لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المهجورة والغير مكتملة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المهجورة والغير مكتملة القصص المهجورة والغير مكتملة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (4) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-05-14, 05:55 PM   المشاركة رقم: 146
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل

 




,,



شمس جُمعة تزاحم السماء لتصل إلى وسطها بعد ساعات .. وهي من بعد ما آل إليه مصيرها أضحت كفقاعة زاد ضغطها فَانفقعت .. مشتتة ومتسائلة ماذا عليها أن تفعل ؟ .. هذا السؤال الذي لم تصل به إلى بر يُسعفها .. ترثي حالها .. ترثي مها القديمة .. وترثي عقل أبن عم كانت تتمناه أن يحتويها .. ابتسمت وهي ترى بوابة منزل خالتها مشرعة كما العادة .. وزادت ابتسامتها أكثر لان موقف سيارتها لا يزال يحتفظ باسمها .. فارغا لا يستقبل الا سيارتها ..



ترجلت ليلفها الهدوء .. المنزل ساكن وكأن لا روح فيه .. خطت بخطوات وجلة بعد ان انزلت حقيبتها .. تجرها من خلفها وتحاول ان تتصيد صوت ما .. صوت مبارك او صوت خالتها او صوت الخادمة .. لكن لا شيء .. قطبت حاجبيها وهي ترى باب المنزل مفتوحا بعض الشيء .. لتدفعه بيدها ويصلها صوت التلفاز الخافت .. فتركن حقيبتها وتمشي وقد تسلحت بابتسامة كاذبة .. لتطل برأسها من الباب وتختفي ابتسامتها .. لا احد سوى الخادمة الاثيوبية المحتلة المكان في غياب اصحابه .. تشد جبينها وفجأة ترخيه رافعة حاجبيها باندهاش .. مقوسة شفتيها باستنكار .. لِـ تحمحم وتفز الاخرى في هلع .. تتلعثم في كلماتها .. وتتوتر في خطواتها التي اتجهت نحو قابس الكهرباء بعد ان اطفأت التلفاز لتطفئه .. وتسألها تلك : وينهم ؟ وين خالتي ؟ وانتي شو يالسه تسوين هني ؟ ومكيفه بعد ..



وقفت تُجيب بلهجتها العربية المتكسرة : ما في شغل .. بابا وماما ما في موجود .. كلش يروه ..



" ما في شغل ؟ " بنبرة مستفهمة ومستنكرة قالتها .. لتتبعها : كيف ما شيء شغل واحنا بعدنا الصبح .. ما وراج تغسيل ملابس .. كواي .. تنظيف البيت .. والا اذا غاب القطو يلعب الفار ..


بتعالي نطقت الاخرى : انت ليش يكلم انا ؟ هزا بيت بابا وماما انت ما يتكلم ..



مرت من جانب مها وقد تملكها الغضب ولسانها يثرثر بكلمات كثيرة يظهر منها السخط والتبرم ..لتزفر مها انفاسها : هذا اللي ناقص بعد .. الله يعينج يا خالتي ع شغالتج ..



" أنت يجلس والا يروه " .. التفتت على صوت الخادمة من خلفها .. لتجيبها : لا ما بروح .. وبتحصلين شنطة عند الباب شليها وحطيها فحجرتي ..



لترفع حقيبة يدها تفتحها .. وتبحث عن هاتفها فيها .. وما ان التقفته حتى تحركت صاعدة الدرجات وهو على اذنها .. يرن ولا من مجيب .. زمت شفتيها وتوقفت عن المضي لتضغط رقم اخر .. وايضا لا من مجيب .. ابعدته : وينهم .. لا خالتي ترد ولا عمي ..



لتقف مرة أخرى عند باب غرفتها حين خروج الاخرى .. نظرت إليها وهي تبتعد .. يبدو انها كرهتها فلسانها لا يفتئ من الثرثرة الغاضبة .. تشدقت بابتسامة ساخرة .. تغلق الباب من خلفها .. رامية حقيبة يدها على السرير وتبعتها بـ" شيلتها " .. تجلس على طرفه لتعتق شعرها وتنفشه باناملها .. وشرود يطوقها .. وملامح حزن رسمتها على وجهها ..



تستلقي وتاخذها غفوة لم تدرك مدتها .. لتصحو على صوت الخادمة القارعة على الباب والمقتحمة خلوتها بعد ثواني .. تفز من استلقاءها : شو في ؟


-
واحد برا .. يقول يريد انت .. وايد عصبي ..


وقفت تسحب شيلتها وتلفها على رأسها .. علمت ماهية الزائر .. فتسلحت بالقوة .. تنزل الدرجات وقلبها ترجفها ضرباته.. حتى ما خرجت رأته : خير يا سلطان ..



موليها ظهره .. يتآكله الغضب .. حتى ما سمع صوتها التفت بعنف .. ينثر انفاسه بحنق .. ويتحرك بقسوة تجاهها .. يشدها من ذراعها : امشي نرد بيتنا ؟ لا تفضحينا ؟



باناملها اخذت تفك قبضته عن ذراعها .. ونظرها ركزته على عينيه .. حتى ما فكتها نفضتها : الفضيحة انت اللي بتسببها اذا ما تحركت من هني .. ولا تنسى ان فضيحتي انت داريتها .. شو اللي تباه الحين ..


يحاول ان يسيطر على غضبه : مها اخزي الشيطان وركبي سيارتج وردي وياي ..



ضحكت ساخرة : ما اريد اخزى الشيطان .. اريده يركبني زين .. انت سويت اللي عليك .. وكثر الله خيرك .. خفت علي انفضح ..



" تتمسخرين " .. قاطعها بكلمته واردف : مها خلينا نتفاهم .. وبدون ما نكبرها ..


شدت انفاسها .. وربعت ذراعيها على صدرها : بنتفاهم بس يوم انا اقرر ..


-
عندج يومين يا مها .. وتردين البيت احسنلج واحسنلي ..


-
عندي كل الوقت يا سلطان .. ولا لك دخل فيه .. والا كل شيء بيوصل عمي .. لا تحدني اسوي هالشيء ..



تبادلا النظرات .. هو يقذف بنار غضبه .. وهي تزيد ناره بهدوءها ونظرتها الباردة .. ليحرك فكه بقسوة حتى كاد ان يحطمه .. لينطق : سوي اللي تبينه ..



ويختفي هو .. وسيارته .. وحقده .. وغضبه الذي اسال دموعها حين ابتعد .. لن تعود هذا ما قررته .. وهو ليتحمل وبال افعاله معها ..



,
,

غريبة اقتحمت حياته دون استأذان .. تبلبل ساعات يومه ودقائقه .. تُشاركه فراشه .. دولاب ملابسه .. وتزاحم عطوره بعطورها .. حتى الاكسجين بدأت تشاركه فيه .. تنهد ناظرا إلى ساعة الحائط المرتفعة فوق التلفاز المسطح .. تقارب الحادية عشر والربع من الساعة .. تتعانق انامل كفيه اسفل ذقنه .. ويجلس في هدوء .. ثار بقوة على ذاك الفهد .. ليعتلج في صدره الكثير من الضيق بعد ذاك الحديث .. اذا هي ليست بعذراء ؟!..




مسح بيده النصف الاسفل من وجهه .. متمتما بالاستغفار .. وزافرا انفاسا حارة ... لم يبقى الكثير من الوقت وعليه ان يستعد لصلاة الجمعة .. ارتفع من مقعده وتحرك نحو الغرفة .. يشعر بانه بحاجة لماء بارد يطفيء نار صدره .. ولج لتتسمر أنظاره على السرير .. على تلك الملتحفة ونائمة لا يظهر منها الا قمة رأسها .. شعرها بصبغته التي لا تروقه .. تلك الخصل باللونين تثير في نفسه رغبة لا ماهية لها .. مبهمة وجدا .. هو لا يتقبل تلك الالوان الفاتحة في الشعر .. لوح برأسه يبعد تلك الافكار .. ليكمل المسير نحو دولابه ..



لم تكن نائمة .. دخوله ايقظها فاخذت انفاسها تتحارب خارجة من صدرها .. لقد اخافها وجدا صراخه .. غضبه ذاك ارجفها .. اصابها بوابل من خوف لا تستطيع ان تهدأ معه .. كان مختلفا مع كلمات شامة عنه حين تأتي سيرته بين طيات الاحاديث .. فتحت عينيها قليلا تنظر إليه .. إلى ظهره وإلى حركته وهو يبحث عن ملابسه ..


لتغلقهما بسرعه حين تحرك من المكان نحو دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. بلعت ريقها .. والتعب اخذ من جسدها كُل مأخذ .. لتغفو قليلا .. وما لبثت حتى استيقظت من جديد على خروجه .. تتسلل اليها رائحة عطره فتبعد الغطاء قليلا علها تراه .. مختلف هو مع لباسه الاماراتي الكامل .. تسمرت انظارها عليه .. لا تلمح الا جزء بسيط من وجهه فتلك الـ"الغترة" البيضاء تخفيه ..



مطأطئ الرأس يحاول اغلاق ساعته على معصمه .. وحاجبيه مشدودان .. ليرفع نظره الى المرآة ليلمحها .. فيبتسم قليلا ويتحرك من المكان .. لم ينطق وهي لم تتحرك .. تشعر بالخجل فهو مؤكد يعلم ماضيها .. لتزم شفتيها متمتمة بخفوت : لا وياكم رحمة ولا بعيد عنكم ..


ابعدت الغطاء : اللهم صبرني ..




,
,

هُناك كانت تتحرك متوجهة لغرفة كنة .. تطرق الباب وتدخل .. لتجدها لا تزال نائمة .. زفرت تقترب منها تُزيح الغطاء عن جسدها : كنة قومي بتصير حدعش وشيء ولحد سوى غدا وانا ما في ع وقفة المطبخ


رفعت رأسها و بعيون ثقيلة وشعر منفوش نظرت لوالدتها : امايه والله تعبانه ما رقدت الا عقب الفير .. احس ريولي ما بيشلني .. وراسي تقول فيه حصاه هالكبر كبرها ..



اسقطت رأسها على المخدة متمتمة : قولي حق شامة تسوي الغدا .. والله مب قادرة ..



تأففت متحوقلة .. لتثرثر بحنق وهي تبتعد .. تلج الى غرفة شامة .. تنظر لكلثم النائمة على مرتبة ارضية بعيدا عن هواء التكييف .. ومن ثم يقع نظرها على الفستانين المرميان على الارض بجوارهما العباءة السوداء و " الشيلة " .. لتطوح رأسها مقتربة من السرير .. تربت على كتف شامة : شامة قومي بسج رقاد .. اخوج الحين بيطلع يصلي ومن ايي يبا غدا .. وانا ريولي تعورني ما اقدر ع وقفة المطبخ ..



تقلبت في سريرها لتنام على ظهرها ناظرة لوالدتها : وكنة ؟



" ما طاعت تقوم " .. واردفت وهي تسحب اللحاف : قومي ..


لتجلس تسحب انفاسها وتزفر بهدوء .. تلف شعرها وتنحني تلتقط مشبكها من على الكوميدينة .. وتترجل مبتسمة وهي ترى والدتها تقف عند عتبة الباب : بقوم ..



وما ان اغتسلت حتى خرجت مهرولة إلى غرفة شقيقتها .. تدخل بعنف وتقع على السرير جاثية على ركبتيها حتى اهتز وتأففت تلك من تحت غطاءها .. لتسحبه شامة : قومي يا كنون .. تراني مثلج ريولي تعورني وراسي .. وظهري .. وكل شيء .. قومي ساعديني فالمطبخ .. اخاف ادمر الغدا ..



بعثرت خصل شعرها المتناثر على وجهها وهي تقذف انفاسها .. لتبعده بعدها بكفها .. متذمرة ناظرة لسقف : ما تخلون حد يرقد .. انزين طلبوا من المطعم .. والله ما في حيل ادخل المطبخ ..



" مطعم ؟ " قالتها شامة ومن ثم ضربت كنة على كتفها .. لتقف وهي تردف : قومي يا ام مطعم .. ناسية ان اليوم اليمعة .. ما شيء مطاعم فهالوقت الكل مسكر .. قومي بس ..


تأففت وهي تجلس : انزين .. سبقيني ..


-
بترياج .. ياللا قومي تغسلي وبنروح وييا بعض ..





خرج من قسمه لتلوح له والدته فيبتسم بحب .. ويدنو نحوها تزداد ابتسامته على كلماتها : مبروك .. مبروك .. عساك تتهنى وهالفرحة ما تفارقك ..


" الله يبارك فيج " .. يقولها وهو ينحني يقبل رأسها قبلات متتالية .. ومن ثم ينظر في عينيها المغرورقتان بالدمع : افاا يا ام شبيب تصيحين ..



" من فرحتي فيك يا ولدي " .. وتردف بحب : عساك ارتحت وياها ؟ ووينها ؟ والا بعدها راقدة ؟



قبل ان ينبس بكلمة جاءه صخب شقيقتيه من بعيد .. وكلمات المباركة والضحكات .. ليضحك بخفوت وهو يسمع كنة التي تقترب منهما : مبروك يا ابو ناصر منك المال ومنها لعيال ..


لتحاول ان تطلق "زغروطة " ولا تفلح .. وتتبعها بضحكة ومن ثم قبلتين على وجنتي شقيقها .. وأخرى على جبينه .. هامسة : الثالثة عشان امي ما تعصب علي ..



ليضحك وهو يستقبل شامة المهنئة له .. وتسأله : العروس بعدها راقدة ؟


ليبعثر الحديث عنها بسؤاله عن هاشل : وين هاشل ؟


" راقد " .. قالتها والدته .. ليقطب حاجبيه : وعوه يتيهز لصلاة ..


-
حرام خلوه يرقد .


نظر لشامة حين نطقت بجملتها : لو تراخينا .. وكل مرة قلنا حرام وحرام .. ما بيفلح .. وهو مب صغير واذا ما صلى ينضرب .. وين امايه العودة ..


انسحبت كُل من كنة وشامة وعتاب خفيف من كنة لشقيقتها يصل إليهما .. لتجيبه والدته وهي تدبر : تصلي الضحى فحجرتها .



في صدره وجع لا يعلمه الا تلك العجوز .. تزول ابتسامته مع اختفاءهن .. يسحب انفاسه وكأنه يحاول ان يتسلح بالكثير من القوة .. بين ليلة وضحاها صار يشعر بثقل لم يشعر به يوما .. وشيء في داخله لا يعلمه .. وصل الى غرفة جدته ليطرق الباب ويلج .. يراها كما اعتاد دوما .. تقلب حبات المسبحة في يدها ولسانها لا يفتر من التسبيح .. يدنو وينحني يقبل رأسها ويجلس بجانبها .. يتسلح بابتسامة تعرف تلك العجوز انها زيف يخنقه : مبروك يا ولدي .. شو بلاه ويهك تعبان ؟


-
الله يبارك فيج يالغالية .. ما رقدت زين .. واحس راسي بينفير من الصداع ..


-
إن شاء الله ارتحت وياها ؟



سؤال لم يرغبه .. فتبسم وغض نظره .. لترفع بيدها المجعدة والمرتجفة رأسه من ذقنه .. فيلتقفها مقبلا : ما صار بينا شيء .



وبحدة نبرة : افا يا ولد ناصر .. لا تقولي انك ما تروم ع الحريم ..


اضحكته تلك الجملة حتى انار وجهه : لا ياميه .. راح فكرج لبعيد .. بس البنت تعبانة ..


لتنطق : هيييه .. لول البنت ما تنزف وهي ما تصلي .. تبقى فبيت اهلها الين تنظف ..


باستغراب نظر إليها : وتنفضح بين الخلق ؟


وبسخط اجابته : لا فضيحة ولا شيء .. بس لول الناس غير ..



صمتت وهي ترى شيء مختلف في وجهه .. تنهدت تربت على كفه المرتاحة على فخذه : هونها وهي تهون ياولدي .. وكلام اهلها عقه ورى ظهرك .. لو هم شيء ما تكلموا عليها قدامك .. ولا قالولك اللي قالوه .. صير لها انت الاهل .. وحتى لو غلطت قومها .. علمها الصح من الغلط .. امسك ايدها .. وعفى الله عما سلف وانا امك .. ايلس وياها وافهم منها .. مثل ما هم قالوا هي بعد لها حق تقول .. انت عارف وما تحتاي اللي يعرفك .



لثم كفها من جديد ..كلماتها تلك اعطته دفئ راحة .. ليحني رأسها ويقبله : الله يحفظج لنا ياميه .. ويعطيج طولة العمر .. – ارتفع واقفا - بروح المسيد .. ما باقي شيء ع الصلاة ..


" تريقت ؟ " .. سؤال طرحته ليقف ويلتفت لها : مابي ريوق .. بخذلي فنيان قهوة قبل اطلع ..



حتى هي ليست بافضل منه حالا .. شعور الغربة يداهمها ويسيطر عليها .. لاول مرة تشعر بانها فاشلة في التصرف .. وكأنها ليست هي .. لا تعلم كيف تبدأ معه حياتها .. حتى فرحتها سُلبت منها بقسوة .. تبا لذاك الفهد .. كان عقلها يحثها ان تدعو عليه حتى تهلكه .. ولكنها لم تفعل .. اغرقت جسدها بالماء تحاول ان تغسل ذرات الذل منها .. وسخ الماضي اللعين الذي يقض مضجع مستقبلها .. ماذا اخبروه ؟ هل اخبروه عن كُل شيء ؟ ام انهم انقصوا .. او لعلهم زادوا ؟



تنهدت وهي تُنزل مجفف الشعر من يدها .. تنظر للونه .. أي حماقة فعلت؟! .. كيف لم تختر هي لون الصبغات .. تبدو غريبة .. كجنية بهذا الشعر الباهت .. زمت شفتيها لتحاول رفعه واذا بها تسقط ذراعها .. تشد على كتفها بيمناها .. ويمر عليها ما حدث آنفا .. لطيفا كان .. لتبتسم بهدوء .. وفجأة تعكر صفو وجهها حين تذكرت صراخه .. غضبه المخيف ..




فُتح الباب لتبلع ريقها .. تنظر إلى انعكاسه .. لا يتكلم معها .. حتى تحية صباح لم ينطق .. يدنو منها حتى لامس بجسده جانبها الايمن .. يلتقط هاتفه من جانب العطور المصفوفة .. ناطقا : اتمنى تطلعين تسلمين ع امي ويدتي وخواتي ..




فقط هذا ما قاله وابتعد .. لتنفخ هواء صدرها .. وتقف .. ستصلي ركعتين وستقرأ سورة الكهف حتى دخول صلاة الظهر .. وبعدها ستفعل ما طلبه ..





يمر بها الوقت .. تشعر باختلاف في روحها من بعد ان قرأت آيات ربها .. وكأن الغمامة التي سيطرت على عقلها تبعثرت .. تبخرت وتلاشت .. وها هي ترفع كفيها لخالقها تدعوه أن يكن معها .. أن لا يتركها ابدا .. وأن يغفر لها زلاتها صغيرة كانت او كبيرة .. تمسح وجهها بكفيها وتطوي سجادتها بعد ان سمعت نغمات طرق على الباب .. لتخرج بهدوء الى الصالة ومن ثم الى بابها لتفتحه ..


تُستقبل بالقبل والتهاني من شامة ومن ثم من كنة : الله يبارك فيكن .. حياكن ..



قالتها بخجل .. حياء لفها لا تعلم لماذا .. لتحتضنهن كراسي الصالة القطنية بعد برهة .. الصمت يلفهن .. لا يجدن حديث قد يجمعهن .. لتقف بهدوء : ايبلكن شيء تشربنه ؟



تمسكها كنة وتجلسها : مانبي شيء .. طمنينا عليج ؟ .. امس فالعرس حسيتج خايفة ومتوترة .. حتى ما كنتي تردين علينا .. وسمعت امايه العودة تقول انج تعبانة .




تبسمت : انا بخير .. بس تدرين لازم الوحدة تخاف فمثل هاليوم ..




" بس مب بهالشكل " .. قالتها كنة والتفتت لشامة الصامتة : ليش ساكتة وكانج ما تعرفينها ؟



بخفوت نطقت وهي تنظر للارض : مادري .. بس مستحية منها ؟




" ما بينا شيوم " .. واردفت وهي تقف : بطلع وياكن اسلم ع امكن ويدتكن .. بغير ملابسي وبطلع ..



لتقف بعد ان خطت خطوتان .. تلتفت : اممم .. في رياييل فالبيت ؟



-
لا تخافين ما في حد .. خذي راحتج .


قالت جملتها وما ان ابتعدت ريّا عن المكان .. التفتت من جديد لشامة : مستحية ؟ .. شاموه انتي بعدج زعلانه منها ؟




زمت شفتيها ومن ثم نطقت : مب سالفة مستحى .. بس احس اني زودتها وياها يوم اتصلت علي اخر مرة .. ظلمتها .. فيج تقولين مالي عين اطالعها .. هي كانت وياي مثل اختي واقرب بعد من اخت ..




تنظر إلى كنة : تبين الصدق حاسة بغرابة ان الدكتورة اللي اتعالج عندها صارت حرمة اخوي .. تعرف كل شيء عني .. اصغر الاشياء فحياتي تعرفها .. هالشيء يخليني متوترة وانا وياها ..



يصلها الحديث قبل ان تخرج من غرفتها .. تقف تستمع وتبتسم بخفوت .. خطت للخارج : شامة .. اللي بينا يبقى بينا .. وهني انا حرمة اخوج مب طبيبتج .. حطي هالشيء دايم قدامج وانتي بترتاحين ..




حدقت بها .. مختلفة بالبس الاماراتي "المخور " .. تعودت ان تراها بالملابس الضيقة .. بالشعر البني القاتم .. بالمكياج العميق .. اليوم هي بطبيعتها أكثر .. الا من ذاك الشعر .. لتقول وهي تقف : ريا .. ترى صبغة شعرج مب شيء.




"شامة " قالتها كنة باستهجان واردفت وهي تنظر لريّا : ما عليج منها ..



-
هي دايم تقولي كوني صريحة .. وهذا الصدق .. ترا حتى شبيب ما تعيبه هالالوان فالشعر .. يعني الخصل وايد فاتحة .



رمقتها كنة بنظرات أن اسكتي .. كُفي عن وقاحتكِ .. ولم تشعر الا بتلك تضحك .. تمسك خصلة من شعرها : ترى حتى انا متفاجأة من اللون ..



بشيء من التردد قالت : اخوكن عصبي؟




" هااا " .. نطقت بها كنة .. لتتوتر من ملامح وجهيهما .. وتبلع ريقها وكأن بها اجرمت في حقه .. لتبتسم شامة : ليكون عصب عليج ؟ .. ترى اذا قلتي هيه ما بصدقج .. عاد شبيب يعصب ومني والطريج مستحيييل ..




تدنو منها كنة تمسك بمعصمها لتخطو معها نحو الباب : شبيب طيب وحنون .. مب لانه اخوي بقول عنه هالكلام .. لا .. وفنفس الوقت ما يرضى على الغلط .. يوم يعصب ما تعرفينه ابد .




تقف تترك يد ريّا لتفتح الباب .. وتلتفت لها : عامليه بالطيب وبيعاملج احسن منه .. انتوا بعدكم ما تعرفون بعض .. كل شي صار بسرعة حتى يلسه مثل اي اثنين بيعرسون ما صارت بينكم .. بس صدقيني اخوي ما بتحصلين مثله .. وانتي من كلام شامة عنج باين انج والنعم فيج ..




هزتها تلك الحروف المكونة لكلمات كثيرة تجهل وجودها .. تطرحها في قالب من الاسئلة وسؤال يتبعثر وجدا .. هل سيرضى عنها إن عرف ؟ .. مشت بمعية شقيقتيه وكأن بها مغيبة .. حتى ما ولجن للصالة وجاءها صوت كنة : أوه العريس هني .




حتى رمشت وابتسمت على مضض .. تخطو لتقترب من تلك العجوز المرحبة بها .. تقع على رأسها مقبلة .. ترد على تهانيها بفرح تصنعته .. ترتفع من انحناءها على صوت شمسة تطالب ابنتيها بوضع الغداء .. تتحرك بتوتر .. تقبلها وتسأل عن حالها .. ليأتيها صوتها : مبروك ..




استشعرت الجفاف في نبرتها .. مغايرة تماما لنبرة تلك العجوز التي عادت تناديها لتجلس بجانبها .. وهو أكتفى بالصمت تخونه عينيه فينظر ناحيتها .. تبدو خجلة .. وبريئة وجدا .. وابتسامتها وجلة .. حتى أناملها التي تشد عليها جدته بين كفيها كانت تشده .. يستمع لثرثرة العجوز لها .. توصيها به خيرا .. ليبتسم مطأطيء رأسه .. ويرفعه على دخول هاشل المفشي لسلام .. والمتقدم من ريّا يمد لها كفه : مبروك حرمة اخوي ..



تصافحه وتبتسم : الله يبارك فيك ..



يتركها ويجلس بجوار شبيب .. يهمس له : حرمتك غاوية ..




لينفجر ذاك ضاحكا .. تتحملق الانظار ناحيته .. وتسمرت نظراتها هي على وجهه .. ملامحه الضاحكة .. انحناءه على شقيقه يهمس له بشيء في اذنه .. والاخر ينظر إليها لتستشعر أن الحديث عنها .. فتغض نظرها .. يزداد تنفسها .. ودقات فؤادها باتت تخنقها .. ترغب بالنهوض والابتعاد خلف الجدران .. كُل شيء لم تألفه بعد .. لينطق هاشل محطم اسوار تماسكها : يقولج شبيب لا تستحين ترا محد غريب هني ..




لتنهرهما تلك العجوز : شو بلاكم ع البنيه .. شبيب هذا وانت العاقل طايح مساسر وييا اخوك .. استحوا ..



" يدوه ما قلنا شيء " .. واردف : شبيب هو قالي اقول .. يقول بعد ..




" بس " صرخت بها شمسة واردفت : لا تقول ولا يقول .. عندك كلام لحرمتك تكلم وياها بروحك ..




تحوقل شبيب .. واكمل : شو بلاكن شبيتنا علينا .. نباها تتعود علينا .. شوفنها ساكته ومندسه ..




رفعت وجهها ناظرة إليه .. وبخفوت : بعدني ما تعودت .. هذا اول يوم ..




تربت تلك العجوز على كفها : ما عليج منهم .. شوي شوي وبتتعودين ..




يقتحم المكان صوت شامة تدعوهم للغداء .. وضع في الصالة الاخرى .. ليقف الجميع .. وتتفاجأ هي بكفه تمسك كفها .. ارتعشت خلاياها لفعله .. وتزايدت نبضات قلبها لصوته الهامس في اذنها : السموحه اذا ضايقتج .. كان قصدي ادخلج ويانا فالسوالف ..




ملامحها جمُدت .. ولسانها تشعر به ثقل .. تمشي بجانبه حتى ما جلس جلست وكأنها التصقت به دون ان تشعر .. الجميع اختفى هي فقط موجودة .. هذا ما احست به .. لم تسمع صوت شبيب السائل عن كلثم .. ولا صوت شامة المجيبة له بانها لا تزال نائمة .. حتى الهدوء الذي طال المكان لم تشعر به .. تمد يدها وتأكل كأن هناك من يحركها .. تزاحم شبيب على مكانه في الصحن .. يدها تاخذ من امامه .. جعلت الانظار ترمقها كل حين .. وهو يكف يده حتى تبتعد يدها .. شعر بالخجل من فعلها .. لتنتبه على صوت شامة المنادية لها .. ترفع نظرها وتبتسم .. لتنطق الاخرى : ترى الصحن عود .. اخوي مب عارف ياكل .




لم تفهم الا حين نظرت للصحن ومكان اكلها .. تتمنى ان تختفي .. ان لا توجد بينهم .. شتت شامة نظراتها بعد ان رمقها شبيب بنظرته .. عاد الهدوء لبرهة .. واذا بهاشل ينطق : الحين اللي يعرسون ياكلون من مكان واحد ؟




رباه في اي موقف وضعت نفسها دون ان تشعر .. اختنقت بانفاسها .. واذا بها تقف : الحمد لله .




وانسحبت من المكان .. لتعاتب شمسة ابنتها وابنها : الحين ما حلالكم الكلام الا ع الغدا .. وانتي ما ترومين تسكتين الين تخلص اكلها .. اخوج راضي انتي شدخلج ..




" تغدوا ما صار شيء " .. قال جملته وتابع تناول الطعام .. اما الاخرى ما ان ابتعدت عن الانظار حتى هرولت تغالب خجلها .. تلج الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) وتردد وهي مستنده على الباب بظهرها : غبية .. غبيه .. غبيه ..




لتتحرك تغسل كفيها . تنظر الى وجهها : اووف .. شو صارلي ؟




ياتيها صوت طرقات خفيفه على الباب ومن ثم صوته : ريا .. انتي بخير ؟ ادري انحرجتي بس شيء صار وخلاص ..




وقبل ان يكمل حديثه استوقفه صوت هاتفه .. يدس يده في جيبه واذا به يبتسم .. ويبتعد بخطواته عن الباب .. تسمع صوته به فرح .. وتهاني زاد في اغداقها على المتصل .. ومن ثم يختفي كُل شيء .. صوته وهو ..





هدأ المكان وهدأت روحها قليلا .. فلا يزال بها شيء من حرج .. لا تعلم كيف اوقعت نفسها في ذاك الموقف المحرج .. تنهدت وخرجت تبعثر انظارها في المكان .. لتخطو نحو " الكنب " الطويل والوحيد في الغرفة .. تجلس بهدوء ويعانق كفيها بعضهما .. أتاها صوته مناديا باسمها فجفلت .. لتنظر إليه : لبيه ..




خرجت من فيها بحياء .. ليبتسم : عقب العصر بنروح السوق .. بنت عمي يابت ولد ونريد ناخذلهم هدية .. لان عقب المغرب بنزورهم ان شاء الله ..



-
ليش ما تروح وييا وحده من خواتك ؟



صمت لبرهة يتفرس فيها .. لا يعرفها .. مرة خجلة .. ومرة أخرى تكن واثقة .. وتارة ضعيفة وتارة اخرى يستشف فيها القوة .. ابعدت نظرها عنه .. ليصلها جوابه : ما طاعن .. يقولن بيسون عشا حقهم .. وقاللي اخذج وياي .





اذا لم تكن انت المقترح الامر يا شبيب .. مجرد احتياط بالنسبة لك .. ما بالك يا ريا ؟ .. أتشعرين بالغضب لانه لم يفكر بك .. هل امسيتي ترغبينه لك ؟ .. آه كم امقت تعلقي السريع بالاشخاص .. وطيبة قلبي كرهتها ..





يخرجها من افكارها صوت تلك الصغيرة وهي تقتحم المكان مرددة اسمه مرارا : شبشب .. شبشب .. شبشب ..شبشب ..




ليلتفت لها : هلا بكلثوم حبيبة قلبي .. ينحني يحضن وجهها بكفيه .. ويقبل وجنتيها مرددا : ما شفتج اليوم .. اشتقتلج .. كل هذا رقاد ؟




لترد عليه وهي تمسك بيده تطوحها بطفولية : اصلا ما رقدت الا عقب ما طلعت الشمس .. وكل شوي شاموه تصارخ علي .. انزين الرقاد مب بالغصب ..




لتترك يده متقافزة امامه بفرح : صح عمو جابر صار عنده نونو ؟




وتزيد من قفزاتها : اريد اشوفه .. اريد اشوفه .. بتاخذني صح ؟



يمسك كفيها الصغيرين : باخذج بس بشرط .. تروحين تتغدين وتخلين شامة والا كنه ايهزنج .. واذا بغن منج شيء تسوينه .. اوكي ..




" اوكي " .. صرخت بها لتهم بالخروج جريا واذا به يستوقفها ممسكا بها من وسطها .. يديرها باتجاه ريا : ما سلمتي .




ويمشي يدنو من تلك .. حتى اوصل وجه كلثم لوجهها .. فتحتضن ريا وجهها الصغير تقبلها .. وسرعان ما ينزلها وتجري مهرولة للخارج .. وينطق هو : هذي كلثم بنت ولد عمي .. موصيني عليها قبل لا يموت ..




" الله يرحمه " .. تمتمت بها وقد استوقفتها لمحة حزن في عينيه .. كيف انقلب فجأة بين فرح مع تلك الصغيرة إلى حزن جعله يهرب منها الى صالتهما .. غامض هو بالنسبة لها .. هل ستسبر اغواره يوما ؟ ام سيبقى الكتمان رفيقهما ؟ ..







حين ينكسر في داخلك أمر كُنت تظنه لم ولن ينكسر يوما .. تشعر بالضياع .. كطائر خارج السرب لا يعلم طريق مجموعته .. الجميع لفظها كقطعة لحم مضغوها ولم يستطيعوا بلعها .. أزاحت صينية الغداء جانبا بعد ان التقمت منها القليل .. وجلست على سريرها .. تغطي ساقيها وتستند بظهرها على وسادتها .. ليُطرق الباب ويُفتح ..

تجلس قبالتها على طرف السرير .. بعد ان نظرت للطعام : ليش ما تغديتي ؟



" تغديت " .. قالتها وصمتت .. لتردف الاخرى : تسمين هذا اكل .. سلوى اللي صار وياج مب نهاية الدنيا .. ليش ما خبرتوني من قبل .. الحين بالصدفة اسمع امي تقول انج سقطتي .. من متى وانتي حامل ..



- ماله داعي الكلام الحين .. واصلا مالي خلق اتكلم .. سمية الله يخليج خليني بروحي .



نهضت : كنت يايه اسلم عليج .. لان عمر مستعيل ..



رفعت نظرها لها وابتسمت .. لتتسمر انظارها على بطنها المنتفخة : كم لج ؟



ابتسمت وهي تضع كفها على بطنها : عقب اسبوعين بدخل السادس ان شاء الله ..



" بنت والا ولد ؟ " .. سؤال باهت محمل بوجع .. لتنطق سمية بعد صمت هُنيهة : بنت ..



ترى تلك تعود لشرود .. هذا حالها من بعد ما حدث .. تبتعد بافكارها وعقلها بعيدا عن جدران تلك الغرفة المسجونة فيها .. لا احد يعلم بذاك السجن الا هي ووالدتها وخالها القاسي .. جردها من كل شيء .. حتى حُرية الحديث ..





الساعة تقارب الثالثة والنصف عصرا .. ينتظرها في سيارته منذ ربع ساعة .. يتأفف لتأخرها .. ليراها اخيرا تخرج .. تفتح الباب وتركب بهدوء .. مُلقية عليه السلام .. ليرد عليها بنبرة ساخطة .. تنظر إليه وتعاود النظر للامام .. حتى ما تحرك بسيارته نطق : اختج شو بلاها ؟ سمعت ابوها يطرى حمل ما حمل .. شو السالفة ؟



غاضبا هو .. وسيصب جام غضبه عليها هي .. صمتت لا تريد ان تتجادل معه .. ليتابع حديثه : ليش تقولون طايحة ومتعورة .. وليش ما خبرتيني .. يالس ما بين ابوج وخالج مثل الاطرش .. وعبالي طيحة عادية والسلام .



لم تتكلم .. فصمت الباقي من الطريق .. حتى ما وصلا المنزل ترجلت تحث خُطاها بغضب لداخل المنزل .. لم تنتبه لفارس الجالس مع والدته في الصالة .. وهو يتبعها بغضب اعماه .. يفتح الباب بعنف : ليش ما تردين علي ؟



تخلع عباءتها وشيلتها .. وتنظر اليه بعد ان رمتهما على السرير : شو اقولك ؟ مثلي مثلك اليوم بس دريت .. وبعد بالغلط تكلمت امي عن السالفة ..



- من متى ؟ وليش ما تكلموا قبل .. فارس عنده خبر والا لا ؟


- ما اعرف عن شيء ..



ثار نازعا " شماغه " راميا به : سمية لا اطلعيني من طوري .. كيف يعني ما تعرفين ؟



زفرت انفاسها .. لتجلس على طرف السرير بتعب : والله العظيم ما كنت ادري .. حلفتلك بربك ما عندي خبر .. انت ليش معصب ؟ ..
حتى لو درينا ما بنرد اللي الله كاتبه .. ماله نصيب يعيش .. طاحت وطاح .. كل شيء مقدر ..




يزفر هو الاخر انفاسه ويجلس بجانبها : ليش مخبين السالفة .. حتى خالها اسود ويهه يوم تكلم ابوج .. سمية ..


وبشيء من الشك اكمل وهو ينظر إلى عينيها : ليكون مب ولد فارس ..



لتصرخ به وهي تقف : شو ؟ عمر شو هالرمسة .. اختي اشرف من هالشيء .. مالك حق تقول عنها هالكلام .. استغفر ربك ..


ليرد عليها بغضب : عيل ليش متكتمين .. خبريني ليش ..


زمت شفتيها : ما اريد اتكلم .. عمر الله يخليك اطلع .. انت معصب ومب عارف شو يالس تقول .. يوم تهدى بنتفاهم ..




لتتركه وتختفي خلف جدران دروة المياه ( اكرمكم الله ) .. لينفخ غيضه بعنف .. ويرمي بنفسه على السرير مستلقيا .. عصبيته مدمرة .. ويكيلها على سمية وكأن بها تعلم كُل شيء وتخفيه عنه ..




في الخارج وقبل دقائق كان شقيقه يجلس بمعية والدتهما .. تسأله عن موعد زواجه واتفاقه مع والد عائشة .. يجيبها بسعادة : عقب العيد ان شاء الله ..



- وليش التأخير ؟ دامهم مستعيلين ويبون يلصقون بنتهم فيك .. يخلوه قبل رمضان ..



تبسم وهو يستشف نبرة عدم الرضا من والدته : ياميه والله اني مرتاح للبنت .. الحين انتي ما تتمنين راحتي ؟ مب دوم تدعيلي بالراحة والسعادة ؟ .. احلفلج بالله اني احس براحة عمري ما حسيت فيها ..


زفرت بخفوت : الله يوفقك ..



لترتفع انظارهما لمرور سمية ومن بعدها عمر .. وتنطق هي : شو بلاهم ؟ عسى خير ..



وقبل ان تقف .. يمنعها فارس : لا تروحيلهم .. بينهم شيء بيحلونه بروحهم ..



وما هي الا ثواني حتى وصلهما الصوت العالي .. تحاول هي ان تذهب ويمنعها هو من التدخل .. حتى ما هدأت الاصوات .. خرج عمر ينظر إلى شقيقه .. ويأتيه سؤال والدته : شو مستوي .. شو بلاك معصب ع حرمتك ؟ اهلها قالولك شيء ..



دون اي اكتراث لاسئلتها .. نطق مخاطبا شقيقه : انت تدري ان سلوى كانت حامل ؟



" شو ؟ " قالتها وهي تلتفت لفارس الصامت والناظر لشقيقه الواقف .. وتردف : كلام عمر صدق ؟ ..



ابتسم : وان كان صدق ياميه .. شو كان بيتغير ؟



" بتتغير اشياء وايد " .. قالها عمر بسخط .. واردف : كان رديتها وكان ما طاحت من ع الدري(السلم ) وتعورت وسقطت .. وكان ما سمعت رمسات من تحت لتحت فبيتهم ..



بهدوء نطق : لا يا عمر .. ما كان بيتغير شيء .. قدره يموت .. واللي صار ما يخليك تعلي صوتك ع حرمتك بهالشكل .. ولا يخليك ما تحترم امك اللي يالسه تكلمك وانت ما عاطينها بال .. ولازم تعرف ان حرمتك من طلعت من بيت اهلها صار علمها من علمك .. هي مب يالسه وياهم اربعه وعشرين ساعه وتدري باللي يصير ..



قام واقفا مقتربا من شقيقه .. رابتا على كتفه : حلوا مشاكلكم بهدوء .. ولا تنسوا تسكروا الباب ..



التفت لوالدته : اميه انا بطلع اصلي العصر وبخطف ع حارب بنروح نسلم ع جابر .. وبتاخر لاني معزوم ع العشا .. يعني لا تحاتيني اذا تاخرت ..



ابتعد .. ليتحرك عمر مقتربا من والدته .. ساقطا على راسها مقبلا : سامحيني ..



- الين متى وانت تمشيك عصبيتك .. داري ع حرمتك .. وع اللي فبطنها .. وهي شو دراها باختها دام اهلها ضامين السالفة .. لو يبونا ندري كان خبروا اخوك .. ولا ظنتي ان فارس يخلي ولده وما يتحرك ..



وبحزم : روح راضي حرمتك .. ترى الزعل ما يسوالها وهي حامل ..





,
,


يخالجه احساس جميل .. يداعب خلاياه فيشعره بسعادة لا توصف .. كيف لذاك الجسد الصغير ان يثير كُل تلك المشاعر المتضاربة .. ينظر إليه .. صغيرا جدا وبشرته الحمراء مع تجاعيدها تثير الضحكات في روحه .. زجاج يحيط به .. وزجاج اخر يفصله هو عنه .. منذ ساعات كان يحمله بخوف .. يؤذن في اذنيه سريعا قبل ان تنتشله تلك الممرضة مبتعدة به .. تخبره ان لا يجب ان يترك في الهواء الطلق كثيرا .. وها هو يسجن هناك . منكبا على بطنه .. وحفاظته تلك تفوقه حجما ..




تنهد بحبور .. ويده تندس في جيب ثوبه .. يخرج هاتفه ويهاتف ابن عمه .. سيبشره بانه اصبح اب .. ان خالد قد ولد .. وان سعادته لا توصف .. وإن من الآن وصاعدا يجب ان ينادى بِـ أبو خالد ..


ضحك على صوت شبيب وعلى سؤاله .. لينطق : عاد شو نسوي .. خلود مستعيل .. شكله اشتاق يعرفني من عقب ما سمع صوتي ..




" لا اله إلا الله " .. قالها شبيب وهو يبتعد من الغرفة .. مردفا : قول ما شاء الله .. وشخباره ان شاء الله بخير .. وامه شو صحتها ؟



يستند بظهره على الجدار : والله الحمد لله كلهم بخير .. طمنوني عليهم بس الظاهر بنطول شوي هني ..



لم يشعر الا ببطي يقف بجانبه ومن ثم يحيه بالتحية الاماراتية : مبروك ما ياك .. يتربى فعزك وعز امه ..



يجيبه ويغلق الهاتف بعدها .. ليتحرك يقترب من شقيقه الناظر عبر الزجاج : لقيت عمي وخبرني انك هني .. ويبتلكم غدا .. وين ولدك ؟


ليقف بجانبه يشير على أحدى الحاضنات : ذاك ..


يقطب الاخر حاجبيه : اي واحد .. كلهم شرى كلهم ..



ليدفعه قليلا من كتفه بكتفه :هذاك اللي راحت صوبه الممرضة ..



" يالله مصغرونه " .. قالها واردف : تقول ولد قطاوه ..



وقهقه بشدة .. ليغضب الاخر : شكبره تباه باللا؟ .. تراه ناقص .. وبعدين لا تضحك ع ولدي .. ما اسمحلك ..



فجأة شعر بوخز في ذراعه ليشد عليها بكفه ..ليتحوقل جابر : الين متى بتبقى ع ويعها ؟



" اعاقب نفسي " .. قالها وترك المكان ليتبعه جابر .. وما ان وصلا الى الغرفة التي تقطنها ليلى حتى لاح لهما جسد إمرأة تقترب من بعيد .. ليغضا البصر حين دنت منهما .. تُلقي عليهما التحية .. وتتابع : مبروك ما ياك يا جابر .. وتستحق سلامة ليلى ..


- الله يبارك فيج ويسلمج يا مها .. حياج دخلي.



تلج وابتسامة فرح تطغى على وجهها .. وبيدها باقة ورود منوعة .. وباليد الاخرى علبة صغيرة احتوت على شوكلاه فاخرة .. تدخل بصخب : الف الحمد لله ع السلامة .. تستحقين سلامتها يا خالتي ..



تضع ما في يدها وتقبل خالتها .. ومن ثم ليلى المتعبة .. وتلتفت لترى حمد قد افاق من غفوته على ذاك الكنب الجلدي : سامحني عمي وعيتك .. تستحق سلامة ليلى .. ومبروك ما ياكم ..



قام واقفا : اذن العصر والا بعده ..


ردت عليه : اذن من شوي .. وانا داخلة المستشفى كان يأذن ..


لتنظر لِـ ليلى .. وتمسك بكفها : خلود مستعيل شكله .. نفسي اشوفه ..



ابتسمت تلك بتعب : صغير واايد .. احس اني ما بعرف اشله ..

لتلتفت على صوت خالتها : يايه ويا سلطان ؟



بفتور اجابت : لا خالتي .. انا كنت فبيتكم .. اتصلت فيج وفعمي ومحد رد علي .. خبرتني كنة من ساعة عن ليلى ..



لتقطب حفصة حاجبيها .. تهمس لمها : شو السالفة يا مها ؟ وراج شيء صح ؟


ابتسمت : هيه .. بس مب وقته ..

,
,

للاحداث بقية .. مع الزفرة 42
باذن الله ...

تحياتي |~






 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
قديم 04-06-14, 07:12 AM   المشاركة رقم: 147
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل

 

,‘,





في داخله بذرة جديدة .. صغيرة غضة .. يشعر بها تُدغدغه بين الساعة واختها .. وفي وقت خلوته .. لم يتوقع إن الحياة ستبتسم له بعد عدة شهور من مصيبته .. ينسلخ من الحياة التي اسمها كنة .. كانت اكسجينه .. وإن فقده فقد معنى العيش .. واليوم هو إنسان آخر بقدرة ربه وإيمانه هو .. صلى العصر وتحدث مع والد زوجة المستقبل .. يطمئن عليه وإن كان هناك ما ينقصهم .. فلا يفصلهم عن الشهر الفضيل الا اربعة اشهر .. وزواجه سيكون بعد خمسة اشهر ..



تنهد براحة وهو يستقل سيارته .. سيتوجه لمنزل حارب .. ذاك الصديق الغارق في متاهات روحه .. غامض خوفا منه .. وهل يخاف الصاحب صاحبه ؟ .. هو يعلم خباياه .. ولكن نفسه تردعه عن البوح .. عن رؤية الانكسار في عيني حارب .. او رؤية الشفقة .. او اشياء أخرى لا يعلمها تجبره على عدم المصارحة ..



ترجل في ساحة المنزل .. ليصادف عبد الغفور ممسكا بانبوب الماء ويغدق الاشجار بالقطرات .. ابتسم واقترب منه ملقي تحية الاسلام .. ليسأله : حارب وين ؟


- جوه بيستناك من بدري ..



الوحدة خانقة .. استشعرها حين ولج الى المنزل .. كيف استطاع ان يحيى وحيدا امداً ؟!.. ارتفعت انظاره للممر القابع بعد بضع درجات .. ليتنهد بخفوت ويستدير يمينا حيث الصالة الواسعة .. كثيرا ما اجتمعا فيها .. ابتسم وهو يرى الاوراق المتبعثرة على الطاولة .. وعلبة بيبسي بجانبهن .. وقلم حبر يستريح على احداهن .. وقف وانحنى يلتقط مجموعة من الورق قد تراصت على بعضها .. يقطب جبينه فلغتها انجليزية وهو ضعيف فيها وجدا .. ابتسم وهو يرى اسم حارب.. استطاع ان يقرأه .. ويقرأ بعض الجمل التي عرَفتهُ بان ما بين يديه ما هو الا بحث طبي ..



وضعهن جانبا بعد ان جذبته الاوراق الاخرى المتبعثرة دون ترتيب .. وخط يد يداعب وجهها بخلاف الاولى المطبوعة بدقة وبتنسيق .. يقطب حاجبيه ويتمعن في السطور ..




" لا ادري كم هو رقم هذه الورقة في قائمة اوراقي لكِ .. لكنني أعلم بأنها العاشرة في ترتيب رسالتي .. صرتُ أتمناكِ جنية فاستحضرك واستخلصكِ ليّ وحدي .. أباتُ أخشى على قلبي منكِ .. وأصبح اهمهم باسمك .. ألا ترين كم إني اعاتبكِ .. بل إني اعاقبكِ بدمار روحي التي لا تعلميها .. أفنى بعيدا عنكِ يا مالكتي .. اغيب واعود شوقا لهواء تتنفسيه فاتنفسه فانتعش فاحلق بعيدا مع آهات صدري .. هل سأموت وحيدا كما قيس ؟ .. أوتعلمين بتُ أمقت الحب العذري القديم .. جميعهم لم يحضوا بمن رموا ابيات الشعر لهن ..




كيف لكِ احتلال حُجرات قلبي الاربع .. وان تتشبثي فيه كعلقة تتغذى منه وتغذيه ..وأنا لم المحك الا مرة ..غزوتني بعنف في تلك الدقائق .. غريب انا في الحب .. تمنيت قلبي الذي احبك ان يتمرد .. ولم يستطع .. تمنيته ان يلفظك منذُ سنين .. وتمنيت ان ادخل غيرك فيه فلم اقوى .. ادخلتها بقوة ولفظها هو بقوة اكبر وكأنه يخبرني لا مكان الا لكِ ..



سأخبركِ بسر قاتلتي .. أشتاق للقلم حتى على وسادتي .. وأشتاق للورق حتى تحت ماء استحمامي .. بهما احكي لكِ كشهرزاد تحكي قصص الليالي لشهريار .. أتخيلك تجلسين قبالتي .. تستمعين لي وتبتسمي .. كم اعشق ضحكاتك يا ملهمتي ... "




ارتفع بصره على صوت حارب المخترق المكان وصمت السطور : هلا والله ..




ليتوقف الاول ناظرا للاخر .. وكلى النظرات تحكي شيء مختلف .. حارب داهمه الخوف ان تكون بين الاسطر احرف اسمها فقرأها ذاك المبهوت .. وفارس اجتاحته مشاعر غريبة متناقضة لم يدرك معناها .. غيرة ام شفقة .. ام لعلها خليط من كم مشاعر .. نطق بخفوت .. متبسما وهو يهز الاوراق بين كفيه بخفة : من متى ؟



ضحكة قصيرة منه .. وخطوات مترددة وكف يمدها لتلتقف الاوراق .. ينظر فيها باحثا بين الكلمات عن اسمها .. لا يذكر ماذا كتب وماذا اسماها .. يتصفح الاسطر ويجيب : من زمان ..



ليضعهن جانبا .. يتمنى ان لا تفضحه انفاسه .. يتحرك سريعا وهو يسأل : متى تبانا نروح نسلم ع جابر ..



وفجأة ينادي من على الباب عبد الغفور .. مردفا : ياليت تسويلنا شاهي من ايدك يعدل مزاجنا ..



ويعود ينحني يرتب الاوراق على الاوراق : بلاك واقف .. ايلس ..



" منو هي ؟ " سؤال اوقف قلبه لهُنيهة وكأنه الموت .. ليبلع ريقه .. يتحاشى النظر في وجه صاحبه .. يحمل اوراقه يضعها على احد ارفف المكتبة الخالية .. ناطقا : وحدة ..



ليجلس فارس اخيرا : اكيد وحدة .. عيل واحد ؟ .. بس منو هي ؟ اعرفها ؟




أفصح عن مكنونات صدرك يا حارب .. لن اقوى على مساعدتك وانت تكتم عشقك لها .. لمن كانت زوجتي وصارت اختي .. هيا قُل إنك مغرم بها حد الوجع المسطر في مقلتيك .. وعلى اسطر صفحاتك البيضاء .. قُل لي اسم قاتلتك لاقل لك أمضي إليها ولا تخف ..



ضحك وهو يجلس مادا ذراعه على ظهر الكنب : شو لك بالخرابيط اللي قريتها .. تراها خرابيط ع قولة منذر .. لا تودي ولا تييب ..



" هه وصل الشاهي " .. قالها وهو يعتدل في جلسته ناهضا ياخذ الصينية من عبد الغفور .. شاكرا له صنيعه وعائدا ادراجه .. يركنها حيث كانت تلك الاوراق .. ويسكب فنجانا لفارس .. يغمر الملعقة بالسكر : كم ؟



" وحدة " .. قالها فارس وهو ينظر لحركة الملعقة في كأسه الصغير .. ويستمع للاخر : بنت الحلال راحت فطريقها يا فارس .. والله يستر عليها .. بس – يمد الكأس لفارس – اخوك مسوي فيها قيس بن الملوح .. ويالس يكتب لها وهي ما تدري عن هوى داره .



رنين هاتفه اجبره على وضع كأس الشاي من يده .. ليحرك جسده حتى يطاله من جيبه .. لينظر لرقم : رقم بيت ..



قطب جبينه .. يردف الهاتف على اذنه .. واذا به يقف ويتحرك مبتعدا وهو ينطق : هل عمتي .. شحالكم ؟ عساكم بخير ..




تعاتبه كثيرا .. بل انها اغدقته بالاتهامات القاسية .. ناطقة بحزن ام .. فَـ سمية اتصلت بها باكية متسائلة عن حال اختها .. وكيف لهم أن يوصلوا الحديث عن الامر لبعلها .. وهل ما يقال صدق حال ؟ ام هي ترهات عقل عمر لا غير .. سحب انفاسه مقاطعا لها : عمتي شو بلاج .. اول وتالي سترت عليها .. ما بيي الحين اقول فيها وفيها .. والكلام مثل ما يأذيكم يأذيني .. والرمسة طلعت منكم مب مني ..




تمسح دمع جرح خديها اللذان انهكتهما السنون : وين بنروح من كلام الناس .. من كلام الحريم اللي ما بيلقن سالفة الا سلوى يتكلمن فيها .. ما فكرتوا بهالشيء ..



استغفر ربه وهو يعانق وسطه بكفه الحرة .. مناجيا السماء بوجهه : اهدي .. السالفة ما بتنحل بالصايح .. البنت غلطت وحاولت وياها بس ما نفعت محاولتي .. وانتوا لا تقسون عليها .. ولو ع كلام الناس محد بيتكلم اذا بقيتوا السالفة بينكم .. انا مادري منو اللي تكلم قدام عمر بالموضوع .. ابوها والا خالها .. والا واحد من الصغارية سمعكم وقام يتكلم .. بس وربي يشهد علي ساتر عليها ليوم الدين .. وانا مب راعي رمسات يا عمتي ..



تنشج بخفوت .. تحاول ان تسيطر على ذاتها : محد يدري الا انا وخالها .. وبالغلط زل لساني قدام سمية اليوم .. وخالها مب من اللي يترمسون فهالسوالف .. اخوك من وين ياب هالرمسة اللي عقها ع سمية .. خبرني .. اذا احنا ما تكلمنا ..



" لا حول ولا قوة الا بالله " .. وصمت بعدها .. يسمع لتلك الام الخائفة من الاحاديث التي قد تُقال .. لينبس بخفوت : اذا الناس تكلموا تراها كانت معرسة .. وان شاء الله محد بيعيبها بكلمة .. واذا الناس سألوني ليش .. بعرف ارد عليهم ..


بغضب من فعل اجرمت به سلوى أحالها الى الخجل المميت : فضحتنا عساها المو... ..




ليقاطعها : لا تدعين عليها .. انتي امها وتقربي منها .. واظن انها عرفت غلطها .. وعرفت ان الحرام والكذب ما يدوم .. الشيطان لعب بعقلها فلا تكونون انتوا والشيطان عليها .. سلوى بتبقى مسلمة كل اللي تريده منكم الحين انكم توقفون وياها .. تمسكون بايدها .. اهدوها للصح .. خبروها ان الله يقبل توبة العبد دامه ما اشرك به ..





كانت في غرفتها .. هادئة وشاحبة .. حتى وكأن المكان لا روح فيه .. لترتفع فجأة من مقعدها .. ونفسها تأمرها أن تحادث ذاك الذي تخلى عنها .. ليرميها في فوهة الجحيم وحدها .. مشت بهدوء .. تحاول التقاط صوت ما فلا تفلح .. فتواصل المسير .. تنزل الدرجات بهدوء .. تتلفت بخوف .. حتى ما وصلت الصالة حثت الخطى نحو الهاتف .. تلتقفه وقبل ان تهم بضغط الازرار يصلها صوت والدتها .. دعاءها عليها .. وصوته هو الهاديء .. تتيقن منه الصدق ..

تصدر منها شهقة خافتة فتردعها بكفها .. ليصمت هو وتناديه والدتها مرارا .. ليجيبها : وياج عمتي .. ربنا يقول "إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب " .. ويقول بعد " قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا " .. صدق الله العظيم .. فهموها ان الله كريم وغفور وانها اذا سعت للخير بتحصله .. خليها تقرا القرآن عشان تعرف هي وين ووين لازم تكون .. وكيف ؟ ..



ازدردت ريقها .. لتضع السماعة بهدوء في مكانها .. تعلم بانه علم بوجودها فقال ما قاله .. اغرقت عينيها وجهها دموعا .. فحاولت مسحه بكفيها .. لتقف وتسرع الخطى للاعلى .. لعلها خسرت رجلا لن تجد مثله يوما .. ولكنها لن تخسر المغفرة اذا سعت لها ..



انتهى الحديث المحمل باعباء كثيرة ظن انه رماها .. لتظهر على سطح حياته دون استأذان .. هل سيظل في معمعة المشاكل دوما .. عاد بخطاه الى صاحبه .. وبوجه غير الذي كان .. جلس وذاك يحادثه وقد التقف الاوراق من جديد بين يديه وكأنه انتهز فرصة الغياب ليغوص في اسطره بحثا عن اسمها إن كان : منو المتصل ؟ ان شاء الله خير .. ترا الشاهي برد ..



حين لم يأتيه رد رفع نظره لفارس .. يضع الاوراق جانبا وقد ارتاحت نفسه ان حروفها الثلاثة لا وجود لها بين الكلمات .. نطق بتوجس : شو بلاك ؟ شيء مستوي ؟


سحب انفاسه ليقذفهن .. ويتبسم : مشاكل ..



" الله يعينك " .. قالها وصمت .. ثم اردف بحبور : متى عرسك ؟



ليأتيه الجواب من فارس الذي ارخى ظهره ورأسه على مقعده .. ويبتسم بهدوء : اممم يمكن ما اكون مويود ..


قطب حاجبيه دون ان يحرك ساكنا : ليش ؟


ليعتدل ناظر لحارب .. وبعتب نبرة : بترد تسافر ؟



- ما بخليهم ياخذون تعبي وفلوسي .. سنين وانا ادرس وفالاخر بدون وجه حق يوقفون دراستي ..


- كيف سنين ؟ .. انت ما غيرت التخصص ؟


ابتسم : غيرته ورديتله ..


استغفر ربه واردف : كانه سرك مقطوع فاستراليا .. كل شوي طاير لها ..



ليغرق ذاك في ضحكة عميقة .. ويطوح هو برأسه .. حارب لن يتغير .. يتقن الصمت .. ويتفنن في اللوعة .. ومحترفا عظيما في الهرب خلف اسوار هشة يدرك هشاشتها ولا يأبه ..




,‘,

ترمي بالعباءات الواحدة تلو الاخرى .. حتى تكدس السرير بهن .. المغلقة والمفتوحة .. المزركشة بعنف والقليلة التطريز .. تثرثر بينها وبين نفسها وهي تبحث بين ملابسها المعلقة بعد ان فرغت من السواد الذي فيه : يا ربيه .. ولا عباه زينه .. الله يسامحج يا خالتي .. يهزتيني وكني وحدة من بناتكم اللي ماشيات ع موضة الكتف .. والله انا مب منهن ..



تتنهد بعنف .. تنزل على ركبتيها تسحب الحقائب المتكومات في الزاوية.. تبحث فيهن عن مبتغاها .. وتعود تثرثر وهي تضرب كفيها على فخذيها : يا ربييه .. شو اسوي الحين ؟



تفز فجأة على صوته تقف وتستدير له : شو تسوين ؟ وليش للحين ما يهزتي ؟



بلعت ريقها : ما لقيت عباه ..



ارتفع حاجبه مستنكرا جوابها .. لينظر الى السرير المزدحم بالسواد : شو هاا ؟ كم عباه هني ؟



سحبت انفاسها وزمت شفتيها .. وبتوتر وهي بالكاد ترفع نظرها له من طأطأة رأسها للارض : عشر.. يمكن خمسطعش .. مادري ..



" ولا لقيتي عباه ؟! " سؤال يحمل في طياته التهكم .. لتجيب وهي ترفع وجهها لوجهه : ما بدخل السوق بعباة كتف .. وبدون نقاب بعد . مستحيل ..



واردفت وهي تكابد توترها : روح بروحك ..





إلاهي الهمني الصبر .. وكأنها تبحث عن سبب حتى لا تذهب معي .. أمجنونة هي ؟.. أم انها متدينة حد عدم التصديق بين ما قيل وما تقول .. متسربلة بالكثير من الغموض أنتِ .. ولا أقوى أن أجلسكِ كمجرمة وأهيل عليكِ أسئلتي حتى يتبعثر شتات روحي ..




تحرك بخطواته .. مبتعدا .. لتتنفس بعمق وتتمتم : شكله هون ..



لتسمعه فجأة ينادي كنة من على عتبة باب الصالة .. لتتحرك هي وتقف بِباب الغرفة .. وتسمعه ينادي من جديد حتى جاءت تلك تلهث واقفة امامه : خير ..


- ييبي عباة لريا ..


مدت جسدها ناظرة من جانبه لتلك الواقفة بعتبة الباب في الداخل : بس من يومين معلقة حوالي عشر عبايات فالكبت .. ما شاء الله اهلها ما مخلين شيء .. شنطة بروحها بس عبايا وشيل ..



تنحى عن الباب قليلا ليرمقها بنظراته : تقول ما بتروح السوق بعباة كتف .. يبيلها عباة راس ..


ابتسمت : ان شاء الله ..



لتتحرك وتتوقف فجأة حين ناداها من جديد : ونقاب ..



هزت رأسها وابتعدت لتلبي لهما الطلب .. ويعود هو ادراجه يقف قبالتها : مالج حجة الحين ..



ليبتعد عنها يرمي بجسده على الكنب في الصالة يلتقف جهاز التحكم ويشعل التلفاز .. وهي بغضب تحركت لتقف اعلى رأسه : بس انا ما اتحجج .. ما احب ادخل السوق وانا لابسه عباة كتف ..



ارتفع نظرها للقرع الخفيف على الباب .. ومن ثم دخول كنة وبيدها عباءة و نقاب .. تعطيها اياهن .. فتشكرها بخفوت .. وتنطق الاخرى مخاطبة شبيب : لا تنسون تيبون سلة حلويات .. وهدية البيبي ما نباها عودة .. يعني شيء بسيط ..


ابتعدت هي وابتعدت الاخرى خلف جدران غرفتها .. لتخرج بعد دقائق وبيدها حقيبتها وقد غطاها السواد ولم يظهر منها الا عينيها .. ليقف وينظر إليها لبرهة .. تداعب شفتيه ابتسامة رضا .. ليتحرك : خلينا نروح .. العصر بسرعة يخطف ..


,‘,


,‘,



تمر الساعات ليخلو المنزل الا منها ومن جدته .. ارتحلت الشمس عن السماء منذ ساعة .. وغابوا هم عن المنزل منذ جزء ليس بيسير من تلك الساعة .. وقفت تنظر إلى الاكياس على السرير .. لم تتوقع بانه سيأخذها لمحل العباءات دون ان تطلب .. وان يشتري لها عباءتين ونقابين .. وايضا أن يأخذها الى " السوبر ماركت " لتأخذ ما تحتاجه ... برغم هدوءه معها الا انه احيانا يستفزها بمعاملته .. وتضع له مليون عذر .. فيكفي ان صورتها تشوهت امامه بشكل لا يُحتمل ..




خرجت من المكان .. لا تعرف الا طريق الصالة التي كانوا فيها ظُهرا .. دلفت إليها ليلوح لها جسد العجوز تلهج بذكر الله .. واناملها تتسارع بتحريك حبات المسبحة العتيقة .. اقتربت منها لتقع على رأسها مقبلة : شحالج يدوه ؟



وبزجر : لا تقولين يدوه .. قولي أمايه .. مثل ما شبيب يقولي ..



" ان شاء الله " .. قالتها واردفت وهي على وقوفها : محتاية شيء ..


لتربت بجانبها : تعالي .. يلسي بسولف وياج .. بنقزر( نضيع ) وقت الين يردون .



تبُث ملامح تلك العجوز ونبرتها التي يغلب عليها التهكم في احيانا كثيرة في نفسها الكثير من الراحة .. جلست بجانبها حيثُ ربتت لها .. ليأتيها سؤال استنكرته : متى بتصلين ؟



عانقت شفتيها ابتسامة مستغربة : الحمد لله صليت المغرب .. والعشا بعده ما اذن ..



