صمت طويل قال – التقيت هناك بفريق عمل تلفزيوني كان يصور فيلما وثائقيا وأقنعوني بالرجوع الى الحياة المتمدنة كما كنت بحاجة لإنهاء بعض الأعمال هنا .
وقبل ان يتسنى لها ان تسأله ما يعني بهذه الجملة الأخيرة استطرد قائلا – لقد أخبرتك بما حدث لي خلال الست سنوات الماضية وألان جاء دوري في السؤال ماذا فعلت خلال هذه المدة ؟ الامل المفقود
شرد ذهنها نحو ابنها سام ونظرت عبر النافذة الى البعيد ثم قالت – ما فعلت ليس بالكثير .
- لقد أخبرتني انك كنت خارج البلاد عندما عدت أين ؟ وماذا كنت تفعلين ؟
علت محياها ومضة من الكبرياء . انها فخورة بما حققته منذ انفصالهما ولكن كلما عرف ادريان أكثر عما فعلته في السنوات الماضية كلما اقترب من الحقيقة عن سام وأجابت – بصوت رقيق – لقد عدت للعمل عند أل غراتون .
- في المبيعات ؟
- مساعدة مدير دائرة أولا ثم المسؤولة عن الاستشارات في قسم الديكور . أجابت جيسي وأمتعها ان تجد لمحة من الاحترام لها في عينيه وفكرت لنرى ألان اذا كان سيتهمني بقلة الطموح في الحياة ؟
- بالطبع ان الشركة لم يعد يملكها أل غراتون . استطردت جيسي وهي لا تعرف اذا كان ادريان يعرف ذلك أم لا
- دهشت جيسي عندما هز ادريان رأسه دلالة على انه يعرف . وقال – لقد اخبرني اللورد مارك انه تقاعد منذ سنتين ورفض ان يكون عضوا في مجلس أدارة الشركة التي كانت ملك عائلته .
- اللورد مارك كان محقا في رفضه عضوية مجلس الإدارة فالشركة بعد بيعها تغيرت مفاهيمها فقد فقدت ميزتها وهي التعامل مع الزبائن على أساس شخصي وأصبحت موجهة نحو الربح التجاري البحث .
اخترقت نظرته الفضولية أعماقها وهو يقول – ومع ذلك بقيت تعملين مع الشركة.
- لم يكن ذلك بسبب المال أنا مرتبطة معها بعقد الى جانب أني بنيت لنفسي سمعة كبيرة كمهندسة ديكور ولك الشكر يا ادريان فقد كنت أول زبون من المشاهير عندي . اعترض ادريان بهزة من رأسه وقال – ان انجازاتك هي ملكك .
- من اللطف ان تقول هذا كنت خائفة من ان تظن باني استغللت اسمك في طريقي الى النجاح .
- انك تدهشينني لا تزالين تحملين اسمي .
- أنا لا اشعر بخجل من كوني متزوجة منك يا ادريان .
أجابت بعفوية وبصوت عاطفي أدهشها فقد كانت تظن انها احتفظت باسم زوجها من اجل سام هل كان عقلها الباطني يبرمج عواطفها من دون ان تدري ؟
استرخت جيسي قليلا عندما قدم الطعام على المائدة وأخذا بالتهامه .
شعرت جيسي بالإعياء من جراء تركيز نظرها على كل حركة كان يقوم بها ادريان الطريقة التي عصر بها الليمون فوق المحار التقط قطع السمك بالشوكة بطريقة هجومية وكأنه يصطاد الطعام في الأدغال .
لابد وانك امرأة عمل ناجحة اليس كذلك ؟ هذه الجملة كانت التعليق الوحيد لادريان على ما قالته جيسي قبل ان يغير الحديث بقوله – متى اشتريت بيت الحراس ؟
منذ سنة . أجابت جيسي وأحست بتوتر أعصابها لان الحديث وصل الى نقطة الخلاف بينهما ثم أكملت – سوزان ومارك كانا يحتفظان بهذا البيت لابنه عرابهما التي غيرت رأيها بالسكن في بيت الحراس واختارت ان تعيش قرب الشاطئ . سررت كثيرا عندما عرضا علي شراء المنزل بسعر استطيع دفعه .
حرك ادريان الطعام في صحنه من غير ان يلتقط شيئا وقال – يشعران بالوحدة والانعزال بعد بيع الشركة فقد قدمت لهما معروفا بقبولك مجاورتهما .
- لم يدر بخلدي هذا الشيء كنت ممتنة لهما لإعطائي الفرصة لكي أعيش في مكان خاص بي .
أجاب ادريان بصوت كأنه الصدى خال من الشعور – لقد كانت خطوة حكيمة وعلى ما أظن لقد كنت تعيشين بالإيجار قبل شرائك المنزل ؟

أحست جيسي ان الحديث اتخذ منعطفا خطرا فإذا أجابت باقتضاب من الممكن ان تثير شكوكه وإذا سردت الكثير من الممكن ان تجعل بقاء سام معها في المستقبل معرضا للانتهاء ولكنها تشجعت وقالت – لم يكن سيئا ان أعيش هكذا كان بيت جو مريحا رغما عن صغره .
وكان جيسي بقولها هذا قد أعطت ادريان إشارة ينتظرها فقد قطب وجهه وقال – على ما أظن جو هو عشيقك اليس كذلك ؟
احمرت وجنتا جيسي وارتفع ضغطها عندما لاحظت ان ادريان قد أساء الفهم واعتقد ان اسم جو هو اسم رجل . وكادت ان تنفي ذلك ولكن شيئا بداخلها منعها عن ذلك ربما سوء الفهم هذا قد وفر لها فرصة إيجاد مخرج لورطتها معه وأجابت على سؤاله – ست سنوات هي مدة طويلة للعيش من دون رجل . الامل المفقود
- يبدو من الطريقة التي تتكلمين بها انك لم تضيعي هذه السنوات سدى . أجابها ادريان وشعرت جيسي بغضبه وكان شعاعا حراريا صادرا عن موقد نار زحف أليها من فوق الطاولة التي تفصلهما وبالرغم من إحساسها العميق بهذا الغضب
تمالكت نفسها عن نفي ظنونه في لحظة كهذه لو قالت ان جو امرأة – متزوجة وليس رجلا – لما صدقها .
حاولت جيسي تغيير مجرى الحديث فقالت بتوتر – علي ما أظن لقد جئنا لنتكلم عن مشكلة الجدار الذي بنيته حول بيتي ويعزلني عن بقية الأملاك .
انتظر ادريان انتهاء النادل من تنظيف المائدة من بقايا الطعام قبل ان يرد عليها قائلا – لا يوجد ما نتحدث عنه طويلا في هذا الشأن .
اعترضت جيسي قائلة – لا يبدو انك تعرف مساحة قطعة الأرض حول بيت الحراس ولولا المنظر المطل على حديقة غراتون لأصبح العيش فيه كالعيش في زنزانة من الاسمنت المسلح .
كان عليك التفكير بذلك قبل شراء البيت .
شعرت جيسي بالإحباط وقالت لم يكن هناك من مشكلة عندما اشتريته كيف كان لي ان اعرف ان أل غراتون سيبيعون الأملاك ويرحلون بهذه السرعة من دون أعطاء علم او خبر ؟ ولا ادري لماذا تصرفوا بهذا الشكل .
وضع ادريان الكثير من السكر والحليب في قهوته وكأنه يعوض عن حرمانه من تلك المادتين لمدة طويلة وقال وهو يحرك الرغوة الكثيفة المتجمعة في اعلى القهوة – يبدو لي ان سوزان قد خططت لكي نلتقي ونتصالح .
لفتت رغوة القهوة الكثيفة نظر جيسي لثوان ثم نظرت الى ادريان وقالت – ولو كان يجب ان تخبرني انها ستبيع الأملاك .
لو لم اخبرهما بحاجتي الى مكان هادئ لأعمل به لربما كانا رفضا بيعي المكان وبمعرفتي بالاثنين أظن ان مارك قد عارض عدم أخبارك بالبيع ولكن سوزان استطاعت أقناعه بان قصة حبنا يجب ان يكون لها نهاية سعيدة .
ولكن ليس لهذه القصة نهاية سعيدة لم تلق جيسي باللوم على سوزان اعتقدت سوزان عن حسن نية واعتقادها بانها تفعل الشيء الصواب اللوم يقع على جيسي لأنها اوحت إليهما بأنها و ادريان قد افترقا وهما صديقان وان المصالحة ممكنة واستطردت تقول بإصرار – مع ذلك لا استطيع ان اسمح لك ببناء هذا الجدار .
اعتلت وجه ادريان ابتسامة تهكم ولمعت عيناه وقال – يبدو لي انك لم تستوعبي بعد اليس كذلك ؟ بأنك لا تستطيعين التحكم فيما أريد عمله ولكنك لا تتوقفي عن المحاولة .
- لاتعتبر ذلك بأنه صراع قوى . اعترضت جيسي – ولا هو معركة بيني وبينك ولكن بناء الجدار سيهدم طريقة حياتنا كلها .

وضع ادريان يده على جبهته وكأنه يحاول ان يتذكر شيئا ما و ظهر اهتمام مفاجئ في تعابير وجهه – أتقولين طريقة حياتنا ؟ لقد ذكرت سوزان ان ساكنة منزل الحراس عندها ولد وهو الشيء الذي منعني من الشك في انك انت هي الساكنة يبدو لي انك وجو لن تضيعا اي وقت .
- لا داعي لان تكون فظا هكذا . أجابت جيسي وقد لسعت بلهجة كلامه القاسية .
- لم لا ؟ لقد رفضت رفضا قاطعا في ان تحملي بولد مني عندما كنا معا ولكنك تخلصت بسرعة من حبوب منع الحمل فور ان أصبحت بعيدا عنك .
- لم يكن رفضي كما تتصور كنت أخاف ان أصبح أرملة بعد ان تتكون قد رميت نفسك في المهالك .
من السخرية ان جيسي توقفت عن تناول حبوب منع الحمل عندما ظنت ان ادريان قد رضخ لإرادتها وقرر الاستقرار في المنزل والتوقف عن الرحلات ولكن عندما اخبرها بقراره الرحيل ثانية كان قد فات الأوان وأصبح حاملا منه قبل ان يفترقا ويذهب هو الى مجاهل غينيا الجديدة .
- هل يعيش جو معك في المنزل ؟ سال ادريان بصوت خافت ولكن بنبرة توحي بخطورة الموقف .
- لا انه لا يعيش في المنزل فقط أنا وابني سام .
سال ادريان مستوضحا – هل كانت علاقتك معه عابرة شيء لتمضية الوقت والتسلي ؟
ما الفرق اذا كانت العلاقة عابرة أم لا ؟ أجابت جيسي – لا لم تكن العلاقة عابرة لقد أحببت والد سام . وقالت في نفسها أني لا اكذب لقد أحببت ادريان وهو والد سام . الامل المفقود
اسودت عينا ادريان وكان الشعلة في داخلهما قد انطفأت وبدا وكان شيئا ما بداخله قد مات وقال بصوت يشوبه الحزن – لم يكن قصدي ان أحقق معك . لابد وان تربية الولد بمفردك كان صعبا .
- قد يكون صعبا في بعض الأحيان وافقت جيسي معه ولكنها بقيت حذرة تجاه هذا التصعيد العدائي ولكنها أضافت – سام هو مصدر سعادتي وذكاؤه مصدر اعتزازي.
أطلق ادريان صفيرا ناعما وقال – لابد وان تربية ولد ذكي هو تحد كبير لك .
- لقد تغيرت . قال ادريان وكأنه غارق في تفكير عميق . – يبدو لي انك أقوى مما كنت فيما مضى .
- التعبير المناسب هو انضج اليس هذا ما تعني الأمومة تسرع بالنضوج أجابت جيسي بلوم .
استطرد ادريان وهو لا يزال غارقا في التفكير – ربما كان مفتاح النضوج هذا الولد سام الله يعلم أني حاولت كثيرا لأكون هذا المفتاح ولكني فشلت .
حركت جيسي قهوتها وشربت منها قليلا ثم وضعت الفنجان جانبا وقالت :- لم يفشل احد لا انت فشلت ولا أنا ربما الخطأ من البداية كان زواجنا وإذا كان هذا صحيحا فاللوم يقع علي بالقدر نفسه الذي يقع عليك .
لاحظت جيسي توتر أعصاب ادريان وهي ترى انقباض يديه قبل ان تتلافى نظراتهما قال ادريان – مهما كانت النتيجة لم اندم على الزواج منك يا جيسيكا لقد كان زواجنا رائعا حتى ولو رفضت الاعتراف بذلك .
أرخت جيسي بنظرها عنه وكأنها تعترف بان زواجهما كان ممتعا وعليها الاعتراف أيضا بان ادريان كان الرجل الوحيد في حياتها صديقتها جو كانت على حق بقولها انها ما زالت تقارن كل رجل تقابله بادريان كول .
اعترى وجه جيسي الجمود عندما رجعت الى التحدث قائلة – لقد تناقشنا كثيرا في هذا الموضوع منذ ست سنوات ولم نصل الى نتيجة .
- ولا اعتقد ان شيئا قد تغير قال ادريان وهو ينظر الى ساعته – يجب ان أعود فانا مرتبط بموعد للعمل .
- لقد اقفل ادريان الحديث وهي تستحق ذلك لأنها أوضحت له انها قالت كل شيء عندها ولكنها لا تريد لهذا اللقاء ان ينتهي بهذه السرعة فتداركت قائلة – لقد ذكرت انك اشتريت أملاك أل غراتون بسبب حاجتك للهدوء فماذا تفعل ألان ؟
أجابها بابتسامة سخرية – أني أؤلف كتابا عن افريقيا الوسطى وأقوم بوضع الترتيبات لإنتاج مسلسل مغامرات تلفزيوني لحساب المنتج الذي أقنعني بالعودة الى هنا .
سام سيحب ذلك كثيرا ... وأقفلت جيسي فمها وهي تكاد ان تقول – ورث كل عاداتك ولكنها عادت وأكملت عوضا عن ذلك – يحب قراءة كتب الرحلات والمغامرات .

عادة يجب تشجيعها قال ادريان موافقا ولكنها لاحظت انه فقد الاهتمام بالحديث ثانية فقد أشار بأصبعه للنادل كي يأتي بفاتورة الطعام الذي أسرع اليه على الفور بسبب شهرته كان ادريان يحصل على خدمة ممتازة في كل الأماكن العامة ويتجاهل الناس جيسي عندما تكون معه .
نظرت جيسي الى ساعتها عندما غادرا المطعم وقالت – يا الهي يجب ان أسرع
جو سيعيد سام للبيت بعد نصف ساعة .
رد ادريان عليها وكان الحرارة داخل السيارة قد هبطت عدة درجات – هل تدعين سام يزور جو ويخرج معه ؟
سام يبقى عند جو عندما أقوم برحلة عمل الى الخارج أجابته محتفظة بالحقيقة المبطنة .
- هذا شيء نبيل منك .
لم ترد جيسي ان يظن السوء بجو فهي الصديقة التي ساندتها في الأيام العصيبة التي تلت رحيله فأجابت - سام يحب جو ويحب ان يلعب مع ابنته نيل وقد افتقدا الولدان بعضهما كثيرا عندما انتقلت الى بيت الحراس .
من دون ان يحرك ادريان نظره عن الطريق الملتوية الممتدة أمامه وظلال الأشجار المتدلية أغصانها فوق الطريق تتلاعب على وجهه وتجعله يظهر وكأنه تمثال يوناني سال بهدوء – كم يبلغ عمر سام يا جيسيكا ؟
أجابت جيسي لا شعوريا من دون ان تنتبه الى الفخ المبطن في السؤال – ست سنوات سيبلغ السابعة في اذار القادم . عند سماعه ذلك فقد ادريان السيطرة على المقود وانحرفت السيارة لتسير في الاتجاه المغاير للسير وكاد ان يتسبب بحادثة اصطدام ولكن سرعان ما سيطر على السيارة وبدا يشتم بصوت خافت – أيتها السافلة ؟ أيتها الخائنة ضغط على مكابح السيارة بقوة وأوقف السيارة الى جانب الطريق برعونة ثم استدار نحوها والنار تتأجج في عينيه وقال – لقد كنت تلعبين علي كل هذا الوقت ولم انتبه الى ذلك . الامل المفقود
التفت جيسي على نفسها خوفا من غضبه وقالت – بحق السماء عما تتكلم ؟
- لقد أقنعتني بان انفصالك عني كان سببه تصرفاتي ومغامراتي ولكن يظهر ان رحلاتي كانت الحجة لكي تضعي اللوم علي .
وضعت جيسي أصابعها داخل خصلات شعرها وكانت تجهد محاولة ان تعرف ماذا يعني ادريان وسالت – عن اي لوم انت تتكلم ؟ لقد انفصلت عنك لأنني لم اعد أتحمل القلق في ان تقع لك حادثة قد تقتل بها لماذا يجب ان اشعر بالذنب لهذا ؟
- لآنيي عندما كنت أصارع تيارات نهر جار دين الخطرة كنت انت تقومين بمغامراتك العاطفية الخاصة . مع جو اليس كذلك ؟
أطلقت جيسي صرخة عندما فهمت ما يعني ادريان – يا الهي ووضعت يدها على فمها .
- سأعرف الحقيقة يا جيسي . استطرد ادريان مهاجما بلا هوادة – كنت على علاقة بهذا الرجل وحاملا منه قبل انفصالنا ويبدو ان ذهابي كان محط سرور لك فقد خلى الجو لكما .
الاستنتاج الذي وصل اليه ادريان في انها قد خانته مع رجل أخر قبل انفصالهما
كاد ان يصيبها بانهيار عصبي والوسيلة الوحيدة لنفي هذا الأمر هو ان تخبره ان سام هو ابنه وليس ابن رجل أخر غير انها لا تستطيع ان تقول ذلك ولكنها قالت بصوت كأنه صادر عن الأموات – أرجو ان تأخذني الى المنزل .
- بالتأكيد ساخذك الى المنزل حيث ينتظرك جو ولكن ليس قبل ان أجرعه من السم الذي جرعته أنا .
- لقد كنت مخلصة لك دائما قالت جيسي دفاعا عن نفسها .
ظهرت السخرية على وجهه وأحست بنظراته تحرقها وقال دائما مخلصة ؟ ومن أين أتيت بــ سام ؟
- هل هذا ما تعلمته في الأدغال اخذ النساء بالقوة ؟ قالت جيسي بصوت مرتفع وهي تشعر بحراجة الموقف وخطورته . انها لا تريد بحق السماء ... ان يأخذها ادريان بذراعيه ويعانقها فهذا كاف لإضعاف أرادتها وكل ما بنته من اجل حياة هادئة بعيدة عن القلق الذي يعذبها سيذهب أدراج الرياح وستعود الى الحياة السابقة نفسها معه انها تحبه بجنون من دون أمل في ان يغير أسلوب حياته ما الفارق انه ألان يكرهها لما يظن انها فعلت . الامل المفقود

وضع ادريان يده على موخرة رقبتها من دون ان يضغط لجذبها نحوه ووجدت جيسي نفسها تميل عليه بشكل لا أرادي وظهر الشحوب على وجهها وافترقت شفتاها عن بعض وهي تتوقع ان يلثمها .
- ليس ما سأفعله ألان هو ليس شريعة الغاب انه شريعة ادريان . أجابها وشريعتي تقول ان ما هو لي يبقى لي ومال بوجهه عليها فكان عناق برقة . كما توقعت حصل ادريان على ما يريد .
فجأة انهارت السنوات الست التي فصلتهما عن بعض في لحظات كم كانت جيسي متشوقة لتصبح عروسا مرة ثانية وتذوق طعم العناق الاول من عريسها .
عناقه الغني بالعواطف كان يعد بليلة عرس ممتعة ولمجرد التفكير في ما هو قادم تجاوبت مع عناقه بكل قلبها وروحها .
توقف ادريان فجأة وقال انت ممثلة بارعة بالفعل .
ابتعدت جيسي عن ادريان بانفعال والرعب يتملكها وكان أحلامها تحولت فجأة الى كابوس مخيف وشتمته قائلة – يا ابن الزانية .
أجاب ادريان من دون ان يبدو عليه انه تأثر بانفعالها – لابد وان كلمة ابن الزانية مألوفة لديك .
راودت جيسي الرغبة في البصق على وجه ادريان وتهشيم باب السيارة حتى ولو بأظافرها لتخرج من السيارة كافحت لإخراج الكلمات من فمها وتشعر بالاختناق لعدم جرأتها في قول ما يجب قوله وهي لم تسمح له بالتمتع برؤية دموعها تنهمر – ماذا حدث لك ؟ لقد كنت رقيقا لطيفا فيما مضى أما ألان ...
- ألان اكتشفت أني كنت أعيش في سراب معك قاطعها ادريان مبتعدا عنها الى الجانب الأخر من السيارة كان يتنفس بصعوبة محاولا السيطرة على أعصابه مرة أخرى واستطرد قائلا – في الأدغال نجحت بإقناع نفسي بأنك كنت على حق – عندما عارضت ذهابي في مغامرات خطرة وشعرت بالذنب لعدم مراعاتي لشعورك وإصراري على الذهاب الى مجاهل هذه الأرض ولكني اكتشفت ان هذا التفكير كان لا يغير شيئا مما حدث اليس كذلك ؟ ولاحظ ادريان ان جيسي مسحت فمها بقفا يدها تريد ان تمحو طعم لثمة المر والحلو في الوقت نفسه من على شفتيها فعلق على ذلك قائلا – لا تدعي انك لم تتمتعي بهذا العناق لقد شعرت بذلك في كل نبضة من نبضات شرايين جسدك .
- حسنا لقد تمتعت بها . أجابت جيسي وهي تشعر بالغضب يحل محل الشعور باليأس والإحباط كيف يسمح لنفسه ان يحاكمني في الوقت الذي كان يخاطر بحياته في مغامرة تلو الأخرى وتنبهت جيسي الى انها قد سمحت لنفسها بان تنطبق على الفكرة التي أخذها عنها فقالت بحرقة – هل انت راض بما فعلت ؟
أدار ادريان محرك السيارة بحركة عنيفة وضغط على دواسة الوقود بسرعة جعلت السيارة تقفز الى الطريق مجر جرة الدواليب عليه وصوت صريرها يرتفع الى السماء .
- نعم أنا راض . أجابها أخيرا .- الطريقة التي تجاوبت بها معي ألان كانت ممتعة جدا على الأقل أنا اعرف ألان أنني سأكون في داخلك حتى وأنت مع جو وستحلمين دائما بمتعة وجودك معي .
ادريان لم يعرف ولكنها الحقيقة الفصل فعناقه قد جدد سيطرته على عواطفها هل ستكون أبدا متحررة منه ؟
أنا مسرورة لأنني قمت أخيرا بشيء يسعدك قالت جيسي والمرارة تتاكلها – ولكني لا اعتقد ان هذا كاف كي تتوقف عن بناء السور حول حديقتي اليس كذلك ؟ الامل المفقود
تنهد ادريان دلالة على نفاد صبره وقال – السور الذي ابنيه لا علاقة له بك البتة منذ عودتي والصحافيون يحيطون بي من كل حدب وصوب ولا استطيع العمل بهدوء ومن هنا جاءت فكرة بناء السور لأعزل نفسي وأنجز عملي من دون اي تدخل .
- اذا لا مجال ما لأتفاءل بالتوقف عن بنائه .
- تمتم ادريان وكأنه يكلم نفسه – انت لا تستسلمين أبدا . الواقع هناك وسيلة للتخلص من هذا السور .
كانت جيسي تعرف انها يجب الا تعقد أمالا كبيرة ولكنها سالت – وما هي الوسيلة ؟
- باستطاعتك بيعي منزلك وسأدفع لك ما يكفي ليكون بمقدورك شراء بيت محترم في مكان أخر .
انه لعرض مغر ان تبتعد عنه وعن هذا المكان وستتحرر من عذاب رؤيته كل يوم وهي تعلم الصورة التي رسمها عنها بأنها كانت خائنة الصورة التي بمقدورها تغييرها .
وأيضا عليها ان تفكر بابنها سام فبرغم أمكانية ان يعرف ادريان السر فمصلحة سام مهمة ولذلك أجابت – لا استطيع البيع لقد وجدت صعوبة كبيرة في أيجاد المدرسة المناسبة لابني في هذه المنطقة ولا أريد ان أقع في الحيرة نفسها مرة أخرى .
- لم ادر انك موفقة في اختيار المدارس .
- أنا لست كذلك لقد أخبرتك ان سام ذكي بشكل استثنائي وثم فحص درجة ذكائه من قبل المختصين مستبقة اي اتهام منه في ان أمومتها تجعلها تبالغ في تقدير ذكاء سام .
- اذا أين المشكلة ؟
- المدارس التي لديها القدرة والتجربة لتعليم أولاد بهذا الذكاء قليلة ومدرسته السابقة لم توفر له العناية اللازمة مما أصابه بالكسل ومال الى اللعب بكثرة
- ولكن هذه المشكلات هي عامة بين الأولاد .
- بعض هذه المشكلات قد تتحول الى كارثة . أجابت جيسي وهي تتذكر الأيام العصيبة التي قضتها مع سام السنة الفائتة وأضافت – لا استطيع المخاطرة بنقله الى مدرسة أخرى .
- استطيع فهم ما تعنين قال ادريان بلهجة مهذبة أدهشتها .
- اذا تستطيع ان تقدر موقفي أيضا برفضي البيع والانتقال ؟
- بالطبع ومنذ ألان عليك التعود على السور الذي ابنيه . الامل المفقود



انتهى الفصل الثاني ؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