كاتب الموضوع :
طمووح
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حبيب تحملت منه الأذى
تابع بارت ( 9 )
ـ أردت أن أخبرك بأنني .. بأنني .......................
لا يفصلها عن لحظة الحقيقة سوى كلمة واحدة .. والوليد كله أذان صاغية لما ستقوله .. لم يبقى سوى النطق بتلك الكلمة ...
ـ أنني أحببتك يا وليد ... تلك التسعة أشهر التي قضيتها معك كانت كافية للوقوع في حبك ..
بدا الوليد مصدوما مما سمعه .. وظل مسمرا مكانه لا يحرك ساكنا .. فتابعت تقول :
ـ لقد أحببتك يا وليد .. وهذا هو سبب كل معاناتي الآن ..
سادت لحظة صمت بينهما .. استطاع الوليد بعدها أن يجد صوته أخيرا فقال باقتضاب ليعلق على كلامها :
ـ انتي تهلوسين !
ـ لم أكن أشد وعيا لما أقوله أكثر مما أنا عليه الآن !!
أحاط بها الوليد مرة أخرى وسحبها بقوة هذه المرة فلم تستطع معارضته .. وقفت مستندة عليه وبمجرد أن خطوا خطوة واحدة حتى فقدت توازنها ولم تعد قدماها تقويان على حملها ..
حمدت الله أن الوليد كان ممسكا بها وإلا لكانت قد اصطدمت بالأرض .. وشعرت به وهو يحملها بخفة ليضعها على السرير أخيرا .. أخذ يربت على خدها بلطف وهو يسألها :
ـ هل تسمعينني ؟؟
لم تستطع أن تجد صوتها لتجيبه .. كما لم تستطع أن تحرك وجهها لتشير إلى أنها تسمعه .. شعرت بالشلل والعجز حتى عن تحريك أحد أصابعها .. كانت شبه غائبة عن الوعي ..
شعرت بذلك الضوء الذي سلط على أحد عينيها .. كما شعرت ببرودة سماعات الطبيب على يدها .. لابد وأنهم يقوموا بقياس ضغطها ..
لا تدري كم من الوقت مضى وهي على هذه الحالة .. ولكنها حينما استطاعت أن تفتح عينيها أخيرا وأن تستعيد كامل وعيها .. لاحظت وقوف الوليد والطبيب في جانب من الغرفة .. حيث كانوا يتهامسون ..
لم يلاحظ أحدهم أنها استفاقت فأغمضت عينيها من جديد وحاولت فهم ما يتهامسون فيه ..
ـ لا تنسى بأنها قد فقدت أول طفل لها منذ أيام فقط
ـ لكنها كانت قد تحسنت !
ـ ألم تقل لك بأنها تذكرت تفاصيل الحادث ؟
ـ بلى قالت ذلك ..
ـ لابد وأن تلك التفاصيل كانت مزعجة بالنسبة لها .. ونفسية المريض عامل مهم في سرعة شفاؤه ..
سرت رعشة سريعة في جسمها .. مما جعلهم يتوقفوا عن الحديث ويلتفتوا لها ..
ـ هل استفقتي سيدة سارة ؟
كان هذا هو صوت الطبيب .. فأومأت بالإيجاب برأسها دون أن تفتح عينيها .. لأنها لم تكن تشعر بأية رغبة في رؤية ما حولها .. ولكنها وضعت يديها على رأسها وقالت :
ـ لازلت أشعر بالدوار ..
ـ لقد انخفض ضغطك كثيرا ومن الطبيعي أن تشعري ببعض الدوار
شعرت بالوليد وهو يطبع قبلة خفيفة على جبينها قبل أن يهمس لها في أذنها :
ـ ارتاحي الآن يا سارة
ثم راح يربت على شعرها .. وتمنت لو أنه يبقى بجانبها طوال الليل .. ولكنها عوضا عن أن تطلب منه ذلك سألته :
ـ هل ستبقى بجانبي يا وليد ؟؟
ـ نعم بالطبع .. سأبقى بجانبك ولن أتركك أبدا
" أبدا " !! .. أخذت تلك الكلمة تتردد في رأسها حتى نامت من جديد ..
