كاتب الموضوع :
اسطورة !
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
,‘,
التخيير والتسيير تراهما في هذه الحالة متشابكان وكأن هناك ثالث لهما .. لم تُخير في هذا الامر ومع ذلك فهي كانت ستختاره هو .. من اسكنته قلبها .. ولكنه سيرها الى هنا برغبته .. ايام مرت على عودتها الى منزلها .. تشعر بالغربة فيه وتشتاق له .. كم هي متناقضة في هذه الساعة .. تحركت في سريرها تسحب احدى الوسائد من طرفه هو تدسها تحت رأسها .. تحاول ان تبعد عنها التفكير في حالها ولا تستطيع .. مستيقظة منذ نصف ساعة ربما ولكنها لم تغادر سريرها .. تارة نظرها لسقف وتارة أخرى تُغمض عينيها .. مع انها نامت من بعد صلاة الفجر الا انها لم تنم الا ساعات قلال ..وها هي الساعة ستصل الثانية عشر ظُهرا وهي كسلى لا ترغب بعتق جسدها من براثم لحافها ..
هو غادر عند الساعة السادسة والنصف الى عمله .. قبلها على وجنتها فاحست به لتعلم بانه يبتسم لامتعاضها .. حديثهما اضحى قليلا جدا .. حتى ساعات خلوتهما تراها لا تكفيها .. ليست كما قبل .. قبل ان يأتي ذاك المدعو شقيقه .. سحبت انفاسها حين تبادر وجوده الى ذهنها .. لتجلس بعدها مغلقة عينيها وتحرك رأسها لتلين رقبتها ..
تمر الدقائق لتتسمر قدماها على طرف سجادة الصلاة .. ستصلي وتدعو ان لا يخبو حبه في قلبها .. او العكس .. ركعت لتشد شفتيها لتشنج الم ببطنها .. لتقف من جديد بتعب تُكبر وتسجد .. طال جلوسها من بعد سجدتها .. تشعر ان انفاسها متعبة .. ربما السبب نومتها الغير مريحة .. او بسبب الصوم .. تسحب انفاسها مرارا وتنفثهن من فيها وكفها تعانق جانب بطنها الايمن ولسانها يتمتم بالعياذ من الشيطان وذكر اسم الله ..
اخذت وقتا لا بأس به وهي تشد انفاسها وتزفرهن من فيها .. حتى تسللت الطمأنينة والراحة الجسدية اليها .. لتطوي سجادتها وتتركها جانبا .. صوت الخادمة شدها .. هناك في الاسفل .. لتقف وتخطو نحو النافذة تزيح جانبا من ستارتها المخملية .. لتراها تبتعد الى جهة المطبخ .. لتعود بانظارها للجهة اليسرى .. لتراه وينعقد حاجبيها ..
بالامس كانت تشتكي وجوده عند جابر .. صوتها لم يكن خافتا .. كانت تطلب منه ان يعيدها الى شقتهما الصغيرة .. فهي لا تشعر بالراحة لوجود ذاك البطي داخل اسوار منزل يكتنفها معه ..
ابتسمت ساخرة وهي ترقبه وبيده اليمنى مجرفة صغيرة .. يرتب التراب على الشجيرات الصغيرة التي غُرست على يد جابر منذ اسابيع .. وترقبه يقف ينفض إزاره من ذرات تراب رطب علقت به .. الا يستحي وهو بالملابس الداخلية ؟ ..
ابتعد وعينيها تبتعدان معه .. يفتح صنبور الماء .. ويمشي بخُطى مهرولة ليلتقف الانبوب ويبعده عن الممر المسفلت .. راميا به على تلك الشجيرات .. لتنفث انفاسها وهي تتذكر صوته ذاك اليوم ينادي على جابر .. مؤكد انه سمع جميع ما تفوهت به .. سمع تذمرها من وجوده .. وسمع طلبها الغير عادل الذي القته على جابر .. ليصرخ بها ذاك بعد هدوء استغلته هي بالالحاح : ليلى بسج عاد .. ترا البيت له ولي .. مب لي بروحي ..
تجمدت ويدها تبتعد عن الستار ليعود ادراجه .. وعيناها جحظتا وكأن بها ترى امامها شبحا .. وثغرها اضحى هو ما تتنفس به .. هناك بين فخذيها حرارة جمدتها في مكانها ..
