لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > المنتدى العام للقصص والروايات > القصص المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله خاص بالقصص المنقوله المكتمله


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-09-12, 03:44 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ♫ معزوفة حنين ♫ المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 

بعكس الراحة التي سيطرت على منزل عيسى .. سيطر عدم الارتياح على جاسم حين اخبروه ان والده ينتظره في الاسفل .. لا بأس في التأخر نصف ساعة عليه .. كان هكذا يحدث نفسه .. ونيته اغاضة والده .. كان هناك ينتظر بتوتر .. مرت عليه اكثر من نصف ساعة .. كان يضرب بقدمه على الارض في توتر واضح .. ويحاول في نفس الوقت ان يجد بداية جيدة للحديث مع ابنه .. واذا لم يكن التهديد قد اتى ثماره فلعل الهدوء والطيبة تأتي بالثمار إليه دون جهد .. نزل السلالم بنظارته السودا ذات الماركة العالمية .. وابتسامته الدالة على سخرية من نوع ما .. جلس بكل هدوء حتى دون ان يلقي التحية .. تمالك عبد العزيز اعصابه رغما عنه .. شبك يديه بين رجليه وانحنى قليلا .. وباهتمام زائف : في شيء ؟.. مب معقولة تزورني يوم الجمعة .. اخواني فيهم شيء ؟


نفض رأسه وكأنه يحاول ابعاد الانفعال عنه .. جلس باهتمام بجلسة شبيهة لجلسة جاسم : ما رحت تصلي مثل كل مرة ..


جاسم : يعني تريد تفهمني الحين انك ياي تنصحني .. انصح نفسك بالاول ... هات اللي عندك يا عبد العزيز .


لا داعي للانفعال .. سادعه على راحته حتى لو كان كلامه يقلل من احترامي .. كان هذا حديث نفسه التي تطمح لتحقيق شيء ما .. كان جاسم يرقبه من خلف زجاج نظارته الداكن .. وكأنه يقرأ افكاره .. لم يطل انتظاره ليعرف ما تحت رأس والده او كما يناديه هو بـ عبد العزيز : جاسم .. وين امك ؟

لم يرد عليه واكتفى بتغيير جلسته ثانيا ساقه بزاوية قائمة على ساقه الاخرى .. واسند ظهره على الكرسي الوثير .. عندما رأى ذلك منه .. وانه لن يجيب على سؤاله .. اردف قائلا : اسمعني يا جاسم .. هذي امك .. وصارلها اكثر من 3 سنين ما ندري عنها شيء .. ميته او حيه .. قولي وين هي وانا بروحلها بنفسي ..


عاد لجلسته السابقة : انت طلقتها .. ولا لك خص فيها يا عبد العزيز .. ومليون مرة قلتلك ما يخصك .


ثار الدم في عروقه .. لم يستطع ان يسيطر على هدوءه اكثر .. فانفجر واقفا : تراك زدتها يا جويسم .. هذي امك مب اي وحده ثانية .


وقف ورص على اسنانه : لا تقول امي – زادت حدة صوته – استاذة التربية واللي تناشد بضرورة تربية الام لابنائها .. كانت ام فاشله ..


صرخ الاخر : يعني بتقولي الحين ان بخيته هي امك .


اشر بسبابته لوجه والده : اسمع .. لا تييب اسم امي بخيته ع السانك .. وبقولها لك من الحين .. هيه نعم بخيته امي – انزل يده – مب طليقتك تقول ان الام هي اللي تربي .. يعني بخيته امي بشهادة استاذة التربية سلامه محمد .

,‘،
كله منج .. صرخة اطلقتها رشا في وجه جود بعد ان اُلغيت دعوة العشاء .. انفردت بنفسها في غرفتها وهي تبكي .. اشتاقت إليه .. ترغب بالنظر في عينيه .. والاستماع لكلماته .. تريده معها .. وتحتاج لحظنه ليلا .. همت لتهاتفه ولكنها تراجعت ؛ فالظرف لا يسمح لذلك .. والدها منفعل بقوة في مكتبه الكائن في الطابق الارضي للقصر .. ووالدتها هناك معه تحاول أن تهدأه .. ولكن كيف له أن يهدأ مع ذاك الكم من المكالمات بفروع شركاته .. الجو وكأن به مس من شحنات سالبة سيطرت على ساكني ذاك القصر الكبير .. جواهر ابتعدت عنهم هي الاخرى وآثرت الجلوس في غرفتها بين كتبها لعلها تستطيع ان تنقذ ما تبقى لها من مواد .. قبل السقوط في بحر الفشل كما اختها رنيم .. تلك الفتاة الطائشة الغير آبهة بما يحدث .. تتجول في الحديقة الشاسعة وهاتفها على أذنها .. وضحكاتها تتغلغل في مسامع حراس القصر وبعض العاملين المشغولين في ترتيب الحديقة ونباتاتها .. اما جود التي اشعلت الفتيل فلاذت بالصمت هناك بجانب مكتب والدها من الخارج .. جلست القرفصاء كطفلة ضائعة خائفة تترقب القادم المجهول .. كانت تسمعه ثائرا في كلماته .. يعنف هذا ويطلب من الاخر البحث .. قامت واقفة وهي ترى سيف يقتحم المكان بقوة بعد أن فُتح له الباب .. ومباشرة دون ان يلتفت لها دخل تاركا الباب مفتوحا لتطل بخوف برأسها تستمع للحديث الدائر .. وترى والدتها الجالسة بركن المكتب والخوف يغطيها .. كان الحديث يدور عن مشاريع تم التوقيع عليها .. والخوف من السقوط بعد الصعود الى القمة ..ضرب بقبضته بقوة على سطح الطاولة الفاخرة : الله ياخذه .. يعني ما كان من الشركة المصنعة للبرنامج .

هز سيف رأسه بلا : ما كان من موظفيهم .. اربع ساعات وانا اكلمهم احاول اعرف منو تايكو هيروكو .. بس ما عرفت .. واكدولي ان ما في احد من موظفينهم بهالاسم ..

جلس محاولا ان يضبط اعصابه : المهم .. المشاريع اللي وقعناها هني وبرع .. ما فيها شيء غلط ..

تكلم سيف وبكل هدوء واريحية : لا .. ما في أي شيء .. كل المشاريع اللي وقعناها ونفذناها سليمة ..


اسقط رأسه على المقعد الجلدي وكأنه يسقط وساوس اجتاحته طوال فترة الظهيرة : الحمد لله .. اللهم لك الحمد .


ابتسمت بأبتسامتها الواسعة ليبان ذلك السلك المعقود على اسنانها .. ولكن فجأة عاد ذلك الاحساس بالخوف حين رن هاتف سيف بتلك النغمة المتحدثة عن عشق وحب .. وكأنها خرجت في وقت غير وقتها .. اغلق الاتصال بتوتر .. وما لبث حتى رن من جديد بنغمة رسمية لتخلع الامان من قلب ابو فيصل وتقف ميرة متطلعة بخوف لوجه سيف الممسك بهاتفه : منو ؟

ابتسم وهو يضعه على اذنه ورد على عمته : فيصل ..

ما ان سمع صوت فيصل حتى اختفت تلك الابتسامة خلف عقدة الحاجبين القلقة : فيصل شو صاير ..


هب ابو فيصل واقفا .. وهجم الخوف دون رحمة على قلب ميرة .. اما جود فعادت لتجلس القرفصاء حاظنة ركبتيها .. هناك كان يحمل حقيبته على كتفه ويمشي بعُجالة على ارض مطار لوس انجلوس وبيده جوازه الدبلوماسي لينهي معاملاته بسرعة ، والهاتف على اذنه وبعصبية مختلطة بخوف : اسمعني يا سيف .. انا الحين فالمطار ورايح للكويت .. مصيبة عودة بتستوي اذا ما لحقت عليهم .. لا تقاطعني وانا اعلمك بكل شيء – سكت وهو ينهي اخر معاملة ليصعد الى الطائرة – التلاعب اللي كلمتني عنه مب ففرعنا اللي فلوس انجلوس .. التلاعب ففرع شركتنا للمقاولات والاستثمار اللي بالكويت .. التلاعب بعقود توقعت من اربع او ثلاث اشهر .. واذا ما وقفت التنفيذ فيها بنخسر خساير يمكن توصلنا لمكان ما نتمناه .


سيف : بس حتى اذا وقفتهن بنخسر ..

كانت تلك الجملة كفيلة لتهز كيان سالم ويسحب الهاتف من سيف : فيصل شو صاير ..


لم يعلم ان سيف هناك حيث والده .. وما هو فيه انساه ان يسال : ابويه .. انا رايح الكويت اوقف التنفيذ فالمشاريع اللي وافقنا عليها فالاربع اشهر اللي راحت .. لان في تلاعب على نطاق واسع ..

سالم : بس بنخسر اذا تراجعنا .. والا نسيت شروط العقود ..


رد بعد ان تنهد وكأنه يريد أن يسحب الخوف الذي استشعره في صوت والده : بنخسر بس مب بكبر الخسارة اذا تنفذت المشاريع وفشلت بنص الطريق .. الخسارة بتكون اهون وبنقدر عليها .. لا تحاتي يا بو فيصل .. وراك ريال يعرف يتصرف .. واول ما اوصل الكويت بخلص كل شيء ..


انكبت باكية على سريرها الوثير .. وصرخت : حتي يوم الجمعة شغل .. وبعد تسكر الخط فويهي يا سيف .. لهالدرجة وصلت فيك ..


كل واحدة فيهن تفكر في نفسها فقط بخلاف تلك المختلفة عنهن شكلا .. وايضا مختلفة عنهن ضمنا .. انسحبت من المكان الذي كانت فيه بعد أن ارتاح الجميع من جراء اتصال فيصل .. وكأنه كان المنقذ من تلك الوساوس التي اجتاحتهم .. والمفرغ لتلك الشحنات السالبة التي سيطرت على الاجواء ..صعدت السلالم براحة شبه تامة .. فهناك بين اضلعها طبول تقرع بخفة .. تحاول ان تسكتها ولكن دون جدوى .. ارتمت على سريرها بقوة .. ودفنت رأسها في وساداته لعلها تجد السلام .. لا يهمها الوقت حتى وان كان مبكرا على النوم .. فيكفي ذاك القلق الذي سيطر عليها ان يحيل جسدها الى آهات تطلب الراحة وتستجدي الهدوء .

,‘،
ذاك الهدوء الذي كانت تنشده روضة وهي تعيد القراءة في ذاك المقال الذي زلزل كيانها واسقط دمعتها

نحن أمة عربية اتسمت منذ الازل بالحشمة وبالحياء .. فكيف اذا نحن الآن أمة عربية ومسلمة ! .. بالأمس كان هناك ما جعلني اتوقف واسأل نفسي مرارا وتكرارا .. اذا كنا هكذا فكيف نطلب الحياء في تصرفات بناتنا ؟

ما كان بالامس هو ما كانت علية زوجتي وهي تصرخ قائلة " ما يستحون " كلمة قالتها بغضب لانها لم تستطع شراء ما تريده من ملابس نسائية " خاصة " .. والسبب هو البائع الرجل .. فكيف نطالب من بناتنا ان يسترن انفسهن .. وهناك عبر تلك المحلات ما يثير الغرائز لديهن ولدى غيرهن من المارة .. ملابس خليعة تعرض على واجهات المحلات .. وصور نساء تظهر أكثر مما تخفي بداعي الاعلانات .. أية اعلانات هذه .. التي تجعل المرأة جسدا يداس من اجل المكاسب المادية .. عذرا يا بنات امتى ويا نساءها فأنتن اشرف مما يفعلون .....

مسحت دموعها بسرعة وهي تصرخ على ذاك الطارق الذي يطرق باب غرفتها في هذا الوقت من المساء .. ليس موعد العشاء فالوقت مبكر لذلك .. وحتى وان كان وقت العشاء فهي لا ترغب بشيء .. صرخت بصوت يشوبه انفعال خفيف : منو ؟

انا امج .. ليش قافلة الباب ؟ .. كان هذا صوت والدتها الواقفة عند الباب .. فتحته لتدخل والدتها .. وعلى غير عادتها امسكت بيد ابنتها واجلستها على السرير بجانبها .. كانت تتكلم في امور استغربتها روضة .. مع بعض النصائح التي افزعت قلبها ليقرع نواقيس ذات صوت غريب بين اضلعها .. لم يكتنفها الحياء عندما القت والدتها على مسامعها ان ذياب ابن عمها تقدم طالبا يدها .. بل جحظت عيناها .. وارتخت شفتها السفلة وكأنها تريد ان تفتح المجال لانفاسها المتضاربة ان تخرج من فمها ..


وقفت ام احمد ولا تزال ممسكة بيد ابنتها : فكري يا بنتي .. وترا ذياب ما ينعاب .. ريال والنعم فيه .. وصلي استخارة بعد عشان ترتاحين اكثر .

غادرت الغرفة التي اصبحت كالثلاجة بالنسبة لروضة .. التفتت حيث يقبع ذاك المقال على شاشة جهازها .. وما هي الا لحظات حتى دخلت سارة وجلست بعنف على السرير واهتزت روضة جراء ذلك .. قالت بفرح : اكييد امي يت تقولج عن ذياب .. انا كنت تحت وسالتها شو كانت تريد حرمة عمي منها .. لان زيارتها ابد مب متوقعة .. وقالتلي انها يايه تطلبج لذيابوه .. واخيرا حد بيعرس فهالبيت ..


لم تأتها اي اجابة منها .. سوى دموعها التي سكبتها بهدوء .. بخوف : رواضي شو فيج ؟


ازدرت ريقها .. ومسحت دموعها في محاولة يائسة لايقافها : ما اريد يصير في مثل ما صار فهاجر .. يقولون ان الافعال ترجع .. يعني فعل احمد يمكن يرجع في ..


باستياء قالت وهي تمسك كفي روضة : انتي شو تقولين .. انخبلتي .. او ينيتي .. وبعدين احمد اكيد عنده اسباب قوية للي سواه .. واذا ما تبين ذياب لا تتحججين باحمد وهاجر .. واحسنلج توافقين لانج ما بتلقين حد مثل ذياب ولد عمي .. طيب وحنون .. صح ان ما فيه وسامه .. بس والله قلبه وطيبته يغطن ع كل شيء فيه

على مضض ومن بين انفاسها الباكية : بس .. بس .. انا احب .

صرخت دون وعي : شو ؟


امسكت كتفي روضة تهزها وتسالها : انتي شو تقولين ؟ شو هالكلام .. ومنو هذا اللي تحبينه تكلمي ..


نظرت بانكسار لاختها .. ولكنها لم تستطع النطق باي كلمة .. وآثرت ان تنظر الى جهازها .. لتعرف سارة جواب اسئلتها .. وقفت غاضبة وهي تمد ذراعها مؤشرة بسبابتها للجهاز : من صدقج تحبينه ..


جلست بعنف وباهتمام اردفت : انتي قريتي اخر مقال له .. الريال معرس .. وشكله شيبه ..

طأطأت راسها : يمكن كله كذب .. في واايدين يكتبون بعيد عن حياتهم بس عشان ينشهرون .. وانا احبه حتى لو كان مــ...

قاطعتها وهي تدفعها بيدها من كتفها الايسر : مينوونه انتي . . انتي ما تحبينه .. انتي تحبين شعاراته وكتاباته .. شيء يمكن هو بنفسه ما يطبقه بحياته .. مدعي المثالية والخوف ع المجتمع وتلقينه واحد من اللي يالس يقول فيهم كل هالكلام ..


عندما رأت بكاء روضة الذي زاد .. هدأت من نفسها واردفت بلطف وهي تضع يدها على كتف اختها وتقترب منها بجذعها : حبيبتي رواضي .. انتي بروحج قلتي يمكن يكون كذب .. يعني الحين انتي ما حبيتيه هو .. كل اللي سويتيه انج حبيتي كلامه لا غير .. تخيلي مثلا تطلع بنت .. او يطلع واحد اكبر عن ابوج .. او واو .. حبيبتي اللي انتي فيه اعجاب لا غير – قامت واقفة – فكري بموضوع ذياب وخلييج من المغترب .. والاحسن تقومين تصلين لج ركعتين وتدعين ربج يساعدج .

غادرت وهي تقول في نفسها : انتي بروحج تحملين شعارات كاذبه .. تدعين المثالية .. شو فرقتي عن المغترب .. حتي يمكن المغترب يكون اصدق منج .

ابتسمت بسخرية على حالها وهي تنزل الدرجات .. ووقفت وهي تنظر لوالدتها الجالسة وحيدة امام التلفاز .. الحياة ليست كالسابق .. فوالدها ووالدتها لا يزال بينهم شيء من الغضب .. اقتربت وانحنت تقبل رأس والدتها .. ما لبثت حتى وضعت رأسها في حجرها .. والاخرى ما كان منها الا ان تمسح على رأس ابنتها وتبتسم وتسالها عن امتحاناتها ودراستها ..بعدها رفعت كفيها داعية لها بالتوفيق بقلب ام صادق لا يزال احمد الابن البكر متربع فيه بقوة .

,‘،
وحيدا ومنقطعا عن الجميع .. صار له على هذا الحال سنوات وسنوات .. لا يملأ وحدته الا لوحاته وفرشاته الملطخة بالالوان .. وصديقه الاسود ذو الاصابع المقلمة بين الاسود والابيض .. البيانو وموسيقاه التي تحكي مشاعرا في نفسه لا يقوى على البوح بها لاياً كان .. وهناك شيء آخر له نصيبا من تلك الوحدة المتوحشة وهو ذاك القلم الذهبي النحيل .. وتلك الاوراق الصماء الا من نقش جميل على الزاوية السفلى من اليسار .. كل هذا لم يكن معه في وحدته في هذه الساعة .. لا شيء معه سوى ملعقة بيده ملطخة بحبات الارز والصوص الاحمر .. اسند ذراعها على الصحن الابيض الذي لم يتحرك ما فيه الا قليلا من جراء لقمة او اثنتين .. مسح شفتيه بالمنديل ورماه على الطاولة .. قام والافكار لا زالت تتخبط في رأسه .. رمى بجسده المثقل على ذاك الكرسي .. ونزلت شعيرات من شعره الطويل الواصل الى كتفه على جبهته .. رفعها بكلتا كفيه ماسحا بهما شعره .. حتى شبك اصابعه على رأسه واسنده على الكرسي .. اخذ يتذكر ما دار من حديث بينه وبين والده في عصر هذا اليوم ..

اشر بسبابته لوجه والده : اسمع .. لا تييب اسم امي بخيته ع السانك .. وبقولها لك من الحين .. هيه نعم بخيته امي – انزل يده – مب طليقتك تقول ان الام هي اللي تربي .. يعني بخيته امي بشهادة استاذة التربية سلامه محمد .

بنفس الانفعال رد عليه : وحد يرمي امه فدار المسنين .. غير واحد عاق ..


لاول مرة يشعر بانه لا يستطيع ان يتحكم ببرودة اعصابه : ما العاق الا انت وطليقتك المصون .. لو مب عاقيين ما دمرتوني بهالشكل .. لو مب عاقيين ما دمرتوا اخوي .. ولا كان كل همكم فلوسكم وسمعتكم .. لو انت مب عاق كان ما تباهيت بفلوسك ونسيت اولادك .. ولو هي مب عاقه كان ما لهت ورى ندواتها واجتماعاتها ونست ان فالبيت في حد محتاينها .. وما طلعت امومتها الا فويه اخوي .. وتقولي انا عاق .. انا مب عاق يا عبدالعزيز – وضع قبضة يده على صدره – اللي هني نار عمرك ما بتحسها لا انت ولا سلامة .. لانكم مب اهل .. امي بخيته شلتنا وربتنا كانت تسهر واحنا ننام .. كانت تبرد واحنا ندفى .. كانت لنا الام والحظن والحنان والحب .. ما خليتها فالدار الا لاني اخاف عليها هنا بروحها ..

اشاح بجسمه عن والده .. لم يرغب بان يرى نظرة الانكسار بدمعة قد تسقط سهوا مخترقة عتمة نظارته .. واردف : وبعدين انا ليش يالس اقولك كل هذا .. المهم اخلص يا عبد العزيز وقولي شو تريد مني ..


عبد العزيز : ما بتعرف قيمتنا واللي سويناه الا يوم يكون عندك ولد – بشيء من المكر اكمل – الا ع طاري العيال غريبة ان ولا وحدة من اللي تزوجتهن يابتلك الضنا .. كنت متأمل خير فاخر وحده اللي بقت معك فوق الثمان اشهر .. بس ما تصورت انك تكره هالجنس وفنفس الوقت تزوج .. والغريب بعد انك مسمي شركتك اللي فلندن باسم نسائي .. فيك تناقض غريب يا جويسم .


صدحت ضحكته في ارجاء المكان .. حتى توشح الاستغراب عبد العزيز الذي كان يظن بانه كسر جاسم بكلامه .. التفت له وبعدها جلس مادا كلتا ذراعيه على ظهر ذاك الكرسي .. وساقه تعانق اختها : Rose fashion .. يعني باللا عليك يا عبد العزيز شركة موضة وازياء نسائية .. شو تتوقع يكون اسمها .. ع الاقل هي الانثى الوحيدة اللي فحياتي اللي عمرها ما خذت مني كثر ما عطتني .. حتى لو كانت انثى بالاسم .


عادت ضحكته لتهز المكان وسط انفاس عبد العزيز الثائرة .. ما لبث بعد تلك الضحكة حتى قام واقفا بوجه والده : ع فكرة .. نصيب سلامة صار لي .. يعني لا تفكر انك بتاخذه منها اذا عرفت مكانها .

امسك جاسم من ياقة قميصه القطني : انت شو تقول ؟ .. لا تكذب علي يا جويسم .. تعرف كم نصيب امك من شركتي ؟


فك قبضة والده بهدوء : نصيبها 35% . . ونصيبي 20% .. ونصيبك 45 % .. يعني انت كنت – وشد على كلمة كنت – الآمر الناهي فيها .. والحين نصيبي 55% يعني اقدر اوقف بويهك فاي وقت – مشى متوجها للسلم – بس لا تخاف ما بسوي شيء فالوقت الراهن .. العب فالشركة مثل ما تريد .


نفض رأسه وتمتم : كان المفروض ما اكشف اوراقي له .. هين يا عبد العزيز .. بعرفك منو جاسم اللي عمرك ما حسسته بوجودك ..

وقف متوجها لغرفته الخاصة حيث اصدقائه .. وهو في طريقه امسك هاتفه : الوو .. اسمع اريد رقم موبايل عيسى .. الليلة يكون عندي .


جلس على مكتبه .. وفتح احد ادراجه .. واخرج صندوق خشبي مرصع بالنقوشات الذهبية .. مد يده الى نحره وسحب سلسال تعلق في آخره مفتاح صغير .. فكه من رقبته وفتح ذاك الصندوق .. لتظهر فيه بعض الاوراق المطوية بشكل حلزوني ابعدها بيده ليخرج رقعة من الجلد الملفوفة بشريط انيق اسود مطعم بالخيوط الفضية .. ارتجفت يده وكأنها لا تريد لعيناه ان تريا ما في تلك الرقعة .. بعد ثواني مرة كالعلقم فتحها ابتسم بحزن وهو يمرر نظره على تلك الكلمات :

يا طيب الذكر و يا راهي الذوق
.........................ويا منبع الطيبه واحساس راعيها
يا عذب المعاني وبالمستوى فوق
..........................ويا راقي الطباع ومحدن يجاريها

افعاله الزينة ما تنحصى بوثوق
...........................لا ولا كل الكتب بتروم تحصيها
ان قالوا الخلان تتشابه بها عروق
......................هذا اخوي عروقه لعروقي تواسيها

الابيات لاخوي : ناصر الشامسي.




بعد ما انتهى تحسس باصابع يده ما كتب في آخر تلك الابيات : اللي منك صعب ينحط فورقة عادية .. احبك يا اعز رفيق فدنيتي .

,‘،

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 21-09-12, 03:45 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ♫ معزوفة حنين ♫ المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 


غيوم صيفية تنتشر في سماء صباح يوم السبت من ذاك الشهر الحار .. انهت اخر دفتر واجبات .. الطالبات ممتازات ما عدا القليل منهن .. ولكن لا بأس بمستواهن بالنسبة لها .. اغلقت الدفتر الاخير .. واعتقت القلم الاحمر من قبضة اصابعها .. قامت من على مكتبها بشيء من التعب .. وضعت يديها على وسطها ودفعت جسمها للوراء تحاول تنشيط جذعها الذي انهكه الجلوس .. سحبت " شيلتها " الخفيفة الملونة من على السرير .. وتركتها لتعانق رقبتها وتتهادى على صدرها .. اخذت نفسا عميقا وهي تضع يدها على مقبض الباب .. اليوم عليها أن تساعد ريم بما تستطيع .. اليوم يجب أن تحادث عبدالله .. وتحاول اقناعه بنسيانها .. خرجت من غرفتها متوجهة إلى غرفة عبدالله .. طرقت الباب بشيء من التوتر .. بعدها فتحت الباب حين لم يأتها أي جواب .. تجولت بنظرها في انحاء الغرفة الغير مرتبة .. ثوب هنا وآخر هناك .. والحاف قد نام نصفه على الارض .. وعلاقة الملابس تطلب النجدة من الحمل الذي وضع عليها دون اي نظام ..انحنت لتلتقط الثوب عن الارض .. وتابعت مسيرها لتلتقط الاخر .. وهناك يقبع إزار وغترة وعقال قد تدنى من تلك العلاقة .. واذا بها تتجه الى السرير لترتبه .. وهي على حالها اذا باصوات تختلط باصوات السيارات .. تركت ما في يدها وتوجهت لنافذة .. ازاحت الستائر قليلا لتنظر إلى مصدر الصوت .. بدر ومايد هناك ويبدو أن ما بينهما لا يبشر بخير .. كانت تنظر إليهما وتود لو أنها تستطيع ان تلتقط وتعي ما يقولانه .. لكن البعد حال دون ذلك .. يعلو صوتهما ويرجع ليخفت ..


بدر : اسمعني يا مايد .. خل عليا فحالها والا ما بيصير طيب .

دون اكتراث : شو بتسوي يعني .. بتشتكين عند امها والا عند ابوي – تقدم خطوتان للامام – اسمعني يا بدير مب انت اللي اتيي تنصحني فاهم .. وعليا بنت عمتي وانا احق فيها .

امسكة من ثوبه من عند الصدر : ياللي ما تستحي .. عليا صغيرة .. حرام عليك اللي تسويه فيها .. شوف حالها كيف صار .

رمى بيد بدر بعد ما فك قبضته : بدير خلك بعيد عني .. والا كل السيديهات بتوصل لابوي فاهم .. الحين اقولك خلك بعيد احسنلك ..


حين رأت امساك بدر لمايد بتلك الطريقة .. جرت مسرعة خارجة من غرفة عبدالله .. وهي تنزل الدرجات وضعت " شيلتها " على رأسها .. وخرجت من المنزل ودارت حوله .. كانا بعيدا في تلك الساحة المزروعة باشجار النخيل والمانجو والليمون .. وصلت عندهما وكان بدر يصرخ : يوز عن سوالفك يا مايد ..


اقتحمت عليهما المكان : شو فيكم .

زفر بقوة : ما ناقص بعد غير العانس تدخل فاموري ..


صرخ فيه بدر : احترمها هذي اختك العودة

اووووووووهووووووو .. هذا آخر ما نطق به قبل ان ينسحب من المكان .. اما فاطمة فطأطأت رأسها بشيء من الانكسار ..اعتذر منها بدر بخجل .. فالحديث بينها وبين اخوتها الشباب شبه مقطوع .. رفعت رأسها : شو اللي صاير بينكم ؟


بالتأكيد لم يكن ذلك السؤال الصحيح او بالاصح لم يكن الشخص المطلوب ليجيب على ذاك السؤال بكل سهولة ويسر .. فكيف له ان يفضح نفسه بفضحه لاخيه ابن السابعة عشر .. تلعثم وقال بان سوء فهم بينهما بسبب مبلغ من المال اخذه مايد دون ان ياخذ أذنه .. وغادر بعدها المكان .. وكأنه بذاك الفعل ينهي كل شيء .. تحسرت على حالها . والفجوة التي خلقها والدها بمساعدة امها بينها وبين اخوتها الشباب .. فلا يحق لها ان تأخذ حريتها معهم فهم شباب .. اي اسلوب هذا ؟ وفي اي دستور حرم على البنت ان تتعامل مع اخوتها الشباب بحرية ؟ كانت دائما تردد هذا الشيء .. ولكن هل باستطاعتها بعد كل هذه السنوات ان تقحم نفسها بينهم ؟ حتى وان حاولت فهي ترى نفسها ضعيفة لا تقوى على التقدم .. انسحبت من المكان بعد خلوة مع نفسها دامت دقائق معدودة .. ما نوت عليه لم يتحقق وتسأل نفسها وهي عائدة ادراجها الى غرفتها بخفي حُنين : هل استطيع أن احقق ما اردته ؟

,‘،
الضعف الذي هي فيه ليس بقدر الضعف الذي يتملك ريم .. التي تحسب حسابات كثيرة لمن حولها .. والدها .. وعمها .. لا تستطيع ان تتخلص من تلك القبضة الحديدة لتنجو بنفسها وترمي بالخلاف بين اخوين وعائلتين .. ما رأته بسبب طلاق احمد لهاجر كفيل ان يدعها تفكر مليون مرة قبل ان تطلب الانفصال .. كلام ام سعيد الدائم .. ووخزات لسانها حين تلمح للابناء واطفال الاخرين .. كأبر سامة تخترق جسدها المليء بكدمات العنف النفسي الذي تتعرض له .. وذات الابر جعلتها اليوم تجمع ما لديها من شجاعة وتكومها في قلبها الراجف الباحث عن حب حقيقي .. لعلها تجده في جنين تحتويه احشائها اليابسة .. لفت بعض شعرها الكستنائي القصير بمشبك صغير للوراء .. وتركت الجزء الاخر منسدلا على ظهرها .. سحبت الهواء من تلك الغرفة لعل الاكسجين القليل فيها يساعدها على المضي قُدما .. اخذت تتنفس وكأنها أم أتها المخاض على حين غرة .. اجل ستتمخض نفسها وستلد كلاما جديدا على مسامع سعيد .. الذي خرج من دورة المياه والمنشفة على رأسه المكسو بشعر خفيف جدا قد بانت قمته من بينها .. رمى المنشفة على السرير ..وسحب الثوب من يدي ريم الواقفة تلبي له حاجته .. وقف يرتب "غترته " البيضاء .. ويحاول أن يلفها بأتقان وحرفية على رأسه .. قالت بشيء من الخوف وهي تقف بجانبه على بعد خطوات قليلة منه : سعيد ؟

رد دون اهتمام : خير ؟


ازدردت ريقها .. فالكلام صعب كمعركة غير متكافأة وهي فيها الطرف الاضعف .. بصوت خائف ومرتجف .. ومتقطع قالت : ما .. تتمنى .. يكون عندنا عيال ؟

نطقت اخر ثلاث كلمات بسرعة وكأنها تسابق خوفها حتى لا يلجمها وهي مغمضة العينان .. وفجأة فتحتهما برعب واضح .. حين شد قبضته على ذراعها .. حتى خيل لها بانه سيكسرها .. رص على اسنانه وهو ينطق برصاصات تقتلها دون رحمة : كم مرة اقولج انتي هني لتلبية رغبتي وبس .. اما انج تصيرين ام لعيالي فما اتشرف .. ولو عاندتيني بتندمين قد شعر راسج .. فاهمة .


اعتق يدها وادبر خارجا .. تقوست شفتاها .. ونضحت عيناها بالدمع الحار : اندم اكثر من الندم اللي انا فيه .. حرام عليك ياسعيد .. والله حرام ..


,‘،
ندم آخر يجوب ارجاء حياة هاجر .. نادمة هي لانها تخلت عن حلم حياتها بالدراسة في الخارج بطلب من احمد .. تشعر بان عمرها ضاع منه سنتان ونيف دون طائل .. ممسكة بهاتفها ليلامس اذنها بلطف وهي مستلقية على ظهرها .. وساقها تحتظن الاخرى بحنان : ودووم ( دلع وديمة ) حبيبيتي والله حاسه اني غبية لاني طعته .. تدرين مع كل اللي صار حاسه ان شيء فداخلي تغير .. شيء انكسر في وما اظن فيوم يرجع .. صرت واايد جافة مع اهلي .. وبعدت عنهم بعد .. تعرفين احس اني لو شفت عيونهم ونظرتهم لي ما بتحمل .. صايره جبانه ودووم ..


كانت تنفش شعرها القصير جدا بخصلاتها الذهبية والكستنائية : انزين ليش ما تسافرين هجوور .

سحبت جسمها متكأة وكأن ما تهادى الى مسامعها اثارها : اسافر ؟

وديمة : هيه تسافرين .. كملي الماجستير والدكتوراه برع ..

تنهدت : هذا اللي افكر فيه .. بس ما ادري اذا بقدر اقنع ابوي وامي بهالشيء .. صعب عليهم يفارقوني .. هم للحين يشوفوني ضعيفة ما اقدر اتصرف او ادبر عمري ..


وديمة تلك الانسانة القريبة جدا من هاجر .. تستمع لها دون ان تكل او تمل .. تساندها وتدعمها .. معها دائما .. وهاهي تقضي ساعات اخرى معها على الهاتف مع انهما التقتا في الجامعة صباحا .. بعد تلك المكالمة التي من شأنها ان تجعل هاجر تفكر جديا بكل شيء .. وتحاول ان تبني حياتها من جديد حتى وان وصمت بكلمة " مطلقة " .. ابتسمت وهي ترى عدد المتابعين لها يزداد شيئا فشيئا .. ومعظمهم يظنون بانها شاب دون ان يعرفوا ماهية ذاك القب الذي اتخذته لها ستارا في عالم لا يرحم .. كالعادة لا بد لها ان تقرأ آخر ما غُرد به على ذاك الموقع الذي يضم العديد من الاجناس والثقافات .. وفي داخلها احساس لا تعلمه وهي تبحث خلف كل تلك التغريدات .. دون شعور اذا بها تفتح صفحتها وتتجه منها لصفحة المسافر .. شيء ما يجذبها نحوه .. هل هي جرأته وعدم اكتراثه بردودها عليه .. آخر تغريدة له كانت منذ يومان : تغريدة بدون تغريدة

توقفت عند تلك الجملة .. ماذا يقصد بها .. قادها تفكيرها المشوش الى انها قد تكون رسالة لها .. لانه نزل عند رغبتها وابتعد .. اذا بها فجأة تنفض افكارها وتخاطب نفسها : شو فيج يا هاجر .. تعودتي على الاهتمام ومب قادرة تعيشين بدون ريال فحياتج .. ليش تفكرين بهالطريقة .. منو المسافر .. غير ريال مثله مثل احمد ومثل غيره من اللي ما يحسبون حساب لمشاعرنا احنا البنات .. لا تخلين هالمكان يفتح لج ابواب انتي فغنى عنها .. خلج هاجر بس بدون الضعف اللي كان ..

اغلقت جهازها .. وقامت لتنزع عنها افكارها الغريبة .. ولترتمي في حظن فراشها .. وتحلم بغد جديد تكون فيه هاجر التي ترغب فيها ان تكون ..


,‘،

الغد الذي ينتظر خولة كان مغاير لما تطمح به هاجر .. الغد الذي بدأ يزرع بذور الخوف في قلبها النقي .. بعد ذاك الخبر الذي وصلها من عيسى .. ورغبة جاسم في ان يكون عقد القران يوم الخميس أي بعد ثلاثة ايام من الليلة .. اللية التي تبدو طويلة جدا بالنسبة لها .. وهي تتقلب في فراشها .. تحاول ان تظهر القوة امام اخويها .. وان تشعرهما بان هذا قرارها هي .. لا تريد لهما الحزن .. ابعدت الحاف بشيء من الملل .. وقامت من فراشها والساعة تقارب الثانية صباحا .. توجهت لدورة المياه المشتركة خارج غرفتها .. غسلت وجهها بالماء ونظرت لوجهها في المرآة وقطرات الماء تهرب منه .. ويداها مستمتعتان تحت الصنبور .. اغلقته وعادت تنظر لوجهها .. وتساءلت .. مالذي اعجب جاسم .. هي ليست بذاك الجمال ليفكر فيها .. وليست من عائلة معروفة .. سحبت ساقيها بوهن يسيطر عليها منذ ساعات طوال .. جلست على سريرها محتظنة نفسها وتحرك كفيها على ذراعيها وكأن هناك برودة غريبة تتسرب لجسدها .. استلقت بعدم اكتراث على سريرها .. ولا زال عقلها يفكر بالغد .. بالقاء المنتظر الذي اصرت عليه .. لقاء قد يغير مسار حياتها وحياة عيسى وايمان .. لاول مرة تنام دون ان تقوم لصلاة الفجر .. قامت مفزوعة ووانفاسها تهرب منها متسارعة .. استغفرت ربها .. وقامت لتصلي .. بعدها عمدت لهاتفها تطمأن على اختها .. جاءها صوت اختها فرحا بشيء من القلق : شفتج راقدة وما وعيتج .. سويتلي شاهي وخذتلي صمون .. ووصلني عيسى فطريقه لدوام ..ادعيلي خوالي والله خايفة من هالامتحان ..


امسكت هاتفها بعد انهاء المكالمة .. وتمتمت : لا تخافين .. دامني هني كل شيء بيكون اوكي .. كل شيء بيكون تمام .

نزلت دموعها رغما عنها .. وهي تكرر " كل شيء بيكون تمام " ..


لاول مرة تصبح تلك العقارب سريعة .. الثواني والدقائق في تلك الساعة الحائطية العتيقة لا تريد ان تبطء من سرعتها .. وصوتها لاول مرة يكون مزعجا .. تك تك تك ... وكأنها طبول حرب .. تعلن عن هجوم قادم .. رتبت الصالة الصغيرة فلا يوجد مكان غيرها لتستقبله فيه .. نظرت لتلك الساعة المزعجة .. ولو كان بيدها لاخرستها .. وقفت وفجأة هرولت مسرعة الى ملاذها حين سمعت صوت عيسى يرحب بالضيف القادم .. كل شيء معد في الصالة .. القهوة وحبات التمر وبعض الكعك ووعاء مليء بالمكسرات يقبع وحيدا بعيدا .. والنمارق القليلة مصفوفة بعناية .. دخل بهيبته المعتادة .. جلس متكأ على الوسادة ثانيا ساق ومفترش الاخرى .. تناول حبة تمر وبعدها فنجان قهوة من يد عيسى .. هناك في داخله ورغم هيبته وقسوته الظاهرة يوجد شيء يحرك قلبه بشيء لم يعهده .. هل هو التوتر الذي لم يعرفه يوما .. او هو من طلب خولة والحاحها لتقابله .. هز الفنجان في يده .. دليل على انه لا يريد المزيد .. وقال : ياليت تقول لاختك اني اترياها .. ترا وقتي ثمين .. وعندي اشغال .


مرت الدقائق ثقيلة على الطرفين .. نظر الى ساعته الـ" قوتشي" فالوقت عنده كالسيف .. لا يستطيع ان يضيع شيء منه .. هناك في غرفتها وهي ترتدي عباءتها وتضع " غشوتها " على رأسها دون ان تغطي وجهها ، كانت تقنع عيسى ان يتركها مع جاسم لوحدهما .. وبعد جدال مرير .. ومقدرة منها على الاقناع استسلم لها عيسى .. آملا في نفسه ان يكون تفكيرها هو اقناع جاسم بالتخلي عنها .. وطالبا منها ان تناديه اذا حصل اي شيء ..بقي في غرفتها وخرجت هي بعد ان اسدلت غطاء غشوتها على وجهها .. قام واقفا وهو يرى تلك المتوشحة بالسواد تقف ملقية السلام عليه .. ظل واقفا وهي كذلك ظلت واقفة لبرهة بعدها دعته ليجلس وجلست هي بعيدا عنه في آخر الصالة قريبا من بابها الداخلي المؤدي الى ممر الغرف .. بعد صمت توتر .. وهدوء يبعث في النفس الريبة ، قال : قالي عيسى تبين تشوفيني .. وانا ظنيت انها النظرة الشرعية .. فليش متغطية .


سيطرت على نفسها وطوت خوف نفسها : انت بعد مغطي ويهك .

قهقه بضحكته المعتادة .. بعدها سكت وهو يقول : تقصدين هذي – اشار الى نظارته – لا ما عليج منها .. لازم تتعودين انها تكون دايم ع ويهي .

خولة : ليش ؟ عيونك مب حلوة .. او اعمى ؟

ابتسم : الاعمى ما يشوف ويختار .. وانا اخترتج

خولة : يعني شفتني .. وماله داعي اشل الغشوة ..


براحتج .. كلمة قالها لتربكها وتحول ضربات قلبها وكأنها في سباق وتسعى للفوز : ممكن اطلب منك شيء ؟

تنهد حتى قُبض قلبها من تلك التنهيدة المفجعة بالنسبة لها : تعتقدين انج فموقف يسمح لج انج تطلبين شيء ..


شبكت يداها : اعرف انك فايز في كل الاحوال .. بس بغيت شيء منك .. واعتبره اول واخر طلب بتسمعه مني .

نظر اليها بعيون يملأها شيء من الكره .. وقال في نفسه : كلكن مثل بعض .. ما تريدن الا الفلوس .. حتى لو مقابل شرفكن .. وانتي مثلهن كلهن يا خولة .. مب مختلفة عنهن .. وانتي عارفه فنفسج اني يمكن اطلقج بعد اسبوع من زواجنا .. وطبعا مثلهن لازم تقبضين الثمن .. رخيصة مثلهن .. وانا اللي ظنيت انج يمكن تكونين غير .. خسارة .

تشدق ساخرا : آمريني .


تنفست وكأن ذاك الصمت كان كالجبل يكتم على انفاسها : اريد بيت لاخوي عيسى ..و .. واشوف العقد قبل ما نملج .

الهدوء من قبله كان كفيلا بارعابها : تم .. وغيره ؟

سقطت دموعها .. فهي لم تطلب يوما شيئا من احد .. واليوم تطلب اشياء باهضة الثمن من شخص غريب عنها ..انتبه لصوت انفاسها الغريب .. احس بان هناك شيء ما تغير فيها .. ونبرة صوتها كانت فاضحة لها : اريدك .. تتكفل بدراسة ايمان فالجامعة .

ليش تصيحين يا خولة .. شو اللي خلاج تنزلين دموعج بهالشكل .. كانت تساؤلات تثير زوبعة في صدره : بس اي جامعة اللي تريد تدرس فيها .. وانا مستعد اتواصل معهم واتكفل بكل مصاريفها الين ما تتخرج .

ابتسمت بحزن : بعدها ما اختارت . لانها للحين تمتحن .

يبدو ان صوتها المتهدج كسر شيء فيه : خلاص ولا يهمج .. اول ما تخلص وتستلم شهادتها تختار الجامعة اللي تريدها وانا اوعدج اني بسوي الازم .. ووعد جاسم الـ .... ما يخلفه لو ع قطع رقبته .


قامت واقفة .. وقام معها .. باستنكار : خلصت الطلبات؟ .

خولة : اسفه ثقلت عليك .. بس هذا كل اللي اريده .. والسمووحه منك .. عن اذنك

ناداها قبل ان تغادر : بس انتي ما طلبتي شيء لعمرج – باستهزاء – ما تبين سيارة او فله او رصيد فالبنك ..

امسكت عباءتها بقبضتها اليمنى وشدة عليها دون ان يراها لانه يقف على يسارها : هذا كل اللي اريده .

صبري .. كلمة نطقها لتتسمر مكانها من جديد : انا عندي طلب ..

ارتجفت عظامها حتى ظنت انها غير قادرة على الوقوف : من المحكمة سيدا ع بيتي .


سكتت وهي تحدث نفسها : تستاهلين يا خولة .. وتحملي اللي بييج .. انتي بديتي وكملي ولا تنسين تبتسمين ..

موافقة .. كلمة بمقدورها ان تخفي الابتسامة الساخرة من على محياه .. كان يتمنى شيء .. اعتراض .. طلبات .. ولكن لا شيء .. سوى الموافقة . ظل واقفا مكانه يراها تغادر بسوادها الغريب في نظره .. اختفت ليأتي بعدها عيسى ويصحبه الى سيارته ومن هناك يمد له بظرف : خل خولة تجهز عمرها فهاليومين .. والـ500 الف ما نسيتها . بتكون فحسابك قريب

عيسى : ما اريدها .. واعتبر هالظرف هو مهر خوله .. لاني ما اريد احس عمري اني سافل وحقير وبعت اختي .


ضحك باعلى صوته : الظرف ما فيه الا 25 الف – رفع حاجبه – يكفن يومين .


تبعثرت ذرات الغبار من خلف سيارته .. وعيسى واقفا يكتنفه الحزن والظرف قابعا في قبضته . لا يعلم كم من الوقت ظل هكذا .. كل ما يدركه ان نفسه لم ترضى عما حدث .. ولن ترضى .. عاد الى الداخل .. وتجنب الذهاب لاخته .. وضع الظرف في غرفته وغادر من جديد .. الى عمله .. الى مكان يتعبه لعله ينسيه ما فيه . ويزيح ذاك الجبل الكبير الذي يقبع على كاهله منذ اسابيع خلت .

,‘،
بنصر .. وسطى .. سبابة .. كانت تلك اصابعه تقرع الطاولة دواليك .. مرارا وتكرارا .. سرير كشف ابيض في تلك الزاوية .. وعلاقة عليها روب ابيض في جهة اخرى .. ودولاب به شيء من الادوية البسيطة .. غرفة طبيب بدون صاحبها .. ضربات اطراف اصابعه المتكررة دليل على تفكيره ..


تلك الليلة المشؤومة .. بعث برسالة له .. مفادها انه بحاجته .. وان سيارته تعطلت في واحد من الاحياء الشعبية .. وعمار لا يرد على هاتفه .. بشهامته نسى كل ما كان .. ووصل للمكان المتفق عليه .. تراءت له سيارة طارق السوداء .. فترجل ليباغته اثنان من الجنسية الباكستانية يشدان ذراعيه .. بعيون جاحظه وخوف نظر لطارق القادم بابتسامة مخيفة : قلت اني بوريك نجوم الظهر .. وانا عند كلامي ..

بخوف ومحاولة للفرار من الايدي المطبقة عليه : طارق تعوذ من بليس ..


فجأة وحين تركاه بطلب من طارق .. لم يكن منه الا الفرار .. اطلق قدماه للريح .. ولكن هيهات ان يهرب من ذاك الطريق الذي سلكه .. لحقوا به ككلاب صيد وهو فريستها .. الخوف والرعب الذي تملكه كان كفيلا بأن يسقطه ارضا .. ليتكالبوا عليه .. ويحشر نفسه على الجدار .. واحد عن يساره واخر عن يمينه .. وطارق يشد قبضته لينهال على وجهه تهشيما : طارق .. الله يخليك لا تضرب ..


ترجي كان بداية لسخرية طارق منه : خواف .. تخاف من الضرب .. ولا خفت وانت تكسر قلب اختي ..

صرخ باسمها وهو يمد قبضته ليتفاداها احمد .. ويصرخ الاخر بوجع لكمته في الجدار .. لتُخدش ويسيل الدم منها . ويهزها بعنف .. ويعيد احكامها من جديد : جبان ..

لكمة اخرى كفيلة لتسكب الدماء من انف احمد : طارق الله يخليك خوز ( ابتعد ) عني .. انا .......


لا صوت .. لا شيء في اذنيه الا طنين مميت جراء تلك الكلمة التي قالها احمد .. تسمر مكانه .. وهرب المعاونان بمجرد سماعها .. انهار احمد على الارض : قلت لك لا تضرب .. قلت لك لا تضرب .


ضرب الارض بقبضته وهو يردد تلك الجملة .. دماء احمد مختلطة بدماءه على قبضته التي لا تزال مشدودة بجانبه .. واقفا ومتسمرا كأن دلو ماء بارد سكب عليه ..


عاد لواقعه على دخول الدكتور سلمان صديقة و الاخ الوحيد لشهد زوجته .. دخل وهو يعتذر عن التأخير بسبب حالة طارئة .. نزع سماعاته الطبية عن رقبته ووضعها على جانب الطاولة .. ابتسم طارق : هذاك اليوم ما قدرت اكلمك .. لان شهد طوال الوقت كانت معنا .. وعقبها انشغلت .

سلمان : ع طاري شهد .. شو صاير بينكم .؟


طارق : ما صاير الا الخير – باهتمام اكثر – اريدك فموضوع .. اريد اسوي تحاليل بدون محد يدري عنها .. لا شهد ولا اي حد غيرك .

بخوف : تحاليل شو ؟ انت مريض .. فيك شيء ؟

طأطأ رأسه .. وشبك اصابعه بين فخذيه : ايدز .

,‘،
بينما كان طارق يوضح لسلمان ما حدث معه دون ذكر اسم احمد في الموضوع ... واخذ وعد منه بعدم اخبار شهد بأي شيء .. حتى يستعد هو لاخبارها .. كانت ميثة جالسة في مكتب مديرة المدرسة التي ترتادها علياء .. الكلام من المعلمات المجتمعات في ذات المكتب كان كفيلا بان يثير اعصابها .. خرجت بعد طول استماع ونصائح .. وهي تحمل حقيبة يدها الكبيرة على كتفها .. ركبت سيارتها " الهوندا " البيضاء .. جلست فترة بها وهي تحاول ان تضبط اعصابها .. نظرت الى حقيبتها المتكومة على الكرسي بجانبها .. وكأنها تستنطق ما فيها بنظرات تسأل : لماذا؟

انطلقت بسيارتها متوجه لبيت اخيها عبد الرحمن .. تريد لاحد ان يمتص غضبها .. وان يوجهها .. ليست بصغيرة ولكنها اغفلت الكثير والكثير في تربية بناتها ومراعاتهن .. تعلم ان عملها ابعدها عن بناتها بقوة وخاصة علياء .. فهي لم تمتلكه الا بعد وفاة زوجها .. رغبة منها بالاعتماد على نفسها في مصاريف بناتها .. ولم تدرك ان هذا العمل وجميع تلك التغيرات التي حدثت بوفاة شريك عمرها كفيله ان تشتت استقرار علياء النفسي ..
الاشارة حمراء .. التفتت يسارها .. هناك في تلك الجهة الحديقة التي لطالما لعبت فيها مع بناتها ومع علياء بالذات .. هناك كان يقف يبتسم بحب وهو يراها مع بناتها .. هناك كانت ذكريات لم تعد .. وهناك مكان قد هجرته منذ امد .. صوت ابواق السيارات المستاءة من وقوف ميثة بهذا الشكل جعلها تعود الى واقع حياتها الممل .. الواقع الذي تعيشه وهي تظن بان كل ما تقوم به هو الصواب .. انطلقت من جديد .. لتطوي تلك العجلات المسافات ولتوصلها لمنزل عبد الرحمن ..ترجلت من سيارتها ومعها تلك الحقيبة التي تحمل دلائل على اجرامها بحق ابنتها .. اما في الداخل فكانت مريم جالسة كعادتها تستمع للاذاعة ولبرنامجها المفضل على ابوظبي .. ما ان دخلت ميثة حتى قامت مرحبة بها : حياج يا ميثة .. القهوة زاهبة ..

اغلقت الراديو .. وبدأت تقرب التمر من ميثة .. وتفتح الاناء لتنتشر رائحة " البلاليط" ( اكله اماراتية شعبية ) في المكان .. وهي تقوم بذلك كانت تسألها عن بناتها وعن اخيها راشد وعن ابناءه .. اخذت تمرة وفنجان قهوة يتيم وقالت باهتمام : وين عبد الرحمن ؟

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 21-09-12, 03:46 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ♫ معزوفة حنين ♫ المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 


ردت عليها مريم بشيء من الخوف : خير يا ميثة .. في شيء .. مب عوايدج اتيينا فهالوقت .. وبعدين ما عندج دوام اليوم .. والا شو السالفة ؟

قامت واقفة وهي تخلع عباءتها وتضعها على الوسادة وتعود وتجلس متكأة بعض الشيء : ترخصت من الشغل .. اريد عبد الرحمن فسالفة .. وينه

ما ان اكملت جملتها حتى دخل عبد الرحمن وبيده كيس بها الكثير من البيض الطازج .. كان متعبا .. ومظهره خير دليل على ذلك .. دخل وهو ينادي على مريم .. لتقوم وهي تقول : ولد الحلال ع الطاري .. وصل من العزبه ( مكان لتربية المواشي والدواجن )

اعطى الكيس لمريم التي بدورها اخذته للمطبخ : حيالله ميثة . زارتنا البركة ..

قامت لتحي اخاها بالتحية الاماراتية المعروفة .. لمست انفه بانفها مقبلة له .. وبعدها وضعت يدها على رأسه ليطأطأه قليلا وتباشره بقبلة اخوية تقديرا واحتراما .. استغرب من مجيئها في هذا الوقت ..كما استغرب قبله زوجته مريم .. اسرت اليه انها تريده في موضوع مهم .. فقاما من الصالة وتوجها لمجلس الرجال حتى لا يقاطع حديثهما احد .. ما ان جلست حتى قالت بحزن ونبرتها تخالطها حشرجة باكية : عبد الرحمن .. اختك مب عرافة شو تسوي .. والله مب عارفة شو اسوي ..

قال باهتمام وحنان زائد : خير يا ميثة شو صاير .. البنات فيهن شيء .. اخوي فيه شيء ؟

ميثة : عليا يا اخوي .. عليا كسرت ظهري اليوم .. آآآآآه يا بنتي..

لم يعد يقوى على ما يحدث فقال بشيء من الحزم : اهدي يا ميثة وخبريني شو صاير ..

سحبت حقيبتها وفتحتها وهي تخرج الاوراق ورقة ورقة وتعطيهن لعبد الرحمن : شوف .. 3 من عشرين .. وهذي 5 من عشرين .. وهذي صفر .. وهذي 6 .. البنت ما تذاكر – بدأت شهقاتها تعلو – حسيت نفسي صغيرة واسمع المدرسات يقولون عنها .. انها ما تنتبه وياهن .. آآآه يا اخوي .. عليا اللي كانت من الاوائل هذي درجاتها .. والله لو اشوفها قدامي ما برحمها .. صغرتني قدامهن صغرتني يا اخوي .. وكل ما اسألها شو فيج ما ترد علي .. تعبت والله العظيم تعبت ..

كان يستمع لها وهو ينظر لاوراق الامتحانات بين يديه .. وضعهن جانبا : ميثة الضرب ما بيب فايدة .. البنت شكلها تعبانه ويبالها حد يكلمها بشويش .. مب بالصريخ .. ولا تنسين انها كانت متعلقة بالمرحوم ..

ميثة : ما اظن ان موت ابوها السبب .. درجاتها كانت زينه الا من كم شهر انعفس حالها .. من يوم ما ..

سكتت وكأنها بدأت تتذكر اشياء مرت عليها .. طلبها الدائم بالعودة الى منزلهم .. خوفها .. كوابيسها .. هروبها ليلا من غرفتها لتندس في فراش ميثة .. تعلقها فيها وهي تترجاها ان لا تتركها وحدها وتاخذ اختاها .. انعزالها عن الجميع ..نزلت دموعها وهي تتمنى ان لا يكون ما تفكر فيه ..

سألها : من يوم شو يا ميثة ..؟

سحبت الاوراق ودستهن في حقيبتها بعنف واغلقت عليهن : من يوم ما سكنا بيت راشد .. اسمحلي يا بو عمار لازم اروح البيت ..

ناداها يريدها ان تبقى للغداء .. لكن لا فائدة ترجى .. لبست عباءتها وانطلقت وهي تمني النفس ان لا تكون افكارها واقعا ..هناك عادت من مدرستها مبكرا .. فلا توجد سوى امتحانات وما ان تنتهي منهن تعود .. كانت جالسة في الصالة الصغيرة التي تجمع غرفتها مع اختيها وغرفة والدتها في ذاك القسم الصغير المخصص لهن .. الباب مفتوح على مصراعيه .. وهي جالسه مع اختيها تلون بالالوان وتشخبط معهن بمرح طفولي .. تشعر بالراحة في هذا الوقت .. فكابوسها ليس هنا .. وفجأة تسارعت انفاسها .. وشعرت بأن قلبها سيخرج من بين اضلعها .. وقلم الالوان حفر الورقة بقوة حين سمعته : الحلوين يالسين يلعبون .

لا .. مب هو .. هو فالمدرسة .. مب هو .. انا احلم .. كانت هذا ما تردده بصوت مرتعب وخافت ..صرخت خلود : خربتي الرسمة .

اقشعر بدنها حين لمست يده يدها .. وهو يجلس القرفصاء بجانبها ويهمس في اذنها : ما تبين تروحين حجرتي دام محد فالبيت وكلهم فدواماتهم ..

فجأة اذا بها تسلط القلم نحوه بيد مرتجفه .. وعيون غاضبة خائفة .. وتطالبه ان يبتعد عنها .. في وسط صمت غريب من قبل اختيها .. لا يعرف ماذا جرى له .. هناك شيء ما تغير .. لعل نظرتها ارجفته من اعماقه .. نظرة خوف وانتقام ورغبة بالصراخ .. حين رأت منه عدم الحراك قامت تتخبط الخطى وهي تجري مسرعة للغرفة .. لحق بها امسك الباب قبل ان تقفله وهي تصرخ : خوز عني .. خوز ..

علايا اسمعيني .. كانت نبرته مختلفة هذه المرة .. لكن هي لا تسمع الا كلماته ذاتها .. ولا تشعر الا بانفاسه التي تحرقها كلما رآها وقبلها .. لم تقوى على الصمود اكثر وهي تدفع الباب .. كان اقوى منها .. فتركته له وجرت من جديد لتختبيء هناك في دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. كانت تضرب وجنتيها بكفيها بخفة .. وكأنها توقظ نفسها من كابوس مرعب : حلم ..حلم .. حلم

كان يسمعها .. يشعر بشهقاتها وبأنفاسها .. كان صوتها يخالط صوت بدر الذي ما ينفك بطلبه ذاك .. بأن يبتعد عن علياء .. تجلس القرفصاء متكأة على الباب .. طرقاته كانت تهز جسمها وهي تحاول مرارا لتوقظ نفسها من تلك الحقيقة التي تحسبها حلما .. بل كابوسا .. كان ولا يزال يقظ مضجعها ليلا .. وها هو الآن يطاردها في يقظتها .

- علايا تسمعيني .. فتحي الباب وانا اوعدج ما اسوي اي شيء .. بس فتحيلي ..

لا شيء من قبلها الا شهقات متعبة وانفاس خافته .. ونبرة صوت تخبو رويدا رويدا ..

وين عليا ؟ سؤال طرحته ميثة على خلود حيث لا تزال مع اختها ترسمان وتلونان .. وقبل ان يأتيها الجواب رأته خارجا من هناك . من غرفة بناتها .. حملقت فيه .. وتوتر جسده من نظرة عمته التي بدأت تقترب منه شيئا فشيئا .. لا بد من كذبة ما .. والا كُشف امره .. سألته بشك وريبة : شو تسوي هني ؟

تلعثم بعض الشيء : سمعت صرخة وييت .. قلت اكيد علياء .. بس ما طاعت تفتحلي الباب .. عمتي روحي شوفيها .. مب راضيه تفتح

دفعته بذراعها لتمر من جانبه .. اما هو فاسرع الى خلود وحصة ليسكتهما ببعض الحلويات كما اعتاد .. وليخوفهما بعض الشيء بشخصيات رسوم متحركة شريرة .. وبعدها غادر مسرعا .. اراد ان يبتعد عن المنزل بقدر الامكان .. حتى يرتاح من وساوس نفسه القاتلة .. اما هناك فلقد تعبت ميثة من طرق ذاك الباب .. وعلياء لا تفتح .. ولا يوجد صوت لها . كانت تبكي وتلوم نفسها .. وتترجاها ان تفتح .. لكن لا من مجيب .. ابدا لا من مجيب .


,‘،


مسحت بكفيها على وجهها وهي تنطق الشهادتين .. طوت سجادتها والتفت الى حيث يقبع ذاك الظرف .. بالامس احظره لها عيسى .. قامت وبيدها سجادتها .. وضعتها على سريرها .. وجلست .. لا تعرف كيف سيستقبل عيسى ما حدث .. لا تزال تذكر لهفته وهو يسألها : هاااه اقتنع انه يخليج ؟ ..

لترد عليه هي بكذبة تعلم بأنها لن تنفعها : لا .. يريدني ولا يريد يخليني .

تنهدت وهي تحاول ان تقنع نفسها بان ما فعلته هو الصح .. مر الوقت والبيت بدأ يخلو .. ايمان وعيسى خرجا مثل كل يوم .. وهي بعد خروجهما قامت لتستعد لذهاب الى السوق مع جارتها التي كان اندهاشها كبيرا بخبر زواج خولة بعد يومان : يا بنتي ع الاقل سوا عزيمه صغيره لجيرانكم .. والله ما يصير هالشيء .. يعني حتى حنا ما بتتحنين .. شو عرسه هذا ؟

خولة : خالتي الله يخليج .. هذا اللي صار .. وحتى لو سوينا ترا مردي لبيت ريلي ..

ضربت كف بأخرى : لا حول ولا قوة الا بالله .. بكيفكم ..

تذكرت هذا الحديث وابتسمت، وتمتمت : الله يعيني ع حنتها .. بس محتايتنها تكون وياي .

خرجت معها الى السوق مر الوقت بين محلات الاحذيه ومحلات الملابس .. وجارتها لا تتوقف عن الكلام .. وها هي تطلب منها شراء طقم من الذهب لها لتتزين به .. ولكن خولة اصرت انها لا تريد .. ومع شدة الحاح جارتها قالت لها بعفويه : جاسم بيشتري ..

تساءلت في نفسها .. هل حقا سيشتري لها ذهبا . ويغدقها بالملابس الفاخرة .. هل سيعترف بها زوجة له .. اما انها ستكون جارية لايام فقط ؟
كانت تتسوق واعين تراقبها من بعيد .. ترصد كل تحركاتها .. حتى ماذا تشتري .. ومن اي المحلات ابتاعت .. كانت تشعر بتلك العيون ولكن ظنت بانه خوفها فقط .. انتهت اخيرا .. وطلبت السماح من جارتها لانها اتعبتها معها هذا اليوم .. ولكن تلك الجارة اعجبتها طيبة خولة لتبتاع لها شيء بين الحين والاخر .. وتتعذر بانها لا تريده بعد ان تلقي باعجابها به على مسامع خولة .. ومن ناحية اخرى تقول بانها لا تملك المال لشراءه .. لتبتسم خولة بعفوية وتطلب منها اخذه وتعتبره هدية منها .. اعجبها كل ذلك وطلبت من خولة ان ترافقها غدا ايضا .. ليس حبا في خولة بل طمعا في شراء شيء جديد بالغد من مالها ..

,‘،
اما هو فكان جالسا بكل راحة بعد اجتماع اخذ ساعة وربع الساعة من وقته .. وظن بانه بلا طائل .. فنفس الافكار تعاد عليه .. حينها صرخ بالمجتمعين : اريد افكارا جديدة .. معكم شهر واحد فقط ..


غادروا المكتب البعض يتملكه الخوف والبعض يتملكه التنمر .. والبعض الاخر يسعى باي طريقة ليثبت نفسه اكثر ..اما هو فليس مهتما كثيرا .. يعرف نفسيات موظفيه .. الحاقدين منهم والطامعين .. وحتى اولئك المكافحين .. حتى وان كان بعيدا عنهم في مخدعه العاجي الا انه يعلم جراء العيون التي يبثها في كل مكان .. والآن هناك عين جديدة انظمت الى تلك العيون .. عين ترصد تحركات زوجة المستقبل .. كما كانت تلك العيون تعمل له هو فقط .. فهناك عيون اخرى تلعب على الحبلين كما كان يقول دائما : ما احب اللي يلعب ع الحبلين .

كان ساندا رأسه على كرسيه الجلدي وظهره لمكتبه .. ينتظر شخصا يدخل .. شخصا كان يعتمد عليه بقوة .. ولكن حين تخونك يدك فعليك ان تقطعها .. هذا هو قانون جاسم .. لا يحب الخونه معه .. دخل بطوله الممشوق وجلس كما اعتاد دائما ان يكون تعامله مع جاسم دون تكلف : طلبتني استاذ جاسم ؟

لف بكرسيه لتبان ابتسامته .. وليعتق الكرسي من ظهره : جون .. كم صار لك وانت تعمل عندي .. او لنقل معي ؟

تشدق فرحا ظانا بان هناك منصبا في الطريق او مكافأة ما .. او لعله اطراء على عمله : ست سنوات ..

انحنى بجذعه للامام واخذ يتفحص جون بنظراته من خلف نظارته .. توتر وهو في مكانه .. فيبدو ان هناك شيء ما . فهو يدرك ان جاسم ذكيا جدا .. ومن الصعب العب عليه : اختر يا جون .. انا او والدي ؟

جون : مالذي تقوله .. انت تعلم بأني معك .. ووجودي مع السيد عبدالعزيز فقط لاجلك انت .. فلا داعي لهذا الكلام .

ابتسم ابتسامة اكبر عن سابقتها .. ومد يده ليفتح دُرجا من أدراج مكتبه ..وبعدها رمى بعدد من الصور امام جون : اجتماع فاخر في برج العرب .. متى ذهبت الى دبي يا جون .. ومن هذا الذي معك بالصورة .. اليس والدي ؟..

قام واقفا وهو يشعر بهالة من الخوف تحيط بجون .. مشى حتى وقف أمام لوحة فنية كان قد اشتراها من معرض لفنان هاوي .. عبارة عن خطوط متداخلة من الالوان .. لا ملامح قد تعبر فيها : اتذكر عندما جأتني لتخبرني عن مشروع عبد العزيز الكبير .. وقلت لي بأنك لم تستطع معرفته .

جون : اجل .. اذكر جيدا .. وانا حقا لم اكـــ..

قاطعه وهو يضع يده على كتف جون : لا تكذب يا جون .. الآن انا اخيرك بيني وبين والدي .. فمن ستختار ؟

ابتسم بشيء من الراحة : انت بالتأكيد

قهقه جاسم : وانا لا اريدك يا جون .. خذ مستحقاتك ولا تريني وجهك ثانية ..

يدرك عظيم الادراك ان فعله هذا سيزيد من اعداءه في هذه الساحة المخيفة .. ولكنه يكره هذا الصنف من الاشخاص .. يكره ان يكون الشخص ذا وجهين ...

ضحكات صغيرة ومرحة كانت تتسلل بين نبات البرسيم الممتد على مساحات شاسعة من تلك المزرعة الكبيرة .. تتراقص الاوراق على صوت المرح .. وزقزقات العصافير تهيم بذاك الحب الطفولي والاخوي : جسووم لا تروح بعيد

وهو يتلذذ منذ الصغر باخافته .. يناديه ولكنه لا يجيب .. بكى وهو يعرك عيناه : جسوم ما احبك ..

صرخة من خلفة كفيلة ان ترعبه ليركض مسرعا يختبأ في حظنها . وتدفنه في جسدها الممتليء بحنان الام .. تراء لها ضاحكا .. مقهقها .. لتزجرة : جويسم ما بتيوز عن سوالفك يالهرم .. زين الحين .. خوفت اخوك .


ذكرى جميلة كانت تحبه كثيرا لدرجة ان ذاك الحب من شأنه أن يولد الغيرة في قلبه .. ولكن هو ايضا يحبه .. يتسائل كثيرا هل ما يفعله صحيح .. لكن ما عساه ان يفعل .. اذا الاطباء قالوا بانها لن تتحمل اي صدمة قوية .. وهو يعلم مدى قوة ذاك الحدث عليها .. فما زالت آثاره باقية في نفسه حتى الآن .. الغى كل مواعيده لهذا اليوم .. وخرج من ذاك المبنى الفخم .. ركب سيارته .. لا يحبذ ذهاب السائق معه الى ذاك المكان .. فهو لا يريد دخيلا عليه في لحظات يحبها ويعشقها وتؤلمه ايضا .. وصل تنفس بقوة كعادته فكم هو صعب عليه هذا العمل .. نفش شعره المصفف بعبثية طفولية .. وابتسم وهو ينظر لوجهه في المرآة الامامية .. كل شيء كما اراد.. ترجل من سيارته ليطوي ذاك الطريق بين اشجار النخيل .. وليصل اليها .. بخيتة .. او كما يناديها " أمي بخيتة " .. ولج لغرفتها بعد ان سلخ شخصيته القاسية .. ها هي هناك تقبع جالسة على الارض .. وتتغنى بأهازيج الغوص التي طالما سمعتها من والدها وحفظتها .. ابتسم بحزن .. فهي تعيد اليه ذكريات طفولته الجميلة .. قبلها على رأسها ومن ثم يدها .. فعل لا ينساه ابدا : شحالج امي ..

بعيون متعبة وشاردة بعض الشيء قالت : وين اخوك ؟

ضحك مرغما : تعرفين جويسم ما يخلي شغله ابد ..

نظرت اليه نظرة حزن غريب .. فهي أم .. فهل هناك ام لا تعرف ابناءها ؟.. ابتسمت بوهن : وين اخوك يا جويسم .. متولهه عليه .. من زمان عنه .. تذكر يوم تضربه .. وايني يركض يقولي جسوم الهلم ( الهرم ) دقني .. فديته وفديت سوالفه .. وين قاسم يا جاسم .


لاول مرة لا يخجل من دموعه .. انكب على فخذها .. بكى .. اجل بكى .. كان يظن انه يخدعها بتقمص شخصية اخيه المرحة .. بكى دون خجل وهو يردد : خذوه يا امي بخيته .. خذوه .. واحرموني منه ..

وضعت كفها على رأسه بحنان .. وسالت دموعها مبتعدة خلف ذاك البرقع الذهبي اللون .. واخذت تغني له وكأنه طفل صغير في حظنها .. تهاديه لينام .. طفل يحمل في داخله كره وحقد قد يحرق اقرب الناس له يوما .. طفل غير ذاك الطفل الذي تعرفه .. وكل دمعة ذرفها تزيد من عمق بحر الكراهية في قلبه الدامي .

,‘،
ذاك الكره الذي يتغلغل في نفس جاسم اكثر بكثير من ذاك الكره الذي بدأ يتولد في عبدالله .. بعد صلاة العصر اجتمع مع والده واخيه الاكبر سعيد .. وعلم ان وراء تلك الابتسامة الماكرة من سعيد موضوع ما .. فهي لا تبشر بخير .. تكلم راشد في ذاك الموضوع الذي يكرهه عبدالله كرها اعمى .. ولا يطيق حتى النقاش فيه قام واقفا : ابويه ما اريد اعرس .. كم مرة قلت لكم ما افكر بالعرس الحين ..

صرخ عليه بان يعود ليجلس من جديد .. فالكلام لم ينتهي بعد .. اخيرا نطق بعد طول صمت وهو يبتسم بتلك الابتسامة المثيرة للهواجس في قلب عبدالله : يمكن اذا عرفت من هي العروس تغير رايك .


راشد : صح كلام اخوك .. والبنت مالها الا عيال عمها عشان يوقفون وياها .. ويحطون حد لكلام الناس عليها ..


ترددت تلك الجملة في ذهنه " عيال عمها " .. ليقطع تفكيره كلام والده : هاجر صار الكل يتكلم عليها عقب طلاق ولد خالتها لها .. ولازم نوقف وييا اخوي ونحط حد لكلامهم .. وما بيصير هالشيء الا بزواجك من هاجر .


جحظت عيناه وهو ينظر لسعيد .. هذه من مخططات سعيد ليبعده عن ريم .. تلك الريم التي لم يحبها يوما .. وكل يوم يتلذذ بتعذيبها .. هكذا وبزواج عبدالله من اختها سيظمن انها لن تكون لاخيه يوما .. حتى وان طلقها .. تلاشت الحروف عند شفتيه .. تبخرت الكلمات .. بماذا عساه يرد .. او ماذا عساه يقول .. سوى لا .. لا التي لا يظن بانها ستفيد الآن .. لم يعي اي شيء من كلام والده .. الذي ظن بان سكوته دليل موافقته .. خرج راشد وهو لازال ساكنا .. كيف يستطيع تقبل هذا الخبر الذي كسر قلبه بقوة .. لم ينتبه الا حين وقف سعيد امامه .. نظر لقدميه وبعدها رفع نظه تدريجيا حتى تلاقت العيون .. بسخرية مميتة قال : مبرووك يا عريس .

ادبر خارجا .. والاخر تجمد الدم في عروقه .. سيخسر حبه .. سيخسر من تربعت في قلبه سنين وسنين .. سيتلاشى الامل الذي يتشبث به .. تحامل على نفسه المكسورة .. وقام واقفا .. مشى وهو لا يعلم هل قدماه من تحملاه او هو من يحملهما .. خرج من ذاك المكان المبوء بالقرارات العادمة لحبه .. خرج واذا به يراها تنزل الدرجات بعباءتها وابتسامتها العذبة .. وقفت ونظرت اليه .. هالها منظره .. ولكنها لا تستطيع حتى السؤال .. غادرت المكان .. وهو يتبعها بعيون دامعة بدون دموع .. فجأة لا يعلم من أين جاءته تلك القوة ليجري مسرعا خلفها .. ويمسكها من ذراعها .. لتذعر وتلتفت له .. سحبت يدها بعنف لكن سرعان ما عاد يمسكها وهو يلهث : تعالي وياي .

صرخت عليه : خلني .. شو فيك ..

كانت تنظر للاعلى واحيانا لباب الفلة .. تتخيل هجومه عليها .. يضربها يهينها .. تسحب يدها دون جدوى .. وهو يسحبها للخارج : اذا ما تبين سعيد يشوفج تعالي وياي ..

اجل هي لا تريد لسعيد ان يراها .يرعبها كثيرا اذا غضب .. مشت معه بخوف .. وقفت حيث فتح باب سيارته : ركبي .. ريم ركبي .. والا والله اتصل بسعيد الحين اخليه يشوفج وياي ..

تعلم ان سعيد هناك على السرير نائما .. اخبرته انها ستذهب لمنزل والدها وستعود عند العشاء ووافق .. الافكار تتخبط في عقلها .. لا تعرف ماذا تفعل .. صرخت على عبدالله حين اخرج هاتفه من جيبه : خلاص .. بركب .. بس الله يخليك لا تنسى اني حرمة اخوك ..

رص على اسنانه بغيض : ركبي ..

لم يكن عبدالله المسالم .. لقد استيقظ الوحش النائم من سباته .. ركبت .. ليغلق الباب من خلفها بقوة .. ويركب بجانبها .. لا يسمع شيء من ترجيها .. لا شيء .. الا صوت عقله الشيطاني .. الذي يأمره بالانطلاق بعيدا .. كانت خائفة .. تبكي تترجاه ان يعيدها .. تذكره بسعيد وانها زوجة لشقيقه .. وهي لا تدرك بان اسم سعيد يثير شيطانه اكثر فاكثر ..

,‘،
ذاك الشيطان الانساني .. ها هو يتلبس عيسى ليدخل المنزل صارخا ومزمجرا .. لتخرج ايمان سائلة ما به .. وتخرج الاخرى مدركة ما به .. او توقعت ما به .. كانت بيده تقبع ورقة .. قد تجعدت بقوة .. مدها لوجهها : خبريني شو هذا يا خولة ..

نظرت ايمان لاختها : شو صاير ..

صرخ من جديد وهو يرمي الورقة في وجهها : اختج .. اللي ما رضيت ابيعها لواحد مثل جاسم .. باعت نفسها .. باعت حياتها ببيت وكم فلس بيدفعهن لج عشان تكملين دراستج ..

كانت صامته ..عيونها تقص كلاما لا يسمع .. استطرد : منو قالج اني اريد بيت .. او اني مب قادر ع مصاريف ايمان ودراستها .. خبريني منو قالج .

نطقت ويا ليتها لم تنطق : ما تقدر .. مثل ما قدرت ع مصاريف دراستي من قبل .

ضربته بكلامها .. هو لم يستطع ان يحقق لها حلمها باكمال الدراسة .. وهاهي تذكره بذلك .. لتكسره بقسوة لم يعهدها منها .. صمت اسدل نفسه على المكان .. الكلمات كانت كقنبلة قتلت الكلام من بعدها .. قال بانكسار وهو يرفع نظره لها : انسي ان لج اخوان .. بوصلج له .. ومن بعدها انسي هالبيت .. وانسي ان عندج اخت .. واخو .

لا .. عيسى لا تقول هالكلام .. انا اختك .. صاحبتك .. امك .. انت كنت تقول هالشيء .. ما تذكر .. كنت تقول اني كل شيء فدنيتك .. كنت لك كل شيء .. لا تقول انسى .. لانك انت ما بتنسى ..


كان كلام يتردد في داخلها .. وتنطقه عيونها .. تحاول ان تخرجه لكن دون جدوى .. صرخت ايمان به : شو اللي يالس تقوله .. كيف تطردها من بيتنا .. كيف تقـ ...

قاطعها : باعت نفسها .. شو نريد فيها .. ارخصت نفسها عشان كم بيزه وبيت ..

ارتجفت شفتيها .. وتهدج صوتها : سامحني يا عيسى .. اريد اظمن لكم حياة احسن .

صرخ ليهتز المنزل بنبرته : تظمنين شو .. حياتنا .. اشتكينالج .. مثل ما قلت عقب باكر بوصلج له .. ومن عقبها انسينا ..

خارت على الارض باكية .. وايمان توشحها الاستغراب .. لا تعرف ماذا تفعل .. كانت تنظر لخولة على الارض وتسمعها .. بصوتها المتقطع : والله .. مب قصدي .. هو ما بيخليني .. اصلا هو ناوي ومتمسك فقراره .. ليش ما اظمن لكم شيء .

رفعت نظرها لوجه ايمان : ما بعت نفسي .. والله ما بعت نفسي .. مالي غيركم ..


هرعت اليها واحتظنتها .. اختها التي طالما نصحتها .. كانت لها الام والصديقة .. والآن عيسى ينهي كل شيء .. جلدها هي قبل ان يجلد خولة بسياط كلماته .. بكت معها .. وكعادتها بدأت بطمأنتها .. وان عيسى طيب ولن ينفذ ما قاله .. لكن هذه المرة كان مختلفا .. كان مكسورا .. مجروحا ... هي كسرته بفعلها .. وجرحته بكلماتها .. فهل سيطيب الجرح من اقرب الناس ؟

,‘،

لم يذق طعم النوم الهانيء منذ ايام .. كل شيء بات على المحك .. الاخبار من قبل ابنه فيصل لا تطمأن ابداً .. سيضطرون لبيع عدد من شركاتهم الصغيرة لسد فوهة الخسارة .. خسارة لا توازي الخسارة التي كانت ستكون لولا كشف المستور .. ها هو يخرج من منزله في هذا الصباح .. بجسد منهك ومتعب .. وعيون ذابلة مشتاقة للنوم .. جرت خلفه .. واحتظنته .. دافنة رأسها في ظهره .. عند باب ذاك القصر الكبير من الداخل .. امسك ذراعيها بلطف : دادي .. لا تروح الشركة .. دادي خلك معنا وارتاح اليوم .


امسك بكفها ليشدها وتقف امامه .. ابعد الخصلات من على جبينها . واحتظن وجهها الصغير بكفيه : لازم اروح .. واايد اوراق لازم تتوقع .

جود : سيف بيبهن لك هني .. انت لا تروح .. دادي انت تعبان ..


احتظنها بقوة .. دفنها بين ذراعيه القويتين .. احساس غريب تملكها .. احساس بالخوف .. احساس بالفراق .. ارتجفت دون حراك .. ارتجفت مشاعرها .. ابعدها ونظرت اليه .. الى عينيه الحانيتين : ديري بالج ع عمرج ..


طبع قبلة حارة على جبينها .. وغادر .. لحقت به .. ووقفت على منصة الباب من الخارج .. تراه يغادر .. يبتعد عن ناظرها .. يؤشر لها من سيارته بيده .. ويختفي ..


الجو هناك متوتر .. دخل بهيبته الى مكتبه .. حيث تتكوم الكثير من الاوراق وسيف هناك مع بعض روؤساء الاقسام .. يراجعونها . قام واقفا ليستقبل عمه .. جلس وهو يسأل عن الاحوال والى اين وصلوا .. ليجيبه بان الخسارة تم تفاديها ولله الحمد .. وان فيصل استطاع ان يماطل في بعض العقود ويؤخر تنفيذ شروط فضها .. ارتاح .. ولكن جسده بعيد عن تلك الراحة التي ينشدها .. خرج الجميع من المكتب وهم يباركون له انتهاء هذه المحنة التي كانت كفيلة بان تقسم ظهره لولا الله ومن بعده فيصل الذي اكتشف كل شيء .. وحتى هذه الساعة لا يعلم كيف علم ابنه بهذا التلاعب وهو هناك بعيدا في امريكا .. لكن لا يهم كل هذا .. المهم انه كان نعم الابن له ..

فجأة من بين خيوط الراحة التي كانت تتسلل في جسده المتعب .. قام واقفا .. ووقف معه سيف .. كان صوت ابو بسام لا يبشر بخير .. ولا وجهه .. وضع الاوراق من يده على تلك الطاولة الصغيرة .. وقال بنبرة خوف : خير يا عمي .. شو مستوي ؟

اردف ابو فيصل بخوف لا يقل عن خوف سيف : شو مستوي؟ .. تكلم

مشروع المجمع السكني اللي حطينا فيه كل سيولتنا .. اكبر مشاريعنا فمصر يا ابو فيصل .. ..

لم يستطع تتمة كلامه وهو يرى وجه ابو فيصل .. صرخ به سيف : كمل .. شو صار فيه ..

انهار .. كلمة قالها لينهار ابو فيصل معها .. انهار على كرسيه .. وجع في جانبه الايسر .. والم يعتصر قلبه .. فانهار مع انهيار مشروعه الكبير .. الذي بدأ العمل فيه منذ قرابة الثلاث اشهر .. انهيار حلم كان .. وانهيار رجل عُرف في اوساط تلك الساحة التجارية .. انهيار سيولد انهيارات اخرى .. ولا احد يدرك الى اي مدى ستصل ..


,‘،

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 21-09-12, 03:52 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ♫ معزوفة حنين ♫ المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 



,،



في دواخلنا اطفال.. يتوقون للفرح . يبتسمون للمحبة .. ينسون العالم في وسط حظن الحنان .. رغم سنين عمرنا التي تتناقص ونكبر مع تناقصها .. ويتحول السواد الى البياض .. رغم دموعنا .. ورغم احزان ترسبت منذ ان نادتنا الدنيا .. وهمست لنا .. انا هنا .. فهرولنا لها .. عانقناها .. ابكتنا يوما .. وافرحتنا يوما .. وضربتنا يوما آخر .. وعلمتنا اياماً .. حتى اتهمناها بجرما لم ترتكبه .. وحكمنا عليها انها ظالمة .. ونسينا ان نفوسنا هي المجرمة .. وهي من تستحق وقفة من وقتنا الضائع .. وكم هي ليالينا الباكية .. وكم تمنينا ان ننام نومة المهد على هزهزاته .. دون افكار .. دون احزان .. دون انتظار ..


ليلة حزينة .. تحاكي القمر المكتمل .. وتستمع لها النجوم المتلألأة .. ليلة تحاول الاختباء .. دون فائدة .. فتفضحها العيون الساهرة .. عيون أرقتها الهواجس .. حتى باتت لا تعي أين الحقيقة .. تقلب تحت لحافه الخفيف .. النوم أبى أن يأتي ويداعب الجفون .. قام ينظر إلى ساعته .. الواحدة صباحا .. تجر معها بعض الدقائق البطيئة .. وقف بطوله الذي لطالما استخدمه لاغاضتها .. حتى تبكي .. يشتاقها .. حث الخطُى إلى دروة المياه ( أكرمكم الله ) .. فتوضأ .. لعل الله ينير عقله بركعتين والناس نيام .. شعر به يحتظنه .. فتوجسته رجفة خشوع .. ودعى بقلب رجل مؤمن انهكه التفكير .. طوى سجادة الصلاة .. التي لا تزال تحتوي عطرها .. تخيلها في يوم زواجهما كيف كانت خجولة .. حتى وهي تصلي خلفه .. أحس بها بتوترها .. بخجلها .. حتى بدقات قلبها التي كانت تصرخ رعبا .. لم يقم .. وجلس والسجادة مطوية امامه .. يتأملها ويتذكر كلام سلمان له : ما فيك شيء يا طارق .. الفحوصات تأكد أن ما فيك شيء ..

ليصرخ في وجهه : بس اللي نقل لي العدوى متأكد ..


وكيف لا يكون متأكدا وهو ترك اخته حبا .. ترددت الكلمات مرارا في عقله : اوكي عشان تتأكد أكثر بدليك ع دكتور اعرفه وهو بيسويلك التحاليل من يديد .


وها هو ينتظر الغد .. ينتظر نتيجة ارهقته أياما وأيام .. قام نافضا عنه كسل الجسد المتعب .. وتناول هاتفه النقال .. تأمله وأصبعه على زر الواحد .. هي هناك .. اسمها . محبوبتي .. رقمها المميز .. تردد كثيرا .. ولكنه يحتاجها .. يريدها معه .. يريد عيناها .. وشفتاها .. ويداها .. يريد كل ذلك واكثر .. " جار الاتصال ....." مرت ثواني اذا بصوتها الناعس يتهادى الى أذنه : الوو

ابتسم : السلام عليكم

فزت مرتعبه : كم الساعة .. حبيبي فيك شيء .....


وتلاحقت الاسئلة .. حتى قهقه .. لم يضحك هكذا منذ تلك الليلة : بس بس .. خليني اجاوب .. شهد انا محتاينج .. تقدرين تجهزين الحين عشان بخطف عليج ..


تأكدت أن هنالك شيء ما .. ارتجفت الاحرف على شفتيها المرتويتين : اوكي .. اترياك ..


اغلقت الهاتف .. وقامت بسرعة تغسل عينيها .. وترتدي عباءتها .. وتغطي شعرها .. وتجري مسرعة للخارج .. ترقبه من نافذة المنزل المطلة على ساحته .. تعلم بأنها لن تراه .. ولكنها تنتظر .. والهاتف في يدها .. رن .. وتوقف .. فجرت للخارج .. والخوف يرافقها على انسان بات كل ما يعنيها ويهمها هو اسعاده .. ركبت .. واذا بها تمد كفيها لتحتظن وجهه .. ودموعها شلالات لا تهدأ : شو فيك ؟


انزل كفيها .. ولثمهما حتى ظنت ان شفتاه التصقتا بباطنهما : طارق والله ما اتحمل اكثر .. حبيبي شو صاير وياك .

رفع رأسه اخيرا : احبج .. والله يشهد علي ان لج فقلبي حب لو توزع ع اهل الارض فاض .


ابتسمت بخجل رغم خوفها .. استطرد : خلينا نمشي من قدام البيت ..


عم الصمت ارجاء المكان .. لا تريد ان تلح عليه بالسؤال .. فداست على نبضات قلبها المتوجسة .. حتى وصلا .. ترجل وطلبها ان تنزل هي الاخرى .. نزلت ومشت حتى تشبثت بذراعه .. التفت لها بحنان : شو فيج ؟


قالت وهي تلصق نفسها به : اخاف من البحر بالليل ..

طارق : لا تخافين .. انا وياج .


مشى وهي تمشي بمحاذاته .. وتتعثر بخطواتها بسبب التصاقها به .. ابتسم رأفة بزوجته الخائفة .. فتوقف عن السير .. وجلسا على بعد امتار من موجه .. الليلة قمراء تبعث شعورا غريب في النفس .. تنهد وبعدها قص عليها ما حدث معه .. وسبب ابتعاده عنها .. حتى وصل الى كلام اخيها .. وعدم تصديقه للنتائج .. كانت تستمع .. تبكي .. هل هي دموع فرح للحب العظيم الذي يكنه طارق لها .. ام هي دموع خوف الفقدان ؟ كانت دموعها تحمل الكثير من المشاعر .. تبكي بصوت .. حتى ما ان وصل بكلامه : سلمان يقول .. ان التحاليل ما بينت اني مصاب ..


تهللت اساريرها .. وابتسمت وهي تمسح ما سال من دموع على شفتيها : الحمد لله .. يعني انت بخير ..


تنهد من جديد .. ليعيد اليها خوفا تلاشى : انا شاك فهالنتايج يا شهد .. الريال اللي تضاربت وياه ذيج الليلة متأكد ان فيه المرض .. سلمان قال يمكن الدم ما اختلط ببعضه .. بس – شد قبضته ناظرا الى مكان الجرح – انا ضربته ودمه صار ع جرحي ..


ثنت ساقيها الواحده فوق الاخرى وتأبطت ذراعه واضعة رأسها على كتفه .. لم يغير من جلسته .. ولا تزال ذراعاه تحيطان بركبتيه بارتخاء : حبيبي .. ما يهمني شو صار .. ولا شو بيصير .. اللي يهمني الحين انك وياي – سكتت برهة – يوم خطبتني ما كنت اريدك .. ولا وافقت لاني اريدك انت .. وافقت لاني حسيت انك بتنقذني من جحيم بيتنا .. كنت كل يوم اتعذب اكثر واكثر .. يوم اشوف ابويه ع كرسيه .. لا يتكلم ولا شيء .. كنت اداريه .. بس كانت نفسيتي تعبانه .. كنت اضحك معه واسولف ويوم اكون فحجرتي ايلس اصيح .. ابويه ع هالحال وانا مب قادرة اسوي شيء .. واللي زاد الطين بله .. يوم تزوج اخوي – مسحت دمعة سقطت من عينها – بس ما تصورت اني بحبك بهالشكل .. حبيتك .. حبيت حنيتك .. كنت اشوف فيك ابوي واخوي .. وكل شيء انحرمت منه .. والحين ما اريد فهالدنيا الا اني اكون وياك .. وياك انت وبس ..


-
شهد .. اول مرة تتكلمين عن مشاعرج وياي .. واول مرة احس انج كبيره .. بس انا تعبت من التفكير .. باكر بتطلع نتيجة التحاليل الثانية .. وانا متاكد اني مصاب .. يمكن ما بين الحين بس متأكد .

- منو هالشخص اللي تضاربت وياه .

- اخاف اقولج .


اعتدلت في جلستها ناظرة لجانب وجه الذي ما انفك يرقب البحر وامواجه : تخاف افشي سرك ؟


التفت لها ومسح بقايا دموعها : اخاف من لحظة ضعف .. تمر ع اي انسان .. وساعتها بدمر حياة ناس ما يستاهلون انهم يدمرون .

ابتسمت وهي تحتظن نفسها : بردانه ؟


هزت رأسها بنعم .. وبان خجل على محياها : اصلا ما لابسه الا ثوب نوم خفيف تحت العباه .


نكست رأسها اكثر وهي تسمع ضحكاته التي طالما اشتاقت لسماعها .. ومن بين تلك الضحكات : غربلات بليسج .. تعالي

قربها منه وهو يحظنها بذراعه .. ويرص عليها : اصلا من خوفي عليك ما عرفت شو اسوي .. لبست عباتي وشيلتي وركضت اترياك فالصالة .


جلس ينظر اليها وهو يمسك رأسه بكفيه .. لم يتحمل اغراءات ذاك الجسم الغض .. لم يتحمل شهوته الذكورية .. وهاهي نائمة بجانبه على السرير .. عارية ... خاطب نفسه : شو سويت يا طارق .. شو سويت .. يا رب الا شهد .. الا شهد يا رب ..


احست به فانقلبت على جانبها ساحبة الغطاء عليها .. ابتسمت : حبيبي كم الساعة .


فجأة اذا به ينتشلها من مكانها ليخبأها في صدره : سامحيني .. سامحيني .. الله يخليج سامحيني ..


,،


في نفس الليلة ونفس القمر الشاهد على ما كان .. كانت هي جالسه على كرسي بجانب النافذة .. تنظر لاولئك الشهود على اخر ليلة لها في هذا المنزل .. حاربها النوم .. كما حاربها عيسى حتى يومها هذا .. الساعة تقارب الواحدة والنصف .. المكان ساكن الا من صوت جهاز التكيف العجوز والمرتجف .. قامت بكسل .. هناك تقبع حقيبتها الصغيرة .. هل هذا "جهازج " يا خولة ؟ وتحول نظرها الى حقيبة اخرى .. كانت تجهز فيها ليوم زواجها من فارس .. يالا مفارقات القدر .. وهناك بجانب سريرها يقبع دفترها .. لازالت تتذكر يوم اشترته من تلك المكتبة .. كانت تتمنى أن تدرس وتكمل دراستها .. ولكنها لم تحصل الا على شهادة اعدادية .. اشترته وهي تشتري لايمان ما تحتاجه لدراستها .. لا يزال معها .. غلافه قد اهترأت جوانبه .. ولكن لا يزال يضم اوراق بيضاء لم يعانقها القلم .. ولا يزال حبر اخر الكلمات رطبا ..

ودي ابكي .. حتى تمل الدموع عيني
واكسر قيود نفسي .. رهينة الحال
ودي انظر حيث لا ينظر احد
واقرأ ما لا يقرأه احد
وأسمع كلاما لم يكتب من قبل .. بحروف لم تروى لأحد
إلا لي أنا ..
ودي اصرخ .. وانفض غبارً يحتويني..
ودي بفرح يعانقني حد السماء ..
وطيور ترقص هامسة في المساء ...
ولعب اطفال على اهازيج النساء ..
ودي بالكثير ..



اغلقته فاحتظنته .. تذكرت محاولاتها اليائسة مع اخيها : ليش يا عيسى ؟ هانت عليك اختك ...


مرت دقائق تلك الليلة وجفونها لم تعش لذة النوم .. قامت بعد أن صلت الفجر .. وقرأت آيات من الذكر الحكيم .. قامت الى المطبخ .. فتحت الثلاجة واخذت خمس بيضات لترميها في قدر الماء .. وانتشلت الابريق من بين الصحون التي بان عليها تعب الاستعمال ..ووقفت تنظر اليه وهو يحترق وصوت صراخ الماء يتعالى رويدا رويدا .. اعدت كل شيء .. الشاي بالحليب و قطع " التوست " والبيض المسلوق .. وصحن صغير به بعض من مربى البرتقال .. وشيء من الجبن .. مسحت دموعها برفق .. فعيناها تتألمان وجداً للنوم .. ابتسمت وهي تفتح الباب .. الغرفة باردة .. اشعلت النور .. وهالها منظر الاوراق المبعثرة على ارضية الغرفة .. تمتمت : الله يوفقج


جلست على حافة السرير توقظ ايمان .. التي فتحت عيونها الناعسة ومدت ذراعيها لتجذب النشاط لجسمها الممتليء بعض الشيء .. ردت على اختها : صباح النور يا اغلى اخت فالدنيا .


طأطأت رأسها : اليوم بتروحين .. ما اريد اروح المدرسة .. خليني اروح وياج للمحكمة .

نهرتها بشدة .. فكيف تذهب معها وهناك اختبار أخير ينتظرها : قومي تجهزي .. واذا علي ما بسمع لعيسى وبزوركم .. وبتصل فيج الين تملين مني ..

بكت وارتمت في حظنها : ايمان لا تصيحين .. انا ما بموت .. كل السالفة اني بعرس ..


تساءلت في نفسها عن أي " عرس " تتكلم .. فهي ستساق الى قدرها كالنعجة يوم عيد .. عيد بارد .. جامد .. حتى كلمة طيبة ستخلو منه .. لا تعلم لماذا تلك الدقائق مسرعة بهذا القدر .. لماذا كلما كان هناك لقاء معه تتسارع عقارب الساعات .. والشمس تهرول لجهة الغرب .. هل يستعجلون اعدامها .. ام يستعجلون فرحة قد تكون ..


تنهدت وهي جالسة في الصالة تنتظر عيسى .. او بالاحرى تنتظر قدرها المجهول .. الحقيبة تقبع بهدوء بجانبها .. وجفونها متعبة .. فيها حرقة تتآكلها .. فزت بخوف حين سمعت بوق سيارة عيسى .. ذكرت الله واستغفرته .. انحنت وهمت بحمل حقيبة ملابسها وحقيبة يدها .. عيناها تتأملان المكان .. التلفاز الصغير .. والنمارق القليلة .. وهناك كتاب من كتب ايمان قد فتح وقلب على بطنه .. جرت قدماها .. فعيسى لا يكل من اصدار ذاك الصوت وكأن به غاضب .. القت التحية وهي تفتح الباب لترمي بحقيبة ملابسها على الكرسي ... لم يجبها .. اغلقته وفتحت الباب الامامي .. ركبت : رد السلام واجب .


-
وعليكم السلام ... يبتي كل اوراقج ؟

- هيه ( نعم )


الصمت سيد الموقف كالعادة .. لا حديث منه ولا حتى نظرة .. وهي تحاول ان تتماسك .. خائفة .. قلقة .. ولكن هذا ما ارادته .. حدثت نفسها : لا تخلين دموعج اطيح .. انتي بغيتي هالشيء .. لا .. انا ما بغيت هالشيء .. هو فرض نفسه علي غصب .. هو اللي قيدني .. هو اللي اجبرني .. بس ليش ؟ .. آآآه .. يا رب تعدي هالدقايق بسرعة .. وليش اليوم زحمة هالشكل .. مب قادرة اتحمل سكوتك يا عيسى .. معي ومب معي ..


تنهدت وسمعها عيسى .. ليردد في نفسه : سامحيني يا خولة .. بس مب راضي ع اللي سويتيه .. عيسى ما يبيع عمره لناس بسبب الظروف .. بس انتي بعتيه بدون شوره .. وقبضتيه ثمن البيعه .. لو كل شيء صار بدون تدخلج كان لي كلام ثاني وتصرف ثاني .. بس انتي اللي قدمتي العرض .. ياليتني ما وافقتج .. ولا خليتج تكلمينه بروحج .. كان مب هذي حالنا .



,،

Continue

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
قديم 21-09-12, 03:54 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو فخري
♪ مُخْمَلٍيةُ آلعَطّآءْ ♦


البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 157123
المشاركات: 30,194
الجنس أنثى
معدل التقييم: ♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع♫ معزوفة حنين ♫ عضو مشهور للجميع
نقاط التقييم: 13523

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
♫ معزوفة حنين ♫ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ♫ معزوفة حنين ♫ المنتدى : القصص المكتمله
افتراضي

 






,،

ترجل من سيارته " الرنج " بهيبته المعهودة .. وتلك النظارات لا تفارقه ابداً ..اليوم عادي بالنسبة له .. لا يختلف عن باقي الايام الا بدخول شخص جديد لحياته .. اكمل طريقه ليعبر ذاك الممر القصير .. ويلج الى المحكمة من بوابتها الكبيرة .. كانت هناك اعين ترقبه : شوف منو اللي ياي المحكمة

التفت الرجل لصاحبه وبعدها على جاسم : هذا جاسم ولد الاستاذ عبد العزيز .. ليكون ياي يشتكي ع ابوه

- عاادي . تصير .. ومب بعيده عنه .

- صدقت .. كل شيء متوقع منه .


تهامس كغيره من التهامسات التي لطالما تداولها الناس بينهم .. عُرف بالابن العاق .. والرجل القاسي .. ولكن لا يعرفون لماذا هو هكذا .. الظاهر يصور لناس اشياء واشياء .. والداخل شيء قد يكون اكبر بكثير مما يتم تداوله .. لا تهمه تلك الاقاويل .. فهو لا يرى حياته الا عمل خالية من العائلة


جسداهما يرتفعان ويهبطان .. وفرساهما تعدوان بمرح بين تلك السهول الخضراء والغابات المتفرقة ..

- ما قلتلك بنستانس .. شوف حلاة السهول هني .. ياليت عندنا مثل اللي عند البريطانين ههه

- اللي عندنا خير يا قاسم .. ما محتايين لبلاد الغرب تكون فبلاد حكمها شيخ ما في مثله ولا بيكون بعد .

سحب الجام لتقف فرسه وهي تحرك ساقاها الرشيقتان بخفة : عندي لك هدية .


ادخل يده في جيبه وهو يرفع جذعه للاعلاى .. حتى يستطيع الوصول لاخر جيبه .. اخرج ورقة قد طويت .. اعطاها لجاسم الذي ترجل عن ظهر فرسه : شو هذا ؟

قال وهو يترجل : افتحها .

اخذ لجام فرس جاسم وامسكه مع لجام فرسه .. ومشى بمعية اخيه .. الذي كان يفتح الورقة .. توقف وهو ينظر الى ما فيها .. لؤلؤة وجناحان .. رسما بدقة متناهية .. وهناك ايضا رسمة لهما كتب عليها Q&J .. التفت لقاسم الذي علت محياه ابتسامة فخر : شو رايك بتصميمي .. ترا هذي هدية لك .. ما اريد لها شبيه اوكي .. اول ما تعرس سلمها لعروسك .. بس هااااا .. ما اريدها الا للانسانة اللي ملكت قلبك .. غيرها لا .


جاسم : وليش حرفك قبل حرفي .. مب انا العود .. لازم يكون حرفي قبل .

ربط الجامان في تلك الشجرة الباسقة .. وارتمى على العشب الاخضر .. شابك ذراعيه تحت رأسه : طرار( شحاذ) وبعد يتشرط . واللي يسمعك تقول العود بيقول تكبرني بسنين مب كأنهن 5 دقايق .

وقف ينظر لاخيه .. واخذ يهز الورقة اعلى رأسه : وليش تريدها وحيده .. نسوي ثنتين لك ولي .


رفع ساقيه في الهواءدافعا جذعه على الارض .. ليستطيع الجلوس : شوف جويسم .. اريدها لك انت وبس .. وفي هدية ثانية لك .. واللي هي موجودة فالرسمة

- الولوه .. من وين لك ؟


ضحك : من امي بخيته .. تراها عطتني اياها تحسبني انت .. مثلت عليها وصدقتني .. وقالت – يقلد كلامها – قويسم ما يتأمن ع شيء .. لو اعطيه اياها ما بعيد يفرها


ضحكا سوية .. وفجأة تغيرت ملامح قاسم وهو يعود ليطرح نفسه على العشب : واتريا هديتي منك .. بس الهدية بتكون طلب مني .. توعدني تلبيه يا جاسم .

نظر إليه .. وبعدها استلقى بجانبه : اوعدك .. لو تطلب عيوني بقدمهن لك .


وضع يده على نظارته من جهة اليمين .. وحرك اطراف اصابعه على جبينه مبتعدا بهم تجاه شعره ..وانتبه لعيسى الذي سحب الاوراق من يد خولة .. وادرك ان هناك شيء ما بينهما .. مر الوقت وهو لا يزال يرقبها .. انتبه لتوترها .. ولتصرفات عيسى معها .. اصبحت على ذمته .. ها هو يعود لتحمل امرأة في بيته ..ابتسم وهو يمشي بمعيتهما للخارج .. توجهوا حيث تقف سيارة عيسى .. فتح باب سيارته ليخرج حقيبتها .. فما كان من جاسم الا ان ينادي سائقه الخاص لحملها ..



جاسم : ما في حتى مبروك .. ؟

نظر عيسى له بنظرة كره : صارت لك وانتهينا .


اراد أن ينصرف فامسكته من ذراعه : عيسى اصبر – التفتت لجاسم – اقدر ابقى فبيتنا اليوم .. اريد ابقى مع ايمان .. وانت اصلا مشغول .. يعني اذ....


وقبل أن تكمل : مالج بيت يا خولة الا بيت جاسم .. عن اذنكم .

شدت على قبضتها .. وتسمرت في مكانها .. تلفت جاسم وكأن وقوفها بهذا الشكل ووقوفه بجانبها احرجه .. امسكها من ذراعها : خلينا نمشي .


لم تكن تشعر باي شيء .. وكأنها نومت مغناطيسيا .. مشت .. ثم ركبت وهي لا تزال في عالم آخر .. اما هو فلا يجد اي كلام قد يقوله .. فلقد ادرك ان عيسى تخلى عن اخته .. ابتسم وهو يخمن سبب هذا الكره .. لعلها تلك الطلبات .. فهو يعلم ان عيسى عزيز نفس .. كما هو بالضبط .. خاطب نفسه وهو ينظر من نافذة سيارته : للحين ما لقيت اللي تستاهل هديتك يا قاسم .


,،


انسلت من فراشها .. في تلك الليلة التي لم ينعم فيها طارق ولا خولة بالنوم .. هي نفس الليلة .. ونفس شهودها .. شهدوا على احلام اسهرت اصحابها .. وها هم يشهدون عليها .. انسلت وهي تنظر اليه .. شخيره لا يهدأ .. كثيرا ما قالت له ان يجري جراحة لاستأصال تلك اللحمية من انفه .. لكن ما كان يأتيها منه الا الاهانة .. والكلام الجارح .. انسحبت من الغرفة بهدوء تام .. جلست بكاملها على الكنبة وظهرها مسندا على ذراع الكنبة .. وذراعيها على ركبتيها .. لتدع رأسها ينكب عليهما ..


نزل امام احدى العمارات الشاهقة .. فتح الباب : نزلي .

نظرت له بخوف : رجعني البيت .. الله يخليك ..


امسكها من ذراعها .. وهو يحثها للنزول .. نزلت .. لم ترغب بان يتجمع الناس عليهما .. لا تريد للفضيحة ان تخترق حياتها .. نزلت وهو يجرها الى المصعد .. نزلت دموعها .. فهي لا تعلم اين يأخذها .. ومالذي يريده منها بالضبط .. هذا ليس عبدالله الذي تعرفه .. توقف المصعد وكاد قلبها ان يتوقف حين شدها ليخرجها منه .. تمشي معه دون ان تتكلم او حتى ان تقاوم .. وقف قبالة باب لشقة ما .. لا يزال ممسكا بذراعها .. فتح الباب .. ودعاها لدخول .. لكنها أبت .. فما كان منه الا ان جرها ودفعها لداخل .. حتى سقطت " شيلتها " من قوة سقوطها .. سحبتها بسرعه تستر شعرها .. وتبكي : عبدالله شو بتسوي في .. حرام عليك .. انا ما سويت لك شيء ..


زحفت حتى قدميه امسكتهما وهي تبكي وتترجاه : الله يخليك رجعني البيت .. الله يخليك .. ابوس ريولك .. لا تسوي في شيء ..


سحب قدماه .. وهو ينظر اليها .. ضعيفة باكية : مستحيل اسوي فيج شيء يا ريم .. مستحيل – رفعها من ذراعها – قومي ..

مشى بها وهو يتكلم بحزن يكتسيه شيء من الغضب .. كلما توقف في مكان : هني كنت احلم فيج وياي نطالع التلفزيون .. ونضحك – سحبها لاحدى الغرف – وهني كنت اتمنى اشوف عيالنا يكبرون ويلعبون ..


سحبها من جديد وسط دهشتها لما تسمعه .. توقف عند باب غرفة اخرى .. ظل واقفا لبرهة .. ثم فتحها .. غرفة نوم بسرير اقل ما يقال عنه ذوق : وهني كنت اتمنى اقضي اليالي وياج ..


تركها واخذ يجوب الغرفة كالمجنون : هني تخيلتج يالسه تسحيين( تمشطين ) شعرج .. وهني تخيلتج واقفه اطالعين السيارت الصغيرة .. وهني – جلس على السرير – كنت اتمنى احضانج .. وقتلوا كل امنياتي .. .. قلت لهم اريد اعرس .. رحت لابوي خبرته .. ابويه اريد ريم حرمة لي .. تدرين شو كان رده .. ريم لخوك سعيد .. العود احق فيها منك .... العود ... آآآآآآآآآآآآآآخ


شدت بيدها على فمها بقوة .. واخذت تبكي بحرقة .. انسحبت بجذعها على الجدار حتى جلست القرفصاء .. كلام جديد تسمعه الآن .. عبدالله يحبها .. يتعذب من أجلها .. وهي تتعذب بنار سعيد يوميا ..


نظر اليها بعيون دامعه : تمنيتج ترفضين ...تمنيت سعيد يقول لا .. بس محد قال لا الا فويهي انا .. قلت لازم انساج .. بس ما قدرت .. انتي الوحيدة اللي حبيتها يا ريم ..


صدمة الجمتها عن الحراك .. او حتى الكلام .. فقط دمووعها التي اخذت تنسكب دون توقف .. مر الوقت هو يحكي معاناته اليومية بسبب رؤيتها .. وهي تستمع وتود لو انها لا تسمع .. تمنت لو كانت صماء .. قامت واقفة .. لفت " شيلتها" باحكام على رأسها .. اخذت طرفها لتغطي وجهها الباكي : وين بتروحين .


لم تجبه .. خرجت من تلك الغرفة .. وهو يتبعها .. انحنت لتلتقط حقيبة يدها التي وقعت بوقوعها عند الباب .. يسألها ولكن لا تجيب .. ضغطت زر المصعد .. مرة واثنتان وثلاث .. لعله يأتي سريعا . امسكها من جديد .. لفها لناحيته : سامحيني ..

لم تجبه .. سحبت يدها من يده .. وآثرت ان تنزل الدرجات .. المصعد لا يأتي .. والانتظار بجانبه يقتلها ..نزلت مسرعة وهي تصرخ عليه : لا تتبعني .. خلك بعيد ..


لتستقل بعدها اول سيارة أجرة تصادفها .. عادت الى منزلها .. حمدت ربها مليون مرة ان سعيد لا يزال نائما .. فهو لا تهمة صلاة .. اسرعت الى دورة المياه (اكرمكم الله ) تفرغ ما بقي في جعبتها من دموع .. وخرجت بعدها لتصلي المغرب .. مع ان وقتها حان منذ اكثر من ساعة ..


رفعت رأسها .. تحاول ان تنسى ما قيل في تلك الشقة المشئومة .. كما رفعت ميثة رأسها عن ظهر السرير .. وعليا هناك نائمة .. حرارتها مرتفعة .. تهذي بكلمات لا تفهم .. تصرخ احيانا .. تترجى احيانا اخرى .. وتنادي والدها كثيرا .. تحسست جبين ابنتها .. وتذكرت ذاك اليوم .. لم تفتح الباب لها .. مع انها بكت وترجت .. لكن لم تفتحه .. فجأة سمعت انسياب الماء .. خافت حين طال الامر .. طرقت الباب اكثر واكثر دون جدوى .. جرت تنادي احدا يساعدها ليكسر الباب .. فما كان في وجهها الا بدر .. ضرب الباب مرة .. واثنتان .. بباطن قدمه اليمين .. انفتح .. لتتراء علياء في حوض الاستحمام جالسة .. والماء ينهال عليها .. يضربها بقسوة .. وهي ترتجف .. تريد ان تستيقظ من تلك الاحلام التي تراودها .. اغلق الماء .. ورفعها وهي تصرخ .. تحرك ساقاها بعنف .. وتحاول دفعه عنها .. وهو ممسكا بها .. حتى اغمي عليها ..


هاهي تنام دون ان تستيقظ .. الا دقائق قليلة لاخذ الدواء .. او لتسقيها ميثة العصير والماء او شيء من الشوربة .. قامت بكسل .. وقد عقدت العزم .. ان هذه هي آخر ليلة لها في هذا المنزل .. تركت غرفتها ذاهبة لغرفة بناتها ... جمعت ملابسهن في حقيبة واحدة .. لا يهم ان تأخذ جميع ما يملكن .. المهم ان تخرج من هذه الاجواء الموبوءة .. ايقظتهن بحنان أم خائفة .. لا يرغبن بالنهوض .. صرحت لهن بكذبة لعلهما يتركان الفراش لاجلها : ياللا حبيباتي قومن بنروح الالعاب ..


نقطة ضعف ابنتيها .. حديقة الالعاب .. قامتا بكسل .. غيرت لهن ملابسهن بسرعة .. نطقت خلود وهي تحرك يدها الصغيرة على عينها داعكة لها : ماما .. وين علايا .


الحين بتيي .. قالت هذه الجملة فقط .. وبعدها اخرجتهما الى غرفتها .. ايقظت علياء المتعبة .. لا تعي شيئا فحرارتها تناهز التاسعة والثلاثين .. عيونها ذابله لا ترى شيئا .. طلبت منهن الجلوس وخرجت .. لتجهز سيارتها .. وبيدها حقيبتان .. وحقيبة يدها .. عادت بعد دقائق : ياللا .. خلود مسكي ايد حصووه ..


فعلت ما طلبته منها والدتها .. وهي مستغربة ما يجري .. عمدت ميثة الى ابنتها علياء .. تساعدها على النهوض .. لكن جسمها لا يقوى حتى على الوقوف .. ما كان بها الا ان تحملها على كتفها .. وتناست انها ترتجف بردا .. اخذتها بلباس نومها فقط .. ادخلتها لسيارة وعدلت لها الكرسي .. فتحت الباب الخلفي وادخلت خلود وحصة .. وانطلقت .. تلفتت خلود : ماما بعده فليل . ما في العاب الحين .


ما كان من ميثة الا ان تصرخ على خلود لتسكت ..تقوست شفتاها الصغيرتان .. وبكت حصة لصراخ والدتها .. وساعدتها خلود بالبكاء ... تمالكت اعصابها : خلاص فديتكن .. خلود بنروح بيت خالو عبد الرحمن .. وبعدين بنروح الالعاب وييا هاجر .. انتي تحبين هاجر صح ..


هزت رأسها وهي تحاول ان لا تبكي .. استطرد ميثة وهي تنظر لها من المرآة الامامية : عفيه ع خلوود الشاطرة ..


اذن الفجر وهي في الطريق الى منزل اخيها .. هربت حتى لا تواجه راشد .. فهي ليست بتلك القوة لتواجه اخيها الاكبر .. تعلم بانه سيقسم عليها ان تبقى .. وسيمنعها .. وقد يغضب منها .. وهي لا تريد هذا التصادم .. كل ما تريده هو الابتعاد فقط .. ولو كان منزلها خاليا لما ذهبت لمنزل احد ..


,،

Continue

 
 

 

عرض البوم صور ♫ معزوفة حنين ♫   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أمامها, للجوال txt, للكاتبة, anaat, أنثى, المستحيل, تحليل, تحميل رواية كاملة, رواية, r7eel, وورد word, كاملة, كتاب الكتروني pdf
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:33 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية