كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 293- دمعة تضئ القلب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثانى)
أرادت أن تحول الحديث عنها....بالإضافة إلى فضولها لاكتشاف البلد الذى أنجب رجلاً مثل لوكا.فقالت :"حدثنى عن داسيا . أعرف أنها جزيرة وأنها جميلة , كما أعرف أن تاريخها مثير , لكنى أخشى أن يكون هذا كل ما أعرفها عنها"
تسأل لوكا لما هى منزعجة هكذا؟ لكنه أراد إبعاد تفكيره....و جسده عن وجهها الممتلئ بالحيوية و الذى تتسلل إليه أشعة الشمس من خلال الأزهار. فقال :"ماذا تريدين أن تعرفى؟"
ــ لماذا بقيت داسيا إمارة بينما الدول المحيطة بها كلها ذات نظام جمهورى؟
ــ ليس كلها . فــ إيليريا يحكمها أمير , و قد تزوج من فتاة نيوزيلندية.
أومأت الكسا :"نعم, لقد أطلقت الصحف على قصتهما أسم قصة العصر. هل حضرت حفل الزفاف؟"
ــ نعم, فأنا و أولكس كونسيداين نعرف بعضنا جيداً.
ابتسامته الساحرة أصابت الكسا بسهم عنيف.
ــ يعتبرنا الأيليريون دولة فتية حديثة العهد, لأن داسيا نالت استقلالها منذ أربعمائة سنة أو ما يقاربها بينما هم ينحدرون من إيليريا القديمة التى يعود تاريخها إلى العهد الرومانى . و هناك بالطبع موناكو من الجهة الفرنسية من إيطاليا. لقد نشأت هذه الإمارات نتيجة ظروف تاريخية و نحن ندين باستمراريتنا إلى براعة و ذكاء الحكام الذين كانوا مستعدين للتضحية بكل شئ فى سبيل إماراتهم الصغيرة
علقت الكسا بهدوء :"كما فعل والدك"
انعقد حاجباها الأسودان اللذان يشبهان الأجنحة فوق عينيها الشاحبتين الغريبتين و تصاعد الدم إلى بشرتها الحريرية بطريقة وجدها لوكا محببة بشكل كبير . و عندما نظرت إليه بشئ من الاعتذار و بدأ إحساسه المتأصل و المتيقظ بالارتياب ينهار.
لكن للحظة واحدة فقط كانت نظرتها الصافية الصريحة تدعو للثقة . إلا ان لوكا تذكر تلك المرأة التى رأحت تنظر إليه بمشاعر متأججة ذات ليلة , و فى الصباح قامت بنشر أخبار علاقتهما بأدق تفاصيلها فى الصحف و من دون رحمة بعد أن باعت قصتها كبائع متجول.
لم يسبق له أن تحدث عن زواج والديه إلى أى كان حتى إلى أصدقائه إلا أنه رغبته الملحة فى إخبار الكسا عنهما كانت دليلاً آخر على مدى تأثيرها عليه. قال بحيادية و بصوت مرتفع :"داسيا ليست دولة كبيرة لتتمكن من كسب الحرب و عندما أدرك والدى أن استقلال البلاد أصبح فى خطر , قام بما عليه القيام به"
ابتسم ابتسامة قاسية و أضاف :"لقد تخلى عن بعض الأمور . لكنه ظل واقفاً إلى جانب شعب داسيا"
شرب قهوته ثم وضعها قائلاً ببرودة و دون انفعال :"كان والد أمى قائداً عسكرياً من الطراز القديم . و مع أنه كان يضيق الخناق على والدى إلا أن أمى تمكنت من تخفيف العديد من مواقفه الحادة . فقد كانت ابنته الوحيدة."
أحست الكسا كأنها تسير على صنارة صيد :"إذاً فقد حقق زواجهما غايته؟"
ابتسم ابتسامة ملتوية متجاهلاً تعليقها :"أظن أنه شعر بالرضى لأن حفيده سوف يحكم داسيا فى يوم من الأيام"
سألته بفضول :"هل كنت تحبه؟"
لم تتغير تعابير وجهه إلا أن الكسا أدركت أنها تجازوت بسؤالها هذا حدوداً غير مرئية . لكن لوكا أجاب بهدوء :"لم أعرفه جيداً"
هل كان أبواه يحبان بعضهما البعض؟
كمن له القدرة على قراءة أفكارها قال متشدقاً :"إن الزواج بين أبناء الأسر الحاكمة يمكن أن يكون مرضياً تماماً إذا ما فهم الطرفان القواعد جيداً"
تساءلت الكسا بعذوبة :"وما هى تلك القواعد؟"
ــ أن يقوم كل منهما بمساندة الآخر , بعد أن ينجبا وريثاً أو أثنين .أما الحب و الإثارة فقد يتم الحصول عليها خارج إطار الزواج و غالباً ما يتم ذلك بتكتم شديد.
ثم أطلق ابتسامة ساخرة باتجاه وجهها المتجهم :"أرى أنك لا تستحسنين الأمر"
قال بهدوء :"يبدو لى ذلك فى منتهى البشاعة"
راحت تنظر باتجاه المياه المتلألئة فى البركة . شعرت بالأسف العميق لأجل والدته التى تمت المقايضة بها و والده الماكر الملتزم بواجبه , ولأجله هو أيضاً لأنه نشأ فى هذا الجو المتوتر كالجحيم.
سألها برقة بالغة :"وأنت , هل تريدين زواجاً رومانسياً و عاطفياً؟"
ــ أليس هذا ما يطلبه معظم الناس ؟ بالإضافة إلى الاحترام و المودة و العشرة بكل تأكيد.
قال بصوت عميق و متوتر:"أنت رومانسية , أين تتوقعين أن تجدى رجلاً بهذه الموصفات المثالية؟"
ردت بسرعة فى محاولة لإخفاء ارتباكها:"فى الواقع لست فى
وارد التفتيش عنه الآن"
قدم لها بتهذيب طبقاً من الفطائر الصغيرة :"وهل يدخل الأطفال فى المعادلة؟"
تناولت الكسا إحدى الفطائر قائلة:"نعم, إذا كان ذلك ممكناً"
ومع أن تعبيره لم يتغير , لكن نظراته المتفحصة جعلتها تشعر بالتوتر .
توقعت الكسا أن يكون قد أدرك سبب توقها الشديد إلى تكوين أسرة.
قال لوكا بسرعة :"لكى يكون الزواج بين أبناء الأسر الحاكمة ناجحاً يكون الزواج الملائم هو المعيار الأساسى . و أنت , ألا تعتقدين أن بإمكانك القبول بمثل هذا النوع من الزواج؟"
أجابت بسرعة :"على ألإطلاق . فأنا أعتقد أن أى علاقة يجب أن تكون لها قواعد معينة . و إذا كان الطرفان مخلصين لبعضهما البعض , فإن العلاقة سوف تنجح"
ثم أردفت بتشكك :"خاصة إذا كانت التوقعات محددة . أفترض أنك تخطط لهذا النوع من الزواج؟"
استلقى إلى الوراء و راح ينظر إليها بعينين شبه مغمضتين :"ربما"
و تابع بتكاسل :"إلا إذا تمكنت من إيجاد امرأة مثل لانث أوف إيريليريا التى تحب زوجها بشكل لا يوصف"
سألت الكسا:"وهو, هل يحبها؟"
جاء سؤالها لاذعاً أكثر مما أرادت. لكن اعترافه ببرودة أنه سيتزوج لأسباب عملية جعلها تشعر بالأذى بطريقة ما.
ابتسم لوكا ابتسامة من يبحث عن فريسة فاكتسحها سحر رجولى يفيض من عينيه الغامضتين:"من الصعب القول , فهو لا يبوح بالكثير"
منتديات ليلاس
لم تتمكن الكسا ضبط نفسها , فقالت :"هذا بالتأكيد ليس زواجاً عملياً"
وافقها لوكا :"ليس عملياً على الإطلاق"
و أحست الكسا بصوته خالياً من العاطفة , فتساءلت هل يؤمن بالحب ؟ أما هو فتابع :"لقد نشأ كونسيدين فى استراليا بعد أن هجر أيليريا مع أمه و لاشك أنه تشرب قيماً و مواقف مختلفة"
قالت الكسا بحذر :"أتمنى أن يكونا سعيدين معاً"
جاءت ابتسامته مقتضبة :"هل سبق لك أن وقعت فى الحب؟"
بدا صوتها المرح خاوياً حتى على مسامعها :"أربع أو خمس مرات , و ماذا عنك؟"
ارتفع حاجباه لكنه قال بهدوء :"مرتان عندما كنت يافعاً عندما كان كل شئ يبدو ممكناً"
نظر باتجاه حوض السباحة:"هل تحبين السباحة؟"
تغيير غير متوقع فى مجرى الحديث , لكن ماذا عنى بقوله عندما كان كل شئ يبدو ممكناً؟
هل يعقل أن يكون هذا الرجل قد تدرب على الشك بكل الناس , لكنه لم يتعلم كيف يحب ؟ جعلتها هذه الفكرة تشعر بالوخز من الألم . إنها تفاهة!
قالت برصانة بعد أن وقفت و راحت تضع الأطباق على الصينية :"تبدو السباحة رائعة"
فالسباحة سوف تخفف من تلك الحرارة التى تتوهج ببطء فى جسدها .
ــ سأحمل هذه إلى الداخل و أبدل ملابسى.
تبعها لوكا إلى المنزل و هو يمشى إلى جانبها بصمت بينما راحت تتساءل لماذا وافقت على السباحة؟ لكنه تحداها لتقوم بذلك و قد تجاوبت معه بشجاعة.
إذا ما استمر الأمر هكذا فسوف تواجه المتاعب . فكرت و هى تشعر بغصة غريبة....متاعب جدية . سرت رعشة مفاجئة فى عمودها الفقرى لفكرة أن لوكا سوف يراها و هى ترتدى ثوب السباحة مع أنها أحضرت ثوبها الأكثر احتشاماً .
قال و هو يفتح الباب :"المطبخ من هذه الناحية"
كان المطبخ عبارة من غرفة واسعة مجهزة بكل ما يمكن تصوره من أدوات الطبخ مما جعل إعداد الطعام لذة حقيقية . لم يكن فى المطبخ أحد .
وضعت الكسا الصينية على الطاولة , وفوجئت عندما راح لوكا يرفع الأطباق عنها . أغلق البراد و هو يطلق ابتسامة سريعة :"كما ترين , لست جاهلاً تماماً بالأعمال المنزلية"
ضحكت الكسا :"إنها مهارة فائقة...أن نضع الحليب و السكر فى مكانها, و تضع الأطباق فى الجلاية! هل يمكنك أن تضع الثياب فى الغسالة؟"
قال و هو يطلق ابتسامة عريضة, من تلك الابتسامات التى تجعل قلبها ينتفض بقوة داخل صدرها :"لقد حاولت ثم قررت أن هذا النوع من الأعمال مخصص جينياً للإناث"
يبدو هذا الرأى العنصرى مناسباً لك!
ــ أخشى أن يكون هذا بسبب معرفتى بطباع الناس جيداً.
نبرة التحذير نبرة التحذير فى صوته جعلت الكسا ترتجف. فـ لوكا قد يكون ممتعاً و مسلياً حين يريد ذلك , و هى تتمتع بتبادل الحديث معه بما يكفى لجعلها مدمنة عليه....لكن هناك دوماً حدود غير مرئية بينهما.
هذا الأمر فى العادة لا يزعجها لكن الأمر مختلف هذه المرة.
إذا كان لوكا ذلك الأمير الطائش و زير النساء كما تصوره الصحف , بدلاً عن هذا الرجل الخارق الذكاء ذى السلطة القوية فما كانت الكسا لتشعر بهذا المزيج من المشاعر المعقدة . على الأقل يمكنها أن تمسك بسرعة طالما أنه لا يا\لمسها , بالرغم من جاذبيته الرجولية القوية. لكن ما يثير مخاوفها هو تزايد إعجابها بذلك المركب الآسر فى شخصيته , بالإضافة إلى ملامح وجهه الداكنة.
رفعت بصرها بسرعة عندما دخل أحدهما إلى المطبخ ... إنه الرجل الذى أرسله لوكا ليحضرها إلى الفندق يوم اتهمها بأنها سربت الأخبار إلى تلك الصحيفة الحقيرة . قطب لوكا , لكنه قال بلطف كاف:"الكسا لقد التقيت من قبل برئيس جهازى الأمنى"
قالت و هى تبتسم:"نعم, مرحباً"
انحنى الرجل انحناءه رسمية و قال :"آنسة مايتون"
جاءصوت لوكا بارداً :"ديون . ماذا حصل بالنسبة إلى العطل الكهربائى فى منزل الآنسة مايتون؟"
اعتدل دايون فى وقفته و قال:"ما من أخبار جيدة, للأسف , فالعطل ليس ناتجاً من غصن أو شجرة بل إن صاعقة ضربت المحول"
سألت الكسا :"ماذا يعنى ذلك؟"
قاطعها لوكا مطمئناً إياها برقة :"سيستغرق الأمر وقتاً أطول لإصلاحه . لا تقلقى بهذا الشأن الآن....عندما يتم ذلك سيعرف ديون ,فى الوقت الحالى علينا التمتع بالسباحة"
بعد خمس دقائق كانت الكسا تتمايل فى ثوب السباحة الأزرق الذى اختارته فى الأصل لأنه يضفى على عينيها بعض اللون . إنه محتشم لكنه مشدود بقوة على جسمها.
إنها تشعر عادة بالسعادة حين ترتديه , لكن....حسناً هذه ليست مناسبة عادية.
حاولت تجاهل ذلك الشعور الخفى بالإثارة و ارتدت قميصها فوق ثوب السباحة ثمتوجهت إلى الحمام للبحث عن كريم الوقاية من أشعة الشمس فوجدت علبة جديدة.....فتحت علبة الكريم و دفعت الدرج بحركة رشيقة منوركها إلا أن قرقعة حادة نبهتها بأن شيئاً ما علق فى الداخل. فتحت الدرج من جديد لترى إصبعاً من احمر الشفاه....أحست بفراغ غريب . فتحت الغطاء إنه مستعمل و لمعت فى رأسها صورة وجه جميل...ساندرا تشامب.
قالت بصلابة :"لا داعى للصدمة. فوفقاً لما تنشره المجلات لوكا ليس معتاداً على تمضية الإجازة وحيداً!"
و قفزت فوراً إلى الاستنتاج أن لوكا اصطحب امرأة إلى هنا. أقفلت العلبة الذهبية اللون و وضعتها على المنضدة الرخامية و راحت تمسح شفتيها و بشرتها بالكريم الواقى بحركات رشيقة متوترة.
منتديات ليلاســ
|