كاتب الموضوع :
اسطورة !
المنتدى :
القصص المهجورة والغير مكتملة
رد: زفرات ملتهبة ، للكاتبة : أنآت الرحيل
تقبع على السرير وبيدها دُمية محشوة اختطفتها من جانب سرير شامة .. وحديث طفلة يملأ المكان : محد يحبني .. وعمو ما شلني عند ماما .. اصلا ما شفته ..
تعتصر الدُمية بكفيها الصغيرين .. وكأنها تخاطب احد من اترابها .. ليُفتح الباب رويدا دون ان تشعر .. وحديثها الحزين يصل الى أذنيها .. تشعر بسعادة وستوصلها لتلك الطفلة بأي طريقة كانت .. اقتربت منها لتقفز على السرير جالسة .. ولا تزال عباءتها تدثر جسدها : الحلو يالس بروحه ليش ؟
بسخط تتدلى شفتها السفلى : عموه ما تحبني .. محد يحبني .. اريد اروح عند ماما .
- بس انا احبج .. وشبيب يحبج .. وهشول يحبج .
صرخت بغيظ : ما احبه .. ما يخليني العب وياه .. وعموه صرخت علي .. ويدوه ما اعرف شو تقول ..
ضحكت شامة على كلماتها المختلة النطق : ولا يهمج بيحبونج .. بس انتي حبيهم .
قطبت حاجبيها الغليظين .. وقفزت من على السرير : بروح عند ماما .
وركضت مختفيه من تحت انظار شامة .. التي جرت مسرعة لعلها تلحق بها .. ولكن لم تلمحها .. لتسأل والدتها القادمة من المطبخ بعد ان اعدت الغداء : امايه شفتي كلثوم ؟
بغيض نطقت وهي تتابع طريقها : ما شفتها .
لم ينم خلال اليومين الماضيين برغم تعبه الذي الم به .. حين يغلق الجفون طلبا للراحة .. يجفل منتفضا .. ليقضي ايامه بين تفكير لما آل اليه مصيره .. وتفكير اخر يقوده لموقف عمه من كلثم .. هاهو الآن ينام لأول مرة ساعات متتالية .. بعد ان اوصل شامة عاد ليطرح جسده المثقل على سريره .. ويأخذه النوم بعيدا ..
شعر بحركة في المكان ولكن انفاسه الاهثة خلف راحة تأبى بأن يفتح عينيه .. أيحلم ؟ .. أم ان هناك من ينظر اليه .. يتأمله .. وجل فوقف شعر جسده خشية .. ليفتح عينيه واذا بعينيها تطلان من علو عليه .. وانفاسها المتسارعة تصل اليه فتتلاشى .. ابتسم وسحب جذعه ليستند على ظهر سريره : كلثم الحلوة عندي ..
نطقت وهي تعتدل جالسة على ركبتيها : خذني عند ماما .. انت قلت بتوديني .
تثاءب لتسارع راحته تغطي فيه .. وبصوت يملأه النعاس : ماما شو قالتلج يوم خلتج عند الباب وراحت ؟
- قالت ما اتحرك .. وانا ما تحركت ..
- الريال اللي عندكم تحبينه ؟
طوحت برأسها : ما احبه .. يضرب ماما .. وما يحبنا ..
التفتت للوراء بخوف على صوت شمسة الغاضب : انتي هني .. ما قلتلج لا ادخلين هالمكان ..
قفزت تحشر نفسها بجانب شبيب وتخبأ وجهها عن والدته .. لينطق : امايه الله يهديج خليها .. البيت بيتها .
وقفت تنظر اليه : انت مب شايف شكلك كيف صاير .. يعني ساعتين رقاد مستكثرينهن عليك .. وهذي المفعوصة اقولها لا اتي هني .. ولو ما واقفتلها كانت من زمان هني ..
بخوف وهي تحرك رأسها ليحتك بجانب شبيب : والله ما سويت شيء .. والله ..
بحزم قالت : شبيب شوفلك حل .. يلستها هني ..
ليقاطعها : امايه فديتج مب وقته هالكلام ..
- متى وقته عيل ..
" شمسة " .. نادتها تلك العجوز وهي تلج الغرفة تتوكأ على عصاها .. لتردف : لا تخلين دوبج من دوب هالضعيفة .. وسوي خير فيتيمة .. ربج بيازيج ..
همس في اذنها .. لتقفز راكضة مبتعدة عن شمسة ووالدتها .. ليقف بعدها يقبل رأس العجوز ومن بعده رأس والدته : الله يهديكن بس .. تتكلمن ولا كنها مويودة وتسمعكن ..
جلست على طرف السرير بانفاس ثائرة : انا عندي ولاد .. وباكر البنت بتكبر .. ومكانها مب بينا .
- هكيه ام خالد ربت مها ما قالت عندي عيال واخاف عليهم .
- امايه .. ام خالد غير ومها غير .. وانا مب ام خالد ولا عيالي مثل عيال حمد .. والبنت غريبة .
انسحب هو تارك الجدال قائم بينهما .. لا يرغب بسماع المزيد من ترهات الحديث حول تلك الطفلة .. يسمع والدته تعيد كلام عمه .. يبدو ان زوجة عمه استطاعت ان توصل ما يقال الى اسماع والدته .. تنهد وهو يغلق باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) ويستند عليه .. وفي نفسه حوقلة رددها آلآف المرات في يومين ..
خرج وبيده منشفة صغيرة تعانق وجهه بعد وضوء قام به .. ليتلفت في المكان .. لا احد الا جدته قابعة على السرير متوكأة على عصاها بكفيها .. ليدنو منها : وين راحت اميه .
نظرت اليه : اسمع ياوليدي .. خلك من كلام الحريم اللي ما يودي ولا اييب .. انت متاكد بانها بنت خالد وهذا هو المهم .. لا كلام عمك ولا حرمته ولا كلام امك بيغير هالشيء ..
جلس بجانبها : بس انتي تدرين ..
قاطعته : شبيب اذا بتبقى تفكر بهالسالفة ما بتوصل لشيء .. خل كل شيء ع ربك .. محد يدري باكر شو بيستوي ..
نظر اليها وتجاعيد وجهها تحكي سنون تجارب عايشتها : لو درت امي .. شو بيكون موقفها ..
وقفت ليقف يسندها : ساعتها بنتكلم ..
لتتحلق الانظار فجأة لداخل وهو يجري .. وقد قطعت انفاسه من الجري : شبيب واحد يريدك برع ..
بتوبيخ محبب : هاشل كم مرة قايلتلك العيلة ( العجلة ) ما منها فايدة .. انت ما اتوب ..
التفت لها : يدوه واحد يقول انه ولد عمي خالد .. ويريد شبيب ..
" شو قلت ؟ " .. نطقها شبيب وهو يمسك كتفي هاشل : متأكد من اللي يالس تقوله ؟
هز رأسه واردف : هيه .. هكوه واقف برع .. قلت له يدخل الميلس بس ما طاع ..
ابتسم وحث الخطى خارجا .. هناك كان يقف .. بجانب شجرة المانجو يستظل بظلها .. تعب فالوقوف الطويل ينهكه .. تنهد مرارا .. وهو يحاول ترتيب الكلمات التي سيغدقها على مسامع شبيب .. هل يحق له ان يضع الاعذار .. وأي عُذر سيحمل الاخرون على المسامحة .. امتعض من افكاره اليائسة .. وسرعان ما رفع نظره لذاك القادم بخطواته نحوه .. في عينيه صور قديمة لاشخاص عايشهم .. وتلك الصور اضحت ضبابية .. حتى هذا الواقف محدق فيه دون تصديق تغيرت ملامحه ..
بعدم تصديق وكأنه يتأكد من الجسد الواقف : بطي؟
ابتسم .. لا اجابة لديه في هذه اللحظة سوى الابتسام .. فتلك الكلمات أبت أن تصطف ليبعثرها ..
,‘,
كتلك التي تتعثر بالحديث مع ابنتها السائلة .. ماذا عساها تجيبها .. اتخبرها بان والدها اسمع زوجها حديث اغضبه واغضب ابن عمه معه .. شردت بفكرها وهي في حضرتها .. ماذا لو كان شبيب على حق ؟ .. ماذا لو ظُلمت تلك الصغيرة .. فتخبطت في القادم من حياتها ؟ وماذا لو اثبتت الايام انها لخالد ابنة ؟ انتبهت لصوت ليلى فادارت وجهها ..
منهكة تلك الـ ليلى من ابر لا تود ان تنتهي .. ووالدتها تخطفها الافكار بين دقيقة واخرى : اماية .. شو بلاج .. ارمسج وانتي مب عندي ؟
- شبغيتي .. تراج من ييتي وانتي تحنين ع راسي .. قلتلج ما صاير شيء .
- بس جابر متغير .. من ذاك اليوم اللي اتصل فيه ابويه وقال يريده .. ومب من عادته يوصلني ويروح بدون ما ييلس يسولف مع عمه .. حتى ابوي سلم وطلع .. مستوي شيء وانا ما اعرفه ..
" لا حول ولا قوة الا بالله " قالتها وهي تقف وتلك تحمل انظارها اليها .. لتردف : ليلوه اهتمي بعمرج وباللي فبطنج .. وخلج من الوساوس اللي فراسج ..
وقبل ان تبتعد قالت : روحي باركي لبنت خالتج .. خطبها ولد عمها ووافقت ..
رمشت بعينيها مرارا .. أتقول بان مها وافقت على ذاك السلطان ؟ .. اوليست هي من اخذت تضع فيه كل ما هو سيء .. قامت حتى ما وصلت اسفل الدرجات رفعت بنظرها الى اعلى .. ماذا عساها تفكر ؟
تقف تُخلي دولاب ملابسها .. ترمي بما لا تريده على السرير .. حتى تكدست الملابس وتكومت جبلا .. طرقات الباب لم توقفها عن عملها .. فهذا تحتاجه وضعته جانبا .. وذاك لا ترغب به انتزعته ورمته على سريرها .. لم تلتفت الا بعد ان جاءها صوت ليلى : شو تسوين ؟
قهقهت بشغب : بحرقهم ..
" من صدقج " .. قالتها ودلفت اكثر لتغلق الباب من خلفها .. واردفت : وبعدين صدج اللي سمعته ؟
ازاحت الملابس المتكومة جانبا .. وجلست بعد ان سحبت تلك كرسي التسريحة وجلست عليه : الحين تبيني اجاوب ع الاول والا الثاني ؟
- مهوي عن الملاغة ..
ضحكت : يا طويلة العمر .. هالملابس بنعطيهن الهلال الاحمر .. بسوي حسنه قبل رمضان .. اما سؤالج الثاني فما ادري عن شو تتكلمين ؟
- سلطان ؟
- اممممممممم
تنهدت واستندت على كفيها متراجعه بجذعها للوراء : صليت .. ما شفت شيء .. وما حسيت بشيء .. قالي عمي مب شرط ارتاح او اتضايق .. لان الاستخارة توكيل الامر لله .. يعني اذا الله رايد هالشيء لي بيسره .. واذا لا فاكيد ما بيكتمل .. وانا توكلت ع ربي .
- متأكدة .
هزت رأسها بنعم : متخوفه شوي .. الغريب انه وافق ع كل شروطي .. دراستي وشغلي .. حتى قال بنسكن هني ما بنروح شمال صوب اهله .. اممممم .. الملكة والعرس فيوم واحد عقب العيد العود
" شو ؟ " قالتها تلك بفزع .. واستطردت : ينيتي انتي .. ليش ؟ما تبين تيلسين وياه .. تعرفينه ويعرفج .. المفروض تملكون وبعدين العرس ايي ..
رفعت كتفيها بعدم اكتراث : مب مهم .. خلينا مني وخبريني شو اخبار خلود الصغير ..
- انتي بعد من الحين تقولين خلود .. يمكن بنت ؟
- خلاص سميها خلود ..
وقهقهت لتشاركها تلك الضحكات ..
,‘,
اما هو فمنذُ ما حدث من عمه .. وهو يشعر ببركان يغلي في صدره .. لا يعلم لماذا لا يستطيع السيطرة على غضبه اكثر .. يُقسم بانه سينفجر في اي لحظة .. وحال صاحبه وابن عمه يزيد من نار تحرقه وتحيل هدوءه الى هشيم ستذروه اي كلمة لن يستطيع احتمالها ..
اوصلها منزل اهلها .. وخرج من بعد ان سلم على عمه .. وحديث قصير دار بينهما لا يتعدى السؤال عن الحال .. وهاهو يزفر بقسوة على الاريكة .. يشاهد التلفاز ويحاول ان يتناسى ما سيحمله الغد معه .. افطاره سيكون معهم .. وكم تمنى لو كان الافطار في منزل شبيب او هنا معها هي فقط .
اغلق الافواه المثرثرة على تلك الشاشة .. وقام .. سيغرق جسده تحت الماء البارد لعل ما فيه يعتقه .. يرغب بالصراخ حد تحشرج الصوت وانقطاعه .. حتى الرياضة التي يمارسها لم تنفع في تنفيس ما يعتلج في صدره .. لما يقسى عليهما عمه بهذا الشكل .. يتمنى لو يمسك من دس السم في رأسه ورأس زوجته .. يتمنى فقط ان يمسكه .. يقسم بانه لن يعتقه حينها ..
عضلات جسده تتكسر عليها قطرات الماء .. تنتحر تباعا .. وهو يستند بذراعيه على الجدار ورأسه مطأطأ .. وسيل ماء ينهمر .. وعينيه ترمشان بهدوء .. يكره الظُلم .. ويكره ان يكون الظالم من عائلته .. رفع رأسه ليتلقى الانهمار بوجهه .. ويبقى دقائق يحاول ان يضع روحه في اتزان ..
خرج بعد فترة يجر خطواته المبتلة .. ويستره ازار وبلوزة قطنية بيضاء .. ليجلس على السرير بجانب الكوميدينة .. ومنشفة تتحرك على شعره .. ليتوقف عن تجفيفه على صوت هاتفه .. وسرعان ما وقف لينهي الاتصال .. ويهرول يسحب له ثوب رمادي يرتديه على عجل .. ويسحب هاتفه ويختفي من زوايا شقته الصغيرة ..
,‘,
الاصابع العشرة تشابكت .. وتيار توتر اجتاحه في هذه اللحظة .. يستمع لذاك الذي تحدث عبر الهاتف .. وشاهد اغلاق الاتصال .. مضت ساعات وهو هنا .. تناول الغداء معهم وجلس بمعية شبيب لم يحكي اعذار .. لا يرغب بالحديث عن امور كانت الا معه هو .. ابتسم وذاك يسأله العديد من الاسئلة .. أيعتبره احد المجرمين .. رفع حاجبه : شبيب قلت لك ما بقول اي شيء الحين ..
بعثر انفاسه : ولا يهمك .. بتريا .. ويا خبر اليوم بفلوس ..
ماذا بك يا ابن عمي ؟ .. مختلف وكأن بك انسان لا اعرفه .. لا اضع اللوم على هاشل إن لم يعرفك .. فلو كنتُ مكانه لما عرفتك الا بعد حين .. لحم وجهك اختفى حتى بانت عظام فكيك .. وهناك شعيرات بيضاء تحاول اخفاءها بالسواد دون جدوى ..
,‘,
تقبع على السرير وبيدها دُمية محشوة اختطفتها من جانب سرير شامة .. وحديث طفلة يملأ المكان : محد يحبني .. وعمو ما شلني عند ماما .. اصلا ما شفته ..
تعتصر الدُمية بكفيها الصغيرين .. وكأنها تخاطب احد من اترابها .. ليُفتح الباب رويدا دون ان تشعر .. وحديثها الحزين يصل الى أذنيها .. تشعر بسعادة وستوصلها لتلك الطفلة بأي طريقة كانت .. اقتربت منها لتقفز على السرير جالسة .. ولا تزال عباءتها تدثر جسدها : الحلو يالس بروحه ليش ؟
بسخط تتدلى شفتها السفلى : عموه ما تحبني .. محد يحبني .. اريد اروح عند ماما .
- بس انا احبج .. وشبيب يحبج .. وهشول يحبج .
صرخت بغيظ : ما احبه .. ما يخليني العب وياه .. وعموه صرخت علي .. ويدوه ما اعرف شو تقول ..
ضحكت شامة على كلماتها المختلة النطق : ولا يهمج بيحبونج .. بس انتي حبيهم .
قطبت حاجبيها الغليظين .. وقفزت من على السرير : بروح عند ماما .
وركضت مختفيه من تحت انظار شامة .. التي جرت مسرعة لعلها تلحق بها .. ولكن لم تلمحها .. لتسأل والدتها القادمة من المطبخ بعد ان اعدت الغداء : امايه شفتي كلثوم ؟
بغيض نطقت وهي تتابع طريقها : ما شفتها .
لم ينم خلال اليومين الماضيين برغم تعبه الذي الم به .. حين يغلق الجفون طلبا للراحة .. يجفل منتفضا .. ليقضي ايامه بين تفكير لما آل اليه مصيره .. وتفكير اخر يقوده لموقف عمه من كلثم .. هاهو الآن ينام لأول مرة ساعات متتالية .. بعد ان اوصل شامة عاد ليطرح جسده المثقل على سريره .. ويأخذه النوم بعيدا ..
شعر بحركة في المكان ولكن انفاسه الاهثة خلف راحة تأبى بأن يفتح عينيه .. أيحلم ؟ .. أم ان هناك من ينظر اليه .. يتأمله .. وجل فوقف شعر جسده خشية .. ليفتح عينيه واذا بعينيها تطلان من علو عليه .. وانفاسها المتسارعة تصل اليه فتتلاشى .. ابتسم وسحب جذعه ليستند على ظهر سريره : كلثم الحلوة عندي ..
نطقت وهي تعتدل جالسة على ركبتيها : خذني عند ماما .. انت قلت بتوديني .
تثاءب لتسارع راحته تغطي فيه .. وبصوت يملأه النعاس : ماما شو قالتلج يوم خلتج عند الباب وراحت ؟
- قالت ما اتحرك .. وانا ما تحركت ..
- الريال اللي عندكم تحبينه ؟
طوحت برأسها : ما احبه .. يضرب ماما .. وما يحبنا ..
التفتت للوراء بخوف على صوت شمسة الغاضب : انتي هني .. ما قلتلج لا ادخلين هالمكان ..
قفزت تحشر نفسها بجانب شبيب وتخبأ وجهها عن والدته .. لينطق : امايه الله يهديج خليها .. البيت بيتها .
وقفت تنظر اليه : انت مب شايف شكلك كيف صاير .. يعني ساعتين رقاد مستكثرينهن عليك .. وهذي المفعوصة اقولها لا اتي هني .. ولو ما واقفتلها كانت من زمان هني ..
بخوف وهي تحرك رأسها ليحتك بجانب شبيب : والله ما سويت شيء .. والله ..
بحزم قالت : شبيب شوفلك حل .. يلستها هني ..
ليقاطعها : امايه فديتج مب وقته هالكلام ..
- متى وقته عيل ..
" شمسة " .. نادتها تلك العجوز وهي تلج الغرفة تتوكأ على عصاها .. لتردف : لا تخلين دوبج من دوب هالضعيفة .. وسوي خير فيتيمة .. ربج بيازيج ..
همس في اذنها .. لتقفز راكضة مبتعدة عن شمسة ووالدتها .. ليقف بعدها يقبل رأس العجوز ومن بعده رأس والدته : الله يهديكن بس .. تتكلمن ولا كنها مويودة وتسمعكن ..
جلست على طرف السرير بانفاس ثائرة : انا عندي ولاد .. وباكر البنت بتكبر .. ومكانها مب بينا .
- هكيه ام خالد ربت مها ما قالت عندي عيال واخاف عليهم .
- امايه .. ام خالد غير ومها غير .. وانا مب ام خالد ولا عيالي مثل عيال حمد .. والبنت غريبة .
انسحب هو تارك الجدال قائم بينهما .. لا يرغب بسماع المزيد من ترهات الحديث حول تلك الطفلة .. يسمع والدته تعيد كلام عمه .. يبدو ان زوجة عمه استطاعت ان توصل ما يقال الى اسماع والدته .. تنهد وهو يغلق باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) ويستند عليه .. وفي نفسه حوقلة رددها آلآف المرات في يومين ..
خرج وبيده منشفة صغيرة تعانق وجهه بعد وضوء قام به .. ليتلفت في المكان .. لا احد الا جدته قابعة على السرير متوكأة على عصاها بكفيها .. ليدنو منها : وين راحت اميه .
نظرت اليه : اسمع ياوليدي .. خلك من كلام الحريم اللي ما يودي ولا اييب .. انت متاكد بانها بنت خالد وهذا هو المهم .. لا كلام عمك ولا حرمته ولا كلام امك بيغير هالشيء ..
جلس بجانبها : بس انتي تدرين ..
قاطعته : شبيب اذا بتبقى تفكر بهالسالفة ما بتوصل لشيء .. خل كل شيء ع ربك .. محد يدري باكر شو بيستوي ..
نظر اليها وتجاعيد وجهها تحكي سنون تجارب عايشتها : لو درت امي .. شو بيكون موقفها ..
وقفت ليقف يسندها : ساعتها بنتكلم ..
لتتحلق الانظار فجأة لداخل وهو يجري .. وقد قطعت انفاسه من الجري : شبيب واحد يريدك برع ..
بتوبيخ محبب : هاشل كم مرة قايلتلك العيلة ( العجلة ) ما منها فايدة .. انت ما اتوب ..
التفت لها : يدوه واحد يقول انه ولد عمي خالد .. ويريد شبيب ..
" شو قلت ؟ " .. نطقها شبيب وهو يمسك كتفي هاشل : متأكد من اللي يالس تقوله ؟
هز رأسه واردف : هيه .. هكوه واقف برع .. قلت له يدخل الميلس بس ما طاع ..
ابتسم وحث الخطى خارجا .. هناك كان يقف .. بجانب شجرة المانجو يستظل بظلها .. تعب فالوقوف الطويل ينهكه .. تنهد مرارا .. وهو يحاول ترتيب الكلمات التي سيغدقها على مسامع شبيب .. هل يحق له ان يضع الاعذار .. وأي عُذر سيحمل الاخرون على المسامحة .. امتعض من افكاره اليائسة .. وسرعان ما رفع نظره لذاك القادم بخطواته نحوه .. في عينيه صور قديمة لاشخاص عايشهم .. وتلك الصور اضحت ضبابية .. حتى هذا الواقف محدق فيه دون تصديق تغيرت ملامحه ..
بعدم تصديق وكأنه يتأكد من الجسد الواقف : بطي؟
ابتسم .. لا اجابة لديه في هذه اللحظة سوى الابتسام .. فتلك الكلمات أبت أن تصطف ليبعثرها ..
,‘,
كتلك التي تتعثر بالحديث مع ابنتها السائلة .. ماذا عساها تجيبها .. اتخبرها بان والدها اسمع زوجها حديث اغضبه واغضب ابن عمه معه .. شردت بفكرها وهي في حضرتها .. ماذا لو كان شبيب على حق ؟ .. ماذا لو ظُلمت تلك الصغيرة .. فتخبطت في القادم من حياتها ؟ وماذا لو اثبتت الايام انها لخالد ابنة ؟ انتبهت لصوت ليلى فادارت وجهها ..
منهكة تلك الـ ليلى من ابر لا تود ان تنتهي .. ووالدتها تخطفها الافكار بين دقيقة واخرى : اماية .. شو بلاج .. ارمسج وانتي مب عندي ؟
- شبغيتي .. تراج من ييتي وانتي تحنين ع راسي .. قلتلج ما صاير شيء .
- بس جابر متغير .. من ذاك اليوم اللي اتصل فيه ابويه وقال يريده .. ومب من عادته يوصلني ويروح بدون ما ييلس يسولف مع عمه .. حتى ابوي سلم وطلع .. مستوي شيء وانا ما اعرفه ..
" لا حول ولا قوة الا بالله " قالتها وهي تقف وتلك تحمل انظارها اليها .. لتردف : ليلوه اهتمي بعمرج وباللي فبطنج .. وخلج من الوساوس اللي فراسج ..
وقبل ان تبتعد قالت : روحي باركي لبنت خالتج .. خطبها ولد عمها ووافقت ..
رمشت بعينيها مرارا .. أتقول بان مها وافقت على ذاك السلطان ؟ .. اوليست هي من اخذت تضع فيه كل ما هو سيء .. قامت حتى ما وصلت اسفل الدرجات رفعت بنظرها الى اعلى .. ماذا عساها تفكر ؟
تقف تُخلي دولاب ملابسها .. ترمي بما لا تريده على السرير .. حتى تكدست الملابس وتكومت جبلا .. طرقات الباب لم توقفها عن عملها .. فهذا تحتاجه وضعته جانبا .. وذاك لا ترغب به انتزعته ورمته على سريرها .. لم تلتفت الا بعد ان جاءها صوت ليلى : شو تسوين ؟
قهقهت بشغب : بحرقهم ..
" من صدقج " .. قالتها ودلفت اكثر لتغلق الباب من خلفها .. واردفت : وبعدين صدج اللي سمعته ؟
ازاحت الملابس المتكومة جانبا .. وجلست بعد ان سحبت تلك كرسي التسريحة وجلست عليه : الحين تبيني اجاوب ع الاول والا الثاني ؟
- مهوي عن الملاغة ..
ضحكت : يا طويلة العمر .. هالملابس بنعطيهن الهلال الاحمر .. بسوي حسنه قبل رمضان .. اما سؤالج الثاني فما ادري عن شو تتكلمين ؟
- سلطان ؟
- اممممممممم
تنهدت واستندت على كفيها متراجعه بجذعها للوراء : صليت .. ما شفت شيء .. وما حسيت بشيء .. قالي عمي مب شرط ارتاح او اتضايق .. لان الاستخارة توكيل الامر لله .. يعني اذا الله رايد هالشيء لي بيسره .. واذا لا فاكيد ما بيكتمل .. وانا توكلت ع ربي .
- متأكدة .
هزت رأسها بنعم : متخوفه شوي .. الغريب انه وافق ع كل شروطي .. دراستي وشغلي .. حتى قال بنسكن هني ما بنروح شمال صوب اهله .. اممممم .. الملكة والعرس فيوم واحد عقب العيد العود
" شو ؟ " قالتها تلك بفزع .. واستطردت : ينيتي انتي .. ليش ؟ما تبين تيلسين وياه .. تعرفينه ويعرفج .. المفروض تملكون وبعدين العرس ايي ..
رفعت كتفيها بعدم اكتراث : مب مهم .. خلينا مني وخبريني شو اخبار خلود الصغير ..
- انتي بعد من الحين تقولين خلود .. يمكن بنت ؟
- خلاص سميها خلود ..
وقهقهت لتشاركها تلك الضحكات ..
,‘,
اما هو فمنذُ ما حدث من عمه .. وهو يشعر ببركان يغلي في صدره .. لا يعلم لماذا لا يستطيع السيطرة على غضبه اكثر .. يُقسم بانه سينفجر في اي لحظة .. وحال صاحبه وابن عمه يزيد من نار تحرقه وتحيل هدوءه الى هشيم ستذروه اي كلمة لن يستطيع احتمالها ..
اوصلها منزل اهلها .. وخرج من بعد ان سلم على عمه .. وحديث قصير دار بينهما لا يتعدى السؤال عن الحال .. وهاهو يزفر بقسوة على الاريكة .. يشاهد التلفاز ويحاول ان يتناسى ما سيحمله الغد معه .. افطاره سيكون معهم .. وكم تمنى لو كان الافطار في منزل شبيب او هنا معها هي فقط .
اغلق الافواه المثرثرة على تلك الشاشة .. وقام .. سيغرق جسده تحت الماء البارد لعل ما فيه يعتقه .. يرغب بالصراخ حد تحشرج الصوت وانقطاعه .. حتى الرياضة التي يمارسها لم تنفع في تنفيس ما يعتلج في صدره .. لما يقسى عليهما عمه بهذا الشكل .. يتمنى لو يمسك من دس السم في رأسه ورأس زوجته .. يتمنى فقط ان يمسكه .. يقسم بانه لن يعتقه حينها ..
عضلات جسده تتكسر عليها قطرات الماء .. تنتحر تباعا .. وهو يستند بذراعيه على الجدار ورأسه مطأطأ .. وسيل ماء ينهمر .. وعينيه ترمشان بهدوء .. يكره الظُلم .. ويكره ان يكون الظالم من عائلته .. رفع رأسه ليتلقى الانهمار بوجهه .. ويبقى دقائق يحاول ان يضع روحه في اتزان ..
