1005- لم تنته فصولاً - فاليري باف - دار النحاس ( كاملة )

بســــــــــــــــــــــ الله نبدأ على بركة الله في كتابة الرواية الجديدة ــــــــــــــم
الفصل الاول ؛؛؛؛؛؛؛
صرخت جيسي كول بأعلى صوتها عندما رأت رجلا يهم بركوب سيارة جاغورا خضراء ((ادريان ؟ غير معقول . ادريان )) وأقسمت في نفسها ان هذا الرجل هو زوجها الغائب الدكتور ادريان كول . هل هذا ممكن ؟ فزوجها ادريان قد مات منذ ست سنوات وأغمضت جيسي عينيها للحظة عندما أسرعت السيارة الخضراء مبتعدة عنها بعد ان تجاوزت سيارة الأجرة التي استقلتها من المطار .استدار سائق التاكسي بعد ما الامل المفقود سمع صرختها وألقى عليها نظرة متفحصة وسألها – هل انت بخير يا سيدتي ؟ يبدو وكأنك قد رأيت شبحا . كادت ان تجيب بأنها رأت شبحا فعلا ولكنها استدركت وأجابته بأنها على ما يرام ومن ثم أخرجت بعض النقود من حقيبتها لتدفع له أجرته . اومات جيسي برأسها الى السائق وشردت مع ذكرياتها التي أثارها تشبيه السائق نفسه بالدب فلطالما شبهت زوجها الراحل بالحيوانات لقد كان بحجم الدب وصلابة جسمه . أما شعره البني الأحمر فيشبه هامة الأسد .طباعه مشدودة كطباع الدب وسرعة حركاته كسرعة الفهد الرجل الذي رأته في السيارة الخضراء بدا بكل هذه الصفات .
أفاقت جيسي بسرعة من ذكرياتها وهزت رأسها مستنكرة وجود توأم لزوجها الغائب قائلة في نفسها ان السائق على حق فالتعب من السفر بالطائرة قد لعب بمخيلتها .
- سأساعدك في أنزال الحقائب . قال السائق لها وهو يتفحصها بفضول – يبدو من مظهرك وكأنك قطعت مسافة السفر مشيا على الأقدام .
- أني شاكرة لك . أجابت جيسي وأفسحت له المجال بوقوفها الى جانب السيارة الأجرة انزل السائق الحقائب من صندوق السيارة وأصر على ان يحملها الى المنزل حيث وضعها الى جانب الباب من الداخل واستنشق رائحة عطرة فقال – ان الأريج المنبعث من المنزل لا يدل على انه ترك مدة أسبوعين .
- لقد كلفت صديقة بتهويته ووضع أعشاب ذكية الرائحة داخله خلال فترة غيابي . أجابت جيسي .
- ولهذا يختلف عن غيره هل أساعدك بشيء أخر يا سيدتي ؟
- لا شكرا لقد كنت لطيفا جدا . أجابته جيسي وهي تمد له يدها لتعطيه أجرة السيارة ولكن السائق رفضها قائلا – لا حاجة لذلك . وأضاف بعد ان أخد نفسا عميقا بلهجة عفوية – ربما تستطيعين تناول العشاء معي لاحقا لنتحادث عن أسفارنا .
لم تشعر جيسي بالإساءة من دعوة السائق لها ولكنها ارتبكت فقالت – ولكنك ... تكلمت عن أولادك ....

تعنين عن رحلة ديزنيلاند ؟ لقد كنت متزوجا حينذاك وهم يعيشون مع زوجتي السابقة ألان واراهم في نهاية كل أسبوع وهذا يختلف بالطبع عن عيشنا معا ..
ضغطت جيسي بيدها على جبينها لتخفف وجع رأسها وشعرت بان التعب قد سيطر على كامل جسمها وقالت – شكرا على دعوتك لي ولكن ...
- ربما في وقت أخر لا شك وانك متعبة جدا من السفر . أكمل السائق الجملة مقاطعا وهو يشعر بأنه لن يكون هناك وقت أخر لدعوتها .الامل المفقود
ادريان كلا انه ليس ادريان لا يمكن أبدا ان يظهر ادريان ثانية ان رؤية توأم له أمر لا تستطيع تحمله نفسيا و عاطفيا . أنست هذه العواطف المتضاربة التي أثارها التفكير بزوجها جيسي اهتمام السائق المفاجئ بها وحملت قلبها على الخفقان بسرعة وشدة مما جعلها تشعر بالإعياء والراجفان وبارتفاع حرارة جسمها لم تغير السنوات شيئا من قوة الانفعالات التي تحس بها بمجرد التفكير بـ ادريان .
