كاتب الموضوع :
طمووح
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حبيب تحملت منه الأذى
(5)
ـ لا يعقل أن تكوني قد فعلتي هذا !
هتفت سمر بذلك وهي غير مصدقة ما قالته لها .. فقالت تدافع عن نفسها :
ـ بصراحة أنا أريد أن أقضي وقتا ممتعا معه .. أريد أن نتقرب أكثر من بعضنا .. أن نفهم بعضنا أكثر .. أن نتصرف كزوجين حقيقيين ..
نظرت إليها سمر وبدت أنها لم يعجبها كلامها .. وقالت :
ـ سارة حبيبتي ..أنتي تعلمين جيدا أنه لا أنت ولا الوليد قد تزوجتما عن حب
ـ أعرف .. ولكنني بت أشعر الآن انني أحبه !
ـ ولكن هذا لن يغير شيئا .. هو مازال يتصرف معك بنفس الجمود .. ما أدراكي أنه لم ينسى خطيبته السابقة بعد ؟!! ... أنا لا أريد أن أفسد سعادتك .. ولكني أخشى أن تتعلقي بآمال زائفة
شعرت بالخوف من تحذيرات سمر لها .. فربما تكون محقة فيما تقول .. ربما لن تجدي محاولاتها تلك نفعا ..
ولكن .. فليكن .. لن تفكر في شئ من قبيل ذلك الآن .. فكل مايشغلها هو أن تنجح في إعداد عشاء مميز للوليد .. وأن لا تدع أي شئ يعكر صفو هذه الليلة ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ
كان كل شئ جاهزا على طاولة الطعام .. كل شئ كما تريد .. وبالطبع لم تنسى أن تضئ بعض الشموع على المائدة حتى تضيف جاذبية لها ..
وقفت أمام مرآة الصالة.. كانت تلك هي المرة العاشرة التي تتأمل فيها نفسها.. تبدو في قمة الجاذبية بقميص النوم هذا.. ذلك القميص الذي أعجبها منذ أسبوع فاشترته لها سمر .. نعم لقد ارتدته أخيرا بعد تردد كبير .. حينما أقنعت نفسها بارتدائه على أن ترتدي فوقه الروب الطويل الذي أتى معه ..
تجاوزت الساعة التاسعة مساء .. فتسائلت ما إذا كان قد تراجع عن فكرة تناول العشاء معها .. ولكنها طردت هذه الفكرة إذ أنه ليس من النوع الذي يتراجع عن قراراته ..
ففكرت في أنه قد يكون نسي أمرها .. وهذا ما جعلها تشعر بإحباط شديد .. لقد بذلت مجهودا كبيرا لإعداد العشاء ولتجهيز نفسها .. وتأملت أنها ستقضي وقتا ممتعا في صحبة الوليد هذه الليلة .. ولكن أحلامها راحت هباء ..
كانت في قمة اكتئابها حينما سمعت فجأة صوت مفتاح في الباب .. لا شك في أنه هو ..
تنفست الصعداء وقد عاودها الأمل مرة أخرى .. ظلت واقفة في مكانها وهي تحاول أن تهدأ من دقات قلبها التي تنبض بعنف .. و ابتلعت ريقها حينما رأته يسير باتجاه الصالة حيث تقف هي ..
ـ مساء الخير
بادرها بإلقاء التحية بعد أن رآها .. فابتسمت له وهي تبادله التحية :
ـ مساء النور
لم تستطع أن تنطق بكلمة أخرى مما كانت قد تدربت على قوله ..فقد أربكتها نظراته لها .. كان يتأملها بعمق .. مما جعلها تتسائل ما إن كانت قد استطاعت أن تنال إعجابه أخيرا ..
حاولت أن تبدو طبيعية .. فقالت في محاولة لصرف نظره عن تأملها :
ـ ظننتك ستتأخر وأنك قد نسيت اتفاقنا ..
أخرجته جملتها تلك من شروده فتوقف عن النظر إليها أخيرا وأخذ يخلع حذائه وهو يقول :
ـ لقد كدت أن أنسى بالفعل .. ولكن من حسن الحظ أنني قد تذكرت على اخر لحظة
لم تفهم ما الذي عناه بكلمة "حسن الحظ" .. هل قصد حسن حظه هو أم حسن حظها هي .. أم حسن حظهما كلاهما !
