كاتب الموضوع :
طمووح
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: حبيب تحملت منه الأذى
____________________________________
كان ضوء الشمس قد بدأ يتسلل إلى الغرفة حينما فتحت عينيها ..
اعتدلت في جلستها على السرير وراحت تتحسس جبينها وهي تتسائل هل كان ماعاشته مع الوليد ليلة أمس واقعا أم حلما ؟!!
نظرت بسرعة إلى جانبها حيث وضعت علبة الساعة فوجدتها في مكانها .. إذا كل ماحدث بالأمس كان واقعا .. واقعا جميلا تعيشه لأول مرة مع الوليد ..
لم يكن لديها أية محاضرات هذا اليوم .. ولكنها لم تستطع أن تفوت فرصة تناول الفطور مع الوليد .. فنهضت بسرعة من على السرير لتبدل ملابسها .. وارتدت كما لو أنها ستخرج من البيت إلا أن الفارق هو أنها تركت شعرها ينسدل على كتفها ولم تغطيه ..
ترددت كثيرا في ارتداء الساعة التي أهداها لها .. فهي تخشى أن يلاحظ مدى اهتمامها بهديته .. ولكنها سرعات ماطردت تلك الأفكار من رأسها وقررت أن ترتديها .. فليلاحظ الوليد مشاعرها .. ربما يكون احساسها صادقا ويكون هو الاخر قد بدأ يبادلها نفس المشاعر ..
حينما دخلت غرفة الطعام لم يكن بها أحد سوى لمياء .. فشعرت بالانزعاج وتمنت لو أنها تأخرت قليلا في النزول حتى يكون الوليد موجودا ولا تضطر للبقاء وحدها مع لمياء ..
تنهدت بعمق وقررت أن تواجه الأمر الواقع .. فألقت عليها تحية الصباح على مضض واتخذت مكانها أمامها كالعادة .. ولم تعرها لمياء أي انتباه .. وكأنه لا يوجد أحد قد دخل منذ قليل !!
فحاولت هي الأخرى أن تتجاهل التفكير بها حتى لا تعكر صفو مزاجها .. وأشغلت تفكيرها بالوليد .. وعما إذا كان سيأتي ويتناول معهم الفطور أم لا ..
دخلت خيرية وهي تحمل صينية الشاي .. وما إن لاحظت وجودها حتى قالت :
ـ صباح الخير سيدة سارة
ـ صباح الخير
ـ تبدين في غاية النشاط اليوم
ابتسمت لها سارة وهي تتسائل ألهذا الحد تبدو عليها السعادة ؟!! ..
ـ صباح الخير جميعا
كان هذا هو صوت الذي تنتظره .. صوت الوليد ..فرفعت رأسها لتراه وقد أتى أخيرا .. وما إن انضم إليهم على المائدة و بدأت تشتم رائحة عطره حتى بدأ قلبها يخفق بشدة .. وتمنت لو أن تتصرف على طبيعتها وأن لا ترتبك ..
ـ يبدو أن الجميع قد سبقني على الفطور اليوم
قال الوليد ذلك فأسرعت لمياء تجيبه :
ـ لقد تأخرت في النوم اليوم على غير عادتك
أخذت تتأمل الوليد وقد بدا عليه هو أيضا الحيوية و النشاط .. وبينما هي تتأمله هكذا رفع الوليد رأسه إليها وألتقت أعينهما .. ثم .. وفي حركة لم تتوقعها منه .. غمز لها بعينه .. مما جعلها تكتم ضحكتها حتى لا تلاحظهما لمياء ..
شعرت بالسعادة لأنه صار هناك أمرا خاصا بينهما لا يشاركهما فيه أحد ..
ـ وليد أين كنت ليلة أمس ؟ .. لقد تأخرت كثيرا حتى أنني نمت قبل أن تأتي
سألته لمياء ذلك فأجابها :
ـ كان لدي عشاء عمل واضطررت أن أتأخر قليلا ..
أرتاحت كثيرا لأنه لم يخبرها بأنه كان معها .. فهذا لن يزيد لمياء إلا حقدا عليها .. كما أراحها أيضا أن خيرية لم تعلق بشئ ..
ظلت تتبادل النظرات مع الوليد من الحين للآخر .. حتى انتهى هو من فطوره ونهض من مكانه وهو يقول :
ـ من يريد أن أوصله في طريقي فليجهز الآن
وعلى الفور نهضت لمياء من مكانها هي الأخرى وقالت له :
ـ أنا جاهزة
ـ حسنا هيا بنا
سبقته لمياء بالخروج من غرفة الطعام وقبل أن يلحق بها ألتفت إليها وسألها :
ـ ألن تأتي معنا ؟؟
ـ أنا اجازة اليوم
ـ حسنا اعـتـ .....
توقف الوليد عن الكلام وقد بدا أن نظره قد توقف على يدها .. حيث ترتدي الساعة .. الأمر الذي جعلها تحمل خجلا .. وأخيرا ابتسم وتابع جملته :
ـ اعتني بنفسك
ـ وأنت أيضا
ظلت جالسة في مكانها ولم تتحرك حتى تأكدت من خروجهم من البيت .. وما إن فعلوا ذلك حتى انقضت على قهوة الوليد !
لم يكن هناك الكثير منها في الفنجان .. ولكن ما ارتشفته كان كافيا بالنسبة لها ........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
اكتفت سمر بالنظر إليها دون أن تعلق بشئ على كلامها .. فسألتها مستغربة :
ـ ألن تقولي شيئا ؟؟!!
فتكلمت سمر أخيرا قائلة :
ـ أنا لا أفهمك يا سارة .. فتارة تكوني منزعجة منه .. وتارة أخرى تأتي وكأنك قضيتي معه أجمل لحظات حياتك كما هو حالك الآن !!
ـ ومالذي يزعجك في ذلك ؟!!
ـ مايزعجني هو أنك في كلتا الحالتين تعشقينه .. وأنت لم تتأكدي حتى الآن ما إذا كنتما ستستمران معا أم ستنفصلان
ـ ولكن كل ما حكيته لك عن تصرفاته معي في اخر عشاء لنا مع بعضنا .. وعن تركه لعمله خصيصا ليأتي إلي في الجامعة ويعتذر لي .. والهدايا التي قدمها إلي .. ألا يدل ذلك على أنه صار يبادلني نفس الشعور ؟!!
ـ لنفترض أن ماتقولينه صحيحا .. لماذا لم يصارحك بحبه إذا ؟؟ .. أو على الأقل لماذا لم يخبرك بأنه قد تراجع عن فكرة الطلاق ؟؟ .. ثم ماذا عن خطيبته السابقة التي أنت نفسك قلتي لي في إحدى المرات أنه لازال يحبها وينوي الرجوع إليها .. وأنه يكرهك لأنه يراك السبب في التفريق بينهما ..
سكتت سارة وهي لا تعرف بماذا تجيبها .. فتابعت سمر تقول :
ـ لم يبقى سوى ثلاثة أشهر وتنتهي الدراسة وأنت إلى الآن لا تعرفين ما إذا كان سيطلقك بعدها أم لا !
ـ بل باقي أربعة أشهر ..
ـ وماذا سيغير ذلك الشهر ؟!!
تنهدت سمر بنفاذ صبر قبل أن تتابع كلامها :
ـ أرجوكي يا سارة .. لقد دفعتك دفعا إلى هذا الزواج ظنا مني وقتها أنه هو الأنسب لوضعك .. لا تجعليني أشعر بتأنيب الضمير نحوك .. أنا لا أريدك أن تتعلقي بآمال قد لا يكون لها وجود على أرض الواقع
ـ أعرف أن تعلقي بالوليد يقلقك .. ولكن صدقيني .. لقد أصبحت واثقة الآن من أنه قد بدأ يحبني بالفعل .. هو فقط بحاجة إلى بعض الوقت حتى يتأكد من مشاعره نحوي .. والأيام القادمة ستثبك لك صحة ما أقول ..
ـ أتمنى أن تكون توقعاتك صحيحة
كانت تتفهم سبب خوف سمر عليها .. إن سمر لا تريد لها أن تعاني .. هي تخشى أن تستمر في حبها للوليد ثم في الأخير يكون انفصالهما بمثابة الصدمة عليها ..
في واقع الأمر .. لقد كانت تبادلها هي الأخرى نفس مشاعر الخوف تلك .. فربما كانت توقعاتها خاطئة كما تقول سمر ..
الأسوأ من ذلك كله هو أنها وصلت لمرحلة لا تستطيع أن تتخيل فيها شكل حياتها من دون الوليد .. وهذا مالم تكن تريده ..........
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
مضى باقي الأسبوع سريعا ..وعاد كل شئ إلى ماكان عليه .. فقد عاد الوليد من جديد ينام معها في نفس الغرفة ..
في البداية كانت تشعر بالخوف .. تماما كما كانت تشعر في بداية زواجهما .. ولكنها مالبثت وأن اعتادت .. وساعدها في ذلك رجوعه المتأخر من العمل في الليل .. فتكون وقتها قد استغرقت في النوم ..
في وقت الفطور .. كان واضحا أن تعامله معها قد تغير تماما .. فهو لم يعد يتجاهل وجودها كما في السابق .. بل كان يظهر اهتمامه بها وكان يسألها عن أمور دراستها .. وبالطبع لم يكن ذلك يعجب لمياء .. فكانت تحاول بكل مايمكنها من طرق جذب انتباهه لها وحدها .. فهي لم تعتد أن يتحدث إلى أحد غيرها في هذا البيت ..
ولكن ذلك لم يعد يزعجها .. فاهتمام الوليد بها كان ينسيها تصرفات لمياء تلك وتعليقاتها ..
استمرت باقي الأسابيع على نفس الحال ولم يتغير شئ حتى أتى منتصف الشهر ..
في تلك الليلة .. أخذت التقويم الذي كان موضوعا بجانب السرير وراحت تنظر إليه في تجهم .. هذا أمر لم يحدث معها من قبل في حياتها .. فقد تأخرت عشرة أيام إلى الآن ..
في بعض الأحيان كانت تأتيها مبكرا عن موعدها .. ولكنه لم يسبق لها وأن تأخرت .. ثم إن عشرة أيام ليست بالقليل .. على الأقل بالنسبة لها ..
وفي لحظة ما .. خطرت ببالها تلك الفكرة .. فابتلعت ريقها وهمست تسأل نفسها في ذعر " هل يعقل أن أكون حامل ؟! "
لا تدري كم من الوقت مر عليها وهي في تلك الحالة من الذهول .. صار فكرها مشوشا تماما .. وبدأت تلتقط أنفاسها بصعوبة .. فراحت تفرك عينيها علها تستطيع التركيز ..
حاولت أن تطمئن نفسها وهي تفكر في أن كل ذلك مجرد ظنون وقد لا يكون لها أي أساس من الصحة .. لهذا فلا داعي لأن تقلق إلى هذا الحد كله ..
وبينما هي على تلك الحالة .. فتح باب الغرفة .. لترى الوليد يقف أمامها .. فانتفضت من مكانها ...
وقف الوليد يتأملها قليلا وقد لاحظ ما اعتراها .. فهمست له مدافعة عن ردة فعلها :
ـ وليد .. لقد أخفتني .. لم أتوقع أن تعود الآن ..
ـ أنا الذي لم أتوقع أن تكوني مستيقظة إلى الآن .. لقد اعتدت أن تكوني نائمة في مثل هذا الوقت
لم تعلق بشئ .. وحاولت أن تتحاشى النظر إليه حتى لا يقرأ أفكارها .. فأخفضت رأسها وانتبهت إلى أن التقويم لايزال في يدها .. فأسرعت بإعادته إلى مكانه بجانبها ..
سمعت صوت خطواته وهو يقترب منها .. ثم سألها بقلق :
ـ هل انتي بخير ؟؟
ـ نـ .. نعم إنني ... بخير
هز الوليد رأسه في إشارة إلى عدم التصديق وقال لها :
ـ لا تبدين كذلك .. انظري إلى نفسك في المرآة .. تبدين كما لو أنك رأيت شبحا !!
ـ لا .. أنـ ..أنا .. بخير
راحت تمسح وجهها الذي كان يتصبب عرقا وتابعت تقول له :
ـ إنني ... أنا فقط أشعر بالحر
رفع الوليد حاجباه استغرابا وأشار بعينه إلى المكيف وهو يقول :
ـ ولماذا صنع هذا الشئ ؟!!
ـ آه .. نعم .. صـ .. صحيح لقد نسيت أمره ..
نهضت من على السرير واتجهت نحو المكيف لتحاول تشغيله والتهرب من مواجهة الوليد قليلا ..
ولكنها من شدة ارتباكها نست حتى كيف يعمل هذا المكيف .. على الرغم من أنها تعاملت معه من قبل كثيرا ..
بقيت واقفة عند المكيف تبحث عن زر التشغيل وقد احمر وجهها خجلا من ذلك الموقف الذي أصبحت فيه .. لم تكن مستعدة إطلاقا لمقابلة الوليد في ذلك الوقت بالذات ..
ظلت تدور بيدها وهي تدعو الله أن تجد ذلك الزر لتتخلص من هذا الوضع الحرج .. فهي واثقة أن الوليد يراقب تصرفاتها المضحكة تلك ..
وأخيرا شعرت بيد تمتد فوقها .. ثم انفتح المكيف ..
كيف لها أن تنسى مكان زر التشغيل .. يالغباؤها !!
ألتفتت ببطء إلى خلفها حيث يقف الوليد وقد كان قريبا جدا منها فكان يسمع صوت أنفاسها المتسارعة ..
سادت بينهما فترة من الصمت قبل أن تقطعها أخيرا بالقول :
ـ لقد اعتدت أن أفتحه بجهاز التحكم !
ـ لو كنتي في حالتك الطبيعية لكنت قد لاحظتي أنه كان بجانبك
حولت نظرها إلى حيث يشير الوليد فرأت أن في نفس المكان الذي وضعت فيه التقويم كان جهاز تحكم المكيف موضوعا فيه .. فابتلعت ريقها وهي لا تعرف ماذا تقول له فكلما قالت شيئا لم تزد الأمر إلا سوءا ..
ـ لو كان وجودي هنا يزعجك يمكنني أن أنام الليلة في غرفة أخرى ..
قال لها الوليد ذلك بصوت دافئ فاندفعت تقول له :
ـ لا .. صدقني ليس الأمر كذلك .. ولكن ...
توقفت عن الكلام حتى تبتعد عنه وتوجهت إلى السرير لتجلس عليه ثم تابعت قائلة :
ـ لا يوجد شئ مهم .. أنا فقط بحاجة إلى النوم
رفع الوليد كتفيه مستسلما وقال لها :
ـ حسنا كما تشائين .. ولكن تأكدي إنني مستعد لسماعك إذا كان هناك ماتودين قوله ..
ـ شكرا لك ..
وضعت رأسها على الوسادة وقد تمكنت من التهرب منه أخيرا .. ولكنها بقيت مستيقطة حتى سمعته يتمدد بجانبها ..
كانت تعطيه ظهرها .. فعلى الرغم من الظلام إلا أنها كانت تخشى أن يقرأ عيونها ..
لقد اعتراها كل ذلك الاضطراب لمجرد أنها فكرت في أنها قد تكون حامل !! .. أخذت تسأل نفسها .. ماذا هي فاعلة إن كان هذا الأمرصحيحا ؟!!
راحت تفكر طوال الليل بالأمر .. كانت في لحظة ما يروق لها الأمر .. وفي لحظة أخرى تشعر بالخوف لدرجة أنها ترتجف ..
بقيت على هذه الحالة طوال الليل ولم تذق عيناها النوم حتى سمعت أذان الفجر .. فقامت وتوضأت ثم أيقظت الوليد ليصلي هو الآخر .. وكانت تلك من المرات النادرة التي تقوم فيها هي بإيقاظه لصلاة الفجر وليس العكس ..
حينما عادت مرة أخرى إلى السرير تمنت أن تتمكن من النوم قليلا قبل موعد تدريبها .. فدوامها منذ الصباح الباكر .. كما أنه سيكون عليها الذهاب قبل الموعد بقليل حتى تستطيع أن تجري تحليل الحمل .. لعلها تريح نفسها من هذا الشك الذي كاد أن يقتلها ..................
|