لماذا التفكير به لا يزال يؤثر فيها بهذه القوة ؟ على الرغم من انها لم تعش في صومعة منذ انفصالها عنه . الرجال تاثرؤا دائما بجاذبيتها كهذا السائق الذي أوصلها ولكن الواقع انه عندما كانت تخرج مع الرجال كانت تخرج للرفقة فقط ففكرة عدم وجود رجل حي يستطيع ان يحل مكان زوجها الراحل في قلبها كانت مسيطرة عليها .
إلحاح صديقتها جو الدائم بان تتوقف عن مقارنة كل رجل تقابله بزوجها ادريان لم ينفع وتشكيك جو المستمر بان ادريان لن يرجع ثانية . وان عاد فلا يمكن ان يكون في مستوى الهالة التي بثتها له جيسي في نفسها لم يخفف من غلواه عواطفها .
جو على صواب على جيسي ان تتوقف عن رسم صورة لادريان في مخيلتها بما لم يكن عليه ومن المحتمل ان لا يكون أبدا . وكما أشارت عليها جو . بأنه لو كان زوجها رائعا بهذه الدرجة لما انفصلا عن بعض ولكانا متزوجين ألان .
كفى عن التفكير به . صرخ شيء ما في داخلها الا يكفي الإرهاق النفسي من جراء العمل في هوليود لمدة ثلاثة أسابيع مع نجم سينمائي ذوقه في الديكور مقرف ؟ الا يكفي التعب الجسماني من جراء ملاحقة الأعمال الأخرى ؟
تأوهت جيسي عندما سمعت رنين الهاتف ولوهلة أرادت ان تتركه يرن من دون ان ترفع السماعة ولكن احتمال ان يكون المتصل صديقتها جو دروري نابير جعلها ترفع السماعة وتضعها على أذنها .
أتاها الصوت عميقا ومذنذنا بأغنية مارلين ديتريش (( أهلا كيف حالك يا راكبة أجنحة الريح ))
وأحست جيسي بارتياح عند سماع صوت صديقتها . وأجابت – اسمعي يا جو ... لا تهمني أجنحة الريح فانا سعيدة ألان لان أكون في منزلي كيف حال ابني سام ؟

- ان ابنك ووريثك يلعب مع ابنتي ووريثتي بالعاب الفيديو وأتعجب لكون صوتيهما لا يصلان سمعك .
- على الأقل انه يبكي لعدم وجودي .
- لقد بكى كثيرا في الأيام الأولى لغيابك ولكن تعلمين كم أنا بارعة في تحويل الانتباه الى أشياء أخرى .
- لذلك انت معلمة جيدة . ومربية منزل ممتازة لقد وجدت بيتي بحالة رائعة قالت جيسي .
- كان ذلك بسيطا ستجدين الثلاجة مليئة بالطعام وغرفة نومك قد تم تهويتها وسأجلب لك البريد غدا حين أتي لأعيد سام .
عند سماع اسم ابنها . امتلك جيسي شعور بالذنب لعدم تفكيرها به وقالت لجو – ربما يجب ان أتي ألان لأخذه . أبدت جو معارضتها بهمهمة وقالت لــ جيسي ان ابنها على ما يرام وأضافت – قلت لك قبل ان تسافري ان الوقت قد حان لتقللي من كثرة تواجدك معه فلا تلومي نفسك على وجودك في المنزل من ... من دونه .
- انت على حق أجابت جيسي متشائمة ومازحت جو بقولها – هل تعتقدين ان ألقاء التحية عليه ألان عبر الهاتف سيجعل من ابني دلوع أمه ؟
- لا اذا أبقيت مكالمتك معه قصيرة لحظة وأناديه لك . كاد رأس جيسي ان يسقط على صدرها وهي تنتظر سام كي يأتي الى الهاتف .
ولكن عندما سمعت صوته يحييها انتصبت قامتها وإجابته – مرحبا يا حبيبي لقد عدت للتو من السفر كيف حالك ؟
- على أحسن ما يرام لقد وصلتني بطاقات البريد التي أرسلتها وأعجبت كثيرا ببطاقة عيد البر بارة التي تشع بالظلام .
