كاتب الموضوع :
**روووح**
المنتدى :
ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
رد: روايتي...ولغد طيات أخرى...
بسم الله الرحمن الرحيم...
كيف حالكم احبتي؟!...لا تتصوروا كيف أصبحت متعلقة بكل شخص فيكم...!!
و صراحة اشتقت لكم جدا جدا فقط في فترة الأسبوع هذه بس الظروف أكبر مني...
و لاحظت انكم صرتوا تخمنوا تخمينات كثيرة و صراحة فاجأتوني بتحليلاتكم و توقعاتكم الكثيييرة و الجمييلة...و بقولكم ان الأسرار مصيرها تنكشف..بس في وقتها المحدد و المناااااااسب...
صراحة أعترف لكم اني خايفة من القادم بشدة و من تقبلكم له..لأني رح أعالج الأحداث بطريقة معقدة..و لا أعلم إن كانت سترضيكم أم لا...بس اللي أنا متاكدة منه إن النهاية بتسعدكم ان شاء الله...
و عموماً..
أشكركم شكراً يصل حد عنان السماء على مشاركاتكم الجميييلة...و ربي يوفقني و أكون عند حسن ظنكم...
أرجوكم لا تجعلوا الرواية تأخركم من أي شي يقربكم إلى الله...فهي لن تشفع لكم يوم الحساب...
الطية الثامنة و العشرون
ليال عابرة...!!
أحياناً نتأمل حالنا لنستوعب أن الوقت قد مضي..
سنة...سنتان..أكثر..!!
و كأننا قد كنا في حلم يقظة و لم نستوعب مرور السنين...
و كأن ما مضى قد كان محض ليال عابرة..!!
لكم هي مؤلمة هذه الحقيقة..!!
إن كنتَ صديقي.. ساعِدني
كَي أرحَلَ عَنك..
أو كُنتَ حبيبي.. ساعِدني
كَي أُشفى منك
لو أنِّي أعرِفُ أنَّ الحُبَّ خطيرٌ جِدَّاً
ما أحببت
لو أنِّي أعرفُ أنَّ البَحرَ عميقٌ جِداً
ما أبحرت..
لو أنِّي أعرفُ خاتمتي
ما كنتُ بَدأت...
إشتقتُ إليكَ.. فعلِّمني
أن لا أشتاق
علِّمني كيفَ أقُصُّ جذورَ هواكَ من الأعماق
علِّمني كيف تموتُ الدمعةُ في الأحداق
علِّمني كيفَ يموتُ القلبُ وتنتحرُ الأشواق
إن كنتَ قويَّاً.. أخرجني
من هذا اليَمّ..
فأنا لا أعرفُ فنَّ العوم
الموجُ الأزرقُ في عينيك.. يُجرجِرُني نحوَ الأعمق
وأنا ما عندي تجربةٌ
في الحُبِّ .. ولا عندي زَورَق
إن كُنتُ أعزُّ عليكَ فَخُذ بيديّ
فأنا عاشِقَةٌ من رأسي حتَّى قَدَمَيّ
إني أتنفَّسُ تحتَ الماء..
إنّي أغرق..
أغرق..
أغرق..
نزار قباني
************************
مصر...
القاهرة..
في تلك الشقة...
واقفة عند تلك الشرفة...تترك نسمات الهواء لتتلاعب بخصلات شعرها الحمراء كما تريد...
ياااه..
إنها ثلاثة أشهر...!!
ثلاثة أشهر أخرى و أنا أكتم بداخلي ذلك الماضي..ذلك الماضي الذي قد حكمت عليه بالإعدام...
و لكن..لكنني أحس بالذنب تجاه ما فعلته...و أحس أنني لابد أن أصحح اخطائي..
ما زلت غير قادرة على تصديق أن ثلاثة أشهر قد مرت...
ثلاثة أشهر قد مرت منذ تلك الليلة المشؤومة...
الليلة التي قد وضحت فيها كل أوراق اللعبة...الليلة التي قد قررت فيها أن يذهب كل منا في طريقه...فهذا قد كان الحل الأنسب للكل...
أن أبتعد عنه حتى تندثر تلك المشاعر التي قد كنت أكنها له...حتى تصبح رماداً يتبعثر مع ذرات الهواء...
لن أقول أنني أفتقده..لا..فحقاً هو لا يعني لي أي شي...و لا أكترث لأمره...
و لا أستطيع أن أنفي أنه قد حاول أكثر من مرة أن نعود لبعضنا..دونما أن يتنازل حتى عن توضيح شئ لي...و كأنه يطلب مني أن أتنازل و هو لا يود التنازل بشئ...يطلب مني أن نعيش مع بعضنا..و نحن بيننا سد يصل عنان السماء!!
يطلب أن تكون بيننا حياة و نحن أبعد ما يكون عن الأحياء بهذه الأسرار التي تدفننا في قاع الأرض...
أتذكر تلك الليلة التي قد أتاني فيها...
لمحة من الماضي...
لبنان..
بيروت..
قالت و هي تتأمل المارة من تلك النافذة...\سياف...لا تحاول تخدع نفسك...نحن مافيه حياة بينا...
سمعت صوته الذي يبعث إحساساً غريباً لروحها...\نادية..مثل ما أنا أخطيت فإنتي أخطيتي ألف مرة..و أنا مستعد أتنازل عن غروري و أنسى أخطائك..
التفتت عليه و بثقة عارمة...\و أنا مابيك تنسى أخطائي..!!
سكتت مدة لتقول له..\ليش قتلت شخص؟!!
فاجأه السؤال و بشدة..فهو قد كان يتوقعه منها منذ البداية و لكن ليس الآن...قال لها بثقة..\اسأليني أي شي..إلا ذا السؤال..ما رح تلقين مني جواب...!!
لماذا؟!..لماذا لايريد أن يخبرها؟!...
و كيف له ان يطلب منها أن تعيش بكل بساطة مع ..قاتل!!
و دون حتى أن يكلف نفسه بشرح سبب ما رأته في ذلك السي دي...أيعتقد أن ما فعله هو بهذه السهولة؟!
التفتت عليه لتقول...\كيف تبي حياة بينا و كل واحد فينا يبني سور حد عنان السما بين بعضنا؟!!
وصل سياف حده منها..فها هو يتنازل عن كبريائه قليلاً و لكن هي مصرة أن تذله أكثر...\انتي على شنو شايفة نفسك؟!...عشاني جيتك للمرة الألف أطلب اننا نرجع لبعض و انتي لساتك رافضة...
سكت مدة ليردف...\نادية..!!...تدرين اني أقدر أغصبك على اللي أبيه...و مو صعبة على أرجعك معاي المملكة وبكيفي...بس أنا مابي أغصبك على شي ما تبينه...
و ببرود..\خلاص...و أنا مابيك...
اقترب منها بصورة هزت كل كيانها...\نادية.!!..هذي المرة الأخيرة اللي رح أجيكي فيها..و بعدها ما رح تشوفين وجهي...بس..
طلاق...!!!
نجوم السما أقرب لك!!
ابتعد عنها ليهم خارجاً عن الشقة و لكن عند وصوله للباب توقف ليقول لها...\مصاريفك بترسل لك على حسابك و بالكامل...
لا تعلم لم الحياة قد أصبحت معقدة بهذه الطريقة معه...!!
لا تعلم ما الذي جعلها ترتبط بشخص مثله...!!
و الآن هنالك سبب أقوى من كل شئ يربطها به...
سبب أقوى من كل الروابط..
و من كل العقود...
هو...
روح قد تكونت داخل أحشائها...!!
مدت يدها ببطء لتضعها على بطنها و هي تؤكد فكرة تكون ذلك الجنين بين أحشائها...
روح تنتمي له...تنتمي لذلك السياف!!...يا الله و كأن لله حكمة في الأمر...فالأمور قد كانت معقدة منذ البداية..و ها هي تتعقد أكثر فأكثر بتلك الروح...
هي كانت متأكدة من أخذها لحبوب منع الحمل و بإنتظام..و لكن الله عندما يريد شيئاً...يقول له كن..فيكون!!
منذ تلك الليلة التي قد علمت فيها بحملها..دب الخوف و الرعب في أوصالها و هي تعلم علم اليقين أن ذلك السياف و إن علم بطفل له في أحشائها فلن يتركها...بل سيستغل الفكرة لكل ما يريده...في تلك الليلة فقط راودتها فكرة...
هي أن تهرب...نعم ستهرب...و ها هي قد نفذت مخططها...
ها هي الآن تعيش في شقة صغيرة جداً في مصر...
لا تعلم و لكن يراودها إحساس بأنه سيجدها...و لكنه و إن أراد أن يجدها لوجدها منذ مدة طويلة..و مما يبدو أنه قد نسيها و لم تعد تفرق معه بشئ...
و لم هي حزينة؟!
فالأفضل لها أن يتناسى كل منهما تواجد الآخر تماماً...
تأملت بطنها للمرة الثانية و هي تحاول تخيل ذلك الطفل الذي سيولد...
كيف سيكون...طفل يحمل من قوتها...ثقتها...جمالها...
و عصبيته..ملامحه الحادة...إصراره...سطوته..!!
كيف لطفل أن ينشأ كخليط من روحين كل منهما أكثر تعقيد من الأخرى؟!!
*********************
في بقعة أخرى...
تناولت شعرها الطويل و الذي يقارب أن يصل الأرض بطوله...وضعته على كتفها الأيسر و هي تتأمل شكلها في المرآة...
ثلاثة أشهر...!!
ثلاثة أشهر و أنا في حيرة من أمري مع ذلك القابع معي تحت سقف واحد...
لقد تغير كثيراً...كثيراً...
لن أقول للأسوأ بل للأفضل...
فهو الآن يمكث معي أكثر بكثير من السابق و كأنه ليست له زوجة أخرى...لا أعلم و كأنني أحس أنه قد طلقها أم هنالك شئ آخر بينهما...
ههه..ما هذه الأوهام التي قد ملأت رأسي...
أيطلق حب حياته؟!...
أيطلق من كان يهذي بإسمها وهو بين أحضاني؟!!
أصبح يكترث أكثر لأمري...يتتبع كشوفي للحمل و يذهب معي للطبيب...يهتم لأخذي للدواء في مواعيده...يسألني عن أحوالي أكثر...يسألني عن دراستي أكثر...
نعم قد أصبح خالداً آخر...الآن فقط يمكن أن أطلق عليه لقب زوج...زوج مهتم بأمور منزله و زوجته و طفله الذي يتكون بين أحشائها...
و لكن ما عدا ذلك فهو بعيد عنه كل البعد...
نعم هو لا يبخل عني بإهتمامه..بأمواله..بوقته...
و لكن قلبه..!!!
فمما يبدو أنه لا مكان لي بداخله...
فهو عندما بدأ يتغير ناحيتي و يعاملني جيداً ..دغدغ مشاعري بصيص أمل أنه ربما قد بدأ يكن لي و لو القليل من المشاعر...
و لكن...
مع مرور الزمن تأكدت أن ما راودني هو محض أحلام لا غير...و يجب أن أكتفي بشكر الله و حمده على تغيره ...
فأنا يجب أن أعترف أنني كنت أحلم بقليل من الإهتمام منه...و الآن هو و قد اعطاني الإهتمام الذي قد كنت أبحث عنه أصبحت أطمح لما هو أكثر من ذلك...ألا وهو الحب..
أطموحاتي تعتبر فوق الحد؟!!
أتذكر تلك الليلة..
تلك الليلة الوحيدة التي قد راودني إحساس صغير بأنه يكترث لأمري..
لمحة من الماضي...
كنت أرتب تلك الملابس في تلك الحقيبة الصغيرة...فهو قد طلب مني ترتيب حقيبة له و ذلك لأنه سيسافر لمدة يومين...
كان هو يقرأ في ذلك الكتاب عندما أحسست بدوار في رأسي و أحسست بأنني سيغمى علي...و لكن في ظرف ثانية وجدت نفسي بين يديه..
يديه اللتان لطالما كانتا سبباً في سقوط كل جيوش مقاومتي خارّين...
أبعدته ببطء واضعة يدي على صدره ليتراجع خطوة للوراء و لأحاول أنا أن أأخذ أنفاسي..جلست على الكرسي القريب...
سمعت منه تلك النبرة التي قد بدت لي نبرة إهتمام...\وش فيك؟!
قلت له..\مافيني شي...أنا زينة...
قال..\كيف ما فيكي شي و انتي كنتي رح تطقين راسك بالأرض...
قلت له محاولة طمأنته...\خالد..و ربي مافيني شي...
قال..\متأكدة؟!
قلت له و أنا أحاول أن أحصل على إجابة منه...\لا تخاف ما فيني إلا العافية..و إذا عن إبنك فهو في الحفظ و الصون...
قال لي و قد لاحظت لنظرة غريبة في عينيه..\و مين قالك إن همي الطفل بس؟!
و قام من مكانه ليتركني مبعثرة كأوراق الخريف المتساقطة...!!
و في الليلة التي بعدها..
دخل على الغرفة ليجدني قد وضبت له ملابس سفره و جهزت له ما سيرتديه...اقترب مني ليقول..\خليه عنك مافيه سفر..
نظرت له بنظرة لأقول له..\ليش؟!
قال بكل برود..\مافيه سفر..خليته...كان يفك في أزرار ثوبه وهو يقول دون ان ينظر لي..\أنا عندي سفرة ثانية بعد اسبوع و إحتمال تستمر شهر...
شهقت بصورة لا إرادية و انا أقول..\شنو؟!!!
توقف عن فك أزراره و اقترب فجأة لأجده يقف أمامي تماماً...و لم يفصلني منه إلا بطني المنتفخة و أنا أحسها قد التصقت به..!!
و أنفاسي أصبحت تتعالى و أنا أحاول جاهدة السيطرة على نفسي..قال لي وهو ينظر لي بنظرة غريبة...\رح أفرق معِك؟!
أنزلت نظري و أنا احاول تغيير الموضوع...و قلت و أنا أحاول تجميع كلمة واحدة مفيدة...\و ليش هالسفرة...
رفع رأسي بأصابع يده وهو يضعها على ذقني..\لا تتهربي...
نظرت له و أنا أقول بكل شفافية..\انت تدري كويس الإجابة لسؤالك...فليه تسألني..
ابتسم وهو يبتعد عني ليقول..\يا ستي لا تشيلين هم لأنك انتي كمان رح تحضري شنطتك و رح تسافرين معاي..
قلت له بإستنكار..\أنا؟!
قال لي وهو يستمر بخلع ثوبه..\إي..
قلت..\ليش؟!
قال..\ممكن تعتبريها رحلة إستجمام...نحن محتاجينها..
لا أنكر أنني قد تفاجأت و بشدة من قراره...فكرت في الموضوع لمدة...أصابني اليأس..
تقدمت لأقف أمامه تماماً... ثم قلت بيأس بعد أن عرفت غرضه من سفري معه..\خالد...السفر ما رح ينفعني بشي..و اللي فيني قدر ربي..
تبدلت ملامحه من جملتي ليقول لي...\انتي ليش هاليأس اللي فيك؟!..يا ستي بنشوف و بعدها ربك يحلها..
قلت..\بس خالد أن...و لكنه أسكتني وهو يطبع قبلة خفيفة قرب شفتي من اليمين...
أخرستني..
حقاً أخرستني..
أسكرتني..
و أوقعتني من جرف عالٍ...
كانت تلك هي الليلة الوحيدة التي أحسست بتغيير ما فيه...و لكني سرعان ما طردت تلك الأفكار بعد يوم...
فخالد الآن شخص آخر و لكنني أحس بأن هنالك حزن غريب يغزو روحه و يستوطنها..و كلما كنت أسأله عما به كان يقول لي أنه بأحسن حال و ليس به شئ..
و لكني أقسم أن هنالك شئ طيلة هذه الشهور يستوطن روحه...
*********************
في بقعة أخرى...
تقف أمام تلك النافذة...نافذة مكتبه...فهو قد سافر منذ شهرٍ تقريباً..و هي منذ سفره لم تعد لها قدرة على دخول غرفتهما...فكل شئ في المنزل يذكرها به...بلمساته الجارحة لروحها..بكلماته...بنظراته..!!
بكل ذلك و إن كان وقعه مؤلماً عليها...
فهي تشتاق له..
تأملت المكتب...
أتذكره...!!
نعم انا أتذكره عند هذه النافذة في تلك الذكرى عندما كانت غرفة مكتبه مليئة بالدخان و أصبحت أفتح النوافذ واحدة تلو الأخرى...
أتذكره عندما أقف عند قفص عصافيري في تلك الليلة التي قد كان يتأملني فيها...
أتذكره عندما ألمس كل شئ أجد له ذكرى في ذلك المكان..
و ها هي قد مرت ثلاثة أشهر...!!
ثلاثة شهور بأكملها و أنا أعيش في ألم ليس بعده ألم...أحس بروحي ستهوى في القاع دونما أي مجيب...أود لو تنتهي من هذه الآلام...ألا يكفيني ما أنا فيه؟!...
خوفي على عمها..
عمي الذي قد أحببته و تعلقت به بصورة غير طبيعية..ربما لأنه قد كان يذكرني بوالدي..ربما لأنه نسخة عكسية لوالدي...
ربما لأنه من اهتم بي؟!...
و ما يجرح روحي أكثر أنني ما زلت متألمة من تلك الحقيقة التي قد علمتها...تلك الحقيقية التي قد آلمتني بشدة..
في تلك الليلة...
قبل ثلاثة أشهر...
لمحة من الماضي...
أتأمل يديه التي تمسك بمقود السيارة...لكم تؤلمني رؤية كل شئ يخصه...أحاول حبس شهقاتي ..فأنا لا أريد أن أظهر شيئاً أمامه...و لكن...
هل باليد حيلة..!!
فأنا متألمة..متألمة..!!!
و بشدة..!!
أتمنى لو أستطيع أن أدخل يداي بين أضلع صدري و أخرج ذلك القلب الذي أهلكني حد الموت...
الذي استنزف روحي حد الألم...
و لا أبالي..!!
حتى و أنا مجروحة منه...أحس بوجوده الطاغي على كل شئ...على كل شئ و أحس و كأنما أنا نقطة هامشية بالقرب من تواجده...
فهذه أنا بعد أن أغمي علي عندما سمعت حديثه هو و خالد و أيقظتني الممرضات بالمستشفى...هو كان يريدني أن أمكث بالمستشفى لكي أرتاح و لكنني رفضت و بشدة...
لا أريد أية شفقة منه..!!
يكفيني ما أحس به...أريد أن أذهب للمنزل و أنفرد بروحي حتى أبكي كل الألم الذي أحسه في حياتي...
حاولت قدر الإمكان أن أحبس شهقاتي منه و لكن...لم أستطع!!!
و لماذا أحبسها منه.!!...و هل يبالي هو لوجودي أصلاً؟!!
هو حتى لم يكلف نفسه بأن يبرر لي أي شئ...لم يكلف نفسه بأن يقول لي أن ما سمعته قد كان محض أوهام..لا...بل كل ما رماه علي هو محض كلمات جارحة تفهمني و بقوة أن سماح هي من كانت تتقرب له وهو لم يفعل شيئاً...
ربما قالها فقط ليبرئ نفسه..و لكن لم يهمه تلك الأنثى المجروحة و بشدة منه...!!
توقفت السيارة عند تلك الإشارة و أنا أتأمل ذلك اللون الأحمر الذي يشع منها...أود لو يظل هذا اللون على حاله لوهلة من الزمن و يتجمد كل شئ حولي لأقترب منه و أضرب صدره بكل قوة آتتني...لعل ذلك الذي يقبع خلف أضلع صدره يحس بألمي و لو قليلاً...
لعل ذلك القلب المتحجر يلين قليلاً و يشعر بنار جوفي...
و لكن الأمنيات بعيدة كل البعد عن الواقع...
قشعرتني كلماته المختصرة حد الألم...\خلاص...كفاية بكي..!!
و كأنما كلماته كانت كالسد العالي الذي انهار لتنهمر دموعي كشلالات من عيناي و أنا أحاول جاهدة أن أمنع شهقاتي ...
أنا متأكدة من برائته..و أنه لم يخن خالداً...ليس لحبي السقيم له..و لكن لأنني أعلم بصفات يسار..و أنه و إن قطع لأشلاء صغيرة لن يخون خالداً...مهما كان...و لكني..
لكني...
أريد أن أعلم جواباً واحداً فقط؟!...سؤال يراودني...و أعلم أن إجابته ستؤلمني أياً كانت....\كنت تحبها؟!
انتبهت لعروقه التي قد انتفخت و بشدة و كأنها ستنفجر غضباً...و قشعرتني كلماته...\إيااااااااك تجيبين سييييرة..فهمتي...
قلت و بنبرة لا أعلم ما الذي أريد الوصول له...\ليش أنا مو من حقي أعرف بهالشي...وش تبني أسوي و أنا أعرفه بهالطريقة...
كنت أحاول جاهدة أن لا أبين شيئاً أمامه...أحاول أن أكون قوية و كأن الأمر لا يهمني بشئ..و لكن هيهات...هيهات لقلبي أن يطيع...!!
فها أنا أسأله و أنا أشهق و أبكي بقوة...و مؤكد أنه يعلم جيداً أنني أهتم لأمره...و كيف لا يعلم بعد كل هذا البكاء..!!
سمعت همهمته التي فهمت أنها استغفار ليقول بعدها....\أنا ودي أعرف انتي ليش تبكين؟!...يعني يهمك أمري لهالدرجة؟!..أو يهمك اني حبيت وحدة ثانية أو لا؟!
قلت و أنا لا أعلم ما الذي أهذي به..و لكني مجروحة..و بقوة...\كان من حقي أدري بهالشي...حتى لو ما كنت تحبها و هي اللي كانت تجري وراك..كان من حقي أعرف...أنا زوجتك..!!
تأملته بين دموعي و هو ينظر صوب الطريق و يقول بثقة....\نورة...لو سمحتي انتي آخر واحد يتكلم عن الحقوق...و لما تقولي الكلمة خليكي قدها..!!
و ها هو يقلب الطاولة بالكامل على...!!
و ها هو يمسكني من اليد التي تؤلمني...!!
و ها هو يخرسني ..!!
و كيف لي أن أتكلم و أنا حقاً أمنعه من حقوقه التي أشار إليها بطريقة مبهمة؟!!
كيف لي أن أطالبه بإجابة و أنا ممتنعة عن الكثير من الإجابات؟!
كيف لي أن أطلب مبرراً و أنا الأولى التي لم أقدم أي مبرر لرفضي له؟!
كان وقع كلماته كالسم على روحي...
كيف لي أن أحتمل صدمة كهذه؟!..و إن لم يخن خالداً...
فهل أحب تلك السماح؟!
هل كان قلبه ينبض لها يوماً ما؟!
هل حقا كان قلبه لها!؟
لكم كانت الفترة الأخيرة مؤلمة جداً بالنسبة لي...و لكم كنت أجاهد حتى لا أبين له شيئاً...كنت حقاً مجروحة..
مجروحة منه...
و متألمة...متألمة له...!!
فأنا لا أستطيع أن أخبره بشئ و أنا أعلم النتيجة جيداً...
أحس بأنني كل ليلة أحبه أكثر...قلبي الصغير يتعلق بجبروته أكثر و أكثر...
روحي الهشة تتشبث بقسوته أكثر فأكثر...
يؤلمني..و يجرحني..و ليست لي القدرة على الإعتراض...لأني قد سلبت كل حقوقي..!!
مرت الأيام و كل منا يبتعد عن الآخر...كانت مؤلمة و بشدة بالنسبة لي...كنت أحس بروحي تسحب إلى الهاوية شيئاً فشيئاً...في أوقات كثيرة تراودني فكرة مجنونة أن أعترف له بكل شئ..بكل شئ..و إن حييت بعدها...
فلا أريد منه شيئاً...!!
حقاً لا أريد..!!
بل أريده أن يعتقني لوجه الله..!!
أتذكر تلك الليلة...
الليلة التي قد جعلتني أتأكد أن هذا الحال لن يدوم مطولاً....!!
لمحة من الماضي...
الساعة الثانية بعد منتصف الليل...كنت قلقة عليه...و بشدة..!!
فمع جرحي و ألمي الشديد منه ما زلت غير قادرة على النوم لو لم أطمئن عليه....فهو له أكثر من أسابيع وهو ينام في مكتبه في الطابق السفلي...في المرة الأولى اعتقدت أنه لم يقصدها ..و لكن عندما أعادها أكثر من مرة علمت حينها أنه قد قرر البعد عني...لم أفكر في أي سبب لذلك سوى أنه قد مل مني و من كل شئ يتعلق بي..و ربما وجد فكرة معرفتي بموضوع سماح حجة ليبتعد عني..فهذا هو ما يريده منذ البداية...
أخذت حماماً لعله يبرد من حرقة جوفي...و كنت أعتقد انه لن يدخل الغرفة و أنه و إن أتى سينام بالأسفل...خرجت من الحمام لأقف بالقرب من السرير بعد أن قمت بتجفيف شعري..كنت أحاول جاهدة رفعه...و لكنني أحسست بعبق عطر قد كسر أضلع صدري ليتغلغل بين حنايا روحي...اقشعرت كل شعيرة في جسدي و أنزلت يدي في الحال ليتناثر شعري المبتل على جسدي...
التفت له...ليفاجئني بكلماته.. \اسمعيني يا نورة...
تبينا نعيش أخوان...يا ليت تراعين هالشي...و تراعين ان المخلوق الغبي اللي يعيش معاكي هو رجال..و يحس مثل باقي البشر...يا ليت تفكرين زين...مو ممكن تقوليلي بعِد.. و انتي قدامي بهالصورة...
انتي وش تعتقديني مصنوع منه؟!...من حجر؟!!
و خرج..خرج ليتركني مذهولة بكلماته التي ألقاها كالسهام على قلبي...
و كأنني أتقصد أن أستفز رجولته...!!!
فإن كان رهناً علي لتنقبت لكي يبتعد عني...!!
حينها..!!
حينها فقط..!!
علمت أنه لا محالة هذه المهزلة لها مدة إنتهاء...
و هذا الرجل له حد للصبر...
فإن صبر سنة...
فلن يصبر أكثر...!!
و إن سكت دهراً...
فلن يصمت أكثر...!!
و يوماً ما سيفكر بأخذ حقه بالغصب...هنا فقط...أجزمت ألا مفر من الحقيقة..و أنها آتية لا محالة...فلابد لي من قول الحقيقة المرة..و إن كانت عواقبها وخيمة...فأفضل من أن يعلمها من مصدر غيري...
كنت سأخبره..و لكني أريد أن أتهيأ نفسياً...و لكنه فاجأني في الليلة الأخرى...بأن أتاني و أنا أقرأ في آيات من القرآن...حينها دخل الغرفة ليقول لي...
... \نورة...وظبيلي شنطة سفر..
أكملت آياتي و أنا أنظر له بإستغراب شديد...\ليه؟!
و كما هو الحال دائماً..دائماً ما يواجهني ببروده القاتل...أخذ ملابسه من الخزانة و توجه نحو الحمام وهو يقول دون أن يلتفت نحوي حتى...\لأني بسافر...!!
وضعت كتاب القرآن جانباً و خلعت عبائتي...توجهت لا إرادياً نحو باب الحمام لأقف أمامه مدة...و أنا سارحة في سبب سفره..هل مل مني؟!..هل حقاً مل من العيشة معي؟!...هل وجد طريق الهروب؟!...
و لكن قطع على حبل أفكاري فتح باب الحمام لأجده يقف أمامي بطوله الفارع وهو يلف تلك المنشفة السوداء حول خصره...تدافع الدم لوجنتاي و أخفضت نظري للأرض..
حتى و أنا مجروحة منه أحس بخجل عارم..!!
سمعته يقول لي..\وش فيك؟!
تراجعت خطوة للخلف و أنا أحك خلف رقبتي بيدي علّ ارتباكي يقل..لم أود أن أبدي له اهتمامي به..و لكن قلبي كان هو الآمر الناهي...!!...قلت بإرتباك..\لوين بتروح؟!
ابتعد عني و قال بلا مبالاة آلمتني حقاً...\يهمك؟!
كان واقفاً أمام المرآة و يسرح شعره و أنا أقف خلفه و أفرك يدي ببعضهما\ يسار..لا تجاوب سؤالي بسؤال ثاني...
يسار \وش تعتقدين..رايح ترفيه؟!...أكيد اني رايح لشغل...بتروحين تجلسين مع أمي و جدتي..
قلت بإنتفاضة..\لأ يسار...بقعد هنا...
التفت علي ليقول...\كيف تقعدين بروحك؟!
قلت...\يسار ترا معي خديجة و فيه الخدامات و ما بيجيني شي...سكت مدة و قلت..\بس انت لوين بتروح؟!
يسار \شغل..و احتمال أقعد هناك مدة...
قلت له...\و شنو هالشغل الفجائي؟!
ندمت على جملتي...و ما الذي يهمني بعمله؟!...لماذا أظهر له اهتمامي بهذه الطريقة وهو لا يقابلني إلا بالبرود القاتل...
اقترب فجأة حتى أصبح واقفاً أمامي تماماً...نظر لي بطريقة أحسست بأنني سأعلن وقوعي أرضاً أنا و جيوشي خائرة القوى أمامه...\انتي وش هالتحقيق؟!..سكت مدة ليردف...\تدرين؟!..شغل و مالك دخل فيه...
قال تلك الكلمات و ابتعد عني بكل برود الدنيا..!!!
أتذكر تلك الليلة حقاً...فتلك قد كانت آخر ليلة رأيته فيها منذ شهر...و لم تكن اتصالاته بي بتلك الطريقة..و إنما كان يتصل بي بصورة نادرة جداً..و عندما يتصل كانت طريقته عسكرية جداً...(كيف أمي؟!..كيف جدتي؟!..كيف البيت؟!..كيف أبوي في المشفى؟!..رحتي شفتيه؟!...)
كان يسأل..كيف ..و كيف..و كيف...
و أنا أترقب تلك الكلمة الوحيدة منه..
(كيفك انتي؟!)..
هذا فقط ما كنت أريده منه...و لكنه لم و لن يقولها...أحسست بأنني سأموت من القهر و أقول له..(ليش ما تتصل فكل واحد فيهم و تتطمن عليه؟!...ليش تسألني أنا منهم و عمرك ما فكرت تسألني عني أنا..أنا اللي كل ليلة أفكر فيك؟!...)
كان يتصل من رقم مجهول...و أنا حمدت الله أن الرقم مجهولاً حتى لا أفكر يوماً في ان يتحكم فيّ قلبي اللعين لأتصل به..!!
آلمتني تلك الحقيقة و بشدة...حقيقة أنه لا يبالي و لا يكترث لأمري أبداً...
لكم اشتاقت له روحي...!!
لكم اشتقت له حد الوجع..!!
******************************
|