كاتب الموضوع :
emaa
المنتدى :
روايات زهور
انا اسسسسسسسسسسسسسسسفة بس كانت عندي ضروف اقوى مني
خضعت غادة لعدة فحوصات الطبية هذا الصباح ، والتفت عدد من الأطباء والممرضات حول فراشها لعمل كشف دقيق على قلبها ومخها ... ولم تكد فحوصهم تنتهي حتى ابتسم الدكتور منير لها ابتسامة مشجعةوهو يقول:
ها هي الفحوصات المزعجة تنتهي هل سببنا لك الضيق؟
أجابته بأبتسامة باهته :
لا لقد بذلتم الكثير من أجلي ، ويجب أن أشكركم على ذلك.
قال بهدوء :
لقد تحسنت وظائف القلب كثيرا ويمكننا الأستغناء عن الجلكوز تماما وأبداله بوجبات خفيفة وأظن ذلك سيسر الدكتور نبيل كثيرا.
ودخل الدكتور نبيل هذه اللحظة ، وهو يقول في مرح:
ترى أي وشاية تلقيها في أذن مريضتي؟
اتسعت ابتسامة منير وهو يقول :
كنت أخبرها بأنك ستسر بنتائج فحوص اليوم.
وناوله كل الفحوصات وهو يشير الى زملائه بالأنصراف قائلا:
سأتركك لتقدم لها التهنئة بنفسك.
راجع نبيل النتائج في اهتمام في حين راحت غادة تختلس النظر اليه وقد اتاح لها انشغاله فرصة تأمل قسماته التي غابت عنها طويلا دون أن تخشى ذلك الشعور بالحرج الذي ينتابها كلما التقت نظراتهما انه لم يتغير كثيرا وان بدا وجهه أكبر من عمره الحقيقي وهو يحمل علامات اجهاد كثيرة لم تنقص من رجولته وتلك النظرة العميقة في عينيه
كم أحبت هذا الوجه وهاتين العينين
الآن فقط أدركت أن ملامحه لم تفارق خيالها طيلة السنوات الست الماضية وأن حاولت أقناع نفسهل بالعكس
وأغمضت عينيها وهي تحاول منع نفسها من الأستغراق في التفكير فيه والأستسلام لجاذبيته المحببة وقد راح ضميرها يؤنبها في شدة ويعاتبها على منحها تلك الشاعر انبيل وهي مخطوبة لأخر..
لقد شعرت أن التفكير ، مجرد التفكير خطأ يحمل طابع الخيانة..
نفضت عنها تلك الأفكار عندما سمعت نبيل يقول:
هذه النتائج تنبئ بالخير ، وسيكنك نغادرة المستشفى قريبا
سألته في لهفة:
ألن تعاودني الأزمة مرة أخرى؟
أطرق بوجه عاجزا عن توضيح الحقيقة لها ، ثم لم يلبث أن قال لها :
اسمعي يا غادة ..سأكون صريحا معك .. أنك تعانين من نقص شديد في ضخ الدم الى الجسم ، فهناك صمام تالف في القلب ، وآخر لايعمل بكفاءة تامة ، وهذا يعني أنه مع اتباع نظام علاجي مناسب وغذائي خاص والبعد عن الأنفعالات النفسية ، سيمكننا مستقبلا تفادي حدوث الجلطات القلبية وهو ما كان يهدد حياتك في الآونة الأخيرة ، ولكننا لن نتخلص من خطرها تماما مادام القلب لا يعمل بكفائته العادية
تنهدت في يأس .. قائلة:
أذن ما زلت أسيرة ذلك المرض اللعين
ثم سألته بغته في اهتمام :
أ لا يجدي أجراء جراحة للتخلص من ذلك؟
احتمالات النجاح في مثل هذه العمليات لا تتجاوز الخمسة في المائة خاصة مع وجود صمام تالف في القلب
سأقبل المخاطرة لو وافقت أنت على أجراء العملية بنفسك
انتفض كما لو أنه أصيب بصاعقة كهربائية ، وهتف ،
أنا مستحيل!
لماذا ؟ انني أثق في براعتك ، ولن أطمئن على نفسي مع سواك
لا يا غادة لايمكنني هذا
لماذا ..لأنني غادة ..أما زلت تحمل بعض العاطفة نحوي؟
لاذ بالصمت تماما وتركها تستطرد في سعادة:
حتى لو كان هذا حقيقيا حاول أن تتناسى تلك العاطفة وأن تتعامل معي كمريضة تفضل الموت على السجن المؤبد خلف أسوار المرض اللعين الذي يعذبها ويهدد حياتها في كل لحظة ، وربما تنجح حينذاك.
قاطعها في حزم:
لا لن أسمح بأجراء تلك العملية الجراحية ولا صلة لهذه بالنواحي العاطفية بل هو لأمر عملي وعلمي بحت ففرص النجاح هنا لا تقارن بضخامة نسبة الفشل واحتمالاته في حين يمكننا السيطرة عاى الحالة طبيا كما يحدث مع الكثيرين
قالت في حدة :
أي آخرين ؟! أنني لن أحيا حياة طبيعية أبد هكذا سيصبح حتى مجرد صعود السلم أو هبوطه مخاطرة غير مأمونة العواقب .. سأضحك بحساب ، وأحزن بحساب ، وأعيش عمري كله مهددة بأزمة قاتلة قد تنتابني في المنزل أو الطريق كما حدث ثم انني من البشر لا يمكنني أن أستبعد انفعالاتي الى الأبد .. ربما تكون العملية خطيرة كما تقول ، وقد أ موت بسببها ، ولكن البديل هو أن أموت فعليا في كل لحظة
خشي عليها من الأنفعال فقال مهدئا :
حسنا .. حسنا .. اهدئي وامنحيني بعض الوقت للتفكير
هدأت نبرتها قليلا وأن استمرت تقول في حزم وتصميم :
أريد مواجهة صريحة مع المرض يا نبيل .. أريد منك أن تجري تلك الجراحة قبل أن تسافر فأذا رفضت فسأطلب من الدكتور صادق أو الدكتور منير أن يجريها بعد أن أتعهد بتحمل النتائج والمخاطر وأن كنت أصارحك بأنني لن أثق في الأمر تماما ما لم تجري
أنت العملية
حسنا .. سأعطيك ردي في المساء غادر الحجرة متجها الى أستراحة الأطباء وهو شارد الذهن تماما بسبب ذلك الأختيار العسير الذي وضعته فيه غادة وشعر لأول مرة باخوف الحقيقي وبعدم ثقته في اجراء العملية لغادة على الرغم من أنه أجرى عمليات مماثلة في النجاح .. بل أنها سبب شهرته الا أن نجاحه فيها يعود الى أعصابه الباردة ولا مبالاته بما سيأتي به القدر أما بالنسبة لها فهو يرتجف لمجرد الفكرة ويدرك تماما أنه سيعجز عن السيطرة على أعصابه معها
ولن يحتما الفشل
ان غادة جزء غالي في حياته .. انها حبه الوحيد الذي لن يعرف سواه وأذا فشلت العماية ولقيت مصرعها على يديه فستكون نهايته كجراح ولن يغفر لنفسه أبدا
وفي أعماقه راح يهتف في اصرار :
لا لن أسمح لها بأجراء مثل هذه العملية لها .. لن أقامر على حياتها أبدا .. أبدا
.
.
دلفت الممرضة سناء الى حجرة غادة وهي تحمل على وجهها ابتسامة خبيثة ولوحت لها بخطاب وردي قائلة:
جاءك خطاب معطر من باريس
اختطفت غادة الخطاب من يدها بلهفة وهي تقول:
لاريب أنه من عادل
عادت الممرضة تخطف الخطاب قائلة :
ليس بمثل هذه السهولة ... أريد مكافأتي أولا.
مدت غادة يدها اليها بشوق وهي تقول :
سأمنحك المكافأة التي تريدنها .. ولكن أعطيني الخطاب.
ناولتها سناء الخطاب ، وهي تبتسم قائلة :
تكفيني تلك السعادة المطلة على وجهك ومن عينيك ، سأتركك تقرئين الخطاب وحدك على أن تخبريني بما به من حب وهيام فيما بعد
وغادرت الحجرة تاركة الخطاب بين يديغادة تقلبه بينهما دون أن تفضه ..
كانت تسأل نفسها :
لماذا لم يحضر بنفسه للاطمئنان عليها؟
وجدت نفسها تجيب :
يا لها من حمقاء ! لاينبغي أن يعود بالطبع ، فلا ريب أنه مشغول بدراسته ولن يقطعها ويهرع اليها على أول طائرة ويكفي أنه أجاب على برقية والدها بهذه السرعة..
ولكن هل يتمسك بها فعلا بعد أن علم بحقيقة مرضها وظروفه ؟ أم خضع لأرادة والده كالمعتاد ؟
ترددت في فض المكتوب وهي تستعيد تلك العبارة التي سمعته في الشرفة التي يجيب بها والده مؤكدا أنه يحبها ولن يتخلى عنها أبدا
وخشيت أن تفض الخطاب..
خشيت أن يصدمها ما جاء فيه..
صحيح أن تخلى عنها عادل لن يفعل بها أكثر مما فعله فراقها عن نبيل ولكنها في هذه المرة تفقد ثقتها بنفسها تماما وستعتبر هذا الرفض بمثابة حكم بأنها لم تعد فتاة طبيعية لها الحق أن تحب وان تتزوج وأن مرض قلبها لن يصبح عذابها الوحيد ...
وبأصابع مرتعشة فضت الخطاب وراحت تقرؤه وجسدها يرتعد انفعالا...
(( عزيزتي غادة..
آلمتني بشدة تلك البرقية التي وصلتني من الكويت تبلغني بتطور حالتك ونقلك الى المستشفى وكم وددت أن أحضر لزيارتك لولا ظروفي الدراسية في باريس وأرجو _ عندما تصلك رسالتي_ أن تكون أزمتك قد مرت بسلام كما أرجو أن أطمئن دوما على صحتك ..
غادة .. لست أدري كيف ألدأ الحديث معك هذه المرة ولكننل أثق في حسن تقديرك وفي أنني لم أدع يوما أنني عاطفي أو مثالي بل كنت أصارحك دوما بأنني شخص عملي تماما وربما كان أحد أسباب أختياري لك هو ما كنت تمثلينه لي من عاطفة أفتقدها في نفسي و أذكرها عن أمي الراحلة وربما هذا سر أعجاب والدي بك وتقديره لك ولقد عشت عمري كله أثق في تقديراته وأحترم آراءه ألا أن هذا لم يكن كل الأسباب فقد أحببتك وأصبحت بالمسبة الي جزءا من أحلام المستقبل وربما لو كنتت قد علمت بحالتك المرضية منذ البداية لهيأت نفسي لتقبلها ولتغلب الحب على ما عداه من عقبات الا أن معرفتي بالأمر جاء ت كالصدمة ولم أكن مهيئا لها حتى لقد شعرت بالمهانة لأنني لم أعرفها منك قبل أن يخبرني بها الدكتور صادق
ربما بدا لك حكمي قاسيا غير عادل الا أن شعوري في تلك الليلة قد خلط الأمور في رأسي فالمستقبل الذي رسمته أنا ووالدي لي لم يكن فيه مكان لزوجة مريضة مما اضطرني لفسخ الخطبة والغاء كل ارتباطاتنا
مرة أخرى أرجوك أ لاتتسرعي في الحكم علي أو وصفي بالقسوة و النذالة .. فعلى الأقل أنا لم أخف عنك شيئا عن نفسي وكنت صريحا معك منذ البداية في حين أخفى والدك وأنت عنا أهم أمورك..
وفي النهاية .. أرجو ألا تنقطع بيننا كل الصلات وألا يكون فسخ الخطوبة سببا لفسخ صداقتنا وأن يصلني دوما ما يطمئنني عليك ومع أطيب تمنياتي بالشفاء ))
(( عادل))
اذن فقد حدث ما كانت تخشاه
لقد لفظها عادل ..
لفظها كعادته ببضع عبارات منمقة تؤدي في النهاية الى نتيجة واحدة واضحة ومحدودة بأنها ام تعد سوى مريضة بائسة لاحق لها في الحب أو في حياة زوجية طبيعية ..
وأغمضت عينيها في ألم ثم عادت تحدق أمامها بلا هدف وقد راحت كرامتها الجريحة تنزف الدموع من عينيها على الرغم من محاولتها ألا تبكي وأن تستوعب الموقف في قوة ..
ولكن مشاعرها أعلنت العصيان في قوة وجبروت حتى بدا هلا أن تخمد تلك الأنفاس التي تتردد في صدرها لتنهي أمرها كله وشعرت بوحدة قاسية مطلقة وبعداء لكل البشر حتى نفسها
وفي تلك اللحظة دلف والدها الى حجرتها وهو يقول في بشر وتفاؤل:
لقد أخبرني الدكتور منير الآن أنه يمكنك العودة الى المنزلو..
تحجرت كلماته في حلقه عندما رأى شحوبها والدموع المتحجرة في عينيها وهتف في لوعة وجزع:
غادة !! ماذا حدث
بدت له صامته كثمتال من حجر وعيو نها تنزف الدمع بغزارة وهي تحق في سقف الحجرة بلا هدف ويدها تطبق على الخطاب فتناوله من يدها دون مقاومة منها وقد بدا وكأنها لم تشعر بوجوده وراح يقرؤه ويدرك معاناة ابنته الحقيقية
لقد خشي ذلك منذ البداية منذ سمع كلمات جمال خاصة وه يعام طريقة تفكيره وقوة سيطرته على ابنه مهما كانت عواطفه نحو غادة
وحاول أن يجد كلمات ما يخفف من وقع الصدمة على ابنته وهو يردد في نفسه:
رحماك يارب بابنتي البائسة !! ألايكفي مرضها اللعين الذي يحاصر حياتها ويهددها بالمت؟
فجأة أغمضت ابنته عينيها واكتسى وجهها بزرقة شديدة ومخيفة وراحت أنفاسها تتلاحق في سرعة شديدة وانطلقت من صدرها زفرة مرعبة جعلت صرخته تدوي في أرجاء المستشفى:
أنقذوني!! ابنتي تموت !! النجدة !! النجدة!
في نفس اللحظة كان الدكتور منير قد انتهى من أجراء عملية عندما اندفعت سناء نحوه هاتفة:
لقد عاودت الأزمة غادة ووالدها يصرخ كالمجنون
سألها في توتر:
هل أجرى أحدهم تدليكا لقلبها؟
أجابته في جزع
انها لم تستجب له والدكتور وائل يواصل محاولة تنشيط قلبها بالتدليك
سألها وهو يسرع نحو حجرة غادة:
وأين الدكتور نبيل ؟
أجابته متوترة:
لقد غادر المستشفى منذ ساعتين ولا أحد يدري أين هو؟
قال وهو يعدو نحو الحجرة:
أعدوا لها ترتيبات نقلها الى حجرة العناية المركزة على الفور وشأشرف على نقلها اليها بنفسي
رآه الأب يعدو قادما فاندفع اليه هاتفا:
أنقذني يا دكتور !! أرجوك .. ابنتي تموت !! انقذني
أبعده منير في رفق قائلا :
اطمئن يا سيدي .. سنبذل أقصى جهدنا من أجلها . . اطمئن
ولكنه _ في أعماقه_ كان يشعر أنها تحتاج الى أكثر من مجرد الرعاية
تحتاج الى معجزة
.
.
|