كاتب الموضوع :
زهرة منسية
المنتدى :
سلاسل روايات احلام المكتوبة
رد: 293- دمعة تضئ القلب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثانى)
لم يكن لدى الكسا فكرة كم من الوقت مضى عليهما متعانقين لكن خطر لها أنها الوحيدة التى تشعر بالحب .
و أخيراً ابتعد لوكا قائلاً بهدوء:"عندما ذهبت أساساً إلى نيوزيلندا كنت أخطط للزواج بامرأة"
شعور خفى بالخجل تملكها. كلا, إنها تعتقد, كلا....كلا....
لكن عليها المواجهة و سوف تفعل. و عدت نفسها بأن تتصرف بنضج. سألته بصوت أجش :"أمازالت تنوى الزواج بها؟"
ــ كـــــلا
أبعد لوكا خصلات شعرها عن وجهها و نظر إلى عينيها :"حتى بعد أن تقابلنا على الجزيرة كنت أظن أننى أستطيع أن أكون مثل والدى استخدم الناس لمصلحة داسيا"
ثم تابع و هو يكبت غضبه:"لم أكن أثق بهذا الانجذاب العنيف . و فى البداية ظننت أنك إحدى أولئك النساء العصريات اللواتى يقعن فى حب كل رجل يلتقينه. لكن بعد الاستقصاء عنك....."
انتفضت الكسا كالسهم :"ماذا؟"
ــ كان علىّ أن أعرف أى نوع من النساء أنت.
تخلل صوته نبرة غطرسة بينما شدها إليه ثانية:"لقد أسعدنى أن أعرف أنك لست من ذلك النوع من النساء"
قالت بنزق:"أنت"
ــ لأننى أملت أن يكون تأثيرى عليك بقوة تأثيرك علىّ.
ــ كيف تمكنت من معرفة ذلك؟
راح لوكا يضحك ثم أمسك بها بإحكام ليمنعها من الحراك و يبقيها ملتصقة بجسمه القوى.
جاء صوته منخفضاً و خشناً :"قطتى البرية الجميلة, كنت واثقاً من أن تلك المشاعر لاجامحة سوف تختفى ما أن أغادر نيوزيلندا . لكنك علقت فى فكرى و ذاكرتى كثمرة برية شائكة و لذيذة . بعد أسابيع من الشوق إليك فقدت حياتى كل طعم و لون . و اقنعت نفسى بأنى ليست كوالدى قادر على تقسيم حياتى إلى أجزاء . و لحسن الحظ أنى لم أتقدم بطلب زواج من تلك المرأة التى كنت أخطط لزواج بها"
سألته الكسا بقلق:"هل هى تعيسة؟"
ــ كلا, نحن صديقان. لكن زواجنا كان سيتم كإحدى تلك الزيجات المدبرة التى تعرفين عنها!.
بدا لها من المستحيل ألا تقع امرأة فى حب لوكا . سألته :"لِمَ لم تعد بسرعة إذاً إلى نيوزيلندا؟"
توقف برهة و قال بتأن :"لم أكن أعرف ماذا أفعل. فأنا لم أجرب هذا الشعور من قبل"
و خمنت الكسا :"و كان يُغيظك؟"
ردد بدهشة:"يُغيظنى؟"
أومأت بقوة :"لقد أغاظنى أنا أيضاً. كنت حقاً استمتع بحياتى قبل أن تدخلها أنت , و بعد ذلك أدركت بأن الأمور لن تعود مطلقاً كما كانت عليها سابقاً"
قال لوكا و فى صوته نبرة من الضحك:"إننا شخصان غريبان . نعم, كنت
أشعر بالسخك لأنك تستطيعين تحويل حياتى إلى رماد. و عندما أراد الكس أن يقابلك عرضت عليه خدماتى, آملاً أن أتمكن من النظر إليك بحيادية , كأى امراة جميلة أخرى"
حاولت الكسا الإفلات من سيطرته قالت و كأنها تشعر بالشؤم:"أوهـ , و هل تمكنت من ذلك؟"
ضحك لوكا برقة و أحكم شد ذراعيه حولها وراح يعانقها بإغراء عذب . ثم قال :"عندما رأيتك ثانية علمت أنك المرأة التى سأظل أحبها إلى آخر يوم من حياتى"
سألته الكسا و هى تكاد تنفجر من الغبطى :"لماذا لم تقل شيئاً يومها؟"
كنت متأكداً من أنى جعلتك تحتقريننى إلى درجة يصعب على معها اقناعك بحبى ....و ظننت أن ما حصل خمد بالسرعة نفسها التى ظهر فيها .
ارتعشت الكسا . و قبل أن تتمكن من الرد قال بخشونة :"هذا الحب الكبير الذى تمنحنه لى رائع . لكنه غير كافٍ لذا أخبرتك أن أميرة ايليريا لا يمكنها السفر, لكى اقنعك بالمجئ إلى هنا. و عاهدت نفسى على عدم التحرش بك مطلقاً"
قالت الكسا :"أعلم. فقد زرعت حولك إشارات تقول ممنوع الإقتراب "
ضحك لوكا بهدوء :"لكن أنت طبعاً لم تكترثى بكل تلك الإشارات"
تلاشى غضب الكسا بسرعة , و لم تتمالك نفسها من السؤال :"هل أنت نادم؟"
عاقها لوكا قائلاً :"كيف يمكننى أن أندم و كل نظرة من نظراتك تحملنى إلى الفردوس؟"
ثم أضاف :"عندما وافقت على الحضور إلى هنا قررت أن أمنحك الحرية التى حرمتك منها فى نيوزيلندا لذا حاولت أن أبقى متحفظاً"
ثم ضحك بقليل من السخرية :"لم أتمكن من الصمود أكثر من أربع و عشرين ساعة"
و بسرعة تلاشت ابتسامته العريضة أمام رنين ضحكتها و قال بنبرة هادئة تخلو من الإنفعال :"الكسا, حبيبتى و بهجة قلبى . هل تقبلين الزواج بى؟"
ترددت قليلاً ثم قالت :"بالرغم من أننى أنتمى إلى عائلة أمير ايليريا. ألا أنى مجرد امرأة نيوزلندية عادية"
قال لوكا بصوت خطير :"أنا لا أطلب منك الزواج لأنك قريبة الكس كونسيداين . أريد الزواج بك لأنك أنت . إن الثقة أمر متبادل, فلا يمكنك أن تثقى بى كفاية لتدركى بأنك أصبحت كل عالمى ؟ و أنك المرأة التى تسكن قلبى؟ قبل أن ألتقيك كنت أشعر بالوحدة. لكنى كنت معتاداً على وحدتى لدرجة أنى لم ألاحظها . ومنذ التقيتك ملأت قلبى الخالى بحيويتك و اندفاعك وضحكاتك, و إذا لم تتزوجى بى فلن أتزج مطلقاً"
امتلأت عينا الكسا بالدموع :"أنا أصدق كل كلمة تقولها . و أود الزواج بك من كل قلبى"
ــ هل يعنى ذلك أنك تحبينى؟
منتديات ليلاس
غمغمت :"بالطبع أحبك. أظن انى وقعت فى حبك منذ قامت ساندرا تشامب بتلك الرحكة المتملكة الضاربة , قبل مؤتمر المصرفيين!"
قربها لوكا إليه و قال بصوت مرتجف :"كنت آمل أن تحبيننى بما يكفى لتحتملى مساوئ العيش كسمك ذهبية فى وعاء ماء . فليس عدلاً أن أطلب منك الزواج بى من دون ان تكون لديك فكرة عما ينظرك معى"
قال الكسا بنبرة صارمة و متجردة :"هذا لا يهم, فكل ما يهمنى هو أن أكون بقربك"
لكن ذلك لم يكون صحيحاً فقد رصدت عينا لوكا الخبيرتان ما يجول فى منتديات ليلاس فكرها
فسألها:"ما الأمر عزيزتى؟ مهما تكن المشكلة , فبإمكاننا حلها.أقسم لك. إذا كنت تمقتين فكرة العيش و الأضواء مسلطة عليك, يمكننا بسرعة أن تحول إلى زوجين عاديين و مضجرين للصحافة"
شعرت الكسا بالابتهاج لكنها قالت:"ليس الأمر كذلك"
ــ إذاً ماذا هناك؟
سألته بهدوء :"هل تثق بى حقاً؟ أعنى بما يكفى؟ لوكا , انا لا أستطيع العيش فى قلق دائم , فأنا أحبك كثيراً و أريد منك كل شئ"
حبست الكسا أنفاسها لكن لوكا لم يتردد و قال ببساطة :"علىّ أن أثق بنفسى. يبدو أنى كنت أثق بك منذ البداية لكنى لم أدرك ذلك"
توقف قليلاً :"ككنت واثقاً من أنك لم تذهبى إلى الشرطة لتتهمينى باختطافك . و عندما أخبرتك من هو والدك لم أسأل نفسى إذا ما كنت ستستغلين هذه القصة للحصول على المال. لم يخطر لك ببالى مطلقاً . فالثقة إذاً موجودة حبيبتى منذ البداية و ربما علىّ أن أطلب منك المغفرة لأنى شككت بوجودها"
انفرجت أسارير الكسا و قالت أنا مسرورة لسماع ذلك"
قال لوكا برصانة :"لا أعدك ان تكون الحياة معى سهلة . لكنى اعلم فى قلبى و روحى بأن حبى لك أكيد و أعدك ان أهتم بك غاية الأهتمام . لا يمكننى أن أوفر لك حياة هادئة لكن كل مايمكننى أن أعدك به هو أن أحبك بكل ما أملك من قوة و إلى الأبد"
كلماته الصارمة المجردة أقنعتها , فعاهدت الكسا نفسها بأن تجعله سعيداً ستنسيه معاناة طفولته . رفعت رأسها وراحت تنظر فى عينيه و هى تقول و كأنها تقطع على نفسها عهداً :"وأنا أحبك كثيراً و أعدك بأن أحبك دائماً و إلى الأبد و بكل جارحة من جوارحى"
عانقها لوكا ثانية مما جعلها تذوب بين ذراعيه.
بعد مضى وقت غير قصير ,قال لوكا بتكاسل :"يجب أن نأكل شيئاً قبل أن تكتشف كارلوتا بأن الحب أفقد شهيتنا"
فقالت الكسا :"إنها تعلم ذلك و إلا فلماذا حضرت هذا الجو الرومانسى؟"
التمعت ابتسامته كوميض برق فى الظلام و قال بهدوء :"إنك معجزة , لقد عاملتك بسوء و مع ذلك أحببتينى . و الآن تعالى لنتناول الطعام . بعدئذٍ سأعلم الكس كونسيدانين بلباقة بأن لديه عروساً ليقدمها لىّ"
* * *
بعد مضى ثلاث أشهر كان عم الكسا يرافقها إلى المذبح فى تلك الكنيسة الفخمة التى رأتها على الطريق فى يومها الأول فى داسيا.
تراجع الكس كونسدانين أمير ايليريا مبتسماً و القى نظرة سريعة على زوجته التى بدا حملها واضحاً الآن فبادلته الابتسام بشغف.
رفعت الكسا بصرها لتنظر إلى وجه الرجل الذى احبته . كانت متألقة فى ثوب من الحرير يشبه تماماً لون بشرتها و ملتفة بخمار كانت أميرة ايليريا قد وضعته خلال زفافها.
قبل نصف ساعة كانت الكسا تشعر بالهلع , أما الآن و أمام دفء تلك الابتسامة التى تخصها وحدها فقد شعرت بالإطمئنان التام.
حمل لوكا خاتم الزواج الزمردى الرائع و وضعه فى يدها اليمنى فرفعت الكسا يدها اليسرى و وضعت له خاتمه. و سارا باتجاه المذبح ليقطعا على نفسيهما عهداً لبقية حياتهما
|