كاتب الموضوع :
اسطورة !
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
,‘,
وهناك في بيت بعيد بعض الشيء .. منذ ساعة او لعلها اقل .. كان يشرد بذهنه عن واقعه .. لاول مرة يشعر بانه في الخانة البعيدة .. منزويا غير مرغوب فيه .. لاول مرة يأتيه احساس الخيانة .. هل هي خيانة يا جابر ؟ ام ان القرب الدائم اضحى مسيطرا وان حدث البعد ولو لفترة اعلنت الخيانة منك ؟
خرج من دورة المياه ( اكرمكم الله ) بعد ان استحم من عمل دام ساعات طوال .. كان مشغولا حتى رأسه بقضية مطر .. كان يرغب بالقول لصاحبه لقد امسكنا ذاك الـ علي البارحة فجرا .. وفاجأه ذاك حين الاتصال بان لا رغبة له بسماع شيء .. وانه متعب ويرغب باجازة طويلة جدا .. لتسوقه افكاره بان ابن عمه ارهقته الاحداث الماضية وحقا يحتاج لراحة .. ليبتسم له ناطقا : ولا يهمك .. ارتاح .
ليُلام بعدها من منذر حين التقاه في محطة البترول .. يعاتبه اين هو من صاحبه وابن عمه واخيه .. ليهوله مصدر تعب ذاك .. الهذه الدرجة لم يفكر بان يطلب العون منه .. لماذا ؟ يشعر بان في داخله ملايين علامات الاستفهام تتراقص .. كانوا ان حدث امر علموا به جميعا .. يتكاتفون عند المصيبة ويفرحون عند المسرة ..
كان يقابل الدولاب ليسحب له ثوب يرتديه حين اتاه صوتها الساخط من عند الباب .. وبيدها هاتفها : جابر .. انا شو بالنسبة لك ؟ شو مكاني هني ..
لا رد منه .. تتحول خطواته الى " التسريحة " يشد له مجفف الشعر .. انحنى يفتح القابس وهي في غيظ استشفه من نبرتها قبل ان يرى وجهها المنعكس امامه .. صدح صوت المجفف .. لترفع صوتها : ليش ما ترد ..
واردفت وهي تتقدم رامية الهاتف وسط السرير : طرطور هني صح ؟ .. هذي مب اول مرة ولا ثاني مرة اعرف من بعيد .. وانت تدري ولا خبرتني .. ليش ؟ .. تخاف افشي اسرارك .. ومن متى كنت ثرثارة ما احاسب ع كلامي ..
بلعت ريقها : ليش ما ترد ؟ والا كنه مب بنت عمي ومثل اختي .. خايف ع ولدك اذا دريت ..
تقدمت منه .. لتسحب المجفف من يده .. تغلقه وتضعه بعنف على سطح " التسريحة " .. ليحتقن هو بالغضب .. وتستطرد هي بغيظ : هذوني عرفت .. ما صار شيء لولدك .. ما صار شيء .. اييني الخبر من امي اللي وصلها من يارتها .. وانت تدري ولا همك .. ما قلت قومي وقفي وييا بنت عمج .. طلعتني قليلة اصل .. وانت ..
لتصمت حين اطبقت انامله على فيها : سكتي .. الله يخليج سكتي ..
كانت نظراته محتقنة بكثير من السخط .. فقط قال تلك الجملة الامرة وصمت .. ليجر خطاه خارجا من المكان .. كُل ما يرغب به الان هو ان يواجه ذاك الشبيب .. يسأله لما لا عِلم له بما حدث ؟
ليصطدم بحارب خارجا من هناك .. رفع حاجبيه وتكتف .. ليقف ذاك مبتسما .. وتغيب الابتسامة حين قال جابر : الحمد لله ع السلامة .. الظاهر مب الا شبيب اللي يدس عني ..
تقدم منه يحيه بالتحية الاماراتية : الله يسلمك .. ترا ما يليق عليك الزعل ..
لستُ في مزاج يسمح لي بالضحك يا حارب .. انت وهو وانا اخر من يعلم .. هل كنت تعلم بالامر اول حدوثه .. وجئت راكضا الى هُنا ؟ ام انها الصدفة ؟
ربت على كتفه : لا تاخذ ع خاطرك .. ترا اللي صار دوده الكل ( جعلهم لا يفكرون باي شيء )
- لي كلام وييا شبيب ..
قال جملته وابتعد .. ليهز الاخر رأسه : الله يعينك يا شبيب .. بيكمل عليك جابر ..
وغادر بعدها المكان .. ليتحطم السكون على صوت جابر المجلجل حين التقى بشبيب عند باب المجلس يرغب بمغادرته : افاا يا شبيب .. وع كل اتصالاتي ما قدرت تقولي تعال .. تعال اوقف وياي .. تتهرب مني وتقول تعب .. حتى ظنيت انك مريض ومحتاي راحة .. والمصيبة اكبر من هالشيء ..
" اهدى يا جابر " .. قالها واردف وهو يمسك بيده : تعال ..
وقبل ان يدبر ليجره من خلفه .. نفض الاخر يده : مب ياي .. صرت ادري اخباركم عقب الكل .. مب منكم انا ؟ .. مب كنه اختي ؟ وفارس ربيعي ؟ .. والا هي اختك انت وبس ..
ليعم الصمت على صوت عجلات السيارة المتوقفة في ساحة المنزل .. ويترجل منها عمهما وزوجته .. يحث خطاه لهما .. ليتلقف جابر مسيره بقبلة على الرأس .. ويتبعه شبيب بنفس فعله : افاا وانا عمك يا شبيب .. يصير وياكم كل هذا وانا آخر من يعلم .. ما قلت ان عندي عم لازم اخبره ..
" سمحولي " .. نطقها جابر ليبتعد يقبل رأس حفصة .. ومن ثم يختفي خلف جدران المنزل .. ينحني مقبلا رأس العجوز ومن ثم شمسة بعد ان القى التحية .. ووقف ناطقا : سمحولي .. والله ما دريت الا من منذر قبل ساعة ..
تحركت تلك العجوز تسحب عصاها بجانبها .. وتعتدل في جلستها : مسموح يا وليدي ..
" وين كنه ؟ " .. سؤال بعثره لينهى وجوده في الصالة بعد ان وصله الجواب .. وتحل هناك حفصة تجلس مع شمسة ووالدتها .. واحاديث نسوة يسودها الحسرة على الحال .. اما هو فطرق الباب على تلك المدعية النوم .. الهاربة من الوجوه خلف اسدال العيون .. تشعر بالضعف وبالخجل .. وبمشاعر كثيرة تجتاحها .. وجُل مرادها ان لا ترى العيون المشفقة .. اغمضت عينيها حين ولج .. وقف طويلا على مقربة من الباب .. يرى تنفسها المتعب ليعلم بانها مدعية ما هي فيه .. ليتركها ..
وتوالت الاقدام هناك .. عمها وتتبعه زوجته .. واحاديث يبترها قول " لا حول ولا قوة الا بالله " مرارا .. يكسرونها باحاديثهم المكتظة في اسماعها .. حتى الهروب لم ينفعها .. لتسكب دموعها بعد ان هدأ المكان .. كيف ستستطيع مواجهة المجتمع وهي لا تقوى على مواجهة اهلها ؟
,‘,
كذاك الذي اتخذ من غرفته ملاذ له من بعد خروجه من المستشفى عند الظهر .. لم يغادرها حتى الساعة .. اراد النوم والهرب لكن ليس كمثلها بالادعاء .. بل اراده حقيقة .. ولكن لم ينله .. ليقف في هذه الساعة المتأخرة من الليل .. يتوضأ ويقبع على سجادته .. يصلي بخشوع .. ويدعو ربه كثيرا .. كُل شيء ينطق بوجودها .. سريرهما .. عطورها المزدحمة على " تسريحتها " .. شموعها الساكنة في انتظار اناملها لتوقظها من غفوتها وتتراقص طربا ..
حتى الاثاث يصرخ محتاجا لبخور المسك الذي انقطع منذ يومين .. وهو .. حتى هو يشعر بانه لا يقوى على الفراق .. هل يجوز التفكير فيها من جديد كمعشوقة ؟ تناثر عشقها وجدا على جسده .. ؟ ام عليه ان يردع العقل عن الترهات المحرمة ؟ .. وكيف سيردعه ؟ ..
انسكبت امطار عينيه لتغرق كفيه المستتر خلفهما وجهه الطويل .. يطلب من الله ان ينزع حبها من قلبه .. وان يحل مكانه حُبا جديدا .. يطلب العون .. يطلب ان لا يكله لافكاره طرفة عين . ويطلب الكثير والكثير .. والغفران كان جُل مطلبه ..
تنهد ليجلس براحة على طرف سجادة الصلاة .. يشعر بان احباله الصوتية قد اهترأت .. وان هناك عقدة لا يقوى على حلها لينطق .. قلبه به وخزة لا ترغب مفارقته .. خالف ساقيه .. وذراعيه استندا على ركبتيه .. يشد قبضتيه تارة ويرخيهما تارة أُخرى .. يسمع ثرثرات ساخطة بين اخيه وزوجته .. احاديث يسودها الكمد .. لربما طلاقه لشقيقتها أثر على حياتها مع شقيقه .. تنهد .. فلا يريد ان يزحم عقله بالتفكير اكثر ..
سحب انفاسه وزفرهن .. ليقف ينظر الى المنبه الصغير على " الكوميدينة " .. الساعة تقارب الفجر .. حتى ذاك المنبه انخرس في غيابها .. اغمض عينيه ينشد الراحة في انفاس هادئة .. يعب رئتيه بسكون جسد .. ويزفرهن ببطئ .. وسرعان ما حث الخطى خارجا .. سيخرج وسيقابل الناس .. لن ينفعه البقاء خلف الجدران .. سيحتمل نظرة العيون .. وشفقة الالسن .. وتمتمات الافواه .. ولكنه لن يقبع مع افكاره القاتلة .. افكار مُحرمة .. وهل يشتهي الحرام الا من قل ايمان قلبه ؟
وهو ايمانه بربه كبير .. خرج لتلفحه نسمة هواء ناعمة .. تحرك لها ثوبه مرحبا .. سيمشي الى بيت الله .. سيبقى هناك بين جدران العبادة .. لا بأس بقراءة القرآن حتى طلوع الشمس .. سيريحه ذاك الفعل وجدا .. اوليس بذكر الله تطمئن القلوب ؟ وهو يبحث عن الاطمئنان .. ولن يجده الا عند رب رحيم رؤوف ..
دخول صلاة الفجر اجبره على الوقوف بعد ان كان جالسا وبيده كتاب ربه .. ليصافح مجموعة الرجال المقتحمة السكون .. الباحثة عن السجود .. واحاديث ترثي حاله .. وجمل تقويه منهم .. لينطق لسانه مرارا " قدر الله وما شاء فعل " .. أو " الحمد لله ع كل حال " ..
لينتهى السلام وتبدأ الصلاة .. وبعدها يعود لكتاب الله .. مر الوقت وهو يتمتم بأحرف القرآن .. لم يشعر الا بقدمين ارتفع عنهما الثوب الابيض تقفان امامه .. ليصدق .. ويرفع نظره .. ذاك الرجل العجوز .. شائب اللحية .. بشوش الوجه .. إمام مسجدهم .. ابتسم لا اراديا له .. لياخذ مكانا بجانبه ويجلس .. وانامله تحرك المسبحة مع تمتمات التسبيح المنبعثة من شفتيه .. وبعد الصمت الذي لم يتعدى ثواني نطق : اخبارك يا ولدي ؟
تنهد وابتسم ثم اجاب : الحمد لله .. الذي لا يحمد على مكروه سواه ..
" متأكدين يا فارس ؟ " .. سؤال كان الجواب عليه اغلاق المصحف وتقبيله .. ومن ثم الوقوف والسير الى الارفف في زاوية المسجد .. والعودة بعد حين .. والجلوس امام ذاك الوقور .. ليعم السكوت .. ويقطعه ذاك : يا ولدي اخوة الرضاعة لها شروطها .. قولي .. كم رضعة رضعتكم الحرمة ..
ابتسم بانكسار : سالفتي معروفة من زمان .. الكل يدري اني ولد ام عبدالله بالرضاعة .. اكثر من اسبوع وانا ارضع من صدرها .. لو تسأل اي حرمة بتقولك عن السالفة ..
سحب انفاسه واردف : السالفة اليديدة هي انها مرضعة حرمتـ...
قطع حديثه .. ليبتسم الاخر رابتا على ظهر كف فارس .. ليستطرد فارس حديثه : امي تقول ان الحرمة متأكدة انها رضعتها فوق الخمس مرات .. يمكن سبع ويمكن ثمان .. ويمكن اكثر ..
