[QUOشكرا علي المجهودTE=زهرة منسية;3366694]
غير أبوهما الحديث بلباقة , فهو لا يحب الشجار حتى الخفيف منه , لذا لم يق لأى منهما أن تتوقف , و تكلم بلطف عن أشياء أخرى . لكنه قطب جبينه لـ شارلوت يلومها لأن طبعاً فيرتى لا تخطئ أبداً
بعد الغداءأتجها ثلاثيتهم ليتجولوا مع كاريج و يشاهدا المنزل و الأطلال المحيطة به, و هربت شارلوت للخارج , عبر الممر الملئ بالزهورحتى قمة التل المطل على المنزل . و ألقت بنفسها على العشب متطلعة بغضب إلى المنزل , إستلقت فى موقع جميل , محاطة بحفرة كانت جزءاً من النهر أو حدود المنطقة . تحوطها أشجار الفاكهة الباقية من بستان رهبان الدير, ومازال السمك يسبح فى الأحواض التى حفروها , لكن نهدمت الجدران و ما زال السمك يسبح فى الأحواض التى حفروها , لكن تهدمت الجدران التى كانت تحمى الكنيسة , كل ما بقى منها مجرد أساسات و بعض الأعمدة التى كانت تحمى الكنيسة , كل ما بقى منها مجرد أساسات و بعض الأعمدة و البوبات , و معظم الأشجار نقلت عندما تهدمت كنيسة آبى فى عصر هنرى الثامن.
كل ما بقى هو المنزل ذاته و بعض المبانى الخارجية الكبيرة المبعثرة باردة و غير عملية . لكن شارلوت أحبتها , ربما أكثر عمقاً من والدها , ورغم عدم تجالها لقدمها كما لا يعترف والدها , و هى لا تستطيع تخيل منزل آخر بإمكانها التشوق و التطلع للعودة إليه عندما تكون فى مدرستها , فمازال أمامها عامين آخرين لإنهاء دراستها و حتى يمكنها الإقامة دائماً فى المنزل , فلا يجدى أى إستعطاف لموافقة أبيها على تركها المدرسة قبل حصولها على الثانوية .
بعد نصف ساعة شاهدت الثلاثة يخرجون من المنزل بقيادة والدها , و خلفه فيرتى و كاريج , تصلب جسدها عندما رأتهم , و أشتعلت نفسها بالغيرة , لو كانت أجمل من فيرتى ! حاولت أن تتذكر كيف كانت أختها و هى فى السادسة عشر لكن فيرتى وقتها كانت فى الكلية , و هى فى المدرسة لذا قليلاً ما كانا يلتقيان, وكأن فارق الأعوام الستة بينهما قرناً من الزمان.
كان كاريج ألطف مما ينبغى , بحسب رأى شارلوت مد يده لـ فيرتى و هما يحفران حفرة حجرية , و طوق خصرها بذراعيه بينما هما ينظرون للإطلال المتناثرة.
شاهدتهم شارلوت يتجولاون جولة طويلة , مرهقة لوالدها , أنقضت ساعة قبل أن يعود هارتفورد للمنزل , بينما سار كاريج و فيرتى خلال الدير القديم متجهين ناحية المزرعة ليحاولوا إستعارة حصان الغد لـ كاريج كما هو مفترض , إبتعدا عن عين شارلوت عندئذ أستلقت على ظهرها متطلعة نحو السماء , تساقطت دموع المراهقة بسهولة من عينيها . لن تحب غيره, لدرجة أنها صدقت هذه الفكرة الخيالية عندما ألتقت به و حتى الآن لم يقع فى حبها .
بكن لفترة , ربما يساعدها البكاء لكنها تذكرت بسرعة أنه سيبقى معهم حتى ليلة الغد. فربما يكن بمقدورها جعله يغير رأيه عنها , فلو رفع عينيهلحظة عن فيرتى, و لو توقفت شقيقتها عن توجيه ملاحظاتها النابية المهينة لها و كأنها تلميذة غبية كسولة .
بذلت شارلوت مجهوداً حقيقياً لحضور العشاء تلك الليلة , أمضت وقتا كافياً فى الحمام , غسلت شعرها , حتى طرقت رينيات باب الحمام تستحثها للإسراع فى مساعدتها فى تجهيز الطعام , و ترجوها أن تجهز الخضار , و هذا يعنى أن عليها تقشير البصل لأن رينيات تتأثر عيونها منه . بالفعل قامت شارلوت بتقشيره و عصره فى الحساء ثم أندفعت صاعدة السلم فى آخر دقيقة لتغتسل ثانية ولتغير فستانها , لم يكن لديها الوقت لتجفيف شعرها جيداً أو وضع مكياجها بعناية فهى ما زالت حديثة العهد به و يستغرقها وقتاً لعمله. دقت الساعة الثامنة فهبطت السلم مسرعة و مظهرها ليس كما كانت تريده .
لم يكن يعنيها التأخير فالثلاثة كانوا يجلسون على الأريكة الطويلة يتصفحون ملف القصاصا الصحفية المنشورة عن والدها الذى لا يطلع عليه إلا من يحبهم ,أبدى كاريج أعجابه , و كانت فيرتى متكئة على كاريج . بمجرد دخولها نظر والدها مندهشاً و مستحسناً طريقة لبسها و عاد لمطالعة ملفه الصحفى , و جاءت اللحظة التى إنتظرتها شارلوت عندما قال كاريج "عفوراً, لحظة من فضلك." ثم أتجه ناحيتها " مرحباً شارلوت هليمكننى تقديم شراب لك؟"
" لماذا , لماذا ؟, شكراً أنا أحب الجن و التونيك من فضلك." أجابت بدهشة بدهشة و لا مبالاة .
ضحكت فيرتى خلفهم و قالت لها قدراً ضئيلاً من الشيرى فهو حلو المذاق."
لمعت نظرة الغضب فى عيون شارلوت , لكن كاريج صب لها الويسكى فعلاً كأساً كاملاً . فابتسمت كاريج و ابتسم كاريج و كانت أسعد لحظات حياتها .
دعم هذا ثقتها بنفسها , رغم أنها لفتة بسيطة , لا عجب من أخلاق شارلوت . أصبحت الآن متدفقة الحديث طيلة العشاء , سألت كاريج عن مشاركته فى سباق الخيل .
و أجاب:" أنا مجرد هاو , بدأت ركوب الخيل مع حصان صديقى بعد أن كسرت ساقه فى أحد المواسم و حققت بعض النتائج , شجع ذلك البعض على تقديم خيولهم لىّ للتسابق بها , و انا أتسابق كلما أمكن أحياناً صعبة , ربما لسبب مونى مهندس معمارى , منتهى فى المقدمة بالطبع."
" أين تتسابق؟" سألته كما لو كان بمقدورها الذهاب لمشاهدته , إن لم يكن بعيداً
انتزعت فيرتى منه خيط الحديث بقولها :"نعم, أحكى لنا . عندما تكسب الجولة القادمة يمكننا إقامة حفلة , ستكون ممتعة , يمكننى إحضار بعض الفتيات من الأستوديو , ماذا نحتاج أيضاً ؟ ربما بعض الشبان من شركتك؟" و بدأت تضع الخطط , وكانت النتيجة وكأن أمر الحفلة أصبح مقرراً و لم تذكر شيئاً بخصوص شارلوت .
حاولت شارلوت التحدث ثناية مع كاريج و رمقتها فيرتى بنظرة عابسة " هل تظن فعلاً, أنه ينبغى السماح لـ شارلى بكأس آخر من الخمر يا أبى ؟ لقد أصبحت ثرثارة"
هذه الملاحظة النابية الزاجرة التى أطبقت فم شارلوت للحظة , بينما تسارعت دقات قلبها لقربها من كاريج و تصاعدت الخمر و خصوصاً أن الجن أجودها إلى رأسها مباشرة.
" طبعاً نحن نعيش فى العزلة هنا " قال والدها لـ كاريج :"أنا لا أذهب إلى المدن المجاورة, عالم أضطر إلى ذلك , المدن كلها متشابهة , هؤلاء الممسوخون يهدمون المبانى القديمة , ليتاح لهم عقد صفقات لبيع أراضيها , أنا أذهب فقط إلى لندن , عندما أريد مقابلة الناشر , و أبقى فى النادى , أنا لا أستطيع الإقامة فى الفنادق الأسمنتية الملونة , لا أتذوق طعامها كلها لها مذاق واحد , و أنا كان لها مذاق أصلاً. إتسعت عيناه و كأن فكرة ما داهمته :"أقول لك يا ولدى لماذا لا تصمم فندقاً حقيقياً وفق التقاليد القديمة؟ أنا أتخيله مريح بدلاً من كونه عملياً."
ردت فيرتى متحمسة لكلام أبيها " فندق له أعمدة بدلاً من كونه علبة أسمنتية ."
