اليوم التالى مر على لورين فى جو من الانبهار . علت آلاف التحيات و الهاتفات من سكان داسيا بينما كانت العربة المكشوفة تمر عبر الشوارع .
أذهلتها الخدمة الرائعة الفريدة و انعكاس ضوء الشموع و الموسيقى الصاخبة الجميلة, و اللحظات المؤثرة عندما وضع غاى الخاتم فى إصبعها و وضعت هى بدورها خاتماً فى إصبعه , و تم إعلانهما زوجاً و زوجة, و أصوات الأجراس الرنانة ما إن استدارا لمواجهة المهنئين.
خلال الرحلة القصيرة فى العربة المكشوفة أثناء عودتهما إلى القصر القديم, نُثرت عليهما لأوراق الزهور فطار بعضها فى الهواء و استقر بعضها الآخر كرقائق الثلج على تنورة فستانها الرائع, ومع ذلك الضجيج من الحشود المتصاعد فى أذنيها, راحت لورين تبتسم حتى شعرت بالألم فى خديها و ابتسمت أكثر و هى تلوح بيدها كما علمتها ألكسا.
كانا قد أوشكا على الوصول إلى القصر القديم عندما استدارت نحو غاى و قالت:"فهمت الآن ما عنيته عندما قلت إن سكان داسيا يحبون الاحتفالات ! يبدو ذلك واضحاً جداً"
ضحك غاى و نظر وجهها بعينين مشعتين ثم قال بصوت عميق:"إنهم يحبونك أيضاً . هل تسمعين بما ينادونك؟ الأميرة الجميلة"
مبهورة الأنفاس لمحت لورين بطرف عينها معدناً لامعاً . توقف الوقت بالنسبة إليها....نصلاً فضياً مربوطاً إلى شئ أحمر اللون ظهر تحت أشعة الشمس متجهاً مباشرة إلى صدر غاى....علا صراخ الناس ما إن حاولت أن ترمى نفسها عليه لكن غاى دفعها جانباً و أدار جسمه الكبير ليحميها , فأصطدم ذلك الشئ بكتفه قبل أن تتساقط بعض أوراق من الزهرة على الأرض.
أصبح وجهه قاتماً و نظر بسرعة إلى ذلك الشئ ثم استدار مردداً اسمها بألم قبل أن يرفعها برفق شديد إلى الأعلى. و أمام صراخ الناس و اضطراب الأحصنة و محاولة الحوذى للسيطرة عليها , شهقت لورين قائلة :"هل أصيبت؟ يا إلهى ! هل أصابك مكروه؟"
ــ لا, أنا بخير . لم تكن تلك قنبلة.
و بسرعة ضمها إليه و أصدر أمراً إلى أحد الرجال الأمن الذين ظهروا فجاة ليلتقط ذلك الشئ و تبين أنه قطعة من الورق لفت على وردة حمراء و غلفت بشريط فضى . و أمام صرخات الحشد قالت لورين:"أنا بخير. حتى أنها لم تلمسنى, لكن ما هذا؟"
منتديات ليلاس
تبدل صراخ الناس من الرعب إلى الرغبة فى الانتقام . تركها غاى لتعود فتجلس على مقعدها . بدا عليه الغضب الشديد ما جعلها تنكمش فى مقعدها ثم أصدر أمراً آخر فأقتيد الرجل الى رمى تلك الوردة و الورقة إليه...و أخذ بعض الناس الغاضبين يضربونه وهو يُدفع نحو العربة.إنه شاب فى حوالى الثامنة عشر من عمرهو قد بدا خائفاً.
شعرت لورين بتوتر كبير و أخذت تصغى إلى النقاش الدائر بين غاى و الشاب و حبست أنفاسها عندما بدأ الحشد الذى كان غاضباً بالضحك.
مع أن غاى بدا متجهم الوجه عندما استدار نحوها إلا أن الغضب تلاشى من عينيه و قال بنعومة وهو يمسك بيديها الباردتين :"كان ذلك مجرد التماس . و الشاب يرغب بالاعتذار منك لأنه أخافك . أنظرى! لقد ربط وردة بالورقة كى تعلمى أنها ليست خطيرة"
الصدمة جعلت أسنانها تصطك , فضغطت عليها بشدة و قالت:"قل له إنه إذا حاول أن يرمى عليك شئ مرة ثانية فسوف...لا, من الأفضل ألا تقول له ذلك. ماذا ...يجب أن أقول؟"
اقترح غاى قائلاً:"إنك تسامحينه هذه المرة , لكنك تنصحينه باستخدام طريقة أفضل من هذه ليقدم التماسه"
هزت رأسها موافقة فرفع يدها إلى فمه و قبلها ثم استدار إلى الشاب ببرودة و نقل له تلك الكلمات.
من وراء حاجز رجال الأمن أخذ الناس يهتفون بأسم لورين . فوقفت و إذا بها ترى الاهتمام و الحب فى وجوهم إلى جانب الصدمة التى ظهرت عليها, كما لمحت امراة تبكى صمت . كانت ما تزال ترتجف لكنها تمكنت من الابتسام و التلويح لهم , فهتف الناس لها بفرح و أمطروها بالقبلات , ثم هتفوا ثانية عندما ابتعد الشاب و تابعت الأحصنة سيرها .
أمسك غاى يدها بقوة . كانت يداه دافئتين و داعمتين و قال :"كدت أقتله ذلك الأحمق"
ارتعشت لكنها تمكنت من الابتسام:"اعتقدت....أشعر أننى حمقاء . أعتقدت أنه خنجر أو شئ من هذا القبيل"
قال غاى بهدوء :"كانت ردت فعلك قوية , لو كان خنجر لقتلك"
و لو كان قنبلة لقتلهما معاً! و فكرت على الأقل كانا سينوتان معاً...قالت بنبرة صادقة :"الحمد لله أنها لم تكن كذلك . ما الذى ما الذى جعله يفكر بشئ كهذا بحق الله؟"
هز رأسه مستنكراً :"إنه يرغب بالزواج , لكن أمه ترفض الأمر . وكان يريدنا أن نتحدث إليها لنقنعها , لذلك أختار هذه الطريقة . أعتقد أننا سنفهم من الوردة أن ليس هناك ما يخيف"
حدقت لورين به ثم قالت بصوت مرتجف بالرغم عنها :"إذا بدأت الآن بالضحك فسينتهى بى الأمر بأن أضحك بشكل هستيرى , لذلك سأؤجل ذلك إلى وقت لاحق"
وافقها زوجها بهدوء:"قرار حكيم"
و عادا يلوحان بأيديهما و يبتسمان للحشد السعيد . لكن لورين أبقت يدها بيد غاى حتى وصلا إلى القصر القديم.
منتديات ليلاســــ