ــ ماذا ؟
و عندما أمتنع عن الإجابة عادت تسأله :"لِمَ لا؟"
قال بصوت مرتفع يعلو على صوت محرك الشاحنة :"لأننى سآخذك مباشرة إلى المطار"
فقالت بصوت أكثر ارتفاعاً :"لكن علينا أن نحذرهم"
ــ لقد تم تحذيرهم , قد تبدو الغابة خالية لكن العيون مفتوحة فى كل مكان, لهذا السبب أنت تجلسين الآن على الأرض.
و ألقى نظرة سريعة على وجهها الذى علته الصدمة :"لا فائدة من القلق بشأنهم فأنا لن أعود إلى المنتجع"
قالت بنبرة ملؤها الرعب :"لكن....ماذا عن الأطفال ؟"
أجابها بنبرة باردة متصلبة:"لا عليك, المنتجع على اتصال مباشر بالشرطة, والطاقم الذى يعمل هناك سوف يجلى السياح ما أن يعلم بالهجوم"
ــ و إذا كان الأمر أكثر من مجرد مجموعة من الرعاع يهدفون إلى إثارة الغوغاء و الحصول لعلى آسرة أوروبية الطراز أو أجهزة تلفزيون ؟
ثم تابعت بصوت أقرب إلى الصراخ :"و إذا كانوا مسلحين و مصممين على أذية الآخرين , ماذا سيحدث عندئذٍ؟"
تحركت لورين بانزعاج باتجاه المقعد, و أدركت أنها تشعر بالخوف لكن خوفها لم يصل إلى مرحلة الرعب . تلك الهالة من القدرة التى تحيط بـ غاى جعلتها واثقة بطريقة ما أنه سيتمكن من إنقاذها مهما يكن الخطر الذى سيواجههم , قالت :"أنت تخطط للبقاء و القتال , أليس كذلك؟"
لم يجيبها فعادت تقول بإصرار :"لماذا؟ هل أنت من سانتا روزا؟"
قال بحدة :"لا!"
و لم يكن هناك أى أثر للقسوة فى صوته و هو يتابع قائلاً :"لكننى أعرف الناس هنا جيداً و لدى الكثير من الأعمال فى سانتا روزا...أنخفضى جيداً"
و قبل أن تتمكن من التحرك أطلق شتيمة و دفعها إلى الأسفل ثم ضغط على المكابح فتوقفت الشاحنة على الفور.
تكورت لورين حول نفسها و راح قلبها يقفز بقوة فى صدرها حتى أنها كانت تسمع ضرباته على الرغم من صوت المحرك,سمعت أصوات رجال قساة غاضبين و على الرغم من شدة الحرارة راحت ترتجف كالورقة, فحاولت أن تهدئ روعها و تتنفس بطريقة عادية.
تكلم غاى مع الرجال بهدوء و قد بدا صوته عادياً و لم يظهر فيه أى أثر للخوف. ثم ضحك أحدهم فشعرت لورين ببعض الارتياح .
بعد قليل تفوه أحد الرجال بكلمات جعلت وجه غاى يتجهم ثم طرح عليهم سؤالاً آخر. بدا واثقاً جداً من نفسه و مسيطراً على الوضع جيداً , ما جعلها تشعر بالارتجاف عندما رأت أصابع يديه الطويلة تضغط بقوة على عجلة القيادة. شعرت بالتعب بسبب تكورها فى ذلك المكان لكنها لم تجرؤ على التحرك, حتى عندما انطلقت الشاحنة مبتعدة بعد عاصفة من الوداع الودى. و بعد مرور عدة دقائق قال غاى:"حسناً, أصبحنا الآن بعيدين عن الأنظار يمكنك الجلوس بارتياح لكن أبقى رأسك منخفضاً"
جلست و هى تشعر بالتشنج فى مفاصلها كلها و راحت تحاول تحريك ذراعيها ثم قالت :"من كان هؤلاء؟"
ــ أنهم من رجال الشرطة و هم يقومون بجولات لأنهم يشكون فى وجود لصوص فى الأدغال لذلك لن نقوم بأى مخاطرة لقد تم إخلاء المنتجع و أصبح كل نزولائه فى المطار.
ــ يسعدنى أنهم بخير.
ثم تذكرت أمراً فقالت :"لكنك قلت إن ليس هناك طائرات حتى صباح الغد"
قال بسرعة :"تمكن جوزيف المدير المسئول من الاتصال بقائد الطائرة الذى سيقوم برحلة إلى فالانو و قال أنه مستعد لنقل أى كان. ستجلسين فى الممر لكنك ستصلين إلى هناك بأمان"
راح غاى يضاعف من سرعة الشاحنة ما جعل صوت المحرك يزداد قوة . ثم تابع :"المشكلة الوحيدة هى أنه يريد المغادرة فى أقرب فرصة ممكنة, لذا تمسكى جيداً فلدينا عشرون دقيقة فقط لنصل إلى المطار"
فالانو ؟ تجهم وجهها ما أن تذكرت ما قاله من قبل عن ذلك المكان:"مجموعة جزر" قالت بصوت هامس:"لكن لماذا فالانو ؟ ألا يستطيع السفر إلى العاصمة؟"
ــ الاتصالات مع بقية المدن فى سانتا روزا مقطوعة .
ــ لماذا؟
منتديات ليلاس
ــ لا أعلم . الاتصالات عندنا غريبة الأطوار فى معظم الأوقات . من المحتمل أنها مجرد صدفة.
التف بالشاحنة نحو منعطف و لم يعد هناك مجال للتحدث . شعرت لورين بالارتياح لفترة من الوقت لكنها ما لبثت أن سمعت صوتاً قوياً يعلو فوق صوت المحرك....أنه صوت انفجار مفاجئ تبعته طلقات نارية عديدة.
قال غاى شيئاً ما من بين أنفاسه بتلك اللغة التى لا تفهمها , فسألته :"ما هذا؟"
أجابها غاى بهدوء :"إنه إطلاق نار و هذا يعنى أن هناك مشاكل حقيقية"
شعرت أن قلبها يسقط بين قدميها رمقها غاى بنظرة سريعة و قال :"هدئى روعك و سوف أحافظ على سلامتك"
لم تكن لورين تشك بذلك لكن ما جعلها تشعر بالخوف هو احتمال أن يصاب هو بالأذى و هذا أمر غريب فهى بالكاد تعرفه. لِمَ عليها الاكتراث لسلامته؟ أخيراً قال غاى :"ها قد وصلنا"
أوقف المحرك و راح ينظر باهتمام حوله كأنه حيوان مفترس يبحث عن فريسته ثم قال باقتضاب :"أبقى مكانك"
خرج من اللاندروفر بسرعة ثم توجه نحو الباب المجاور لها . عندما فتحه كانت لورين تحاول استجماع شجاعتها و تأوهت متألمة عندما حركت ساقيها . أمسكت يدان قويتان بخصرها و رفعها غاى عن المقعد ثم أوقفها على الأرض قائلاً :"لقد أبليت حسناً, آسف لأنك تعرضت لكل ذلك"
لم تستطيع ساقاها ان تحملاها و عندما تعثرت حملها و سار بها نحو الشخص الغامض الذى كان يقف بانتظارهما خارج المبنى الصغير. فى تلك اللحظة بدا لها أن إطلاق النار غير مؤذٍ و كأنه يشبه الألعاب النارية شعرت بالأمان وهو يحتضنها بين ذراعيه القويتين.
منتديات ليلاســـ