يا رب .. يا رب .. احفظه لي .. يا رب اني اشتاقه ليكون بين كفي فلا تحرمني منه .. اعلم بانني اتعبت نفسي بالاعتراض على أمر قد قُدر .. فسامحني ..
شدت بذراعها على اسفل بطنها وظهرها قد انحنى قليلا .. وتمتمت : لا لا .. لا تطيح .. يا رب ..
الصقت فخذيها ببعضهما وكأنها بذاك الفعل تحميه .. وتخطوا بتقوس ظهرها متوجهة الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) لتمر عليها الدقائق يتصفد فيها جبينها عرقا .. وتخرج بعد حين بدموع اغتسلت وجهها المحمر من حرارة دورة المياه .. وذراعاها قد احتضنتاها وكأنها تخفف على نفسها المصاب .. لتجلس بتعب على طرف سريرها وتسحب هاتفها تضغط على ازراره وتنتظره : رد الله يخليك رد ..
شعور بالخوف يعتريها.. وذاك لا يجيب على هاتفه .. خمول اكتساها .. وبرودة تتشربها اطرافها .. تشد على شفتيها ليعانق مذاق الدمع لسانها .. لتتذكر فجأة طبيبتها .. وترفع الهاتف لوجهها تحاول ان تركز في الاسماء من خلف غمامة الدموع .. وأخيرا يأتيها الرد لتسارع الحديث بجزع : دكتورة عندي نزيف ومب عارفه شو اسوي .. الله يخليج ما اريده يموت .. الله يخليج ..
تهز رأسها على حديث طبيبتها .. لتسألها عن ذاك النزيف كيف كان .. ومن ثم تسألها ان صاحبه وجع ما .. لتنفض رأسها وظهر كفها تمسح دموعها : لا .. ما حسيت بويع .. شو اسوي ..؟
شدت باناملها على هاتفها فتلك تطلب منها الذهاب الى المشفى باسرع وقت .. ليطمأنوا عليها وعلى الجنين .. وسرعان ما تعاود الاتصال به .. ومثل المرات السابقة لا مجيب .. لتقف بعد محاولات يائسة بالاتصال به وبوالدتها التي لا ترفع هاتفها هي الاخرى .. ربما هي بالمطبخ في هذا الوقت .. تمتمت بالدعاء ليحفظ لها جنينها ..
تسحب عباءتها و" شيلتها " وحقيبة يدها السوداء وترمي بهن على السرير.. لتفتح الاخيرة ترمي بها الهاتف وتتأكد من وجود بطاقتها الصحية في محفظتها الصغيرة حمراء اللون ..
,‘,
الشعور بالغربة كتجرع السم دون الموت .. يحيط بك .. يؤلمك .. ولكن يأبى أن يصرعك فيرديك قتيلا .. هذا شعوره بعد غياب سنتين لتصدمه العودة بتغير الكثيرين .. عمه ابناء عمه و شقيقه .. حتى شقيقه أبن امه وابيه تغير .. نفض رأسه وقد افترش ارضية الصالة الصغيرة الملحقة بالغرفة التي باتت ملاذه .. يمد ساق ويطوي الاخرى لتقابل ركبته صدره بمسافة ما .. تنهد ربما هو من تغير لا هم .. ربما تلك الموحشة بدلت فيه اشياء دون شعور منه .. وربما تبدل الاحساس بهم ..
يذكر ما حدث منذ يومين حين التقى مع عمه بصحبة شقيقه .. كان جافا وحديثه فيه من الغضب الشيء الكثير .. وجابر كان مختلفا معه باردا وليس على العادة التي عهدها منه .. كان يحب الضحك مع عمه وتبادل اطراف الحديث بكثرة .. وما حدث كان مغايرا .. فقط كلمات توضيح منه كان يراها قبل ان يسمعها .. يراها في هدوءه وحركة كفه .. هل كان يدرك شيء ما ؟ ..
اليوم اشغل نفسه بمزروعات جابر في ساحة المنزل .. وبالامس ابتعد عن المنزل ليقدم على وظيفة .. لا يحبذ البقاء في قمع الكسل .. سحب انفاسه وسبابته ترتفع لتتحرك في اذنه اليسرى .. هناك شيء ما فيها .. يحني رأسه ليواجه الارض بجانب وجهه الايسر .. ربما حشرة ما تحاول البحث عن ملجأ في عقر أذنه .. قهقه كمجنون : استغفر الله العظيم .. شكلي بستخف ( اصاب بالجنون ) .
التفت ناحية الباب حين سمع طرقات خفيفة عليه .. ليقف وهو يردد : ياي ياي ..
ليغض النظر بعد ثواني من رؤيته لها .. حتى وان كانت غطت وجهها فهو لا يحبذ النظر الى الوجوه .. بصوت مرتجف يشوبه حياء وتوتر : بطي تقدر توصلني المستشفى .
ارتجفت يده اليمنى لبرهة .. فتلك واقفة تطلب منه امر لم يفعله منذ امد طويل .. ليأتيه رجاءها بعد صمته : الله يخليك .. جابر ما يرد علي .. ومالي حد .. ولازم اروح المستشفى .
" ان شاء الله " قالها واردف : بغير ملابسي وبيي ..
يغسل وجهه ويخلل شعره بالماء وهو يتمتم بسخط : شو هالبلية .. اسوق وانا من زمان عن السواقه ..
ليخرج وبيده منشفته .. ليرميها وينتشل هاتفه من حضن الكرسي .. ربما يرد عليه ذاك ويعتقه مما اُلقي على كاهله .. ولكن لا مجيب .. كفه تقع على فيه وحركته في مكانه تدل على توتره .. اسقط يده فعليه ان يفعل شيء فهو الآن في مكان جابر .. سيقع الحق عليه ان حدث لها امر ما .. لينفخ هواء رئتيه .. يتحرك يسحب ثوبه الابيض من تلك العلاقة بزاوية الغرفة .. ويلف " غترته " البيضاء على رأسه بعجالة .. وبعدها يخرج .. ليقف وهو يراها واقفة بجانب السيارة .. تذكر انه لا يملك المفتاح .. ويتقدم نحوها بحياء وعينه تلمح الخادمة الواقفة بالجانب الاخر .. ليرتفع حاجبه : ما عندي السويج ؟
بيد مرتجفة تفتح حقيبتها وتبعثر ما فيها .. لتنتشل ما يطلبه وتمده اليه .. وسرعان ما تختفي الاجساد في تلك المركبة المعدنية .. يعب صدره بالهواء ويزفره مرارا وكأنه سيخوض معركة ما .. ويسمي باسم الله ويتحرك للوراء .. ليسمع خفوت شهقة منها ..
تبكين ؟ .. مالشيء الذي يبكيك الآن ؟ هل هو الحياء من قول قديم فاطاح طلبك اليوم بكرامتك ... ام ان مصابك قوي .. لم ادرك انانية البشر كما ادركتها بالامس يا ابنة عمي .. شيء يدعو لسخرية ..
,‘,
ويالا سخرية القدر التي أرادت لتلك ان ترى مشهد الخروج من المنزل .. لتلمحه وتلمح تلك جالسة في الخلف .. وتتشدق وهي تبتعد عن النافذة .. شيء جديد قد يجعلها تحظى بمكانة في قلب ذاك المتعجرف .. فلقد رأت زوجته بصحبة شقيقه لتو .. ربما هناك ما يخفيانه .. بدأ حديث عقلها المجنون بنسج الظنون حول عدوتها ..
خرجت من غرفتها قاصدة المطبخ لتستقبلها تلك الجالسة على كرسي صغير مقابل " الصاج " الملتهب .. ويدها تفرد العجين لتعد خبز " رقاق " : اخيرا ييتي .. وينج .. من متى قايلتلج اطلعين تسوين شيء .
تتحدث بحنق ويدها المتسخة بالعجين تغمسها في وعاء الماء لتغسلها .. لتتنهد تلك : امايه عشان شو تسوين كل هالاكل .. محد فالبيت الا انا وانتي .. تكفينا شوربة وييا السح (التمر) والبن .
" بيونا ناس الليلة " .. قالتها وصمتت ترفع قطعة الخبز وتقلبها على الصاج وتركنها لاحقا في صحن دائري كبير .. لتردف : سوي كيك .. والا فطاير .. والا من هالعفيس اللي يسونه البنات ..
تحركت تفتح الادراج .. تُخرج عبوة كعك جاهز ووعاء : انزين بسوي .. بس منو هالناس ؟
وقبل ان تجيب والدتها اردفت بسرعة : دريتي شو صار ؟
تجهم وجه والدتها لتلتفت لها : شو مستوي بعد ..
كفها تحمل ثلاث بيضات والكف الاخرى تغلق باب الثلاجة : ليلوه طالعه وييا اخو ريلها .. ولا كنها فرمضان .. استغفر الله العظيم ..
تحوقلت والدتها حتى بان انفعالها بطريقة خبزها للعجين : انتي ما بتوبين .. خلي الناس فحالها .. ترا الظن اثم ..
تنهمك في خلط المكونات لتجيب والدتها : انتي وايد متغيرة .. قبل كنتي ادزيني دز عشان اخليه يشوفني .. والحين يايه تقولين لي اخليه .. وبعدين الوحدة لازم ادور مصلحتها .
- مصلحتج يايتنج لا تستعيلين عليها ..
تجهم وجهها من كلام والدتها .. لتسكب الخليط في وعاء وتضعه في الفرن وهي تقلب تلك الكلمات في فكرها .. لتنطق وهي تتكأ على حافة سطح دولاب المطبخ : اسوي معكرونه بعد ؟
" هيه " .. قالتها تلك وهي تضع آخر قطعة خبز في الصحن .. لتقف تحمل الاوعية لتغسلها .. وتلك تلهي نفسها بالتحضير لعمل المعكرونة .. واذا بها تلتفت لوالدتها المنهمكة في تنظيف ما بيدها : امايه شو تقصدين بكلامج ..
وكأنها لم تسمعها .. انهت ما في يدها وقبل ان تخرج التفتت لنوال : سامحيني .. وخلج من ليلى وجابر .. ادعيلهم بالتوفيق وشوفي نفسج بعيد عنهم ..
تدور على رأسها الكثير من علامات الاستفهام .. فوالدتها اضافت الى استغرابها تساؤلات أخرى .. تنهدت وتمتمت : والله ما عارفتلج .
لتردف وهي تضع حبات المعكرونة في الماء المغلي : الحين منو اللي بيونا .. وشو سالفة ليلى واخو ريلها – ابتسمت بتهكم واردفت – وانا شو علي ..
اكملت عملها وعقلها يتخبط بين ما رأته وما سمعته من والدتها .. تعمل وهناك زفرات تتبعثر بين الفينة واختها .. حتى ما ان سمعت اذان العصر تنهدت : ليش هاليوم تعب .. والوقت ما يمشي .
,‘,
الوقت حين يقترب من المغرب تتباطيء ساعاته لكل من صام في هذا الشهر .. يشعر بان تلك الثواني تمشي خلاف الجاذبية .. ترفع نفسها بتعب ومقاومة .. الا من اشغل نفسه في هذا الوقت فيرى ان تلك الثواني تهرول تسابق الدقائق .. كتلك الواقفة تحرك كُرات " لقمة القاضي " في وعاء الزيت بملل .. اخذت وقت طويل في اعدادها .. لربما كانت الكمية كبيرة .. ولكنها لم تعرف المقاس بالضبط .. حركت رقبتها بتعب .. فخالتها تركتها منذُ ساعة بعد ان اعدت ما استطاعت .. التفتت على صوت مبارك : وين احطهن ؟
يحمل في كفه الايمن صحن وبالاخر صحن .. يقف عند الباب متضجرا .. لتبتسم له .. تترك ما في يدها وتأخذ ما في يده : من عند منو ؟
- من عند ييران .. ولدهم راشد يابهن .
نطق بتلك الكلمات وادبر عائداً ادراجه .. الفضول اعتمل فيها لتكشف غطاء الالمنيوم وتبتسم : الله هريس ..
وفي الصحن الاخر " ورق عنب " قد زُين بشرائح الليمون وورق النعناع .. وحبة طماطم صغيرة استقرت في المنتصف .. لتتمتم : عليهم حركات بعد .
صرخت بخوف حين رأت تلك الكُرات قد بدأ لونهن يميل للاسوداد .. لتخرجهن وقد قطبت حاجبيها .. وتعزلهن عن البقية في صحن صغير .. التفتت على صوت خالتها المنادي لاسمها : خير خالتي .. في شيء ..
وجهها ينم عن قلق تشعب في عروقها .. زفرت وهي تقترب من مها وبيدها هاتفها : ليلى متصله علي فوق الخمس مرات .. مادري شو بلاها .. اتصلت عليها وما ردت .
ابتسمت تلك وهي تحرك الغارقات في الزيت : لا تحاتين يمكن ناويين يفطرون عندنا .. تعرفينها لازم تعطينا خبر قبل لا تطب علينا ..
ابتسمت الاخرى وتمتمت : ان شاء الله يكون هذا السبب – لتردف بعد ان تذكرت – مها اليوم عقب صلاة التراويح بيينا سلطان .
وكأن هناك من وخزها بأبرة حادة لتجفل بخفة على نطق اسمه .. حتى الآن لم تستوعب فكرة الارتباط به .. وخالتها تخبرها بانه سيأتي ليجلس معها ويتحدث .. لتقطب حاجبيها ودون ان تلتفت لخالتها : كيف ايلس وياه .. ما يصير ..
يد حفصة تربت على كتفها : عمج ما بيخليكم وييا بعض .. بيكون وياكم ..
الصالة تعج بالطعام .. وهي انسحبت بعد ان اتمت كُل شيء لتغتسل من تلك الرائحة العالقة بها .. ارتدت ملابسها على عُجاله فصوت الاذان قد صدح من مكبرات الصوت .. ترتب " شيلتها " وهي تنزل السلالم مهرولة .. لتصل وتمشي بحياء .. وجود مطر يذكرها بخالد .. كبر حتى اضحى وجهه يقترب من وجه ذاك الغائب .. جلست بهدوء بين خالتها ومبارك .. ليصلها صوت حفصة بعد ان ارتشفت قطرات من الماء : اللهم أرحم خالد واجعل قبره روضة من رياض الجنة .. اللهم اعتق جسده من نار جهنم .. واغفر ذنوبه عظيمها وصغيرها .. اللهم آآمين .
لتتمتم الشفاة بـ آمين .. ذاك الدعاء منذُ اول افطار في هذا الشهر وهو يتردد كُل ليلة .. ابتلعت اللقمة التي كانت تلوكها على صوت حمد الواقف : ياللا يا ولاد ..
ليخلو المكان وتبقى هي بعد مغادرة خالتها .. فكرها يذهب الى ساعات قادمة .. لم تره منذُ ذاك اليوم في سيارتها .. حتى زياراته الاخيرة لم تستطع ان تلتقط منها طيفه .. قامت فالوقت يجري وصلاة المغرب لا تنتظر .. صلت لتدعو ربها التوفيق .. لعله اصعب قرار قامت به في حياتها .. لو كانت كما السابق .. عصبية .. منطوية .. ثرثارة لسوسن .. هل كان سيتملكها كُل هذا الخوف ؟
وكأن حديث نفسها ذاك يقرأ الغيب -والعياذ بالله- .. ليرن هاتفها منبأ بمكالمة .. اغلقت المصحف مصدقة .. هي في هذا الشهر كسولة جدا .. لا تزال في الجزء العاشر و الشهر يقترب من المنتصف .. وكلما رغبت بالقراءة فيه جاءها ما يعطلها .. ارتفعت عن الارض تلتقف هادفها من على " الكوميدينة " وتصدم بالمتصل .. لتعقد الحاجبين تحت وطأة انين جانب شفتها السفلى بسبب اسنانها .. وتسحب انفاسها وتزفرهن وقد قبلت المكالمة : وعليكم السلام .. هلا سوسن .. شحالج ؟
كان في نبرتها برود تعودته تلك من آخر لقاءتهما السريعة .. لا تزال على وقفتها : آمري بغيتي شيء ؟
تلك ترغب بالزيارة الآن .. ترغب بفتح صفحة جديدة .. و مها لم تعارض .. ستستمع لها ولاعتذاراتها ربما .. تشدقت وهي تغلق الهاتف .. فاي اعتذارات ترتجيها من تلك الطامعة الحاسدة .. استغفرت ربها واخذت نفسا طويلا لعل تلك الهواجس تتبعثر مع زفرتها المثقلة .
,‘,
يــتــبــع |~
[/QUOTE]
|