناول مني الفلجان و ارتشفَ منهُ القليل
ومن ثم قال بهدوء : جايك يا معن بخصوص موضوعك إنت وبنتي
تأهبتُ في الجلوس و كُلي أذآنٌ مصغية أترقبُ ما سيقول بمشاعر متفاوتة يغلبُ عليها الخوف , لكني حاولتُ التماسك قدرَ المستطاع و عينيهِ تنظرُ لي دون أن تبعد حتى لجزءٍ من الثانية
دون أن يغطيها الجفن و كأنه يدرسُ ردةَ فعلي , جاوبتُ بهدوء يماثلُ هدؤه رغمَ انفعال صدري بأنفاسه : وش قررت عُطرة يا خال ؟
تناول التمر و شعرتُ أنهُ يمضغهُ دهرًا , دهرًا من الانتظارَ و الترقب , قرنًا بهِ عشرُ عقود
وضع النوى في منديل و ارتشف القليل من القهوة ثم زاد من القهوة في الفلجان و كل هذا و أنا أنتظر و أنظرُ لهُ بترقب
قاطعتهُ بقلةِ صبر : خال وش قالت عُطرة ؟
فـ رنَ هاتفهُ و دعوتُ الله أن يجيبني قبل أن يجيبَ على الهاتف لكنهُ أخرج الهاتف من جيبه و وقف من على الأرض و خرجَ من بيتِ الشعر يتحدث
مسحتُ على وجهي و شعري بتوترٍ و ارتباك و أخذتُ أتقدم بجسدي للأمام و أعودُ للوارء و من ثم وقفتُ و مشيتُ جيئةً و ذهابًا
ما القرار الذي اتخذتهِ يا عُطرة ؟ أقسمُ لكِ أن قلبي لم يُحبب امرأة غيركِ قط , يكفيني عذابًا يا عُطرة
يالله لا أستطيع الثبات لا أستطيعُ معكِ صبرًا , شهرٌ كامل من الانتظار يا عُطرة , شهرٌ و أنا انتظرُ إجابتك
صحيحٌ أني قذفتك و خُنتكِ حينما تعاملتُ مع خادمةِ منزلِ أنهار لتعطيني أخبارها و تلاعبتُ بها و أخذتُ منها ما لم أريده ! و لا أدري لما أخذته ! لكن ما أعرفهُ أني أريدك لي
خرجتُ من الخيمة كالمجنون , يُجيبني ثم يُكمل مكالمتهُ لكن لا بدَ أن يُجيبني لا أستطيعُ تحملَ المزيد
التفت لي و قد أنهى مكالمته و مشينا سويًا لداخلِ بيت الشعر و أنا بالكادِ أسحبُ خطواتي



*


جلسنا حيثُ كنا و رحمتُ حاله و التوتر الذي يبدو جليًا على وجهه حتى العرق ينتشرُ في جبينه
و أجبتهُ بما لا يودُ سماعه : بنتي رفضت ترجعلك و إن شاء الله خيرة لك ولها , الله يوفقك في حياتك يا ولدي ويفتحها عليك .
ارتعدَ جسدهُ بوضوح و تعالت أنفاسهُ وصارت مسموعة , فتح أزارير ثوبهُ العلوية واحدة تلو الأخرى
خرجتُ من " بيتِ الشعر " و وقفتُ خارجهُ فوجدتهُ يشدُ ثوبهُ بقسوة و من ثم يخلعه و يقومُ بحكِ جلده بأظافره
و بعدها أخرج من جيبِ ثوبهِ " مطوة " و فتحها ليظهر سن السكين الحاد

تمسكت بذراعي بخوف و هيَ تقولُ برجاء : يبه
احتضنتُها لي و بتهدئة لها : اشششش خليه يسوي في نفسه إلي يسويه .
فلن أُسلمَ لهُ فتاتي بسهولة , سيعرفُ قمتها أولاً و من ثمَ تعودُ له
فأنا أعرفُ أنهُ من اقترب من أنهار و أعلمُ بحادثةِ عطرة و هي طفلة
كنتُ أعرفُ كل شيء ولكني أردتُ من صغيرتي أن تترك الكتمان , و أن تفضفض عمَّا في روحها لذلك ادعيتُ الجهل
لذلكَ عليهِ أولاً أن يعرف من تكونُ عُطرة في دنياه , و كيف هيَ دنياهُ دونَ عُطرة .



*



كان يُمسك السكين و يحكُ قشرة جلدهِ حتى ينزف الدم و من ثم يذهبُ لبقعةٍ أخرى و يحكها
اقشعر جسدي و آلمني قلبي عليه بل حتى شفتاي انتفضت لبدايةِ نوبةِ بكاءٍ حادة
مظهرهُ يُؤلم كل القلوب الحية فكيف بقلبٍ لا يحيا إلا بحياته ؟!
كيفَ بقلبي الذي يهواه ؟!
لم أكن في حيرةٍ من أمري بل كنتُ على قرارِ الفراق رغمًا عن قلبي تبقى كرامتي فوقَ كلِ شيء وقد أهان كرامتي كثيرًا
بدايةً من قذفي نهايةً بخيانتي , لم يكن هنالك أيُ سبيلٍ للعودة
حتى أطفالي قررتُ أن أجعلهم يقابلون أباهم متى ما أرادوا
و لكن دون أن أجتمعَ بهِ تحتَ سقفٍ واحد
و لكن بعدَ كلام أبي أخذت الحيرة مساحة من تفكيري
فصرتُ أفكر كما نصحني أبي هل معن سيءُ الخلق ؟ و كانت الاجابة بـ لا
هل معن لهُ سوابق قبل هذهِ الفتاة ؟ و كانت الإجابة بـ لا
هل أعتقد أن معن سيعودُ للحرام تارةً أخرى ؟ و كانت الإجابة بـ لا
هل معن بعدما عرفَ حقيقةَ براءتي , لن يعاود اذائي ثانية ؟ و كانت الإجابة بـ نعم
هل أحبُ معن ؟ و كانت الإجابة بل لا أحيا يومًا هوَ فيهِ تحت التراب
هل يُحبني معن ؟ فكانت الإجابة أنه لا يحيا يومًا أنا فيهِ تحتَ التراب
هل ستكونُ النهاية سعيدة ؟ بإذن الله ستكونُ سعيدة
هل مصلحةَ أطفالك بالابتعاد عن معن ؟ و كانت الإجابة بـ لا
هل ستُهانُ كرامتكِ إن عُدتِ إليه ؟ و كانت الإجابة بـ نعم
و هذا ما يُرهقني , هذا ما لا أريده
و هذا ما أخافه أخافُ أن يرى مني ضعيفة إن عدتُ إليه
و يعودُ معن بساديته
أنا أريدُ معن السابق في أيامِ حبنا و شبابنا
معن بعيدًا عن السادية معن بعيدًا عن المازوخية
و لكن كيف لمعن أن يعود ؟ كيف سيتعالج من هذهِ الأمراض النفسية ؟
و كانت الإجابة لدى أبي
بأن يعرف معن من تكونُ عُطرة في دنياه ؟
و أن ترى عُطرة بزوجِ عينيها كيف ستكونُ حياةَ معن دونها
فلو عادَ لإهانتها , ستهينهُ بقرارها بالغياب عن حياته و سيعودُ لعقلهِ رغمًا عنه .




***



ظهرَ يومٍ جديد , أُخرجُ كتبي من داخل الدرج و أضعها بالحقيبة , و أغيد جاءَ بزجاجتَي ماء مدَ إليَ واحدة فتناولتها
و ارتشفتُ منها , حملنا حقائبنا و خرجنا من المدرسة اليوم لم نأخذ سوى مقدمات لكلِ مادة فهذا أول يومٍ دراسي لنا
بعد انتهاء أسبوع الفطر الأول و الدخول في الأسبوع الثاني
وقفنا تحت ظلالِ شجرة ننتظرُ السائق حتى جاء
توقف السائق أمام منزلِ أغيد فودعتُه و من ثم إلى منزلنا
نزلتُ من السيارة و دخلتُ للمنزل فسمعتُ صوتَ أمي زبيدة التي أنجبتني , و أمي عُشبة التي ربتني حتى الخامسة
فنبهتُهم بوجودي رغم أن أمي عُشبة كبيرة في السن و في الدين العجوز التي لا تفتن تخلعُ الخمار عن وجهها ولكن لأن أمي عُشبة تضعه أحترمُ قرارها في ذلك و أُحذرها بوجودي حتى تحتجبَ عني
دخلتُ للحجرة بعد إذنهم و ألقيتُ التحية و قد كانت عمتي ساجدة تُشاركهم الجلوس
قبلتُ رأسَ أمي و يديها و رأس خالتي ساجدة و يدها اليمنى
و من ثم جلستُ على احدِ الكنبات و سلمتُ على أمي عُشبة بالسؤالِ عن أحوالها
فسألتني أمي زبيدة بابتسامة مشرقة : كيف أول يوم مدرسة ؟
أجبتُ بمصداقية : الحمدلله زين و صار لي شعبية بعد .
فقالت أمي عُشبة : الحمدلله , وش تبي تشتغل بعد ما تخلص دراستك إن شاء الله ؟
نشبتُ اصابع يدي من الله بيدي الصناعية : إن شاء الله بالشركة مع أبوي و خصوصًا مع حالة يدي هاذي , لكن أساسًا أنا ما أبي شغل العسكرية و الحوسة هاذي
بشتغل مع أبوي بالشركة و أساعده هو و معن , و تراني عزمت حتى صاحبي أغيد على الشركة .
قالت خالتي ساجدة بابتسامة أُحبها ففيها من حنانِ الأم الشيءَ الكثير : والله صاحبك اغيد و نعم الصاحب و الصديق , لا تضيعه يمه خليكم دايمًا كذا قلوبكم على بعض .
بتأكيد : مستحيل أضيع أغيد , عمري ما بحصل صديق في إخلاصه صديق الطفولة و المراهقة و النضج بإذن الله و حتى العجز و الشيخوخة .
ضحكت أمي بصخب و هيَ تُشير إلى ساجدة و عُشبة : زي ذولي صديقات طفولتي و المراهقة و النضج و العجز و إن شاء الله الشيخوخة و معهم مزنة و صايمة أكيد .
ما أجمل هذهِ الضحكة يا أماه و كأن الدنيا بكلِ أقطابها تضحكُ لي : الله يخليكم لبعض يارب .



***



و مضى أسبوع كامل و نحنُ نمكثُ بالفلة الصغيرة جوار القصر
و ها نحنُ في مركز الأنف و الأذن و الحنجرة بمستشفى الملك فهد بجدة
قد تمَ زراعة قوقعة لأمي , و الآن تجلسُ أمي و يقفُ الطبيب بجانبها و أنا و ناجي نجلسُ بجوارِ بعض
ما تبقى سوى تركيب السماعة الخارجية حتى تسمع لأولِ مرة في حياتها
قمتُ من على الكرسي و قعدتُ على الأرضِ أمامها و أولَ ما وضع الطبيب السماعة موضعَ الشق الذي في داخله تم زراعةَ القوقعة
بدأتُ بترتيلِ سورة البقرة بأحبِ صوتٍ إليها صوتي و أغلى الكلمات كلماتهُ سبحانهُ جلَ جلاله
فتغيرت ملامح وجهها , اندهاش فابتسامة إلى بكاءٍ عميق و احتضانٍ أعمق
احتضنتُها بشدة و أنا ما زلتُ أُقرأُ آيات الله و أبكي معاها
ابتعدُ عنها و أمسحُ دموعها و أقرأ و هي تمسحُ دموعي و تبتسمُ لي بحبٍ و امتنان
أمسكتُ بيديها و أحضر ناجي العكاز سريعًا و مشيتُ بجانبها و انا أُمسكها بيدي اليسرى و هي تُمسك العكاز باليمنى و تمشي و مازلتُ أقرأُ عليها و لكن بصوتٍ منخفض
حتى لا يخرجَ صوتي للمارة في المشفى
الحمدلله هاهيَ تمسع
و تستعيدُ شيئًا من حركتها بالعلاج الذي تتناوله و العلاج الطبيعي
فهي فقدت الحركة في الأطراف السفلية كما انها تتبول و تُخرج البراز دونَ إرادةٍ منها
و لكن مع العلاج الذي تتناوله و العلاج الطبيعي الذي حرصتُ على مساعدتها فيه
بجعلها تُغير موضعها على السرير كل ساعتين و التدليك
و تخصيص أوقات معينة للتبول و البراز حتى تعتاد المثانة على الوقت
و بتحريك الأطراف العلوية لتنشيط الدورة الدموية و مساعدتها على السيرِ بالعكاز
و ها هيَ الحمدلله تستعيدُ شيئًا من حركتها و ستستعيدها كاملة بإذن الله تعالى
سأحرصُ على متابعتها و الالتزام بما قالهُ الطبيب بالحرفِ الواحد دون خلل .




***



الساعة الثانية ظهرًا , أولَ زيارة منذُ شهرٍ كامل , و قد توقعتُ الزائر لا أحدَ لي سواها زوجتي صائمة
و قد كان ما توقعتُ صحيحًا , اقتربتُ منها و ألقيتُ التحية فردتها كاملة جلستُ مقابلاً لها
فبادرت هيَ بالكلام : كيف حالك ؟
أجبتُها و ابتسامةُ سخرية في شفتي : كيف بيكون حالي بهالسجن ؟!
فقالت بصوتٍ خرج عن وتيرتهِ الهادئة منذُ أن عرفتها : أشوفك بخير الحمدلله و بأحسن حال و يمكن بحياتك ما كنت كذا , وش كان ظانع غير إنسان ظالم بالحياة
و الله ما عرفت كيف أقابل زبيدة بعد السواة السودة إلي إنت وعبدالقوي سويتوها بس الحمدلله زبيدة و زوجها ناس متفهمين و ما حطوا غلطك علي
زبيدة من جهة و حسنا من جهة و مارسة إلي زوجتها بأبوها من جهة , صحيح ما كنت تدري إنه أبوها لكنك بالآخر إنت من عبيت براسها و زوجتها رجال كبر أبوها وبالآخر طلع أبوها بالفعل
و غانم إلي جاه للحياة بطريقة غلط , كله عليك يا ظانع .
بحدة و غضبٍ جامح برزت عروقُ وجهي و انتفخت أوداجي فقبضتُ على يدها بقسوة : و عبدالقوي !! وينه من هذا كله !! كله علي أنا .
سحبت يدها بقوة من بين يدي و هي ترفعُ صوتها : و عبدالقوي غلطان بعد , لكن كنت تقدر تفضحه و ما يصير كل إلي صار لكنك رضيت رضيت تعيش بالقصر و عبدالقوي يرمي عليك الفلوس
و زبيدة المسكينة قدام عينك تفقد الحركة و تفقد سمعها و بصرها شهر كامل علاجات نفسية و ضرب كهربائي للمخ عشان تستعيد الحركة , سنين و هي تتعذب و شهر و هي تتعالج و إنت حضرتك عايش و مرتاح
و لا الثانية حسنا الضعيفة عشانها بكما و صما منعتوها تعيش حياتها و بالأخير مارسة زوجتها برجال كبير عشان الفلوس الله ياخذ الفلوس إلي تخلي الأخلاق منحطة بهالشكل الشنيع .
أشرتُ إلى نفسي و بحرقة : و هذاني قاعد أتعاقب بالسجن و قدامي ست سنين خمس لزبيدة وسنة لحسنا .
قالت بقوة و دون رحمة : و تستاهل و تستاهل بعد أكثر من كذا كلها ست سنين , هم كم سنة محرومين من الحياة عشرين سنة , عشرين سنة و إنت تآكل تشرب تمشي تضحك و هم يبكوا عمرك ما حسيت
بشي بشعور في قلبك يحرقك يوم تضحك ما خطروا في بالك و هم يبكوا ! , كيف قدرت تعيش عادي أي قلب عندك ؟! قلبك من ايش مخلوق ؟!
ابتسمتُ بسخرية من ذاتي و عيني تستقرُ على أحدِ أركانِ الحجرة المفتوحة : تصدقيني لو قلت لك عندي ضمير ؟! ايه عندي ضمير و عندي قلب نفس قلبك و قلبها و قلبه , تصدقيني لو قلت قلبي وجعني حرقني
ضميري أنبني و قتلني , لكني كنت بين نارين نار الضمير و نار الفلوس و غلبت نار الفلوس نار الضمير غلبتها , ايه مرت سنة و أنا يوم أضحك أغص بضحكتي و لا أكلت سحبت نفسي على طول و أعطيتهم أكل
ايه مرت سنة و أنا أحاول فيها أقتل ضميري , وقتها بس ضميري مات و قلبي اختلف عن قلوبكم و قتها بس ظانع صار شخص ثاني , صار يضحك يآكل يشرب بدون ما يحس , صار عنده تبلد و زاد حبه للفلوس أضعاف مضاعفة
كان يقتنع بشي يسير صحيح ما يرضيه كل الرضا لكن على الأقل كان شبه مقتنع و راضي لكن و بعد ما صارت بيده الفلوس ما عاد يرضيه شي , من زمان و أنا أحب الفلوس و غايتي سيئة لكن ما توقعت أوصل لهالسوء
زمان ارسلت واحد من الحارة كان اسمه علي و خليته يلعب على عُطرة على أساس يتزوجها و نآخذ الفلوس بالنص لكن معن اكتشف الموضوع و خباه عن الكل و ما عرف إني ورى هالسالفة يوم شفت مارسة
عزمت أمري أكبرها و أخليها تتزوج واحد من أولاد عبدالقوي لكن عبدالقوي زوج كل أولاده لبنات أصل و ما بقي غير ركاض إلي سافر للدراسة بمصر فما بقي قدامي إلا عبدالقوي
من زمان و أنا احب الفلوس بس ما توقعت الضمير يموت لجل الفلوس , أكذب عليك لو ما قلت ندمان و أكذب عليك لو قلت راضي بالعقاب
فيه ناس لما تتعاقب تحس إنها ترتاح نفسيًا , أنا حقيقة مو مرتاح بقعدتي بالسجن و يمكن هذا درس أليم لي .
ابتسمت هيَ في المقابل ذاتَ ابتسامةِ السخرية التي ابتسمتُها : تدري عاد إن زبيدة صارت تمشي و تتكلم , و عبدالقوي ما عاد يمشي و لا يتكلم , تدري إنك محبوس و حسنا و زبيدة أحرار , سبحان الله
كيف ربي أخذ حقهم منكم يالظلما , لا تظن إني أشفقت لحالك و لا بدعي لك بخير أنا ما أشفقت و لكني ما بدعي لا بخير و لا بـ شر , أنا ست سنين بعيشها ناسية إنه كان في حياتي شخص اسمه ظانع
بكون قريبة من زبيدة و ما بقطع حسنا و مارسة من الزيارة و غانم بربيه مع عزوف , كل من أذنبت بحقهم بكون لهم سعادة وراحة مب عشانك عشانهم هم لأنهم غاليين علي , و بعد ست سنين إن حصل بينا لقاء
أتمنى وقتها ألآقي ظانع ثاني مختلف عن الأولي , لكن حاليًا بنساك و حتى الزيارة ما بزورك لأن حسنا و زبيدة محد كان يزورهم , أستودعك الله الذي لا تضيعُ ودائعه .
و قامت من على الكرسي و غابت حتى صارت سرابًا , و السجانُ يقيدُ يدي بالأغلال
سأتغيرُ يا صائمة ستُ سنين كفيلة بالتغيير بإذن الله تعالى .



***



صباحَ يومٍ جديد في ثاني يومٍ في الكلية الطبية , و ثاني مادة نأخذها اليوم بتمامِ الساعة العاشرة صباحًا
تأخر الدكتور عن الوقت فأخذتُ أتحدثُ مع الفتيات و سبحان الله كيفَ تغير حالي
حينما كنتُ بالمعهد كنتُ أشعرُ بالحرج لأنني أكبرهن عمرًا و بالنقصِ في نفسي
لكني اليوم أتحدث و أضحك و كأني في أعمارهم دون أي خجل و اكتشفتُ أن ما مررتُ بهِ أيام المعهد كان بسبب تركماتٍ كثيرة في قلبي
من غضبي على ناجي الذي لم يخلو بي على الفراش أحد عشرَ سنة بأكملها و لأن من حولي لهم أطفالٌ صغار و هم أصغرُ مني عمرًا
فكنتُ أشعرُ بالخجل من أي شيء لأني أشعرُ أن كثيرًا مما عندهم ينقصني
لكن والحمدلله بعدَ أن شُفيَ ناجي و أكرمني الله بالذي ينامُ في أحشائي أيًا كان فتى أم فتاة
زال شعورُ الخجلِ و النقص و صرتُ أضحكُ بسعادة دون أن يعكر أي شيء صفوَ أيامي
دخلت مراقبةَ الأمن و هيَ تقولُ بصوتٍ جهوري : الدكتور جاي اتغطوا .
أغلقتُ كامل أزارير " اللابكوت " و ارتديتُ وشاحي فالخمار
ألقى الطبيب تحيةَ الاسلام و في كلِ مرة كنتُ أرد و عينيَ أرضًا , لكني رفعتُ عيني رغمًا عني استجابة للصوت الذي حضر و ظننتُه خيالاً
" نــــــــــاجي !! "
تعالت انفاسي بشدة أغمضتُ عيني و فتحتها علِ أرى غيرَ ما أرى !
لكنهُ بالفعل كان ناجي !!


*


بحثتُ عنها بعينيَ بين الجموع , حتى وقعت عيني عليها على حضورها الفاتنُ لقلبي
و لم أتنبه لنفسي و أنا أنظرُ لها دون الجميع , و أنا أنسى أني قد أتيتُ لأُعطيهم محاضرة
أنسى حتى ما درستُ طيلةَ حياتي , قارورتي معزوفتي بهجة و مهجةَ روحي ها أنا ذا أراكِ قد حققتِ جُلَ ما سعيتِ لتحقيقهِ
أصبحتِ أُمًا لمن في أحشائك , و طالبةُ طب رحمةً في الناس
و هذا كل ما أريد في حياتي , كل ما أريد أن أراكِ سعيدة , فكل سعادتي في سعادتك
لم أستيقظ من سباتي الحالم إلا حين رؤيتي لها و هي تضغطُ على زجاجةِ الماء بكل قوة و يبدو أنها تكتمُ في صدرها , عقدتُ حاجبي باستغراب
و حينها فقط ادركت أن الطالبات يتحدثن عن نظراتي لها بالسوء
و منهم من يقول أنها متحجبة بالكامل و لا يظهرُ منها شيء فلما ينظرُ إليها و يتركنا !
بكل وقاحة يتحدثون عني أمامي يريدون مني أن أراهم و أترك من تغطي على جميعِ الحضور بحضورها
من إذا حضرت صار الحضور غيابًا في الوجود
من أنتن حتى تقارنَ أنفسكن بها !
بصوتٍ جهوري و أمرٍ صارم : هـــــدوء لا أسمع صوت .
صمت الجميع و بدأتُ باعطاءِ مقدمة عن المادة التي سأدرسهم إياها
و بعد انتهائي قامت " الليدر" من مكانها و هيَ تقدمُ لي قائمةَ الأسماء و تقول : أحضرهم و لا تبي إنت تحضرهم يا دكتور ؟
تجاهلتُ النظر إليها و راحت عيني إلى قارورتي و التي تبدو في أعلى درجاتِ الغيرة , ابتسمتُ بحب و أنا أناديها : عُزوف تعالي هنا .
نظرت لي بضياع و كأنها لم تدرك بعد أني ناديتُها أو ظنت بأنها صارت تخلط ما بين المنزل و الدراسة
فأكدتُ ما قلتُه و أنا أشيرُ إليها حتى صارت أعين الجميع عليها : ايوا يا عزوف إنتِ تعالي .
بقيت على الكرسي لبرهة حتى وكزتها زميلاتها فقامت من على الكرسي باضطراب و وقعَ كل ما كان على الرف الملاصق للكرسي
فانخفضت بجسدها لتجمع الأغراض و في كلِ تصرفاتها يبدو الاضطراب فالجميعُ ينظرُ إليها بتمعنٍ و استغراب
من نظراتي إليها إلى حفظي لاسمها و مناداتي لها دون الجميع
وضعت الأغراض و تقدمت نحوي حتى وقفت مقابلةً لي و هي تنظرُ إليَ بعينين ضائعة : نعم ؟
تقدمتُ نحوها أكثر و قبضتُ على يدها بتملكٍ و نعومة أقفُ بمحاذاتها و أتحدثُ وعيني عليها و عينها للأرض : عُزوف زوجتي و أم ولدي أو بنتي بإذن الله تعالى
و زوجتي في كلاسي هي المسؤولة عن التحضير و هي المسؤولة عن تبليغكم بأي شي يخص مادتي محد يتواصل معاي غيرها .
حينها رفعت عينيها إليَ و قد قرأتُ الحب و الامتنان فيهما
فابتسمتُ لها و أنا اهمسُ بصوتٍ لا يسمعهُ سوانا : من كثر حبي لك ما قدرت في يوم زي هذا ما أشوف فرحتك , و من كثر حبي لك استغليت فرصة دراستك عشان حتى بالدوام أكون قربك
أبي أشوف بطنك و هي تكبر خطوة بخطوة .



***



أضعُ أرديتي بداخلِ حقيبةِ السفر فبعدَ الغد رحلتي إلى الإمارات سأُكملُ بقيةَ حياتي هناك
فلا شيء يستدعي الجلوس بجدة بعدما قررت عُطرة الانفصال عني و إكمال حياتها دوني , و في الغد بإذن الله سأذهب إلى المحكمة لإصدارِ صك الطلاق
أما عن ابنائي فعُطرة تجمعُ ما بين الحنان و الصلابة و إن شاء الله ستكونُ قادرة على تربيتهم بأكملِ وجه
لا أستطيعُ البقاء في السعودية فكلَ بقعةٍ فيها تُذكرني بها
أسمعُ صوتها في كل ربوعِ جدة و يترددُ صداها في كلِ أقطابِ الممكلة
أراها في النخيلِ و الصحراء , أراها في كلِ زمانٍ و مكان
كنتُ خائفًا منذُ البداية أن تختار الفراق أي أني لم أكن على ثقة بقبولها بي , لكني تمنيتُ ذلك بكلِ ما أوتيت , دعوتُ الله أن يجمعنا على خير
رسمتُ حياةً مختلفة عن ذي قبل معها حبيبتي جميلتي و أُم أطفالي مع صغاري و ابتسامتهم الشقية
لكن قُتلت كُل الأحلام و هُدمت كُل الأبنية و بكت حُجراتُ قلبي بكاءً مريرًا ليس بالدمع بل بالتعذيب
عاد معن لمازوخيته عادَ لضربِ نفسه , لسلخِ يديه و حكها , و شيئًا من الحروق بالسيجارة و آخر ما فعلتُ بنفسي الحرق الذي بقدمي اليسرى
جلستُ على السرير و رفعتُ بنطالي للأعلى و انا أتلمسُ الحرق , الحرق الذي كان نتيجةَ تمريري للمكواة على قدمي
إلى الآن أشعرُ بالألمِ منها و لكن هذا الألم مصدرُ سعادةٍ لي
سأظلُ دائمًا أؤلمُ ذاتي لتضحكي , سأتوجع لتفرحي
لتعيش عُطرة التي كانت ميتة أحدَ عشر سنة , ستعيشُ حتى الموت و أموتُ حتى الممات
رفعتُ قدمي عن السرير و وطئتُ بها الأرض مشيتُ إلى المكواة الموضوعة في " الشفونيرة "
أخذتُها و توجهتُ إلى المقبس الكهربائي الذي يتواجد بجانبِ الباب , قعدتُ على الأرض و انتظرتُ المكواة حتى تسخن
و من ثمَ رفعتها لتنطبع على جسدي و لكنَ صوتًا يبكي و يدًا أبعدت المكواة عني و صدرًا طاح فوق صدري حتى استلقينا أرضًا
وجهًا انغمر برقبتي و بكاءً حادًا يُوجعُ قلبي : إنـ...ت مجنـ....ون !
وضعتُ يدي على ظهرها و سحبتُ صدرها إلى صدري أكثر فأكثر
ما أتمنى تستلقي فوقي , صدرهُا يُلامسُ صدري
أنفاسهُا تُخالطني , ضرباتُ قلبها تقرعُ طبولَ أُذني
رائحتها تسري بدمي , إنها هيَ حبيبتي
حبيبتي فوقي !



*




بعد أن مضى أسبوع على بلاغِ أبي لمعن بـ ردي الذي ما كان إلا درسًا لمعن
طلبَ أبي مفتاحَ الفلة من ركاض , فأخذتهُ و دخلتُ للفلة بخلسة و قد كان نائمًا على أرضِ حجرةِ النوم و السجائرُ من حوله
بقيتُ أنظرُ لهُ من خارجِ الحُجرة و من ثمَ اختفيتُ بأحدِ المجالس
و وقتَ سماعي لتحركاته بعد صلاةِ العصر , خرجتُ من الحُجرة و توجهتُ لحجرته لأجدهُ يُخرجُ سكينًا و يبدأُ في تجريحِ نفسه
حاولتُ الالتزام بالهدوء و التماسك قدرَ المستطاع , و تنفستُ الصعداء حينما تركَ السكين و أخرجَ حقيبة السفر من دولابه و أخذَ يرمي الملابس بها بفوضوية
و فجأة تركَ الحقيبة و رفعَ ساقهُ اليسرى على السرير و من ثم شمرَ بنطالهُ للأعلى , ليظهرَ حرقٌ كبير منتفخ
جعل نبضات قلبي تتعالى و أنفاسي تضيق حتى العرق سال بجبيني
أسدلَ بنطالهُ و ابتعدَ نحو " الشفونيرة " متناولاً المكواة
وضعها بالمقبس و انتظرها حتى تسخن و من ثمَ رفعها حينها أدركتُ أين يريدُ طبعها
فتسارعت أقدامي تُسارع الثواني و سحبتُ المكواة من يديه و أنا أبكي بشدة بكلِ خوفٍ وذعر
هذا أنتَ دون عُطرة ! كيف ستكملُ حياتك ؟!
بكيتُ بشدة و أنا أرتمي عليه ليتراجع جسدهُ للواء و يرتطمَ بالسجاد , دفنتُ وجهي في رقبتهِ و أنا أحكي لهُ عن جنونه
أي جنونٍ ذا الذي بك ؟! ,من أنتَ يا معن دون عُطرة ؟!
مازوخي لا يرتاح إلا حينما عُطرة تكونُ في أحضانه ؟!
من هيَ عُطرة حتى تستلذَ بتعذيبِ ذاتك لأجلها ؟!
من هيَ عُطرة في حياةِ و دنيا معن ؟!
وضع يدهُ على ظهري وشدني إليه أكثر فأكثر حتى آلمتني عظامي و لكن صدري كان مرتحًا إلى حدٍ كبير
نعم عُطرة لا تنتمي إلا لهذا الصدر , و لا تهوى سواه
لهيبَ أنفاسه , نبضاتُ قلبه
رائحةَ سيجارته مع عطره الذي تخلى عنهُ في غيابِ عُطرة من حياته
رجولتهُ التي تُشعرني بأني أنثى
أني أنثاهُ هوَ
صوتهُ المبحوح و أنفهُ الذي يلامسُ خدي : أعتذر عن كل شي , عن ظلمي لك عن قذفي وخيانتي عن كل شي يا عُطرة , أقسم بالله إني أحبــك أحبــك
رفعتُ رأسي لأراهُ و هوَ ينطقها أرى عينيهِ و هيَ تلتمعُ لي يديَ تستندُ على السجاد و عيني تغيبُ في بريقِ عينيه : أحبـــــك يا عُطرة يشهد الله علي , لك بقلبي مقام وقدر ما يوصله أحد
حياتي دونك ما هي بحياة , حياتي بدونك عذاب , حياتي بدونك مالها معنى , ايه ظلمتك قذفتك و خنتك لكني والله ندمت , عُطـرة قولي سامحتك ارجعـ
بترتُ كلماتهِ بقُبلةً عميقة في شفتيه و أصابعي تعانقُ عنقه
قُبلة أقولُ بها أني غفرتُ لك ما ظننتهُ لن يغفر
ليس لأني حنونة أو أن لا كرامةَ لي
بل لأنك معن , و عُطرة دون معن لا تكونُ عُطرة
و لأن معن لا يكون معن دون عُطراه .





***




رنَ هاتفي الجوال فرفعتهُ , و وضعتُه بين أذني و كتفي , لأن كلتا يدي تتحرك أحدهما تُمسكُ الفرشة و الأخرى تُمسكُ " الاستشوار "
كان يتحدث ولم أسمع لصوتِ " الاستشوار " المرتفع : الكاسر علي صوتك ما أسمع , قاعدة استشور لزبونة
فوصلني صوتهُ عاليًا : هوازن أتركي إلي بيدك و تعالي لي من الباب الخلفي .
قلتُ بتساؤل : تبيني الحين الحين ؟
فأجاب بتأكيد : ايه الحين الحين .
ناديتُ أحد العاملات : نادية تعالي كملي لها شعرها .
و قلتُ لهُ : الحين جايتك .
أغلقتُ المكالمة و توجهتُ للبوابة الخلفية
الصالون الذي فتحهُ الكاسر لي بعدما تعلمتُ شيئًا بسيطًا عن التجميل على يدِ عُزوف
و حاليًا أكملُ دراسةَ التجميل في مركزِ تجميل و بذات الوقت أعملُ على أمورٍ بسيطة في الصالون الخاص بي
و وقت ما أنتهي من دراستي سأعملُ بشكلٍ مكثف
و لكن نظرًا للظروف التي مررنا بها حينما اكتشفنا أن أمي على قيدِ الحياة و لأننا دخلنا على شهرِ رمضان المبارك سريعًا
لم يتسنى لي دراسة التجميل لكني تعلمتُ أمورًا من عُزوف و لئلا أتوانى و انسى ما تعلمتهُ فتحتُ الصالون
و لأن الكاسر خافَ عليَ بعد حادثةِ مركزِ الخير بنى الصالون بجوارِ القصر , مع أني تغيرتُ كثيرًا عن ذي قبل و أدركتُ أنهُ لا بدَ من التفكير و التريث قبل اعطاء الثقة للغير
فتحتُ البوابة الخلفية و وقفتُ من وراءها و أنا أقول : ادخل
دخل و قال على عجل : شوفيلنا غرفة ما فيها احد .
اشرتُ إلى حجرة بالجوار ففتحها و دخل و دخلتُ من خلفه و أغلقتُ الباب بالمفتاح حتى لا تدخل إحداهن بالخطأ .




*



تقفُ أمامي بشعرها المخصل بلونٍ أشقر يلائم سمار بشرتها مرفوعٌ للأعلى بطريقة عفوية جميلة و الخصل الأمامية تنسدلُ على وجهها بطريقة فاتنة
حاجبها المرتب و المرفوع بطريقة تعطي لعينيها بهاءً فوقَ بهاءها , أحمرشفاه بنيٌ قاتم يليقُ بشفتيها الممتلئتين
إلى الفارقِ ما بين نهديها , إلى " البلوزة البيج " التي لا تليقُ إلا لهذا الجسد الغص و كأنها صُنعت لأجله , فـ " التنورة السوداء " التي تعانق فخذيها و تنسابُ من تحتها بحرية
إلى الكعب الذي يرفعها بعلياءٍ و شموخ فيهوى قلبي في هاويةِ فتنتها الباذخة
اقتربتُ منها و طوقتُ خصرها بتملك و انا أسحبها إليَ حتى التصق صدرها بصدري , و تجانست أنفاسها مع أنفاسي همستُ لها : يا كبر هالفتنة على قلب كاسرك


*


أخفضتُ عينيَ بخجلٍ منه فلم أشعر إلا بشفتيه و هي تُطبقُ على شفتي بقبلةٍ عميقة صدمتني ببادىء الأمر لكني شاركتهُ إياها بكلِ احساسٍ و بطء
لم أُشاركهُ القُبلة فقط بل شاركتهُ الأنفاس ما بين القبلة و الأخرى شاركتهُ ضربات القلب , لهيبَ الجسد و برودة الأطراف
أحببتهُ أكثر من كلِ شيء ولم أندم على حبي له
حظيظةٌ به , فهوَ من أكثر الرجال تفهمًا الفترة التي مررنا بها حينما غضبَ عليَ على كتماني لما حكاهُ أبي
فورَ علمهِ بالحقيقة و ما فعلهُ والدهُ بنا , اعتذرَ مني على كلِ أفعاله
و قد عذرته , فلا داعي من تصعيب الأمر و خصوصًا أن الكاسر كان والدي في غياب و الدي بل كان والدتي في غيابها
من طفولتي حتى مراهقتي و نضجي و هوَ يهتمُ لأدقِ تفاصيلي
لا أعتقد أن انسانًا قد يستحقُ أن أهديهِ قلبي سواه
و أنا على علمٍ أكيد أنَ من يحب كل هذا الحب محالُ أن يكون في قلبهِ اثنين
فالكاسر لي و أنا لكاسري .



***



يُتبـــــع الرجــاء عدم الرد



 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 29-11-16, 11:37 PM   المشاركة رقم: 499
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي









كنتُ أصلي الظهر , كما علمتني هوازن و أعطتني كُتيبات لتعليمي أكثر
طويتُ سجادتي و شرشفَ الصلاة و وضعتهُ جانبًا , فنادت السجانة باسمي " مي زيارة "




*

بينما أنتظرها و أنا واقف و عيني لا تغيبُ عن الباب الذي ستخرج منه , خرجت و بجوراها سجانتين
بشعرٍ أسودٍ طويل ناسبَ ملامحها البدوية إلى حدٍ كبير
فتحت إحدى السجانتين القيودَ عنها و عينيها مُثبتة عليَ دونَ غيري
و ابتعدت السجانتين عنها و هيَ مازلت على وضعها دون حركة و عينيَها لا تغيبُ عني
تقدمتُ نحوها بخطواتٍ هادئة حتى أصبحتُ أمامها و فتحتُ ذراعي على وسعها
فارتمت بينهما و طوقتُ ظهرها أشدُها إلي
قالت بصوتٍ اشتقتُ إليهِ فقد مضت شهورٌ طويلة و أنا لا أسمعه , صوتٌ عشتُ معهُ ستةُ أعوامٍ بالحرام
لكني اليوم أسمعهُ حلالاً , أحتضنها حلالاً , براحة و طمأنينة
قالت بصوتٍ هامس : ركاض
فأجبتُها و أن أُقبلُ رأسها برفق وأشتمُ رائحتها لأُخزنها في الذاكرة قبل الرئتين : عيــــونه


*


قلتُ بلا تصديق : اتجوزتك !
فضحكَ بصخب و هوَ يبعدني قليلاً و احتضن وجهي بين يديه : شايفة كيف طلع كيدك عظيم اتزوجتيني
دفنتُ وجهي في صدره , و باعتراف : مش مصدئة و اللهي مش مصدئة
التصقَ جبينهُ بجبيني , وبصوتٍ هامس و بحة يهواها قلبي : صدقي هذاني قدامك و بكون قدامك طول العمر .
سحبَ يدي و وضع الكرسيين بجانب بعضهما البعض فجلستُ و جلسَ بجواري و ذراعهُ تحتوي ظهري بحنان و رأسي على كتفه
كان على الطاولة صندوقًا يبدو أنهُ أتى بهِ , فتحهُ و أخرجَ من داخلهِ " كتالوج دهانات " !
نظرتُ لهُ بتعجب فابتسم لنظرتي و قبلني في خدي قُبلة عميقة : أبيكِ تختاري كـــل شي يخص جناحنا من الألف للياء برتب الجناح و أثثه على ذوقك و بكمل الترم إلي باقي لي بالدراسة هنا بالسعودية
و بتخرجي بإذن الله و تحصلي البيت جاهز و وظيفتي بتكون جاهزة بنسوي حفل الزفاف و نعيش سوا و تكملي دراستك الجامعية على خير بإذن الله .
ابتسمتُ لهُ بسعادة , و مددتُ يدي إلى الصندوق بفضول لكنهُ ضربَ ظهرَ يدي برفق
فـ لويتُ فمي بزعلٍ مصطنع , قرصَ خدي بنعومة و هوَ يقول بأسلوبِ تشويق : ما بخليك تشوفي وش داخله إلا لو اتذكرتِ شي اتفقنا عليه بمصر , شي ما يعرفه غيرنا وش هو ؟
أجبتُ سريعًا و كيفَ لا أجيب و قد بقيَ هذا الشيء بذهني طيلةَ الوقت : المدفون
طبعَ قُبلة على أنفي : شطورة , يلا افتحي الصندوق .
اندفعت يدي نحوَ الصندوق بكلِ فضول و فتحتهُ فكان بالداخل " ألبومَ صور "
كُتبَ في غلافهِ الخارجي " وطنك هنا "
نظرتُ إليهِ أستأذنهُ بعينيَ لفتحه
فوضع يدهُ فوق يدي و فتحناهُ سويًا
كانت عدةَ صور للحرم المكي و صورٌ لهُ و هوَ بالإحرام
للكعبة , للناس الذي يسجدون للرحمن
للطائفين , المعتمرين
و من ثمَ صور المسجد النبوي نظرتُ لهُ بتساؤل , فابتسم لي بحنان و قال وهوَ يطوقُ وجهي : قلت لك وقت تحسي بغربة في وطنك , طلعي المدفون من التربة لأن هذا موطنك هاذي ديانتك هاذي إنتِ يا مي
كنت عارف ومتيقن إنه بيجي اليوم إلي تسلمي فيه و وقتها كنت بآخذك بالحلال مثل ما وعدتك و آخذك لمكة و المدينة نعتمر, نحج , نصلي , نفطر بعد الصيام , لكن للظروف إلي مرينا فيها انسجنت و إنتِ اتخبيتي من الشرطة
و مامداك ترجعي للصندوق مع إني متأكد من إنك حسيتي بشعور الغربة في مصر , سويت نفس الألبوم و حطيت فيه نفس الصور وجيت أكشف لك عن مكنونه , و إلي في مصر خليه مدفون يشهد على سنين قديمة
صارت صفحة مطوية , بإذن الله رمضانا بمكة و بالمدينة , حجنا و عمرتنا بمكة بإذن الله .
احتضنتُ " إلبوم الصور " لصدري و احتضنني هوَ لصدره .




***



دخلتُ إلى المنزل الذي لم أكن أريدُ دخولهُ بتاتًا , فكل ركنٍ فيهِ يؤلمني
كل ركنٍ فيهِ يشهدُ عن ذكرى مع أخي ركاض أو أبي عبدالقوي , أو عن يدي التي كنتُ أضعها فوقَ بطني و أتحدثُ إلى غانم
لكنَ إلحاحَ الكاسر عليَ للقدوم و تكرارهُ لي أن من بالمنزل أبي و أنهُ مريضٌ لا قوةَ له
و أن العمر واحد و قد يضيع و حينها أتمنى لو أني وضعتُ رأسي بصدرهِ لآخرِ مرة
هل لي أن أضع رأسي بذلك الصدر مرةً أخرى ! بعد كل الذي صار !
بعد مضاجعتهِ لي و الطفل الذي بيننا !
كلامُ الكاسر مثيرٌ للسخرية و لكن شدةَ إلحاحه جعلتني أرضخ دون أن يقبلَ عقلي بذلك
و بما أني رضختُ لهُ مرغمة , كنتُ على إصرارٍ تام على دخولِ المنزل من بابهِ الخلفي
فلا أريدُ أن أرى أحدٌ منهم سأرى أبي و أذهب دون عودة
أنا أخجلُ من ذاتي لما وقعتُ بهِ مع أبي و ما ارتاحت نفسي و انزاح خجلي إلا بعدَ مقربتي من أمي
و لكنَ خجلي من الغير لم يضمحلَ حتى الآن , خوفي و هلعي من نظرتهم لي
مجردَ التفكير في ذلك يجعلني أضطرب و دموعي تتجمعُ حول عيني بلا إرادةٍ مني
وافق على ما طلبت رغمَ أنهُ غير مقتنع و حاولَ اقناعي بأن من في المنزل عليَ صلتهم , صلةُ أرحام لكني كنتُ في موقفي و يبدو أنهُ ما أحبَ الإلحاحَ عليَ أكثر حتى لا اتوانى حتى عن رؤيةِ أبي
و ما أن خطوتُ خطوتي الأولى حتى جاءت من حاولتُ نسيانها بشتى الطرق من حاولتُ دثرها مع المنزل و من فيه
من اشتقتُ إليها و رغمَ شوقي لازال قلبي يحملُ عليها من معاني الخذلان الشيء الكثير
أمي التي ربتني و خبأت عني حقيقتي , ربتني كأنها أمي و ما كانت أمي
نظرتُ إلى الكاسر بامتعاض فبالتأكيد هوَ من أخبرها بقدومي , فرفعَ كتفهُ ببراءة مفتعلة و هوَ يبتسم
أما أمي صائمة فقد تقدمت إليَ بعباءتها الساترة و عويلها المرتفع
و احتضنتني إليها بينما بقيتُ جامدة دون ردةِ فعل , قالت بصوتٍ كان الشرارة التي حركت شيئًا ما بصدري : يـ...مـ..ـه مـ..ارسة سامحيـ.........ني
حينها لا أدري كيف ارتفعت يدي لتحتضنها مستجيبةً لها , و كيف نطقَ لساني بما نطق : سامحتك يمه , إنتِ أمي الثانية .
لا أدري كيف , لكن يكفي أني شعرت أن همًا كبيرًا في صدري تلاشى
يكفي أني تنفستُ براحة و لو لمرة في هذا المنزل
يكفي أنها بخير و أني أحتضنها و أُسامحها قبل فواتِ الأوآن
ابتعدت عني بعد فترة و هي تُدخل يدها تحت الخمار و تمسحُ دموعها
في الوقت الذي قال فيه الكاسر : تعالي معي يا مارسة عشان تسلمي على أبوي .
مشيتُ وراءهُ مسيرة لا مخيرة
مشيتُ حتى توقفنا أمام حُجرة مفتوحة يظهرُ فيها سريرٌ مفرد بهِ جسدٌ عاجزٌ نحيل , دردبيسٌ كان زوجي و هوَ أبي
تراجعتُ خطوة للوراء و انهمرت دموعي على خدي و تراجعتُ أكثر و أنا أحركُ رأسي بالرفض
لن أعود , لن أعود إليه
لا أريده , لا أريده
لا أريــــــــــــده
و لكنَ الكاسر سحبني من يدي بقوة , أحاولُ التملص من قبضته لكن دونَ جدوى ترجيتهُ مرارًا ليتركني و كأنهُ لا يسمع حتى الجدران الصماء سمعت صوتي
و هوَ لم يبالي , سحبني حتى صرنا أمام الدردبيس لكنهُ كان يغطيهِ بظهرهِ العريض
و ما أن انزاح من أمامي و اتضحَ ليَ الدردبيس
بفمهِ المائل , و أجفانهِ المنخفضة بفيضان دموعه
حينها فقط صارت مارسة في أحضانهِ طفلة باكية
طفلة في صدرِ والدها
مارسة ابنةُ عبدالقوي .




*



بلغنا الكاسر بقدومِ مارسة و قد اتفقنا فيما بيننا أن نجعلها ترى صائمة اولاً ثم و الدها
و من ثمَ نقفُ أمامها و نفاجئها بوجودنا
أبي أصل و خالها , أمي زبيدة , عُطرة , عُزوف و أنا
فمهما كان مارسة لا دخل لها بما فعلهُ عبدالقوي بنا , أصبحتُ حتى لا أستطيعُ نطقَ كلمةَ خالي بيني و بين نفسي
و لذلك اتفقنا على أن نجتمع و نُسلمَ عليها , فهيَ مرت بظروفٍ صعبة و علينا مراعاتها
توقفت تنظرُ لنا بلا استيعاب و من ثمَ تنظرُ للمكان الذي كان يقفُ بهِ الكاسرِ بـ " لوم " لكن كاسري غابَ قبل قدومنا بدقائق
تقدمَ أبي نحوها و قَبَلَ رأسها و احتضنها برفق
لم تبدي أيةَ ردةَ فعل و هكذا حتى مع أمي و معنا جميعنا
نتحدثُ معها فتجيبُ برسمية و سريعًا ما تُنهي أوصارَ الحديث
نحتضنها فلا تستجيب , نضحكُ و لا تضحك
حتى اقترب منها أبي وهمس بإذنها بما لم نسمعه حينها انتفضت شفتيها و بكت و هيَ تُغطي وجهها في صدره
و أبي يرفعُ وجهها ويسمحُ دموعها بحنان و يسحبها معه
و مشينا وراءهم للصالة قعدنا على الكنب هيَ بجواره و هوَ يتحدثُ إليها حتى بدأت تعتادُ المكان نوعًا ما
و تتفاعلُ معنا في الحديث



*



كنتُ أعلمُ ما تحملهُ في قلبها , تظنُ أننا أتيناها شفقة بينما قد جئنها لصلةِ الرحم
فهمستُ لها حتى تطمئن : نسلم عليك لأنه الرسول قال و من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه , ما هو شفقة يا مارسة مثل ما تظنين , إلي صار لك قضاء و قدر , و إلي صار لي قضاء و قدر
و إلي صار لعمتك زبيدة قضاء و قدر , أنا و زبيدة رضينا بالقدر و هذانا مع بناتنا و ولدنا الوحيد نضحك و نتناسى إلي صار , لو بقينا في محطة وحدة و ذكرى وحدة معناته احنا قنوطين
و إنتِ ربي أنعم عليك و رد أمك لك بعد كل هالسنين تواجهين إلي أعطاه ربي لك بالجحود , اضحكي و عيشي حياتك و اتناسي إلي صار و السنين كفيلة إنها تنسيك .
حينها انتفضت شفتيها و أخرجت ما في قلبها في صدري
بكت و بكت حتى ارتاحت تبادلتُ معها اطراف الحديث معها و كلما حاولت هيَ إنهاء حديثي , فتحتُ حديثًا آخر
حاولتُ إضحاكها حتى ضحكت و بدأت تتداخلُ مع الجميع
و تنسى أنها بين أُناسٍ لم تكن تودُ رؤيتهم بتاتًا
مارسة ابنةُ عبدالقوي و جميعُ بناتي متزوجات من ابنائهِ و أنا راضٍ بقربي منهم
فالخطأُ كل الخطأ على عبدالقوي لا أبناؤه أو ابنته
اللومُ كل اللومِ عليه , و ها هوَ الله سبحانهُ و تعالى أخذَ حقنا منه
أملاكي التي طمحَ لها سنين حياته عادت لي
أسرتي حولي
ابنته في صدري
أبناؤه في هوى بناتي و عشقهن
وهو عليلٌ على السرير يبكي ليل نهار
لا أسخرُ منه , لكن أذكرُ الله كثيرًا على قدرتهِ و قوتهِ سبحانهُ و تعالى .




***



بعد صلاةِ المغرب , أجلسُ في الصالة مع أخواني و الجميعُ في دروسه
و أختي الكُبرى ميساء تساعدني في دروسي , صارت لي يدين و الحمدلله , في طريق العلم أخطو , عائلتي حولي
كل ما أتمنى أمتلكتهُ فكل الحمدِ و الشكرِ للهِ عزوجل
أمنية واحدة قد تمنيتُها سابقًا و هيَ تلكَ المسترجلة التي حفرت نفسها في قلبِ أغيد و غابت عنه
لكني و بعد اجتماعي مع عائلتي لم أعد أُفكر بها حتى أني نسيتُها تمامًا فأدركتُ حينها أني لم اكن أُحبها بالفعل
بل لأنها أول أنثى اقتربت من شخصٍ ينقصهُ الكثير كما كنتُ أرى ذاتي مُسبقًا
الآن تكفيني عائلتي و يكفيني أن جميعَ أخواني و أخواتي على رضًا بوجودي في حياتهم
ساُكملُ دراستي على خير و أعمل مع هزيم في شركةِ والده
ففي الدول العربية بصفة عامة لا يوجد الدعم الكثير لذوي الاحتياجات الخاصة
و بما أن الوظيفة متاحة لنا فلما نستصعبُ الأمور و نبحثُ عن وظائف سنرفضُ بها حتمًا
يكفينا والحمدلله أننا سنجدُ عملاً , ففي يومٍ ما كان أكبرَ طموحٍ لنا أن نرى عائلتنا ولو من بعيد .


***


بعدَ صلاةِ العشاء , نظرتُ لها بحب و هي تقعدُ على الكنبة و بيدها اليُسرى صندوقُ أسرارنا و اليُمنى تتلمسُ بها القلادة التي صارت لآمعة و هيَ تُعانقُ عنقها
تقدمتُ نحوها و قعدتُ بجوارها متسائلاً : وش تسوي أميرتي ؟
قالت دون أن تنظر لي : ترى كبرنا على هالحكي , شوف بناتنا في طولنا و ولدنا أطول مننا .
مددتُ يدي لاحتضن يدها إلى صدري , فصارت عينيها في عيني حكاية حبٍ أبدية : و بظل أقول هالكلام لآخر لحظة , هم كبروا احنا بعدنا نعيش شبابنا .
ضحكت ضحكة يهيمُ بها قلبي : أي شباب و هالتجاعيد إلي بوجينها وش تكون ؟ هاذي تجاعيد الحيزبون .
مسحتُ على تجاعيد وجهها التي مازادتها إلا فتنة بزوجِ عينَي : الحيزبون كانت في القبو و انتهت هناك , إنتِ أميرتي و أنا أميرك .
وضعت رأسها على كتفي بارتياح و يدها على صدري و بصوتٍ هامس : الله يخليك لي و لا يحرمني منك .
مرغتُ وجهي في شعرها أشتمُ رائحتهُ العنيفة على قلبي : و لا منك يا أجمل أقداري .


*


كنتُ سأدفعُ الباب الموارب لكني توقفتُ عن ذلك حينما رأيتُ رأسَ أمي على كتف أبي و وجههُ غائبٌ في شعرها
ابتسمتُ لسعادتهما و طأطأتُ رأسي أرضًا احترامًا لهما و أنا أدعو الله أن تدوم السعادة في حياتنا
طرقتُ الباب حتى اعتدلا و أذِنا لي بالدخول
دخلتُ و أنا أقول : يمه يبه تعالوا للصالة بنتصور صورة جماعية
و اجتماعنا في الصالة أمي و أبي في المنتصف بجوارِ أبي , عمتي ساجدة و بجانبها أختي هوازن
و بجوارِ أمي أختي الكبرى عُطرة و بجانبها عُزوف , و على الأرض أبناءُ عُطرة و هوازن
اقتربتُ من أمي و مددتُ لها الصندوق الموضوع على الطاولة
فوضعتهُ على فخذها و فخذَ أبي الملاصق لها و يديهما عليه
و جهتُ آلةَ التصوير , و من ثم و قفتُ وراءَ أمي و أبي مبتسمًا بسرور كما الجميع .


*



وضعتُ الصورة بالصندوق و أنا أبتسم بسعادة : هاذي أول ذكرى لنا من بعد عشرين سنة و الحمدلله ذكرى سعيدة .
لثمَ قلادتي برفق و هو يهمس : و بإذن الله كل أيامنا سعادة , أميرتي المدللة .




***



تمت بحمدلله



 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
قديم 30-11-16, 12:13 AM   المشاركة رقم: 500
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Jun 2013
العضوية: 254562
المشاركات: 501
الجنس أنثى
معدل التقييم: الشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عاليالشجية عضو ذو تقييم عالي
نقاط التقييم: 867

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الشجية غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الشجية المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: حيزبون الجحيم / بقلمي

 
دعوه لزيارة موضوعي




السلامُ عليكم و رحمةُ اللهِ و بركاته () .




تنبيــــــــه : لحد يقرأ ردي هذا قبل ما يقرأ الجحيم الأخير , لأن هالرد بيحرق بعض الأحداث





بتكلم بصراحة عن بعض الأمور
كل الأحداث تقريبًا زيما خططت لها من بداية الرواية نهيتها نفس النهاية
إلا
عطرة و معن , للأمانة كنت أفكر بالانفصال بشكل كبير و أشوفه منطقي و أكثر و اقعية
وبينما أنا أبحث عن الفتاوى الدينية في هالموضوع حصلت حريم كثيـــر والله كثيــر بالرغم من خيانة أزواجهم يستفسروا عن الفتوى و يبغوا حل أي يبغوا يكملوا حياتهم مع أزواجهم

و بحكم إني غير متزوجة و فوق هذا بسن المراهقة ^_^
قلت يمكن أنا إلي تفكيري غلط , و هما بيفكروا من ناحية العيال و كذا
و لما جيت أقارن بطلي معن , بأزواجهم و جدت معن انسان مريض نفسي بالسادية بعد اكتشافه بإن عطرة غير عذراء و بعدها اتحول للمازوخية بعد ظهور براءتها فشفت إنه مرضه كان يمشيه و هو فعلاً ما كان يتحكم في نفسه لا أخفيكم انا من زمااااان شايفته كذا , بس قلت مهما كان عطرة ما بتكون عاقلة لدرجة تفكر كذا
لكن بعد ما سمعت و قرأت الحياة الزوجية لنماذج من الناس على أرض الواقع و شفت إن هالحريم يرجعوا لأزواجهم مع إن ازواجهم غير خلوقين و الخيانة تجري بدمهم مجرى الدم , قلت يا بنت غيري نهاية عطرة و معن بما يوافق الواقع

و أعيد و أقول أنا إنسانة غير متزوجة و لا أفقه في هاذي الأمور



,



ثاينًا أتمنى من كل قلبي النهاية تكون وافية و مرضية
أتقبل النصائح بصدر رحب



طابت أيامكم بِذكر الله

 
 

 

عرض البوم صور الشجية   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجحيم, انتقام, اكشن, بوليسي, بقلمي, غموض, عجوز
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t195054.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 24-04-16 12:17 PM
Untitled document This thread Refback 09-04-15 05:57 AM


الساعة الآن 08:29 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية