كاتب الموضوع :
طمووح
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حبيب تحملت منه الأذى
وأسألُ نَفسي :
لِماذا أُحبُّكِ رَغمَ اعتِرافي
بأنَّ هَوانا مُحالٌ .. مُحالْ ؟
ورَغمَ اعتِرافي بأنَّكِ وَهمٌ
وأنكِ صُبحٌ سَريعُ الزَّوالْ
ورغمَ اعترافي بأنكِ طَيفٌ
وأنكِ في العِشقِ بعضُ الخَيالْ
ورغمَ اعتِرافي بأنكِ حُلمٌ
أُطارِدُ فيهِ ..
وليسَ يُطالْ !!
وأسألُ نفسي لماذا أحبُّكْ
إذا كنتِ شيئًا بعيدَ المنالْ
لماذا أحبُّكِ في كلِّ حالْ ؟!!
لماذا أُحبكِ أنهارَ شَوقٍ
وواحاتِ عِشقٍ
نَمَتْ في عُروقي وأضحَتْ ظِلالْ
وأسألُ نَفسي كثيرًا . كثيرًا
وحينَ أجَبتُ
وَجدتُ الإجابةَ نَفسَ السؤالْ
لِماذا " أُحبُّكْ ؟! "
عبد العزيز جويدة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كان الضوء خافتا في الغرفة حينما فتحت عينيها .. ومصدر هذا الضوء الخافت هو المصباح الذي بجانبها .. أما ضوء الغرفة نفسه فكان مغلقا ..
لم تعد ترى أي شعاع ينبعث من النافذة التي في زواية الغرفة .. فعرفت أنهم في وقت ما من الليل .. وانزعجت لأنها لا تمتلك أي مصدر لتعرف منه الساعة في هذا الوقت ...
ألتفتت إلى جانبها ففوجئت بالوليد يجلس على الكنبة التي بالغرفة وغارقا في النوم .. كان رأسه مستندا إلى الوراء وذراعيه مكتفتين .. بدا أنه بحاجة ماسة إلى أن يرتاح قليلا ..
راحت تفكر في كل ما قالته لها سمر .. لم تستطع إلى الآن أن تستوعب أن كل ذلك قد حدث معها .. كان الأمر أشبه بأنها تستمع إلى قصة فيلم ما أو أن شخصا آخر هو من جرى معه كل ذلك وليست هي ..
لقد فاتها الكثير في هذين اليومين كما أنه قد تغير فيهما الكثير أيضا .. لازالت منزعجة لأن جزء ما في حياتها مظلم ولا تستطيع تذكر أي شئ عنه .. لا تتذكر تافصيل ماحدث معها وتسبب في وصولها إلى هذه الحالة وهذا المكان ..
ظلت تتأمل الوليد وهي تتسائل .. هل كل هذا الاهتمام بها فقط لأنه يشعر بالمسؤولية تجاهها ؟!! .. بما أنها كانت حامل في طفله أيضا !
أم لربما هو يهتم لأمرها فعلا .. هل كانت على صواب حينما ظنت من قبل في وقت ما أنه يحبها ؟!!
نفضت تلك الأفكار من رأسها وأخذت تحذر نفسها .. لقد أظهر لها الوليد اهتمامه من قبل ولكن كل ذلك اختفى بمجرد أن أخبرته بحملها .. عليها أن لا تقع في نفس الفخ مرة أخرى ..
كيف لها أن تأمن له بعد كل ماحدث ؟!! .. ألا يكفي ماحدث لها حتى الآن ؟!!
منذ يومين فقط كانت تنتظر أول مولود لها بفارغ الصبر .. واليوم هي تتحسر على فقدانه .. لقد أجهضت في أول طفل لها في حياتها !!
شعرت بدموعها تنهمر من جديد وهي تفكر في الحالة المزرية التي وصلت لها ..
ألم يكن هو السبب في كل ذلك ؟!! .. لم إذا لا زالت تهتم لمعرفة حقيقة مشاعره تجاهها ؟!!
ولكنها رغم كل ذلك اعترفت لنفسها بأنه لولا وجوده بجانبها الآن .. لكانت لازالت تتمنى لو أنها ماتت هي الأخرى مع طفلها !!!
هو سبب معاناتها وسبب تشبثها بالحياة في الوقت نفسه !!
سمعت صوت باب الغرفة وهو يفتح مما جعل الوليد يستيقظ على تلك الحركة .. فراحت تجفف دموعها بسرعة راجية من الله أن لا يلاحظ أنها كانت تبكي ..
ـ مساء الخير
كانت تلك هي الممرضة .. فبادلتها التحية .. أما الوليد فراح يمسح وجهه بيديه وهو يحاول أن يستفيق جيدا ..
اقتربت منها الممرضة وسألتها بابتسامة :
ـ كيف تشعرين ؟
بادلتها الابتسامة وأخبرتها أنها بخير .. آملة أن لا تلاحظ اكتئابها ..
راحت الممرضة تقيس درجة حرارتها وهنا نهض الوليد من مكانه واقترب منهما .. وحينما أصبح بجانب سريرها ظل فترة صامتا .. فشعرت بأنه يتأمل وجهها .. وأنه قد لاحظ آثار بكائها .. رغم محاولاتها في أن تبدو طبيعية ..
ارتاحت حينما لم يعلق بشئ .. وعوضا عن ذلك وجدته يسأل الممرضة عن درجة حرارتها .. فأجابته :
ـ 38 درجة .. درجة الحرارة الطبيعية هي أقل من ذلك بدرجة واحدة .. ولكن لا شئ يستدعي القلق ..
قامت بعد ذلك بتبديل كيس المغذي الذي بدا شبه فارغا بآخر ممتلأ .. ومن ثم قالت موجهة كلامها إلى الوليد :
ـ يمكنك يا سيد وليد أن تذهب إلى البيت وترتاح هذه الليلة .. لا داعي للقلق نحن نعتني بها جيدا
ألتفتت إليها قبل أن تتابع قائلة :
ـ ألا توافقيني الرأي سيدة سارة ؟!
انزعجت من اقتراحها كثيرا وخشيت أن يوافقها الوليد ويرحل .. فوجدت نفسها رغما عنها تمسك بقبضة يده عوضا عن أن تجيبها .. تمسكها ببقائه وعدم جرئتها على البوح بذلك جعلها تبدي ردة الفعل الصامتة هذه ..
لم يتأخر الوليد في الرد حينما أجابها قائلا :
ـ أنا واثق من اعتنائكم بها جيدا .. ولكنني أفضل البقاء هنا مع زوجتي .. وإذا كنت تتحدثين عن الراحة فهذه الكنبة تقوم بالواجب ..
ارتاحت كثيرا من رده .. فبدأت تخفف من قبضتها على يده ومن ثم تركتها .. ولكنه استمر ممسكا بيدها رغم ذلك !
لم يطل بقاء الممرضة في الغرفة .. فما إن انتهت من تركيب المحلول حتى تمنت لهم الشفاء ومن ثم انصرفت ..
وحينها التفتت إلى الوليد وسألته :
ـ كم الساعة الآن ؟؟
ـ إنها الثامنة مساء
ـ حينما خرجت من عندي وقت قدوم سمر لزيارتي .. لما لم تعد بعدها ؟
ـ بلى..عدت بعد دقائق من خروج سمر من عندك .. ولكنك كنت سبقتني إلى النوم
سادت فترة من الصمت بينهم .. سحب خلاله كرسي ووضعه بجانبها ثم جلس عليه .. ومن ثم تكلم أخيرا :
ـ انت محظوظة لأنه لديك صديقة مثر سمر .. كان من الممكن أن تتجاهل تأخرك في ذلك اليوم .. ولكنها لم تفعل !
ـ سمر تكون صديقتي منذ أول عام لي في الجامعة .. وكنا نتشارك غرفة واحدة حينما كنت في السكن الجامعي .. إنها من الأشخاص النادرين الذين وهبتهم لي الحياة ..
ـ نعم تبدو مخلصة جدا لك ..لم تفوت يوم إلا وأتت لزيارتك فيه ..
توقف عن الكلام .. فبدأ التوتر ينتابها لأنها ظنت أنه سيحدثها عما فعلته سمر معه وعن اتهامها له بأنه حاول قتلها !! .. ولكنه فاجأها بأنه لم يفعل .. ولم يقل شيئا في هذا الأمر ..
فقط اكتفى بإبداء إعجابه بإخلاصها له ..
وهي بدورها تظاهرت بأنها لا تعلم شيئا عن هذا الأمر .. لأنه لو فتح الموضوع معها فستموت خجلا ..
لا شك أنه لاحظ أنها كانت تحكي الكثير من أمورهما الشخصية لسمر.. وتسائلت ما إذا كان ذلك قد أغضبه أم لا ؟!!
لم يطل حديث الوليد معها .. فما هي إلا دقائق حتى وجدته ينهض من جانبها بعد أن طلب منها أن تعاود النوم .. ومن ثم تمدد هو على الكنبة وسريعا ما خلد إلى النوم .. أما هي فلم تستطع النوم أبدا .. وظلت تتقلب طوال الليل .. كان الألم قد عاد يساورها في أنحاء جسمها كلها .. وخاصة في بطنها ..
فكرت ما إذا كان المغذي السابق يحتوي على مسكن لهذا لم تكن تشعر بالألم .. أما بعد أن بدلته فلم تضع لها مسكنا !! .. ربما كان عليها أن تطلب منها ذلك بنفسها ..
أكثر من مرة كانت ستهم بإيقاظ الوليد ليطلب من الممرضة إعطائها شيئا يسكن ألمها .. ولكنها كانت تتراجع .. فقد بدا غارقا في النوم ولم تحب إزعاجه ..
بقيت على هذا الحال طوال الليل .. كانت تغفو بعض الوقت ومن ثم تستيقظ من جديد .. وهكذا إلى أن رأت ضوء النهار يتسلل عبر النافذة .. وحينها غفت مرة أخرى .. ولكنه كان مناما مزعجا ..
حلمت فيه بأنها تهوي من فوق السلم وشعرت بأن قلبها يهوي أيضا معها .. حتى اصطدم جبينها بالأرض بقوة .. فانتفضت من مكانها وفتحت عينيها مفزوعة ..
فلاحظت يد الوليد الموضوعة على جبينها .. ولكنه ما إن رآها تنتفض حتى قال لها مطمئنا :
ـ لا تخافي .. يبدو أنك كنت ترين مناما مزعجا .. لذلك حاولت ايقاظك ..
ابتلعت ريقها وقالت له وهي تلهث وتتصبب عرقا :
ـ أريد أن أشرب .. أشعر بالظمأ الشديد
وعلى الفور وجدته يضغط على زر ما في سريرها فارتفع الجزء الأعلى منه قليلا ليجعلها في وضعية الجلوس .. ومن ثم تناول كأس به ماء من جانبها وبقي ممسكا به وهي تشرب ..
وحينما أعاده إلى مكانه لاحظت أن هناك ساعة صغيرة قد وضعت بجانبها .. فابتسمت لذلك وقالت له وهي تشير إليها :
ـ لابد وأنك من قمت بوضعها .. أنا حقا ممتنة لك
بادلها الوليد الابتسامة وسألها :
ـ هل انتي بخير ؟؟ لم تكفي عن التألم طوال نومك
ـ نعم أظن أني بخير الآن ..
لم تحب أن تبدأ في الشكوى له وأن تشغل باله بمعاناتها طوال الليل .. لذا اكتفت بهذا الرد .. ولكنها ما إن رأته يقرب صينية عليها وجبة فطور لها حتى بدأت ندمت على عدم قولها الحقيقة .. وقالت له معترضة :
ـ لا مستحييل .. لا يمكنني أن آكل شيئا
ـ ولم لا ؟!! .. سأساعدك كي تأكلي .. فلابد أن تأكلي شيئا .. لا خيار آخر أمامك ..
ـ وليد صدقني لا أستطيع .. ينتابني الغثيان بمجرد أن أشتم رائحة الطعام .. جسمي كله يؤلمني وخاصة معدتي.. عانيت بسببها طوال الليل ولم أتمكن من النوم جيدا ..
عقد الوليد حاجبية عابسا وهو يقول لها :
ـ لم تنامي طوال الليل !! .. لما لم توقظيني إذا ؟!! .. وكيف لم تعطيكي الممرضة أية مسكن حينما دخلت في الليل ؟!!
لم تجيبه بشئ .. فقد شعرت بالخوف بعد أن بدا عليه الغضب .. فتركها وخرج من الغرفة .. ثم بعد عدة دقائق وجدته يعود من جديد ولكنه بدا أكثر هدوءا ..حتى أنه ابتسم لها ليزيل الوجوم الذي بدا على وجهها وقال لها :
ـ ستأتي الممرضة في الحال .. طلبت منها أن تعطيكي شيئا يخفف آلامك ..
سكت قليلا قبل أن يتابع :
ـ ولكن هذا لن يعفيكي من الأكل .. قال الطبيب أن عليك أن تبدأي في أكل شئ اليوم
علقت على كلامه متأففة :
ـ قال اليوم .. هذا لا يعني الآن وفي تلك اللحظة بالضرورة !
ـ حسنا سيأتي ليتفحصك الآن وسنسأله على أية حال
اتسعت عيناها وهي تسمع جملته الأخيرة .. وسألته بارتاك :
ـ من ؟!! .. تقصد دكتور مصطفى ؟!
ـ نعم .. هذا من أقصده .. يبدوأن صديقتك سمر قد أخبرتك إذا !
ـ دكتور مصطفى سيأتي الآن ؟!!
ـ لما كل تلك الدهشة ؟! .. نعم سيأتي الآن تماما ككل يوم .. ولكن هذه هي المرة الأولى التي تكوني مستيقظة فيها في هذا الوقت
تمنت في تلك اللحظة لو أنها بقيت نائمة وأنها لم تستيقظ الآن حتى تتجنب مقابلته .. ولكن لا جدوى من ذلك .. هو الطبيب المسؤول عن حالتها وعاجلا أم آجلا ستراه ..
ـ يا إلهي ..
هكذا قالت بتوتر ..مما جعل الوليد يكتم ضحكته وهو يسألها :
ـ ألهذه الدرجة انت تخشين مواجهته ؟!!
ـ أنت لا تعرف ماكم الحماقات التي أرتكبتها حينما كنت أتدرب معه
ـ ومن قال لك أني لا أعرف ؟!!
ـ ماذا تقصد ؟!! هل أخبرك بشئ ما عني ؟!!!!
ـ حسنا لا داعي لكل ذلك الرعب .. انتي مريضته الآن ولست متدربة لديه لذا لا تشغلي بالك ..
إذا هو يعرف ولو القليل عما كانت ترتكبه في تدريبها ..هذا واضحا جدا .. لابد وأن دكتور مصطفى هو من أخبره
ازداد توترها وارتباكها أكثر .. ووجدت نفسها تقول له :
ـ أريد طرحة كي أغطي شعري بها ..
بدا متفاجأ من طلبها .. وأخذ يلتفت حواليه وكأنه يحاول أن يجد لها شيئا تضعه على رأسه .. ولكنه قال أخيرا :
ـ في الوقت الحالي لا يوجد شئ تضعيه على رأسك .. ولكني حينما أعود إلى المنزل لأبدل ملابسي سأحضر لك احدى طرحك من هناك ..
ـ لااااااا .. لايمكن هل سيراني بشعري ؟!!
ـ أنا لا أريد أن أصدمك .. ولكنها ليست المرة الأولى التي يراكي فيها بشعرك .. لقد كنتي غائبة عن الوعي ليومين وكان يراك فيهما كثيرا وانتي على تلك الهيئة !!
تنهدت بضجر قبل أن تعاود سؤاله :
ـ حسنا كيف أبدو ؟؟
ـ ماذا ؟!!
جاء سؤال الوليد مستفسرا وهو لم يفهم ماعنته بسؤالها .. فأجابته موضحة :
ـ أقصد كيف يبدو شكلي ؟؟ هل شعري مرتب ؟؟
ظل الوليد يحدق بها دون أن ينطق بكلمة .. فقالت له مدافعة عن نفسها :
ـ لا تستغرب هكذا .. لن يكون ظريفا أن يراني الطبيب الذي كان يدربني في يوم ما وأنا على هيئة غير مرتبة
تكلم الوليد أخيرا وهو يحاول أن يبدو جديا فيما يقوله :
ـ حسنا لست بذلك السوء كله .. صحيح أن وجهك شاحبا ويبدو مخيفا بعض الشئ بتلك الهالات السوداء التي تحيط بعينيك .. ولك لا بأس بذلك
انفجر الوليد من الضحك بعد أن شاهد كيف كان وقع كلماته عليها .. وتابع يقول لها :
ـ لا أصدق أنك تهتمين بشكلك حتى وانت في هذه الحالة ! .. لطالما كانت النساء لغزا محيرا !!
لم يخفف مزحه من توترها وراحت تسأله وهي لازالت مستائة :
ـ هل حقا وجهي يبدو شاحبا ومخيفا ؟؟
راحت تحاول ترتيب شعرها بيديها وأخدت تفك بعض عقده بأصابعها ..
ـ انت جميلة في كل حالاتك
قال لها الوليد ذلك ثم غمز لها بعينيه .. مما جعلها تشعر بأن قلبها سيتوقف من شدة السعادة .. كان هذا اخر ماتتوقع أن تسمعه من الوليد !!
حاولت أن تخفي سعادتها وقالت له بلا مبالاة :
ـ أعرف أنك تجاملني .. لقد تعاملت مع مرضى كثر وأعرف كيف يكون شكلهم في تلك الحالة ..
هم الوليد ليعترض على كلامها وكلنه توقف بعد أن سمعوا أحدهم يفتح باب الغرفة ويدخل ..
أحمر وجهها خجلا وهي ترى دكتور مصطفى يقف أمامها .. وتمنت لو أنها تذوب وتختفي من هذا المكان ..
لاحظت كيف سلم على الوليد بحرارة وقد بدا أن هناك صداقة قد نشأت بينهم خلال الفترة القليلة السابقة التي أتت فيها إلى هنا .. ومن ثم ابتسم لها وتعامل معها بلطف أنساها أن هذا هو نفسه مدربها في السابق ..
ولكنها لم تعجب من ذلك فلطالما شاهدت أسلوبه المختلف تماما مع المرضى .. كان يتعامل معهم بلطف على عكس تعامله معهم !
أخذ يقرأ التقرير المعلق عند سريرها ومن ثم راح يفحص نبضها بسماعاته .. استغرق الأمر عدة دقائق قبل أن يتكلم أخيرا ويقول :
ـ أنا فخور جدا بك .. انت قوية جدا وتستجيبين للعلاج بشكل جيد .. كما أن تنفسك بات منتظما .. ستدخل الممرضة بعد قليل وستنزع عنك أنبوبة التنفس ..
ـ وأخييييرا
قالت ذلك بسعادة غامرة .. فقد كانت منزعجة كثيرا من تلك الأنبوبة وتمنت أن تتخلص منها سريعا .. وتابعت تسأله :
ـ متى سأخرج من المستشفى ؟؟ .. فأنا لا أريد أن أتغيب عن الجامعة وقتا أطول ..
ـ مازال الوقت مبكرا على هذا السؤال .. انت تعانين من الاجهاض وجرحك لم يلتئم بعد
تضجرت من رده فقال لها معاتبا :
ـ انت طبيبة ولابد أنك تفهمين ذلك جيدا .. ولكن لا تقلقي .. إذا بقيت حالتك منتظمة مدة أسبوع فسنأذن لك بالخروج
تابع يقول لها وللوليد أن عليها أن تبدأ في تناول شيئا من الطعام .. وقبل أن ينصرف لاحظت أشار للوليد بوجهه كي يخرج معه .. ففهمت أنه يريد أن يتحدث مع الوليد دون أن تسمعهما .. الأمر الذي أغضبها كثيرا وشعرت بالحنق عليهما .. فالمريض هو أولى الناس بمعرفة تفاصيل حالته ..
ولم تمر لحظات على خروجهما حتى دخلت إليها الممرضة .. قامت بمساعدتها على نزع أنبوبة التنفس .. ومن ثم قامت بتجديد الشاش على الجرح .. وأخيرا أعطتها ابرة وقالت لها بأنها ستسكن من ألمها وستساعدها على النوم ..
وبالفعل بعد دقائق قليلة لم تعد تشعر بأي ألم .. وبدأت تشعر بالنعاس حيث أنها لم تنم سوى ساعات قليلة من الليل .. فراحت تحاول النوم ..
كانت شبه نائمة حينما شعرت بأحدهم يدخل الغرفة .. فسألت دون أن تفتح عينيها :
ـ وليد ؟؟ أنت هنا ؟؟
سمعت صوته وهو يجيبها :
ـ نعم أنا هنا .. جئت للتو
ـ هل يمكنك أن توقظني حينما تأتي سمر لزيارتي ؟
ـ حسنا يا حبيبتي سأفعل ..
لا تدري هل ما سمعته كان حقيقة أم حلما .. هل حقا قال لها الوليد "ياحبيبتي" !!
أما أنها بدأت تهذي بسبب النعاس !! .. تمنت لو أنها تستطع أن تفتح عينيها وتتأكد مما سمعته .. ولكن النوم كان قد غلبها .........…..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
كان صوت سمر مزعجا مما جعلها تستيقظ بسرعة .. بقيت معها سمر طوال ساعيتن الزيارة .. وراحت تحاول معها في أن تأكل شيئا من وجبة الغداء التي أدخلتها الممرضة ولكنها لم تستجب لذلك .. كما أن سمر لم تلح كثيرا ..
وبانتهاء وقت الزيارة وعدتها سمر بأنها ستعاود زيارتها في الغد ومن ثم ودعتها وخرجت ..
لم تمضي دقائق على ذهابها حتى دخل الوليد إليها .. كان قد بدل ملابسه ولم يعد يرتدي بذلته الرسمية .. بل ارتدى قميصا مخطط باللونين الأبيض والأخضر وبنطلون جينز .. كان يرفع أكمام قميصه قليلا فظهرت يداه .. من النادر أن يرتدي الوليد ملابسا غير رسمية كهذه .. ولكنه بدا أكثر جاذبية فيها ..
شعرت أيضا باختلاف كبير في لحيته .. لقد عادت خفيفة كما في السابق .. وانتهبت إلى أنه قد أهملها طوال الأيام السابقة منذ دخولها إلى المستشفى ..
ـ أحضرت إليك هذه الطرحة من المنزل
قال لها ذلك وهو يناولها إياها .. فعلقت قائلة :
ـ وأخيييرا ..
راح يحرك طاولة الطعام لتصبح فوقها ومن ثم جلس على الكرسي بجانبها ...
ـ لن تستطيعي التهرب هذه المرة ..
بدأت تعترض على ماقاله ولكنه بدا مصمما ولن يثنيه شئ فاستسلمت أخيرا وقالت له :
ـ حسنا ولكن سأتناول الشوربة فقط ..
تفاجأت بأن الوليد هو من أمسك بالمعلقة وبدأ في إطعامها بنفسه !! .. غمرتها السعادة لذلك مما جعلها تستمر في تناولها منه حتى بعد أن شعرت بأن معدتها قد اكتفت ولن تتحمل المزيد ..
ـ راائع .. لقد أنهيتي الصحن كله .. يبدو أنك كنت تدلعين فقط !
لم تعلق بشئ على كلام الوليد لأنها بدأت تشعر بالغثيان .. وراح نفسها يتسارع والعرق يتصبب من جبينها ..
لاحظ الوليد مابدا عليها من شحوب وبإشارة من يدها فهم على الفور ماتقصده ..
فأتى لها مسرعا بكيس .. وحدث ما كانت تخشاه .. تقيأت كل ماتناولته !! .. تمنت لو أن الأرض قد ابتلعتها قبل أن يحدث هذا أمام الوليد ..
وعلى الفور بدأ الوليد يمسح وجهها بمنديلا بلله بقليل من الماء .. كانت ملامح الوليد قد تبدلت كليا وبدا عابسا جدا الآن ..
شعرت بالضعف الشديد حتى أنها لم تستطع أن تعيد ظهرها إلى الخلف لإسناده على الوسائد من خلفها ..
فرأت الوليد يجلس بجانبها على السرير ليصبح ملاصقا لها .. ومن ثم أحاطها بذراعيه .. فتركت رأسها يستند على صدره ..
كانت تشعر بأنفاسه .. ورائحة عطره تلوح في أنفها .. فتمنت لو أنها كانت بحال أفضل لتتمكن من الاستمتاع بتلك اللحظة ..
شعرت بأن الجو من حولها قد أصبح باردا فجأة .. فبدأت ترتجف .. وأحس هو بذلك فراح يربت على ذراعيها في محاولة منه لتدفئتها .. وسمعته يهمس لها بصوت هادئ :
ـ لا بأس .. لا بأس ..حاولي أن تسترخي
وخلال لحظات كانت الممرضة في الغرفة .. وما إن رأتها حتى سألت الوليد :
ـ مابها .. مالذي جرى لها ؟!!
ـ انتابها الغثيان بعد أن تناولت الشوربة !! .. لم يكن من المفترض أن تشربها كلها مرة واحدة ..
ـ لا شئ مقلق .. لم يدخل الطعام إلى معدتها منذ أيام فمن الطبيعي أن يحدث ذلك معها .. لكن ذلك لا ينافي أن تحاول الأكل مجددا في وقت لاحق ..
تمنت في تلك اللحظة لو أنها تمتلك القوة لتقوم بصفعها .. هي على تلك الحالة بسبب ماتناولته ومع ذلك تتحدث بكل برود على أنها لابد أن تأكل مجددا !!
تسائلت في نفسها .. كم من المرضى تمنوا صفعها هي أيضا أثناء فترة تدريبها ؟!!
خرجت الممرضة من الغرفة وهي تحمل صينية الطعام ومن ثم عادت بعد دقائق وهي تحمل كوب ليمون .. وضعته بجانب الوليد وطلبت منه أن يساعدها في شربه .. ثم خرجت ..
حينما حمل الوليد طوب الليمون ورأته يقربه من فمها كي تشرب .. شعرت بالحنق والغضب .. فاعترضت بصوت غاضب :
ـ لا .. لا أريد .. لا أريد .. يكفي ماحدث بسبب الشوربة !!
ثم أخذت دموعها تنهمر من شدة انزعاجها .. ولكن ما فعله معها أنساها كل غضبها وكل تعبها .. حيث راح يمسح دموعها بأصابعه .. وطبع قبلة على رأسها قبل أن يقول لها بلطف :
ـ صدقيني إذا شربتي عصير الليمون ستشعرين بتحسن كبير ..
قرب لها الكوب من جديد .. وهنا استسلمت وشربت دون أن تعترض مجددا .. ادهشتها قدرة الوليد على تغيير موقفها بهذه السرعة !!
وبالفعل أخذت تشعر بتحسن وهي تشرب عصير الليمون .. وبدأ شعور الغثيان يختفي تدريجيا ..
وبعد أن تناولته بالكامل أبقيت رأسها مسندة على صدر الوليد .. وهي لا تذكر متى ولا كيف قام من جانبها .. لأنها على مايبدو قد نامت من جديد ..
هذا الصوت .. تعرفه جيدا .. المبالغة في جعل صوتها ناعما .. والحديث بدلال يفوق الحد .. من سيكون غيرها إذا ..
فتحت عينيها وألتفتت إلى مصدر الصوت وهي تعرف صاحبه جيدا .. لتراها تجلس هناك على الكنبة والوليد يحاوطها بذراعه .. إنها لمياء لا غيرها !!
ـ حمدا لله على سلامتك سيدة سارة .. آمل أن لا نكون قد أزعجناك بصوتنا ..
كانت تلك هي خيرية حيث كانت تجلس على الكرسي الذي بجانبها .. وأعقب قولها هذا قول لمياء لها بفظاظة :
ـ كفاااارة !
تنحنح الوليد مرتبكا وكأنه يحاول أن ينبه لمياء ..
لو كانت تتمنى شئ من هذا الحادث الذي تعرضت له .. لتمنت لو أنها تلقت ضربة على رأسها أنستها كل شئ يتعلق بتلك الكائنة "لمياء" .. كانت بالفعل لا تذكرها حينما استفاقت .. ولكن ما إن أراها الوليد صورتها حتى تذكرتها للأسف !!
ردت عليهم أخيرا قائلة :
ـ شكرا لكم ..
راحت خيرية تتحدث معها وتسألها عن صحتها وهي تجيبها وتتظاهر بأنها منتبهة لها .. ولكنها في الحقيقة كانت تختلس النظر إلى لمياء والوليد بين الحين والآخر .. اللذان لم يكونان يشاركانهما الحديث ..
بدا أن لمياء تقص على الوليد قصة حياتها كلها وتحكي له كل تفاصيل الرحلة .. وهو بدوره كان منصتا جيدا لها وبدا مهتما لما تقوله ..
كانت لمياء قد تركت شعرها ينسدل على كتفها العاري الذي اكتسى هو وباقي بشرتها باللون البرونزي .. وكذلك ارتدت بنطلون جينز قصير كشف عن ساقيها البرونزيتين .. بدت وكأنها تستعرض لونها الذي اكتسبته مؤخرا نتيجة تعرضها للشمس أثناء رحلتها ..
ولا تنكر أنها قد بدت أكثر جمالا وجاذبية في هذا اللون .. بدأت تشعر بالاستياء من اهتمام الوليد بلمياء واهماله لها طوال فترة وجودها ..
الأمر الذي ذكرها بالحادث الذي تعرضت له لمياء من قبل حينما أصيبت في أنفها .. وكيف كان اهتمام الوليد بها .. وكيف أنها تمنت حينها لو أنها تكون مكان لمياء !!
لقد اعتنى الوليد بها بالفعل حتى أكثر من اعتنائه بلمياء في ذلك الوقت .. ولكنه بدا حريصا على أن لا يظهر ذلك أمام لمياء !!
تذكرت كيف كان الوليد يتجاهلها طوال الوقت قبل الحادث .. وكيف كان لا يعيرها أي اهتمام وقت الفطور في كل صباح .. وينشغل الوقت كله بالحديث مع لمياء ..
في ذلك الصباح .. تذكرت أنها أعدت الفطور لتستمتع في تناوله معه بمفردهما دون وجود لمياء ولا خيرية ..
تذكرت كيف خاب أملها حينما أخبرها بأنه سيتناول فطوره في العمل وحينما رفض توصيلها في طريقه ..
تذكرت أيضا أنها كانت تريد أن تصارحه .. أرادت أن تصارحه بحبها !!!
اندفعت تهبط السلم مسرعة لتلحق به .. تذكرت الضربات التي تلقتها بعد أن تعثرت في السلم .. تذكرت الألم الذي شعرت به وقتها .. تذكرت كيف كان كل شئ يدور من حولها وكيف شعرت بالظلام الذي حل في المكان .. تذكرت طعم الدماء في فمها ..تذكرت أن آخر ما نطقت به كان اسمه !!
لقد تذكرت كل شئ الآن .. وبطريقة أو بأخرى كانت لمياء هي السبب وراء ذلك ..
تعامل الوليد معها في وجود لمياء أحيا بداخلها مشاعر قديمة .. واحساسها بتلك المشاعر من جديد جعلها تتذكر كل هذا ..
مضت نصف ساعة تقريبا على قدومهم إلى أن نهضت لمياء من مكانها وطلبت من خيرية أن تلحق بها دون حتى أن تلتفت إليها .. وخرجت من الغرفة برفقة الوليد ..
ولكن خيرية لم تلحق بهم على الفور .. وبدا أنها كانت تنتظر خروجهم لتقول لها شيئا .. فتكلمت قائلة والدموع تتجمع في عينيها :
ـ لازلت أشعر بتأنيب الضمير لأنني لم أكن موجودة وقت سقوطك من على السلم ..
ـ لا تقولي هذا يا خيرية .. إنه القدر .. ووجودك لم يكن ليمنعه ..
مسحت خيرية دموعها وقالت لها :
ـ معك حق .. قدر الله وما شاء فعل .. ولا تحزني على الطفل .. مازلت صغيرة والعمر أمامك انت والوليد .. سيعوضكم الله بطفل غيره ..
زادتها تلك الكلمات آسا وحزنا !! .. هل يعقل أن خيرية لازالت تظن أن حياتها هي والوليد ستستمر وأنها ستنجب منه طفلا آخر ؟!! .. ألا ليت كل مايتمناه المرء يدركه ..
ودعتها خيرية أخيرا وتمنت لها الشفاء.. وحينما خرجت من الغرفة تركت الباب مفتوحا .. فتمكنت من رؤية لمياء وهي تحتضن الوليد وتودعه بدلال .. ومن ثم سمعتها تسأله :
ـ ألازلت مصرا أن لا تأتي معنا ؟؟
أجابها الوليد بعد أن طبع قبلة على خدها :
ـ لقد أجبتك من قبل .. لذا كفي عن تكرار السؤال ..
أغمضت عينيها محاولة النوم .. وهي تشعر أن ذاك هو السبيل الوحيد للتهرب من واقعها .........
في اليوم التالي حينما اتت سمر لزيارتها أخبرها الوليد بأنه سيذهب إلى الشركة لإنجاز بعض الأمور العالقة .. وأنه قد يتأخر بعض الشئ ..
وبعد ذهاب سمر من عندها بقيت بمفردها باقي اليوم .. مما جعلها تشعر بالملل ..
حينما أدخلت لها الممرضة وجبة العشاء كانت الساعة تشير إلى السابعة مساء .. ولم تشعر بأي رغبة في الأكل .. فقررت انتظار الوليد حتى يأتي ليساعدها في الأكل ..
نهضت من السرير وقررت أن ترتدي احدى بيجاماتها التي أحضرها لها الوليد في هذا الصباح .. بعد أن كانت قد أوصت خيرية بالأمس بتجهيز بعض الملابس لها وإعطائها للوليد حينما يعود إلى المنزل في أي وقت ..
كانت قد ملت كثيرا من ملابس المستشفى تلك .. لذا طلبت من خيرية ذلك ..
دخلت إلى الحمام .. وبدأت في تبديل ملابسها .. بذلت مجهودا كبيرا في ذلك !! .. واستغرقت الكثير من الوقت أيضا !!
وبعد أن انتهت أخيرا كانت تلهث .. و شعرت بالعرق يتصبب من جبينها .. فوقفت أمام الحوض وبدأت في غسل وجهها عل ذلك يجعلها تشعر بتحسن ..
لفتت انتباهها المرآة التي كانت أعلى الحوض ..لم ترى شكلها منذ أن دخلت إلى المستشفى .. لذلك صعقت مما رأته !! .. بدت كالأموات ! .. كان وجهها شاحبا جدا .. أما جفونها فقد اكتسبت اللون الأصفر .. وتحت عينيها كانت تحيط بهما هالات من السواد ..
أما جسدها فلم تظهر له أي ملامح .. وشعرت بأنها قد خسرت مالايقل عن عشرة كيلو جرامات من وزنها !!
أدركت مدى فظاعة ما تعرضت له من شكلها هذا .. لقد رأت مرضى بهذه الهيئات أثناء تدريبها ولكنها لم تتخيل يوما أن تصبح واحدة منهم ..
خرجت من الحمام وهي تشعر بدوار شديد .. كان كل ما تأمله هو أن تصل إلى السرير وتتمدد عليه .. ورغم أنه لا يفصلها عنه سوى بعض الأمتار إلا أنها شعرت أنه بعيدا .. بعيدا جدا !!
بقيت مستندة على الحائط من ورائها خشية أن تفقد توازنها .. ولكنها في لحظة ما لم تعد تفرق بين الحائط والأرض ! .. وشعرت بأنها قد تقع في أية لحظة ..
فجلست على الأرض ودفنت رأسها بين ذراعيها المستندتان على ركبتيها ..
حاولت أن تتذكر شيئا مما درسته في هذه الحالات .. كانت تحاول بشتى الطرق أن لا تصاب بالإغماء وأن تبقى في وعيها ..
ولكنها بقيت على هذا الوضع حتى سمعت أحدهم يدخل إلى الغرفة ..
لم تستطع أن ترفع رأسها لترى وجه من دخل ..
ـ سارة مابك ؟؟ ماذا جرى لك ؟؟ أخبريني هل انت بخير ؟!!
عرفت على الفور أن هذا هو صوت الوليد .. كانت نبرة القلق بادية في صوته .. وبسرعة اقترب منها وجلس بجانبها على الأرض وقام برفع رأسها ليتأكد من أنها لا زالت في وعيها ..
حينما رفع رأسها أخذت تنظر إليه وتتأمله .. ولأول مرة في حياتها ترى الوليد خائفا هكذا .. وتسائلت ما إذا كان كل هذا الخوف بسببها هي ؟!!
وأخيرا اجابته قائلة :
ـ أنا .. أنا فقط كنت في الحمام .. ولكنني لم أستطع العودة إلى السرير لأنني شعرت بالدوار ..
راح الوليد يزيل شعرها من فوق عينيها وقال لها :
ـ حسنا تعالي .. أنا سأساعدك ..
أحاط ذراعيه بخصرها وهم لينهض بها ولكنها سحبته ليجلس مرة أخرى .. وبدت أنها ترفض القيام معه .. مما جعله يسألها في حيرة :
ـ مابك ؟!!
ـ هل حقا تريد أن تساعدني ؟؟
ـ نعم بالطبع .. سأوصلك إلى السرير
ـ ولما ؟؟
نظر إليها الوليد متحيرا وهو لم يفهم ما تقصده من سؤالها .. فتابعت تسأله :
ـ لما تهتم لأمري ؟؟
تردد قليلا قبل أن يجيبها قائلا :
ـ لأنني ...
قاطعته قبل أن يكمل كلامه قائلة :
ـ لأنك تشعر بالذنب تجاه ماحصل للطفل ؟؟ أتشعر بتأنيب الضمير ؟؟
تجاهل الوليد أسئلتها وهم لينهض بها مرة أخرى ولكنها عادت وامتنعت عن القيام وأكملت تقول :
ـ هل تعلم أني تذكرت كل ماحدث معي في وقت الحادث ؟؟
ـ ليس هذا وقته الآن .. قومي معي فأنت تبدين شاحبة جدا ..
ـ هل تعلم لماذا نزلت السلم مسرعة ؟؟
وضع الوليد يده على جبينها ليقيس حرارتها .. ومن ثم قال لها بغضب :
ـ قومي معي يا سارة .. حرارتك مرتفعة يجب أن يأتي الطبيب لكي يفحصك ..
بدا عليه نفاذ الصبر ..وشعرت بأنه قد يحملها رغما عنها إلى السرير .. ومع هذا استمرت تتكلم قائلة :
ـ كنت أريد أن ألحق بك قبل أن تذهب إلى العمل ..
سكتت برهة تلتقط أنفاسها ومن ثم تابعت :
ـ حينما رفضت تناول الفطور معي وإيصالي معك في الطريق .. قررت أن ألحق بك .. كنت مصممة على مصارحتك ..
لم يلح عليها الوليد هذه المرة وبدا أنه يحاول أن يفهم مغزى ما تريد قوله ..
ـ أردت أن أخبرك بأنني .. بأنني ..........................................
|