تفاعل كاريج مع أفكارهم و أشعلوا حماسهم معاً , و واصلوا حديثهم حول المشروع الجديدو الفندق المأمول.
أسندت شارلوت ظهرها لمقعدها , حررت الخمر نفسها من التحفظ و التردد . الثلاثة لهم مظهر جميل , حتىأبيها الذى يقارب الستين , خطه المشيب له نظرة بشوشة فاتنة لما تفارقه بعد, مؤكد أنه كان فى شبابه مفعماً بالنشاط و لحيوية , مؤكد أن أمها وقعت فى حبه القدرى و كرست نفسها لخدمة نزواته و إشباع شهواته و ميوله المستبدة . أما كاريج و فيرتى فيندرجون طبعاً , تحت قائمة (الناس الجميلة) أحدهما أشقر و الآخر قمحى . ربما أنجذبا لبعضهما البعض بفعل التناقض لكنهما متجاذبان , سهل جداً أن يدرك أى إنسان ذلك من طريقة تلاقى نظراتها , و تلامس أياديها . عندما وقف أبوهما ليصبكأس آخر من الخمر , إتكأت فيرتى على كاريج إنفرجت شفتاها تدعوانه لتقبيلها , تستطيع أضواء الشموع على ذراعيها العارية , و فستانها القطيفة المخملى , أبتسم كاريج إبتسامة غامضة , تلك التى تميزه , لم يقبل فيرتى لكنه همس لها بشئ سمعته هى فقط , جعلها تنظر إليه و طوحت شعرها الأشقر و تذكرت شارلوت المهرة الصغيرة اللعوب!
تذكرت شارلوت أنها كالبطة القبيحة بينهم , ثم قالت لنفسها , البطة القبيحة تتغير لتصبح أجمل بجعة , و إبتسمت لنفسها , متعجبة إن كان المستقبل مشرق و متفائل .
" واضح أنك تفكرين فى شئ سعيد." أرتفع صوت كاريج ليقطع تتابع أفكارها , أخفضت رأسها لترأه و هو ينظر إليها بابتسامة مشجعة .
"نعم , كنت أفكر فى شكلى عندما أصبح فى عمر فيرتى ."
و خفضت صوتها حتى لا تسمعها أختها التى كانت قد إتجهت لتتحدث مع رينيات التى جاءت لترفع الأطباق .
تساءل كاريج :"هل تريدين أن تصبحى ممثلة أم كاتبة؟"
هزت شارلوت رأسها بإصرار " لا, أريد وظيفة ثابتة , لا أعرف بالتحديد كم النقودالتى سأحصل عليها , بدلاً من كونى ثرية لدقيقة و فقيرة فى التالية."
ضحك كاريج ضحك حقيقى " من الأفضل أن تكونى محاسبة أو مبرمجة كمبيوتر."
" يا له من عناء " صاحت فيرتى و هى تستمع إلى حديثهما " هذا لا يلائمنى ما زالت أرى أنه يلائم شارلى , لو أقعلت عن التصرف كالغلمان ."
" أنا ليست غلاماً."
نظرت فيرتى مستغربة " يا للأسى شارلى عندما أصفك بأنك كالغلام فهو وصف مهذب! لم أرى أحداً يسلكسلوك الغلمانمثلك فى عمرك هذا . كل ما تعيشين لأجله هو الخيول , ذهنك مشتت , ثيابك ملطخة , حتى أعتقد أحياناً أنك لن تكبرى ! أنا فقط بدأت...."
وقفت شارلوت وجهها شاحب , و أمسكت الفوطة بحزم" لست بحاجة إلى نصائحك , أبى هل يمكننى الأنصراف " أؤما والدها موافقاً مستشعراً ضرورة أنصرافها , سعيداً بالتخلص منها فلقد بدأت تستفز فيرتى.
و أسرعت بالخروج من الغرفة , أتجهت مباشرة إلى الأسطبل قذفت حذائها بعيداً عندما خطت فوق العشب ليمكنها الجرى بسهولة . كان حصانها ليمبو ينظر بهدوء و سلام , يصهل صهيلاً ناعماً بينما تضع ذراعيها حول عنقه النحيل و دفنت رأسها فى وجهه , زفر هواء دافئ من منخاره , بث رائحة مألوفة , ودارت رأسها بأفكار بائسة , تذكرت أن الأمر كان دائماً هكذا , تتعمد فيرتى دائماً تحقيرها و إهانتها , هذا كل ما تتذكره , لم يكن بينهما أبداً أى شئ أخوى أو حتى دفء العلاقة , والدها كان يقف دائماً بجانب فيرتى , رغم أنه يفعل ذلك حتماً. منذ توفيت أمها, شعرت بأنها ستعتمد على نفسها . لا, شعرت أنهم يتحملونها كأنها شخص غريب غير مرغوب ببقائه عليه أن يعانى و يكدح لإعالة نفسه, ربما لأنها خاملة هادئة مترددة , هكذا أعتقدت , و ليست بحيوية و ذكاء و تدفق فيرتى , لأنها شاحبة و ليست بجمال فيرتى.
أقلع الحصان عن النظر إليها و أمال رأسه و أنتصبت أذنيه , إلتفتت شارلوت لترى كاريج يتسلق السور و يمشى ناحيتها مع أخر خطوط ضوء يوم صيفى طويل , لمعت عيناه ليرى ما إذا كانت تبكى , ثم ركز إهتمامه على الحصان .
" هو صديق طيب , ما أسمه؟"
" ليمبو , لأننا عندما أشتريناه كان و كأنه أطراف فقط ."
" من الذى يهتم به و يرعاه عندما تكونى فى المدرسة؟ "
أركبه فى طريقى للمدرسة , وهو يأخذ معى أجازة المدرسة."
رفع كاريج يده و أمسك الحصان و لكزه برفق و همس بكلمات حانية . إنتابت الحصان خفة سعادة و زفر بهدوء
" أنه يحبك ! " صاحت شارلوت
" أنه يعرف أننى أحضرت له شيئاً " و أخرج جزرةمن جيبه و أعطاها للحصان.
" أنت لم تحضرها معك , صحيح ؟"
" لا , مدبرة منزلكم رينيات , أليس هذا أسمها ؟ سمحت لى ّ بأخذها ."
" إذن أغويتها هى الأخرى ." قالتها شارلوت دون تفكير.
ضحك " هذا صحيح , أنا شيطان مع الخيول و مدراء المنازل ."
قالت شارلوت " و الفتيات و النساء."
نظر كاريج مندهشاً " ألا تصدقى ذلك!"
" لكنك مفتون بـ فيرتى."
قبضت شارلوت بيدها على عضرة الحصان " هل بينكما علاقة حب؟" قالتها و هى تحملق فيه وسط تكاشف العتمة , قلبها يدق أنفاسها لاهثة تتلهف إجابته لكنه قال فقط.
" ما هى حكايتكما ؟ لماذا تعكر فيرتى صفو وقتك هكذا؟"
نظرت شارلوت بعيداً , رفعت كتفيها بإستهانة "أنا لا أعرف , يريدون أن اكون مثلهم , أعتقد هذا لكننى ليست كذلك."
تخلل صوتها نغمة يائسة , وحملت كلمة (هم) معنى التباعد و الغربة وضع أصبابعه تحت ذقنه ليرفع وجهها لتراه " أنت لطيفة هكذا , ربما تأخر نضجك , لكننى واثق أنك ستكونين جميلة مثل أختك و ذكية مثل أبيك."
متلهفة قالت " هل تظن ذلك حقاً؟" ثم ضحكت ضحكة مكتومة صغيرة و أضافت " لقد كبرت بسرعة كبرت فعلاً! "
و ضحك كاريج :" سيحدث , صدقينى لا تندفعى- أمامك وقت طويل فقط الآن إستمتعى بأيامك هنا." تمنت شارلوت أن (هنا - و الآن ) تستمر إلى الأبد و هى واقفة فى العتمة مع كاريج . بقدر طاقتها قالت " ثم ماذا , أظن ستقول لى فى يوم من الأيام ستقابلى شاب لطيف يقع فى حبك و تعيشون معاً فى سعادة أبدية ؟"
كان فى صوت كاريج دهشة حقيقية و هو يقول :"ياه , أظنك سمعت هذا كثيراً من قبل إذن فأنا أضيع وقتك , أليس كذلك؟"
" لا " هزت رأسها و فى إنفجار مفاجئ لشوقها :" فى الواقع , لو وقعت فى الحب ...أنا ...أنا أظن من الأفضل أن يكون شبهك" فزعت فوراً من جرأتها على قول هذا , أنتظرت متلهفة مرعوبة أن يضحك منها , لكنه على العكس قال بإخلاص :
" أشكرك. أصابتنى كلماتك بالزهو و الغرور لكن كما قلت يا تشارلى...."
قاطعته " شارلوت."
" عفواً, شارلوت , كما قلت أمامك كل الوقت قبل وقوعك فى الحب."
هزت رأسها :" لا. لقد حدثلىّ فعلاً." كان صوتها يشوبه حزن
" حدث؟ " قال مستغرباً إلتفت إليها لكنها بالكاد رأت ملامح وجهه فالظلام بدأ يسدل ستائره السوداء , و أضاف " لكنك قلت عندما تقعين فى الحب ...." ثم توقف و ركز عينيه على وجهها " هل قلت ما أظنه؟"
" نعم " ثم غمغمت " أنا ....أنا أحبك."
" يا فتاتى العزيزة !" نظر مستغرباً بتشكك " لكنك لا تقدرين..."
" أقدر , و لقد أحببتك , أنا آسفة , لا أستطيع التحمل ."
" ياه , لا , لا تقولى أنك متأسفة , لا تأسفى أبداً لأنك أحببت شخص ما ." و أبتسم ابتسامة شاحبة حزينة و رفع يده ليدفع خصلة شعر عن وجهها" و الآن لقد اصابنى الغرور مرة أخرى , لكن أظن أنه مجرد إعجاب مؤقت و طارئ , بمرور الأيام ستقابلين العديد من الشبان و ستقعى فى حب أحدهم...."
" لا!" ضربت الأرض بقدميها مؤكدة " أنا لا أتمنى أى شخص آخر. أعرف أننى صغيرة , و كل شئ, و أنك لا تحبنى كما أحبك لكن....."
" أنا أحبك فعلاً." أحاط رأسها بيديه و نظر إلى وجها الصغير المتجم و ضحك ضحكة سريعة و قال " هنا , كى تذكرينى بها " و أنحنى ليضع شفتيه فوق شفتيها و قبلها بلطف.
على الفور طوقته بذراعيها حول عنقه و ألتصقت به و قبلته بشراهة
" رباه!" و تملص منها و ذب ذراعيها و حدق فيها " ياه !" قالها مذهولاً .
إنطلق صوت فيرتى تناديه من فوق الكبوبرى عند الخندق " كاريج ....كاريج أين أنت؟"
تطلع ناحية الصوت و إلتفت خلفه إلى شارلوت قلقاً .
" الأفضل أن نذهب , كل رجال فيرتى يذهبون إليها مسرعين عندما تناديهم ." قالتها بحسم , كان كايج على وشك الذهاب لكنه توقف و نظر إليها "كل رجالها ؟" كان فى صوته تحذيراً لـ شارلوت بألا تتمادى أكثر, و إعتبار ما قالته نكته لكنها كانت فى عمر التفتح عندما قيل لها أن تكبر و تقلع عن كونها طفلة , بعد ذلك لم تزد عن كونها تلميذة , و شعرت بأن لا أحد يفهمها , و لا يدرك أنها تتصرف أحياناً كطفلة و أحياناً كفتاة ناضجة , غالباً فى التوقيت الخطأ , و الآن معظم استيائها منصب على أختها , كلما حضرت إلى المنزل تواصل تحقيرها كما لو كانت إظهار ذكاءها و لبقاتها و جمالها هى , بينما شارلوت منغمسة و مهمومة بالدراسة , حتى فى بعض فترات الإجازة و القيام ببعض المهام المنزلية و العناية بالحديقة , لكن فيرتى لا تقوم بتلك الأعمال , فهى تعيش فى لندن تجئ و ترحل وقتما تريد و تحضر معظم الحفلات المسائية عندما تكون هنا , و لم يُطلب منها أحد عدم الذهاب لم تضطر للإقلاع عن شئ تريد فعله لتساعد رينيات , لديها دائماً مخزون من الملابس الجميلة و لديها اصدقاء و عشاق رائعين مثل كاريج , و شارلوت لا تريديها أن تأخذ كاريج, و هى تخاطر بالا يقع ذلك.منتديات ليلاس
" مؤكد أنك تعرف أن فيرتى إرتبطت برجال مثل ...." ثم وضعت يدها على فمها كما لو كانت فى سجن " ياه, يا عزيزى , ربما كان لا يجب أن أقول ذلك , ربما تذهب أنت أيضاً" كان تأكيدها على آخر كلمة محدداً لكنه خافتاً , و نظر إليها متفحصاً بينما إنتابها كدر داخلى , لكن فات أوان التراجع لأنه ببطء " هل لـ فيرتى أصدقاء وعشاق , شبان كثيرون ؟"
ضحكت شارلوت ضحكة عالية عصبية صبيانية و قالت له " حسناً , بالكاد أسميهم شبان , فهى عادة تخرج مع رجال كبار , رجال أعمال و...منتجى أفلام , و مثل هذا النوع أنت حقاً صغير تماماً بالنسبة لـ فيرتى."
" و هل تجئ بهم غلى هنا؟"
كانت شارلوت على وشك قول (نعم) لكنها رأته يراقبها بحذر و تشكك لذا قالت بمرح و إستخفاف " ياه , ليس كلهم " فقط أولئك الذين تريد الإيقاع بهم , لكنها تخرج معهم للتجول هنا و هذا يصيب تونى بالجنون فعلاً."
تساءل :" تــونــــى؟ "
" نعم , هو مدير المزرعة التى على الطريق . ربما قابلته أنت اليوم عندما ذهبتما لإستعارة حصانه , هو مجنون بـ فيرتى ....منذ أعوام , أليس هذا رومانسياً ؟"
توقفت شارلوت و هى تعرف أنها واقفة على أرض آمنة , فهى ذكرت الحقيقة بشأن تونى .
قطب كاريج جبينه مفكراً , ربما لاحظ أن الغيرة تنهش تونى , و لتضخم شارلوت الأمر قالت :
" تونى يريد الزواج من فيرتى , لكنها لا تريده , طبعاً لأنه يريد إقلاعها عن التمثيل . و هىلن تفعل ذلك , لكنها مازالت تخرج معه عندما لا يكون أمامها غيره , و تقضى طيلة الليل معه فى الخارج , أليس ظلماً؟"
و أضافت بغيظ:" بينما يجب أن أعود إلى المنزل قبل العاشرة و النصف حتى فى الأجازة الأسبوعية."
لابد أن فيرتى قد عادت إلى المنزل لتبحث عنه , لكنها الآن خرجت مرة ثانية , صوتها يقترب بينما هى تسير ناحية الأسطبل:
" كاريج !"
قالت شارلوت " أظن يجب أن أخرج للتريض بالحصان." و أرتدت حذاءها ثم أسرعت إلى الداخل لتحضر السرج و اللجام.
سرجت و ألجمت الحصان و أمتطته بسهولة , فتح كاريج الباب و قالت له " ليلة سعيدة" وهى تتهادى بحصانها , ثم دقت كعبيها و جذبت اللجام لتتجنب طريق فيرتى ثو أطلقت للحصان العنان .
عندما عادت بعد ساعة كان ضوء الرواق مضاءاً دخلت شارلوت بهدوء , دلفت عبر اللم إلى غرفتها , كانت حجرتها مضاءة , ظنت أنها ربما تركت النور مضاء , لكن عندما فتحت الباب و دخلت وجدت فيرتى جالسة على مقعد فى إنتظارها , وقفت فيرتى و لطمتها على وجهها بكل قوة يدها .
صاحت فيرتى بعنف و ضربتها ثانية :
" يا ملعونة أيتها الثعلبة الصغيرة يمكننى أن أقتلك ! كيف تجرأت على سرد تلك الحكايات لـ كاريج ؟ شكراً , فلقد حلت بنا لعنة الشجار , و هو عاد إلى لندن ! " حاولت ضربها ثانية , لكن شارلوت وضعت ذراعيها حول وجهها لتحمى نفسها
"أنا سعيدة!" و تراجعت شارلوت للخلف " هو ألطف من أن يخرج معك!."
صاحت فيرتى " ماذا تعرفى يا ملعونة عن ذلك؟!" لقد خرجنا فعلاً فى أماكن أخرى حتى تطفلت و دسست أنفك و تحدثت معه " حاولت ضربها و ركلها بقدمها و قفزت شارلوت متفادية , هددتها فيرتى " أنتظرى سأنتقم منك على فعلتك هذه , مهما طال الزمن!"
و غادرت الحجرة و صفقت الباب بعنف .
أسرعت شارلوت لإحكام إغلاق الباب بالمزلاج و هتفت مرحاً و تراقصت هو أرجاء غرفتها فى نشوة الفرح حتى سقطت على سريرها, مصابة بدوار لاهثة الأنفاس .
لقد نجحت خطتها , حتى إن لم تستحوذ على كاريج فلن يكون لـ فيرتى من الآن و بالنسبة لعقليتها المراهقة كان هذا أروع شئ فى العالم .
نهاية الفصل الأول
قراءة ممتعة للجميع
[/QUOTE]