سحب ذاك الشيخ انفاسه : وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم .. لا تقسى ع عمرك .. واللي صار ما بتأثم عليه لان ما كان لك علم .. وربك اذا احب عبده ابتلاه .. وين بلاءنا من بلاء يعقوب او بلاء ايوب .. وغيرهم من الرسل .. بس احنا صايرين هشين وننكسر بسرعه .. وناسيين ان من تعلق برب العباد ما خاب .
" والنعم بالله " .. قالها .. ليتبعثر بعدها حديث طويل عن الصبر على البلاء .. كان نعم المستمع .. وكأن بتلك القصص المروية على لسان العجوز قارب نجاة انقذه من الغرق .. بعد ان كُسرت مجاديفه ..
,‘,
بانامل مرتعشة اخذت تبحث عن ورقة قديمة .. بحثت عنها مطولا سابقا ولم تجدها .. لتفتح دولاب ملابسها .. لا تعلم لماذا امتدت يدها للثوب المركون على احد الرفوف بعد ان طوته .. تمزق يومها بسبب السير الطويل .. فتركته دون رجعة .. سحبته لتنفضه .. وتدس كفها في جيبه .. لتعيقها ورقة دُمرت بسبب الماء حين غسلته ..
انتزعتها متلهفة لنقطة قد تكون المخرج لها ولابنتها .. لا .. بل لابنتيها .. وسرعان ما اغتيل الامل خلف ارقام مبهمة .. اغتالها الماء والصابون .. زمت شفتيها لتطوي الورقة المهتريئة بين اناملها .. يشغلها الحديث الذي سمعته وجدا .. حتى باتت ترى النور من ثقب صغير يطل من بعيد .. خلف اتصال صغير يبعد عنها عوض لسنين طوال .. دون ان يعلم هو ..
ولكن الامل اندثر مع الورقة العارية من الخطوط .. الا من تشوهات على وجهها .. طوت ثوبها لترميه حيثُ كان .. في قلبها غل لا يهدأ .. ترغب بانهاء معاناتها .. لا يهم ما تكون النتيجة لاحقا .. فالتعب اضناها الى حدود عدم الارتواء بالصبر .. اسرعت الخطى الى الغرفة المجاورة .. هو سيأتي في أي لحظة .. اخبرها بانه سيتناول الغداء معهما .. اذا فلم يتبقى الا ساعة من نهار وستطأ قدماه ارض الملحق ..
ولجت لترى مريم منكبة على كُراس رسم .. والالوان تبعثرت من حولها .. ركعت بجانبها .. لتشد كفيها : مريوم سوي عمرج تعبانه ..
" شو ؟ " قالتها صغيرتها باستفهامات احاطها الاستغراب من والدتها .. لتنطق : خلي عمرج مريضة .. كحي .. صيحي ..
- ليش ؟
تربص بها الخوف من انفعال والدتها : امايه انتي بخير ..
اطبقت باناملها البيضاء على ثغرها .. ومن ثم بهدوء تكلمت : سمعيني مريوم .. لازم نطلع من هني ... بنخلي عوض ياخذنا للعيادة .. والوقت وقت غدا ما بيقدر يتحمل يتريانا هناك .. بقنعه يرد هني عشان يتغدا .. لازم اتصل بحد ..
كانت تنظر لها ببلاهة .. لتسألها : تسمعيني .. لازم اطلع .. اريد اتصل ضروري .. فديتج لازم تساعديني ..
" بس ما اعرف اسوي اني مريضة " .. قالتها ويتخللها صوت فتح الباب الخارجي . لتمد كفها ضاربة مريم بعنف .. وتكتم من بعدها صوت مريم عن الصراخ .. همست : قولي ان بطنج يعورج .. مثل ايام المدرسة يوم تكذبين علي عشان ما تروحين ..
كانت دموعها تنسكب .. مشدوهة لوالدتها .. هل جُنت؟ .. ومن ثم اعتقتها بعد ان همست من جديد في اذنها : ساعديني فديتج ..
وبعدها وقفت تشد خطاها خارجة .. صارخة بعوض المدبر ليدخل الغرفة الاخرى : عوض الحقني .. مريوم ما اعرف شو فيها .. تصيح وتتلوى ..
عقد حاجبيه ليشد الخطى ويقع نظره على الجالسة تشد بذراعيها على بطنها ودموعها تتساقط .. ليجلس القرفصاء بجانبها .. يحاول رفع رأسها دون جدوى : مريوم شو يعورج ؟
صرخت مرات متوالية : آآخ ..
ليقف ناطقا : لبسي عباتج .. بناخذها العيادة نشوف شو فيها ..
قلبها يقرع طبول خوف اتعبت انفاسها .. تجلس بالخلف مع ابنتها تشدها اليها .. لا ترغب بكشف ذاك التمثيل .. سيقتلها وسيقتل مريم اذا اكتشف امرهما .. تنهدت حين توقفت العجلات بالقرب من بوابة العيادة .. التي تبدو مزدحمة بعض الشيء لوجود عدد من السيارات في المواقف ..
ترجلت تساعد مريم المندمجة في التمثيل .. لعله خوفا من والدتها ومن كف اخر يقع على وجهها .. او ربما خوفا من عوض اذا اكتشف انها لا تعاني من شيء .. وان البكاء ما كان الا لضرب امها لها .. لترتجف اوصالها حين نطق : ببركن السيارة وبلحقكن .. روحي قدمي بطاقتها الين ايي ..
لم يعطها فرصة لتجيب .. لتنطق مريم وهي تمشي تحت ذراع والدتها : امايه خايفة ..
تمر الدقائق وهي جالسة تنتظر دورهما في الدخول عند الطبيب .. من حسن حظهما انه لا يوجد الا طبيب واحد . ولكن عدد المرضى قليل .. كانت تحرك رأسها تحسب الجالسين على المقاعد الخشبية .. رجل عجوز مع عامل هندي .. يبدو عليه الارهاق .. يسعل بين الفينة والاخرى .. وهناك على مقعد مقابل .. طفل قد يكون بعمر مريم .. يجلس مع والده ويبدو ان يده تعاني من جرح تلوث الشاش من عليه ..
التفتت على صوت البكاء الذي لا يهدأ .. لرضيع في حضن امه .. تهاديه ليسكت .. لكن لا فائدة تُرجى .. وقبل ان تلتفت لابعد عن الكرسي المقابل لها .. اذا به يقف من خلفها .. وما لبث حتى جلس بجوارها وقد بان الامتعاظ على وجه تلك الام السافرة الوجه .. المكان للنساء هُنا .. نطق : بطلع اترياج فالسيارة .. ما اداني هالاماكن .. من تخلصي وقفي عند البوابة وانا بييج .. انزين ..
بلعت ريقها : ان شاء الله ..
كانت تخطط ان تصرفه هي .. كانت تشحذ نفسها بالشجاعة .. ولم تدرك ان شجاعتها بجانب عوض تتلاشى .. وقفت ونظرت لمريم : يوم ينادوج دخلي .. خبريهم ان بطنج يعورج ..
شدت حقيبتها على ذراعها واردفت : ما بتأخر ..
هناك في سيارته ارتسمت على ملامحه علامات الغضب .. وهاتفه قد عانق اذنه : انت شو تقول ؟
ليأتيه الصوت : البيت ما فيه مخلوق .. ولا لقينا اللي تدوره .. الشباب ما خلو مكان فيه ما دوروه .. شكله صاحبك شرد ..
رص على اسنانه بغيض .. واغلق الهاتف ليشد قبضته ضاربا طرف المقود .. انفاسه الثائرة كانت تشرخ السكون .. ليتمتم بغضب : عيد الكلب .. والله ما اعديها لك بالساهل ..
تمر الدقائق مثقلة بالخوف .. لتدثرها وهي ترى خلو المكان الا منها هي .. ماذا لو جاء عوض ؟ .. ماذا لو سألها اين والدتها ؟ .. التفتت للخلف ترقب طريق اختفاء بدرية .. وقفت بهلع حين نادت الممرضة باسمها .. لتتلفتت باحثة .. هل تركتها كما فعلت مع كلثم ؟
ابتسمت وهي تراها تدنو منها . لتتشبث بها وكأنها عادت من بعد غياب : وين رحتي ؟
" خلينا ندخل " .. انصرفت معها الى غرفة الطبيب .. لا بد من علاج يسكت شكوك عوض .. ولا بد من تمثيل القوة من جديد ..
,‘,
يــتــبــع |~
|