كاتب الموضوع :
طالبة عِلم
المنتدى :
القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
رد: ما قد يؤول إليه القدر!
هذا الجزء مُهدى خِصّيصا للأخت الغالية ( أحاسيس عاقلة! )
بسم الله..
.
.
{عسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا } :
لم أستَطِع المُواصلَة وقد بَلَغ مِنّي التّأثُّر مبلغه، فتكَفَّل صديقُ أبي بالقِراءةِ عَنِّي...
" ابنَتي الغالية، يشهد الله أنّي أخْلَصتُ تربِيَتك وبَذلْتُ ما أمْكَنَني لتَنشِئَتكِ تنشِئَةً صالحة تُرضي الله ورسوله، ولكِنّي أخْفَيتُ عنكِ حقيقةً مُهِمَّةً لِسَنوات، أمّا الآن وقد فارَقْتُ الحَياة فقَدْ أصْبح من الضّرورِيّ أن تعلَمِي كُلَّ شيءٍ حتَّى أنام مُرْتاحًا في قبري ..
في السّنواتِ الأولى للأزمة السّوريّة، حَلَّت بِبَيْتِنا لاجئة سوريّة عهِدَ بها زوجُها إلى جدِّكِ ليُؤْويها، على أن يعودَ لِأخذِها بعد ثلاثةِ أشهُرٍ حين تتحسّن الأوضاعُ في بلاد الشّام.
ولم تمضِ أيّامٌ كثيرة على رحيل الزّوجِ حتّى اكتشفت السّيّدة نبأ حملِها، فأَخَذت تعُدُّ الأيّامَ واللّيالي في انتظار عوْدتِهِ، ولَكِنَّ غِيابهُ طالَ، فاضطَربَ حالها وتدهوَرت حالتُها الصّحيّة نتيجة قلقها وخوفِها على مصيره خصوصا مع اقتِراب موعِد إنجابها ، وكان أكثر ما يُربِكُنا هو الخوفُ مِنْ كشفِ أمْرِها بعد أن انقضت المُدّة الشّرعيّة لإقامتها في الجزائر، فسَعَينا جاهدين لإخفاءِ أمْرِها.
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&سُبــحان اللــه وبحــمده سبـحان اللـه العظيـــم&&&&&&&&&&&&&&&&&
ولَم يشأ الله أن تدوم مُعاناةُ تِلكَ السَّيِّدة طويلا، فقَد فارَقَتِ الحياة ساعاتٍ بعد وِلادتِها، وقد أوْصتنا بالاهتمام بابنتها وتسليمِها لِأبيها حالَ عَودَتِه.. وكانت زوجتي قد أجهضت مولودها قبل ذلك بأيّامٍ فتكفّلت بإرضاع المولودة..
مرَّ أُسبُوعان ولَم يعُد الزَّوجُ، وخشينا أن لا يتَذَكّر مكان بيتِنا، فقَرَّرْنا الانتقال للعيش بجوار محطّةِ الحافلات التي من المُقَرّر أن يحضُر إليها، حتّى نُسَلِّمه أمانتهُ حالَ عَودتِه، ولكِنّه لم يعُد، فلم يكُنْ لنَا بُدٌّ من تسجيل الرّضيعة باسمِ عائلتنا في الدّوائر الحكوميّة خشْيةً من افتضاح هُوِيّتِها، مِمَّا قد يتسَبّبُ في عِدّة إجراءات أمنية قد تضُرُّ بمُستَقبل الفتاة ..
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&سُبــحان اللــه وبحــمده سبـحان اللـه العظيـــم&&&&&&&&&&&&&&&&&
مرَّتِ السّنوات بعدَها بسُرعة، وخطف الموتُ خلالها الكثير من أهلي، بداية بأبي وأمي ومن ثَمَّ زوجتي، فكانت تلك الاِبنَة الغالية أحسن أنيس لي فيما تبَقّى من سنين عمري..
أعتقِدُ أنَّ الأمور قد اتضحَتْ لكِ عزيزتي، ولا شكَّ أنَّ الحقيقة مُرّة على قلبِكِ، ولَعلَّكِ تتساءلين عن فائدةِ إخباري لكِ بهذا بعد كلّ تلك السّنوات، ولكن ما يجب أن تعلميه صغيرتي أنّ الشَّرعَ الإسلامِيَّ حرّم التّبَنِّي لِما في ذلك من اختلاطٍ للأنسابِ والأنسال، وأنا وإن ارتكبت الخطأ الأوّل فأرجو من خلال هذه الرسالة أن لا تَقَعي فيما قد يؤول إليه، وقَدْ تَرَكتُ في الظَّرفِ وثائِقَ تَخُصُّ أُمَّكِ وتحمِلُ معلوماتٍ مهمّة عنها، فاحتفِظي بها لعَلّها توصِلُكِ يوما إلى أهْلِكِ..
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&سُبــحان اللــه وبحــمده سبـحان اللـه العظيـــم&&&&&&&&&&&&&&&&&
قبل أن أختِمَ ، أودّ أن أُوَجِّه آخِر وصيّةٍ لكِ، وأنا أعلم بأنّكِ لن تُقَصِّري فيها .. لا شك أنَّكِ وجدتِ وثائق المِلكِية والعقارات داخل الظّرف، وعلِمتِ أنّني سجّلتُ كُلَّ المُمتلكات باسمِكِ، فأَحسِني استغلالها فيما يُرضي الله ورسوله، وتذَكّري قول أحد الصالحين:
{ لا دار للمرء قبل الموتِ يسكُنُها، إلا التي كان قبل الموتِ يبنيها، فإن بناها بخيرٍ طاب مسكنه، وإن بناها بشَرٍّ خابَ بانيها، لا تَركُنَنّ إلى الدُّنيا وما فيها، فالموت لا شكَّ يُفنيك ويفنيها، واعمل لدار غدٍ رضوان خازنها، والجار أحمد والرحمن ناشئها } ، ولا تنْسَي بُنَيَّتي قول الله تعالى: { اعلموا أنّما أموالكم وأولادكم فتنة وأنّ الله عنده أجرٌ عظيم }.
هذا، وأستودعُكِ الله الذي لا تضيع ودائعه. "
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&سُبــحان اللــه وبحــمده سبـحان اللـه العظيـــم&&&&&&&&&&&&&&&&&
مشروع النّظام العالمي الجديد:
وضعتُ القلم على مكتبي وأعدتُ قِراءة الخاتمة التي كتبتُها: " كانَتْ تِلكَ مِثالا عن مأساةٍ عاشتها أُسْرَة سوريّة، ولازال أبناء سوريا الجريحة والمسلمون في الشّرق الأوسط يُعانون من العُدوانِ الغَربِيّ على المنطقة. وما نقرأه في الصُّحُفِ هذه الأيّام يُنَبِّأ عن وقوع حربٍ عالميّة ثالثة، أبطالها الصّهاينة والغربيّون أمّا حلَبَتُها هذه المرّة فستكون في أرض المُسلِمين.. في الشّام "، تنَفَّستُ بِراحةٍ وأنا أُقلِّبُ صفحاتِ الدّفتَر وقرأت عنوان أوّل فصلٍ ممّا كتبـتُ " نُورٌ ربّاني "، ثم أغلقت دفتري وضممتُه إلى بُحُوثي الجامِعيّة ..
سمِعتُ طرقًا على بابِ غُرفتي فأسْرعتُ لفتحه وقد علِمتُ أنّهُ أبي جاء يتفقّدُني كعادته قبل النّوم، وقُلتُ بابتسامةٍ مازحة: " ما وراءَكَ أيُّها العمُّ السُّوريّ؟ "، ضحِك كعادته من الاسم الذي أُطلِقُه عليه : " تَبْدِينَ شديدة السّعادة، هل أتمَمْتِ بَحْثَكِ الجامِعِيّ ؟ "، ابتسَمتُ وأنا أجْلِسُ علَى السَّرير: " لقد ختمتُه للتّو بفضلِ الله ثمّ بفضل إعانتِك لي، ولكن ثمّة سؤالٌ لازال يُحَيِّرُني.. إن كانت الدّول الغربيّة قد تحالفت من أجل احتلال الشّرق الأوسط، فلِمَ تتحاربُ الآن فيما بينها، وتجُرُّ نفسها إلى حافّة الهاوية بحربٍ عالَمِيّةٍ ثالثة؟ كيف يسمحُ السّاحر لسحره أن ينقلب عليه؟ ".
جلس أبي على كُرسِيّ المكتب، وقد بدا جِدِّيًّا أكثَرَ مِن أيِّ وقْتٍ مَضى : " اعلمي يا ابنتي، أنّ العالَم يسير الآن وفق أخطر مشروع في تاريخ البشَريّة، يهدِف إلى توحيده تحت ظِلِّ نِظامٍ عالمِيّ جديد، لن أُخبِرك بهذا النّظام ولكن أقترح عليك أن تُجري بحثا في الانترنت عن مشروع النظام العالمي الجديد وستَتَوضَّحُ لكِ أمورٌ كثيرة وتكتشِفين الكثير من الأمور المُدهِشة، وتجدين الجواب لِجُلِّ أسئلتكِ"
اسْتَلْقَيْتُ على السّرير بتعَبٍ : " يبدو كلامُكَ مُخِيفًا يا والدي، لو أمْكَنني أن أحلُمَ لرجَوتُ أن يَعُودَ الزَّمَنُ بعقدين كاملين إلى الوراء علِّيَ أُغَيِّر ما يجبُ تغييره لتجَنُّبِ هذا الواقع الأسود لأُمَّتِنا "
انتَظَرتُ مِنْهُ أن يُوَبِّخَني على أفكاري الصِّبيانِيّة، ولكِنّي عَجِبتُ لِأمْرِهِ وَهُو يقول: " تمنَّيْ إذن، فلَعلَّ أُمْنِيَتَكِ تُصْبِحُ حقيقة !!! "
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&سُبــحان اللــه وبحــمده سبـحان اللـه العظيـــم&&&&&&&&&&&&&&&&&
النّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــهايهـ : بِداية جديدة
عصرُ الاستيقاظ:
فتحتُ عينيّ وأنا أسْمَعُ صَوتَ أُمّي تؤنبني: " كَفاكِ كَسلاً واستيقِظي قبل أن يَنْقَضِيَ وَقتُ الصّلاة "، بدا لي الموقِفُ والوضعُ كلّه غريبا فسألتُها بِتَعجُّب: " هل أنتِ أُمّي؟ وهل أملِكُ أمًّا؟ "، وضَعَت يدها على رأسي تَتَحَسَّسُ حرارتي: " ما الذي حصَلَ لكِ يا ابنتي؟ هل أنتِ بخير؟!!! "، لم أُجِبْها وقفزتُ إلى خارج الغُرفة وأنا أصرُخُ على غَيرِ عادتي: " أهذا هو بيتُنا؟ !! "، التفتتُ إلى أختي وهي تضحَكُ من غرَابَةِ تَصَرُّفاتي، ولكِنّي لم آبه لها ورُحتُ أُكلِّمُ نفسي بطريقة مجنُونة: " لَدَيَّ أُختٌ أيضا !! "،
عُدتُ أرْكُض دون وعيٍ إلى غُرفَتي، وتفَحَّصْتُ المَكتَبَ فَوَجدْتُه فارِغًا، فرُحْتُ أصرُخُ بِحُنقٍ: " ماذا فعلتُم بِبُحوثي الجامِعِيّة؟ من سمح لكم بأخذها؟؟ "، جَلَست أُمِّي على رُكبَتَيْها وقَدْ شُلَّت حركتُها من الفزع، حين صرخت أختي: "كُفِّي عن هذا الجُنُون، أيُّ أبحاثٍ جامعيّة وأنتِ لم تتجاوزي بعدُ المرحلة الثّانوِيّة !!"..
وقفت حائرة وأنا أرى أبي وقد عاد من المسجد، حرّكتُ رأسي بيأسٍ وتَمْتَمْتُ بِضُعف : " ليس هو، ولا البيتُ نفسُه، وأُمّي لم تُفارق الحياة ولم تبتعد عنّي يوما، وتلك أختي الكُبرى ! ما الذي يحصل يا تُرى؟ !! "، لمَحْتُ فجأةً جدول الأشْهُرِ المُعلّق على الحائط وقد كُتبَ عليه " 2013 " ( هل يُعقَلُ هذا !!! )
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&سُبــحان اللــه وبحــمده سبـحان اللـه العظيـــم&&&&&&&&&&&&&&&&&
{ إذا الشّعبُ يوما أراد الحياة ... فلا بُدَّ أن يستجيب القدَر }
( لقَدْ كانَ كُلُّ شيءٍ حُلُما كما أظُنّ، ولكن هل يُعقَلُ أنَّ كلَّ ما عِشْتُهُ من نسْجِ خَيالي؟ أمْ أنَّ رُوحي انتقلت بطريقةٍ ما إلى جسد فتاة في المُستقبل وعاشت معها فترةً مِنْ حياتِها ؟ !!!)
تذكّرتُ كلام " العمِّ السّوريّ " في النّومِ حين قال: " ما يُدرِيكِ لعلَّ الزَّمَن يعود " فتساءلتُ في نفسي (ها قد عاد الزّمن إلى الوراء، وقد مُنِحْنا فُرصَةً أُخْرَى، فماذا بإمكانِنا أن نفعل لإنقاذِ المُستقبل؟ !! )
البدايةُ من هُنا !
&&&&&&&&&&&&&&&&&&&&سُبــحان اللــه وبحــمده سبـحان اللـه العظيـــم&&&&&&&&&&&&&&&&&
.
.
.
تمّت بعون الله
|