شكرا على الرد nadeeer
وهذا الجزء الجديد
اصطدم نبيل بوالد
غادة الذي كان يقف خارج الغرفة وعيناه متعلقتان ببابها في قلق ولهفة ، فقال له:
يمكنك أن تدخل أليها الآن.. ولكن أرجوك أن تنزع تلك النظرة البائسة ، فقلبها لن يحتمل لوعتها عليك ،ومن الواجب أن نمنحها جميعا شعورا بالأمل والتفاؤل .. هل تفهمني ؟
أجابه الأب في استسلام:
نعم اطمئن.
أفسح له نبيل الطريق ، وراح يراقبه حتى بلغ سرير ابنته ، ثم اغلق الباب بهدوء
وكانت غادة قد عادت تستسلم الى المخدر ، فأغلقت عينيها وارتخى جسدها ، وأن لم تغب عن الوعي تماما فوقف الأب مترددا حائرا ما بين لهفته علي أايقاضها والأطمئنان على صحتها ، وضرورة منحها أكبر قدر من الراحة والسكينة ،ألا أن غادة أنقذته من حيرته عندما فتحت عينيها في صعوبة ، حين شعرت بوجوده ألى جوارها، زاستقبلته بأبتسامة شاحبة واهنة ، عجز ضعفها على منحها الأشراقة المعتادة ، وهي تقول في ضعف: أبي
اتسعت ابتسامة الأب وامتلئت بالحنان وهو يقول:
غادة ابنتي الحبيبة.
غمغمت ، محاولة التغلب على اعيائها :
تعال أبي .. اجلس الى جانبي.
جلس على طرف سريرها وأحاط رأسها بذراعه في رفق وحنان ، وراح يربت على يدها بيده الأخرى وهو يقول:
لقد أخبرني الطبيب أنك قد اجتزت الأزمة ، وأنك الآن على مايرام .... لايمكنك تصور مدى قلقي ، عندما أخبروني بما أصابك .. ولقد أتخذت كل ما يلزم ، لنقلك الى مستشفى الدكتور صادق الخاص ، بمجرد تحسن حالتك، و..
بدا كأنها لم تكن تنصت له ، وهي تسأله :
ألم تتعرف ذلك الطبيب يا أبي أحرجه سؤالها المباغت ، فغمغم مرتبكا :
اه .. نعم .. يبدو أنه....
قاطعته وهي تقول، ضاغطة على كل حرف من حروف كلماتها :
انه نبيل يا أبي .. ألا تذكره ؟ نبيل سالم
.
.
غمغم الأب :
لقد عرفني على نفسه.
ثم استطرد في سرعة ، وكأنما يحاول الفرار من الحديث في هذا الشأن:
حمد الله أنك بخير .. لقد طلب مني طبيبك ألا أرهقك بزيارتي الآن ، وأعود فيما بعد، و....
قالت في لهفة ، تشف عن مدى شعورها بالوحدة :
متى؟
ابتسم ابتسامة فاترة، وهو يقول:
لن أغادر المستشفى على أي حال .. ثم أنني أتبع تعليمات الأطباء ، بشأن الزيارة.
سألته فجأة:
ألم تتصل بعادل وتخبره بأمري؟
غمغم في حرج :
لا داعي لأن نقلقه بشأنك .. أنت تدركين أعباء دراسته ، ولقد مرت أزمتك في سلام
سألته في لهجة أقرب الى الأستعطاف :
قد ابدو لك أنانية ياابي ، ولكنني أريد منك أن تبلغ عادل بحالتي .. أرسل برقية .. أرجوك افعل ذلك من أجلي
أريد أن أعرف حقيقة موقفه تجاهي ، بعد أن علم بحقيقة مرضي.. أرجوك.
أليس من الأجدى أن تهتمي بصحتك ، وتتركين الأمور للمستقبل.
قالت في انفعال لا يتناسب مع ضعفها:
أرجوك يا أبي .. افعلها من أجلي.
أشفق الأب عليها من ذلك الأنفعال ، فربت على يديها وهو يقول مهدئا:
سأفعل يا بنيتي .. سأفعل.. اهدئي..
استرخت غادة في فراشها ، وكانما ملأتها عبارته بالأرتياح حتى أنها ذهبت في نوم عميق ، قبل أن يغادر والدها الحجرة ، فاكتفى هو بمنحها نظرة حزينة ، ثم غادر الحجرة في هدوء..
استيقظت غادة بعد ساعات ، وحضرت ممرضة القسم لمنحها جرعة العلاج، وتغير زجاجة الجلكوز المتصلة بذراعها فقالت لها غادة وهي تبسم:
أنك تبدين لطيفة للغاية .. أتعلمين ؟ كنت أرهب الحقن دائما ، منذ طفولتي ، وعلى الرغم من فهأنذا أستجيب لك دون خوف أو رهبة.
بادلتها الممرضة الأبتسام ، وهي تقول:
يسعدني أن ألقى منك هذا التقدير ، والواقع أنني أشعر بتقارب نحوك يتجاوز حدود العمل ، ربما لجمالك ورقتك
بالمنلسبة أ سمي سناء ، ولقد أوصاني بك الدكتور نبيل على نحو خاص.
هتفت غادة من أعماقها : نبي؟! حقا ؟!
أدهش سناء أنها نطقت اسمه مجردا .. دون ألقاب .. فقالت:
اذن أنتما متعارفان مسبقا .. هذا يبرر اهتمامه الشدي بك.
قالت غادة في اهتمام:
انها معرفة قديمة وقوية.. أخبريبي ، منذ متى وهو يعمل هنا ؟
أجابتها سناء:
أنه لا يعمل هنا ، فهو أخصائي في احد أكبر مستشفيات لندن، حيث استقر بصفة نهائية، وهو هنا كطبيب زائر ، بناء على طلب مدير المستشفى ، لعلاج بعض الحالات المستعصية ، وأجراء بعض العمليات الجراحية الدقيقة.
بدا الأحباط على وجه غادة، وهي تقول:
أيعني هذا أنه سيسافر ثانية؟
نعم .. خلال اليومين القادمين .. أتصدقين أن هذا الشاب الوسيم ، الذي لم يتجاوز الحادية و الثلاثين من عمره يعد واحدا من أشهر المتخصصين في جراحات القلب في العالم ، وأن الهيئات الدولية تتنافس عليه .. أننا نفخر به حقا؟
ثم عادت تسأل غادة:
ولكن متى تعارفتما؟
حدقت غادة في سقف الحجرة ، وكأنها تستعيد ذكرى قديمة، وقالت:
منذ سنوات طويلة
ثم التفتت الى الممرضة تسألها في خجل:
ولكن لاريب أنه قد تزوج .. أليس كذلك ؟ أنها زوجة انكليزية على الأرجح
ضحكت الممرضة ، وقد أنبأتها غزيرتها الأنثوية بغرض السؤال ، وقالت:
أن أحد لم يلق عليه هذا السؤال الشخصي ، ولكنك تعرفين أن أول ماتتطلع أليه الفتيات ، بعد وسامة الرجل،
هو أصابعه ، ليتأكدن من حقيقة موقفه الأجتماعي، ولكن أصابعه كانت خالية من دبلتي الزواج والخطبة ،
مما يؤكد أن أحداهن لم توقعه بعد
شعرت غادة ببالسعادة ، فعادت تسترخي فوق وسادتها ، ووجهها يحمل ابتسامة هادئة ، جعلت سناء تسألها في خبث:
هل من أسئلة أخرى؟
لا.... شكرا
حسنا .. سأعود بعد ساعتين ، فأذا ما احتجت الي قبل ذلك ، فقط اضغطي ذلك الزر الأحمر الى جوارك.
ومنحتها ابتسامة مودة ، وغادرت الحجرة ، وتركتها تسبح مع ذكريات حبها الأول ... مع نبيل..
كانت تتساءل عما اذا كان من الئق أن تستعيد في ذهنها ذكريات تلك الأيام السعيدة التي جمعتا مع نبيل
بعد أن أصبحت مرتبطة بخطبة مع عادل ، ولكن ذلك الصمت المطبق الذي يحتويها داخل الحجرة وعودة نبيل الى حياتها بعد ست سنوات من الفراق ، وحديث الممرضة عنه ، كلها عوامل جعلتها تسبح على الرغم منها في نهر الذكريات ، وتستسلم لتياره بحلوه ومره.
.
.
لقد كان نبيل جارهم في بيتهم القديم ، أيام كان والدها موظفا بسيطا بشركة النقل البحري ، وكانت والدتها حية ، ولقد تعلقت به منذ طفولتها ؛ لما رأته فيه من شهامة ورجولة ، تميزه عن الأخرين.. ولقد صارحته هي بحبها، عندما كانت طالبة في المتوسط، وكان هو طالب في السنة الثانية بكلية الطب ، ويومها سخر منها ، واتهمها بأنها ما تزال طفلة ، مما منحها _ آنذاك_ شعورا بالمهانة والغضب، والندمعلى أنها قد صرحت له