- لهذا السبب اشتريتها لك واعتقد ألان انك قد اكتشفت سر شعاعها في الظلام .
استمعت جيسي الى صوت ابنها الملئ بالحماس بصبر مقاومة النعاس الزاحف الى عينيها وهو يشرح لها مبادئ أشعاع الفلوريسنت في الظلام وهي مبادئ معقدة بالنسبة لصبي في السادسة من عمره وعندما انتهى من الشرح طلبت منه ان يطلب الى جو ان تأتي الى الهاتف ثانية .وما ان ردت جو عليها حتى قالت – كان من المفترض ان أسالك أولا كيف حال الحياة الزوجية ؟
- انها رائعة أنا أحب زوجي وابنتي أحبته أيضا وهذا درس لك يا عزيزتي .
أخر شيء تحتاجه جيسي ألان هو سماع محاضرة من صديقتها وعلى الرغم من سرورها لعثور جو على الرجل المنسب لها ولابنتها فليس بالضرورة ان يحصل ذلك لكل امرأة وخاصة لها وهي غير متأكدة من انها تريد الحصول على الرجل المناسب . وقبل ان تبدأ جو محاضرتها قالت جيسي مقاطعة – أنا سعيدة بزواجك الناجح يجب ان اذهب ألان قبل ان أنام وأنا ممسكة بالهاتف .

- لقد فهمت ولكن يجب ان تعرفي شيئا .
- مهما كان هذا الشيء مهما فباستطاعتنا الانتظار والتحدث غدا . أجابت جيسي بصوت متحشرج من النعاس – هل قلت لك باني رأيت ادريان ؟
- رأيت من ؟
- لم يكن هو ولكن يشبهه تماما رايته وهو يهم بركوب سيارة على طريق عائلة غراتون .
- اذهبي الى النوم حالا – قالت جو بلهجة الأمر الصادر عن معلمة مدرسة – سآخذ الأولاد غدا لمشاهدة فيلم جديد عن الدينا صور . ثم نأتي لعندك بعد الغداء أريدك ان تنامي حتى ذلك الحين .
- سأحاول . أعط سام قبلة المساء عني .
- ولكنها الرابعة بعد الظهر ألان .
- ليست بالنسبة لي . وضعت جيسي السماعة في مكانها وكادت ان تغمض عينيها وهي تجر نفسها الى غرفة النوم رمت بنفسها على الفراش بكل ملابسها وأخلدت الى النوم في ثوان .
وكعادتها حين تنام حلمت جيسي باجزاء من الماضي حين كانت تعمل بائعة في قسم الديكور لشركة غراتون وقابلت ادريان الشخصية التلفزيونية المشهورة للمرة الاولى والذي اتى للمخزن للبحث في تزيين شقته .
وقد لفت انتباهها فورا برجولته وتهذيبه وتسارعت دقات قلبها بعنف مما اعاق عليها التركيز على العمل واجابت على استفهامه بان مهندسة الديكور قد ذهبت الى الغداء واذا اراد فباستطاعتها الاتصال بها في كافيتريا الموظفين .
اجابها ادريان – في هذا المجال انا متاكد من ان خبرتك هي في مستوى خبرتها ولذلك ساخذ بمشورتك .
قدمت جيسي باستحياء بعض الاقتراحات التي تناسب شقته ورغبتها في ان تساله عن حياته وتاخذ فكرة بسيطة عنه جعلتها تساعده على الاختيار ويبدو ان ادريان قد اعجب بمقترحاتها فعاد في اليوم التالي واشترى اغراضا كلفته ثروة صغيرة واتت دعوته الاولى الى العشاء في اليوم نفسه الذي ترقت فيه الى مساعدة تصميم
عدة مواعيد على العشاء معه وامتلات احلام جيسي بادريان وسيطر الحب على كل احاسيسها وذات يوم اخبرها بانه سيغيب عدة اسابيع عنها لانه سيحاول تسلق الجهة الجنوبية لقمة جبل افرست .
وكانت هذه هي المرة الاولى التي شعرت فيها بالخوف عليه والقلق واحست ان قلبها يكاد ان يتوقف وهي تفكر بهدا الجبل الرهيب الذي اودي بحياة الكثيرين ممن حاولوا ترويضه اكتفت جيسي بالقول – اليس هذا خطرا ؟
- بالطبع ان الخطر هو احد الاسباب التي تدفعني لمثل هذه الرحلات .