خلع سترته وهم ليرميها على الكنبة التي بجواره ولكنه أسرعت إليه ومدت يدها له وهي تقول :
ـ ناولني إياها سوف أضعها في الغرفة
استجاب لها وناولها سترته وقد بدت الحيرة واضحة في عينيه ..
حينما تناوت السترة من يده .. لمست يدها يده من دون قصد .. فعادت ضربات قلبها تتسارع من جديد ..
ـ اسبقني أنت إلى غرفة الطعام .. سأعلقها وأعود على الفور
قالت له ذلك قبل أن تذهب مسرعة إلى الغرفة لتعلق سترته على عجل .. وقبل أن تخرج منها نظرت مرة أخرى نظرة سريعة في المرآة .. وراحت ترتب شعرها الذي كانت قد جمعته كله على جانب واحد ..
هل حقا ستتناول العشاء الليلة برفقة الوليد بمفردهما ؟!! .. مازالت لا تصدق ذلك !
" حسنا يا سارة .. عليكي أن تكوني هادئة وأن تتصرفي على طبيعتك "
قالت ذلك لنفسها وهي تهبط الدرج وتتوجه إلى غرفة الطعام ..
حينما دخلت الغرفة كان الوليد لا يزال واقفا في مكانه ويتأمل المائدة المرتبة بعناية ودقة ..
بادرته بالقول :
ـ أمازلت واقفا ؟ .. أنا أتضور جوعا
وهنا تنبه إلى وجودها فتوجه إلى كرسيه ليجلس واتخذت هي أيضا مكانها للجلوس ..
ـ هل أعددتي كل هذا الطعام وحدك ؟!
سألها ذلك وفي صوته نبرة انبهار .. فأجابته بفخر :
ـ بالطبع أعددته بمفردي
ـ لم أكن أعرف أن زوجتي طباخة ماهرة
تفاجئت من تعليقه .. وخاصة من كلمة " زوجتي " .. فهذه هي أول مرة تسمعه يقول هذه الكلمة .. الأمر الذي جعلها تشعر بالسعادة ..
تناولت صحنه لتغرف له من المعكرونة وهي تقول ممازحة :
ـ عليك أن لا تتسرع بالحكم بأنني طباخة ماهرة قبل أن تتذوق الطعام .. فربما غيرك رأيك بعد الأكل
ـ رائحته تكفي لأن أصفك بذلك
أحمرت وجنتاها خجلا من إطرائه .. ولم تجرؤ حتى على شكره ..
ناولته الصحن بعد أن وضعت له مع المعكرونة شرائح اللحم والبطاطا .. وأخذت تنظر إليه حينما بدأ في تذورق أول ملعقة من المعكرونة.. راحت تراقبه بتوتر في انتظار أن يبدي رأيه .. ثم رأته أخيرا يطلق نبرة استحسان وأشار لها بإبهامه علامة على الإعجاب .. وراح يقول لها :
ـ كما توقعت .. شهية بحق ! .. أظن أنني لن أكتفي بصحن واحد
ـ ههههههه .. كل كما شئت فلا يوجد غيرنا اليوم ليتناولها ..
ـ في هذه الحالة ستجعليني أعتاد على هذا الدلال .. وربما طلبت منك كل يوم أن تعدي لي العشاء ..
ـ سيكون هذا من دواعي سروري
نظر إليها بتعجب كمن يحاول أن يحل لغزا .. فأسرعت تقول :
ـ بالطبع إذا لم يكن لدي مذاكرة كاليوم
سادت لحظة من الصمت قبل أن يقطعها بسؤاله :
ـ هل تعلمتي الطهي من والدتك ؟
ـ لا .. أنا .. لا ...
سكتت قليلا تحاول أن ترتب كلماتها ثم تابعت :
ـ والدتي قد توفيت منذ ولادتي .. لقد تعلمت الطهي بنفسي حينما كنت في السكن الجامعي ..
ـ كنت أظن أنهم يقدمون لكم الطعام في السكن الجامعي
ـ نعم هذا صحيح .. ولكنه لم يكن جيدا على الإطلاق .. فأقدمت أنا ورفقيقتي التي كانت تشاركني الغرفة على تعلم الطبخ .. في البداية كنا نصنع العجائب .. ولكن مع مرور الأيام تمكنا من إتقان طهي العديد من الأكلات ..
ـ أظن أن الظروف هي التي تجبر الإنسان على تحمل المسؤولية واكتساب المهارات
ـ هذا صحيح .. فلو لم يكن الطعام في السكن سيئا لدرجة كبيرة ولو لم أكن مضطرة لما كنت فكرت في تعلم الطهي أبدا
ساد الصمت من جديد قبل أن يفاجئها بسؤاله :
ـ هل تزوج والدك من امرأة أخرى بعد وفاة والدتك ؟
ـ نعم .. لقد تزوج حينما كنت في الرابعة من عمري .. وليته لم يفعل ..
ـ لماذا ؟؟ هل كانت سيئة ؟
ـ بل أسوأ مما تتصور .. لقد كانت أسوأ انسانة قد تراها في حياتك على الإطلاق .. على كل الأحوال .. لم يكن والدي بأفضل منها ..عشت معهم في جحيم حتى توفي والدي وبعدها بعدة شهور ألتحقت بالجامعة .. فلم أرى زوجة أبي منذ ذلك الوقت ..
تنهدت بعمق ثم تابعت :
ـ ماكان يصبرني على الحياة معهم هو أنني كنت أعد نفسي دائما بأن المستقبل سيكون أفضل وأجمل من ذاك الحاضر .. كنت أصبر نفسي بأحلامي .. وكنت أقول بأنه سيأتي اليوم الذي سأصبح فيه طبيبة ناجحة وسيكون وقتها هناك معنى لحياتي ..تلك الأحلام هي من هونت علي الحياة البؤس التي كنت أحياها معهم
بدا أنه قد تأثر بكلامها .. فابتسم لها وهو يقول :
ـ وها أنتي في آخر سنة دراسية في كلية الطب وقد حققتي حلمك
ـ ليس بعد
ـ أنا واثق بأنك ستحققينه في وقت قريب
ابتسمت لكلماته .. وشعرت بأنه يحاول أن يرفع من معناوياتها ..
ـ هل تشتاق إلى والدك ؟
فاجئته بالسؤال دون أن تسبقه بأية مقدمات .. انتظرت سماع إجابته ولكنه ظل صامتا على الرغم من أنه لم يبدو عليه الاستياء من سؤالها .. بدا أنه يفكر في شئ ما .. قبل أن يتكلم أخيرا ويقول :
ـ أحيانا لا أتوقف عن التفكير به .. لقد كان مثلي الأعلى في كل شئ .. ولكم تمنيت أن أكون مثله ..
سكت قليلا قبل أن يتابع :
ـ لقد كنت في تلك السنوات الأخيرة من حياته بعيدا عنه تماما .. لم أكن آتي لزيارته سوى شهرا واحدا طوال السنة .. وهذا ما يجعلني أشعر بتأنيب الضمير بعد وفاته لأنني لم أكن بجانبه في آخر أيامه
ـ ألهذا السبب صممت أن تحقق وصيته ؟
وجهت له هذا السؤال بسرعة دون حتى أن تفكر في عواقبه .. ولكنه جاوبها بهدوء وقد بدا الحزن في صوته :
ـ نعم .. لهذا السبب
قال ذلك ثم استطرد يقول وهو يحاول أن يغير مجرى الحديث :
ـ ولكنني على الرغم من أنني عشت سنين بمفردي أنا ولمياء إلا أنني لم أستطع أن أصبح طباخا ماهرا مثلك
ـ حقا ؟!
ـ نعم .. لا أنصحك أبدا بأن تتذوقي طعام قمت أنا بطهيه .. فلن تتذوقي أسوأ منه .. ولا أعرف لماذا يكون طهيي بذلك السوء كله ؟؟ .. مع أنني أضع المقادير كما هي واتبع الطريقة خطوة بخطوة .. ولكن لا جدوى .. الشئ الوحيد الذي نجحت في إعداده هو الشاي
ـ الشاي فقط ؟!
ـ وحتى الشاي لم اتقنه كثيرا
علقت بعدم تصديق :
ـ لا !! أنت تبالغ .. مالشئ الصعب في إعداده ؟َ! مجرد ماء مغلي ومعه ملعقة شاي .. و سكر حسب الرغبة
ـ هنا تكمن المشكلة .. في السكر .. تلك المرة أتى إلي أحد أصدقائي لزيارتي في المنزل .. فاضطررت إلى إعداد له الشاي بنفسي .. فهو الشئ الوحيد الذي أجيده .. سار كل شئ على مايرام حتى سألته عن كمية السكر الذي يريدها .. ووضعت له الكمية التي طلبها بكل دقة .. ولأنني لا أستعمل السكر كثيرا ..
سكت قليلا وهو يتحاشى النظر إليها .. فبادرته بالسؤال بفضول :
ـ ماذا ؟؟ ماذا حدث بعد ذلك ؟؟
ـ أذكر أنه قد أنتابه الغثيان وقتها .. فببساطة لقد وضعت له الملح بدلا من السكر .. كانت علبته تشبه علبة السكر كثيرا مما جـ...
لم يستطع أن يكمل كلامه لأنها كانت قد انفجرت من الضحك ..
ـ هههههههههههههههههه .. لا أستطيع أن أتخيل ذلك .. ههههههههههههههه
بادلها الضحك هو أيضا وراحت تحكي له بدورها بعضا من مواقفها الطريفة .. استمرا يتحدثان حتى بعد أن انتهيا من الأكل .. فقد قام يساعدها في رفع المائدة وتوجه معها إلى المطبخ حيث كان يقوم بتجفيف الصحون التي تنتهي هي من غسلها ..
كان الحديث معه ممتعا لدرجة أنها لم تنتبه إلى كم من الوقت مضى وهما يتحدثان .. لم تنتبه إلى الساعة إلا حينما انتهيا من غسيل الصحون وخرجا من المطبخ فرأت الساعة تقترب من منتصف الليل ..
ثلاث ساعات .. لقد أمضت معه ثلاث ساعات كانت أجمل ساعات في حياتها .. و تمنت لو أنها تستطيع أن تقضي معه وقتا كهذا كل يوم ..
ـ إنه عمل متعب بحق .. أنا لا أدري كيف تستطيع مجيدة أن تقوم بذلك كل يوم بمفردها !
قال لها ذلك وهما يدخلان إلى غرفتهما .. فضحكت وردت عليه تقول :
ـ وليد .. أنت حتى لم تفعل شيئا سوى تجفيف الصحون .. هذا لا يعد عملا!
رفع حاجبه بتعجب .. كان يبدو وسيما جدا كعادته .. غمازاته التي تظهر كثيرا حينما يبتسم أو يضحك .. لحيته الخفيفة .. رائحة عطره التي قد أصبحت مدمنة عليها .. كل شئ فيه يجذبها ..
كان يحمل بيجامته وهو يتوجه إلى الحمام قبل أن يلتفت إليها ويقول بلطف:
ـ شكرا لكي يا سارة .. أنا حقا كنت بحاجة لأمسية كتلك منذ فترة
ابتسمت له وهي تقول :
ـ وأنا أيضا كنت بحاجة إلى ذلك
دخل الحمام وتركها والسعادة تغمرها .. لقد نجحت في قضاء وقتا رائعا معه كما كانت تتمنى و أفضل ..
ومن بين سعادتها تلك لاحظت محفظته الواقعة على الأرض بجانب الدولاب .. تناولتها بيدها على الفور وهي تفكر ما إذا كانت هي من أوقعتها وهي تعلق سترته ..
فكرت في أن تعيدها إلى جيب سترته ولكنها تراجعت إذ أنه من المحتمل أن يكون هو من أوقعها من جيبه .. فقررت أخيرا أن تنتظر خروجه وتسلمها له في يده ..
تملكها الفضول لأن تفتحها وتشاهد ما بداخلها .. ولكنها تراجعت .. فليس من اللائق أن تقوم بذلك .. حولت نظرها عنها ولكنها ما لبثت وأن عادت تنظر إليها .. حسنا إنها في الأول وفي الآخر زوجته .. ولا ترى عيبا في أن تشاهد ما بداخلها .. ويمكنها أن تخبره بذلك وهي تسلمها له ..
تشجعت وقامت بفتحها بسرعة ولكنها تسمرت حينما رأت بداخلها صورة امرأة ..
كانت فتاة شقراء لا ترتدي حجابا .. عيناها لونهما أخضر على حد ما تمكنت من رؤيته .. كانت امرأة في غاية الجمال .. واستطاعت أن تخمن من أن تلك المرأة هي خطيبته السابقة
ـ ماذا تفعلين ؟
جعلها صوته تقفز من مكانها .. كيف لها أن لا تنتبه إليه وهو يخرج من الحمام ..
قامت بإغلاق محفظته على الفور ومدتها له وهي تقول بنبرة تحاول أن تبدي فيها الا مبالاة :
ـ لقد وجدتها على الآرض فحملتها لأسلمك إياها
ـ ولماذا كنتي تتأملين ما بداخلها ؟؟
ـ كنت أتفرج عليها لا أكثر
ابتسم لها بسخرية ثم قال :
ـ وهل أعجبتك ؟
حدقت فيه وسألته بارتباك :
ـ من ؟!!
ـ ومن غيرها ! .. المحفظة بالطبع
ـ اهاا .. المحفظة .. نعم .. نعم إنها جميلة
شعرت بالخجل لأنها بدت كالمتطفلة أمامه .. ولكنه لم يعلق أكثر على الموقف واكتفى بالصمت ..
ولم تستطع هي أن تمسك لسانها فقد تملكتها الغيرة والغضب وهي تتذكر كلمات لمياء لها بأنها هي من فرقت بينه وبين من يحب .. و مايدل على صحة كلامها في أنه لا يزال يحبها هو احتفاظه بمثل هذه الصورة في محفظته .. فسألته بارتباك :
ـ الصورة التي في محفظتك .. هل هي لخطيبتك السابقة ؟
لا تدري لماذا سألته هذا السؤال .. فهي واثقة من أنها هي بالفعل .. لابد وأن غيرتها جعلتها تتحدث بدون تفكير ..
ولكن سؤالها هذا جعل ملامح وجهه تتبدل ليبدو عليه الغضب ..
لم تسمع منه أي اجابة .. فتابعت تسأله :
ـ لماذا تضع صورتها في محفظتك ؟
ما إن انتهت من سؤالها حتى رأته يعبس بحاجبيه فأدركت مدى حماقتها وأنها قد أغضبته بشدة ..
ولكنها لم تعد تستطيع أن تتراجع فتابعت :
ـ هل تحبها لهذه الدرجة ؟!
وهنا أمسكها الوليد بقوة من ذراعها حتى أنها شعرت بأصابعه تغوص في جلدها .. فتكلم أخيرا وهو يكز على أسنانه :
ـ من الأفضل لك أن لا تتدخلي فيما لا يعنيكي
ـ لا يعنيني ؟!! هل نسيت أنني زوجتك ومن حقي أن أعرف علاقاتك السابقة ..
رفعت حواجبها في علامة على التحدي على الرغم من أن قلبها يكاد يموت رعبا .. شدد من قبضته على ذراعها وقال لها :
ـ جيد .. ولكن لماذا لا تخبريني أنت أيضا عن علاقاتك السابقة ؟ .. يبدو أن لديكي خبرة كبيرة في إغراء الرجال !
ـ ماذا تقصد بكلامك ؟!!
ـ هيا .. لا تحاولي أن تدعي البراءة .. أخبريني كيف تعلمتي كل ذلك الإغراء ؟؟ .. ألستي تحاولين إغرائي بملابسك هذه ؟!
ا
وهنا دفعته بقوة في محاولة أن تخلص ذراعها من قبضته وصرخت به :
ـ أيها الحقير .. من تظن نفسك ؟! .. ابعد يديك عني
ولكن بدلا من أن يترك ذراعها راح يمسك بذراعها الآخر أيضا مما جعلها لا تقدر على التخلص منه .. ثم قربها إليه وقال لها بسخرية :
ـ أليس هذا ماتريدين الحصول عليه ؟
بدأ يعانقها مما جعلها تحاول أن تفلت منه .. ولكن لا جدوى .. راح يعانقها بعنف وكأنه يريد أن ينتقم منها ..
وقامت هي تستجمع كل قواها وصممت على أن لا تستسلم له فدفعته بكل ما أوتيت من قوة .. وتمكنت أخيرا من الإفلات منه .. ثم صرخت به وهي تلهث:
ـ هل جننت ؟
تجاهل كل غضبها وقال لها باستهزاء :
ـ هيا اقتربي .. سأعطيكي كل ماكنتي تتوقين إليه مني
وهنا صفعته بيدها وهي لم تعد تتحمل أكثر من ذلك .. لقد أهانها بما يكفي .. وعليها أن تسترد كرامتها منه ..
نظرت إليه لتراقب ردة فعله .. وقد ظنت أن صفعها له سوف يجعله يتراجع عما يريد القدوم عليه .. وأنه سيستفيق ويسشعر بتأنيب الضمير عما قاله لها .. ولكنها كانت مخطئة .. وتمنت لو أنها لم تقم بصفعه .. فلم يزده ذلك إلا غضبا .. وبدا كالبركان الذي انفجر .. فتقدم منها وحملها من فوق الأرض ثم رماها بعنف على السرير .. كانت قوته كافية لأن تشلها عن الحركة .. فعرفت أن أمرها قد انتهى .. وماتت الكلمات في حلقها ...
|