ليتها تعرف معنى تلك الكلمة في قاموس الوليد !!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واصلت النوم إلى صباح اليوم التالي .. ولم تستيقظ إلا مرة في منتصف الليل .. كان الضوء مغلقا ولكنها استطاعت أن ترى الوليد الذي كان لايزال يجلس على الكرسي الذي بجوارها واضعا رأسه بين يديه على سريرها حيث كان غارقا في النوم ..
في الصباح حينما استيقظت كانت الممرضة تقيس حرارتها .. أما الوليد فكان يقف مكتفا ذراعيه ويراقب الممرضة بهدوء .. وما إن لاحظ أنها استيقظت حتى ابتسم وهو يقول لها :
ـ صباح الخير
ثم ألتفت إلى الممرضة منتظرا تعليقا منها .. فتكلمت قائلة :
ـ حرارتها أصبحت 38 .. انخفضت درجتين عن ليلة الأمس ..
وهنا انطلقت تسأل الممرضة بدهشة :
ـ هل كانت حرارتي 40 في ليلة الأمس ؟؟
ـ نعم .. ولكن حمدا لله تداركنا الأمر بسرعة
بعد انصراف الممرضة من الغرفة تكلم الوليد قائلا لها :
ـ كنت تهلوسين طوال الليل
ـ ماااذا ؟!!!!!!!!!!
ضحك الوليد من ردة فعلها وعلق قائلا :
ـ لكني لم أفهم حرفا مما قلته
أخذت تسترجع أحداث الليلة الماضية .. ثم أحمر وجهها خجلا وهي تتذكر ما ارتكبته مع الوليد ..
رأت أن أفضل حل لهذه الورطة هو أن تتظاهر بأنها لا تذكر شيئا مما حدث !!
ـ كيف تشعرين الآن ؟
ـ أنا بخير .. أشعر بتحسن
ظل الوليد يراقبها وهي تتناول فطورها حتى يتأكد أنها ستنهيه كله ..
ـ لقد أقلقتني عليك كثيرا بالأمس ..
ـ لا أعرف لماذا ارتفعت حرارتي هكذا !
نظر إليها الوليد بتعمق قبل أن يفاجأها بسؤاله :
ـ انتي حينما كنت تجلسين على الأرض .. تذكرين ماحدث أليس كذلك ؟؟
وهنا غصت وهي تأكل وراحت تسعل فناولها مسرعا كوب ماء وساعدها كي تشرب .. وبعد أن هدأت أنفاسها جلس من جديد بجانبها وأخذ يتأملها فعرفت أنه لا يزال ينتظر إجابتها ..
وأخيرا قالت له وهي تتحاشى النظر إليه :
ـ هل جلست على الأرض ؟!! .. لابد وأنني كنت أشعر بدوار شديد لهذا لجأت إلى ذلك ..
ـ ألا تذكرين ؟؟
أعاد سؤاله متشككا .. فابتلعت ريقها وأجابته :
ـ أنا لا .. آخر ما أذكره هو أنني كنت واقفة مستندة على الجدار وكنت أخشى أن أقع ..
لا تدري هل اقتنع بكلامها أم لا .. ولكنها تمنت أن لا يسألها المزيد من الأسئلة .. وهو بدوره لم يفعل ..
وكعادته حينما أتت سمر لزيارتها استأذن هو وانصرف ..
فاستغلت الفرصة وانطلقت تحكي لسمر ما ارتكبته بالأمس .. ولم تقاطعها سمر إطلاقا فقط اكتفت بأن تطلق صيحات دهشة بين الحين والآخر .. وحينما أنهت كلامها كانت سمر لا تزال تنظر إليها غير مصدقة ..
ـ ألن تقولي شيئا ؟! .. ألن تؤنبيني كعادتك ؟!!
ـ أنا لا أدري حقا ماذا أقول لك .. لقد ظننتك صارحتيه بحبك من قبل الحادثة ..
ـ حقا ؟!!
ـ نعم حتى أنني ظننت أن هذا التغيير في تعامل الوليد معك سببه هو اعترافك له بحبك !
ـ وما رأيك الآن بعدما عرفتي حقيقة الأمور ؟
ـ في الحقيقة لقد فاجأتني .. ولكن عليك أن تستمري بالتظاهر أنك لا تذكرين شيئا .. هذا هو الحل حتى تتمكني من مواجهة الوليد في الوقت الذي تبقى لكما معا ..
سكتت سمر فجأة ووضعت يديها على فمها وهي منزعجة من ذلة لسانها تلك
ـ تابعي .. لقد تأقلمت على هذه الحقيقة ..
ـ أنا آسفة .. لم أقصد أن أقول مايزعجك ..
ـ إنه الواقع ..
ـ ولكن بما أنه سألك إن كنت تذكرين ماحدث أم لا .. إذا فهو مهتم لمعرفة حقيقة ما قلته ..
ـ نعم يبدو لي ذلك .. ومع أني تظاهرت بعدم التذكر إلا أنني لست واثقة ما إذا كان قد انطوى عليه الأمر أم لا
ـ على أي حال .. ورغم معارضتي للفكرة بحد ذاتها .. إلا أنك نجحتي في اختيار الوقت المناسب لمصارحته
ـ ماذا تعنين ؟!!
ـ أقصد أنك كنت في حالة من السهل أن يتنبأ فيها بأنك تهلوسين .. وبأنك ربما لا تعنين ما تقولينه ..
فهمت ماتعنيه سمر .. ولكنها تسائلت ما إذا كان هذا لصالحها أو لضدها .. وفكرت في أنه إذا ما كان الوليد يبادلها نفس الشعور فسيأخذ ما قالته على محمل الجد .. وسيسعى إلى اكتشاف ما إذا كانت تعني ماقالته أم لا .. أما إنه إذا كان لا يبادلها هذه المشاعر .. فلن يأبه بكلامها .. وسيقنع نفسه بأنها كانت تهلوس .. وهي ساعدته في ذلك بقولها أنها لا تذكر ما حدث بالضبط ..
شعرت بالملل والضجر من كل تلك الحوارات التي تدور في رأسها منذ شهور .. ولم تصل إلى شئ حتى الآن ..
كان من أسباب اهتمامها بمصارحته إلى هذا الحد هو أنها قد أصبحت حامل في طفل منه .. وإذا لم يتراجع الوليد عن الطلاق من أجل حبها له فإن هذا قد يزيد من احتمالية تراجعه من أجل طفلهم .. ولكن الطفل قد ذهب الآن .. ولن يستمر الوليد معها إلا إذا كان فعلا يحبها ...
ودعتها سمر قبل أن تنتهي مدة الزيارة لأنه كان لديها تدريب في هذا الوقت .. وأخبرتها بأنها ستعاود رؤيتها في فترة الزيارة المسائية بعد الإنتهاء من تدريبها ..
دخل إليها الوليد فور خروج سمر .. وجلس على الكنبة ثم قام بفتح حاسبه الشخصي الذي أحضره معه وانهمك في العمل ..
ـ يمكنك الذهاب إلى الشركة .. سأكون بخير هنا لا تقلق علي ..
ـ لقد تركتك بالأمس ورأيت ماحدث لك .. لذا لا أنوي أن أتركك مرة أخرى .. وإذا أردتي مني الذهاب إلى الشركة فعليك أن تتعافي وتخرجي من المستشفى أولا ..
قال ذلك بلطف وهو يبتسم لها .. وشعرت بالراحة لكلامه هذا فهي لم تكن تريده أن يذهب على أية حال .. كانت تستمتع بمرافقته لها حتى ولو كان منشغلا ..
بقي الوليد ينظر إلى ساعة يده بين الحين والأخر .. وشعرت بأنه ينتظر شيئا ما .. ولكنها لم تستطع أن تخمن ماقد يكونه هذا الشئ ..
في السادسة مساء استأذن منها وخرج دون أن يخبرها إلى أين !! .. وبعد ربع ساعة تقريبا رأته يدخل مرة أخرى وقال لها :
ـ من الأفضل أن تغطي شعرك فهناك من يريد زيارتك ..
ناولها طرحتها وخرج مسرعا قبل أن تتمكن من الاستفسار منه عن الشخص الذي سيزورها .. ولكن لم يمضي الكثير من الوقت حتى عرفت زائرها ..فما هي إلا لحظات حتى تفاجئت بما رأته أمامها ..
كان هناك ما يعادل العشرين شخصا دخلوا إلى غرفتها وسمر هي من تتقدمهم ..
إنهم زملائها في الجامعة الذين كانت تدرب معهم ..
استمرت تنظر إليهم في ذهول من هول المفاجئة .. وأخذ كل واحدا منهم يتقدم إليها ليديها باقة ورد ويتمنى لها الشفاء العاجل ..
وكان زميلها رامي من ضمن هؤلاء الطلبة .. وحينما جاء دوره أهداها باقة ورد أكبر من البقية كلهم وقال لها :
ـ أتمنى أن تتعافي سريعا لكي تعودي إلى الدراسة .. فالجامعة تبدو كئيبة من دونك ..
شعرت بالخجل الشديد من كل مايحصل .. وتمكنت أخيرا من الرد عليهم قائلة :
ـ لقد فاجئتوني جميعا .. شكرا لكم .. أنا حقا سعيدة لرؤيتكم ..
أشارت على الورود التي امتلئت بها غرفتها في كل مكان وتابعت :
ـ لقد أدخلتم البهجة على الغرفة بتلك الزهور .. ولكن ما كان ينبغي أن تكلفوا أنفسكم إلى هذا الحد ..
رد عليها رامي قائلا :
ـ أنت تستحقين أكثر من ذلك ..
كان الوليد يقف ورائهم جميعا .. وبقي مستندا على الحائط وهو يراقبهم .. وقد لا حظت أن نظراته لم تفارق رامي .. وكان رامي بدوره منصب بنظراته عليها هي .. وتسائلت ما إذا كان الوليد قد شعر بحقيقة مشاعر رامي نحوها .. ولكنها لم تشغل بالها كثيرا بهذا الأمر حيث ألهاها مزاح زملائها من التفكير في ذلك ..
ـ أظن أن تلك المرأة العجوز التي تدربتي عليها في أول يوم تدريب لنا هي أكثر من تتمنى الآن أن تراكي في هذه الحالة ..
قالت سمر تلك العبارة فانفجرالجميع بالضحك .. باسثناء رامي الذي كان يتأملها بشرود .. والوليد الذي كان شاردا في رامي !!
راح زملائها يقصون عليها بعض المواقف الطريفة التي حدثت معهم أثناء التدريب في غيابها .. فضحكت كثيرا معهم .. هي لم تضحك هكذا منذ زمن .. لقد ساهموا بالفعل في تحسين مزاجها .. وتمنت لو أن تخرج سريعا من المستشفى لتعاود الدراسة معهم .. فقد شعرت بأنها افتقدتهم كثيرا ..
بعد مضي نصف ساعة تقريبا .. سمعت الوليد يتكلم بهدوء قائلا :
ـ أظن أن زوجتي بحاجة إلى الراحة الآن ..
كان يطلب منهم الذهاب ولكن بطريقة لبقة .. وبدوا جميعا متفهمين لطلبه وردت سمر قائلة :
ـ نعم صحيح .. لا يجب أن نطيل عليك أكثر من ذلك حتى لا نجهدك ..
وقبل أن ينصرفوا عاودت شكرهم من جديد .. واستمر الوليد يراقب رامي الذي تعمد أن يبقى حتى يكون آخر من ينصرف من عندها ..
وبعد أن خلت الغرفة منهم جميعا ولم يبقى سواها هي والوليد .. ألتفتت إليه تسأله بحماسة :
ـ هل كنت تعرف بهذه المفاجئة ؟؟
راح الوليد يرتب باقات الزهور في الغرفة وهو يجيبها :
ـ بصراحة كنت أعرف .. ولكن ليس من وقت بعيد .. فقد أخبرتني سمر بهذا حينما أتت لزيارتك ظهر اليوم .. لقد خططت هي لكل شئ وأعلمتني في الأخير ..
سكت قليلا .. ثم حينما أمسك بالباقة الكبيرة التي أحضرها رامي قال لها :
ـ إنهم يحبونك كثيرا ..
تنحنحت بارتباك وقد شعرت بأنه يحاول أن يشير إلي شئ ما ثم علقت قائلة :
ـ نعم نحن نحب بعضنا كزملاء ويحترم كلا منا الآخر ..
أخذ الوليد يشم الورود التي في يده وقال لها :
ـ كزملاء !!!
شعرت بأن هناك نبرة سخرية في صوته .. وتسائلت ما إذا كان قد شعر بالغيرة عليها من رامي !!
ولكن أيعقل أن يغار الوليد عليها ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
|