خرج بعد فترة يجر خطواته المبتلة .. ويستره ازار وبلوزة قطنية بيضاء .. ليجلس على السرير بجانب الكوميدينة .. ومنشفة تتحرك على شعره .. ليتوقف عن تجفيفه على صوت هاتفه .. وسرعان ما وقف لينهي الاتصال .. ويهرول يسحب له ثوب رمادي يرتديه على عجل .. ويسحب هاتفه ويختفي من زوايا شقته الصغيرة ..
,‘,
الاصابع العشرة تشابكت .. وتيار توتر اجتاحه في هذه اللحظة .. يستمع لذاك الذي تحدث عبر الهاتف .. وشاهد اغلاق الاتصال .. مضت ساعات وهو هنا .. تناول الغداء معهم وجلس بمعية شبيب لم يحكي اعذار .. لا يرغب بالحديث عن امور كانت الا معه هو .. ابتسم وذاك يسأله العديد من الاسئلة .. أيعتبره احد المجرمين .. رفع حاجبه : شبيب قلت لك ما بقول اي شيء الحين ..
بعثر انفاسه : ولا يهمك .. بتريا .. ويا خبر اليوم بفلوس ..
ماذا بك يا ابن عمي ؟ .. مختلف وكأن بك انسان لا اعرفه .. لا اضع اللوم على هاشل إن لم يعرفك .. فلو كنتُ مكانه لما عرفتك الا بعد حين .. لحم وجهك اختفى حتى بانت عظام فكيك .. وهناك شعيرات بيضاء تحاول اخفاءها بالسواد دون جدوى ..
التفتا على الداخل وقد القى السلام .. ليقفا ويقترب ذاك الجديد منه ..فيستوقفه بصرخة تهكم : عاش من شافك يا ولد امي وابوي ..
جابر غاضب .. امر لم يحدث يوما .. حتى شبيب يُقسم بانه يرى جابر مختلف في هذه اللحظة .. تقدم من جابر : جابر اهدى واسمع منه .
التفت له : اهدى ؟
وعاد يلتفت لذاك : وينك عنا يا بطي .. وينك عن وفاة ولد عمك .. ومرض شبيب .. وينك عن اتصالاتي فيك .. والله وفيهم الخير ربعك يردون علي .. والا الباشا بطي ما يتنزل يرد ع اخوه العود ..
يد شبيب تقع على كتفه : جابر شبلاك شاب ضو .. شو مستوي وياك ..
صرخ في وجهه : شو مستوي ؟ .. تسألني شو مستوي يا شبيب .. ما ادري كيف قادر تتحمل وتسكت .. وتسكت .. انفجر يا اخي .. اصرخ .. انا ما قدرت اتحمل اللي صار حتى لو جاملت وقلت اني بخير .. وهذا – يشير الى شقيقه – هايت وييا الخمة ربعه .. وكل ما اتصل يقولون ما يريد يرد عليك .. ليش .. مستعر مني .. مستعر من اهله .. وليش ان شاء الله ..
كان صامت يستمع للانفجار الذي لم يحدث الا مرة واحدة قديما .. منذ سنوات طوال كان هو في الرابعة عشر حينها وذاك الجابر في السابعة عشر .. انفجر يومها بسبب رائحة دخان شمها في ملابس شقيقه .. ولكن الاسباب للانفجارين اختلفا .. يراه يصرخ .. ويتهكم .. ويضحك ساخرا .. ويُخرس ذاك الشبيب عن النطق .. ليتقدم منه اكثر .. وبذراعه اليمنى احتظنه .. وهمس في اذنه اليمنى : سامحني ..
موقف حتى الجدران صمتت له .. وعيني ذاك تسمرتا .. يد واحدة .. ذراع واحدة .. لما يحتظنني دون الذراع الاخرى ؟ سؤال تجمدت معه انفاسه الثائرة ..
,‘,
هنا اقف .. وموعدنا سيكون يوم الاحد باذن الله لانشغالي في نهاية هذا الاسبوع ^^
|