كاتب الموضوع :
emaa
المنتدى :
روايات زهور
البناية التي ترسم على الأوراق تتمزق معها ، أما التي تنتقل الى الواقع فوق أساسيات متينة فأنها تبقى دهرا وتتحدى مع الزمن.
وفي كل تعاملاته كان يبحث عن هذا الأساس المتين المال.. والمركز الأجتماعي ، والمركز العلمي..
وعلى الرغم من تعارض ذلك المبدا مع طبيعة غادة ألا أنها وافقت على الأرتباط بعادل عندما تقدم لخطبتها على أمل في أن يتطور التقارب بينهما مع تلك اللمسة الأنسانية في شخصيته فيزول تأثير والده عنه .
ولكن بقي تأثير والده قويا يحدث فجوة فيما بينها
هل هي تحب عادل حقا ومع تأثير المهدئ القوي توقف نهر الذكريات عن الجريان في عقلها وراح جسدها الواهن يسترخي قبل أن تغوص في بئر النوم العميق وعقلها يرسم صورتين متداخلتين ..
صورتي عادل ونبيل والحيرة
.
.
كان الصباح يرسل تباشيره الأولى ،عندما وقف نبيل الى جوار فراش غادة ، يتأملها في صمت وهي نائمة وأنفاسها تتردد في هدوء وانتظام ودون صعوبة كالسابق في حين غرقت الحجرة في صمت عميق ولم يشعر بدخول الدكتور منير اليها حتى سمعه يقول:
أنك لم تحصل على قدر وافر من النوم أمس دكتور فلقد أخذت حالاتك كل ليلتك تقريبا وخصوصا هذه الحالة,
وابتسم مستطردا :
يبدو أنهم يحاولون استنزاف أكبر قدر ممكن منك ، قبل رحيلك الى لندن
لم يبادله نبيل الحديث بل ظلت عيناه مسلطتين على وجه غادة ، فعاد منير يقول:
اسمع .. لقد أنهيت عملي ، ما رأيك لو تذهب لتنال قسطا من الراحة فب حجرتي ، ريثما أتابع هذه الحالة ؟ لقد كانت مريضتي في البداية.
أجابه نبيل في خفوت ، ودون أن يرفع عينيه عن وجه غادة :
أنها ليست مجرد مريضة يا دكتور منير .. لقد كادت تصبح زوجتي يوما.
هتف منير في دهشة:
هذا هو سر اهتمامك بها اذن!
أجابه نبيل في هدوء:
يمكنك أن تستفيد من وقتك ، فسأتابع هذه الحالة بنفسي؟
ربت منير على كتفه قائلا:
انني أقدر لك ذلك .. عموما لو احتجت الي فستجدني في الدور العلوي.
وغادر منير الحجرة في هدوء تاركا نبيل وسط عواطفه الجياشة ينعم النظر في وجه غادة حتى حضرت الممرضة وهمست :
عفوا دكتور نبيل .. أنه موعد حقنتها
قال في حنان وكأنما يشفق على غادة حرمانها من النوم الذي يضفي عليها جمالا ملائكيا :
فلنمنحها نصف ساعة أخرى من النوم
ولكن موعد الحقنة ..........
لن يضيرها أن تنتظر نصف ساعة أخرى فالراحة لها التأثير الأعظم على تحسن حالتها.
ولكن غادة استيقظت على صوت الحديث الهامس بينهما وفتحت عينيها ببطء ، ولم تكد تلمح نبيل الى جوار فراشها حتى انفرجت أساريرها عن ابتسامة تلقائية وهي تهتف في ضعف :
نبيل؟!
ثم بدا لها أن مخاطبته بأسمه مجردا لا يليق وخاصة في حضور الممرضة فأسرعت تقول :
عفوا دكتور نبيل
لم يبد أية ملاحظة بخصوص اعتذارها ، بل تناول معصمها ، وراح يعد نبضها في بساطة ، وهو يقول في لهجة من يؤدي عملا روتنيا:
أتشعرين بتحسن الآن؟
أجابته وقد خيب بروده أملها:
نعم
تناول الحقنة من الممرضة قائلا:
يمكنك الأنصراف .. سأحقنها أنا .
أنصرفت الممرضة على الأثر ، في حين راح هو يعد الحقنة قائلا:
ألاجو ألا تكوني من ذلك النوع من الفتيات الللاتي يرهبن الحقن.
أجابته بهدوء :
لن أخشى شيئا تقدمه لي بنفسك ، فأنا أمنحك كل ثقتي واطمئناني
حركت عباراتها مشاعره ، فعاد يتطلع اليها قليلا ، قبل أن يشمر عن ساعدها ويحقنها قائلا:
هل آلمتك ؟
أجابته مبتسمة :
مطلقا.
|