" الحمد لله " .. نطقتها العجوز وقد رافقت حركة رأسها البسيطة ابتسامة ابتسمت لها ريا .. لتقاطع الصمت بهدوء صوت : سمعيني يا ريا .. شبيب ولدي اللي ما يبته .. وما اعز من الولد الا ولد الولد ..



امسكت بكفها لتشد عليها على فخذها .. تنظر الى وجهها وريا فعلت بمثل فعلها .. تفرست الوجه المتكاثرة به تجاعيد العمر المخفي معظمه خلف البرقع القديم والعريض .. لتكمل تلك حديثها : ما ودي اذا غابت عيني عن الدنيا .. يدور البير اللي يحط فيه سره ولا يحصله .. ويدور الظهر اللي يشل عنه حمله ولا يلاقيه ..



لتنطق : الله يعطيج طولة العمر ..



تنهدت وهي تمسح بكفها الاخر على ظهر كف ريا : محد دايم .. شبيب ريال من قبل لا يخط الشنب ويهه .. بس الحمل كان غير .. حمله ثقيل من عقب ناصر الله يرحمه .. من ثلاث سنين لقى عمره مكان ابوه .. خذاه الموت بدون ما نحس .. ويانا الخبر كأنه برقه طاحت ع روسنا .. كلنا طحنا الا هو .. قام يدارينا .. من يوم وهو صغير قلبه طيب .. ووقت الشدة يكون نعم العون ..



صمتت طويلا .. وتلك داهمتها الافكار .. يبدو ان العجوز تعلم الكثير .. ما قالت ذاك الا انها تدرك اسرار حفيدها .. ازدردت ريقها .. تطأطيء رأسها .. حتى ما ربتت على يدها رفعت بصرها لوجهها .. رأتها تبتسم .. من عينيها اللتان زادت تجاعيدهما : ريا .. اذا ضاقت عليه الوسيعة خلي صدرج له سما .. واذا شفتيه عاطن ( راجع ) من دوامه لا تبيني له ضيقتج اذا بج ضيقة .. اضحكيله .. تراه يتعب .. وشغله مب هين .. لا تزيديها عليه .. وان شفتيه مرتاح اشكيله اللي فيج .. ولا تشكيله وهو فيه من الهم والضيق .. وكوني بيره وغطاه .. ولا توقفين فويه اهله قدامه .. خلج معه .. ودوري راحته وريحيه ..



خانتها عيناها لتذرف دمعا تمسحه وتبتسم .. ذاك الحديث وكأنه مسؤولية كبيرة لا تقواها .. هل ستكون عند حسن ظن جدته التي تخاف عليه وجدا .. أم انها لن تكون سوى عالة عليه هو لا راحة له ؟ ..




,‘,
هناك في تلك الغرفة تكدست الاجساد وتضاربت الاصوات .. وهي مستلقية في تعب .. ضحكات واحاديث كثيرة تحمل في طياتها السعادة .. ذاك الصغير وكأنه احدث معجزة ليجتمع الجميع بهذا الشكل .. تنظر الى كنة التي داهمتها قائلة : شفت صورته عند شبيب .. هالنتفة سوى فيج هالشكل ..


لتضحك بخفوت : شكله بيعذبني مثل ابوه ..


باستنكار وامتعاض : حرام عليج .. عاد يابر محد اهدى منه .. الا انتي معذبه عمرج ومعذبتنه وياج ..



تنظر الى تلك الصغيرة الممسكة بكف كنة فجأة .. ترفع رأسها ناظرة : خالوه متى بشوف النونو ..


ليأتيها صوت ليلى : حبيبتي كلثوم خلودي راقد الحين .. بتشوفينه بعدين ..


تركت كف كنة ناظرة لعمتها: بس اريد اشوفه .



الاخريات كُن يتبادلن الاحاديث في ركُن الغرفة .. تنظر حفصة للاواني : والله عبلتن ع عمركن ..



" لا عباله ولا شيء " قالتها شمسة وتوجه بعدها الحديث لمها : شخبارج وييا سلطان ؟



في عالم آخر بعيدا عن الاصوات وتلك الضحكات وهرج ومرج كلثم المصرة على رأيت الصغير .. وزجر شامة لها مرارا .. وتلك الاحاديث المبتعدة بعيدا تتداول ساكني المنازل ذوي الصلة والمعرفة بين شمسة وحفصة.. كانت تسبح في افكارها .. تُحاول إيجاد سبيل لحل ما هي فيه .. يأتيها السؤال من شمسة .. ينتشلها من تلك المعمعة العقيمة .. وعيون أخرى تنظر إليها حين السؤال .. لتبتسم : الحمد لله ..



ويبتعد نظرها لكنة .. أحست بأنها تنظر إليها .. لتقف من مكانها تدنو من تلك وتهمس في أذنها : كنة اريدج شوي .



تتحركان من المكان لتتوقفا عن السير على السؤال الملقى من حفصة : وين رايحات ؟ الحجرة الثانية فيها الرياييل ..


تغالب ما فيها بالتبسم : خالتي ما بنروح مكان .. بكلم كنة شوي وبنرد ..



" لا تروحن بعيد " .. قالتها شمسة .. وابتعدتا لتقفان خارجا في ذاك الممر .. وبصوت خافت : شو بلاج ؟ وليش امس ماييتي العرس .. لا تقوليلي انتي ما كنتي تبين تراها ما دخلت فراسي .



تستند بجانبها الايمن على الجدار ووجهها لكنة الواقفة امامها : صدج ما كان فبالي اروح ..



بتردد وكأنها تستصعب البوح : كنة .. تعبانه .. محتاية حد اقوله اللي في .. اشكيله .. احس اني بتخبل من كثر ما افكر .. اريد حد يدلني شو اسوي .. مب عارفه .. اخاف اسوي شيء واندم عليه ..



يمر في المكان زوار .. يشتتون الانتباه والاسترسال في الحديث ..
لتنطق : وقفتنا هني مب حلوة .. تروحين وياي البيت ؟..


زمت شفتيها :مستحيل .. وين اروح وياج بيتج ؟ انخبلتي وهي كله شقه متر فمتر .. والا ناوية اطردينه ؟



اردفت كفها على ثغرها تحاول كتم صوت ضحكتها .. وتلك تنظر إليها بامتعاض .. ليأتيها صوتها وقد انقلبت ملامحها للنقيض : انا فبيت خالتي ..



لتمسك بكف كنة برجاء : روحي وياي . والله حاسه بثقل فصدري .. وما عندي حد اقوله .. يوم عرفت منج ان ليلى ربت لقيتها فرصة اطلع من البيت .. اول مرة احس بالخوف بهالشكل ..



بابتسامة : تعالي ندخل .. بخبر شبيب اني بروح وياج .. اكيد ما بيمانع ..



يدلفن الى الداخل والبسمة تعانق شفتيهما .. لتخبر مها نيتها لحفصة وشمسة .. وتنطق الاخيرة محادثة ابنتها ان عليها ان تستأذن من شبيب اولا .. لتخبرها بان هذا ما ستفعلها .. تبحث عن هاتفها في حقيبتها ومن ثم تردفه على اذنها .. رن مطولا ولا من مجيب .. تعاود الكرة مرة ومرتين .. والحال هو هو .. لا احد يرد ..



" محد يرد " .. قالتها وزمت شفتيها .. ليأتيها صوت شامة الواقفة بالقرب من ليلى : انزين شوفيه من الحجرة .. محد هني الا هو وجابر ..



تضع حفصة صحن الفاكهة الذي تعبت في تقطيعه امام شمسة : دقي عليهم الباب ..



ومن ثم تنظر لمها التي جلست بجانبها تلتقط لها بضع حبات من العنب : لازم تروح وياج ؟



- لا خالتي مب لازم – ترفع نظرها لكنة – خلاص كنون ماله داعي ..



نبرة صوتها حتى نظرتها الغائصة في رجاء اضمحل فجأة .. جعل من تلك تتحرك من مكانها تغادر الغرفة لتقف بباب الغرفة الصغيرة المجاورة لها .. تطرق الباب برقة .. ليفتح ويأتيها صوته : كنة ؟! .. بغيتي شيء ؟



احتمت بالجدار حتى لا يراها من في الداخل .. نظرت اليه في خجل لا تعلم لما احتلها فجأة : فارس .. متى ييت ؟


- من شوي .. ياي وييا حارب .. اتصلنا ع جابر قال طلع شوي وييا شبيب وتلاقينا وييا عمج وقرببنا ما قصر .. وهذونا نترياه من ثلث ساعة تقريبا وللحين ما شرف ..


ضحكت بخفوت : سواها فيكم .. اذا ايتمع وييا شبيب ما بيخلصون سوالف عن الشغل .. واخوي صارله يومين ما يدري عن شيء .. فاكيد الحين ماسك جابر يبي يعرف كل شيء ..



" لنا الله " .. واتبعها بطرحه لسؤال مرة اخرى : بغيتي شيء ؟


- اتصل عليه ما يرد .. وخالتي ام خالد قالتلنا ان عمي بعد بيروح يشوف واحد من ربعه ..



" ما فهمت " .. يشعر بتوترها .. وكأن الجمل تتلاعب على لسانها فلا تخرج الا مبهمة .. تنفست بهدوء وحاولت من جديد ترتيب كلامها : بغيت اقوله اني بروح بيت عمي وييا مها .. بس ما يرد ع تيلفونه .. وعبالي هو هني ..




يجلس على الكرسي وهاتفه لو كان له صوت لصرخ به إن اعتقني من براثم كفك .. يسمع صوتها الناعم وحديثها الخجل .. وحتى ضحكتها وصلته .. الهذه الدرجة بات سمعه قويا .. ام انه قلبه المشتاق لها يوصل له الاحاديث بصفاء لم يعهده ..




تبا لك يا فارس .. تتمتع بالنظر اليها كيفما تشاء .. وتستمع لها دون حياء .. وانا هُنا تحرقني غيرة لا اعلم من اين اتت .. وكيف اتت .. لم اشعر بها قبلا وهي في كنفك وبين احضانك .. والان تهزني كزلزلة قاتلة ..هل احسدك لما انت فيه .. ام ارثي حالي الذي انا فيه .. هيا كف عن الحديث معها وابتعد .. هيا ابتعد ..




يسمعه يخبرها بان لا بأس في ذهابها .. وانه سيوصل الامر لشبيب إن عاد .. ما هي الا ثواني حتى اقتحم ذاك المذكور المكان بمعية جابر .. يغدقان بالترحيب لفارس .. وتتحملق الانظار على كنة الواقفة ملتصقة بالجدار .. ليأتيها صوت شقيقها : كنة ليش واقفه جي .. بغيتي شيء ؟



لتعيد عليه طلبها .. تعيد الكلمات هي هي .. ويأتيها جوابه أن لا بأس .. وأنه سيأخذ والدته والبقية الى المنزل بعد دقائق .. ليأتيه صوت جابر : شو تروحون .. ما وحالكم وصلتوا .. تعشوا ويانا وبعدين روحوا ..




انسحبت هي من المكان لتخبر مها وتغادرا الغرفة بعد دقائق .. يمران من ذاك الممر القصير وجدا ليصلهما اصوات الشباب المتداخلة في تلك الغرفة ..




يعتريه شحوب .. وسكون أجلسه في مكانه دون حديث .. دون حتى ان يسمع احاديث الاخرين .. بعد السلام وتبادل السؤال عن الحال ابتعد بافكاره .. ماذا يحدث له ؟ هذا فارس واجتاحته حرارة الهبت مشاعره المتأججة .. حتى كادت ان تخرج من عينيه حارقة صاحبه .. ماذا لو اختطفها رجل في غفلة منه ؟ .. هل ستفيده زوبعة التردد التي يحياها حينها ..



وجهه .. انفاسه .. حتى حركة كفيه في حجره .. جميعها لم تخفى عن فارس .. ولا عن شبيب .. حتى جابر تملكه الاستغراب من النظرات إليه .. إلى ذاك الجسد الصامت .. ليبعثر السكون الذي التحفه : حارب .. فيك شيء ؟



أرتفع بصره يُلقيه على الوجوه تباعا ويبتسم .. سيحسم الامر الآن .. سيمتلكها رغما عن ذاته المتزعزعة .. سيغرز برايته على ارضها لتكون له لا لغيره .. بصوت واثق به قوة : شبيب ..



" خير يا حارب " .. واردف : آمر ..



وقبل البوح يعترض الزمان ان لا .. يصرخ الوقت ان الاون لم يحن بعد .. ويرن هاتفه مقاطعا .. ويتجهم وجهه : رقم دولي ..



ليردفه على أذنه .. وتتهلل اساريره : مالذي تقوله توماس ؟



يخرج ذاك الزميل الذي رافقه سنوات في دراسته وفي ذاك التخصص المشترك من اروقة المشفى .. يقف خارجا ينظر للمارة ولسيارة اسعاف محملة بمريض .. يتهافت عليه الممرضون يتبعهم طبيبان .. وهو اكتفى بالتنحي فعمله انتهت ساعاته : لا اعلم ما الوقت في بلدك .. ولكن لن تغضب مني بما اني احمل لك هذا الخبر الجميل .. كما اخبرتك .. هانا اعترفت بانها هي وراء ما حدث .. ثم ان الدكتور هاريسون اعترض بشدة بعد ان علم بما حدث معك .. هو يعرف والدك .. ويعرفك انت جيدا .. الشكر لرب انه عاد من المؤتمر سريعا ..




انقلب حاله من ذاك الحال الى حال اخر .. ينظر للاستغراب المتسربل على وجوه صحبه : حسنا .. اذا متى استطيع العودة ؟



- الاسبوع القادم تستطيع ان تباشر دراستك وعملك في المشفى .. آه نسيت اخبارك أن هانا انتقلت الى مستشفى آخر .. على حد قولها أنها لا ترغب بالعمل في مستشفى به طبيب مسلم ..



وقهقه عاليا : ننتظرك .. وداعا ..



اغلق الهاتف وبفرح : الحمد لله .. بانت الحقيقة .. وبرد لدراستي من الاسبوع الياي ..


ضرب شبيب على فخذيه بكفيه واقفا : مبروك .. ومتى ان شاء الله ناوي تقر وتيلس فبلادك ؟



لم يدع مجالا له ليرد .. ليخاطب جابر : جابر خبرهن يطلعن .. اترياهن فالسيارة ..



انسحب وحل الصمت يكسوه مليون سؤال .. واعين تشتتت انظارها .. حتى ما نطق فارس : واحنا بعد بنروح .. ما باقي شيء ع اذان العشا .. ومنذر يتريانا .



هكذا فَضت اركان المكان .. سخط محمل بالعتب من شبيب .. ووجوم يكلله التفكير من حارب .. وصمت تسربل على فارس .. يقود سيارته في هدوء .. متسائلا ماذا كان يريد من شبيب في تلك الدقيقة التي اعتنقته فيها قوة لم يعهدها .. هل كان سيطلبها ؟ .. هل انقلاب كيانه بسببها حين اطلت بحديثها على مسامعه ؟ .. التفت على يمينه .. يراه شاردا ونظره يخترق زجاج السيارة .. مبتعدا خلف ابتسامة تحمل في طياتها الكثير ..



يستفيق من غفوة روحه على صوت فارس الذي اوقف السيارة على جانب الطريق : الحين وين بيته ؟ يمين والا يسار . والا سيدا ..



ليختطف حارب هاتفه من الصندوق الصغير .. وبصوت به شيء من مرح : الو .. اقول وين بيتك ؟ صارلنا ساعة نحوس فهالشعبية ..



" استغفر الله العظيم " بعثرها فارس من هول الكذبة .. مردفا : وين ساعة تونا داخلينها ..



ليضحك الاخر .. ينحني ينظر امامه الى لافتة بعيده .. ويخاطب فارس : تحرك شوي قدام ..


حتى ما تحرك نطق : الحين احنا عند الدكان .. اسمه ارجون ..



وقف تاركا المكان الضاج بالاجساد الشبابية .. والاصوات الكثيرة .. ليقف خارجا في ساحة منزله .. وضحك بشدة على ما قاله حارب : اسمه ارجوان .. شو ارجون هذي بعد ..شكله للحين ما عدل الاسم والحرف الطايح .




واردف : انزين روحوا سيدا بتحصلون مطعم .. خذوا اليسار اللي عقبه .. وبعدين اييكم تقاطع خذوا يمين .. وعقبه يمين .. البيت فالاخر.. بتشوفون عنده سيارات .. وحياكم ..

,‘,


,‘,




يستقبلهم بعد بضع دقائق بصخبه المعهود .. وسخريته التي لن ينساها .. والضحكات المتلاحقة .. وكأنه شخص آخر غير منذر .. به شيء مختلف .. روحه اكثر فرحا .. ووجهه اكثر بشاشة .. يدخل بمعيتهما لمنزله : ما ناقصنا الا شبيب واخوه ..


يأتيه صوت حارب : دريت انه ياه ولد ..


يقفوا قريبا من مجلس الرجال الذي اكتظت عتبة بابه بالاحذية الرجالية : هيه .. اختي ما تقصر .. خذت منها كل العلوم اليوم العصر .. وان شاء الله العزيمة الاسبوع الياي فبيته ..


يخلع نعيله متحدثا : وان ما سوى ؟



" بيسويها يا فارس .. غصبا عن عينه " .. ليقهقه ويردف : بنشبله الين يسويها .. صار ابو وبيبخل علينا .. افااا بس ..



ليجلجل الصوت بعد برهة من المجلس برد التحية من الافواه .. يتصافحون .. يعرفهم هو ببعضهم .. فالكثير هنا .. صحبه وبعض من زملاء عمله .. ليأتيهم صوت من آخر الجلسة : ما ناقصنك الا العروس .. البيت وياهز ..



يبدأون بتشجيعه باصوات متداخلة .. ليخرسهم : بدري ع العرس .. ما صدقت ارتاح بروحي اقوم ايبلي وحدة تبليني بطلباتها .. خليت العرس لكم ..



يتناول " الدلة " وفنجانيين .. ويتوجه للمكان الذي به حارب وفارس .. يضيفهما .. ومن ثم يتخذ مقعده .. ليرفع نظره لصوت العامل الذي استقدمه منذ ايام ليقوم باعمال المنزل .. يتوسط الباب بجسمه الضئيل .. مرتديا قميصا باهت اللون .. وإزار مقلم .. يخبره بان العشاء قد حضر .. ليقف مبتعدا من المكان .. مختفيا خلف الجدران .. ليهمس فارس : منذر متغير ؟ الظاهر مرتاح هني بروحه ..


يعتدل في جلسته : هو من اول بروحه ..


" دريت ان شامة خطبها ولد عمها بطي ؟ " .. سؤال رغب منه الكثير .. ولم يأتيه الا رد بارد من حارب : الله يهنيها ..



تتزايد الحركة في المكان بعد دقائق .. ليتحلقوا على صحون العشاء .. وحديث يبعثره احد زملاء منذر وهو يدس كفه في صحن الارز : الا صدج الكلام اللي سمعناه يا منذر ..



صوت تكسر ورقة الخس بين اسنانه يتوقف : شو اللي سمعته ؟


- سمعت انك بتخلي الشغل فالمطار ..



تسمرت نظرات زملاء عمله على وجهه .. ليداعبهم : مليت من ويوهكم .. بدور ويوه سنعه تييب الخير وياها ..



وانفجر ضاحكا على سخطهم .. ومناوشاتهم في الحديث .. ليقول احدهم : الحين مليت من ويوهن .. ما كانك ويانا من سنين ..


وبشيء من الجدية تابع : انزين الكلام صدج ؟



سحب انفاسه : هيه .. بس للحين ما ياني الرد .. بسني من الشغل بالثانوية العامة ..



" من عرفناك وانت ما معك الا ثانوي " .. بعثرها احدهم ليرد عليهم فارس : منذر مهندس بترول .. وزين انه بدا يفكر يستغل هالشهادة اللي عفنت عنده ..



,‘,
تستمر الاحاديث بينهم .. بين مزح ومداعبات .. بخلاف الحديث الدائر بين كنة ومها .. تحتويهما تلك الصالة .. لا يكسر الهدوء الا صوت مها بالجمل المتقطعة .. ونبرة تعتلجها غصة خانقة : ذبحني يا كنة .. كنت اظن ان السالفة عناد او اي شيء ثاني .. ما توصل لانه يطعن فشرفي بهالشكل ..



تخونها دموعها .. لتدنو تلك بجسدها منها .. تحاول ان تحتضنها من كتفها .. فتبتعد .. تتمنع عن الشفقة .. تمسح دموعها : والله يا كنة حاسه اني بتخبل .. حاسه ان في حد لاعب فراسه .. او يمكن ..



لتصمت تشد على شفتيها .. ويأتيها صوت كنة : يمكن شو يا مها ..



" مادري .. مادري " .. سحبت انفاسها بعنف واردفت : وماعرف شو اسوي ..



" خبري ابوه وهو يتفاهم وياه " .. ليأتيها صوتها وكأنها افاقت من غرقها في الضعف : لا .. اصلا علاقته وييا اهله احس انها ضعيفة .. ما اريد اكون السبب فقطاعتهم ..



بعد صمت هُنيهة : بخبر عمج .. لازم حد يوقفه عند حده .. انا مب وحده مالها سند .. عندي اهل .. وعندي اخوان .. ما ايي واحد مريض مثله ويقول اني مضيعة شرفي ..



شهقة صدرت من كنة وهي تضع كفها على صدرها .. حين لاح لها مطر عند الباب .. لتلتفت الاخرى بخوف : مطر ؟



وتسارع تضع " شيلتها " على رأسها .. والاخرى ترتبها على رأسها .. تدس خصلاتها .. ويأتيهما صوته الغاضب : شو هالرمسة اللي سمعتها يا مها ؟



وجهه لا يفسر من الغضب .. وقفتا بخوف .. لتتلعثم ناطقة : ما في شيء .. سوالف .. يالسه اسو...



ليقطع الحديث بصوته وهو يقتحم الصالة ليقف قبالتها : شو يعني مضيعة شرفج يا مها ..



تتحرك عضلات وجهه وهو ينطق تلك الكلمات ..لتنظر إلى كنة .. تزدرت ريقها .. ينسكب ماء عينيها من جديد .. لتنظر للارض ناطقة : سلطان يظن اني ...



لم تستطع نطقها .. ليثور .. حتى انفاسه بات لها صوت : الخسيس .. النذل .. والله لاوريه ..



يهم بالخروج واذا بيد تلتقف ذراعه تمنعه .. يلتفت بعنف ليرى وجه كنة قبالته .. تتحرك لتقف امامه تسد الباب بجسدها .. ليصرخ بها : كنه خوزي من الدرب ..



الاخرى انهارت جالسة حيث كانت قبلا .. خانتها روحها .. وخانها جسدها .. تسمع صوت كنة الهاديء : مطر اهدى .. الامور ما تنحل بالعصبية ..


- تدرين شو يعني انه يسب شرفها ..



وبصوت عالي اردف : يعني يسب ابوي .. يسب عمج .. يقول ان عمج ما عرف يربي ..



سحبت انفاسها : اسمعني .. السالفة ما نريدها تكبر .. ومها بتخبر ابوك بكل شيء وهو اللي بيتصرف وييا سلطان .. لا تتهور واضيع عمرك .. ولا تخلي الموضوع يوصل لبعيد .. ينحل هني وبين عمي وسلطان ومها احسن ..



" خوزي عن الباب " .. قالها لتمد ذراعيها على اتساعه .. وترد عليه : مب خايزه الين اطيح اللي فراسك .



زفر انفاسه مرارا .. يعانق كفيه وسطه .. يعود يزفر مرخيا اياهن : خلاص .. بس والله – يلتفت لمها – والله يا مها ان ما خبرتي ابوي بيكون لي تصرف ثاني وييا الكلب ولد عمج ..



تتنحى عن طريقه بعد ان اخذت منه وعد ان لا يتصرف باي شيء حتى يعلم والده بالامر .. وتعود تقبع بجوار تلك الباكية .. تشدها اليها .. لتستلم للبكاء والنحيب .. تثرثر بارتجاف نبرة : ما اريد اتطلق .. ما اريد يقولون طلقها ولد عمها .. وما اريد اردله وهو شاك في ..



" تكلمين سوسن ؟ " .. سؤال في غير محله .. طرحته كنة بهدوء .. لترفع تلك رأسها عن صدرها : سوسن ؟



لم تزد على سؤالها بكلمة واحدة .. ابتعدت لتلتقف هاتفها من حقيبتها .. تضغط ازراره .. يأتيها صوت مها المنهمكة في مسح دموعها : كنة شو تسوين ؟



" اشششش" .. قالتها وهي تضع صوت الهاتف خارجيا .. يرن .. ويرن .. ليأتيها الرد اخيرا : هلا والله .. غريبة تتصلين علي ..



- مب غريبة ولا شيء .. بس امس ما شفتج فعرس اخوي .. وانتي ما تسألين .. حشا ما كأني دارسة وياج سنتين وكنا مثل الخوات ..



يأتيها صوت ضحكتها : معاج حق .. انا قاطعة .. بس والله مشغولة اجهز حق عرسي .. ما باقي الا اسبوعين .. امممم



صمتت لثواني ثم : تراج معزومة انتي واهلج – وبتردد – شخبار مها ؟



- الحمد لله تمام .. عايشة ومرتاحه وييا ولد عمها ..


- اها .


وكأن ذاك الجواب لم يعجبها .. لتنطق : بيني وبينج كنون .. وادري انج ما تنقلين الكلام .. الصراحة ولد عمها ما يستاهلها .. اول مرة شفته كان كيوت .. شاب حليوه ..



قطبت حاجبيها .. لتترك مكانها وتجلس قريبا من كنة .. تستمع لها تحادثها : ليش وين شفتيه ..


قهقهت بشدة : عند الجامعة .. اكثر من مرة شفتة واقف .. عاد الصراحة قلت لازم اعرف شو سالفته .. وانصدمت لما عرفت اسمه .. وهو بعد انصدم يوم عرف اني ربيعتها .. خبرته يومها عن جدولها .. هذاك الوقت كان دوامها عقب الظهر .. سولفت وياه عن وايد اشياء ذاك اليوم اللي عرف فيه اني ربيعتها .. ما دريت انه يحبها .. قالي انه كان مسافر وييا يشوفها ويطمن عليها .. وكان باين انه مشتاق لها ..



ضحكت : المهم كنون .. سلميلي عليها .. وخليها اتيي عرسي .. الحين اخليج .. بطلع وييا خطيبي نتعشى .. باي ..





" شو يعني ؟ " قالتها مها بفتور .. تحاول ان تستوعب الحديث .. تُعيد احداث واحاديث ماضية : بس هي ما خبرتني انها شافته .. فرمضان يتني تستسمح مني .. فنفس اليوم اللي كان سلطان ياي فيه يشوفني ويتكلم وياي ..



نظرت لكنة : معقولة تكون ..



اطلقت ضحكة ساخرة : خبيثة ..



" مها شو بلاج ؟ " بعثرتها كنة بخوف .. لتصرخ تلك : الحقيرة .. كل هذا عشان قلتلها بنت السواق .. كل هذا عشان سالفة وزلة لسان ..


يعانق كفها جبينها وهي تقف .. وذراعها الاخرى استندت على وسطها .. تدور في مكانها بغيض .. وتعود تنظر لكنة : دمرتني ..شوهت سمعتي فالجامعة قلت ما عليه كلام وبيروح وبينسى .. بس توصل لسلطان وتسمم عقله المريض ..



تقف الاخرى تشد على كتفيها : مها لا تظلميها .. يمكن شكنا مب فمحله ..



" ليش يت فبالج ؟" .. واردفت : لانها وحدة وسخة .. وانا كنت عميه .. عميه .. بس ما بنولها اللي فبالها .. وسلطان بيرد لي غصب عنها .. ومتى ما انا اريد ..



رنين الهاتف اخرجهما من ذاك الجو .. لترد عليه كنة : هلا امايه .. لا تعشوا .. انا بتعشى وييا مها .. ما عليه .. خليه اييني عقب ساعة .. مع السلامة ..



اغلقته : بيني شبيب عقب ساعة .. شو بتسوين الحين ..


تنفست بعمق : بخبر عمي حمد .. وما برد الا بشروطي .. وفالوقت اللي انا اريده .. بخليه يعرف ان مها مب سهلة ..



ابتسمت : خلينا نروح نسويلنا شيء ناكله .. وما اريد حد يدري باي شيء .. حتى خالتي ما اريدها تدري ..



هزت تلك رأسها موافقة .. وترافقتا الى المطبخ .. ستحاول ان تغير حياتها للافضل .. ولتذهب تلك السوسن للجحيم ان ارادت .. فهي لن تضعف ..
,‘,



بعد ساعات وفي وقت قارب منتصف الليل .. ولج الى شقته أخيرا منذ ان تركها في الصباح وعاد بخفي حنين .. يشعر بالفراغ يحتويه .. استشعر وجودها على مدى شهر ونيف .. يراقبها بصمت احيانا .. حركاتها البسيطة حفظها .. حتى نظرة عينيها وهي تشاهد التلفاز تروقه .. حين تندمج وجدا .. تتفاعل ملامحها مع الشخصيات التي تتابعها .. قبع على الكرسي يتخيلها على الكنب الطويل .. وفي يدها جهاز التحكم .. وفقط الصمت منها ومنه .. يتأمل تفاصيلها .. يظن بانها لا تشعر به .. بمراقبته العميقة لها .. هادئة وجدا .. تبتسم حينا .. وتقطب جبينها حينا اخر ..



أغمض عينيه مرخيا رأسه إلى الوراء .. لتأخذه الافكار إلى حدود النوم .. حتى ما ولج فيه وتعمق .. رن هاتفه الذي رماه آنفا على الكنب حيث هي دائما تجلس .. أفاق بوجع في رقبته .. وتشنج مؤلم في أسفل ظهره .. شد عينيه مرارا يحاول ان يستيقظ من نعاسه .. يتمطى وجدا .. حتى ما صمت هاتفه زفر بعنف ..



وقف ليتركه وراءه .. لا طاقة له بالرد عليه .. وسرعان ما عاد يرن من جديد .. التفت في حنق ناظرا الى ساعة الحائط .. ليُصدم بالوقت .. التاسعة صباحا ؟! .. تحرك يلتقفه يرى اسمها يُنير الشاشة .. ليتبسم بحبور .. ويجيب بخيلاء : هاا .. عرفتي انج ع غلط ..



ليتجهم وجهه على الصوت الذي داهم مسمعه : سلطان نص ساعة وابيك تكون قدامي .. والا والله ما بيصير طيب ..



بلع ريقه الجاف .. ناظرا للشاشة بعد ان اغلق حمد الخط في وجهه .. لقد فضحته .. هذا ما دار في خلده ليثور حتى انفاسه ضاق بها صدره .. تحرك مسرعا نحو الغرفة .. اليوم سيربيها بالفعل .. سيعرفها من هو سلطان .. ومن تكون هي حتى تفضحه بهذا الشكل ..



هُناك عند الصباح الباكر قبل ساعة .. في حدود الثامنة استوقفته عند باب غرفته وقبل ان يلج .. ينظر اليها بتوجس .. لتبتسم : عمي اباك فسالفة بيني وبينك ..



ليترك مكانه وهي تتبعه نحو مجلس الرجال .. هُناك اغدقت على مسامع حمد بكُل ما حدث .. بجميع الترهات العالقة في عقل سلطان .. بحديثه القاسي ومعاملته الفجة لها .. وما هي الا لحظات حتى امرها بطلبه عبر الهاتف .. ويصرخ به ان يأتي بتهديد ..



ليحث الخطى الى المنزل ينادي مطر .. ويأتي اليه مهرولا على الدرجات .. وتخرج حفصة من غرفتها : شو بلاك يا حمد ..


بصوت حازم : مطر وصل امك المستشفى .. عندي شغل لازم اخلصه ..



" خلص شغلك وبعدين بنروح " .. قالتها حفصة بهدوء وهي ترى وجه بعلها المحتقن بالدماء .. ليجيبها : بنتج تترياج .. وانا شغلي بيتاخر ..



ليتركهما ينظران لبعضهما .. ادرك مطر الامر .. استعجل والدته كثيرا .. حتى ما غادرا المنزل بقرابة النصف من الساعة دلف سلطان بسيارته .. ويأتيه صوت حمد فور أن ترجل : حياك ..



يسبقه الى مجلس الرجال .. ويلج ليراها جالسة محتشمة في رداءها : سويتيها ؟



قالها بغيض .. ليزجره الاخر : كلامك وياي يا سلطان ..



هو غاضب وجدا .. وهي ترتعد خوفا عليه .. لم تراه غاضبا هكذا قبلا .. يخرسها عن البوح ان حاولت التكلم .. يأمره بالجلوس فيجلس على مضض : تعرف عيالي يا سلطان ؟



نفخ هواء رئتيه بشيء من ضجر : عمي .. الموضوع مب مستاهل .. بيني وبينها بينحل ..



هو للآن لا يعلم بما اخبرته .. ليأتيه صوته : تعرفهم والا لا ؟ كد سمعت عنهم كلمة شينة ؟ .. وصلك كلام عن بناتنا ؟ عشان تهين بنت عمك اللي ربيتها مثل بنت من بناتي ..



كلما حاول الحديث اخرسه بقوة : يوم انك ضايع وييا الحمر والشقر ثمان اسنين وازود .. لا اتي تقول بناتنا مثل بناتهم .. مضيعات شرفهن ولا سائلات .. مها اللي خذتها من بيتي مكرمة ما بتردلك الا وهي مكرمة وراسها مرفوع .. وان ما بغت لسانك مثل ما هانها يطلقها ..



اردفت اناملها على فيها بخوف .. ليصلها صوت سلطان .. أخيرا استطاع ان ينطق دون ان يقاطعه حمد : عمي ان شاء الله ما بتوصل لطلاق .. وترى مها فهمت الكلام غلط ..


لتثور هي في وجهه : شو اللي فهمته غلط .. تقولي مستعمله .. شو افهم منها خبرني .. مب قصدك وحدة بايعه شرفها .. وانت سترت عليها عشان ما تنفضح ؟



" سكتي يا مها " .. أمر من حمد احترمته .. ويتبع ذاك الامر بسؤال : شاريها يا سلطان ؟



" لو بكنوز الارض كلها ما ترجعله يا ابوي " .. كان صوت مطر المقتحم المكان .. اوصل والدته على عجالة وعاد .. ليزجره والده : مطر مالك كلمة فالموضوع ..



مستهجنا تلك الجملة : لا يا ابويه .. لي ونص .. مها مثل اختي .. ومكانتها من مكانة ليلى .. وقص اللسان اللي يقول عنها كلمة شينه ..



دون اكتراث لكلام ابنه نطق يعيد السؤال من جديد : شاريها يا سلطان ؟



نظراته تخترقها .. ونظراتها تخترقه .. يشعر بانه اهين بسببها .. هو يعشقها .. بل انه اضحى مغرما بها حتى النخاع .. بلع ريقه : شاريها .. واللي تامر فيه بيصير .. بس طلاق مب مطلق ..



مطر ترك المكان ساخطا .. كان يتمنى ان يلكم ذاك السلطان المتبجح على وجهه ويكسر له صف اسنانه .. اما حمد من بعد ما قاله سلطان نظر لمها وبهدوء : قولي شروطج يا مها ..



أخبرت حمد آنفا ان لا رغبة لها بالانفصال .. وانها ستروض ذاك الـ سلطان بطريقتها .. لتبتسم ناظرة إليه بتحدي : اول شيء اريده يشتريلي بيت ويسجله باسمي ..


لينطق بغضب : من وين اييب الفلوس ؟


بعجرفة رد اجابت : الفلوس اللي ما كنت ناوي تشتري فيهن سيارة مستعملة .. تقدر تشتري فيهن بيت وتكتبه باسمي .. رده لذيج الشقة مب راده ..


حرك شفتيه بغل : غيرو ؟ ..



زفرت هواء صدرها بقوة : من بداية الشهر الياي بداوم .. وان اعترضتلي مدة الغيبة بطول .. وان شفتك تلاحقني والا احرجتني ردة لك ما برد ..



لتصمت وتردف بعد لحظة : متى ما اقرر اني برد بيوصلك الخبر .. صوتك ما اريد اسمعه وويهك ما اريد اشوفه ..



نظر لحمد : عايبك كلامها ؟ .. هذي شروط باللا ؟



ليقف حمد وتقف هي : هذا اللي عندنا عيبك زين .. ما عيبك المحكمة ادلها ..



ترك المكان يتلبسه شيطان الغضب .. شعر بالاهانة وبالذل في حضرتهما .. من اين لها بتلك القوة التي استشعرها .. خُيل اليه بانها ليست مها التي رافقته لايام طوال .. عنيفة هي في العقاب .. هل ظلمتها ؟ كان سؤال يتراقص بين الحين والاخر في عقله .. ويعود يردعه بقسوة .. فهي تخلت عن شرفها .. وهو على يقين بان الحديث الواصل اليه لم يكن هباء منثورا .. بل حقيقة اخفتها هي خلف قناع الرقة في ليلتهما الاولى ..

,‘,

,‘,




ليالي ثلاث مرة عليها بصحبته .. تنام في اقصى السرير الايمن وينام هو في اقصاه الايسر .. وكأن بينهما حاجز من حديد لا يقويان على هدمه .. الليل فقط ما يجمعهما في ذاك المكان بالساعات .. اما النهار فهو يجلب لقاءات قليلة بينهما .. تنهدت وهي تغلق المصحف بعد ان قرأت فيه فور انتهاءها من صلاة الفجر ..



عاد أخيرا لتنظر إليه بابتسامة .. هي طبيبة تلج الى نفوس البشر فتحاول مداواتها .. فلما لا تلج إليه .. البعد بينهما سكين قاتلة .. تُشعرها بالضعف كلما انسلت وطعنت .. ستبدأ الحديث معه .. وقفت ناظرة اليه وهو يضع " غترته " عن رأسه على الكوميدينا الخالية الا من قنينة ماء شُرب نصف ما فيها : تقبل االله ..



قالتها بهدوء .. ليجيبها دون ان ينظر لها : منا ومنج ..



وقفت تُزيح ثوب الصلاة الذي يغطي كامل جسدها .. وبيدها تشد على المصحف لتخطو تضعه في احد رفوف الدولاب الخالية .. وتطوي ثوبها وتضعه على رف آخر .. وتعود تنحني تطوي سجادتها وتردفها على ظهر كرسي التسريحة .. لتعود تنظر إليه .. شارد الذهن : بترقد ؟



هز رأسه بلا .. و دعك فروة رأسه بأنامله .. ليقف يشد هاتفه من جانب وسادته ويخرج الى الصالة .. تنهدت زامة شفتيها .. وتبعته .. ترغب بان تستميله بالحديث اولا .. تحركت نحو المطبخ الصغير في زاوية تلك الصالة الواسعة : اسويلك وياي شاهي ؟



لا رد منه .. فهناك ما يشغله .. تمر الدقائق لتعود وبين كفيها كوبين من الشاي بالحليب .. وضعت احدهما امامه .. فنظر اليه وتبسمت : ان شاء الله يعيبك .. ما كثرت شكر ..



جلست على الكرسي المنفرد .. ترتشف من كوبها وتراه ياخذ كوبه ويرشف منه .. لتنطق : امس سويت شاهي احمر العصر بس ما عيبهم .. امايه قالت دكيته ( اغرقته ) شكر .. وعمتي ما قالت شيء .. بس حسيت انه ما عيبها ..



صمتت وعادت تفتح فيها : عيبك ؟


ابتسم يبعد ما في يده عن ثغره : حلو .. شوي شوي وبتعرفين اضبطينه ..



" يعني ما عيبك ؟ " ..وتابعت : ناقصنه شكر هالمرة ادري – تقف – بقوم ايبلك عشان تزيده ..



ابتعدت وهو التقف هاتفه يضغط على الازرار .. ومن ثم يبعثر السلام على المجيب .. عادت هي تضع وعاء السكر على الطاولة بجانب كوبه .. تسمعه وقد بانت الجدية على وجهه : هلا خليفة .. كنت اتريا توصل سبع عشان اتصل عليك .. مداوم صح ؟



صمت تتغير معه ملامح وجهه .. يأتيه صوت الملازم خليفة .. بعد ان سأله ماذا حدث على طلبه الذي مضى عليه ايام : لقيت اسمين مرتبطين بـ عيسى سالم محمد الـ .. هم وليد وريا .. البنت مشتكيه ع اخوها تقريبا من حوالي ست شهور .. فيك تقول من عقب عيد الفطر ..



" شو مفاد الشكوى ؟ " .. بلعت هي ريقها بخوف .. لاول مرة تسمعه يتحدث عن امور عمله امامها .. يجيبه الاخر : مشتكية على اخوها بالسرقة .. هذا غير بلاغها انه يتعاطى مخدرات واجبرها على التوقيع على بيع بيتهم ..



ليكمل بهدوء حين سأله شبيب الى أين وصلت تلك الشكوى : الصراحة الملف انغلق عقب اسبوعين .. الاسباب عدم وجود ادله وغياب المشتكية وغياب المشتكي عليه ..



" كيف ؟ " قالها شبيب وهو يقف يتحرك مبتعدا الى الغرفة وصوته يصل اليها بخفوت : اسباب واهية .. كيف انغلق الملف بهالسرعة ..



يخرج وبيده محفظته ومفتاح سيارته : اسمع اريد الملف يكون ع مكتبي .. السالفة وراها واسطة الظاهر ..




ليخرج من المكان وتتبعه هي بنظراتها .. لا بأس بمحاولتها الاولى معه .. استلقت حيث كان هو جالسا .. واشعلت التلفاز .. تبحث عن شيء يسليها في هذا الهدوء الذي يسكن المنزل في هذه الساعة الصباحية .. غفت دون ان تشعر .. لتفيق على صوت شمسة .. تهرول بخوف .. تردد البسملة مرارا .. لتفتح الباب وتخطو نحو الصالة الصادر منها الصوت .. كنة واقفة وعلى وجهها علامات الخوف .. وشامة جالسة تتمتم بـ يا رب مرارا .. وتلك العجوز تتحوقل .. وقبل ان تبعثر حروفها لتسأل عما يجري .. تدخل شمسة : سيارته مب هني .. يا ويلي على ولدي ..



تتحرك كنة نحوها .. وبخوف : امايه يمكن هي مغلطة .. شو قالتلج ؟


لتجيب : تقول ولدها شاف سيارة شبيب النيسان محترقة ... يا ويلي عليك يا شبيب ..


لتصرخ بابنتها : اتصلي عليه ..



وبجزع ودموع تغالبها تصرخ شامة وبيدها الهاتف : ما يرد ..



" من الصبح وقلبي مقبوض " .. قالتها شمسة وهي تجلس بجوار والدتها .. تعود تصرخ بكنة : اتصلي بجابر .. والا بمنذر .. شوفيلي اي حد يخبرني عن ولدي ..



هي كانت تستمع .. ترى .. وقلبها يرجف بخوف .. تسمرت في مكانها .. يقولون ان سيارة شبيب احترقت .. كيف ؟ كان معها في الصباح .. كانت تحادثه .. كان يخبرها بانها ستجيد صنع الشاي .. دمعت عينيها .. لينتشلها من صراعها صوت شمسة الغاضب : كله منها .. من عرفها ما عرف الخير .. والا في ريال توه معرس ما ييلس وييا حرمته الا وين ووين .. كله منج ..



ارتعشت اوصالها .. تسمع الجدة تزجر ابنتها : بس يا شميس .. ان شاء الله ما صابه شيء ..



ابتعدت هي تغالب رجفة ساقيها .. لتغلق الباب وتنهار مستندة عليه : يا رب .. يا رب ..






,‘,



هُنا أقف وموعدنا باذن الله يتجدد مع الزفرة 43
قراءة ممتعة

 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
قديم 10-06-14, 02:13 AM   المشاركة رقم: 148
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2014
العضوية: 267400
المشاركات: 1
الجنس أنثى
معدل التقييم: بنتي دنيتي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 11

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
بنتي دنيتي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل

 

رووووعه جداااا

 
 

 

عرض البوم صور بنتي دنيتي   رد مع اقتباس
قديم 21-06-14, 10:05 AM   المشاركة رقم: 149
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2013
العضوية: 260261
المشاركات: 4
الجنس أنثى
معدل التقييم: ام اميرر عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 14

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ام اميرر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل

 

ابداااع هال روايه تحمسني كل مره اعرف ووش الي بيصير واصلي ولا تطولين علينا متحمسه اعرف وش صار بشبيب وحارب

 
 

 

عرض البوم صور ام اميرر   رد مع اقتباس
قديم 22-06-14, 07:15 AM   المشاركة رقم: 150
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: May 2011
العضوية: 224710
المشاركات: 3,261
الجنس أنثى
معدل التقييم: اسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييماسطورة ! عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1223

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
اسطورة ! غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : اسطورة ! المنتدى : القصص المهجورة والغير مكتملة
افتراضي رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل

 







,,

" شفت ايده .. شفتها مصغرها حتى صبعي ما قدر يمسكه " حديثها وهي على الكرسي المدولب عائد بها جابر إلى غرفتها بعد ان رأت صغيرها خالد .. يسمعها تحكي له لقاءها معه اليوم .. وكيف سمحوا لها ان تمسح على جسده الصغير .. تحكي وهو يستمع إلى نبرة السعادة التي تشوبها .. حركة كفيها .. نظرها لاصبعها مررا .. وكأنها تشعر بمسكته الرقيقة حتى الآن .. سألته : متى بيطلعونه ؟



يدفع الكرسي وابتسامته لا تفارقه : باكر بيشوفه الدختور مرة ثانية .. لازم يتأكدون ان اجهزته بخير ولا يشكي من شيء ..




صمتت وكأن احاديث روحها تحكي لها عن اللقاء الاخير .. تبتسم كبلهاء بينها وبين ذاتها .. فقط السكوت من الطرفين كان الرفيق الثالث للطريق الى تلك الغرفة .. حتى ما دخلا .. ساعدها لتنهض عن الكرسي وتستلقي على السرير .. لتتأوه بسبب الجرح .. يردد هو بخوف : يعورج ؟




تعتدل ولا تزال كفه بكفها التي تشد عليها هي بقوة حتى تسحب جسدها قليلا للخلف : بس وخزه خفيفه ..




يتركها ليسارع بجلب كوب ماء .. يساعدها في الشرب كطفلة صغيرة مدلَلَة .. وكم هي عاشقة لحنانه معها .. خوفه عليها .. وقلقه الذي يظهر في عينيه كُلما تأوهت او حتى شدت على شفتيها .. تخشى ان تدمن ما هي فيه .. فلا تجد باب خروج من دائرة الدلال ..




بابتسامة بدأت تصيبه بالعدوى فيبتسم لا اراديا .. نطقت : حبيبي .. الحين ليش شليت كل الملابس اللي يابوهن حق خلودي ؟ ما بقيت ولا شيء ..




تتبعه بنظرها وهو يبتعد عنها ليفترش الارض على السجادة الصغيرة التي تغطي تلك المساحة بجانب السرير .. يمد له بالقهوة ليرتشف فنجانا : انتي شفتيهن ؟ .. كبار ما ايوزله .. ومادري من وين بنيب شيء يناسبه .. وامج قالت تعرف وحدة تفصل ملابس وبتطلب منها كم قطعة ..




زمت شفتيها : الحين بيتم ايرد(عاري) .. وبقطنه بس ..



غرق في ضحكة اهتز معها الفنجان في يده ليتركه جانبا .. وتقطب هي حاجبيها : ما قلت شيء يضحك .. يعني مب معقوله يتم بقطنه .. حرام ..




غالب ضحكته ليعود يلتقف الفنجان يرتشف منه : ليش كل هالمحاتاه ؟ .. خلود دامني عايش ما بينقصه شيء ..




شعور الامان يلفها .. لتتمتم له بالدعاء ليغدق الله عليه بطول العمر .. ويحفظه لهما .. تنهدت ناطقة : غريبة امي ما صبحتنا اليوم .. بالعادة اتيي من وقت ..




يبحث في سلة الفواكه عن حبة مشمش احمر : عمي يقول بتييج العصر .. عندها حريم اليوم يايات يباركن لها ..



التقف واحدا ليغطسه في وعاء الماء .. ومن ثم قضمه في هدوء .. وفجأة قطب حاجبيه ليتحسس جيب ثوبه : فوني وين ؟



هزت رأسها حين نظر اليها : مادري ....



يستقيم واقفا تاركا ما بيده .. مبتعدا الى الغرفة الصغيرة الاخرى .. ليعود بعد دقائق : ما لقيته .. يمكن ناسينه فالسيارة ..




وقبل ان يخرج اذا بصوت نغمة هاتفه يُسمع بخفوت في المكان .. يتحرك نحو الصوت .. يفتح دورة المياه ( اكرمكم الله ) ليجده يهتز على حافة الحوض وبينه وبين السقوط قاب قوسين .. لينتشله ناظرا للاتصال الذي توقف .. ليظهر الكم الهائل من المكالمات الفائتة .. وجميعها من هاتفين .. كنة وشامة ..




خرج من دورة المياه ليبتسم في وجه ليلى : حارقينه من الاتصالات ..



ليردفه على اذنه بعد ان ضغط زر الاتصال على رقم كنة : السلام عليكم ..




يأتيه صوتها بنبرة خوف يشوبها بعض بكاء مُجيبة عليه برد التحية .. ليتجهم وجهه ويخفيه عن ليلى بالابتعاد من امامها : كنة شو بلاج؟





,,

انهيار .. بكاء .. دعوات .. وخوف من خبر مشؤوم .. كانت اجواء المنزل في تلك اللحظات قاتلة .. بل انها خانقة انتشلت الاكسجين من الاركان ..سحبته وقذفته بعيدا .. تحوقل واستغفار وهمهمات .. واصابع لا تفتأ من ضغط تلك الازرار .. وطنين عبر الاثير ينبأ بان لا مجيب وطنين آخر ينبأ بالاغلاق ..




تمر الدقائق كساعات .. وصوت العجوز لا يفتر من الدعاء .. وتلك تبكي وقد توسدت الارض بساقيها .. جاثية على ركبتيها المتأوهتان من ضرباتها المتكررة على فخذيها .. لتتحملق الانظار فجأة على صوت كنة الممسكة بالهاتف .. يعود الصمت بترقب .. بكلمات متقطعة تُجيب أخيها : يقولون سيارة شبيب محترقة .. شبيب طالع من الصبح ما ندري وينه ولا يرد ع التلفون ..




لتختطف منها شمسة الهاتف تجلس بجانبها : جابر .. الحق علينا .. شبيب وينه يا جابر ..



يتحرك مبتعدا عن باب الغرفة : استهدي بالله .. ان شاء الله ما فيه الا العافية ... وبعدين انتوا متاكدين ..



لتنفجر به : هيه .. سيارته محترقة ع الطريق .. مداعم وييا واحد ...




خطواته تسابق خطوات المارة من ذاك الممر : ما قالكم قبل يطلع وين بيروح ..



حين اخذت تضج سمعه بالبكاء والنحيب .. ذاق ذرعا ناطقا : عطيني كنة .. اميه عطيني كنه ..



تمد يدها المرتجفة لابنتها : يباج ..



لتلتقطه وعينيها على وجه والدتها الباكي .. وسمعها مع صوت كلماتها المنتحبة .. ليأتيها صوت جابر : كنة ردي علي ..




" هااا " .. بتوتر تبعثرت من فيها .. لتقف تبتعد من المكان .. تلتقي بكلثم المستيقظة تواً من النوم .. تمر بجانبها : لحظة بسأل ريا اكيد قالها ..




طرقت الباب بخفة ثم ولجت .. لا احد في تلك الصالة .. وذاك المطبخ الصغير هاديء ايضا .. تحركت بوجل نحو باب الغرفة المفتوح .. لتلوح لها على سجادة الصلاة رافعة كفيها ومغمضة عينيها .. ودموعها قد خُطت على وجهها .. بلعت ريقها الجاف لتنادي باسمها .. لكنها لم تستجب .. وتعود تناديها وهي تدنو منها : ريا ..




بخوف التفتتت تنظر الى كنة وتمسح دموعها : وصلكم شيء .. خبروكم بشيء ؟




عضت على شفتها السفلى حين هزت تلك رأسها نافية .. وتعود تزدرد ريقها : خبرج وين راح ؟



تغصب ابتسامة سرعان ما تختفي : راح الشغل ..




لتتحرك كنة تردف الهاتف على اذنها من جديد .. تبلغ جابر بما عرفت .. وتلك ترقبها حتى اختفت .. لتشد باطراف اناملها على صدعيها .. وجع رأسها سيفتك بها لا محالة .. زفرت بخفوت وقلبها لا يزال يقرع الخوف بابه .. ترغب بالخروج لمعرفة المستجدات .. ولكن لا تقوى على كلمات القسوة حتى وان لم تكن مقصودة ..




قامت لتتحرك بهدوء تحاول ان تلتقط باب المنزل الرئيسي من نافذة الصالة .. ولا يستطع نظرها الوصول الا لجزء بسيط من الساحة الامامية .. ابتعدت ليحتضنها احد الكراسي .. الافكار باتت تداهمها مخلفة في ذاتها رعب من القادم .. لتلتفت فجأة على دخول شامة المفاجيء .. والرعب قد استحل وجهها .. ناطقة بجزع : ريا تعالي شوفي يدوه ما ندري شو بلاها ..




لتقف تغالب رجفة ساقيها .. تتحرك مهرولة مع شامة لتلك الصالة .. تجد كنة تحاول ان تسقيها قطرات ماء .. وتمسح على وجهها بعد ان سكبت القليل مما في الكأس في كفها .. وشمسة تثير زوبعة نحيب تزيد من حدة التوتر .. تدنو تجلس على يمين كنة .. تلتقف رسغها : عندها الضغط والا السكر؟ ..



بدموع وهي تحاول ان تقوي من ذاتها : عندها السكر .. حاولت اقيسه لها ما رضا يشتغل ..



عيناها المطبقتان وانفاسها الضعيفة الخارجة بقسوة من رئتيها اثارت الخوف في القلوب .. تسحب ريا الجهاز المتبعثرة ادواته من ابرة وشريحة وقلم .. تحاول ان تقرأه : باين ان عندها هبوط عشان هالشيء ما قدر يقراه الجهاز ..تاخذ ابر ؟

تهز تلك رأسها بالنفي : لا ..



ارتفعت مبتعدة .. وصوت كنة يصل اليها : امايه فديتج فتحي عيونج ..



تسمر جسده النحيل على الباب ينظر تباعا .. امامه مباشرة في اقسى الصالة كلثم .. تقف بخوف يتضح على ملامحها ونظراتها توقفت على شمسة تارة وتتحول تارة اخرى على كنة .. وشامة تقف قريبا من الاجساد الثلاثة لوالدتها وجدتها وكنة الرابضة لا تكل من مسح الوجه المجعد بالماء البارد .. وبهدوء نطق : شو فيكم ؟



لتصرخ به شمسة : انت وين كنت .. من وين ياي ؟



تراجع للوراء خطوة .. ليفاجأ بكلثم الباكية تهرول نحوه وتلتصق بظهره : كنت العب ؟




يصلها صوت شمسة الزاجر له وهي عائدة ادراجها وبيدها كوب من عصير البرتقال .. يمنعها من الدخول جسد هاشل وجسد كلثم المتشبثة به .. لتبعدهما بكفها قليلا وتتابع المسير تسقط جالسة على ركبتيها .. تبعد كنة عن المكان .. ليأتيها صوتها : شو هذا ؟



-
عصير برتقال وشكر ..



ترفع جذع العجوز بيسارها .. تقرب حافة الكأس من فيها : امايه شربي شوي ..




ترغمها على الشرب .. رشفة تتبعها اخرى فاخرى .. وحاجبيها قد تعانقا لصوت شمسة المتهكم بها .. أوليست بشر ؟ .. لا حول لها ولا قوة ؟ .. أليست الاقدار من رب العباد ؟ .. ما شأنها هي ان هو تضرر .. نزلت دموعها وهي تسمع : فارضنج علينا وع عمره .. لحد يقولي غير هالشيء .. لانه كله مبين .. لو انج سنعة وبنت ناس زينين ما خلاج وراح .. اكيد قايلتله شيء خلاه ما يعرف يسوق ويدعم .. منج لله ..




" بس ياميه " .. قالتها كنة من بين دموعها .. مردفة : خلاص .. شو ذنبها .. ان شاء الله شبيب ما فيه شيء .. لا تتفاولون عليه .. الله يخليكم ..




لتضرب تلك على فيها باناملها بعنف .. مجيبة ابنتها بسخط : هه .. بنسكت ..




ارخت برأس العجوز على النمرقة القاسية وهي ترى تغير ملامح وجهها قليلا .. تقف : بروح ايبلها مخدة تريح راسها ..




تحركت لتتسمر على منظر الطفلين الخائف .. وتبتسم .. تتحرك تمسك هاشل من يده : تعال وياي ..




لتمشي معه وتلك لا تزال ملتصقة به .. ينطق بخوف ووجهه يحاول ان يلتقط منظر جدته الممدة : امايه العودة شو فيها .. وشبيب وينه ؟ امايه ليش تصارخ علي وعليج .. شو صاير ؟




أسئلة كثيرة لا يقابلها الا الصمت من ريا .. والبكاء الخافت مع الشهقات من كلثم .. حتى ما اوصلته الى الكنب الطويل .. عانقت بكفيها كتفيه منحنية قليلا .. تنظر الى وجهه العابس : ما فيهم شيء .. يدتك بخير .. شوي وبتصير احسن .. انت تدري ان عندها السكر وهالتعب شيء عادي ..




" وشبيب ؟ " قالها لتخرج تلك من خلفه : شبشب مات مثل بابا ؟




لم تجد نفسها الا ان سحبتها الى صدرها : لا حبيبتي .. شبيب بخير والحين بيي .. راح الشغل ..




غرق هي الاخرى وجهها بدموعها .. تبعدها بهدوء : شوفي تراج صيحتيني ..




وضحكت بخفوت وهي تمسح وجه كلثم المبتل ومن ثم تمسح دمعها هي : يلسوا هني .. بودي مخدة لاماية العودة وبرد .. وبيلس وياكم الين ايي شبيب .. اوكي ..




لا صوت سوى اهتزاز رأس هاشل بالموافقة .. وجلوس كلثم على الكرسي .. تحاول ان تكون قوية .. هي قبلا اعتنت بوالدها ايما عناية .. كانت متكفلة بكل شيء .. والآن هي ايضا تقوى على فعل الكثير وليست بحاجة لاحد ان يخبرها ما يجب ان تفعل .. اطلت بجسدها لتجد تلك الصالة قد خلت الا من كنة والجدة المستلقية .. لتدنو ترفع راس تلك الذي خذلها جسدها لتقع صريعة ذاك المرض اللعين .. تُريحه من جديد على تلك المخدة الناعمة .. لتفتح عينيها على صوتها السائل كنة : وينهن ؟




الاخرى تجلس اعلى رأس جدتها .. تشد على الهاتف في حجرها .. شاردة .. حتى حين اجابت كان عدم التركيز يحتوي نظراتها : امايه ما ادري وين راحت .. شامة راحت حجرتها ما تعرف تتصرف .. تلقينها تصيح والا رقدت ..




التفتت حين شدت تلك العجوز باناملها على كف ريا .. لتتبسم .. ويشوبها الحزن حين قالت : ولدي ييا ؟



ربتت على كفها الاجعد بكفها الاخر : الحين بيي .. خليني اقيسلج السكر ..



تقوم بذلك وهي تحادث كنة : شو قالج اللي كنتي تكلمينه ؟



" جابر ؟ " ... ليسودها الصمت لثواني بعدها : قال بيروحله الشغل .. وبيسأل عن الحادث ..




هناك في داخلها صوت يحثها على التفاؤل وصوت آخر يزجره أن لا تفعل .. تنسكب دموعها وهي في مكانها .. لا شيء يتحرك فيها سوى صدرها .. يصلها صوت ريا بين الحين والاخر متسائلة .. واسئلة تطرحها جدتها عن شبيب وتلك تطمأنها .. حتى ما نهضت .. رفعت بصرها إليها أخيرا : وين بتروحين ؟




لتبادلها النظرات : كنة ذكري ربج .. شو بلاج جذي منكسرة ..




هزت رأسها لتعود تطأطأه : خايفة .. احس اني مب قادرة اقوم ..




عادت تنظر إليها ومن ثم إلى جدتها : ما لازم ناخذها المستشفى ؟




" السكر بدا يرتفع " .. ابتعدت قليلا ثم وقفت لتنظر لكنة من جديد : خليها ترتاح وعقب شوي لازم تاكلها شيء ..





خلا المكان وتوشحه الصمت .. وهمهمة خافتة بين الفينة واختها تتبعثر من ثغر الجدة .. يمر الوقت ثقيلا .. وذاك الهاتف القابع بين كفيها لا يرن .. يُخيل إليها انه قد غاب عن الحضور .. فتفتحه مرارا تتيقن ان روحه لا تزال فيه .. جابر لم يعاود الاتصال .. والدتها لا صوت لها .. وشامة لم تعد .. وريا ايضا غادرت وعادت وبيدها طبق طعام .. اجبرت العجوز على الاكل منه .. وها هي تبتعد عنها .. وهناك في صدرها خوف من الفقد .. لا تطيق الفراق .. فارقها والدها حين غفلة .. ولا ترغب ان يتكرر الامر مع شقيقها ..



تغوص في الكثير من الآهات المتوالية .. يشتد اختناقها فلا تقوى على الصراخ .. جفلت حين وقع كف على كتفها .. واسمها يتردد .. لترفع نظرها : شبيب ..





منذ دقائق ليست بالكثيرة توقفت سيارته في ساحة المنزل .. ليتقافزا كُل من كلثم وهاشل من تلك الصالة .. يناديان باسمه .. وزوجته خفق قلبها وجدا .. هل يعقل ان صوت السيارة المتسربل اليهم في حضرة التلفاز ورسومه المتحركة هو لسيارة شبيب .. وقفت بصعوبة .. تشعر ان ساقيها ثقيلان وان جسدها اثقل منهما .. تحركت ببطيء .. حتى ما استقرت على آخر الممر تسمرت في مكانها .. يأتيها صوته البعيد .. غاضبا هو ومستاء ..




ترجل .. واذا بالخطوات المسرعة تصل اليه .. يحتضنانه باكفهما بعنف .. واسمه من بين شفتيهما كان له وقع الخوف .. تحملق نظره على جسد والدته الخارجة من الداخل .. والتي سقطت جالسة بوهن .. ليسارع اليها .. فتشده الى صدرها وجدا : شبيب .. انت شبيب ..



" لا حول ولا قوة الا بالله " .. قالها وهو يبعد جسده عن جسدها .. ينظر الى وجهها الباكي : ما صدقت يوم ياني جابر المكتب يقولي انكم شالين البيت شلل من الصايح ..


بنبرة متقطعة : قالولي سويت حادث وسيارتك احترقت ..



استغفر مرارا .. يعلو صوته اكثر واكثر مع كل استغفار : ما قالولكم وين مستوي الحادث .. ما سألتوا .. ع طريق دبي مستوي .. وين احنا ووين طريق دبي .. يعني خذوها بالعقل شو اللي يودين هناك .. من سمعتوا ان السيارة نيسان سودا ونفس موديل سيارتي قلتوا انا ..



يرتفع وينحني يساعدها على النهوض : قومي ندخل – يلتفت خلفه – دخلوا ..



جرى هاشل لداخل يصرخ بان شبيب قد عاد .. وتلحقه تلك الصغيرة .. ليقفا بفرح امام ريا : شبيب برع ..


قالتها كلثم واتبعها هاشل : كله كذب ... بروح اقول حق شامة ..



يلوح لها جسده بجانب جسد والدته .. يمشي بمعيتها .. يلجان لصالة وتسمعه يسأل عن جدته .. لتنسحب من مكانها بهدوء .. لم يرها ولا تتمنى ان يراها بهذا الحال .. ففضلت الانزواء ..



جلس بجانب جدته لينكب على رأسها مقبلا .. ويسوءه حال كنة حين ارتفع من فعله .. ليزحف على ركبتيه حتى ما صار قبالتها اردف كفه على كتفها .. مناديا اياها بخفوت : كنة ..


جفلت فنطق : بسم الله عليج ..



نطقت باسمه وحرارة قاسية تُلهب مقلتيها .. وارتعشت معها شفتيها .. لترتمي على صدره منتحبة .. تستصرخ وجعها ان ابتعد .. تحمد ربها مرارا على سلامته .. تنهد : بس .. كلها كم ساعة غبتهن صار فيكم كل هذا ..



بصوتها المكتوم في صدره : ليش ما ترد ع فونك ..



لترفع وجهها وتصرخ به : حرام عليك .. اتصلت مليون مرة ولا ترد .. كل ذا شغل .. ما نهمك .. صاير حتى اتصالاتنا ما تعنيك .. ليش ..



لتقف وهو يرتفع نظره لها : لا تلومنا – تمد له بهاتفها – شوف .. كم مرة اتصلت .. امايه العودة مرضت .. وانت ولا همك .. ما صرنا نهمك .. لا تقول ليش وليش .. فاهم ..



جميع الانظار كانت تخترقها .. لا تستوعب ما تفعله كنة في هذه اللحظة .. أكنة تثور في وجه شبيب ؟ .. تلك من المستحيلات في هذا المنزل .. ابتسم لها ليقف ويدس يده في جيبه .. يخرج لها هاتفه ويمده .. هي تمد بهاتفها وهو يفعل كفعلها : خربان .. صاير ما توصلني اي مكالمات عليه .. وانا عبالي محد يتصل علي لاني بعدني معرس ..



" شبيب " .. نبرة خافتة اسكتتهما عن البوح .. لينظران للاسفل حيث تلك المستلقية .. ليعود يجثو على ركبتيه بجانبها : يا عيون وقلب وروح شبيب .. افا اطيحين وانتي شيخة الحريم .. هذا وانتي بعدج شباب ..



لاحت له ابتسامة خافتة منها فابتسم أكثر .. لتزجره باعياء : عليت قلوبنا بسواتك يا ولد ناصر ..



ينحني يلثم جبينها بعمق : ما عاش اللي يعل قلوبكم .. بس انتوا الله يهداكم من وصلكم الخبر ارتبشتوا .. سألوا الحرمة ووين وكيف .. وسبحان الله ما صار اللي صار الا وفوني متعطل ..



نظرت إليه .. لتحاول النهوض فيساعدها لتجلس ويتحرك يضع النمرقة خلفها .. ليأتيه صوتها وهو منحني بجانبها : روح لحرمتك .. امك قست عليها بالكلام ..




تبعثر نظره .. تارة على كنة التي لا تزال على وقفتها .. وتارة أخرى على والدته الساكنة حيث اجلسها .. ليقف ويقع بصره على شامة الواقفة بالباب وبجانبها هاشل وكلثم .. تبسمت له فبادلها الابتسام .. ليحث خطاه تاركا الجميع خلفه ..



,,


إن كان خبر كاذب فعل بهم ما فعل .. فماذا إن فقدوه حقا ؟ .. عمله ليس بذاك السهل .. تساؤلات تناثرت فيه بعد ان خطى مبتعدا وصوت والدته تزجر كنة على فعلها يسمعه .. حتى ما فتح باب قسمه واغلقه رفع وجهه للاعلى متنهدا .. يتحرك ليقف خلف الكنب راميا بهاتفه على الطاولة .. يعاتبه ربما بنظراته التي طالت عليه .. يقطب جبينه .. تذكر اخيرا .. هي لا تملك هاتفا .. تبسم مرددا بخفوت : ولا تكلمت ..




تحرك يفتح باب الغرفة ويتسمر في مكانه .. مطيلا النظر إلى تلك التي اطالت السجود .. يرفع معصمه ليرى الوقت .. واذا به قريب الحادية عشر .. ارتفعت من السجود لترفع كفيها لربها تغدقه بالشكر بتمتمات خفيفة لا تُكاد تُفهم .. وهو ظل في مكانه .. حتى ما مسحت وجهها ناطقة بالشهادة ..بلعت ريقها وتحركت تطوي سجادتها وتقف .. ليأتيها صوته : تقبل الله ..


تجيبه بخفوت وهي تردف السجادة على السرير .. تلتفت أخيرا ناظرة إليه ليسألها : شكر والا ضحى ؟



داعبتها ابتسامة استشف هو من ورائها بعض من خجل .. تجيبه بهدوء : شكر ..



ينظر إلى ملامحها الهادئة .. لحياء عينيها .. لتحركها متوجه نحوه لتخرج من الباب .. لم يشعر الا بذراعه تمتد تقطع طريق خروجها .. ليتجهم وجهها .. ترفع بصرها لوجهه .. وتغزوها نبضات خوف تحاول سترها ..تهز رأسها قليلا بحركة بسيطة وكأنها تسأله ما الامر .. لتظهر الجدية على وجهه : شو قالتلج امي ؟


اتسعت ابتسامتها : شو قالولك اول ما شافوك ؟


" انا سألت " .. قالها لتزم شفتيها ناطقة : وانا جاوبت بسؤال .. جاوب ع سؤالي اجاوب ع سؤالك ..



رمقها بنظرة : لا تسوين قدامي الطبيبة النفسية وتتلاعبين بالكلام .. ترى ما ينفع وياي ..



بنبرة فيها شيء من ضحك : لا والله ما خطر ع بالي .. بس جاوبني شو قالولك ؟



ابعد ذراعه ليربعها مع الاخرى على صدره ويستند بظهره على حافة الباب : امي ما تكلمت .. بس كنة انفجرت فيّ .. اول مرة تعلي صوتها علي بهالشكل .. بس ما الومها ..



ابتسمت : وانا ما الوم امك ..



فرحة .. سعادة .. شيء ما يداعبه .. حبور وراحة تتسلل بين اضلعه .. يراها تمر عابرة عتبة الباب ومتوجهة لباب القسم : وين رايحة ؟



" بروح اسوي غدا .. اكيد محد له خلق عقب اللي صار " .. تبسم بشكل جعلها تقطب جبينها : ليش هالضحكة ..



لوح بيده تاركا مكانه ليلج الى داخل الغرفة : ولا شيء .



عادت ادراجها تقف حيثُ كان . تنظر إليه يبحث في دولاب ملابسه : لا تخاف .. اعرف اطبخ .. مب مثل الشاهي ..



غرق في الضحك .. مما جعلها تضحك بخفة .. يرمي بملابسه التي اخرجها على السرير .. يحدثها وهو يلتقف منشفته قاصدا دورة المياه ( اكرمكم الله ) : روحي .. بس تحملي الكلام اذا طباخج مب شيء ..



ظلت مكانها .. تغزوها ابتسامة .. تصنمت ونظرها على أخر طيف له ..



كم انت جميل حين تضحك .. وحين تبتسم .. حتى حين يتعكر صفو وجهك غاضبا .. هل تُراني ادمنت تصرفاتك ؟ واضحيت اعرفها .. بل احفظها كمقرر دراسي في يوم اختبار .. آه من قلبي النابض بشكل لم اعهده .. يلوح لي بين منامي اني لك حبيبة .. تداعبها وتسامرها وتغدقها بالغزل .. هل من يوم انال فيه ما احلم ؟ ام ان الايام ستغدر بيّ ؟ .



افاقت من حلم اليقظة الذي عاشته ثواني لتبتسم تطوح رأسها وكأن ما كان يجول في فكرها ما هو الا ترهات فتاة تبحث عن الحب .. رتبت " شيلتها " على رأسها وتنهدت بخفوت تاركة المكان .. في خلدها دعاء بان لا تلتقي شمسة .. تعبر الممر بهدوء وتحمد الله انهما تجلسان في مكان لن تريا منه مرورها .. تسمع شمسة مع والدتها وكأن الحياة عادت من جديد كما كانت ..



,,


هُناك في المطبخ .. تقف تُجرم في الخضار بعنف .. حتى السلام من ريا لم تسمعه .. لم تشعر الا بها تقف بجانبها : شامة بلاج معصبة ؟ حرام عليج هرستي الطماط ..


ضحكت لا اراديا .. لتتابع الاخرى : الحمد لله رد وما صار له شيء ..



يتجهم وجهها .. وتتابع التقطيع بهدوء بخلاف ما كانت تفعل : توترنا .. يالسه افكر لو صار...



تمسك على كفها .. تقاطع حديثها وتستحل مكان وقوفها : لا تقولين لو .. تراها تفتح عمل الشيطان .. قولي الحمد لله .. وما بيصيب العبد الا اللي كتبه له ربه .. لا انتي ولا اي حد يقدر ساعتها يقول لو .. واصلا ما يحق لنا نقولها .. بنكون نعترض ع حكمة ربنا .. ع قضاءه وقدره .. خلي اللسانج دوم يقول الحمد لله ..



" انزين هاتي اكمل " قالتها وهي تحاول العودة لمكانها .. لتتمنع الاخرى : انا بكمل .. صالونة شو بتسوين ؟



" سمج " .. واردفت بهدوء : انزين عطيني اكمل .. انتي مب ناقصة كلام ..



عقدت حاجبيها .. وشفتيها قد زمتا .. ويدا ترفع السكين في وجه شامة واخرى استندت بها : حتى انتي ؟ .. تراكم تظلموني ..



تعود لعملها وتتابع : روحي سوي العيش .. والصالونة علي ..



اذعنت لها لتبدأ تتحرك في المكان في غرض تجهيز الارز المسلوق .. لتحادث ريا : كنة شكلها متلومة .. دخلت حجرتها ولا طلعت .. الصراحة ما تصورت فيوم اشوفها تصرخ بهالشكل فويه شبيب .. يعني انا عاادي متعودين على عصبيتي .. بس هي ..



تقف ريا تحرك البصل في القدر : تبين الصدق خفت عليها يوم شفتها يالسه ما تتحرك .. اتذكر كلامج عنها .. عن هدوءها واتزانها .. بس اللي صار خوف الكل .. والمشكله ولا وحدة فينا كانت بعقلها .. وصلنا الخبر وصدقناه ..



الاخرى وقفت مستندة بظهرها .. تنتظر الماء حتى يغلي بعد ان غسلت الارز وتركته جانبا : الخوف من ان شبيب يروح وما عاد نشوفه شيء صعب ..



طأطأت رأسها واردفت : يوم مات ابوي الله يرحمه .. ما صدقت .. كنت اقولهم كذب .. راح الشغل كيف تقولون مات .. قالوا سكتة .. كان واقف وطاح .. بصعوبة تقبلنا الموضوع .. الحين لو اللي انقال ..



زجرتها بعنف : قلتلج لا تقولين لو .. لو ... ولو .. ولو .. وبعدين ..



هدأت نبرتها .. تضع البهارات وتتحدث : ليش احسج متغيرة .. شامة لا تردين لورى .. يمكن ذاك اليوم لو عطيتيني فرصة كنت فهمتج .. كنا بقينا وييا بعض .. اخذ منج واسمعلج ..



زفرت وهي تغطي القدر .. تنظر لوجه شامة : لا تخلين تعلقج بالناس والتفكير ففراقهم اكبر همج .. هذا شيء مب بايدنا .. بس الشيء اللي بايدنا ان نخلي دايم فبالنا ان ربنا ابد ما بيتخلى عنا .. العلاقة الباقية الين نموت وعقب ما نموت هي علاقتنا بربنا .. هالعلاقة بايدنا نقويها وبايدنا نضعفها .. صح والا لا ؟



اتحمله الاقدار لتضعه على منصات المصادفة .. فيبهره الحديث .. وتعتلج في مخيلته التصرفات .. هل هي هكذا حقيقة .. ام زيف مصطنع ؟ .. وهل الزيف يبقى في حضرته وغيابه ؟ .. تنهد في وقوفه .. لم يلج .. ولم يدع لجسده ان يلوح لهما عبر الباب .. عاد ادراجه متناسيا ما كان يريد .. يبتسم وهو يرى جدته التي اخذت تربت بجانبها : تعال يمي ..



جلس حيث دعته .. ليأتيه صوت والدته : خبرتها ما تكثر ملح وفلفل .. اخاف تسويها للغدا مثل تسويها للشاهي ..




" لا حول ولا قوة الا بالله " .. بخفوت نطقتها والتفت لشمسه التي تدلك لها ساقها : انتي ما تيوزين .. البنت ما صارلها كم يوم عندنا وانتي طايحه فيها ..داريها .. اذا مب عشان ولدج عشان انها يتيمه .. مالها غيرنا ..




" لها اهلها .. اعمامها ما شاء الله تارسين لبلاد " .. زفرت دون ان تكترث لابنتها ملتفتة لشبيب : ما عليك من كلام امك .. شميس وهذا طبعها ..




صمتت لبرهة ومن ثم : شو بلاك ياولدي .. وشو اللي حادنك ع الطلعة وانت بعدك معرس ؟




بابتسامة وهو يطلب من والدته ان تترك تدليك ساقي جدته له .. لتتنحى الاخرى مستندة على النمرقة وتنطق : منها ؟ شيء اكيد ؟




-
لا والله مالها ذنب .. بس تدرون ما احب يلسة البيت .. مليت وقلت اطلع ..




يحرك كفيه على ساقيها : شو صحتج الحين ياميه ؟




زفرت بخفوت : الحمد لله .. بس قابضني هدام ( نعاس ) .. من اصلي الظهر واتغدى بحط راسي وبرقد .. وبعدين يا ولدي مب حلوة فحقك ولا حق بنت الناس تداوم وانت عندك اجازة .. وما صارلكم الا كم يوم معرسين .. استهدي بالله وان مليت البيت اطلع وخذها وياك .. شوفها البلاد .. ولو بعد تاخذها وتسافر كثر الله خيرك ..




ضحك حتى بانت نواجذه : وتقدرون ع فرقاي .. والله ما هقيتكم ..




تتقدم بجذعها لتربت على كتفه الايمن : بنقدر .. بس انت ريح عمرك ..




تقتحم المكان وبيدها هاتف نقال .. تتحرك حتى استقرت امام شبيب تحول بينهما ساقي العجوز .. نظر اليها .. واذا بها تلتفت يسارها حين سألتها شمسة : كنة وينها ؟




رفعت كتفيها .. زامة شفتيها : ما ادري ..



" وهاشل ؟ " .. اجابتها بهدوء : فحجرته يلعب سوني ..




تعود تنظر لشبيب وفي جعبتها احاديث لا تعرف كيف تحكيها .. لتجلس القرفصاء تنظر الى كفيه المنهمكان .. وينظر هو اليها باستغراب .. لتسأل : يدوه يعورج ؟




" لا فديتج " .. قالتها العجوز ومن ثم التفتت لابنتها المستقيمة واقفة : ع وين ؟ .. لا تروحيلهن المطبخ .. خليهن ..




تحوقلت وتابعت : شباها اروحلها المطبخ .. رايحه حجرتي ..




" انتي اللسانج ياكلج .. ولو ما لقيتي حد تتحاططين وياه بتتحاططين وييا عمرج " .. صمتت وهي تسمع ابنتها تثرثر بسخط وهي مدبرة حتى اختفت عن الانظار .. ليصلها صوت شبيب وهو يسأل كلثم : شو عندج ؟




تمد يدها : فون شامة .. كنت اكلم امي .. تلفون البيت خربان .. قلت لها اريد اكلم مريوم وامي واتصلت لي ..




هدوء غريب يتسربل في الارجاء .. وهي قد دست الهاتف في حجرها .. واحتظنت ركبتيها .. لتتحدث : الحين انا اروح بيت ابويه العود وامايه العودة .. ايلس عندهم شوي ..




" بس " .. قالتها الجدة وهي تسحب ساقيها : الله يعطيك العافية وييزاك الخير ..




أمن من بعد دعاءها ليمد يده ممسكا بكف كلثم .. يقف وتقف هي ليقع الهاتف منها .. وتنحني تنتشله .. ومن ثم يجلس بجوار جدته ويجلسها في حجره : كلثوم عندها كلام ومب عارفه تقوله صح ؟




هزت رأسها بنعم .. واناملها تلعب بالهاتف بين ركبتيها .. ينحني هو يضع ذقنه على كتفها .. ويحتظنها بذراعيه : ومن متى كلثم تستحي من شبيب ؟




كان المكان لا يضج الا بحديثهما الخافت .. فتلك العجوز ارتحلت في اغفاءة داهمتها حين اراحت ظهرها على النمرقة .. وهو يحادث الصغيرة بود وحنان لطالما اغدقها به : ياللا .. ما بتقوليلي ؟




ببراءة اخذت تحيك الكلمات : انت تخليني اروح بيت ابويه العود عادي .. امايه ما تقدر تيلس هني .. ومن زمان ما يت .. اريد اروح عندها ..




تتحرك ملتفتة له .. ترفع اصبعيها السبابة والوسطى : بس اثنين .. بيلس عندها طشونة .. ما عندنا مدرسة .. عادي صح ؟ ايلس وييا مريوم وييا امي شوي ..





كم انت قاسٍ يا شبيب ؟ انتزعتها من كنف والدتها بقسوة .. وابعدتها وكأن لك الحق فيما فعلت .. لا تعي شيء .. صغيرة وعقلها لا يعرف البحث عن المبررات .. وقلبها النقي كيف استحللت أن تألمه .. هل انت راضٍ عني يا خالد ؟ هل توافقني فيما فعلت ؟ .. ام انني اهملتُ ما أوصيتني به ..




كفها الصغير المعانق لوجنته حين لم يعد في واقعه سوى جسده .. اعاد عقله لها .. يسمع صوتها بعد ان اراحت يدها على جانب وجهه : شبشب .. انت زعلان ؟




ابتسم يلتقف كفها ويلثم راحتها : عقب ما اصلي العصر بوصلج عند امج .. تيلسين عندها كم يوم بس ..






,,


في البعيد القريب .. يتسلل الحزن والرهبة جنبات روحها كُلما مر يوم يتبعه اخر .. تناجي ربها دون كلل .. تشعر انها تنسل رويدا من مكانها .. كشعرة تُسحب من احضان العجين .. تبلبلت ايامها بين توتر حديث وخجل حضور .. هي ليست بضعيفة ولكن الضعف بات ينهش فيها كلما سمعت الاحاديث من والديها .. كثيرا ما تجلس بمعيتهما دون ان تشاركهما الكلام .. تشرد حيث المستقبل المرعب ..



وها هي تجلس امام والدتها تلف بذراعيها ركبتيها .. والاخرى تسرح لها شعرها في سكون .. لا حديث من الممكن ان يُقال .. لتبعثر الصمت بنبرتها الهادئة : امايه ؟




" هممم " .. همهمت بها والدتها تنبأها أن تكلمي .. إني هُنا اسمعك .. شدت انفاسها بنهم الى رئتيها : ابويه فيه شيء ؟




لم تُجبها .. فهي ايضا ترى بان بعلها متغير وجدا .. ليس بطبيعته .. يُكثر من القرب لربه حتى بات لا ينام من الليل الا سويعات .. ومن النهار لا يقضي معهما الا سويعات ايضا .. عاد السكوت يلفهما .. وعادت هي تبعده بصوتها : ابويه وايد متغير .. مب مريض ... بس فيه شيء مب قادرة اعرفه .. هو حلف انه ما فيه مرض وان اللي فيه مب لهالسبب .. وابويه يموت ولا يحلف كذب ..




انهت والدتها الجديلة .. لتمسح على رأسها في حنو : لا تحاتين .. الحمد لله انه ما تغير لشيء شين ..




" ابويه بيخلينا يا اميه " .. قالت جملتها لتشهق والدتها برعب .. ضاربة براحتها على صدرها : شو هالرمسة يا عايشه .. تتفاولين ع ابوج بالموت ؟!




لا تزال تُريح ذقنها على ركبتيها .. ولا يزال صوتها هادئا : قلبي يقولي هالشيء .. خوفه علينا .. علي انا اكثر .. استعياله بعرسي .. خطبته لفارس .. حتى يوم ييلس وياي يسمعلي القرآن أحسه يبكي .. احس قلبه يشتاق ومرات يخاف .. كل ما امر على آية فيها ذكر الجنة يقولي عيدي .. أسأله غلطت .. يقولي عيدي .. واسمعه يصيح ياميه .. حتى دموعه صرت احسها تنزل .. ابويه بخير بس فيه شيء يقوله عمره ..




" بس " .. صرخت بها والدتها قبل ان تكمل .. مردفة وهي تشد على كتفي ابنتها تديرها لها : انتي شو بلاج ؟ .. خرفتي ؟ والا انينيتي .. تعوذي من بليس .. ابوج ما فيه الا العافية ..





ابتسامة ضعيفة رسمتها بشفتيها .. تعلم بأن والدتها ايضا ينتابها هذا الاحساس كثيرا .. شرودها .. صمتها الدائم وحتى حين الحديث مع والدها لا تثقل عليه بالسؤال .. الا ما ندر من المرات ينتابها الغضب حين لا يولي كلماتها اي اهتمام .. ارتفعت عن الارض حين وصلها صوت والدها المُلقي التحية .. تردها مع والدتها .. تشعر به يدنو منها فتلتقف يده وباليد الاخرى تحني رأسه تقبله : مساك الله بالخير يالغالي ..





يجيبها في هدوء .. ويجلس لتبادر تلك بالسؤال : تاخرت وايد .. بالعادة ع الساعة تسع تكون هني .. والحين بنصير عشر ..




تنهد : يلست وييا فارس وخذنا الكلام ..




يشدها الحديث عنه فترهف السمع اكثر .. تلتقط الوجع في صوت والدها وتلتقط الكثير من الامور .. تسمع والدتها تسأل من جديد .. وتشعر بها تجلس لتجلس هي الاخرى : وشو هالسالفة اللي ما قدرت تأجلها لباكر ؟




السكون مخيف مع وجهه ذي الملامح الهادئة .. بلعت هي ريقها حين طال الصمت : ابويه ..




حين لم يأتها جوابه تابعت : تكلمتوا عني ؟





تحدث مُجيبا صغيرته .. فاهتاجت زوجته صارخة به .. طفح بها الكيل من تصرفاته المتسرعة .. ودون ان يستشيرهما في شيء : شو هالرمسة يابو عايشه ؟ قلنا العرس عقب العيد .. اشوله تقوله ياخذها عقب شهرين .. انت فيك بلى وما طايع تقول .. مسترخص بنتك وترميها ع الريال رمي .. كنا مب قادرين عليها ..




تهيل عليه الجُمل القاسية .. وابنتها خانها الدمع وجرى .. متعبة هي من التفكير لما بعد العيد .. والآن يأتيها والدها ببعد شهرين .. تسمعه يتكلم أخيرا : ترومي تسكتين شوي ..




يلتفت لابنته يدنو منها زحفا .. وكفيه المرتجفان تمسح دمعها .. لينحني هامسا في اذنها بشيء اضحكها من بين دموعها .. لم تشعر الا به يشدها الى صدره ولحيته الطويلة تجبر عينيها على الابتعاد خلف الجفون ..





,,


وهو اغلق جفونه واسند رأسه على ظهر الكنب .. يرتحل في تفكير عميق .. انزوى في الصالة الملحقة بغرفته .. لا يرغب برؤية احد .. حتى والدته لم يمر عليها بعد عودته .. لم يشعر الا بصوتها يطرق مسامعه .. منادية باسمه : فارس ؟



فتح جفنيه معتدلا في جلسته .. ما لبث حتى وقف يقبل رأسها ويدعوها للجلوس بجانبه .. متخوفة هي .. يكسوها الهلع من منظره : شو بلاك ؟ .. ومن متى انت هني ؟ وانا اترياك ترد من الصلاة ..




وكأن هواء الغرفة فر هاربا .. ليتنفس بثقل .. يزم شفتيه ماسحا وجهه بكفه .. كيف عساه يخبرها .. ازدرد ريقه : قررت اقدم العرس .. عقب شهرين بيكون ان شاء الله




" شو ؟ " .. اطلقتها بحنق .. متسائلة بسخط : من متى صاير مستعيل .. احيد محد مثلك فالركادة .. شو بلاك ؟ مسويلك سحر والا شو ..




" اعوذ بالله " .. نطق بها وهو يلتقف كفها فتسحبه من بين كفيه : امايه سمعيني ..




قامت واقفة : مابي اسمعك .. انت فيك شيء .. مب ولدي فارس .. كل شوي طالعلي بشيء .. ساحرتنك هذا وانت ما شفتها .. عيل يوم تشوفها شو بتسوي ..





ادبرت خارجة .. تتحوقل مرارا .. تضرب الكف بالاخر .. وهو جلس مشدوها يرقبها تبتعد .. وآخر جملها تتردد في ذهنه مرارا .. ليتنهد ويتحوقل .. ويقف يشد خطاه الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. ليس له الا الله يستشريه .. هو الهادي القادر ان يبدل خوفه راحة بال ..






في الجوار ومنذ دقائق كان حديث غريب يُدار من قبل عُمر لسمية .. منذ ذاك اليوم وهما كالغريبين .. لا يتحادثان الا قليلا .. يكره سخطها القاسي .. هي قاسية حين تغضب .. وما ان يتحدث عن الامر حتى زاد غضبها .. دعاها للجلوس حين عاد من المسجد مصليا .. قبل عودة فارس بجزء ليس بهين من الساعة .. لكنها تمنعت .. وتعذرت بالكثير .. كتحضير مائدة العشاء .. وما ان انتهوا حتى دعاها من جديد .. شدها من يدها واجلسها عنوة بجانبه ..



تململت ناطقة : خير .. لو بتتكلم فنفس السالفة .. الاحسن تسكت يا عمر ... راسي صدع من كثر ما اعيد فالموضوع .. قلتلك طاحت وتعورت وسقطت .. ولا تنسى انها كانت ماخذه اخوك .. فلا تيلس تشككني فاختي وكلام امي .. ولا تحط كل الحق علي ..




هو لا يتحمل هذا الحديث الفج معه : الحين من الادب ترمسين وياي جي؟ .. وكني اصغر منج .. لا احترام ولا شيء .. ومادة البوز علي صارلج ايام .. وان تكلمت سكتيني .. تراني مخليج براحتي .. وساكت براحتي ..




تنهدت مستغفره : مب قصدي يا عمر .. بس والله كارهه نفسي بهالكرشه وانت مزودنها علي .. اصلا من اللي قالك هالرمسة .. لا تقولي خالي وابويه يابو السيرة .. اعرفهم ما يتكلمون فمواضيع الحريم فميالسهم ..




" لا مب هم " .. شد انتباهها ما قاله .. ليكسوها الوجوم تنتظر منه ان يكمل .. ليردف : السالفة انا اللي ثرتها ذاك اليوم .. يوم رحنا نزورها فالمستشفى .. مسكتني وحدة من المرضات وقامت تقولي .. انت مدين وتخاف ربك .. ليش ما خفتوا وانتوا تضربونها واطيحون ولدها ..




" مضروبة ؟! " نطقت بها وهزت رأسها نافية بعدها .. مكملة : كيف مضروبة .. محد ضربها هي طاحت والرضوض من الدري ( السلم ) من كثر ما تقلبت عليه .. شكلها هالممرضة مغلطة بين سلوى ووحدة ثانية ..




" يمكن " نطقها دون اقتناع .. هو يرغب بان ينتهي هذا الصراع الذي احال ايامه الى ساعات لا تطاق بقربها .. ويبدو من اندهاشها ان لا علم لها باي شيء .. ففضل ان يطوي تلك الصفحة على هذا الحديث .. وان كان هناك من امر فلا شأن له به ..




فزا من مكانهما على الطرقات المتتالية على الباب .. ليهرول يفتحه بعد ان ادار المفتاح .. ليرى والدته ووجهها المشرأب بالحزن والغضب : عمر رمس اخوك .. شكلهم ساحرينه .. ياي يقولي العرس عقب شهرين .. ولدي متغير ..




تحوقل : ان شاء الله الحين اشوفه ..




يغادر المكان بملابسه الداخلية .. الازار والبلوزة القطنية .. حتى ما وصل قسم شقيقه طرق الباب ودخل .. ليجده حيث تركته والدته آنافا .. القى السلام واجابه .. وجلس مجانبا له : شو الرمسة اللي تقولها امي .. انا قلت ان يلستك ويا ابوها الليلة وراها شيء .. ليش تخليهم يمشونك بهالشكل .. انت راضي ؟




زفر واستغفر .. ثم عاد وزفر : توني مصلي وطالب ربي .. وربي ما بيردلي الشين ..




" والنعم بالله " .. واردف : ما قلنا شيء يا فارس .. الرحمن ارحم بعباده .. ومب انا اللي بيي افهمك هالشيء .. بس الشيء بالعقل وانا اخوك .. شوي تقولنا العرس عقب العيد وشوي تقول عقب شهرين .. شو اللي مستوي وياهم .. واخوانها مالهم حس للحين .. وكانهم ماعندهم خبر بالموضوع .. اخاف تتوهق ان دروا ..




رفع كفيه ماسحا بهما شعره .. وتلك الزفرات لا تفارقه : ربك كريم يا عمر – ينحني يربت على فخذ شقيقه – قوم روح ارقد وراك دوام .. وانا بحط راسي وبرقد .. واللي الله كاتبه بيصير ..




" والا قتلوك ؟! " قالها منذر وهو في جلسة مع شقيقته وابناءها ما عدا كنة .. وتلك الجدة تجلس في الزاوية في ذاك المجلس .. تسمع قهقهته العالية من بعد جملته لشبيب الذي اخذ منه فنجان القهوة بعد ان ارتشف ما فيه .. ليغرقه في اناء الماء .. لتتهكم اخته : اضحك اضحك .. يوم ان دورناك قفلت تلفونك ..







ليتحدث هاشل بحماس : خالي والله لو شفتهن .. كل وحدة تصيح من صوب .. وكل شوي تنازعني امي .. انزين انا شدخلني ..







ليقفز من مكانه يجلس بجوار خاله : بروح وياك .. احسن من هالبيت ..


" قر مكانك " صرخت بها شمسة : هذا اللي ناقص بعد تخلي البيت وتلحقه ..



-
انزين شموس شبلاج شابه ضو .. شكلج مشتاقتلي بس مب عارفة تعبرين ..


ليعود يضحك .. وتشتاط هي غضبا منه .. ليسترسل بالحديث عما حدث : والله انك سويتها فيهن يا شبيب .. انزين شيك ع فونك شوف علته .. شكله العرس طير عقلك ..


تبسم يهز رأسه : ما تيوز انت عن سوالفك .. وبعدين مبروك .. قالولي قدمت فشركة ادنوك .. وبشهادتك الجامعية ..



اعتدل في جلسته : الله يبارك فيك .. هيه قدمت وسويت مقابلة بس للحين ما ياني رد .. وان شاء الله خير ..



وفجأة عاد من جديد يستمتع بالحديث عن تلك الحادثة : والله انكن حريم ..



ينظر للباب حين لاحت منه كنة وهي تحمل صينية بها كعك وفطائر .. لتضعهن امامه .. ويأتيها صوته : شو بلاج كل شوي قايمة ... مب مشتاقتلي والا شو ..



تبسمت فهي الى اليوم لم تحادث شبيب بعد ما فعلته .. تشعر بالحرج منه .. اخطأت في حقه ولا تقوى ان تعتذر منه وهو ابتعد عنها ليتركها على راحتها .. فمتى ارادت الحديث هو هُنا .. نطقت وهي تجلس بجانب هاشل : والله لك وحشة يا منذر ..



تزجرها والدتها : الين متى تقوليله منذر .. هذا خالج .. احترميه ..



" والله يا شمسة الاحترام مب بالالقاب .. والا شرايج يا خالتي ؟ "

ينظر الى العجوز التي تنهدت : صادق .. بس اختك من بيفهمها ..


ازدادت حنقا .. ليزداد هو ضحكا .. ويعود من جديد : عاد قلنا عقل خالتي واختي من زمن اول .. بس عقلج وعقل شامه وعقل حرمة اخوج وين ؟ .. بس الحرمة تبقى حرمة وان تغيرت الازمان تبقى النساءُ نساء ..



قهقه بشدة يسانده شبيب وشامة ايضا وحتى كنة ضحكت .. لتستغفر شمسة ناهضة : بقوم ابركلي .. من يوم ما وصلت وانت ما عندك الا هالسيرة .. وحريم وحريم .. الحريم هم اللي ربوك ..



قام واقفا مهرولا يستوقفها .. ويقبل رأسها : السموحه يا ام شبيب .. بس بعد بتبقن حريم ..



تركتهم مبتعدة والضحكات تلاحقها .. وما هي الا بضع من الساعة حتى فُض المجلس .. فذاك على موعد مع احد اصدقاءه من بعد المغرب .. لم يبقى في المجلس سوى شبيب يشاهد التلفاز بملل .. لتلج كنة وتقف عند الباب لبرهة ثم تتحرك .. ترفع الصينية من المكان .. ينظر اليها تدبر واذا به يغلق التلفاز ويناديها : كنة ..



توقفت والتفتت له .. لتجده واقفا قبالتها يتناول ما بين كفيها يضعه ارضا .. ويعود يستقيم في وقفته : الحين منو اللي لازم يزعل ..


لا تنظر إليه .. بل تشتت نظرها بعيدا عن وجهه : مب زعلانه ..


ليرفع وجهها بانامله من ذقنها .. وهي تتمنع النظر اليه : طالعيني .. يهون عليج ما تكلميني ولا تيلسين وياي ..



اغرورقت عيناها بالدمع : مب زعلانه والله ... بس مستحية منك .. ما اعرف شو صارلي ..



خفضت بصرها تداري وجهها عن عينيه .. لم تشعر الا بكفه تمسك مؤخرة رأسها وتدسه في صدره .. مقبلا اياه : ما يهون علي اشوفج بعيده ..




يفرقهما صوت جرس الباب لتُسرع الخطى خارجة تحمل بيدها تلك الصينية .. ويتبعها هو يستقبل الزائر في هذه الساعة من ما قبل المغرب .. يحث خطاه نحو البوابة المفتوحة على مصراعيها .. ليجد ذاك الطارق قد انتحى له مكانا بجوارها من الخارج .. مستترا بالجدار .. يرحب به ويدعوه لدخول ..



يحتويهم ذاك المكان الذي اكتظ بالضحكات والدموع آنفا .. يقوم معه بواجب الضيافة : حيالله بو غنيم ..



تبسم الاخر وهو يمد كفه يلتقف فنجان القهوة : تحيا وادوم يا بو ناصر ..



الترحاب من شبيب ادخل اليه شيء من امل .. هو لا يرضى بالهزيمة .. ولا يرضى ان ينتهي حلمه بذاك الشكل الذي انهاه فارس سابقا .. تحدثا مطولا .. ليزفر بخفوت .. ونظرات شبيب المستغربة لا تفارقه : اليوم ياي اريد اسمع ردكم فموضوعي ..



زم شفتيه : والله يا سالم الزواج قسمه ونصيب .. ونصيبك ما عندنا .. والسالفة اظن انتهت من ذاك اليوم ..



-
سألتوها ؟ ترى حكمكم علي لا يرضاه عقل ولا دين يا شبيب .. خلو البنت هي تقرر .. هذي حياتها ..



تنهد .. سينهي الامر اليوم لا محالة : البنت مالها نية فيك يا سالم ..


" مستعد اترياها " .. قالها واستحل الصمت هُنيهة .. ثم اردف : مب مستعيل .. وتراني شارينها ..


-
سالم .. البنت حتى لو بغت العرس ما تباك تكون نصيبها ..



استنفر واقفا .. صارخا : مب رمسة ريايل هالرمسة يا شبيب .. وان كنتوا بتاخذوني بسواة امي مثل ما سوى ابوك قبلك فهالشيء محد يرضاه ..



بهدوء نطق : احشم المكان اللي انت فيه يا سالم ..



-
انتوا خليتوا فيها حشيمة .. شو يعيبني .. معرس ؟ .. عندي عيال؟ .. ترا الحرمة ما صارت ع ذمتي من اسبوع .. ومالكم حجه تتحججون فيها .. والا فارس ماسكنك من ايدك اللي تعورك ..



-
احترم نفسك يا سالم .. بغيت الجواب منا ووصلك .. ماله داعي الكلام الزايد .. والعرس مب بالغصيبة .. قلنالك مالك نصيب فيها .. يعني مالك نصيب ..



,,

هناك على بعد بضع امتار منهما وقبل دخول سالم بمعية شبيب .. وصلت للمطبخ لتضع ما في يدها بجانب المغسلة وتحادث تلك المنهمكة في غسل الصحون : ريا خليهن عنج ..



" عادي " .. نطقتها وهي لا تزال تعمل بجد : صرت من اهل البيت واللي عليكن علي ..


بتردد : مستانسة ويانا ؟


ابتسمت تلك وهي تسحب الصحون من الصينية التي احضرتها كنة : الحمد لله – وبعد صمت ثواني – تصالحتي وييا اخوج والا بعدج ؟



-
تصالحت .. اصلا ما كنت زعلانه .. بس حسيت ان مالي ويه اكلمه عقب الزفة اللي زفيته اياها ذاك اليوم ..


ضحكت ريا : فاتتني ..


لتصمتا فجأة على الصوت العالي .. تتحركا لتقفا بالباب : يا ويلي هذا سالم ..


امسكتها من ذراعها تديرها اليها : شو بلاج مختبصة .. ومنو سالم ؟


لتحكي لها امره برجفة انتابتها .. ومن ثم نطقت : خايفة ع شبيب ..



" استهدي بالله " .. نطقتها وفجأة سحبتها عن الباب : طلعوا ..



هرولت كنة وتبعتها ريا .. لتتسمرا حين ظهر شبيب امامهما عائدا من الخارج مودعا لذاك السالم .. ونظرة الغضب ارتسمت في مقلتيه .. ليتركهما ويلج الى المنزل ومن ثم لقسمه .. تتحرك كنة تتبعه لتستوقفها ريا : لا تروحين .. اكيد داخل يتوضا وبيطلع يصلي .. فهمي منه عقب ما يرد من المسيد .. لا تكلمينه وهو معصب ..




ابتسمت لها كنة .. وهزت رأسها موافقة .. فتلك الـ ريّا صارت تعرف شقيقها حق المعرفة .. تدرسه بهدوء .. وكل يوم تكتشف فيه شيء جديد .. الا شيء واحد ابى احساسها ان يلم به .. هل تعجبه هي .. كما يعجبها ؟




اليوم التالي .. يوم آخر تمر ليلته عليهما كباقي الليالي .. يسكنها الهدوء والبعد .. ولج هو من بعد ان تناول الغداء ليأخذ غفوة .. وهي جلست تشاهد التلفاز .. ومن ثم اغلقته .. لتقف بثوبها الواسع الذي يخفي نحول جسدها .. تدنو من المكتبة الصغيرة بالزاوية .. تعج بالكتب .. ترتفع على اطراف اصابعها لتطال احد الُكتب من اعلى رف .. تسحبه وتتصفحه لبرهة ثم تُرجعه .. تتحرك مقلتيها على العناوين .. يتغضن رأسها تارة على اليسار وتارة على اليمين .. وهي لا تدرك العيون التي ترقبها من على عتبة باب الغرفة ..



لم يستطع النوم .. فخرج ليراها تقف قُبالة مكتبته المكتظة بالعديد من الكتب .. يراقب حركاتها .. ضمها لسبابتها بين شفتيها قاظمة ظفرها بتفكير .. حركة رأسها .. شعرها الداكن اللون .. لم يلحظه الا الآن .. متى غيرته من ذاك اللون الباهت ؟ .. حتى ابتسامتها وهي تقترب تسحب احد الكتب لاحت له .. نزولها وجلوسها القرفصاء لتتصفح آخر الرفوف .. ومن ثم استقامتها .. حتى ما عانقت ذراعها وسطها لاح له مقاس خصرها .. تذكر معانقة ذراعه له حين التقاط الصور .. ورجفتها التي ارعبته ..




رباه .. هل يعقل ان هذا الجسد استباحه الرجال .. وعاثوا فيه دلالا .. هل قُبلت تلك الشفاة في لحظات الفسق ؟ .. كيف استطعتِ اني تُسلميه ببخس ثمن يا ريا ؟ .. وشعرك كم من يد لعبت فيه .. وكم من انف استنشق عبيره ؟ .. يجرحني التفكير كثيرا في امرك يا من على ذمتي .. اقاوم نفسي واصارعها ان لا تدنو منكِ ليلا ..



لم ينتبه انها رأته .. وعادت تبحث بين كتبه ليسمعها تحادثه : ما شاء الله عندك من كل شيء .. تاريخ .. فلك .. ادب .. حتى علم النفس .. ودين ..



اقتربت تسحب احد الكتب العتيقة التي غلفت بغلاف لا يحمل عنوان .. لتسحبه فيفلت من بين اناملها ساقطا .. تتحرر من بين اوراقه صورة .. فيسارع هو بخطاه .. ينحني قبل ان تنحني .. يلتقط الصورة ومن ثم الكتاب .. يمد لها بها : تعرفينه ؟


على مضض تبسمت : العقيد ناصر الـ.....


دسها في مكانها .. واعاده الى مكانه .. ليمسك كفها يمشي بها الى الكنب يجلسها .. ويجلس هو على الكرسي المفرد : تبينا نعيش حياتنا مثل اي اثنين معرسين ؟..



سؤال مفاجئ اجتاحتها بسببه عواصف خوف .. ورعود نبضات تجلجل بين اضلعها .. تتصنع عدم الفهم : ما فهمت ..


تنفس بعمق زافرا بقسوة : نريد نتصارح .. والا بمعنى اصح تصارحيني .. انتي دارسة علم نفس ومتخصصة فيه .. وتعرفين ان المصارحة والصدق هي احسن طريقة لبدأ علاقات انبنت على وساوس ..



شدت باناملها على طرف الكنب .. وبصرها يبتعد عنه امامها : عندك وساوس .. من كلام يدي وفهد .. صح ؟



رفعت وجهها لوجهه .. لا ترغب بهذا الامر .. هي دائما كانت مستمعة .. فكيف لها ان تكون المتحدثة عن ماضٍ تخجل منه .. وتحكيه لمن ؟ له هو .. من امسى يخترق اضلعها رويدا رويدا .. حتى احلامها لا يعتقها .. بلعت ريقها وزمت شفتيها مرارا .. تنتظر منه جواب .. لكن لا شيء .. لتنطق وهي تنكس رأسها : هم شو خبروك ؟


-
سؤال غبي منج .. ما توقعته .. يعني تبيني اقولج اللي قالوه عشان تنفينه او تأكدينه .. واذا ناقص بتضمين اللي نقص عني ..



انحنى قليلا للامام : اباج تقوليلي كل شيء صار وياج .. من اول ما سافرتي ؟ وكيف عرفتي ابويه ..



يعود يُريح ظهره على الكرسي : يعني كل شيء .. بدون خوف .. وبدون مستحى ..



نزلت دموعها لتسارع تمسحها .. وبرجفة صوت : بتكرهني .. يمكن تمسكني وتعقني برع بيتك ..



شهقت تسحب الهواء لرئتيها المختنقتان .. الا دموع النساء لا يقواها .. وبصوت هاديء : ريا .. انتي امانه فرقبتي من ابوج .. لا تخافين .. شو ما كان ماضيج .. وكثر ما كان قاسي .. ما بيخليني اتجبر عليج .. بس الله يخليج اريد اعرفه .. عشان اللي فراسي يا يثبت يا ينتهي ..





,,


هُنا أقف .. وموعدنا يتجدد مع الزفرة 44 باذن الله

تحياتي |~




 
 

 

عرض البوم صور اسطورة !   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أنآت, الرحيم, الكاتبة, اغتصاب, شفرات
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المهجورة والغير مكتملة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t183200.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 10-03-17 02:15 PM
Untitled document This thread Refback 07-08-14 03:21 PM
Untitled document This thread Refback 14-07-14 02:11 AM
Untitled document This thread Refback 13-07-14 07:19 PM


الساعة الآن 05:18 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية